عمدة القاري شرح صحيح البخاري

142 - (بابُ مَنِ اسْتَوى قاعِدا فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ ثُمَّ نَهَضَ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: من اسْتَوَى. . إِلَى آخِره. قَوْله: (فِي وتر) أَي: فِي الرَّكْعَة الأولى وَالثَّالِثَة، لَا الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة لِأَنَّهُمَا يستعقبان الْجُلُوس للتَّشَهُّد.

823 - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أخبرنَا هُشَيْمٌ قالَ أخبرنَا خالِدٌ الحَذَّاءُ عنْ أبِي قِلاَبَةَ قَالَ أخبرنَا مالِكُ بنُ الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيُّ أنَّهُ رَأى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فإذَا كانَ فِي وِتْرٍ منْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قاعِدا

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: مُحَمَّد بن الصَّباح، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: الدولابي الْبَزَّاز، وهشيم بن بشير، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، وخَالِد بن مهْرَان الْحذاء، وَأَبُو قلَابَة عبد الله بن زيد.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بغدادي وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ وواسطي وبصري.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ جَمِيعًا فِيهِ عَن عَليّ بن حجر عَن هشيم.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: دَلِيل للشَّافِعِيَّة على ندبية جلْسَة الاسْتِرَاحَة. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: لَيْسَ فِي حَدِيث أبي حميد جلْسَة الاسْتِرَاحَة، وَسَاقه بِلَفْظ: (فَقَامَ وَلم يتورك) ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد كَذَلِك: قَالَ الطَّحَاوِيّ: فَلَمَّا تخَالف الحديثان احْتمل أَن يكون مَا فعله فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث لعِلَّة كَانَت بِهِ، فَقعدَ من أجلهَا، لَا لِأَن ذَلِك من سنة الصَّلَاة. وَقَالَ أَيْضا: لَو كَانَت هَذِه الجلسة مَقْصُودَة لشرع لَهَا ذكر مَخْصُوص. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الأَصْل عدم الْعلَّة، وَأما تَركه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلبيان جَوَاز

(6/98)


التّرْك قلت: قَوْله: (لَا تبادروني فَإِنِّي قد بدنت) يدل على أَن ذَلِك كَانَ لعِلَّة، وَلِأَن هَذِه الجلسة للاستراحة وَالصَّلَاة غير مَوْضُوعَة لتِلْك، وَقَالَ بَعضهم: إِن مَالك بن الْحُوَيْرِث هُوَ رَاوِي حَدِيث: (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) ، فحكاياته لصفات صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَاخِلَة تَحت هَذَا الْأَمر. قلت: هَذَا لَا يُنَافِي وجود الْعلَّة لأجل هَذِه الجلسة، وبقولنا قَالَ مَالك وَأحمد. وَفِي (التَّمْهِيد) : اخْتلف الْفُقَهَاء فِي النهوض عَن السُّجُود إِلَى الْقيام، فَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس، وَقَالَ النُّعْمَان ابْن أبي عَيَّاش: أدْركْت غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل ذَلِك. وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد: ذَلِك السّنة، وَبِه قَالَ أَحْمد ابْن رَاهَوَيْه. وَقَالَ أَحْمد: وَأكْثر الْأَحَادِيث على هَذَا. قَالَ الْأَثْرَم: رَأَيْت أَحْمد ينْهض بعد السُّجُود على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس قبل أَن ينْهض. وروى التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهض فِي الصَّلَاة على رُؤُوس قَدَمَيْهِ) ، ثمَّ قَالَ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أهل الْعلم. وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ ينْهض فِي الصَّلَاة على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلم يجلس. وَأخرج نَحوه عَن عَليّ وَابْن عمر وَابْن الزبير وَابْن عَبَّاس وَنَحْو ذَلِك. وَأخرج أَيْضا عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

143 - (بابٌ كيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأرْضِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَةِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: كَيفَ يعْتَمد الْمُصَلِّي على الأَرْض إِذا قَامَ من الرَّكْعَة، أَي: رَكْعَة كَانَت، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: من الرَّكْعَتَيْنِ. أَي: الرَّكْعَة الأولى والركعة الثَّانِيَة.

824 - حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عَن أبِي قِلاَبَةَ قَالَ جاءَنا مالِكُ بنُ الحُوَيْرثِ فصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذا فَقَالَ إنِّي لأصلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ ولَكِنْ أريدُ أنْ أرِيكُمْ كَيْفَ رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي. قَالَ أيُّوبُ فقُلْتُ لأبي قِلاَبَةَ وَكيْفَ كانَتْ صَلاتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هذَا يَعْنِي عَمْرَو بنَ سَلِمَةَ قَالَ أيُّوبُ وكانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وإذَا رَفَعَ رَأسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأرْضِ ثُمَّ قامَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَاعْتمد على الأَرْض) ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: التَّرْجَمَة لبَيَان كَيْفيَّة الِاعْتِمَاد لَا لبَيَان نفس الِاعْتِمَاد، فَمَا وَجه مُوَافقَة الحَدِيث لَهَا؟ قلت: فِيهِ بَيَان الْكَيْفِيَّة بِأَن يجلس أَولا ثمَّ يعْتَمد ثمَّ يقوم. قَالَ الْفُقَهَاء: يعْتَمد كَمَا يعْتَمد العاجن للخمير. وَقيل: المُرَاد من الِاعْتِمَاد أَن يكون بِالْيَدِ، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يقوم إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ قبل أَن يرفعهما.
ورواة الحَدِيث قد ذكرُوا غير مرّة، ووهيب مُصَغرًا: ابْن خَالِد، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وَفِي الَّذِي قبل قبله، وَفِيمَا مضى أَيْضا، وَقد ذكرنَا جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ. قَوْله: (لكني) ويروى: (لَكِن) ، بِدُونِ نون الْوِقَايَة. قَوْله: (يتم التَّكْبِير) أَي: كَانَ يكبر عِنْد كل انْتِقَال غير الِاعْتِدَال لَا ينقص من التَّكْبِيرَات شَيْئا عِنْد الِانْتِقَالَات، أَو كَانَ يمده من أول الِانْتِقَال إِلَى آخِره. قَوْله: (فَإِذا رفع) ، ويروى: (وَإِذا رفع) بِالْوَاو. قَوْله: (من السَّجْدَة) كَذَا هُوَ بِكَلِمَة: من رِوَايَة أبي ذَر، وَهِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضا، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: (فِي السَّجْدَة) ، وَفِي رِوَايَة غَيرهم (عَن السَّجْدَة) بِكَلِمَة: عَن.

144 - (بابٌ يُكَبِّرُ وَهْوَ يَنْهَضُ منَ السَّجدَتَيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: يكبر الْمُصَلِّي فِي حَالَة نهوضه من السَّجْدَتَيْنِ، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن التَّكْبِير عِنْد الْقيام إِلَى الرَّكْعَة الثَّالِثَة من التَّشَهُّد الأول وَقت النهوض من السَّجْدَتَيْنِ، وَعند بَعضهم: وَقت الاسْتوَاء، وَنقل ذَلِك عَن مَالك، وَالْكَلَام فِي الْأَوْلَوِيَّة. فَافْهَم.

(6/99)


وكانَ ابنُ الزَّبَيْرِ يُكَبِّرُ فِي نَهْضَتِهِ
هُوَ عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، وَقد غلب عَلَيْهِ هَذَا دون غَيره من أَوْلَاد الزبير، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار: أَن ابْن الزبير كَانَ يكبر لنهضته.

8225 - حدَّثنا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ قَالَ حدَّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ عنْ سعِيدِ بنِ الحَارِثِ قَالَ صَّلَّى لَنَا أبُو سَعِيدٍ فجَهَرَ بالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأسَهُ منَ السُّجُودِ وحِينَ سَجَدَ وحينَ رفَعَ وحِينَ قامَ مِنَ الرَّكّعَتَيْنِ وَقَالَ هَكذَا رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حِين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ) ، وَهِي حَالَة النهوض من السَّجْدَتَيْنِ، وَبِهَذَا يرد على ابْن الْمُنِير حَيْثُ قَالَ: أجْرى البُخَارِيّ التَّرْجَمَة وَأثر ابْن الزبير مجْرى التَّبْيِين لحديثي الْبَاب، لِأَنَّهُمَا ليسَا صريحين فِي أَن ابْتِدَاء التَّكْبِير يكون مَعَ أول النهوض. انْتهى. بَيَان وَجه الرَّد أَن قَول البُخَارِيّ: بَاب يكبر. . إِلَى آخِره، هُوَ حَاصِل معنى قَوْله فِي الحَدِيث: (وَحين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ) ، فالمطابقة تَامَّة، وَلم يقل: بَاب يكبر مَعَ أول النهوض، حَتَّى يَصح كَلَام الْمُنِير. وَقَالَ ابْن رشيد: فِي هَذِه التَّرْجَمَة إِشْكَال لِأَنَّهُ ترْجم فِيمَا مضى: بَاب التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود، وَأورد فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة، وَفِيهِمَا التَّنْصِيص على أَنه يكبر فِي حَالَة النهوض، وَهُوَ الَّذِي اقتضته هَذِه التَّرْجَمَة، فَكَأَن ظَاهرهَا التّكْرَار. انْتهى. قلت: لَا نسلم أَن فِي هَذِه التَّرْجَمَة إشْكَالًا، وَلَا يلْزم مِمَّا ذكره التّكْرَار، فَقَوله فِي: بَاب التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود، أَعم من أَن يكون من سُجُود الرَّكْعَة الأولى أَو الثَّانِيَة أَو الثَّالِثَة. وَهَذِه التَّرْجَمَة فِي التَّكْبِير عِنْد الْقيام إِلَى الرَّكْعَة الثَّالِثَة من بعد التَّشَهُّد خَاصَّة، وَأما فَائِدَة ذكر هَذَا بعد شُمُول الْأَعَمّ إِيَّاه، فلأجل إِيرَاده هَهُنَا حَدِيثي أبي سعيد وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: يحيى بن صَالح أَبُو زَكَرِيَّا الوحاظي الْحِمصِي. الثَّانِي: فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة، وَكَانَ اسْمه: عبد الْملك ولقبه فليح، فغلب على اسْمه واشتهر بِهِ. الثَّالِث: سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، قاضيها. الرَّابِع: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، واسْمه: سعد بن مَالك.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين حمصي ومدنيين.
وهذ الحَدِيث تفرد بِهِ البُخَارِيّ عَن أَصْحَاب الْكتب، وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته عَن أبي يعلى: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة حَدثنَا يُونُس حَدثنَا فليح عَن سعيد سَمِعت هَذَا الحَدِيث مطولا، وَلَفظه: (اشْتَكَى أَبُو هُرَيْرَة أَو غَابَ فصلى أَبُو سعيد فجهر بِالتَّكْبِيرِ حِين افْتتح وَحين ركع. .) الحَدِيث، وَزَاد فِي آخِره: (فَلَمَّا انْصَرف قيل لَهُ: قد اخْتلف النَّاس على صَلَاتك، فَقَامَ عِنْد الْمِنْبَر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِنِّي وَالله مَا أُبَالِي اخْتلفت صَلَاتكُمْ أم لم تخْتَلف، إِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا يُصَلِّي) . وَذكر الْحميدِي فِي (الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) أَن البرقاني خرجه فِي صَحِيحه بِلَفْظ: (أَن النَّاس قد اخْتلفُوا فِي صَلَاتك) . انْتهى. وَالِاخْتِلَاف بَينهم كَانَ فِي الْجَهْر بِالتَّكْبِيرِ والإسرار بِهِ، وَكَانَ مَرْوَان وَغَيره من بني أُميَّة يسرون، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي إِمَارَة مَرْوَان على الْمَدِينَة.
وَفِيه دلَالَة على أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يُصَلِّي خلاف صلَاتهم، فَروِيَ فِي (الْمُوَطَّأ) عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يكبر فِي حَال قِيَامه، وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عمر وَغَيره، وَقد تقدم فِي: فِي بَاب مَا يَقُول الإِمَام وَمن خَلفه، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (وَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ قَالَ: الله أكبر) . والتوفيق بَينهمَا أَن يحمل على أَن الْمَعْنى: إِذا شرع فِي الْقيام.

826 - حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ حدَّثنا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيرٍ عنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنا وعِمْرَانُ صَلاَةً خَلْفَ عَليِّ بن أبي طالِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فكانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ وإذَا رَفَعَ كَبَّرَ وإذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا سَلَّمَ أخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي فَقَالَ

(6/100)


لَقَدْ صَلَّى بِنَا هَذَا صَلاَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قالَ لَقَدْ ذَكَّرَنِي هذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. (انْظُر الحَدِيث 784 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِذا نَهَضَ من الرَّكْعَتَيْنِ كبر) ، وَالْمرَاد من السَّجْدَتَيْنِ فِي التَّرْجَمَة الركعتان الأوليان، لِأَن السَّجْدَة تطلق على الرَّكْعَة، من إِطْلَاق الْجُزْء على الْكل، وَالْكَلَام فِي هَذَا الحَدِيث قد تقدم فِي: بَاب إتْمَام التَّكْبِير فِي الرُّكُوع، وغيلان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَجَرِير بِفَتْح الْجِيم، ومطرف بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء: ابْن عبد الله بن الشخير العامري.

145 - (بابُ سُنَّةِ الجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سنة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد، وَالْمرَاد من سنة الْجُلُوس يحْتَمل أَن تكون هَيئته كالافتراش مثلا، وَيحْتَمل أَن تكون نَفسه، وَحَدِيث الْبَاب يصلح للأمرين. وَقَالَ الْكرْمَانِي قلت: الْجُلُوس قد يكون وَاجِبا؟ قلت: المُرَاد بِالسنةِ الطَّرِيقَة المحمدية، وَهِي أَعم من الْمَنْدُوب.
وكانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ تَجْلِسُ فِي صلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وكانَتْ فَقِيهَةً
اسْم أم الدَّرْدَاء: خيرة بنت أبي حَدْرَد، وَقيل: هجيمة، وَقد تقدّمت فِي: بَاب فضل صَلَاة الْفجْر مَعَ الْجَمَاعَة، وأثرها الَّذِي علقه البُخَارِيّ وَصله ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع عَن ثَوْر عَن مَكْحُول أَن أم الدَّرْدَاء كَانَت تجْلِس فِي الصَّلَاة كجلسة الرجل. قيل: يفهم من رِوَايَة ابْن أبي شيبَة أَن أم الدَّرْدَاء هَذِه هِيَ الصُّغْرَى التابعية، لَا أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى الصحابية، لِأَن مَكْحُولًا أدْرك الصُّغْرَى دون الْكُبْرَى. قلت: قَالَ ابْن الْأَثِير: قد جعل ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم خيرة أم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى، وهجيمة وَاحِدَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الْكُبْرَى اسْمهَا: خيرة، وَأم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى اسْمهَا: هجيمة، الْكُبْرَى لَهَا صُحْبَة وَالصُّغْرَى لَا صُحْبَة لَهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَمَا سواهُ وهم. قلت: إِطْلَاق البُخَارِيّ: أم الدَّرْدَاء، هَهُنَا من غير تعْيين يحْتَمل الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى، وَلَكِن احْتِمَال الْكُبْرَى يقوى بقوله: (وَكَانَت فقيهة) . ثمَّ قَوْله: (وَكَانَت فقيهة) هَل هُوَ من كَلَام البُخَارِيّ أَو غَيره؟ فَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) الْقَائِل: (وَكَانَت فقيهة) هُوَ البُخَارِيّ، فِيمَا أرى. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : الظَّاهِر أَنه قَول البُخَارِيّ، وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ كَمَا قَالَ، وشيد كَلَامه بِأَن الدَّلِيل إِذا كَانَ عَاما وَعمل بِعُمُومِهِ بعض الْعلمَاء رجح بِهِ، وَإِن لم يحْتَج بِهِ بِمُجَرَّدِهِ، وَقد عرف من رِوَايَة مَكْحُول أَن المُرَاد بِأم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى التابعية لَا الْكُبْرَى الصحابية، لِأَن مَكْحُولًا لم يدْرك الْكُبْرَى، وَإِنَّمَا أدْرك الصُّغْرَى. قلت: عبارَة البُخَارِيّ تحْتَمل الْأَمريْنِ، وَلَكِن الظَّاهِر أَنَّهَا الْكُبْرَى كَمَا قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) و (التَّوْضِيح) [/ ح.
قَوْله: (جلْسَة الرجل) ، بِكَسْر الْجِيم، لِأَن الفعلة بِالْكَسْرِ إِنَّمَا هِيَ للنوع، فَدلَّ هَذَا على أَن الْمُسْتَحبّ للْمَرْأَة أَن تجْلِس فِي التَّشَهُّد كَمَا يجلس الرجل، وَهُوَ أَن ينصب الْيُمْنَى ويفترش الْيُسْرَى، وَبِه قَالَ النَّخعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك، ويروى عَن أنس كَذَلِك، وَعَن مَالك أَنَّهَا تجْلِس على وركها الْأَيْسَر وتضم بَعْضهَا إِلَى بعض قدر طاقتها، وَلَا تفرج فِي رُكُوع وَلَا سُجُود وَلَا جُلُوس، بِخِلَاف الرجل، وَقَالَ قوم: تجْلِس كَيفَ شَاءَت إِذا تجمعت، وَبِه قَالَ عَطاء وَالشعْبِيّ، وَكَانَت صَفِيَّة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تصلي متربعة، وَنسَاء ابْن عمر كن يفعلنه، وَقَالَ بعض السّلف: كن النِّسَاء يؤمرن أَن يتربعن إِذا جلسن فِي الصَّلَاة، وَلَا يجلسن جُلُوس الرِّجَال على أوراكهن. وَقَالَ عَطاء وَحَمَّاد: تجْلِس كَيفَ تيَسّر.

827 - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ عنْ عَبْدِ الله بنِ عَبْدِ الله أنَّهُ أخْبَرَهُ أنَّهُ كانَ يَرَي عَبْدَ الله ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاَةِ إذَا جَلَسَ فَفَعَلْتُهُ وَأنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ فَنَهَانِي عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ وَقَالَ إنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاَةِ أنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ اليُمْنَى وتَثْنِيَ اليُسْرَى فقُلْتُ إنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ فقالَ أنّ رِجْلَيَّ لاَ تَحْمِلاَنِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّمَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب. .) إِلَى آخِره.
وَرِجَاله مَشْهُورُونَ، وهم: عبد الله بن عبد الله بن

(6/101)


عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَالْعَبْد مكبر فِي الابْن وَالْأَب مَعًا، وَهُوَ تَابِعِيّ ثِقَة سمي باسم أَبِيه وكني بكنيته. قَوْله: (أَنه أخبرهُ) صَرِيح فِي أَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم روى عَن عبد الله الْمَذْكُور، وروى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن ابْن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عبد الله، وَكَذَا رَوَاهُ ابْن نَافِع وَالْأَكْثَرُونَ عَن القعْنبِي، فَقَالُوا: عَن أَبِيه، وَعلم من رِوَايَة عبد الله بن مسلمة أَن عبد الرَّحْمَن سَمعه عَن أَبِيه عَن عبد الله، ثمَّ لَقِي عبد الله وسَمعه مِنْهُ بِلَا وَاسِطَة، أَو يكون عبد الرَّحْمَن سَمعه من عبد الله وَأَبوهُ مَعَه.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي وَعَن عبيد الله بن معَاذ وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعَن هناد بن السّري. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَعَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِنَّمَا سنة الصَّلَاة) تدل على أَن هَذَا الحَدِيث مُسْند، لِأَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ: سنة، فَإِنَّمَا يُرِيد سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. إِمَّا بقوله أَو بقوله أَو بِفعل شَاهده، كَذَا قَالَ ابْن التِّين. قَوْله: (وَأَنا يَوْمئِذٍ) ، الْوَاو فِيهِ ففحال. قَوْله: (أَن تنصب) أَي: لَا تلصقه بِالْأَرْضِ. قَوْله: (ويثني) أَي: يعْطف، لم يبين فِيهِ مَا يصنع بعد ثنيها: هَل يجلس فَوْقهَا أَو يتورك؟ وَوَقع فِي (الْمُوَطَّأ) : عَن يحيى بن سعيد أَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَرَاهُم الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد، فنصب رجله الْيُمْنَى وثنى الْيُسْرَى وَجلسَ على وركه الْيُسْرَى وَلم يجلس على قدمه، ثمَّ قَالَ: أَرَانِي هَذَا عبد الله بن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وحَدثني أَن أَبَاهُ كَانَ يفعل ذَلِك، فَظهر من رِوَايَة الْقَاسِم الْإِجْمَال الَّذِي فِي رِوَايَة ابْنه، وروى النَّسَائِيّ من طَرِيق عَمْرو بن الْحَارِث عَن يحيى بن سعيد: أَن الْقَاسِم حَدثهُ عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: من سنة الصَّلَاة أَن تنصب الْيُمْنَى وتجلس على الْيُسْرَى. قَوْله: (تفعل ذَلِك) أَي: التربع. قَوْله: (إِن رجْلي) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة حَكَاهَا ابْن التِّين: (إِن رجلاي) وَوجه هَذِه بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: أَن تكون: إِن، بِمَعْنى: نعم إفعل ذَلِك، وَيكون حرف جَوَاب، وَقد ورد ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب نظما ونثرا، أما النّظم فَفِي قَوْله:
(وَيَقُلْنَ شيب قد علاك ... وَقد كَبرت فَقلت: إِنَّه)

وَأما النثر، فقد قَالَ عبد الله بن الزبير لمن قَالَ: لعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك: إِن وراكبها، أَي: نعم وَلعن راكبها. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن يكون على لُغَة بني الْحَارِث، فَإِنَّهُم لَا ينصبون بإن اسْمهَا، وَعَلِيهِ قِرَاءَة: {أَن هَذَانِ لساحران} (طه: 63) . وَقَالَ الشَّاعِر:
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا)

قَوْله: (لَا تحملاني) رُوِيَ بتَشْديد النُّون وبتخفيفها.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن السّنة أَن ينصب الْمُصَلِّي رجله الْيُمْنَى ويثني الْيُسْرَى. وَقد اخْتلفُوا فِي صفة الْجُلُوس فِي الصَّلَاة، فَذهب يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم وَمَالك إِلَى: أَن الْمُصَلِّي ينصب رجله الْيُمْنَى ويثني رجله الْيُسْرَى، وَيقْعد بِالْأَرْضِ فِي الْقعدَة الأولى وَفِي الْأَخِيرَة، وَهَذَا هُوَ التورك الَّذِي ينْقل عَن مَالك. وَفِي (الْجَوَاهِر) : الْمُسْتَحبّ فِي الْجُلُوس كُله الأول والأخير وَبَين السَّجْدَتَيْنِ أَن يكون توركا. وَفِي (التَّمْهِيد) : الْمَرْأَة وَالرجل سَوَاء فِي ذَلِك عِنْد مَالك، وَذهب الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق إِلَى: أَن الْمُصَلِّي يفعل فِي الْقعُود الأول مثل مَا ذكرنَا الْآن، وَإِن كَانَ فِي الْقعُود الثَّانِي يقْعد على رجله الْيُسْرَى وَينصب الْيُمْنَى. وَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ الشَّافِعِي: إِذا قعد فِي الرَّابِعَة أماط رجلَيْهِ جَمِيعًا فأخرجهما عَن وركه الْأَيْمن وأفضى بمقعدته إِلَى الأَرْض، واضجع الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى فِي الْقعدَة الأولى. وَقَالَ أَحْمد مثل قَول الشَّافِعِي، إلاّ فِي الْجُلُوس فِي الصُّبْح، فَإِن عِنْده كالجلوس فِي ثِنْتَيْنِ، وَهُوَ قَول دَاوُود. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِن فعل هَذَا فَحسن، وَإِن فعل هَذَا فَحسن، لِأَن ذَلِك كُله قد ثَبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الجلسات عِنْد الشَّافِعِي أَربع: الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ، وجلسة الاسْتِرَاحَة عقيب كل رَكْعَة يعقبها قيام، والجلسة للتَّشَهُّد الأول، والجلسة للتَّشَهُّد الْأَخير، فالجميع يسن مفترشا إلاّ الْأَخِيرَة. فَلَو كَانَ مَسْبُوقا وَجلسَ إِمَامه فِي آخر الصَّلَاة متوركا جلس الْمَسْبُوق مفترشا فِي تشهده، فَإِذا سجد سَجْدَتي السَّهْو تورك ثمَّ سلم انْتهى.
وَعِنْدنَا: السّنة أَن يفترش رجله الْيُسْرَى وَيجْلس عَلَيْهَا وَينصب الْيُمْنَى نصبا فِي القعدتين جَمِيعًا، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عَائِشَة فِي (صَحِيح مُسلم) قَالَت: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفْتَتح الصَّلَاة. .) إِلَى أَن قَالَت: (وَكَانَ يفرش رجله الْيُسْرَى وَينصب رجله الْيُمْنَى. .) الحَدِيث. وَأما جُلُوس الْمَرْأَة فَهُوَ التورك عندنَا، وَقَالَ النَّوَوِيّ: وجلوس الْمَرْأَة كجلوس الرجل، وَحكى القَاضِي عِيَاض عَن بعض السّلف: أَن سنة الْمَرْأَة التربع، وَعَن بَعضهم: التربع فِي النَّافِلَة، وَقَالَ أَبُو عمر: اخْتلفُوا فِي التربع فِي النَّافِلَة وَفِي الْفَرِيضَة للْمَرِيض، فَأَما الصَّحِيح فَلَا يجوز لَهُ التربع فِي الْفَرِيضَة

(6/102)


بِإِجْمَاع الْعلمَاء، وروى ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: لِأَن أقعد على رضفتين أحب إِلَيّ من أَن أقعد متربعا فِي الصَّلَاة، وَهَذَا يشْعر بِتَحْرِيمِهِ عِنْده، وَلَكِن الْمَشْهُور عِنْد أَكثر الْعلمَاء أَن هَيْئَة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد سنة، وَقَالَ ابْن بطال: رُوِيَ عَن جمَاعَة من السّلف أَنهم كَانُوا يتربعون فِي الصَّلَاة، كَمَا فعله ابْن عمر، مِنْهُم: ابْن عَبَّاس وَأنس وَسَالم وَعَطَاء وَابْن سِيرِين وَمُجاهد، وَجوزهُ الْحسن فِي النَّافِلَة، وَفِي رِوَايَة: كرهه هُوَ وَالْحكم وَابْن مَسْعُود.

828 - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ خَالِدٍ عنْ سَعِيد عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عطَاءٍ وحدَّثنا اللَّيْثُ عَن يَزِيدَ بنِ أبِي حَبِيبٍ ويَزِيدَ بنِ مُحَمَّدٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ عنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ أنَّهُ كانَ جَالِسا معَ نَفَرٍ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكَرْنَا صَلاَةَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ أنَا كُنْتُ أحْفَظُكُمْ لِصَلاةِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأيْتُهُ إذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ وإذَا رَكَعَ أمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ فإذَا رَفَعَ رَأسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يعُودَ كُلُّ فَقارٍ مكَانَهُ فإذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ ولاَ قَابِضِهِمَا واسْتَقْبَلَ بِأطْرَافِ أصَابِعَ رجْلَيْهِ القِبْلَةَ فَإذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى ونَصَبَ اليُمْنَى وإذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّم رِجْلَهُ اليُسْرَى ونَصَبَ الأخْرَى وقَعَدَ عَلَى مَقعَدَتِهِ.
[بشر
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ. .) إِلَى آخِره.
ذكر رِجَاله: وهم تِسْعَة: الأول: يحيى ابْن بكير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة: هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير أَبُو زَكَرِيَّا الْمصْرِيّ. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: خَالِد ابْن يزِيد الجُمَحِي الْمصْرِيّ. الرَّابِع: سعيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ الْمدنِي. الْخَامِس: مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة، بِفَتْح الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون اللَّام الأولى: الديلِي الْمدنِي. السَّادِس: مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء بن عَيَّاش الْقرشِي العامري الْمدنِي. السَّابِع: يزِيد، من الزِّيَادَة، ابْن أبي حبيب أَبُو رَجَاء الْمصْرِيّ، وَاسم أبي حبيب: سُوَيْد. الثَّامِن: يزِيد بن مُحَمَّد الْقرشِي. التَّاسِع: أَبُو حميد السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، اسْمه: عبد الرَّحْمَن، وَقيل: الْمُنْذر.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي سَبْعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مصريين ومدنيين، فالثلاثة الأول مِنْهُم مصريون، فَكَذَلِك السَّابِع، والبقية مدنيون. وَفِيه: أَن خَالِدا من أَقْرَان شَيْخه. وَفِيه: إسنادان أَحدهمَا: عَن اللَّيْث عَن خَالِد، وَالْآخر: عَن اللَّيْث عَن يزِيد ابْن أبي حبيب. وَفِيه: أَن بَين اللَّيْث وَبَين مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة فِي الرِّوَايَة الأولى اثْنَيْنِ، وَبَينهمَا فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَاسِطَة وَاحِدَة. وَفِيه: أَن يزِيد ابْن أبي حبيب من صغَار التَّابِعين. وَفِيه: إرداف الرِّوَايَة النَّازِلَة بالرواية الْعَالِيَة على عَادَة أهل الحَدِيث. وَفِيه: أَن يزِيد ابْن مُحَمَّد من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: أَن اللَّيْث فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة يروي عَن شيخين، كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَعَن مُسَدّد وَعَن قُتَيْبَة عَن ابْن لَهِيعَة وَعَن عِيسَى بن إِبْرَاهِيم الْمصْرِيّ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن ابْن الْمثنى وَابْن بشار وَعَن ابْن بشار وَالْحسن بن عَليّ الْخلال. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن ابْن بشار عَن يحيى بِهِ وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن بنْدَار عَن أبي بكر ابْن أبي شيبَة وَعلي بن مُحَمَّد.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ: وَحدثنَا) قَائِله هُوَ يحيى بن بكير الْمَذْكُور، قَوْله: (فِي نفر) ، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (مَعَ نفر) ، بِفتْحَتَيْنِ، وَهُوَ اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة، مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة، وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: النَّفر رَهْط الْإِنْسَان وعشيرته. قَوْله: (من أَصْحَاب رَسُول الله) كلمة: من، فِي مَحل الْحَال من: أَي: حَال كَونهم من أَصْحَاب

(6/103)


رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَفظ: النَّفر، يدل على أَنهم كَانُوا عشرَة، يدل عَلَيْهِ أَيْضا رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء، قَالَ: سَمِعت أَبَا حميد السَّاعِدِيّ فِي عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَإِن قلت: أَبُو حميد من الْعشْرَة أَو خَارج مِنْهُم؟ قلت: يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ بِالنّظرِ إِلَى رِوَايَة: فِي عشرَة، وَإِلَى رِوَايَة: مَعَ عشرَة، وَكَانَ من جملَة الْعشْرَة: أَبُو قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي فِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَسَهل بن سعد وَأَبُو أسيد السَّاعِدِيّ مُحَمَّد بن سَلمَة فِي رِوَايَة أَحْمد وَغَيره، وَأَبُو هُرَيْرَة فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. قَوْله: (أَنا كنت أحفظكم لصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (قَالُوا: فَلِمَ؟ فوَاللَّه مَا كنت بأكثرنا لَهُ تبعة وَلَا أقدمنا لَهُ صُحْبَة) . وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: (إتيانا، وَلَا أقدمنا لَهُ صُحْبَة) . وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ من حَدِيث الْعَبَّاس بن سهل: (عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أَنه كَانَ يَقُول لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أعلمكُم بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالُوا: من أَيْن؟ قَالَ: رقبت ذَلِك مِنْهُ حَتَّى حفظت صلَاته) . وَفِي رِوَايَة أُخْرَى لَهُ: (أَنا أعلمكُم بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالُوا: وَكَيف؟ فَقَالَ: اتبعت ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالُوا: أرنا. قَالَ: فَقَامَ يُصَلِّي وهم ينظرُونَ) . وَزَاد عبد الحميد بن جَعْفَر فِي رِوَايَته: (قَالُوا: فَأَعْرض) ، وَفِي رِوَايَته عِنْد ابْن حبَان: (اسْتقْبل الْقبْلَة ثمَّ قَالَ: الله أكبر) . وَزَاد فليح ابْن سُلَيْمَان فِي رِوَايَته عِنْد ابْن خُزَيْمَة فِيهِ ذكر الْوضُوء. قَوْله: (فَجعل يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه) زَاد ابْن إِسْحَاق: (ثمَّ قَرَأَ بعض الْقُرْآن) . قَوْله: (ثمَّ هصر ظَهره) ، بِفَتْح الْهَاء وَالصَّاد الْمُهْملَة أَي: أماله فِي اسْتِوَاء من غير تقويس، وأصل الهصر: أَن تَأْخُذ رَأس الْعود فتثنيه إِلَيْك وتعطفه. وَفِي (الصِّحَاح) : الهصر الْكسر، وَقد هصره وأهصره واهتصره بِمَعْنى، وهصرت الْغُصْن وبالغصن إِذا أخذت بِرَأْسِهِ وأملته، والأسد هيصر وهيصار، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (ثمَّ هصره ظَهره غير مقنع رَأسه وَلَا صَافح بخده) . قَوْله: (غيرمقنع) من الْإِقْنَاع يَعْنِي: لَا يرفع رَأسه حَتَّى يكون أَعلَى من ظَهره، وَقَالَ ابْن عَرَفَة: يُقَال: أقنع رَأسه إِذا نَصبه لَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا شمالاً، وَجعل طرفه موازيا لما بَين يَدَيْهِ. قَوْله: (وَلَا صَافح بخده) أَي: غير مبرز بصفحة خَدّه وَلَا مائل فِي أحد الشقين. قَوْله: (فَإِذا رفع رَأسه اسْتَوَى) زَاد عِيسَى عِنْد أبي دَاوُد (فَقَالَ: سمع الله لمن حَمده اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، وَرفع يَدَيْهِ) . وَنَحْوه لعبد الحميد وَزَاد: (حَتَّى يُحَاذِي بهما مَنْكِبَيْه معتدلاً) . قَوْله: (حَتَّى يعود كل فقار) بِفَتْح الْفَاء وَالْقَاف وَبعد الْألف رَاء جمع: فقارة، وَهِي عِظَام الظّهْر. وَقَالَ ابْن قرقول: جَاءَ عِنْد الْأصيلِيّ هُنَا: (فقار) ، بِفَتْح الْفَاء وَكسرهَا، وَلَا أعلم لذَلِك معنى، وَعند ابْن السكن: فقار، بِكَسْر الْفَاء، وَلغيره: فقار، وَهُوَ الصَّوَاب. وَقَالَ ابْن التِّين: هُوَ الصَّحِيح، وَهُوَ الَّذِي روينَاهُ، وروينا فِي رِوَايَة أبي صَالح عَن اللَّيْث: (قفار) ، بِتَقْدِيم الْقَاف وَكسرهَا، وَلَيْسَ، لِأَنَّهُ جمع: قفر، وَهِي: الْمَفَازَة. وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: الْفَقْرَة، بِكَسْر الْفَاء، والفقارة بِفَتْحِهَا: إِحْدَى فقار الظّهْر، وَهِي الْعِظَام المنتظمة الَّتِي يُقَال لَهَا: خرز الظّهْر، فَجمع الفقارة فقار، وَجمع الْفَقْرَة: فقر، وَقَالُوا: أفقرة، يُرِيدُونَ جمع: فقار، كَمَا تَقول: قذال وأقذلة. وَفِي (الْمُحكم) : الْفقر والفقرة: مَا انتضد من عِظَام الصلب من لدن الْكَاهِل إِلَى الْعجب، وَالْجمع: فقر وفقار. وَقَالَ ابْن الاعرابي: أقل فقر الْبَعِير ثَمَان عشرَة وأكثرها إِحْدَى وَعِشْرُونَ، وفقار الْإِنْسَان سبع. وَفِي (نَوَادِر) ابْن الْأَعرَابِي رِوَايَة عَن ثَعْلَب: فقار الْإِنْسَان سبع عشرَة وَأكْثر فقر الْبَعِير ثَلَاث وَعِشْرُونَ. وَفِي (الْمُخَصّص) الْفقر مَا بَين كل مفصلين، وَقيل: الفقار أَطْرَاف رُؤُوس الْفقر، وكل فقرة خرزة وَفِي (أمالي أبي إِسْحَاق الزجاجي) : هن سبع أُمَّهَات غير الصغار التوابع. وَفِي (كتاب الفصوص) لصاعد: هن أَربع وَعِشْرُونَ، سبع مِنْهَا فِي الْعُنُق وَخمْس مِنْهَا فِي الصلب، واثنتي عشرَة وَهِي الأضلاع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هن خمس وَعِشْرُونَ فقرة. قَوْله: (غير مفترش) ، أَي: غير مفترش يَدَيْهِ، وَفِي رِوَايَة ابْن حبَان من رِوَايَة عتبَة بن أبي الحكم عَن عَبَّاس بن سهل: (غير مفترش ذِرَاعَيْهِ) ، وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: (وَإِذا سجد فرج بَين فَخذيهِ غير حَامِل بَطْنه على شَيْء من فَخذيهِ، وَلَا مفترش ذِرَاعَيْهِ) . قَوْله: (وَلَا قابضهما) أَي: وَلَا قَابض يَدَيْهِ، وَهُوَ أَن يضمهما إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة فليح بن سُلَيْمَان: (ونحى يَدَيْهِ عَن جَنْبَيْهِ وَوضع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه) . وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: (فاعلولى على جَنْبَيْهِ وراحتيه وركبتيه وصدور قَدَمَيْهِ حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ، وَمَا تَحت مَنْكِبَيْه، ثمَّ ثَبت حَتَّى اطْمَأَن كل عظم مِنْهُ، ثمَّ رفع رَأسه فاعتدل) . قَوْله: (فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ) أَي: الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين ليتشهد، وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: (ثمَّ جلس فافترش رجله الْيُسْرَى، وَأَقْبل بصدر الْيُمْنَى على قبلته وَوضع كَفه الْيُمْنَى على ركبته الْيُمْنَى، وكفه الْيُسْرَى على ركبته الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ) . وَفِي رِوَايَة عِيسَى بن عبد الله: (ثمَّ جلس بعد

(6/104)


الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذا هُوَ أَرَادَ أَن ينتهض إِلَى الْقيام قَامَ بتكبيرة) . قلت: هَذَا يُخَالف فِي الظَّاهِر رِوَايَة عبد الحميد حَيْثُ قَالَ: (ثمَّ إِذا قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ كبر وَرفع يَدَيْهِ كَمَا كبر عِنْد افْتِتَاح الصَّلَاة) . قلت: التَّوْفِيق بَينهمَا بِأَن يَقُول معنى قَوْله: (إِذا قَامَ أَي: إِذا أَرَادَ الْقيام أَو شرع فِيهِ. قَوْله: (فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة. .) إِلَى آخِره، فِي رِوَايَة عبد الحميد: (حَتَّى إِذا كَانَت السَّجْدَة الَّتِي يكون فِيهَا التَّسْلِيم) ، وَفِي رِوَايَة عِنْد ابْن حبَان: (الَّتِي تكون عِنْد خَاتِمَة الصَّلَاة، أخر رجله الْيُسْرَى وَقعد متوركا على شقَّه الْأَيْسَر) . زَاد ابْن إِسْحَاق فِي رِوَايَته: (ثمَّ سلم) . وَفِي رِوَايَة عِيسَى عِنْد الطَّحَاوِيّ: (فَلَمَّا سلم سلم عَن يَمِينه: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله، وَعَن شِمَاله أَيْضا: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله) وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم عَن عبد الحميد عِنْد أبي دَاوُد وَغَيره (قَالُوا) أَي: الصَّحَابَة المذكورون: (صدقت، هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي) . ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمن قَالَ بقوله أَن هَيْئَة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد الأول مُغَايرَة لهيئة الْجُلُوس فِي التَّشَهُّد الْأَخير، وَقد ذكرنَا عَن قريب اخْتِلَاف الْعلمَاء فِيهِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: الْقعُود فِي الصَّلَاة كلهَا سَوَاء، وَهُوَ أَن ينصب رجله الْيُمْنَى ويفترش رجله الْيُسْرَى فيقعد عَلَيْهَا، ثمَّ ذكر الِاحْتِجَاج فِي هَذَا بِحَدِيث وَائِل بن حجر الْحَضْرَمِيّ، قَالَ: (صليت خلف النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: لأحفظن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فَلَمَّا قعد للتَّشَهُّد فرش رجله الْيُسْرَى ثمَّ قعد عَلَيْهَا وَوضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى وَوضع مرفقه الْأَيْمن على فَخذه الْيُمْنَى، ثمَّ عقد أَصَابِعه وَجعل حَلقَة بالإبهام وَالْوُسْطَى، ثمَّ جعل يَدْعُو بِالْأُخْرَى) . وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَأحمد فِي رِوَايَة. فَإِن قلت: لَا يتم الِاسْتِدْلَال للحنفية بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ لم يذكر فِيهِ إلاّ أَنه فرش رجله الْيُسْرَى فَقَط. قلت: كثر الْخلاف فِيهِ فَاكْتفى بِهَذَا الْمِقْدَار، وَأما نصب رجله الْيُمْنَى فقد ذكرهه ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه (عَن وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس فَثنى الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى) ، يَعْنِي فِي الصَّلَاة. وَحَدِيث عَائِشَة أَيْضا، وَقد تقدم عَن قريب. فَإِن قلت: من أَيْن علم أَن المُرَاد من قَوْله: (فَلَمَّا قعد للتَّشَهُّد أفترش رجله الْيُسْرَى ثمَّ قعد عَلَيْهَا) وَهِي الْقعدَة الْأَخِيرَة؟ قلت: علم من قَوْله: (ثمَّ جعل يَدْعُو) ، أَن الدُّعَاء فِي التَّشَهُّد لَا يكون إلاّ فِي آخر الصَّلَاة، ثمَّ أجَاب الطَّحَاوِيّ عَن حَدِيث أبي حميد الَّذِي احْتج بِهِ الشَّافِعِي وَغَيره بِمَا ملخصه: أَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أبي حميد، وَلَا من أحد ذكر مَعَ أبي حميد، وَبَينهمَا رجل مَجْهُول، وَمُحَمّد بن عَمْرو ذكر فِي الحَدِيث أَنه حضر أَبُو قَتَادَة وسنه لَا يحْتَمل ذَلِك، فَإِن أَبَا قَتَادَة قتل قبل ذَلِك بدهر طَوِيل، لِأَنَّهُ قتل مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصلى عَلَيْهِ عَليّ، وَقد رَوَاهُ عطاف بن خَالِد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، فَجعل بَينهمَا رجلا. ثمَّ أخرجه عَن يحيى بن سعيد بن أبي مَرْيَم: حَدثنَا عطاف بن خَالِد حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء (حَدثنِي رجل أَنه: وجد عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُلُوسًا. .) فَذكر نَحْو حَدِيث أبي عَاصِم، سَوَاء فَإِن ذكرُوا تَضْعِيف عطاف قيل لَهُم: وَأَنْتُم تضعفون عبد الحميد بن جَعْفَر أَكثر من تضعيفكم لعطاف، مَعَ أَنكُمْ لَا تطرحون حَدِيث عطاف كُله، إِنَّمَا تصححون قديمه وتتركون حَدِيثه، هَكَذَا ذكره ابْن معِين فِي كتايه، وَابْن أبي مَرْيَم سَمَاعه من عطاف قديم جدا، وَلَيْسَ أحد يَجْعَل هَذَا الحَدِيث سَمَاعا لمُحَمد بن عَمْرو من أبي حميد إلاّ عبد الحميد، وَهُوَ عنْدكُمْ أَضْعَف، وَقد اعْترض بَعضهم بِأَنَّهُ لَا يضر الثِّقَة الْمُصَرّح بِسَمَاعِهِ أَن يدْخل بَينه وَبَين شَيْخه وَاسِطَة، إِمَّا لزِيَادَة فِي الحَدِيث وَإِمَّا لتثبيت فِيهِ، وَقد صرح مُحَمَّد بن عَمْرو بِسَمَاعِهِ، وَأَن أَبَا قَتَادَة اخْتلف فِي وَقت مَوته، فَقيل: مَاتَ سنة أَربع وَخمسين، وعَلى هَذَا فلقاء مُحَمَّد لَهُ مُمكن. انْتهى. قلت: هَذَا الْقَائِل أَخذ كَلَامه هَذَا من كَلَام الْبَيْهَقِيّ، فَإِنَّهُ ذكره فِي (كتاب الْمعرفَة) وَالْجَوَاب عَن هَذَا: أَن إِدْخَال الْوَاسِطَة إِنَّمَا يَصح إِذا وجد السماع، وَقد نفى الشّعبِيّ سَمَاعه، وَهُوَ أَمَام فِي هَذَا الْفَنّ، فنفيه نفي وإثباته إِثْبَات، ومبني نَفْيه من جِهَة تَارِيخ وَفَاته أَنه قَالَ: قتل مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَكَذَا قَالَ الْهَيْثَم بن عدي، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هُوَ الصَّحِيح.
وَفِيه: رفع الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي وَأحمد، وَقد قُلْنَا إِنَّه كَانَ للْعُذْر. وَفِيه: أَن سنة الْهَيْئَة فِي الرُّكُوع، أَن لَا يرفع رَأسه إِلَى فَوق وَلَا ينكسه، وَمن هَذَا قَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : ويبسط ظَهره، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ركع بسط ظَهره، وَلَا يرفع رَأسه

(6/105)


وَلَا ينكسه، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ركع لَا يصوب رَأسه وَلَا يقنعه.
وَفِيه: أَن السّنة أَن يُجَافِي بَطْنه عَن فَخذيهِ وَيَديه عَن جَنْبَيْهِ.
وَفِيه: بَيَان هَيْئَة الْجُلُوس، وَقد بيناها مَعَ الْخلاف فِيهَا مُسْتَوفى. وَفِيه: بَيَان تَوْجِيه أَصَابِع رجلَيْهِ نَحْو الْقبْلَة.
وَفِيه: جَوَاز وصف الرجل نَفسه بِكَوْنِهِ أعلم من غَيره أذا أَمن الْإِعْجَاب وَأَرَادَ بَيَان ذَلِك عِنْد غَيره مِمَّن سَمعه، لما فِي التَّعْلِيم وَالْأَخْذ عَن الأعلم.
وَفِيه: أَنه كَانَ يخفى على الْكثير من الصَّحَابَة بعض الْأَحْكَام المتلقاة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرُبمَا يذكرهُ بَعضهم إِذا ذكر.
وسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بنَ أبِي حَبيبٍ ويَزِيدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ وابنُ حَلْحَلَةَ من ابنِ عطَاءٍ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن اللَّيْث بن سعد الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي رُوِيَ بالعنعنة عَن يزِيد بن أبي حبيب، وَيزِيد ابْن مُحَمَّد، وَقد سمع مِنْهُمَا وَأَن عنعنته سَماع. قَالَ الْكرْمَانِي: وَسمع اللَّيْث، أَي: قَالَ يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ: سمع اللَّيْث. . إِلَى آخِره، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بقوله: وَهُوَ كَلَام المُصَنّف وَوهم من جزم بِأَنَّهُ كَلَام يحيى بن بكير. قلت: الْكرْمَانِي لم يجْزم بِهَذَا قطعا. وَإِنَّمَا كَلَامه يَقْتَضِي الِاحْتِمَال وَفِي قَوْله أَيْضا: وَهُوَ كَلَام المُصَنّف، احْتِمَال لَا يخفى. قَوْله: (وَابْن حلحلة من ابْن عَطاء) أَي: سمع مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء.
وقالَ أبُو صالِحٍ عنِ اللَّيْثِ كْلُّ قَفَارٍ
أَبُو صَالح هَذَا هُوَ عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث بن سعد، وَقد وهم الْكرْمَانِي فِيهِ حَيْثُ قَالَ: أَبُو صَالح هُوَ عبد الْغفار الْبكْرِيّ، تقدم فِي كتاب الْوَحْي، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن أَبَا صَالح قَالَ فِي رِوَايَته عَن اللَّيْث بِإِسْنَادِهِ الثَّانِي عَن اليزيدين الْمَذْكُورين: كل قفار، بِدُونِ الْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير، وبتقديم الْقَاف على الْفَاء كَمَا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق الطَّبَرَانِيّ عَن مطلب ابْن شُعَيْب وَابْن عبد الْبر من طَرِيق الْقَاسِم بن أصبغ، كِلَاهُمَا عَن أبي صَالح الْمَذْكُور.
وَقَالَ ابنُ المبارَكُ عنْ يَحْيَى بنِ أيُّوبَ. قَالَ حدَّثني يَزِيدُ بنُ أبي حَبِيبٍ أنَّ محَمَّذَ بنَ عَمْرٍ وحدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ
أَي: قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك. . إِلَى آخِره، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق الجوزقي فِي (جمعه) وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي (غَرِيبه) وجعفر الْفرْيَابِيّ فِي (صفة الصَّلَاة) كلهم من طَرِيق ابْن الْمُبَارك بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَوَقع عِنْدهم بِلَفْظ: (حَتَّى يعود كل فقار مِنْهُ) ، بِتَقْدِيم الْفَاء على الْقَاف، وَهِي نَحْو رِوَايَة يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ بِتَقْدِيم الْفَاء، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: (كل فقاره) ، وَقد بَينا وَجه الِاخْتِلَاف فِيهِ فِي شرح حَدِيث الْبَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي وَافق أَبُو صَالح يحيى عَن اللَّيْث فِي رِوَايَة: (كل فقار) بِدُونِ الضَّمِير، وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (كل فقاره) ، بِالْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير، أَو بتاء التَّأْنِيث على اخْتِلَاف، والأصوب الْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ.

146 - (بابُ مَن لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأولَ وَاجِبا لِأَن النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ ولَمْ يَرْجِعْ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من لم ير التَّشَهُّد الأول فِي الجلسة الأولى من الثلاثية أَو الرّبَاعِيّة، وَالْمرَاد من التَّشَهُّد تشهد الصَّلَاة، وَهُوَ التَّحِيَّات، سمي تشهدا لِأَن فِيهِ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَهُوَ تفعل من الشَّهَادَة. فَإِن قلت: فِي التَّحِيَّات أَشْيَاء غير التَّشَهُّد، فَمَا وَجه التَّخْصِيص بِلَفْظ التَّشَهُّد؟ قلت: لشرفه على غَيره من حَيْثُ إِنَّه كَلَام بِهِ يصير الشَّخْص مُؤمنا ويرتفع عَنهُ السَّيْف، وينتظم فِي سلك الْمُوَحِّدين الَّذِي بِهِ النجَاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالْبُخَارِيّ مِمَّن يرى عدم وجود التَّشَهُّد الأول. وَفِي (التَّوْضِيح) : أجمع فُقَهَاء الْأَمْصَار، أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَاللَّيْث وَأَبُو ثَوْر: على أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب، حاشا أَحْمد، فَإِنَّهُ أوجبه. كَذَا نَقله ابْن الْقصار، وَنَقله ابْن التِّين أَيْضا عَن اللَّيْث وَأبي ثَوْر. وَفِي (شرح الْهِدَايَة) : قِرَاءَة التَّشَهُّد فِي الْقعدَة الأولى وَاجِبَة عِنْد أبي حنيفَة، وَهُوَ الْمُخْتَار وَالصَّحِيح، وَقيل: سنة وَهُوَ الأقيس، لكنه خلاف ظَاهر الرِّوَايَة،

(6/106)


وَفِي (الْمُغنِي) : إِن كَانَت الصَّلَاة مغربا أَو ربَاعِية فهما واجبان فيهمَا على إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَب اللَّيْث وَإِسْحَاق لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله وداوم عَلَيْهِ وَأمر بِهِ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس بقوله: (قُولُوا التَّحِيَّات لله) وجبره بِالسُّجُود حِين نَسيَه، وَقَالَ: (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) وَفِي مُسلم: عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: (وَكَانَ يَقُول فِي كل رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّة) وللنسائي من حَدِيث ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: (إِذا قعدتم فِي كل رَكْعَتَيْنِ فَقولُوا: التَّحِيَّات. .) الحَدِيث، وَحَدِيث الْمُسِيء وَحَدِيث رِفَاعَة الَّذِي مضى، وَرُوِيَ عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَقُول: من لم يتَشَهَّد فَلَا صَلَاة لَهُ. وَحجَّة الْجُمْهُور هُوَ قَوْله: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ، يَعْنِي قَامَ إِلَى الثَّالِثَة وَترك التَّشَهُّد وَلم يرجع إِلَى التَّشَهُّد، وَلَو كَانَ وَاجِبا لوَجَبَ عَلَيْهِ التَّدَارُك حِين علم تَركه مَا أَتَى بِهِ، بل جبره بسجود السَّهْو. وَقَالَ التَّيْمِيّ: سُجُوده نَاب عَن التَّشَهُّد وَالْجُلُوس، وَلَو كَانَا واجبين لم ينب منابهما سُجُود السَّهْو، كَمَا لَا يَنُوب عَن الرُّكُوع وَسَائِر الْأَركان، وَاحْتج الطَّبَرِيّ لوُجُوبه: بِأَن الصَّلَاة فرضت أَولا رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ التَّشَهُّد فِيهَا وَاجِبا، فَلَمَّا زيدت لم تكن الزِّيَادَة مزيلة لذَلِك. وَأجِيب بِأَن الزِّيَادَة لم تتَعَيَّن فِي الْأُخْرَيَيْنِ بل يحْتَمل، أَن تَكُونَا هما الْفَرْض الأول والمزيد هما الركعتان الأوليان بتشهدهما، وَيُؤَيِّدهُ اسْتِمْرَار السَّلَام بعد التَّشَهُّد الْأَخير كَمَا كَانَ، وَفِيه نظر يخفى.

829 - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الرَّحْمنِ بنْ هُرْمُزَ مَوْلَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ وقالَ مَرَّةً مَوْلَى بَنِي رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ أنَّ عَبْدَ الله بنَ مالِكٍ ابنِ بُحَيْنَةَ وَهْوَ مِنْ أزْدِ شنُوءَةَ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وكانَ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى بِهِمُ الظهْرَ فقامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ فقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلاَةَ وانْتَظَرَ الناسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهْوَ جالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ترك التَّشَهُّد الأول من صَلَاة الظّهْر الَّذِي صلى بهم، لم يرجع إِلَيْهِ، فَلَو كَانَ التَّشَهُّد الأول وَاجِبا لرجع إِلَيْهِ كَمَا ذكرنَا.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة وَاسم أبي حَمْزَة: دِينَار، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، بِالْهَاءِ وَالْمِيم المضمومتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة: هُوَ الْأَعْرَج، وَعبد الله بن مَالك ابْن بُحَيْنَة، بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون: وَهُوَ اسْم أم عبد الله.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن الْأَوَّلين من الروَاة حمصيان والإثنان بعدهمَا مدنيان. وَفِيه: ذكر عبد الله ابْن مَالك باسم أَبِيه وبنسبته إِلَى أمه. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: شَهَادَة الرَّاوِي التَّابِعِيّ أَن عبد الله بن مَالك من الصَّحَابَة. وَفِيه: ذكر الزُّهْرِيّ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز أَولا بمولى بني عبد الْمطلب، وَثَانِيا بمولى بني ربيعَة بن الْحَارِث، وَلَا مُنَافَاة بَينهمَا، لِأَنَّهُ ذكر أَولا بجد موَالِيه الْأَعْلَى، وَثَانِيا بمولاه الْحَقِيقِيّ، وَهُوَ ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وَفِيه: ذكر عبد الله بن مَالك مَنْسُوبا إِلَى قبيلته وَهُوَ أَزْد شنُوءَة، وَهِي قَبيلَة مَشْهُورَة، وأزد، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي بعْدهَا الدَّال الْمُهْملَة، وشنوءة، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَضم النُّون وَفتح الْهمزَة على وزن: فعولة. وَفِيه: أَنه حَلِيف لبني عبد منَاف، وَهُوَ صَحِيح، لِأَن جده حَالف الْمطلب بن عبد منَاف.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف وَعَن قُتَيْبَة وَفِي السَّهْو عَن قُتَيْبَة وَفِي النذور عَن آدم. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي وَعَن عَمْرو بن عُثْمَان. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن أبي الطَّاهِر وَعَن يحيى بن حبيب وَعَن سُوَيْد بن نصر وَعَن أبي دَاوُد الْحَرَّانِي وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود

(6/107)


وَعَن سُلَيْمَان بن مُسلم وَعَن مَحْمُود بن غيلَان. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَعبد الله بن نمير.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لم يجلس) جملَة حَالية أَي: لم يجلس للتَّشَهُّد، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: (فَلم يجلس) بِالْفَاءِ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: (وَلم يجلس) بِزِيَادَة: وَاو. قَوْله: (حَتَّى إِذا قضى الصَّلَاة) أَي: أَدَّاهَا وتممها، وَالْقَضَاء يَأْتِي بِمَعْنى الْأَدَاء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَفِيه: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} (الْجُمُعَة: 10) . أَي: فَإِذا أدّيت. قَوْله: (وَهُوَ جَالس) جملَة حَالية. قَوْله: (سَجْدَتَيْنِ) أَي: سَجْدَتي السَّهْو.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب لقَوْله: (لم يجلس) ، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ مستقصى. وَفِيه: أَن الإِمَام إِذا سَهَا وَاسْتمرّ بِهِ السَّهْو حَتَّى يَسْتَوِي قَائِما فِي مَوضِع قعوده للتَّشَهُّد الأول تبعه الْقَوْم، قَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ أَن مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، وَمن فرق بِأَن السَّهْو إِذا كَانَ من نُقْصَان سجد قبل السَّلَام، وَإِذا كَانَ من زِيَادَة سجد بعد السَّلَام، لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح. قلت: قَوْله: مَوضِع سَجْدَتي السَّهْو قبل السَّلَام، هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة، وَهُوَ مَذْهَب الزُّهْرِيّ وَمَكْحُول وَرَبِيعَة وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث بن سعد، وَقَالَ ابْن قدامَة فِي (الْمُغنِي) : السُّجُود كُله عِنْد أَحْمد قبل السَّلَام إلاّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذين ورد النَّص بسجودهما بعد السَّلَام، وهما: إِذا سلم من نقص فِي صلَاته، أَو تحرى الإِمَام فَبنى على غَالب ظَنّه، وَمَا عداهما يسْجد لَهُ قبل السَّلَام، نَص على هَذَا فِي رِوَايَة الْأَثْرَم. وَالْجَمَاعَة المذكورون احْتَجُّوا بِحَدِيث الْبَاب، وَقَول الْخطابِيّ: وَمن فرق بِأَن السَّهْو ... إِلَى آخِره، أَشَارَ بِهِ إِلَى مَذْهَب مَالك، فَإِنَّهُ فصل، وَقَالَ: إِن سُجُود السَّهْو للنقصان قبل السَّلَام وللزيادة بعد السَّلَام، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو ثَوْر أَيْضا وَنَفر من الْحِجَازِيِّينَ. وَأجَاب الْكرْمَانِي عَن قَول الْخطابِيّ: لم يرجع فِيمَا ذهب إِلَيْهِ إِلَى فرق صَحِيح، بِأَن الْفرق صَحِيح، لِأَنَّهُ قَالَ: السُّجُود فِي النُّقْصَان لجبر مَا فَاتَ لَهُ من الصَّلَاة، فَنَاسَبَ أَن يتداركه فِي نفس الصَّلَاة، وَفِي الزِّيَادَة لترغيم الشَّيْطَان، فَنَاسَبَ خَارج الصَّلَاة. قلت: هَذَا دَلِيل عَقْلِي، فلِمَ لَمْ يقل فِي رده على الْخطابِيّ: إِن مَالِكًا عمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ابْن بُحَيْنَة، وَهُوَ حَدِيث الْبَاب، وَبِحَدِيث مُعَاوِيَة أخرجه النَّسَائِيّ: (أَنه صلى إمَامهمْ فَقَامَ فِي الصَّلَاة وَعَلِيهِ جُلُوس فسبح النَّاس فتم على قِيَامه ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد أَن أتم الصَّلَاة، ثمَّ قعد على الْمِنْبَر فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من نسي شَيْئا من صلَاته فليسجد مثل هَاتين السَّجْدَتَيْنِ) . وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ بأصرح مِنْهُ، وَلَفظه: (أَن مُعَاوِيَة صلى بهم فَقَامَ وَعَلِيهِ جُلُوس فَلم يجلس، فَلَمَّا كَانَ فِي آخر السَّجْدَة من صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع) . وَعمل فِي النُّقْصَان بِحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَغَيره، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَحَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ مَحْمُول على أَن تَأْخِيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد السَّلَام كَانَ عَن سَهْو، وَذَلِكَ أَن الصَّلَاة قد توالى فِيهَا السَّهْو وَالنِّسْيَان مَرَّات فِي أُمُور شَتَّى، فَلم يُنكر أَن يكون هَذَا مِنْهَا. انْتهى. قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى الْجَواب عَن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ الَّذِي احْتج بِهِ أَصْحَابنَا، على أَن سَجْدَتي السَّهْو بعد السَّلَام، وَهَذَا غير سديد لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَة إِلَى حمل تَأْخِيره على السَّهْو. وَقَالَ النَّوَوِيّ: لِأَن جَمِيع الْعلمَاء قَائِلُونَ بِجَوَاز التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فتأخيره مَحْمُول على بَيَان الْجَوَاز. قلت: فِي قَوْله: ونزاعهم فِي الْأَفْضَل، فِيهِ نظر، لِأَن الْقَدُورِيّ قَالَ: لَو سجد للسَّهْو قبل السَّلَام، رُوِيَ عَن أَصْحَابنَا أَنه: لَا يجوز لِأَنَّهُ أَدَّاهُ قبل وقته، وَلَكِن قَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : هَذَا الْخلاف فِي الْأَوْلَوِيَّة، وَكَذَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ فِي (الْحَاوِي) وَابْن عبد الْبر وَغَيرهم، وأصحابنا احْتَجُّوا فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: (صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَهَا، فَنَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فسبحنا بِهِ، فَمضى، فَلَمَّا أتم الصَّلَاة وَسلم سجد سَجْدَتي السَّهْو) . أخرجه الطَّحَاوِيّ وَالتِّرْمِذِيّ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِأَحَادِيث رويت عَن جمَاعَة من الصخابة فِيهَا سُجُود السَّهْو بعد السَّلَام، وَقد بَينا ذَلِك فِي (شرحنا لمعاني الْآثَار) لِلْحَافِظِ أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ، وَمثل مَذْهَبنَا مَرْوِيّ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَجَمَاعَة من التَّابِعين، أما الصَّحَابَة فهم: عَليّ بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عَبَّاس وعمار بن يَاسر وَعبد الله بن الزبير وَأنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأما التابعون: فإبراهيم النَّخعِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ مَذْهَب سُفْيَان الثَّوْريّ أَيْضا.

(6/108)


147 - (بابُ التشَهُّدِ فِي الأُولى)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّشَهُّد فِي الجلسة الأولى من الثلاثية أَو الرّبَاعِيّة. قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الاولى فِي بَيَان عدم وجوب التَّشَهُّد الاول وَالثَّانيَِة فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة التَّشَهُّد فِي الجلسة الاولى انْتهى (قلت) مَا الْفرق بَين تَرْجَمَة هَذَا الْبَاب وترجمة الْبَاب السَّابِق؟ قلت: وَيُمكن أَن يُقَال: الْفرق بَين الترجمتين أَن الأولى فِي عدم وجوب التَّشَهُّد، وَالثَّانيَِة فِي وُجُوبه، لِأَن فِي حَدِيث الْبَاب: قَامَ وَعَلِيهِ جُلُوس، وَالْجُلُوس إِنَّمَا هُوَ للتَّشَهُّد، فَأخذت طَائِفَة بِالْأولَى وَطَائِفَة بِالثَّانِيَةِ، كَمَا بَيناهُ عَن قريب

830 - حدَّثنا قُتَيبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا بكْرٌ عنْ جَعْفَرِ بنِ أبي رَبِيعَةَ عنِ الأعْرَجِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ مالِكِ ابنِ بُحَيْنَةَ قالَ صلَّى بِنَا رسُوُلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظهْرَ فقامَ وعَلَيْهِ جُلُوسٌ فلَمَّا كانَ فِي آخِرِ صَلاَتِهِ سجَدَ سَجْدَتَيْنِ وهْوَ جَالِسٌ. .

وَجه التَّرْجَمَة عرف الْآن: وَهُوَ طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن بُحَيْنَة، وَبكر: هُوَ ابْن مُضر، والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْمَذْكُور فِي سَنَد حَدِيث الْبَاب الَّذِي قبله، وَعبد الله بن مَالك ابْن بُحَيْنَة، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي السَّنَد السَّابِق منتسبا إِلَى أمه، وَهَهُنَا ذكر منتسبا إِلَى أَبِيه، وَيَنْبَغِي أَن تكْتب الْألف فِي ابْن بُحَيْنَة إِذا ذكر مَالك، ويعرب إِعْرَاب عبد الله، وإذل لم يذكر مَالك لَا تكْتب. قَوْله: (السَّلَام علينا) اراد بِهِ الْحَاضِرين من الامام والمأمومين وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام قَوْله (وَعَلِيهِ جُلُوس) أَي: جلْسَة التَّشَهُّد الأول.