كشف المشكل من
حديث الصحيحين (102) كشف الْمُشكل من مُسْند سُفْيَان بن
أبي زُهَيْر
وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم خَمْسَة أَحَادِيث، أخرج لَهُ مِنْهَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ حديثان.
2270 - / 2878 - فَمن الْمُشكل فِي الحَدِيث الأول: "
يَأْتِي قوم يبسون ".
هَذَا كِنَايَة عَن الرحيل والانتقال. والبس: زجر الْإِبِل
واستحثاثها فِي السّير، يُقَال: بسست وأبسست.
2271 - / 2879 - والْحَدِيث الثَّانِي: قد تقدم فِي مُسْند
ابْن عمر.
(4/75)
(103) كشف الْمُشكل من مُسْند الْعَلَاء بن
الْحَضْرَمِيّ
أسلم قَدِيما، وولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الْبَحْرين، وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة أَحَادِيث، أخرج لَهُ مِنْهَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث وَاحِد.
2272 - / 2880 - وَفِيه: " يُقيم المُهَاجر بِمَكَّة بعد
قَضَاء نُسكه ثَلَاثًا ".
اعْلَم أَنه كَانَ يكره لِلْمُهَاجِرِ من مَكَّة أَن يعود
فيقيم بهَا؛ لِأَنَّهُ كالرجوع فِيمَا ترك، ورثى رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسعد بن خَوْلَة لكَونه
مَاتَ بِمَكَّة، فَجعل لِلْمُهَاجِرِ أَن يُقيم بعد النّسك
ثَلَاثًا ثمَّ يخرج لتتحقق هجرته.
وَقد كَانَ جمَاعَة من الصَّحَابَة يرَوْنَ أَن هَذَا
كَانَ فِي بداية الْإِسْلَام، فَلَمَّا صَارَت دَار
إِسْلَام واستقرت الْقَوَاعِد كَانَ ابْن عمر وَجَابِر
يجاوران بهَا، وَقد توطنها خلق كثير من الصَّحَابَة، وَقد
ذكرتهم فِي كتاب " مَكَّة " وعَلى اسْتِحْبَاب
الْمُجَاورَة بهَا أَكثر الْفُقَهَاء، مِنْهُم أَحْمد بن
حَنْبَل. وَقد كره الْمُجَاورَة بهَا أَبُو حنيفَة، وَقد
علل بعض أَصْحَابه بخوف الْملَل، وَقلة الاحترام لمداومة
الْأنس بِالْمَكَانِ، وَخَوف ارْتِكَاب الذُّنُوب، وَهَذَا
يُقَابله فضل الْمَكَان وَفضل الْعِبَادَة فِيهِ.
(4/76)
والنسك: التَّعَبُّد، والمناسك: المتعبدات.
والصدر: الرُّجُوع بعد الْوُرُود، يُقَال: صدر الْقَوْم
عَن الْمَكَان: أَي رجعُوا عَنهُ.
(4/77)
(104) كشف الْمُشكل من مُسْند الصعب بن
جثامة
وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم سِتَّة عشر حَدِيثا، أخرج لَهُ مِنْهَا فِي
الصَّحِيحَيْنِ حديثان.
2273 - / 2881 - فَالْأول: قد تقدم فِي مُسْند ابْن
عَبَّاس.
2274 - / 2882 - وَفِي الثَّانِي: سُئِلَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أهل الدَّار يبيتُونَ فتصاب
ذَرَارِيهمْ، فَقَالَ: " هم مِنْهُم ".
البيات: قصد الْعَدو لَيْلًا. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:
{فَجَاءَهَا بأسنا بياتا} [الْأَعْرَاف: 4] .
وَقَوله: " هم مِنْهُم " أَي فِي حكم الدّين وَإِبَاحَة
الدَّم، وَلم يرد قَتلهمْ ابْتِدَاء، وَلَكِن إِذا لم
يُوصل إِلَى أُولَئِكَ إِلَّا بهؤلاء لم يكن فِي قَتلهمْ
إِثْم.
وَقَوله: " لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ "؛ الْحمى:
هُوَ الْمَمْنُوع، يُقَال: حميت كَذَا أحميه: إِذا منعته.
قَالَ الشَّافِعِي: كَانَ الشريف فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا
نزل بَلَدا فِي حيه استعوى كَلْبا، ووقف من يسمع صَوته،
فحمى مدى عواء الْكَلْب لَا يشركهُ فِيهِ غَيره، وَهُوَ
يُشَارك الْقَوْم فِي سَائِر مَا
(4/78)
يدعونَ، فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم عَن ذَلِك.
فَإِن قَالَ قَائِل: فقد حمى رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لإبل الصَّدَقَة وضعاف الْخَيل. قَالَ
الزُّهْرِيّ: حمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
النقيع، وَهُوَ مَوضِع مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ تستنقع
فِيهِ الْمِيَاه وينبت الْكلأ. وَقد حمى عمر بن الْخطاب
الربذَة وسرف. قُلْنَا: إِنَّمَا أبطل مَا كَانَ فِي
الْجَاهِلِيَّة؛ لأَنهم كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِمُقْتَضى
الْغَلَبَة والهوى، وَمَا يفعل فِي الْإِسْلَام على خلاف
ذَلِك. وَمعنى قَوْله: " لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ
" أَي: إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي أذن الله فِيهِ
وَرَسُوله، وَذَلِكَ على قدر الْحَاجة والمصلحة،
وَإِنَّمَا حمى عمر لإبل الصَّدَقَة وَالْخَيْل الْمعدة
فِي سَبِيل الله عز وَجل، وَللْإِمَام أَن يحمي على وَجه
النّظر فِي تَقْوِيَة الْخَيل والكراع مَا لم يضق على
الْعَامَّة المرعى.
(4/79)
|