كشف المشكل من
حديث الصحيحين (71) كشف الْمُشكل من مُسْند مَالك بن
صعصعة
[15] وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم خَمْسَة أَحَادِيث، أخرج لَهُ مِنْهَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث وَاحِد، وَهُوَ حَدِيث الْمِعْرَاج.
783 - / 935 - وَفِيه من الْمُشكل: بَينا أَنا فِي
الْحطيم. [15] والحطيم هُوَ الْحجر، وَإِنَّمَا سمي حطيما
لما حطم من جِدَاره، فَلم يسو بِبِنَاء الْبَيْت وَترك
خَارِجا مِنْهُ محطوم الْجِدَار. وأصل الحطم الْكسر. [15]
وَإِنَّمَا سمي الْحجر حجرا لِأَنَّهُ احتجر: أَي اقتلع من
الأَرْض بِمَا أدير عَلَيْهِ من الْبُنيان. [15] وَقَوله:
من ثغرة نَحره. النَّحْر مَوضِع القلادة. وثغرته: الهزمة
الَّتِي تقع فِي اللبة. واللبة مَوضِع وسط القلادة، وَجمع
الثغرة ثغر. [15] والشعرة: الْعَانَة. [15] والقص
بالصَّاد، والعامة تَقول بِالسِّين وَذَلِكَ غلط: وَهُوَ
وسط الصَّدْر. [15] والطست وَقد ذَكرْنَاهُ فِي مُسْند أبي
ذَر.
(2/287)
[15] وَأما قَول مُوسَى: أبْكِي لِأَن
غُلَاما بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر مِمَّا
يدخلهَا من أمتِي، فَرُبمَا توهم جَاهِل أَنه فِي معنى
الْحَسَد. والحسد لَا يجوز فِي حق الْأَنْبِيَاء، إِنَّمَا
يكون فِي معنى الْغِبْطَة. وَقد قيل: إِنَّمَا بَكَى
رَحْمَة لأمته، وتمنيا لَهُم الْخَيْر، لِأَنَّهُ بَالغ
فِي الِاجْتِهَاد مَعَهم، وَطَالَ زمنهم إِلَى مَجِيء
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ زَاد عدد السالمين من أمة
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم. [15] فَإِن
قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: هَذَا الْغُلَام، وَهُوَ لفظ
يَقْتَضِي التصغير؟ فَالْجَوَاب: أَنه تعجب من منَّة الله
عَلَيْهِ مَعَ صغر سنه. وَيحسن فِي ذكر النعم تَصْغِير
الْمُنعم عَلَيْهِ لينفرد الْمُنعم بالعظمة، كَقَوْلِه
تَعَالَى: {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ} [الزخرف:
59] وَقَوله عز وَجل: {ألم يجدك يَتِيما فآوى ووجدك
ضَالًّا فهدى} [الضُّحَى: 6، 7] . [15] وَأما الْبَيْت
الْمَعْمُور فَهُوَ الْكثير الغاشية، كَأَنَّهُ عمر بِمن
يَغْشَاهُ. [15] قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ حِيَال
الْكَعْبَة، يحجه كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك ثمَّ لَا
يعودون إِلَيْهِ حَتَّى تقوم السَّاعَة. [15] وَمعنى آخر
مَا عَلَيْهِم: أبدا. [15] وَقَوله فِي اللَّبن: " هِيَ
الْفطْرَة " أصل الْخلقَة. وَهُنَاكَ وَقع الْإِقْرَار
بالخالق من غير شوب دَعْوَى فِي حق غَيره. فَكَأَنَّهُ
أَشَارَ بالفطرة إِلَى الْإِقْرَار بِالتَّوْحِيدِ، لِأَن
الْخمر يشاب، وَالْعَسَل يشاب، بِخِلَاف اللَّبن. [15]
وَقَوله: " أحد الثَّلَاثَة بَين الرجلَيْن ": أَي لَيْسَ
بالطويل وَلَا بالقصير.
(2/288)
[15] ومراق الْبَطن مُشَدّدَة الْقَاف:
وَهُوَ مَا سفل من الْبَطن من الْمَوَاضِع الَّتِي ترق
جلودها. وَيُقَال: وَاحِدهَا مرق. [15] وَقَوْلهمْ:
مرْحَبًا بِهِ: الْمَعْنى أَتَى رحبا: أَي سَعَة. قَالَ
ابْن قُتَيْبَة: وَقَول النَّاس: مرْحَبًا وَأهلا:
مَعْنَاهُ أتيت رحبا وَأهلا لَا غرباء، فأنس وَلَا تستوحش.
وسهلا: أَي أتيت سهلا لَا حزنا. وَهُوَ فِي مَذْهَب
الدُّعَاء، كَمَا تَقول: لقِيت خيرا.
(2/289)
(72) كشف الْمُشكل من مُسْند كَعْب بن
عجْرَة
[15] وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا، أخرج لَهُ مِنْهَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ أَرْبَعَة أَحَادِيث.
784 - / 936 - فَمن الْمُشكل فِي الحَدِيث الأول: قَوْله:
" أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك؟ ". [15] الْهَوَام جمع هَامة.
[15] وَقَوله: " انسك نسيكة " يعْنى اذْبَحْ ذَبِيحَة،
وَهِي شَاة. [15] والتهافت: التساقط شَيْء بعد شَيْء. [15]
وَالْفرق: مكيال مَعْرُوف لَهُم. قَالَ ثَعْلَب: هُوَ
مَفْتُوح وَلَا تسكنها. وَكَذَلِكَ قَالَ القتبي: وَهُوَ
بِفَتْح الرَّاء، وَهُوَ سِتَّة عشر رطلا. وَقَالَ ابْن
فَارس: بِفَتْح رائه وتسكن. وَهَذَا الْمِقْدَار مَكِيل من
التَّمْر، وَلَا يَجْزِي أقل من نصف صَاع لكل فَقير.
(2/290)
785 - / 938 - وَفِي الحَدِيث الأول من
أَفْرَاد مُسلم: " مُعَقِّبَات لَا يخيب قائلهن ". [15]
المعقبات: الَّتِي يعقب بَعْضهَا بَعْضًا: أَي يَأْتِي
بَعضهنَّ فِي عقب بعض.
786 - / 939 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: عَن كَعْب بن
عجْرَة أَنه دخل الْمَسْجِد وَعبد الرَّحْمَن بن أم الحكم
يخْطب قَاعِدا، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث
يخْطب قَاعِدا، وَقد قَالَ الله عز وَجل: {وَإِذا رَأَوْا
تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك
قَائِما} [الْجُمُعَة: 11] . [15] الْقيام فِي الْخطْبَة
مسنون عندنَا. فَأَما عِنْد الشَّافِعِي فَإِنَّهُ شَرط
لَا تصح الْخطْبَة إِلَّا بِهِ.
(2/291)
(73) كشف الْمُشكل من مُسْند أبي بَرزَة
نَضْلَة بن عبيد
[15] وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم سِتَّة وَأَرْبَعُونَ حَدِيثا، أخرج لَهُ مِنْهَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ سَبْعَة أَحَادِيث.
787 - / 940 - فَمن الْمُشكل فِي الحَدِيث الأول: كَانَ
يُصَلِّي الهجير الَّتِي تدعونها الأولى حِين تدحض
الشَّمْس. [15] الهجير والهاجرة نصف النَّهَار عِنْد
اشتداد الْحر. [15] وتدحض بِمَعْنى تَزُول. [15] وَقَوله:
" وَالشَّمْس حَيَّة " حَيَاة الشَّمْس بَقَاء حرهَا لم
يفتر، ولونها لم يصفر. [15] وَأما كَرَاهِيَة النّوم قبل
الْعشَاء فَإِنَّهُ لَا يُؤمن امتداد النّوم إِلَى أَن
يذهب وَقت الْفَضِيلَة، وَرُبمَا لم يدْرك حِينَئِذٍ
جمَاعَة، فَإِن قَامَ النَّائِم فِي وَقت الْفَضِيلَة
فَمَا أَخذ من النّوم قبل مُرَاده، فَيقوم كسلان. وَأما
الحَدِيث بعْدهَا فلاستحباب ختم الْعَمَل بِالطَّاعَةِ،
وَنسخ عَادَة الْجَاهِلِيَّة فِي
(2/292)
السمر. فَأَما إِذا كَانَ الحَدِيث بعْدهَا
فِي الْعلم وَالْخَيْر فَإِنَّهُ لَا يكره.
788 - / 941 - وَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد
البُخَارِيّ: [15] مَا أرى أحدا الْيَوْم خيرا من هَذِه
الْعِصَابَة الملبدة، خماص الْبُطُون من أَمْوَال النَّاس.
[15] الملبدة: المقيمة الَّتِي لَا تتصرف فِي الْفِتَن.
والملبد: الْمُقِيم اللاصق بِالْأَرْضِ. [15] والخامص:
الضامر. وَأَرَادَ نزاهة الْقَوْم من دِمَاء النَّاس
وَأَمْوَالهمْ.
789 - / 942 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: كُنَّا على شاطئ
النَّهر وَقد نضب عَنهُ المَاء. [15] نضب: مَفْتُوحَة
الضَّاد. وَالْمعْنَى: لم يبْق عَلَيْهِ شَيْء. [15]
والتعنيف: التوبيخ. وَالْمعْنَى: مَا وبخني أحد وَلَا
لَقِيَنِي بِكَلَام يشق. والعنف ضد الرِّفْق. [15]
وَقَوله: منزلي متراخ: أَي متباعد. [15] وَقد ذكرنَا
الحرورية فِي مُسْند عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام، وهم
الَّذين خَرجُوا على عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام فنزلوا
حروراء. والأزارقة: خوارج نسبوا إِلَى نَافِع بن
الْأَزْرَق. [15] والقهقرى: الرُّجُوع على العقبين إِلَى
وَرَاء.
(2/293)
[15] وَقَوله: مخزيك: أَي مذلك. قَالَ
الزّجاج: المخزى فِي اللُّغَة: المذل المحقور بِأَمْر قد
لزمَه وبحجة. يُقَال: أخزيته: ألزمته حجَّة أذللته مَعهَا.
790 - / 943 - وَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد مُسلم:
[15] قَالَت: امْرَأَة لناقتها: حل، اللَّهُمَّ العنها.
[15] وَحل: زجر للناقة. وَقد فسرنا هَذَا الحَدِيث فِي
مُسْند عمرَان بن حُصَيْن.
791 - / 944 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: حلقي عقرى. [15]
أما حلقى وعقرى فهما كلمتان تخفان على أَلْسِنَة الْعَرَب
فِي الدُّعَاء على النِّسَاء، وَرُبمَا دعين بهَا على
أَنْفسهنَّ تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ الَّذِي وَقع الْغَضَب
مِنْهُ، وَمَعْنَاهَا: عقرهَا الله وحلقها: أَي أَصَابَهَا
بوجع فِي حلقها. [15] وَقَوله: " لَا، لعمر الله " أَي
وحياته.
792 - / 945 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: " وَأمر الْأَذَى
عَن الطَّرِيق ". أَي: نحه
(2/294)
793 - / 946 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رجلا إِلَى
حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب، فسبوه وضربوه، فَأتى رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ، فَقَالَ: " لَو
أهل عمان أتيت مَا سبوك وَلَا ضربوك ". [15] قَالَ بعض
الْعلمَاء: كَانَ أهل عمان أسْرع النَّاس قبولا للْخَبَر.
أخبرنَا ابْن الْحصين قَالَ: أخبرنَا ابْن الْمَذْهَب
قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر بن مَالك قَالَ: حَدثنَا عبد
الله بن أَحْمد، حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنَا يزِيد قَالَ:
أخبرنَا جرير قَالَ: أَنبأَنَا الزبير بن الحريث عَن أبي
لبيد قَالَ: خرج رجل فِي طاحية مُهَاجرا يُقَال لَهُ بيرح
بن أَسد، فَقدم الْمَدِينَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم بأيام، فَرَآهُ عمر، فَعلم أَنه
غَرِيب، فَقَالَ لَهُ: من أَنْت؟ فَقَالَ: من أهل عمان.
قَالَ / من أهل عمان؟ قَالَ نعم. فَأخذ بِيَدِهِ فَأدْخلهُ
على أبي بكر فَقَالَ: هَذَا من أهل الأَرْض الَّتِي سَمِعت
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنِّي
لأعْلم أَرضًا يُقَال لَهَا عمان، ينضج بناحيتها الْبَحْر،
بهَا حَيّ من الْعَرَب لَو أَتَاهُم رَسُول مَا رَمَوْهُ
بِسَهْم وَلَا حجر ".
(2/295)
|