عمدة القاري شرح صحيح البخاري

133 - (بابُ السجُودِ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن السُّجُود فِي الصَّلَاة على سَبْعَة أعظم، وَالْمرَاد من الْأَعْظَم هِيَ الْأَعْضَاء الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الْبَاب، وَفِي حَدِيث الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ أَيْضا.
196 - (حَدثنَا قبيصَة قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يسْجد على سَبْعَة أَعْضَاء وَلَا يكف شعرًا وَلَا ثوبا الْجَبْهَة وَالْيَدَيْنِ والركبتين وَالرّجلَيْنِ) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَن المُرَاد من الْأَعْظَم الْأَعْضَاء كَمَا ذكرنَا على أَن الْمَذْكُور فِي أحد طريقي حَدِيث ابْن عَبَّاس لفظ الْأَعْضَاء مُصَرح على مَا يَجِيء إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول قبيصَة بِفَتْح الْقَاف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عقبَة بن عَامر الْكُوفِي. الثَّانِي سُفْيَان الثَّوْريّ. الثَّالِث عَمْرو بن دِينَار الرَّابِع طَاوس بن كيسَان. الْخَامِس عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي ومكي ويماني. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة وَعَن أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد بن زيد كلهم عَن عَمْرو بن دِينَار بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن يحيى بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن بشار وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كِلَاهُمَا عَن قُتَيْبَة وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن حميد بن مسْعدَة وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن بشر بن معَاذ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " على صِيغَة الْمَجْهُول فِي جَمِيع الرِّوَايَات وَالْمعْنَى أَمر الله تَعَالَى

(6/89)


النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ عرف ذَلِك بِالْعرْفِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُجُوب قيل فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صِيغَة الْأَمر (قلت) فِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " أمرت " قَالَ حَمَّاد أَمر نَبِيكُم أَن يسْجد على سَبْعَة وَلَا يكف شعرًا وَلَا ثوبا انْتهى فَهَذَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أمرت " يدل على أَن الله تَعَالَى أمره وَالْأَمر من الله تَعَالَى يدل على الْوُجُوب وَفِي رِوَايَة مُسلم " أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة الْجَبْهَة وَالْأنف وَالْيَدَيْنِ والركبتين والقدمين " (فَإِن قلت) رِوَايَة البُخَارِيّ هَذِه تحْتَمل الخصوصية (قلت) رِوَايَته الْأُخْرَى الَّتِي ذكرهَا عقيب هَذَا الحَدِيث وَهِي قَوْله " أمرنَا " تدل على أَنه لعُمُوم الْأمة. وَاخْتلف النَّاس فِيمَا فرض على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل تدخل مَعَه الْأمة فَقيل نعم وَالأَصَح لَا إِلَّا بِدَلِيل وَقيل إِذا خُوطِبَ بِأَمْر أَو نهي فَالْمُرَاد بِهِ الْأمة مَعَه وَهَذَا لَا يثبت إِلَّا بِدَلِيل وَرِوَايَة " أمرنَا " تدل على أَن ابْن عَبَّاس تَلقاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِمَّا سَمَاعا مِنْهُ وَإِمَّا بلاغا عَنهُ وَبِهَذَا يرد كَلَام الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ ظَاهره الْإِرْسَال أَي ظَاهر هَذَا الحَدِيث ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) بِمَ عرف ابْن عَبَّاس أَنه أَمر بذلك (قلت) إِمَّا بإخباره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ أَو لغيره أَو بِاجْتِهَادِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا ينْطق عَن الْهوى انْتهى (قلت) على تَقْدِير إخْبَاره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِابْنِ عَبَّاس كَيفَ يكون الحَدِيث مُرْسلا وَقد قَالَ ظَاهره الْإِرْسَال قَوْله " وَلَا يكف شعرًا " عطف على قَوْله " أَن يسْجد " وَفِي رِوَايَة " لَا يكفت الثِّيَاب وَلَا الشّعْر " والكفت والكف بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ الْجمع وَالضَّم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتا} أَي نجمع النَّاس فِي حياتهم وموتهم والكفات بِمَعْنى الْكَفّ قَوْله " وَلَا ثوبا " أَي وَلَا يكف ثوبا قَوْله " الْجَبْهَة " بِالْجَرِّ عطف بَيَان لقَوْله " على سَبْعَة أَعْضَاء " وَمَا بعْدهَا عطف عَلَيْهَا قَوْله " وَالْيَدَيْنِ " يُرِيد الْكَفَّيْنِ خلافًا لمن زعم أَنه يحمل على ظَاهره لِأَنَّهُ لَو حمل على ذَلِك لدخل تَحت الْمنْهِي عَنهُ الافتراش كافتراش السَّبع وَالْكَلب قَوْله " وَالرّجلَيْنِ " يُرِيد أَطْرَاف الْقَدَمَيْنِ وَبَين ذَلِك رِوَايَة ابْن طَاوس عَنهُ كَذَلِك قَوْله " وَلَا يكف شعرًا وَلَا ثوبا " جملتان معترضتان بَين قَوْله " على سَبْعَة أَعْضَاء " وَبَين قَوْله " الْجَبْهَة " (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) احْتج بِهِ أَحْمد وَإِسْحَق على أَنه لَا يجْزِيه من ترك السُّجُود على شَيْء من الْأَعْضَاء السَّبْعَة وَهُوَ الْأَصَح من قولي الشَّافِعِي فِيمَا رَجحه الْمُتَأَخّرُونَ خلاف مَا رَجحه الرَّافِعِيّ وَهُوَ مَذْهَب ابْن حبيب وَكَأن البُخَارِيّ مَال إِلَى هَذَا القَوْل وَلم يذكر الْأنف فِي هَذَا الحَدِيث وَذكر الْأنف فِي حَدِيث آخر لِابْنِ عَبَّاس على مَا يَأْتِي عَن قريب. وَاخْتلفُوا فِي السُّجُود على الْأنف هَل هُوَ فرض مثل غَيرهَا فَقَالَت طَائِفَة إِذا سجد على جَبهته دون أَنفه أَجزَأَهُ رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَعَطَاء وَطَاوُس وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَالقَاسِم وَسَالم وَالشعْبِيّ وَالزهْرِيّ وَالشَّافِعِيّ فِي أظهر قوليه وَمَالك وَأبي يُوسُف وَأبي ثَوْر وَالْمُسْتَحب أَن يسْجد على أَنفه مَعَ الْجَبْهَة وَقَالَت طَائِفَة يجْزِيه أَن يسْجد على أَنفه دون جَبهته وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَهُوَ الصَّحِيح من مذْهبه وروى أَسد بن عمر وَعنهُ لَا يجوز الِاقْتِصَار على الْأنف إِلَّا من عذر وَقَالَ ابْن بطال اخْتلف الْعلمَاء فِيمَا يجزىء السُّجُود عَلَيْهِ من الْآرَاب السَّبْعَة بعد إِجْمَاعهم على أَن السُّجُود على الأَرْض فَرِيضَة وَقَالَ النَّوَوِيّ أَعْضَاء السُّجُود سَبْعَة وَيَنْبَغِي للساجد أَن يسْجد عَلَيْهَا كلهَا وَأَن يسْجد على الْجَبْهَة وَالْأنف جَمِيعًا وَأما الْجَبْهَة فَيجب وَضعهَا مكشوفة على الأَرْض وَيَكْفِي بَعْضهَا وَالْأنف مُسْتَحبّ فَلَو تَركه جَازَ وَلَو اقْتصر عَلَيْهِ وَترك الْجَبْهَة لم يجزه هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَمَالك والأكثرين وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَابْن الْقَاسِم من أَصْحَاب مَالك لَهُ أَن يقْتَصر على أَيهمَا شَاءَ وَقَالَ أَحْمد وَابْن حبيب من أَصْحَاب مَالك يجب أَن يسْجد على الْجَبْهَة وَالْأنف جَمِيعًا لظَاهِر الحَدِيث وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بل ظَاهر الحَدِيث أَنَّهُمَا فِي حكم عُضْو وَاحِد لِأَنَّهُ قَالَ فِي الحَدِيث سَبْعَة فَإِن جعلا عضوين صَارَت ثَمَانِيَة وَذكر الْأنف اسْتِحْبَابا وَذكر أَصْحَاب التشريح أَن عظمي الْأنف يبتدئان من قرنة الْحَاجِب وينتهيان إِلَى الْموضع الَّذِي فَوق الثنايا والرباعيات فعلى هَذَا يكون الْأنف والجبهة الَّتِي هِيَ أَعلَى الخد وَاحِدًا وَقَالَ ابْن بطال أَن فِي بعض طرق حَدِيث ابْن عَبَّاس " أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم مِنْهَا الْوَجْه " (قلت) يُؤَيّدهُ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ ساجد فِيمَا رَوَاهُ مُسلم " سجد وَجْهي للَّذي خلقه " الحَدِيث وَأما اليدان وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ فَهَل يجب السُّجُود عَلَيْهَا فَقَالَ النَّوَوِيّ فِيهِ قَولَانِ للشَّافِعِيّ أَحدهمَا لَا يجب لَكِن يسْتَحبّ اسْتِحْبَابا متأكدا وَالثَّانِي يجب وَهُوَ الْأَصَح وَهُوَ الَّذِي رَجحه الشَّافِعِي فَلَو أخل بعضو مِنْهَا لم تصح

(6/90)


صلَاته وَإِذا أَوجَبْنَا لم يجب كشف الْقَدَمَيْنِ والركبتين وَفِي الْكَفَّيْنِ قَولَانِ للشَّافِعِيّ أَحدهمَا يجب كشفه كالجبهة وَالأَصَح لَا يجب وَفِي شرح الْهِدَايَة السُّجُود على الْيَدَيْنِ والركبتين والقدمين غير وَاجِب وَفِي الْوَاقِعَات لَو لم يضع رُكْبَتَيْهِ على الأَرْض عِنْد السُّجُود لَا يجْزِيه وَقَالَ أَبُو الطّيب مَذْهَب الشَّافِعِي أَنه لَا يجب وضع هَذِه الْأَعْضَاء وَهُوَ قَول عَامَّة الْفُقَهَاء وَعند زفر وَأحمد بن حَنْبَل يجب وَعَن أَحْمد فِي الْأنف رِوَايَتَانِ وَقَالَ ابْن الْقصار الْإِجْمَاع حجَّة وَوجدنَا التَّابِعين على قَوْلَيْنِ فَمنهمْ من أوجب السُّجُود على الْجَبْهَة وَالْأنف. وَمِنْهُم من جوز الِاقْتِصَار على الْجَبْهَة وَمن جوز الِاقْتِصَار على الْأنف خرج عَن إِجْمَاعهم (قلت) يُشِير بذلك إِلَى قَول أبي حنيفَة وَمَا قَالَه غير موجه لِأَن الْمَأْمُور بِهِ فِي السَّجْدَة وضع بعض الْوَجْه على الأَرْض لِأَنَّهُ لَا يُمكن بكله فَيكون بِالْبَعْضِ مَأْمُورا وَالْأنف بعضه فَكَمَا أَن الِاقْتِصَار على الْجَبْهَة يجوز بِلَا خلاف لكَونهَا بعض الْوَجْه ومسجدا فَكَذَا الِاقْتِصَار على الْأنف لِأَنَّهَا بعض الْوَجْه وَمَسْجِد إِلَّا أَنه يكره لمُخَالفَته السّنة وَذكر الطَّبَرِيّ فِي تَهْذِيب الْآثَار أَن حكم الْجَبْهَة وَالْأنف سَوَاء وَقَالَ أَيُّوب نبئت عَن طَاوس أَنه سُئِلَ عَن السُّجُود على الْأنف فَقَالَ أَلَيْسَ أكْرم الْوَجْه وَقَالَ أَبُو هِلَال سُئِلَ ابْن سِيرِين عَن الرجل يسْجد على أَنفه فَقَالَ أوما تقْرَأ {يخرون للأذقان سجدا} فَالله مدحهم بخرورهم على الأذقان فِي السُّجُود فَإِذا سقط السُّجُود على الذقن بِالْإِجْمَاع يصرف الْجَوَاز إِلَى الْأنف لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْحَقِيقَة لعدم الْفَصْل بَينهمَا بِخِلَاف الْجَبْهَة إِذْ الْأنف فاصل بَينهمَا فَكَانَ من الْجَبْهَة (فَإِن قلت) روى الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم الْأَحول عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا صَلَاة لمن لَا يُصِيب أَنفه من الأَرْض مَا يُصِيب الجبين " (قلت) قَالُوا الصَّحِيح أَنه مُرْسل (فَإِن قلت) أخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن الضَّحَّاك بن حَمْزَة عَن مَنْصُور بن زَاذَان عَن عَاصِم البَجلِيّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من لم يلصق أَنفه مَعَ جَبهته بِالْأَرْضِ إِذا سجد لم تجز صلَاته " (قلت) أعله بِالضحاكِ بن حَمْزَة وَأسْندَ إِلَى النَّسَائِيّ لَيْسَ بِثِقَة وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء (فَإِن قلت) أخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ناشب بن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ حَدثنَا مقَاتل بن حَيَّان عَن عُرْوَة " عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت أبْصر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - امْرَأَة من أَهله تصلي وَلَا تضع أنفها بِالْأَرْضِ فَقَالَ يَا هَذِه ضعي أَنْفك بِالْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاة لمن لم يضع أَنفه بِالْأَرْضِ مَعَ جَبهته فِي الصَّلَاة " (قلت) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ناشب ضَعِيف وَلَا يَصح مقَاتل عَن عُرْوَة. وَفِيه كَرَاهَة كف الثَّوْب وَالشعر وَظَاهر الحَدِيث النَّهْي عَنهُ فِي حَال الصَّلَاة وَإِلَيْهِ مَال الدَّاودِيّ ورده عِيَاض بِأَنَّهُ خلاف مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور فَإِنَّهُم كَرهُوا ذَلِك للْمُصَلِّي سَوَاء فعله فِي الصَّلَاة أَو قبل أَن يدْخل فِيهَا. وَاتَّفَقُوا أَنه لَا يفْسد الصَّلَاة إِلَّا مَا حُكيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وجوب الْإِعَادَة فِيهِ وَفِي التَّلْوِيح اتّفق الْعلمَاء على النَّهْي عَن الصَّلَاة وثوبه مشمر أَو كمه أَو رَأسه معقوص أَو مَرْدُود شعره تَحت عمَامَته أَو نَحْو ذَلِك وَهُوَ كَرَاهَة تَنْزِيه فَلَو صلى كَذَلِك فقد أَسَاءَ وَصحت صلَاته وَاحْتج الطَّبَرِيّ فِي ذَلِك بِالْإِجْمَاع وَقَالَ ابْن التِّين هَذَا مَبْنِيّ على الِاسْتِحْبَاب فَأَما إِذا فعله فَحَضَرت الصَّلَاة فَلَا بَأْس أَن يُصَلِّي كَذَلِك وَعند أبي دَاوُد بِسَنَد جيد رأى أَبُو رَافع الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُصَلِّي وَقد غرز ضفيرته فِي قَفاهُ فَحلهَا وَقَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول ذَلِك كفل الشَّيْطَان أَو قَالَ مقْعد الشَّيْطَان يَعْنِي مغرز ضفيرته وَفِي الْمعرفَة روينَا فِي الحَدِيث الثَّابِت " عَن ابْن عَبَّاس أَنه رأى عبد الله بن الْحَارِث يُصَلِّي وَرَأسه معقوص من وَرَائه فَقَامَ وَرَاءه فَجعل يحله وَقَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا مثل هَذَا كَمثل الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكتوف " فَدلَّ الحَدِيث على كَرَاهَة الصَّلَاة وَهُوَ معقوص الشّعْر وَلَو عقصه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَسدتْ صلَاته والعقص أَن يجمع شعره على وسط رَأسه ويشده بخيط أَو بصمغ ليتلبد وَافق الْجُمْهُور من الْعلمَاء أَن النَّهْي لكل من يُصَلِّي كَذَلِك سَوَاء تَعَمّده للصَّلَاة أَو كَانَ كَذَلِك قبلهَا لِمَعْنى آخر وَقَالَ مَالك النَّهْي لمن فعل ذَلِك للصَّلَاة وَالصَّحِيح الأول لإِطْلَاق الْأَحَادِيث. قيل الْحِكْمَة فِي هَذَا النَّهْي عَنهُ أَن الشّعْر يسْجد مَعَه وَلِهَذَا مثله بِالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكتوف وَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لرجل رَآهُ يسْجد وَهُوَ معقوص الشّعْر أرْسلهُ يسْجد مَعَك. وَفِيه من جملَة أَعْضَاء السُّجُود اليدان فَإِن صلى وهما فِي الثِّيَاب فَذكر ابْن بطال الْإِجْمَاع على جَوَازه وَكَرِهَهُ بَعضهم لِأَن حكمهمَا حكم الْوَجْه لَا حكم الرُّكْبَتَيْنِ وَللشَّافِعِيّ قَولَانِ فِي وجوب كشفهما

(6/91)


197 - (حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عَمْرو عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أمرنَا أَن نسجد على سَبْعَة أعظم وَلَا نكف ثوبا وَلَا شعرًا) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهَا على سَبْعَة أعظم وَلَفظ الحَدِيث كَذَلِك وَهَذَا طَرِيق آخر لحَدِيث ابْن عَبَّاس وَالْمرَاد بالأعظم هِيَ الْأَعْضَاء الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث السَّابِق وسمى كل عُضْو عظما وَإِن كَانَ فِيهِ عِظَام كَثِيرَة وَيجوز أَن يكون من بَاب تَسْمِيَة الْجُمْلَة باسم بَعْضهَا
811 - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبي إسحاقَ عنْ عَبْدِ الله بنِ يَزِيدَ الخَطْمِيِّ قالَ حدَّثنا البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ وَهْوَ غَيْرُ كذُوبٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ لَم يَحْن أحدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَضَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَبْهَتَهُ علَى الأرْضِ. (انْظُر الحَدِيث 690 وطرفه) .

قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت: كَيفَ دلَالَته على التَّرْجَمَة؟ قلت: الْعَادة على أَن وضع الْجَبْهَة، إِنَّمَا هُوَ باستعانة السَّبْعَة الْبَاقِيَة غَالِبا. قلت: هَذَا لَا يَخْلُو عَن تعسف، وَالْوَجْه فِيهِ أَنه إِنَّمَا أورد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب للْإِشَارَة إِلَى أَن السَّجْدَة بالجبهة أَدخل فِي الْوُجُوب من بَقِيَّة الْأَعْضَاء، وَلِهَذَا لم يخْتَلف فِي وُجُوبهَا بالجبهة، وَاخْتلف فِي غَيرهَا من بَقِيَّة السَّبْعَة كَمَا ذكرنَا.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا غير مرّة، وآدَم ابْن أبي إِيَاس، وَإِسْرَائِيل بن يُونُس وَأَبُو إِسْحَاق، عَمْرو بن عبد الله الْكُوفِي.
وَهَذَا لحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي: بَاب مَتى يسْجد من خلف الإِمَام، عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سعيد عَن سُفْيَان حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن يزِيد، قَالَ: حَدثنِي الْبَراء. . إِلَى آخِره. وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الإشياء.
قَوْله: (لم يحن) ، بِفَتْح الْيَاء وَكسر النُّون وَضمّهَا أَي: لم يقوس ظَهره. قَوْله: (أحدٌ منَّا) ويروى: (أَحَدنَا) .

134 - (بابُ السُّجُودِ عَلَى الأنْفِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم السُّجُود على الْأنف.

812 - حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهِيْبٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ طاوُسَ عنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ وأشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ وَأطْرَافِ القَدَمَيْنِ ولاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ والشِّعْرَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَقد أخرجه البُخَارِيّ من ثَلَاثَة أوجه، وَهَذَا هُوَ الثَّالِث: عَن مُعلى بن أَسد الْعمي أَبُو الْهَيْثَم الْبَصْرِيّ، عَن وهيب، بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء: ابْن خَالِد الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ عَن عبد الله بن طَاوُوس عَن أَبِيه طَاوُوس عَن عبد الله بن عَبَّاس، وَقد مر الْبَحْث فِيهِ، وَنَذْكُر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ هُنَا.
فَقَوله: (على سَبْعَة أعظم) قد تَكَرَّرت هُنَا كلمة: على، وَلَا يجوز جعلهَا صلَة لفعل مُكَرر، إلاّ أَن يُقَال: على الثَّانِيَة بدل عَن الأولى الَّتِي فِي حكم الطرح، أَو تكون الأولى مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: أَسجد على الْجَبْهَة حَال كَون السُّجُود على سَبْعَة أَعْضَاء. قَوْله: (وَأَشَارَ بِيَدِهِ على أَنفه) ، جملَة مُعْتَرضَة بَين الْمَعْطُوف عَلَيْهِ وَهُوَ: الْجَبْهَة، والمعطوف، وَهُوَ: الْيَدَيْنِ، وَالْغَرَض مِنْهَا بَيَان أَنَّهُمَا عُضْو وَاحِد، فَدلَّ على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوى بَين الْجَبْهَة وَالْأنف، لِأَن عظمي الْأنف يبتدئان من قرنة الْحَاجِب وينتهيان عِنْد الْموضع الَّذِي فِيهِ الثنايا والرباعيات، وَسقط بِمَا ذكرنَا سُؤال من قَالَ؛ الْمَذْكُور فِي الحَدِيث ثَمَانِيَة أعظم لَا سَبْعَة. قَوْله: (وَالْيَدَيْنِ) عطف على قَوْله: (على الْجَبْهَة) ، وَقد ذكرنَا أَن المُرَاد بهما: الكفان.

135 - (بابُ السُّجُودِ عَلَى الأنْفِ فِي الطِّينِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السُّجُود على الْأنف حَال كَونه فِي الطين، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى تَأَكد أَمر السُّجُود

(6/92)


على الْأنف، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لم يتْرك مَعَ وجود الطين، فَفِي غَيره أَحْرَى أَن لَا يتْرك. قَوْله: (السُّجُود على الْأنف فِي الطين) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بَاب السُّجُود على الْأنف، وَالسُّجُود على الطين، وَالْأول أوجه دفعا للتكرار.

813 - حدَّثنا مُوسَى قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عنْ يَحْيى عنْ أبي سَلَمةَ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فَقُلْتُ ألاَ تَخْرُجَ بِنَا إلَى النَّخْلِ نتَحَدَّثُ فخرَجَ فقالَ قُلْتُ حدِّثْني مَا سَمِعْتَ مِنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَةِ القَدْرِ قَالَ اعْتَكَفَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشْرَ الأُوَلِ مِنْ رَمضَانَ واعْتَكفْنَا مَعهُ فَأتاهُ جِبرِيلُ فَقَالَ إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أمامَكَ فاعْتَكَفَ العَشْرَ الأوْسَطَ فاعْتَكَفْنَا معَهُ فأتاهُ جِبرِيلُ فقالِ إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أمامَكَ فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ منْ اعْتَكَفَ معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْيَرْجِعْ فَإنِّي رأيْتُ لَيلَةَ القَدْرِ وإنِّي نُسِّيتُهَا وإنَّهَا فِي العَشْرِ الأواخِرِ فِي وَتْرٍ وإنِّي رأيْتُ كأنِّي أسْجُدُ فِي طِينٍ وماءٍ وكانَ سَقْفُ المَسْجِدِ جَرِيدَ النَّخْلِ وَمَا نَرَى فِي السَّماءِ شَيئا فجَاءتْ قَزَعَةٌ فأُمْطِرْنَا فصَلَّى بِنَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رَأيْتُ أثرَ الطِّينِ والمَاءِ علَى جَبْهةِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأرْنَبَتِهِ تَصْدِيقُ رُؤيَاهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَتَّى رَأَيْت أثر المَاء) إِلَى آخِره.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي، وَهَمَّام بن يحيى، وَيحيى بن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع، فِي الصَّلَاة فِي موضِعين عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَهَهُنَا عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي الصَّوْم عَن معَاذ بن فضَالة فِي الِاعْتِكَاف عَن عبد الله بن مُنِير وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَعَن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة وَعَن عبد الرَّحْمَن بن بشر. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّوْم عَن قُتَيْبَة وَعَن ابْن أبي عمر وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَعَن عبد بن حميد وَعَن عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَأخرجه ابو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي عَن مَالك وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن يحيى وَعَن مُؤَمل بن الْفضل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الِاعْتِكَاف عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى مرَّتَيْنِ وَعَن مُحَمَّد بن مسلمة والْحَارث بن مِسْكين وَعَن مُحَمَّد بن بشار، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (نتحدث) فِي مَحل النصب على أَنه من الْأَحْوَال الْمقدرَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: بِالرَّفْع والجزم، قَوْله: (عشر الأول) بِإِضَافَة الْعشْر إِلَى الأول، ويروى: الْعشْر الأول. قَوْله: (أمامك) ، بِفَتْح الْمِيم الثَّانِيَة، فِي مَحل الرّفْع على الخبرية، تَقْدِيره أَن الَّذِي تطلبه هُوَ قدامك. قَوْله: (فَقَامَ) ، ويروى: (ثمَّ قَامَ) . قَوْله: (خَطِيبًا) ، نصب على الْحَال، و: (صَبِيحَة) نصب على الظَّرْفِيَّة و: (رَمَضَان) لَا ينْصَرف. قَوْله: (مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: معي، وَهُوَ الْتِفَات على الصَّحِيح، لِأَن الْمقَام يَقْتَضِي التَّكَلُّم. قَوْله: (فَليرْجع) أَي: إِلَى الِاعْتِكَاف. قَوْله: (فَإِنِّي رَأَيْت) مُشْتَقّ إِمَّا من الرُّؤْيَة، وَإِمَّا من الرُّؤْيَا بِخِلَاف: رَأَيْت، الَّذِي بعده. فَإِنَّهُ من الرُّؤْيَا قطعا. ويروى: (فَإِنِّي رئيت) . قَوْله: (نسيتهَا) ، من النسْيَان. ويروى: (أنسيتها) من: الإنساء، على صِيغَة الْمَجْهُول، ويروى: (نسيتهَا) ، بِضَم النُّون وَتَشْديد السِّين. قَوْله: (فِي وتر) ، بِكَسْر الْوَاو، وَهُوَ الْفَرد وبالفتح: الدخل، ولغة أهل الْحجاز بالضد، وَتَمِيم تكسر الْوَاو فيهمَا. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ. فَإِن قلت: لِمَ خُولِفَ بَين الْأَوْصَاف فوصف الْعشْر الأول والأوسط بالمفرد والأخير بِالْجمعِ؟ قلت: تصور فِي كل لَيْلَة من ليَالِي الْعشْر الْأَخير لَيْلَة الْقدر، فَجمع، وَلَا كَذَلِك فِي الْعشْرين. قَوْله: (شَيْئا) أَي: من السَّحَاب. قَوْله: (قزعة) بِفَتْح الْقَاف وَالزَّاي الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة: وَهِي وَاحِدَة القزع. وَهِي قطع من السَّحَاب رقيقَة. وَقيل: هِيَ السَّحَاب المتفرق. (وأرنبته) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح النُّون

(6/93)


وَالْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: وَهِي طرف الْأنف، وَتجمع على: أرانب، وَالْألف فِيهِ زَائِدَة، وَلِهَذَا ذكره الْجَوْهَرِي فِي بَاب: رنب، قَوْله: (تَصْدِيق رُؤْيَاهُ) ، بِإِضَافَة التَّصْدِيق إِلَى الرُّؤْيَا، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أثر الطين وَالْمَاء على جَبهته هُوَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ وتأويله.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: مَشْرُوعِيَّة الِاعْتِكَاف، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب الِاعْتِكَاف. وَفِيه: أَن لَيْلَة الْقدر فِي أوتار الْعشْر الْأَخير، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ أَيْضا. وفيهَا: جَوَاز السَّجْدَة فِي الطين، وَلَكِن الحَدِيث مَحْمُول على أَنه كَانَ شَيْئا يَسِيرا لَا يمْنَع مُبَاشرَة بشرة الْجَبْهَة الأَرْض، وَلَو كَانَ كثيرا لم تصح صلَاته، وَهَذَا هُوَ قَول الْجُمْهُور، وَاخْتلف قَول مَالك فِيهِ، فروى أَشهب عَنهُ أَنه: لَا يجوز إلاّ السُّجُود على الأَرْض، على حسب مَا يُمكنهُ. وَقَالَ ابْن حبيب: مَذْهَب مَالك أَن يومىء إلاّ عبد الله بن عبد الحكم فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: يسْجد عَلَيْهِ وَيسْجد فِيهِ إِذا كَانَ لَا يعم وَجهه وَلَا يمنعهُ من ذَلِك. وَقَالَ ابْن حبيب: وبالأول أَقُول: وَإِنَّمَا يومىء إِذا كَانَ لَا يجد موضعا نقيا من الأَرْض، فَإِن طمع أَن يدْرك موضعا نقيا قبل خُرُوج الْوَقْت لم يجزه الْإِيمَاء فِي الطين. وَقَالَ الْخطابِيّ: (حَتَّى رَأَيْت أثر الطين) فِيهِ دَلِيل على وجوب السَّجْدَة على الْجَبْهَة، وَلَوْلَا وُجُوبه لصانها عَن لثق الطين. وَفِيه: اسْتِحْبَاب أَن لَا يمسح إِلَى بعض مَا يُصِيب جبهة الساجد من أثر الأَرْض وغبارها. وَفِيه: أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، صَادِقَة. وَفِيه: طلب الْخلْوَة عِنْد إِرَادَة المحادثة لتَكون أجمع للضبط. وَفِيه: الاستحداث عَن الشَّيْخ والالتماس مِنْهُ. وَفِيه: مُوَافقَة الْقَوْم لرئيسهم فِي الطَّاعَة المندوبة. وَالله تَعَالَى أعلم.

136 - (بابُ عَقْدِ الثِّيَابِ وشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إلَيْهِ ثَوْبَهُ إذَا خافَ أنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عقد الْمُصَلِّي ثَوْبه وشدها. وَفِي بَيَان من ضم إِلَيْهِ ثَوْبه من الْمُصَلِّين إِذا خَافَ أَن تنكشف عَوْرَته، فكلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالتَّقْدِير: خوف انكشاف عَوْرَته، وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فَكَأَن البُخَارِيّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن النَّهْي الْوَارِد عَن كف الثِّيَاب فِي الصَّلَاة مَحْمُول على حَالَة غير الِاضْطِرَار. فَإِن قيل: مَا وَجه إِدْخَال هَذَا الْبَاب بَين أَبْوَاب أَحْكَام السُّجُود؟ أُجِيب: من حَيْثُ إِن الْهَوِي إِلَى السُّجُود وَالرَّفْع مِنْهُ يسهلان مَعَ عقد الثِّيَاب وَضمّهَا، بِخِلَاف إرسالها وسدلها. قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن فِي ضم الثَّوْب أمنا من كشف الْعَوْرَة.

814 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قالَ كانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهُمْ عَاقِدُوا أُزُرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لاَ تَرْفَعْنَ رُؤُسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسا (انْظُر الحَدِيث 362 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرج هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب إِذا كَانَ الثَّوْب ضيقا: عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حَازِم عَن سهل ... الحَدِيث. وَأخرج هَهُنَا: عَن مُحَمَّد بن كثير ضد الْقَلِيل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.
قَوْله: (وهم عاقدو أزرهم) أَصله: عاقدون، فَلَمَّا أضيف سَقَطت النُّون للإضافة، ويروى: (عاقدي أزرهم) ، ووجهها أَن يكون خبر: كَانَ، محذوفا، أَي: هم كَانُوا عاقدي أزرهم. وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا على الْحَال. أَي: هم مؤتزرون حَال كَونهم عاقدي أزرهم، والأزر، بِضَم الْهَمْز وَالزَّاي: جمع إِزَار. قَوْله: (من الصغر) أَي: من أجل صغر أزرهم. قَوْله: (جُلُوسًا) أَي: جالسين. كَانَت النِّسَاء متأخرات عَن صف الرِّجَال، فنهين عَن رفع رُؤْسهمْ حَتَّى يَسْتَوِي الرِّجَال جالسين حَتَّى لَا يَقع بصرهن على عَوْرَاتهمْ.
وَفِيه: الِاحْتِيَاط فِي ستر الْعَوْرَة، والتوثق بِحِفْظ الستْرَة.

137 - (بابٌ لاَ يَكُفُّ شَعَرَا)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: لَا يكف الْمُصَلِّي شعرًا. وَالْمرَاد بِهِ شعر الرَّأْس، وَقد مر أَن معنى الْكَفّ: الضَّم فَإِن قلت: قد أخرج

(6/94)


حَدِيث هَذَا الْبَاب من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَمَا وَجه إِدْخَاله بَين أَبْوَاب أَحْكَام السُّجُود؟ قلت: لَهُ تعلق بِالسُّجُود من حَيْثُ إِن الشّعْر يسْجد مَعَ الراس إِذا لم يكف. وَأما حِكْمَة النَّهْي عَن ذَلِك فَهُوَ مَا قد ذَكرْنَاهُ عَن أبي دَاوُد، فَإِنَّهُ رُوِيَ من حَدِيث أبي رَافع أَنه رأى الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يُصَلِّي وَقد غرز ضفيرته فِي قَفاهُ، فَحلهَا وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ذَلِك مقْعد الشَّيْطَان.

815 - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ وَهْوَ ابنُ زَيْدٍ عنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ عنْ طَاوُسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُمِرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ وَلاَ يَكُفَّ ثَوْبَهُ ولاَ شَعَرَهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمَا يتَعَلَّق بِهِ قد ذَكرْنَاهُ فِي: بَاب السُّجُود على الْأنف.

138 - (بابٌ لَا يَكُفُّ ثَوْبَهُ فِي الصَّلاةِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته لَا يكف الْمُصَلِّي ثَوْبه فِي الصَّلَاة.

816 - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوانَةَ عنْ عَمْرٍ وَعَن طاوُسٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ لاَ أكْفُّ شَعَرا وَلاَ ثَوْبا.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا كَمَا قد رَأَيْته، قد أخرجه عَن خمس طرق، وَوضع لكل طَرِيق تَرْجَمَة فَفِي الطَّرِيق الأول وَالرَّابِع: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي الثَّانِي: أمرنَا، وَفِي الثَّالِث وَالْخَامِس: أمرت. وَفِي الأول: وَلَا يكف، وَكَذَا فِي الرَّابِع. وَفِي الثَّانِي: لَا نكف، بنُون الْجمع، وَفِي الثَّالِث: وَلَا نكفت، وَفِي الْخَامِس: لَا أكف بِصِيغَة الْمُتَكَلّم وَحده، وَفِي الأول وَالْخَامِس: الشّعْر مقدم، وَفِي الْبَقِيَّة: الثَّوْب مقدم، وَفِي الأول: على سَبْعَة أَعْضَاء، وَفِي الْبَقِيَّة: على سَبْعَة أعظم.

139 - (بابُ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّسْبِيح وَالدُّعَاء فِي حَالَة السَّجْدَة، وَقد تقدّمت هَذِه التَّرْجَمَة بحديثها فِيمَا تقدم عَن قريب، وَلَكِن هُنَاكَ: بَاب الدُّعَاء فِي الرُّكُوع، والْحَدِيث هُنَاكَ عَن عَائِشَة أَيْضا، كَمَا نذكرهُ الْآن.

817 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني مَنْصُورٌ عنْ مُسْلِمٍ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأوَّلُ القُرآنَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرجه فِي: بَاب الدُّعَاء فِي الرُّكُوع، عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة. . إِلَى آخِره نَحوه، غير أَن هَهُنَا: يكثر أَن يَقُول، وَهُنَاكَ: كَانَ يَقُول، وَهَهُنَا زِيَادَة وَهِي قَوْله: يتَأَوَّل الْقُرْآن، وَهَهُنَا ذكر اسْم أبي الضُّحَى، وَهُوَ: مُسلم بن صبيح، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة. وَهُنَاكَ: اقْتصر على ذكر كنيته، وَهِي أَبُو الضُّحَى، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالقصر، والإسناد هَهُنَا أنزل من الْإِسْنَاد الَّذِي هُنَاكَ، لِأَن بَينه وَبَين عَائِشَة هُنَاكَ خَمْسَة، وَهَهُنَا سِتَّة، لِأَنَّهُ يروي عَن مُسَدّد بن مسرهد عَن يحيى الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ ألى آخِره.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء. قَوْله: (يتَأَوَّل الْقُرْآن) ، أَي: يعْمل مَا أَمر بِهِ فِي قَول الله تَعَالَى: {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ} (النَّصْر: 3) . .

140 - (بابُ المُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْمكْث، وَهُوَ اللّّبْث بَين السَّجْدَتَيْنِ فِي الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ (بَين السُّجُود) .

(6/95)


818 - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي قِلاَبَةَ أنَّ مالِكَ بنَ الحُوَيْرِثِ قَالَ لأِصْحابِهِ أَلا أنبِئُكُمْ صَلاَةَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَذَاكَ فِي غَيْرِ حِينِ صَلاَةٍ فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ فَكَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ هُنَيَّةً ثمَّ سَجَدَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ هُنَيَّةً فَصَلَّى صَلاَةَ عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ شَيْخِنَا هَذَا قالَ أيُّوبُ كانَ يَفْعَلُ شَيْئا لَمْ أرَهُمْ يَفْعَلُونَهُ كانَ يَقْعُدُ فِي الثَّالِثَةِ والرَّابِعَةِ. قالَ فَأتَيْنَا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأقَمْنَا عِنْدَهُ فقالَ لَوْ رَجَعْتُمْ إلَى أهْلِيكُمْ صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كذَا صَلُّوا صَلاَةَ كذَا فِي حِينِ كَذَا فإذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤذِّنْ أحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ رفع رَأسه هنيَّة) ، وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي: بَاب من قَالَ ليؤذن فِي السّفر مُؤذن وَاحِد: عَن مُعلى بن أَسد عَن وهيب عَن أَيُّوب. . إِلَى آخِره. وَأخرجه أَيْضا فِي: بَاب إِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة فليؤمهم أكبرهم، وَأخرجه أَيْضا فِي مَوَاضِع قد بيناها فِي: بَاب من قَالَ ليؤذن فِي السّفر. وَبينا أَيْضا من أخرجه غَيره، وَبينا أَيْضا بَقِيَّة مَا فِيهِ من المباحث والفوائد. وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: هُوَ عبد الله بن زيد الْجرْمِي.
قَوْله: (أَلا أنبئكم) كلمة: أَلا، للتّنْبِيه، وأنبئكم من الإنباء وَهُوَ الْإِخْبَار. قَوْله: (صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول ثَان. قَوْله: (قَالَ) : أَي: أَبُو قلَابَة. قَوْله: (وَذَاكَ) اشارة الى ابناء الَّذِي يدل عَلَيْهِ انبئكم قَوْله (فِي غير حنين صَلَاة) اي فِي غير وَقت صَلَاة من الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة قَوْله. (هنيَّة) ، بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، أَي: قَلِيلا. وَقد مر تَفْسِيره فِي الْأَبْوَاب الْمَذْكُورَة مُسْتَوفى. قَوْله: (شَيخنَا) بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ عطف بَيَان لسَلمَة بن عَمْرو لمجرور بِالْإِضَافَة. قَوْله: (كَانَ) أَي: الشَّيْخ الْمَذْكُور. قَوْله: (أَو الرَّابِعَة) شكّ من الرَّاوِي، وَبِهَذَا يسْقط سُؤال من قَالَ: لَا جُلُوس للاستراحة فِي الرَّكْعَة الرَّابِعَة، لِأَن بعْدهَا الْجُلُوس للتَّشَهُّد، وَالْمرَاد من ذَلِك جلْسَة الاسْتِرَاحَة، وَهِي تقع بَين الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة كَمَا تقع بَين الأولى وَالثَّانيَِة، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يقْعد فِي آخر الثَّالِثَة، أَو فِي أول الرَّابِعَة، وَالْمعْنَى وَاحِد، فَشك الرَّاوِي: أَيهمَا قَالَ، وَقَالَ ابْن التِّين: فِي رِوَايَة أبي ذَر وَالرَّابِعَة، وَأرَاهُ غير صَحِيح. قَوْله: (فأتينا) أَي: قَالَ مَالك: فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِن قلت: مَا هَذِه الْفَاء؟ قلت: للْعَطْف على شَيْء مَحْذُوف تَقْدِيره: أسلمنَا فأتينا، أَو: قَومنَا أرسلونا فأتينا، وَنَحْو ذَلِك. قَوْله: (لَو رجعتم) أَي: إِذا رجعتم، أَو: إِن رجعتم.

820 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدَّثنا أبُو أحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حدَّثنا مسْعَرٌ عَن الحكَمِ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبِي لَيْلَى عنِ البَرَاءِ قَالَ كانَ سُجُودُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورُكُوعِهِ وَقُعُودِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبا مِنَ السَّوَاءِ (انْظُر الحَدِيث 7992 وطرفه) .

أخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب حد إتْمَام الرُّكُوع والاعتدال، فِيهِ: عَن بدل بن المحبر عَن شُعْبَة عَن الحكم بن عتيبة إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

820 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدَّثنا أبُو أحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله الزُّبَيْرِيُّ قَالَ حدَّثنا مسْعَرٌ عَن الحكَمِ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أبِي لَيْلَى عنِ البَرَاءِ قَالَ كانَ سُجُودُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورُكُوعِهِ وَقُعُودِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبا مِنَ السَّوَاءِ (انْظُر الحَدِيث 7992 وطرفه) .

أخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب حد إتْمَام الرُّكُوع والاعتدال، فِيهِ: عَن بدل بن المحبر عَن شُعْبَة عَن الحكم بن عتيبة إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

821 - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ ثَابِتٍ عَن أنَس رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ إنِّي لَا آلُو أنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا قَالَ ثَابِتٌ كانَ أنَسٌ يَصْنَعُ شَيئا لَمْ أرَكُمْ تَصْنَعُونَهُ كانَ إذَا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قامَ حَتَّى يَقُولَ القائِلُ قَدْ نَسِيَ وبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ القَاِلُ قَدْ نَسِيَ. (انْظُر الحَدِيث 800) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَبَين السَّجْدَتَيْنِ) إِلَى آخِره، وبنحوه أخرجه من: بَاب الطُّمَأْنِينَة حِين يرفع رَأسه من الرُّكُوع: عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن ثَابت. قَالَ: (كَانَ أنس بن مَالك ينعَت لنا صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) الحَدِيث. قَوْله: (لَا آلو) ،

(6/96)


أَي: لَا أقصر. قَوْله: (قد نسي) ، بِفَتْح النُّون من النسْيَان وَبِضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيد السِّين الْمَكْسُورَة، وَالْخَبَر يدل على اسْتِحْبَاب الْمكْث بَين السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ ابْن قدامَة: وَالْمُسْتَحب عِنْد أَحْمد أَن يَقُول بَين السَّجْدَتَيْنِ: رب اغْفِر لي، رب اغْفِر لي يكرره مرَارًا، انْتهى، وَعِنْدنَا: لَيْسَ بَينهمَا ذكر مسنون لِأَن الِاعْتِدَال فِيهِ تبع وَلَيْسَ بمقصود فَلَا يسن فِيهِ، وَمَا رُوِيَ فِي ذَلِك فَمَحْمُول على التَّهَجُّد، وَعند دَاوُد وَأهل الظَّاهِر: أَنه فرض إِن تعمد تَركه بطلت صلَاته.

141 - (بابٌ لاَ يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: لَا يفترش الْمُصَلِّي ذِرَاعَيْهِ أَي: ساعديه، وَيجوز فِي يفترش الْجَزْم على النَّهْي، وَالرَّفْع على النَّفْي، وَهُوَ أَيْضا بِمَعْنى النَّهْي.
وَقَالَ أبُو حُمَيْدٍ سَجَدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووضَعَ يدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ ولاَ قابِضِهِمَا
مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث مطول أخرجه فِي: بَاب سنة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد، يَأْتِي بعد ثَلَاثَة أَبْوَاب، وَقَالَ الْخطابِيّ: وضع الْيَدَيْنِ فِي السَّجْدَتَيْنِ غير مفترش فَهُوَ أَن يضع كفيه على الأَرْض، ويقل ساعديه وَلَا يضعهما على الأَرْض. وَيُرِيد بقوله: (وَلَا قابضهما) أَنه يبسط كفيه مدا وَلَا يقبضهما بِأَن يضم أصابعهما، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بذلك ضم الساعدين والعضدين فيلصقهما ببطنه، وَلَكِن يُجَافِي مرفقيه عَن جَنْبَيْهِ. قَوْله: (وَلَا قابضهما) أَي: وَغير قَابض الْيَدَيْنِ بِأَن لَا يجافيهما عَن جَنْبَيْهِ، بل يضمهما إِلَيْهِمَا، وَهَذَا الَّذِي يُسمى بالتخوية عِنْد الْفُقَهَاء.
208 - (حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة قَالَ سَمِعت قَتَادَة عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ اعتدلوا فِي السُّجُود وَلَا ينبسط أحدكُم ذِرَاعَيْهِ انبساط الْكَلْب) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْمَعْنى فَإِن معنى قَوْله " وَلَا ينبسط " وَلَا يفترش. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن بنْدَار وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر وَعَن أبي مُوسَى كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع وَعَن يحيى بن حبيب وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن مَحْمُود بن غيلَان وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَإِسْمَاعِيل بن مَسْعُود. (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " عَن أنس " فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ التَّصْرِيح بِسَمَاع قَتَادَة لَهُ عَن أنس قَوْله " اعتدلوا " أَي كونُوا متوسطين بَين الافتراش وَالْقَبْض وَالْحَاصِل أَن اعْتِدَال السُّجُود استقامته بَين افتراش وتقبيض قَوْله " وَلَا ينبسط " كَذَا وَهُوَ بالنُّون الساكنة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ " وَلَا يبتسط " بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق من بَاب الافتعال وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر " وَلَا يبسط ذِرَاعَيْهِ " بِالْبَاء الْمُوَحدَة الساكنة فَقَط وَهَذِه هِيَ الْأَحْسَن وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين تَأمل لِأَن بَاب الانفعال لَازم لَا ينصب شَيْئا. وَالْحكمَة فِيهِ أَنه أشبه للتواضع وأبلغ فِي تَمْكِين الْجَبْهَة من الأَرْض وَأبْعد من هيئات الكسالى فَإِن المنبسط يشبه الكسالى ويشعر حَاله بالتهاون وَقلة الاعتناء بهَا والإقبال عَلَيْهَا فَلَو تَركه كَانَ مسيئا مرتكبا لنهي التَّنْزِيه وَصلَاته صَحِيحَة. وَاعْلَم أَن أَبَا دَاوُد أخرج هَذَا الحَدِيث وَترْجم لَهُ بقوله بَاب صفة السُّجُود ثمَّ ذكر هَذَا الحَدِيث ثمَّ قَالَ بَاب الرُّخْصَة فِي ذَلِك ثمَّ روى حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ " اشْتَكَى أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مشقة السُّجُود عَلَيْهِم إِذا انفرجوا فَقَالَ اسْتَعِينُوا بالركب " وَقَالَ ابْن عجلَان أحد رُوَاة هَذَا الحَدِيث وَذَلِكَ أَن يضع مرفقيه على رُكْبَتَيْهِ إِذا طَال السُّجُود وأعيى. وَفِي التَّلْوِيح وَزعم أَبُو دَاوُد أَن هَذَا كَانَ رخصَة وَأما أَبُو عِيسَى فَإِنَّهُ فهم مِنْهُ غير مَا قَالَه ابْن عجلَان فَذكره فِي بَاب مَا جَاءَ فِي الِاعْتِمَاد إِذا قَامَ من السُّجُود وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا سجد أحدكُم فليعتدل وَلَا يفترش ذِرَاعَيْهِ افتراش الْكَلْب " وروى مُسلم من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يفترش الرجل ذِرَاعَيْهِ افتراش السَّبع "

(6/97)


وروى ابْن خُزَيْمَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يرفعهُ " إِذا سجد أحدكُم فَلَا يفترش يَدَيْهِ افتراش الْكَلْب وليضم فَخذيهِ " وروى مُسلم أَيْضا من حَدِيث الْبَراء قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " وروى الْحَاكِم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن نقرة الْغُرَاب وافتراش السَّبع وَأَن يوطن الرجل الْمَكَان " (فَإِن قلت) الحَدِيث الْمَذْكُور عَن قريب الَّذِي أخرجه أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة يُعَارض هَذِه الْأَحَادِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ بَاب الرُّخْصَة فِي الإقعاء فَذكر حَدِيث ابْن عَبَّاس " الإقعاء على الْقَدَمَيْنِ من سنة نَبِيكُم مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَحسنه وَفِي الْمُشكل للطحاوي عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ رَأَيْت العبادلة ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم يقعون فِي الصَّلَاة ويراهم الصَّحَابَة فَلَا ينكرونه وَعَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يضع يَدَيْهِ إِلَى جَنْبَيْهِ إِذا سجد (قلت) قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ هَذَا رخصَة وَقد ذَكرْنَاهُ وَقَالَ أَحْمد تَركه النَّاس وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ افتراش السَّبع لَا شكّ فِي كَرَاهَته واستحباب نقيضها وَقد روى مُسلم " عَن مَيْمُونَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سجد جافى يَدَيْهِ فَلَو أَن بهمة أَرَادَت أَن تمر لمرت " وَفِي لفظ " خوى بيدَيْهِ " يَعْنِي جنح " حَتَّى يرى وضح إبطَيْهِ من وَرَائه " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن بُحَيْنَة " كَانَ إِذا صلى فرج بَين يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاض إبطَيْهِ " وَعَن ابْن أقرم " صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكنت أنظر إِلَى عفرتي إبطَيْهِ كلما سجد " قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن وَلَا يعرف لِابْنِ أقرم غير هَذَا الحَدِيث وَقَالَ صَاحب التَّلْوِيح ذكر الْبَغَوِيّ لَهُ حَدِيثا آخر فِي كتاب الصَّحَابَة فِي قَوْله تَعَالَى {تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} وَلما ذكر أَبُو عَليّ بن السكن فِي كتاب الصَّحَابَة عبد الله بن أقرم قَالَ لَهُ رِوَايَة ثَابِتَة " وَعَن الْحسن حَدثنَا أَحْمَر صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِن كُنَّا لنأوي للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا يُجَافِي بيدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ " وَعَن أبي هُرَيْرَة " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد رئي وضح إبطَيْهِ " وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرطهمَا " وَعَن ابْن عَبَّاس من عِنْده أَيْضا أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من خَلفه فَرَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ وَهُوَ ممخ قد فرج يَدَيْهِ " وَأخرج ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه من حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد جافى حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ " وَصَححهُ أَيْضا أَبُو زرْعَة -