عمدة القاري شرح
صحيح البخاري (بَاب أَحْكَام أهل الذِّمَّة وإحصانهم
إِذا زنوا وَرفعُوا إِلَى الإِمَام)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان أَحْكَام أهل الذِّمَّة
الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر من تُؤْخَذ مِنْهُ
الْجِزْيَة قَوْله " وإحصانهم " أَي وَفِي بَيَان إحصانهم
هَل الْإِسْلَام شَرط فِيهِ أم لَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَان
الْخلاف فِيهِ قَوْله " إِذا زنوا " ظرف لقَوْله أَحْكَام
أهل الذِّمَّة قَوْله " وَرفعُوا " على صِيغَة الْمَجْهُول
إِلَى الْإِمَاء سَوَاء جاؤا إِلَى
(24/17)
الإِمَام بِأَنْفسِهِم أَو جَاءَ بهم
غَيرهم للدعوى عَلَيْهِم وَهنا فصلان (الأول) اخْتلف
الْعلمَاء فِي إِحْصَان أهل الذِّمَّة (فَقَالَت) طَائِفَة
فِي الزَّوْجَيْنِ الكتابيين يزنيان ويرفعان إِلَيْنَا
عَلَيْهِمَا الرَّجْم وهما مُحْصَنَانِ وَهَذَا قَول
الزُّهْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ وروى عَن
أبي يُوسُف أَن أهل الْكتاب يحصن بَعضهم بَعْضًا ويحصن
الْمُسلم النَّصْرَانِيَّة وَلَا تحصنه النَّصْرَانِيَّة
وَقَالَ النَّخعِيّ لَا يكونَانِ محصنين حَتَّى يجامعا بعد
الْإِسْلَام وَهُوَ قَول مَالك والكوفيين وَقَالُوا
الْإِسْلَام من شَرط الْإِحْصَان " الْفَصْل الثَّانِي "
أَيْضا اخْتلفُوا فِي وجوب الحكم بَين أهل الذِّمَّة فروى
التَّخْيِير فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالشعْبِيّ
وَالنَّخَعِيّ وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ
وَقَالَ آخَرُونَ أَنه وَاجِب وَرُوِيَ ذَلِك عَن مُجَاهِد
وَعِكْرِمَة وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَهُوَ
الْأَظْهر من قولي الشَّافِعِي
32 - (حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا عبد
الْوَاحِد حَدثنَا الشَّيْبَانِيّ قَالَ سَأَلت عبد الله
بن أبي أوفى عَن الرَّجْم فَقَالَ رجم النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت أقبل النُّور أم بعده
قَالَ لَا أَدْرِي) قَالَ الْكرْمَانِي مطابقته
للتَّرْجَمَة إِطْلَاق قَوْله رجم وَقيل جرى على عَادَته
فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرق الحَدِيث
وَهُوَ مَا أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والإسماعيلي من
طَرِيق هشيم عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ قلت هَل رجم
النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ
نعم رجم يَهُودِيّا وَيَهُودِيَّة وَعبد الْوَاحِد هُوَ
ابْن زِيَاد والشيباني بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة
وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة اسْمه
سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان فَيْرُوز أَبُو إِسْحَاق
الْكُوفِي وَعبد الله بن أبي أوفى اسْمه عَلْقَمَة بن
خَالِد الْأَسْلَمِيّ والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي
الْحُدُود عَن أبي كَامِل عَن ابْن أبي شيبَة قَوْله أقبل
النُّور الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل استخبار
وَأَرَادَ بِالنورِ سُورَة النُّور قَوْله أم بعده أَي أم
رجم بعد نزُول سُورَة النُّور وَقَوله أم بعده بالضمير
رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره أم بعد بِضَم
الدَّال قَوْله لَا أَدْرِي يدل على تحريه وتثبته فيمدح
بِهِ وَلَا عيب فِيهِ
(تَابعه عَليّ بن مسْهر وخَالِد بن عبد الله والمحاربي
وَعبيدَة بن حميد عَن الشَّيْبَانِيّ) أَي تَابع عبد
الْوَاحِد عَليّ بن مسْهر بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين
الْمُهْملَة وَكسر الْهَاء وبالراء أَبُو الْحسن الْقرشِي
الْكُوفِي وَتَابعه أَيْضا خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان
وَتَابعه أَيْضا الْمحَاربي بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من
الْمُحَاربَة واسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْكُوفِي
وَتَابعه أَيْضا عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء
الْمُوَحدَة ابْن حميد بِضَم الْحَاء الصَّبِي الْكُوفِي
وكل هَؤُلَاءِ تابعوه فِي روايتهم عَن الشَّيْبَانِيّ
الْمَذْكُور فِي رِوَايَته عَن عبد الله بن أبي أوفى أما
مُتَابعَة عَليّ بن مسْهر فرواها ابْن أبي شيبَة عَنهُ عَن
الشَّيْبَانِيّ قَالَ قلت لعبد الله بن أبي أوفى فَذكر
مثله بِلَفْظ قلت بعد سُورَة النُّور وَأما مُتَابعَة
خَالِد بن عبد الله فرواها البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق عَن
خَالِد عَن الشَّيْبَانِيّ سَأَلت عبد الله بن أبي أوفى
وَقد مضى هَذَا فِي بَاب رجم الْمُحصن وَأما مُتَابعَة
الْمحَاربي فَلم أَقف عَلَيْهَا وَأما مُتَابعَة عُبَيْدَة
فرواها الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة أبي ثَوْر وَأحمد بن
منيع قَالَا حَدثنَا عُبَيْدَة بن حميد وَجَرِير عَن
الشيبان وَلَفظه قبل النُّور أَو بعْدهَا
(وَقَالَ بَعضهم الْمَائِدَة وَالْأول أصح) أَي قَالَ بعض
هَؤُلَاءِ التَّابِعين الْمَذْكُورين قيل أَنه عُبَيْدَة
لِأَن لَفظه فِي مُسْند أَحْمد بن منيع فَقلت بعد سُورَة
الْمَائِدَة أَو قبلهَا قَوْله الْمَائِدَة أَي ذكر سُورَة
الْمَائِدَة بدل سُورَة النُّور وَلَعَلَّ من ذكر سُورَة
الْمَائِدَة توهم من ذكر الْيَهُودِيّ واليهودية أَن
المُرَاد سُورَة الْمَائِدَة لِأَن فِيهَا الْآيَة الَّتِي
نزلت بِسَبَب سُؤال الْيَهُود عَن حكم اللَّذين زَنَيَا
مِنْهُم وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم
التَّوْرَاة} قَوْله وَالْأول أصح أَي من ذكر النُّور
33 - (حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنِي مَالك عَن
نَافِع عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
(24/18)
أَنه قَالَ إِن الْيَهُود جاؤا إِلَى
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فَذكرُوا لَهُ أَن رجلا مِنْهُم وَامْرَأَة زَنَيَا
فَقَالَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن
الرَّجْم فَقَالُوا نفضحهم ويجلدون قَالَ عبد الله بن
سَلام كَذبْتُمْ إِن فِيهَا الرَّجْم فَأتوا
بِالتَّوْرَاةِ فنشروها فَوضع أحدهم يَده على آيَة
الرَّجْم فَقَرَأَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا فَقَالَ لَهُ
عبد الله بن سَلام ارْفَعْ يدك فَرفع يَده فَإِذا فِيهَا
آيَة الرَّجْم قَالُوا صدق يَا مُحَمَّد فِيهَا آيَة
الرَّجْم فَأمر بهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرُجِمَا فَرَأَيْت الرجل يحني على
الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة) مطابقته للتَّرْجَمَة
ظَاهِرَة والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي بَاب الرَّجْم فِي
البلاط من رِوَايَة عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَمضى أَيْضا فِي عَلَامَات
النُّبُوَّة عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع
عَنهُ وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله نفضحهم بِفَتْح
النُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة من الفضيحة وَمَعْنَاهُ
نكشف مساويهم يُقَال فضحه فافتضح قَوْله ويجلدون على
صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله فَأتوا بِصِيغَة الْمَاضِي
قَوْله يحني بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون
الْمَكْسُورَة من حنا إِذا عطف أَو من جنا بِالْجِيم
والهمزة إِذا أكب عَلَيْهِ قَوْله يَقِيهَا من الْوِقَايَة
وَهِي الْحِفْظ وَقد مر الْكَلَام مُسْتَوفى فِي لفظ يحني
وَقد ذكرُوا فِي ضَبطه عشرَة أوجه وَفِيه من الْفَوَائِد
وجوب الْحَد على الْكَافِر الذِّمِّيّ إِذا زنى وَهُوَ
قَول الْجُمْهُور وَقبُول شَهَادَة أهل الذِّمَّة بَعضهم
على بعض وَأَن أنكحة الْكفَّار صَحِيحَة وَأَن الْيَهُود
كَانُوا ينسبون إِلَى التَّوْرَاة مَا لَيْسَ فِيهَا وَإِن
شرع من قبلنَا يلْزمنَا مَا لم يقص الله بالإنكار وَاحْتج
بِهِ الشَّافِعِي وَأحمد وَأَن الْإِسْلَام لَيْسَ بِشَرْط
الْإِحْصَان وَقَالَت الْمَالِكِيَّة وَأكْثر
الْحَنَفِيَّة أَنه شَرط وَأَجَابُوا عَن حَدِيث الْبَاب
بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
إِنَّمَا رجمهما بِحكم التَّوْرَاة وَلَيْسَ هُوَ من حكم
الْإِسْلَام فِي شَيْء
(بَاب إِذا رمى امْرَأَته أَو امْرَأَة غَيره بِالزِّنَا
عِنْد الْحَاكِم وَالنَّاس هَل على الْحَاكِم أَن يبْعَث
إِلَيْهَا فيسألها عَمَّا رميت بِهِ)
أَي هَذَا بَاب فِيهِ إِذا رمى إِلَى آخِره يَعْنِي إِذا
قَالَ امْرَأَتي زنت أَو قَالَ امْرَأَة فلَان زنت قَوْله
" هَل على الْحَاكِم أَن يبْعَث إِلَيْهَا " أَي إِلَى
الْمَرْأَة المرمية بِالزِّنَا فيسألها عَمَّا رميت بِهِ
وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول وَجَوَاب هَل مَحْذُوف
تَقْدِيره نعم يجب عَلَيْهِ ذَلِك وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء
بِمَا فِي الحَدِيث وَقد قَامَ الْإِجْمَاع على أَن هَذَا
الْقَاذِف إِذا لم يَأْتِ بِبَيِّنَة لزمَه الْحَد إِلَّا
أَن تقر المقذوفة بِهِ
34 - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالك عَن ابْن
شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن
أبي هُرَيْرَة وَزيد بن خَالِد أَنَّهُمَا أخبراه أَن
رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَحدهمَا اقْضِ بَيْننَا
بِكِتَاب الله وَقَالَ الآخر وَهُوَ أفقههما أجل يَا
رَسُول الله فَاقْض بَيْننَا بِكِتَاب الله وَأذن لي أَن
أَتكَلّم قَالَ تكلم قَالَ إِن ابْني كَانَ عسيفا على
هَذَا قَالَ مَالك والعسيف الْأَجِير فزنى بامرأته
فَأَخْبرُونِي أَن على ابْني الرَّجْم فَافْتَدَيْت مِنْهُ
بِمِائَة شَاة وبجارية لي ثمَّ إِنِّي سَأَلت أهل الْعلم
فَأَخْبرُونِي أَن مَا على ابْني جلد مائَة وتغريب عَام
وَإِنَّمَا الرَّجْم على امْرَأَته فَقَالَ رَسُول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أما وَالَّذِي
نَفسِي بِيَدِهِ لأقضين
(24/19)
بَيْنكُمَا بِكِتَاب الله أما غنمك وجاريتك
فَرد عَلَيْك وَجلد ابْنه مائَة وغربه عَاما وَأمر أنيسا
الْأَسْلَمِيّ أَن يَأْتِي امْرَأَة الآخر فَإِن اعْترفت
فارجمها فَاعْترفت فرجمها) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة
والْحَدِيث قد مر غير مرّة فآخره قد مر عَن قريب فِي بَاب
من أَمر غير الإِمَام بِإِقَامَة الْحَد وَقد مر الْكَلَام
فِيهِ قَوْله وَأذن لي قَالَ الْكرْمَانِي هُوَ من كَلَام
الْأَعرَابِي لَا من كَلَام الأفقه قد مر فِي الصُّلْح
صَرِيحًا وَقَالَ النَّوَوِيّ وَفِي اسْتِئْذَانه دَلِيل
على أفقهيته
(بَاب من أدب أَهله أَو غَيره دون السُّلْطَان)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان من أدب أَهله من زَوجته وأرقائه
قَوْله أَو غَيره أَي وأدب غير أَهله قَوْله دون
السُّلْطَان يَعْنِي من غير أَن يَسْتَأْذِنهُ فِي ذَلِك
وَقَالَ الْكرْمَانِي دون السُّلْطَان يحْتَمل أَن يكون
بِمَعْنى عِنْده وَغَيره وَقَالَ بَعضهم هَذِه
التَّرْجَمَة معقودة لبَيَان الْخلاف هَل يحْتَاج من وَجب
عَلَيْهِ الْحَد من الأرقاء إِلَى أَن يسْتَأْذن سَيّده
الإِمَام فِي إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ أَو لَهُ أَن يُقيم
عَلَيْهِ ذَلِك بِغَيْر مشورة انْتهى قلت لم يبين الْخلاف
فِي هَذِه التَّرْجَمَة أصلا (وَأما كَيْفيَّة) الْخلاف
فقد قَالَ مَالك يحد الْمولى عَبده وَأمته فِي الزِّنَا
وَشرب الْخمر وَالْقَذْف إِذا شهد عِنْده الشُّهُود لَا
بِإِقْرَارِهِ وَلَا يقطعهُ فِي السّرقَة وَإِنَّمَا
يقطعهُ الإِمَام وَبِه قَالَ اللَّيْث وروى عَن جمَاعَة من
الصَّحَابَة أَنهم أَقَامُوا الْحُدُود على عبيدهم مِنْهُم
ابْن عمر بن مَسْعُود وَأنس ابْن مَالك وَقَالَ ابْن أبي
ليلى أدْركْت بقايا الْأَنْصَار يضْربُونَ الوليدة من
ولائدهم إِذا زنت فِي مجَالِسهمْ وَقَالَ أَبُو حنيفَة
وَأَصْحَابه لَا يُقيم الْحُدُود على العبيد وَالْإِمَاء
إِلَّا السُّلْطَان دون الْمولى فِي الزِّنَا وَسَائِر
الْحُدُود (وَبِه) قَالَ الْحسن بن حييّ وَقَالَ
الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ بحده فِي الزِّنَا وَقَالَ
الشَّافِعِي يحده فِي كل حد ويقطعه
(وَقَالَ أَبُو سعيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا صلى فَأَرَادَ أحد أَن يمر
بَين يَدَيْهِ فليدفعه فَإِن أَبى فليقاتله وَفعله أَبُو
سعيد) ذكر هَذَا التَّعْلِيق عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
واسْمه سعد بن مَالك لدلالته على تَأْدِيب الرجل غير أَهله
إِذا كَانَ فِي وَاجِب فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن لمن صلى وَأَرَادَ أحد أَن يمر
بَين يَدَيْهِ بِأَن يَدْفَعهُ وَهُوَ تَأْدِيب لَهُ وَقد
مر هَذَا التَّعْلِيق مَوْصُولا فِي كتاب الصَّلَاة فِي
بَاب يرد الْمُصَلِّي من مر بَين يَدَيْهِ قَوْله وَفعله
أَبُو سعيد أَي فعل أَبُو سعيد مَا أَمر النَّبِي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي دفع الْمَار بَين يَدي
الْمُصَلِّي وَقد مر هَذَا أَيْضا فِي الْبَاب
الْمَذْكُور.
35 - (حَدثنَا إِسْمَاعِيل حَدثنِي مَالك عَن عبد
الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت
جَاءَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَرَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاضع رَأسه على فَخذي
فَقَالَ حبست رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَالنَّاس وَلَيْسوا على مَاء فعاتبني وَجعل
يطعن بِيَدِهِ فِي خاصرتي وَلَا يَمْنعنِي من التحرك
إِلَّا مَكَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - فَأنْزل الله آيَة التَّيَمُّم) مطابقته
للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن أَبَا بكر أدب ابْنَته
عَائِشَة بِحَضْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - من غير أَن يَسْتَأْذِنهُ وَإِسْمَاعِيل هُوَ
ابْن أبي أويس واسْمه عبد الله بن أُخْت مَالك وَعبد
الرَّحْمَن بن الْقَاسِم يروي عَن أَبِيه الْقَاسِم بن
مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن عَائِشَة والْحَدِيث مضى
مطولا فِي الطَّهَارَة وَفِي النِّكَاح عَن عبد الله بن
يُوسُف وَفِي فضل أبي بكر عَن قُتَيْبَة وَفِي التَّفْسِير
عَن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور وَأخرجه مُسلم فِي
الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَأخرجه
النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة عَن
مَالك وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي الطَّهَارَة قَوْله
وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
وَاضع جملَة حَالية قَوْله حبست قَول أبي بكر لعَائِشَة
لِأَنَّهَا كَانَت سَبَب توقف رَسُول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فقدت قلادتها فتوقفوا
لطلب المَاء قَوْله وَالنَّاس بِالنّصب عطف على مَا قبله
وَالْوَاو فِي وَلَيْسوا للْحَال قَوْله يطعن بِضَم
(24/20)
الْعين وَقيل بِفَتْحِهَا وَقَالَ ابْن
فَارس طعن بِالرُّمْحِ يطعن بِالضَّمِّ وَطعن يطعن
بِالْفَتْح فِي القَوْل قَوْله إِلَّا مَكَان رَسُول الله
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِفَتْح الْمِيم
وَقَالَ الْكرْمَانِي هُوَ كَقَوْلِهِم جنَّات فلَان أَو
مَجْلِسه أَو إِلَّا مَكَانَهُ على فَخذي أَو عِنْدِي أَو
إِلَّا كَونه عِنْدِي
36 - (حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان حَدثنِي ابْن وهب
أَخْبرنِي عمر وَأَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم حَدثهُ
عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت أقبل أَبُو بكر فلكزني
لكزة شَدِيدَة وَقَالَ حبست النَّاس فِي قلادة فَبِي
الْمَوْت لمَكَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - وَقد أوجعني نَحوه) هَذَا طَرِيق آخر فِي
الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن يحيى بن سُلَيْمَان أَبُو
سعيد الْكُوفِي نزيل مصر عَن عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ
عَن عَمْرو بن الْحَرْث الْمصْرِيّ قَوْله " فلكزني "
بالزاي أَي وكزني وَقَالَ أَبُو عبيد اللكز الضَّرْب
بِالْجمعِ على الْعَضُد وَقَالَ أَبُو زيد فِي جَمِيع
الْجَسَد وَالْجمع بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْمِيم وَهُوَ
الضَّرْب بِجَمِيعِ أَصَابِعه المضمومة يُقَال ضربه بِجمع
كَفه قَوْله فَبِي الْمَوْت أَي فالموت ملتبس بِي لمَكَان
رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مني
فَخفت أَن أكون سَبَب تنبهه من النّوم قَوْله وَقد أوجعني
أَي لكزه إيَّايَ قَوْله نَحوه أَي نَحْو الحَدِيث
الْمَذْكُور
(قَالَ أَبُو عبد الله لكز ووكز وَاحِد) أَبُو عبد الله
هُوَ البُخَارِيّ نَفسه وَأَرَادَ أَن هذَيْن
اللَّفْظَيْنِ بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ من كَلَام أبي
عُبَيْدَة وَلم يثبت هَذَا أَعنِي قَوْله قَالَ أَبُو عبد
الله إِلَّا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي -
(بَاب منْ رأى مَعَ امْرَأتِهِ رجلا فَقَتَلَهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِيمَن رأى ... إِلَى آخِره، كَذَا أطلق
وَلم يبين الحكم، وَقد اخْتلف فِيهِ، فَقَالَ الْجُمْهُور:
عَلَيْهِ الْقود، وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق: إِن أَقَامَ
بَيِّنَة أَنه وجده مَعَ امْرَأَته هدر دَمه، وَقَالَ
الشَّافِعِي: يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله قتل الرجل
إِن كَانَ ثَيِّبًا، وَعلم أَنه نَالَ مِنْهَا مَا يُوجب
الْغسْل، وَلَكِن لَا يسْقط عَنهُ الْقود فِي ظَاهر الحكم،
وَقَالَ ابْن حبيب: إِن كَانَ الْمَقْتُول مُحصنا
فَالَّذِي يُنجي قَاتله من الْقَتْل أَن يُقيم أَرْبَعَة
شُهَدَاء تشهد أَنه فعل بامرأته، وَإِن كَانَ غير مُحصن
فعلى قَاتله الْقود وَإِن أَتَى بأَرْبعَة شُهَدَاء. وَذكر
ابْن مزين عَن ابْن الْقَاسِم: أَن ذَلِك فِي الْبكر
وَالثَّيِّب سَوَاء يتْرك قَاتله إِذا قَامَت لَهُ
الْبَيِّنَة بِالرُّؤْيَةِ. وَقَالَ إصبغ: عَن ابْن
الْقَاسِم وَأَشْهَب اسْتحبَّ الدِّيَة فِي الْبكر فِي
مَال الْقَاتِل، وَقَالَ الْمُغيرَة: لَا قَود فِيهِ وَلَا
دِيَة، وَقد أهْدر عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ، دَمًا من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر:
الْأَخْبَار عَن عمر فِي هَذَا مُخْتَلفَة وعامتها
مُنْقَطِعَة فَإِن ثَبت عَن عمر أَنه أهْدر الدَّم فِيهَا
فَإِنَّمَا ذَلِك لشَيْء ثَبت عِنْده يسْقط الْقود.
6846 - ح دّثنا مُوسَى، حدّثنا أبُو عَوَانَة، حدّثنا
عبْدُ المَلِكِ، عنْ ورَّادٍ، كاتِب المُغِيرَةِ عنِ
المُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بن عُبادَةَ: لوْ رأيْتُ
رجُلاً مَعَ امْرَأتي لَضَرَبْتُهُ بالسيْفِ غَيْرَ
مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذالِكَ النبيَّ فَقَالَ: أتَعْجَبُونَ
مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لأَنا أغْيَرُ مِنْهُ وَالله
أغْيَرُ منِّي
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الَّذِي يفهم من
كَلَام سعد بن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن
هَذَا الْأَمر لَو وَقع لَهُ لقتل الرجل، وَلِهَذَا لما
بلغ النَّبِي لم يَنْهَهُ عَن ذَلِك حَتَّى قَالَ
الدَّاودِيّ: قَوْله: صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم:
أتعجبون من غيرَة سعد؟ يدل على أَنه حمد ذَلِك وَأَجَازَهُ
لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله، والغيرة من أَحْمد
الْأَشْيَاء، وَمن لم تكن فِيهِ فَلَيْسَ على خلق
مَحْمُود، وَبَالغ أَصْحَابنَا فِي هَذَا حَيْثُ قَالُوا:
رجل وجد مَعَ امْرَأَته أَو جَارِيَته رجلا يُرِيد أَن
يغلبها ويزني بهَا، لَهُ أَن يقْتله، فَإِن رَآهُ مَعَ
امْرَأَته أَو مَعَ محرم لَهُ
(24/21)
وَهِي مطاوعة لَهُ على ذَلِك قتل الرجل
وَالْمَرْأَة جَمِيعًا، وَمِنْهُم من منع ذَلِك مُطلقًا،
فَقَالَ الْمُهلب: الحَدِيث دَال على وجوب الْقود فِيمَن
قتل رجلا وجده مَعَ امْرَأَته لِأَن الله عز وَجل وَإِن
كَانَ أغير من عباده، فَإِن أوجب الشُّهُود فِي الْحُدُود
فَلَا يجوز لأحد أَن يَتَعَدَّ حُدُود الله، وَلَا يسْقط
دَمًا بِدَعْوَى. وروى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن
الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن هانىء بن حرَام: أَن رجلا
وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقَتَلَهُمَا، قَالَ: فَكتب عمر،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتابا فِي الْعَلَانِيَة أَن
يقتلوه، وَفِي السِّرّ أَن يعطوه الدِّيَة.
ومُوسَى شيخ البُخَارِيّ هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَأَبُو
عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة هُوَ الوضاح
الْيَشْكُرِي، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، ووراد
بِفَتْح الوو وَتَشْديد الرَّاء كَاتب الْمُغيرَة بن
شُعْبَة الثَّقَفِيّ يروي عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر النِّكَاح فِي: بَاب الْغيرَة
وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: غير مصفح بِضَم الْمِيم وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة
وَفتح الْفَاء وَكسرهَا أَي: ضَربته بِحَدّ السَّيْف
للإهلاك لَا بصفحه وَهُوَ عرضه للإرهاب. قَوْله: من غيرَة
سعد؟ بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة. الْمَنْع أَي: منع من
التَّعَلُّق بأجنبي بِنَظَر وَغَيره، وغيرة الله تَعَالَى
مَنعه عَن الْمعاصِي.
42 - (بابُ مَا جاءَ فِي التَّعْرِيضِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي التَّعْرِيض
وَهُوَ نوع من الْكِتَابَة ضد التَّصْرِيح، وَقَالَ
الرَّاغِب: هُوَ كَلَام لَهُ ظَاهر وباطن، فقصد قَائِله
الْبَاطِن وَيظْهر إِرَادَة الظَّاهِر.
6847 - ح دّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ
عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي
الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله جاءَهُ أعْرَابِيٌّ فَقَالَ:
يَا رسُولَ اللَّهِصلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ امْرَأتِي
وَلَدَتْ غُلاَماً أسْوَدَ. فَقَالَ: هَلْ لَكَ من إبِلٍ؟
قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا ألْوَانُها؟ قَالَ: حُمْرٌ.
قَالَ: هَلْ فِيها مِنْ أوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ:
فأنَّى كانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُراهُ عِرْقٌ نَزَعُهُ.
قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هاذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ 0 انْظُر
الحَدِيث 5305 وطرفهف
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: غُلَاما أسود
وَمَعْنَاهُ: أَنا أَبيض وَهُوَ أسود. فَهُوَ لَيْسَ مني
وَأمه زَانِيَة.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس. والْحَدِيث مضى فِي
الطَّلَاق عَن يحيى بن قزعة وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: هَل لَك من إبل؟ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَن ألوان
الْإِبِل لِأَن الْحَيَوَانَات تجْرِي طباع بَعْضهَا على
مشاكلة بعض فِي اللَّوْن والخلقة، ثمَّ قد ينْدر مِنْهَا
الشَّيْء لعَارض، فَكَذَلِك الْآدَمِيّ يخْتَلف بِحَسب
نَوَادِر الطباع ونوادر الْعُرُوق. قَوْله: هَل فِيهَا من
أَوْرَق؟ الأورق من الْإِبِل مَا فِي لَونه ب يَا ض إِلَى
سَواد كالرماد، وَقَالَ ابْن التِّين: الأورق الأسمر،
وَمِنْه: بعير أَوْرَق إِذا كَانَ لَونه لون الرماد.
قَوْله: فَأنى؟ بِفَتْح الْهمزَة وَفتح النُّون
الْمُشَدّدَة أَي: من أَيْن كَانَ ذَلِك؟ قَوْله: أرَاهُ
بِضَم الْهمزَة أَي: أَظُنهُ عرق نَزعَة قَالَ ابْن
التِّين: لَعَلَّه وَقع بِالنِّسْبَةِ إِلَى أحد آبَائِهِ.
وَقَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ أَن التَّعْرِيض بِالْقَذْفِ
يُوجب الْحَد. قلت: اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الْبَاب.
فَقَالَ قوم: لَا حدَّ فِي التَّعْرِيض، وَإِنَّمَا يجب
بالتصريح الْبَين، وَرُوِيَ هَذَا عَن ابْن مَسْعُود،
وَبِه قَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَالشعْبِيّ وَطَاوُس
وَحَمَّاد وَابْن الْمسيب فِي رِوَايَة، وَالْحسن
الْبَصْرِيّ وَالْحسن بن حييّ، وَإِلَيْهِ ذهب الثَّوْريّ
وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَّا أَنَّهُمَا يوجبان
عَلَيْهِ الْأَدَب والزجر، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث الْبَاب
وَعَلِيهِ يدل تبويب البُخَارِيّ. وَقَالَ آخَرُونَ:
التَّعْرِيض كالتصريح، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَعُثْمَان
وَعُرْوَة وَالزهْرِيّ وَرَبِيعَة، وَبِه قَالَ مَالك
وَالْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: رُوِيَ عَن
وُجُوه أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حد فِي
التَّعْرِيض بالفاحشة، وَعَن ابْن جريج الَّذِي حَده عمر،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي التَّعْرِيض عِكْرِمَة بن
عَامر بن هِشَام بن عبد منَاف بن عبد الدَّار، هجا وهب بن
زَمعَة بن الْأسود بن عبد الْمطلب بن أَسد، فَعرض لَهُ فِي
هجائه. وَسمعت ابْن أبي مليكَة يَقُول ذَلِك، وَرُوِيَ
نَحْو هَذَا عَن ابْن الْمسيب. وَفِيه: إِثْبَات
الشُّبْهَة وَإِثْبَات الْقيَاس بِهِ. وَفِيه: الزّجر عَن
تَحْقِيق ظن السوء وَتقدم حكم الْفراش على اعْتِبَار
المشابهة.
43 - (بابٌ كَمِ التَّعْزِيرُ والأدَبُ)
(24/22)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ كم التَّعْزِير،
وَأَشَارَ بِلَفْظ: كم إِلَى الْخلاف فِي عدد التَّعْزِير
على مَا يَجِيء عَن قريب، وَالتَّعْزِير مصدر من عزّر
بِالتَّشْدِيدِ مَأْخُوذ من العزر وَهُوَ الرَّد
وَالْمَنْع، وَاسْتعْمل فِي الدّفع عَن الشَّخْص لدفع
أعدائه عَنهُ ومنعهم عَن إضراره، وَمِنْه: عزره القَاضِي
إِذا أدبه لِئَلَّا يعود إِلَى الْقَبِيح، وَيكون
بالْقَوْل وَالْفِعْل بِحَسب مَا يَلِيق بالمعزر. قَوْله:
وَالْأَدب بِمَعْنى التَّأْدِيب وَهُوَ أَعم من
التَّعْزِير، وَمِنْه تَأْدِيب الْوَالِد وتأديب الْمعلم.
وَقَالَ الْأَزْهَرِي وَأَبُو زيد: الْأَدَب اسْم يَقع على
كل رياضة محمودة يتَخَرَّج بهَا الْإِنْسَان فِي فَضِيلَة
من الْفَضَائِل.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي مبلغ التَّعْزِير على أَقْوَال.
أَحدهَا: لَا يُزَاد على عشر جلدات إلاّ فِي حد، وَهُوَ
قَول أَحْمد وَإِسْحَاق. وَالثَّانِي رُوِيَ عَن اللَّيْث
أَنه قَالَ: يحْتَمل أَن لَا يتَجَاوَز بالتعزير عشرَة
أسواط، وَيحْتَمل مَا سوى ذَلِك. وَالثَّالِث: أَن لَا
يبلغ فَوق عشْرين سَوْطًا. وَالرَّابِع: أَن لَا يبلغ
أَكثر من ثَلَاثِينَ جلدَة، وهما مرويان عَن عمر، رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ. وَالْخَامِس قَالَ الشَّافِعِي فِي
قَوْله الآخر: لَا يبلغ عشْرين سَوْطًا. وَالسَّادِس قَالَ
أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: لَا يبلغ بِهِ أَرْبَعِينَ
سَوْطًا بل ينقص مِنْهُ سَوْطًا، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي
فِي قَول وَالسَّابِع قَالَ ابْن أبي ليلى وَأَبُو يُوسُف:
أَكْثَره خَمْسَة وَسَبْعُونَ سَوْطًا. وَالثَّامِن قَالَ
مَالك: التَّعْزِير رُبمَا كَانَ أَكثر من الْحَد إِذا
أدّى الإِمَام اجْتِهَاده إِلَى ذَلِك، وَرُوِيَ مثله عَن
أبي يُوسُف وَأبي ثَوْر وَالتَّاسِع قَالَ اللَّيْث: لَا
يتَجَاوَز تِسْعَة وَأَقل، وَبِه قَالَ أهل الظَّاهِر،
نَقله ابْن حزم والعاشر قَالَ الطَّحَاوِيّ: وَلَا يجوز
اعْتِبَار التَّعْزِير بالحدود لأَنهم لم يَخْتَلِفُوا فِي
أَن التَّعْزِير موكول إِلَى اجْتِهَاد الإِمَام فيخفف
تَارَة ويشدد أُخْرَى.
6848 - ح دّثنا عَبْدُ الله بن يُوسُفَ، حدّثنا اللَّيْثُ،
حدّثني يَزِيدُ بنُ أبي حَبِيبٍ، عنْ بُكَيْرِ بنِ عَبْدِ
الله، عنْ سُلَيْمانَ بنِ يَسارٍ، عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ
بنِ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله، عنْ أبي بُرْدَةَ، رَضِي الله
عَنهُ، قَالَ: كانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُولُ لَا يُجْلَدُ فوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلاّ فِي
حَدَ مِنْ حُدُودِ الله
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه بَين قَوْله فِي
التَّرْجَمَة: كم التَّعْزِير، وَفِيه بحث يَأْتِي عَن
قريب.
وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي حبيب بِفَتْح الْحَاء
الْمُهْملَة أَبُو رَجَاء الْمصْرِيّ وَاسم أبي حبيب
سُوَيْد، وَبُكَيْر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد
الله بن الْأَشَج، وَسليمَان بن أبي يسَار ضد الْيَمين
وَعبد الرحمان بن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَفِي
رِوَايَة الْأصيلِيّ: عَن أبي أَحْمد الْجِرْجَانِيّ عبد
الرحمان عَن جَابر ثمَّ خطّ على قَوْله: عَن جَابر،
فَصَارَ: عَن عبد الرحمان عَن أبي بردة بِضَم الْبَاء
الْمُوَحدَة اسْمه هانىء بِكَسْر النُّون ابْن نيار
بِكَسْر النُّون وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف الأوسي
الْحَارِثِيّ الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، خَال الْبَراء بن
عَازِب، شهد بَدْرًا وَسمع النَّبِي وروى عَنهُ جَابر بن
عبد الله عِنْد الشَّيْخَيْنِ، وَعبد الرحمان بن جَابر
عِنْد البُخَارِيّ هَاهُنَا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أَحْمد بن عِيسَى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث
بِهِ وَعَن أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب بِهِ. وَأخرجه
التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ
فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَعَن مُحَمَّد بن أبي عبد الرحمان
الْمنْقري عَن أَبِيه عَن سعيد بن أبي أَيُّوب عَن يزِيد
بن أبي حبيب عَن بكير عَن سُلَيْمَان عَن عبد الرحمان بن
فلَان عَن أبي بردة بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن وهب
الْحَرَّانِي عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن أبي عبد
الرَّحِيم عَن زيد بن أبي أنيسَة عَن يزِيد بن أبي حبيب
عَن بكير عَن سُلَيْمَان عَن عبد الرحمان بن جَابر عَن
أَبِيه عَن أبي بردة وَفِي الْمُحَاربَة عَن مُحَمَّد بن
عبد الله بن بزيغ عَن فُضَيْل بن سُلَيْمَان نَحوه. وَابْن
مَاجَه فِي الْحُدُود عَن مُحَمَّد بن رمح التجِيبِي عَن
اللَّيْث بِهِ، وَفِي حَدِيث أبي لَهِيعَة: حَدثنِي بكير
عَن سُلَيْمَان عَن عبد الرحمان بن جَابر حَدثنِي أَبُو
بردة بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ مُسلم: عَن
عبد الرحمان بن جَابر عَن رجل من الْأَنْصَار عَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ حَفْص بن ميسرَة:
عَن عبد الرحمان بن جَابر عَن أَبِيه، قَالَ: وَالْقَوْل
قَول اللَّيْث وَمن تَابعه، وَفِي مَوضِع آخر: حَدِيث
عَمْرو بن الْحَارِث عَن بكير عَن سُلَيْمَان عَن عبد
الرحمان بن جَابر عَن أَبِيه عَن أبي بردة صَحِيح، وَقَالَ
الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث ثَابت وَأحسن مَا يُصَار
إِلَيْهِ فِي هَذَا مَا ثَبت عَن بكير فَذكره، قَالَ: وَقد
أَقَامَ إِسْنَاده عَمْرو بن الْحَارِث فَلَا يضرّهُ
تَقْصِير من قصره. فَإِن قلت: قَالَ ابْن الْمُنْذر: فِي
إِسْنَاده مقَال، وَنقل ابْن بطال عَن الْأصيلِيّ: أَنه
اضْطربَ حَدِيث عبد الله بن جَابر
(24/23)
فَوَجَبَ تَركه لاضطرابه ولوجود عمل
الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ بِخِلَافِهِ. قلت: رد
عَلَيْهِ بِأَن عبد الرحمان ثِقَة صرح بِسَمَاعِهِ وإبهام
الصَّحَابِيّ لَا يضر، وَقد اتّفق الشَّيْخَانِ على
تَصْحِيحه وهم الْعُمْدَة فِي الصَّحِيح وَلَا يضر هَذَا
الِاخْتِلَاف عِنْدهمَا فِي صِحَة الحَدِيث لِأَنَّهُ
كَيفَ مَا دَار يَدُور على ثِقَة، وَحَاصِل الِاخْتِلَاف
هَل هُوَ صَحَابِيّ مُبْهَم أَو مُسَمّى؟ فالراجح
الثَّانِي، وإبهام الصَّحَابِيّ أَيْضا لَا يضر، فالراجح
أَنه أَبُو بردة بن نيار، وَهل بَين عبد الرحمان وَأبي
بردة وَاسِطَة وَهُوَ أَبوهُ جَابر أَو لَا؟ . فالراجح
هُوَ الثَّانِي أَيْضا.
قَوْله: إِلَّا فِي حد من حُدُود الله ظَاهره أَن المُرَاد
بِالْحَدِّ مَا ورد فِيهِ من الشَّارِع عدد من الْجلد أَو
الضَّرْب الْمَخْصُوص أَو عُقُوبَة، وَقيل: المُرَاد
بِالْحَدِّ حق الله، وَقيل: المُرَاد بِالْحَدِّ هَاهُنَا
الْحُقُوق الَّتِي هِيَ أوَامِر الله تَعَالَى ونواهيه
وَهِي المُرَاد بقوله: وَفِي آيَة أُخْرَى وَقَالَ:
وَقَالَ: وَمعنى الحَدِيث: لَا يُزَاد على الْعشْر فِي
التأديبات الَّتِي لَا تتَعَلَّق بِمَعْصِيَة: كتأديب
الْأَب وَلَده الصَّغِير، وَقيل: يحْتَمل أَن يفرق بَين
مَرَاتِب الْمعاصِي، فَمَا ورد فِيهِ تَقْدِير لَا يُزَاد
عَلَيْهِ، وَمَا لم يرد فِيهِ التَّقْدِير فَإِن كَانَ
كَبِيرَة جَازَت الزِّيَادَة فِيهِ، وَكَانَ مَالك يرى
الْعقُوبَة بِقدر الذَّنب، وَيرى ذَلِك موكولاً إِلَى
اجْتِهَاد الْأَئِمَّة وَإِن جَاوز ذَلِك الْحَد. وَقَالَ
الدَّاودِيّ: لم يبلغ مَالِكًا هَذَا الحَدِيث، يَعْنِي
حَدِيث الْبَاب، وَقَالَ ابْن الْقصار: لما كَانَ طَرِيق
التَّعْزِير إِلَى اجْتِهَاد الإِمَام على حسب مَا يغلب
على ظَنّه أَنه يردع بِهِ، وَكَانَ فِي النَّاس من يردعه
الْكَلَام وَفِيهِمْ من لَا يردعه مائَة سَوط، وَهِي
عِنْده كضرب الْمُزَوجَة، فَلم يكن للتحديد فِيهِ معنى
وَكَانَ مفوضاً إِلَى مَا يُؤَدِّيه اجْتِهَاده بِأَن يردع
مثله. وَقَالَ الْمُهلب: ألاّ يرى أَن سيدنَا رَسُول الله
زَاد المواصلين فِي النكال؟ فَكَذَلِك يجوز للْإِمَام أَن
يزِيد فِيهِ على حسب اجْتِهَاده، فَيجب أَن يضْرب كل
وَاحِد على قدر عصيانه للسّنة ومعاندته أَكثر مِمَّا يضْرب
الْجَاهِل، وَلَو كَانَ فِي شَيْء من ذَلِك حد، لم يجز
خِلَافه. وَقَالَ ابْن حزم: الْحَد فِي سَبْعَة أَشْيَاء:
الرِّدَّة، والحرابة قبل أَن يقدر عَلَيْهِ، والزنى،
وَالْقَذْف بِالزِّنَا، وَشرب الْمُسكر أسكر أم لم يسكر،
وَالسَّرِقَة، وَجحد الْعَارِية. وَأما سَائِر الْمعاصِي
فَإِنَّمَا فِيهَا التَّعْزِير فَقَط وَهُوَ الْأَدَب.
وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي رأى فِيهَا قوم من
الْمُتَقَدِّمين حدا وَاجِبا: السكر وَالْقَذْف بِالْخمرِ
والتعريض وَشرب الدَّم وَأكل الْخِنْزِير وَالْميتَة وَفعل
قوم لوط وإتيان الْبَهِيمَة وسحق النِّسَاء وَترك
الصَّلَاة غير جَاحد لَهَا وَالْفطر فِي رَمَضَان وَالسحر.
6849 - ح دّثنا عَمْرُو بنُ عَلِيَ، حدّثنا فضَيْلُ بنُ
سُلَيْمانَ، حدّثنا مُسْلِمُ بنُ أبي مَرْيَمَ، حدّثني
عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ جابِرٍ عَمَّنْ سَمَعَ النبيَّصلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا عُقُوبَةَ فَوْقَ عَشْر
ضَرَبات إلاّ فِي حَدَ مِنْ حُدُودِ الله
انْظُر الحَدِيث 6848 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ طَرِيق آخر فِي
الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عَمْرو بن عَليّ بن بَحر
أبي حَفْص الْبَاهِلِيّ الْبَصْرِيّ الصَّيْرَفِي، وَهُوَ
شيخ مُسلم أَيْضا عَن فُضَيْل تَصْغِير فضل بالضاد
الْمُعْجَمَة ابْن سُلَيْمَان النميري الْبَصْرِيّ عَن
مُسلم بن أبي مَرْيَم السّلمِيّ الْمَدِينِيّ عَن عبد
الرحمان بن جَابر بن عبد الله عَمَّن سمع النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله: عَمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مُبْهَم وَلَكِن لَا يضر إِبْهَام الصَّحَابِيّ كَمَا
ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَقد سَمَّاهُ أَبُو حَفْص بن ميسرَة
فَقَالَ: عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم عَن عبد الرحمان بن
جَابر عَن أَبِيه، أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَقَالَ:
رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن عبد الرَّزَّاق عَن
ابْن جريج عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم عَن عبد الرحمان بن
جَابر عَن رجل من الْأَنْصَار. وَقَوله: عَن رجل من
الْأَنْصَار، يحْتَمل أَن يكون أَبَا بردة، وَيحْتَمل أَن
يكون جَابر بن عبد الله، لِأَن كلّاً من أبي بردة وَجَابِر
بن عبد الله أَنْصَارِي.
6850 - حدّثنا يَحْيى بنُ سُلَيْمان، حدّثني ابنُ وَهْبٍ
أَخْبرنِي عَمْرٌ وَأَن بُكَيْراً حدَّثَهُ قَالَ:
بَيْنَما أَنا جالِسٌ عِنْدَ سُلَيْمانَ بنِ يَسارٍ، إذْ
جاءَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ جابِرٍ، فَحَدَّثَ سُلَيْمان
بنَ يَسارٍ، ثمَّ أقْبَلَ عَليْنا سُلَيْمانُ بنُ يَسارٍ،
فَقَالَ: حدّثني عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ جابِرٍ أنَّ أباهُ
حدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ الأنْصاريَّ
(24/24)
قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يَقُولُ لَا تَجْلِدُوا فَوْقَ عَشَرةِ أسْواطٍ إلاّ
فِي حَدَ مِنْ حُدُودِ الله
انْظُر الحَدِيث 6848 وطرفه
هَذَا طَرِيق ثَالِث فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن
يحيى بن سُلَيْمَان الْكُوفِي نزل مصر عَن عبد الله بن وهب
عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج
إِلَى آخِره، وَمعنى هَذَا الحَدِيث فِي الطَّرِيق
الثَّلَاثَة وَاحِد غير أَن أَلْفَاظه مُخْتَلفَة، فَفِي
الأول: عشر جلدات، وَفِي الثَّانِي: عشر ضربات، وَفِي
الثَّالِث: عشرَة أسواط.
6851 - حدّثنا يَحْياى بنُ بَكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ عنْ
عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، حدّثنا أبُو سَلَمَة أنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: نَهاى رسولُ
الله عنِ الوِصالِ فَقَالَ لهُ رِجالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ:
فإنّكَ يَا رسولَ الله تُواصِلُ فَقَالَ رسولُ الله
أيُّكُمْ مِثْلِي؟ إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي
ويسْقِين فَلَمَّا أبَوْا أنْ يَنْتَهُوا عنِ الوِصالِ
واصَلَ بِهِمْ يَوْماً، ثمَّ يَوْماً، ثُمَّ رَأوُا
الهِلالَ فَقَالَ: لَوْ تَأخَّرَ لَزِدْتُكُمْ
كالمُنَكِّلِ بِهِمْ حِينَ أبَوْا.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: كالمنكل بهم أَي:
كالمحذر المريد لعقوبتهم. وَيُسْتَفَاد مِنْهُ: جَوَاز
التَّعْزِير بالتجويع وَنَحْوه من الْأُمُور المعنوية.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة قَرِيبا وبعيداً، وَعقيل
بِضَم الْعين ابْن خَالِد، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمان
بن عَوْف والْحَدِيث بِهَذَا الْوَجْه من أَفْرَاده.
قَوْله: عَن الْوِصَال أَي: بَين الصومين. قَوْله: فَقَالَ
لَهُ رجال ويروى: رجل، بِالْإِفْرَادِ. قَوْله: إِنِّي
أَبيت قد مر فِي كتاب الصَّوْم: أظل، وَيُرَاد مِنْهُمَا
الْوَقْت الْمُطلق لَا الْمُقَيد بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار.
قَوْله: يطعمني إطْعَام الله تَعَالَى لَهُ وسقيه مَحْمُول
على الْحَقِيقَة بِأَن يرزقه الله تَعَالَى طَعَاما
وَشَرَابًا من الْجنَّة ليَالِي صِيَامه كَرَامَة لَهُ،
وَقيل: هُوَ مجَاز عَن لازمها وَهُوَ الْقُوَّة، وَقيل:
الْمجَاز هُوَ الْوَجْه لِأَنَّهُ لَو أكل حَقِيقَة
بِالنَّهَارِ لم يكن صَائِما، وبالليل لم يكن مواصلاً.
قَوْله: فَلَمَّا أَبَوا أَي: فَلَمَّا امْتَنعُوا.
قَوْله: أَن ينْتَهوا كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي:
الِانْتِهَاء، وَإِنَّمَا لم ينْتَهوا لأَنهم فَهموا
مِنْهُ أَنه للتنزيه والإرشاد إِلَى الْأَصْلَح وَإِنَّمَا
رَضِي لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالوصال
لاحْتِمَال الْمصلحَة تَأْكِيدًا لزجرهم وبياناً للمفسدة
المترتبة على الْوِصَال. قَوْله: لَو تَأَخّر أَي:
الْهلَال لزدت الْوِصَال عَلَيْكُم إِلَى تَمام الشَّهْر
حَتَّى يظْهر عجزكم. قَوْله: كالمنكل أَي: قَالَ ذَلِك
كالمنكل من النكال وَهُوَ الْعقُوبَة.
تابَعَهُ شُعَيْبٌ ويَحْياى بنُ سَعِيدٍ ويُونُسُ عنِ
الزُّهْرِيِّ.
أَي: تَابع عقيلاً شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَيحيى بن سعيد
الْأنْصَارِيّ وَيُونُس بن يزِيد فِي روايتهم عَن مُحَمَّد
بن مُسلم الزُّهْرِيّ. أما مُتَابعَة شُعَيْب فرواها
البُخَارِيّ فِي كتاب الصّيام فِي: بَاب التنكيل لمن أَكثر
الْوِصَال: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن
الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرحمان
أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال فِي الصَّوْم فَقَالَ لَهُ
رجل من الْمُسلمين: إِنَّك تواصل ... الخ. وَأما مُتَابعَة
يحيى بن سعيد فوصلها الذهلي فِي الزهريات وَأما مُتَابعَة
يُونُس فوصلها مُسلم من طَرِيق ابْن وهب عَنهُ: حَدثنِي
أَبُو الطَّاهِر قَالَ: سَمِعت عبد الله بن وهب يحدث عَن
يُونُس عَن ابْن شهَاب، وحَدثني حَرْمَلَة بن يحيى قَالَ؟
أخبرنَا ابْن وهب قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب.
قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، وَأَبُو سَلمَة بن عبد
الرحمان ... الحَدِيث مطولا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خالِدٍ: عنِ ابنِ شِهابٍ
عنْ سَعِيدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله
عَلَيْهِ وسلمأي قَالَ عبد الرحمان بن خَالِد بن مُسَافر
الفهمي الْمصْرِيّ أَمِير مصر لهشام بن عبد الْملك بن
مَرْوَان يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ
عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي وَذكر
الْإِسْمَاعِيلِيّ أَن أَبَا صَالح رَوَاهُ عَن اللَّيْث
عَن عبد الرحمان بن خَالِد، فَجمع فِيهِ بَين سعيد وَأبي
سَلمَة.
(24/25)
6852 - ح دّثني عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ،
حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى، حدّثنا مَعْمَرٌ، عنِ
الزُّهْرِيِّ، عنْ سالِمٍ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمرَ
أنَّهُمْ كانُوا يُضْرَبُونَ عَلى عَهْدِ رسولِ الله إذَا
اشْتَرَوْا طَعاماً جِزَافاً أنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكانِهمْ
حتَّى يَؤْوُهُ إِلَى رِحالِهمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: إِنَّهُم كَانُوا
يضْربُونَ الخ، وَذَلِكَ لمخالفتهم الْأَمر الشَّرْعِيّ.
وَعَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء
آخر الْحُرُوف ابْن الْوَلِيد أَبُو الْوَلِيد الرقام
الْبَصْرِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَسَالم
هُوَ ابْن عبد الله بن عمر، وَقَالَ الجياني: كَذَا
رَوَاهُ مُسْندًا مُتَّصِلا عَن ابْن السكن وَأبي زيد
وَغَيرهمَا، وَفِي نُسْخَة أبي أَحْمد مُرْسلا لم يذكر
فِيهِ ابْن عمر أرْسلهُ عَن سَالم وَالصَّوَاب مَا تقدم،
وَقد وَقع فِي رِوَايَة مُسلم: عَن أبي بكر بن أبي شيبَة
عَن عبد الْأَعْلَى بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن سَالم عَن
ابْن عمر بِهِ، وَقد تقدم فِي الْبيُوع من طَرِيق يُونُس
عَن الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي سَالم بن عبد الله أَن ابْن
عمر قَالَ ... فَذكر نَحوه.
قَوْله: يضْربُونَ على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: على
عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: على
زَمَانه. قَوْله: جزَافا بِالْجِيم بالحركات الثَّلَاث
وَهُوَ فَارسي مُعرب وَأَصله: كزافاً، بِالْكَاف مَوضِع
الْجِيم وَهُوَ البيع بِلَا كيل وَنَحْوه. قَوْله: أَن
يبيعوه أَي: لِأَن يبيعوه، فكلمة: أَن مَصْدَرِيَّة أَي:
يضْربُونَ لبيعهم فِي مكانهم. قَوْله: حَتَّى يؤوه كلمة:
حَتَّى، للغاية و: أَن، مقدرَة بعْدهَا، وَالْمعْنَى:
إيواؤهم إِيَّاهَا إِلَى رحالهم أَي: إِلَى مَنَازِلهمْ.
وَالْمَقْصُود النَّهْي عَن بيع الْمَبِيع حَتَّى يقبضهُ
المُشْتَرِي.
6853 - ح دّثنا عَبْدَانُ، أخبرنَا عبْدُ الله، أخبرنَا
يُونُسُ، عنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبرنِي عُرْوَةُ، عنْ
عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: مَا انْتَقَمَ
رسولُ الله لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ يُؤْتى إلَيْهِ حتَّى
يُنْتَهكَ مِنْ حُرْماتِ الله فَيَنْتَقِمَ لله.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينْتَقم لله إِذا انتهك حُرْمَة حد
من حُدُود الله إِمَّا بِالضَّرْبِ وَإِمَّا بِالْحَبْسِ
وَإِمَّا بِشَيْء آخر يكرههُ، وَهَذَا دَاخل فِي: بَاب
التَّعْزِير والتأديب.
وعبدان هُوَ لقب عبد الله بن عُثْمَان يروي عَن عبد الله
بن الْمُبَارك عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم
الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم
الْمُؤمنِينَ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن حَرْمَلَة عَن
ابْن وهب عَن يُونُس.
قَوْله: مَا انتقم من الانتقام وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي
الْعقُوبَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: معنى الحَدِيث مَا
عاقب رَسُول الله أحدا على مَكْرُوه أَتَاهُ من قبله،
يُقَال: نقم ينقم ونقم ينقم فَالْأول من بَاب علم
وَالثَّانِي من بَاب ضرب. قَوْله: حَتَّى ينتهك أَي:
حَتَّى يُبَالغ فِي خرق محارم الشَّرْع وإتيانها،
والانتهاك ارْتِكَاب الْمعْصِيَة. وَفِيه حذف تَقْدِيره:
حَتَّى ينتهك شَيْء من حرمات الله جمع حُرْمَة كظلمة تجمع
على ظلمات وَالْحُرْمَة مَا لَا يحل انتهاكه. قَوْله:
فينتقم بِالنّصب عطف على قَوْله: حَتَّى ينتهك لِأَن: أَن،
مقدرَة بعد: حَتَّى فَافْهَم.
44 - (بابُ مَنْ أظْهَرَ الفاحِشَةَ واللَّطْخَ
والتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من أظهر الْفَاحِشَة وَهِي
أَن يتعاطى مَا يدل عَلَيْهَا عَادَة من غير أَن يثبت
ذَلِك بِبَيِّنَة أَو بِإِقْرَار. قَوْله: واللطخ، بِفَتْح
اللَّام وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة وبالخاء
الْمُعْجَمَة وَهُوَ الرَّمْي بِالشَّرِّ، يُقَال: لطخ
فلَان بِكَذَا أَي: رمي بشر، ولطخه بِكَذَا بِالتَّخْفِيفِ
وَالتَّشْدِيد: لوثه بِهِ. قَوْله: والتهمة، بِضَم التَّاء
الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْهَاء، وَقَالَ
الْكرْمَانِي: الْمَشْهُور سُكُون الْهَاء لَكِن قَالُوا:
الصَّوَاب فتحهَا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: التُّهْمَة
فعلة من الْوَهم وَالتَّاء بدل من الْوَاو، يُقَال: اتهمته
إِذا ظَنَنْت فِيهِ مَا نسب إِلَيْهِ، وَقَالَ
الْجَوْهَرِي: اتهمت فلَانا بِكَذَا، وَالِاسْم التُّهْمَة
بِالتَّحْرِيكِ وأصل التَّاء فِيهِ وَاو.
6854 - ح دّثنا عَلِيٌّ، حدّثنا سُفْيانُ، قَالَ
الزُّهرِيُّ: عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ
المُتَلاَعِنَيْنِ
(24/26)
وَأَنا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَرَّقَ
بَيْنَهُما فَقَالَ زوْجُها: كَذَبْتُ عَليْها إنْ
أمْسَكْتُها، قَالَ: فَحَفِظْتُ ذاكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ:
إنْ جاءَتْ بِهِ كَذا وكَذا فَهْوَ، وإنْ جاءَتْ بِهِ
كَذَا وكَذا كأنهُ وَحَرَةٌ فَهُوَ، وسَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: جاءَتْ بِهِ لِلّذِي يُكْرَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِن فِيهِ
إِظْهَار الْفَاحِشَة واللطخ.
وَعلي شيخ البُخَارِيّ وَهُوَ ابْن عبد الله بن
الْمَدِينِيّ، وَفِي بعض النّسخ: أَبوهُ عبد الله مَذْكُور
مَعَه، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث مضى فِي الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله
بن يُوسُف وَعَن أبي الرّبيع الزاهراني، وَسَيَجِيءُ فِي
الِاعْتِصَام وَفِي الْأَحْكَام، وَمضى الْكَلَام فِيهِ
فِي الطَّلَاق.
قَوْله: وَأَنا ابْن خمس عشرَة الْوَاو فِيهِ للْحَال،
ويروى: ابْن خمس عشرَة سنة بِإِظْهَار الْمُمَيز. قَوْله:
فَحفِظت ذَاك أَي: الْمَذْكُور بعده، وَهُوَ: إِن جَاءَت
بِهِ أسود أعين ذَا إليتين فَلَا أرَاهُ إلاَّ قد صدق
عَلَيْهَا، وَإِن جَاءَت بِهِ أَحْمَر قَصِيرا كَأَنَّهُ
وحرة فَلَا أَرَاهَا إلاَّ قد صدقت وَكذب عَلَيْهَا.
قَوْله: إِن جَاءَت بِهِ أَي: بِالْوَلَدِ كَذَا وَكَذَا
فَهُوَ وَقع بِالْكِنَايَةِ وَهُوَ قَوْله: فَهُوَ
وبالاكتفاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ: وَبَيَانه مَا ذَكرْنَاهُ
الْآن. قَوْله: وحرة بِفَتْح الْوَاو والحاء الْمُهْملَة
وَالرَّاء وَهِي دويبة كسام أبرص، وَقيل: دويبة حَمْرَاء
تلصق بِالْأَرْضِ، وَقَالَ الْقَزاز: هِيَ كالوزغة تقع فِي
الطَّعَام فتفسده، فَيُقَال: وحر. قَوْله: وَسمعت
الزُّهْرِيّ الْقَائِل بِهَذَا هُوَ سُفْيَان. قَوْله:
جَاءَت بِهِ أَي: جَاءَت الْمَرْأَة بِالْوَلَدِ للَّذي
يكره
6855 - ح دّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيان،
حدّثنا أبُو الزِّنادِ، عنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ قَالَ:
ذَكَر ابنُ عَبَّاسٍ المُتَلاعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ الله
بنُ شَدَّادٍ: هِيَ الَّتِي قَالَ رسولُ الله لَوْ كُنْتُ
راجِماً امْرأةً عنْ غَيْرِ بَيْنَةٍ قَالَ: لَا تِلْكَ
امْرأةٌ أعْلَنَتْ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: عَن غير بَيِّنَة
وَأَبُو الزِّنَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون عبد
الله بن ذكْوَان، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر
الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعبد الله بن
شَدَّاد بن الْهَاد اللَّيْثِيّ والْحَدِيث مضى فِي
اللّعان.
قَوْله: عَن غير بَيِّنَة كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني
بِلَفْظَة عَن وَفِي رِوَايَة غَيره: من غير بَيِّنَة
بِلَفْظَة من، بِالْمِيم. قَوْله: قَالَ لَا أَي: قَالَ
ابْن عَبَّاس: لَا، تِلْكَ امْرَأَة أعلنت أَي: السوء
والفجور.
6856 - ح دّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، حدّثنا
اللَّيْثُ، حدّثني يَحْياى بنُ سَعِيدٍ، عنْ عَبْدِ
الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ، عنِ القاسِمِ بن مُحَمَّدٍ، عنِ
ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: ذُكِرَ
التَلاَّعُنُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ عاصِمُ بنُ عَدِيَ فِي ذالِكَ قَوْلاً، ثُمَّ
انْصَرَفَ، فأتاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أنَّهُ
وَجَدَ مَعَ أهْلِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عاصِمٌ: مَا
ابْتُلِيتُ بهاذا إلاّ لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى
النبيِّ فأخْبَرَهُ بالّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرأتَهُ،
وَكَانَ ذالِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرّاً قَلِيلَ اللَّحْمِ،
سَبْطَ الشَّعَر، وَكَانَ الّذي ادَّعاى عَليْهِ أنَّهُ
وجَدَهُ عِنْدَ أهْلِهِ آدَمَ خَدِلاً كَثِيرَ اللَّحْمِ،
فَقَالَ النَّبيُّ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَوَضَعَتْ شَبِيهاً
بالرَّجُل الّذِي ذَكَرَ زَوْجُها أنَّهُ وجَدَهُ
عِنْدَها، فَلاَعَنَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَيْنَهُما، فَقَالَ رَجلٌ لاِبنِ عَبَّاس فِي المَجْلِسِ
هِيَ الَّتِي قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ
رَجَمْتُ أحَداً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هاذِهِ
فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امْرأةٌ كانَتْ تُظْهرُ فِي
الإسْلامِ السُّوءَ
(24/27)
هَذَا طَرِيق آخر مطول فِي حَدِيث ابْن
عَبَّاس، وَهُوَ أَيْضا مضى فِي اللّعان.
قَوْله: ذكر التلاعن بِضَم الذَّال على صِيغَة الْمَجْهُول
والتلاعن مَرْفُوع. قَوْله: عَاصِم بن عدي بِفَتْح الْعين
الْمُهْملَة وَكسر الدَّال ابْن الْجد بن عجلَان
الْعجْلَاني ثمَّ البلوي شهد بَدْرًا وَاحِدًا
وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا، وَقيل: لم يشْهد بَدْرًا،
مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وَقد بلغ قَرِيبا من عشْرين
وَمِائَة سنة. قَوْله: فَأَتَاهُ رجل أَي: فَأتى عَاصِم بن
عدي رجل وَهُوَ عُوَيْمِر مصغر عَامر قَوْله: من قومه أَي:
من قوم عَاصِم بن عدي، يَعْنِي: هُوَ الآخر عجلاني.
قَوْله: مَعَ أَهله أَي: مَعَ امْرَأَته. قَوْله: مَا
ابْتليت على صِيغَة الْمَجْهُول من الِابْتِلَاء. قَوْله:
فَذهب بِهِ أَي: فَذهب عَاصِم بِالرجلِ الْمَذْكُور إِلَى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: مصفراً أَي:
مصفر اللَّوْن. قَوْله: سبط الشّعْر بِفَتْح السِّين
الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وسكونها وَهُوَ
نقيض الْجَعْد. قَوْله: آدم من الأدمة وَهِي السمرَة
الشَّدِيدَة، وَقيل: من أدمة الأَرْض وَهِي لَوْنهَا
وَمِنْه سمى آدم، عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله: خدلاً
بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الدَّال
الْمُهْملَة وَهُوَ الممتلىء السَّاق غليظاً، وَقَالَ ابْن
فَارس: يُقَال: امْرَأَة خدلة أَي ممتلئة الْأَعْضَاء
دقيقة الْعِظَام، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الخدلاء
الْبَيِّنَة الخدل وَهِي الممتلئة السَّاقَيْن والذراعين،
وَقَالَ الْهَرَوِيّ: الخدل الممتلىء السَّاق، وَذكر
الحَدِيث، ورويناه: خدلاً بِفَتْح الدَّال وَتَشْديد
اللَّام وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى بِكَسْر الْخَاء
وَالتَّخْفِيف. قَوْله: فَقَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس الرجل
هُوَ عبد الله بن شَدَّاد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث
السَّابِق. قَوْله: كَانَت تظهر فِي الْإِسْلَام السوء
قَالَ النَّوَوِيّ: أَي: أَنه اشْتهر عَنْهَا وشاع وَلَكِن
لم تقم الْبَيِّنَة عَلَيْهَا بذلك وَلَا اعْترفت، فَدلَّ
على أَن الْحَد لَا يجب بالاستفاضة. وَقَالَ الْمُهلب:
فِيهِ: أَن الْحَد لَا يجب على أحد إلاَّ بِبَيِّنَة أَو
إِقْرَار وَلَو كَانَ مُتَّهمًا بالفاحشة.
45 - (بابُ رَمْي المُحْصَناتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم قذف الْمُحْصنَات أَي:
العفيفات، وَلَا يخْتَص بالمتزوجات.
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ
الْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِى الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ
وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
ذكر هَاتين الْآيَتَيْنِ لِأَن الأولى تدل على بَيَان حكم
حد الْقَذْف، وَالثَّانيَِة تدل على أَنه من الْكَبَائِر.
قَوْله: اب ة أَي: العفائف الْحَرَائِر المسلمات، وناب
فِيهَا ذكر رمي النِّسَاء عَن ذكر رمي الرِّجَال إِذْ حكم
المحصنين فِي الْقَذْف كَحكم الْمُحْصنَات قِيَاسا
واستدلالاً، وَأَن من قذف حرا عفيفاً مُؤمنا عَلَيْهِ
الْحَد ثَمَانُون كمن قذف حرَّة مُؤمنَة، وَاخْتلف فِي حكم
قذف الأرقاء على مَا سَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَاعْلَم أَن الْآيَة الأولى سَاقهَا أَبُو ذَر والنسفي
كَذَا. الْآيَة وساقها غَيرهمَا إِلَى قَوْله: سَاق
الْآيَة الثَّانِيَة أَبُو ذَر كَذَا. الْآيَة وسَاق غَيره
إِلَى:
عَذَاب عَظِيم
47 - (حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله حَدثنَا
سُلَيْمَان عَن ثَوْر بن زيد عَن أبي الْغَيْث عَن أبي
هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم َ - قَالَ اجتنبوا السَّبع الموبقات قَالُوا يَا
رَسُول الله وَمَا هن قَالَ الشّرك بِاللَّه وَالسحر وَقتل
النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَأكل
الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم والتولي يَوْم الزَّحْف
وَقذف الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات الْغَافِلَات) مطابقته
للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث وَعبد الْعَزِيز بن عبد
الله بن يحيى الأويسي الْمَدِينِيّ من أَفْرَاد
البُخَارِيّ وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال وثور بِفَتْح
الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْوَاو ابْن زيد الْمدنِي
وَأَبُو الْغَيْث اسْمه سَلام مولى ابْن مُطِيع
(24/28)
والْحَدِيث مضى فِي الْوَصَايَا وَفِي
الطِّبّ وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله الموبقات أَي
المهلكات وَقَالَ الْمُهلب سميت بذلك لِأَنَّهَا سَبَب
لإهلاك مرتكبها -
46 - (بابُ قَذْفِ العَبِيدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم قذف العبيد، وَالْإِضَافَة
فِيهِ إِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول، وطوي ذكر الْفَاعِل،
وَقَالَ بَعضهم: وَيحْتَمل أَن تكون الْإِضَافَة للْفَاعِل
وَالْحكم فِيهِ أَن على العَبْد إِذا قذف نصف مَا على
الْحر ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، وَهَذَا قَول الْجُمْهُور،
وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَالزهْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ
وَأهل الظَّاهِر: حَده ثَمَانُون. انْتهى. قلت: حَدِيث
الْبَاب يدل على أَن الْإِضَافَة للْمَفْعُول على مَا لَا
يخفى، وَإِن كَانَ فِيهِ احْتِمَال لما قَالَه، وَالْمرَاد
بقوله: العبيد الأرقاء، وَقَالَ بَعضهم: عبر بالعبيد
اتبَاعا للفظ الحَدِيث، وَحكم العَبْد وَالْأمة فِي
الْقَذْف سَوَاء. قلت: لفظ الحَدِيث مَمْلُوكه وَلَيْسَ
فِيهِ اتِّبَاع من حَيْثُ اللَّفْظ وَإِن كَانَ يُطلق على
العَبْد مَمْلُوك.
48 - (حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن فُضَيْل
بن غَزوَان عَن ابْن أبي نعم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله
عَنهُ قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول من قذف مَمْلُوكه وَهُوَ
بَرِيء مِمَّا قَالَ جلد يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا أَن
يكون كَمَا قَالَ) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن لفظ
الْمَمْلُوك يُطلق على العَبْد وَيحيى بن سعيد الْقطَّان
وفضيل مصغر فضل بالضاد الْمُعْجَمَة ابْن غَزوَان بِفَتْح
الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي وَابْن أبي نعم
اسْمه عبد الرَّحْمَن البَجلِيّ الْكُوفِي وَأَبُو نعم
بِضَم النُّون وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة لم أَقف على
اسْمه والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور
عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره وَأخرجه أَبُو دَاوُد
فِي الْأَدَب عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن أَحْمد بن مُحَمَّد
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّجْم عَن سُوَيْد بن نصر
قَوْله سَمِعت أَبَا الْقَاسِم فِي رِوَايَة
الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم نَبِي
التَّوْبَة قَوْله من قذف مَمْلُوكه وَفِي رِوَايَة
الْإِسْمَاعِيلِيّ من قذف عَبده بِشَيْء قَوْله وَهُوَ
بَرِيء الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله جلد يَوْم
الْقِيَامَة فِيهِ إِشْعَار أَنه لَا حد عَلَيْهِ فِي
الدُّنْيَا وَقَالَ الْمُهلب الْعلمَاء مجمعون على أَن
الْحر إِذا قذف عبدا فَلَا حد عَلَيْهِ وحجتهم قَوْله جلد
يَوْم الْقِيَامَة فَلَو وَجب عَلَيْهِ الْحَد فِي
الدُّنْيَا لذكره كَمَا ذكره فِي الْآخِرَة وَقَالَ
الشَّافِعِي وَمَالك من قذف من يحسبه عبدا فَإِذا هُوَ حر
فَعَلَيهِ الْحَد وَقَالَ ابْن الْمُنْذر وَاخْتلفُوا
فِيمَا يجب على قَاذف أم الْوَلَد فَقَالَ ابْن عمر
عَلَيْهِ الْحَد وَبِه قَالَ مَالك وَهُوَ قِيَاس قَول
الشَّافِعِي وَرُوِيَ عَن الْحسن أَنه لَا حد عَلَيْهِ -
47 - (بابٌ هَلْ يَأمُرُ الإمامُ رَجُلاً فَيَضْرِبُ
الحَدَّ غائِباً عَنْهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ هَل يَأْمر الإِمَام رجلا فَيضْرب
الْحَد رجلا غَائِبا عَنهُ؟ حَاصِل معنى هَذِه
التَّرْجَمَة أَن رجلا إِذا وَجب عَلَيْهِ الْحَد وَهُوَ
غَائِب عَن الإِمَام هَل لَهُ أَن يَقُول لرجل: اذْهَبْ
إِلَى فلَان الَّذِي هُوَ غَائِب فأقم عَلَيْهِ الْحَد؟
وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام مَحْذُوف تَقْدِيره: لَهُ ذَلِك.
وقَدْ فَعَلَهُ عُمَر.
أَي: وَقد فعل هَذَا الَّذِي استفهم عَنهُ عمر بن الْخطاب،
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا لم يثبت إلاَّ فِي
رِوَايَة الْكشميهني، وروى هَذَا الْأَثر سعيد بن مَنْصُور
بِسَنَد صَحِيح عَن عمر أَنه كتب إِلَى عَامله: إِن عَاد
فحدوه، وَذكره فِي قصَّة طَوِيلَة.
6860 - ح دّثنا مُحَمَّدٌ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا ابنُ
عُييْنَة، عنِ الزُّهْرِيِّ، عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ
الله
(24/29)
بنِ عُتْبَةَ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ وزَيْدِ بنِ خالِدٍ
الجُهَنِّي قَالَا: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ فَقَالَ:
أنْشُدُكَ الله إلاّ قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتابِ الله،
فقامَ خَصْمُهُ وَكَانَ أفْقَهَ مِنْهُ فَقَالَ: صَدَقَ
اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتابِ الله، واذَنْ لِي يَا رسولَ
الله. فَقَالَ النبيُّ قُلْ فَقَالَ: إنَّ ابْني كَانَ
عَسِيفاً فِي أهْلِ هاذا فَزَنَى بِامْرأتِهِ،
فافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شاةٍ وخادِم، وإنِّي سَألتُ
رِجالاً مِنْ أهْلِ العِلْمِ فأخبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي
جَلْدَ مِائَةٍ وتَغْرِيبَ عامٍ، وأنَّ عَلى امْرأةِ هاذا
الرَّجْمَ. فَقَالَ: والّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لأقْضِيَنَّ
بَيْنَكُما بِكِتابِ الله، المِائَةُ والخادِمُ ردٌّ
عَلَيْكَ، وعَلى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وتغْرِيبُ عامٍ،
وَيَا أُنَيْسُ اغْدُ عَلى امْرأةِ هاذا فَسَلْها، فإنِ
اعْتَرَفَتْ فارْجُمْها فاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: يَا أنيس اغْدُ على
امْرَأَة هَذَا إِلَى آخِره.
والْحَدِيث قد مر غير مرّة، وَآخره مر عَن قريب فِي: بَاب
إِذا رمى امْرَأَته أَو امْرَأَة غَيره بِالزِّنَا عِنْد
الْحَاكِم، وَمر الْكَلَام فِيهِ غير مرّة.
قَوْله: أنْشدك الله أَي: مَا أطلب مِنْك إلاَّ قضاءك
بِحكم الله. قَوْله: واذن لي هُوَ كَلَام الرجل لَا كَلَام
خَصمه بِدَلِيل رِوَايَة كتاب الصُّلْح. قَوْله: عسيفاً
أَي، أَجِيرا. قَوْله: يَا أنيس إِنَّمَا خصّه لِأَنَّهُ
أسلمي وَالْمَرْأَة أسلمية. قَوْله: فَاعْترفت فِيهِ حذف
تَقْدِيره: فَذهب أنيس إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا: هَل
زَنَيْت؟ فَاعْترفت، أَي: أقرَّت بالزنى فرجمها بإقرارها |