الفائق في غريب الحديث
والأثر حرف الْفَاء
الْفَاء مَعَ الْهمزَة
فأد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد سَعْدا فَوضع يَده بَين
ثدييه وَقَالَ: إِنَّك رجل مفئود فأت الْحَارِث بن كلدة أَخا ثَقِيف
فَإِنَّهُ يتطبب فليأخذ سبع مَرَّات من عَجْوَة الْمَدِينَة فليجأهن
ثمَّ ليلدك بِهن ويروى: أَنه وصف لَهُ الفريقة. المفئود: الَّذِي أُصيب
فُؤَاده بداء كالمظهور والمصدور وَيُقَال: فأدت الظبي أَي رميته
فَأَصَبْت فُؤَاده وَرجل مفئود وفئيد للجبان الذَّاهِب الْفُؤَاد خوفًا
وَقد فأده الْخَوْف فأدا. وَفِي حَدِيث عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى:
أَن ابْن جريج قَالَ لَهُ: رجل مفئود ينفث دَمًا أَو مصدور ينهز قَيْحا
أحدث هُوَ قَالَ: لَا وضوء عَلَيْهِمَا. النَّهر: الدّفع يُقَال نهز
الثور بِرَأْسِهِ إِذا دفع عَن نَفسه. قَالَ ذُو الرمة: ... قِياماً
تَذُبّ البَقَّ عَن نخراتها ... بنهز كإيماء الرُّءُوس المواتع ...
ونهز بالدلو إِذا ضرب بهَا المَاء لتمتلئ. فليجأهن من الوجيئة وَهِي
التَّمْر يدق حَتَّى يخرج نَوَاه ثمَّ يبل بِلَبن أَو بِسمن حَتَّى
يتَّدن وَيلْزم بعضه بَعْضًا قَالَ: ... لِتَبْكِ الباكياتُ أَبَا
خُبَيْبٍ ... لدهر أَو لنائبة تَنُوبُ
وقَعْبِ وَجيئةٍ بُلَّت بِمَاء ... يكون إدامها لبنٌ حليبُ ... وأصل
الوجء: الدق وَالضَّرْب وَمِنْه: وجأت بِهِ الأَرْض عَن أبي زيد إِذا
ضربتها بِهِ وكنزت التَّمْر فِي الجلة حَتَّى اتجأ أَي اكتنز وتلازم
كَأَنَّهُ وجئ وجئاً. اللدّ من اللدود وَهُوَ الوجور فِي أحد لديدي
الْفَم وهما شقاه. الفريقة: تمر يطْبخ بحلبة وَفرقت للنفساء وأفرقت
إِذا صنعتها لَهَا.
فأل وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتفاءل وَلَا يتطير.
(3/85)
الفأل والطيرة قد جَاءَا فِي الْخَبَر
وَالشَّر تَقول الْعَرَب: وَلَا فأل عَلَيْك وَقَالَ الكتيت: ...
وَكَانَ اسمكُم لَو يَزْجُرُ الطيرَ عائف ... لبينكم طيرا مبينَة الفال
... مجىء الطَّيرَة فِي الشَّرّ وَاسع لَا يفْتَقر فِيهِ إِلَى شَاهد
إِلَّا أَن اسْتِعْمَال الفأل فِي الْخَيْر أَكثر. وَمِنْه حَدِيثه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قيل: يَا رَسُول الله مَا الفأل فَقَالَ:
الْكَلِمَة الصَّالِحَة. وَاسْتِعْمَال الطَّيرَة فِي الشَّرّ أوسع
وَقد جَاءَت مَجِيء الْجِنْس فِي الحَدِيث وَهُوَ قَوْله: أصدق
الطَّيرَة الفأل.
الْفَاء مَعَ التَّاء
فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستفتح بصعاليك
الْمُهَاجِرين. أَي يفْتَتح بهم الْقِتَال تيمناً بهم وَقيل: يستنصر
بهم من قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءِكُمُ
الْفَتْحُ} وكما التقى الْفَتْح والنصر فِي معنى الظفر التقيا فِي معنى
الْمَطَر فَقَالُوا: قد فتح الله علينا فتوحاً كَثِيرَة تَتَابَعَت
الأمطار وَأَرْض بني فلَان منصورة أَي مغيثة. الصعلوك: الَّذِي لَا
مَال لَهُ وَلَا اعتمال وَقد صعلكته إِذا ذهبت بِمَالِه وَمِنْه تصعلكت
الْإِبِل إِذا ذهبت أوبارها.
فتخ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد جافى عضديه عَن جَنْبَيْهِ
وفتخ أَصَابِع رجلَيْهِ. أَي نصبها وغمز مَوضِع المفاصل إِلَى بَاطِن
الرجل يُقَال: فتخها يفتخها فتخاً وفتخ الرجل يفتخ فتخا فَهُوَ أفتخ
وَهُوَ اللين مفاصل الْأَصَابِع من عرض وَمِنْه قيل للعقاب فتخاء
لِأَنَّهَا إِذا انحطت كسرت جناحيها وغمزتها.
فتر نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل مُسكر ومفتر. هُوَ الَّذِي
يفتر من شربه فإمَّا أَن يكون أفتره بِمَعْنى فتره أَي جعله فاتراً
وَإِمَّا أَن يكون أفتر الشَّرَاب إِذا فتر شَاربه كَقَوْلِك: أقطف
الرجل إِذا قطفت دَابَّته.
(3/86)
وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: أفتر الرجل إِذا
ضعفت جفونه فانكسر طرفه.
فتن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي فتْنَة الْقَبْر: (أما فتْنَة
الْقَبْر فَبِي تفتنون وعني تُسألون فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا أَجْلِس
فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف) . الْفِتَن: أَصله الِابْتِلَاء
والامتحان وَمِنْه فتن الْفضة إِذا أدخلها النَّار ليعرف جيِّدها من
رديئها. وَمِنْه قَوْلهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَبِي تفتنون)
تمتحنون ويتعرف إيمَانكُمْ بنبوتي وكما قيل فِي شدَّة النَّازِلَة
بلَاء ومحنة قيل فتْنَة وَفتن فلَان بفلانة أَي بلَى بهواها ونكب.
وَفِي حَدِيث الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ فِي قَوْله
تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}
فتنوهم بالنَّار قوما كَانُوا بمذارع الْيمن أَي عذبوهم. والمذراع:
الْبِلَاد الَّتِي بَين الرِّيف وَالْبر لِأَنَّهَا أَطْرَاف ونواح من
مذراع الدَّابَّة. المشعوف: الَّذِي أُصِيب شعفة قلبه وَهِي رَأسه
عِنْد مُعَلّق النياط بحب أَو ذعر أَو جُنُون وَأهل حجر وناحيتها
يَقُولُونَ للمجنون مشغوف وَبِه شغَاف وَالْمرَاد هَا هُنَا المذعور
أَو الَّذِي أَصَابَهُ شبه الْجُنُون من فرط الْفَزع والقلق
وَالْحَسْرَة.
فتا إِن أَرْبَعَة تفاتوا إِلَيْهِ. أَي تحاكموا إِلَيْهِ من
الْفَتْوَى. قَالَ الطرماح: ... أنِخْ بفِناء أشْدَقَ من عدِيٍّ ...
ومِنْ جَرْمٍ وهُمْ أهل التَّفَاتِي ... إِن امْرَأَة سَأَلت أم سَلمَة
أَن تريها الْإِنَاء الَّذِي كَانَ يتَوَضَّأ مِنْهُ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْرَجته فَقَالَت [الْمَرْأَة] : هَذَا مكوك
الْمُفْتِي. قَالَ الْأَصْمَعِي: الْمُفْتِي مكيال هِشَام بن
هُبَيْرَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفتى الرجل إِذا شرب بالمفتي
وَهُوَ قدح الشطار. وَالْمعْنَى تَشْبِيه الْإِنَاء بمكوك هِشَام
وأرادت مكوك صَاحب الْمُفْتِي فحذفت الْمُضَاف أَو بمكوك الشَّارِب.
وَهُوَ مَا يُكَال بِهِ الْخمر قَالَ الْأَعْشَى:
(3/87)
.. وَإِذا مكُّوكها صادمه ... جانباها
كَرَّ فِيهَا وَسَبَحْ ...
فتك الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: أَلا أقتل
لَك عليا فَقَالَ: وَكَيف تقتله قَالَ: أفتك بِهِ. قَالَ: سَمِعت
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قيَّد الْإِيمَان الفتك
لَا يفتك مُؤمن. الْفَصْل بَين الفتك والغيلة: أَن الفتك هُوَ أَن
تهتبل غرته فتقتله جهاراً والغيلة أَن تكتمن فِي مَوضِع فتقتله
خُفْيَة. وَرويت فِي فائه الحركات الثَّلَاث وفتكت بفلان وأفتكت بِهِ
عَن يَعْقُوب.
فتق زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: فِي الفتق
الدِّيَة. صحَّ عَن الْأَزْهَرِي بِفَتْح التَّاء وَهُوَ انفتاق
المثانة. وَعَن الْفراء أفتق الحيُّ إِذا أصَاب إبلهم الفتق وَذَلِكَ
إِذا انفتقت خواصرها سمنا فتموت ذَلِك وَرُبمَا سلمت. وَأنْشد قَوْله
رؤبة: ... لم يَرْجُ رُسْلاً بعد أَعْوَام الفَتَق ... وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: تفتق الْجمل سمنا وفتق فتقا.
فتح ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَا كنت أَدْرِي مَا
قَوْله عز وَجل {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنا
بالْحَقِّ} حَتَّى سَمِعت بنت ذِي يزن تَقول لزَوجهَا: تعال أفاتحك
يُقَال: فتح بَينهمَا أَي حكم. والفاتح: الْحَاكِم وفاتحه: حاكمه
والفتاحة (بِالضَّمِّ وَالْكَسْر) : الْحُكُومَة لِأَن الحكم فصل وَفتح
لما يستغلق.
فتا عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَذَعَة أحبُّ إِلَيّ
من هرمة الله أحقُّ بالفتاء وَالْكَرم.
(3/88)
والفتى: الطريّ السن ومصدره الفتاء.
الْكَرم: الحُسن.
الْفَاء مَعَ الثَّاء
فثر عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ سُوَيْد بن غَفلَة:
دخلت عَلَيْهِ يَوْم عيد وَعِنْده فاثور عَلَيْهِ خبز السمراء وصحفة
فِيهَا خطيفة وملبنة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَوْم عيد وخطيفة
فَقَالَ: إِنَّمَا هَذَا عيد من غفر لَهُ. مر ذكر الفاثور فِي (غر) .
السمراء: الْحِنْطَة قَالَ: ... سَمْراء مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْرَاق
... وَقيل: هِيَ الخشكار. الخطيفة: الكابول وَقيل لبن يوضع على النَّار
ثمَّ يذر عَلَيْهِ دَقِيق ويطبخ وَسميت خطيفة لِأَنَّهَا تختطف
بالملاعق. الملبنة: الملعقة.
(3/89)
الْفَاء مَعَ الْجِيم
فجر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا استأذنه فِي الْجِهَاد
فَمَنعه لضعف بدنه فَقَالَ لَهُ إِن أطلقتني وَإِلَّا فجرتك. أَي عصيتك
وخالفتك ومضيت إِلَى الْغَزْو وأصل الْفجْر الشَّق وَبِه سمى الْفجْر
كَمَا سمى فلقاً وفرقاً والعاصي: شاق لعصا الطَّاعَة وَمِنْه قَول
الموتر: (ونترك من يفجرك) .
فجو ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا صلى أحدكُم فَلَا
يصلين وَبَينه وَبَين الْقبْلَة فجوة. هِيَ المتسع بَين الشَّيْئَيْنِ
وَمِنْهَا الفجأ وَهُوَ الفجج وَرجل أفجى وَامْرَأَة فجواء وقوس فجواء
أَي باين وترها عَن كَبِدهَا وَهُوَ فِي معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: إِذا صلى أحدكُم إِلَى الشَّيْء فليرهقه.
الْفَاء مَعَ الْحَاء
فَحل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على رجل من الْأَنْصَار
وَفِي نَاحيَة الْبَيْت فحلٌ فَأمر بِنَاحِيَة مِنْهُ فرشَّت ثمَّ صلى
عَلَيْهِ. هُوَ الْحَصِير لِأَنَّهُ يرمل من سعف فَحل النّخل وَهُوَ
كَقَوْلِهِم: فلَان يلبس الصُّوف والقطن.
فحص من بنى مَسْجِدا وَلَو مثل مفحص قطاة بني لَهُ بَيت فِي الْجنَّة.
(3/90)
هُوَ مجثمها لِأَنَّهَا تفحص عَنهُ
التُّرَاب. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي وَصيته
ليزِيد بن أبي سُفْيَان حِين وَجهه إِلَى الشَّام: إِنَّك ستجد قوما قد
فحصوا رُءُوسهم فَاضْرب بِالسَّيْفِ مَا فحصوا عَنهُ وستجد قوما فِي
الصوامع فَدَعْهُمْ وَمَا أعملوا لَهُ أنفسهم. يَعْنِي الشمامسة
الَّذين حَلقُوا رُءُوسهم. وَإِنَّمَا نهى عَن قتل الرهبان لِأَنَّهُ
يُؤمن شرُّهم على الْمُسلمين لمجانبتهم الْقِتَال والإعانة عَلَيْهِ.
فَحل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قدم الشَّام تفحل لَهُ
أُمَرَاء الشَّام. أَي تكلفوا لَهُ الفحولة فِي اللبَاس والمطعم
فخشَّنوهما. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا شُفْعَة فِي بِئْر
وَلَا فَحل والارف تقطع كل شُفْعَة. أَرَادَ فحال النّخل. الأرف:
الْحُدُود.
فحا مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لقوم قدمُوا عَلَيْهِ
كلوا من فحاء أَرْضنَا فقلما أكل قوم من فحاء أَرض فضرّه مَاؤُهَا.
الفحاء: (بِالْفَتْح وَالْكَسْر وَالضَّم) : وَاحِد الأفحاء وَهِي
التوابل نَحْو الفلفل والكمون وأشباههما. وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ...
كَأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ... كُلَّ مدادٍ من فَحاً مَدْقُوق
... وَقَالَ: ... يدق لَك الأَفْحَاء فِي كل منزل ...
(3/91)
وَيُقَال: فح قدرك وأفحها وقزحها وتوبلها
أَي طيبها بالأبازير ولامه وَاو لقَولهم للطعام الَّذِي جعلت فِيهِ
الأفحاء: الفحواء وَكَأَنَّهُ من معنى الفوح على الْقلب وَمِنْه: عرفت
ذَلِك فِي فحوى كَلَامه وفحوائه.
فحص كَعْب إِن الله تَعَالَى بَارك فِي الشَّام وَخص بالتقديس من فحص
الْأُرْدُن إِلَى رفح هُوَ مَا فحص مِنْهَا أَي كشف ونحى بعضه من بعضٍ
من قَوْلهم: الْمَطَر يفحص الْحَصَى إِذا قلبه وزيله وفحص القطا
التُّرَاب إِذا اتخذ أُفحوصا وَمِنْه الفحصة: نقرة الذقن. ورفح: مَكَان
فِي طَرِيق مصر ينْسب إِلَيْهِ الْكلاب الْعقر.
الْفَاء مَعَ الْخَاء
فَخر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا سيد ولد آدم وَلَا فَخر.
ادّعاء الْعظم وَمِنْه تَفْخَر فلَان إِذا تعظم ونخلة فخور: عَظِيمَة
الْجذع يُرِيد: لَا أَقُول هَذَا افتخارا وتنفجا وَلَكِن شكرا لله
وتحدثاً بنعمته.
الْفَاء مَعَ الدَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّكُم مدعوون يَوْم الْقِيَامَة
مفدمة أَفْوَاهكُم بالفدام ثمَّ أَن أول مَا يبين عَن أحدكُم لفخذه
وَيَده. الْفِدَام: مَا يشدُّ على فَم الإبريق لتصفيه الشَّرَاب وإبريق
مفدَّم وَمِنْه: الفدم من الرِّجَال كَأَنَّهُ مشدود على فِيهِ مَا
يمنعهُ الْكَلَام لفهاهته وَالْمعْنَى أَنهم يمْنَعُونَ الْكَلَام
بأفواههم وتستنطق أَفْخَاذهم وأيديهم. كَقَوْلِه تَعَالَى: {الْيَوْمَ
نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وتُكَلِّمُنَا أيْدِيهم وَتَشْهَدُ
أَرْجُلُهُمْ} فَمثل الْمَنْع من الْكَلَام بالتفديم والختم.
(3/92)
يبين عَن أحدكُم: يعرب عَنهُ ويفصح.
وَمِنْه قيل للفصيح: الْبَين. وَقَالُوا أبين من سحبان وَائِل وَكَانَ
فلَان من أبيناء الْعَرَب.
فدد إِن الْجفَاء وَالْقَسْوَة فِي الْفَدادِين وروى: فِي الْفَدادِين.
الفديد: الجلبة يُقَال فدَّ يفدُّ فديدا وَمِنْه قيل للضفدع: الفدادة
لنقيقها. عَن ابْن الْأَعرَابِي. وَفُلَان يفدّ الْيَوْم لي ويعدّ إِذا
أوعدك. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للوعيد من وَرَاء وَرَاء: الفديد
والهديد وَالْمرَاد الَّذين يجلبون فِي حروثهم ومواشيهم من الفلاحين
والرعاة وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: مر بِي يفد أَي يعدو وَهَذِه
أحمرة يتفاددن أَي يتعادين لِأَن هَؤُلَاءِ ديدنهم السَّعْي الدائب
وَقلة الهدوء. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الأَرْض
إِذا دُفن فِيهَا الْإِنْسَان قَالَت لَهُ: رُبمَا مشيت عَليّ فدَّادا.
وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه خرج رجلَانِ
يُريدَان الصَّلَاة قَالَا: فَأَدْرَكنَا أَبَا هُرَيْرَة وَهُوَ
أمامنا فَقَالَ: مالكما تفدان فديد الْجمل قُلْنَا: أردنَا الصَّلَاة.
قَالَ: الْعَامِد لَهَا كالقائم فِيهَا. والفديد: عَدو يسمع لَهُ صَوت
وَقيل: إِذا ملك أحدهم المئين إِلَى الْألف من الْإِبِل قيل لَهُ
الفدّاد. ويعضد هَذَا التَّفْسِير قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هلك
الفدّادون إِلَّا من أعْطى فِي نجدتها ورسلها. وَهُوَ فعَّال فِي معنى
النّسَب كبتات وعوّاج من قَوْلهم: لفُلَان فديد من الْإِبِل وَالْغنم
يُرَاد الْكَثْرَة ومرجعه إِلَى معنى الجلبة. النجدة: الْمَشَقَّة
تَقول: لَقِي فلَان نجدة. وَقَالَ طرفَة: ... تَحْسَب الطَّرْف
عَلَيْهَا نَجْدَةً ...
(3/93)
وَالرسل: السهولة وَمِنْه قَوْلك: على رسلك
أَي على هينتك. وَقَالَ ربيعَة ابْن جحدر الْهُذلِيّ: ... أَلا إنّ
خَيْرَ النَّاسِ رِسْلاً ونَجْدَةً ... بِعَجْلاَنَ قد خَفَّتْ لَدَيْه
الأكارِسُ ... أَرَادَ: إِلَّا من أعْطى على كره النَّفس ومشقتها وعَلى
طيب مِنْهَا وسهولة. وَقيل: مَعْنَاهُ: أعْطى الْإِبِل فِي حَال سمنها
وحسنها ومنعها صَاحبهَا أَن يَنْحَرهَا ويسمح بهَا نفاسةً بهَا فَجعل
ذَلِك الْمَنْع نجدة مِنْهَا وَنَحْوه قَوْلهم فِي الْمثل: أخذت
أسحلتها وتترست بترسها. وَقَالَت ليلى الأخيلية: ... وَلَا تأخد
الكُومَ الصَّفايا سلاَحهَا ... لتوبةَ فِي نَحْسِ الشتَاء الصَّنَابرِ
... وَالرسل: اللَّبن أَي لم يضن بهَا وَهِي لبن سمان. وَمن رَوَاهُ
فِي الْفَدادِين فَهُوَ جمع فدان وَالْمعْنَى فِي أَصْحَابهَا.
فدم نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المفدم. هُوَ الثَّوْب المشبع
حمرَة كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يقدر على الزِّيَادَة عَلَيْهِ لتناههي
حمرته فَهُوَ كالممنوع من قبُول الصِّبغ. وَمِنْه حَدِيث عَليّ رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ: نهاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن
أَقرَأ وَأَنا رَاكِع وأتختم بِالذَّهَب أَو ألبس المعصفر المفدم.
وَفِي حَدِيث عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه كره المفدم للْمحرمِ
وَلم ير بالمضرج بَأْسا المضرَّج: دون المشبع. والمورد: دن المضرج.
فدفد عَن نَاجِية بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لما كُنَّا
بالغميم عدلت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذت بِهِ طريقٍ
لَهَا فدافد فاستوت بِي الأَرْض حَتَّى أنزلته بِالْحُدَيْبِية وَهِي
نزح. الفدفد: الْمَكَان الْمُرْتَفع. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ إِذا قفل من سفر فمرَّ بفدفد أَو نشز كبَّر
ثَلَاثًا.
(3/94)
يُرِيد: كَانَت الطَّرِيق متعادية ذَات
آكام فاستوت. النَّزح: الَّتِي لَا مَاء بهَا فعل بِمَعْنى مفعولة أَي
منزوحة المَاء. النَّشَز والنَّشْز: الْمَتْن الْمُرْتَفع من الأَرْض
وَمِنْه: أنشزه إِذا رَفعه شَيْئا وَإِذا تزحَّف الرجل عَن مَجْلِسه
فارتفع فويق ذَلِك قيل قد نشز.
فدر عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أهديت لي فدرة من لحم
فَقلت للخادم: ارفعيها لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا
هِيَ قد صَارَت مروة حجر فقصت الْقِصَّة على رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَعَلَّه قَامَ على بَابَكُمْ سَائل فأصفحتموه
قَالَت: أجل يَا رَسُول الله قَالَ: فَإِن ذَلِك لذَلِك. الفدرة:
الْقطعَة وَيُقَال هَذِه حِجَارَة تفدر أَي تتكسر وَتصير فدراً وعود
فدر وفزر: سريع الانكسار. الإصفاح: الردّ يُقَال: أَتَيْتُك قَالَ
فأصفحتني. قَالَ الْكُمَيْت. ... وَلَا تَلِجَنْ بيوتَ بني سَعيد ...
وَلَو قَالُوا وَرَاءَك مُصْفِحينا ... وَقيل: صفحه ردّه أَيْضا وفرَّق
بَعضهم فَقَالَ: صفحه: أعطَاهُ وأصفحه: ردَّه. مُجَاهِد رَحمَه الله
تَعَالَى فِي الفادر الْعَظِيم من الأروى بقرة وَفِيمَا دون ذَلِك من
الأروى شَاة وَفِي الْوَبر شَاة وَفِي كل ذِي كرش شَاة. الفادر
والفدور: المسن من الوعول سمي لعَجزه عَن الضراب وانقطاعه مِنْهُ من
قَوْلهم: فدر الْفَحْل فدورا إِذا جفر وَيجوز أَن يكون الدَّال فِي فدر
بَدَلا من تَاء فتر. الْوَبر: دويبة على قدر السنور وَإِنَّمَا جعل
فديَة الْوَبر الشَّاة وَلَيْسَ بندِّها لِأَنَّهُ ذُو كرش تجتر.
فدغ ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن الذَّبِيحَة بِالْعودِ
فَقَالَ: كل مَا لم يُفدغ.
(3/95)
فدغ الفدغ والفلغ والثدغ والثلغ: الشدخ.
وَمِنْه الحَدِيث فِي الذّبْح بِالْحجرِ: إِن لم يفدغ الْحُلْقُوم
فكُل. وَفِي بعض الحَدِيث: إِذن تفدغ قُرَيْش الرَّأْس. وَإِنَّمَا نهى
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المشدخ لِأَنَّهُ كالموقوذ.
فدح فِي الحَدِيث: وعَلى الْمُسلمين أَلا يتْركُوا فِي الْإِسْلَام
مفدوحا فِي فدَاء وعقل. يُقَال فدحه الْخطب إِذا عاله وأثقله. وأفدحته
إِذا وجدته فادحا كأصعبته إِذا وجدته صعبا.
الْفَاء مَعَ الرَّاء
فرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعقل على الْمُسلمين عَامَّة
وَلَا يتْرك فِي الْإِسْلَام مفرج وروى: مفرح. هُوَ المثقل بِحَق دِيَة
أَو فدَاء أوغرم كالمفدوح الَّذِي مر فِي الحَدِيث آنِفا. وَأَصله
فِيمَن رَوَاهُ بِالْجِيم من أفرج الْوَلَد النَّاقة ففرجت وَهِي أَن
تضع أول بطن حَملته فتنفرج فِي الْولادَة وَذَلِكَ مِمَّا يجهدها
غَايَة الْجهد. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... أمْسَى حَبِيبٌ
كالفَريج رائخا ... أَي صَار كهذه النَّاقة مجهودا معييا. والرائخ:
المعي وَمِنْه قَالُوا للمجهود ... الفارج وَلما كَانَ الَّذِي أثقلته
المغارم مجهودا مكدودا قيل لَهُ مفرج. وَمن رَوَاهُ بِالْحَاء فَهُوَ
من أفرحه إِذا غمّه. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أفرحته غممته وسررته.
وَأنْشد: ... لما تولَّى الجيشُ قلتُ وَلم أكنْ ... لأفرحه أبشر بغزوٍ
ومَغْنَمِ ... أَرَادَ: لم أكن لأغمه. وَحَقِيقَته: أزلت عَنهُ الْفَرح
كأشكيته. وَيجوز أَن يكون
(3/96)
المفرج (بِالْجِيم) : المزال عَنهُ الْفرج
والمثقل بالحقوق مغموم مكروب إِلَى أَن يخرج عَنْهَا.
فرط أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض. يُقَال فرط يفرط إِذا تقدم وَهُوَ
فارط وفرط وَمِنْه قيل لتباشير الصُّبْح أفراطه الْوَاحِد فرط وللعلم
المستقدم من أَعْلَام الأَرْض فرط وَيُقَال فِي الدُّعَاء للمعزَّي
جعله الله لَك فرطا وسلفا صَالحا كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا أولكم قدما على
الْحَوْض.
فرع لَا فرعة وَلَا عتيرة. الْفَرْع والفرعة: أول ولد تنتجه النَّاقة.
وَالْعَتِيرَة: الرجبية وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يذبحونهما
والمسلمون فِي صدر الْإِسْلَام فنُسخ. وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ
السَّلَام: فرِّعوا إِن شِئْتُم وَلَكِن لَا تذبحوه غراة حَتَّى يكبر.
أَي اذبحوا الْفَرْع. وَلَكِن لَا تذبحوه صَغِيرا لَحْمه يلتصق كالغراة
وَهِي الْقطعَة من الغرا (بِالْفَتْح وَالْقصر) لُغَة فِي الغراء.
وَحَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه سُئل عَن الْفَرْع فَقَالَ:
حقّ وَإِن تتركه حَتَّى يكون ابْن مَخَاض وَابْن لبون زخزبا خيرٌ من
أَن تكفأ إناءك وتوله نَاقَتك وتذبحه يلصق لَحْمه بوبره. زخزباًّ أَي
غليظ الْجِسْم مشتد اللَّحْم. كُفْء الْإِنَاء: قطع اللَّبن لنحر
الْوَلَد. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن على كل مُسلم فِي كل
عَام أضحاة وعتيرة. فنسخ ذَلِك.
فرر خرج هُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ مُهَاجِرين إِلَى الْمَدِينَة من مَكَّة فمرا بسراقة بن مَالك بن
جعْشم فَقَالَ: هَذَانِ فرّ قُرَيْش أَلا أردُّ على قُرَيْش فرَّها
(3/97)
وَفِيه: أَنه طلبهما فرسخت قَوَائِم
دَابَّته فِي الأَرْض فَسَأَلَهُمَا أَن يخليا عَنهُ فَخرجت
قَوَائِمهَا وَلها عثان. الفرّ: مصدر وضع مَوضِع اسْم الْفَاعِل
فَاسْتَوَى فِيهِ الْوَاحِد وَمَا سواهُ كَصَوْم وَفطر وَنَحْوهمَا.
العثان: الدُّخان وجمعهما عواثن ودواخن على غير قِيَاس وَقيل: العثان:
الَّذِي لَا لَهب مَعَه مثل البخور وَنَحْوه وَالدُّخَان: مَا لَهُ
لَهب وَقد عثنت النَّار تعثن عثوناً وعثاناً.
فرص إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجل ثائراً فريص رقبته قَائِما على مريته
يضْربهَا. الفريص والفرائص: جمع فريصة وَهِي لحْمَة عِنْد نغض الْكَتف
فِي وسط الْجنب عِنْد منبض الْقلب ترْعد وتثور عِنْد الفزعة
وَالْغَضَب. قَالَ أُميَّة: ... فرائصُهم من شِدّة الخَوف تُرْعد ...
وَجرى قَوْلهم: ثار فريص فلَان مجْرى الْمثل فِي الْغَضَب وَظُهُور
علاماته وشواهده وَكثر حَتَّى اسْتعْمل فِيمَا لَا فريص فِيهِ فَكَأَن
معنى قَوْله: ثائراً فريص رقبته ظُهُور أَمَارَات الْغَضَب فِي رقبته
من انتفاخ الوريدين وَغير ذَلِك وَإِن لم يكن فِي الرَّقَبَة فَرِيضَة
أَو شبه ثؤر عصب الرَّقَبَة وعروقها بثؤر الفرائص فسماها فريصاً
كَأَنَّهُ قَالَ: ثائراً من رقبته مَا يشبه الفريص فِي الثؤر عِنْد
الْغَضَب. تَصْغِير الْمَرْأَة استضعاف لَهَا واستصغار ليُري أَن
البايش بِمِثْلِهَا فِي ضعفها لئيم.
فرر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعدي بن حَاتِم عِنْد إِسْلَامه:
أما يفرُّك إِلَّا أَن يُقَال لَا إِلَه إِلَّا الله أفررته: إِذا فعلت
بِهِ مَا يفرُّ مِنْهُ أَي مَا يحملك على الْفِرَار إِلَّا هَذَا
وَمِنْه قَوْلهم: أفرّ الله يَده وأترَّها وأطرها ففرت وترت وطرت إِذا
أندرها.
(3/98)
فرس عرض يَوْمًا الْخَيل وَعِنْده
عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ فَقَالَ لَهُ: أَنا أعلم بِالْخَيْلِ
مِنْك فَقَالَ: وَأَنا أَفرس بِالرِّجَالِ مِنْك. أَي أبْصر يقالك رجل
بيِّن الفراسة (بِالْكَسْرِ) أَي ذُو بصر وَتَأمل وَيَقُولُونَ: الله
أَفرس أَي أعلم. قَالَ البعيث: ... قد اخْتَارَهُ العِبادُ لدينِهِ ...
على علمه وَالله بِالْعَبدِ أَفرس ...
فرج قَالَ عقبَة بن عَامر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: صلى بِنَا رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ فرُّوج من حَرِير. هُوَ القباء
الَّذِي فِيهِ شقّ من خَلفه.
فَرد سبق المفردون. قَالُوا: وَمَا المفردون قَالَ: الَّذِي أُهتروا
فِي ذكر الله يضع الذّكر عَنْهُم أثقالهم فَيَأْتُونَ يَوْم
الْقِيَامَة خفافاً وروى: طُوبَى للمفردين. فَرد بِرَأْيهِ وأفرد
وفرَّد واستفرد بِمَعْنى إِذا تفرَّد بِهِ وبعثوا فِي حَاجتهم رَاكِبًا
مُفردا وَهُوَ التَّو الَّذِي لَيْسَ مَعَه غير بعيره. وَالْمعْنَى:
طُوبَى للمفردين بِذكرِهِ المتخلين بِهِ من النَّاس. وَقيل: هم الهرمى
الَّذين هَلَكت لداتهم وبقوا يذكرُونَ الله. الإهتار: الاستهتار
يُقَال: فلَان مهتر بِكَذَا ومستهتر أَي مولع بِهِ لَا يحدّث
بِغَيْرِهِ أَي الَّذين أولعوا بِالذكر وخاضوا فِيهِ خوض المهترين
وَقيل: هُوَ أهتر الرجل إِذا خرف أَي الَّذِي هرموا وخرفوا فِي ذكر
الله وطاعته أَي لم يزل ذَلِك ديدنهم وهمهم حَتَّى بلغُوا حد الشيخوخة
والخرف.
فرق مَا ذئبان عاديان أصابا فريقة غنم أضاعها رَبهَا بأفسد فِيهَا من
حب الْمَرْء المَال والشرف لدينِهِ. هِيَ الْقطعَة من الْغنم الَّتِي
فارقتها فضّلت وأفرقها: أضلّها. قَالَ كثير: ... أصابَ فَريقهَ ليلٍ
فَعاثا ...
(3/99)
خرجت إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قيلة بنت مخرمَة وَكَانَ عَم بناتها أَرَادَ أَن يَأْخُذ بناتها
مِنْهَا فَلَمَّا خرجت بَكت بنيَّة مِنْهُنَّ هِيَ أصغرهن حديباء
كَانَت قد أَخَذتهَا الفرصة وَعَلَيْهَا سبيج لَهَا من صوف فرحمتها
فحملتها مَعهَا فبيناهما ترتكان إِذْ انتفجت أرنب فَقَالَت الحديباء:
الفصية وَالله لَا يزَال كعبك عَالِيا. قَالَت: وأدركني عمهن
بِالسَّيْفِ فأصابت ظبته طَائِفَة من قُرُون رأسيه وَقَالَ: ألقِي
إِلَيّ بنت أخي يَا دفار فألقيتها إِلَيْهِ ويروى: فلحقنا ثوب بن
زُهَيْر تُرِيدُ عَم بناتها يسْعَى بِالسَّيْفِ صَلتا فوألنا إِلَى
حَوَّاء ضخم. ثمَّ انْطَلَقت إِلَى أُخْت لي ناكح فِي بني شَيبَان
أَبْتَغِي الصَّحَابَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَبَيْنَمَا أَنا عِنْدهَا لَيْلَة تحسب عني نَائِمَة إِذْ دخل زَوجهَا
من السامر فَقَالَ: وَأَبِيك لقد أصبت لقيلة صَاحب صدق حُرَيْث بن حسان
الشَّيْبَانِيّ. قَالَت: أُخْتِي: الويل لي لَا تخبرها فتتبع أَخا بكر
بن وَائِل بَين سمع الأَرْض وبصرها لَيْسَ مَعهَا رجل من قَومهَا
ويروى: أَبْتَغِي الصُّحْبَة فَذكرُوا حُرَيْث بن حسان الشَّيْبَانِيّ
فنشدت عَنهُ فَسَأَلته الصُّحْبَة. قَالَت: فصحبته صَاحب صدق حَتَّى
قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصليت مَعَه
الْغَدَاة حَتَّى إِذا طلعت الشَّمْس دَنَوْت فَكنت إِذا رَأَيْت رجلا
ذَا رواء وقشر طمح بَصرِي إِلَيْهِ فجَاء رجل فَقَالَ: السَّلَام
عَلَيْك يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَعَلَيْك السَّلَام وَهُوَ قَاعد القرفصاء وَعَلِيهِ أسمال مليَّتين
وَمَعَهُ عسيب مقشو غير خوصتين من أَعْلَاهُ. قَالَت: فَتقدم صَاحِبي
فَبَايعهُ على الْإِسْلَام. ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله اكْتُبْ لي
بالدهناء فَقَالَ: يَا غُلَام اكْتُبْ لَهُ. قَالَت: فشخص بِي وَكَانَت
وطني وداري فَقلت: يَا رَسُول الله الدهناء مقيَّد الْجمل ومرعى الْغنم
وَهَذِه نسَاء بني تَمِيم وَرَاء ذَلِك. فَقَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: صدقت المسكينة الْمسلمَة الْمُسلم أَخُو الْمُسلم
يسعهما المَاء وَالشَّجر ويتعاونان على الفتان ورى: الفتان. وَقَالَ
صلى الله
(3/100)
عَلَيْهِ وَآله وَسلم أيلام ابْن هَذِه أَن
يفصل الخطة وينتصر من وَرَاء الحجزة فتمثل حُرَيْث فَقَالَ: كنت أَنا
وَأَنت كَمَا قَالَ: حتفها ضائن تحمل بأظلافها. الفرصة والفرسة: ريح
الحدب كَأَنَّهَا تفرس الظّهْر أَي تدقه وتفرصه أَي تشقه وَأما
قَوْلهم: أنزل الله بك الفرسة فَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ قرحَة فِي
الْعين. السُّبَيِّج: تَصْغِير السبيج وَهُوَ كسَاء أسود وَيُقَال لَهُ
السبيجة والسبجة. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: السيبج (بِكَسْر السِّين
وَفتح الْبَاء) . قَالَ وَأرَاهُ معرباً وَأنْشد: ... كَانَت بِهِ خُود
صموت الدُّمْلُج ... لَفّاء مَا تَحت الثِّيَاب السِّيبَجِ ... ترتكان:
تحملان بعيريهما على الرتكان. انتفجت: ارْتَفَعت وثارت من مجثمها.
قَالَ الْأَخْفَش. الفصية: الْفرج يُقَال قد أَدْرَكتك الفصية أَي
الْخُرُوج من أَمرك الَّذِي أَنْت فِيهِ وانفراجه عَنْك وَقد انفصى
الصَّيْد من حبالته أَي انْفَصل وتخلص. تفاءلت بانتفاج الأرنب أَنَّهَا
تتفصى من الْغم الَّذِي كَانَت فِيهِ من قبل عمِّ الْبَنَات. ظبة
السَّيْف: حدّه مِمَّا يَلِي الطّرف مِنْهُ. دفار من الدفر وَهُوَ
النتن. الصَّلْت: المصلت من الغمد. وأل وواءل إِذا لَجأ. الحواء: بيُوت
مجتمعة على مَاء. عنّى: تميمية فِي أَنِّى وَهِي العنعنة. بَين سمع
الأَرْض وبصرها: تَمْثِيل أَي لَا يسمع كَلَامهمَا وَلَا بيصرهما
إِلَّا الأَرْض. نشدت عَنهُ أَي سَأَلت عَنهُ من نشدان الضَّالة.
القشر: اللبَاس. القرفصاء: قعدة المحتبي بيدَيْهِ دون الثَّوْب.
الأسمال: الْأَخْلَاق جمع سمل.
(3/101)
ملية: تَصْغِير ملاءة على التَّرْخِيم.
العسيب: جريد النّخل. المقشوّ: المقشور. فشخص بِي: أُزعجت وازدهيت.
الفتّان: الشَّيَاطِين والفتان الْوَاحِد والتعاون على الشَّيْطَان أَن
يتناهيا عَن اتِّبَاعه والافتتان بخدعه وَقيل: الفتَّان: اللُّصُوص.
يفصل الخطّه أَي إِن نزل بِهِ مُشكل فَصله بِرَأْيهِ وَإِن ظلم بظلامة
ثمَّ همّ بانتصار من ظالمه فتعرض لَهُ أعوان الظَّالِم ليحجزوه عَن
صَاحبهمْ لم يثبطوه وَمضى على انتصاره وَاسْتِيفَاء حَقه غير محتفل
بهم. والحجزة: جمع حاجز أَرَادَ أَن ابْن هَذِه الْمَرْأَة حَقه أَن
يكون على هَذِه الصّفة لمَكَان أمومتها. الْمثل الَّذِي حَاضر بِهِ
حُرَيْث بن حسان أَرَادَ بضربه اعتراصها عَلَيْهِ بالدهناء.
فرع عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه جَاءَ على
حمَار لغلام من بني هَاشم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يُصَلِّي فَمر بَين يَدَيْهِ ثمَّ نزل فَدخل فِي الصَّف وَجَاءَت
جاريتان من بني عبد الْمطلب تشتدان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فأخذتا بركبته ففرع بَينهمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم. يُقَال فرعت بَين الْقَوْم وفرَّعت إِذا حجزت بَينهم كَمَا
يُقَال: فرقت بَين الْقَوْم وَفرقت وَرجل مُفَرع من قوم مفارع وهم
الَّذين يكفُّون بَين النَّاس وَهُوَ من فرع رَأسه بِالسَّيْفِ إِذا
علاهُ بِهِ ففلاه أَي قطعه وَمِنْه افتراع الْبكر. وَعَن أبي
الطُّفَيْل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس يَوْمًا
فَجَاءَهُ بَنو أبي لَهب يختصمون فِي شَيْء بَينهم فَاقْتَتلُوا عِنْده
فِي الْبَيْت فَقَامَ يفرِّع بَينهم فَدفعهُ بَعضهم.
(3/102)
فَوَقع على الْفراش فَغَضب ابْن عَبَّاس
فَقَالَ: أخرجُوا عني الْكسْب الْخَبيث.
فرو إِن الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فاهتزت
تَحْتَهُ خضراء. هِيَ الْقطعَة من الأَرْض الملبسة بنبات ذاوٍ شبهت
بالفروة الَّتِي تلبس وبفروة الرَّأْس.
فرغ قَالَ رجل من الْأَنْصَار: حملنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم على حمَار لنا قطوف فَنزل عَنهُ فَإِذا هُوَ فرَاغ لَا يُساير.
قَالَ الْفراء: رجل فرَاغ الْمَشْي ودابة فرَاغ الْمَشْي: أَي سريع
وَاسع الخطا وَمِنْه قَوس فرَاغ وَهِي الْبَعِيدَة الرَّمْي وَهُوَ من
الفريغ الْوَاسِع يُقَال: طعنه فريغ وَذَات فرغ وَالسعَة مُنَاسبَة
للفراغ كَمَا أَن الضّيق مُنَاسِب للشَّغل. وَفِي حَدِيث آخر أَنه
قَالَ عِنْد سعد بن عبَادَة فَلَمَّا أبرد جَاءَ بِحِمَار أَعْرَابِي
قطوف فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث الْحمار إِلَى
سعد وَهُوَ هملاج قريع. والقريع: الْمُخْتَار وَلَو روى: فريغ لَكَانَ
مطابقاً لفراغ وَمَا آمن أَن يكون تصحيفا. وَالله أعلم.
فرضخ ذُكر الدَّجَّال فَقَالَ: أَبوهُ رجل طوال مُضْطَرب اللَّحْم
طَوِيل الْأنف كَأَن أَنفه منقار وَأمه امْرَأَة فرضاخية عَظِيمَة
الثديين. يُقَال: رجل فرضاخ وَامْرَأَة فرضاخة وَهِي صفة بالضخم وَقيل
بالطول وَالْيَاء مزيدة للْمُبَالَغَة كَمَا فِي أحمري.
فَرد عَن زِيَاد بن علاقَة: كَانَ بَين رجل منا وَبَين رجل من
الْأَنْصَار شَيْء فشجَّه فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ: ... يَا خير من يمشي بنعل فَرْدِ ... أَوْهَبَهُ لِنَهْدَةٍ
ونَهْدِ
لَا تُسبِيَنَّ سَلَبي وجلدي ...
(3/103)
فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: لَا. أَرَادَ
بالفرد السمط وَهِي الَّتِي لَا تخصف وَلم تطارق وَالْعرب تتمدح برقة
النِّعَال وَإِنَّمَا ينتعل السبتية الرقَاق الأسماط مُلُوكهمْ وسادتهم
فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا خير الأكابر وَإِنَّمَا لم يقل فردة لِأَنَّهُ
أَرَادَ بالنعل السبت كَمَا تَقول فلَان يلبس الْحَضْرَمِيّ الملسن
فَتذكر قَاصِدا للسبت أَو جعل من مَوْصُوفَة كَالَّتِي فِي قَوْله: ...
وَكفى بِنَا فَضْلا على غَيرنَا ... حبّ النبيّ محمدٍ إيانا ... وأجرى
فَردا صفة عَلَيْهَا وَالتَّقْدِير: يَا خير ماشٍ فَرد فِي فَضله
وتقدّمه. أوهبه: إِمَّا أَن يكون بَدَلا من الْمُنَادِي أَو مُنَادِي
ثَانِيًا حذف حرفه. وَنَحْوه قَول النَّابِغَة: ... يَا أوهب النَّاس
لِعَنْسِ صُلْبَه ... ضَرَّابةٍ بالمشْفَرِ الأذِبَّه
وكل جَرْدَاء شموس شَطْبَه ... وَالضَّمِير لمن. النهد فِي نعت
الْخَيل: الجسيم المشرف. تَقول: نهد القصيري والنهدة: الْأُنْثَى
وَهُوَ من نهد إِذا نَهَضَ.
فرق كل مُسكر حرَام وَمَا أسكر الْفرق مِنْهُ فالحسوة مِنْهُ حرَام.
هُوَ إِنَاء يَأْخُذ سِتَّة عشر رطلا. وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة رَضِي
الله عَنْهَا: كنت أَغْتَسِل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من
إِنَاء يُقَال لَهُ الْفرق. وَفِي الحَدِيث: من اسْتَطَاعَ أَن يكون
كصاحب فرق الْأرز فَلْيَكُن مثله. وَفِيه لُغَتَانِ: تَحْرِيك الرَّاء
وَهُوَ الفصيح. وتسكينها. قَالَ خِدَاش: ... يَأْخُذُونَ الأرشَ فِي
إِخْوَتهم ... فرق السّمن وشَاة فِي الْغنم ...
(3/104)
فرع أعْطى العطايا يَوْم حنين فارعة من
الْغَنَائِم. صاعدة من جُمْلَتهَا كَقَوْلِهِم ارْتَفع لفُلَان فِي
الْقِسْمَة كَذَا وطار لَهُ سهم من الْغَنِيمَة. وَهِي من قَوْلهم: فرع
إِذا صعد تَقول الْعَرَب: لقِيت فلَانا فارعاً مفرعاً أَي صاعداً أَنا
ومنحدراً هُوَ. والإفراع: الانحدار. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه
الله تَعَالَى: كَانَ شُرَيْح يَجْعَل الْمُدبر من الثُّلُث وَكَانَ
مَسْرُوق يَجعله فارعاً من المَال. وَالْمعْنَى أَنه نفل الْأَنْفَال
من رَأس الْغَنَائِم متوافرة قبل أَن تخمس وتقسم وَللْإِمَام أَن يفعل
ذَلِك لِأَن فِيهِ تنشيطاً للشجعان وتحريضاً على الْقِتَال. وَعنهُ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعْطى سعد بن معَاذ سيف الدّين ابْن أبي
الْحقيق نفله إِيَّاه وأقطع الزبير مَالا من أَمْوَال بني النَّضِير.
والتنفيل إِنَّمَا يَصح بِإِجْمَاع من أهل الْعرَاق والحجاز قبل
الْقِسْمَة فَإِذا أُحرزت الْأَنْصِبَاء سقط وَأهل الشَّام يجوزونه بعد
الْإِحْرَاز وَأما التَّنْفِيل من الخُمس فَلَا كَلَام فِي جَوَازه.
فرس عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نهى عَن الْفرس فِي الذَّبِيحَة.
هُوَ كسر رقبَتهَا قبل أَن تبرد. وَمِنْه الحَدِيث: إِن عمر أَمر
مناديه فَنَادَى أَن لَا تنخعوا وَلَا تفرسوا. وَعَن عمر بن عبد
الْعَزِيز: أَنه نهى عَن الْفرس والنخع وَأَن يستعان على الذَّبِيحَة
بعير حديدتها.
فَرْوَة سُئل عَن حدِّ الْأمة فَقَالَ: إِن الامة أَلْقَت فَرْوَة
رَأسهَا وَرَاء الدَّار وروى: من وَرَاء الْجِدَار. هِيَ جلد الرَّأْس
من الشّعْر وَيُقَال للهامة أم فَرْوَة. وَعَن النَّضر: فَرْوَة
رَأسهَا
(3/105)
خمارها. وَقَالَ: فَرْوَة كسْرَى هِيَ
التَّاج وَقَالَ غَيره: هِيَ مَا على رَأسهَا من خرقَة وقناع. أَرَادَ
بروزها من الْبَيْت مكشوفة الرَّأْس غير مُتَقَنعَة وتبذلها.
فرق فرِّقوا عَن الْمنية وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ وَلَا
تلثُّوا بدار معْجزَة. وَأَصْلحُوا مَثَاوِيَكُمْ وَأَخِيفُوا الهوامَّ
قبل أَن تُخِيفَكُمْ واحشوشنوا وَاخْشَوْشِبُوا وَتَمَعْدَدُوا. أَي
فرقوا مَا لكم عَن الْمنية تشتروا بِثمن الْوَاحِد من الْحَيَوَان
اثْنَيْنِ حَتَّى إِذا مَاتَ أَحدهمَا بَقِي الثَّانِي فَإِنَّكُم إِذا
غاليتم بِالْوَاحِدِ فَذَلِك تَعْرِيض لِلْمَالِ مجموعاً للتهلكة
قَوْله: وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ: عطف للتفصيل وَالْبَيَان على
الْإِجْمَال. والإلثاث: الْإِقَامَة. قَالَ: ... فَمَا رَوْضَة من رياض
القَطا ... ألَثّ بهَا عارضٌ مُمْطرُ ... يُقَال: ألثّ بِالْمَكَانِ
وألبَّ وأربّ. المعجزة (بِالْفَتْح وَالْكَسْر) : الْعَجز كالمعتَبة
والمعتِبة أَي بدار تعجزون فِيهَا عَن الطّلب وَالْكَسْب وسيحوا فِي
أَرض الله. وَقيل: أَرَادَ الْإِقَامَة بالثغر مَعَ الْعِيَال.
المثاوي: جمع مثوى وَهُوَ الْمنزل. الْهَوَام: العقارب والحيات أَي
اقتلوها. الاخشيشان والاخشيشاب: اسْتِعْمَال الخشونة فِي الملبس
والمطعم يُقَال شَيْء خشب وأخشب كخشن وأخشن. التمعدد: التَّشَبُّه
بمعدّ [بن عدنان] فِي قشفهم وخشونة عيشهم واطراح زيّ الْعَجم وتنعمهم
وإيثارهم لليان الْعَيْش. وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ عَلَيْكُم باللبسة
المعدِّية. وبتمعددوا اسْتدلَّ النحويون على أَصَالَة الْمِيم فِي معدّ
وَأَنه فعل لَا مفعل. وَقيل: التمعدد: الغلظ يُقَال للغلام إِذا شبّ
وَغلظ: قد تمعدد. قَالَ ... ربيته حَتَّى إِذا تمعددا ...
فرج قدم رجل من بعض الْفروج عَلَيْهِ فنثر كنَانَة فَسَقَطت صحيفَة
فَإِذا فِيهَا: ... أَلا أبْلِغْ أَبَا حَفْص رَسُولا ... فدى لَك من
أخي ثِقَة إزَارِي ...
(3/106)
فلائصنا هداك الله إِنَّا ... شُغِلنا
عنكمُ زَمَن الْحصار
فَمَا قُلُصٌ وجِدْنَ معقَّلاَتٍ ... قَفَا سَلْع بمُخْتَلَفِ
التِّجَار
يُعَقِّلُهُنّ جَعْدَةُ من سُلَيْمٍ ... مُعِيدا يَبْتَغِي سقط العذاري
... [ويروى] : ... يعقلهن جعد شيظمي ... وبنس مُعَقِّل الذَّوْد
الظُّؤارِ ... فَقَالَ عمر: ادعوا لي جعدة فأُتي بِهِ فجلد معقولاً.
قَالَ سعيد بن الْمسيب: إِنِّي لفي الأُغيلمة الَّذين يجرونَ جعدة
إِلَى عمر. الْفروج: الثغور جمع فرج وَيَقُولُونَ إِن الفرجين اللَّذين
يُخاف على الْإِسْلَام مِنْهُمَا: التّرْك والسواد. قَالَ الْمبرد:
أَرَادَ بِإِزَارِهِ زَوجته وسماها إزارا للدنو والملابسة قَالَ الله
تَعَالَى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ} . وَقَالَ
الْجَعْدِي: ... إِذا مَا الضَّجِيع ثَنَى عِطْفَها ... تَثَنَّتْ
عَلَيْهِ فكانتْ لِباسا ... قلائصنا: مَنْصُوب بمضمر أَي احفظ وحصِّن
قلائصنا وَهِي النوق الشَّواب كنى بِهن عَن النِّسَاء. يَعْنِي
المغيبات اللَّاتِي خرج أَزوَاجهنَّ إِلَى الْغَزْو. يشكو إِلَيْهِ
رجلا من بني سليم يُقَال لَهُ جعده كَانَ يتَعَرَّض لَهُنَّ وكنى
بِالْعقلِ عَن الْجِمَاع لِأَن التاقة تعقل للضراب. قفا سلع: أَي
وَرَاءه وَهُوَ مَوضِع بالحجاز. مُخْتَلف التُّجَّار: مَوضِع
اخْتلَافهمْ وَحَيْثُ يَمرونَ جائين وذاهبين. معيدا: أَي يفعل ذَلِك
عودا بعد بَدْء. سقط العذاري: زلاتهن. الْجَعْد من قَوْلهم للبعير جعد
أَي كثير الْوَبر. الشيظمي: الطَّوِيل. الظؤار: جمع ظئر.
(3/107)
فرسك كتب إِلَيْهِ سُفْيَان بن عبد الله
الثَّقَفِيّ وَكَانَ عَاملا لَهُ على الطَّائِف: إِن قبلنَا حيطانا
فِيهَا من الفرسك مَا هُوَ أَكثر غلَّة من الْكَرم أضعافا ويستأمره فِي
العُشر. فَكتب إِلَيْهِ: لَيْسَ عَلَيْهَا عشر. هِيَ من العضاه والفرسك
والفرسق: الخوخ وَفِي كتاب الْعين: هُوَ مثل الخوخ فِي الْقدر وَهُوَ
أَجود أملس أصفر أَحْمَر وطعمه كطعم الخوخ. كَانَ عمر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ لَا يرى فِي الْخضر الزَّكَاة. وَقَالَ مُحَمَّد: الخوخ
والكمثرى وَإِن شقق وجفف فَلَا شَيْء فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يعم
الِانْتِفَاع بِهِ.
فرع وَقيل لَهُ: الصلعان خير أم الفرعان فَقَالَ: الفرعان خير. جمع
أفرع وَهُوَ الوافي الشّعْر. قَالَ نصر بن حجاج حِين حلق عمر لمته: ...
لقد حَسد الفُرعانَ أصلعُ لم يكن ... إِذا مَا مَشى بالفَرْع
بالمتخائِل ... وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون على فعل جمع أفعل غير
عزيزة. أَرَادَ تَفْضِيل أبي بكر على نَفسه. قَالَ الْأَصْمَعِي: كَانَ
أَبُو بكر أفرع وَكَانَ عمر أصلع لَهُ حفاف وَهُوَ أَن ينْكَشف الشّعْر
عَن وسط الرَّأْس وَيبقى حوله كالطرة.
فرقب لما أسلم ثارت إِلَيْهِ كفار قُرَيْش فَقَامَتْ على رَأسه وَهُوَ
يَقُول: افعلوا مَا بدا لكم فَأقبل شيخ عَلَيْهِ حبرَة وثوب فُرْقُبِيّ
فَقَالَ: هَكَذَا عَن الرجل فَكَأَنَّمَا كَانُوا ثوبا كُشف عَنهُ.
الفرقبية والثرقبية: ثِيَاب مصرية بيض من كتَّان وروى: بقافين.
فرق عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ خيفان بن عرابة فَقَالَ
لَهُ: كَيفَ تركت أفاريق الْعَرَب فِي ذِي الْيمن فَقَالَ: أما هَذَا
الْحَيّ من بلحارث بن كَعْب فحسك أمراس ومسك أحماس تتلظى الْمنية فِي
رماحهم وَأما هَذَا الْحَيّ من أَنْمَار بن بجيلة وخثعم فجوب أَب
وَأَوْلَاد عِلّة لَيست بهم ذلة وَلَا قلَّة صعابيب وهم أهل الأنابيب
وَأما هَذَا الْحَيّ من هَمدَان فأنجاد بُسْل مساعير غير عزل وَأما
هَذَا الْحَيّ من مذْحج فمطاعيم فِي الجدب مساريع فِي الْحَرْب.
(3/108)
فرق الأفاريق: الْفرق فَكَأَنَّهُ جمع
أفراق جمع فِرْق والفِرْق والفِرْقة والفريق وَاحِد وَقد جَاءَ بطرح
الْيَاء من قَالَ: ... مَا فيهمُ نَازع يرْوى أفارقه ... بِذِي رِشاء
يواري دلوه لَجَف ... وَيجوز أَن يكون من بَاب الأباطيل أَي جمعا على
غير وَاحِد. الحسك: جمع حسكة من قرلهم للرجل الخشن الصعب مرامه
الْمُمْتَنع على طَالبه مأتاه إِنَّه لحسكة تَشْبِيها لَهُ بالحسكة من
الشَّوك. الأمراس: جمع مرس وَهُوَ الشَّديد العلاج. الْمسك: جمع مسكة
وَهُوَ الَّذِي إِذا أمسك بِشَيْء لم يقدر على تخليصه مِنْهُ وَنَظِيره
رجل أُمنة وَهُوَ الَّذِي يَثِق بِكُل أحد ويأمنه النَّاس. وَأما
المسكة (بِالضَّمِّ) فالبخيل. الأحماس: جمع حمس من الحماسة. جوب أَب
أَي جيبوا من أَب وَاحِد يُرِيد أَنهم أبوهم وَاحِد وهم أَوْلَاد عِلّة
أَي من أُمَّهَات شَتَّى. الصعابيب: الصِّعاب كَأَنَّهُ جمع صعبوب.
الأنابيب: يُرِيد أنابيب الرماح أَي وهم المطاعين. الأنجاد: جمع نَجْد
أَو نَجِد. البُسل: جمع باسل. المساعير: جمع مسعار وَهُوَ أبلغ من
مسعر. الْعَزْل: الَّذِي لَا سلَاح مَعَهم. المساريع: جمع مسراع وَهُوَ
الشَّديد الْإِسْرَاع.
فرخ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن قوما أَتَوْهُ فاستأمروه فِي
قتل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فنهاهم وَقَالَ: إِن تَفعلُوا
فبيضاً فلتفرخنه.
(3/109)
يُقَال: أفرخت الْبَيْضَة إِذا خلت من
الفرخ أَو أفرختها أمهَا وَمِنْه الْمثل: أفرخوا بيضتهم. وَتَقْدِير
قَوْله قبيضا فلتفرخنه: فلتفرخن بيضًا فلتفرخنه فَحذف الأول وَإِلَّا
فَلَا وَجه لصِحَّته بِدُونِ هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْفَاء
الثَّانِيَة لَا بُد لَهَا من مَعْطُوف ومعطوف عَلَيْهِ وَلَا تكون
لجواب الشط لكَون الأول لذَلِك وَالْفَاء هِيَ الْمُوجبَة لتقدير
الْفِعْل الْمَحْذُوف لاشتغال الثَّابِت بالضمير أَلا ترى أَنَّك إِن
فرغته كَانَ الافتقار إِلَى الْمُقدر قَائِما كَمَا هُوَ. أَرَادَ: إِن
تقتلوه تهيجوا فتْنَة يتَوَلَّد مِنْهَا شَرّ كثير كَمَا قَالَ بَعضهم:
... أرى فتْنَة هَاجَتْ وباضت وفَرَّخَتْ ... وَلَو تُرِكَتْ طارت
إِلَيْك فراخها ...
فرو خطب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النَّاس بِالْكُوفَةِ فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني فَسلط عَلَيْهِم
فَتى ثَقِيف الذَّيَّال المنان يلبس فروتها وَيَأْكُل خضرتها.
فرو أَي يلبس الدفئ اللين من ثِيَابهَا وَيَأْكُل الطري الناعم من
طعامها تنعماً وإترافاً فَضرب الفروة والخضرة لذَلِك مثلا. وَالضَّمِير
للدنيا. يَعْنِي بِهِ الْحجَّاج. هُوَ الْحجَّاج بن يُوسُف بن الحكم بن
أبي عقيل بن مَسْعُود بن عَامر بن معتب بن مَالك بن كَعْب من الأحلاف
من ثَقِيف وَقيل: إِنَّه ولد فِي السّنة الَّتِي دَعَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ على فِيهَا بِهَذِهِ الدعْوَة وَهِي من الكوأين الَّتِي
أنبأ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فرخ وَعَن أبي عذبة الخضرمي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قدمت على عمر
بن خطاب رَابِع أَرْبَعَة من أهل الشَّام وَنحن حجاج فَبينا نَحن
عِنْده أَتَاهُ خبر من الْعرَاق بِأَنَّهُم قد حصبوا إمَامهمْ فَخرج
إِلَى الصَّلَاة ثمَّ قَالَ: من هَاهُنَا من أهل الشَّام فَقُمْت أناو
أَصْحَابِي فَقَالَ: يأهل الشَّام تجهزوا لأهل الْعرَاق فَإِن
الشَّيْطَان قد باض فيهم وفرخ ثمَّ قَالَ:
(3/110)
اللَّهُمَّ إِنَّهُم لبسوا على فالبس
عَلَيْهِم الللهم عجل لَهُم الْغُلَام الثَّقَفِيّ الَّذِي يحكم فيهم
بِحكم الْجَاهِلِيَّة لايقبل من محسنهم وَلَا يتَجَاوَز عَن مسيئهم.
فرض الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم الشورى: لَوْلَا
حُدُود لله فرضت وفرائض لَهُ حدَّت تراح إِلَى أَهلهَا وتحيا لَا
تَمُوت لَكَانَ الْفِرَار من الْولَايَة عصمَة وَلَكِن لله علينا
إِجَابَة الدعْوَة وَإِظْهَار السُّنَّة لِئَلَّا نموت ميتَة عمية
وَلَا نعمى عمى جَاهِلِيَّة. فرضت: قطعت وينت. تراح: من إراحة
الْمَوَاشِي أَي تردُّ إِلَيْهِم. وَأَهْلهَا: الْأَئِمَّة. أَو تردها
الْأَئِمَّة إِلَى أَهلهَا من الرّعية. العمية: الْجَهْل والفتنة وَقد
مرَّ فِيهَا كَلَام فِي عب.
فرق أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن مَاله فَقَالَ: فرقٌ
لنا وذود قيل يَا أَبَا ذرّ إِنَّمَا سَأَلتك عَن صَامت المَال قَالَ:
مَا أصبح لَا أَمْسَى لَا أُصبح. الْفرق: الْقطعَة من الْغنم وَيُقَال
أَيْضا: فرق من الطير وَمن النَّاس. وَنظر أَعْرَابِي إِلَى صبيان
فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فرق سوء وَلَا يُقَال إِلَّا فِي الْقَلِيل وَهَذَا
الحَدِيث يدل عَلَيْهِ وَقَول الرَّاعِي: ... ولكما أجدى وأمْتَعَ
جَدُّه ... بِفِرْقٍ يُخَشِّيه بهَجْهَجَ ناعِقُه ... الذود: مَا دون
الْعشْر من الْإِبِل. أُصبح وأُمسي: تامتان كأظهر وأعتم وَلَا:
نَحْوهَا فِي قَوْله: ... فأيّ فِعْل سيئ لَا فَعَله ...
(3/111)
يَعْنِي انه لَا يدّخر شَيْئا.
فرك
ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي
تزوجت امْرَأَة شَابة وَإِنِّي أَخَاف أَن تفركني فَقَالَ: إِن الْحبّ
من الله والفرك من الشَّيْطَان فَإِذا دخلت عَلَيْك فصلِّ رَكْعَتَيْنِ
ثمَّ ادعُ بِكَذَا وَكَذَا. يُقَال: فركت الْمَرْأَة زَوجهَا فركاً
إِذا أبغضته وَلم توافقه من قَوْلهم: فاركت صَاحِبي إِذا فارقته
وتاركته وَمِنْه فركت الحبّ إِذا دلكته بِيَدِك حَتَّى يتقلع عَنهُ
قشره ويفارقه.
فَرسَخ حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا بَيْنكُم وَبَين أَن
يُرْسل عَلَيْكُم الشَّرّ فراسخ إِلَّا موت رجل فَلَو قد مَاتَ صُبَّ
عَلَيْكُم الشَّرّ فراسخ. كل مَا تطاول وامتد بِلَا فُرْجَة فِيهِ
فَهُوَ فَرسَخ وَمِنْه: انْتَظَرْتُك فرسخاً من النَّهَار أَي طَويلا
وفرسخت عَنهُ الْحمى: تَبَاعَدت. وَحكى النَّضر عَن بعض الْأَعْرَاب:
أغضنت السَّمَاء علينا أَيَّامًا بِعَين فِيهَا فَرسَخ. أَي بمطر
دَائِم فِيهِ امتداد وتطاول من غير فُرْجَة وإقلاع وَمِنْه الفرسخ
وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: الفراسخ: برازج بَين سُكُون وفتنة وكل
فتْنَة بَين سُكُون وتحرك فَهِيَ فَرسَخ. أَرَادَ بِالرجلِ عمر بن
الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
فرعل أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئِلَ عَن الضَّبع
فَقَالَ: الفرعل تِلْكَ نعجة من الْغنم. الفرعل: ولد الضبع فسماها بِهِ
وَفِي أمثالهم: أغزل من فرعل وَيُقَال للذّكر من الضباع الفرعلان واراد
أَنَّهَا حَلَال كالشاة. وَللشَّافِعِيّ رَحمَه الله أَن يتَعَلَّق
بِهِ فِي
(3/112)
إِبَاحَته لحم الضبع وَهِي عِنْد أبي
حنيفَة وَأَصْحَابه رَحِمهم الله سبع ذُو نَاب فَلَا تحل.
فرى ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي الذَّبِيحَة
بِالْعودِ: كل مَا أفرى الْأَوْدَاج غير مثرِّد. أَي قطعهَا. وَالْفرق
بَين الفرى والإفراء أَن الفرى قطع للإصلاح كَمَا يفرى الخرَّاز الْجلد
والإفراء: قطع للإفساد كَمَا يفري الذَّابِح وَنَحْوه. التثريد: أَن
يغمز الْأَوْدَاج غمزاً من غير قطع من الثرد فِي الخصاء وَهُوَ أَن
تدلك الخصيتان مكانهما فِي صفنهما حَتَّى تعودا كَأَنَّهُمَا رطبَة
مثموغة.
فرش أُذينة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يَقُول فِي الظفر فرشُ من
الْإِبِل. يُقَال للحواشي الَّتِي لايصلح إِلَّا للذبح فرش كَأَنَّهَا
الَّتِي تفرش للذبح قَالَ الله تَعَالَى: {حَمْولةً وفَرْشاً} . ابْن
عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى كتب فِي عطايا مُحَمَّد بن
مَرْوَان لِبَنِيهِ: أَن تجاز لَهُم إِلَّا أَن يكون مَالا مفترشاً.
أَي مغتصباً عَلَيْهِ من قَوْلهم: لقى فلَان فلَانا فافترشه إِذا غَلبه
وصرعه وافترشتنا السَّمَاء بالمطر أخذتنا بِهِ وافترش عرض فلَان إِذا
استباحه بالوقيعة فِيهِ وَحَقِيقَته جعله لنَفسِهِ فراشا يتوطؤه.
فرقع
مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى كره أَن يفرقع الرجل أَصَابِعه فِي
الصَّلَاة. يُقَال: فقَّع وفرقع إِذا نقَّض أَصَابِعه بغمز مفاصلها
وَمِنْه قيل للضرب الشَّديد وليِّ الْعُنُق وَكسرهَا فرقعة لما فِي
ذَلِك من التنقيض. عون رَحمَه الله تَعَالَى مَا رَأَيْت أحدا يفرفر
الدُّنْيَا فرفرة هَذَا الْأَعْرَج.
(3/113)
فرفر
أَي يذمها ويمزق فروتها يُقَال: فلَان يفرفر فلَانا إِذا نَالَ من عرضه
ومزَّقه وَهُوَ من قَوْلهم الذِّئْب يفرفر الشَّاة قَالَ: ... ظَلَّ
عَلَيْهِ يَوْمًا يفرفره ... إِلَّا يلغ فِي الدِّمَاء يَنْتَهسُ ...
وَمِنْه قيل للأسد الفرافرة. أَرَادَ بالأعرج أَبَا حَازِم سَلمَة بن
دِينَار وَهُوَ من عباد الْمَدِينَة وَكَانَ يقصُّ فِي مَسْجِدهَا.
فرس فِي الحَدِيث: علمُوا رجالكم العوم والفراسة. يُقَال فرس فراسة
وفروسة إِذا حذق بِأَمْر الْخَيل. الْفَاء مَفْتُوحَة. فَأَما الفراسة
(بِالْكَسْرِ) فَمن التفرس.
فرطم إِن شيعَة الدَّجَّال شواربهم طَوِيلَة وخفافهم مفرطمة. من
الفرطومة وَهِي منقار الْخُف. وَقيل: الصَّحِيح بِالْقَافِ. وَعَن بعض
الْأَعْرَاب: جَاءَنَا فلَان فِي نخافين ملكمين فقَّاعين مقرطمين
بِالْقَافِ رَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي.
(3/114)
الْفَاء مَعَ الزَّاي
فزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أشرف على بني عبد
الْأَشْهَل قَالَ: وَالله ماعلمت إِنَّكُم لتكثرون عِنْد الْفَزع
وتقلون عِنْد الطمع. وضع الْفَزع وَهُوَ الْفرق مَوضِع الإغاثة والنصر
قَالَ كلحبة الْيَرْبُوعي: ... فَقلت لكأسٍ أَلْجِميها فَإِنَّمَا ...
حللنا الْكَثِيب من زرود لنفرعا ... وَقَالَ الشماخ: ... إِذا دَعَتْ
غوثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أطباق كي على الأثْبَاجِ مَنْضُودِ ...
وَذَلِكَ أَن من شَأْنه الإغاثة وَالدَّفْع عَن الْحَرِيم مراقب حذر.
أثنى على بني عبد الْأَشْهَل وهم ولد عَمْرو بن مَالك بن الْأَوْس من
الْأَنْصَار وَحذف مفعول علمت يُرِيد مَا عملت مثلكُمْ أَو مثل سيرتكم
ثمَّ دلّ عَلَيْهِ بِمَا ذكره من صفتهمْ. فزع من نَومه محمرًّا وَجهه.
وروى: نَام فَفَزعَ وَهُوَ يضْحك. أَي هَب من نَومه يُقَال فزع من
نَومه وأفزعته أَنا إِذا نبهته. وَمِنْه الحَدِيث: أَلا أفزعتموني
لِأَن من نُبِّه لَا يَخْلُو من فزع مَا. سعد رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ أَخذ رجل من الْأَنْصَار لحى جزور فَضرب بِهِ أنف سعد ففزره
فَكَانَ أَنفه مفزوزا. أَي شقَّه يُقَال فزرت الثَّوْب إِذا فسخته
وتفزر الثَّوْب والافزر: المنكسر الظّهْر.
(3/115)
الْفَاء مَعَ السِّين
فسط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن
يَد الله على الْفسْطَاط. هُوَ ضرب من الْأَبْنِيَة فِي السّفر دون
السُّرادق. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه أَتَى على
رجل قد قُطعت يَده فِي سَرقَة وَهُوَ فِي فسطاط فَقَالَ: من آوى هَذَا
الْمُصَاب فَقَالُوا: فاتك أَو خريم بن فاتك فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك
على آل فاتك كَمَا آوى هَذَا الْمُصَاب فَسمى بِهِ الْمصر وسمى عَمْرو
بن الْعَاصِ الْمَدِينَة الَّتِي بناها الْفسْطَاط. وَعَن بعض بني
تَمِيم. قَالَ: قَرَأت فِي كتاب رجل من قُرَيْش: هَذَا مَا اشْترى
فلَان ابْن فلَان من عجلَان مولى زِيَاد اشْترى مِنْهُ خَمْسمِائَة
جريب حِيَال الْفسْطَاط. يُرِيد الْبَصْرَة. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ
رَحمَه الله تَعَالَى: فِي العَبْد الْآبِق إِذا أُخذ فِي الْفسْطَاط
فَفِيهِ عشرَة دَرَاهِم وَإِذا أَخذ خَارج الْفسْطَاط فَفِيهِ
أَرْبَعُونَ. وَالْمعْنَى أَن الْجَمَاعَة من أهل الْإِسْلَام فِي كنف
الله وواقيته فَوْقهم فأقيموا بَين ظهرانيهم وَلَا تفارقوهم. وَهَذَا
كحديثه الآخر: إِن الله لم يرض بالوحدانية وَمَا كَانَ الله ليجمع
أمتِي على ضَلَالَة بل يَد الله عَلَيْهِم فَمن تخلف عَن صَلَاتنَا
وَطعن على أَئمتنا فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه شرار أمتِي
الوحداني المعجب بِدِينِهِ الْمرَائِي بِعَمَلِهِ المخاصم بحجته.
فسق خمس فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام: الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب
والحدأة والغراب الأبقع وَالْكَلب الْعَقُور. الفسوق: أَصله الْخُرُوج
عَن الاسْتقَامَة والجور قَالَ رؤبة: ... يَذْهَبْنَ فِي نَجْدٍ
وَغَوْراً غائرا ... فَواسِقاً عَن قَصْدها جَوائرا ... وَقيل للعاصي
فَاسق لذَلِك وَإِنَّمَا سميت هَذِه الْحَيَوَانَات فواسق على سَبِيل
الِاسْتِعَارَة
(3/116)
لخبثهن وَقيل لخروجهن من الْحُرْمَة بقوله:
خمس لَا حُرْمَة لَهُنَّ فَلَا بقيا عَلَيْهِنَّ وَلَا فديَة على
الْمحرم فِيهِنَّ إِذا مَا أصابهن. قَالُوا: أَرَادَ بالكلب كل سبع
يعقر. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دُعَائِهِ على عتبَة
بن أبي لَهب: اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك ففرسه الْأسد
فِي مسيره إِلَى الشَّام.
فسل لعن الله المفسِّلة والمسوِّفة. هِيَ الَّتِي تتعلل لزَوجهَا إِذا
هم بغشيانها بِالْحيضِ فتفتر نشاطه من الفسولة وَهِي الفتور فِي
الْأَمر أَو تقطعه وتفطمه من قَوْلهم: فسل الضَّبِّيّ وفصله أَو ترجعه
على إكداء وإخفاق. من فسل بفلان وحسل بِهِ إِذا أُخسَّ حظُّه.
والمسوفة: الَّتِي تَقول لَهُ: سَوف ... سَوف ... وتعلله بالمواعيد أَو
تشمه طرفا من المساعدة وتطمعه ثمَّ لَا تفعل من السوف وَهُوَ الشم
قَالَ ابْن مقبل: ... لَو مساوفتنا بسوف من تحننها ... سَوف العيوف
لراح الركب قد قنعوا ...
فسكل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن أَسمَاء بنت عُمَيْس جاءها
ابْنهَا من جَعْفَر بن أبي طَالب وَابْنهَا من أبي بكر بن أبي قُحَافَة
يختصمان إِلَيْهَا كل وَاحِد مِنْهُمَا يَقُول: أبي خير من أَبِيك
فَقَالَ عَليّ: عزمت عَلَيْك لتقضنَّ بَينهمَا. فَقَالَت لِابْنِ
جَعْفَر: كَانَ أَبوك خير شباب النَّاس وَقَالَت لِابْنِ أبي بكر:
كَانَ أَبوك خير كهول النَّاس ثمَّ التفتت إِلَى عَليّ فَقَالَت: إِن
ثَلَاثَة أَنْت آخِرهم لخيار فَقَالَ عَليّ لأولادها مِنْهُ: قد
فسكلتني أمكُم. أَي أخرتني وجعلتني كالفسكل وَهُوَ آخر خيل السباق
وَيُقَال: رجل فسكول وفِسكول وَقد فسكل وفُسكل قَالَ الأخطل: ...
أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عبدا تَابعا ... فَبَقيت أَنْت المفحم
المكعوم ... عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أَعْجَمِيَّة عربتها
الْعَرَب.
(3/117)
فسل حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
اشْترى نَاقَة من رجلَيْنِ من النخع وَشرط لَهما فِي النَّقْد رضاهما
فجَاء بهما إِلَى منزله فَأخْرج لَهما كيساً فأفسلا عَلَيْهِ ثمَّ أخرج
آخر فأفسلا عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أعوذ بِاللَّه مِنْكُمَا. أَي
أرذلا وزيفَّا. يُقَال أفسل فلَان على فلَان دَرَاهِمه. وَعَن أبي
عُبَيْدَة: فسله وخسله ورذله بِمَعْنى. وَيُقَال: دِرْهَم فسل: ردئ
ودراهم فسول. قَالَ الفرزدق: ... فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُم أباعِرَ
تُشْتَرى ... بوَكْسٍ وَلَا سُوداً تصيحُ فُسُولُها ...
فسو شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن الرجل يُطلق الْمَرْأَة
ثمَّ يرتجعها فيكتمها رَجعتهَا ختى تَنْقَضِي عدتهَا فَقَالَ: لَيْسَ
لَهُ إِلَّا فسوة الضبع. أَي لَا طائل لَهُ فِي ادّعاء الرّجْعَة بعد
انْقِضَاء الْعدة وَلَا يقبل قَوْله فَضرب ذَلِك مثلا لعدم الطائل وَخص
الضبع لقلَّة خَيرهَا وخبثها وحمقها وَقيل: فسوة الضبع: شَجَرَة تحمل
الخشخاش لَيْسَ فِي ثَمَرَتهَا كَبِير طائل.
الْفَاء مَعَ الشين
فشى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هوَازن لما انْهَزمُوا
دخلُوا حصن ثَقِيف فتآمروا فَقَالُوا: الرَّأْي أَن ندخل فِي الْحصن
مَا قَدرنَا عَلَيْهِ من فاشيتنا وَأَن نبعث إِلَى مَا قرب من سرحنا
وخيلنا الجشر فَقَالَ بَعضهم: إِنَّا لَا نَأْمَن أَن يَأْتُوا بضبور.
الفاشية: الْمَاشِيَة لِأَنَّهَا تفشوا أَي تَنْتَشِر وَالْجمع فواش.
وَمن حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضمُّوا فَوَاشِيكُمْ حَتَّى
تذْهب فَحْمَة الْعشَاء أَي ظلمته وَقَالَ أفشى الرجل وأمشى وأوشى
بِمَعْنى.
(3/118)
الجشر: الْمُرْسلَة فِي الرطب أَيَّام
الرّبيع من جشروا الدَّوَابّ. الضبور: الدبابات الَّتِي تقدم إِلَى
الْحُصُون الْوَاحِد ضبرة.
فشغ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَاهُ وَفد الْبَصْرَة وَقد
تفشَّغوا فَقَالَ: مَا هَذِه الْهَيْئَة فَقَالُوا: تركنَا الثِّيَاب
فِي العياب وَجِئْنَاك. قَالَ: البسوا وأميطوا الْخُيَلَاء. قَالَ شمر:
أَي لبسوا أخس لباسهم وَلم يتهيئوا. وَأَنا لَا آمن أَن يكون مصحَّفاً
من تقشَّفوا والتقشُّف أَلا يتَعَاهَد الرجل نَفسه وَمِنْه عَام أقشف
وَهُوَ الْيَابِس فَإِن صَحَّ ماروه فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنهم لم
يحتفلوا فِي الملابس وتثاقلوا عَن ذَلِك لما عرفُوا من خشونة عمر من
قَوْلهم: فشغة النّوم إِذا رَكبه فكسَّله وفتّره. وَأَجد تفشيغاً فِي
جَسَدِي وتفشّغ: تفتر وتكاسل. أطلق لَهُم أَن يتجملوا باللباس على أَلا
يختالوا فِيهِ وَلَا يفتخروا بِهِ. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
قَالَ الأشتر: إِن هَذَا الْأَمر قد تفشَّغ. أَي كثر وَعلا وَظهر.
ومدار التَّأْلِيف على معنى الْعُلُوّ يُقَال: تفشَّغه دين إِذا رَكبه
وتفشَّغ الرجل الْمَرْأَة والجمل النَّاقة وَمن الفشاغ وَهُوَ مَا يركب
الشّجر فيلتوي عَلَيْهِ. وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا إِن تجراً من قُرَيْش قدمُوا على أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ
فَسَأَلَهُمْ: هَل تفشغ فِيكُم الْوَلَد قَالُوا: وَمَا تفشَّغ
الْوَلَد قَالَ: هَل يكون للرجل مِنْكُم عشرَة من الْوَلَد ذُكُور
قَالُوا: نعم وَأكْثر من ذَلِك. قَالَ: فَهَل ينْطق فِيكُم الكرع
قَالُوا: وَمَا الكرع قَالَ الرجل: الدنئ النَّفس وَالْمَكَان.
قَالُوا: لَا ينْطق فِي أمرنَا إِلَّا أهل بُيُوتنَا وَأهل رَأينَا.
قَالَ: إِن أَمركُم إِذن لمقبل فَإِذا نطق فِي أَمركُم الكرع وقلَّ
ولدكم أدبر جدكم.
(3/119)
قيل للسفلة كرع تَشْبِيها بالكرع وَهِي
الأوظفة [قَالَ النَّضر: يُقَال: جمل شَدِيد الكرع أَي الأوظفة] وَلَا
يوحَّد الكرع. وَعَن عُرْوَة رَحمَه الله تَعَالَى: أَنه قَالَ لِابْنِ
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا هَذِه الْفتيا الَّتِي تفشغت عَنْك
أَي انتشرت.
فشش أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الشَّيْطَان يفشُّ
بَين أليتي أحدكُم حَتَّى يخيل إِلَيْهِ أَنه قد أحدث فَإِن وجد ريحًا
أَو سمع صَوتا فَليَتَوَضَّأ وَإِلَّا فَلَا. أَي يتفخ نفخا يشبه
خُرُوج الرّيح من فش الوطب يفشه إِذا أخرج رِيحه وَمِنْه الْمثل:
لأفشنك فشَّ الوطب. قَالَ ابْن لبينة: جِئْته وَهُوَ جَالس فِي
الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَانَ رجلا آدم ذَا ضفيرتين أفشغ الثنيتين
فَسَأَلته عَن الصَّلَاة فَقَالَ: إِذا اصطفق الْآفَاق بالبياض فصلِّ
الْفجْر إِلَى السدف وَإِيَّاك والحنوة والإفغاء. أَرَادَ ناتئ
الثنيتين خارجهما عَن نضد الْأَسْنَان وَمِنْه قَوْلهم: نَاصِيَة فشغاء
وَهِي المنتشرة. الاصطفاق: الِاضْطِرَاب يُقَال اصطفق الْقَوْم إِذا
اضْطَرَبُوا وَهُوَ افتعال من الصفق تَقول: صفقت رَأسه بيَدي صَفْقَة
إِذا ضَربته قَالَ: ... ويومٍ كظِلِّ الرُّمْحِ قَصِّرَ طولَه ... دَمُ
الزِّقِّ عَنّا واصطِفاقُ المَزاهِرِ ... وَالْمعْنَى: انتشار ضوء
الْفجْر فِي الْآفَاق وانبساطه فِيهَا فَجعل ذَلِك اصطفاقا واضطرابا من
الْآفَاق بِهِ كَمَا تَقول: اضْطربَ الْمجْلس بالقوم وتدفقت الشِّعاب
بِالْمَاءِ. السَّدف: الضَّوْء وَمِنْه قَوْلهم: أسدف لنا أَي أضيء
لنا. قَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا كَانَ رجل قَائِم بِالْبَابِ قلت لَهُ:
أسدف أَي تنحَّ حَتَّى يضيء الْبَيْت.
(3/120)
قَالَ أَبُو زيد: السدفة فِي لُغَة بني
تَمِيم: الظلمَة وَفِي لُغَة قيس: الضَّوْء. وَأنْشد قَول ابْن مقبل:
... وَلَيْلَة قد جعلتُ الصُّبْح موعدَها ... صَدْرَ المطية حَتَّى
تعرف السُّدُفا ... وَقَالَ: يَعْنِي الضَّوْء. الحنوة: أَن يُطَأْطِئ
رَأسه ويقوس ظَهره من حنوت الشَّيْء وحنيته إِذا عطفته وناقة حنواء:
فِي ظهرهَا احديداب.
الْفَاء مَعَ الصَّاد
فصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ
الْوَحْي تفصَّد عرقاً. أَي تصبب يُقَال تفصد وانفصد. وَمِنْه:
القاصدان مجريا الدُّمُوع. وانتصاب عرقا على التَّمْيِيز.
فصع نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فصع الرّطبَة. فصع وَفصل
وفصى: أَخَوَات يُقَال: فصع الشَّيْء من الشَّيْء إِذا خلعه وَأخرجه
وفصع الْعِمَامَة إِذا حسرها عَن رَأسه وفصعت الدَّابَّة إِذا أبدت
حياها مرّة وأدخلته أُخْرَى عِنْد الْبَوْل. أَرَادَ إخْرَاجهَا عَن
قشرها لتنضج عَاجلا.
فصل ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سعيد بن جُبَير:
كُنَّا نَخْتَلِف فِي أَشْيَاء فكتبتها فِي كتاب ثمَّ أَتَيْته بهَا
أسأله عَنْهَا فَلَو علم بهَا لكَانَتْ الفيصل فِيمَا بيني وَبَينه.
أَي القطيعة الفاصلة فِيمَا بيني وَبَينه.
(3/121)
فَصم عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا
قَالَت رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل عَلَيْهِ فِي
الْيَوْم الشَّديد الْبرد فَيفْصم الْوَحْي عَنهُ وَإِن جَبينه ليتفصد
عرقا. أَي يقْلع يُقَال أفصم الْمَطَر وأفصى: إِذا أقلع وَمِنْه قيل:
كل فَحل يفصم إِلَّا الْإِنْسَان أَي يَنْقَطِع عَن الضراب.
فصد العطاردي رَحمَه الله تَعَالَى لما بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قد أَخذ فِي الْقَتْل هربنا فاستثرنا شلو أرنب دَفِينا
وألقينا عَلَيْهَا من بقول الأَرْض وفصدنا عَلَيْهَا فَلَا أنسى تِلْكَ
الْأكلَة. كَانُوا يفصدون الْبَعِير ويعالجون الدَّم ويأكلونه عِنْد
الضَّرُورَة وَمِنْه قَوْلهم: لم يحرم من فصد لَهُ. يَعْنِي أَنهم
طرحوا الشلو فِي الْقدر والبقول وَالدَّم فطبخوا من ذَلِك طبيخا.
فصفص الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ فِي الفصافص صَدَقَة. هِيَ
جمع فصفصة وَهِي الرّطبَة أَي الفت الرطب والقضب: الْيَابِس. قَالَ
الْأَعْشَى: ... أَلم تَرَ أَنَّ العَرْضَ أَصبح بطنُه ... نخيلا
وَزَرْعا نَابِتاً وفصافصا ... وَيُقَال: الفسفسة بِالسِّين أَيْضا.
(3/122)
الْفَاء مَعَ الضَّاد
فضَض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ الْعَبَّاس بن عبد
الْمطلب: يارسول الله إِنِّي أُرِيد أَن أمتدحك. قَالَ: قل لَا يفضض
الله فَاك فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ... مِنْ
قَبْلِها طِبْتَ فِي الظلال وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حيثُ يُخْصَفُ
الوَرَقُ
ثمَّ هبَطْتَ البِلادَ لَا بَشَرٌ ... أنتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا
عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ تركبُ السَّفِينَ وقَدْ ... ألْجَمَ نَسْراً وأهْلَهُ
الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صالِبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذا مَضَى عاَلَمٌ بدا طَبَقُ
حَتّى احْتَوَى بيتَك المُهْيمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْياءَ
تَحْتَهَا النُّطُقُ
وأنْتَ لَمَّا ولدت أشْرَقَتِ ال ... أَرض وضاءت بنورك الأفقُ
فنَحْنُ فِي ذَلِك الضِّيَاءِ وَفِي النُّو ... ر وسُبْل الرشاد نخترق
... أَي لايكسر ثغرك والفم يُقَام مقَام الْأَسْنَان يُقَال: سقط فَم
فلَان فَلم يبْق لَهُ حاكة. أَرَادَ بالظلال ظلال الْجنَّة يَعْنِي
كَونه فِي صلب آدم نُطْفَة حِين كَانَ فِي الْجنَّة. الْمُسْتَوْدع:
الْمَكَان الَّذِي جعل فِيهِ آدم وحواء عَلَيْهِمَا السَّلَام من
الْجنَّة واستودعاه. يخصف الْوَرق عَنى بِهِ قَوْله تَعَالَى:
{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ} . والخصف:
أَن تضم الشَّيْء وتشكه مَعَه. أَرَادَ بالسفين سفينة نوح عَلَيْهِ
السَّلَام. ونسر: صنم لقوم نوح. الصالب: الصلب. الطَّبَق: الْقرن من
النَّاس. أَرَادَ ببيته شرفه. والمهيمن: نَعته أَي حَتَّى احتوى شرفك
الشَّاهِد على فضلك أفضل مَكَان وأرفعه من نسب خندف.
(3/123)
النُّطْق: من قَول ابْن الْأَعرَابِي:
النطاق وَاحِد النُّطْق وَهِي أَعْرَاض من حبالٍ بَعْضهَا فَوق بعض أَي
نواح وأوساط. شُبهت بالنطق الَّتِي يشد بهَا أوساط الاناسي وَأنْشد:
... نَحن ضَرَبْنَا سَبْسَباً بعد البُرَقْ ... فِي رَهْوَةٍ ذَات
سِدَادٍ ونُطقْ
وحالق فِي رَأْسِه بَيْضُ الأُنُقْ ... يَعْنِي أَنه فِي الْأَشْرَف
الْأَعْلَى من النّسَب كَأَنَّهُ أَعلَى الْجَبَل وَقَومه تَحْتَهُ
بِمَنْزِلَة أَعْرَاض الْجبَال. يُقَال: ضاء الْقَمَر والسراج يضوء
نَحْو سَاءَ يسوء. قَالَ: ... قَرِّبْ قَلُوصَيْكَ فقدْ ضاء القَمَرْ
... أنَّث الْأُفق ذَهَابًا إِلَى النَّاحِيَة كَمَا أنَّث
الْأَعرَابِي الْكتاب على تَأْوِيل الصَّحِيفَة أَو لِأَنَّهُ أَرَادَ
أُفق السَّمَاء فأُجري مجْرى ذهبت بعض أَصَابِعه أَو أَرَادَ الْآفَاق
أَو جمع أُفقاً على أُفق كَمَا جمع فلك على فلك.
فضخ قَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كنت رجلا مذاء فَسَأَلت
الْمِقْدَاد أَن يسْأَل لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
إِذا رَأَيْت الْمَذْي فَتَوَضَّأ واغسل مذاكيرك وَإِذا رَأَيْت فضخ
المَاء فاغتسل. قَالَ شمر: فضخ المَاء: دفقه وَيُقَال للدلو: المفضخة.
وَقيل لبَعْضهِم: مَا الْإِنَاء قَالَ: حَيْثُ تفضخ الدَّلْو.
فَضَح إِن بِلَالًا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى ليؤذنه بِصَلَاة
الصُّبْح فشغلت عَائِشَة بِلَالًا حَتَّى فضحه الصُّبْح. أَي كشفه
وبيَّنه للأعين. وَفِي كَلَام بَعضهم: قُم فقد فَضَحِك الصُّبْح. وانشد
يَعْقُوب:
(3/124)
.. حَتَّى إِذا مَا الديك نَادَى الفجرا
... وفَضَحَ الصُّبْحُ النجومَ الزُّهْرا ... أَي كشف أمرهَا بِغَلَبَة
ضوئه ضوءها. وَقيل: حَتَّى أَضَاء بِهِ بفضحته أَي ببياضه. وروى:
بالصَّاد بِمَعْنى بيَّنه وَمِنْه قيل للْبَيَان الفصاحة ولضده
العُجمة. وأفصح الصُّبْح: بدا.
فضَض عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رمى الْجَمْرَة بِسبع حَصَيَات
ثمَّ مضى فَلَمَّا خرج من فضَض الْحَصَى وَعَلِيهِ خميصة سَوْدَاء
وَأَقْبل على سلمَان بن ربيعَة فكلَّمه بِكَلَام. هُوَ المتفرق مِنْهُ
والفضيض مثله وهما فعل وفعيل بِمَعْنى مفعول من فضَّ الشَّيْء يفضُّه
إِذا فرَّقه. وَفِي كتاب الْعين: الفض: تَفْرِيق حَلقَة من النَّاس بعد
اجْتِمَاعهم. وَأنْشد: ... إِذا اجْتَمعُوا فَضَضْنا حَجْرَتَيْهِمْ
... ونجمعُهم إِذا كَانُوا بِدَادا ... وانفضَّ إِذا تفرَّق. وَمِنْه
الحَدِيث: لَو أَن رجلا انفض انفضاضا مِمَّا صُنع بِابْن عَفَّان لحق
لَهُ أَن ينفضّ. أَي انْقَطَعت أوصاله وَتَفَرَّقَتْ جزعاً وحسرة.
الخميصة: ضرب من الأكسية. خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى
مرازبة فَارس مقدمه الْعرَاق: أما بعد فَالْحَمْد لله الَّذِي فضَّ
خدمتكم وفرَّق كلمتكم وسلب ملككم. الْخدمَة: سير غليظ مُحكم مثل
الْحلقَة يشدُّ فِي رسغ الْبَعِير ثمَّ يشدُّ إِلَيْهَا سرائح نَعله
وَقيل للخلخال خدمَة على التَّشْبِيه إِذا انفضّت الْخدمَة انحلّت
السرائح وَسَقَطت النّعل فَضرب ذَلِك مثلا لثل عرشهم وَذَهَاب مَا
كَانُوا يعتمدونه وَيرجع إِلَيْهِ استيساق أَمرهم.
(3/125)
فضخ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قَالَ فِي الفضيخ: لَيْسَ بالفصيخ وَلكنه الفضوخ. هُوَ مَا
افتُضخ من الْبُسْر من غير أَن تمسه النَّار. وَمِنْه حَدِيث أنس رَضِي
الله عَنهُ: نزل تَحْرِيم الْخمر وَمَا كَانَت غير فضيخكم هَذَا
الَّذِي تسمونه الفضيخ. أَرَادَ يسكر شَاربه ويفضخه.
فضَض ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى سُئل عَن رجل خطب
امْرَأَة فتشاجروا فِي بعض الْأَمر فَقَالَ الْفَتى: هِيَ طَالِق إِن
نكحتها حَتَّى آكل الفضيض فَقَالَ: أما رأى أَن لَا ينْكِحهَا حَتَّى
يَأْكُل الفضيض قَالَ الْمُنْذر بن عَليّ: فَذَلِك الْفَحْل يُسمى
الْمُحَلّل حَتَّى الْيَوْم. الفضيض: الطّلع أَو مَا يطلع والفضيض
أَيْضا: المَاء الْغَرِيض سَاعَة يخرج من الْعين أَو يصوب من
السَّحَاب. الْفَحْل: الفحال الَّذِي أكل مِنْهُ الْحَالِف وَسمي محللا
من تَحِلَّة الْيمن. أما رأى: اسْتِفْهَام فِي معنى التَّقْرِير
يَعْنِي أَن الْأَمر يجب أَن يبْنى على مَا رأى من ترك نِكَاحهَا إِلَى
وَقت إطلاع النّخل وَتَحْلِيل الْحلف بِأَكْل الطّلع لَا سَبِيل لَهُ
غَيره.
الْفَاء مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة
حَتَّى يكون أَبَوَاهُ هما اللَّذَان يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ
كَمَا تنْتج الْإِبِل من بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تحسُّ من جَدْعَاء
(3/126)
قَالُوا: يَا رَسُول الله: أَفَرَأَيْت
وَهُوَ من يَمُوت وَهُوَ صَغِير قَالَ: إِن الله أعلم بِمَا كَانُوا
عاملين. بِنَاء الْفطْرَة تدلُّ على النَّوْع من الْفطر كالجلسة
وَالركبَة. وَفِي اللَّام إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا معهودة وَأَنَّهَا
فطْرَة الله الَّتِي نطق بهَا قَوْله تَعَالَى عز من قَائِل: {فأَقِمْ
وَجْهَكَ لِلدِّيِنِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ
عليْهَا لَا تَبْدِيلَ لخَلْقَ اللهِ ذلِكَ الدَّينُ القَيِّم}
وَالْفطر: الِابْتِدَاء والاختراع. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ: مَا كنت لأدري مَا فاطر
السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى احتكم إليَّ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْر
فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فطرتها أَي ابتدأت حفرهَا. وَالْمعْنَى أَنه
يُولد على نوع من الجبلة وَهُوَ فطْرَة الله وَكَونه متهيئا مستهدفا
لقبُول الحنيفية طَوْعًا لَا إِكْرَاها وطبعاً لَا تكلفا لَو خلَّته
شياطين الْجِنّ وَالْإِنْس وَمَا يختاره لم يخْتَر إِلَّا إِيَّاهَا
وَلم يلْتَفت إِلَى جنبه سواهَا. وَضرب لذَلِك الجمعاء والجدعاء مثلا
يَعْنِي أَن الْبَهِيمَة تولد سوية الْأَعْضَاء سليمَة من الجدع
وَنَحْوه لَوْلَا النَّاس وتعرّضهم لَهَا لبقيت كَمَا ولدت وَقيل
للسليمة: جَمْعَاء لِأَن جَمِيع أعضائها وافرة لم ينتقص مِنْهَا شَيْء.
وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله
تَعَالَى: إِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِين
عَن دينهم وَجعلت مَا نحلتهم من رزق فَهُوَ لَهُم حَلَال فَحرم
عَلَيْهِم الشَّيَاطِين مَا أحللت لَهُم. يَعْنِي البحائر والسيَّب.
وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِمَا كَانُوا عاملين: إِشَارَة
إِلَى تعلق المثوبة والعقوبة بِالْعَمَلِ وَأَن الصغار لَا عمل لَهُم
وَقد أخرجه على سَبِيل التهكم وَأَن الله بجازي الصغار كفاء مَا
عمِلُوا وَقد علم أَنهم لم يعملوا عملا يجازون بِهِ.
(3/127)
هما: إِمَّا فصلٌ أقحم بَين الْمُبْتَدَأ
وَخَبره وَفِي كَانَ ضمير الشَّأْن أَو هُوَ مُبْتَدأ خَبره
الْمَوْصُول. وَأَبَوَاهُ: إِمَّا مُبْتَدأ هَذِه الْجُمْلَة خَبره
وَكَانَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْوَجْه الأول أَو اسْم لَكَانَ وَخَبره
الْجُمْلَة. مَا فِي كَمَا لَيست الكافة فِي نَحْو قَوْلك فعلت كَمَا
فعلت وَلكنهَا الموصولة وصلتها تنْتج والراجع مَحْذُوف أَي كَالَّذي
تنتجه الْإِبِل أَي تتوالده. وَقَوله: من بَهِيمَة: بَيَان للموصول.
فطر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن المذى فَقَالَ: هُوَ
الْفطر. وروى: الفُطر (بِالضَّمِّ) . الْفطر (بِالْفَتْح) : لَهُ
وَجْهَان: أَن يكون مصدر فطرت النَّاقة أفْطُرها وأَفطِرها إِذا حلبتها
بأطراف الْأَصَابِع يُقَال: مَا زلت أفطر النَّاقة حَتَّى سعدت أَي
اشتكيت ساعدي. أَو مصدر فطر نَاب الْبَعِير إِذا شقَّ اللَّحْم فطلع.
شبه المذى فِي قلته بِمَا يحتلب بِالْفطرِ أَو شبه طلوعه من الإحليل
بِطُلُوع الناب. وَالْفطر (بِالضَّمِّ) : اسْم مَا يظْهر من اللَّبن
على إحليل الضَّرع. قَالَ المرار: ... بَازِلٌ أَو أخلَفَتْ بازلها ...
عَاقِر لم يحتلب مِنْهَا فطر ...
فطس أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُوشك أَن يَجِيء من
قبل الْمشرق قوم عراض الْوُجُوه فُطس الأُنف صغَار الْأَعْين حَتَّى
يلْحقُوا الزَّرْع بالزرع والضرع بالضرع والراوية يَوْمئِذٍ يَسْتَقِي
عَلَيْهَا أحب إليّ من ألآءِ وَشاء. الفطس: انخفاض قَصَبَة الْأنف
وَمِنْه فطس الْحَدِيد إِذا ضربه بالفطيس حَتَّى عرَّضه والفطسة: أنف
الْبَقَرَة لانخفاضه.
(3/128)
إِلْحَاق الزَّرْع بالزرع: أَن يعم
بِالْهَلَاكِ أَي إِذا أهلكوا الْبَعْض لم يتْركُوا مَا بَقِي غير
هَالك وَلَكنهُمْ يلحقونه بِهِ فَلَا يبقون على شَيْء. الراوية:
الْبَعِير يَسْتَقِي عَلَيْهِ. اللأى بِوَزْن اللعا: الثور فِي
الطرماح: ... كَظهر الَّلأَى لَو تُبْتَغي رَيَّةٌ بهَا ... لَعَّيتْ
نَهَارا فِي بُطونِ الشَّواجن ... وبمصغره سمي لؤَي بن غَالب وَجمعه
ألآء كألعاء.
فطأ ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ذكر مقتلة مُسَيْلمَة
وَأَنه رَآهُ أصفر الْوَجْه أفطأ الْأنف دَقِيق السَّاقَيْن. الفطأ
والفطس: أَخَوان.
فطم ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى بلغه أَن عمر بن عبد الْعَزِيز
أَقرع بَين الفطم فَقَالَ: مَا أرى هَذَا إِلَّا من الاستسقام
بالأزلام. هُوَ جمع فطيم وَلَيْسَ جمع فعيل على فعل فِي الصِّفَات
بِكَثِير. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد جَاءَ شَيْء مِنْهُ يَعْنِي من
فَعِيل صفة قد كسر على فُعُل شُبه بالأسماء لِأَن الْبناء وَاحِد
وَهُوَ نَذِير وَنذر وجديد وجدد وسديس وَسدس أورد هَذِه الْأَمْثِلَة
فِي جمع فَعِيل بِمَعْنى فَاعل وَلم يُورد فِي فعيل بِمَعْنى مفعول
إِلَّا قَوْلهم عقيم وعقم. قَالَ: فشبهوها بجديد وجدد. كَمَا قَالُوا:
قتلاء وفُطم نَظِير عُقُم. الأزلام: القداح. كره الإقراع بَين ذَرَارِي
الْمُسلمين وَكَانَ عِنْده التَّسْوِيَة بَينهم فِي الْعَطاء أَو
زِيَادَة من رأى زِيَادَته من غير إقراع.
(3/129)
الْفَاء مَعَ الظَّاء
[فظاظة فِي هر] .
الْفَاء مَعَ الْعين
فَعم فِي الحَدِيث: لَو أَن امْرَأَة من الْحور الْعين أشرفت لافعمت
مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ريح الْمسك. الإفعام: الملء البليغ
يُقَال: أفعمت الرجل وأفعمته وفعمته وفغمته إِذا ملأته فَرحا أَو
غَضبا. وَفِي أمثالهم: أُفعمت بيم ثمَّ غضت بسمّ. يضْرب للحسود أَي
ملئت بِمثل الْبَحْر من الْحَسَد ثمَّ لَا غاض حسدك إِلَّا بِسم منخرك
أَو بِسم الإبرة فِي الضّيق.
الْفَاء مَعَ الْغَيْن
فغا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد إدام أهل الدُّنْيَا
وَالْآخِرَة اللَّحْم وَسيد رياحين أهل الْجنَّة الفاغية. هِيَ نور
الحنَّاء. وَعَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم تعجبه الفاغية وَأحب الطَّعَام إِلَيْهِ
الدُّبَّاء. إِلَيّ القرع. وَقيل: الفاغية والفغو: نور الريحان. وَقيل:
نور كل نبت وَقيل: الفغو فِي كل شَجَرَة هِيَ التَّنْوِير وَقد أفغى
الشّجر.
(3/130)
وَفِي حَدِيث الْحسن رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ: أَنه سُئِلَ عَن السَّلَف فِي الزَّعْفَرَان فَقَالَ: إِذا فغا.
قَالُوا مَعْنَاهُ إِذا نور وَيجوز أَن يُرِيد إِذا انتشرت رَائِحَته
من فغت الرَّائِحَة فغوا. وَمن قَوْلهم: هَذِه الْكَلِمَة فاغية فِينَا
وفاشية بِمَعْنى.
الْفَاء مَعَ الْقَاف
فقر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو رهم الْغِفَارِيّ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك
فَسَأَلَنِي عَن قوم تخلفوا عَنهُ وَقَالَ: مَا يمْنَع أحدهم أَن يفقر
الْبَعِير من إبِله فَيكون لَهُ مثل أجر الْخَارِج الإفقار:
الْإِعَارَة للرُّكُوب من الفقار. وَفِي بعض نفاثاتي: ... ألاَ أفْقَرَ
اللهُ عَبْداً أَبَت ... عَلَيْهِ الدناءةُ أنْ يُفْقِرَا ... ومَنْ
لَا يُعِير قِرَى مَرْكَبٍ ... فقُلْ: كَيفَ يَعْقِرُه لِلْقِرَى ...
وَمِنْه حَدِيث عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه سُئِلَ عَن
رجل اسْتقْرض من رجل دَرَاهِم ثمَّ إِن الْمُسْتَقْرض أفقر الْمقْرض
ظهر دَابَّته فَقَالَ عبد الله: مَا أصَاب من ظهر دَابَّته فَهُوَ
رَبًّا.
فَقُمْ من حفظ مَا بَين فقميه وَرجلَيْهِ دخل الْجنَّة. أَي لحييْهِ
وَيُقَال: تفقمت فلَانا إِذا أخذت بفقمه وَمِنْه الفقم وَهُوَ ردَّة
فِي الذقن وَرجل أفقم ثمَّ قيل لِلْأَمْرِ المعوج أفقم وتفاقم الْأَمر.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن مُوسَى
صلوَات الله عَلَيْهِ لما ألْقى عَصَاهُ صَارَت حَيَّة فَوضعت فقماً
لَهَا أَسْفَل وفقماً لَهَا فَوق وَأَن فِرْعَوْن كَانَ على فرس ذنُوب
حصان فتمثل لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على فرس وديق فتقحم
خلفهَا. الذَّنوب: الوافر الذَّنب. الحصان: الْفَحْل.
(3/131)
الوديق: الَّتِي استودقت أَي استدنت
الْفَحْل من اودوق وَهُوَ الدنو. أَرَادَ حفظ اللِّسَان والفرج.
فقر كَانَ لَهُ سيف الدّين يُسمى ذَا الفقار وَآخر يُقَال لَهُ المخذم
وَآخر يُقَال لَهُ الرَّسوب وَآخر يُقَال لَهُ الْقَضِيب. هُوَ بِفَتْح
الْفَاء والعامة يكسرونها سمي بذلك لِأَنَّهُ كَانَت فِي إِحْدَى
شفرتيه حروز شبهب بفقار الظّهْر وَكَانَ هَذَا السَّيْف لمنبه بن
الْحجَّاج فتنفله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّنة
السَّادِسَة من الْهِجْرَة فِي غَزْوَة المصطلق وَكَانَ صَفيه وَهُوَ
سَيْفه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يلْزمه وَيشْهد بِهِ الحروب.
المخذم والرَّسوب من الخذم وَهُوَ الْقطع وَمن الرَّسوب وَهُوَ
الْمُضِيّ فِي الضَّرْبَة الْقَضِيب: الدَّقِيق وَقيل الْقَاطِع وَهُوَ
أول سيف تقلد بِهِ.
فقر عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثَلَاث من الفواقر: جَار مقامة إِن
رَأْي حَسَنَة دَفنهَا وَإِن رأى سَيِّئَة أذاعها. وَامْرَأَة إِن دخلت
لسنتك وَإِن غبت عَنْهَا لم تأمنها. وَإِمَام إِن أَحْسَنت لم يرض
عَنْك وَإِن أَسَأْت قَتلك. الفاقرة الداهية كَأَنَّهَا الَّتِي تحطم
الفقار كَمَا يُقَال قاصمة الظّهْر وَقَالَ الْمبرد: قَوْلهم: عمل بِهِ
الفاقرة يُرِيدُونَ بِهِ مَا يضارع الْفقر. اللسن: الْأَخْذ
بِاللِّسَانِ. المقامة: مَوضِع الْإِقَامَة للمقيم فِيهِ قَالَ: ...
يَوْمَايَ: يومُ مقاماتٍ وأندية ... ويومُ سيرٍ إلَى الأْعدَاء
تَأْوِيبِ ... عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يشرب من فَقير
فِي دَاره فَدخلت إِلَيْهِ أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان بِمَاء فِي
إداوة وَفِي سترتها فَقَالَت: سُبْحَانَ الله كَأَن وَجهه مصحاة.
الْفَقِير: الْبِئْر والفقرة مثلهَا قَالَ الراجز:
(3/132)
.. مَا لَيْلَة الْفَقِير الاشيطان ...
مَجْنُونَة تُودِي بعَقلِ الإنسانْ ... قيل: هِيَ بِئْر قَليلَة المَاء
والفقر: الْحفر المصحاة: إِنَاء من فضَّة شبه جَام يشرب فِيهِ. قَالَ:
... بِكَأْسٍ وإِبْريقٍ كأنَّ شَرَابه ... إِذا صُبَّ فِي المِصْحاة
خالط عَنْدَمَا ... وَكَأَنَّهَا مفعلة من الصحو على سَبِيل التفاؤل
وحقها أَن تُسمى مسكرة لِأَن المعاقرين يكْرهُونَ إسراع السكر ويؤثرون
أَن يَتَطَاوَل لَهُم الصحو أَو هِيَ من الصحو وَهُوَ انكشاف الْغَيْم
لِأَنَّهَا يُكشف بهَا ضباب الهموم أَو لكَونهَا مجلوة نقية اللَّوْن
ناصعة الْبيَاض. وَمن الْفَقِير حَدِيث عبد الله بن أنيس الْأنْصَارِيّ
أَنه ذكر قَتله ابْن أبي الْحقيق فَقَالَ: قدمنَا خَيْبَر فدخلناها
لَيْلًا فَجعلنَا نغلق أَبْوَابهَا من خَارج على أَهلهَا ثمَّ جَمعنَا
المفاتيح فطرحناها فِي فَقير من النَّخْل. وَذكر دُخُول ابْن أبي عتِيك
قَالَ: فَذَهَبت لأَضْرِبهُ بِالسَّيْفِ وَلَا أَسْتَطِيع مَعَ صغر
الْمشْربَة فوجرته بِالسَّيْفِ وجراً ثمَّ دخلت أَنا فذففت عَلَيْهِ.
وروى: أَنهم خَرجُوا حَتَّى جَاءُوا خَيْبَر فدخلو الْحصن ثمَّ أسندوا
إِلَيْهِ فى مشربَة فِي عجلة من نخل قَالَ: فو الله مَا دلنا عَلَيْهِ
إِلَّا بياضه على الْفراش فِي سَواد اللَّيْل كَأَنَّهُ قبطية. وتحامل
ابْن أنيس بِسَيْفِهِ فِي بَطْنه فَجعل يَقُول: قطني قطني ثمَّ نزلُوا
فزلق ابْن أبي عتِيك فاحتملوه فَأتوا منهراً فاختبئوا فِيهِ ثمَّ خرج
رجل مِنْهُم يمشي حَتَّى خشَّ فيهم فسمعهم يَقُولُونَ: فاظ وإله بني
إِسْرَائِيل أَرَادَ الْبِئْر الَّتِي تحفر للفسيلة إِذا حوِّلت
يُقَال: فقَّرنا للودية. الْمشْربَة: الغرفة.
(3/133)
يُقَال وجرته الدَّوَاء وأوجرته إِذا صببته
فِي وسط حلقه فاستُعير لِلطَّعْنِ فِي الصَّدْر قَالَ: ... أوجرْتُه
الرمْح شَزْراً ثمَّ قُلْتُ لَهُ ... هذي المروءةُ لَا لِعْبُ
الزَّحَاليقِ ... وَمِنْه قَوْلهم للغصة وَالْخَوْف: فِي الصَّدْر وجر
وَإِن فلَانا من هَذَا الْأَمر لأوجر. ضاربه بِالسَّيْفِ: إِن أبي
عتِيك والمذفَّف عَلَيْهِ: ابْن أُنيس. يُقَال: أسْند فِي الْجَبَل
وَسَنَد إِذا صعد. العجلة: النقير وَهُوَ جذع نَخْلَة ينقر وَيجْعَل
فِيهِ كالمراقي ويُصعد بِهِ إِلَى الغرف. المنهر: خرق فِي الْحصن
نَافِذ يدْخل فِيهِ المَاء وَيُقَال للفضاء بَين بيُوت الْحَيّ تُلقى
فِيهِ كناستهم منهرة. خشَّ: دخل وَمِنْه الخشاش. فاظ: مَاتَ. احتملوه
أَي احْتمل الْمُسلمُونَ ابْن أبي عتِيك لما زلق من الْمشْربَة. فَخرج
رجل مِنْهُم: يَعْنِي من الْمُسلمين حَتَّى خشَّ فِي الْيَهُود.
فقه سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نزل على نبطية بالعراق فَقَالَ
لَهَا: هَل هَا هُنَا مَكَان نظيف أُصلي فِيهِ فَقَالَت: طهر قَلْبك
وصلِّ حَيْثُ شِئْت فَقَالَ سلمَان: فقهت. أَي فظنت للحق وارتأت
الصَّوَاب. وَالْفِقْه حَقِيقَة: الشق وَالْفَتْح والفقيه: الْعَالم
الَّذِي يشق الْأَحْكَام ويفتش عَن حقائقها وَيفتح مَا استغلق مِنْهَا.
وَمَا وَقعت من الْعَرَبيَّة فاؤه فَاء وعينه قافاً جله دالٌّ على
هَذَا الْمَعْنى نَحْو قَوْلهم: تفقأ شحماً وفقح الجرو وفقَّر للفسيل
وفقصت الْبَيْضَة عَن الفرخ. وتفقعت الأَرْض عَن الطرثوث.
(3/134)
فقد أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ من يتفقد يفقد وَمن لَا يعد الصَّبْر لفواجع الْأُمُور يعجز إِن
قارضت النَّاس قارضوك وَإِن تَركتهم لم يتركوك وَإِن هربت مِنْهُم
أدركوك. قَالَ الرجل: كَيفَ أصنع قَالَ: أقْرض من عرضك ليَوْم فقرك.
أَي من يتفقد أَحْوَال النَّاس ويتعرفها عدم الرِّضَا. المقارضة:
مفاعلة من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع وضعت مَوضِع المشاتمة لما فِي الشتم
من قطع الْأَعْرَاض وتمزيقها وَلَو رويت بالصَّاد لم تبتعد عَن
الصَّوَاب من قَوْلهم للشتائم قوارص. قَالَ الفرزدق: ... قَوارِص
تَأْتيني وتحتقرونَها ... وَقد يملأُ القَطْرُ الْإِنَاء فَيُفَعَمُ
... والقرص نَحْو من الْقَرْض يُقَال: قرصت الْمَرْأَة الْعَجِين.
وَمِنْه القرص ولجام قرّاص وقروص: يُؤْذِي الدَّابَّة عَن الْمَازِني.
وَأنْشد: ... وَلَوْلَا هُذيلٌ أَنْ أسوءَ سَراتَها ... لألْجمْتُ
بالقَرَّاصِ بِشْر بن عائِذِ ... يَعْنِي إِن أَسَأْت إِلَيْهِم قابلوك
بِنَحْوِ إساءتك وَإِن تَركتهم لم تسلم مِنْهُم وَإِن ثلبك أحد فَلَا
تشتغل بمعارضته ودع ذَلِك قرضا لَك عَلَيْهِ ليَوْم الْجَزَاء.
فقع ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا نهى عَن التفقيع فِي
الصَّلَاة. هُوَ الفرقعة وَمِنْه فقَّع الوردة تفقيعاً إِذا أدارها
ثمَّ ضربهَا فانشقت فصوتت وَمِنْه فقع بِهِ وَإنَّهُ لفقاع شَدِيد. أم
سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لَهَا امْرَأَة: زَوجي
توفّي أفأكتحل فَقَالَت: لَا وَالله لَا آمُرك بِشَيْء نهى الله
وَرَسُوله عَنهُ وَإِن تفاقعت عَيْنَاك. أَي ابيضتا من قَوْلهم: أَبيض
فقيع: وَعَن الجاحظ: الفقيع من الْحمام كالصقلابي من النَّاس. والفقع
من الكمأة: الْأَبْيَض أَو انشقتا وهلكتا من التفقع وَهُوَ
(3/135)
التشقق وَيُقَال هَذَا فقوع طرثوث وَغَيره
مِمَّا تتفقع عَنهُ الأَرْض. شُرَيْح رَحمَه الله جاءة قوم من غير أهل
الْملَّة عَلَيْهِم خفاف لَهَا فقع فَأجَاز شَهَادَة بَعضهم على بعض.
أَي خراطيم وَيُقَال للخف المخرطم: مفقع.
فقر الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي قَوْله عز وَجل:
{وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ
أُبْعَثُ حَيًّا} فقرات ابْن آدم ثَلَاث: يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت
وَيَوْم يبْعَث حيّا هِيَ الَّتِي ذكر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. هِيَ
الْأُمُور الْعِظَام بِضَم الْفَاء. الْوَلِيد بن عبد الْملك أفقر بعد
مسلمة الصَّيْد لمن رمى. أَي أمكن من فقاره كَقَوْلِهِم: أكثب أَي أمكن
من كاثبته. يُرِيد أَن أَخَاهُ مسلمة كَانَ غزاءً يحمي بَيْضَة الأسلام
ويتولى سداد الثغور فبموته اخْتَلَّ ذَلِك وَأمكن الْإِسْلَام لمن تعرض
للنكاية فِي أَهله وبلاده. وَلَقَد أبعد الْوَلِيد إِن لِلْإِسْلَامِ
ذابًّا يُغني عَن مسلمة ونظراء مسلمة هُوَ الْقوي الْعَزِيز.
فقه فِي الحَدِيث: لعن الله النائحة والمستفقهة. هِيَ صاحبتها الَّتِي
تجاوبها لِأَنَّهَا تتفهم قَوْلهَا وتتلقفه.
(3/136)
الْفَاء مَعَ الْكَاف
فكه زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ من أفكه النَّاس
إِذا خلا مَعَ أَهله وأزمتهم فِي الْمجْلس أَي من أمزحهم. والفكاهة:
المزاحة وَرجل فكه. الزَّماتة: الْوَقار وَرجل زميت وزميت وَقد زمت
وتزمت.
فَكل ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن الله تَعَالَى
أوحى إِلَى الْبَحْر: إِن مُوسَى يَضْرِبك فأطعه فَبَاتَ وَله أفكل.
هُوَ رعدة تعلو الْإِنْسَان من غير فعل. قَالَ النمر: ... أرِى أُمَّنا
أَضْحَتْ علينا كَأَنَّمَا ... تجلّلها مِنْ نافِضِ الْورْد أَفْكَلُ
... وَقَوْلهمْ للشقراق: أفكل لأَنهم يتشاءمون بِهِ فَإِذا عرض لَهُم
كرهوه وفزعوا وارتعدوا وهمزته مزيدة لدَلِيل تصريفي. ولقولهم رجل
مفكول.
الْفَاء مَعَ اللَّام
فلتت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: يَا
رَسُول الله إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا فَمَاتَتْ وَلم توص أفأتصدق
عَنْهَا فَقَالَ: نعم. أَي استلبت نَفسهَا فلتة أَي فجاءة. قَالَ
الْأَصْمَعِي: افتلته وامتعده: اختلسه وافتلت فلَان بِأَمْر كَذَا إِذا
فوجئ بِهِ قبل أَن يستعد لَهُ وَالْأَصْل افتلتها الله نَفسهَا معدى
إِلَى مفعولين كَمَا تَقول: اختلسه الشَّيْء واستلبه إِيَّاه ثمَّ بنى
الْفِعْل للضمير فتحول مستترا وَبقيت النَّفس على حَالهَا.
(3/137)
فلق فَلم قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
رَأَيْت الدَّجَّال فَإِذا رجل فيلق أَعور كَأَن شعره أَغْصَان الشّجر.
أشبه من رَأَيْت بِهِ عبد الْعُزَّى بن قطن الْخُزَاعِيّ. الفيلق
والفيلم: الْعَظِيم وتفيلق الْغُلَام وتفلق وتفيلم إِذا ضخم وَمِنْه
الفليقة: الْأَمر الْعَظِيم يُقَال: يَا للفليقة.
فلذ إِن فَتى من الْأَنْصَار دَخلته خشيَة من النَّار فحبسته فِي
الْبَيْت حَتَّى مَاتَ فَقَالَ: إِن الْفرق من النَّار فلذ كبده. أَي
قطعهَا وَمِنْه فلذنا لفُلَان نصِيبه من الْجَزُور أَو الطَّعَام إِذا
عزلناه نفلذه فَلِذَا.
فلح الْخَيل مَعْقُود بنواصيها الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن
ربطها عدّة فِي سَبِيل الله فَإِن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها
وَأَبْوَالهَا فلاحٌ فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة. الْفَلاح: من
أَفْلح كالنجاح من أنجح وَهُوَ الْفَوْز وَالظفر بقسمة من قسم الْخَيْر
والاستبداد بهَا ومأخذه من الفلح وَهُوَ الْقطع لِأَنَّهُ إِذا فَازَ
بهَا واستبد فقد احتازها لنَفسِهِ واقتطعها إِلَيْهِ. وَمِمَّا يصدقهُ
حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا قَالَ الرجل
لامْرَأَته استفلحي بِأَمْرك أَو أَمرك لَك أَو الحقي بأهلك فَقَبلتهَا
فَوَاحِدَة بَائِنَة. أَي استبدي بِهِ واقتطعيه إِلَيْك من غير أَن
تنازعيه.
فلغ إِن الله تَعَالَى أَمرنِي أَن آتيهم فأُبين لَهُم الَّذِي جبلهم
عَلَيْهِ فَقلت: يَا رب إِنِّي إِن آتهم يفلغ رَأْسِي كَمَا تفلغ
العترة. وروى: يثلغ رَأْسِي كَمَا تثلغ الخبزة. الفلغ: الشق وَيُقَال:
بِرجلِهِ فلوغ وفلوح وفلوج أَي شقوق. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه كَانَ يخرج يَدَيْهِ فِي السُّجُود
وهما متفلغتان قد شَرق مِنْهُمَا الدَّم. أَي متشققتان من الْبرد.
(3/138)
الثلغ: الهشم والفلغ مثله. شَرق الدَّم أَي
ظهر وَلم يسل من شَرق الرجل بِالْمَاءِ إِذا بَقِي فِي حلقه لَا يسيعه.
العترة: نبت وَقيل هِيَ شَجَرَة العرفج.
فلج عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث حُذَيْفَة وَابْن حنيف إِلَى
السوَاد ففلجا الْجِزْيَة على أَهله. أَي قسماها من الفلج والفالج
وَهُوَ مكيال وَكَانَ خراجهم طَعَاما.
فَلت خطب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ النَّاس فَقَالَ: إِن بيعَة أبي
بكر كَانَت فلتة وقى الله شرّها إِنَّه لَا بيعَة إِلَّا عَن مشورة
وَأَيّمَا رجل بَايع من غير مشورة فَإِنَّهُ لَا يُؤمر وَاحِد
مِنْهُمَا تغرَّة أَن يقتلا. فلتة أَي فجاءة لِأَنَّهُ لم ينْتَظر بهَا
الْعَوام وَإِنَّمَا ابتدرها أكَابِر الصَّحَابَة لعلمهم أَنه لَيْسَ
لَهُ مُنَازع وَلَا شريك فِي وجوب التَّقَدُّم وَقيل: هِيَ آخر لَيْلَة
من الْأَشْهر الْحرم. وفيهَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فَيَقُول قوم: هِيَ
من الحلّ. وَقوم من الحُرم. فيسارع الموتور إِلَى دَرك الثأر غير متلوم
فيكثر الْفساد وتُسفك الدِّمَاء قَالَ: ... سَائل لَقِيطا وأَشياعَها
... وَلَا تدعَنْ واسأَلَنْ جعفرا ... غَدَاة العرُوبة مِنْ فَلْتَةٍ
... لمن تركُوا الدَّار والمَحْضَرا ... أَي فروا لما حل الْقِتَال
فتركوا محاضرهم فَشبه حَيَاة أَيَّام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بِالْأَشْهرِ الْحرم وَيَوْم مَوته بالفلتة وَفِي وُقُوع الشَّرّ
من ارتداد الْعَرَب وَمنع الزَّكَاة وتخلف الْأَنْصَار عَن الطَّاعَة
والجري على عَادَة الْعَرَب فِي أَلا يسود الْقَبِيلَة إِلَّا رجل
مِنْهَا وَقَوْلهمْ: منا أَمِير ومنكم أَمِير. وَفِي الحَدِيث عَن
سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ عمر: كَانَت إِمَارَة أبي بكر
فلتة وقى الله شرَّها. قلت: وَمَا الفلتة قَالَ: كَانَ أهل
الْجَاهِلِيَّة يتحاجزون فِي الْحرم فَإِذا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي
يشك فِيهَا أدغلوا فَأَغَارُوا.
(3/139)
وَكَذَلِكَ كَانَ يَوْم مَاتَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدغل النَّاس من بَين مدَّعٍ إِمَارَة وجاحدٍ
زَكَاة فلولا اعْتِرَاض أبي بكر دونهَا لكَانَتْ الفضيحة. وَيجوز أَن
يُرِيد بالفلتة الخلسة يَعْنِي أَن الْإِمَارَة يَوْم السَّقِيفَة
مَالَتْ إِلَى تولِّيها كل نفس ونيط بهَا كل طمع وَلذَلِك كثر فِيهَا
التشاجر والتجاذب وَقَامُوا فِيهَا بالخطب ووثب غير وَاحِد يستصوبها
لرجل عشيرته ويبدي وَيُعِيد فَمَا قلدها أَبُو بكر إِلَّا انتزاعا من
الْأَيْدِي واختلاسا من المخالب وَمثل هَذِه الْبيعَة جديرة بِأَن تكون
مهيجة للشر والفتنة فعصم الله من ذَلِك وَوقى التغرَّة: مصدر غرَّر
بِهِ إِذا أَلْقَاهُ فِي الْغرَر. وَالْأَصْل حوف تغرَّة فِي أَن يقتلا
أَي خوف إخطار بهما فِي الْقَتْل. وانتصاب الْخَوْف على أَنه مفعول
لَهُ فحُذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وحُذف حرف
الْجَرّ. وَيجوز أَن يكون: أَن يقتلا بَدَلا من تغرّة وَكِلَاهُمَا
الْمُضَاف مَحْذُوف مِنْهُ. وَإِن أضيفت التغرة إِلَى أَن يُقتلا
فَمَعْنَاه خوف تغرير قَتلهمَا على طَريقَة قَوْله تَعَالَى: {بَلْ
مَكْرُ اللَّيْلِ والنّهَارِ} . وَالضَّمِير فِي مِنْهُمَا للمبايع
والمبايع الَّذِي يدل عَلَيْهِ الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: وَأَيّمَا
رجل بَايع رجلا. وَالْمعْنَى أَن الْبيعَة حَقّهَا أَن تقع صادرة عَن
الشورى فَإِذا استبد رجلَانِ دون الْجَمَاعَة بمبايعة أَحدهمَا الآخر
فَذَلِك تظاهر مِنْهُمَا بشقّ الْعَصَا وإطراح للْبِنَاء على أساس مَا
يجب أَن تكون عَلَيْهِ الْبيعَة فَإِن عُقد لأحد فَلَا يكونن
الْمَعْقُود لَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وليكونا معزولين من الطَّائِفَة
الَّتِي يتَّفق على تَمْيِيز الإِمَام مِنْهَا لِأَنَّهُ إِن عُقد
لوَاحِد مِنْهُمَا وهما قد ارتكبا تِلْكَ الفعلة المضغنة للْجَمَاعَة
من التهاون بأمرها والاستغناء عَن رأيها لم يُؤمن أَن يقتلولهما.
فلفل عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو عبد الله السّلمِيّ:
خرج علينا عَليّ وَهُوَ يتفلفل وَكَانَ كيِّس الْفِعْل وروى: يتقلقل
وروى عبد خير عَنهُ أَنه خرج وَقت السحر وَهُوَ يتفلفل فَسَأَلته عَن
الْوتر فَقَالَ: نعم سَاعَة الْوتر هَذِه
(3/140)
فلفل التفلفل (بِالْفَاءِ) : مقاربة الخطا.
قَالَ النَّضر: جعل فلَان يتفلفل أَي يُقَارب بَين الخطى. وَيُقَال:
جَاءَ متفلفلا إِذا جَاءَ والمسواك فِي فِيهِ يشوصه وكلا التفسيرين
مُحْتَمل. والتقلقل (بِالْقَافِ) : الخفة والإسراع من الْفرس القلقل.
كيس الْفِعْل أَي حسن شكل الْفِعْل.
فلاح أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ وَقد ذكر الْقيام فِي
شهر رَمَضَان مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَمَّا كَانَت
لَيْلَة ثَالِثَة بقيت قَامَ بِنَا حَتَّى خفنا أَن يفوتنا الْفَلاح
قيل: وَمَا الْفَلاح قَالَ: السّحُور. وَأَيْقَظَ فِي تِلْكَ
اللَّيْلَة أَهله وَبنَاته ونساءه. سمى السّحُور فلاحا لِأَنَّهُ
قسْمَة خير يقتطعها المتسحر. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
أَتَى رجل رجلا جَالِسا عِنْد عبد الله فَقَالَ: إِنِّي تركت فرسك
يَدُور كَأَنَّهُ فِي فلك وروى أَنه قَالَ لَهُ: إِن فلَانا لقع فرسك.
فَقَالَ عبد الله: اذْهَبْ فافعل بِهِ كَذَا كَذَا. والفلك: مدَار
النُّجُوم يَعْنِي أَنه يَدُور مِمَّا أَصَابَهُ من الْعين كَمَا
يَدُور الْكَوْكَب فِي الْفلك بدورانه. وَعَن النَّضر قَالَ
أَعْرَابِي: رَأَيْت إبلي ترْعد كَأَنَّهَا فلك قلت: مَا الْفلك قَالَ:
المَاء إِذا ضَربته الرّيح فرأيته يَجِيء وَيذْهب ويموج. لقعه: رَمَاه
بِعَيْنِه. وَمِنْه اللقاعة من الرِّجَال: الداهية الَّذِي يَرْمِي
بالْكلَام رميا.
فلذ ذكر أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ: وَتَرْمِي الأَرْض بأفلاذ
كَبِدهَا. قيل: وَمَا أفلاذ كَبِدهَا قَالَ: أَمْثَال هَذِه الأواسي من
الذَّهَب وَالْفِضَّة. الفلذ: الْقطعَة من كبد الْبَعِير. الأواسي:
الأساطين.
(3/141)
فلل مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
صعد الْمِنْبَر وَفِي يَده فليلة وطريدة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هَذَانِ حرَام على ذُكُور أمتِي.
الفليلة: الكبة من الشّعْر وكل شعر مُجْتَمع وَمِنْه قيل لما ارْتكب
مِنْهُ على زبرة الْأسد فليل للرجل إِنَّه لعَظيم فلائل اللِّحْيَة.
قَالَ الْكُمَيْت: ... ومُطَّرِدِ الدِّماء وَحَيْثُ يُلْقَى ... مِنَ
الشَّعر المُضَفَّرِ كالفَلِيلِ ... وَكَأن المُرَاد: الكبة من الدمقس
فسميت فليلة تَشْبِيها. الطريدة: الشقة بالطول من الْحَرِير وَمِنْهَا
قَوْلهم: للطريقة من الأَرْض قَليلَة الْعرض: طريدة وَشَرِيعَة وطبابة.
وَيَقُولُونَ: هَذِه طرائد من كلأ وطرائق إِذا كَانَت كَذَلِك.
فلح فِي الحَدِيث: كل قوم على زِينَة من أَمرهم ومفلحة من أنفسهم. هِيَ
مفعلة من الْفَلاح أَي هم راضون بعملهم ومزين أَمرهم فِي أَعينهم
معتقدون أَنهم على اقتطاع قسْمَة الْخَيْر وحيازة السهْم الأوفر من
الصّلاح وَالْبر.
الْفَاء مَعَ الْمِيم
فَمَا فِي (سِتّ)
(3/142)
الْفَاء مَعَ النُّون
فند النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أُريد
أَن أفند فرسا فَقَالَ: عَلَيْك بِهِ كميتاً أَو أدهم أقرح أرثم محجلاً
طلق الْيُمْنَى. أَي أجعله فندا وَهُوَ الشمراخ من الْجَبَل وَقيل
الْجَبَل الْعَظِيم يُرِيد أجعله معتصما وحصنا ألتجيء إِلَيْهِ كَمَا
يلتجأ إِلَى الْجَبَل. وَقيل: هُوَ من قَوْلهم للْجَمَاعَة المجتمعة
فند تَشْبِيها بفند الْجَبَل يُقَال: لقِيت بهَا فنداً من النَّاس
لِأَن اقتناءك للشَّيْء جمعك لَهُ إِلَى نَفسك. وَعِنْدِي وَجه ثَالِث
وَهُوَ أَن يكون التفنيد بِمَنْزِلَة التضمير من الفند وَهُوَ الْغُصْن
المائل. قَالَ: ... مِنْ دونهَا جنّة تقرو لَهَا ثَمَرٌ ... يُظِلُّه
كلُّ فِنْدٍ ناعم خَضِلٍ ... كَأَنَّهُ قَالَ: أُرِيد أَن أضمر فرسا
حَتَّى يصير فِي ضمره كغصن الشَّجَرَة وَيصْلح للغزو والسباق.
وَقَوْلهمْ للضامر من الْخَيل شطبة مِمَّا يصدقهُ. القرحة: دون
الْغرَّة وَيُقَال رَوْضَة قرحاء للَّتِي فِي وَسطهَا نور أَبيض.
الرثمة والرثم: بَيَاض فِي الجحفلة الْعليا. طلق الْيُمْنَى: مُطلقهَا
لَا تحجيل فِيهَا. لما توفّي وَغسل صلى عَلَيْهِ النَّاس أفناداً
أفنادا. أَي جماعات بعد جماعات. وَمِنْه قَوْلهم: مر فند من اللَّيْل
وجوشٌ أَي طَائِفَة. قيل: حزر المصلون عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ ألفا.
وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتزعمون أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا
إِنِّي من أولكم وَفَاة تتبعونني أفناداً يهْلك بَعْضكُم بَعْضًا.
وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أسْرع النَّاس بِي لُحُوقا قومِي
تستحليهم المنايا وتتنافس عَلَيْهِم أمتهم ويعيش النَّاس بعدهمْ أفنادا
يقتل بَعضهم بَعْضًا.
(3/143)
فنك أَمرنِي جِبْرِيل أَن تعاهد فنيكي. قيل
هما العظمان المتحركان من الماضغ دون الصدغين. وَعَن بَعضهم: سَأَلت
أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن الفنيكين. فَقَالَ: أما الْأَعْلَى
فمجتمع اللحيين عِنْد الذقن وَأما الْأَسْفَل فمجتمع الْوَرِكَيْنِ
حَيْثُ يلاقيان كَأَنَّهُ الْموضع الَّذِي فانك فِيهِ أحد العظمين
الآخر أَي لَازمه ولازقه من قَوْلهم: فانكت كَذَا حَتَّى مللته.
وَمِنْه حَدِيث ابْن سابط رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا تَوَضَّأت
فَلَا تنس الفنيكين. قَالُوا: يُرِيد وتخليل أصُول الشّعْر.
فند مَا ينْتَظر أحدكُم إِلَّا هرماً مفنداً أَو مَرضا مُفْسِدا. الفند
فِي الأَصْل: الْكَذِب كَأَنَّهُمْ استعظموه فاشتقوا لَهُ الِاسْم من
فند الْجَبَل. وأفند: تكلم بالفند ثمَّ قَالُوا للشَّيْخ إِذا أنكر
عقله من الْهَرم: قد أفند لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بالمحرّف من الْكَلَام
عَن سنَن الصِّحَّة فَشبه بالكاذب فِي تحريفه. والهرم المفند من
أَخَوَات قَوْلهم: نَهَاره صَائِم جعل الفند للهرم وَهُوَ للهرم
وَيُقَال أَيْضا: أفنده لهرم أفند الشَّيْخ. وَفِي كتاب الْعين: شيخ
مُفند يَعْنِي مَنْسُوب إِلَى الفند وَلَا يُقَال: امْرَأَة مفندة
لِأَنَّهَا لَا تكون فِي شبيبتها ذَات رأى فتفند فِي كبرها.
فنن أبان بن عُثْمَان رحمهمَا الله تَعَالَى مثل اللّحن فِي السرى مثل
التفنين فِي الثَّوْب. هُوَ أَن يكون فِي الثَّوْب الصفيق بقْعَة سخيفة
وَهُوَ تفعيل من الْفَنّ وَهُوَ الضَّرْب. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي:
فننَّت الثَّوْب فتفنن إِذا مزقته وَإِذا خرقه القصَّار قيل: قد فننه
وكل عيب فِيهِ فَهُوَ تفنين. وَعَن بعض الْعَرَب: اللّحن فِي الرجل ذِي
الْهَيْئَة كالتفنين فِي الثَّوْب النفيس
(3/144)
وَإِنِّي لأجد للحن من الْإِنْسَان السمين
وضراً نَحْو وضر اللَّحْم الْمَطْبُوخ وَهَذَا نَحْو قَول أبي الْأسود:
إِنِّي لأجد للحن غمراً كغمر اللَّحْم. عبد الْأَعْلَى رَضِي الله
عَنهُ خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة فقصر فِيهَا ثمَّ
خطب أَبُو بكر أقصر من خطبَته ثمَّ خطب عمر أقصر من خطبَته ثمَّ قَامَ
رجل من الْأَنْصَار وفن فِيهِ فنينا وعنَّ فِيهِ عنينا فَقَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ من الْبَيَان لسحراً. يُقَال عنَّ
يعن وفنَّ يفن عنناً وعنيناً والمفن والمعنّ: الَّذِي يُعَارض كل شَيْء
يستقبله وَالْجمع معانّ يُقَال: رجل فنون لمن لَا يَسْتَقِيم على رَأْي
وَكَلَام وَاحِد.
فنع مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِ أبي محجن
الثَّقَفِيّ: أَبوك الَّذِي يَقُول: ... إِذا مِتّ فادْفِنِّي إِلى
أَصْلِ كَرْمَةٍ ... البيتان. فَقَالَ أبي الَّذِي يَقُول: ... وَقد
أَجودُ وَمَا مالِي بِذِي فَنَعٍ ... وأكْتُم السِّرَّ فِيهِ ضَرْبَةُ
العُنُق ... يُقَال: فنع فنعاً فَهُوَ فنع وفنيع إِذا كثر مَاله ونما
وَفِي أمثالهم: من قنع فنع.
(3/145)
الْفَاء مَعَ الْوَاو
فَوق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسَّمَ الْغَنَائِم يَوْم بدر
عَن فُوَاق. هُوَ فِي الأَصْل رُجُوع اللَّبن إِلَى الضَّرع بعد
الْحَلب سمي فواقاً لِأَنَّهُ نزُول من فَوق وَذَلِكَ فِي الفينة
فَاسْتعْمل فِي مَوضِع الوشك والسرعة وَالْمعْنَى: قسمهَا سَرِيعا.
وَقيل: جعل بَعضهم أفوق من بعض وحرف الْمُجَاوزَة هُنَا بِمَنْزِلَتِهِ
فِي أعطَاهُ عَن رَغْبَة ونحله عَن طيبَة نفس وَفعل كَذَا عَن
كَرَاهِيَة. وَالْقَوْل فِيهِ أَن الْفَاعِل فِي وَقت إنْشَاء الْفِعْل
إِذا كَانَ متصفاً بِهَذِهِ الْمعَانِي كَانَ الْفِعْل صادراً عَنْهَا
لَا محَالة ومجاوزا إِلَى جَانب الثُّبُوت إياخا.
فوخ خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد حَاجَة فاتّبعه بعض أَصْحَابه
فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تنحَّ عنِّي فَإِن كل بائلة تُفيخ.
يُقَال: فاخت الرّيح وفاحت فوخاً وفوحاً إِلَّا أَن فِي الفوخ صَوتا.
وأفاخ الرجل إِذا فاخت مِنْهُ الرّيح. قَالَ: ... أفاخُوا مِنْ رِمَاحِ
الخَطِّ لَمّا ... رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالاً ... أَي خَافُوا
فأفاخوا. أنَّثَ البائل ذَهَابًا إِلَى النَّفس. وَعنهُ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: أَنه إِذا كَانَ أَتَى الْحَاجة استبعد وتوارى. وَعَن
أبي ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه بَال وَرجل قريب مِنْهُ
فَقَالَ: يَا بن أخي قطعت عَليّ لَذَّة بيلتي
فَوت مرَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحائط مائل فأسرع الْمَشْي فَقيل:
يَا رَسُول الله أسرعت الْمَشْي فَقَالَ: أَخَاف موت الْفَوات.
(3/146)
فَوت أَي موت الْفُجَاءَة من فَاتَهُ
بالشَّيْء إِذا سبقه بِهِ وَيُقَال: افتئت فلَان إِذا فوجئ بِالْمَوْتِ
بِالْهَمْز وَهُوَ من الْقلب الشاذ. إنَّ رجلا تفوَّت على أَبِيه فِي
مَاله فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِهِ فَقَالَ:
ارْدُدْ على أبنك مَاله فَإِنَّمَا هُوَ سهم من كنانتك. يُقَال افتات
فلَان على فلَان فِي كَذَا وتفوَّت عَلَيْهِ فِيهِ إِذا انْفَرد
بِرَأْيهِ دونه فِي التَّصَرُّف فِيهِ وَهُوَ من الْفَوْت بِمَعْنى
السَّبق إِلَّا أَنه ضُمِّن معنى التغلب فعُدِّيَ بعلى لذَلِك.
وَالْمعْنَى: إِن الابْن لم يستشر أَبَاهُ وَلم يَسْتَأْذِنهُ فِي هبة
مَاله يَعْنِي مَال نَفسه. فَأتى الْأَب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم. فَقَالَ لَهُ: ارتجعه من الْمَوْهُوب لَهُ واردده على ابْنك
فَإِنَّهُ وَمَا فِي يَده فِي مَلكتك وَتَحْت يدك فَلَيْسَ لَهُ أَن
يستبدّ بأمرٍ دُونك. وَضرب كَونه سَهْما من كِنَانَته مثلا لكَونه بعض
كَسبه وخره.
فوع احْبِسُوا صِبْيَانكُمْ حَتَّى تذْهب فوعة الْعشَاء يُقَال: فورة
الْعشَاء وفرعته أَي أَوله وشرته وَكَذَلِكَ فورة الطّيب وفوعته
وفوحته.
فَوق ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ الْمسيب بن رَافع:
سَار إِلَيْنَا عبد الله سبعا من الْمَدِينَة فَصَعدَ الْمِنْبَر
فَقَالَ: إِن أَبَا لؤلؤة قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر فَبكى النَّاس.
ثمَّ قَالَ: إِنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد اجْتَمَعنَا فأمَّرنا عُثْمَان
وَلم نأل عَن خيرنا ذَا فوقٍ. أَي عَن خيرنا سَهْما. وَمن أمثالهم فِي
الرجل التَّام فِي الْخَيْر: هُوَ أَعْلَاهَا ذَا فَوق. وَذكر السهْم
مثل للنصيب من الْفضل والسابقة شُبِّه بِالسَّهْمِ الَّذِي أُصِيب بِهِ
الخصل فِي النضال. وَصفته بالفوق من قبل أَنه بِهِ يتم إِصْلَاحه
وتهيؤه للرَّمي أَلا ترى إِلَى قَول عبيد:
(3/147)
.. فأقبلْ على أفْواقِ سَهْمِك إِنَّمَا
... تكلَّفْتَ من أَشْيَاء مَا هُوَ ذَاهِب ... يُرِيد: أقبل مَا تصلح
بِهِ شَأْنك. الْأَشْعَرِيّ تَذَاكر هُوَ ومعاذ رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قِرَاءَة الْقُرْآن فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أما أَنا فأتفوقه
تفوق اللقوح. هُوَ أَن تحلب النَّاقة فواقا بعد فوَاق أَي يرضعها
الفصيل كَذَلِك وَمِنْه تفوق مَاله إِذا أنفقهُ شَيْئا بعد شَيْء
قَالَ: ... تفوّقْتَ مَالِي مِنْ طَرِيفٍ وتَالِدٍ ... تَفَوُّقِيَ
الصَّهْبَاءَ مِنْ حَلَبِ الْكَرم ... وَعَن بعض طَيء: خلف من تفوق.
وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ: يتجرعه ويتفوقه فِيمَا لَيْسَ معالجة للشَّيْء
بمررة وَلكنه عمل بعد عمل فِي مُهلة. وَالْمعْنَى: لَا أَقرَأ وردي
بمرَّةٍ وَلَكِن شَيْئا بعد شَيْء فِي ليلِي ونهاري.
فوض مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لدغفل بن حَنْظَلَة
النسابة: بِمَ ضبطت مَا أرى قَالَ: بمفاوضة الْعلمَاء: قَالَ: وَمَا
مفاضة الْعلمَاء قَالَ: كنت إِذا لقِيت عَالما أخذت مَا عِنْده وأعطيته
مَا عِنْدِي. الْمُفَاوضَة: الْمُسَاوَاة والمشاركة والفوضة: الشّركَة
وَالنَّاس فوضى فِي هَذَا الْأَمر أَي سَوَاء لَا تبَاين بَينهم
الْفَاء مَعَ الْهَاء
فهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى إِن الفهر. هُوَ من الإفهار
كالصَّدْر من الإصدار يُقَال: أفهر الرجل إِذا أكسل عَن إِحْدَى
جاريتيه أَي خالطها وَلم ينزل ثمَّ إِلَى قَامَ إِلَى الْأُخْرَى
فَأنْزل مَعهَا وَهُوَ من تفهير الْفرس.
(3/148)
قَالُوا: أول نُقْصَان حضر الْفرس الترادّ
ثمَّ الفتور ثمَّ التفهير لِأَن المفهر يَعْتَرِيه فتور وَقلة نشاط
فيتحول لتطرية نشاطه أَلا ترى إِلَى قَوْلهم أكسل فِي مَعْنَاهُ وَكَأن
التفهير حَقِيقَته نفي الصلابة كالتفزيع من قَوْلهم: نَاقَة فيهرة صلبة
شَدِيدَة من الفهر وَهُوَ الْحجر.
فهة أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ عمر:
ابْسُطْ يدك لأُبايعك فَقَالَ: مَا رَأَيْت مِنْك أَو مَا سَمِعت مِنْك
فهَّة فِي الْإِسْلَام قبلهَا أتبايعني وَفِيكُمْ الصِّديق ثَانِي
اثْنَيْنِ يُقَال: فه الرجل يفه فهاهة وفها وفهةً إِذا جَاءَت مِنْهُ
سقطة أَو جهلة من العيّ وَغَيره. قَالَ: ... الكَيْسُ والقوةُ خَيْرٌ
من ال ... إشفاق والفهة والهاع ...
فهق فِي الحَدِيث إِن رجلا يخرج من النَّار فيدنى من الْجنَّة فتنفهق
بِهِ. أَي تنفتح وتتسع ومنفهق الْوَادي: متسعه وانفهقت الطعنة وَالْعين
وَأَرْض تنفهق مياها عذَابا.
الْفَاء مَعَ الْيَاء
فيض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي مَرضه
الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم فَجعل يتَكَلَّم وَمَا يُفيض بهَا
لِسَانه. أَي مَا يقدر على الإفصاح بهَا يُقَال: كلمت أَفَاضَ
بِكَلِمَة وَفُلَان ذُو إفَاضَة إِذا تكلم أَي ذُو بَيَان وجريان من
قَوْلهم: فاض المَاء يفِيض إِذا قطر. وأفاض ببوله إفَاضَة إِذا رمى
بِهِ. وعينه يَاء على هَذَا وَإِن صحَّ مَا روى من الْمُفَاوضَة فِي
الحَدِيث وَهِي الْبَيَان فَفِي عينه لُغَتَانِ نَحْو قَوْلهم: قَاس
يقيس ويقوس وضار يضير ويضور.
(3/149)
فين مَا من مُؤمن إِلَّا وَله ذَنْب قد
اعتاده الفينة بعد الفينة إِن الْمُؤمن خُلق مفتَّنا توَّاباً نَاسِيا
إِذا ذُكِّر ذكر. أَي السَّاعَة بعد السَّاعَة والحين بعد الْحِين.
قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَقمت عِنْده فينات أَي سَاعَات. وروى:
كَانَ هَذَا فِي فينة من ففين الدَّهْر كبدرة وَبدر وَهُوَ أحد
الْأَسْمَاء الَّتِي يعتقب عَلَيْهَا التعريفان اللامي والعلمي. حكى
أَبُو زيد: لَقيته فينة والفينة ونظيرها لَقيته سحرًا والسَّحر وإلاهة
والإلاهة وشعوب والشَّعوب. لَهُ ذَنْب: صفة وَالْوَاو مُؤَكدَة وَمحل
الصّفة مَرْفُوع مَحْمُول على مَحل الْجَار مَعَ الْمَجْرُور لِأَنَّك
لَا تَقول: مَا من أحد فِي الدَّار إِلَّا كريم كَمَا لَا تَقول إِلَّا
عبد الله وَلَكِنَّك ترفعهما على الْمحل. المفتَّن: الممتحن الَّذِي
فتن كثيرا.
فَيْء دخل عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر فَكَلمهُ ثمَّ دخل
أَبُو بكر على تفئة ذَلِك. أَي على أثر ذَلِك تَقول الْعَرَب: كَانَ
كَذَا على تفئة كَذَا وتفيئته وقفَّانه وتئيفته وإفِّه وإفَّانه وتاؤها
لَا تَخْلُو من أَن تكون مزيدة أَو أَصْلِيَّة فَلَا تكون مزيدة
والبنية كَمَا هِيَ من غير قلب لِأَن الْكَلِمَة معلة مَعَ أَن
الْمِثَال من أَمْثِلَة الْفِعْل وَالزِّيَادَة من زوائده والإعلال فِي
مثلهَا مُمْتَنع أَلا ترى أَنَّك لَو بنيت مِثَال تضرب أَو تكرم
اسْمَيْنِ من البيع لَقلت تَبيع وتُبيع من غير إعلال إِلَّا أَن تبني
مِثَال تحلئ فَلَو كَانَت النفيئة كفعلة من الْفَيْء لَخَرَجت على وزن
تهيئة فَهِيَ إِذن لَوْلَا الْقلب فعيلة لأجل الإعلال كَمَا أَن يأحج
فعلل لترك الْإِدْغَام وَلَكِن الْقلب عَن التئفة هُوَ القاصي
بِزِيَادَة التَّاء وَبَيَان الْقلب أَن الْعين وَاللَّام أَعنِي
الفاءين قُدِّمتا على الْفَاء أَعنِي الْهمزَة ثمَّ أبدلت الثَّانِيَة
من الفاءين يَاء كَقَوْلِهِم: تظنيت. جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار
بابنتين لَهَا. فَقَالَت: يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا قيس
(3/150)
قُتل مَعَك يَوْم أُحد وَقد استفاء عَمهمَا
مَا لَهما وميراثهما كُله. فَنزلت آيَة الْمَوَارِيث أَي أَخذه من
قَوْلهم: استفاء فلَان مَا فِي الأوعية واكتاله وَمِنْه: استفاءني
فلَان إِذا ذهب بِي عَن هواي كنت عَلَيْهِ إِلَى هوى نَفسه وَهُوَ
يستفيء الْخَيْر ويستريعه ويتفيؤه ويتريعه أَي يجمعه إِلَيْهِ حَتَّى
يفِيء إِلَيْهِ ويريع أَي يرجع.
فيض أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَفَاضَ وَعَلِيهِ السكينَة
وأوضع فِي وَادي مُحسَّر. الْإِفَاضَة فِي الأَصْل: الصبّ فاستعيرت
للدَّفْع فِي السّير كَمَا قَالُوا: صبَّ فِي الْوَادي.
وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمَّ صبَّ فِي دقران.
وَأَصله أَفَاضَ نَفسه أَو رَاحِلَته وَلذَلِك فسروه بِدفع إِلَّا
أَنهم رفضوا ذكر الْمَفْعُول. ولرفضهم إِيَّاه أشبه غير الْمُتَعَدِّي
فَقَالُوا: الْبَعِير بجرَّته وأفاض بِالْقداحِ إِذا دَفعهَا وَضرب
بهَا. الإيضاع: حمل الْبَعِير على الْوَضع وَهُوَ سير سهل حثيث دون
الدَّفع. طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اشْترى فِي غَزْوَة ذِي
قردٍ بِئْرا فتصدَّق بهَا وَنحر جزورا فأطعمها النَّاس فَقَالَ لَهُ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا طَلْحَة أَنْت الْفَيَّاض
فسُميَّ فيَّاضاً. هُوَ الْوَاسِع الْعَطاء من فاض الْإِنَاء إِذا
امْتَلَأَ حَتَّى انصب من نواحيه وَمِنْه قَوْلهم: أَعْطَانِي غيضاً من
فيض إِذا أَعْطَاك قَلِيلا وَالْمَال عِنْده كثير. قَالَ زُهَيْر: ...
وأبيضَ فياضٍ يَدَاهُ غَمامةٌ ... على المُعْتفِين مَا تُغِبُّ
نَوافِلُهْ ... وَكَانَ طَلْحَة أحد الأجواد قسّم مرّة فِي قومه
أَرْبَعمِائَة ألف. فِي الحَدِيث فِي ذكر الدَّجَّال: ثمَّ يكون على
أثر ذَلِك الْفَيْض.
(3/151)
هُوَ الْمَوْت يُقَال: فاضت نَفسه وفاظت
فيئ لَا يحلُّ لامرئ أَن يؤمِّر مفاءً على مفيء. أَي يؤمَّر مولى على
عَرَبِيّ لِأَن الموَالِي فيئهم. [آخر كتاب الْفَاء]
(3/152)
|