عمدة القاري شرح
صحيح البخاري 85 - (بابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ
النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان آخر مَا تكلم بِهِ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد طُلُوع روحه الْكَرِيم.
4463 - ح دَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا عبْدُ الله
قَالَ يُونُسُ قَالَ الزُّهْريُّ أخبَرَني سَعِيدُ بنُ
المُسَيَّبِ فِي رِجالٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ أنَّ عائِشَةَ
قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ
وهْوَ صحِيحٌ إنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نبيٌّ حَتَّى يَرَى
مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا
نَزَلَ بِهِ ورَأسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عليْهِ ثُمَّ
أَفَاق فأشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ ثُمَّ
قَالَ أللَّهُمَّ الرَّفِيق الأعْلَى فَقُلْتُ إِذا لاَ
يَخْتارُنا وعَرَفْتُ أنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كانَ
يُحَدِّثُنا بِهِ وهْوَ صَحِيحٌ قالَتْ فَكانَتْ آخرَ
كَلِمَةٍ تَكلَّمَ بِها أللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأعْلَى. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: (فَكَانَت آخر كلمة)
إِلَى آخِره، وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون
الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد
السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، وَعبد الله وَابْن الْمُبَارك.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب الرقَاق عَن
يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن
سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي رجال من أهل
الْعلم إِلَى آخِره وَفِي الدَّعْوَات عَن سعيد ابْن عفير،
وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الْملك بن شُعَيْب
بن اللَّيْث عَن أَبِيه عَن جده.
قَوْله: (فِي رجال من أهل الْعلم) ، أَي: أَخْبرنِي فِي
جملَة رجال مِنْهُم عُرْوَة بن الزبير، كَمَا فِي كتاب
الرقَاق، أَو: أَخْبرنِي فِي حُضُور رجال. قَوْله: (وَهُوَ
صَحِيح) ، جملَة حَالية، قَوْله: (ثمَّ يُخَيّر) ، على
صِيغَة الْمَجْهُول من التَّخْيِير. قَوْله: (فَلَمَّا نزل
بِهِ) ، أَي: فَلَمَّا صَار الْمَرَض نازلاً بِهِ،
وَالرَّسُول منزولاً بِهِ. قَوْله: (الرفيق) بِالنّصب،
أَي: اخْتَار الرفيق أَو أريده، وَتَفْسِيره قد مر.
85 - (بابُ وفاةِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وَفَاة النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، فِي أَي السنين، وَفِي بعض النّسخ: بَاب
وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَتى توفّي؟
وَابْن كم؟
4464 - ح دَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا شَيْبانُ عنْ
يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَةَ عنْ عائِشَةَ وابنِ عَبَّاسٍ
رَضِي الله عنهُمْ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ
القُرْآنُ وبالمَدِينَةِ عَشْراً. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تدل بالإلتزام لَا بِالصَّرِيحِ،
وَذَلِكَ أَن قَوْله: (وبالمدينة عشرا) يدل على أَنه توفّي
عِنْد تَمام الْعشْر، فطابق
(18/75)
التَّرْجَمَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة،
فَلَا يدل على وَقت معِين، وَيدل على أَنه عمر سِتِّينَ
سنية لِأَن الْعشْر الَّذِي فِي مَكَّة هُوَ الْعشْر
الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن وَلم ينزل عَلَيْهِ
الْقُرْآن إلاَّ بعد تَمام الْأَرْبَعين كَمَا دلّت
عَلَيْهِ الدَّلَائِل من الْخَارِج، فَيكون عمره سِتِّينَ
سنة فَإِن قلت: روى عَن عَائِشَة أَيْضا أَنه عمر ثَلَاثًا
وَسِتِّينَ سنة؟ قلت: تحمل رِوَايَة السِّتين على إِلْغَاء
الْكسر فَإِن قلت: روى مُسلم عَن ابْن عَبَّاس: أَن عمره
خمس وَسِتُّونَ قلت: إِمَّا بِحمْل الزِّيَادَة على
الإلغاء كَمَا ذكرنَا، أَو يكون على قَول من قَالَ: إِنَّه
بعث وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَأَرْبَعين، وَأكْثر مَا قيل فِي
عمره خمس وَسِتُّونَ، وَالْمَشْهُور عِنْد الْجُمْهُور
ثَلَاث وَسِتُّونَ.
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان هُوَ ابْن عبد
الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير صَالح،
وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
4466 - ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا
اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ بن
الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أنَّ رسُولَ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوُفِّيَ وَهْوَ ابنُ
ثَلاَثٍ وسِتِّينَ قَالَ ابنُ شِهابٍ وأخْبَرَنِي سَعِيدُ
بنُ المُسَيَّبِ مِثْلَهُ. .
هَذِه الرِّوَايَة عَن عَائِشَة هِيَ مَا عَلَيْهِ
الْجُمْهُور كَمَا قُلْنَا الْآن. قَوْله: (قَالَ ابْن
شهَاب) ، مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله:
(مثله) ، أَي: مثل مَا سمع ابْن شهَاب عَن عُرْوَة: أَنه
عمر ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سنة، سمع عَن سعيد بن الْمسيب
أَيْضا: أَنه عمر ثَلَاثًا وَسِتِّينَ.
87 - (بابٌ)
أَي: هَذَا بَاب، كَذَا عِنْد جَمِيع الروَاة بِلَا
تَرْجَمَة، وَهُوَ كالفصل لما قبله.
4467 - ح دَّثنا قَبِصَةُ حَدثنَا سُفْيان عنِ الأَعْمَشِ
عنْ إبْرَاهِيمَ عَن الأسْوَدِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله
عَنْهَا قالَتْ تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ودِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيّ بثَلاَثِينَ
يَعْنِي صَاعا منْ شَعِيرٍ. .
وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث الَّذِي مضى فِي الرَّهْن وَغَيره
لأجل ذكر وَفَاته هُنَا، وللإشارة إِلَى أَن ذَلِك من آخر
أَحْوَاله وَقبيصَة هُوَ ابْن عقبَة، وسُفْيَان هُوَ
الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم
هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد النَّخعِيّ،
وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون.
قَوْله: (بِثَلَاثِينَ) ، كَذَا لأكْثر الروَاة، وَفِي
رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده: ثَلَاثِينَ صَاعا من
الشّعير، وَفِي التِّرْمِذِيّ: عشْرين صَاعا بدل
ثَلَاثِينَ.
88 - (بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي مَرَضِهِ
الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان بعث النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة مولى النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَبَوَيْهِ، وَكَانَ تَجْهِيزه
أُسَامَة يَوْم السبت قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بيومين، لِأَنَّهُ مَاتَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ،
وَكَانَ بَعثه إِلَى الشَّام، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: لما
كَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من صفر بدىء
برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَعه فَحم وصدع،
فَلَمَّا أصبح يَوْم الْخَمِيس عقد لأسامة لِوَاء
بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ: أغز باسم الله، فقاتل من كفر
بِاللَّه وسر إِلَى مَوضِع مقتل أَبِيك فقد وليتك على
هَذَا الْجَيْش فاغز صباحاً على أهل أبنى، وَهِي أَرض
لسراه نَاحيَة البلقاء، فَخرج بلوائه معقوداً فَدفعهُ
إِلَى بُرَيْدَة بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ وعسكر بالجرف
فَلم يبْق أحد من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَالْأَنْصَار
إلاَّ انتدب فِي تِلْكَ الْغَزْوَة، مِنْهُم: أَبُو بكر
وَعمر بن الْخطاب وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله
عَنْهُم، وَغَيرهم، فَتكلم قوم وَقَالُوا: يسْتَعْمل هَذَا
الْغُلَام على الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين؟ فَغَضب رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَضبا شَدِيدا، فَخرج وَقد
عصب على رَأسه عِصَابَة قطيفة، فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ
الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس!
فَمَا مقَالَة بلغتني عَن بَعْضكُم فِي تأميري أُسَامَة؟
وَإِن طعنتم فِي تأميري أُسَامَة فقد طعنتم فِي إِمَارَة
أَبِيه من قبله، وأيم الله إِن كَانَ خليقاً بالإمارة
وَإِن ابْنه بعده لخليق للإمارة، ثمَّ نزل فَدخل
(18/76)
بَيته وَذَلِكَ يَوْم السبت لعشر خلون من
ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة. قَالَ ابْن هِشَام:
وَإِنَّمَا طعنوا فِي أُسَامَة لِأَنَّهُ ابْن مولى
وَكَانَ صَغِير السن، وَقيل: إِنَّمَا قَالَ ذَلِك
المُنَافِقُونَ، وَلما كَانَ يَوْم الْأَحَد اشْتَدَّ
برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَعه فَدخل
أُسَامَة من مُعَسْكَره وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم مغمور، فطأطأ أُسَامَة رَأسه فَقبله، وَالنَّبِيّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتَكَلَّم وَرجع أُسَامَة
إِلَى مُعَسْكَره ثمَّ دخل يَوْم الْإِثْنَيْنِ فَأصْبح
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مفيقاً وَأمر
أُسَامَة النَّاس بالرحيل، فَبَيْنَمَا هُوَ يُرِيد
الرّكُوب إِذا رَسُول أم أَيمن قد جَاءَهُ يَقُول: إِن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمُوت، فَأقبل
أُسَامَة وَأَقْبل مَعَه عمر وَأَبُو عُبَيْدَة،
فَانْتَهوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَتوفي حِين زاغت الشَّمْس يَوْم الْإِثْنَيْنِ
لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول، وَدخل
الْمُسلمُونَ الَّذين عسكروا بالجرف إِلَى الْمَدِينَة،
وَدخل بُرَيْدَة بن الْحصيب بلواء أُسَامَة معقوداً حَتَّى
أَتَى بِهِ بَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
فغرزه عِنْده، فَلَمَّا بُويِعَ لأبي بكر رَضِي الله
عَنهُ، أَمر أُسَامَة أَن يمْضِي إِلَى وَجه، وَسَار
عشْرين لَيْلَة فشن عَلَيْهِم الْغَارة فَقتل من أشرف لَهُ
وسبى من قدر عَلَيْهِ وَحرق مَنَازِلهمْ وحرثهم ونخلهم،
وَكَانَ أُسَامَة على فرس أَبِيه سبْحَة، وَقتل قَاتل
أَبِيه فِي الْغَارة ثمَّ قسم الْغَنِيمَة ثمَّ قصد
الْمَدِينَة وَمَا أُصِيب من الْمُسلمين أحد، وَخرج أَبُو
بكر فِي الْمُهَاجِرين وَأهل الْمَدِينَة يتلقونهم،
وَكَانَ أُسَامَة دخل على فرس أَبِيه سبْحَة واللواء
أَمَامه يحملهُ بُرَيْدَة بن الْحصيب، وَبلغ هِرقل وَهُوَ
بحمص مَا صنع أُسَامَة فَبعث رابطة يكونُونَ بالبلقاء،
فَلم يزل هُنَاكَ حَتَّى قدمت الْبعُوث إِلَى الشَّام فِي
خلَافَة أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا.
4468 - ح دَّثني أبُو عاصِمٍ الضَّحّاكُ بنُ مَخْلَدٍ عنِ
الفُضَيْلِ بن سُلَيْمانَ حَدثنَا موساى بنُ عقْبَةَ عنْ
سالِمٍ عنْ أبِيهِ اسْتَعْمَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أُسامَةَ فَقَالُوا فِيهِ فَقَالَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَدْ بَلَغَنِي أنَّكُمْ قُلْتُمْ فِي
أُسامَةَ وإنَّهُ أحَبُّ النَّاسِ إليَّ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (اسْتعْمل النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم، أُسَامَة) ، وَقد مرت الْآن قصَّته،
والفضيل مصغر فضل بالضاد الْمُعْجَمَة، وَسَالم هُوَ ابْن
عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه عبد الله بن عمر،
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب عَن عَمْرو بن
يحيى.
قَوْله: (فَقَالُوا فِيهِ) ، أَي: طعنوا فِي أُسَامَة.
قَوْله: (وَإنَّهُ) ، أَي: وَإِن أُسَامَة (أحب النَّاس
إليّ) ، وَمرَاده أحب النَّاس الَّذين طعنوا فِيهِ إليّ.
89 - (بَاب)
4470 - ح دَّثنا أصْبَغُ قَالَ أخْبرني ابنُ وهْبٍ قَالَ
أخبرَني عَمْروٌ عَن ابنِ أبي حَبِيبٍ عنْ أبي الخَيْرِ
عنِ الصُّنابِحِيِّ أنَّهُ قَالَ لهُ مَتى هاجَرْتَ قَالَ
خَرَجْنا من اليَمَنِ مُهاجِرِينَ فَقَدِمْنا الجُحْفَةَ
(18/77)
فأقْبَلَ رَاكِبٌ فقُلْتُ لهُ الخَبَرَ
فَقَالَ دَفَنَّا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ
خمْسٍ قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ شَيْئاً
قَالَ نَعمْ أَخْبرنِي بِلاَلٌ مُؤَذِّنُ النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ فِي السَّبْعِ فِي العَشْرِ
الأوَاخِر.
مطابقته للتَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: بَاب وَفَاة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي قَوْله: (دفنا
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) والبابان اللَّذَان
بعده متعلقان بِهِ وَلَيْسَ لَهما حكم الاستبداد،
فَافْهَم. وَأصبغ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الصَّاد
الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره غين
مُعْجمَة: وَهُوَ ابْن الْفرج أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ،
سمع عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو، بِالْفَتْح:
ابْن الْحَارِث، وَابْن أبي حبيب هُوَ يزِيد من
الزِّيَادَة أَبُو رَجَاء الْمصْرِيّ، وَاسم أبي حبيب
سُوَيْد، وَأَبُو الْخَيْر اسْمه مرْثَد، بِفَتْح الْمِيم
وَسُكُون الرَّاء وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفِي آخِره
دَال مُهْملَة: ابْن عبد الله الْيَزنِي الْمصْرِيّ، ويزن،
بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَالزَّاي وَالنُّون: بطن من
حمير، والصنابحي، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَخْفِيف
النُّون وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة مَكْسُورَة
وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: وَهُوَ عبد الله ابْن عسيلة
مصغر العسلة بالمهملتين: ابْن عسل بن عَسَّال الشَّامي،
وَأَصله من الْيمن ونسبته إِلَى صنابج بن زَاهِر بن عَامر
بطن من مُرَاد، حل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم، فَقبض وَهُوَ بِالْجُحْفَةِ، ثمَّ نزل الشَّام
وَمَات بِدِمَشْق. وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى
هَذَا الحَدِيث.
قَوْله: (إِنَّه قَالَ) أَي: أَن أَبَا الْخَيْر قَالَ
للصنابحي: مَتى هَاجَرت؟ من الْهِجْرَة. قَوْله:
(الْجحْفَة) بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة
وبالفاء، وَهِي إِحْدَى مَوَاقِيت الْحَج. قَوْله:
(الْخَبَر) ، أَي: مَا الْخَبَر من الْمَدِينَة؟ وَيجوز
فِيهِ النصب على تَقْدِير: هَات الْخَبَر. قَوْله: (مُنْذُ
خمس) لَيَال. قَوْله: (قلت: هَل سَمِعت؟) الْقَائِل هُوَ
أَبُو الْخَيْر. وَالْمقول لَهُ الصنَابحِي. قَوْله: (فِي
الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان) ، وَلَيْسَ هُوَ بَدَلا
من السَّبع، بل التَّقْدِير: السَّبع الْكَائِن فِي
الْعشْر، أَو كلمة: فِي، بِمَعْنى: من، وَجمع الْأَوَاخِر
بِاعْتِبَار أَيَّام الْعشْر أَو جنس الْعشْر كالدراهم
الْبيض. قَوْله: (الْأَوَاخِر) ، صفة للسبع وللعشر كليهمَا
فَاكْتفى بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر، وَهُوَ نوع من بَاب
التَّنَازُع.
90 - (بابٌ كَمْ غَزَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب يُقَال فِيهِ: كم غزا النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم؟
4471 - ح دَّثنا عبْدُ الله بنُ رجاءٍ حدَّثنا إسْرَائِيلُ
عنْ أبي إسْحاقَ قَالَ سألْتُ زَيْدَ بنَ أرْقَمَ رَضِي
الله عنهُ كَمْ غَزَوْتَ معَ رسُولِ الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سبْعَ عَشْرَةَ قُلْتُ كُمْ غَزَا
النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
(انْظُر الحَدِيث 3949 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن
يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي،
وَإِسْرَائِيل هَذَا يروي عَن جده أبي إِسْحَاق. وَمر
الحَدِيث فِي أول الْمَغَازِي عَن عبد الله بن مُحَمَّد
عَن وهب، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
454 - (حَدثنَا عبد الله بن رَجَاء حَدثنَا إِسْرَائِيل
عَن أبي إِسْحَاق حَدثنَا الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ
غزوت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- خمس عشرَة) هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه هُوَ
الْإِسْنَاد الَّذِي سبق غير أَن أَبَا إِسْحَاق روى
الحَدِيث هُنَاكَ عَن زيد بن أَرقم وَهَهُنَا عَن الْبَراء
وَاخْتلف فِي عدد غزوات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان
بِإِسْنَادِهِ عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غزا ثَمَان عشرَة غَزْوَة
وَقَاتل فِي ثَمَان غزوات أولهنَّ (بدر) ثمَّ (أحد) ثمَّ
(الْأَحْزَاب) ثمَّ (قُرَيْظَة) ثمَّ (بِئْر مَعُونَة)
ثمَّ (غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة) ثمَّ (غَزْوَة
خَيْبَر) ثمَّ (غَزْوَة مَكَّة) ثمَّ (حنين والطائف) قَالَ
ابْن كثير قَوْله أَن بِئْر مَعُونَة بعد بني قُرَيْظَة
فِيهِ نظر وَالصَّحِيح أَنَّهَا بعد أحد وَعَن الزُّهْرِيّ
قَالَ غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - أَرْبعا وَعشْرين غَزْوَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وروى
عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن جَابر قَالَ غزا رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِحْدَى وَعشْرين
غَزْوَة وَقَالَ ابْن
(18/78)
إِسْحَاق جَمِيع مَا غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَفسِهِ الْكَرِيمَة سبعا
وَعشْرين غَزْوَة وَعَن قَتَادَة أَن مغازي رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسراياه ثَلَاث
وَأَرْبَعُونَ أَربع وَعِشْرُونَ بعثا وتسع عشرَة غَزْوَة
وَخرج فِي ثَمَان مِنْهَا بِنَفسِهِ وَقَالَ ابْن إِسْحَاق
بعوثه وسراياه ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ وَقَالَ صَاحب
التَّلْوِيح غزوات النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وسراياه نيفت على الْمِائَة مَا بَين غَزْوَة
وسرية -
4473 - ح دَّثني أحْمَدُ بنُ الحَسَنِ حَدثنَا أحْمَدُ بنُ
مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَل بنِ هِلاَلٍ حَدثنَا معْتَمِرُ بنُ
سُلَيْمَانَ عنْ كَهْمَس عنِ ابْن بُرَيْدَةَ عنْ أبِيهِ
قَالَ غَزَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سِتَّ عشْرَةَ غَزْوَةً.
أَحْمد بن الْحسن بن الجنيدب، بِضَم الْجِيم وَفتح النُّون
وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء
مُوَحدَة: التِّرْمِذِيّ أحد حفاظ خُرَاسَان، وَلَيْسَ
لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ من
أَقْرَان البُخَارِيّ وأفراده، وَأحمد بن مُحَمَّد بن
حَنْبَل ابْن هِلَال الْمروزِي الشَّيْبَانِيّ، خرج من مر
وحملاً وَولد بِبَغْدَاد وَمَات بهَا وقبر مَشْهُور يزار
ويتبرك بِهِ، وَكَانَ إِمَام الدُّنْيَا وقدوة أهل السّنة،
مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَلم يخرج
البُخَارِيّ لَهُ فِي هَذَا الْجَامِع مُسْندًا غير هَذَا
الحَدِيث، نعم اسْتشْهد بِهِ، قَالَ فِي النِّكَاح فِي:
بَاب مَا يحل من النِّسَاء: قَالَ لنا أَحْمد بن حَنْبَل،
وَقَالَ فِي اللبَاس فِي: بَاب هَل يَجْعَل نقش الْخَاتم
ثَلَاثَة أسطر: وَزَادَنِي أَحْمد، وكهمس، بِفَتْح الْكَاف
وَسُكُون الْهَاء وَفتح الْمِيم وبالسين الْمُهْملَة:
إِبْنِ الْحسن النمر، بالنُّون: الْمصْرِيّ مر فِي
الصَّلَاة، وَأَبُو بُرَيْدَة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة
مصغر الْبردَة: واسْمه عبد الله يروي عَن أَبِيه بُرَيْدَة
بن حصيب، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ:
الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ الْكَبِير.
قَوْله: (غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سِتَّة عشرَة غَزْوَة) . هَذَا أحد الْأَحَادِيث
الْأَرْبَعَة الَّتِي أخرجهَا مُسلم عَن شُيُوخ أخرج
البُخَارِيّ تِلْكَ الْأَحَادِيث بِعَينهَا عَن أُولَئِكَ
الشُّيُوخ بِوَاسِطَة، وَوَقع من هَذَا النمط للْبُخَارِيّ
أَكثر من مِائَتي حَدِيث. |