عمدة القاري شرح
صحيح البخاري 05 - (بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ
مَعَ البَرَكَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء بِكَثْرَة الْوَلَد
مَعَ الْبركَة.
0836 - 1836 حدّثنا أبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بنُ الرَّبِيعِ
حدّثنا شُعْبَةُ عنْ قَتادَة قَالَ: سَمِعْتُ أنسا رَضِي
الله عَنهُ، قَالَ: قالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أنَسٌ خادِمُكَ
قَالَ: اللَّهُمَّ أكْثِرْ مالَهُ وَوَلَدَهُ وبارِكْ لهُ
فِيما أعْطَيْتَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسَعِيد بن الرّبيع أَبُو
زيد الْهَرَوِيّ كَانَ يَبِيع الثِّيَاب الهروية فنسب
إِلَيْهَا وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة مَاتَ سنة إِحْدَى
عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَقد سبق الحَدِيث وَشَرحه.
05 - (بابُ الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ الوَلَدِ مَعَ
البَرَكَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء بِكَثْرَة الْوَلَد
مَعَ الْبركَة.
0836 - 1836 حدّثنا أبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بنُ الرَّبِيعِ
حدّثنا شُعْبَةُ عنْ قَتادَة قَالَ: سَمِعْتُ أنسا رَضِي
الله عَنهُ، قَالَ: قالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: أنَسٌ خادِمُكَ
قَالَ: اللَّهُمَّ أكْثِرْ مالَهُ وَوَلَدَهُ وبارِكْ لهُ
فِيما أعْطَيْتَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسَعِيد بن الرّبيع أَبُو
زيد الْهَرَوِيّ كَانَ يَبِيع الثِّيَاب الهروية فنسب
إِلَيْهَا وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة مَاتَ سنة إِحْدَى
عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَقد سبق الحَدِيث وَشَرحه.
05 - (بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الاسْتِخارَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء الَّذِي يدعى بِهِ
عِنْد الاستخارة، أَي: طلب الْخيرَة فِي الشَّيْء وَهِي
استفعال وَمِنْه تَقول: استخر الله يخر لَك، والخيرة
بِوَزْن العنبة اسْم من قَوْلك: اخْتَارَهُ الله، وَقَالَ
الْجَوْهَرِي: الْخيرَة الِاسْم من قَوْلك: خار الله لَك
فِي هَذَا الْأَمر.
2836 - حدّثنا مُطَرّفُ بنُ عَبْدِ الله أبُو مُصْعَبٍ
حدّثنا عَبْدُ الرَّحمانِ بنُ أبي المَوالِ عنْ مُحَمَّدِ
ابنِ المُنْكَدِرِ عنْ جابِرٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ:
كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُعَلِّمُنا
الاسْتِخارَةَ فِي الأمُورِ كُلِّها كالسُّورَةِ مِنَ
القُرْآنِ إِذا هَمَّ بالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ
ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَخِبرُكَ بِعلْمكَ،
وأسْتَقْدِرُكَ بِقَدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فَضْلكَ
العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ
وَلَا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إنْ
كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هاذًّ الأمْرَ خيْرٌ لِي فِي دِينِي
ومَعاشي وعاقِبَةِ أمرِي أوْ قَالَ: فِي عاجِلِ أمْرِي
وآجِلهِ فاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هاذا
الأمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي ومَعاشِي وعاقِبَةِ أمْرِي
أوْ قَالَ: فِي عاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ فاصْرِفْهُ عنِّي
واصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ،
ثُمَّ رَضِّنِي بهِ ويُسَمِّي حاجَتَهُ. (انْظُر الحَدِيث
2611 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، ومطرف بِضَم الْمِيم وَفتح
الطَّاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة
وبالفاء ابْن عبد الله أَبُو مُصعب بِلَفْظ الْمَفْعُول
الْأَصَم الْمَدِينِيّ مولى مَيْمُونَة بنت الْحَارِث بن
حزن الْهِلَالِيَّة وَهُوَ صَاحب مَالك، مَاتَ سنة عشْرين
وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَعبد
الرَّحْمَن بن أبي الموال واسْمه زيد.
والْحَدِيث مضى فِي صَلَاة اللَّيْل فِي: بَاب مَا جَاءَ
فِي التَّطَوُّع مثنى مثنى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن
قُتَيْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموال. . إِلَى
آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (فِي الْأُمُور كلهَا) يَعْنِي: فِي دَقِيق
الْأُمُور وجليها لِأَنَّهُ يجب على الْمُؤمن ردا لأمور
كلهَا إِلَى الله عز وَجل والتبرؤ من الْحول وَالْقُوَّة
إِلَيْهِ. قَوْله: (إِذا هم فِيهِ) حذف تَقْدِيره كَانَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يعلمنَا الاستخارة
وَيَقُول: إِذْ هم أحدكُم بِالْأَمر أَي: إِذا قصد
الْإِتْيَان بِفعل أَو ترك. قَوْله: (فَلْيقل) جَوَاب:
إِذا، المتضمن معنى الشَّرْط فَلذَلِك دخلت فِيهِ الْفَاء.
قَوْله: (أستخيرك) ، أَي: أطلب مِنْك الْخيرَة ملتبساً
بعلمك بخيري وشري، وَيحْتَمل أَن يكون الْبَاء للاستعانة
أَو للقسم. قَوْله: (وأستقدرك) أَي: أطلب الْقُدْرَة مِنْك
أَن تجعلني قَادِرًا عَلَيْهِ، وَيُقَال: استقدر الله خيرا
أَي: أسأله أَن يقدر لَهُ بِهِ، وَفِيه لف وَنشر غير
مُرَتّب. قَوْله: (فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر) إِشَارَة
إِلَى أَن الْقُدْرَة لله وَحده، وَكَذَلِكَ الْعلم لَهُ
وَحده. قَوْله: (إِن كنت تعلم) إِلَى آخِره، قيل: كلمة:
إِن، للشَّكّ وَلَا يجوز الشَّك فِي كَون الله عَالما.
وَأجِيب: بِأَن الشَّك فِي: أَن علمه مُتَعَلق بِالْخَيرِ
أَو الشَّرّ لَا فِي أصل الْعلم. قَوْله: (فِي معاشي) زَاد
أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَته: ومعادي، وَالْمرَاد بمعاشه
حَيَاته، وبمعاده آخرته. قَوْله: (أَو قَالَ) شكّ من
الرَّاوِي أَو ترديد مِنْهُ، وَالْمرَاد بَينهمَا يحْتَمل
أَن يكون العاجل والآجل مذكورين بدل الْأَلْفَاظ
الثَّلَاثَة، وَأَن يكون بدل الْأَخيرينِ قيل كَيفَ يخرج
الدَّاعِي بِهِ
(23/11)
عَن عُهْدَة التفصي حَتَّى يكون جَازِمًا
بِأَنَّهُ قَالَ كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، وَأجِيب بِأَنَّهُ يَدعُونَهُ ثَلَاث
مَرَّات، يَقُول تَارَة: فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي،
وَأُخْرَى، فِي عاجلي وآجلي، وثالثة: فِي ديني وعاجلي
وآجلي. قَوْله: (فاقدره لي) بِضَم الدَّال وَكسرهَا أَي:
اجْعَلْهُ مَقْدُورًا لي أَو قدره لي، وَقيل: مَعْنَاهُ
يسره لي. قَوْله: (رضني) أَي: اجْعَلنِي رَاضِيا بذلك.
قَوْله: (ويسمي) أَي: يعيّن حَاجته مثل أَن يَقُول: إِن
كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر من السّفر أَو التَّزَوُّج أَو
نَحْو ذَلِك.
94 - (بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء عِنْد الْوضُوء،
وَفِي بعض النّسخ، بَاب الْوضُوء عِنْد الدُّعَاء،
وَالْأول هُوَ الْمُنَاسب للْحَدِيث وَإِن كَانَ للثَّانِي
أَيْضا وَجه.
3836 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ حدّثنا أبُو
أُسامَةَ عنْ بُرَيْدِ بن عَبدِ الله عَن أبي بُرْدَةَ عَن
أبي مُوسَى قَالَ: دَعا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
بماءٍ فَتَوَضأ بهِ ثمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبي عامِرٍ، ورأيْتُ بَياضَ
إبْطَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ
القِيامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاس.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَتَوَضَّأ بِهِ
ثمَّ رفع يَدَيْهِ) فَيكون دعاؤه عِنْد الْوضُوء يَعْنِي:
عَقِيبه يدل عَلَيْهِ قَوْله: (ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ:
اللَّهُمَّ اغْفِر)
إِلَى آخِره.
وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد بِضَم
الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر
الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة ابْن عبد الله يروي عَن جده
أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة واسْمه عَامر بن نأبي
مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس. الحَدِيث
مُخْتَصر من حَدِيث طَوِيل أخرجه فِي الْمَغَازِي فِي:
بَاب غَزْوَة أَوْطَاس بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه،
وَعبيد مصغر عبد وكنيته أَبُو عَامر وَهُوَ عَم أبي مُوسَى
الْأَشْعَرِيّ، رمي فِي ركبته يَوْم أَوْطَاس فَمَاتَ
بِهِ، فَلَمَّا أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
بذلك دَعَا لَهُ بِالدُّعَاءِ الْمَذْكُور، وتتمة
الْكَلَام قد مَضَت فِي غَزْوَة أَوْطَاس.
25 - (بابُ الدعاءِ إذَا عَلاَ عَقَبةً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء، إِذا علا، أَي: صعد
عقبَة.
4836 - حدّثنا سُليْمانُ بنُ حَرْب حَدثنَا حَمَّادُ بن
زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ أبي عُثْمانَ عنْ أبي مُوسَى رَضِي
الله عَنهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم، فِي سَفَرِ فَكُنَّا إذَا عَلَوْنا كَبَّرْنا،
فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيُّها
النَّاسُ: (أرْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ فإنَّكُمْ لاَ
تَدْعُونَ أصَمَّ وَلَا غائِباً، ولَكِنْ تَدعُونَ
سَمِيعاً بَصِيراً، ثُمَّ أتَى عَليَّ وَأَنا أقُولُ فِي
نَفْسِي: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه،
فَقَالَ: يَا عَبْدَ الله بن قَيْسٍ! قُلْ: لَا حَوْلَ
وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه فإنَّها كَنْزٌ مِنْ
كُنُوزِ الجَنَّة، أوْ قَالَ: ألاَ أدُلُّكَ عَلى كَلِمَةٍ
هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لَا حَوْل وَلَا
قوَّةَ إلاّ بِاللَّه.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (تدعون) فِي
موضِعين. وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو عُثْمَان
هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وَأَبُو مُوسَى
هُوَ لأشعري، وَمضى عَن قريب.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب مَا يكره من رفع
الصَّوْت فِي التَّكْبِير فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن
مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن عَاصِم عَن أبي
عُثْمَان عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ... إِلَى آخِره،
وَمر أَيْضا فِي غَزْوَة خَيْبَر بأتم مِنْهُ عَن مُوسَى
بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن عَاصِم عَن أبي
عُثْمَان إِلَى آخِره.
قَوْله: (إربعوا) بِكَسْر الْهمزَة وَفتح الْبَاء
الْمُوَحدَة أَي: إرفقوا بِأَنْفُسِكُمْ يَعْنِي: لَا
تبالغوا فِي الْجَهْر. قَوْله: (أَصمّ) يرْوى: صمًّا،
وَلَعَلَّه بِاعْتِبَار مُنَاسبَة غَائِبا. قَوْله:
(سميعاً بَصيرًا) وَمر فِي الْجِهَاد: أَنه مَعكُمْ إِنَّه
سميع قريب، وَفِي غَزْوَة خَيْبَر: إِنَّكُم تدعون سميعاً
قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ. قَوْله: (ثمَّ أَتَى عَليّ)
بتَشْديد الْيَاء أَي: ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، على قَوْله: (أَو قَالَ)
إِلَى آخِره، شكّ من الرَّاوِي، وَسَيَأْتِي فِي كتاب
الْقدر
(23/12)
من رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَن أبي
عُثْمَان. قَوْله بِلَفْظ: ثمَّ قَالَ: يَا عبد الله بن
قيس! أَلا أعلمك كلمة ... إِلَى آخِره. قَوْله: (كنز) أَي
كالكنز فِي كَونه أمرا نفسياً مدخراً مكنوناً عَن أعين
النَّاس، وَهِي كلمة استسلام وتفويض إِلَى الله تَعَالَى،
وَمَعْنَاهُ: لَا حِيلَة فِي دفع شَرّ وَلَا قُوَّة فِي
تَحْصِيل خير إِلَّا بِاللَّه، وَفِي لَفْظَة: لَا حول
وَلَا قُوَّة خَمْسَة أوجه ذكرهَا النُّحَاة. قَوْله: (لَا
حول) يجوز أَن يكون مَنْصُوبًا محلا على تَقْدِير: أَعنِي،
وَأَن يكون مجروراً على أَنه بدل من قَوْله: (هِيَ كنز)
لِأَنَّهَا فِي مَحل الْجَرّ على أَنَّهَا صفة لقَوْله:
(على كلمة) وَأَن يكون مَرْفُوعا على تَقْدِير: هُوَ لَا
حول وَلَا قُوَّة إلاَّ بِاللَّه.
15 - (بابُ الدُّعاء إذَا هَبَطَ وادِياً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء إِذا هَبَط وَاديا.
فِيهِ حَدِيثُ جابِرٍ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب جَاءَ حَدِيث جَابر وَهَذَا
إِنَّمَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني،
وَحَدِيث جَابر هُوَ الَّذِي مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب
التَّسْبِيح إِذا هَبَط وَاديا، حَدثنَا مُحَمَّد بن
يُوسُف حَدثنَا سُفْيَان عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن
عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله، رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا إِذا صعدنا كبرنا
وَإِذا نزلنَا سبحنا.
25 - (بابُ الدُّعاءِ إذَا أرَادَ سَفَراً أوْ رَجعَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء إِذا أَرَادَ
الشَّخْص سفرا أَو رَجَعَ عَنهُ.
فِيهِ يَحْيَى بنُ أبي إسْحاقَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب جَاءَ حَدِيث من رِوَايَة يحيى بن
أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ، وَحَدِيثه سبق فِي الْجِهَاد
فِي: بَاب مَا يَقُول إِذا رَجَعَ من الْغَزْو، وَحدثنَا
أَبُو معمر أخبرنَا عبد الْوَارِث أخبرنَا يحيى بن أبي
إِسْحَاق عَن أنس بن مَالك، قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مقفله من عسفان وَرَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَاحِلَته وَقد أرْدف
صَفِيَّة ... الحَدِيث، وَفِي أَخّرهُ: فَلَمَّا
أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة قَالَ: آيبون تائبون
عَابِدُونَ، لربنا حامدون) فَلم يزل يَقُول ذَلِك حَتَّى
دخل الْمَدِينَة.
5836 - حدّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ: حدّثني مالِكٌ عنْ
نافِعِ عنْ عَبدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا،
أنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كانَ إذَا
قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أوْ حَجٍ أوْ عُمْرَةٍ يُكبِّرُ على
كلِّ شَرَفٍ من الأرْضِ ثَلاَث تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ
يَقُولُ: لَا إلَهَ إلاّ الله وحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهْوَ على كلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ، لِرَبِّنا
حامِدُونَ، صَدَقَ الله وعْدَهُ ونَصَرَ عَبْدَهُ وهَزَمَ
الأحْزَابَ وحْدَهُ.
مطابقته للجزء الثَّانِي من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة. فَإِن
قلت: التَّرْجَمَة شَيْئَانِ. أَحدهمَا: الدُّعَاء إِذا
أَرَادَ سفرا. وَالْآخر: الدُّعَاء إِذا رَجَعَ من السّفر،
فَأَيْنَ الحَدِيث للْأولِ؟ وَحَدِيث يحيى بن أبي إِسْحَاق
أَيْضا صَرِيح أَنه للجزء الثَّانِي؟ .
قلت: الحَدِيث الْمَذْكُور لَهُ طَرِيق آخر عِنْد مُسلم من
رِوَايَة عَليّ بن عبد الله الْأَزْدِيّ عَن ابْن عمر فِي
أَوله: كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر
كبر ثَلَاثًا، قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا ...
الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: وَإِذا رَجَعَ قالهن وَزَاد:
آيبون تائبون ... الحَدِيث.
إِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أوبس.
قَوْله: (إِذا قفل) أَي: إِذا رَجَعَ. قَوْله: (من غَزْو
أَو حج أَو عمْرَة) ظَاهره الِاخْتِصَاص بِهَذِهِ
الثَّلَاثَة، وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الْجُمْهُور،
وَإِنَّمَا اقْتصر البُخَارِيّ على الثَّلَاث لانحصار سفر
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا، بل يَقُول ذَلِك
فِي كل سفر، لَكِن قَيده الشَّافِعِيَّة بسفر الطَّاعَة:
كصلة الرَّحِم وَطلب الْعلم وَنَحْو ذَلِك، وَقيل: يشرع
فِي سفر الْمعْصِيَة أَيْضا لِأَن مرتكب الْمعْصِيَة أحْوج
إِلَى تَحْصِيل الثَّوَاب. قَوْله: (كل شرف)
بِفتْحَتَيْنِ: الْمَكَان العالي. قَوْله: (آيبون) أَي:
نَحن آيبون أَي: رَاجِعُون جمع آيب من
(23/13)
آب، إِذا رَجَعَ. قَوْله: (صدق الله وعده)
أَي: فِيمَا وعده بِهِ من إِظْهَار دينه. قَوْله: (وَنصر
عَبده) أَرَادَ بِهِ نَفسه، قَوْله: (وَهزمَ الْأَحْزَاب)
، جمع حزب وَهُوَ الطَّائِفَة الَّتِي اجْتمعت من
الْقَبَائِل وعزموا على الْقِتَال مَعَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، وفرقهم الله تَعَالَى وَهَزَمَهُمْ بِلَا
قتال وَهُوَ أَعم من الْأَحْزَاب الَّذين اجْتَمعُوا فِي
غَزْوَة الخَنْدَق، وَقيل: قد نهى رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، عَن السجع، وَهَذَا سجع. وَأجِيب
بِأَنَّهُ نهى عَن سجع كسجع الْكُهَّان فِي كَونه متكلفاً
أَو متضمناً للباطل.
55 - (بابُ الدُّعاءِ لِلْمُتَزَوِّجِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة الدُّعَاء الْمرجل
الَّذِي تزوج.
6836 - حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ
ثابِتٍ عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: رأى النبيُّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ
عَوْفٍ أثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَهْيَمْ؟ أوْمَهْ قَالَ:
تَزَوَّجْت امْرأةً عَلى نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ:
بارَكَ الله لَكَ، أوْلِمْ ولَوْ بِشاةٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بَارك الله لَك) .
وثابت بن أسلم الْبنانِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح فِي: بَاب كَيفَ يدعى
للمتزوج فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب
عَن حَمَّاد بن زيد ... إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام
فِيهِ.
قَوْله: (صفرَة) أَي: من الطّيب الَّذِي اسْتَعْملهُ عِنْد
الزفاف. قَوْله: (مَهيم؟) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون
الْهَاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره مِيم
أَي: مَا حالك؟ وَمَا شَأْنك؟ قَوْله: (أومه) أَي: أَو
قَالَ: مَه، وَهُوَ شكّ من الرَّاوِي، و: مَا استفهامية
قلبت ألفها هَاء. قَوْله: (على نَوَاه) وَهِي خَمْسَة
دَرَاهِم وزنا من الذَّهَب وَهِي ثَلَاثَة مَثَاقِيل
وَنصف، وَفِي (التَّوْضِيح) : فِي الحَدِيث رد على أبي
حنيفَة الَّذِي لَا يجوز الصَدَاق عِنْده بِأَقَلّ من
عشرَة دَرَاهِم.
قلت: سُبْحَانَ الله مَا هَذَا الْفَهم؟ فَإِن وزن خَمْسَة
دَرَاهِم من الذَّهَب أَكثر من عشرَة دَرَاهِم. قَوْله:
(أولم) أَمر بإيجاد الْوَلِيمَة، وَقد مر بَيَانهَا فِي
النِّكَاح.
65 - (بابُ مَا يَقُولُ إِذا أتَى أهْلَهُ)
(23/14)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَقُوله
الرجل إِذا أَرَادَ أَن يُجَامع امْرَأَته.
8836 - حدّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا جَرِيرٌ
عنْ مَنْصُورٍ عنْ سالِمٍ عنْ كُرَيْبٍ عنِ ابْن عبَّاسٍ،
رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: لَوْ أنَّ أحَدَهُمْ إذَا أرادَ أنْ
يأتِيَ أهْلَهُ قَالَ: باسْم الله! اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا
الشَّيْطانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنا،
فإنَّهُ إنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُما ولَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ
يَضُرَّهُ شَيْطانٌ أبدا.
طابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَجَرِير هُوَ ابْن عبد
الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَسَالم هُوَ
ابْن أبي الْجَعْد، وكريب بن أبي مُسلم مولى عبد الله بن
عَبَّاس.
والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح فِي: بَاب مَا يَقُول الرجل
إِذا أَتَى أَهله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعد بن
حَفْص عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن سَالم ... إِلَى
آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (أَن يَأْتِي أَهله) ، أَي: زَوجته، وَعبر عَن
الْجِمَاع بالإتيان. قَوْله: (لم يضرّهُ شَيْطَان) أَي: لم
يُسَلط عَلَيْهِ بِحَيْثُ يتَمَكَّن من أضراره فِي دينه
أَو بدنه، وَلَيْسَ المُرَاد دفع الوسوسة من أَصْلهَا.
75 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
{ربنرا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} (الْبَقَرَة: 102)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: { (2) رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة}
(الْبَقَرَة: 102) قَالَ الْحسن: الْحَسَنَة فِي
الدُّنْيَا الْعلم وَالْعِبَادَة، وَفِي الْآخِرَة
الْجنَّة. وَقَالَ قَتَادَة: الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا
الْعَافِيَة وَقَالَ السّديّ فِي الدُّنْيَا المَال وَفِي
الْآخِرَة الْجنَّة وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ
الزَّوْجَة الصَّالِحَة من الْحَسَنَات قَوْله تَعَالَى: {
(2) وقنا عَذَاب النَّار} (الْبَقَرَة: 102) أَي: اصرفه
عَنَّا.
9836 - حدّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا عَبْدُ الوارثِ عنْ عبْدِ
العَزِيزِ عنْ أنَسٍ قَالَ: كانَ أكْثَرُ دُعاءِ النبيِّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ { (2) رَبنَا آتنا
فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا
عَذَاب النَّار} (الْبَقَرَة: 102)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن
سعيد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب
الْبَصْرِيّ. .
والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير عَن أبي معمر. وَأخرجه
أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن مُسَدّد نَحوه.
وَقَالَ عِيَاض: إِنَّمَا كَانَ يكثر الدُّعَاء بِهَذِهِ
الْآيَة لجمعها مَعَاني الدُّعَاء كُله من أَمر الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة، قَالَ: والحسنة عِنْدهم هَهُنَا النِّعْمَة،
فَسَأَلَ نعيم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والوقاية من
الْعَذَاب.
85 - (بابُ التَّعَوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّعَوُّذ من فتْنَة
الدُّنْيَا، وَقد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن المُرَاد من
فتْنَة الدُّنْيَا الدَّجَّال، وَقيل: المَال.
0936 - حدّثنا فَرْوَةُ بنُ أبي المغْرَاءِ حَدثنَا
عَبيدَةُ هُوَ ابْن حُمَيْدٍ عنْ عَبْدِ المَلكِ بن
عُميْرٍ عنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ عنْ
أَبِيه رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كانَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يُعَلِّمُنَا هاؤُلاءِ الكَلِماتِ كَمَا
تُعَلَّمُ الكتابَةُ: اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ
البُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ
أنْ نُرَدَّ إِلَى أرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ
فِتْنَةِ الدُّنْيا وعَذَابِ القَبْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَأَعُوذ بك من فتْنَة
الدُّنْيَا) .
والْحَدِيث مضى فِي: بَاب التَّعَوُّذ من الْبُخْل فَإِن
أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر عَن
شُعْبَة عَن عبد الْملك إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي:
بَاب الِاسْتِعَاذَة من أرذل الْعُمر وَمن فتْنَة
الدُّنْيَا عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن الْحُسَيْن
عَن الزَّائِدَة عَن عبد الْملك، وَأخرجه هُنَا عَن
فَرْوَة بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْوَاو
وَابْن أبي المغراء بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن
الْمُعْجَمَة وبالراء وبالمد أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ
الْكُوفِي عَن عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر
الْبَاء الْمُوَحدَة
(23/15)
ابْن حميد الضَّبِّيّ النَّحْوِيّ، وَمضى
شَرحه هُنَاكَ.
95 - (بابُ تَكْرِير الدُّعاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَكْرِير الدُّعَاء، وَهُوَ
أَن يَدْعُو بِدُعَاء مرّة بعد أُخْرَى لِأَن فِي تكريره
إِظْهَارًا لموْضِع الْفقر وَالْحَاجة إِلَى الله عز وَجل
والتذلل والخضوع لَهُ، وَقد روى أَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كَانَ يُعجبهُ أَن يَدْعُو ثَلَاثًا ويستغفر ثَلَاثًا،
وَأخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) .
1936 - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُنْذِر حَدثنَا أنَسُ بنُ
عِياضٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله
عَنْهَا، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طُبَّ
حتَّى إنَّهُ لَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أنّهُ قَدْ صَنَعَ
الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وأنهُ دَعا ربَّهُ ثُمَّ قَالَ:
أشَعَرْتِ أنَّ الله قَدْ أفْتانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ
فِيهِ؟ فقالَتْ عائِشَةُ: فَما ذاكَ يَا رَسُول الله؟
قَالَ: جاءَنِي رَجُلانِ فَجَلَسَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأسِي
والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ. فَقَالَ أحَدُهُمَا لِصاحِبهِ:
مَا وَجعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ. قَالَ: مَنْ
طبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ. قَالَ: فِيمَا ذَا؟
قَالَ: فِي مُشْطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ،
قَالَ: فأيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوانَ، وذَرْوانُ
بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ. قالَتْ: فَأَتَاهَا رسولُ الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عائِشَةَ
فَقَالَ: وَالله لكأنَّ ماءَها نُقاعَةُ الحنًّاءِ،
ولكأنَّ نَخْلها رُؤُوسُ الشَّياطينِ. قالَتْ: فأتَى رسولُ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْبَرَها عنِ البِئْرِ،
فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله! فَهَلاَّ أخْرَجْتَهُ؟ قَالَ:
أمَّا أَنا فَقَدْ شَفانِي الله وكَرِهْتُ أنْ أثِيرَ
عَلَى النَّاسِ شَرًّا.
زادَ عِيسَى بنُ يُونُسَ والليْثُ بنُ سَعْدٍ عنْ هِشامٍ
عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، قالَتْ: سُحِرَ النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَدَعا ودَعا وساقَ الحَدِيثَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَدَعَا ودعا)
وَهَذِه الزِّيَادَة هِيَ الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة لِأَن
الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ مَا يدل على الدُّعَاء فضلا عَن
تكريره.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (طب) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: سحر، ومطبوب
أَي: مسحور. قَوْله: (حَتَّى إِنَّه ليُخَيل إِلَيْهِ) على
صِيغَة الْمَجْهُول وَاللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة
للتَّأْكِيد، وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّمَا كَانَ يخيل
إِلَيْهِ أَنه يفعل الشَّيْء وَلَا يَفْعَله فِي أَمر
النِّسَاء خُصُوصا وإتيان أَهله إِذْ كَانَ قد أَخذ
عَنْهُن بِالسحرِ دون مَا سواهُ فَلَا ضَرَر فِيمَا لحقه
من السحر على نبوته وَلَيْسَ تَأْثِير السحر فِي أبدان
الْأَنْبِيَاء بِأَكْثَرَ من الْقَتْل والسم وَلم يكن
ذَلِك دافعاً لفضيلتهم، وَإِنَّمَا هُوَ ابتلاء من الله
تَعَالَى، وَأما مَا يتَعَلَّق بِالنُّبُوَّةِ فقد عصمه
الله من أَن يلْحقهُ الْفساد. قَوْله: (وَأَنه) أَي: وَأَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، (دَعَا ربه) قَوْله:
(أشعرت؟) الْخطاب لعَائِشَة أَي: أعلمت؟ قَوْله: (رجلَانِ)
أَحدهمَا جِبْرِيل وَالْآخر مِيكَائِيل أَتَيَاهُ فِي
صُورَة الرِّجَال. قَوْله: (قَالَ: من طبه؟) أَي: من سحره.
قَوْله: (لبيد بن الأعصم) قيل: كَانَ يَهُودِيّا، وَقيل:
كَانَ منافقاً، وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون
يَهُودِيّا ثمَّ أسلم وتستر بالنفاق. قَوْله: (فِي مشط)
بِضَم الْمِيم وَهُوَ الَّذِي تسرح بِهِ اللِّحْيَة.
قَوْله: (ومشاطة) بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الشين هُوَ مَا
يخرج من الشّعْر بالمشط. قَوْله: (وجف طلعة) بِضَم الْجِيم
وَتَشْديد الْفَاء وَهُوَ وعَاء طلع النَّخْلَة يُطلق على
الذّكر وَالْأُنْثَى. قَالَ الْكرْمَانِي: وَلِهَذَا
قَيده. بقوله: (ذكر) . قَوْله: (ذروان) بِفَتْح الذَّال
الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وبالواو وَالنُّون وَهُوَ
بِئْر فِي الْمَدِينَة (فِي بني زُرَيْق) بِضَم الزَّاي
وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف. قَوْله:
(نقاعة الْحِنَّاء) بِضَم النُّون وَتَخْفِيف الْقَاف
وَهُوَ المَاء الَّذِي ينقع فِيهِ، والحناء مَمْدُود.
قَوْله: (رُؤُوس الشَّيَاطِين) قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح)
: أَي الْحَيَّات، وَشبه النّخل برؤوس الشَّيَاطِين فِي
كَونهَا وحشية المنظر وَهُوَ تَمْثِيل فِي استقباح
الصُّورَة. قَوْله: (شرا) مثل تعلم الْمُنَافِقين السحر من
ذَلِك فيؤذون الْمُسلمين بِهِ.
قَوْله: (زَاد عِيسَى بن يُونُس) أَي: زَاد على الحَدِيث
الْمَذْكُور عِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي،
وَمَضَت زِيَادَة عِيسَى مَوْصُولَة فِي الطِّبّ. قَوْله:
(وَاللَّيْث)
(23/16)
أَي: وَزَاد اللَّيْث بن سعد أَيْضا مثله
وَتقدم الْكَلَام فِيهِ فِي صفة إِبْلِيس من كتاب بَدْء
الْخلق، وروايتهما هَذِه الزياة عَن هِشَام عَن أَبِيه
عُرْوَة عَن عَائِشَة، وسَاق الحَدِيث وَفِيه: (فَدَعَا
ودعا مكرراً، وَلم يذكر هَذِه الزِّيَادَة فِي رِوَايَة
أبي زيد الْمروزِي.
06 - (بابُ الدُّعاءِ عَلى المُشْرِكِينَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء على الْمُشْركين،
ذكره هُنَا مُطلقًا وَذكر فِي كتاب الْجِهَاد: بَاب
الدُّعَاء على الْمُشْركين بالهزيمة والزلزلة.
وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: اللَّهُمَّ أعِنِّي عَليْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ
يُوسفَ وَقَالَ: اللهُمَّ عَليْكَ بِأبي جَهْلٍ
مُطَابقَة هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمضى
هَذَا التَّعْلِيق مَوْصُولا فِي كتاب الاسْتِسْقَاء
وَتقدم شَرحه أَيْضا. قَوْله: (وَقَالَ: اللَّهُمَّ
عَلَيْك بِأبي جهل) ، أَي: بهلاكه، وَسقط هَذَا
التَّعْلِيق من رِوَايَة أبي زيد، وَهُوَ طرف من حَدِيث
ابْن مَسْعُود أَيْضا فِي قصَّة سلاء الْجَزُور الَّتِي
أَلْقَاهَا أَشْقَى الْقَوْم على النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، وَقد مرت مَوْصُولَة فِي آخر كتاب
الطَّهَارَة.
وَقَالَ ابنُ عُمَرَ: دَعا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلاناً
وَفُلَانًا حتَّى أنْزَلَ الله عَزَّ وجلَّ لَيْسَ لَكَ
مِنَ الأمْر شَيْءٌ (آل عمرَان: 821)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَهَذَا التَّعْلِيق تقدم
مَوْصُولا فِي غَزْوَة أحد، وَفِي تَفْسِير سُورَة آل
عمرَان، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) فِيهِ حجَّة على أبي
حنيفَة فِي قَوْله لَا يدعى فِي الصَّلَاة إلاَّ بِمَا فِي
الْقُرْآن: وَإِن دَعَا بِغَيْرِهِ بطلت.
قلت: لَا حجَّة عَلَيْهِ فِي ذَلِك لِأَن ذَلِك فِي صَلَاة
التَّطَوُّع، على أَن هَذِه الْآيَة ناسخة للعنة
الْمُنَافِقين فِي الصَّلَاة وَالدُّعَاء عَلَيْهِم،
وَأَنه عوض عَن ذَلِك الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح، روى
ذَلِك عَن ابْن وهب وَغَيره.
83 - (حَدثنَا ابْن سَلام أخبرنَا وَكِيع عَن ابْن أبي
خَالِد قَالَ سَمِعت ابْن أبي أوفى رَضِي الله عَنْهُمَا
قَالَ دَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - على الْأَحْزَاب فَقَالَ اللَّهُمَّ منزل
الْكتاب سريع الْحساب اهزم الْأَحْزَاب اهزمهم وزلزلهم)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَابْن سَلام هُوَ مُحَمَّد
بتَخْفِيف اللَّام على الْأَصَح وَابْن أبي خَالِد هُوَ
إِسْمَاعِيل وَاسم أبي خَالِد سعد وَيُقَال هُرْمُز
وَيُقَال كثير البَجلِيّ الأحمسي الْكُوفِي وَابْن أبي
أوفى هُوَ عبد الله وَاسم أبي أوفى عَلْقَمَة وَكِلَاهُمَا
صحابيان والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن أَحْمد بن
مُحَمَّد وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة مَا خلا أَبَا
دَاوُد وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - يَدْعُو على الْمُشْركين على حسب ذنوبهم
وإجرامهم وَكَانَ يُبَالغ فِي الدُّعَاء على من اشْتَدَّ
أَذَاهُ على الْمُسلمين أَلا ترى أَنه لما أيس من قومه
قَالَ اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر الحَدِيث ودعا على
أبي جهل بِالْهَلَاكِ ودعا على الْأَحْزَاب الَّذين
اجْتَمعُوا يَوْم الخَنْدَق بالهزيمة والزلزلة فَأجَاب
الله دعاءه فيهم فَإِن قلت قد نهى عَائِشَة عَن اللَّعْنَة
على الْيَهُود وأمرها بالرفق وَالرَّدّ عَلَيْهِم بِمثل
مَا قَالُوا وَلم يبح لَهَا الزِّيَادَة قلت يُمكن أَن
يكون ذَلِك على وَجه التألف لَهُم والطمع فِي إسْلَامهمْ -
3936 - حدّثنا معاذُ بنُ فَضالَةَ حدّثنا هِشامٌ عنْ
يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَة عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ النبيَّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا قَالَ: سَمِعَ الله
لِمَنْ حَمدَهُ، فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ منْ صَلاَةِ
العِشاءِ قَنَتَ:
(23/17)
اللَّهُمَّ أنْجِ عَيَّاشَ بنَ أبي
ربيعَةَ، اللَّهُمَّ أنْجِ الوَلِيدَ بنَ الوَليدِ،
اللَّهُمَّ أنْجِ سَلَمَةَ بنَ هِشامٍ، اللهمَّ أنْجِ
المسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ
وطأتُكَ عَلى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْها سِنِينَ كَسنِي
يُوسُفَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (اللَّهُمَّ اشد وطأتك)
إِلَى آخِره. ومعاذ بِضَم الْمِيم وبالذال الْمُعْجَمَة
ابْن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة،
وَهِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي، وَيحيى بن أبي كثير
بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء فَإِنَّهُ
أخرجه عَن أبي نعيم عَن شَيبَان عَن يحيى عَن أبي سَلمَة
عَن أبي هُرَيْرَة. . إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي
الاسْتِسْقَاء من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة،
وَعَيَّاش بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين
الْمُعْجَمَة. وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين فِيهِ
أَسْبَاط الْمُغيرَة المَخْزُومِي.
قَوْله: (وطأتك) الْوَطْأَة بِفَتْح الْوَاو وَإِسْكَان
الطَّاء هُوَ الدوس بالقدم، وَيُرَاد مِنْهَا الإهلاك
لِأَن من يطَأ على الشَّيْء بِرجلِهِ فقد استقصى فِي
هَلَاكه، وَمُضر قَبيلَة غير منصرف، وَفِيه: الْمُضَاف
مَحْذُوف أَي: اشْدُد وطأتك على كفار مُضر.
4936 - ح دّثنا الحَسَنُ بنُ الرَّبِيعِ حدّثنا أبُو
الأحْوَصِ عنْ عاصِمِ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ:
بَعَثَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سَرِيَّةَ يُقالُ
لَهُمْ: القُرَّاءُ، فأُصِيبُوا، فَما رأيْتُ النبيَّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وجَدَ على شَيْءٍ مَا وجَدَ
عَلَيْهِمْ، فَقَنَتَ شَهْراً فِي صَلاَةِ الفَجْرِ
ويقولُ: إنَّ عُصَيَّةً عَصَوا الله وَرَسُوله.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فقنت) لِأَن
قنوته كَانَ يتَضَمَّن الدُّعَاء عَلَيْهِم. وَالْحسن بن
الرّبيع بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة البجلى
الْكُوفِي، وَأَبُو الْأَحْوَص سَلام بتَشْديد اللَّام
ابْن سليم الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، وَعَاصِم هُوَ ابْن
سُلَيْمَان الْأَحول.
والْحَدِيث مضى فِي الْوتر عَن مُسَدّد وَفِي الْمَغَازِي
عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي الْجَنَائِز عَن عَمْرو
بن عَليّ وَفِي الْجِزْيَة عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد
بن الْفضل. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر وَأبي
كريب وَغَيرهمَا.
قَوْله: (سَرِيَّة) هِيَ طَائِفَة من الْجَيْش يبلغ أقصاها
أَرْبَعمِائَة تبْعَث إِلَى الْعَدو، وَجَمعهَا
السَّرَايَا سموا بذلك لأَنهم يكونُونَ خُلَاصَة
الْعَسْكَر وخيارهم من الشَّيْء السّري أَي النفيس.
قَوْله: (يُقَال لَهُم) الْقُرَّاء سموا بِهِ لأَنهم
كَانُوا أَكثر قِرَاءَة من غَيرهم، وَكَانُوا من أوزاع
النَّاس ينزلون الصّفة يتعلمون الْقُرْآن وَكَانُوا ردْءًا
للْمُسلمين، فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
سبعين مِنْهُم إِلَى أهل نجد لتدعوهم إِلَى الْإِسْلَام،
فَلَمَّا نزلُوا بِئْر مَعُونَة قصدهم عَامر بن الطُّفَيْل
فِي أَحيَاء من عصية وَغَيرهم فَقَتَلُوهُمْ. قَوْله:
(فأصيبوا) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: قتلوا. قَوْله:
(وجد) ، أَي: حزن حزنا شَدِيدا. قَوْله: (إِن عصية) مصغر
العصي، وَهِي قَبيلَة، وَقد مر فِي الْجِهَاد أَنه قنت
أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَمَفْهُوم الْعدَد لَا اعْتِبَار
لَهُ.
5936 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشامُ
أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيِّ عنْ عُروةَ عنْ
عائَشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قَالَتْ: كانَ اليهُودُ
يُسَلِّمُونَ على النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَطِنَتْ عائِشَةُ إِلَى
قَوْلِهِمْ، فقالَتْ: عَليْكُمُ السّامُ واللّعْنةُ.
فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَهْلاً يَا
عَائِشَةُ {إنَّ الله يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأمْرِ
كُلِّهِ. فقالَتْ: يَا نَبِيَّ الله} أوَلَمْ تَسْمَعْ مَا
يَقُولُونَ؟ قَالَ: أوَلَمْ تَسْمَعي؟ أرُدُّ ذَلِك
عَلَيْهِمْ فأقُولُ: وعَلَيْكُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَأَقُول:
وَعَلَيْكُم) فَإِنَّهُ دُعَاء عَلَيْهِم.
وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالسندي، وَهِشَام بن
يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن
رَاشد.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْأَدَب فِي: بَاب الرِّفْق فِي
الْأَمر كُله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز
بن عبد الله عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح عَن ابْن
شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (السام) ، هُوَ الْمَوْت.
(23/18)
قَوْله: (مهلا) أَي: رفقا. وانتصابه على
المصدرية: يُقَال: مهلا للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع
والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد. قَوْله: (أَو لم تسمعي؟) ويروي:
أَو لم تسمعين بالنُّون وَجوز بَعضهم إِلْغَاء عمل الجوازم
والنواصب، وَقَالُوا: إِن عَملهَا أفْصح.
6936 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَى حدّثنا
الأنْصارِيُّ حَدثنَا هِشامُ بنُ حَسَّانَ حَدثنَا
مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ حَدثنَا عَبيدَةُ حَدثنَا عَليُّ
بنُ أبي طالبٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كُنّا مَعَ
النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَوْمَ الخَنْدَقِ
فَقَالَ: مَلأ الله قُبُورَهُمْ وبُيُوتَهُمْ نَارا كَما
شَغلُونا عنْ صَلاَةِ الوُسْطى حتَّى غابَت الشَّمْسُ،
وهْيَ صَلاَةُ العَصْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة والأنصاري هُوَ مُحَمَّد بن
عبد الله بن الْمثنى القَاضِي وَهُوَ من شُيُوخ
البُخَارِيّ. وَأخرج عَنهُ هُنَا بالواسطة، وَهِشَام بن
حسان هَذَا وَإِن تكلم فِيهِ بَعضهم من قبل حفظه لكنه أثبت
النَّاس فِي الشَّيْخ الَّذِي حدث عَنهُ حَدِيث الْبَاب
وَهُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين، وَقَالَ سعيد بن أبي عرُوبَة:
مَا كَانَ أحد أحفظ عَن ابْن سِيرِين من هِشَام بن حسان،
وَعبيدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة
السَّلمَانِي بِسُكُون اللَّام.
والْحَدِيث مضى فِي غَزْوَة الخَنْدَق فَإِنَّهُ أخرجه
هُنَاكَ عَن إِسْحَاق عَن روح عَن هِشَام إِلَى آخِره. .
قَوْله: (كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَوْم الخَنْدَق) أَي: يَوْم غَزْوَة الخَنْدَق، وَهِي
غَزْوَة الْأَحْزَاب. قَوْله: (مَلأ الله قُبُورهم) أَي:
أَمْوَاتًا وَبُيُوتهمْ أَي: أَحيَاء. قَوْله: (كَمَا
شغلونا) وَجه التَّشْبِيه اشتغالهم بالنَّار مستوجب
لاشتغالهم عَن جَمِيع المحبوبات فَكَأَنَّهُ قَالَ: شغلهمْ
الله عَنْهَا كَمَا شغلونا عَنْهَا. قَوْله: (وَهِي صَلَاة
الْعَصْر) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ تَفْسِير من الرَّاوِي
إدراجاً مِنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ وَقع
فِي الْمَغَازِي: إِلَى أَن غَابَتْ الشَّمْس، وَهُوَ
مشْعر بِأَنَّهَا الْعَصْر.
قلت: هُنَا أَيْضا قَالَ: (حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس)
وَهَذَا لَا يدل على أَنَّهَا الْعَصْر وَحده، لِأَنَّهُ
يجوز أَن يكون الظّهْر مَعَه، لِأَن مِنْهُم من ذهب إِلَى
أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظّهْر، وَاسْتدلَّ هَذَا
الْقَائِل أَيْضا بِأَن هَذِه اللَّفْظَة من نفس الحَدِيث،
وَلَيْسَت بمدرجة بِحَدِيث حُذَيْفَة مَرْفُوعا: شغلونا
عَن صَلَاة الْعَصْر، وَلَيْسَ استدلا لَهُ بِهِ صَحِيحا
لِأَن فِيهِ التَّصْرِيح بالعصر فِي نفس الحَدِيث، وَهنا
لَيْسَ كَذَلِك على مَا لَا يخفى.
16 - (بابُ الدُّعاءِ للْمُشْركِينَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء للْمُشْرِكين، وَقد
تقدّمت هَذِه التَّرْجَمَة فِي كتاب الْجِهَاد، لَكِن
قَالَ: بَاب الدُّعَاء للْمُشْرِكين بِالْهدى ليتألفهم،
ثمَّ أخرج حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي هُوَ حَدِيث
الْبَاب، فَوجه الْبَابَيْنِ أَعنِي: بَاب الدُّعَاء على
الْمُشْركين وَبَاب الدُّعَاء للْمُشْرِكين، باعتبارين
فَفِي الأول: مُطلق الدُّعَاء عَلَيْهِم لأجل تماديهم على
كفرهم وإيذائهم الْمُسلمين، وَفِي الثَّانِي: الدُّعَاء
بالهداية ليتألفوا بِالْإِسْلَامِ. فَإِن قلت: جَاءَ فِي
حَدِيث آخر: اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ.
قلت: مَعْنَاهُ: إهدهم إِلَى الْإِسْلَام الَّذِي تصح
مَعَه الْمَغْفِرَة، لِأَن ذَنْب الْكفْر لَا يغْفر، أَو
يكون الْمَعْنى: اغْفِر لَهُم إِن أَسْلمُوا.
7936 - حدّثنا عَليٌّ حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا أبُو
الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله
عَنهُ، قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرٍ وعَلى رسولِ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رسولَ الله!
إنَّ دَوْساً قَدْ عَصَتْ وأبَتْ فادْعُ الله عَليْها،
فَظَنَّ النَّاسُ أنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهمْ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إهْدِ دَوْساً وأْتِ بِهِمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي هُوَ ابْن
الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو
الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج
عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي الْبَاب الَّذِي ذكرنَا
آنِفا.
قَوْله: (قدم الطُّفَيْل) بِضَم الطَّاء وَفتح الْفَاء
ابْن عَمْرو بن طريف بن الْعَاصِ بن ثَعْلَبَة بن سليم بن
غنم بن دوس الدوسي من دوس، أسلم الطُّفَيْل وَصدق النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَكَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى
بِلَاد قومه من أَرض دوس فَلم يزل مُقيما بهَا حَتَّى
هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قدم على
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ بِخَيْبَر
بِمن تبعه من قومه، فَلم يزل مُقيما مَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ
(23/19)
وَسلم، حَتَّى قبض ثمَّ كَانَ مَعَ
الْمُسلمين حَتَّى قتل بِالْيَمَامَةِ شَهِيدا. وَقيل: قتل
عَام اليرموك فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (إِن دوساً قد عَصَتْ وأبت) .
أَي: امْتنعت عَن الْإِسْلَام، ودوس قَبيلَة أبي
هُرَيْرَة. قَوْله: (وائت بهم) أَي: مُسلمين، أَو كِنَايَة
عَن الْإِسْلَام، وَهَذَا من خلقه الْعَظِيم وَرَحمته على
الْعَالمين حَيْثُ دَعَا لَهُم وهم طلبُوا الدُّعَاء
عَلَيْهِم، وَحكى ابْن بطال أَن الدُّعَاء للْمُشْرِكين
نَاسخ الدُّعَاء عَلَيْهِم وَدَلِيله قَوْله تَعَالَى: {
(3) لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} (آل عمرَان: 821) ثمَّ
قَالَ: وَالْأَكْثَر على أَن لَا نسخ وَأَن الدُّعَاء على
الْمُشْركين جَائِز.
26 - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اللَّهُمَّ أَي: يَا الله اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت.
قَالَ النَّوَوِيّ: قَالَ ذَلِك تواضعاً، وعد ذَلِك على
نَفسه ذَنبا. وَقيل: أَرَادَ مَا كَانَ عَن سَهْو، وَقيل:
مَا كَانَ قبل النُّبُوَّة، وعَلى كل حَال هُوَ مغْفُور
لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر، فَدَعَا بِهَذَا
وَغَيره تواضعاً، وَلِأَن الدُّعَاء عبَادَة.
قلت: هَذَا إرشاد لأمته وَتَعْلِيم لَهُم، وَهُوَ مَعْصُوم
عَن الذُّنُوب جَمِيعهَا قبل النُّبُوَّة وَبعدهَا،
وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد مَا قدم الْفَاضِل وَأخر
الْأَفْضَل.
8936 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشارِ حَدثنَا عَبْدُ
المَلِكِ بنُ صَبَّاحِ. حدّثنا شُعْبَةُ عَن أبي إسْحَاقَ
عَن ابنِ أبي مُوسَى عنْ أبِيهِ عَن النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم، أنَّه كَانَ يَدْعُو بِهاذا الدُّعاءِ:
ربِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتي وجَهْلِي وإسْرافِي فِي أمْرِي
كُلِّهِ وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ
اغْفرْ لِي خَطايايَ وعَمْدي وجَهْلِي وهَزْلِي وكُلُّ
ذالِكَ عِنْدي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قدَّمْتُ وَمَا
أخَّرْتُ وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ أنْتَ
المُقَدِّمُ وأنْتَ المُؤَخِّرُ وأنْتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ
قَدِيرٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْملك بن صباح
بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء
الْمُوَحدَة الْبَصْرِيّ، وَمَاله فِي البُخَارِيّ إلاَّ
هَذَا الْموضع، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله
السبيعِي، وَابْن أبي مُوسَى قَالَ الْكرْمَانِي:
الطَّرِيق الَّذِي بعده يشْعر بِأَن المُرَاد بِهِ أَبُو
بردة بن أبي مُوسَى يَعْنِي عَامِرًا، وَالرِّوَايَة
الَّتِي بعد الطَّرِيق أَنه هُوَ أَبُو بكر بن أبي مُوسَى،
لَكِن قَالَ الكلاباذي: هُوَ عَمْرو بن أبي مُوسَى،
وَأَبُو مُوسَى هُوَ عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات أَيْضا عَن عبيد
الله بن مُعَاوِيَة وَعَن مُحَمَّد بن بشار بِهِ.
قَوْله: (خطيئتي) هِيَ الذَّنب، وَيجوز فِيهِ تسهيل
الْهمزَة فَيُقَال: خطية، بتَشْديد الْيَاء. قَوْله:
(وجهلي) الْجَهْل ضد الْعلم. قَوْله: (وإسرافي)
الْإِسْرَاف هُنَا التجاوز عَن الْحَد. قَوْله: (خطاياي)
جمع خَطِيئَة، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله:
(وعمدي) الْعمد ضد السَّهْو وَالْجهل ضد الْعلم والهزل ضد
الْجد وَعطف الْعمد على الْخَطَأ إِمَّا عطف الْخَاص على
الْعَام بِاعْتِبَار أَن الْخَطِيئَة أَعم من التعمد، أَو
من عطف أحد المتقابلين على الآخر، بِأَن يحمل الْخَطِيئَة
على مَا وَقع على سَبِيل الْخَطَأ. قَوْله: (أَنْت
الْمُقدم) أَي: تقدم من تشَاء من خلقك إِلَى رحمتك
بتوفيقك، (وَأَنت الْمُؤخر) تُؤخر من تشَاء عَن ذَلِك
بخذلانك.
وَقَالَ عُبَيْد الله بنُ مُعاذٍ: وحدّثنا أبي حدّثنا
شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ عنْ أبي بُرْدَةَ بن أبي مُوسى
عنْ أبِيهِ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِنَحْوِهِ.
هَذَا تَعْلِيق عَن عبيد الله بتصغير عبد ابْن معَاذ بِضَم
الْمِيم الْعَنْبَري التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، قَالَ
الْكرْمَانِي: ويروى: عبد الله، مكبراً وَهُوَ غير صَحِيح،
وَعبيد الله هَذَا يروي عَن أَبِيه معَاذ عَن شُعْبَة بن
الْحجَّاج عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي
عَن أبي بردة عَامر بن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس
الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِنَحْوِ الحَدِيث الْمَذْكُور. وَأخرجه مُسلم بِصَرِيح
التحديث: حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ.
9936 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثْنَّى حدّثنا عُبَيْدُ
الله بنُ عَبْدِ المَجيدِ حَدثنَا إسْرَائِيلُ حدّثا أبُو
إسْحاق
(23/20)
َ عنْ أبِي بَكْرِ بنِ أبي مُوسَى وَأبي
بُردَةَ أحْسِبُهُ عنْ أبي مُوسى الأشْعَريِّ عَن النبيِّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنَّه كَانَ يَدْعو: اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي خَطِيئتي وجَهْلِي وإسْرافي فِي أمْرِي وَمَا
أنْتَ أعْلَمُ بِهِ منِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي
وجِدِّي وخَطَئِي وعَمْدي وكلُّ ذالِكَ عِنْدِي. (انْظُر
الحَدِيث 8936) [/ ح.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد
بن الْمثنى ضد الْمُفْرد عَن عبيد الله بن عبد الْمجِيد
الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ، قَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: عَن
عبد الحميد، وَالْأول هُوَ الصَّحِيح عَن إِسْرَائِيل بن
يُونُس عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو عَن أبي بكر، وَأبي
بردة ابْني أبي مُوسَى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَلم
يشك فِيهِ.
قَوْله: (وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني) أَي: من الذُّنُوب.
قَوْله: (وخطئي) هَكَذَا بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَة
الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: خطاياي، بِالْجمعِ.
قَوْله: (وكل ذَلِك عِنْدِي) أَي: أَنا متصف بِهَذِهِ
الْأَشْيَاء فاغفرها. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ
الْقَرَافِيّ فِي (كتاب الْقَوَاعِد) : قَول الْقَائِل فِي
دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين،
دُعَاء بالمحال لِأَن صَاحب الْكَبِيرَة يدْخل النَّار
وَدخُول النَّار يُنَافِي الغفران. أَقُول: فِيهِ منع
ومعارضة، أما الْمَنْع فَلَا نسلم الْمُنَافَاة إِذا
الْمنَافِي هُوَ الدُّخُول المخلد كَمَا للْكفَّار إِذْ
الْإِخْرَاج من النَّار بالشفاعة وَنَحْوهَا أَيْضا غفران،
وَأما الْمُعَارضَة فَهِيَ بقوله تَعَالَى حِكَايَة عَن
نوح عَلَيْهِ السَّلَام: { (71) رب اغْفِر لي ولوالدي
وَلمن دخل بَيْتِي. . مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ
وَالْمُؤْمِنَات} (نوح: 82) وَقَالَ بَعضهم: نقل
الْكرْمَانِي تبعا لمغلطاي عَن الْقَرَافِيّ ... إِلَى
آخِره.
قلت: قطّ لم يتبع الْكرْمَانِي أحدا فِي نَقله هَذَا عَن
الْقَرَافِيّ. وَفِيه: ترك الْأَدَب أَيْضا حَيْثُ يُصَرح
بقوله مغلطاي، وَلَو كَانَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين مغلطاي
تِلْمِيذه أَو رَفِيقه فِي الِاشْتِغَال لم يكن من
الْأَدَب أَن يذكرهُ باسمه بِدُونِ التَّعْظِيم، وَقَالَ
فِي آخر كَلَامه: لم يظْهر لي مُنَاسبَة ذكر هَذِه
الْمَسْأَلَة فِي هَذَا الْبَاب.
قلت: وَجه الْمُنَاسبَة فِي ذَلِك أظهر من كل شَيْء وَقد
ظهر لغيره من أَصْحَاب التَّحْقِيق مَا لم يظْهر لَهُ
لقُصُور تَأمله، وَالله أعلم.
36 - (بابُ الدُّعاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ
الجُمُعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السَّاعَة الَّتِي يُرْجَى
فِيهَا إِجَابَة الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة، وَقد ذكر فِي
كتاب الْجُمُعَة: بَاب السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم
الْجُمُعَة، وَلم يعين أَيَّة سَاعَة هِيَ، لَا هُنَا
وَلَا هُنَاكَ، وَفِي تَعْيِينهَا أَقْوَال كَثِيرَة
ذَكرنَاهَا فِي كتاب الْجُمُعَة.
0046 - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْراهيمَ
أخبرنَا أيُّوبُ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي
الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ أبُو القاسِمِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: فِي الجُمُعَةِ ساعَةٌ لَا يُوافِقُها مُسْلِمٌ
وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ خَيْراً إلاَّ أعْطاهُ،
وَقَالَ بِيَدِهِ. قُلْنا: يقَلِّلها يُزَهِّدُها.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل بن
إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وَأَيوب هُوَ
السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن زُهَيْر بن
حَرْب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن
زُرَارَة.
قَوْله: (حَدثنَا) ويروى: أخبرنَا قَوْله: (فِي الْجُمُعَة
سَاعَة) ويروى: فِي يَوْم الْجُمُعَة، وَلَفظ مُسلم: إِن
فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا مُسلم. . إِلَى
آخِره نَحوه. قَوْله: (وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل)
ثَلَاثَة أَحْوَال متداخلة أَو مترادفة. قَوْله: (يسْأَل
خيرا) ويروى: يسْأَل الله خيرا، وَقيد بِالْخَيرِ ليخرج
مثل الدُّعَاء بالإثم وَقَطِيعَة الرَّحِم وَنَحْو ذَلِك.
قَوْله: (قَالَ بِيَدِهِ) أَي: أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى
أَنَّهَا سَاعَة لَطِيفَة خَفِيفَة قَليلَة، وَفِي
رِوَايَة مُسلم بعد ذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور
قَالَ: وَهِي سَاعَة خَفِيفَة. قَوْله: (قُلْنَا: يقللها)
أَي: يقلل تِلْكَ السَّاعَة. قَوْله: (يزهدها) يحْتَمل أَن
يكون تَأْكِيدًا لقَوْله: قَوْله: (يقللها) لِأَن التزهيد
أَيْضا التقليل، وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ الْخطابِيّ، وَوَقع
فِي رِوَايَة الأسماعيلي من رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب:
يقللها ويزهدها، بواو الْعَطف وَهُوَ أَيْضا للتَّأْكِيد،
وَوَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن الزَّعْفَرَان عَن
إِسْمَاعِيل بِلَفْظ: وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا،
فَقُلْنَا: بزهدها أَو يقللها.
46 - (بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يَسْتَجابُ لَنا فِي اليَهُودِ وَلَا يُسْتَجابُ لَهُمْ
فِينا)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: يُسْتَجَاب الدُّعَاء الَّذِي لنا فِي حق الْيَهُود
لأَنا لَا ندعوا إلاَّ بِالْحَقِّ، وَلَا يُسْتَجَاب
للْيَهُود
(23/21)
فِي حَقنا لأَنهم يدعونَ علينا بالظلم.
1046 - حدّثنا قَتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ حدّثنا عَبْدُ
الوَهَّابِ حدّثنا أيُّوبُ عَن ابْن أبي مُلَيْكَةَ عنْ
عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أنَّ اليَهُودِ أتَوْا
النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالُوا: السَّام
عَلَيْكَ. قَالَ: وعَليْكُمْ. فقالَتْ عائِشَةُ: السَّامُ
عَليْكُمْ ولَعَنَكُمُ الله وغَضِبَ عَلَيْكُمْ. فَقَالَ
رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَهْلاً يَا
عائِشَةُ! عَلَيْكِ بالرِّفْقِ وإيَّاكِ والعُنْفَ أَو
الفُحْشَ قالَتْ: أوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قالُوا؟ قَالَ:
أوَلَمْ تَسْمِعَي مَا قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ،
فَيُسْتَجابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجابُ لَهُمْ فيَّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وَعبد الْوَهَّاب
بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَيوب هُوَ
السّخْتِيَانِيّ، وَابْن أبي مليكَة عبد الله بن عبد
الرَّحْمَن بن أبي مليكَة بِضَم الْمِيم واسْمه زُهَيْر.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب الدُّعَاء على
الْمُشْركين.
قَوْله: (قَالَ: وَعَلَيْكُم) قيل: الْوَاو، وتقتضى
التَّشْرِيك وَأجِيب: أَن مَعْنَاهُ: وَعَلَيْكُم الْمَوْت
إِذْ {كل من عَلَيْهَا فان} (الرَّحْمَن: 62) أَو الْوَاو
للاستئناف أَي: عَلَيْكُم مَا تستحقونه من الذَّم. قَوْله:
(والعنف) مُثَلّثَة الْعين وَهُوَ ضد الرِّفْق قَوْله:
(أَو الْفُحْش) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (فِي) بتَشْديد
الْيَاء.
56 - (بابُ التَّأمِينِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول ... آمين، عقيب
الدُّعَاء.
2046 - حدّثنا عَلَيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: حدَّثْنَاهُ عنْ سَعِيدِ بنِ
المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أمَّنَ القارِيءُ فأمِّنُوا
فإنَ الملائِكَةَ تُؤَمِّنُ، فَمَنْ وافَقَ تَأْمينُهُ
تَأْمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ.
(انْظُر الحَدِيث 087)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله بن
الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب جهر الإِمَام
بالتأمين، وَفِي بَابَيْنِ أَيْضا بعده.
قَوْله: (قَالَ الزُّهْرِيّ: حدّثنَاهُ) بِفَتْح الدَّال
الْمُشَدّدَة وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة واصله: حَدثنَا
سُفْيَان حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب.
قَوْله: (القارىء) أَعم من أَن يكون إِمَامًا أَو غَيره
فِي الصَّلَاة وخارجها. قَوْله: (فَمن وَافق) الْمُوَافقَة
إِمَّا فِي الزَّمَان وَإِمَّا فِي الصّفة من الْخُشُوع
وَنَحْوه. قَوْله: (من ذَنبه) أَي: ذَنبه الْخَاص بِحُقُوق
الله عز وَجل، علم ذَلِك بالدلائل الخارجية وَأما فقه
الْبَاب فقد تقدم فِي كتاب الصَّلَاة.
66 - (بابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل قَول: لَا إِلَه إِلَّا
الله.
3046 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكِ عنْ
سَمَيٍّ عَن أبي صالِحِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله
عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:
مَنْ قَالَ: لَا إلهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لَا شريك لهُ
لهُ الملْكُ ولهُ الحَمْدُ وهْوَ على كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مائَةَ مَرَّةٍ كانَتْ لهُ عَدْلَ
عَشْرٍ رِقابٍ، وكُتِبَ لهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، ومحِيَتْ
عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ
الشَّيْطانِ يَوْمَهُ ذالِكَ حتَّى يمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ
أحَدٌ بِأفْضَلَ مِمَّا جاءَ إلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ
مِنْهُ. (انْظُر الحَدِيث 3923) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسمي بِضَم السِّين
الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء مولى أبي بكر
بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، وَأَبُو صَالح ذكْوَان
الزيات.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب بَدْء الْخلق فِي: بَاب صفة
إِبْلِيس وَجُنُوده فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله
بن يُوسُف
(23/22)
وَهنا عَن عبد الله بن مسلمة وَكِلَاهُمَا
عَن مَالك، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (عدل) بِفَتْح الْعين الْمثل والنظير أَي: مثل
إِعْتَاق عشر رِقَاب، وَقَالَ ابْن التِّين: قرأناه
بِفَتْح الْعين، وَقَالَ الْأَخْفَش: الْعدْل بِالْكَسْرِ
الْمثل وبالفتح أَصله مصدر قَوْلك: عدلت لهَذَا عدلا حسنا
تَجْعَلهُ اسْما للمثل فَتفرق بَينه وَبَين عدل الْمَتَاع،
وَقَالَ الْفراء: الْفَتْح مَا عدل الشَّيْء من غير جنسه
وَالْأَكْثَر الْمثل وَإِذا أردْت قِيمَته من غير جنسه
نصبت، وَرُبمَا كسرهَا بعض الْعَرَب وَكَانَ مِنْهُم غلط.
قَوْله: (وَكتب) بالتذكير رِوَايَة الْكشميهني، أَي: كتب
القَوْل الْمَذْكُور، وَفِي رِوَايَة غَيره: كتبت،
بالتأنيث قَوْله: (حرْزا) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة
وَسُكُون الرَّاء وبالزاي الْموضع الْحصين والعوذة.
95 - (حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا عبد الْملك بن
عَمْرو حَدثنَا عمر بن أبي زَائِدَة عَن أبي إِسْحَق عَن
عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ من قَالَ عشرا كَانَ كمن أعتق
رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل قَالَ عمر بن أبي زَائِدَة
وَحدثنَا عبد الله بن أبي السّفر عَن الشّعبِيّ عَن
الرّبيع بن خثيم مثله فَقلت للربيع مِمَّن سمعته فَقَالَ
من عَمْرو بن مَيْمُون فَأتيت عَمْرو بن مَيْمُون فَقلت
مِمَّن سمعته فَقَالَ من ابْن أبي ليلى فَأتيت ابْن أبي
ليلى فَقلت مِمَّن سمعته فَقَالَ من أبي أَيُّوب
الْأنْصَارِيّ يحدثه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن
أَبِيه عَن أبي إِسْحَق حَدثنِي عَمْرو بن مَيْمُون عَن
عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي أَيُّوب قَوْله عَن
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَقَالَ
مُوسَى حَدثنَا وهيب عَن دَاوُد عَن عَامر عَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَقَالَ
إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ عَن الرّبيع قَوْله: وَقَالَ
آدم حَدثنَا شُعْبَة حَدثنَا عبد الْملك بن مسيرَة سَمِعت
هِلَال بن يسَاف عَن الرّبيع بن خثيم وَعَمْرو بن مَيْمُون
عَن ابْن مَسْعُود قَوْله وَقَالَ الْأَعْمَش وحصين عَن
هِلَال عَن الرّبيع عَن عبد الله قَوْله وَرَوَاهُ أَبُو
مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ كمن أعتق
رَقَبَة من ولد إِسْمَاعِيل) عبد الله بن مُحَمَّد
الْمَعْرُوف بالمسندي وَعبد الْملك بن عَمْرو بِفَتْح
الْعين أَبُو عَامر الْعَقدي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة
وَفتح الْقَاف مَشْهُور بكنيته أَكثر من اسْمه وَعمر بِضَم
الْعين ابْن أبي زَائِدَة على وزن فاعلة من الزِّيَادَة
واسْمه خَالِد وَقيل ميسرَة وَهُوَ أَخُو زَكَرِيَّا بن
أبي زَائِدَة الْهَمدَانِي وزَكَرِيا أَكثر حَدِيثا مِنْهُ
وَأشهر مَاتَ سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَأَبُو اسحق
عَمْرو بن عبد الله السبيعِي التَّابِعِيّ الصَّغِير
وَعَمْرو بن مَيْمُون الأودي بِالْوَاو وَالدَّال
الْمُهْملَة التَّابِعِيّ الْكَبِير المخضرم أدْرك
الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ الَّذِي رجم القردة فِي حكايته
الْمَشْهُورَة وَكَانَ بِالشَّام ثمَّ سكن بَغْدَاد وَسمع
معَاذ بن جبل بِالْيمن وَالشَّام عِنْدهمَا وَعمر بن
الْخطاب وَابْن مَسْعُود وَسعد بن أبي وَقاص عِنْد
البُخَارِيّ وَسمع ابْن أبي ليلى وَعَائِشَة وَابْن
مَسْعُود عِنْد مُسلم مَاتَ فِي ولَايَة الْحجَّاج قبل
الجماجم قَوْله قَالَ من قَالَ عشرا أَي من قَالَ لَا
إِلَه إِلَّا الله وَحده إِلَى آخِره عشر مَرَّات كَانَ
كمن أعتق رَقَبَة وَاحِدَة من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ
السَّلَام وَلَا يخفى أَن النِّسْبَة بَين الْحَدِيثين
مَحْفُوظَة إِذْ نِسْبَة الْمِائَة إِلَى الْعشْرَة كنسبة
الْعشْرَة إِلَى الرَّقَبَة الْوَاحِدَة وَهَكَذَا ذكره
البُخَارِيّ مُخْتَصرا مُرْسلا وَرَوَاهُ مُسلم مطولا
وَقَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبيد الله أَبُو أَيُّوب
الغيلاني حَدثنَا أَبُو عَامر يَعْنِي الْعَقدي حَدثنَا
عمر بن أبي زَائِدَة عَن أبي اسحق عَن عَمْرو بن مَيْمُون
قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير عشر
مَرَّات كَانَ كمن أعتق أَرْبَعَة أنفس من ولد إِسْمَاعِيل
فَإِن قلت مَا وَجه تَخْصِيص الذّكر من ولد إِسْمَاعِيل
عَلَيْهِ السَّلَام قلت لِأَن عتق من كَانَ من وَلَده لَهُ
فضل على عتق غَيره وَذَلِكَ أَن مُحَمَّدًا وَإِسْمَاعِيل
(23/23)
وَإِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِم
وَسَلَامه بَعضهم من بعض قَوْله قَالَ عمر بن أبي زَائِدَة
هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة
أبي ذَر قَالَ عمر غير مَنْسُوب قَوْله وَحدثنَا عبد الله
بن أبي السّفر بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء
وَقيل بتسكينها وَهُوَ غير صَحِيح وَاسم أبي السّفر سعيد
بن مُحَمَّد الثَّوْريّ الْهَمدَانِي الْكُوفِي مَاتَ فِي
خلَافَة مَرْوَان فَإِن قلت مَا هَذِه الْوَاو فِي قَوْله
وَحدثنَا قلت هُوَ وَاو الْعَطف على قَوْله عَن أبي اسحق
تَقْدِيره قَالَ عمر بن أبي زَائِدَة حَدثنَا أَبُو اسحق
وَحدثنَا عبد الله بن أبي السّفر عَن عَامر بن شرَاحِيل
الشّعبِيّ عَن الرّبيع بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْبَاء
الْمُوَحدَة ابْن خثيم بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح
الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف
وَالْمِيم ابْن عَائِذ بن عبد الله الثَّوْريّ الْكُوفِي
سمع عبد الله بن مَسْعُود عِنْد البُخَارِيّ وَعَمْرو بن
مَيْمُون عِنْدهمَا مَاتَ فِي ولَايَة عبد الله بن زِيَاد
قَوْله " مثله " أَي مثل مَا رَوَاهُ أَبُو اسحق عَن
عَمْرو بن مَيْمُون وَحَاصِل ذَلِك أَن عمر بن أبي
زَائِدَة أسْندهُ عَن شيخين (أَحدهمَا) عَن أبي اسحق عَن
عَمْرو بن مَيْمُون مَوْقُوفا (وَالثَّانِي) عَن عبد الله
بن أبي السّفر عَن الشّعبِيّ عَن الرّبيع بن خثيم عَن
عَمْرو بن مَيْمُون عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن
أبي أَيُّوب خَالِد الْأنْصَارِيّ الخزرجي مَرْفُوعا
وَهُوَ معنى قَوْله فَقلت للربيع مِمَّن سمعته إِلَى
قَوْله يحدثه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - أَي يحدث أَبُو أَيُّوب عبد الرَّحْمَن بن
أبي ليلى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
َ - قَوْله وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يُوسُف هَذَا تَعْلِيق
أَفَادَ التَّصْرِيح بتحديث عَمْرو لأبي اسحق
وَإِبْرَاهِيم هَذَا يروي عَن أَبِيه يُوسُف بن اسحق بن
أبي اسحق عَمْرو السبيعِي الْكُوفِي وَهُوَ يروي عَن جده
أبي اسحق قَالَ حَدثنِي عَمْرو بن مَيْمُون عَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ
قَوْله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
- قَوْله وَقَالَ مُوسَى أَي ابْن إِسْمَاعِيل الْمنْقري
التَّبُوذَكِي أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ إِنَّمَا أَتَى
بِلَفْظ قَالَ لِأَنَّهُ تحمل مِنْهُ مذاكرة ونقلا أَو
هُوَ تَعْلِيق وَهُوَ يروي عَن وهيب مصغر وهب بن خَالِد
عَن دَاوُد بن أبي هِنْد الْقشيرِي الْبَصْرِيّ وَاسم أبي
هِنْد دِينَار وَدَاوُد يروي عَن عَامر الشّعبِيّ عَن عبد
الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبي أَيُّوب خَالِد
الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَوصل هَذَا التَّعْلِيق أَبُو بكر بن أبي
خَيْثَمَة فِي تَارِيخه حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل
حَدثنَا وهيب بن أبي خَالِد عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن
عَامر الشّعبِيّ وَلَفظه كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من أعتق
أَرْبَعَة أنفس من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام
قَوْله وَقَالَ إِسْمَاعِيل أَي ابْن أبي خَالِد الأحمسي
البَجلِيّ وَقد مر ذكره عَن قريب وَهُوَ يروي عَن عَامر
الشّعبِيّ عَن الرّبيع بن خثيم قَوْله أَي قَول الرّبيع
وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه مَوْقُوف قَوْله وَقَالَ آدم
أَي ابْن أبي إِيَاس أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ حَدثنَا
شُعْبَة حَدثنَا عبد الْملك بن ميسرَة الزراد أَبُو زيد
العامري قَالَ سَمِعت هِلَال بن يسَاف بِفَتْح الْيَاء آخر
الْحُرُوف وَكسرهَا وبالسين الْمُهْملَة وبالفاء
الْأَشْجَعِيّ عَن الرّبيع بن خثيم وَعَمْرو بن مَيْمُون
عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
قَوْله وَهَذَا أَيْضا إِمَّا مذاكرة وَإِمَّا تَعْلِيق
وَوَقع عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ أَن البُخَارِيّ قَالَ
فِيهِ حَدثنَا آدم فعلى هَذَا يكون مَوْصُولا وَأخرجه
النَّسَائِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة
بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وسَاق الْمَتْن وَلَفظه عَن عبد
الله هُوَ ابْن مَسْعُود قَالَ لِأَن أَقُول لَا إِلَه
إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الحَدِيث وَفِيه أحب
إِلَيّ من أَربع رِقَاب قَوْله وَقَالَ الْأَعْمَش أَي
سُلَيْمَان وحصين مصغر الْحصن بالمهملتين وَالنُّون ابْن
عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ الْكُوفِي كِلَاهُمَا عَن هِلَال
بن يسَاف عَن الرّبيع بن خثيم عَن عبد الله بن مَسْعُود
وَأما تَعْلِيق الْأَعْمَش فوصله النَّسَائِيّ من طَرِيق
وَكِيع عَنهُ وَلَفظه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ من
قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَقَالَ فِيهِ كَانَ
لَهُ عدل أَربع رِقَاب من ولد إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ
السَّلَام وَأما تَعْلِيق حُصَيْن فوصله مُحَمَّد بن
الْفضل فِي كتاب الدُّعَاء لَهُ حَدثنَا حُصَيْن بن عبد
الرَّحْمَن فَذكره وَلَفظه قَالَ عبد الله من قَالَ أول
النَّهَار لَا إِلَه إِلَّا الله فَذكره بِلَفْظ كن كَعدْل
أَربع رِقَاب تحرر من ولد إِسْمَاعِيل قَوْله وَرَوَاهُ
أَي وروى الحَدِيث الْمَذْكُور أَبُو مُحَمَّد
الْحَضْرَمِيّ كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر والنسفي وَفِي
رِوَايَة غَيرهمَا وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد لَا يعرف اسْمه
وَكَانَ يخْدم أَبَا أَيُّوب وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي
أَنه أَفْلح مولى أبي أَيُّوب وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ
لَا يعرف أَبُو مُحَمَّد إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث
وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيح إِلَّا هَذَا الْموضع وَوَصله
الإِمَام أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سعيد بن
إِيَاس الْجريرِي عَن أبي الْورْد بِفَتْح الْوَاو
وَسُكُون الرَّاء واسْمه ثُمَامَة بن حزن بِفَتْح الْحَاء
الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي وبالنون الْقشيرِي
(23/24)
عَن أبي مُحَمَّد الْحَضْرَمِيّ عَن أبي
أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ لما قدم النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة نزل عَليّ
فَقَالَ يَا أَبَا أَيُّوب أَلا أعلمك قلت بلَى يَا رَسُول
الله قَالَ مَا من عبد يَقُول إِذا أصبح لَا إِلَه إِلَّا
الله فَذكره إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ومحى
عَنهُ عشر سيئات وَإِلَّا كن لَهُ عِنْد الله عدل عشر
رِقَاب يحررن وَإِلَّا كَانَ فِي جنَّة من الشَّيْطَان
حَتَّى يُمْسِي وَلَا قَالَهَا حِين يُمْسِي إِلَّا كَانَ
كَذَلِك قَالَ قلت لأبي مُحَمَّد أَنْت سَمعتهَا من أبي
أَيُّوب قَالَ وَالله لسمعتها من أبي أَيُّوب رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ
(قَالَ أَبُو عبد الله وَالصَّحِيح قَول عَمْرو) أَبُو عبد
الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه قَوْله قَول عمر وَكَذَا وَقع
فِي رِوَايَة أبي ذَر وَحده وَالصَّوَاب بِضَم الْعين قيل
الظَّاهِر أَن الْوَاو وَاو الْعَطف وَوَقع عِنْد أبي زيد
الْمروزِي فِي رِوَايَته الصَّحِيح قَول عبد الْملك بن
عَمْرو وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ الحَدِيث حَدِيث ابْن أبي
السّفر عَن الشّعبِيّ وَهُوَ الَّذِي ضبط الْإِسْنَاد -
76 - (بابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل التَّسْبِيح، وَهُوَ قَول:
سُبْحَانَ الله، وَهُوَ أَي لفظ: سُبْحَانَ الله، اسْم
مصدر وَهُوَ التَّسْبِيح، وَقيل: بل سُبْحَانَ مصدر
لِأَنَّهُ سمع لَهُ فعل ثلاثي وَهُوَ من الْأَسْمَاء
اللَّازِمَة للإضافة، وَقد يفرد، وَإِذا أفرد منع الصّرْف
للتعريف وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون كَقَوْلِه:
(أَقُول لما جَاءَنِي فخره ... سُبْحَانَ من عَلْقَمَة
الفاخر)
وَجَاء منوناً كَقَوْلِه:
(سُبْحَانَهُ ثمَّ سبحاناً يعود لَهُ ... وَقَبلنَا سبح
الجوديُّ والجمدُ)
فَقيل: صرف ضَرُورَة، وَقيل: هُوَ بِمَنْزِلَة: قبل وَبعد،
إِن نوى تَعْرِيفه بَقِي على حَاله، وَإِن نكر أعرب
منصرفاً، وَهَذَا الْبَيْت يساعد على كَونه مصدرا لَا اسْم
مصدر، ولوروده منصرفاً. وَلقَائِل القَوْل الأول أَن يُجيب
عَنهُ: بِأَن هَذَا نكرَة لَا معرفَة وَهُوَ من
الْأَسْمَاء اللَّازِمَة النصب على المصدرية. فَلَا
ينْصَرف، والناصب لَهُ فعل مُقَدّر لَا يجوز إِظْهَاره.
وَعَن الْكسَائي: إِنَّه منادى تَقْدِيره: يَا
سُبْحَانَكَ، وَمنعه جُمْهُور النَّحْوِيين، وَهُوَ مُضَاف
إِلَى الْمَفْعُول أَي: سبحت الله، وَيجوز أَن يكون
مُضَافا إِلَى الْفَاعِل، أَي: نزه الله نَفسه وَالْأول
هُوَ الْمَشْهُور، وَمَعْنَاهُ: تَنْزِيه الله عَمَّا لَا
يَلِيق بِهِ من كل نقص، فَيلْزم نفي الشَّرِيك والصاحبة
وَالْولد وَجَمِيع الرذائل، وَيُطلق التَّسْبِيح وَيُرَاد
بِهِ جَمِيع أَلْفَاظ الذّكر، وَيُطلق وَيُرَاد بِهِ
الصَّلَاة النَّافِلَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وأصل
التَّسْبِيح التَّنْزِيه من النقائص، ثمَّ اسْتعْمل فِي
مَوَاضِع تقرب مِنْهُ اتساعاً، يُقَال: سبحته أسبحه
تسبيحاً وسبحاناً، وَيُقَال أَيْضا للذّكر وَالصَّلَاة
النَّافِلَة، سبْحَة يُقَال: قضيت سبحتي، والسبحة من
التَّسْبِيح كالسخرة من التسخير.
5046 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ
سُمَيٍّ عنْ أبي صالِحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله
عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:
منْ قَالَ: سُبْحانَ الله وبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمِ مائَةَ
مَرَّة حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ
البَحْرِ.
هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه مَعَ بعض هَذَا الْمَذْكُور
فِيهِ قد مضى فِي أول الْبَاب السَّابِق، وَهُنَاكَ بعد
قَوْله: مائَة مرّة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب. . إِلَى
آخِره، وَهنا: حطت خطاياه ... الخ.
وَيُقَال إِن البُخَارِيّ أفرد هَذَا الحَدِيث من ذَلِك
الحَدِيث. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن
إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ وَغَيره: وَأخرجه
النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن قُتَيْبَة
وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي ثَوَاب التَّسْبِيح عَن
نصر بن عبد الرَّحْمَن الوشابة.
قَوْله: (سُبْحَانَ الله) مَنْصُوب على المصدرية بِفعل
مَحْذُوف تَقْدِيره سبحت سُبْحَانَ الله. قَوْله:
(وَبِحَمْدِهِ) أَي: أَحْمَده، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال
تَقْدِيره: سبحت الله ملتبساً بحمدي لَهُ من أجل توفيقه لي
للتسبيح. قَوْله: (فِي يَوْم) قَالَ الطَّيِّبِيّ: يَوْم،
مُطلق
(23/25)
لم يعلم فِي أَي وَقت من أوقاته فَلَا
يُقيد بِشَيْء مِنْهَا. وَقَالَ صَاحب (الْمظهر) : ظَاهر
الْإِطْلَاق يشْعر بِأَنَّهُ يحصل هَذَا الْأجر
الْمَذْكُور لمن قَالَ ذَلِك مائَة مرّة، سَوَاء قَالَهَا
مُتَوَالِيَة أَو مُتَفَرِّقَة فِي مجَالِس، أَو بَعْضهَا
أول النَّهَار وَبَعضهَا آخر النَّهَار، لَكِن الْأَفْضَل
أَن يَأْتِي بهَا مُتَوَالِيَة فِي أول النَّهَار. قَوْله:
(حطت خطاياه) أَي: من حُقُوق الله، لِأَن حُقُوق النَّاس
لَا تنحط إِلَّا باسترضاه الْخُصُوم. قَوْله: (مثل زبد
الْبَحْر) كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة فِي الْكَثْرَة.
6046 - حدّثنا زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا ابنُ فُضَيْلٍ
عنْ عمارَةَ عنْ أبي زُرْعَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن
النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: كَلِمَتانِ
خَفِيفَتان على اللِّسانِ ثَقِيلَتانِ فِي المِيزَانِ
حَبِيبتَان إِلَى الرَّحْمانِ: سُبْحانَ الله العَظِيمِ،
سُبْحانَ الله وبِحَمْدِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَابْن فُضَيْل هُوَ
مُحَمَّد بن فُضَيْل بتصغير فضل الضَّبِّيّ، وَعمارَة
بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن
الْقَعْقَاع وَأَبُو زرْعَة بِضَم الزَّاي وَسُكُون
الرَّاء وبالعين الْمُهْملَة اسْمه هرم بن عَمْرو بن جرير
الْجبلي الْكُوفِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَيْمَان
وَالنُّذُور عَن قُتَيْبَة وَفِي التَّوْحِيد آخر الْكتاب
عَن أَحْمد بن أشكاب. وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن
زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ
عَن يُوسُف بن عِيسَى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم
وَاللَّيْلَة عَن عَليّ بن مُنْذر وَغَيره. وَأخرجه ابْن
مَاجَه فِي ثَوَاب التَّسْبِيح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة
وَغَيره.
قَوْله: (كلمتان) أَي: كلامان والكلمة تطلق على الْكَلَام
كَمَا يُقَال: كلمة الشَّهَادَة. قَوْله: (خفيفتان) قَالَ
الطَّيِّبِيّ: الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جَرَيَان
هَذَا الْكَلَام على اللِّسَان بِمَا يخف على الْحَامِل من
بعض المحمولات وَلَا يشق عَلَيْهِ، فَذكر الْمُشبه
وَأَرَادَ الْمُشبه بِهِ. قَوْله: (ثقيلتان فِي
الْمِيزَان) الثّقل فِيهِ على حَقِيقَته لِأَن الْأَعْمَال
تتجسم عِنْد الْمِيزَان وَالْمِيزَان هُوَ الَّذِي يُوزن
بِهِ فِي الْقِيَامَة أَعمال الْعباد، وَفِي كيفيته
أَقْوَال، وَالأَصَح أَنه جسم محسوس ذُو لِسَان وكفتين،
وَالله تَعَالَى يَجْعَل الْأَعْمَال كالأعيان موزونة، أَو
يُوزن صحف الْأَعْمَال. قَوْله: (حبيبتان) تَثْنِيَة:
حَبِيبَة، بِمَعْنى: محبوبة، يُقَال: حبيب فلَان إِلَى
هَذَا الشَّيْء أَي: جعله محبوباً، وَالْمرَاد هُنَا
محبوبية قائلهما ومحبة الله للْعَبد إِرَادَة إِيصَال
الْخَيْر لَهُ والتكريم قيل لفظ الفعيل بِمَعْنى
الْمَفْعُول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَلَا
سِيمَا إِذا كَانَ موصوفه مذكرا فَمَا وَجه لُحُوق عَلامَة
التَّأْنِيث وَأجِيب بِأَن التَّسْوِيَة بَينهمَا جَائِزَة
لَا وَاجِبَة أَو وُجُوبهَا فِي الْمُفْرد لَا فِي الْمثنى
وَقيل إِنَّمَا أنثها لمناسبة الْخَفِيفَة والثقيلة
لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى الفاعلة لَا المفعولة وَقيل هَذِه
التَّاء لنقل اللَّفْظ من الوصفية إِلَى الاسمية قَوْله
إِلَى الرَّحْمَن وَإِنَّمَا خصص لفظ الرَّحْمَن من بَين
سَائِر الْأَسْمَاء الْحسنى لِأَن الْمَقْصُود من الحَدِيث
بَيَان سَعَة رَحْمَة الله تَعَالَى على عباده حَيْثُ
يجازي على الْعَمَل الْقَلِيل بالثواب الجزيل قلت يجوز أَن
يُقَال اخْتِصَاص ذَلِك لإِقَامَة السجع أَعنِي الفواصل
وَهِي من محسنات الْكَلَام على مَا عرف فِي علم البديع
وَإِنَّمَا نهى عَن سجع الْكُهَّان لكَونه متضمنا للباطل
قَوْله سُبْحَانَ الله قد ذكرنَا أَنه لَازم النصب بإضمار
الْفِعْل وَسُبْحَان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل
وَالْعلم على نَوْعَيْنِ علم شخصي وَعلم جنسي ثمَّ أَنه
يكون تَارَة للعين وَتارَة للمعنى فَهَذَا من الْعلم
الجنسي الَّذِي للمعنى قيل قَالُوا لفظ سُبْحَانَ وَاجِب
الْإِضَافَة فَكيف الْجمع بَين العلمية وَالْإِضَافَة
وَأجِيب بِأَنَّهُ يُنكر ثمَّ يُضَاف كَمَا قَالَ
الشَّاعِر
(علا زيدنا يَوْم النقا رَأس زيدكم ... بأبيض مَاض
الشفرتين يمَان)
وَوجه تَكْرِير سُبْحَانَ الله الْإِشْعَار بتنزيهه على
الْإِطْلَاق ثمَّ أَن التَّسْبِيح لَيْسَ إِلَّا ملتبسا
بِالْحَمْد ليعلم ثُبُوت الْكَمَال لَهُ نفيا وإثباتا
جَمِيعًا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم
(بَاب فضل ذكر الله عز وَجل)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل ذكر الله تَعَالَى
وَالْمرَاد بِذكر الله هُنَا الْإِتْيَان بالألفاظ الَّتِي
ورد التَّرْغِيب فِيهَا والإكثار مِنْهَا وَقد يُطلق ذكر
الله وَيُرَاد بِهِ الْمُوَاظبَة على الْعَمَل بِمَا أوجبه
الله تَعَالَى أَو ندب إِلَيْهِ كَقِرَاءَة الْقُرْآن
وَقِرَاءَة الحَدِيث ومدارسة
(23/26)
الْعلم والتنفل بِالصَّلَاةِ وَقَالَ
الرَّازِيّ رَحمَه الله المُرَاد بِذكر اللِّسَان
الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على التَّسْبِيح والتحميد والتمجيد
وَالذكر بِالْقَلْبِ التفكر فِي أَدِلَّة الذَّات
وَالصِّفَات وَفِي أَدِلَّة التكاليف من الْأَمر
وَالنَّهْي حَتَّى يطلع على أَحْكَامهَا وَفِي أسرار
مخلوقات الله تَعَالَى وَالذكر بالجوارح هُوَ أَن تصير
مستغرقة فِي الطَّاعَات
98 - (حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء حَدثنَا أَبُو
أُسَامَة عَن بريد بن عبد الله عَن أبي بردة عَن أبي
مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل الَّذِي يذكر ربه
وَالَّذِي لَا يذكر مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت) مطابقته
للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الَّذِي يذكر الله تَعَالَى
كالحي بِسَبَب فَضِيلَة الذّكر وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد
بن أُسَامَة وبريد بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء ابْن
عبد الله يروي عَن جده أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة
واسْمه عَامر يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ
واسْمه عبد الله بن قيس والْحَدِيث أخرجه عَن مُحَمَّد بن
الْعَلَاء أَيْضا بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور بِلَفْظ مثل
الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ وَالْبَيْت الَّذِي لَا
يذكر الله فِيهِ مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت وَكَذَا وَقع
عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن حبَان وَأبي عوَانَة
وَالْبَيْت لَا يُوصف بِالْحَيَاةِ وَالْمَوْت حَقِيقَة
وَالَّذِي يُوصف بهما هُوَ السَّاكِن فَيكون هَذَا من قبيل
ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا
تجوزا من الرَّاوِي قَوْله " وَالَّذِي لَا يذكر الله "
وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر ربه أَيْضا وَجه التَّشْبِيه
بَين الذاكر والحي الِاعْتِدَاد بِهِ والنفع والنصرة
وَنَحْوهَا وَبَين تَارِك الذّكر وَالْمَيِّت التعطيل فِي
الظَّاهِر والبطلان فِي الْبَاطِن
99 - (حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد حَدثنَا جرير عَن
الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن
لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل
الذّكر فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله تنادوا هلموا
إِلَى حَاجَتكُمْ قَالَ فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء
الدُّنْيَا قَالَ فيسألهم رَبهم وَهُوَ أعلم مِنْهُم مَا
يَقُول عبَادي قَالُوا يَقُولُونَ يسبحونك ويكبرونك
ويحمدونك ويمجدونك قَالَ فَيَقُول هَل رأوني قَالَ
فَيَقُولُونَ لَا وَالله مَا رأوك قَالَ فَيَقُول وَكَيف
لَو رأوني قَالَ يَقُولُونَ لَو رأوك كَانُوا أَشد لَك
عبَادَة وَأَشد لَك تمجيدا وَأكْثر لَك تسبيحا قَالَ
فَيَقُول فَمَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَك
الْجنَّة قَالَ يَقُول وَهل رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَا
وَالله يَا رب مَا رأوها قَالَ فَيَقُول فَكيف لَو أَنهم
رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد
عَلَيْهَا حرصا وَأَشد لَهَا طلبا وَأعظم فِيهَا رَغْبَة
قَالَ فمم يتعوذون قَالَ يَقُولُونَ من النَّار قَالَ
يَقُول وَهل رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَا وَالله مَا رأوها
قَالَ يَقُول فَكيف لَو رأوها قَالَ يَقُولُونَ لَو رأوها
كَانُوا أَشد مِنْهَا فِرَارًا وَأَشد لَهَا مَخَافَة
قَالَ فَيَقُول فأشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم قَالَ يَقُول
ملك من الْمَلَائِكَة فيهم فلَان لَيْسَ مِنْهُم إِنَّمَا
جَاءَ لحَاجَة قَالَ هم الجلساء لَا يشقى بهم جليسهم)
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَجَرِير هُوَ ابْن عبد
الحميد وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان وَأَبُو صَالح
ذكْوَان الزيات والْحَدِيث أخرجه مُسلم من طَرِيق سُهَيْل
عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِن لله مَلَائِكَة
سيارة فضلا يَبْتَغُونَ أهل الذّكر " الحَدِيث وَقَالَ
عِيَاض فضلا بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة قَالَ وَهُوَ
الصَّوَاب وَقَالَ فِي الأكمال فضلا بِفَتْح الْفَاء
وَسُكُون الضَّاد وَقَالَ ابْن الْأَثِير أَي زِيَادَة عَن
الْمَلَائِكَة المرتبين مَعَ الْخَلَائق ويروى بِسُكُون
الضَّاد وَبِضَمِّهَا وَقيل السّكُون أَكثر وأصوب وَقَالَ
الطَّيِّبِيّ فضلا بِضَم الْفَاء وَسُكُون الضَّاد جمع
فَاضل كنزل جمع نَازل قَوْله يَلْتَمِسُونَ أَي يطْلبُونَ
وَعند مُسلم
(23/27)
يَبْتَغُونَ كَمَا ذكرنَا وَهُوَ
بِمَعْنَاهُ قَوْله أهل الذّكر يتَنَاوَل الصَّلَاة
وَقِرَاءَة الْقُرْآن وتلاوة الحَدِيث وتدريس الْعُلُوم
ومناظرة الْعلمَاء وَنَحْوهَا قَوْله " فَإِذا وجدوا قوما
يذكرُونَ الله " فِي رِوَايَة مُسلم فَإِذا وجدوا مَجْلِسا
فِيهِ ذكره قَوْله تنادوا وَفِي رِوَايَة
الْإِسْمَاعِيلِيّ يتنادون قَوْله هلموا أَي تَعَالَوْا
وَهَذَا ورد على اللُّغَة التميمية حَيْثُ لَا يَقُولُونَ
باستواء الْوَاحِد وَالْجمع فِيهِ وَأهل الْحجاز
يَقُولُونَ للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع هَلُمَّ بِلَفْظ
الْإِفْرَاد قَوْله " لي حَاجَتكُمْ " وَفِي رِوَايَة أبي
مُعَاوِيَة " إِلَى بغيتكم " قَوْله " فيحفونهم " أَي
يطوقونهم بأجنحتهم وَمِنْه {وَترى الْمَلَائِكَة حافين}
وَمِنْه {وحففناهما بِنَخْل} وَالْبَاء للتعدية وَقيل
للاستعانة قَوْله " إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا " وَفِي
رِوَايَة الْكشميهني " إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا " قَوْله "
فيسألهم رَبهم " أَي فَيسْأَل الْمَلَائِكَة رَبهم وَهُوَ
أعلم أَي وَالْحَال أَنه أعلم مِنْهُم أَي من
الْمَلَائِكَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " وَهُوَ أعلم
بهم " وَوجه هَذَا السُّؤَال الْإِظْهَار للْمَلَائكَة أَن
فِي بني آدم المسبحين والمقدسين وَأَنه اسْتِدْرَاك لما
سبق مِنْهُم من قَوْلهم {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد
فِيهَا} وَفِي رِوَايَة مُسلم " من أَيْن جئْتُمْ فيقولن
جِئْنَا من عِنْد عباد لَك فِي الأَرْض " وَفِي رِوَايَة
التِّرْمِذِيّ " أَي شَيْء تركْتُم عبَادي يصنعون قَالَ
فَيَقُول " هَكَذَا رِوَايَة أبي ذَر فَيَقُول بِالْفَاءِ
وَفِي رِوَايَة غَيره يَقُول أَي يَقُول الله قَوْله "
فَمَا يسْأَلُون " ويروى " فَمَا يسألونني " قَوْله "
يَسْأَلُونَك الْجنَّة " وَفِي رِوَايَة مُسلم " يسْأَلُون
جنتك " قَوْله " وَهل رأوها " أَي الْجنَّة وَفِي رِوَايَة
مُسلم " وَهل رَأَوْا جنتي " قَوْله " فمم يتعوذون " وَفِي
رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة فَمن أَي شَيْء يتعوذون قَوْله من
النَّار وَفِي رِوَايَة مُسلم من نارك قَوْله فيهم فلَان
لَيْسَ مِنْهُم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة وَفِي مُسلم
يَقُولُونَ رب فيهم فلَان عبد خطاء إِنَّمَا مر فَجَلَسَ
مَعَهم وَزَاد قَالَ فَيَقُول وَله قد غفرت قَوْله هم
الجلساء جمع جليس وَفِي رِوَايَة مُسلم هم الْقَوْم لَا
يشقى بهم جليسهم وَفِيه أَن الصُّحْبَة لَهَا تَأْثِير
عَظِيم وَإِن جلساء السُّعَدَاء سعداء والتحريض على
صُحْبَة أهل الْخَيْر وَالصَّلَاح
(رَوَاهُ شُعْبَة عَن الْأَعْمَش وَلم يرفعهُ) يَعْنِي روى
الحَدِيث الْمَذْكُور شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان
الْأَعْمَش بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وَلم يرفعهُ إِلَى
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَوَصله أَحْمد قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا
شُعْبَة قَالَ بِنَحْوِهِ وَلم يرفعهُ حَاصله أَنه
مَوْقُوف -
76 - (بابُ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَة إلاَّ
بِاللَّه)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل لَا حول وَلَا قُوَّة
إلاَّ بِاللَّه، مَعْنَاهُ: لَا حول عَن معاصي الله إلاَّ
بعصمة الله، وَلَا قُوَّة على طَاعَة الله إلاَّ بِاللَّه.
وَحكى عَن أهل اللُّغَة أَن معنى: لَا حول وَلَا حِيلَة
يُقَال: مَا للرجل حِيلَة وَلَا حول وَلَا احتيال وَلَا
محتال وَلَا محَالة، وَقَوله تَعَالَى: { (13) وَهُوَ
شَدِيد الْمحَال} (الرَّعْد: 31) يَعْنِي: الْمَكْر
وَالْقُوَّة والشدة.
9046 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أبُو الحَسَنِ
أخبرنَا عَبْد الله أخبرنَا سُليْمانُ التَّيْمِيُّ عنْ
أبي عُثمانَ عنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ عَلا عَليْها
رَجُلٌ نَادَى فَرَفَعَ صَوْتَهُ: لَا إلاهَ إلاَّ الله
وَالله أكْبَرُ. قَالَ: ورسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم عَلى بَغْلَتِه، قَالَ: فإنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ
أصَمَّ وَلَا غائِباً، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أوْ:
يَا عَبْدَ الله أَلا أدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ
الجنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلاى. قَالَ: لَا حوْلَ وَلَا قُوَّةَ
إلاَّ بِاللَّه.
طابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وَعبد الله هُوَ
ابْن الْمُبَارك، وَسليمَان هُوَ ابْن طرخان التَّيْمِيّ
الْبَصْرِيّ، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل
النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون، وَأَبُو مُوسَى
الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي:
(23/28)
بَاب الدُّعَاء إِذا علا عقبَة.
قَوْله: (أَخذ) أَي: طفق يمشي. قَوْله: (أَو قَالَ: فِي
تنية) شكّ من الرَّاوِي، والثنية هِيَ الْعقبَة وَشك
الرَّاوِي فِي اللَّفْظ وَهَذَا على مَذْهَب من يحْتَاط
وَيُرِيد نفل اللَّفْظ بِعَيْنِه. قَوْله: (وَرَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على بغلته) الْوَاو فِيهِ
للْحَال. قَوْله: (على كلمة من كنز الْجنَّة) قيل: كَيفَ
كَانَت من الْكَنْز؟ وَأجِيب: بِأَنَّهَا كالكنز فِي
كَونهَا ذخيرة نفيسة تتَوَقَّع الانتفاعات بهَا.
86 - (بابٌ لله عَز وجَلَّ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ واحدٍ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَن لله مائَة اسْم غير
وَاحِد، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: غير وَاحِدَة، بالتأنيث.
0146 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفيْانُ
قَالَ: حدّثنا سُفيانُ قَالَ: حَفِظْناهُ مِنْ أبي
الزِّناد عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رِوايَةَ،
قَالَ: لله تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْما، مائَةٌ إلاَّ
واحِداً لَا يَحْفَظُها أحَدٌ إلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ،
وهْوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الوَتْرَ. طابقته للتَّرْجَمَة
ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان
هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن
ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات أَيْضا عَن
زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره، وَلَفظه: عَن أبي هُرَيْرَة عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لله تَعَالَى
تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من حفظهَا دخل الْجنَّة، وَالله
وتر يحب الْوتر. وَفِي لفظ: من أحصاها، وَفِي لفظ مثل لفظ
البُخَارِيّ إلاَّ أَن فِي آخِره: من أحصاها دخل الْجنَّة.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن ابْن أبي عمر بِهِ،
وَلَفظه: إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحصاها دخل
الْجنَّة. هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إلاَّ هُوَ
الرَّحْمَن الرَّحِيم ... الحَدِيث، وعدها كلهَا ثمَّ
قَالَ: وَهَذَا حَدِيث غَرِيب.
قَوْله: (رِوَايَة) أَي: عَن أبي هُرَيْرَة من حَيْثُ
الرِّوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (تِسْعَة) مُبْتَدأ وَخبر مقدما. قَوْله: (لله)
قَوْله: (مائَة) أَي: هَذِه مائَة إلاَّ وَاحِدًا، وَذكر
هَذِه الْجُمْلَة لدفع الالتباس بِسبع وَسبعين وللاحتياط
فِيهِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان. وَقَالَ الْمُهلب:
فَذهب قوم إِلَى أَن ظَاهره يَقْتَضِي أَن لَا اسْم لله
غير مَا ذكر إِذْ لَو كَانَ لَهُ غَيرهَا لم يكن لتخصيص
هَذِه الْمدَّة معنى، وَقَالَ آخَرُونَ: يجوز أَن يكون
لَهُ زِيَادَة على ذَلِك إِذْ لَا يجوز أَن تتناهى أسماؤه
لِأَن مدائحه وفواضله غير متناهية، وَقيل: لَيْسَ فِيهِ
حصر لأسمائه إِذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ لَهُ اسْم
غَيرهَا، بل مَعْنَاهُ: أَن هَذِه الْأَسْمَاء من أحصاها
دخل الْجنَّة إِذْ المُرَاد الْإِخْبَار عَن دُخُول
الْجنَّة بإحصائها لَا الْإِخْبَار بحصر الْأَسْمَاء
فِيهَا، وَقيل: أَسمَاء الله، وَإِن كَانَت أَكثر مِنْهَا،
لَكِن مَعَاني جَمِيعهَا محصورة فِيهَا، فَلذَلِك حصرها
فِيهَا. قيل: فِيهِ دَلِيل على أَن أشهر أَسْمَائِهِ هُوَ
الله لإضافة الْأَسْمَاء إِلَيْهِ، وَقيل: هُوَ الِاسْم
الْأَعْظَم، وَعَن أبي الْقَاسِم الْقشيرِي: فِيهِ دَلِيل
على أَن الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى إِذْ لَو كَانَ غَيره
لكَانَتْ الْأَسْمَاء لغيره، وَقَالَ غَيره: إِذا كَانَ
الِاسْم غير الْمُسَمّى لزم من قَوْله: (لله تِسْعَة
وَتسْعُونَ اسْما) الحكم بِتَعَدُّد الْآلهَة. الْجَواب:
أَن المُرَاد من الِاسْم هُنَا اللَّفْظ، وَلَا خلاف فِي
وُرُود الِاسْم بِهَذَا الْمَعْنى وَإِنَّمَا النزاع فِي
أَنه هَل يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْمُسَمّى عينه وَلَا يلْزم
من تعدد الْأَسْمَاء تعدد الْمُسَمّى؟ وَجَوَاب آخر: أَن
كل وَاحِد من الْأَلْفَاظ الْمُطلقَة على الله سُبْحَانَهُ
يدل على ذَاته بِاعْتِبَار صفة حَقِيقِيَّة أَو غير
حَقِيقِيَّة، وَذَلِكَ يستدعى التَّعَدُّد فِي الاعتبارات
وَالصِّفَات دون الذَّات وَلَا اسْتِحَالَة فِي ذَلِك.
قَوْله: (إلاَّ وَاحِدًا) فِي رِوَايَة أبي ذَر: إلاَّ
وَاحِدَة، أنثها ذَهَابًا إِلَى معنى التَّسْمِيَة أَو
الصّفة أَو الْكَلِمَة. قَوْله: (لَا يحفظها أحد) المُرَاد
بِالْحِفْظِ الْقِرَاءَة بِظهْر الْقلب فَيكون كِنَايَة
عَن التّكْرَار لِأَن الْحِفْظ يسْتَلْزم التّكْرَار،
وَقيل: مَعْنَاهُ الْعَمَل بهَا وَالطَّاعَة بِمَعْنى كل
اسْم مِنْهَا وَالْإِيمَان بهَا، وَمعنى الرِّوَايَة
الْأُخْرَى، من أحصاها عدهَا فِي الدُّعَاء بهَا، وَقيل:
أحسن المراعاة لَهَا والمحافظة على مَا تَقْتَضِيه وَصدق
مَعَانِيهَا. وَقيل: من أحصاها أَي: كرر مجموعها. قَوْله:
(دخل الْجنَّة) ذكره بِلَفْظ الْمَاضِي تَحْقِيقا لَهُ
لِأَنَّهُ كَائِن لَا محَالة. قَوْله: (وَهُوَ وترا) أَي:
الله وتر يَعْنِي وَاحِد لَا شريك لَهُ. وَالْوتر بِكَسْر
الْوَاو وَفتحهَا وقرىء بهما. قَوْله: (يحب الْوتر)
يَعْنِي: يفضله فِي الْأَعْمَال وَكثير من الطَّاعَات
وَلِهَذَا جعل الله الصَّلَوَات خمْسا وَالطّواف سبعا
وَندب التَّثْلِيث فِي أَكثر الْأَعْمَال وَخلق
السَّمَوَات سبعا وَالْأَرضين سبعا وَغير ذَلِك.
(23/29)
17 - (بابُ المَوْعِظَةِ ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الموعظة يَنْبَغِي أَن
تكون سَاعَة بعد سَاعَة لِأَن الِاسْتِمْرَار عَلَيْهَا
يُورث الْملَل وَهُوَ معنى قَوْله: كَانَ يَتَخَوَّلنَا
بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّام كَرَاهِيَة السَّآمَة
علينا، وَالْمَوْعِظَة اسْم من لوعظ وَهُوَ النصح والتذكير
بالعواقب، تَقول وعظته وعظاً وعظةً فاتعظ، أَي: قبل
الموعظة. فَإِن قلت: مَا وَجه ذكر هَذَا الْبَاب فِي
الدَّعْوَات؟ .
قلت: لِأَن المواعظ يخالطها غَالِبا التَّذْكِير بِاللَّه
وَالذكر من جملَة الدُّعَاء كَمَا سبق فِيمَا مضى.
1146 - حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حدّثنا أبي حدّثنا
الأعْمَشُ قَالَ: حدّثني شَقيقٌ قَالَ: كُنَّا نَنْتَظِرُ
عَبْدَ الله إذْ جاءَ يَزِيدُ بنُ مُعاوِيَةَ فَقُلْنا:
أَلا تَجْلِسُ؟ قَالَ: لَا! ولاكِنْ أدْخُلُ فأخْرِجُ
إلَيْكُمْ صاحِبَكُمْ وَإِلَّا جِئْتُ أَنا فَجَلَسْتُ،
فَخَرَجَ عَبْدُ الله وهْوَ آخِذٌ بِيَدِهِ، فقامَ عَليْنا
فَقَالَ: أما إنِّي أخْبرُ بِمَكانِكُمْ ولاكنَّهُ
يَمْنَعُنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ أنَّ رسولَ الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَتَخَوَّلُنا بالمَوْعِظَةِ
فِي الأيَّامِ كَراهِيَةَ السَّآمَةِ عَليْنا.
طابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (كَانَ
يَتَخَوَّلنَا)
إِلَى آخِره. وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن
غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بَاب كَانَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يتخولهم بِالْمَوْعِظَةِ
وَالْعلم كَيْلا ينفروا، وَمضى أَيْضا فِي الْبَاب الَّذِي
يَلِيهِ.
قَوْله: (كُنَّا نَنْتَظِر عبد الله) يَعْنِي: ابْن
مَسْعُود، وَفِي رِوَايَة مُسلم: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد
بَاب عبد الله ننتظره فَمر بِنَا يزِيد بن مُعَاوِيَة.
قَوْله: (إِذْ جَاءَ) كلمة: إِذْ للمفاجأة. وَيزِيد من
الزِّيَادَة ابْن مُعَاوِيَة النَّخعِيّ الْكُوفِي
التَّابِعِيّ الثِّقَة العابد. قتل غازياً بِفَارِس كَانَ
فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلَيْسَ
لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ ذكر إِلَّا فِي هَذَا الْموضع.
قَوْله: (أَلا تجْلِس؟) كلمة: أَلا، للعرض والتنبيه
وَالْخطاب ليزِيد. قَوْله: (أَدخل) بِلَفْظ الْمُتَكَلّم
من الْمُضَارع أَي: أَدخل دَار عبد الله. قَوْله:
(فَأخْرج) بِضَم الْهمزَة من الْإِخْرَاج. قَوْله:
(صَاحبكُم) يَعْنِي: ابْن مَسْعُود. قَوْله: (وإلاَّ) ،
أَي: وَإِن لم أخرجه جِئْت فَجَلَست عنْدكُمْ. قَوْله:
(وَهُوَ آخذ) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (أما إِنِّي)
كلمة: أما، بِالتَّخْفِيفِ، وَإِنِّي، بِكَسْر الْهمزَة.
قَوْله: (أخبر) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (بمكانكم)
أَي: بكونكم، هَذَا جَوَاب ابْن مَسْعُود لَهُم فِي
قَوْلهم: وَدِدْنَا أَنَّك لَو ذكرتنا كل يَوْم وَكَانَ
يذكرهم كل خَمِيس. قَوْله: (يَتَخَوَّلنَا) ، بِالْخَاءِ
الْمُعْجَمَة أَي: يتعهدنا وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَقُول:
يتخوننا بالنُّون بِمَعْنى يتعهدنا. قَوْله: (كَرَاهِيَة
السَّآمَة) أَي: لأجل كَرَاهَة الملالة، وَكَانَ ذَلِك
رفقا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه،
فَيجب أَن يقْتَدى بِهِ لِأَن التّكْرَار يسْقط النشاط،
ويمل الْقلب وينفره. |