الفائق في غريب الحديث
والأثر حرف الْقَاف
الْقَاف مَعَ الْبَاء
قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لنعله قبالان. القبال:
زِمَام النَّعْل وَفِي كَلَام بَعضهم: دع رجْلي ورجلك فِي نعل مَا
وسعهما القبال. وَيُقَال نعل مقبلة ومقابلة وَهِي الَّتِي جعل لَهَا
قبال وَقد أقبلتها وقابلتها. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قابلوا النِّعال. وَهِي مَقْبُولَة إِذا شددت قبالها وَقد قبلتها عَن
أبي زيد.
قبص أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر وَعِنْده قبض من النَّاس.
هُوَ الْعدَد الْكثير يُقَال: إِنَّهَا لفي قبض الْحَصَى. وَقَالَ
الْكُمَيْت: ... لَكُمْ مَسْجِدَا اللهِ المَزُوران والحَصَى ...
لَكُمْ قِبْصُهُ من بَين أَثْرَي وأَقْتَرَا ... وَهُوَ فعل بِمَعْنى
مفعول من القبص وإطلاقه على الْكثير من جنس مَا صغَّروه من المستعظم.
قبع كَانَ قبيعة سَيْفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فضَّة. هِيَ
الَّتِي على رَأس الْقَائِم وَقيل: هِيَ مَا تَحت الشاربين مِمَّا يكون
فَوق الغمد فَيَجِيء مَعَ الْقَائِم وَهُوَ القوبع أَيْضا.
قبط كسا امراة قبطية فَقَالَ: مرها فلتتخذ تحتهَا غلالة لَا تصف حجم
عظامها. هِيَ من ثِيَاب مصر. وَمِنْهَا حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ:
لَا تلبسوا نساءكم القباطيّ فَإِنَّهُ إِلَّا يشفَّ فَإِنَّهُ يصف. أَي
إِن لم ير مَا وَرَاءه فَإِنَّهُ يصف خلقهَا لرقته.
(3/153)
قبص دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِلَالًا يتمر فَجعل بجيء بِهِ قبصاً قبصاً فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: أنْفق بِلَال وَلَا تخش من ذِي الْعَرْش إقلالا. جمع قبصة وهى
مَا قبص كَمَا أَن الفرفة مَا غرف وَمِنْهَا قَول مُجَاهِد رَحمَه الله
تَعَالَى فِي تَفْسِير قَوْله عز وَجل: {وآتُوا حَقّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ} يَعْنِي القبص الَّتِي تُعْطِي عِنْد الْحَصاد. وَعَن أبي
تُرَاب أَنْشدني أَبُو الجهم الْجَعْدِي. ... قالَتْ لَهُ واقتبصتْ من
أثَرِه ... يَا رَبّ صاحِبْ شيخَنَا فِي سَفَرِه. ... فَقلت لَهُ:
كَيفَ اقتبصت من أَثَره فَقَالَ: أخذت قبصةً من أَثَره فِي الأَرْض
فقبلته. اسْتَقل عَلَيْهِ السَّلَام مَا جَاءَ بِهِ فَأمره
بِالْإِنْفَاقِ والثقة برزق الله وَترك الْخَوْف من الْفقر.
قبض قَالَ سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قتلت يَوْم بدر قَتِيلا
وَأخذت سَيْفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطرَحهُ
فِي الْقَبْض فَنزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لي: اذْهَبْ وَخذ سَيْفك. هُوَ مَا قبض من الْغَنَائِم قبل أَن
تقسم.
قبب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَمر بِضَرْب رجل ثمَّ قَالَ: إِذا
قب ظَهره فَرده. أَي إِذا اندملت آثَار ضربه وجفت من قَوْلهم: قب
الْجرْح وَالتَّمْر وَنَحْوهمَا إِذا يبس. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ _ إِن درعه كَانَت صَدرا لَا قب لَهَا. أَي لَا ظهر لَهَا سمي
قبًّا كَمَا سمي عموداً وَأَصله قبُّ البكرة وَهِي
(3/154)
الْخَشَبَة الت فيي وَسطهَا. قَالَ: ...
مَحَالةٌ تركب قَبًّا رَادَا ... لِأَنَّهَا عمودها الَّذِي عَلَيْهِ
مدارها وَبِه قوامها وَمِنْه قيل لشيخ الْقَوْم: قب الْقَوْم وَفُلَان
القبُّ الْأَكْبَر.
قبل عقيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ عَطاء رَأَيْته شَيخا كَبِيرا يقبل
غرب زَمْزَم. أَي يتلقاها إِذا نزعت يُقَال: قبل الدَّلْو يقبلهَا
قبالة.
قبر الْحجَّاج قَالَت لَهُ بَنو تَمِيم: أقبرنا صَالحا. أَي مكِّنَّا
من أَن نقبره وَلَا تَمْنَعنَا يعنون صَالح بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف
وَكَانَ قَتله وصلبه.
قبع قُتَيْبَة رَحمَه الله تَعَالَى _ يأهل خُرَاسَان إِن وَلِيكُم
والٍ شَدِيد عَلَيْكُم قُلْتُمْ جَبَّار عنيد وَإِن وَلِيكُم وَال رءوف
بكم قُلْتُمْ قباع بن ضبة هُوَ رجل كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَحمَق
أهل زَمَانه فَضرب بِهِ الْمثل. وَأما قَوْلهم لِلْحَارِثِ بن عبد الله
القُباع فَإِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ ولي الْبَصْرَة فغيَّر
مكاييلهم فَنظر إِلَى مكيال صَغِير فِي مرْآة الْعين أحَاط بدقيق كثير
فَقَالَ: إِن مكيالكم هَذَا لقباع فنبز بِهِ. والقباع: الَّذِي يُخفي
نَفسه وَمِنْه قيل للقنفذ قباع.
قبح فِي الحَدِيث: لَا تُقبِّحوا الْوَجْه. أَي لَا تَقولُوا إِنَّه
قَبِيح.
قبي خير النَّاس القبِّيون. سُئل أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب فَزعم أَنهم
الَّذين يسردون الصَّوْم حَتَّى تضمر بطونهم.
(3/155)
الْقَاف مَعَ التَّاء
قتر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَبُو طَلْحَة رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ يَرْمِي وَهُوَ يُقتِّر بَين يَدَيْهِ وَكَانَ رامياً
وَكَانَ أَبُو طَلْحَة يشور نَفسه وَيَقُول لَهُ إِذا رفع شخصه هَكَذَا
بِأبي وَأمي لَا يصيبك سهم تحرى دون نحرك يَا رَسُول الله أَي يجمع
لَهُ السِّهَام قَالَ أَبُو عَمْرو: التقتير أَن تُدنى متاعك بعضه
إِلَى بعض أَو بعض ركابك إِلَى بعض وَيُقَال: قتَّر بَين الشَّيْئَيْنِ
أَي قَارب بَينهمَا وَيجوز أَن يكون من الأقتار وَهِي نصال الأهداف أَي
يسويها لَهُ ويهيئها. يشور نَفسه أَي يسْعَى ويخف يظْهر بذلك قوَّته من
شرت الدَّابَّة إِذا أجريتها لتنظر إِلَى سَيرهَا.
فتن قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل: يَا رَسُول الله تزوجت
فُلَانَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بخ تَزَوَّجتهَا بكرا
قتيناً. هِيَ القليلة الظُّعم وَقد قتنت قتانةً وَمِنْه حَدِيثه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وصف الْمَرْأَة أنَّها وضيئة قتين.
قتت لَا يدْخل الْجنَّة قتَّات. هُوَ النمام لِأَنَّهُ يقتُّ الحَدِيث
أَي يزوره ويهيئه قتًّا قَالَ أَبُو مَالك: القتُّ والقدُّ وَاحِد
وَهُوَ التَّسْوِيَة قَالَ: ... حقان من عاج أجيدا قتا
(3/156)
وَمِنْه الدّهن المقتت وَهُوَ المهيأ
المطيَّب بالرياحين.
قتر سَأَلَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل عَن امْرَأَة أَرَادَ
نِكَاحهَا فَقَالَ لَهُ: بِقدر أَي النِّسَاء هِيَ قَالَ: قد رَأَتْ
القتير. قَالَ دعها. هُوَ المشيب يُقَال: قد لهزه القتير وَهُوَ فِي
الأَصْل رُءُوس المسامير سمي بذلك لِأَنَّهُ قتر أَي قُدِّر لم يغلظ
فيخرم الْحلقَة وَلم يدقق فيموج ويسلس. ويصدِّق ذَلِك قَول دُرَيْد:
... بَيْضَاء لَا تُرْتَدى إلاَّ لَدَى فَزَعٍ ... مِنْ نَسْجِ داودَ
فِيهَا السك مقتور ...
قتت ادهن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَيْت غير مقتت وَهُوَ محرم. قد
فسر آنِفا.
قتل خَالِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مَالك بن نُوَيْرَة
لامْرَأَته يَوْم قَتله خَالِد: أقتلتني أَي عرَّضتني للْقَتْل
بِوُجُوب الدفاع عَنْك. والمحاماة عَلَيْك وَكَانَت حسناء وَقد
تزَوجهَا خَالِد بعد قتل زَوجهَا فأُنكر ذَلِك عَلَيْهِ وَقيل فِيهِ:
... أفِي الْحق أَنا لم تجفَّ دماؤنا ... وَهَذَا عروسا بِالْيَمَامَةِ
خَالِد ...
قتم عَمْرو قَالَ لِابْنِهِ عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا يَوْم
صفّين: أَي عبد الله انْظُر أَيْن ترى عليا قَالَ: أرَاهُ فِي تِلْكَ
الكتيبة القتماء. قَالَ: لله در ابْن عمر وَابْن مَالك فَقَالَ لَهُ:
أَي أَبَت فِيمَا يمنعك إِذا غبطتهم أَن ترجع فَقَالَ: يَا بني أَنا
أَبُو عبد الله إِذا حككت قرحَة دميتها. القتماء: الغبراء من القتام
وَهُوَ الْغُبَار. ابْن مَالك هُوَ سعد وَمَالك اسْم أبي وَقاص وَكَانَ
هُوَ وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم مِمَّن تخلف عَن الْفَرِيقَيْنِ.
(3/157)
تدمية القرحة مثل أَي إِذا أممت غَايَة
تقصيتها.
قتب عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لَا تُؤدِّي الْمَرْأَة حق
زَوجهَا حَتَّى لَو سَأَلَهَا نَفسهَا على ظهر قتب لم تَمنعهُ. قَالَ
أَبُو عبيد: كُنَّا نرى أَن الْمَعْنى أَن يكون ذَلِك وَهِي تسير على
ظهر الْبَعِير فجَاء التَّفْسِير فِي بعض الحَدِيث: إِن الْمَرْأَة
كَانَت إِذا حضر نفَاسهَا أجلست على قتب ليَكُون أسلس لولادتها. فِي
الحَدِيث: لَا صَدَقَة فِي الْإِبِل القتوبة. هِيَ الَّتِى تُوضَع
الأقتاب على ظُهُورهَا.
قتل فِي الْمَار بَين يَدي الْمُصَلِّي: قَاتله فَإِنَّهُ شَيْطَان.
أَي دافعه.
الْقَاف مَعَ الثَّاء
قثث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا حث النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا على الصَّدَقَة فجَاء أَبُو بكر بِمَالِه كُله
يقثه. أَي يَسُوقهُ. يُقَال جَاءَ فلَان يفث الدُّنْيَا قثاً إِذا
جَاءَ بِالْمَالِ الْكثير وَجَاء السَّيْل يقث الغثاء. وَقيل القث
والحث وَاحِد إِلَّا أَنه بِالْقَافِ أبطؤهما. وَمِنْه انْتقل الْقَوْم
بقثيثتهم أَي بجماعتهم. وَقَالُوا للقتات: القثاث لِأَنَّهُ يقث
الحَدِيث أَي يَنْقُلهُ. القثع فِي قن.
(3/158)
الْقَاف مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رقيقَة بنت أبي صَيْفِي وَكَانَت
لِدَة عبد الْمطلب ابْن هَاشم قَالَت: تَتَابَعَت على قُرَيْش سنو جَدب
قد أقحلت الظلْف وأرقت الْعظم فَبينا أَنا رَاقِدَة اللَّهُمَّ أَو
مهومة ومعى صنوي إِذا أَنا بهَا تف صيت يصْرخ بِصَوْت صَحِلَ يَقُول:
يَا معشر قُرَيْش إِن هَذَا النَّبِي الْمَبْعُوث مِنْكُم قد
أَظَلَّتْكُم أَيَّامه وَهَذَا إبان نجومه فَحَيَّهَلا بالحيا
وَالْخصب. أَلا فانظروا مِنْكُم رجلا طوَالًا عظاما أَبيض بضًا أَشمّ
الْعرنِين لَهُ فَخر يَكْظِم عَلَيْهِ. ويورى: رجلا وَسِيطًا عظاما
جِسَامًا أَوْطَفُ الْأَهْدَاب أَلا فَلْيخْلصْ هُوَ وَولده وليدلف
إِلَيْهِ من كل بطن رجل أَلا فليثنوا من المَاء وليمسوا من الطّيب
وليطوفوا بِالْبَيْتِ سبعا أَلا وَفِيهِمْ الطّيب الطَّاهِر لداته أَلا
فليستسق الرجل وليؤمن الْقَوْم أَلا فغثتم إِذن مَا شِئْتُم وعشتم.
قَالَت: فَأَصْبَحت مَذْعُورَة قد قف جلدي وَوَلِهَ عَقْلِي
فَاقْتَصَصْت رُؤْيَايَ فوالحرمة وَالْحرم إِن بَقِي أبطحيٌّ إِلَّا
قَالَ: هَذَا شيبَة الْحَمد وتتامت عِنْده قُرَيْش وانقضَّ إِلَيْهِ من
كل بطن رجل فشنّوا وَمَسُّوا واستلموا وطوَّفوا ثمَّ ارْتَقَوْا أَبَا
قبيس وطفق الْقَوْم يدفُّون حوله مَا إِن يدْرك سَعْيهمْ مهله حَتَّى
فرُّوا بِذرْوَةِ الْجَبَل واستكفوا جنابيه. فَقَامَ عبد الْمطلب
فاعتضد ابْن ابْنه مُحَمَّدًا فرفعه على عَاتِقه وَهُوَ يَوْمئِذٍ
غُلَام قد أَيفع أَو كرب ثمَّ قَالَ: اللم سَاد الْخلَّة وَكَاشف
الْكُرْبَة أَنْت عَالم غير معلم مسئول غير مبخَّل وَهَذِه عبدَّاؤك
وإماؤك بِعَذِرَاتٍ حَرمك يَشكونَ إِلَيْك سنتهمْ فاسمعن اللَّهُمَّ
وأمطرن علينا غيثاً مريعاً مُغْدِقًا فَمَا راموا الْبَيْت حَتَّى
انفجرت السَّمَاء بِمَائِهَا وكظ الْوَادي بثجيجه فَسمِعت شَيْخَانِ
قُرَيْش وجلتها: عبد الله بن جدعَان وَحرب بن أُميَّة وَهِشَام بن
الْمُغيرَة يَقُولُونَ لعبد الْمطلب: هَنِيئًا لَك أَبَا الْبَطْحَاء
(3/159)
قحل أقحلت من قحل قحولا وقحل قحلاً إِذا
يبس. الرفود: النّوم بِاللَّيْلِ المستحكم الممتد وَمِنْه قَوْلهم:
طَرِيق مرقد إِذا كَانَ بَينا ممتداً وارقد ورقد إِذا مضى على وَجهه
وامتد لَا يلوي على شَيْء وأرقد بِأَرْض كَذَا إرقاداً: أَقَامَ بهَا.
هوَّموا وتهوَّموا: إِذا هزُّوا هامهم من النعاس. قَالَ: ... مَا
تُطْعَمُ الْعين نوماً غيرَ تَهْوِيم ... وَهَذَا أحد مصداقي كَون
الْعين من الْهَام واواً وَالثَّانِي قَوْلهم للعظيم الهامة أهوم كَمَا
قَالُوا: أرأس. الصيت: فيعل من صات يصوت ويصات صَوتا كالميت من مَاتَ.
وَيُقَال فِي مَعْنَاهُ: صائت وصات ومصوات. الصَّحل: الَّذِي فِي صَوته
مَا يذهب بحدته من بحَّةٍ وَهُوَ مستلذٌّ فِي السّمع. إبان نجومه وَقت
ظُهُوره وَهُوَ فعلان من أَب الشَّيْء إِذا تهَيَّأ. مر حيهلا مشروحاً
فِي حيّ. الحيا: الْمَطَر لِأَنَّهُ حَيَاة الأَرْض. فعال مُبَالغَة
فِي فعيل وفُعَّال أبلغ مِنْهُ نَحْو كرام وكرّام. الكظم والكتم والكعم
والكدم والكزم: أَخَوَات فِي معنى الْإِمْسَاك وَترك الإبداء وَمِنْه
كظوم الْبَعِير وَهُوَ ألاَّ يجتر. وَالْمعْنَى أَنه من ذَوي الْحسب
وَالْفَخْر وَهُوَ لَا يُبْدِي ذَلِك. الْوَسِيط: أفضل الْقَوْم من
الْوسط وَقد وسط وساطة. قَالَ العرجي: ... : كأنِّي لَمْ أكُنْ فيهم
وَسِيطاً ... ولَمْ تَكُ نِسْبتي فِي آل عمْرو ... أَوْطَفُ
الْأَهْدَاب: طويلها.
(3/160)
فَلْيخْلصْ أَي فليتميز هُوَ وَولده من
النَّاس من قَوْله تَعَالَى: {خَلَصُوا نَجيًّا} وليدلف إِلَيْهِ من
الدليف وَهُوَ الْمَشْي الرويد والتقدم فِي رفق. شنَّ المَاء: صبَّه
على رَأسه وَقيل الشنُّ صب المَاء مُتَفَرقًا وَمِنْه شنَّ الْغَارة.
والسنّ بِخِلَافِهِ. لداته: على وَجْهَيْن: أَن تكون جمع لِدَة مصدر
ولد نَحْو عدَّة وزنة يَعْنِي أَن مولده ومولد من مضى من آبَائِهِ
كلهَا مَوْصُوف بِالطُّهْرِ والزكاء. وَأَن يُرَاد أترابه وَذكر
الأتراب أسلوب من أساليبهم فِي تثبيت الصّفة وتمكينها لِأَنَّهُ إِذا
جُعل من جمَاعَة وأقران ذَوي طَهَارَة فَذَاك أثبت لطهارته وأدل على
قدسه وَمِنْه قَوْلهم: مثلك جواد. غثتم: مطرتم (بِكَسْر الْغَيْن أَو
بضمة أَو بإشمامه) : يُقَال غاث الله الأَرْض يغيثها غيثا وَأَرْض
مغيثة وميغوثة. وَعَن الْأَصْمَعِي قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو عَمْرو بن
الْعَلَاء قَالَ: قَالَ لي ذُو الرمة: مَا رَأَيْت أفْصح من أمة بني
فلَان قلت لَهَا: كَيفَ كَانَ مطركم فَقَالَت: غثنا مَا شِئْنَا. قفَّ:
تقبَّض واقشعرَّ. والقفَّة: الرعدة. دله وَوَلِهَ وتله وعله: أَخَوَات
فِي معنى الْحيرَة والدَّهش. اسْم عبد الْمطلب عَامر وَإِنَّمَا قيل
لَهُ شيبَة الْحَمد لشيبة كَانَت فِي رَأسه حِين ولد وَعبد الْمطلب
لِأَن هاشما تزوج سلمى بنت زيد النَّجارية فولدته فَلَمَّا توفّي هَاشم
وشبَّ الْغُلَام انتزعه الْمطلب عَمه من أمه وأردفه على رَاحِلَته
وَقدم بِهِ مَكَّة فَقَالَ النَّاس: أرْدف الْمطلب عبد فَلَزِمَهُ
هَذَا الِاسْم. التَّتام: التَّوافر. الدَّفيف: المرَّ السَّرِيع.
الْمهل (بالإسكان) : التؤدة وَمِنْه قَوْلهم: مهلا وَمَا مهل بمغنية
عَنْك شَيْئا أَي لَا يدْرك إسراعهم إبطاءه. والمهل بِالتَّحْرِيكِ:
التمهل وَهُوَ التَّقَدُّم. قَالَ الْأَعْشَى: ... وَإِن فِي السَّفر
إِذْ مضوا مهلا ...
(3/161)
أَي كَانَ يسْعَى ويسعون وَهُوَ يتقدمهم.
استكفوا: أَحدقُوا من الكفة وَهِي مَا اسْتَدَارَ ككفة الصاعد وكفة
الْمِيزَان وَغير ذَلِك. يُقَال: مروا يَسِيرُونَ جنابية وجنابتيه. أى
ناحييه قَالَ كَعْب: ... يسْعَى الوُشاةُ جَنَابيها وقولُهُمُ ...
إِنَّك يَا بن أَبي سُلْمَى لَمَقتول ... كرب: قرب من الإيفاع وَمِنْه
الكروبيون: المقربون من الْمَلَائِكَة. العبداء والعبدي (بِالْمدِّ
وَالْقصر) : العبيد. الْعذرَة: الفناء. كظيظ الْوَادي: امتلاؤه وَمِنْه
الكظَّة. الثجيج: المثجوج أَي المصبوب قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
سقى أُمَّ عَمْرٍو كلَّ آخرِ ليلةٍ ... حَناتم سُودٌ ماؤهُنَّ ثَجِيجُ
... الشَّيْخَانِ فِي جمع شيخ كالضيفان فِي جمع ضيف. قيل لَهُ أَبُو
الْبَطْحَاء لِأَن أَهلهَا عاشوا بِهِ وانتعشوا كَمَا قَالُوا للمطعام
أَبُو الأضياف.
قحم قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: دخلت عَلَيْهِ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده غليم أسود يغمز ظَهره فَقلت: يَا
رَسُول الله مَا هَذَا الغليم فَقَالَ: إِنَّه تقحَّمت بِي النَّاقة
اللَّيْلَة. القحمة: الورطة والمهلكة وَمِنْهَا قَالُوا: اقتحم الْأَمر
وتقحَّمه إِذا رَكبه على غير تثبت وروية وَركب نَاقَته فتقحمت بِهِ
إِذا ندت فَلم يقدر على ضَبطهَا وَرُبمَا طوحت بِهِ فِي أهوية. وَمِنْه
حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من سرَّه أَن يتقحم جراثيم
جَهَنَّم فليقضِ فِي الجدّ. أَي أَن يَرْمِي بِنَفسِهِ فِي معاظم
عَذَابهَا.
(3/162)
والجرثومة: أصل كل شَيْء ومجتمعه وَمِنْه
جرثومة الْعَرَب وَهِي اصطمَّتهم. طباق الْجَواب للسؤال من حَيْثُ أَن
عمر إِنَّمَا أهمه سَبَب الغمز وغرضه فِي أَن سَأَلَ عَن الغليم
السُّؤَال عَن مُوجب فعله الَّذِي هُوَ الغمز فَأُجِيب على حسب مُرَاده
ومغزاه دون لَفظه. لَيْسَ لقَائِل أَن يَقُول: يجب أَن يكون دُخُوله
عَلَيْهِ فِي لَيْلَة التقحم دون غدها. وَإِلَّا فَكَانَ حق الْكَلَام
أَن يَقُول البارحة فقد رُوِيَ ابْن نجدة عَن أبي زيد أَنه قَالَ:
تَقول الْعَرَب مذ غدْوَة إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس: رَأَيْت
اللَّيْلَة فِي مَنَامِي كَذَا وَكَذَا فَإِذا زَالَت الشَّمْس قَالَت:
رَأَيْت البارحة. قَالَ ثَعْلَب: وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ذَات يَوْم وَقد انْفَتَلَ من الصَّلَاة صَلَاة الْغَدَاة:
رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن ميزاناً دلى من السَّمَاء وَله كفتان. فَوضعت
فِي كفة وَوضعت أمتى فِي الكفة الْأُخْرَى فوزنت عَلَيْهَا فرجحت ثمَّ
أخرجت من الكفة وَوضع أَبُو بكر مَكَاني فوزن بالأمة وَرجح عَلَيْهَا
ثمَّ أخرج أَبُو بكر وَوضع عمر مَكَانَهُ فوزن بالأمة وَرجح عَلَيْهَا.
قحل لِأَن يعصبه أحدكُم بقد حَتَّى يقحل خير من أَن يسْأَل النَّاس فِي
نِكَاح. أَي ييبس يَعْنِي الْفرج.
قحد قَالَ أَبُو سُفْيَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي غَزْوَة
السويق: وَالله مَا أخذت سَيْفا وَلَا نبْلًا إِلَّا تعسر عَليّ
وَلَقَد قُمْت إِلَى بكرَة قحدة أُرِيد أَن أعرقبها فَمَا اسْتَطَعْت
سَيفي لعرقوبها فتناولت الْقوس والنبل لأرمي ظَبْيَة عصماء نرد بهَا
قرمنا فانثنت على سيتاها وامرط قذذ السهْم وانتصل فَعرفت أَن الْقَوْم
لَيست فيهم حِيلَة. القحدة: الْعَظِيمَة القحدة وَهِي السنام. والمقحاد
مثلهَا. وَقد قحدت وأقحدت. العصماء: الَّتِي فِي يَديهَا بَيَاض. امرط:
مُطَاوع مرطه يُقَال: مرط الشّعْر والريش إِذا نتفه فامرط وَسَهْم أمرط
ومرط ومراط ومارط: سَاقِط الريش.
(3/163)
انتصل: سقط نصله. وأنضلته أَنا: نزعت نصله
ونصلته جعلت لَهُ نصلاً.
قحط من أَتَى أَهله فأقحط فَلَا يغْتَسل. هُوَ تَمْثِيل لعدم
الْإِنْزَال من أقحط الْقَوْم إِذا قحط عَنْهُم الْمَطَر أَي انْقَطع
وَاحْتبسَ. وَنَحْوه فِي الْمَعْنى: المَاء من المَاء. وَذَلِكَ
مَنْسُوخ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا التقى الختانان.
قحم على رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وكل أَخَاهُ عقيلا با لخصومة ثمَّ
وكل بعده عبد الله ابْن جَعْفَر وَكَانَ لَا يحضر الْخُصُومَة
وَيَقُول: إِن لَهَا لقحماً وَإِن الشَّيْطَان يحضرها. أَي مهالك
وشدائد وقحم الطَّرِيق: مَا صَعب مِنْهُ وشق على سالكه قَالَ جرير: ...
قد جرَّبَتْ مِصْرُ والضَّحَّاكُ أَنهم ... قَومٌ إِذا حارَبُوا فِي
حَرْبِهم قُحَمُ ...
قحف أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم اليرموك:
تزينوا للحور الْعين وَجوَار ربكُم فِي جنَّات النَّعيم فَمَا رئي موطن
أَكثر قحفا سَاقِطا وكفا طائحة من ذَلِك الْيَوْم. هُوَ الْعظم الَّذِي
فَوق الدِّمَاغ من الجمجمة وَشبه بِهِ الْإِنَاء فَقيل لَهُ: قحف.
وَفِي أمثالهم: رَمَاه بأقحاف رَأسه إِذا صرفه عَمَّا يُرِيد وَدفعه
عَنهُ. طائحة: سَاقِطَة هالكة أَي موطن ذَلِك الْيَوْم فَحذف.
قحز شَقِيق رَحمَه الله تَعَالَى دَعَاهُ الْحجَّاج فَأَتَاهُ فَقَالَ
لَهُ: أحسبنا قد روعناك فَقَالَ: أما إِنِّي بت أقحز البارحة. أَي أنزي
من الْخَوْف من قَوْلهم: ضربه فقحز أَي قفز ثمَّ سقط. وَمِنْه قيل
للفخ: القفازة والقحازة لِأَنَّهُ يقفز. وَيُقَال للقوس الَّتِي تنزو:
مَا هَذِه القحزي وقحز الظبي قحزاً وقحوزاً إِذا نزا. وَمِنْه حَدِيث
الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: مازلت اللَّيْلَة أقحز كَأَنِّي على
الْجَمْر لشَيْء بلغه عَن الْحجَّاج.
(3/164)
الْقَاف مَعَ الدَّال
قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقِي فِي النَّار أَهلهَا
وَتقول: هَل من مزِيد حَتَّى يَأْتِيهَا رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى
فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا فتنزوي وَتقول: قطّ قطّ. وضع الْقدَم على
الشَّيْء مثل للردع والقمع فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَأْتِيهَا أَمر الله عز
وَجل فيكفها عَن طلب الْمَزِيد فترتدع. أول من اختتن إِبْرَاهِيم
عَلَيْهِ السَّلَام بالقدوم وروى: بقدوم. الْقدوم: بالتخفبف: المنحات
قَالَ الْأَعْشَى: ... يَضْرِب حَوْلَيْن فِيهَا القُدُمْ ... وَقد
رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ. وقدوم: علم قَرْيَة الشَّام. وَعَن ابْن
شُمَيْل: أَنه كَانَ يَقُول: قطعه بالقدوم فَقيل لَهُ: يَقُولُونَ قدوم
قَرْيَة بِالشَّام فَلم يعرفهُ وَثَبت على قَوْله. يحمل النَّاس على
الصِّرَاط يَوْم الْقِيَامَة فتتقادع بهم جنبتا الصِّرَاط تقادع
الْفراش فِي النَّار
قدع هُوَ أَن يسْقط بَعْضهَا فِي أثر بعض وَمِنْه تقادع الْقَوْم إِذا
مَاتُوا كَذَلِك. والتقادع فِي الأَصْل: التكاف من قدع الْفرس وَهُوَ
كَفه باللجام وَإِنَّمَا اسْتعْمل مَكَان التَّتَابُع لِأَن
الْمُتَقَدّم كَأَنَّهُ يكف مَا يتلوه أَن يتجاوزه
قدح كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسَوِّي الصُّفُوف حَتَّى يَدعهَا
مثل الْقدح أَو الرقيم. إِذا قوم السهْم وأنى لَهُ أَن يراش وينصل
فَهُوَ قدح وَيُقَال لصانع القداح: القداح كالسهام والنبال.
(3/165)
وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ أَنه كَانَ يُقَوِّمهُمْ فِي الصَّفّ كَمَا يقوم القدَّاح
القداح. الرقيم: الْكتاب المرقوم أَي كَانَ يفعل فِي تَسْوِيَة
الصُّفُوف مَا يفعل السَّهَّام فِي تَقْوِيم قدحه أَو الْكتاب فِي
تَسْوِيَة سطوره.
قدد أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم سَقِيفَة بني
سَاعِدَة: منا الْأُمَرَاء ومنكم الوزراء وَالْأَمر بَيْننَا
وَبَيْنكُم كقد الأ بلمة. فَقَالَ حباب بن الْمُنْذر: أما وَالله لَا
ننفس أَن يكون لكم هَذَا الْأَمر ولكننا نكره أَن يلينا بعدكم قومٌ
قتلنَا آبَاءَهُم وأبناءهم. وَفِيه: أَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ أَتَى الْأَنْصَار فَإِذا سعد بن عبَادَة على سَرِيره وَإِذا
عِنْده نَاس من قومه فيهم الحُباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: ... أَنَا
الذِي لَا يُصْطَلي بِنَارِه ... وَلَا يَنامُ الناسُ مِنْ سُعَارِه
... نَحن أهل الْحلقَة والحصون. القدّ: الْقطع طولا كالشق. وَفِي
أمثالهم: المَال بيني وَبَيْنك شقّ الأ بلمة. وَمِنْه حَدِيث عَليّ
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَت لَهُ ضربتان كَانَ إِذا تطاول قدَّ
وَإِذا تقاصر قطّ. أَي قطع بِالْعرضِ. الأُبلمة: خوصَة الْمقل وَهِي
إِذا شقّت تَسَاوِي شقّاها. قَالَ النَّضر: نفست عَلَيْهِ الشَّيْء
إِذا لم تره يستأهله وَأنْشد لأبي النَّجْم: لم يَنْفِس اللهُ عليهنَّ
الصّوَرْ ... وَيُقَال نفست بِهِ عليَّ نفاسة أَي تخلت. وَفِي كتاب
الْعين نفست بِهِ عَن فلَان وَهُوَ كَقَوْلِهِم: بخلت بِهِ عَلَيْهِ
وَعنهُ. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فإنمَا يَبْخَلُ
عَنْ نَفْسِهِ} .
(3/166)
لَا يصطلي بناره: مثل فِيمَن لَا يتَعَرَّض
لحده وَلَا يقرب أحد نَا حيته حَتَّى يصطلي بناره. والسعار: حر السعير.
قَالَ: ... تنحّ سُعَار الْحَرْب لَا تصْطلي بهَا ... فإنّ لَهَا بَين
القبيلين مخشفا ... [المخشف: الجرئ] . الْحلقَة: السِّلَاح.
قدر عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَمر مناديا فَنَادَى: أَن
الذكارة فِي الْحلق واللبة لمن قدر وأقروا الْأَنْفس حَتَّى تزهق. أَي
لمن كَانَت الذَّبِيحَة فِي يَده فَقدر على إِيقَاع الذَّكَاة
بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وفأما إِذا ندت الْبَهِيمَة فَحكمهَا حكم
الصَّيْد فِي أَن مذبحه الْموضع الَّذِي أَصَابَهُ السهْم أَو
السَّيْف. أقرُّوا: أَي سكنوها حَتَّى تفارقها الْأَرْوَاح.
قدع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ قدعاً. هُوَ انسلاق
الْعين وَضعف الْبَصَر من كَثْرَة الْبكاء قَالَ الْهُذلِيّ: ... رأى
قَدَعاً فِي عَيْنِها حِين قُرِّبَتْ ... إِلَى غَبْغَبِ العُزَّى
فنصَّفَ فِي الْقسم ... وَهُوَ من قدعته أَي كففته وردعه فقدع لِأَن
المرتدع منخزل ضَعِيف. اسْتَشَارَ غُلَامه وردان وَكَانَ حصيفاً فِي
أَمر على وامر مُعَاوِيَة فَأَجَابَهُ وردان بِمَا نَفسه وَقَالَ لَهُ:
الْآخِرَة مَعَ على الدُّنْيَا مَعَ مُعَاوِيَة وَمَا أَرَاك تخْتَار
على الدُّنْيَا فَقَالَ عَمْرو: ... يَا قاتلَ اللهُ وَرْدَانا
وقَدْحَتَهُ ... أبْدَى لَعَمْرُك مَا فِي النَّفس وَرْدانُ ...
القدحة: من قدح النَّار بالزَّند قدحا اسْم للضرب والقدحة للمرة ضربهَا
مثلا لاستخراجه بِالنّظرِ حَقِيقَة الْأَمر.
(3/167)
وَفِي الحَدِيث: لَو شَاءَ الله لجعل
للنَّاس قدحة ظلمَة كَمَا جعل لَهُم قدحة نور.
قدد ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ فِي جَوَاب
لمعاوية: ربَّ آكلِ عبيط سيقدُّ عَلَيْهِ وشارب صفوٍ سيغصُّ بِهِ. من
القداد وَهُوَ داءٌ فِي الْبَطن. الْأَوْزَاعِيّ لَا يُسهم للْعَبد
وَلَا الْأَجِير وَلَا القديد يين. هم تُبَّاع الْعَسْكَر من
الصُّنّاع. نَحْو الشَّعّاب والحداد والبيطار بلغَة أهل الشَّام
كَأَنَّهُمْ سموا بذلك لتقدد ثِيَابهمْ ويُشتم الرجل فَيُقَال لَهُ:
يَا قديدي وَهُوَ مبتذل فِي كَلَام الْفرس أَيْضا.
الْقَاف مَعَ الذَّال
قذر
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام قاذورة
لَا يَأْكُل الدَّجَاج حَتَّى يعلف. القذر: خلاق قَالَ النَّظَافَة
وَهُوَ مجتنب فَمن ثمَّ قيل قذر الشَّيْء إِذا اجتنبه كَرَاهَة لَهُ
قَالَ العجاج: وقَذَرِي مَا لَيْسَ بالمَقْذُور ... وَمِنْه قَالُوا:
نَاقَة قذور إِذا كَانَت عزيزة النَّفس لَا ترع ى مَعَ الْإِبِل وَرجل
قاذورة إِذا كَانَ متقذِّرا. وَأما الحَدِيث: إِنَّه لما رجم مَا عزا
قَالَ: اجتنبوا هَذِه القاذورة الَّتِي حرّم الله
(3/168)
عَلَيْكُم. فَمن ألم بِشَيْء فليستتر بستر
الله وليتب إِلَى الله. فَالْمُرَاد بهَا الْفَاحِشَة يَعْنِي الزِّنَا
لِأَن حَقّهَا أَن تتقذر فوصفت بِمَا يُوصف بِهِ صَاحبهَا. وَكَذَلِكَ
كل قَول أَو فعل يستفحش ويحقّ بالاجتناب فَهُوَ قاذورة. وَمِنْه
الحَدِيث: اتَّقوا هَذِه القاذورات الَّتِي نهى الله عَنْهَا وَقَالَ
متمم بن نُوَيْرَة: ... وإنْ تَلْقَهُ فِي الشّرْب لاتلق فاحِشاً ...
على الكَأْس ذَا قَاذُورَةٍ مُتَرَبِّعَا ... أَي لَا يفحش فِي قَوْله
وَلَا يعربد وَلكنه سَاكن وقور.
قذع من قَالَ فِي الْإِسْلَام شعرًا مقذعاً فلسانه هدر. القذع: قريب من
القذر وَهُوَ الْفُحْش وأقذع لَهُ إِذا أفحش. وَمِنْه: من روى هجاء
مقذعا فَهُوَ أحد الشاتمين. وَمِنْه حَدِيث الْحسن رَحمَه الله
تَعَالَى: إِنَّه سُئل عَن الرجل يُعطي الرجل من الزَّكَاة أيخبره
قَالَ: يُرِيد أَن يُقذعه. أَي يسمعهُ مَا يشقّ عَلَيْهِ فَسَماهُ
قذعاً وأجراه مجْرى يشتمه ويؤذيه فَلذَلِك عداهُ بِغَيْر لَام.
قذف
ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ لايصلى فِي مَسْجِد
فِيهِ قذاف. هِيَ جمع قذفة وَهِي الشرفة نظيرها فِي الْجمع على فعال
نقرة ونقار وبرمة وبرام وجفرة وجفار وبرقة وبراق. ذكرهن سِيبَوَيْهٍ.
وَعَن الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا هِيَ قُذفٌ. وَإِذا صحت الرِّوَايَة مَعَ
وجود النظير فِي الْعَرَبيَّة فقد انسد بَاب الرَّد.
قذر
كَعْب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ الله عز وَجل لرومية: إِنِّي أُقسم
بعزتي لأسلبن تاجك وحليتك ولأهبن سبيك لبني قاذر ولأدعنك جلحاء. قاذر:
ويروى قيذر بن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَبَنوهُ الْعَرَب.
جلحاء: لَا حصن عَلَيْك لِأَن الْحُصُون تشبه بالقرون وَلذَلِك تسمى
الصَّيَاصِي.
(3/169)
الْقَاف مَعَ الرَّاء
قرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِلَى بعير من الْمغنم
فَلَمَّا انْفَتَلَ تنَاول قردة من وبر الْبَعِير ثمَّ أقبل فَقَالَ.
إِنَّه لَا يحل لي من غنائمكم مَا يزن هَذِه إِلَّا الخُمس وَهُوَ
مَرْدُود عَلَيْكُم. هِيَ وَاحِدَة القرد وَهُوَ مَا تمعط من الصُّوف
والوبر وَفِي أمثالهم: عثرت على الْغَزل بِأخرَة فَلم تدع بِنَجْد
قردة. نصب الخُمس على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع لِأَن الخُمس لَيْسَ
من جنس مَا يزن القردة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ
والإقراد. قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الإقراد قَالَ: الرجل
مِنْكُم يكون أَمِيرا أَو عَاملا فيأتيه الْمِسْكِين والأرملة فَيَقُول
لَهُم: مَكَانكُمْ حَتَّى أنظر فِي حَوَائِجكُمْ ويأتيه الشريف والغني
فيدنيه وَيَقُول: عجلوا قَضَاء حَاجته وَيتْرك الْآخرُونَ مقردين.
يُقَال: أخرد: سكت حَيَاء وأقرد: سكت ذلاًّ. وَأَصله أَن يَقع
الْغُرَاب على الْبَعِير فيلقط مِنْهُ القردان فيقرّ لما يجد من
الرَّاحَة. ويحكى أَن اليزيدي قَالَ للكسائي: يأتينا من قبلك أَشْيَاء
من اللُّغَة لَا نعرفها فَقَالَ الْكسَائي: وَمَا أَنْت وَهَذَا مَا
مَعَ النَّاس من هَذَا الْعلم إِلَّا فضل بزاق فأقرد اليزيدي.
قرص قضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي القارصة والقامصة والواقصة
بِالدِّيَةِ أَثلَاثًا. هن ثَلَاث جوارٍ كن يلعبن فترا كبن فقرصت
السُّفْلى الواسطى فقمصت فَسَقَطت
(3/170)
الْعليا فوقصت عُنُقهَا فَجعل ثُلثي
الدِّيَة على الثِّنْتَيْنِ وَأسْقط ثلث الْعليا لِأَنَّهَا أعانت على
نَفسهَا.
قرم دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهَا وعَلى الْبَاب قرام ستر. هُوَ ثوب من صوفٍ فِيهِ ألوان من
العهون وَهُوَ صفيق يتَّخذ سترا أَو يغشى بِهِ هودج أَو كلة. وَقَوله:
قرام ستر كَقَوْلِك ثوب قَمِيص ويروى: كَانَ على بَاب عَائِشَة قرام
فِيهِ تماثيل.
قرص قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأم قيس بنت مُحصن فِي دم الْحيض
يُصِيب الثَّوْب: حُتِّيه بضلعٍ واقرصيه بِمَاء وَسدر. وروى أَن
امْرَأَة سَأَلته عَن دم الْمَحِيض فَقَالَ: قرصيه بِالْمَاءِ. القرص:
الْقَبْض على الشَّيْء بأطراف الْأَصَابِع مَعَ نتر. وَمِنْه: قرصت
الْمَرْأَة الْعَجِين وقرَّصته إِذا شنَّقته لتبسطه أَي قطعته وَمِنْه
لحم مشنق أَي مقطَّع. وَالدَّم وَغَيره مِمَّا يُصِيب الثَّوْب إِذا
قرص كَانَ أذهب للأثر من أَن يغسل بِالْيَدِ كلهَا.
قرم قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النُّعْمَان بن مقرن فِي
أَرْبَعمِائَة رَاكب من مزينة فَقَالَ لعمر. قُم فزودهم. فَقَامَ عمر
فَفتح غرفَة لَهُ فِيهَا تمر كالبعير الأقرم وروى: فَإِذا تمر كالفصيل
الرابض. فَقَالَ عمر: إِنَّمَا هِيَ أصوع مَا يقيظن بنيّ. قَالَ: قُم
فزودهم. أثبت صَاحب التكملة: قرم الْبَعِير فَهُوَ قرم إِذا استقرم أَي
صَار قرماً وَهُوَ الْفَحْل الْمَتْرُوك للفحلة وَقد أقرمه صَاحبه
فَهُوَ مقرم وَكَأَنَّهُ من القرمة وَهِي السمة لِأَنَّهُ وسم للفحلة
وعلامة لَهَا ثمَّ ذكر أَن أفعل وَفعل يَلْتَقِيَانِ كثيرا كوجل وأوجل
وتلع وأتلع وَتبع وأتبع. وَهَذَا الَّذِي ذكره صَحِيح. قَالَ
سِيبَوَيْهٍ: وجر وجراً وَهُوَ وجر. وَقَالُوا: هُوَ
(3/171)
أوجر فأدخلوا أفعل هُنَا لِأَن فعل وأفعل
قد يَجْتَمِعَانِ كَمَا يجْتَمع فعلان وَفعل وَذَلِكَ قَوْلك: شعث
وَأَشْعَث وجرب وأجرب وَقَالُوا: حمق وأحمق ووجل وأوجل وقعس وأقعس وكدر
وأكدر وخشن وأخشن. وَزعم أَبُو عبيد أَن أَبَا عَمْرو لم يعرف الأقرم
وَقَالَ: وَلَكِن أعرف المقرم. مَا يقيِّظن بنيّ أَي مَا يكفيهم
لقيظهم. قَالَ: ... مَنْ يَكُ ذَابَتٍّ فَهَذَا بَتِّي ... مقيظ مقيف
مشتي ...
قرس والقرس: الْبرد الشَّديد وقرس قرساً إِذا لم يسْتَطع أَن يعْمل
بيدَيْهِ من شدَّة الْبرد وَخص للشنان وَهِي الخلقان من الْقرب
والأسقية لِأَنَّهَا أَشد تبريدا. وَأَرَادَ بالأذانين أَذَان الْفجْر
وَالْإِقَامَة فغلب.
قرر إِن أفضل الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم النَّحْر ثمَّ يَوْم القرّ.
هُوَ ثَانِي يَوْم النَّحْر لأَنهم يقرونَ فِيهِ ويستجمون مِمَّا تعبوا
فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة.
قرن مسح صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأس غُلَام وَقَالَ: عش قرنا فَعَاشَ
مائَة سنة. الْقرن: الْأمة من النَّاس وَاخْتلفُوا فِي زمانها فَقيل
سِتُّونَ سنة وَقيل ثَمَانُون سنة. وَقيل مائَة. وَصَاحب هَذَا القَوْل
يستشهد بِهَذَا الْخَبَر وَكَأَنَّهَا سميت قرنا لتقدمها الَّتِي
بعْدهَا. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير هَذِه الْأمة
الْقرن الَّذِي أَنا فِيهِ ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ
والقرن الرَّابِع لَا يعبأ الله بهم شَيْئا.
قرقر من كَانَت لَهُ إبل أَو بقر أَو غنم لم يؤدِّ زَكَاتهَا بُطح
لَهَا يقوم الْقِيَامَة بقاعِ قرقر ثمَّ جَاءَت كأكثر مَا كَانَت وأغذه
وأبشره تطؤه باخفافها وتنطحه بقرونها
(3/172)
كلما نفذت أُخراها عَادَتْ عَلَيْهِ
أُولاها. القرقر: الأملس المستوي. وأغذَّه: يحْتَمل أَن يكون من
الإغذاذ وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي السّير بني مِنْهُ على تَقْدِير حذف
الزَّوَائِد وَأَن يكون من غذَّ الْعرق يغذُّ إِذا لم يرقأ. يُرِيد غزر
أَلْبَانهَا. وأبشره من الْبشَارَة وَهِي الحُسن قَالَ الْأَعْشَى:
وَرَأَتْ بأنّ الشَّيْبَ جَا ... نَبَهُ البَشاشة والِبُشَارَه ...
قرن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ: إِن لَك
بَيْتا فِي الْجنَّة وَإنَّك لذُو قرنيها. الضَّمِير للْأمة
وَتَفْسِيره فِيمَا يرْوى عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه
ذكر ذَا القرنين فَقَالَ: دَعَا قومه إِلَى عبَادَة الله فضربوه على
قرنيه ضربتين وَفِيكُمْ مثله يَعْنِي نَفسه الطاهرة لِأَنَّهُ ضُرب على
رَأسه ضربتين إِحْدَاهمَا يَوْم الخَنْدَق وَالثَّانيَِة ضَرْبَة ابْن
ملجم. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الضَّالة: فِيهَا قرينتها
مثلهَا إِن أَدَّاهَا بعد مَا كتمها أَو وجدت عِنْده فَعَلَيهِ مثلهَا.
أَي من وجد الضَّالة فَلم يعرفهَا حَتَّى وُجدت عِنْده فَعَلَيهِ
عُقُوبَة لَهُ أُخْرَى مَعهَا يقرنها إِلَيْهَا وَيجب أَن تكون
الْقَرِينَة مثلهَا فِي الْقيمَة لما يرْوى عَن عمر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ: أَن عبيدا لحاطب سرقوا نَاقَة من رجل من مزينة فنحروها
فقطعهم. وَقَالَ لحاطب: إِنِّي أَرَاك تُجيعهم ثمَّ ألزمهُ
ثَمَانمِائَة دِرْهَم وَكَانَت قيمَة النَّاقة أَرْبَعمِائَة عُقُوبَة.
قرظ أُتي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهدية فِي أَدِيم مقروظ. هُوَ
المدبوغ بالقرظ وَهُوَ ورق السَّلم وَقد قرظه يقرظه. وَمِنْه
(3/173)
تقريظ الرجل وَهُوَ تزيينك أمره. قَالَ
الشماخ: ... على ذَاك مقروظ من الْجلد مَاعِز ...
قرن فِي حَدِيث موادعته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل مَكَّة وَإِسْلَام
أبي سُفْيَان أَن أَبَا سُفْيَان رأى الْمُسلمين لما قَامَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة قَامُوا فَلَمَّا كبَّر كبروا
فَلَمَّا ركع ركعوا ثمَّ سجد فسجدوا فَقَالَ للْعَبَّاس: يَا أَبَا
الْفضل مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قطّ طَاعَة قوم وَلَا فَارس الأكارم
وَلَا الرّوم ذَات الْقُرُون. فِيهِ ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا أَنَّهَا
الشُّعُور وهم أَصْحَاب الجمم الطَّوِيلَة وَالثَّانِي أَنَّهَا
الْحُصُون وَقد مر قبيل فِي حَدِيث كَعْب مَا يصدقهُ. وَالثَّالِث مَا
فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَارس نطحة أَو نطحتين ثمَّ لَا
فَارس بعْدهَا أبدا وَالروم ذَات الْقُرُون كلما هلك قرن خلف مَكَانَهُ
قرن أهل صَخْر وبحر هَيْهَات آخر الدَّهْر. كَالْيَوْمِ: أَي كطاعة
الْيَوْم. وَلَا فَارس أَي وَلَا طَاعَة فَارس فَحذف الْمُضَاف وَأقَام
الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه.
قرب عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج عبد الله
يَعْنِي أَبَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم متقربا
متخضرا حَتَّى جلس فِي الْبَطْحَاء فَنَظَرت إِلَيْهِ ليلى العدوية
فدعته إِلَى نَفسهَا فَقَالَ: أرجع إِلَيْك وَدخل على آمِنَة فألمّ
بهَا ثمَّ خرج فَقَالَت: لقد دخلت بِنور مَا خرجت بِهِ. أَي وَاضِعا
يَدَيْهِ على قربه وخاصرته. فالقرب: الْموضع الرَّقِيق أَسْفَل من
السُّرة. والخاصرة: مَا بَين القصيري والحرقفة.
(3/174)
قرف قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَرْوَة بن مسيك: إِن أَرضًا عندنَا وَهِي أَرض ريعنا وميرتنا
وَإِنَّهَا وبيئة. فَقَالَ: دعها فَإِن من القرف التّلف. القرف:
مُلَابسَة الدَّاء يُقَال: لَا تَأْكُل كَذَا فَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك
القرف. وَمِنْه: قارف الذَّنب واقترفه إِذا الْتبس بِهِ وَيُقَال لقشر
كل شَيْء قرفه لِأَنَّهُ ملتبس بِهِ.
قرر رجز لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَراء بن مَالك فِي بعض
أَسْفَاره فَلَمَّا قَارب النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والقوارير. صيرهن قَوَارِير لضعف عزائمهن
وَكره أَن يسمعن حداءه خيفة صبوتهن. وَعَن سُلَيْمَان بن عبد الله أَنه
سمع مغنياً فِي عسكره فَطَلَبه فاستعاده فاحتفل فِي الْغناء وَكَانَ
سُلَيْمَان مفرط الْغيرَة فَقَالَ لأَصْحَابه وَالله لكأنها جرجرة
الْفَحْل فِي الشول وَمَا أَحسب أُنْثَى تسمع هَذَا إِلَّا صبَّتْ ثمَّ
أَمر بِهِ فخصى وَقَالَ: أما علمت أَن الْغناء رقية الزِّنَا.
قرب إِذا تقَارب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب. فِيهِ
ثَلَاثَة أقاويل: أَحدهَا: أَنه أَرَادَ آخر الزَّمَان واقتراب
السَّاعَة لِأَن الشَّيْء إِذا قل وتقاصر تقاربت أَطْرَافه وَمِنْه قيل
للقصير مُتَقَارب ومتأزف. وَيَقُولُونَ: تقاربت إبل فلَان إِذا قلَّتْ.
ويعضده قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي آخر الزَّمَان لَا تكَاد
رُؤْيا الْمُؤمن تكذب وأصدقهم رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا. وَالثَّانِي:
أَنه أَرَادَ اسْتِوَاء اللَّيْل وَالنَّهَار يزْعم العابرون أَن أصدق
الْأَزْمَان لوُقُوع الْعبارَة وَقت انفتاق الْأَنْوَار وَوقت إِدْرَاك
الثِّمَار وَحِينَئِذٍ يَسْتَوِي اللَّيْل وَالنَّهَار.
(3/175)
وَالثَّالِث: أَنه من قَوْله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: يتقارب الزَّمَان حَتَّى تكون السَّنة كالشهر والشهر
كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كالساعة قَالُوا:
يُرِيد زمن خُرُوج الْمهْدي وَبسطه الْعدْل وَذَلِكَ زمَان يستقصر
لاستلذاذه فتتقارب أَطْرَافه.
قرقر فِي قَوْله تَعَالَى {بمَاءٍ كَالْمُهْلِ} قَالَ: كَعَكرِ
الزَّيْت إِذا قرَّبه إِلَيْهِ سَقَطت قرقرة وَجهه فِيهِ. أَي ظَاهر
وَجهه وَمَا بدا من محاسنه من قَول بعض الْعَرَب لرجل: أَمن أسطمتها
أَنْت أم من قرقرها أَي من نَوَاحِيهَا الظَّاهِرَة وَمِنْه قيل
للصحراء البارزة قرقر وللظهر قرقر. وَعَن السّديّ فِي تَفْسِير هَذِه
الْآيَة: إِذا قرَّبه إِلَيْهِ سَقَطت فِيهِ مَكَارِم وَجهه. وَقيل:
المُرَاد الْبشرَة استعيرت من قرقر الْمَرْأَة وَهُوَ لِبَاس لَهَا
وَلَا أرى القرقر بِمَعْنى اللبَاس مسموعاً من الموثوق بعربيتهم وَلَا
وَاقعا فِي كَلَام الْمَأْخُوذ بفصاحتهم وَإِنَّمَا يَقع فِي كَلَام
المولدين نَحْو قَول أبي نواس: ... وغَادَةٍ هَارُوتُ فِي طَرْفها ...
والشمسُ فِي قَرْقَرِها جَانحة ... وَقيل: الصَّحِيح هُوَ القرقل.
وَالْوَجْه الْعَرَبِيّ مَا قَدمته وَالتَّاء للتخصيص مثلهَا فِي عسلة
ونبيذة. وَفِي كتاب الْعين: القرقرة: الأَرْض الملساء الَّتِي لَيست
بجد وَاسِعَة فَإِذا اتَّسعت غلب عَلَيْهَا اسْم التَّذْكِير
فَقَالُوا: قرقر. وَعَن بَعضهم: إِنَّمَا هِيَ رقرقة وَجهه أَي مَا
ترقرق من محاسنه من قَوْلهم: امْرَأَة رقراقة كَأَن المَاء يجْرِي فِي
وَجههَا.
قَرَأَ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربه عز وَجل:
إِنَّمَا بَعَثْتُك أبتليك وأبتلي بك وأنزلت عَلَيْك كتابا لَا يغسلهُ
المَاء تقرؤه نَائِما ويقظان.
(3/176)
قَرَأَ قَرَأَ وقرى وقرش وَقرن: أَخَوَات
فِي معنى الْجمع. يُقَال: مَا قَرَأت النَّاقة سلى قطّ. وَالْمعْنَى
تجمعه فِي صدرك حفظا فِي حالتي النّوم واليقظة وَالْكثير من أمتك
كَذَلِك فَهُوَ وَإِن مُحي رسمه بِالْمَاءِ لم يذهب عَن الصُّدُور
بِخِلَاف الْكتب الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهَا لم تكن مَحْفُوظَة وَمن
ثمَّ قَالَت الْيَهُود الْفِرْيَة فِي عُزَيْر تَعَجبا مِنْهُ حِين
استدرك التَّوْرَاة حفظا وأملاها على بني إِسْرَائِيل عَن ظهر قلبه
بَعْدَمَا درست فِي عهدو بخت نصَّر. إِن أهل الْمَدِينَة فزعوا مرّة
فَركب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا كَأَنَّهُ مقرف فركض فِي آثَارهم
فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: وَجَدْنَاهُ بحراً. قَالَ حَمَّاد بن سَلمَة:
كَانَ هَذَا الْفرس يُبطئ فَلَمَّا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَذَا القَوْل صَار سَابِقًا لَا يُلحق. الإقراف: أَن تكون الْأُم
عَرَبِيَّة والفحل هجيناً. قَالَ: ... فإنْ نُتِجَتْ مُهْراً كرِيماً
فبالْحَري ... وإنْ يَكُ إقرافٌ فَمن قِبَلِ الفَحْلِ ... بحراً أَي
غزير الجري. الضَّمِير فِي آثَارهم للمفزوع مِنْهُم.
قرض جَاءَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْرَاب فَقَالُوا: يَا
رَسُول الله هَل علينا حرج فِي أَشْيَاء لَا بَأْس بهَا فَقَالَ: عباد
الله رفع الله الْحَرج. أَو قَالَ: وضع الله الْحَرج إِلَّا امْرأ
اقْترض امْرأ مُسلما فَذَلِك الَّذِي حرج وَهلك. وروى: إِلَّا من
اقْترض من عرض أَخِيه شَيْئا فَذَلِك الَّذِي حرج. الِاقْتِرَاض:
افتعال من الْقَرْض وَهُوَ الْقطع لِأَن المغتاب كَأَنَّهُ يقتطع من
عرض أَخِيه وَمِنْه قَوْلهم: لِسَان فلَان مقراض الْأَعْرَاض.
قرف ذكر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَوَارِج فَقَالَ: إِذا رأيتموهم
فاقرفوهم واقتلوهم.
(3/177)
قرف قَالَ الْمبرد: قرفت الشَّجَرَة إِذا
قشرت لحاءها وقرفت جلد الْبَعِير إِذا اقتلعته يُرِيد فاستأصلوهم.
سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكُهَّان فَقَالَ: لَيْسُوا
بِشَيْء فَقَالُوا: يَا رَسُول الله فَإِنَّهُم يَقُولُونَ كلمة تكون
حَقًا. قَالَ: تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق يختطفها الجني فيقذفها فِي
أذن وليه كقر الدَّجَاجَة وَيزِيدُونَ فِيهَا مائَة كذبة
قرر هُوَ من قرت الدَّجَاجَة قرا وقريراً إِذا قطَّعت صَوتهَا وقرقرت
قرقرة وقرقريرا إِذا رَددته. ويروى كقرً الزجاجة وَهُوَ صبها دفْعَة
وَاحِدَة يُقَال: قررت المَاء فِي فِيهِ أقُرُّه. وَمِنْه قررت
الْكَلَام فِي أُذنه إِذا وضعت فَاك على أُذُنه فأسمعته كلامك. ويصدقه
قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَلَائِكَة تحدّث فِي الْعَنَان
فَتسمع الشَّيَاطِين الْكَلِمَة فتقرُّها فِي أُذن الكاهن كَمَا تقرر
القارورة فيزيدون فِيهَا مائَة كذبة. فِي أُذن وليه: أَي فِي أذن
الكاهن.
قرؤ طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وقرؤها حيضتان. أَرَادَ وَقت عدتهَا
والقرء فِي الأَصْل الْجمع كَمَا ذكر ثمَّ قيل لوقت الْأَمر قرء وقارئ
لِأَن الْأَوْقَات ظروف تشْتَمل على مَا فِيهَا وتجمعها فَقيل: هبت
الرّيح لقرئها ولقارئها والناقة فِي قرئها وَهُوَ خَمْسَة عشر يَوْمًا
تنتظرفيها بعد ضراب الْفَحْل فَإِذا كَانَ بهَا لقاح وَإِلَّا أُعِيد
عَلَيْهَا الْفَحْل. وَقيل للقوافي قُرُوء وأقراء لِأَنَّهُ مقاطع
الأبيات وحدودها كَمَا قيل للتحديد تَوْقِيت وَمن ذَلِك قرء الْمَرْأَة
لوقت حَيْضهَا أَو طهرهَا وأقرأت. والمقرأة الَّتِي ينْتَظر بهَا
انقضاءُ أقرائها.
(3/178)
قرن احْتجم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على
رَأسه بقرن حِين طبّ. قيل: قرن اسْم مَوضِع. وَقيل: هُوَ قرن الثور
جُعل كالمحجمة. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أكل التَّمْر: لَا
قرَان وَلَا تفتيش. هُوَ أَن تقارن بَين تمرتين فتأكلهما معاص. وَمِنْه
الْقرَان فِي الْحَج وَهُوَ أَن يقرن حجه وَعمرَة مَعًا. وَفِي
الحَدِيث: إِنِّي قرنت فاقرنوا. تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم بَين قَرْني
الشَّيْطَان فَمَا ترْتَفع فِي السَّمَاء من قصمة إِلَّا فُتح لَهَا
بَاب من النَّار فَإِذا اشتدت الظهيرة فُتحت الْأَبْوَاب كلهَا.
قَالُوا: قرناه: ناحيتا رَأسه وَهَذَا مثل يَقُول: حِينَئِذٍ
يَتَحَرَّك الشَّيْطَان ويتسلط. القصمة: مرقاة الدرجَة لِأَنَّهَا
كسرة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لرجل: مَا لَك قَالَ: أقرن
لي وآدمة فِي المنيئة قَالَ: قوِّمها وزكِّها. هُوَ فِي جمع الْقرن
وَهُوَ جعيبة تضمّ إِلَى الجعبة الْكَبِيرَة كأجبل وأزمن فِي جبل وزمن.
وَفِي الحَدِيث: النَّاس يَوْم الْقِيَامَة كالنبل فِي الْقرن. وَمِنْه
حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: حِين سَأَلَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي الْقوس والقرن
فَقَالَ: صلِّ فِي الْقوس واطرح الْقرن. كَأَنَّهُ كَانَ من جلد غير
مُذكى وَلَا مدبوغ فَلذَلِك نهى عَنهُ. وآدمة فِي أَدِيم كأطرقة فِي
طَرِيق.
(3/179)
المنيئة: الدّباغ هَا هُنَا. وَهُوَ مَا
يُدبغ بِهِ الْجلد وَيُقَال للجلد نَفسه إِذا كَانَ فِي الدّباغ منيئة
أَيْضا. وَمِنْه قَول الأعرابية لجارتها: تَقول لَك أُمِّي: أعطيني
نفسا أَو نفسين أمعس بِهِ منيئتي فَإِنِّي أفدة. ومنأت الْأَدِيم إِذا
عالجته فِي الدّباغ.
قرف إِن رجلا من أهل الْبَادِيَة جَاءَهُ فَقَالَ: مَتى تحل لنا
الْميتَة فَقَالَ عمر: إِذا وجدت قرف الأَرْض فَلَا تَقربهَا. قَالَ:
فَإِنِّي أجد قرف الأَرْض وَأَجد حشراتها قَالَ: كَفاك كَفاك. أَرَادَ
مَا يقرف من الأَرْض أَي يقتلع من البقل وَالْعُرُوق وَنَحْوه قَوْله:
مَا لم تجتفئوا بهَا بقلا.
قرن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة
مَجْنُونَة أَو جذماء أَو برصاء أَو بهَا قرن فَهِيَ امْرَأَته إِن
شَاءَ أمسك وَإِن شَاءَ طلّق. هُوَ العفلة. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح
رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه اخْتصم إِلَيْهِ فِي جَارِيَة بهَا قرن:
فَقَالَ: أقعدوها فَإِن أصَاب الأَرْض فَهُوَ عيب وَإِن لم يصبهَا
فَلَيْسَ بِعَيْب.
قرر سمع على الْمِنْبَر بقول: مَا أصبت مُنْذُ وليت عَمَلي إِلَّا
هَذِه القويريرة أهداها إليّ الدهْقَان ثمَّ نزل إِلَى بَيت المَال
فَقَالَ: خُذْ خُذ ثمَّ قَالَ: ... أَفْلح مَنْ كانَتْ لَهُ قَوْصَرّهْ
... يَأْكُل مِنْهَا كل يَوْم مَرَّهْ ... تَصْغِير القارورة وَهِي
فاعولة من قرَّ المَاء يقرُّه إِذا صبَّه. قَالَ الْأَسدي:
(3/180)
القارور: مَا قرّ فِيهِ الشَّرَاب. وَأنْشد
للعجاج: ... كأنَّ عَيْنَيْه مِنْ الغُؤور ... قَلْتَانِ أَو حَوْجَلتا
قَارُورِ ... الْمُتَعَارف فِي الدهْقَان الْكسر. وَجَاءَت الرِّوَايَة
بِالضَّمِّ فِي هَذَا الحَدِيث وَنَظِيره قِرْطاس وقُرْطاس لِأَن
النُّون أَصْلِيَّة بِدَلِيل تدهقن والدهقنة. القوصرة ويروى فِيهَا
التَّخْفِيف: وعَاء من قصب للتمر كَأَنَّهُ تمنى عَيْش الْفُقَرَاء
وَذَوي القناعة باليسير تبرما بالإمارة.
قرر ذكره ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَأثْنى عَلَيْهِ
وَقَالَ: علمي إِلَى علمه كالقرارة فِي المثعنجر. وروى: فِي علمه.
القرارة: المطمأن يسْتَقرّ فِيهِ مَاء الْمَطَر. قَالَ عقيل بن بِلَال
بن جرير: ... وَمَا النفسُ إِلَّا نطفةٌ بقَرارةٍ ... إِذا لم
تُكَدَّرْ كانَ صفواً غديرُها ... المثعنجر: أَكثر مَوضِع مَاء فِي
الْبَحْر. من اثعنجر الْمَطَر كَأَنَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ مساك يمسِكهُ
وَلَا حباس يحْبسهُ لِشِدَّتِهِ وَهُوَ مُطَاوع ثعجره إِذا صبه.
الْجَار وَالْمَجْرُور فِي مَحل الْحَال أَي مقيساً إِلَى علمه أَو
مَوْضُوعا فِي جنب علمه أَو مَوْضُوعَة فِي جنب المثعنجر.
قرر ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قارُّوا الصَّلَاة. أَي
اسكنوا فِيهَا واتَّئدوا وَلَا تعبثوا وَلَا تحرَّكوا وَهُوَ من
قَوْلك: قاررت فلَانا إِذا قررت مَعَه وَفُلَان لَا يتقارّ فِي
مَوْضِعه.
قرط سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ دخل عَلَيْهِ فِي مَرضه الَّذِي
مَاتَ فِيهِ فنظروا فَإِذا إكاف وقرطاط.
(3/181)
قرط هُوَ تَحت السرج والإكاف كالولية تَحت
الرحل ولامه مكررة للإلحاق بقرطاس وَيدل على ذَلِك قَوْلهم فِي
مَعْنَاهُ قرطان بالنُّون. سمي بذلك استصغاراً لَهُ إِلَى الولية من
قَوْلهم: مَا جاد فلَان بقرطيطة أَي بشي يسير وَمن ذَلِك القيراط
والقرط والقراط لشعلة السراج لِأَنَّهَا أَشْيَاء مستصغرة يسيرَة.
قرن أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اخْتلف
ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة بالأبواء فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يغسل
الْمحرم رَأسه وَقَالَ الْمسور: لَا يغسل فأرسلا إِلَى أبي أَيُّوب
فَوَجَدَهُ الرَّسُول يغْتَسل بَين القرنين وَهُوَ يستر بِثَوْب. هما
قرنا الْبِئْر: منارتان من حجر أَو مدر من جانبيها فَإِن كَانَتَا من
خشب فهما زرنوقان. قَالَ يُخَاطب بعيره: ... تَبَيَّنِ الْقَرْنينِ
وَانْظُر مَا هُما ... أَحجراً أَم مَدَراً تَرَاهُمَا ... إِنَّك لن
تزل أَو تَغْشاهُمَا ... وتبرُك اللَّيْل إِلَى ذراهما ...
قرقف أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَت أم
الدَّرْدَاء: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يغْتَسل من الْجَنَابَة فَيَجِيء
وَهُوَ يقرقف فأضمُّه بَين فَخذي. وَهِي جنب لم تَغْتَسِل. أَي يرعد.
يُقَال: قرقف الصرد إِذا خصر حَتَّى يقرقف ثناياه بَعْضهَا بِبَعْض أَي
يصدم. قَالَ: نِعْم ضَجيعُ الْفَتى إِذا برد اللَّيلُ سُحَيْراً
وقُرْقِفَ الصَّرِدُ. وَمِنْه القرقف لِأَنَّهَا ترْعد شاربها. وَمَاء
قرقف: بَارِد.
قرر الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ صلى فَلَمَّا جلس فِي آخر
الصَّلَاة سمع قَائِلا يَقُول: قرّت الصَّلَاة بِالْبرِّ وَالزَّكَاة.
فَقَالَ: أَيّكُم الْقَائِل كَذَا فأرم الْقَوْم فَقَالَ: لَعَلَّك يَا
حطَّان قلتهَا قَالَ: مَا قلتهَا وَلَقَد خشيت أَن تبكعني بهَا.
(3/182)
قرر أَي اسْتَقَرَّتْ مَعَ الزَّكَاة
يَعْنِي أَنَّهَا مقرونة بهَا فِي الْقُرْآن كلما ذكرت فَهِيَ قارةٌ
مَعهَا مجاروة لَهَا. أرمّ: سكت. بكعته: إِذا استقبلته بِمَا يكره
وَهُوَ نَحْو بكته.
قرق أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ رُبمَا يراهم
يَلْعَبُونَ بالقرق فَلَا ينهاهم. هِيَ لعبة. قَالَ الشَّاعِر: ...
وأَعلاطَ النُّجُوم معلقات ... كخيل القرق لَيْسَ لَهَا النّصاب ...
قَالُوا: هَذِه اللعبة تلعب بِالْحِجَارَةِ فخيلها هِيَ الْحِجَارَة
وَفِي القرق البدري والبغتي وَقيل: هِيَ الْأَرْبَعَة عشر خطٌّ مربَّع
فِي وَسطه خطّ مربع فِي وَسطه خطّ مربع ثمَّ يخط من كل زَاوِيَة من
الْخط الأول إِلَى الْخط الثَّالِث وَبَين كل زاويتين خطّ فَتَصِير
أَرْبَعَة وَعشْرين.
قرد ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لعكرمة وَهُوَ
محرم: قُم فقرد هَذَا الْبَعِير. فَقَالَ: إِنِّي محرم. قَالَ: قُم
فانحره فنحره. فَقَالَ: كم تراك الْآن قتلت من قراد وَمن حلمة وحمنانة.
النقريد: نزع القردان. الحمنان: دون الْحلم. وَيُقَال لحبِّ الْعِنَب
الصغار بَين الْحبّ الْعِظَام الحمنان.
قِرْش قَالَ: قُرَيْش دَابَّة تكسن الْبَحْر تَأْكُل دَوَاب الْبَحْر
وَأنْشد فِي ذَلِك: ... وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْرَ بهَا
سُمِّيتْ قُرَيْش قُريْشًا ...
(3/183)
قِرْش هَذَا قَول فاشٍ. وَقيل الصَّحِيح
أَنَّهَا سميت بذلك لاجتماعها من قَوْلهم: فلَان يتقرش مَال فلَان أَي
يجمعه شَيْئا إِلَى شَيْء. وَبقيت لفُلَان بَقِيَّة مُتَفَرِّقَة
فَهُوَ يتقرشها. وَقَالَ الْبكْرِيّ: ... أخوةٌ قَرَّشوا الذنُوبَ
علينا ... فِي حديثٍ من عَهْدِهم وقَدِيمِ ... وَذَلِكَ أَن قصي بن
كلاب واسْمه زيد وَإِنَّمَا سمي قصيًّا لاغترابه فِي أَخْوَاله بني
عذرة أَتَى مَكَّة فَتزَوج بنت حليل بن حبشية الْخُزَاعِيَّة أم عبد
منَاف وَإِخْوَته. وحالف خُزَاعَة ثمَّ أَتَى بإخوته لأمه بني عذرة
وَمن شايعهم فغلب بني بكر وَجمع قُريْشًا بِمَكَّة فَلذَلِك كَانَ
يُقَال لَهُ مجمع وَفِي ذَلِك يَقُول مطرود الْخُزَاعِيّ: ... أبوكم
قُصيّ كَانَ يُدْعى مُجَمِّعاً ... بِهِ جَمع اللهُ القبائلَ من فِهْرِ
... نزلُتم بهَا والناسُ فِيهَا قَلِيل ... وَلَيْسَ بهَا إِلَّا كهولُ
بني عَمْرو ... وهم مَلئُوا البَطْحَاء مَجْدا وسؤددا ... وهم طرد
عَنْهَا غُواةَ بني بكرِ
حُليل الَّذِي أرْدَي كنَانَة كلهَا ... وحالف بَيت الله فِي الْعسر
واليسر ...
قرا ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَامَ إِلَى مقري بُسْتَان
فَقعدَ يتَوَضَّأ: فَقيل لَهُ: أتتوضأ وَفِيه هَذَا الْجلد فَقَالَ:
إِذا كَانَ المَاء قلَّتين لم يحمل خبثاً. الْمقري والمقراة: الْحَوْض
لِأَن المَاء يقري فِيهِ. القُلَّة: مَا يَسْتَطِيع الرجل أَن يقلّه من
جرَّة عَظِيمَة أَو حبٍّ وَتجمع قلالا. قَالَ الأخطل: يَمْشُونَ حَوْلَ
مُكَدَّمٍ قد كَدّحَتْ ... مَتْنْيه حَمْلُ حَناتم وقلال ... قيل: هِيَ
قامة الرجل من قلَّة الرَّأْس.
قرب إِن كُنَّا لنلتقي فِي الْيَوْم مرَارًا يسْأَل بَعْضنَا بَعْضًا
وَإِن نقرب بذلك إِلَّا أَن نحمد الله.
(3/184)
قرب هُوَ من قرب المَاء وَهُوَ طلبه.
وَيُقَال: فلَان يقرب حَاجته. إِن الأولى مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة
وَالثَّانيَِة نَافِيَة.
قرو ابْن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَاءَ لما حوصر عُثْمَان
فَجعل يَأْتِي تِلْكَ الجموع فَيَقُول: اتَّقوا الله وَلَا تقتلُوا
أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ لَا يحل لكم قَتله فَمَا زَالَ
يتقراَّهم وَيَقُول لَهُم ذَلِك. اي يتتبعهم من قروت الْقَوْم
واقتريتهم واستقريتهم وتقريتهم.
قرف ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لرجل: مَا على
أحدكُم إِذا أَتَى الْمَسْجِد أَن يخرج قرفة أَنفه. أَي قشرته يُرِيد
المخاط الْيَابِس. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصبح جنبا فِي شهر رَمَضَان من قراف
غير احْتِلَام ثمَّ يَصُوم. هُوَ الخلاط يُقَال: قارف الْمَرْأَة إِذا
خالطها وقارف الذَّنب. وَمِنْه حَدِيثهَا رَضِي الله عَنْهَا حِين تكلم
فِيهَا أهل الْإِفْك: لَئِن قارفت ذَنبا فتوبي إِلَى الله.
قَرَأَ عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: قَرَأت الْقُرْآن فِي
سنتَيْن. فَقَالَ الْحَارِث: الْقُرْآن هَين وَالْوَحي أَشد مِنْهُ.
أَي الْقُرْآن هَين والكتب أَشد مِنْهُ.
قرع كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقرِّع غنمه ويحلب ويعلف. أَي ينزي
عَلَيْهَا الفحول.
(3/185)
مَسْرُوق رَحمَه الله تَعَالَى خرج إِلَى
سفر فَكَانَ آخر من ودعه رجل من جُلَسَائِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّك قريع
الْقُرَّاء وَإِن زينك لَهُم زين وشينك لَهُم شين فَلَا تحد ثن نَفسك
بفقر وَلَا طول عمر. هُوَ فِي الأَصْل فَحل الْإِبِل المقترع للفحلة فا
ستعاره للرئيس والمقدم أَرَادَ أَنَّك إِذا خفت الْفقر وَحدثت نَفسك
بأنك إِن أنفقت مَالك افْتَقَرت مَنعك ذَلِك التَّصَدُّق والإنفاق فِي
سَبِيل الْخَيْر وَإِذا نُطت أملك بطول الْعُمر قسا قَلْبك وأخرت مَا
يجب أَن يقدّم وَلم تسارع إِلَى وُجُوه الْبر مسارعة من قصر أمله وَقرب
عِنْد نَفسه أَجله.
قرمل تردى قرمل لبَعض الْأَنْصَار على ارسه فِي بِئْر فَلم يقدروا على
منحره فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: جوفوه ثمَّ قطعوه أَعْضَاء وأخرجوه.
القرمل: الصَّغِير من الْإِبِل. وَعَن النَّضر: القرملية من ضروب
الْإِبِل هِيَ الصغار الْكَثِيرَة الأوبار وَهِي حرضة البخت وضاويتها.
وَفِي كتاب الْعين: القرملية إبل كلهَا ذُو سنَامَيْنِ. جوفوه: اطعنوه
فِي جَوْفه يُقَال: جفته كبطنته جعل ذَكَاة غير الْمَقْدُور على ذبحه
من النعم كذكاة الوحشي.
قرى مرّة بن شرَاحِيل رَحمَه الله تَعَالَى عُوقِبَ فِي ترك الْجُمُعَة
فَذكر أَن بِهِ وجعاً يقرى ويجتمع وَرُبمَا ارْفض فِي إزَاره. أَي يجمع
لِدَة.
قرطف النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا
أَيهَا المدثر} قَالَ: كَانَ متدثرا فِي قرطف.
(3/186)
قرطف هُوَ القطيفة وَهُوَ مِنْهَا كسبطر من
السبط أَعنِي فِي الاشترك فِي بعض الْحُرُوف.
قرض الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى قيل لَهُ: أَكَانَ أَصْحَاب رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمزحون قَالَ: نعم ويتقارضون. من القريض
وَهُوَ الشّعْر. الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى لَا تصلح مقارضة من
طعمته الْحَرَام. أهل الْحجاز يسمون الْمُضَاربَة الْقَرَاض والمقارضة.
وَالْمعْنَى فِيهَا وَفِي الْمُضَاربَة وَاحِد وَهُوَ العقد على
الضَّرْب فِي الأَرْض وَالسَّعْي فِيهَا وقطعها بالسير من الْقَرْض فِي
السّير. قَالَ ذُو الرمة: ... إِلَى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أجْوازَ
مُشْرِفٍ ... شِمالا وعْنَ ايمانهن الفوارس ...
قرر يحيى بن يعمر رَحمَه الله كتب على لِسَان يزِيد بن الْمُهلب إِلَى
الْحجَّاج إِنَّا لَقينَا هَذَا الْعَدو فَقَتَلْنَا طَائِفَة وأسرنا
طَائِفَة وَلَحِقت طَائِفَة بقرار الأودية وأهضام الْغِيطَان وبتنا
بعرعرة الْجَبَل وَبَات الْعَدو بحضيضه. فَقَالَ الْحجَّاج: مَا يزِيد
بِأبي عذر هَذَا الْكَلَام فَقيل لَهُ: إِن يحيى بن يعمر مَعَه. فَحمل
إِلَيْهِ فَقَالَ: أَيْن ولدت قَالَ: بالأهواز. قَالَ: فَأَنِّي لَك
هَذِه الفصاحة قَالَ: أَخَذتهَا عَن أبي. الْقَرار: جمع قرارة وَهِي
المطئمن الَّذِي يستنقع فِيهِ المَاء. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب: ... بقَرار
قِيعَان سَقَاهَا وَابِل ... الأهضام: أحضان الأودية وأسافلها والهضوم
مثلهَا الْوَاحِد هضم من الهضم وَهُوَ الْكسر يُقَال: هضمه حَقه
لِأَنَّهَا أضواج ومكاسر. والهضم: فعل بِمَعْنى مفعول يصدقهُ رِوَايَة
أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: المهتضم نَحْو الهضم.
(3/187)
العرعرة: الْقلَّة. وَمِنْهَا قيل لطرف
السنام عرْعرة وللرجل الشريف عراعر. قَالَ أَبُو سعيد السيرافي: تَقول
امْرَأَة عذراء بَيِّنَة الْعذرَة كَمَا تَقول: حَمْرَاء بَيِّنَة
الْحمرَة وَيَقُولُونَ لمن افتضَّها: هَذَا أَبُو عذرها يُرِيدُونَ
أَبُو عذرتها أَي صَاحب عذرتها وَجرى ذَلِك مثلا لكل من يسْتَخْرج
شَيْئا أَن يُقَال لَهُ: أَبُو عذره وَالْأَصْل فِيهِ عذرة الْمَرْأَة
واستخفوا بطرح الْهَاء حِين جرى فِي كَلَامهم مثلا وَكثر استعمالهم
لَهُ.
قَرَأَ فِي الحَدِيث: النَّاس قواري الله فِي الأَرْض. وروى:
الْمُسلمُونَ. وروى: الْمَلَائِكَة. أَي شهداؤه الَّذين يقرونَ أَعمال
النَّاس قرواً أَي يتتبعونها ويتصفحونها. قَالَ جرير: ... مَاذَا تعدُّ
إِذا عددتُ عَلَيْكُم ... والمسلمون بِمَا أقولُ قَوَارِي ... وَقَالَ
غَيره ... حدَّثَني الناسُ وهم قَوارِي ... أنكَ مِنْ خَيْرِ بني
نِزارِ ... لكلِّ ضَيْفٍ نازلٍ وجَارِ ... وَإِنَّمَا جَاءَ على فواعل
ذَهَابًا إِلَى الْفرق والطوائف كَقَوْلِه: ... خُضْع الرّقاب نواكس
الْأَبْصَار ...
قرب اتَّقوا قرَاب الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله وروى: قرَابَة
الْمُؤمن. هُوَ من قَول الْعَرَب: مَا هُوَ بعالم وَلَا قرَاب عَالم
وَلَا قرَابَة عَالم أَي وَلَا قريب من عَالم. والمعن: اتَّقوا فراسته
وظنَّه الَّذِي هُوَ قريب من الْعلم وَالتَّحْقِيق لصدقه وإصابته.
(3/188)
الْقَاف مَعَ الزَّاي
قزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع وروى عَن القنازع.
يحلق الرَّأْس وَيتْرك شعر متفرق فِي مَوَاضِع فَذَلِك الشّعْر قزع
وقنازع الْوَاحِد قزعة وقنزعة إِذا فعل بِهِ ذَلِك وَمِنْه القزع من
السَّحَاب وَنون القنزعة مزيدة وَزنهَا فنعلة وَنَحْوهَا عنصوة يُقَال:
لم يبْق من شعره إِلَّا قنزعة وعنصوة وَلَا يبعد أَن تكون عنصوة
مُشْتَقَّة من شقّ الْعَصَا وَهُوَ التَّفْرِيق فَتكون أُخْتا لقنزعة
من الْجِهَات الثَّلَاث: الْوَزْن وَالْمعْنَى والاشتقاق.
قزَح إِن الله ضرب مطعم ابْن آدم للدنيا مثلا أَو ضرب الدُّنْيَا لمطعم
ابْن آدم مثلا وَإِن قرَّحة وملحه. أَي توبله من القزح وَهُوَ التابل
وملحه من ملح الْقدر بِالتَّخْفِيفِ إِذا ألْقى ملحاً بِقدر وَأما
ملحها وأملحها فَإِذا أَكثر ملحها حَتَّى تفْسد. وَمِنْه قَالُوا: رجل
مليح قزيح. شُبه بالمطعم الَّذِي طيب بالملح والقزح.
(3/189)
وَفِي أمثالهم: قزِّح الْمجْلس يطلع.
وَالْمعْنَى إِن الْمطعم وَإِن تكلّف الْإِنْسَان التنوق فِي صَنعته
وتطييبه وتحسينه فَإِنَّهُ لَا محَالة عَائِد إِلَى حالٍ تُكره
وتًستقذر فَكَذَلِك الدُّنْيَا المحروص على عمارتها ونظم أَسبَابهَا
رَاجِعَة إِلَى خراب وإدبار. لَا تَقولُوا قَوس قزَح فَإِن قزَح من
أَسمَاء الشَّيَاطِين. قَالَ الجاحظ: كَأَنَّهُ كره مَا كَانُوا
عَلَيْهِ من عادات الْجَاهِلِيَّة وَكَأَنَّهُ أحب أَن يُقَال قَوس
الله فيرفع قدرهَا كَمَا يُقَال: بَيت الله وزوار الله. وَقَالُوا:
قَوس الله أَمَان من الْغَرق. وَفِي قزَح ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: اسْم
شَيْطَان وسُمي بذلك لِأَنَّهُ يسوِّل للنَّاس ويُحسِّن إِلَيْهِم
الْمعاصِي من التقزيح. وَعَن أبي الدقيش: القزح: الطَّرِيق الَّتِي
فِيهَا الْوَاحِدَة قزحة. وَالثَّالِث: أَن تسمى بذلك لارتفاعها من
قزَح الشَّيْء وقحز إِذا ارْتَفع عَن الْمبرد. وَمِنْه قزَح الْكَلْب
ببوله إِذا طمح بِهِ وَرَفعه. قَالَ: وحَدثني الرياشي عَن الْأَصْمَعِي
قَالَ: نظر رجل إِلَى رجل مَعَه قَوس فَقَالَ: مَا هَذِه القحزانة
يُرِيد المرتفعة. وسعر قازح وقاحز: مُرْتَفع عَال. قَالَ ... وَلَا
يَمْنَعُون النِّيب والسَّوْمُ قاحِزُ ... أَبُو بكر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ أَتَى على قزَح وَهُوَ يخرش بعيره بِمِحْجَنِهِ. قزَح:
الْقرن الَّذِي يقف عِنْد الإِمَام بِالْمُزْدَلِفَةِ. وَامْتِنَاع
صرفه للعلمية وَالْعدْل كعمر وَزفر وَكَذَلِكَ قَوس قزَح فِيمَن لم
يَجْعَل القزح الطرائق. الخرش: نَحْو من الخدش. يُقَال: تخارشت الْكلاب
والسنانير. وَهُوَ مزق بَعْضهَا بَعْضًا وخرش الْبَعِير أَن تضربه
بالمحجن وَهُوَ عَصا معوَّجة الرَّأْس ثمَّ تجتذبه
(3/190)
تُرِيدُ تحريكه فِي السّير أَرَادَ أَنه
أسْرع فِي السّير فِي إفاضته. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا كره أَن يُصَلِّي الرجل إِلَى الشَّجَرَة المقزَّحة. هِيَ
الَّتِي تشعبت شعبًا كَثِيرَة وَقد تقزح الشّجر والنبات. وَعَن ابْن
الْأَعرَابِي: من غَرِيب شجر الْبر المقزح. وَهُوَ شجر على صُورَة
التِّين لَهُ أغصنة قصار فِي رءوسها مثل برثن الْكَلْب. واحتملت عِنْد
بَعضهم أَن يُرَاد بهَا الَّتِي قزحت عَلَيْهَا الْكلاب وَالسِّبَاع
بأبوالها فكره الصَّلَاة إِلَيْهَا لذَلِك.
قزز ابْن سَلام رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مُوسَى لجبرائيل
عَلَيْهِمَا السَّلَام هَل ينَام رَبك فَقَالَ الله عز وَجل: قل لَهُ:
فليأخذ قَارُورَتَيْنِ أَو قازوزتين وليقم على الْجَبَل من أول
اللَّيْل حَتَّى يُصبح. القازوزة والقاقوزة: مشربَة دون القارورة.
وَعَن أبي مَالك: القازوزة الجمجمة من الْقَوَارِير.
قزل مجَالد رَحمَه الله تَعَالَى نظر إِلَى الْأسود بن سريع وَكَانَ
يقص فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فَرفع النَّاس أَيْديهم فَأَتَاهُم مجَالد
وَكَانَ فِيهِ قزل فأوسعوا لَهُ فَقَالَ: إِنِّي وَالله ماجئت لأجالسكم
وَإِن كُنْتُم جلساء صدقٍ وَلَكِنِّي رأيتكم صَنَعْتُم شَيْئا فشفن
النَّاس إِلَيْكُم فإياكم وَمَا أنكر الْمُسلمُونَ القزل: أَسْوَأ
العرج وَقد قزل وَأما وَأما قزل بِالْفَتْح فنحو عرج إِذا مَشى مشْيَة
القزل. شفن وشنف إِذا أدام النّظر مُتَعَجِّبا أَو مُنْكرا.
(3/191)
قزز فِي الحَدِيث إِن إِبْلِيس ليقزُّ
القزَّة من الْمشرق فَيبلغ الْمغرب. أَي يثب الوثبة.
الْقَاف مَعَ السِّين
قسس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لبس القسِّي وروى: إِن
الله حرم على أمتِي الْخمر وَالْميسر والمزر والكوبة والقسي. هُوَ ضرب
من ثِيَاب كتَّان مخلوط بحرير يُؤْتى بِهِ من مصر نُسب إِلَى قَرْيَة
على سَاحل الْبَحْر يُقَال لَهَا القسّ قَالَ أَبُو دَاوُد: ...
أَقْفَر الدَّيْر فالأَجَارِعُ من قَوْ ... مي فَعُوقٌ فَرَامِحٌ
فَخَفِيَّهْ
بَعْدَ حيٍّ تَغْدُو القِيانُ عَلَيْهِم ... فِي الدِّمَقْسِ القَسّي
براحٍ سَبِيَّهْ ... وَقَالَ ربيعَة بن مقروم: ... جعَلْن عتيقَ
أَنْماطٍ خُدُورا ... وأَظْهرنَ الكَراديَ والعُهونا
على الأحْداجِ واسْتَشْعَرن رَيْطاً ... عِرَاقياًّ وقَسِّياًّ مَصُونا
... وَقيل: القسي القزي أبدلت الزَّاي سينا كَقَوْلِهِم ألسمته
الْحجَّة إِذا ألزمته إِيَّاهَا وَقيل: هُوَ مَنْسُوب إِلَى القسِّ
وَهُوَ الصقيع لبياضه. المزر: نَبِيذ الْأرز. الكوبة: الطَّبل.
قسم اسْتحْلف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسَة نفرٍ فِي قسَامَة فَدخل
مَعَهم رجل من غَيرهم. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ردوا
الْأَيْمَان على أجالدهم. الْقسَامَة: مخرجة على بِنَاء الغرامة
والحمالة لما يلْزم أهل الْمحلة إِذا وُجد قَتِيل فِيهَا
(3/192)
لَا يُعلم قَاتله من الْحُكُومَة بِأَن
يقسم خَمْسُونَ مِنْهُم لَيْسَ فيهم صبي وَلَا مَجْنُون وَلَا امْرَأَة
وَلَا عبد يتخيرهم الْوَلِيّ وقسمهم أَن يَقُولُوا: بِاللَّه مَا
قتلنَا وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا فَإِذا أَقْسمُوا قُضي على أهل
الْمحلة بِالدِّيَةِ وَإِن لم يكملوا خمسين كررت عَلَيْهِم الْأَيْمَان
حَتَّى تبلغ خمسين يَمِينا. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ: الْقسَامَة توجب الْعقل وَلَا تشيط الدَّم. أَي توجب الدِّيَة
لَا الْقود وَلَا تهْلك الدَّم رَأْسا أَي لَا تهدره حَتَّى يجب شَيْء
من الدِّيَة. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: الْقسَامَة
جَاهِلِيَّة. أَي كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتدينون بهَا وَقد قررها
الْإِسْلَام. يُقَال لجسم الرجل: أجلاده وأجاليده وتجاليده. وَيُقَال:
مَا أشبه أجاليده بأجاليد أَبِيه وَحذف الْيَاء اكْتِفَاء بالكسرة
تَخْفِيفًا. أَرَادَ أَن يرد الْأَيْمَان عَلَيْهِم أنفسم وَألا
يُحلَّف من لَيْسَ مِنْهُم. أنكر دُخُول ذَلِك الرجل مَعَهم وَيجوز أَن
يُرِيد بأجالدهم أحملهم للقسامة وأصلحهم لَهَا ويصدقه أَن للأولياء
التخير لأَنهم يستحلفون صالحي الْمحلة الَّذين لَا يحلفُونَ على
الْكَذِب. إيَّاكُمْ والقسامة. قيل: وَمَا الْقسَامَة قَالَ: الشَّيْء
يكون بَين النَّاس فينتقص مِنْهُ. الْقسَامَة: بِالْكَسْرِ حِرْفَة
القسام وبالضم مَا يَأْخُذهُ ونظيرهما الجزارة والجزارة والبُشارة
والبِشارة. وَالْمعْنَى مَا يَأْخُذهُ جَريا على رسم السماسرة دون
الرُّجُوع إِلَى أجر الْمثل كتواضعهم على أَن يَأْخُذُوا من كل ألف
شَيْئا مَعْلُوما وَذَلِكَ مَحْظُور. وَفِي حَدِيث وابصة: مثل الَّذِي
يَأْكُل الْقسَامَة كَمثل جدي بَطْنه مَمْلُوء رضفاً. إِن الله
تَعَالَى لَا ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام يخْفض الْقسْط
وَيَرْفَعهُ حجابه
(3/193)
قسط النُّور لَو كشف طبقه أحرقت سبحات
وَجهه كل شَيْء أدْركهُ بَصَره وَاضع يَده لمسيء اللَّيْل ليتوب
بِالنَّهَارِ ولمسيء النَّهَار ليتوب بِاللَّيْلِ حَتَّى تطلع الشَّمْس
من مغْرِبهَا. الْقسْط: الْقسم من الرزق أَي يبسط لمن يَشَاء ويقدره.
الطَّبَق: كل غطاء لَازم. السبحات: جمع سبْحَة كالغرفات والظلمات فِي
غرفَة وظلمة. وَيجوز فتح الْعين وتسكينها. والسبحة: اسْم لما يسبح بِهِ
وَمِنْهَا سبح الْعَجُوز لِأَنَّهَا تسبح بِهن. وَالْمرَاد صِفَات الله
جلّ ثَنَاؤُهُ الَّتِي يسبحه بهَا المسبحون من جَلَاله وعظمته وَقدرته
وكبريائه. وَجهه: ذَاته وَنَفسه. النُّور: الْآيَات الْبَينَات الَّتِي
نصبها أعلاماً لتشهد عَلَيْهِ وتطرِّق إِلَى مَعْرفَته وَالِاعْتِرَاف
بِهِ شبهت بِالنورِ فِي إنارتها وهدايتها وَلما كَانَ من عَادَة
الْمُلُوك أَن تضرب بَين أَيْديهم حجب إِذا رَآهَا الراءون علمُوا
أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يحتجبون وَرَاءَهَا فاستدلوا بهَا على مكانهم
قيل حجابة النُّور أَي الَّذِي يسْتَدلّ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا يسْتَدلّ
بالحجاب على الْملك المحتجب. هَذِه الأيات النيرة. وَلَو كشف طبقه أَي
طبق هَذَا الْحجاب وَمَا يُغطى مِنْهُ وعُلم جَلَاله وعظمته علما جليا
غير استدلالي لما أطاقت النُّفُوس ذَلِك ولهلك كل من أدْركهُ بَصَره
أَي أدْركهُ علمه الجليّ فَشبه بِإِدْرَاك الْبَصَر لجلائه. لَا
يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام: أَي يَسْتَحِيل عَلَيْهِ ذَلِك. وَاضع يَده:
من قَوْلهم: وضع يَده عَن فلَان إِذا كفَّ عَنهُ يَعْنِي لَا يعاجل
الْمُسِيء بالعقوبة بل يمهله ليتوب.
(3/194)
قسم عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنا
قسيم النَّار. أَي مقاسمها ومساههما. يَعْنِي أَن أَصْحَابه على شطرين:
مهتدون وضالون فَكَأَنَّهُ قَاسم النَّار إيَّاهُم فشطر لَهَا وَشطر
مَعَه فِي الْجنَّة.
قسا ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بَاعَ نفاية بَيت المَال
وَكَانَت زُيُوفًا وقسياناً بِدُونِ وَزنهَا فَذكر ذَلِك لعمر
فَنَهَاهُ وَأمره أَن يردهَا. هُوَ جمع قسي كصبيان فِي صبي
وَكِلَاهُمَا واوي بِدَلِيل قَوْلهم: الصبوة وقسا الدِّرْهَم يقسو.
وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ
لأَصْحَابه: كَيفَ يدرس الْعلم أَو قَالَ: الْإِسْلَام فَقَالُوا:
كَمَا يخلق الثَّوْب أَو كَمَا تقسو الدَّرَاهِم: فَقَالَ: لَا وَلَكِن
دروس الْعلم بِمَوْت الْعلمَاء. قَالَ الْأَصْمَعِي: وَكَأن القسي
إِعْرَاب قاشيّ وَهُوَ الرَّدِيء من الدَّرَاهِم الَّذِي خالطه غشّ من
نُحَاس أَو غَيره. وَقُرِئَ: / وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَسِيَّةً /
وَهِي الَّتِي لَيست بخالصة الْإِيمَان. وَقَالَ أَبُو زبيد الطَّائِي:
يذكر الْمساحِي: ... لَهَا صواهل فِي صُمِّ السِّلامٍ كَمَا ... صَاح
القَسِيّاتُ فِي أَيدي الصياريفِ ... وَعَن عبد الله بن مَسْعُود: مَا
يسرني دين الَّذِي يَأْتِي العراف بدرهم قسي. وَعَن الشّعبِيّ رَحمَه
الله تَعَالَى أَنه قَالَ لأبي الزِّنَاد: تَأْتِينَا بِهَذِهِ
الْأَحَادِيث قسية وتأخذها منا طازجة. وَقيل: هُوَ من الْقَسْوَة أَي
فضَّة صلبة رَدِيئَة. الطازجة: الصِّحَاح النَّقَاء تعريب تازه
بِالْفَارِسِيَّةِ.
(3/195)
قسر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى عزوجل: {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ}
هُوَ ركز النَّاس. يحْتَمل هَذَا التَّفْسِير وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن
يُفَسر القسورة نَفسهَا بالركز وَهُوَ الصَّوْت الْخَفي. وَالثَّانِي
أَن يقْصد أَن الْمَعْنى فرت من ركز القسورة ثمَّ يُفَسر ركز القسورة
بركز النَّاس فقد روى عَنهُ: أَن القسورة جمَاعَة الرِّجَال وروى:
جمَاعَة الرُّمَاة وأية كَانَت فَهِيَ فعولة من القسر وَهُوَ الْقَهْر
وَمِنْه قيل للأسد: قسورة وللنبت المكتهل قسور. وَقد قسور قسورة كَمَا
قيل استأسد. وَالرُّمَاة يقسرون المرمى وَالرِّجَال إِذا اجْتَمعُوا
قووا وقسروا وَإِذا خفض النَّاس أَصْوَاتهم فكأنهم قسروها. ذكر
الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى القسورة لِأَنَّهُ فِي معنى الركز الَّذِي
هُوَ خَبره أَو لِأَن القسورة فِي معنى الركز.
قسطل فِي الحَدِيث: إِن الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين لما الْتَقَوْا فِي
وقْعَة نهاوند غشيتهم ريح قسطلانية. أَي ذَات قسطل وَهُوَ الْغُبَار.
الْقَاف مَعَ الشين
قشر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن القاشرة والمقشورة. القشر:
أَن تعالج الْمَرْأَة وَجههَا بالغمرة حَتَّى ينسحق أَعلَى الْجلد
ويصفو اللَّوْن.
(3/196)
قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله
عَنهُ: غزونا مَعَ أبي بكر هوَازن على عهد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فنفلني جَارِيَة من فَزَارَة عَلَيْهَا قشع لَهَا. قيل:
هُوَ الْجلد الْيَابِس. وَقَالَ أَبُو زيد: قَالَ القشيريون: هُوَ
الفرو الْخَالِق وَمِنْه قيل لريش النعامة: قشع قَالَ: جدَّل خَرْجَاء
عَلَيْهَا قَشْع أَلا ترى إِلَى قَوْله: كَالْعَبْدِ ذى الفرو
الطَّوِيل الأصلم مر صلى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَعَلِيهِ قشبانيتان
قشب
أَي بردَان خلقان والقشيب من الأضداد وَهُوَ من قَوْلهم: سيف قشيب ذى
قشب وَهُوَ الصدأ ثمَّ قيل: قشبه إِذا صقله وجلا قشبه فَهُوَ قشيب.
وَقَول من زعم أَن القشبان جمع قشيب والقشبانية منسوبة إِلَيْهِ غير
مرتضى من القَوْل عِنْد عُلَمَاء [655] الْإِعْرَاب لِأَن الْجمع لَا
يُنسب إِلَيْهِ وَلكنه بِنَاء مستطوف للنسب كالأنبجانيّ
عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث إِلَى معَاذ بن عفراء بحلة
فَبَاعَهَا وَاشْترى بهَا خَمْسَة أرؤس من الرَّقِيق فَأعْتقهُمْ إِن
رجلا آثر قشرتين يَلْبسهُمَا على عتق هَؤُلَاءِ لغبين الرأى.
قشر يُقَال للباس: القشر على سَبِيل الاتعارة. وَأَرَادَ بالقشرتين
الْحلَّة لِأَنَّهَا اسْم للثوبين: الْإِزَار والرداء وَهُوَ فِي هَذِه
الِاسْتِعَارَة محتقر لَهَا ومستصغر فِي جنب مَا حصل لَهُ عِنْد الله
من الذخر بِالْعِتْقِ.
(3/197)
قشب كَانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
بِمَكَّة فَوجدَ طيب ريح فَقَالَ: من قشبنا فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ: دخلت على أم حَبِيبَة فطيبتني وكستني هَذِه
الْحلَّة فَقَالَ عمر: إِن أَخا الْحَاج الْأَشْعَث الأدفر الْأَشْعر.
الفشب: الْإِصَابَة بِمَا يكره ويستقذر. قَالَ النَّابِغَة: ...
فَبِتُّ كَأَنَّ العائدات فَرَشْنَنِي ... هَرَاساً بِهِ يُعْلَي
فِرَاشِي ويُقْشَبُ ... من القشب وَهُوَ القذر والقشب: الَّذِي خالطه
قذر وَمَا أقشب بَيتهمْ أَي مَا اٌقذره وَمِنْه: قشبه إِذا رَمَاه
بقبيح ولطخه بِهِ. وقشب الطَّعَام: خلطه بالسم. وقشبه الدُّخان إِذا
آذاه رِيحه وَبلغ مِنْهُ. وَمِنْه الحَدِيث: إِن رجلا يمر على جسر جنهم
فَيَقُول: قشبني رِيحهَا. وَالَّذِي لَهُ استخبث تِلْكَ الرَّائِحَة
الْمَوْجُودَة من مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان حَتَّى سمى إصابتها قشبا
مُخَالفَته السنَّة وتطيبه وَهُوَ محرم. وَفِي حَدِيثه رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه قَالَ لبَعض بنيه: قشبك المَال. أَي أفسدك
وخبلك.
قشع أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو حدثتكم بِكُل مَا
أعلم لرميتوني بالقشع. وروى: بالقشع. قيل: هِيَ الْجُلُود الْيَابِسَة.
وَقيل: الْمدر وَالْحِجَارَة لِأَنَّهَا تُقشع عَن وَجه الأَرْض أَي
تقلع. وَمِنْه قيل للمدرة: القلاعة. جمع قشعة كبدر وبدرة. وَقيل القشع
مَا يقشعه الرجل من النخامة من صَدره أَي لبزقتم فِي وَجْهي. وَفِي
القشع: الأحمق أَي لدعوتموني بالقشع وحمقتموني.
(3/198)
قشش فِي الحَدِيث: كَانَ يُقَال: {قل يَا
أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} المقشقشتان. أَي المبرئتان
من النِّفَاق والشرك. يُقَال للْمَرِيض إِذا برأَ: قد تقشقش وَكَذَلِكَ
الْبَعِير إِذا برأَ من الجرب وقشقشه: أَبرَأَهُ قَالَ: ... إنِّي أَنا
القَطِرَانُ أَشْفِى ذَا الجَرَبْ ... عِنْدِي طِلاَءٌ وهِنَاءٌ
للنُّقَبْ
مُقَشْقِشٌ يُبْرِئُ مِنْهُم مَنْ جَرِبْ ... وأكشِفُ الغُمّى إِذا
الرِّيق عَصَبْ ... وَعَن النَّضر: أقش من الجدري وَالْمَرَض برأَ
وَأثبت غَيره: قَشّ من مَرضه بِمَعْنى تقشقش وَمَا أرى من تكْثر التقاء
مضاعف الثلاثي والرباعي يكَاد يستهويني إِلَى الْإِيمَان بِمذهب
الْكُوفِيّين فِيهِ لَوْلَا تنمر أَصْحَابنَا وتشدهم.
الْقَاف مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُريت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف
فِي النَّار يجر قصبه على رَأسه فَرْوَة فَقلت لَهُ: من مَعَك فِي
النَّار فَقَالَ: من بيني وَبَيْنك من الْأُمَم. وروى: أَن عمر بن لحي
بن قمعة أول من بدل دين إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قرأيته يجر
قصبه فِي النَّار. الْقصب: وَاحِد الأقصاب وَهِي الأمعاء كلهَا وَقيل:
الأمعاء يجمعها اسْم الْقصب وَمِنْه اسْم القصاب لِأَنَّهُ يعالجها
قَالَ الرَّاعِي: ... تَكْسُو المفارقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ ... من
قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ ... عَمْرو بن لحي: أول من بَحر
الْبحيرَة وسيب السائبة وَهُوَ أَبُو خُزَاعَة.
قصَص نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تطيين الْقُبُور وتقصيصها وروى:
عَن تقصيص الْقُبُور وتكليلها.
(3/199)
قصَص هُوَ تجصيصها. والقصة: الجصة وَلَيْسَ
أحد الحرفين بَدَلا من صَاحبه لِاسْتِوَاء التَّصَرُّف وَلَكِن الفصحاء
على الْقَاف. وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا:
إِنَّهَا قَالَت للنِّسَاء لَا تغتسلن من الْمَحِيض حَتَّى تَرين
القصَّة الْبَيْضَاء. قَالُوا: مَعْنَاهُ حَتَّى تَرين الْخِرْقَة أَو
القطنة بَيْضَاء كالقصة لَا تخالطها صفرَة وَلَا ترية. وَقيل: هِيَ
شَيْء كالخيط الْأَبْيَض يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله. وَوجه
ثَالِث: وَهُوَ أَن تُرِيدُ انْتِفَاء اللَّوْن وألاَّ يبْقى مِنْهُ
أثرٌ الْبَتَّةَ فَضربت رُؤْيَة القصَّة لذَلِك مثلا لِأَن رائي
القصَّة الْبَيْضَاء غير راءٍ شَيْئا من سَائِر الألوان. التَّكليل:
أَن يحوطها بِبِنَاء من كلل رَأسه بالإكليل وجفنة مكللة بالسديف وروضة
مكللة إِذا حفت بِالنورِ. وَقيل: هُوَ أَن يضْرب عَلَيْهَا كلل.
قَصم فِي ذكر أهل الْجنَّة: ويُرفع أهل الغرف إِلَى غرفهم فِي درة
بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا قَصم وَلَا فَصم. الْكسر الْمُبين بِالْقَافِ
وَغير الْمُبين بِالْفَاءِ. فِي درَّة: حَال من أهل الغرفة أَي حاصلين
فِي درَّة. وَالْمعْنَى كل وَاحِد مِنْهُم كَقَوْلِهِم: كسانا
الْأَمِير حلَّة.
قصع خطبهم على رَاحِلَته وَإِنَّهَا لتقصع بجرَّتها. أَي تمضغها
بِشدَّة.
قصف وَعَن مَالك بن أنس رَحمَه الله تَعَالَى: الْوُقُوف على
الدَّوَابّ بِعَرَفَة سُنَّة وَالْقِيَام على الْأَقْدَام رخصَة. أَنا
النَّبِيُّونَ فُرَّاط القاصفين. من القصفة وَهِي الدفعة الشَّدِيدَة
والزحمة. قَالَ العجاج:
(3/200)
.. لِقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِم
... وَسمعت قصفة النَّاس وَهِي من القصف بِمَعْنى الْكسر كَأَن بَعضهم
يقصف بَعْضًا لفرط الزحام. وَالْمرَاد بالقاصفين من يتزاحم على آثَارهم
من الْأُمَم الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة. وَفِي حَدِيثه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لما يهمني من
انقصافهم على بَاب الْجنَّة أهم عِنْدِي من عِنْدِي من تَمام
شَفَاعَتِي. أَي اندفاعم عني أَن استسعادهم بِدُخُول الْجنَّة وَأَن
يتمَّ لَهُم ذَلِك أهم عِنْدِي من أَن أبلغ أَنا منزلَة الشافعين
المشفّعين لِأَن قبُول شَفَاعَته كَرَامَة لَهُ وإنعام عَلَيْهِ
فوصولهم إِلَى مبتغاهم آثر لَدَيْهِ من نيل هَذِه الْكَرَامَة لفرط
شفقته على أمته. رزقنا الله شَفَاعَته وَأتم لَهُ كرامته.
قصر فِي الْمُزَارعَة: إِن أحدهم كَانَ يشْتَرط ثَلَاثَة جداول
والقصارة وَمَا سقى الرّبيع فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
القُصارة والقصرى والقصرَّى وَالْقصر والقصل: كعابر الزَّرْع بعد
الدياسة وفيهَا بَقِيَّة حبّ. الرّبيع: النَّهر. كَانَ يشْتَرط ربُّ
الأَرْض على الْمزَارِع أَن يزرع لَهُ خَاصَّة مَا تسقيه الجداول
وَالربيع وَأَن تكون لَهُ القصارة فَنهى عَن ذَلِك.
قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن شهد الْجُمُعَة فصلىَّ وَلم يؤذ
أحدا: بقصره إِن لم تُغفر لَهُ جمعته تِلْكَ ذنُوبه كلهَا أَن يكون
كفَّارته فِي الْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا. يُقَال: قصرك أَن تفعل
كَذَا أَي حَسبك وغايتك وَهُوَ من معنى الْحَبْس لِأَنَّك إِذا بلغت
الْغَايَة حبستك ويصدقه قَوْلهم فِي مَعْنَاهُ: ناهيك وَنَحْو قَوْله:
(3/201)
بقصره أَن يكون كَفَّارَته قَول الشَّاعِر:
... بِحَسْبِكَ فِي الْقَوْم أَن يَعْلموا ... بأنّك فيهم غَنِيٌّ مُضر
... فِي إِدْخَال الْبَاء على الْمُبْتَدَأ. جمعته: نَصبه على الظّرْف.
وَفِي يكون ضمير الشُّهُود أَي شُهُوده على تِلْكَ الصّفة يكفِّر
عَنهُ. من كَانَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ أصل فليتمسك بِهِ وَمن لم يكن
لَهُ فليجعل لَهُ بهَا أصلا وَلَو قصرة. أَي وَلَو أصل نَخْلَة
وَاحِدَة وَالْجمع قصر وَفسّر قَوْله تَعَالَى {بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ}
فِيمَن حرّك بِأَنَّهُ جمع قصرة وَهُوَ أصل الشَّجَرَة ومستغلظها
وبأعناق النّخل وبأعناق الْإِبِل. وَعَن الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى:
إِن الشرر يرْتَفع فَوْقهم كأعناق النّخل ثمَّ ينحط عَلَيْهِم كالأينق
السود. وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه مرَّ
بِهِ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: لقد كَانَ فِي قصرة هَذَا مَوَاضِع لسيوف
الْمُسلمين. يَعْنِي أصل الرَّقَبَة وَكَأَنَّهُ سمى بذلك لِأَنَّهَا
بِهِ تَنْتَهِي من القصرة وَهُوَ الْغَايَة الْمُنْتَهى إِلَيْهَا. أسر
ثُمَامَة بن أُثال فَأبى أَن يُسلم قصراً فَأعْتقهُ فَأسلم. أَي حبسا
وإجباراً من قصرت نَفسِي على الشَّيْء إِذا جبستها عَلَيْهِ ورددتها
عَن أَن تطمح إِلَى غَيره. وَمِنْه حَدِيث أَسمَاء بنت عبيد الأشهلية
رَضِي الله عَنْهَا: إِنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنَّا معشر النِّسَاء محصورات مقصورات
قَوَاعِد بُيُوتكُمْ
(3/202)
وحوامل أَوْلَادكُم فَهَل نشارككم فِي
الْأجر فَقَالَ: نعم إِذا أحسنتن تبعُّل أزواجكن وطلبتن مرضاتهم.
قصب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهَا: إِن الله يبشرك بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب لَا صخب فِيهِ
وَلَا نصب. فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَا بَيت فِي الْجنَّة من قصب
قَالَ: هُوَ بَيت من لؤلؤة مُجبَّأة. قَالَ صَاحب الْعين: الْقصب من
الْجَوْهَر: مَا استطال مِنْهُ تجويف. وَقَالُوا فِي المجبأة: هِيَ
المجوفة كَأَنَّهَا قلب مجوَّبة من الجوب. وَهُوَ الْقطع وَيجوز أَن
يكون من الجبء وَهُوَ نقير يجْتَمع فِيهِ المَاء وَجمعه جبوء. قَالَ
جندل بن الْمثنى: ... يَدَعْن بالأمالس الصَّهارج ... مثل الجبُوءِ فِي
الصَّفا السَّمارِجِ ... شبه تجويفها بالنقير فاستعير لَهُ كَأَنَّهَا
نُقرت نقرا حَتَّى صَارَت جوفاء وحقها على هَذَا أَن تخرج همزتها بَين
بَين عِنْد الْمُحَقِّقين إِلَّا على لُغَة من قَالَ: لَا هُنَاكَ
المرتع.
قصد إِن حميد بن ثَوْر الْهِلَالِي أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حِين أسلم فَقَالَ: ... أْصَبحَ قَلبِي من سُلَيْمَى مُقْصَدَا ... إِن
خَطَأَ مِنْهَا وإنْ تَعَمُّدا ... فَحَمّلَ الهِمَّ كِلازاً جَلْعَدا
... تَرَى العُلَيْفِىَّ عَلَيْهَا مُوكّدا
وَبَين نِسْعيه خِدَبًّا مُلْبِدا ... إِذا السَّراب بالفَلاةِ اطّردا
ونَجَد الماءُ الَّذِي تَوَرَّدا ... تَوَرُّدَ السِّيد أَرَادَ
المرصدا ... حَتَّى أرانا رَبنَا مُحَمَّدًا
أقصدته: إِذا طعنته فَلم تخطئه.
(3/203)
الكلاز: المجتمعة الْخلق من كلزت الشَّيْء
وكلزته إِذا جمعته. واكلازّ إِذا تجمَّع وتقّبض. والجلعد: نَحْوهَا
وَاللَّام زَائِدَة من التجعد وَهُوَ التقبض والتجمع. العليفي: رَحل
مَنْسُوب إِلَى علاف وَهُوَ ربان أَبُو جرم أول من عمل الرّحال
كَأَنَّهُ صغَّر العلافي تَصْغِير التَّرْخِيم. الموكد: الموثق ويروى:
موفدا أَي مشرفا. خدبا: ضخما كَأَنَّهُ يُرِيد سنامها أَو جنبها
المجفر. ملبدا: عَلَيْهِ لبدة من الْوَبر. نجد المَاء: سَالَ الْعرق
وَيُقَال للعرق النجد. تورد: تلون لِأَنَّهُ يسيل من الذِّفرى أسود
ثمَّ يصفر وَشبهه بتلون الذِّئْب. لَا يقصّ إِلَّا أَمِير أَو مَأْمُور
أَو مختال. أَي لَا يخْطب إِلَّا الْأَمِير لِأَن الْأُمَرَاء كَانُوا
يتولون الْخطب بِأَنْفسِهِم. والمأمور الَّذِي اختارة الْأَئِمَّة
فَأمره بذلك وَلَا يختارون إِلَّا الرِّضَا الْفَاضِل. والمختال:
الَّذِي ينتدب لَهَا رِيَاء وخيلاء.
قصر إِن أعرابياًّ جَاءَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: عَلمنِي
عملا يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: لَئِن كنت أقصرت الْخطْبَة لقد أَعرَضت
الْمَسْأَلَة أعتق النَّسمَة وَفك الرَّقَبَة: قَالَ: أَوَ ليسَا
وَاحِدًا. قَالَ: لَا عتق النَّسمَة: أَن تفرد بِعتْقِهَا. وَفك
الرَّقَبَة. أَن تعين فِي ثمنهَا والمنحة الوكوف والفيء على ذِي
الرَّحِم الظَّالِم. أَي جِئْت بِالْخطْبَةِ قَصِيرَة وبالمسألة عريضة
وَاسِعَة. يُقَال: أقصرت فُلَانَة إِذا ولدت أَوْلَادًا قصاراً وأعرضت
إِذا ولدتهم عراضاً. المنحة: شَاة أَو نَاقَة يَجْعَلهَا الرجل لآخر
سنة يحتلبها. الوكوف: الَّتِي لَا يكفُّ درُّها. الْفَيْء: الْعَطف
وَالرُّجُوع عَلَيْهِ بالبرّ أَي وشأنك منح المنيحة والفيء على ذِي
الرَّحِم.
(3/204)
وَلَو رويا منصوبين لَكَانَ أوجه ليَكُون
طباقا للمعطوف عَلَيْهِ لِأَن الْفِعْل يُضمر قبلهمَا فيعطف الْفِعْل
على مثله. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مرَّ بِرَجُل قد قصر الشّعْر
فِي السُّوق فَعَاتَبَهُ. أَي جزَّه إِنَّمَا كرهه لِأَن الرّيح رُبمَا
حَملته فأوقعته فِي المآكيل. عَلْقَمَة رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ
إِذا خطب فِي نِكَاح قصَّر دون أَهله. أَي أمسك عَمَّن هُوَ فَوْقه
وخطب إِلَى من دونه. قَالَ الْأَعْشَى: ... أَثْوَي وقَصّر لَيْلَة
ليزوَّدَا ... فَمضى وأخْلَف من قَتيلَة مَوْعدا ... أَي أَقَامَ
وَأمْسك عَن السّفر ليزود.
قصل الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: أُغمي على رجل من جُهَيْنَة
فِي بَدْء الْإِسْلَام فظنوا أَنه قد مَاتَ وهم جُلُوس حوله وَقد حفروا
لَهُ إِذْ أَفَاق فَقَالَ: مَا فعل القصل قَالُوا: مر السَّاعَة
فَقَالَ: أما إِنَّه لَيْسَ عليّ بَأْس إِنِّي أتيت حَيْثُ
رَأَيْتُمُونِي أُغمي عَليّ فَقيل: لأمك هُبل أَلا ترى حفرتك تنثل
أَرَأَيْت إِن حولناها عَنْك بمحول وَرُوِيَ: بمحول ودفنا فِيهَا قصل
الَّذِي مَشى فخزل أتشكر لِرَبِّك وَتصل وَتَدَع سَبِيل من أشرك وضل
قَالَ: نعم. فبرأ. وَمَات القصل فَجعل فِيهَا. القصل: اسْم رجل. الهبل:
الثكل يُقَال: هبلته أمه هبلاء فَهِيَ هابل والهبول: الَّتِي لَا يبْقى
لَهَا ولد. وَرجل مهبل يُقَال لَهُ كثيرا: هبلت. نثل الْبِئْر: إِذا
استخرج ترابها. المحول: مفعل من التَّحْوِيل كَأَنَّهُ آلَة لَهُ
وَنَحْوه المجمر لآلة التجمير وبناؤهما على تَقْدِير حذف الزَّوَائِد.
المحول: مَوضِع التَّحْوِيل أَي لَو حولنا هَذِه الحفرة عَنْك إِلَى
غَيْرك. خزل: تفكك فِي مشيته وَهِي الخيزلي.
(3/205)
الْقَاف مَعَ الضَّاد
قضض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت دفرة أم عبد الله بن
أذينة: كُنَّا نطوف مَعَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فرأت ثوبا
مصلبا فَقَالَت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا
رَآهُ فِي ثوب قضبة. الضَّمِير للتصليب. والقضب: الْقطع وَمِنْه القضب
للرطبة أَنه يقضب واقتضاب الدَّابَّة: ركُوبهَا قبل أَن ترَاض
لِأَنَّهُ اقتطاع لَهَا عَن حَال الإهمال والتخلية ثمَّ استعير مِنْهُ
اقتضاب الْكَلَام وَهُوَ ارتجاله من غير تهيئة. قَالَ فِي
الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ سبطا قضيء الْعين فَهُوَ لهِلَال بن
أُميَّة. هُوَ الْفَاسِد الْعين. يُقَال: قضيء الثَّوْب وتقضَّأ إِذا
تفسأ وقربة قضيئة: بالية متشققة والقضأة: الْعَيْب.
قضض يُؤْتى الدُّنْيَا بقضَّها وقضيضها. أَي بأجمعها من قَوْلهم:
جَاءُوا بقضِّهم وقضيضهم وقضِّهم [661] بقضيضهم وَقد روى: بِالرَّفْع.
وَالْمعْنَى: جَاءُوا مُجْتَمعين فيقضّ آخِرهم على أَوَّلهمْ من
قَوْلهم. قضضنا عَلَيْهِم الْخَيل وَنحن نقضُّها قضا فانقضت. القضُّ
فِي الأَصْل: الْكسر فَاسْتعْمل فِي سرعَة الْإِرْسَال والإيقاع كَمَا
يُقَال: عِقَاب
(3/206)
كاسر وتلخيصه أَن القضّ وُضع مَوضِع القاضّ
كَقَوْلِهِم: زور وَصَوْم بِمَعْنى زائر وصائم. والقضيض: مَوضِع
المقضوض لِأَن الأول لتقدمه وَحمله الآخر على اللحاق بِهِ كَأَنَّهُ
يقضّه على نَفسه فحقيقته جَاءُوا بمستلحقهم وَلَا حَقهم أَي بأولهم
وَآخرهمْ. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: القضّ: الْحَصَى الْكِبَار
والقضيض: الْحَصَى الصغار أَي جَاءُوا بالكبير وَالصَّغِير. صَفْوَان
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة:
{وَسَيَعْلَمُ الذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ} بَكَى
حَتَّى يُرى لقد اندقَّ قضيض زوره. يحْتَمل إِن لم يكن مُصحَّفاً عَن
قصَص وَهُوَ المشاش المغروزة فِيهِ شراسيف أَطْرَاف الأضلاع فِي وسط
الصَّدْر أَن يصفه بالقضيض وَهُوَ الكسور لمآ لَهُ إِلَى ذَلِك
ومشارفته لَهُ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقنوا مَوْتَاكُم
شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَقَوْلِه: ... أَقُول لَهُم
بالشِّعب إِذْ يَيْسِرونني ... ألم تعلمُوا أَن ابْن فَارس زَهْدم ...
والزور: أَعلَى الصَّدْر.
الْقَاف مَعَ الطَّاء
قطف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جَابر بن عبد الله رَضِي
الله عَنهُ: خرجت مَعَه فِي بعض الْغَزَوَات فَبينا أَنا على جملي
أَسِير وَكَانَ جملي فِيهِ قطاف فلحق بِي فَضرب عُجز الْجمل بِسَوْط
فَانْطَلق أوسع جمل ركبته قطّ يواهق نَاقَته مواهقةً. القطاف بِوَزْن
الحران والشماس مقاربة الخُطى والإبطاء من القطف وَهُوَ الْقطع لِأَن
سيره يَجِيء مقطعَّا غير مطرد
(3/207)
ونقيضه الوساعة وَقد وسع فَهُوَ وساع
وَمِنْه قَوْله: أوسع جمل. قطّ: اسْم للزمان الْمَاضِي كعوض اسْم
للآتي. المواهقة: المباراة فِي السّير واشتقاقها من الوهق وَهُوَ
الْحَبل المغار يَرْمِي بِهِ فِي أُنشوطة فَيُؤْخَذ بِهِ الدَّابَّة
وافنسان وَمِنْه وهقه عَن كَذَا أَي حَبسه لِأَن كل وَاحِد من
المتباريين كَأَنَّهُ يُرِيد غَلَبَة صَاحبه وحبسه عَن أَن يسْبقهُ.
قطع إِن رجلا أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ مقطعات لَهُ.
هِيَ الثِّيَاب الْقصار لِأَنَّهَا قطعت عَن بُلُوغ التَّمام وَمِنْه
قَول جرير للعجاج: أما وَالله لَئِن سهرت لَهُ لَيْلَة لأدعنه وقلما
تغنى عَنهُ مقطعاته يَعْنِي أراجيزه لقصرها. وَمِنْه حَدِيث ابْن
عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: فِي وَقت
صَلَاة الضُّحَى إِذا تقطعت الظلال. أَي قصرت لِأَنَّهَا تمتد فِي أول
النَّهَار فَكلما ارْتَفَعت الشَّمْس قصرت. وَفِي حَدِيثه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: أَنه نهى عَن لبس الذَّهَب إِلَّا مقطَّعاً. أَرَادَ
الشَّيْء الْيَسِير كالحلقة والشذرة وَنَحْو ذَلِك. وَعَن شمر: إِن
المقطعات الثِّيَاب الَّتِي تقطع وتخيَّط كالجلباب والقميص وَغير ذَلِك
دون الأردية الَّتِي يتعطف بهَا والمطارف والأكسية ونظائرها.
وَاسْتشْهدَ بِحَدِيث عبد الله بن عَبَّاس: نخل الْجنَّة سعفها كسْوَة
لأهل الْجنَّة مِنْهَا مقطَّعاتهم وحللهم. وَعنهُ: إِن المقطعات برود
عَلَيْهَا وشى مقطع.
قطن إِن آمِنَة أمه صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم قَالَت: وَالله مَا
وجدته فِي قطن وَلَا ثنة وَلَا أَجِدهُ إِلَّا على ظهر كَبِدِي وَفِي
ظَهْري وَجعلت توحم. الْقطن: أَسْفَل الظّهْر. والثنة: أَسْفَل الْبَطن
من السُّرَّة إِلَى مَا تحتهَا.
(3/208)
الوحم: شَهْوَة الحبلى. وَقد وحمت وَهِي
وَحمى. وَفِي أمثالهم: وَحمى وَلَا حَبل.
قطب قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرافع بن خديج ورُمي بِسَهْم فِي
ثندوته إِن شِئْت نزعت السهْم وَتركت القطبة وَشهِدت لَك يَوْم
الْقِيَامَة أَنَّك شَهِيد. القطبة: هِيَ نصل صَغِير يرْمى بِهِ
الْأَغْرَاض.
قطع أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكره عمر فَقَالَ: وَلَيْسَ
فِيكُم من تقطَّع عَلَيْهِ الْأَعْنَاق مثل أبي بكر. يُقَال للْفرس
الْجواد: تقطعت أَعْنَاق الْخَيل عَلَيْهِ فَلم تلْحقهُ. وَقَالَ: ...
يقطعهن بتقريبه ... ويأوي إِلَى خضر مُلْهِبِ ... يُرِيد لَيْسَ فِيكُم
أحد سَابق كَأبي بكر. من: نكرَة مَوْصُوفَة وَهُوَ اسْم لَيْسَ. وَمثل
أبي بكر صفة لَهُ بعد صفته الَّتِي هِيَ مِنْهُ بِمَنْزِلَة الصِّلَة
من الْمَوْصُول فِي عدم الانفكاك مِنْهَا والظرف خبر. وَيجوز أَن ينصب
مثل حملا على الْمَعْنى أَي لَيْسَ فِيكُم سَابق سبقا مثل سبق أبي بكر.
أَو على أَنه خبر لَيْسَ وَفِيكُمْ لَغْو.
قطر ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يعجبنك مَا ترى من
الْمَرْء حَتَّى تنظر على أَي قطريه يَقع. أَي على أَي شقيه يَقع فِي
خَاتمه عمله: أَعلَى شقِّ الْإِسْلَام أَو غَيره.
قطرب لَا أعرفنَّ أحدكُم جيفة ليلٍ قطرب نَهَار. هُوَ دويبة لَا تستريح
نَهَارهَا سعياً فَشبه بهَا الْإِنْسَان يسْعَى جَمِيع نَهَاره فِي
حوائج دُنْيَاهُ ثمَّ يُمْسِي كالاًّ فينام جَمِيع ليله.
قطن سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كنت رجلا على دين الْمَجُوسِيَّة
فاجتهدت فِيهَا حَتَّى كنت قطن النَّار الَّذِي يوقدها.
(3/209)
قطن يرْوى بِكَسْر الطَّاء وَفتحهَا
بِمَعْنى القاطن وَهُوَ الْمُقِيم عِنْدهَا الَّذِي لَزِمَهَا فَلَا
يفارقها.
قطط زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ لَا يرى بِبيع
القطوط إِذا خرجت بَأْسا هِيَ الخطوط الَّتِي فِيهَا الأرزاق يُكتب
بهَا إِلَى النواحي الَّتِي فِيهَا حق السُّلْطَان. قَالَ الْأَعْشَى:
... وَلَا المَلِك النُّعْمَان يومَ لقِيتُه ... بأمَّتِه يُعْطِي
القُطوطَ ويَأْفِقُ ... الْوَاحِد قطّ. قَالَ الله تَعَالَى: {عَجِّل
لَنَا قِطَّنَا} وَهُوَ من القط بِمَعْنى الْقطع لِأَنَّهُ قِطْعَة من
القرطاس أَو قِطْعَة من الرزق. وَالْمعْنَى أَنه رخّص فِي بيعهَا
وَهُوَ من بيع مالم يقبض.
قطع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَصَابَهُ قُطع أَو بهر
وَكَانَ يُطبخ لَهُ الثوم فِي الحساء فيأكله. الْقطع: انْقِطَاع
النَّفس وَقد قطع فَهُوَ مَقْطُوع.
قطر ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يكره الْقطر. هُوَ
المقاطرة وَهِي أَن يزن جُلَّة من تمر أَو عدلا من مَتَاع أَو حب
وَيَأْخُذ مَا بَقِي على حِسَاب ذَلِك وَلَا يزنه نوقطار الْإِبِل
لإتباع بعضه بَعْضًا.
(3/210)
قعد
الْقَاف مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عشرَة عينا وَأمر عَلَيْهِم
عَاصِم بن ثَابت ابْن أبي الأقلح فَلَقِيَهُ الْمُشْركُونَ فَقَالَ:
... أَبو سليمانَ ورِيشُ المُقْعَدِ ... وَوَتر مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ
أَجْرَدِ ... وَضَالَةٌ مِثْلُ الجَحِيمِ المُوقَدِ ... فَرَمَوْهُ
بِالنَّبلِ حَتَّى قَتَلُوهُ فِي سَبْعَة. وَبعثت قُرَيْش إِلَى عَاصِم
ليأتوا بِرَأْسِهِ وَشَيْء من جسده فَبعث الله مثل الظلة من الدبر
فحمته. المقعد: رجل نبال وَكَانَ مقْعدا. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي
المقعد: فرخ النسْر وريشه أَجود الريش. وَمن رَوَاهُ (المقعد) فَهُوَ
اسْم رجل كَانَ يريش السِّهَام. وَقيل المقعد النسْر الَّذِي قشب لَهُ
حَتَّى صيد فأُخذ ريشه. الأجرد من الْخَيل وَالدَّوَاب كلهَا: الْقصير
الشّعْر وَلَعَلَّ جلده أقوى وَالْوتر الْمَعْمُول مِنْهُ أَجود.
الضَّالة: السِّدْرَة الْبَعِيدَة من المَاء وَأَرَادَ بهَا السِّهَام
المصنوعة مِنْهَا كَمَا يُرَاد بالنبعة وبالشريانة الْقوس. الْجَحِيم:
الْجَمْر. قَالَ الْهُذلِيّ: ... أَذُّبهمُ بالسيفِ ثمَّ أبثّها ...
عَلَيْهِم كَمَا بَثَّ الْجَحِيم القَوابِس ... الدبر: النَّحْل يُرِيد
أَنا أَبُو سُلَيْمَان وَمَعِي هَذَا السِّلَاح العتيد فَمَا يَمْنعنِي
من الْمُقَاتلَة كَأَنَّهُ قَالَ: أَنا الْمَوْصُوف بِفضل الرماية
وآلتها كَامِلَة عِنْدِي فَلَا علّة. أَو فاحذروني وَبِهَذَا سمي حمي
الدبر.
(3/211)
قعى نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن
الإقعاء فِي الصَّلَاة وروى: نهى أَن يقعي الرجل كَمَا يقعي السَّبع.
وَعَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه أكل مرّة مقعياً. وَهُوَ أَن يجلس
على أليتيه ناصبا فَخذيهِ.
قعد سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سحائب مرَّت فَقَالَ:
كَيفَ ترَوْنَ قواعدها وبواسقها ورحاها أجون أم غير ذَلِك ثمَّ سَأَلَ
عَن الْبَرْق فَقَالَ: أخفواً أَو وميضاً أم يشقُّ شقًّا قَالُوا:
يشقُّ شقاًّ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَ كم
الْحيَاء. أَرَادَ بالقواعد مَا اعْترض مِنْهَا وسفل كقواعد الْبُنيان
وبالبواسق مَا استطال من فرعها وبالرحى مَا اسْتَدَارَ مِنْهَا. الجون
فِي جون كالورد فِي ورد. الخفو والخفى: اعْتِرَاض الْبَرْق فِي نواحي
الْغَيْم. قَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ أَن يلمع من غير أَن يستطير.
وَأنْشد: ... يبيتُ إِذا مَا لاحَ من نَحْو أَرْضِه ... سَنا البرقِ
يكْلاَ خَفْيَه ويُراقِبه ... والوميض: لمعه ثمَّ سكونه وَمِنْه أومض
إِذا أومى. والشق: استطالته إِلَى وسط السَّمَاء من غير أَن يَأْخُذ
يَمِينا وَشمَالًا. أَرَادَ أيخفو خفواً أم يمض وميضاً وَلذَلِك عطف
عَلَيْهِ يشقُّ شقّا وَإِظْهَار الْفِعْل هَا هُنَا بعد إضماره فِيمَا
قبله نَظِيره الْمَجِيء بِالْوَاو فِي قَوْله عز وَجل وَجل:
{وثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} بعد تَركهَا فِيمَا قبلهَا.
قعبر قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل: يَا رَسُول الله من أهل
النَّار قَالَ: كل قعبري. قَالَ: يَا رَسُول الله وَمَا القعبري قَالَ:
الشَّديد على الْأَهْل الشَّديد على الصاحب. أرى أَنه قلب عبقري
يُقَال: رجل عبقري وَهَذَا عبقري قوم: إِذا كَانَ شَدِيدا.
(3/212)
وظلم عبقري أَي شَدِيد فَاحش. وَأنْشد
الْأَصْمَعِي لرجل من غطفان: ... أكلّف أَن تحلّ بَنو سليم ... جبوب
الإِثم ظلم عَبْقَرِي ... وَقد جَاءَ الْقلب فِي كَلَامهم مجيئاً
صَالحا يَقُولُونَ: كعبره بِالسَّيْفِ وبعكره وتقرطب على قَفاهُ وتبرقط
وسحاب مكفهر ومكرهف واضمحل وامضحل ولعمري ورعملي وعصافير القتب
وعراصيفه. إِن رجلا انقعر عَن مَاله فَجَاءَت ابْنه أُخْته رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله الْمِيرَاث فَقَالَ: لَا شَيْء لَك
اللَّهُمَّ من منعت مَمْنُوع. انقعر: مُطَاوع قَعْره قَالَ الله
تَعَالَى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} وَيُقَال نخل
قواعر وَالْمعْنَى مَاتَ عَن مَال لَهُ. من منعت مَمْنُوع أَي من حرمته
الْمِيرَاث فَهُوَ محروم.
قعص الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يقعص الْخَيل قصعا
بِالرُّمْحِ يَوْم الْجمل حَتَّى نوَّه بِهِ عليّ رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ. يُقَال: قعصه وأقعصه: قَتله ذريعا عَن الْأَصْمَعِي وَابْن
الْأَعرَابِي. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: ... مُؤْنِقة حدب البَرَاجِم
فَوْقَها ... حرَائِبَ سمرمر هفات قواعص ... نوه بِهِ: شهره وعرفه.
قعد العطاردي رَحمَه الله لَا تكون متقيا حَتَّى تكون أذلَّ من قعُود
كل من أَتَى عَلَيْهِ أرغاه هُوَ الْبَعِير الذلول الَّذِي يقتعد.
الإرغاء: الْحمل على الرُّغاء. وَالْمعْنَى قهره بالركوب وَحمل
عَلَيْهِ حَتَّى رغا ذلا واستكانة.
(3/213)
الْقَاف مَعَ الْفَاء
قفو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَحن بَنو النَّضر بن كنَانَة
لَا ننتقي من أَبينَا وَلَا نقفو أُمنا. أَي لَا نتهمها وَلَا نقذفها.
يُقَال: قفا فلَان فلَانا إِذا قذفه بِمَا لَيْسَ فِيهِ. وَمِنْه
قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لكَ بِهِ عِلم} . والقفية:
القذيفة كالشتيمة والعضيهة. وَقَالَت امْرَأَة فِي الْجَاهِلِيَّة: ...
من رَجُل تَحْمِلُهُ مَطِيَّه ... وقِرْبَة مُوكَعَة مَقْرِيَّه
يَأَتِي بني زيد على ضَرِيَّه ... يُخْبِرهُمْ مَا قلْتُ من قَفِيَّه
... وَهُوَ من قفوته: إِذا اتبعت أَثَره لِأَن الْمُتَّهم متتبع متجسس.
وَمِنْه حَدِيث الْقَاسِم: لَا حدَّ إِلَّا فِي القفو البيّن. وَمِنْه
حَدِيث حسان بن عَطِيَّة: من قفا مُؤمنا بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَقفه الله
فِي ردغة الخبال حَتَّى يَجِيء بالمخرج مِنْهُ. ردغة الخبال: عصارة أهل
النَّار.
قفر مَا أقفر بَيت فِيهِ خل. أَي مَا صَار ذَا قفار وَهُوَ الْخبز
بِلَا أَدَم.
قفر نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قفيز الطَّحان. هُوَ أَن
يسْتَأْجر رجلا ليطحن لَهُ كرّ حِنْطَة بقفيز من دقيقها. وَنَحْوه
حَدِيث رَافع بن خديج رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا تستأجرها بِشَيْء
مِنْهَا.
قفع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سُئل عَن الْجَرَاد. فَقَالَ: وددت
أَن عندنَا مِنْهُ قفعة أَو قفعتين.
(3/214)
قفع هِيَ شَيْء ضيق الْأَعْلَى وَاسع
الْأَسْفَل كالقفة تتَّخذ من خوص يجتبى فِيهِ الرطب من قفعه إِذا قَبضه
يُقَال: تقفعت أَصَابِعه وقفعها الْبرد. وَنظر أَعْرَابِي إِلَى قنفذة
قد تقبضت فَقَالَ: أَتَرَى الْبرد قفعها. وَعَن بَعضهم: إِن القفعة جلة
التَّمْر يَمَانِية. قَالَ لَهُ حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا: إِنَّك تستعين بِالرجلِ الَّذِي فِيهِ وَرُوِيَ: بِالرجلِ
الْفَاجِر فَقَالَ: إِنِّي أستعمله لأستعين بقوته ثمَّ أكون على قفانه.
يُقَال: أَتَيْته على قفان ذَلِك وقافيته أَي على أثر ذَلِك. وَأنْشد
الْأَصْمَعِي: ... وَمَا قلَّ عِنْدِي المالُ إِّلا سترتُه ... بِخِيْم
على قَفَّانِ ذلِكَ وَاسِع ... وَهُوَ فعال من قَوْلهم فِي الْقَفَا
القفن رَوَاهُ النَّضر. وَيُقَال: قفن الرجل قفناً: ضرب قَفاهُ يُرِيد
ثمَّ أكون على أَثَره وَمن وَرَائه أتتبع أُمُوره وأبحث عَن أخباره
فكفايته واضطلاعه بِالْعَمَلِ يَنْفَعنِي وَلَا تَدعه مراقبتي وكلاءه
عَيْني أَن يختان. وَقيل: هُوَ من قَوْلهم: فلَان قبان على فلَان
وقفَّان عَلَيْهِ أَي أَمِين عَلَيْهِ يتحفظ أمره ويحاسبه كَأَنَّهُ
شبَّه اطِّلاعه على مجاري أَحْوَاله بالأمين الْمَنْصُوب عَلَيْهِ
لإغنائه مغناه وسده مسدة.
قفل أَربع مقفلات: النَّذر وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَالنِّكَاح. أَي لَا
مخرج مِنْهُنَّ كأنَّ عليهنَّ أقفالا إِذا جرى بِهن القَوْل وَجب
فِيهِنَّ الحكم. وَفِي الحَدِيث ثَلَاث جدّهن جدّ وهزلهن جِدّ:
الطَّلاق وَالنِّكَاح وَالْعتاق.
قفى الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خرج عمر يَسْتَسْقِي بِهِ
فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نتقرَّب إِلَيْك بعمِّ نبيك وقفيَّة
آبَائِهِ وَكبر رِجَاله. فَإنَّك تَقول وقولك الْحق: وَأما الْجِدَار
فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنزٌ لَهما
وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا. فحفظتهما لصلاح
(3/215)
أَبِيهِمَا فاحفظ اللَّهُمَّ نبيك فِي
عمَّه فقد دلونا بِهِ إِلَيْك مستشفعين ومستغفرين. ثمَّ أقبل على
النَّاس فَقَالَ: {استَغْفِرُوا ربكُم إِنَّه كانَ غفَّارا يُرْسل
السماءَ عَليكُم مِدْراراً ويُمْدِدكم} ... إِلَى قَوْله: {أَنهَارًا}
قَالَ الرَّاوِي: وَرَأَيْت الْعَبَّاس وَقد طَال عمر وَعَيناهُ
تَنْضَحَانِ وسبائبه تجول على صَدره وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت
الرَّاعِي لَا تهمل الضَّالة وَلَا تدع الكسير بدار مضيعة فقد ضرع
الصَّغِير ورقَّ الْكَبِير وَارْتَفَعت الشكوى وَأَنت تعلم السرّ
وأخفى. اللَّهُمَّ فأغثهم بغياثك من قبل أَن يقنطوا فيهلكوا فَإِنَّهُ
لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ. فَنَشَأَتْ طريرة
من سَحَاب. وَقَالَ: النَّاس: ترَوْنَ ترَوْنَ ثمَّ تلامَّت واستتمَّت
ومشت فِيهَا ريح ثمَّ هدت وَدرت فوَاللَّه مَا برحوا حَتَّى اعتلقوا
الْحذاء وقلَّصوا المآزر وطفق النَّاس بِالْعَبَّاسِ يمسحون أَرْكَانه
وَيَقُولُونَ: هَنِيئًا لَك ساقي الْحَرَمَيْنِ. قفيَّة آبَائِهِ:
تلوهم وتابعهم. يُقَال: هَذَا قفي الْأَشْيَاخ وقفيتهم إِذا كَانَ
الْخلف مِنْهُم من قَفَوْت أَثَره. ذهب إِلَى استسقاء [أَبِيه] عبد
الْمطلب لأهل الْحرم وَسَقَى الله إيَّاهُم بِهِ. وَقيل: هُوَ
الْمُخْتَار من القفي وَهُوَ مَا يُؤثر بِهِ الضَّيْف من طَعَام.
واقتفاه: اخْتَارَهُ. وَهُوَ القفوة نَحْو الصفوة من اصْطفى. يُقَال:
هُوَ كبر قومه بِالضَّمِّ إِذا كَانَ أقعدهم فِي النّسَب وَهُوَ أَن
ينتسب إِلَى جده الْأَكْبَر بآباء قَلِيل. قَالَ المرَّار: ... وَلى
الْهَامة فيهم والكُبُرْ
وَأما الْكبر بِالْكَسْرِ فَعظم الشي. يُقَال: كبر سياسة النَّاس فِي
المَال وروى: الفرَّاء فِيهِ الضَّم كَمَا قيل: عُظم الشَّيْء لمعظمه
وَزعم أَن قَوْله تَعَالَى: وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم قرئَ
باللغتين.
(3/216)
دونا بِهِ إِلَيْك: متتنا وتوسلنا من
الدَّلْو لِأَنَّهُ يتَوَصَّل بهَا إِلَى المَاء كَأَنَّهُ قَالَ:
جَعَلْنَاهُ الدَّلْو إِلَى رحمتك وغيثك. وَقيل: أَقبلنَا بِهِ وسقنا
من الدَّلْو وَهُوَ السُّوق الرفيق. قَالَ: ... لَا تنبلاها
وادْلوَاهَا دَلْوَا
يُقَال: طاولته فطلته: أَي غلبته فِي الطول. وَعَن عَليّ بن عبد الله
بن عَبَّاس أَنه طَاف بِالْبَيْتِ وَقد فرع النَّاس كَأَنَّهُ رَاكب
وهم مشَاة وتمت عَجُوز قديمَة فَقَالَت: من هَذَا الَّذِي فرغ النَّاس
فأُعلمت فَقَالَت: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن النَّاس ليرذلون عهدي
بِالْعَبَّاسِ يطوف بِهَذَا الْبَيْت كَأَنَّهُ فسطاط أَبيض. ويروي:
إِن عليا كَانَ إِلَى منْكب عبد الله وَعبد الله إِلَى منْكب
الْعَبَّاس وَالْعَبَّاس إِلَى منْكب عبد الْمطلب. السبائب: سبيبة
وَهِي خصل الشّعْر المنسدرة على الْكَتِفَيْنِ. والسبيب: شعر الناصية
الطَّوِيل المائل قَالَ: ... ينفضن أَفْنَان السَّبِيب والعُذَرْ
قَالَ رَحمَه الله: وَلَو روى وسبابته لكَانَتْ أوقع مِمَّا نَحن بصدده
من ذكر الدُّعَاء لِأَن الدَّاعِي من شَأْنه أَن يُشِير بالسبابة
وَلذَلِك سميت الدَّعَّاءَة. الرَّاعِي الْحسن الرّعية إِذا ضلت من
مرعيه ضَالَّة طلبَهَا وردهَا. وَإِذا أصَاب بعضه كسر لم يُسلمه للسبع
وَلكنه يرفق بِهِ حَتَّى يصلح فَضَربهُ مثلا. ضرع: بِالْكَسْرِ
وَالْفَتْح ضراعة إِذا خضع وذلّ. الطرة: الْقطعَة المستطيلة من
السَّحَاب شُبِّهت بطرَّة الثَّوْب.
(3/217)
هدَّت من الهدة. قَالَ أَبُو زيد: الهدة
بتَشْديد الدَّال: صَوت مَا يَقع من السَّمَاء. والهدأة مَهْمُوزَة:
صَوت الحبلى وروى: هدأت على تَشْبِيه الرَّعْد بصرخة الحلبى. قلص
الْإِزَار وقلَّصته. وَيُقَال: قَمِيص مقلص ومتقلص. سمي ساقي
الْحَرَمَيْنِ بِهَذِهِ السقيا وَبِأَنَّهُ ساقي الحجيج بِمَكَّة.
قفز ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كره للمحرمة النقاب
والقفازين. هما شَيْء يُعمل لِلْيَدَيْنِ محشو بِقطن لَهُ أزرار تُزرُّ
على الساعدين تلبسه نسَاء الْعَرَب توقيا من الْبرد. وَقيل: ضرب من
الْحلِيّ تتخذه الْمَرْأَة فِي يَديهَا ورجليها. وَمِنْه تقفزت
بِالْحِنَّاءِ: إِذا نقشت يَديهَا ورجليها. وَفِي حَدِيث عَائِشَة
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا رخصت للمحرمة فِي القفازين.
قفر قَالَ لَهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يحيى بن يعمر: أَبَا عبد
الرَّحْمَن إِنَّه قد ظهر اناس يقرءو ن الْقُرْآن ويتقفرون الْعلم
وَإِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن لَا قدر وَإِنَّمَا الْأَمر أُنف. فَقَالَ:
إِذا لقِيت أُولَئِكَ فَأخْبرهُم أَنِّي مِنْهُم برِئ وَأَنَّهُمْ
برَاء مني. أَي يتطلبونه ويتتبعونه يُقَال: اقتفرت أَثَره وتقفرته.
قَالَ الفرزدق: ... تَنَعَّلْنَ أَطْرَاف الرِّيَاط وذيَّلَتْ ...
مخافةَ سهل الأَرض أَن يَتَقَفَّرا ... أُنُف: أَي مُسْتَأْنف لم يسْبق
بِهِ قدر من الْكلأ الأُنف وَهُوَ الوافي الَّذِي لم يرع مِنْهُ.
قفف العطاردي رَحمَه الله تَعَالَى يأتونني فيحملونني كأنني قُفّة
حَتَّى يضعوني فِي مقَام الإِمَام فأقرأ بهم الثَّلَاثِينَ
وَالْأَرْبَعِينَ فِي رَكْعَة. القفة: كَهَيئَةِ الْقرعَة تُتَّخذ من
خوص يُجتني فِيهَا النّخل وتضع فِيهَا النِّسَاء غزلهن ويُشبَّه بهَا
الشَّيْخ والعجوز. فَيُقَال: شيخ كَأَنَّهُ قُفَّة وعجوز كَأَنَّهَا
قفة. وَفِي أمثالهم:
(3/218)
صِيَام فلَان صِيَام القفة وَقيل: هِيَ
الشَّجَرَة الْيَابِسَة: وَعَن الْأَصْمَعِي أَن القفة من الرِّجَال
الصَّغِير الجرم. قد قُفّ أَي انْضَمَّ بعضه حَتَّى صَار كَأَنَّهُ
قُفّة وَهِي الشَّجَرَة الْيَابِسَة. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الشَّجَرَة
بِالْفَتْح والمكتل بِالضَّمِّ.
قفن النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِيمَن ذبح فأبان الرَّأْس:
تِلْكَ القفينة. أَي لَا بَأْس بهَا. سميت المبانة الرَّأْس قفينة
لِأَنَّهُ يقطع قفنها أَي قفاها. قفن وقفت الشَّاة واقتفنها. والقفية
مثل القفينة عَن أبي زيد وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: القنيفة.
قفر ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا
يَجدونَ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَبْعُوثًا عِنْدهم وَأَنه
يخرج من بعض هَذِه الْقرى الْعَرَبيَّة فَكَانُوا يقتفرون الْأَثر فِي
كل قَرْيَة حَتَّى أَتَوا يثرب فَنزل بهَا طَائِفَة مِنْهُم. أَي
يتتبعونه.
قفش الْبنانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لم يتْرك عِيسَى بن
مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام فِي الأَرْض إِلَّا مدرعة صوف وقفشين
ومخذفة. أَي خُفَّيْنِ قصيرين والكلمة معربة ومقلاعا. وَلَو روى
بِالْحَاء فَهِيَ الْعَصَا. قفّ فِي (قح) . قائفا فِي (عى) . قفقفة فِي
(حم) . فاستقفاه فِي (حو) . الْقَائِف فِي (ثمَّ) . على قفى فِي (نش) .
على قافية فِي (جر) .
الْقَاف مَعَ الْقَاف
قق ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قيل لَهُ: أَلا تبَايع
أَمِير الْمُؤمنِينَ يَعْنِي ابْن الزبير فَقَالَ: وَالله مَا شبَّهْت
بيعتهم إِلَّا بققة. أتعرف مَا ققة الصَّبِي يحدث فَيَضَع يَده فِي
حَدثهُ فَتَقول أمه: ققة وروى: ققة بِوَزْن ثِقَة.
(3/219)
قق هُوَ صَوت يصوت بِهِ الصَّبِي أَو يصوت
لَهُ بِهِ إِذا فزع من شَيْء مَكْرُوه أَو وَقع فِي قذر أَو فزع.
وَمِنْه قَوْلهم: إِن فلَانا وضع يَده فِي ققة وَوَقع فِي ققة أَي فِي
رَأْي سوء وَأمر مَكْرُوه وَقَالَ الجاحظ: الققة وَهُوَ العقى الَّذِي
يخرج من بطن الصَّبِي حِين يُولد وإياه عَنى ابْن عمر حِين قيل لَهُ:
هلاَّ بَايَعت أَخَاك عبد الله بن الزبير فَقَالَ: إِن أخي وضع يَده
فِي ققة إِنِّي لَا أنزع يَدي من جمَاعَة وأضعها فِي فرقة وَعَن
بَعضهم: يُقَال للصَّبِيّ إِذا نهى عَن تنَاول شَيْء قذر: ققة وإخ ويع
وكخ وَنَظِيره من الْأَصْوَات فِي كَون الثَّلَاث من جنس وَاحِد ببه.
وروى: القققة الْغرْبَان الْأَهْلِيَّة. وَالْمعْنَى أَن بيعتهم
مُنكرَة قد تولاها من لاحجة لَهُ فِي توليها.
الْقَاف مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لي أَرَاكُم تدخلون عليَّ قلحاً.
القلح: صفرَة فِي الْأَسْنَان ووسخ يركبهَا لطول الْعَهْد بِالسِّوَاكِ
من قَوْلهم للمتوسخ الثِّيَاب: قلح وللجعل: الأقلح لسدكه بالقذر. وَفِي
أمثالهم: عود ويقلح.
قلس عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما قدم الشَّام لقِيه المقلَّسون
بِالسُّيُوفِ والرَّيحان. هم الَّذين يَلْعَبُونَ بَين يَدي الْأَمِير
إِذا دخل الْبَلَد قَالَ الْكُمَيْت: ... قد استمرت تغنِّيه الذُّبَاب
كَمَا ... غَنَّى القلس بطريقا بأسوار ...
قلى لما صَالح رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نَصَارَى أهل الشَّام كتبُوا
لَهُ كتابا: إِنَّا لَا نُحدث فِي مدينتنا كَنِيسَة وَلَا قلية وَلَا
نخرج سعانين وَلَا باعوثاً. القلية: شبه الصومعة. السعانين: عيدهم
الأول قبل الفصح بأسبوع يخرجُون بصلبانهم.
(3/220)
الباعوث: استسقاؤهم يخرجُون بصلبانهم إِلَى
الصَّحرَاء فيستسقون. وروى: وَلَا باغوتا وَهُوَ عيدٌ لَهُم. صولحوا
على أَلا يظهروا زيهم للْمُسلمين فيفتنوهم.
قلب بَينا عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لاه يكلم إنْسَانا إِذا
انْدفع جرير بن عبد الله يطريه ويطنب فَأقبل عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا
تَقول با جرير فَعرف الْغَضَب فِي وَجهه. فَقَالَ ذكرت أَبَا بكر وفضله
فَقَالَ عمر: اقلب قلاَّب وَسكت. هَذَا مثل لمن تكون مِنْهُ السقطة
ثمَّ يتلافاهم إِلَى يقلبها إِلَى غير مَعْنَاهَا وَإِسْقَاط حرف
النداء فِي الغرابة مثله فِي افتد مخنوق.
قلد قَالَ أَبُو وجزة السَّعْدِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: شهدته
يَسْتَسْقِي فَجعل يسْتَغْفر فَأَقُول أَلا يَأْخُذ فِيمَا خرج لَهُ
وَلَا أشعر أَن الاسْتِسْقَاء هُوَ الاسْتِغْفَار. فقلدتنا السَّمَاء
قلداً كل خمس عشرَة لَيْلَة حَتَّى رَأَيْت الأرنبة يأكلها صغَار الأبل
من وَرَاء حقاق العرفط. القلد من السَّقْي وَمن الْحمى: مَا يكون فِي
وَقت مَعْلُوم. يُقَال: قلد الزَّرْع وقلدته الْحمى إِذا سقَاهُ وأخذته
فِي يَوْم النّوبَة. وَهُوَ من قَوْلهم: أَعْطيته قلد أَمْرِي إِذا
فوضته إِلَيْهِ. كَمَا تَقول: قلدته أَمْرِي. وألقيت إِلَيْهِ مقاليده
إِذا ألزمته إِيَّاه لِأَن النّوبَة الكائنة لوقت مَعْلُوم لَا تُخطئ
كَأَنَّهَا لَازِمَة لوَقْتهَا لُزُوم مَا يقلَّد من الْأَمر. وَمِنْه
حَدِيث عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه
قَالَ لقيّمه على الوهط: إِذا أَقمت قلدك من المَاء فَاسق الْأَقْرَب
فَالْأَقْرَب. الأرنبة: الأرنب كَمَا يُقَال العقربة فِي الْعَقْرَب.
وَقيل: هِيَ نبت. قَالَ أَبُو حَاتِم: الأرنبة من النَّبَات جمعه
وواحده سَوَاء. وَقَالَ شمر: هِيَ الأرينة على فعيلة وَهِي نَبَات يشبه
الخطمي عريض الْوَرق واستصح الازهري هَذِه الرِّوَايَة. العرفط: شجر
شَاك وحقاقه: صغاره مستعارة من حقاق الْإِبِل. وَالْمعْنَى فِيمَن جعل
الأرنبة وَاحِدَة الأرانب: أَن السَّيْل حملهَا فتعلَّقت بالعرفط وَمضى
السَّيْل وَنبت
(3/221)
المرعى فَخرجت الْإِبِل فَجعلت تَأْكُل
عِظَام الأرانب إحماضا بهَا. وفيمن فسره بالنبات أَنه طَال واكتمل
حَتَّى أَكلته صغَار الْإِبِل ونالته من وَرَاء شجر العرفط.
قُلْنَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَ شريحا عَن امْرَأَة
طلقت فَذكرت أَنَّهَا حَاضَت ثَلَاث حيض فِي شهر وَاحِد. فَقَالَ
شُرَيْح: إِن شهد ثَلَاث نسْوَة من بطانة أَهلهَا أَنَّهَا كَانَت تحيض
قبل أَن طُلقت فِي كل شهر كَذَلِك فَالْقَوْل قَوْلهَا. فَقَالَ عَليّ:
قالون. أَي أصبت بالرومية. أَو هَذَا جَوَاب جيد صَالح. وَمِنْه حَدِيث
ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه عشق جَارِيَة لَهُ
وَكَانَ يجد بهَا وجدا شَدِيدا فَوَقَعت يَوْمًا عَن بغلة كَانَت
عَلَيْهَا فَجعل يمسح التُّرَاب عَن وَجههَا ويفدِّيها وَكَانَت تَقول:
أَنْت قالون أَي رجل صَالح. فهربت مِنْهُ بعد ذَلِك. فَقَالَ: ... قد
كنتُ أَحسِبني قالُون فانطلقَتْ ... فاليومَ أَعْلَم أَني غَيْرُ
قَالُون ...
قلع سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما نُودي ليخرج من فِي الْمَسْجِد
إِلَّا آل رَسُول الله وَآل عليّ خرجنَا نجرُّ قلاعنا. هُوَ جمع قلع
وَهُوَ الكنف يكون فِيهِ زَاد الرَّاعِي ومتاعه. وَفِي أمثالهم: شحمتي
فِي قلعي أَي خرجنَا ننقل أمتعتنا.
قلل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الرِّبا فَقَالَ:
إِنَّه وَإِن كثر فَهُوَ إِلَى قُلّ القل والقلة كالذل والذلة يَعْنِي
أَنه ممحوق الْبركَة.
قلب كَانَ الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي بني إِسْرَائِيل يصلُّون جَمِيعًا
وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا كَانَ لَهَا الْخَلِيل تلبس القالبين تطاول
بهما لخليلها فَألْقى عليهنّ الْحيض. فسر القالبان بالرقيصين من الْخشب
والرقيص: النَّعْل بلغَة الْيمن. وَإِنَّمَا أٌلقي عَلَيْهِنَّ الْحيض
عُقُوبَة لِئَلَّا يشهدن الْجَمَاعَة مَعَ الرِّجَال.
(3/222)
قلى أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ وجدت النَّاس اخبر تقله. يُقَال: قلاه يقليه قلى وقلاء ومقلية
وقلية يقلاه: أبعضه وَالْهَاء مزيدة للسكت. وَالْمعْنَى: وجدت النَّاس
أَي عَلَّمْتهمْ مقولا فيهم هَذَا القَوْل: أَي مَا مِنْهُم أحدٌ
إِلَّا وَهُوَ مسخوط الْفِعْل عِنْد الْخِبْرَة. ابْن عمر رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا لَو رَأَيْت ابْن عمر سَاجِدا لرأيته مقلولياً. أَي
متجافياً مستوفزا. وَمِنْه: فلَان يتقلَّى على فرَاشه أَي يتململ وَلَا
يستقرّ وَالْبَاب يدل على الخفة والقلق.
قلح كَعْب رَحمَه الله تَعَالَى سُئل هَل للْأَرْض من زوج فَقَالَ: ألم
تروا إِلَى الْمَرْأَة إِذا غَابَ زَوجهَا تقلحت وتنكبت الزِّينَة
فَإِذا سَمِعت بِهِ قد أقبل تعطَّرت وتصنَّعت إِن الأَرْض إِذا لم ينزل
عَلَيْهَا الْمَطَر اربدت واقشعرَّت. تقلَّح: تفعَّل من القلح:
الَّذِي: لَا يتعهد نَفسه وثيابه وروى: بِالْفَاءِ أَي تشققت أطرافها
وتشعَّثت. اربدت: اغبرَّت من الرُّبدة وَهِي الرمدة.
قلت أَبُو مجلز رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لَو قلت لرجل وَهُوَ على
مقلته: اتَّقِ رعته وصُرع غرمته وَلَو صُرع عَلَيْك رجل وَأَنت تَقول:
إِلَيْك عني فأيكما مَاتَ غرمهه الحيُّ مِنْكُمَا. هِيَ الْمهْلكَة من
قلت. وَأمسى فلَان على قَلَت. غرمته: وديته. ذهب إِلَى أَنه لَا يضيع
دم مُسلم قطّ.
قلع مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى {وَلهُ
الجَوَارِ المُنْشآت} قَالَ: مَا رفع قلعه.
(3/223)
قلع الْقلع والقلاع: الشراع وَقد روى:
القلاعة. وأقلعت السَّفِينَة جعلته لَهَا.
قلل فِي الحَدِيث فِي ذكر الْجنَّة: ونبقها مثل قلال هجر. جمع قلَّة
وَهِي حبٌّ كَبِير. قَالَ الْأَزْهَرِي: ورأيتهم يسمونها الخروس.
قلس لما رَآهُ الْمُسلمُونَ قلَّسوا لَهُ ثمَّ كفرُوا. التقليس: أَن
يضع يَدَيْهِ على صَدره ويخضع كَمَا يفعل النَّصَارَى قبل أَن تكفر أَي
تومي بِالسُّجُود. وَهُوَ من القلس بِمَعْنى الْقَيْء كَأَنَّهُ حكى
بذلك هَيْئَة القالس فِي تطامن عُنُقه وإطراقه.
قلب كَانَ يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام يَأْكُل الْجَرَاد
وَقُلُوب الشّجر. فِي كتاب الْعين: يَعْنِي مَا كَانَ رخصا من عروقه
الَّتِي تقوده وَمن أجوافه. وَالْوَاحد من ذَلِك قلب وَكَذَلِكَ قلب
النَّخْلَة شحمتها. وَهِي شطبة بَيْضَاء تخرج فِي وَسطهَا كَأَنَّهَا
قلب فضَّة رخصَة لينَة سميت قلبا لبياضها.
الْقَاف مَعَ الْمِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعُثْمَان: إِن الله سيُقمصك
قَمِيصًا وَإنَّك ستلاص على خلعه فإياك وخلعه. يُقَال: قمَّصته
قَمِيصًا إِذا ألبسته إِيَّاه وقمِّص هَذَا الثَّوْب أَي اقطعه
قَمِيصًا وَكَذَلِكَ قبِّ هَذَا الثَّوْب أَي اقطعه قبَاء. وَالْمرَاد
أَن الله سيلبسك لِبَاس الْخلَافَة أَي يشرفك بهَا ويزينك كَمَا يشرف
ويزين المخلوع عَلَيْهِ بخلعته.
(3/224)
الإلاصة: الإدارة على الشَّيْء ليخدع عَنهُ
صَاحبه وينتزع مِنْهُ.
قمن إِنِّي قد نُهيت عَن الْقِرَاءَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فَأَما
الرُّكُوع فَعَظمُوا الله فِيهِ وَأما السُّجُود فَأَكْثرُوا فِيهِ من
الدُّعَاء فَإِنَّهُ قمن أَن يُسْتَجَاب لكم. القَمَن والقَمِن
والقَمِين: الجدير. وَمِنْه: جِئْته بِالْحَدِيثِ على قمنه. أَي على
سنَنه وعَلى مَا يَنْبَغِي أَن يحدث بِهِ وَأَنا متقمن سرك أَي متحريه
ومتوخيه.
قَمح فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من
تمر أَو صَاعا من قَمح. هُوَ الْبر سمي بذلك لِأَنَّهُ أرفع الْحُبُوب
من قامحت النَّاقة إِذا رفعت رَأسهَا. وأقمح الرجل إقماحا إِذا شمخ
بِأَنْفِهِ.
قمع وبل لأقماع القَوْل ويل للمصرين. شبه أسماع الَّذين لَا ينجع فيهم
الْوَعْظ وَلَا يعْملُونَ بِهِ بالأقماع الَّتِي لَا تعي شَيْئا مِمَّا
يفرَّغ فِيهَا. وَفِي المقامات: كم من نصيحة نصحت بهَا فَلم يُوجد لَك
قلب واع وَلَا سمع رَاع كأنَّ أُذُنك بعض الأقماع وَلَيْسَت من جنس
الأسماع.
رجم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا ثمَّ صلى عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّه
الْآن لينقمس فِي رياض الْجنَّة وروى فِي أَنهَار الْجنَّة قمسته فِي
المَاء إِذا غمسته فانقمس. وَمِنْه انقمس النَّجْم إِذا انحطّ فِي
الْمغرب.
(3/225)
قمى كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقمو
إِلَى منزل عَائِشَة كثيرا. أَي يدْخل وَمِنْه اقتمى الشَّيْء واقتباه
إِذا جمعه.
قمس ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الْمَدّ
والجزر فَقَالَ: ملك مُوكل بقاموس الْبحار فَإِذا وضع قدمه فاضت وَإِذا
رَفعهَا غاضت. هُوَ وسط الْبَحْر ومعظمه فاعول من القمس.
قمط شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى قضى بالخص للَّذي يَلِيهِ القمط. جمع
قماط وَهِي شَرط الخص الَّتِي يقمط بهَا أَي يوثق من لِيف أَو خوص
وَكَانَ قد احتكم إِلَيْهِ رجلَانِ فِي خُصٍّ ادَّعياه فَقضى بِهِ
للَّذي تليه معاقد الخص دون من لَا تليه.
الْقَاف مَعَ النُّون
قنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قنت شهرا فِي صَلَاة الصُّبْح
بعد الرُّكُوع يَدْعُو على رعل وذكوان. هُوَ طول الْقيام فِي
الصَّلَاة. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنَّه سُئل
عَن الْقُنُوت فَقَالَ: مَا أعرف الْقُنُوت الاطول الْقيام: ثمَّ
قَرَأَ: {أم من هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا} .
وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ: أَي الصَّلَاة أفضل
فَقَالَ: طول الْقُنُوت. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قنت
صَبِيحَة خمس عشرَة من شهر رَمَضَان فِي صَلَاة الصُّبْح يَقُول:
اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وعيَّاش بن أبي ربيعَة
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ
(3/226)
فَدَعَا كَذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ
صَبِيحَة الْفطر ترك الدُّعَاء فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول
الله مَالك لم تدع للنفر قَالَ: أوما علمت بِأَنَّهُم قدمُوا قَالَ:
فَبينا هُوَ يذكرهم نفجت بهم الطَّرِيق يَسُوق بهم الْوَلِيد بن
الْوَلِيد وَسَار ثَلَاثًا على قَدَمَيْهِ وَقد نكب بالحرَّة. قَالَ:
فنهج بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قضى من
الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا
الشَّهِيد وَأَنا عَلَيْهِ شَهِيد. وَعَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِنَّه مر بِرَجُل قَائِم فِي الشَّمْس فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: هُوَ
قَانِت. فَقَالَ لَهُ: اذكر الله. أَي مطيل للْقِيَام فَحسب لَا يقرنه
بِذكر وَكَانَ الرجل قد نذر أَن يقوم فِي الشَّمْس ساكتا لَا يتَكَلَّم
فَأمره بِأَن يذكر الله مَعَ قِيَامه. رعل وذ كوان: قبيلتان من قبائل
سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة ابْن قيس عيلان. يَسُوق بهم:
أَي يَسُوق رواحلهم وهم عَلَيْهَا. نفجت بهم الطَّرِيق: رمت بهم
فَجْأَة من نفجت الرّيح إِذا جَاءَت بَغْتَة. نكب أَي نكبته
الْحِجَارَة. نهج وأنهج: علاهُ الربو وَانْقطع نَفسه. .
قنع قَالَت الرّبيع بنت معوذ بن عفراء رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا:
أَتَيْته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقناع من رطب وَأجر زغب فَأكل
مِنْهُ. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه أَتَى بقناع جُزْء.
القِنَاع والقِنْع والقُنْع: الطَّبَق الَّذِي يُؤْكَل عَلَيْهِ.
الأجرى صغَار القثاء وَكَذَلِكَ صغَار الرُّمَّان والحنظل وَعَن
بَعضهم: كنت أمرُّ فِي بعض طرقات الْمَدِينَة فَإِذا أَنا بحمال على
رَأسه طن. فَقَالَ لي: أَعْطِنِي ذَلِك الجرو فتبصرت فَلم أر كَلْبا
وَلَا جروا فَقلت: مَا هَا هُنَا جرو فَقَالَ: أَنْت عراقي أَعْطِنِي
تِلْكَ القثاءة.
(3/227)
الْجُزْء: الرطب عِنْد أهل الْمَدِينَة
لاجتزائهم بِهِ عَن الطَّعَام كَمَا سمي الْكلأ جُزْءا وَجَزَاء لِأَن
الْإِبِل تجتزئ بِهِ عَن المَاء.
قنى خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى أقناء معلقَة قنو مِنْهَا حشف.
فَقَالَ: من صَاحب هَذَا لَو تصدَّق بأطيب مِنْهُ ثمَّ قَالَ: أما
وَالله ليدعنها مذللة أَرْبَعِينَ عَاما للعوافي ويروى: حَتَّى يدْخل
الْكَلْب أَو الذِّئْب فيغُذى على بعض سواري الْمَسْجِد. القنو:
الكباسة بِمَا عَلَيْهَا من التَّمْر. مذللة: أَي مدلاة معرضة للاجتناء
لاتمتنع على العوافي وَهِي السبَاع وَالطير. غذى ببوله: دَفعه دفعا. من
غذا يغذو إِذا سَالَ. يُرِيد أَن أهل الْمَدِينَة يخرجُون مِنْهَا فِي
آخر الزَّمَان ويتركون نَخْلهمْ لَا يَغْشَاهَا إِلَّا العوافي.
قنع أهتم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصَّلَاة: كَيفَ يجمع النَّاس لَهَا
فَذكر لَهُ القنع فَلم يُعجبهُ ذَلِك. ثمَّ ذكر قصَّة رُؤْيا عبد الله
[بن زيد] فِي الْأَذَان وروى بِالْبَاء والثاء. هُوَ الشبور. فَمن
رَوَاهُ بالنُّون فلإ قناع الصَّوْت مِنْهُ وَهُوَ رَفعه. قَالَ
الرَّاعِي: ... زَجِلَ الحِدَاء كأنَّ فِي حَيْزُومِه ... قَصَباً
ومُقْنِعَةَ الحَنِين عَجُولاَ ... أَو لِأَن أَطْرَافه أُقنعت إِلَى
دَاخله أَي عُطفت. وَمن رَوَاهُ بِالْبَاء فَمن قبعت الجوالق أَو
الجراب إِذا ثنيت أَطْرَافه إِلَى دَاخل أومن قبع رَأسه إِذا أدخلهُ
فِي قَمِيصه لِأَنَّهُ يقبع فَم النافخ أَي يواريه. وَأما القثع فَعَن
أبي عمر الزَّاهِد أَنه أثْبته وَقد أَبَاهُ الْأَزْهَرِي وَكَأَنَّهُ
من قثع مقلوب قعث. يُقَال: قعثه واقتعثه مثل غذمه واغتذمه إِذا أَخذه
كلَّه واستوعبه لأَخذه نفس النافخ واستيعابه لَهُ لِأَنَّهُ ينْفخ
فِيهِ بِشدَّة واحتشاد ليرْفَع الصَّوْت وينوه بِهِ.
(3/228)
قنى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ
لِابْنِ أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ: أما تراني لَو شِئْت أمرت بفتية
سَمِينَة أَو قنية فألقي عَنْهَا شعرهَا ثمَّ أمرت بدقيق فنُخل فِي
خرقَة فَجعل مِنْهُ خبز مرقق وَأمرت بِصَاع من زبيب فَجعل فِي سعن
حَتَّى يكون كَدم الغزال. الْقنية: مَا اقتنى من شَاة أَو نَاقَة.
السَّعن: شَيْء يتَّخذ من الْأَدِيم شبه دلوٍ إِلَّا أَنه مستطيل
مستدير وَرُبمَا جعلت لَهُ قَوَائِم ينْبذ فِيهِ. وَقيل: هُوَ وعَاء
يُتَّخذ من الخوص وَرُبمَا قُيَّر. وَجمعه أسعان وسعون. وَمِنْه
قَالُوا: تسعَّن الْجمل إِذا امْتَلَأَ شحما أَي صَار كالسعن فِي
امتلائه.
قنن خَاصم إِلَيْهِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْأَشْعَث أهل نَجْرَان
فِي رقابهم. فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا كُنَّا عبيد
مملكة وَلم نَكُنْ عبيد قنٍّ. فتغيظ عَلَيْهِ عمر وَقَالَ: أردْت أَن
تتغفلني وروى: أَن تعنتني. الْقِنّ: هَا هُنَا بِمَعْنى القنانة.
وَقَوْلهمْ عبدٌ قنّ وعبدان قنّ وَعبيد قنّ دليلٌ على أَنه حدث وُصف
بِهِ كفطر. قَالَ الْأَعْشَى: ... ونَشَأنَ فِي قِنٍّ وَفِي أَذْوَاد
... وَعَن أبي عَمْرو: الأقنان جمع قن. وَعَن أبي سعيد الضَّرِير:
الأقنة. وَالْفرق بَينه وَبَين عبد المملكة أَنه الَّذِي ملك وَملك
أَبَوَاهُ سمى بذلك لانفراده من قَوْلهم للجبيل الْمُنْفَرد المستطيل
قنة. وَعبد المملكة هُوَ السبتي وَأَبَوَاهُ حُرَّان. التغفل: تطلب
غَفلَة الرجل ليختل. يُقَال: تغفلت فلَانا يَمِينه إِذا أحنثته على
غَفلَة. وَمثله التعنت تطلب عنته أَي زلَّته كالتسقط.
قنطر حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يُوشك بَنو قنطوراء أَن
يخرجُوا أهل الْبَصْرَة مِنْهَا ويروى: أهل الْعرق من عراقهم كَأَنِّي
بهم خنس الأنوف خزر الْعُيُون عراض الْوُجُوه.
(3/229)
قنطر قنطوراء: جَارِيَة كَانَت
لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ولدت لَهُ أَوْلَادًا التّرْك
مِنْهُم. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: يُوشك بَنو
قنطوراء أَن يخرجوكم من أَرض الْبَصْرَة. فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن
بن أبي بكرَة: ثمَّ مَه ثمَّ نعود قَالَ: نعم. وَتَكون لكم سلوة من
عَيْش.
قنذع أَبُو أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا مَرِيضا
فَقَالَ لَهُ: أبشر مَا من مُسلم يمرض فِي سَبِيل الله إِلَّا حطَّ
الله عَنهُ خطاياه وَلَو بلغت قنذعة رَأسه. هِيَ القنزعة وَاحِدَة
قنازع الرَّأْس وَهِي مَا يبْقى من الشّعْر مفرَّقا فِي نواحيه. وهما
لُغَتَانِ كالزعاف والذعاف والزؤاف والذؤاف ولذم وَلزِمَ. وَلَيْسَ أحد
الحرفين بَدَلا من الآخر.
قنزع وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: إِنَّه
سُئل عَن رجل أهلَّ بِعُمْرَة وَقد لبَّدَ وَهُوَ يُرِيد الْحَج.
فَقَالَ: خُذ من قنازع رَأسك أَو مِمَّا يشرف مِنْهُ وروى خُذ مَا
تطاير من شعرك.
قنع عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أخذت أَبَا بكر غشية من
الْمَوْت فَبَكَتْ عَلَيْهِ بِبَيْت من الشّعْر فَقَالَت: مَن لَا
يزَال دَمْعُه مقنعا ... لَا بُد يَوْمًا أَنَّه مُهرَاق ... وروى: ...
وَمَنْ لاَ يَزَالُ الدمع فِيهِ مقنعا ... فَلَا بُد يَوْماً أَنهُ
مُهرَاقُ ... فأفاق أَبُو بكر فَقَالَ: بل جَاءَت سكرة الْمَوْت
بالحقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد فسَّروا مقنعا بِأَنَّهُ
الْمَحْبُوس فِي جَوْفه فكأنهم أَخَذُوهُ من قَوْلهم: إداوة مقنوعة
ومقموعة إِذا خُنث رَأسهَا إِلَى جوفها وَيجوز أَن يُرَاد من كَانَ
دمعه مغطى فِي شؤونه
(3/230)
كامنا فِيهَا فَلَا بُد لَهُ أَن يبرزه
الْبكاء. الْبَيْت على الرِّوَايَة الأولى من بَحر الرجز من الضَّرْب
الثَّانِي. وعَلى الثَّانِيَة من الضَّرْب الثَّالِث من الطَّوِيل.
الْقَاف مَعَ الْوَاو
قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قيل وَقَالَ وَكَثْرَة
السُّؤَال وإضاعة المَال وَنهى عَن عقوق الْأُمَّهَات ووأد الْبَنَات
وَمنع وهات ويروى: عَن قيل وقالٍ. أَي نهى عَن فضول مَا يتحدث بِهِ
المتجالسون من قَوْلهم: قيل: كَذَا وَقَالَ فلَان كَذَا وبناؤهما على
كَونهمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير وَالْإِعْرَاب على إجرائهما
مجْرى الْأَسْمَاء خلوين من الضَّمِير. وَمِنْه قَوْلهم: إِنَّمَا
الدُّنْيَا قَالَ وَقيل. وَإِدْخَال حرف التَّعْرِيف عَلَيْهِمَا
لذَلِك فِي قَوْلهم: مَا يعرف القال والقيل. وَعَن بَعضهم: القال
الِابْتِدَاء والقيل الْجَواب. وَنَحْوه قَوْلهم: أعييتني من شب إِلَى
دب وَمن شب إِلَى دب. كَثْرَة السُّؤَال: مساءلة النَّاس أَمْوَالهم
أَو السُّؤَال عَن أُمُورهم وَكَثْرَة الْبَحْث عَنْهَا. إِضَاعَة
المَال: إِنْفَاقه فِي غير طَاعَة الله والسرف وإيتاؤه صَاحبه وَهُوَ
سَفِيه حقيق بِالْحجرِ.
قوب لَرَوْحَة فِي سَبِيل الله أَو غدْوَة خير من الدِّينَا وَمَا
فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم من الْجنَّة أَو مَوضِع قدِّه خير من
الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا القاب والقيب: كالقاد والقيد بِمَعْنى الْقدر.
وعينه وَاو لثَلَاثَة أوجه: أَن بَنَات
(3/231)
الْوَاو من المعتل الْعين أَكثر من بَنَات
الْيَاء وَأَن (ق وب) مَوْجُود دون (ق ي ب) وَأَنه عَلامَة يعلم بهَا
الْمسَافَة بَين الشَّيْئَيْنِ: من قَوْلهم: قوَّبوا فِي هَذِه الأَرْض
إِذا أثروا فِيهَا بموطئهم ومحلِّهم وبدت عَلَامَات ذَلِك. القدُّ:
السَّوْط لِأَنَّهُ يتَّخذ من الْقد وَهُوَ سير يقدُّ من جلد محرَّم.
قَالَ طرفَة: ... فَإِن شِئْت لم تُرْقِل وَإِن شِئْت أَرْقَلَتْ ...
مخافَةَ مَلْوِىٍّ من القِدِّ مُحْصَدِ ...
قَوس قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد عبد الْقَيْس فَجعل
يُسمى لَهُم تمران بلدهم. فَقَالُوا لرجل مِنْهُم: أطعمنَا من بَقِيَّة
الْقوس الَّذِي فِي نوطك فاتاهم بالبرني. فَقَالَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: أما إِنَّه من خير تمركم لكم أما إِنَّه دَوَاء لَا
دَاء فِيهِ. وروى إِنَّه كَانَ فِيمَا أهدوه لَهُ قرب من تعضوض وروى:
قدمُوا عَلَيْهِ فأهدوا لَهُ نوطاً من تعضوض هجر. الْقوس: بَقِيَّة
التَّمْر فِي أَسْفَل الْقرْبَة أَو الجلة كَأَنَّهَا شبهت بقوس
الْبَعِير وَهِي جانحته. النوط: الجلة الصَّغِيرَة. التعضوض: ضرب من
التَّمْر. قَالَ الْأَزْهَرِي: أكلت التعضوض بِالْبَحْرَيْنِ فَمَا
علمتني أكلت تَمرا أحمت حلاوة مِنْهُ ومنبته هجر. وَمن الْقوس حَدِيث
عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه قَالَ لَهُ عَمْرو بن معد يكرب: أأبرام
بَنو الْمُغيرَة قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: تضيَّفت خَالِد بن الْوَلِيد
فَأَتَانِي بقوس وَكَعب وثور. قَالَ: إِن فِي ذَلِك لشبعاً. قَالَ: لي
أَو لَك قَالَ: لي وَلَك قَالَ: حلاًّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا
تَقول إِنِّي لآكل الْجَذعَة من الْإِبِل أنتقيها عظما عظما وأشرب
التِّبْن من اللَّبن رثيئة أَو صريفا. الكعب: الْقطعَة من السّمن
والثور: من الأقط.
(3/232)
حلاًّ: أَي تحلَّل فِي قَوْلك. التِّبْن:
أعظم العساس يكَاد يروي الْعشْرين وَيُقَال: تبن الْقَوْم لسيدهم
وَكَبِيرهمْ. والتبانة: الفطانة وجزالة الرَّأْي. الرثيئة: اللَّبن
الحامض مخلوطا بالحلو وارتثأ اللَّبن وَمِنْه ارتثأ فلَان فِي رَأْيه
إِذا خلط ورثئوا آراءهم رثأً. الصريف: الحليب سَاعَة يُصرف عَن
الضَّرع.
قوى وَجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن جحش فِي أول مغازيه فَقَالَ
لَهُ الْمُسلمُونَ: إِنَّا قد أقوينا فَأَعْطِنَا من الْغَنِيمَة
فَقَالَ: إِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الطّلب هذِّبوا فهذَّبوا يومهم.
الإقواء: فنَاء الزَّاد وَأَن يبْقى مزوده قواء أَي خَالِيا. الطّلب:
جمع طَالب أَو أَرَادَ الْمصدر أَو حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْأَهْل.
التَّهْذِيب والإهذاب: الْإِسْرَاع.
قَول عَن بريدو الاسلمي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: سمع رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوتا بِاللَّيْلِ يَعْنِي رجلا يقْرَأ
الْقُرْآن فَقَالَ: أتقوله مرائيا. أَي أتظنه وَهَذَا مُخْتَصّ
بالاستفهام. قَالَ: ... مَتى تَقُول القُلُصَ الرَّوَاسِمَا ...
يَلْحَقْنَ أمّ عَاصِم وعَاصِما ... وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِنَّه أَرَادَ أَن يعْتَكف فَلَمَّا انْصَرف إِلَى الْمَكَان الَّذِي
يُرِيد أَن يعْتَكف فِيهِ إِذا أخبية لعَائِشَة وَحَفْصَة وَزَيْنَب
فَقَالَ: ألبرٍ تَقولُونَ بهنّ ثمَّ انْصَرف فَلم يعْتَكف. أَرَادَ
أتظنون بِهن البرَّ يَعْنِي لَا برَّ عِنْد النِّسَاء.
(3/233)
قوم اسْتَقِيمُوا لقريش مَا استقاموا لكم
فَإِن لم يَفْعَلُوا فضعوا سُيُوفكُمْ على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم.
أَي أطيعوهم مَا داموا مستقيمين على الدّين وثبتوا على الْإِسْلَام.
خضراؤهم: سوادهم ودهماؤهم. إِن نسَّاني الشَّيْطَان شَيْئا من صَلَاتي
فليسبح الْقَوْم وليصفق النِّسَاء. الْقَوْم فِي الأَصْل: مصدر قَامَ
فوصف بِهِ ثمَّ غلب على الرِّجَال لقيامهم بأُمور النِّسَاء التصفيق:
ضرب أحد صفقي الْكَفَّيْنِ على الآخر. أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ: شُكي إِلَيْهِ بعض عماله فَقَالَ: أأنا أُقيد من وزعة الله.
أقاده من فلَان إِذا أقصَّه مِنْهُ. الوزعة: جمع وازع وهم الْوُلَاة
المانعون من محارم الله. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من مَلأ
عَيْنَيْهِ من قاحة بَيت قبل أَن يُؤذن لَهُ فقد فجر. القاحة والباحة
والساحة: أَخَوَات فِي معنى الْعَرَصَة.
قواء سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من صلى بِأَرْض قيّ فأذّن
وَأقَام الصَّلَاة صلى خَلفه من الْمَلَائِكَة مَا لَا يُرى قطراه
يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دُعَائِهِ. هُوَ فعل من
القواء وَهِي الْخَلَاء من الأَرْض. قَالَ العجاج: ... قِيٌّ
تُنَاصِيها بِلادٌ قِيُّ ... أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ يَا رب قَائِم مشكور لَهُ وَيَا رب نَائِم مغْفُور لَهُ.
(3/234)
قوم قَالُوا: هُوَ المتهجد يسْتَغْفر
لِأَخِيهِ وَهُوَ نَائِم فيشكر لهَذَا وَيغْفر لذاك. ابْن عَبَّاس
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِذا اسْتَقَمْت بِنَقْد فَبِعْت
بِنَقْد فَلَا بَأْس بِهِ وَإِذا اسْتَقَمْت بِنَقْد فَبِعْت بنسيئة
فَلَا خير فِيهِ. الاسْتقَامَة فِي كَلَام أهل مَكَّة: التَّقْوِيم
وَمَعْنَاهُ أَن يدْفع الرجل إِلَيْك ثوبا فتقومه بِثَلَاثِينَ
فَيَقُول لَك: بِعْهُ بهَا فَمَا زِدْت عَلَيْهَا فلك فَإِن بِعته
بِالنَّقْدِ فَهُوَ جَائِز وَتَأْخُذ الزِّيَادَة وَإِن بِعته
بِالنَّسِيئَةِ فَالْبيع مَرْدُود.
قوى الْأسود بن زيد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: {وإنَّا
لجميعٌ حاذِرُون} قَالَ: مقوون مؤدون. أَي أَصْحَاب دَوَاب قَوِيَّة
كاملو أَدَاة الْحَرْب يُقَال: آديت للسَّفر فَأَنا مؤدٍ لَهُ أَي
متأهب.
قَول ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قيل لَهُ: مَا تَقول فِي
عُثْمَان وَعلي فَقَالَ: أَقُول فيهم مَا قوَّلني الله ثمَّ قَرَأَ:
{وَالَّذينَ جاؤوا من بعدهمْ يقولونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} ...
الْآيَة. يُقَال: أقولتني وقوَّلتني أَي أنطقتني مَا أَقُول.
قوو ابْن سِيرِين رَحمَه الله تَعَالَى لم يكن يرى بَأْسا بالشركاء
يتقاوون الْمَتَاع بَينهم فِيمَن يزِيد. التقاوي بَين الشُّرَكَاء: أَن
يشتروا سلْعَة بيعا رخيصاً ثمَّ يتزايدوا هم أنفسهم حَتَّى يبلغُوا
بهَا غَايَة ثمنهَا. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... وَكَيف على زُهْدِ
العَطَاء تَلُومُهمْ ... وهم يَتَقَاوَوْن الفَطِيمة فِي الدَّمِ ...
وقاوى بَعضهم بَعْضًا مقاواةً فَإِذا استخلصها بَعضهم لنَفسِهِ فقد
اقتواها. وَمِنْه حَدِيث مَسْرُوق رَحمَه الله: إِنَّه أوصى فِي
جَارِيَة لَهُ: أَن قُولُوا لبني لَا تقتووها بَيْنكُم وَلَكِن بيعوها
إِنِّي لم أغشها وَلَكِنِّي جَلَست مِنْهَا مَجْلِسا مَا أحب أَن يجلس
ولدٌ لي ذَلِك الْمجْلس.
(3/235)
ومأخذه من الْقُوَّة لِأَنَّهُ بُلُوغ
بالسلعة أقوى ثمنهَا. وَأما حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة
رحمهمَا الله تَعَالَى: قَالَ عَطاء: أَتَيْته فَقلت: امْرَأَة كَانَ
زَوجهَا مَمْلُوكا فاشترته قَالَ: إِن اقتوته فُرِّق بَينهمَا وَإِن
أَعتَقته فهما على نِكَاحهمَا. فقد فُسر فِيهِ اقتوته باستخدمته وَله
وَجْهَان: أَحدهمَا: أَن يكون افتعل وَأَصله من الاقتواء بِمَعْنى
الاستخلاص فكُني بِهِ عَن الِاسْتِخْدَام لِأَن من اقتوى عبدا ردفه أَن
يستخدمه. وَالثَّانِي أَن يكون افْعَل من القتنو وَهُوَ الْخدمَة
كارعوى من الرعوى إِلَّا أَن فِيهِ نظرا لِأَن افْعَل لم يَجِيء
مُتَعَدِّيا وَالَّذِي سمعته اقتوى إِذا صَار خَادِمًا. قَالَ عَمْرو
بن كُلْثُوم: ... تَهَدَّدْنا وأَوْعِدْنا رُوَيْداً ... مَتى كُنَّا
لأُمِّكَ مُقْتَوِينَا ... ويروى بِالْفَتْح جمع مقتوي كالأشعرين فِي
الْأَشْعَرِيّ. وَالْمذهب الْمَشْهُور أَن الْمَرْأَة إِذا اشترت
زَوجهَا حرمت عَلَيْهِ من غير اشْتِرَاط الْخدمَة وَلَعَلَّ هَذَا
اجْتِهَاد قد اخْتصَّ بِهِ عبيد الله.
قوت فِي الحَدِيث: كفى بِالرجلِ إِثْمًا أَن يضيع من يقوت أَو يقيت.
قاته يقوته وَعَن الْفراء بَقِيَّته أَيْضا إِذا أطْعمهُ قوتاً وَرجل
مقوت ومقيت. وَمن إقسام الْأَعْرَاب: لَا وقائت نَفسِي الْقصير مَا
فعلت كَذَا. تَعْنِي الله الَّذِي يقوتها. وأقات عَلَيْهِ إقاتة فَهُوَ
مقيت إِذا حَافظ عَلَيْهِ وهيمن. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وكانَ
اللهُ عَلَى كلِّ شَيْء مُقِيتاً} وَحذف الْجَار وَالْمَجْرُور من
الصِّلَة هَاهُنَا نَظِير حذفهما من الصّفة فِي قَوْله عز وَجل
{واتَّقُوا يَوْمًا لَا تجزي} .
قُوَّة يذهب الدّين سنة سَنَةً كَمَا يذهب الْحَبل قُوّة قُوَّة. هِيَ
الطَّاقَة من طاقات الْحَبل وَالْجمع قوى.
(3/236)
الْقَاف مَعَ الْهَاء
قهز عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رجلا أَتَاهُ وَعَلِيهِ ثوبٌ
من قهز. فَقَالَ: إِن بني فلَان ضربوا بني فلَان بالكناسة فَقَالَ
عَليّ: صدقني سنّ بكره. القَهْز والقِهز: ضرب من الثِّيَاب يتَّخذ من
صوف كالمرعزي رُبمَا خالطه الْحَرِير. صدّقه عليّ رَضِي الله عَنهُ
وَهُوَ مثل يُضرب لمن يَأْتِي بالْخبر على وَجهه وَأَصله مَذْكُور فِي
كتاب المستقصى.
الْقَاف مَعَ الْيَاء
قيه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا من الْيمن قَالَ لَهُ:
يَا رَسُول الله إِنَّا أهل قاهٍ فَإِذا كَانَ قاه أَحَدنَا دَعَا من
يُعينهُ فعملوا لَهُ فأطعمهم وسقاهم من شراب يُقَال لَهُ المزر.
فَقَالَ: أَله نشوة قَالَ: نعم قَالَ: فَلَا تشربوه. القاه: أَن
يَدْعُو فيجاب وَيَأْمُر فيطاع. قَالَ رؤبة: ... تالله لَوْلَا النارُ
أَنْ نَصْلاَها ... أَوْ يَدْعُو النَّاسُ عَلَينا الله
لَما سَمِعْنا لأَمير قاهَا ... واستيقه مقلوب مِنْهُ. وَفِيه دَلِيل
على أَن عينه يَاء قَالَ المخبل السَّعْدِيّ:
(3/237)
وردوا صُدُور الْخَيل حَتَّى تنهنهت ...
إِلَى ذِي النُّهَى واسْتَيْقَهُوا لِلْمُحَلِّمِ ... وَعَن ابْن
الْأَعرَابِي: يُقَال: وقه يقه واتقه يتقه إِذا أطَاع. والقاه مقلوب
مِنْهُ. كَمَا قلب الجاه من الْوَجْه. وعَلى قَوْله الْيَاء فِي استيقه
مَقْلُوبَة من وَاو كَقَوْلِهِم: أينق. المزر: نَبِيذ الشّعير.
قين دخل أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعند عَائِشَة قينتان
تُغنيَانِ فِي أَيَّام منى وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مُضْطَجع مُسجَّى ثَوْبه على وَجهه. فَقَالَ أَبُو بكر: أعند رَسُول
الله يُصنع هَذَا فكشف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن وَجهه
وَقَالَ: دَعْهُنَّ فَإِنَّهَا أَيَّام عيد وروى: أَنه دخل وَعِنْدهَا
جاريتان من الْأَنْصَار تُغنيَانِ بِشعر قيل يَوْم بُعَاث. الْقَيْنَة:
الْأمة غنت أم لَا. وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ: لَو بَات
رجل يُعطي الْبيض القيان وَبَات آخر يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر الله
لرأيت أَن ذَاكر الله أفضل.
قيح لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا حَتَّى يرِيه خير لَهُ من أَن
يمتلئ شعرًا. الْقَيْح: الْمدَّة. وقاحت القرحة تقيح. وروى الدَّاء
جَوْفه: أفْسدهُ. قَالَ: ... قاَلَت لَهُ: وَرْياً إِذا تَنَحْنَحَا
... وَقيل لداء الْجوف: ورى لِأَنَّهُ دَاء دَاخل متوارٍ. وَمِنْه قيل
للسمين: وارٍ كَأَن عَلَيْهِ مَا يواريه من شحمه. أَلا ترى إِلَى قَول
الْأَعرَابِي: عَلَيْهِ قطيفة من نسجِ أَضْرَاسه. وورى الزند لِأَنَّهُ
بروز كامن. قَالَ الشّعبِيّ: إِنَّه الشّعْر الَّذِي هُجي بِهِ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل: هُوَ كل شعر إِذا شغل عَن
الْقُرْآن وَذكر الله وَكَانَ أغلب على الرجل مِمَّا هُوَ أولى بِهِ.
(3/238)
قيء استقاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم عَامِدًا فَأفْطر. أَي تكلّف الْقَيْء والتقيؤ أبلغ من
الاستقاءة. وَمِنْه الحَدِيث: لَو يعلم الشَّارِب قَائِما مَاذَا
عَلَيْهِ لاستقاء مَا شرب.
قيس أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خير نِسَائِكُم
الَّتِي دخل قيسا وَتخرج ميساً وتملا بَيتهَا أقطاً وحيساً وَشر
نِسَائِكُم السلفعة البلقعة الَّتِي تسمع لأضراسها قعقعة وَلَا تزَال
جارتها مفزَّعة. أَي تَأتي بخطاها مستوية لأناتها وَلَا تعجل كالخرقاء.
الميس: التَّبَخْتُر. السلفعة: الجريئة. البلقعة: الخالية من الْخَيْر.
قعقعة: صريفا لشدَّة وقعها فِي الْأكل.
قيض ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِذا كَانَ يَوْم
الْقِيَامَة مُدَّت الأَرْض مدَّ الْأَدِيم فَإِذا كَانَت كَذَلِك قيضت
هَذِه السَّمَاء الدُّنْيَا عَن أَهلهَا فنُثروا على وَجه الأَرْض
فَإِذا أهل السَّمَاء الدِّينَا أَكثر من جَمِيع أهل الأَرْض. أَي
شُقّت من قَاض الفرخ الْبَيْضَة فانقاضت وَمِنْه القيض. مُعَاوِيَة
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لسَعِيد بن عُثْمَان بن عَفَّان حِين
قَالَ لَهُ: أَلَسْت خيرا مِنْهُ يَعْنِي من يزِيد: لَو مُلئت لي غوطة
دمشق رجَالًا مثلك قياضاً بِيَزِيد مَا قبلتهم. أَي مقايضة وَهِي
الْمُعَاوضَة.
قيل ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لما قُتل عُثْمَان قلت:
لَا أستقيلها أبدا فَلَمَّا مَاتَ
(3/239)
قيل أبي انْقَطع بِي ثمَّ استمرَّت مريرتي.
أَي لَا أُقيل هَذِه العثرة أبدا وَلَا أَنْسَاهَا. المريرة: الْحَبل
المفتول واستمرارها: قوتها واستحكامها يَعْنِي تصبرت وتصلبت.
قير مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى يغذو الشَّيْطَان يقيروانه إِلَى
السُّوق فيفعل كَذَا وَكَذَا. قَالَ صَاحب الْعين: القيروان دخيل
مُسْتَعْمل وَهُوَ مُعظم الْقَافِلَة يَعْنِي أَنه تعريب كاروان وَقد
جَاءَ فِي الشّعْر الْقَدِيم. قَالَ امْرُؤ للقيس: ... وغَارَةٍ ذَاتِ
قَيْرَوان ... كَأَن أسرَابَها الرِّعالُ ... فَيجوز أَن يكون عَرَبيا
وفعلوانا من تركيب القير سمي بِهِ مُعظم الْعَسْكَر والقافلة كَمَا
قيل: سَوْدَاء ودهماء.
قيس الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قضى بِشَهَادَة القائس مَعَ يَمِين
المشجوج. هُوَ الَّذِي يقيس الشَّجَّةَ بالمقياس ويتعرف غورها [بالميل
الَّذِي يدْخلهُ فِيهِ ليعتبرها] .
(3/240)
|