مشكلات موطأ مالك بن أنس

 (بَاب التَّيَمُّم)

" التَّيَمُّم " شَرْعِي ولغوي، واللغوي الْقَصْد والتعمد، يُقَال: تأممتك وتيممتك، وأممتك، إِذا قصدتك. لَكِن الشَّرْع أوقع هَذَا الِاسْم على مسح الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ بِالتُّرَابِ، فانتقل عَن مَوْضُوعه فِي اللُّغَة وعمومه، فَصَارَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْمَعْنى.
و" الْبَيْدَاء " الفلاة سميت بذلك لِأَنَّهَا تبيد من سلكها أَي تهلكه.
و" ذَات الْجَيْش " فلاة بِنَاحِيَة مَكَّة مرسها الله تَعَالَى وأعزها.
وَمعنى " بعثنَا الْبَعِير " حركناه من مبركه وأقمناه مِنْهُ، بعثت الرجل من قومه إِذا أيقظته. وانبعث هُوَ إِذا قَامَ. قَالَ الله سُبْحَانَهُ: {من بعثنَا من مرقدنا [هَذَا] } .
و" الصَّعِيد " يكون التُّرَاب وَيكون وَجه الأَرْض. قَالَ الله تَعَالَى: {فَتُصْبِح صَعِيدا زلقا} وَقَالَ: {صَعِيدا جرزا} والجرز: الأَرْض الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا.

(1/69)


وَقَالَ الْخَلِيل: المربد: مَوضِع بِالْبَصْرَةِ كَانَ موقفا للْعَرَب، والمربد أَيْضا مَوضِع بِالْكُوفَةِ. وأصل المربد فِي اللُّغَة: الْموضع الَّذِي يجمع فِيهِ التَّمْر إِذا صرم، وَالْعرب تخْتَلف فِي ذَلِك، فَأهل الْحجاز يسمونه المربد، وَأهل الْعرَاق يسمونه البيدر، وَأهل الشَّام الأندرة، وَأهل الْبَصْرَة الجوخان، وَأهل نجد الجرين، وَقوم من أهل الْمَدِينَة المسطح.
و" الْيَد " تقع على الْكَفّ والذراع، والمرفق، والعضد إِلَى الْمنْكب.
و" الصَّعِيد الطّيب " النقي الَّذِي لَا نَجَاسَة فِيهِ، وَقيل: هُوَ الْحَلَال. وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَعَلَّك نفست "
لَعَلَّ هَاهُنَا ظن وتوقع، وَالْمعْنَى: أَظُنك نفست. . يُقَال: نفست الْمَرْأَة إِذا حَاضَت وَكَذَلِكَ فِي الْولادَة. وَحكى ابْن الْأَعرَابِي: نفست. وَمعنى قَوْلهم: نفست الْمَرْأَة سَالَ نَفسهَا. وَالنَّفس الدَّم، سمي بذلك لِأَنَّهُ يُوجد

(1/70)


بِوُجُود النَّفس، ويعدم بعدمها، على مَذْهَبهم فِي تَسْمِيَة الشَّيْء باسم غَيره.
وَحكى ابْن الْأَعرَابِي نفسَاء ونفساء، وَحكى اللحياني نفسَاء. وَقد نفست نفاسة، ونفاسة، ونفست نفاسا، وَجمع نفسَاء نِفَاس. " الْمُسْتَحَاضَة " الَّتِي لَا يرقأ دَمهَا. وَقَوله: " تهراق الدِّمَاء " يجوز فِيهِ فتح الْهَاء وتسكينها. وَيُقَال: " قدر " قدر، وَكَذَلِكَ الْقدر الَّذِي هُوَ الْقَضَاء.
و" استثفر " الْكَلْب إِذا أَدخل ذَنبه بَين فَخذيهِ، وألصقه ببطنه. واشتقاقه من الثفر، وَهُوَ فرج كل ذِي مخلب. وَمِنْه ثفر الدَّابَّة، لِأَنَّهُ يَقع على ذَلِك الْموضع.
و" ذنُوب " الدَّلْو المملوء مَاء وَإِن كَانَت فارغة لم تسم ذنوبا. هَذَا أصل الذُّنُوب، ثمَّ يضْرب مثلا للنصيب والحظ وَإِن لم يكن هُنَاكَ دلو وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {ذنوبا مثل ذنُوب أَصْحَابهم} .
وَيُقَال: مسواك و " سواك " وَيجمع على مساويك [على] وسوك بِضَم الْوَاو من غير همز، وتسكن الْوَاو كَرَاهِيَة الضمة، من الْعَرَب من يهمزها لانضمامها. وَيُقَال: استاك بِالسِّوَاكِ واستن بِهِ وساك بِهِ فَاه. وشاصه

(1/71)


يشوصه، وماصه يموصه موصا، فَإِذا مضغ السِّوَاك ليلين طرفه وينشعث قيل: نكثه وأنكثه. وَكَانَت الْعَرَب تستاك بأنواع من الشّجر مِنْهَا الْأَرَاك والبشام، والإسحل وَهُوَ أشهرها، وَالْبَعْض والضر والعتم، وَهُوَ شَبيه بالزيتون ينْبت بالجبال وَمِنْهَا عراجين النّخل، وَمِنْهَا الشت، وأشدها بَيَاضًا للأسنان اليسعور.
وَفِي الحَدِيث " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُعجبهُ أَن يستاك بالضرع ".
والضرع: جمع ضَرِيع، وَهُوَ قضيب من الْأَرَاك ينثني فَيسْقط من الشّجر فِي الظل لَا تصيبه الشَّمْس وَهُوَ مَعَ ذَلِك لم يَنْقَطِع من الشَّجَرَة، وَذكر أَبُو حنيفَة أَنه أَلين من الْفَرْع، وَأطيب ريحًا.
و" التهجير " البدار إِلَى الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا، وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا فِي صَلَاة الظّهْر، لِأَنَّهُ من السّير فِي الهاجرة، وَهِي القائلة، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " المهجر إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي كَذَا " وَيُقَال: هجر وتهجر بِمَعْنى.
حبا الصَّبِي يحبو حبوا: إِذا زحف، وحبت النَّاقة: إِذا عرقبت،

(1/72)


فتحاملت على قَوَائِمهَا الثَّلَاث.

(1/73)