عمدة القاري شرح صحيح البخاري

42 - (بابُ المَرْأةِ السَّوْدَاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر رُؤْيا الْمَرْأَة السَّوْدَاء فِي الْمَنَام.

7039 - حدّثنا أبُو بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدثنَا فُضَيْلُ بنُ سلَيْمانَ حدّثنا مُوسَى حدّثني سالِمُ بنُ عَبْدِ الله، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، فِي رُؤْيا النبيِّ فِي المَدِينَة: رأيْتُ امْرَأةً سَوْدَاءً ثائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ حتَّى نَزْلَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَتأوَّلْتُها أنَّ وباءَ المَدِينَةِ

(24/165)


نُقِلَ إِلَى مُهَيْعَةَ وهْيَ الجُحْفَةُ
انْظُر الحَدِيث 7038 وطرفه
مطابقته لترجمة ظَاهِرَة، وَهُوَ الحَدِيث الْمَذْكُور قبل هَذَا الْبَاب أخرجه عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم الْمَعْرُوف بالمقدمي الْبَصْرِيّ، وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: مَا حكم هَذَا الحَدِيث حَيْثُ لم يقل قَالَ رَسُول الله قلت: لزم من التَّرْكِيب إِذْ مَعْنَاهُ قَالَ: رَأَيْت، فَهُوَ مُقَدّر فِي حكم الملفوظ.

43 - (بابُ المَرْأةِ الثَّائِرَةِ الرَّأسِ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر رُؤْيَة الْمَرْأَة الثائرة الرَّأْس.

7040 - حدّثني إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ، حدّثني أبُو بَكْر بنُ أبي أُوَيْسٍ، حدّثني سُلَيْمانُ عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عنْ سالِمٍ، عنْ أبِيهِ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رأيْتُ امْرأةَ سَوْدَاءً ثائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ المَدِينَةِ حتَّى قامَتْ بِمَهْيَعَةَ، فأوَّلْتُ أنَّ وباءَ المَدِينَةِ يُنْقَلُ إِلَى مَهْيَعَةَ، وهْيَ الجُحْفَة
انْظُر الحَدِيث 7038 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَهَذَا الحَدِيث هُوَ الحَدِيث الْمَاضِي غير أَنه أخرجه عَن ثَلَاث شُيُوخ فَوضع لكل وَاحِد تَرْجَمَة.
وَأَبُو بكر بن أبي أويس هُوَ عبد الحميد الْمَذْكُور آنِفا، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال الْمَذْكُور فِي بَاب: إِذا رأى أَنه أخرج الشَّيْء، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله يروي عَن أَبِيه عبد الله بن عمر ... إِلَى آخِره.

44 - (بابٌ إذَا هَزَّ سَيْفاً فِي المَنامِ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا هز سَيْفا فِي مَنَامه، وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف يقدر فِيهِ بِمَا يَلِيق للَّذي يهزه، لِأَن للسيف وُجُوهًا فِي التَّعْبِير.

7041 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ، حَدثنَا أبُو أُسامَةَ عنْ بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي بُرْدَةَ، عنْ جَدِّهِ أبي بُرْدَةَ، عنْ أبي مُوسَى، أُرَاهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأيْتُ فِي رُؤْيَا أنِّي هَزَزْتُ سَيْفاً، فانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فإذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعادَ أحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذا هُوَ مَا جاءَ الله بِهِ مِنْ الفَتح واجْتِماعِ المُؤْمِنيِنَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب مر عَن قريب، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَيُرِيد بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الله يروي عَن جده أبي بردة عَامر أَو الْحَارِث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث مضى فِي غَزْوَة أُحد، وَهُوَ طرف من حَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِكَمَالِهِ، وَقَالَ الْمُهلب: هَذِه الرُّؤْيَا من ضرب الْمثل، وَلما كَانَ النَّبِي يصول بِأَصْحَابِهِ عبر عَن السَّيْف بهم، وبهزه عَن أمره لَهُم بِالْحَرْبِ، وَعَن الْقطع فِيهِ بِالْقَتْلِ فيهم، وَفِي الهزة الْأُخْرَى لما عَاد إِلَى حَالَته من الاسْتوَاء عبر بِهِ عَن اجْتِمَاعهم وَالْفَتْح عَلَيْهِم.

45 - (بابُ مَنْ كَذَبَ فِي حُلْمِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِثْم من كذب فِي حلمه، بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام، وَهُوَ مَا يرَاهُ النَّائِم.

7042 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حَدثنَا سُفْيانُ، عنْ أيُّوبَ، عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبّاس عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ ولَنْ يَفْعَلَ ومَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وهُمْ لهُ كارِهُونَ أوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ القِيامَةِ،

(24/166)


ومَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وكُلِّفَ أنْ يَنْفُخَ فِيها ولَيْسَ بِنافِخٍ
قَالَ سُفْيانُ: وصَلَهُ لَنا أيُّوبُ.
انْظُر الحَدِيث 2225 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: من تحلم بحلم وَإِنَّمَا قَالَ فِي التَّرْجَمَة: من كذب فِي حلمه، وَلَفظ الحَدِيث: من تحلم، إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرقه، وَهُوَ مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَفعه: من كذب فِي حلمه كلف يَوْم الْقِيَامَة عقد شعيرَة، وَصَححهُ الْحَاكِم.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسَدّد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة بالقصة الأولى والقصة الثَّالِثَة وَفِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن بشار بالقصة الثَّانِيَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن قُتَيْبَة بالقصة الأولى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الرُّؤْيَا عَن بشر بن هِلَال بالقصة الثَّانِيَة.
قَوْله: من تحلم أَي: من تكلّف الْحلم، لِأَن بَاب التفعل للتكلف. قَوْله: لم يره جملَة وَقعت صفة لقَوْله: تحلم. قَوْله: كلف على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: كلف يَوْم الْقِيَامَة أَي: يعذب بذلك، وَذَلِكَ التَّكْلِيف نوع من الْعَذَاب وَالِاسْتِدْلَال بِهِ ضَعِيف فِي جَوَاز تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق، كَيفَ وَأَنه لَيْسَ بدار التَّكْلِيف؟ قَوْله: وَلنْ يفعل أَي: وَلنْ يقدر على ذَلِك قَوْله: وهم لَهُ أَي: لمن اسْتمع كَارِهُون لَا يُرِيدُونَ استماعه قَوْله: أَو يفرون مِنْهُ شكّ من الرَّاوِي قَوْله: الآنك بِالْمدِّ وَضم النُّون وبالكاف وَهُوَ الرصاص الْمُذَاب. قَوْله: وكلف يحْتَمل أَن يكون عطفا تفسيرياً لقَوْله: عذب وَأَن يكون نوعا آخر. قَوْله: أَن ينْفخ فِيهَا أَي: أَن ينْفخ الرّوح فِي تِلْكَ الصُّورَة. قَوْله: وَلَيْسَ بنافخ أَي: لَيْسَ بِقَادِر على النفخ.
قَوْله: قَالَ سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَصله لنا أَي: وصل الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الروَاة، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن الحَدِيث فِي الطّرق الآخر الَّتِي بعده مَوْقُوف غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حدّثنا أبُو عَوَانَة عنْ قَتادَة عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَوْلَهُ: مَنْ كَذَبَ فِي رُؤْياهُ.
وَقَالَ شُعْبَةُ عنْ أبي هاشِمِ الرُّمَّانِيِّ: سَمِعْتُ عِكْرِمَة قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ: قَوْلَهُ مَنْ صَوَّرَ ومنْ تَحَلَّمَ ومنِ اسْتَمَعَ.
هَذِه ثَلَاث طرق معلقَة مَوْقُوفَة: الأول: قَوْله: وَقَالَ قُتَيْبَة، هُوَ ابْن سعيد أحد مشايخه: حَدثنَا أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة الوضاح الْيَشْكُرِي عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَرِوَايَة قُتَيْبَة هَذِه وَصلهَا فِي نسخته عَن أبي عوَانَة رِوَايَة النَّسَائِيّ عَنهُ من طَرِيق عَليّ بن مُحَمَّد الْفَارِسِي عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زَكَرِيَّا بن حيوية عَن النَّسَائِيّ، وَلَفظه: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من كذب فِي رُؤْيَاهُ كلف أَن يعْقد بَين طرفِي شعيرَة، وَمن اسْتمع. . الحَدِيث، وَمن صور. . الحَدِيث.
الثَّانِي: قَوْله: وَقَالَ شُعْبَة، عَن أبي هَاشم اسْمه يحيى بن دِينَار، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: عَن أبي هِشَام قيل: إِنَّه غلط، والرماني بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم نِسْبَة إِلَى قصر الرُّمَّان بواسط كَانَ ينزل قصر الرُّمَّان بوسط. الثَّالِث: قَوْله: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة ... إِلَى آخِره، كَذَا وَقع فِي الأَصْل مُخْتَصرا على أَطْرَاف الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة، وَجَزَاء هَذِه الشُّرُوط الْمَذْكُورَة هُوَ كلف وصب وعذب كَمَا تقدم، وَكَذَا وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مستخرجه من طَرِيق عبيد الله بن معَاذ الْعَنْبَري عَن أَبِيه عَن شُعْبَة بن أبي هَاشم بِهَذَا السَّنَد مُقْتَصرا على قَوْله: عَن أبي هُرَيْرَة.
حدّثنا إسْحاقُ حدّثنا خالِدٌ عنْ خالِدٍ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنِ اسْتَمَعَ ومَنْ تَحَلَّمَ ومَنْ صَوَّرَ نَحْوَهُ.
إِسْحَاق هُوَ ابْن شاهين، وخَالِد شَيْخه هُوَ ابْن عبد الله الطَّحَّان، وخَالِد شَيْخه هُوَ الْحذاء، كَذَا أخرجه مُخْتَصرا. وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق وهب بن مُنَبّه عَن خَالِد بن عبد الله فَذكره بِهَذَا السَّنَد إِلَى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي فرفعه، وَلَفظه: من اسْتمع إِلَى حَدِيث قوم وهم لَهُ كَارِهُون صب فِي أُذُنه الآنك، وَمن تحلم كلف أَن يعْقد شعيرَة يعذب بهَا

(24/167)


وَلَيْسَ بفاعل، وَمن صور صُورَة عذب حَتَّى يعْقد بَين شعيرتين وَلَيْسَ عاقداً.
تابَعَهُ هِشامٌ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ. قَوْلَهُ.
أَي: تَابع خَالِدا الْحذاء هِشَام بن حسان فِي رِوَايَته عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله: قَوْله يَعْنِي: قَول ابْن عَبَّاس، يَعْنِي: مَوْقُوفا عَلَيْهِ.

7043 - حدّثنا عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ، حدّثنا عَبْدُ الصَّمدِ حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ مَوْلَى ابنِ عُمَرَ عنْ أبِيهِ، عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِنْ أفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن مُسلم الطوسي نزيل بَغْدَاد مَاتَ قبل البُخَارِيّ بِثَلَاث سِنِين، وَعبد الصَّمد هُوَ ابْن عبد الْوَارِث بن سعيد وَقد أدْركهُ البُخَارِيّ بِالسِّنِّ، وَعبد الرَّحْمَن بن دِينَار مُخْتَلف فِيهِ قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: صَدُوق، وَقَالَ يحيى بن معِين: فِي حَدِيثه عِنْدِي ضعف، وَمَعَ ذَلِك عُمْدَة البُخَارِيّ فِيهِ على شَيْخه عَليّ، على أَنه لم يخرج لَهُ البُخَارِيّ شَيْئا إلاَّ وَله فِيهِ متابع أَو شَاهد والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: من أفرى الفرى بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْفَاء أفعل التَّفْضِيل أَي: أكذب الكذبات والفرى بِكَسْر الْفَاء وَالْقصر جمع فِرْيَة وَهِي الكذبة الْعَظِيمَة الَّتِي يتعجب مِنْهَا ويروى أَن من أفرى الفرى. قَوْله: أَن يري بِضَم الْيَاء وَكسر الرَّاء من الإراءة وَهُوَ فعل وفاعل. وَقَوله: عَيْنَيْهِ بِالنّصب مَفْعُوله الأول وَقَوله: مَا لم تَرَ مفعول ثَان أَي: الَّذِي لم تره، ويروى: مَا لم يريَا، بالتثنية بِاعْتِبَار رُؤْيَة عَيْنَيْهِ مثنى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هُوَ لَا يرى عَيْنَيْهِ بل ينْسب إِلَيْهِمَا الرُّؤْيَة. قلت: الْمَقْصُود نسبته إِلَيْهِمَا وإخباره عَنْهُمَا بِالرُّؤْيَةِ. فَإِن قلت: الْكَذِب فِي الْيَقَظَة أَكثر ضَرَرا لتعديه إِلَى غَيره ولتضمنه الْمَفَاسِد، فَمَا وَجه تَعْظِيم الْكَاذِب فِي رُؤْيَاهُ بذلك؟ . قلت: هُوَ لِأَن الرُّؤْيَا جُزْء من النُّبُوَّة والكاذب فِيهَا كَاذِب على الله وَهُوَ أعظم الفرى وَأولى بعظيم الْعقُوبَة.

46 - (بابٌ إذَا رَأى مَا يُكْرَهُ فَلاَ يُخْبِرْ بِها وَلَا يَذْكُرْها)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا رأى أحد فِي مَنَامه مَا يكرههُ فَلَا يخبر بهَا أحدا وَلَا يذكرهَا، وَجمع فِي التَّرْجَمَة بَين لَفْظِي الْحَدِيثين لَكِن فِي التَّرْجَمَة: فَلَا يخبر بهَا، وَلَفظ الحَدِيث: فَلَا يحدث، وهم متقاربان.

7044 - حدّثنا سَعيدُ بنُ الرَّبِيعِ، حدّثنا شعْبَةُ، عنْ عبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أرَى الرُّؤْيا فَتُمْرِضُني، حتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتادَة يَقُولُ: وَأَنا كُنْتُ لأرَى الرُّؤْيا فَتُمْرِضُني حتَّى سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ الرُّؤْيا الحَسَنَةُ مِنَ الله، فإذَا رأى أحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إلاّ مَنْ يحب، وإذَا رأى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّه مِنْ شَرِّها، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطانِ ولْيَنْقِلْ ثَلاثاً وَلَا يُحَدِّثْ بِها أحَداً فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: لَا يحدث بهَا أحدا وَقد ذكرنَا الْآن أَن لَفْظِي الْإِخْبَار والتحديث متقاربان.
وَسَعِيد بن الرّبيع أَبُو زيد الْهَرَوِيّ كَانَ يَبِيع الثِّيَاب الهروية من أهل الْبَصْرَة، وَعبد ربه بن سعيد الْأنْصَارِيّ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمان بن عَوْف. وَحَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي قَتَادَة مر فِي: بَاب من رأى النَّبِي وَفِي: بَاب الْحلم من الشَّيْطَان. وَأَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ فِي اسْمه أَقْوَال: فَقيل الْحَارِث، وَقيل النُّعْمَان، وَقيل عمر. قَوْله: فتمرضني بِضَم التَّاء من الْأَمْرَاض قَوْله: كنت لأرى الرُّؤْيَا كَذَا بِاللَّامِ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره بِدُونِ اللَّام، قَالَ بَعضهم: بِدُونِ اللَّام أولى. قلت: لَيْت شعري مَا وَجه الْأَوْلَوِيَّة قَوْله: فَلَا يحدث بِهِ إلاَّ من يحب أَي: من يُحِبهُ لِأَنَّهُ إِذا حدث بهَا من لَا يحب فقد يُفَسِّرهَا لَهُ بِمَا لَا يحب

(24/168)


إِمَّا بغضاً وَإِمَّا حسداً، فقد يَقع على تِلْكَ الصّفة، والمحب لَا يعبرها إلاَّ بِخَير والعبارة لأوّل عَابِر. وَقَالَ الرُّؤْيَا لأوّل عَابِر، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: لَا تقص الرُّؤْيَا إلاَّ على عَالم أَو نَاصح. قَوْله: وليتفل أَي: ليبصق، وَذَاكَ لطرد الشَّيْطَان واستقذاره، من تفل بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وبالفاء يتفل بِضَم الْفَاء وَكسرهَا. قَوْله: ثَلَاثًا أَي: ثَلَاث مَرَّات. قَوْله: فَإِنَّهَا لن تضره قَالَ الدَّاودِيّ: يُرِيد مَا كَانَ من الشَّيْطَان، وَأما مَا كَانَ من الله من خير أَو شَرّ فَهُوَ وَاقع لَا محَالة.

7045 - حدّثنا إبْراهِيمُ بنُ حَمْزَةَ، حدّثني ابنُ أبي حازِمٍ والدَّرَاوَرْدِيُّ عنْ يَزِيدَ عنْ عَبْدِ الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ إذَا رأى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها فإنَّها مِنَ الله فَلْيَحْمِدَ الله عَلَيْها ولْيُحَدِّثْ بِها، وإذَا رأى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فإنَّما هِيَ مِنَ الشَّيْطانِ، فلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّها ولاَ يَذْكُرْها لأحَدٍ فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ
انْظُر الحَدِيث 6985
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة أَبُو إِسْحَاق الزبير الْأَسدي الْمدنِي، يروي عَن عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، واسْمه سَلمَة بن دِينَار، والدراوردي عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، وَقد تقدم فِي: بَاب الرُّؤْيَا من الله وَكَذَلِكَ الحَدِيث مضى فِيهِ.

47 - (بابُ مَنْ لَمْ يَرَ الرُّؤْيا لأِوَّلِ عابِرٍ إِذا لَمْ يُصِبْ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ من لم ير إِلَى آخِره، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمُعْتَبر فِي أَقْوَال العابرين قَول العابر الأول، فَيقبل إِذا كَانَ مصيباً فِي وَجه الْعبارَة، أما إِذا لم يصب فَلَا يقبل إِذْ لَيْسَ الْمدَار إلاَّ على إِصَابَة الصَّوَاب، فَمَعْنَى التَّرْجَمَة: من لم يعْتَقد أَن تَفْسِير الرُّؤْيَا هُوَ للعابر الأول إِذا كَانَ مخطئاً، وَلِهَذَا قَالَ للصديق: اخطأت بَعْضًا، كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى حَدِيث أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله فَذكر حَدِيثا فِيهِ: والرؤيا لأوّل عَابِر، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف فِيهِ يزِيد الرقاشِي وَلَكِن لَهُ شَاهد، أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه بِسَنَد حسن، وَصَححهُ الْحَاكِم عَن أبي رزين الْعقيلِيّ، رَفعه: الرُّؤْيَا على رجل طَائِر مَا لم تعبر، فَإِذا عبرت وَقعت. لفظ أبي دَاوُد فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: سَقَطت. انْتهى. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه غير مُنَاسِب لِمَعْنى التَّرْجَمَة يفهمهُ من لَهُ أدنى إِدْرَاك وذوق.

6407 - حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ، عنْ يُونُسَ، عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بن عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، كَانَ يُحَدِّث: أنَّ رَجُلاً أتَى رسولَ الله فَقَالَ: إنِّي رَأيْتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنامِ ظُلةً تَنْطُفُ السَّمْنَ والعَسَل، فأراى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْها، فالمُسْتَكْثِرُ والمُسْتَقِلُّ، وَإِذا سَبَبٌ واصِلٌ مِنَ السَّماءِ، إِلَى الأرْضِ فأراكَ أخَذْتَ بِهِ فعلَوْتَ، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِه، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فانْقَطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ. فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: يَا رسولَ الله بِأبي أنْتَ، وَالله لَتَدَعَنِّي فأعْبُرَها. فَقَالَ النَّبِي اعْبُرْها قَالَ: أمَّا الظُّلَّةُ فالإسْلامُ، وأمَّا الّذِي يَنْطفُ مِنَ العَسَلِ والسَّمْنِ فالقُرْآنُ حَلاوَتُهُ تَنْطُفُ، فالمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ والمُسْتَقِلُّ، وأمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأرْضِ فالحَقُّ الّذِي أنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ، فَيُعْلِيكَ الله، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لهُ فَيَعْلُو بِهِ، فأخْبِرْنِي يَا رسولَ الله بِأبي أنْتَ. أصَبْتُ

(24/169)


أمْ أخْطَأتُ؟ قَالَ النبيُّ أصَبتَ بَعْضاً وأخْطَأْتَ بَعْضاً قَالَ: فَوالله يَا رسولَ الله لَتُحَدِّثنِّي بالّذِي أخْطَأْتُ.
قَالَ: لَا تُقْسِمْ 0 انْظُر الحَدِيث 7000
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من آخر الحَدِيث. وَأخرجه مُسلم فِي التَّعْبِير عَن حَرْمَلَة وَعَن آخَرين. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن مُحَمَّد بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن يَعْقُوب بن حميد. قَوْله: ظلة بِضَم الظَّاء الْمُعْجَمَة أَي: سَحَابَة لَهَا ظلة وكل مَا أظل من سَقِيفَة وَنَحْوهَا يُسمى ظلة، قَالَه الْخطابِيّ، وَقَالَ ابْن فَارس: الظلة أول شَيْء يظل، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: ظلة بَين السَّمَاء وَالْأَرْض. قَوْله: تنطف أَي: تقطر، من نطف المَاء إِذا سَالَ وَيجوز الضَّم وَالْكَسْر فِي الطَّاء. قَوْله: يَتَكَفَّفُونَ أَي: يَأْخُذُونَ بأكفهم، وَفِي رِوَايَة ابْن وهب: بِأَيْدِيهِم، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: يستقون، أَي: يَأْخُذُونَ بالأسقية. قَوْله: فالمستكثر مَرْفُوع على الِابْتِدَاء وَخَبره مَحْذُوف أَي: فيهم المستكثر فِي الْأَخْذ أَي: يَأْخُذ كثيرا. قَوْله: والمستقل أَي: وَمِنْهُم المستقل فِي الْأَخْذ، أَي: يَأْخُذ قَلِيلا. قَوْله: سَبَب أَي: حَبل. قَوْله: وَاصل من الْوُصُول، وَقيل: هُوَ بِمَعْنى الْمَوْصُول كَقَوْلِه: {فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} أَي: مرضية. قَوْله: فعلوت من الْعُلُوّ، وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن كثير: فأعلاك الله. قَوْله: ثمَّ أَخذ بِهِ كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، ويروى: ثمَّ أَخذه. قَوْله: وصل على بِنَاء الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة شَيبَان بن حُصَيْن: ثمَّ وصل لَهُ قَوْله: بِأبي أَنْت وَأمي أَي: مفدًى بهما، هَكَذَا فِي رِوَايَة معمر، وَفِي رِوَايَة غَيره: بِأبي، فَقَط. قَوْله: لتدعني بِفَتْح اللَّام للتَّأْكِيد أَي: لتتركني وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان: ائْذَنْ لي. قَوْله: فأعبرها فِي رِوَايَة ابْن وهب: فلأعبرنها، بِزِيَادَة لَام التَّأْكِيد وَالنُّون، وَمثله فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ. قَوْله: اعبر أَمر من عبر يعبر. قَوْله: ثمَّ يَأْخُذ بِهِ رجل من بعْدك أَي: ثمَّ يَأْخُذ بالحبل رجل، وَهُوَ أَبُو بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَيقوم بِالْحَقِّ فِي أمته بعده. قَوْله: ثمَّ يَأْخُذ رجل آخر فيعلو بِهِ وَهُوَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: ثمَّ يَأْخُذ بِهِ رجل آخر فَيَنْقَطِع بِهِ وَهُوَ عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: ثمَّ يُوصل لَهُ قَالَ الْمُهلب: الْخَطَأ فِيهِ حَيْثُ زَاد لَهُ والوصل لغيره وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يقف حَيْثُ وقفت الرُّؤْيَا، وَيَقُول: ثمَّ يُوصل، على نَص الرُّؤْيَا وَلَا يذكر الْمَوْصُول لَهُ، وَمعنى كِتْمَانه مَوضِع الْخَطَأ لِئَلَّا يحزن النَّاس بالعارض لعُثْمَان فَهُوَ الرَّابِع الَّذِي انْقَطع لَهُ ثمَّ وصل أَي الْخلَافَة لغيره. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: قيل: خَطؤُهُ فِي قَوْله: ويوصل لَهُ وَلَيْسَ فِي الرُّؤْيَا إلاَّ أَنه: يُوصل، وَلَيْسَ فِيهَا: لَهُ وَلذَلِك لم توصل لعُثْمَان وَإِنَّمَا وصلت الْخلَافَة لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقَالَ بَعضهم: لَفْظَة: لَهُ، ثَابِتَة فِي رِوَايَة ابْن وهب وَغَيره، كلهم عَن يُونُس عِنْد مُسلم وَغَيره ثمَّ لفق الْكَلَام. وَقَالَ: الْمَعْنى أَن عُثْمَان كَاد أَن يَنْقَطِع بِهِ الْحَبل عَن اللحوق بصاحبيه بِسَبَب مَا وَقع لَهُ من تِلْكَ القضايا الَّتِي أنكروها، فَعبر عَنْهَا بِانْقِطَاع الْحَبل، ثمَّ وَقعت لَهُ الشَّهَادَة فاتصل بهم فَعبر عَنهُ بِأَن الْحَبل وصل لَهُ فاتصل فالتحق بهم انْتهى. قلت: هَذَا خلاف مَا يَقْتَضِيهِ معنى قَوْله: ثمَّ يُوصل لَهُ فيعلو بِهِ. قَوْله: فَأَخْبرنِي يَا رَسُول الله بِأبي يَعْنِي: أَنْت مفدى بِأبي. قَوْله: أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا أما الَّذِي أصَاب فَهُوَ تَعْبِير أَن تكون الظلة نعْمَة الْإِسْلَام إِلَى قَوْله: ثمَّ يُوصل لَهُ. فيعلو بِهِ، وَأما الَّذِي أَخطَأ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ الْمُهلب: مَوضِع الْخَطَأ فِي قَوْله: ثمَّ يُوصل لَهُ، وَقد ذَكرْنَاهُ الْآن، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: الْخَطَأ هُوَ أَن الرجل لما قصّ على النَّبِي رُؤْيَاهُ كَانَ النَّبِي أَحَق بتعبيرها من غَيره، فَلَمَّا طلب أَبُو بكر تعبيرها كَانَ ذَلِك خطأ، وَهَذَا نَقله الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن ابْن قُتَيْبَة وَوَافَقَهُ على ذَلِك جمَاعَة، وَتعقبه النَّوَوِيّ تبعا لغيره، فَقَالَ: هَذَا فَاسد لِأَنَّهُ قد أذن لَهُ فِي ذَلِك. فَقَالَ لَهُ: اعبر، قيل: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ لم يَأْذَن لَهُ ابْتِدَاء بل بَادر هُوَ فَسَأَلَ أَن يَأْذَن لَهُ فِي تعبيرها، فَأذن لَهُ. فَقَالَ: أَخْطَأت فِي مبادرتك للسؤال بِأَن تتولى تعبيرها، لَا أَنه أَخْطَأت فِي تعبيرك. وَقيل: أَخطَأ فِي تَفْسِيره لَهَا بِحَضْرَة النَّبِي وَلَو كَانَ الْخَطَأ فِي التَّعْبِير لم يقره عَلَيْهِ. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: الْخَطَأ لكَونه الْمَذْكُور فِي الرُّؤْيَا شَيْئَيْنِ: الْعَسَل وَالسمن، ففسرهما بِشَيْء وَاحِد وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يفسرهما بِالْقُرْآنِ وَالسّنة، وَقيل: المُرَاد بقوله: أَخْطَأت وأصبت، أَن تَعْبِير الرُّؤْيَا مرجعه الظَّن والظان يخطىء ويصيب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لم يبين رَسُول الله مَوضِع الْخَطَأ. فَلم تبينون أَنْتُم؟ . قلت: هَذِه احتمالات لَا جزم فِيهَا. أَو: لِأَنَّهُ كَانَ يلْزم فِي بَيَانه مفاسد للنَّاس وَالْيَوْم زَالَ ذَلِك. قَوْله: لَا تقسم قَالَ الدَّاودِيّ: أَي

(24/170)


لَا تكَرر يَمِينك فَإِنِّي لَا أخْبرك. وَقيل: مَعْنَاهُ أَنَّك إِذْ تفكرت فِيمَا أَخْطَأت بِهِ عَلمته. وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: قد أَمر النَّبِي بإبرار الْقسم؟ . قلت: ذَلِك مَخْصُوص بِمَا لم تكن فِيهِ مفْسدَة وَهَاهُنَا لَو أبره لزم مفاسد مثل: بَيَان قتل عُثْمَان وَنَحْوه، أَو مِمَّا يجوز الِاطِّلَاع عَلَيْهِ بِأَن لَا يكون من أَمر الْغَيْب وَنَحْوه، أَو بِمَا لَا يسْتَلْزم توبيخاً على أحد بَين النَّاس بالإنكار مثلا، على مبادرته، أَو على ترك تعْيين الرِّجَال الَّذين يَأْخُذُونَ بِالسَّبَبِ، وَكَانَ فِي بَيَانه أعيانهم مفاسد. وَفِي التَّوْضِيح وَكَذَا إِذا أقسم على مَا لَا يجوز أَن يقسم عَلَيْهِ كشرب الْخمر والمعاصي فَفرض عَلَيْهِ ألاَّ يبره.
وَفِيه: جَوَاز فَتْوَى الْمَفْضُول بِحَضْرَة الْفَاضِل إِذا كَانَ مشاراً إِلَيْهِ بِالْعلمِ والإمامة. وَفِيه: أَن الْعَالم قد يخطىء وَقد يُصِيب.

48 - (بابُ تَعْبِير الرُّؤْيا بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَعْبِير الرُّؤْيَا بعد صَلَاة الصُّبْح، قيل: فِيهِ إِشَارَة إِلَى ضعف مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن سعيد بن عبد الرحمان عَن بعض عُلَمَائهمْ قَالَ: لَا تقصص رُؤْيَاك على امْرَأَة وَلَا تخبر بهَا حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَفِيه إِشَارَة إِلَى الرَّد على من قَالَ من أهل التَّعْبِير: إِن الْمُسْتَحبّ أَن يكون التَّعْبِير من بعد طُلُوع الشَّمْس إِلَى الرَّابِعَة، وَمن الْعَصْر إِلَى قبل الْغُرُوب. فَإِن الحَدِيث يدل على اسْتِحْبَاب تعبيرها قبل طُلُوع الشَّمْس، وَقَالَ الْمُهلب مَا ملخصه: إِن تَعْبِير الرُّؤْيَا عِنْد صَلَاة الصُّبْح أولى من غَيره من الْأَوْقَات لحفظ صَاحبهَا لَهَا لقرب عَهده بهَا ولحضور ذهن العابر فِيمَا يَقُوله.

7047 - حدّثنا مُؤَمَّلُ بنُ هِشامٍ أبُو هِشامٍ، حدّثنا إسْماعِيلُ بنُ إبْراهِيمَ، حدّثنا عَوْفٌ، حدّثنا أبُو رَجاءٍ، حدّثنا سَمُرَةُ بنُ جُنْدبٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: كَانَ رسولُ الله مِمَّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ لأصْحابِهِ: هَلْ رَأى أحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيا؟ قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شاءَ الله أنْ يَقُصَّ، وإنهُ قَالَ لَنا ذاتَ غداةٍ: إنّه أُتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابْتَعثانِي وإنَّهُما قَالَا لِي: انْطَلِقْ. وإنّي انْطَلَقْتُ مَعَهُما، وإنّا أتَيْنا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذا آخَرُ قائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذا هُوَ يهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأسِهِ فَيَثْلَغُ رَأسَهُ فَيَتَهَدْهَدُهُ الحَجَرُ هاهُنا، فَيَتْبَعُ الحَجَر فَيَأخُذُهُ فَلا يَرْجِعُ إليْهِ حتَّى يَصِحَّ رَأسُهُ كَمَا كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى. قَالَ: قُلْتُ لَهُما: سُبْحَانَ الله مَا هاذان؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ قَالَ: فانْطَلَقْنا فأتَيْنا عَلى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وَإِذا آخَرُ قائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذا هُوَ يَأتِي أحدَ شِقّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَةُ إِلَى قَفاهُ وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفاهُ وعَيْنَهُ إِلَى قَفاهُ قَالَ: ورُبَّما قَالَ أبُو رَجاءٍ فَيَشُقُّ قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجانِبِ حتَّى يَصِحَّ ذالِكَ الجانِبُ كَمَا كانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المرَّةَ الأولى، قَالَ: قُلْتُ: سُبْحانَ الله مَا هاذان؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلقْ فانْطَلَقْنا فأتَينا عَلى مِثْل التَّنُّورِ قَالَ: فأحْسِبُ أنّهُ كَانَ يَقُولُ: فَإِذا فِيهِ لَغَطٌ وأصْوات قَالَ: فاطلَعْنا فِيهِ فَإِذا فِيهِ رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، وَإِذا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذا أتاهُمْ ذالِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَؤُوا. قَالَ: قُلْتُ لَهُما: مَا هاؤُلاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلقِ انْطَلِقْ قَالَ: فانْطَلَقْنا فأتَيْنا عَلى نَهَرٍ حَسِبْتُ أنّهُ كَانَ يَقُولُ أحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذا فِي النَّهَر رجُلٌ سابِحٌ يَسْبَحُ وَإِذا عَلى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجارةً كَثِيرَةً، وَإِذا ذالِكَ السَّابِح يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذالِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجارَةَ فَيَفْغَرُ لهُ فاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجراً، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ

(24/171)


ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ كُلَّما رَجَعَ إلَيْهِ فَغَرَ لهُ فاهُ، فألْقَمَهُ حَجَراً. قَالَ: قُلْتُ لَهُما: مَا هاذان؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ: فانْطَلَقْنا فأتَيْنا عَلى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ كأكْرَهِ مَا أنْتَ راءٍ رَجُلاً مَرْآةً، وَإِذا عِنْدَهُ نارٌ يَحُشُّها ويَسْعاى حَوْلَها، قَالَ: قُلْتُ لَهُما: مَا هاذا؟ قَالَ: قَالَا لي: انْطَلِقِ انْطَلِقِ فانْطَلَقْنا فأتَيْنا عَلى رَوْضَةٍ مُعْتَمِةٍ فِيها مِنْ كُلِّ نُوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أكادُ أراى رَأسَهُ طُولاً فِي السَّماءِ، وَإِذا حَوْل الرَّجُلِ مِنْ أكْثَرِ وِلْدانٍ رَأيْتُهُمْ قَطُّ. قَالَ: قُلْتُ لَهُما: مَا هاذا؟ مَا هاؤلاءِ؟ قَالَ: قَالَا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ: فانْطَلَقْنا فانْتهَيْنا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمةٍ لَمْ أرَ رَوْضَةً قَطُّ أعْظَمَ مِنْها وَلَا أحْسَنَ. قَالَ: قَالَا لِي: ارْقَهْ فِيها. قَالَ: فارْتَقَيْنا فِيها فانْتَهَيْنا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ ولَبِنِ فِضةٍ، فأتيْنا بابَ المَدِينَةِ فاسْتَفْتَحْنا فَفُتِحَ لَنا، فَدَخَلْناها فَتَلقانا فِيهَا رِجالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كأحْسَنِ مَا أنْتَ راءٍ، وشَطْرٌ كأقْبَحِ مَا أنْتَ راءٍ، قَالَ: قَالَا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ: وإذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كأنَّ ماءَهُ المَحْضُ فِي البَياضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءِ عنْهُمْ، فَصارُوا فِي أحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: قَالَا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنَ، هاذَاكَ مَنْزِلُكَ. قَالَ: فَسَما بَصَرِي صُعُداً فَإِذا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبابَةِ البَيْضاءِ، قَالَ: قَالَا لِي: هاذَاكَ مَنْزِلُكِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُما: بارِكَ الله فِيكُما ذراني فأدخُلهُ، قَالَا: أمَّا الآنَ فَلاَ، وأنْتَ داخِلُهُ. قَالَ: قُلْتُ لَهُما: فإنِّي قَدْ رَأيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَباً، فَما هاذا الّذِي رَأيْتُ؟ قَالَ: قَالَا لي: أما إنّا سَنُخْبِرُكَ: أمَّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الّذِي أتيْتَ عَلَيْهِ يُثلَغْ رأسَهُ بالحَجَرِ فإنَّهُ الرَّجُلُ يأخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنامُ عنِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ، وأمَّا الرَّجُلُ الّذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفاهُ ومنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِه فَيكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ، وأمّا الرِّجالُ والنِّساءُ العُرَاةُ الّذِينَ فِي مِثْلِ بِناءِ التَّنُّورِ فإنّهُمُ الزُّناةُ والزَّواني، وأمّا الرجُلُ الذِي أتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ ويُلْقَمُ الحَجَرَ فإنّهُ آكِلُ الرِّبا، وأمَّا الرَّجُلُ الكَريةُ المَرْأةِ الّذِي عِنْدَ النَّار، يَحْشُّها ويَسعَى حَوْلَها، فإنَّهُ مالِكٌ خازِنُ جَهنَّم، وأمَّا الوِلْدَانُ الّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ ماتَ عَلى الفِطْرَةِ قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رسولَ الله وأوْلادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رسولُ الله وأوْلاَدُ المُشْرِكِينَ وأمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَناً وشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحاً فإنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً تَجاوَزَ الله عَنْهُمْ
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ذَات غَدَاة لِأَن الْغَدَاة مَا قبل طُلُوع الشَّمْس. قَالَ الْجَوْهَرِي: الغدوة مَا بَين صَلَاة الْغَدَاة وطلوع الشَّمْس، وَلَفظ: ذَات، مقحم أَو هُوَ من إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى اسْمه.
ومؤمل على وزن مُحَمَّد ابْن هِشَام أَبُو هَاشم، كَذَا لأبي ذَر عَن بعض مشايخه، وَقَالَ: الصَّوَاب أَبُو هِشَام، وَكَذَا هُوَ عِنْد غير أبي ذَر، وَهُوَ مِمَّن وَافق كنيته اسْم أَبِيه وَهُوَ ختن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَشْهُور بِابْن علية اسْم أمه وَهُوَ الَّذِي يروي عَنهُ مُؤَمل الْمَذْكُور، وعَوْف هُوَ الْمَشْهُور بالأعرابي،

(24/172)


وَأَبُو رَجَاء بِفَتْح الرَّاء وَالْجِيم المخففة اسْمه عمرَان العطاردي، وَالرِّجَال كلهم بصريون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ مقطعاً فِي الصَّلَاة وَفِي الْجِنَازَة وَفِي الْبيُوع وَفِي الْجِهَاد وَفِي بَدْء الْخلق وَفِي صَلَاة اللَّيْل فِي الْأَدَب عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي الصَّلَاة وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء وَفِي التَّفْسِير وَهنا عَن مُؤَمل، وَلم يُخرجهُ تَاما إلاَّ هُنَا وَفِي أَوَاخِر كتاب الْجَنَائِز. وَأخرجه مُسلم فِي الرُّؤْيَا عَن مُحَمَّد بن بشار مُخْتَصرا. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار بِهِ مُخْتَصرا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَفِي التَّفْسِير عَن بنْدَار بأكثره، وَقد مضى الْكَلَام فِي أَكْثَره فِي كتاب الْجَنَائِز، ولنذكر هُنَا شرح الْأَلْفَاظ الَّتِي لم تذكر هُنَاكَ.
قَوْله حَدثنَا مُؤَمل بن هِشَام وَفِي رِوَايَة غير أبي ذَر. حَدثنِي. قَوْله: كَانَ رَسُول الله مِمَّا يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: كَانَ رَسُول الله يَعْنِي مِمَّا يكثر، وَله عَن غَيره بِإِسْقَاط: يَعْنِي، كَذَا وَقع عِنْد البَاقِينَ. وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: مِمَّا يَقُول لأَصْحَابه، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: قَوْله: مِمَّا يكثر خبر: كَانَ وَمَا مَوْصُولَة، وَيكثر صلته، وَأَن يَقُول فَاعل يكثر. قَوْله: هَل رأى أحد مِنْكُم هُوَ الْمَقُول. قَوْله: فيقص بِفَتْح الْيَاء وَضم الْقَاف، يُقَال: قصصت الرُّؤْيَا على فلَان إِذا أخْبرته بهَا أقصها قصاً، والقص الْبَيَان. قَوْله: من شَاءَ الله هَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة غَيره: مَا شَاءَ الله، وَكلمَة: من، للقاص، وَكلمَة: مَا، للمقصوص. قَوْله: اللَّيْلَة بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة. قَوْله: آتيان تَثْنِيَة: آتٍ، من الْإِتْيَان ويروى: اثْنَان من التَّثْنِيَة، وَعند ابْن أبي شيبَة: اثْنَان أَو آتيان، بِالشَّكِّ وَفِي رِوَايَة جرير: رَأَيْت رجلَيْنِ، وَفِي رِوَايَة عَليّ: رَأَيْت ملكَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي آخر الحَدِيث أَنَّهُمَا: جِبْرِيل وَمِيكَائِيل، عَلَيْهِمَا السَّلَام. قَوْله: ابتعثاني بِسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَبعد الْعين الْمُهْملَة ثاء مُثَلّثَة أَي: أرسلاني. قَالَ الْجَوْهَرِي: يُقَال: بعثته وابتعثته أَرْسلتهُ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: انبعثا بِي، بنُون سَاكِنة وياء مُوَحدَة. قَوْله: مُضْطَجع وَفِي رِوَايَة جرير: مستلق على قَفاهُ. قَوْله: وَإِذا آخر أَي: وَإِذا رجل آخر، وَكلمَة: إِذْ، للمفاجأة. قَوْله: بصخرة وَفِي رِوَايَة جرير: بفهر أَو صَخْرَة. قَوْله: يهوي بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْهَاء وَكسر الْوَاو من هوى بِالْفَتْح يهوي هوياً أَي: سقط إِلَى أَسْفَل، وَضَبطه ابْن التِّين بِضَم الْيَاء من الإهواء، يُقَال: أَهْوى من بعد وَهوى بِفَتْح الْوَاو من قرب. قَوْله: فيثلغ بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح اللَّام، وبالغين الْمُعْجَمَة أَي: يشدخ والشدخ كسر الشَّيْء الأجوف، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الثلغ ضربك الشَّيْء الرطب بالشَّيْء الْيَابِس حَتَّى يتشدخ. قَوْله: فيتدهده الْحجر أَي: ينحط من علو إِلَى أَسْفَل، يُقَال: تدهده يتدهده، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فيتدأدأ، بهمزتين بدل الهاءين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: فيتدهدأ، بِهَمْزَة فِي آخِره بدل الْهَاء، وَالْكل بِمَعْنى. قَوْله: هَاهُنَا أَي: إِلَى جِهَة الضَّارِب. قَوْله: حَتَّى يَصح رَأسه وَفِي رِوَايَة جرير: حَتَّى يلتئم، وَعند أَحْمد: عَاد رَأسه كَمَا كَانَ، وَفِي حَدِيث عَليّ، رَضِي الله عَنهُ: فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً، قَوْله: ثمَّ يعود عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة جرير: يعود إِلَيْهِ. قَوْله: انْطلق انْطلق كَذَا فِي الْمَوَاضِع كلهَا بالتكرير، وَسقط فِي بعض الرِّوَايَات التّكْرَار، وَأما فِي رِوَايَة جرير، فَلَيْسَ فِيهَا: سُبْحَانَ الله، فِيهَا: انْطلق، مرّة وَاحِدَة. قَوْله: بكلوب بِفَتْح الْكَاف وَضم اللَّام الْمُشَدّدَة، وَجَاء الضَّم فِي الْكَاف، وَيُقَال: الْكلاب وَالْجمع كلاليب وَهُوَ المنشال من حَدِيد ينشل بهَا اللَّحْم من الْقدر، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ كالسكين وَنَحْوهَا. قَوْله: فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ أَي: يقطعهُ، والشدق جَانب الْفَم، وَقَالَ صَاحب الْعين شرشره قطع شرشره وشق أَيْضا. قَوْله: أَبُو رَجَاء هُوَ رَاوِي الحَدِيث، أَرَادَ: أَن أَبَا رَجَاء قَالَ: يشق شدقه. قَوْله: مثل التَّنور وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر: مثل بِنَاء التَّنور، وَزَاد جرير: أَعْلَاهُ ضيق وأسفله وَاسع. قَوْله: لغط أَي: جلبة وصيحة لَا يفهم مَعْنَاهَا. قَوْله: لَهب هُوَ لِسَان النَّار، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ شدَّة الوقيد والاشتعال. قَوْله: حسبت أَنه كَانَ يَقُول: أَحْمَر مثل الدَّم وَفِي رِوَايَة جرير بن حَازِم: على نهر من دم، وَلم يقل: حسبت. قَوْله: يسبح أَي: يعوم. قَوْله: ضوضؤوا أَي: ضجوا وصاحوا. قَالَ الْكرْمَانِي: ضوضؤوا بِفَتْح المعجمتين وَسُكُون الواوين بِلَفْظ الْمَاضِي، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ غير مَهْمُوز أَصله: ضوضوا استثقلت الضمة على الْوَاو فحذفت فَاجْتمع ساكنان فحذفت الْوَاو الأولى لِاجْتِمَاع الساكنين، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: ضوضوا، وَضبط بِالْهَمْزَةِ أَي: ضجوا واستغلوا، والضوضأة: أصوات

(24/173)


النَّاس وغلبتهم وَهُوَ مصدر. قَوْله: يفغر لَهُ فَاه أَي: يَفْتَحهُ، يُقَال: فغر فَاه وفغر فوه يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، ومادته: فَاء وغين مُعْجمَة وَرَاء. قَوْله: فيلقمه بِضَم الْيَاء من الإلقام. قَوْله: كلما رَجَعَ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: كَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فغر لَهُ فَاه، أَي: فتح. قَوْله: كريه الْمرْآة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وهمزة ممدودة بعْدهَا هَاء تَأْنِيث أَي: كريه المنظر، وَأَصلهَا المراية تحركت الْيَاء وَانْفَتح ماقبلها فقلبت ألفا، ووزنها: مفعلة بِفَتْح الْمِيم، والمرآة بِكَسْر الْمِيم الْآلَة الَّتِي ينظر فِيهَا. قَوْله: يحشها بِفَتْح الْيَاء وَضم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة. أَي: يحركها لتتقد، يُقَال: حشيت النَّار أحشها حَشا، إِذا أوقدتها وجمعت الْحَطب إِلَيْهَا، وَحكى فِي الْمطَالع بِضَم أَوله من الإحشاش، وَفِي رِوَايَة جرير بن حَازِم: يحششها، بِسُكُون الْحَاء وَضم الشين الْمُعْجَمَة المكررة، وَيسْعَى حولهَا أَي: حول النَّار. قَوْله: معتمة بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَخْفِيف الْمِيم بعْدهَا هَاء تَأْنِيث، ويروى بِفَتْح التَّاء وَتَشْديد الْمِيم: من أعتم النبت إِذا كثر، وَقَالَ الدَّاودِيّ: أعتمت الرَّوْضَة غطاها الخصب، وَأورد ابْن بطال: مغنة، فَقَط بالغين الْمُعْجَمَة وَالنُّون، ثمَّ قَالَ ابْن دُرَيْد: وأدغن ومغن إِذا كثر شَجَره، وَلَا يعرف الْأَصْمَعِي الأغن وَحده، وَقَالَ صَاحب الْعين رَوْضَة غناء كَثِيرَة العشب والذباب: وقرية غناء كَثِيرَة الْأَهْل. قَوْله: من كل نور الرّبيع بِفَتْح النُّون وَهُوَ نور الشّجر أَي: زهره، ونورت الشَّجَرَة أخرجت نورها. وَقَوله: نور الرّبيع رِوَايَة الْكشميهني: وَفِي رِوَايَة غَيره: من كل لون الرّبيع، بِالْوَاو وَالنُّون. قَوْله: بَين ظَهْري الرَّوْضَة تَثْنِيَة ظهر، وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد: بَين ظهراني الرَّوْضَة، مَعْنَاهُمَا وَسطهَا. قَوْله: طولا نصب على التَّمْيِيز. قَوْله: وَإِذا حول الرجل من أَكثر ولدان رَأَيْتهمْ قطّ قَالَ الطَّيِّبِيّ شيخ شَيْخي: أصل هَذَا الْكَلَام، وَإِذا حول الرجل ولدان مَا رَأَيْت ولداناً قطّ أَكثر مِنْهُم، وَنَظِيره قَوْله بعد ذَلِك: لم أر رَوْضَة قطّ أعظم مِنْهَا، وَلما كَانَ هَذَا التَّرْكِيب متضمناً معنى النَّفْي جَازَت زِيَادَة: من وقط، الَّتِي تخْتَص بالماضي الْمَنْفِيّ. وَقَالَ ابْن مَالك: جَاءَ اسْتِعْمَال قطّ فِي الْمُثبت فِي هَذِه الرِّوَايَة وَهُوَ جَائِز، وغفل أَكْثَرهم عَن ذَلِك فخصوه بالماضي الْمَنْفِيّ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَنه اكْتفي بالمنفي الَّذِي لزم من التَّرْكِيب إِذْ مَعْنَاهُ: مَا رَأَيْته أَكثر من ذَلِك، أَو يُقَال: إِن النَّفْي مُقَدّر. قَوْله: إِلَى رَوْضَة وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَأبي عوَانَة والإسماعيلي: إِلَى دَرَجَة، وَهِي الشَّجَرَة الْكَبِيرَة. قَوْله: ارقه أَمر من رقى يرقى، وَالْهَاء فِيهِ للسكت. قَوْله: إِلَى مَدِينَة من مدن بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ على وزن فعيلة وَيجمع على مَدَائِن بِالْهَمْزَةِ، وَقيل: هِيَ مفعلة من دنت أَي: ملكت، فعلى هَذَا لَا يهمز جمعهَا فَإِذا نسبت إِلَى مَدِينَة الرَّسُول قلت: مدنِي وَإِلَى مَدِينَة مَنْصُور قلت: مديني، وَإِلَى مَدِينَة كسْرَى قلت: مدايني. قَوْله: بِلَبن ذهب بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء جمع لبنة وَهِي من الطين النيء. قَوْله: شطر أَي: نصف من خلقهمْ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف أَي: هيئتهم. قَوْله: شطر مُبْتَدأ وَقَوله: كأحسن خَبره، وَالْكَاف زَائِدَة وَالْجُمْلَة صفة رجال. قَوْله: فقعوا بِفَتْح الْقَاف وَضم الْعين أَمر للْجَمَاعَة بالوقوع أَصله: أوقعوا، لِأَنَّهُ من وَقع يَقع حذفت الْوَاو تبعا لحذفها فِي الْمُضَارع، واستغني عَن الْهمزَة فَبَقيَ: قعوا، على وزن: علوا، فَافْهَم. قَوْله: معترض أَي: يجْرِي عرضا. قَوْله: الْمَحْض بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالضاد الْمُعْجَمَة هُوَ اللَّبن الْخَالِص من المَاء حلواً كَانَ أَو حامضاً، وَقد بَين جِهَة التَّشْبِيه بقوله: فِي الْبيَاض هَكَذَا رِوَايَة النَّسَفِيّ، والإسماعيلي: فِي الْبيَاض، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: من الْبيَاض، قَوْله: فَذهب ذَلِك السوء عَنْهُم أَي: صَار الشّطْر الْقَبِيح كالشطر الْحسن، فَلذَلِك قَالَ: فصاروا فِي أحسن صُورَة. قَوْله: جنَّة عدن أَي: إِقَامَة وَأَشَارَ بقوله هَذِه إِلَى الْمَدِينَة. قَوْله: فسما بَصرِي بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم أَي: نظر إِلَى فَوق. قَوْله: صعداً بِضَم الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي: ارْتَفع كثيرا، قَالَ الْكرْمَانِي صعداً بِمَعْنى صاعداً، وَقيل: صعداً، بِضَم الصَّاد وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالمد، وَمِنْه: تنفس الصعداء، أَي: تنفس تنفساً ممدوداً، وَكَذَا ضَبطه ابْن التِّين. قَوْله: فَإِذا قصر كلمة: إِذْ، للمفاجاة. قَوْله: مثل الربابة بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الباءين الموحدتين وَهِي السحابة الْبَيْضَاء، وَقَالَ الْخطابِيّ: السحابة الَّتِي ركب بَعْضهَا بَعْضًا. وَقَالَ صَاحب الْعين الربَاب السَّحَاب وَاحِدهَا ربابة، وَيُقَال: إِنَّه السَّحَاب الَّذِي ترَاهُ كَأَنَّهُ دون السَّحَاب قد يكون أَبيض وَقد يكون أسود: وَقَالَ الدَّاودِيّ: الربابة السحابة الْبَعِيدَة فِي السَّمَاء. قَوْله: ذراني أَي: دَعَاني واتركاني، وَهُوَ بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة

(24/174)


وَتَخْفِيف الرَّاء أَمر للاثنين من: يذر، أَصله يوذر حذفت الْوَاو لوقوعها بَين الْيَاء والكسرة وَالْأَمر مِنْهُ: ذَر، وَأَصله أوذر، حدفت الْوَاو مِنْهُ تبعا لحذفها فِي الْمُضَارع واستغني عَن الْهمزَة فَقيل: ذَر، على وزن: فل وأميت ماضي هَذَا الْفِعْل فَلَا يُقَال: وذر. قَوْله: فَأدْخلهُ جَوَاب الْأَمر، وَيجوز فِي اللَّام النصب وَالرَّفْع والجزم: أما النصب فعلى تَقْدِير: أَن أدخلهُ، وَأما الرافع فعلى تَقْدِير أَنا أدخلهُ، وَأما الْجَزْم فَلِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر. وَفِي غَالب النّسخ أدخلهُ بِدُونِ الْفَاء. قَوْله: وَأَنت دَاخله يَعْنِي فِي الْمُسْتَقْبل، وَفِي رِوَايَة جرير بن حَازِم: قلت دَعَاني أَدخل منزلي. قَالَا: إِنَّه بَقِي لَك عمر لم تستكمله، فَلَو استكملت أتيت مَنْزِلك. قَوْله: أما إِنَّا سنخبرك كلمة: أما، بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْمِيم و: إِنَّا، بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد النُّون. قَوْله: فيرفضه بِكَسْر الْفَاء وَقيل بضَمهَا أَي: يتْركهُ وَلما رفض أشرف الْأَشْيَاء وَهُوَ الْقُرْآن عُوقِبَ فِي أشرف أَعْضَائِهِ. قَوْله: يَغْدُو أَي: يخرج من بَيته مبكراً فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق وَفِي رِوَايَة جرير بن حَازِم: مَكْذُوب يحدث بالكذبة تحمل عَنهُ حَتَّى تبلغ الْآفَاق، فيصنع بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: العراة جمع عَار قَوْله: والزناة جمع زَان، ومناسبة العري لَهُم لاستحقاقهم أَن يفضحوا لِأَن عَادَتهم أَن يستتروا بالخلوة فعوقبوا بالهتك، وَالْحكمَة فِي الْعَذَاب لَهُم من تَحْتهم كَون جنايتهم وَمن أعضائهم السُّفْلى. قَوْله: الَّذِي عِنْده النَّار هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني عِنْده، وَفِي رِوَايَة غَيره: الَّذِي عِنْد النَّار. قَوْله: وَأما الرجل وَفِي رِوَايَة جرير ابْن حَازِم: وَالشَّيْخ فِي أصل الشَّجَرَة إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، وَإِنَّمَا اخْتصَّ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، بذلك لِأَنَّهُ أَبُو الْمُسلمين. قَالَ تَعَالَى {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَاذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَءَاتُواْ الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} قَوْله: مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة وَفِي رِوَايَة النَّضر بن شُمَيْل: ولد على الْفطْرَة، وَهُوَ أشبه بقوله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: وَأَوْلَاد الْمُشْركين، وَقد مضى الْكَلَام فِي هَذَا الْفَصْل فِي كتاب الْجَنَائِز. قَوْله: الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسنا يرفع شطر وَنصب حسنا كَذَا فِي رِوَايَة غير أبي ذَر، وَوَجهه أَن: كَانَ، تَامَّة وَالْجُمْلَة حَال، وَإِن كَانَ بِدُونِ الْوَاو كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِى الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: الَّذين كَانُوا شطراً مِنْهُم حسن، وَوَجهه ظَاهر، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ والإسماعيلي بِالرَّفْع فِي الْجَمِيع، وَعَلِيهِ اقْتصر الْحميدِي فِي جمعه. وَزَاد جرير بن حَازِم فِي رِوَايَته: وَالدَّار الأولى الَّتِي دخلت دَار عَامَّة الْمُؤمنِينَ، وَهَذِه الدَّار دَار الشُّهَدَاء، وَأَنا جِبْرِيل وَهَذَا مِيكَائِيل.