تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْعين وَالزَّاي)
ع ز ط
اسْتعْمل من وجوهها: (طزع) .
طزع: يُقَال: رجلٌ طَزِعٌ وطَزِيعٌ وطَسِعٌ وطَسِيعٌ؛ وَهُوَ الَّذِي لَا غَيْرة لَهُ وَقد طَزِع طَزَعَاً.
ع ز د
أهملت وجوهه.

(2/77)


دعز عزد: وَذكر ابْن دُرَيْد حرفين: دعز، عزد. قَالَ: الدَعْز: الدّفع يُقَال دَعَزَ الْمَرْأَة إِذا جَامعهَا.
وَقَالَ غَيره مَعَه: العَزْد والعَصْد الْجِمَاع. وَقد عَزَدَهَا عَزْداً إِذا جَامعهَا.
ع ز ت ع ز ظ، ع ز ذ، ع ز ث.
أهملت (وجوهها) .

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ الرَّاء)
(ع ز ر)
عزّر، عرز، زرع، زعر: مستعملة.
ر عز، ر ز ع: مهملان.
عزّر: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} (الْفَتْح: 9) وَقَالَ: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} (الْمَائِدَة: 12) جَاءَ فِي التَّفْسِير فِي قَوْله تَعَالَى: (لتعزروه) : أَي لتنصروه بِالسَّيْفِ. ومَن نصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نصر الله تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} (الْمَائِدَة: 12) قَالَ: عظَّمتموهم. وَقَالَ غَيره: {عزرتموهم: نصرتموهم.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن السّرِيّ: وَهَذَا هُوَ الْحق وَالله أعلم. وَذَلِكَ أَن العَزْر فِي اللُّغَة: الردّ وَتَأْويل عزَّرْت فلَانا أَي أدَّبته إِنَّمَا تَأْوِيله: فعَلتُ بِهِ مَا يَرْدَعه عَن الْقَبِيح؛ كَمَا أَن نكَّلت بِهِ تَأْوِيله: فعَلت بِهِ مَا يجب أَن يَنْكُل مَعَه عَن المعاودة. فَتَأْوِيل عزَّرتموهم نصرتموهم، بِأَن تردّوا عَنْهُم أعداءهم. وَلَو كَانَ التَّعْزِير هُوَ التوقير لَكَانَ الأجود فِي اللُّغَة الِاسْتِغْنَاء بِهِ. والنُصْرة إِذا وَجَبت فالتعظيم دَاخل فِيهَا؛ لِأَن نُصْرة الْأَنْبِيَاء هِيَ المدافعة عَنْهُم، والذبّ عَن دينهم وتعظيمهم وتوقيرهم.
قَالَ: وَيجوز: تَعْزُرُوه من عَزَرته عَزْراً بِمَعْنى عَزَّرْته تعزيراً. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَزْرُ: النصرُ بِالسَّيْفِ. والعَزْرُ: التَّأْدِيب دون الحَدّ. والعَزْرُ: المنعُ والعَزْرُ: التَّوْقِيف على بَاب الدّين. قلت: وَحَدِيث سَعْدٍ يدلُ على أَن التَّعْزِير هُوَ التَّوْقِيف على الدّين؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لقد رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله وَمَا لنا طَعَام إِلَّا الحُبْلَة وورق السَمُر، ثمَّ أصبحتْ بَنو أَسد تعزّرني على الْإِسْلَام، لقد ضللتُ إِذا وخاب عَمَلي. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: التَّعْزِير فِي كَلَام الْعَرَب: التوقير. وَالتَّعْزِير: النَّصْر بِاللِّسَانِ وَالسيف. وَالتَّعْزِير: التَّوْقِيف على الْفَرَائِض وَالْأَحْكَام. وَقَالَ أَبُو عبيد: أصل التَّعْزِير التَّأْدِيب. وَلِهَذَا يُسمى الضَّرْب دون الحَدّ تعزيراً، إِنَّمَا هُوَ أدبٌ. قَالَ: وَيكون التَّعْزِير فِي مَوضِع آخر: تعظيمَك الرجل وتبجيلَه: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: معنى قَول سعدٍ: أصبحتْ بَنو أسدٍ تعزرني على الْإِسْلَام أَي توقِّفني عَلَيْهِ. قلت وأصل العَزْر الردّ وَالْمَنْع. وَقَالَ اللَّيْث: العَزِيرُ بلغَة أهل السوَاد هُوَ ثمن الكَلأ والجميع العزائر. يَقُولُونَ: هَل أخذت عَزِير هَذَا الحَصِيد؟ أَي هَل أخذت ثمن مراعيها؛ لأَنهم إِذا حصدوا باعوا مراعيها. وعُزَير: اسْم نبيّ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هِيَ العَزْوَرَة والحَزْوَرَةُ والسَرْوَعَة والقائدة:

(2/78)


الأكمة. أَبُو عَمْرو: مَحَالة عَيْزَارَة: شَدِيدَة الْأسر. وَقد عَيْزَرَهَا صَاحبهَا. وَأنْشد:
فابْتَغِ ذَات عَجَل عَيَازِرَا
صَرَّافَةَ الصَّوْت دَمُوكا عَاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السّيء الخُلُق عَن أبي عَمْرو. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَيْزَارُ الغُلاَم الْخَفِيف الرّوح النشيط. وَهُوَ اللَقْنُ الثَقْفُ وَهُوَ الريشة، والمماحل والمماني. عَزْوَرُ: مَوضِع قريب من مكَّة. قَالَ ابْن هَرْمَة:
وَلم ننس أظعاناً عَرَضْن عَشِيَّة
طوالع من هَرْشَى قواصد عَزْوَرَا
والعَيَازِرُ: بقايا الشّجر الَّذِي أُخذت أعاليه بِالْقطعِ وَالْأكل.
عرز: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المُعارَزة: المعاندة والمجانبة وَأنْشد للشمّاخ:
وكلُّ خَلِيل غيرِها ضم نفسِه
لوصل خَلِيل صارِمٌ أَو مُعَارِزُ
شمر: المُعَازِرُ: المُعَاتِبُ وَقَالَ اللَّيْث: العَارزُ: العاتبُ. قَالَ: والعَرَز والواحدة عَرَزة وَهِي شَجَرَة من أصاغر الثُمَام وأدقّ شَجَره، لَهُ ورق صغَار متفرِّقة. وَمَا كَانَ من شجر الثُمَام من ضَرْبه فَهُوَ ذُو أمَاصِيخ، يمصوخةٌ فِي جَوف أمصوخة، تنقلع الْعليا من السُّفْلى انقلاع العِفَاص من رَأس المُكْحُلة. وَقَالَ غَيره: العَرْز: الانقباض، وَقد اسْتَعْرزَ الشيءُ أَي انقبض وَاجْتمعَ. وَيُقَال: عَرَزت لفُلَان عرزاً، وَهُوَ أَن تقبِض على شَيْء فِي كفّك وتضم عَلَيْهِ أصابعك وتُرِي مِنْهُ شَيْئا صاحبَك لينْظر إِلَيْهِ وَلَا تريه كُله. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) أعرزتني من كَذَا أَي أعوزْتني مِنْهُ. وروى أَبُو تُرَاب للخليل قَالَ: التعريز كالتعريض فِي الْخُصُومَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُرَّازُ المغتابون للنَّاس. قَالَ: والعَرَز: شجر الثُمام.
زرع: اللَّيْث: الزَرْع: نَبَات كل شَيْء يُحْرَث. وَالله يَزْرعه أَي يُنَمِّيه حَتَّى يبلغ غَايَته. وَيُقَال للصبيّ: زرعه الله أَي أَنْبَتَهُ. والمُزْدَرِع: الَّذِي يزدرِع زَرْعاً يتخصَّص بِهِ لنَفسِهِ والمُزْدَرَعُ مَوضِع الزِّرَاعَة. وَقَالَ الشَّاعِر:
واطلبْ لنا مِنْهُمُ نخلا ومُزْدَرَعاً
كَمَا لجيراننا نَخْلٌ ومُزْدَرَعٌ
مُفْتَعَلٌ من الزَّرْع. ومَنِيُّ الرجل: زَرْعُهُ.
وَقَالَ النَّضر: الزِرِّيعُ: مَا ينْبت فِي الأَرْض المستحيلة، مِمَّا يَتَنَاثَر فِيهَا أَيَّام الْحَصاد من الحَبِّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الزَرَّاعُ: النمّام الَّذِي يَزْرع الأحقادَ فِي قُلُوب الأحِبَّاء. أزْرعَ الزرعُ: أحصد. وَلَا ينزرع أَي لَا ينْبت. وكل بَذْر أردْت زرعه فَهُوَ زُرْعَة. والزَرّاعات: مَوَاضِع الزَّرْع كالمَلاّحات مَوَاضِع المِلْح. قَالَ جرير:
فقَلَّ غَنَاءٌ عَنْك فِي حَرْب جعفرٍ
تُغَنِّيك زَرَّاعَاتُهَا وقصُورهَا
والمَزْرَعَةُ المَزْرَعَة. وزُرِعَ لفُلَان بعد

(2/79)


شقاوة أَي أصَاب مَالا بعد حَاجَة. وتَزَرَّعَ إِلَى الشَّيْء: تسرع. وَيُقَال للكلاب: أَوْلَاد زارِع. قَالَ:
وَأخرج مِنْهُ الله أَوْلَاد زارع
مُوَلَّعة أكنافها وجُنُوبها
والمَزْروعان من بني كَعْب بن سعد لَقَبان لَا إسمان.
زعر: اللَّيْث: الزَعَر فِي شَعر الرَّأْس وَفِي ريش الطَّائِر: قلّةٌ ورِقَّة وتفرّق. وَذَلِكَ إِذا ذهبت أصولُ الشَعر وَبَقِي شكيره. وَقَالَ: ذُو الرمة يصف الظليم:
كَأَنَّهُ خَاضِبٌ زُعْرٌ قوادمه
أجْنَى لَهُ باللِوَى آءٌ وتَنَوُّمُ
وَقد زَعِرَ رَأسه يَزْعَرُ زَعَراً. أَبُو عبيد: فِي خُلُقه زَعَارَّةٌ بتَشْديد الرَّاء مثل حَمارة الصَّيف أَي شَرَاسة وَسُوء خُلُق وَرُبمَا قَالُوا: هُوَ زَعِرَ الْخُلُق. وَمِنْهُم من يخفِّف فَيَقُول فِي خُلُقه زَعَارَة، وَهِي لُغَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَعَر: قِلَّة الشَعَر. وَمِنْه قيل للأحداث: زُعْرَان. وَقَالَ ابْن شُمَيل: الزُعْرُورُ: شَجَرَة الدُبّ. وَقَالَ غَيره الزعرور ثَمَر شجر، مِنْهُ أحمرُ وأصفر، لَهُ نوى صُلْبٌ مستدير. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفُلْك: الزُعْرور. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه.

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ اللَّام)
(ع ز ل)
عزل، علز، زلع، زعل، لعز:} مستعملة.
عزل: العَزْل: عَزْل الرجل الماءَ عَن جَارِيَته إِذا جَامعهَا لئلاَّ تحمل. وَفِي حَدِيث أبي سعيد الخُدْرِيّ أَنه قَالَ: بَينا أَنا جَالس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا نصيب سَبْياً فَنحب الْأَثْمَان، فَكيف ترى فِي العَزْل؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا عَلَيْكُم ألاّ تَفعلُوا ذَلِك فَإِنَّهَا مَا من نَسَمة كتب الله أَن تخرج إِلَّا وَهِي خَارِجَة) وَفِي حَدِيث آخر: (مَا عَلَيْكُم ألاَّ تَفعلُوا) . قلت من رَوَاهُ (لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا) فَمَعْنَاه عِنْد النَّحْوِيين: لَا بَأْس عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، حذف مِنْهُ (بَأْس) لمعْرِفَة الْمُخَاطب بِهِ. وَمن رَوَاهُ (مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا) فَمَعْنَاه أَي شَيْء عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، كَأَنَّهُ كرِه لَهُم العَزْل وَلم يحرِّمه. قلت وَفِي قَوْله: (نُصِيبُ سَبْياً فنحبّ الْأَثْمَان فَكيف ترى فِي الْعَزْل) كالدلالة على أَن أمّ الوَلَد لَا تبَاع. وَيُقَال: اعزِلْ عَنْك مَا يَشِينك أَي نَحِّه عَنْك. وكنتُ بمَعْزِلٍ من كَذَا وَكَذَا أَي كنت بِموضع عُزْلةٍ مِنْهُ وكنتُ فِي نَاحيَة مِنْهُ. واعتزلت الْقَوْم أَي فَارَقْتهمْ وتنحَّيت عَنْهُم. وقومٌ من القَدَريَّة يلقَّبون المعتزِلة، زَعَمُوا أَنهم اعتزلوا فئتي الضَّلَالَة عِنْدهم، يعنون أهلَ السّنة والجماعةِ والخوارجَ الَّذين يستعرِضون النَّاس قتلا. والعَزَلُ فِي ذنَب الدابّة: أَن يَعزِل ذَنَبَه فِي أحد الْجَانِبَيْنِ، وَذَلِكَ عادةٌ لَا خِلْقة. وفرسٌ أعزلُ الذَنَب إِذا كَانَ كَذَلِك. وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْض لَيْسَ بأَعْزَلِ
وَقَالَ النَّضر: الكشَفُ أَن ترى ذَنَبَه زائلاً عَن دُبُره. وَهُوَ العَزَل.

(2/80)


وَقَالَ اللَّيْث: الأعزل من الدَّوَابّ: الَّذِي يمِيل بذَنَبه عَن دُبُره. والأعزل من الرِّجَال: الَّذِي لَا سلَاح مَعَه. وَأنْشد أَبُو عبيد:
وَأرى الْمَدِينَة حِين كنت أميرها
أمِنَ البريء بهَا ونام الأعْزَلُ
وَفِي نُجُوم السَّمَاء سِمَاكَانِ: أَحدهمَا السِمَاك الأعزل، وَالْآخر السماك الرامح. فأمَّا الأعزل فَهُوَ من منَازِل القَمَر، ينزل الْقَمَر وَهُوَ شآمٍ وسُمّي أعزل لِأَنَّهُ لَا شَيْء بَين يَدَيْهِ من الْكَوَاكِب؛ كالأعزل الَّذِي لَا سلَاح مَعَه. وَيُقَال: سُمِّي أعزل لِأَنَّهُ إِذا طلع لَا يكون فِي أَيَّامه ريحٌ وَلَا بَرْدٌ. وَقَالَ أوْس بن حَجَر:
كأنّ قُرُون الشَّمْس عِنْد ارتفاعها
وَقد صادفتْ قَرْناً من النَّجْم أعْزَلاَ
تردَّد فِيهِ ضوؤها وشعاعها
فاحْصِنْ وأزْيِنْ لامرىءٍ إِن تَسَرْبَلاَ
أَرَادَ إِن تسربل بهَا، يصف الدرْع أَنَّك إِذا نظرت إِلَيْهَا وَجدتهَا صَافِيَة برّاقةً، كأنّ شُعَاع الشَّمْس وَقع عَلَيْهَا فِي أَيَّام طُلُوع الأعزل والهواءُ صافٍ. وَقَوله: تردَّد فِيهِ يَعْنِي فِي الدرْع فذكّره للَّفظ، وَالْغَالِب عَلَيْهَا التَّأْنِيث. وَقَالَ الطرِمَّاح:
محاهُنّ صَيّبُ نَوْء الرّبيع
من الأنجم العُزْلِ والرامحهْ
وعَزْلاء المزادة: مَصَبّ الماءِ مِنْهَا فِي أَسْفَلهَا حَيْثُ يُستفرغ مَا فِيهَا من المَاء، وَجَمعهَا العَزَالِي؛ سمّيت عزلاء لِأَنَّهَا فِي أحد خُصْمَيِ المزادة لَا فِي وَسطهَا، وَلَا هِيَ كفمها الَّذِي مِنْهُ يُسْقَى فِيهَا، وَيُقَال للسحابة إِذا انهمرت بالمطر الْجَوْد: قد حَلَّتْ عَزَالِيهَا، وَأرْسلت عَزَالِيهَا. والمِعْزَالُ من النَّاس: الَّذِي لَا ينزل مَعَ الْقَوْم فِي السَفَر، وَلَكِن ينزل وَحده. وَهُوَ ذمّ عِنْد الْعَرَب بِهَذَا الْمَعْنى. وَيكون المِعْزَال: الَّذِي يستبِدّ بِرَأْيهِ فِي رَعْي أُنُف الكَلأ، ويتّبع مساقط الْغَيْث، ويَعْزُبُ فِيهَا، فَيُقَال لَهُ: مِعْزَابه ومِعْزال. وَمِنْه قَوْله:
وتلوى بلَبُون المِعْزَابَة المِعْزَالِ
وَهَذَا الْمَعْنى لَيْسَ بذمّ عِنْدهم لِأَن هَذَا من فعل الشجعان وَذَوي الْبَأْس والنَجْدة من الرِّجَال. وَيجمع الأعزل من الرِّجَال الَّذِي لَا سلَاح مَعَه: عزلاً وأعْزَالاً. وَمِنْه قَول الفِنْد الزِمّاني واسْمه شَهْل:
رَأَيْت الْفتية الأعْزَا
ل مثل الأيْنُق الرُعْلِ
فَجمع الأعزل على أعزال، وَكَأَنَّهُ جَمْع العُزُلِ. وَقد جَاءَ فِي الشِعر: عُزَّلاً. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
غير مِيل وَلَا عواوير فِي الهي
جا وَلَا عُزَّلٍ وَلَا أكْفَالِ
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: الأعزال جمع العُزُل على فُعُل كَمَا يُقَال: جُنُب وأجناب ومياه أسدام جمع سُدُم.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأعزل من اللَّحْم يكون نصيبَ الرجل الْغَائِب. وَالْجمع عُزْلٌ. قَالَ: والأعزل من الرمال: مَا انْعَزل عَنْهَا أَي انْقَطع.

(2/81)


وَيُقَال لسائق الْحمار: اقْرع عَزَلَ حِمَارك أَي مؤخِّره. والعَزَلَة: الحَرْقَفة. والأعزل: النَّاقِص إِحْدَى الحَرْقَفتين. وَأنْشد:
قد أعجلت ساقتها قرع العَزَلْ
أَبُو دَاوُد عَن ابْن شُمَيْل: مرّ قَتَادَة بِعَمْرو ابْن عبيد فَقَالَ: مَا هَذِه المُعْتَزِلَةُ: فسُمُّوا الْمُعْتَزلَة. وَهُوَ عَمْرو بن عبيد بن بَاب. وَفِيه يَقُول الْقَائِل:
بَرِئتُ من الْخَوَارِج لستُ منْهم
من العُزَّالِ مِنْهُم وَابْن بَاب
وعازلة: اسْم ضَيْعة كَانَت لأبي نُخَيلة الْحِمَّاني. وَهُوَ الْقَائِل فِيهَا:
عازلة عَن كل خير تُعْزَل
يابسة بطحاؤها تُفَلْفِلُ
للجنّ بَين قارَتَيْها أفكل
أقبل بِالْخَيرِ عَلَيْهَا مقبلُ
ومقبل: اسْم جبل بِأَعْلَى عازلة.
علز: قَالَ اللَّيْث: العَلَزُ: شِبه رِعْدة تَأْخُذ الْمَرِيض والحريص على الشَّيْء. تَقول: مَالِي أَرَاك عَلِزاً. وَأنْشد:
عَلَزَان الأسِير شُدَّ صِفَادا
قلت: وَالَّذِي ينزل بِهِ الْمَوْت يُوصف بالعَلَز، وَهُوَ سِيَاقه نفسَه. يُقَال: هُوَ فِي عَلَز الْمَوْت.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عَلِزَ الرجل يَعْلَزُ عَلَزاً إِذا غَرِضَ. قلت: معنى قَوْله: غَرِضَ هَهُنَا أَي قَلِق.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: العِلَّوص والعِلَّوز جَمِيعًا: الوجع الَّذِي يُقَال لَهُ اللَوَى. وعَالِز: اسْم مَوضِع وَيُقَال للبظْر إِذا غَلُظَ: عِلْوَذّ وعِلْوَدّ. والعِلْوَز: الْجُنُون. وأعلزني أَي أعوزني.
زلع: فِي الحَدِيث أَن المُحْرِم إِذا تزلّعَتْ رجلُه فَلهُ أَن يَدْهُنها. تزلّعَتْ أَي تشقّقت. قَالَ ذَلِك أَبُو عبيد وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الزُّلُوع: شُقُوق تكون فِي ظهر الْقدَم وباطنِه، يُقَال زَلَعَتْ رِجْلُهُ وقدمُهُ. قَالَ: والزَلْعُ استلابٌ فِي خَتْل؛ تَقول زَلَعْتُهُ وازدلعته. وَقَالَ الْمفضل: ازدلع فلَان حَقِّي إِذا اقتطعته. وَقَالَ: ازْدَلَعْتُ الشَّجَرَة إِذا قطعتها. وَهُوَ افتعال من الزَلْع. وَالدَّال فِي ازدلعت كَانَت فِي الأَصْل تَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: أزْلَعْتُ فلَانا فِي كَذَا أَي أطْعَمْتُهُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزَيْلَعُ خَرَز مَعْرُوف. قَالَ: وزَيْلَعُ: مَوضِع. وَقَالَ زَلِعَتْ جراحته إِذا فسدتْ.
وَقَالَ النَّضر: الزُلُوع والسُلوع: صُدوع فِي الْجَبَل فِي عُرْضه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: زَلَعْتُ رِجْله بالنَّار أزْلَعُهَا.
المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: زلعته وسلقته ودثثته وعصوته وهروته وفأوته بِمَعْنى وَاحِد رجل أزلع: قصير الشفتين فِي اسْتِحَالَة عَن وضَح الْفَم. وَامْرَأَة زَلْعاء وَلْعاء: وَاسِعَة الْفرج) .
زعل: أَبُو عبيد: الزَعَل: النشاط. وَقَالَ اللَّيْث الزَعِلُ النشيط الأشِر. وحِمَار زَعِل. وَقد أزْعَلَهُ الرِعْيُ. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

(2/82)


أكل الْجمِيم وطاوعَتْهُ سَمْحَجٌ
مثلُ الْقَنَاة وأزْعَلَتْهَا الأَمْرُعُ
وَقَالَ أَبُو زيد: الزَعَلُ والعَلَزُ: التضوُّر. وَقَالَ اللَّيْث: الزَعْلة من الْحَوَامِل: الَّتِي تَلد سنة وَلَا تَلد سنة، كَذَلِك تكون مَا عاشت.
لعز: اللَّيْث: لَعَز فلَان جَارِيَته يَلْعَزُهَا إِذا جَامعهَا. قَالَ: وَهُوَ من كَلَام أهل الْعرَاق. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللعْز: كِنَايَة عَن النِّكَاح، بَات يَلْعَزها. قَالَ: وَفِي لُغَة قوم من الْعَرَب لَعَزَت الناقةُ فصيلها إِذا لَطِعته بلسانها.

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ النُّون)
(ع ز ن)
عنز، نزع، عزن. (مستعملة) .
عزن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أعزن الرجل إِذا قَاسم نصِيبه فَأخذ هَذَا نصِيبه وَهَذَا نصِيبه. قلت: وَكَأن النُّون مبدلة من اللَّام فِي هَذَا الْحَرْف.
عنز: أَبُو عبيد: العَنَزَة: قَدْرُ نصف الرُمْح أَو أكبر شَيْئا وفيهَا زُجٌ كزُجّ الرمْح. وَقَالَ اللَّيْث: العَنَزَة والجميع العَنَزُ يكون بالبادية، دقيقُ الخَطْم. وَهُوَ من السِبَاع يَأْخُذ الْبَعِير من قِبَل دُبُره، وقلّما يُرَى. ويزعمون أَنه شَيْطَان. قلت: العَنَزة عِنْد الْعَرَب من جنس الذئاب، وَهِي مَعْرُوفَة، وَرَأَيْت بالصَمَّان نَاقَة مُخِرَتْ من قِبَل ذَنبها لَيْلًا: فَأَصْبَحت وَهِي ممخورة قد أكلت العَنَزَة من عجزها طَائِفَة والناقة حَيّة، فَقَالَ راعي الْإِبِل وَكَانَ نُمَيريًّا فصيحاً طرقها العَنَزَةُ فمخرهَا والمَخْرُ: الشق وقلَّما تظهر العَنَزَة لخُبْثها. وَمن أَمْثَال الْعَرَب الْمَعْرُوفَة: ركبتْ عَنْز بِحِدْج جملا. وفيهَا يَقُول الشَّاعِر:
شَرَّ يوميها وأغواه لَهَا
ركِبتْ عنزٌ بحِدْج جَمَلاَ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَصله أَن امْرَأَة من طَسْم يُقَال لَهَا عَنْزٌ، أُخِذَتْ سَبِيّة فحملوها فِي هودج وألطفوها بالْقَوْل وَالْفِعْل. فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت: شرَّ يَوْمَيْهَا وأغواه لَهَا. تَقول شرُّ أيامي حِين صرت أُكرَم للسِبَاء، يضْرب مثلا فِي إِظْهَار البِرّ بِاللِّسَانِ والفعلِ لمن يُرَاد بِهِ الغوائل. وعُنَيْزَة من أَسمَاء النِّسَاء تَصْغِير عَنَزَة أَو عَنْزَةٍ. وقبيلةٌ من الْعَرَب ينْسب إِلَيْهَا فَيُقَال: فلَان العَنَزِي. والقبيلة اسْمهَا عَنَزَة، والعَنْزُ الْأُنْثَى من المِعْزَى. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَبُهَيُّ إنّ العَنْز تمنع رَبهَا
مِن أَن يُبَيِّتَ جَاره بالحَائِلِ
أَرَادَ يَا بُهَيَّة فرخّم. وَالْمعْنَى: أَن العَنْز يتبّلغ أَهلهَا بلبنها فتكفيهم الغارةَ على مَال الْجَار المستجير بأصحابها. وحَائل: أَرض بِعَينهَا أَدخل عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام للضَّرُورَة. وَقَالَ اللَّيْث: وَكَذَلِكَ العَنْز من الأوعال والظباء. قَالَ: والعنْزُ: ضربٌ من السّمك يُقَال لَهُ: عَنْز المَاء. قلت: وسألني أعرابيّ عَن قَول رؤبة:
وأرَمٍ أعيسُ فَوق عَنْزِ
فَلم أعرفهُ. فَقَالَ: العَنْز القارة السَّوْدَاء. والأرَم: عَلَم يبْنى فَوْقهَا. وَجعله أعيس لِأَنَّهُ بُني من حِجَارَة بيض ليَكُون أظهر لمن

(2/83)


يُرِيد الاهتداء بِهِ على الطَّرِيق فِي الفلاة. وعُنَيْزَة: مَوضِع فِي الْبَادِيَة معروفٌ، وَقَالَ اللَّيْث: العَنْز فِي قَول رؤبة، صَخْرَة تكون فِي المَاء، وَالَّذِي قَالَه الأعرابيّ أصحّ. وَقَالَ اللَّيْث: العَنْز من الأَرْض: مَا فِيهِ حُزُونة من أكمة أَو تَلّ أَو حِجَارَة. وَقَالَ غَيره: يُقَال نَزَل فلَان معتنِزاً إِذا نزل حَرِيداً فِي نَاحيَة من النَّاس. ورأيته مُعْتَنِزاً ومنتبِذاً إِذا رَأَيْته متنحِّياً عَن النَّاس. وَقَالَ النَّضر: رجلٌ مَعَنَّزُ الْوَجْه إِذا كَانَ قَلِيل لحم الْوَجْه. وَأنْشد:
مُعَنَّز الْوَجْه فِي عِرْنينه شَمَمُ
وَقَالَ أَبُو دواد: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول لرجل: هُوَ معنَّز اللِّحْيَة، وفسّره أَبُو دواد: بَزْرِيش كَأَنَّهُ شبّه لحيته بلحية التيْس. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: حَتْفَها تحمل ضأنٌ بأظلافها. وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي هَذَا لَا تَكُ كالعَنْز تبحث عَن المُدْية، يضْرب مثلا للجاني على نَفسه جِنَايَة يكون فِيهَا هَلَاكه، وَأَصله أَن رجلا كَانَ جائعاً بالفلاة فَوجدَ عَنْزاً وَلم يجد مَا يذبحها بِهِ، فبحثت بِيَدَيْهَا وأثارت عَن مُدْيةٍ، فذبحها بهَا. وَمن أمثالهم فِي الرجُلين يتساويان فِي الشّرف: قَوْلهم: هما كَرُكْبَتَي العَنْز، وَذَلِكَ أَن ركبتيها إِذا أَرَادَت أَن تَرْبض وقعتا مَعًا. ونحوُ ذَلِك قَوْلهم: هما كعِكْمَي العَيْر. ويروى هَذَا الْمثل عَن هَرِم بن سِنَان أَنه قَالَه لعلقمة وعامر حِين سافرا إِلَيْهِ فَلم ينفِّر وَاحِدًا مِنْهُمَا على صَاحبه، وَمن أمثالهم لقِي فلَان يَوْم العَنْز، يضْرب مثلا للرجل يَلْقى مَا يُهلكه.
نزع: أَبُو عبيد: الأنزع: الَّذِي انحسر الشَعَرُ عَن جانبَيْ جَبهته. والنَزَعتان: ناحيتا منحسِر الشَعَرِ عَن الجبينين. وَقد نَزِعَ الرجل يَنْزَع نَزَعاً. وَالْعرب تحبّ النزَع وتتيّمن بالأنزع، وتذمّ الغَمَم وتتشاءم بالأغَمّ، وتزعم أَن الأغمّ الْقَفَا والجبينِ لَا يكون إلاَّ لئيماً. وَمِنْه قَول هُدْبَة بن خَشْرمَ:
لَا تنكحي إنْ فرّق الدَّهْر بَيْننَا
أغمَّ الْقَفَا والوجهِ لَيْسَ بأنزَعا
قَالَ أَبُو عبيد. والنزائع من الْخَيل: الَّتِي نَزَعت إِلَى أعراق. وَيُقَال: الَّتِي انتُزِعت من أَيدي قوم آخَرين. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: بئرٌ نزوع إِذا نُزِعَ مِنْهَا المَاء بِالْيَدِ نَزْعاً. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: هِيَ النَزَيع والنَزُوع.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ رأيتُني أنْزِع على قَلِيب. مَعْنَاهُ: رَأَيْتنِي فِي الْمَنَام أسقِي بيَدي من قَلِيب يُقَال: نزع بِيَدِهِ إِذا استقى بدَلْوٍ عُلّق فِيهَا الرشَاءُ. وَفِي حَدِيث آخر أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَّى يَوْمًا بِقوم فلمّا سلَّم من صلَاته قَالَ: (مَالِي أنازَع القرآنَ) . وَذَلِكَ أَن بعض الْمُؤمنِينَ جهر خَلفه فنازعه قِرَاءَته، فَنَهَاهُ عَن الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة خَلْفه. والمُنَازعة فِي الْخُصُومَة: مجاذبة الحُجَج فِيمَا يَتنازع فِيهِ الخَصْمان. ومنازعة الكأس: معاطاتها. قَالَ الله تَعَالَى: {يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ} (الطّور: 23) وَيُقَال نَازَعَنِي فلَان بنانه أَي صَافَحَنِي، والمنازعة المصافحة. وَقَالَ الرَّاعِي:

(2/84)


ينازعننا رخص البنان كَأَنَّمَا
ينازعننا هُدَّاب رَيْط معضَّد
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: المَنْزَعة: الصَّخْرَة الَّتِي يقوم عَلَيْهَا الساقي قَالَ والمَنْزَعة: الْقوس الفَجْواء. والمَنْزَعة. قوّة عزم الرَّأْي والهمّة. وَيُقَال للرجل الجيّد الرَّأْي: إِنَّه لجيّد المَنْزَعة. وَأما المِنْزَعة بِكَسْر الْمِيم فخشبة عريضة نَحْو المِلْعَقة، تكون مَعَ مُشتار الْعَسَل ينزِع بهَا النحلَ اللاصق بالشَهْد وتسمّى المِحْبَضَة. وَيُقَال للْإنْسَان إِذا هوى شَيْئا ونازعته نَفسه إِلَيْهِ: هُوَ يَنْزِع إِلَيْهِ نِزَاعاً. ونَزَع فِي الْقوس يَنْزِع نَزْعاً إِذا مَدّ وتَرها. قَالَ الله جلّ وعزّ: {} (النازعات: 1) قَالَ الفرّاء: تَنْزع الأنفسَ من صُدُور الكفّار، كَمَا يُغْرِق النازع فِي الْقوس إِذا جَذَب الوَتر. وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْكسَائي: يَقُولُونَ لتعلمنّ أَيّنَا أَضْعَف مِنْزعة. والمِنزعة: مَا يرجع إِلَيْهِ الرجل من رَأْيه وتدبيره، جَاءَ بِهِ ابْن السّكيت فِي بَاب مِفْعَلة ومَفعلة قَالَ: وَقَوله {يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ} أَي يتعاطون، وَالْأَصْل فِيهِ يتجاذبون. وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {} . هِيَ الْمَلَائِكَة. وَيُقَال: فلَان يَنْزِع نَزْعاً إِذا كَانَ فِي السِّيَاق عِنْد الْمَوْت. وَكَذَلِكَ هُوَ يَسُوق سَوقاً. وَيُقَال نَزَعَ الرجل عَن الصِبَا، ينزِع نزوعاً إِذا كفّ عَنهُ. وَرُبمَا قَالُوا: نَزْعاً. وَيُقَال نَزَع فلَان إِلَى أَبِيه يَنْزِع إِذا أشبهه، ونَزَعَ إِلَى عِرْق، يَنْزِع، وَقد نَزَعَ شَبَهَهُ عِرْق. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا هُوَ عِرْق نَزَعَه. ونُزَّاعُ الْقَبَائِل: غرباؤهم الَّذين يجاورون قبائل لَيْسُوا مِنْهُم الْوَاحِد نَرِيع. وَيُقَال للرجل إِذا استنبط معنى آيَة من كتاب الله: قد انتزع معنى جيّداً، ونَزَعَهُ مثله إِذا استخرجه. والمِنْزَعُ: السهْم الَّذِي يُرْمَى بِهِ. وَمِنْه قَول أبي ذُؤَيْب:
فأنفذ طُرَّتَيه المِنْزَعُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: انتزاع النيَّة: بُعْدها، أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَنهُ. قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَمِنْه نزع فلَان إِلَى وَطنه. النزائع الغرباء وَكَذَلِكَ النُزّاع الْوَاحِد نزيع وَنَازع. وشرابٌ طيّب المِنْزَعة إِذا كَانَ طيّب الخِتام، وَهُوَ سَاعَة يَنْزعهُ عَن فِيهِ. وَقيل فِي قَوْله: {مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِى ذَلِكَ} (المطففين: 26) إِنَّهُم إِذا شرِبوا الرحِيق ففنِي مَا فِي الكأس وَانْقطع الشُّرب انختم ذَلِك برِيح الْمسك وطيبِه وَالله أعلم. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للخيل إِذا جَرَت: لقد نَزَعت سنَناً. وَأنْشد:
وَالْخَيْل تنزِع قُبًّا فِي أعنّتها
كالطير تنجو من الشُؤْبُوبِ ذِي البَرَدِ
والنَزَعَة: الرُمَاة، واحدهم نَازع. وَمِنْه الْمثل عَاد الرميُ على النَزَعة يضْرب مثلا للَّذي يَحيق بِهِ مَكْرُه. أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: أنْزَعَ الْقَوْم فهم مُنْزِعون إِذا نزعَتْ إبلُهم إِلَى أوطانها. وَأنْشد:
فقد أهافوا زَعَمُوا وأنْزَعُوا
وَيُقَال هَذِه أَرض تنازِع أَرْضنَا إِذا كَانَت تتاخمها. وَقَالَ ذُو الرمّة:
لَقًى بَين أجمادٍ وجَرْعاء نَازَعَتْ
حِبالا بهنّ الجازئات الأوابد

(2/85)


والنزائع من الرِّيَاح: هِيَ النُكْب، سمّيتْ نزائع لاخْتِلَاف مَهَابِّها. وَقَالَ اللَّيْث: غَنَمٌ نُزُعٌ إِذا حَنّت فاشتهت الفَحْل. وَبهَا نزاع وشاةٌ نَازِع. ابْن السّكيت: النَزَعة نبتٌ مَعْرُوف. ابْن الْأَعرَابِي: أنزع الرجل إِذا ظَهرت نزعاته.

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ الْفَاء)
(ع ز ف)
عزف، عفز، زعف، فزع: مستعملة.
عزف: يُقَال عَزَفَتْ نَفْسُه عَن الشَّيْء إِذا انصرفت عَنهُ عُزُوفاً. ورجلٌ عَزُوف عَن اللَّهْو إِذا لم يشتههِ، وعَزُوفٌ عَن النِّسَاء إِذا لم يَصْبُ إليهنّ. وَقَالَ الفرزدق:
عَزَفْتَ بأعشاشٍ وَمَا كِدت تَعْزِفُ
والعَزِيفُ: صَوت الرِمَال إِذا هبّت بهَا الرِّيَاح. وَالْعرب تجْعَل العَزِيف أصوات الجِنّ. وَفِي ذَلِك يَقُول قَائِلهمْ:
وإنّي لأجتاب الفلاة وَبَينهَا
عوازفُ جِنّانٍ وهام صَوَاخِدُ
وَهُوَ العَزْف أَيْضا والعُزْف: الحَمَام الطُورانية فِي قَول الشمَّاخ:
حَتَّى اسْتَغَاثَ بأحوى فَوْقه حُبُك
يَدْعُو هديلاً بِهِ العُزْف العزاهيل
وَهِي الْمُهْملَة. والعُزْف: الَّتِي لَهَا صَوت وهَدِير. وعَزَف الدُفّ: صَوته. وَقَالَ الراجز:
للخَوْتع الأزرقِ فِيهَا صاهلْ
عَزْف كعزف الدُفّ ذِي الجَلاَجلْ
والمَعَازِف: قَالَ اللَّيْث: هِيَ الملاعب الَّتِي يُضرب بهَا، يَقُولُونَ للْوَاحِد: عَزْفٌ وللجميع مَعَازف رِوَايَة عَن الْعَرَب، فَإِذا أُفرد المِعْزَف فَهُوَ ضَرْبٌ من الطنابير يتَّخذه أهل الْيمن وَغَيره يَجْعَل العُود مِعْزَفاً.
وَفِي حَدِيث أمّ زَرْع: (إِذا سمعن صَوت المَعَازف أيقَنّ أَنَّهُنَّ هوالك) . قلت: والعَزّاف: جبل من جبال الدهناء قد نزلتُ بِهِ. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَزَفَتْ نفسُه أَي سَلَتْ. وعَزَفَ الرجل يَعْزِف إِذا أَقَامَ فِي الْأكل وَالشرب. وأعْزَفَ سمع عَزِيف الرمال.
عفز: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَفْز: الجَوْز الَّذِي يُؤْكَل. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مثله فِي العَفْز. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للجوز عَفْزٌ وعَفَازٌ. والواحدة عَفْزة وعَفَازَة. قَالَ والعَفَازَة: الأكمَة، يُقَال: لَقيته فَوق عَفَازَة أَي فَوق أكمَة. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العَفْز: الملاعبة، يُقَال: باتَ يُعافز امْرَأَته أَي يغازلها. قلت هُوَ من قَوْلهم: بَات يعافسها. فأبدل السِّين زاياً.
زعف: أهمله اللَّيْث. وَهُوَ مُسْتَعْمل صَحِيح. رَوَى أَبُو عبيد عَن الْكسَائي موت زُعَاف وذُعَاف وذُؤَاف بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْمَوْت الزعَاف: الوَحِيُّ. وَقد أزعفته إِذا أقْعَصْته. وَكَذَلِكَ ازدعفته. أَبُو عبيد عَن أبي عمر: المُزْعِفُ: السمّ الْقَاتِل. وَقَالَ غَيره: سيفٌ مُزْعِفٌ: لَا يُطْنِي. وَكَانَ عبد الله بن سَبْرة أحد الفتّاك فِي الْإِسْلَام، وَكَانَ لَهُ سيف سمّاه المزعِفَ. وَفِيه يَقُول:

(2/86)


عَلَوْت بالمُزْعِف المأثورِ هامتَه
فَمَا اسْتَجَابَ لداعيه وَقد سَمِعَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الزُعُوف: المَهَالك. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: من أَسمَاء الحيّة المِزعافة والمِزعامة.
فزع: قَالَ الله تَعَالَى: {: ُ: ِأَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} (سبإ: 23) اتّفق أهل التَّفْسِير وأهلُ اللُّغَة أَن معنى قَوْله {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} : كُشِف الْفَزع عَن قُلُوبهم، وَتَأْويل الْآيَة أنّ مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا كَانَ عهدُهم قد طَال بنزول الوَحْي من السَّمَوَات العُلا، فلمَّا نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوّلَ مَا بُعث نبيًّا ظنّت الْمَلَائِكَة الَّذين فِي السَّمَاء الدُّنْيَا أَن جِبْرِيل نزل لقِيَام السَّاعَة، ففزِعوا لَهُ، فلمَّا تقرَّر عِنْدهم أَنه نزل لغير ذَلِك كُشِف الفَزَع عَن قُلُوبهم فَأَقْبَلُوا على جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة، وَقَالُوا لَهُم مَاذَا قَالَ ربكُم؟ . قَالُوا قَالَ الله الْحق وَهُوَ العليّ الْكَبِير. وَالَّذين فُزِّع عَن قُلُوبهم هَهُنَا مَلَائِكَة السَّمَاء الدُّنْيَا. وَقيل: إِن مَلَائِكَة كلّ سَمَاء فَزِعوا لنزول جبريلج وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة، فَقَالَ كل فريق مِنْهُم لَهُم: مَاذَا قَالَ ربكُم؟ وَقَالَ الفرّاء: المُفَزَّعُ يكون جَبَاناً، وَيكون شُجَاعاً، فَمن جعله مَفْعُولا بِهِ قَالَ: بِمثلِهِ تَنْزِل الأفزاع. وَمن جعله جَبَاناً جعله يَفْزَع من كل شَيْء. قَالَ: وَهَذَا مثل قَوْلهم للرجل: إِنَّه لمُغَلَّبٌ، وَهُوَ غالبٌ، ومُغَلَّبٌ وَهُوَ مغلوب. قلت: وَيُقَال: فَزَّعْتُ الرجل وأفزعته إِذا رَوَّعته. وَقَالَ اللَّيْث: الفَزَع: الغَرَق. وَقد فَزعَ يَفْزَع فَزَعاً فَهُوَ فَزِعٌ. وَفُلَان لنا مَفْزَعٌ. وامرأةٌ لنا مَفْزَع. مَعْنَاهُ: إِذا دَهِمنا أَمر فَزِعنا إِلَيْهِ أَي لجأنا إِلَيْهِ واستغثنا بِهِ. وَقد يُقَال: فلَان مَفْزَعة بِالْهَاءِ يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث إِذا كَانَ يُفْزَع مِنْهُ. ورجلٌ فَزَّاعة: يُفَزِّع الناسَ كثيرا. قلت: وَالْعرب تجْعَل الفَزع فَرَقاً، وتجعله إغاثةً للفَزِع المروَّع، وتجعله استغاثة. فأمّا الفَزع بِمَعْنى الاستغاثة فَإِنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيث يرويهِ ثَابت عَن أنسٍ: أَنه فَزِع أهل الْمَدِينَة لَيْلًا، فَركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَساً لأبي طَلْحَة عُرْياً، فلمَّا رَجَعَ قَالَ: (لن تُراعوا، لن تُراعوا، إِنِّي وجدته بَحْراً) . معنى قَوْله فزِع أهل الْمَدِينَة أَي استَصْرخوا، وظنّوا أَن عدوًّا أحَاط بهم، فلمَّا قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لن تُرَاعوا) سَكَن مَا بهم من الفَزَع. وَأما الحُجّة فِي الْفَزع أَنه بِمَعْنى الإصراخ والإغاثة فَقَوْل كَلْحَبة الْيَرْبُوعي حَيْثُ يَقُول:
فَقلت لكأسٍ ألجميها فَإِنَّمَا
حَلَلْنا الكَثِيب من زَرُودَ لنفزَعَا
مَعْنَاهُ: لنغيث ونُصْرِخ مَن اسْتَغَاثَ بِنَا. وَقَالَ بَعضهم: أفزعت الرجل إِذا رَوّعته، وأفزعته أَي أغَثْته. وَهَذِه الْأَلْفَاظ كلّها صَحِيحَة، ومعانيها عَن الْعَرَب مَحْفُوظَة. وَيُقَال: فَزِعْتُ إِلَى فلَان إِذا لجأت إِلَيْهِ، وَهُوَ مَفْزَع لمن فزِع إِلَيْهِ أَي مَلْجأ لمن التجأ إِلَيْهِ.

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ الْبَاء)
(ع ز ب)
عزب، زعب، زبع، بزع: مستعملة.
عزب: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَرَبِّى لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لاَ

(2/87)


يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَاوَاتِ وَلاَ} (سبإ: 3) مَعْنَاهُ لَا يغيب عَن علمه شَيْء. وَفِيه لُغَتَانِ: عَزَبَ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ إِذا غَابَ. ورجلٌ عَزَبٌ لَا أهل لَهُ. أَبُو عبيد عَن الفرّاء: امْرَأَة عَزَبَة: لَا زوج لَهَا. وَقَالَ الْكسَائي مثله. وَقَالَ ابْن بُزُرْج فِيمَا قَرَأت لَهُ بخطّ أبي الْهَيْثَم: رجلٌ عَزَبٌ، ورجلان عَزَبان، وقومٌ أعزابٌ، وامرأةٌ عَزَبة ونسوةٌ عَزَبَاتٌ ونساءٌ عُزَّابٌ: لَا أَزوَاج لهنّ، وَإِن كَانَ معهنّ أولادهنّ. وَقَالَ النَّضر: قَالَ المنتجِع: يُقَال امْرَأَة عَزَبٌ بِغَيْر هَاء. قَالَ وَلَا تقل: امْرَأَة عَزَبَة. وَأنْشد فِي صفة امْرَأَة جعلهَا عَزَباً بِغَيْر هَاء:
إِذا العَزَبُ الهوجاء بالعطر نَافَحَتْ
بَدَتْ شمس دَجْنٍ طلَّةً لم تَعَطّر
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: رجلٌ عَزَبٌ، وَلم يَدْرِ كَيفَ يُقَال للْمَرْأَة. قَالَ أَبُو حَاتِم: وَيُقَال للْمَرْأَة أَيْضا عَزَبُ. وَأنْشد:
يَا من يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ
على ابْنة الحُمَارِس الشَّيْخ الأزَبْ
قَالَ: وَلَا يُقَال رجل أعزب. وَأَجَازَ غَيره: رجل أعزب. وَيُقَال: إِنَّه لعَزَب لَزَب وَإِنَّهَا لعَزَبة لَزَبة. وَيُقَال عَزَبَ يَعْزُبُ وتعزَّب بعد التأهّل. وَقَالُوا: رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُب فِي الأَرْض. وَقَالَ اللَّيْث: المِعْزَابة: الَّذِي طَالَتْ عُزُوبته، حَتَّى مَا لَهُ فِي الْأَهْل من حَاجَة. قَالَ وَلَيْسَ فِي الصِّفَات مِفعالة غير هَذِه الْكَلِمَة. قلت: قَالَ الفرّاء: مَا كَانَ من مفعال كَانَ مؤنَّثه بِغَيْر هَاء، لِأَنَّهُ انعدل عَن النعوت انعدالاً أشدّ من انعدال صَبُور وشَكُور وَمَا أشبههما ممّا لَا يؤنَّث، وَلِأَنَّهُ شُبِّه بالمصادر، لدُخُول الْهَاء فِيهِ. يُقَال امْرَأَة مِحْماق ومِذْكار ومِعْطار. قَالَ: وَقد قيل رجل مجذامة إِذا كَانَ قَاطعا للأمور جَاءَ على غير قِيَاس. وَإِنَّمَا زادوا فِيهِ الْهَاء لِأَن الْعَرَب تُدخل الْهَاء فِي المذكَّر على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا الْمَدْح وَالْأُخْرَى الذمّ إِذا بولغ فِي الْوَصْف. قلت والمِعزبة دَخَلتهَا الْهَاء للْمُبَالَغَة أَيْضا. وَهُوَ عِنْدِي: الرجل الَّذِي يُكْثِر النهوض فِي مَاله العزِيبِ يتتبَّعُ مساقط الْغَيْث وأُنُف الْكلأ. وَهُوَ مدح بالغٌ على هَذَا الْمَعْنى. قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال أعْزَبَ عَن فلَان حِلْمُه يَعْزُب عُزُوباً، وأعزب الله حِلْمه أَي أذهبه الله وَأنْشد:
وأعزبتَ حلمي بعد مَا كَانَ أعْزَبَا
قلت: جعل أعزب لَازِما وواقعاً. وَمثله أملق الرجل إِذا أعدم، وأملق مالَه الحوادثُ. وَقَالَ اللَّيْث: العَازِبُ من الْكلأ: البعيدُ المُطْلِب. وَأنْشد:
وعَازِبٍ نَوّر فِي خلائه
قَالَ: وأعزب الْقَوْم: أَصَابُوا عازِباً من الْكلأ. قلت: وعَزَبَ الرجل بإبله إِذا رعاها بَعيدا من الدَّار الَّتِي حلّ بهَا الحيُّ لَا يأوي إِلَيْهِم. وَهُوَ مِعْزَابٌ ومِعْزابَةٌ وكلّ مُنْفَرد عَزَبٌ. ومُعَزِّبَةُ الرجل: امْرَأَة يأوي إِلَيْهَا فتقوم بإصلاح طَعَامه وحِفظ أداته. وَيُقَال مَا لفلانٍ مُعَزِّبَة تُقَعّدُه. وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير: لَيْسَ لفُلَان امْرَأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزْبته بِالنِّكَاحِ، مثل قَوْلك: هِيَ تمرِّضه أَي تقوم عَلَيْهِ فِي مَرَضه. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : فلَان يعزّب فلَانا ويُرَبِّض فلَانا ويَرْبِضه: يكون لَهُ مثل الخازن. والعَزِيبُ:

(2/88)


المَال العَازِبُ عَن الحيّ، سمعته من الْعَرَب. وَمن أمثالهم: إِنَّمَا اشتريتُ الْغنم حِذارَ العازبة، والعازبة: الْإِبِل. قَالَه رجل كَانَت لَهُ إبل فَبَاعَهَا وَاشْترى غنما لِئَلَّا تَعْزُبَ، فعَزَبتْ غَنَمُه فعاتب على عزوبها. يُقَال ذَلِك لمن ترفّق أَهْون الْأُمُور مئونةً، فَلَزِمَهُ فِيهِ مشقَّةٌ لم يحتسبها. وهِراوة الأعْزاب: فرسٌ كَانَت مَشْهُورَة فِي الجاهليّة، ذكرهَا لَبِيد وَغَيره من قدماء الشُّعَرَاء. عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لامْرَأَة الرجل: هِيَ محصّنته ومُعَزّبته وحاصِنته وحاضِنته وقابِلته ولحافه وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْله: ستجدونه معزّباً قَالَ: هُوَ الَّذِي عَزَب عَن أَهله فِي إبِله أَي غَابَ. والعَزِيب: المَال العازب عَن الحيّ.
زعب: قَالَ شمر: جَاءَ فلَان بقِرْبة يَزْعَبُهَا أَي يحملهَا مَمْلُوءَة، ويَزْأبها: كَذَلِك. وَقَالَ الفرّاء: قِربة مزعوبة ومَمْزورة: مَمْلُوءَة. وَأنْشد:
من الفُرْنِيّ يَزْعَبُهَا الجميلُ
أَي يملؤها. ومطرٌ زاعِبٌ: يزعَبُ كل شَيْء أَي يملؤه وَأنْشد يصف سيلاً:
مَا حازت العُفْر من ثُعَالة
فالرَوْحَاءُ مِنْهُ مزعوبة المُسُلِ
أَي مَمْلُوءَة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مرّ السَّيْل يَزْعَبُ إِذا جَرَى. ومرَّ يَزْعَبُ بِحِمْله إِذا مَرّ سَرِيعا. ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعَمْرو بن الْعَاصِ: (إِنِّي أرْسلت إِلَيْك لأبعثك فِي وجهٍ يسلّمك الله ويغنّمك، وأزْعَبُ لَك زَعْبَة من المَال) . قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: أزعبُ لَك زَعبة من المَال أَي أُعْطِيك دُفْعة من المَال. قَالَ والزَعْبُ: هُوَ الدّفع. وجاءنا سيل يَزْعَبُ زعْباً أَي يتدافع. وَقَالَ اللَّيْث: زَعَبْتُ الْإِنَاء إِذا ملأته. وَالرجل يَزْعَبُ الْمَرْأَة إِذا جَامعهَا فَمَلَأ فرجهَا بفرجه. وَقَالَ غَيره: الزَعِيبُ والنعيبُ: صَوت الْغُرَاب، وَقد زَعَبَ ونَعَبَ بِمَعْنى وَاحِد. وزَعَبَ الرجل فِي قَيْئه إِذا أَكثر حَتَّى يدْفع بعضُه بَعْضًا. وزَعَبَتِ القِرْبةُ إِذا دفعتْ ماءها. وَقَالَ المبرّد: الزَاعِبِيُّ من الرماح: مَنْسُوب إِلَى رجل من الخَزْرَج يُقَال لَهُ: زاعِب كَانَ يَعْمل الأسنّة. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الزَاعِبيُّ الَّذِي إِذا هُزَّ كأنّ كعوبه يجْرِي بعضُها فِي بعض لِلِينه. وَهُوَ من قَوْلك مرّ يَزْعَبُ بِحملِه إِذا مرّ مرًّا سهلاً وَأنْشد:
ونَصْلٌ كنَصْلِ الزَاعِبيِّ فَتِيق
قَالَ أَرَادَ: كنصل الرمْح الزاعبيّ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الزاعبية: الرِمَاح كلّها. وَقَالَ شمر فِي قَوْله:
زَعَبَ الغرابُ وليته لم يَزْعَب
يكون زَعَبَ بِمَعْنى زعم أبدل الْمِيم بَاء، مثل عَجْب الذنَب وعَجْمه. وَقَالَ ابْن السّكيت: الزُعْب: اللئام الْقصار. واحدهم زُعْبُوبٌ على غير قِيَاس. وَأنْشد الفرَّاء فِي الزُعب:
من الزُعبِ لم يضْرب عدوًّا بِسَيْفِهِ
وبالفأس ضَرَّابٌ رؤوسَ الكرانِفِ
وروى أَبُو تُرَاب عَن أَعْرَابِي من قيس أَنه قَالَ هَذَا الْبَيْت:
مجتزىء بزِعْبه وزِهْبِهِ

(2/89)


أَي بِنَفسِهِ. وزعَبَ لي زُعْبَةً من مَاله وزَهَبَ لي زُهْبَةً إِذا أعطَاهُ قِطْعَة وافرة. وَأَعْطَاهُ زِهْباً من مَاله فازدهبه وزِعباً فازدعبه أَي قِطْعَة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ازْدَعَبَ الشَّيْء إِذا حمله، ومرّ بِهِ فازدعبه أَي حَمَله.
زبع: الزَبْع أصل بِنَاء التزبُّع. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المُتَزَبِّعُ: الَّذِي يُؤْذِي النَّاس ويشارّهم وَقَالَ متمِّم:
وإنْ تلقه فِي الشَرْب لَا تلق فَاحِشا
لَدَى الكأس ذَا قاذورة مُتَزَبِّعا
وَفِي الحَدِيث أَن مُعَاوِيَة عزل عَمْرو بن الْعَاصِ عَن مصر، فَضرب فُسْطَاطه قَرِيبا من فسطاط مُعَاوِيَة، وَجعل يتزبّع لمعاوية.
قَالَ أَبُو عبيد: التزبّع هُوَ التَّغَيُّظ وكل فَاحش سيّىء الْخلق مُتَزَبِّعٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزَبِيع: الرجل المدَمْدِم فِي غضب. وَهُوَ المتزبّع.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَوْبَعة: اسْم شَيْطَان. وَيكون الإعصار أَبَا زَوْبَعَةَ، يَقُولُونَ فِيهِ شَيْطَان مارد.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: زَوْبَعَةُ: ريح تَدور وَلَا تقصد وَجها وَاحِدًا، وَتحمل الْغُبَار، أُخِذَت من التزبع.
وَرُوِيَ عَن الْمفضل: الزوبعة مشْيَة الأحرد. قلت: وَلَا أَدْرِي من رَوَاهُ عَن المفضّل، وَلَا أعْتَمد هَذَا الْحَرْف وَلَا أحُقّه.
بزع: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البَزِيع: الظريف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: غلامٌ بَزِيعٌ، وجاريةٌ بَزِيعَةٌ إِذا وُصِفا بالظَرْف والمَلاَحة وذَكَاء الْقلب. وَلَا يُقَال إِلَّا للأحداث. قَالَ: وبَوْزَع: اسْم رَمْلة من رمال بني سعدٍ. قلت: وبَوْزَع: اسْم امْرَأَة، وَكَأَنَّهُ فَوعل من البَزِيع.

(بَاب الْعين وَالزَّاي مَعَ الْمِيم)
(ع ز م)
عزم، زمع، زعم، مزع، معز: مستعملة.
عزم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ} (مُحَمَّد: 21) سَمِعت الْمُنْذِرِيّ يَقُول: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى: {مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ} هُوَ فَاعل مَعْنَاهُ الْمَفْعُول، وَإِنَّمَا يُعْزَم الْأَمر وَلَا يَعزِم، والعزم للْإنْسَان لَا لِلْأَمْرِ. قَالَ: وَهَكَذَا كَقَوْلِهِم: هَلَك الرجلُ وَإِنَّمَا أُهْلِكَ.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ} : فَإِذا جدّ الأمرُ وَلزِمَ فرضُ الْقِتَال. قَالَ: هَذَا مَعْنَاهُ. وَالْعرب تَقول: عَزَمتُ الْأَمر وعزمتُ عَلَيْهِ. قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الْبَقَرَة: 227) .
وَقَالَ اللَّيْث: العَزْمُ مَا عَقَد عَلَيْهِ قلبُك من أمرٍ أَنَّك فَاعله. وَتقول: مَا لفُلَان عَزِيمَة، أَي لَا يثبت على أمرٍ يعزِم عَلَيْهِ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خير الْأُمُور عوازمها) . وَله مَعْنيانِ: أَحدهمَا: خير الْأُمُور مَا وكّدت عَزْمَك ورأيك ونِيّتك عَلَيْهِ، ووَفَيت بِعَهْد الله فِيهِ.
وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِن الله عز وَجل يحبّ أَن تُؤْتى رُخَصه، كَمَا يحبّ أَن تُؤْتى عَزَائِمه. قَالَ أَبُو مَنْصُور:

(2/90)


عَزَائِمه: فَرَائِضه الَّتِي أوجبهَا وأمرنا بهَا.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَزْمِيُّ من الرِّجَال: المُوفِي بالعهد. وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي قَوْله (خير الْأُمُور عوازمها) أَي فرائضها الَّتِي عَزَم الله عَلَيْك بِفِعْلِهَا. وَأما قَول الله جلّ وعزَّ فِي قصَّة آدم: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (طاه: 115) فَإِن الفرّاء قَالَ: لم نجد لَهُ صَرِيمة وَلَا حَزْماً فِيمَا فَعَل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الصَرِيمة والعَزِيمة وَاحِدَة، وَهِي الْحَاجة الَّتِي قد عزمْتَ على فعلهَا. يُقَال: طَوَى فلَان فُؤَاده على عَزِيمة أمرٍ إِذا أسَرّها فِي فُؤَاده.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْعَرَب تَقول: مَاله مَعْزِمٌ وَلَا مَعْزَم وَلَا عَزِيمة وَلَا عَزْمٌ وَلَا عُزْمَانٌ.
وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} أَي رَأيا معزوماً عَلَيْهِ. والعَزِيمُ والعَزِيمة وَاحِد، يُقَال: إِن رَأْيه لذُو عَزِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: العَزِيمة من الرُقَى: الَّتِي يُعْزَمُ بهَا على الجنّ والأرواح.
وَقَالَ غَيره: عَزَمْتُ عَلَيْك لتفعلنَّ أَي أقسمتُ. وعَزْمُ الراقِي والحَوّاء كَأَنَّهُ إقسام على الدَّاء والحَيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الاعتزام: لُزُوم القَصْد فِي الحُضْر. وَأنْشد لرؤبة:
إِذا اعتزمن الرَهْو فِي انتهاضِ
والرحل يَعْتزِم الطريقَ: يمْضِي فِيهِ وَلَا ينثني، وَقَالَ الأُرَيْقِط:
معتزماً للطُرُق النواشط
وعزائم السُّجُود: مَا عُزِمَ على قارىء آيَات السُّجُود أَن يسْجد لله فِيهَا. والفَرَس إِذا وُصِف بالاعتزام فَمَعْنَاه تجليحُه فِي حُضْره غير مُجيب لراكبه إِذا كَبَحه. وَمِنْه قَول رؤبة:
مُعْتَزِم التجليح ملاّخ المَلَقْ
حَدثنَا مُحَمَّد بن مُعَاذ عَن عبد الْجَبَّار عَن سُفْيَان عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ: سَمِعت قيسا يَقُول: سَمِعت الْأَشْعَث يَقُول لعَمْرو بن معد يكرب: أما وَالله لَئِن دنوتُ لأضرطنّك، قَالَ: كلاّ وَالله إِنَّهَا لعَزُوم مُفزعة. أَرَادَ بالعزوم اسْته.
أَرَادَ أَن لَهَا عَزْماً وَلَيْسَت بواهية فتضرِط وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفسه. وَقَوله: مفزَّعة: بهَا تنزل الأفزاع فتجليها. عزوم: ذَات صرامة وحَزْم.
قَالَ شمر: العزوم الصَبور المجدّة الصَّحِيحَة العَقْد. قَالَ: والدُبُر يُقَال لَهَا: أمّ عَزْم، يُقَال: كَذبته أمُّ عزمِهِ. شمر: عزمت عَلَيْك أَي أَمرتك أمرا جِداً، وَهِي العَزْمة. وعزائم السُّجُود: مَا أمِر السُّجُود فِيهَا. قَالَ الْأَصْمَعِي: العَزُوم من الْإِبِل الَّتِي قد أسنَّت وفيهَا بَقِيَّة من الشَّبَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَزْمِيُّ: بيَّاع الشجِير. قَالَ والعُزُمُ: عَجَم الزَّبِيب وَاحِدهَا عَزْمٌ. قَالَ والعَزُومُ والعَرْزَمُ: النَّاقة الهَرِمَة الدِلْقِم. قَالَ والعَزْم: الصَبْرُ فِي لُغَة هُذَيل. يَقُولُونَ: مَالِي عَنْك عَزْمٌ أَي صبرٌ.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} (طاه: 115) .

(2/91)


وَأَخْبرنِي ابْن مَنيع عَن عليّ بن الجَعْد عَن شُعْبة عَن قَتَادة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} قَالَ: صبرا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُزُمُ: الْعَجَائِز واحدتهنّ عَزُوم. قَالَ والعَزْمُ: شَجِير الزَبِيب.
وَقَالَ أَبُو زيد: عُزْمَةُ الرجل: أُسْرته وقبيلته، وجماعها العُزَمُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَزَمَةُ: المصحّحون للمودّة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْله: عَزْمَة من عَزَمَات الله قَالَ: حقٌّ من حُقُوق الله أَي وَاجِب مِمَّا أوجبه الله. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {كُونُواْ قِرَدَةً} (الْبَقَرَة: 65) هَذَا أَمر عَزْم. وَقَوله: {كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ} (آل عمرَان: 79) هَذَا فَرْضٌ وحُكْمٌ.
زمع: الْأَصْمَعِي: الزَمَعُ: رِعْدة تعتري الْإِنْسَان إِذا همّ بِأَمْر ورجلٌ زَمِيعٌ، وَهُوَ الشجاع الَّذِي إِذا أزْمَعَ الأمرَ لم يَنْثَنِ عَنهُ. والمصدر: الزَمَاعُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أزْمَعتُ الْأَمر، وَأنكر أزْمَعْتُ عَلَيْهِ. قَالَ شمر: وَغَيره يُجِيز أزمعت عَلَيْهِ. أَبُو عبيد: الزَمَعُ: الزِّيَادَة الناتئة فَوق ظِلْف الشَّاة.
الْأَصْمَعِي: الزَمُوع من الأرانب: الَّتِي تقارِب عَدْوَهَا وَكَأَنَّهَا الَّتِي تَعْدُو على زَمعتها. وَهِي الشَعَرات المُدَلاّة فِي مؤخِّر رِجْلها. أَبُو عمر: يُقَال مِنْهُ: قد أزْمَعَتْ أَي عَدَتْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الزَمَعَةُ: الزَّائِدَة من وَرَاء الظِلْف، وَجَمعهَا زَمَع.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَمَعُ: هَنَات شِبْهُ أظفار الْغنم فِي الرُسْغ، فِي كل قَائِمَة زَمَعَتَانَ كَأَنَّمَا خُلِقتا من قِطَع القُرُون. قَالَ: وَذكروا أَن للأرنب زَمَعات خَلْف قَوَائِمهَا. وَلذَلِك تنْعَت فَيُقَال لَهَا: زَمُوع. قَالَ: وَيُقَال: بل الزَمُوع من الأرانب النشيطةُ السريعة، تَزْمَعُ زَمَعَاناً أَي تخف وتسرع. قَالَ: وَيُقَال لرُذالة النَّاس: إِنَّمَا هم زَمَعٌ، شُبِّهُوا بزَمَع الأظلاف.
وَقَالَ اللَّيْث: الزَمَّاعة بالزاي: الَّتِي تتحرك من رَأس الصبيِّ فِي يَافُوخه. قَالَ: وَهِي الرمّاعة واللَمَّاعة. قلت: الْمَعْرُوف فِيهَا الرَمَّاعَة بالراء، وَمَا علمت أحدا روى الزَمَّاعة غير اللَّيْث وَالله أعلم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الزَمَعُ: الأُبَنُ تخرج فِي مخارج العناقيد. وَقد أزْمَعَت الحَبَلَةُ إِذا أعظمت زَمَعَتها ودنا خُرُوج الحِجنة مِنْهَا والحِجنة والنامية شُعَب. إِذا عظمت الزَمَعة فَهِيَ البَنِيقة. وأكمحت الزَمَعة إِذا ابيَضَّت وَخرج عَلَيْهَا مثل القُطْن، وَذَلِكَ الإكماح، والزَمَعة أول شَيْء يخرج مِنْهُ فَإِذا عظم فَهُوَ بَنِيقة.
وَقَالَ اللَّيْث: أزمَع النَبْتُ إزماعاً إِذا لم يَسْتَوِ العُشْب كُله وَكَانَ قِطَعاً متفرّقة وَبَعضه أفضل من بعض.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الزَمْعِيُّ: الخسيس. والزَمْعِيُّ: السَّرِيع الْغَضَب. وَهُوَ الداهية من الرِّجَال.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: قَزَعَ قَزَعَاناً وزَمَعَ

(2/92)


زَمَعَاناً وَهُوَ مَشيٌ متقارِبٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَ فلَان بالأزامع أَي بالأمور المُنكَرات. قَالَ: والزَمَعُ من النَّبَات: شَيْء هَهُنَا وَشَيْء هَهُنَا مثل القَزَع فِي السَّمَاء. قَالَ: والرَشَم من النَّبَات مثل الزمَع: رَشَمَةٌ هَهُنَا وَرَشَمَةٌ هَهُنَا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : زُمْعَةٌ من نَبْت ورُمْعَةَ من نبت وزُوعَة من نبت ولُمْعَة من نبت ورُقْعة من نبت بِمَعْنى وَاحِد.
زعم: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الزَعْمُ يكون حقًّا وَيكون بَاطِلا. وَأنْشد فِي الزَعْم الَّذِي هُوَ حَقّ:
وإنّي أذينُ لكم أَنه
سيُنجزكم ربّكم مَا زَعَمْ
قَالَ: وَالْبَيْت لأُمَيَّة. وَقَالَ اللَّيْث: سَمِعت أهل الْعَرَبيَّة يَقُولُونَ: إِذا قيل: ذَكَر فلَان كَذَا وَكَذَا فَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك لأمر يُسْتَيقَنُ أَنه حَقّ، فَإِذا شُكّ فِيهِ فَلم يُدْرَ لعلّه كذِب أَو بَاطِل قيل: زعم فلَان. قَالَ: وَكَذَلِكَ تفسّرُ هَذِه الْآيَة: {فَقَالُواْ هَاذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ} (الْأَنْعَام: 136) أَي بقَوْلهمْ الكذبَ.
وَسمعت المنذريّ يَقُول: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: تَقول الْعَرَب قَالَ إِنَّه، وزَعَم أَنه، فكسروا الْألف مَعَ قَالَ، وفتحوها مَعَ زَعم؛ لِأَن زعم فِعْل وَاقع بهَا أَي بِالْألف متعدّ إِلَيْهَا؛ أَلا ترى أَنَّك تَقول: زعمتُ عبد الله قَائِما، وَلَا تَقول: قلتُ زيدا خَارِجا، إِلَّا أَن تُدخِل حرفا من حُرُوف الِاسْتِفْهَام فَتَقول: هَل تقولُه فعل كَذَا، وَمَتى تقولني خَارِجا؟ وَأنْشد:
قَالَ الخليط غَدا تَصَدُّعُنَا
فَمَتَى تَقول الدارَ تَجْمعُنَا
فَمَعْنَاه فَمَتَى تظنّ وَمَتى تزْعم.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
عُلِّقْتُهَا عَرَضاً وأقتُلُ قَومهَا
زَعْماً لَعَمْرُ أَبِيك لَيْسَ بمزعَمِ
قَالَ يَقُول: كَانَ حُبّها عَرَضاً من الْأَعْرَاض اعترضني من غير أَن أطلبه. فَيَقُول: عُلِّقْتُهَا وَأَنا أقتل قَومهَا، فَكيف أحبّها وَأَنا أقتلهم أم كَيفَ أقتلهم وَأَنا أحبّها ثمَّ رَجَعَ على نَفسه مخاطِباً لَهَا فَقَالَ: هَذَا فِعل لَيْسَ بِفعل مثلي. قَالَ: والزَعْمُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلَام. يُقَال: أمرٌ فِيهِ مُزَاعَم أَي أمرٌ غير مُسْتَقِيم، فِيهِ مُنَازعَة بعدُ. قلت: وَالرجل من الْعَرَب إِذا حدّث عمّن لَا يُحَقّق قولَه يَقُول: وَلَا زَعَمَاتِه وَمِنْه قَوْله:
لقد خَطَّ رُومِيٌّ وَلَا زعماتِهِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الزَعُوم من الْغنم الَّتِي لَا يُدْرَى أَبِهَا شَحم أم لَا. وَمِنْه قيل: فلانٌ مُزَاعِم وَهُوَ الَّذِي لَا يوثَق بِهِ. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الزَعُوم: القليلة الشَّحْم، وَهِي الْكَثِيرَة الشَّحْم. وَهِي المُزْعِمة. قَالَ فَمن جعلهَا القليلة الشَّحْم فَهِيَ المزعومة، وَهِي الَّتِي إِذا أكلهَا النَّاس قَالُوا لصَاحِبهَا توبيخاً لَهُ: أزَعَمْت أَنَّهَا سَمِينَة. وَقَالَ أَبُو سعيد: أمرٌ مُزْعِم أَي مُطمِع وتزاعم الْقَوْم على كَذَا تزاعُماً إِذا تظافروا عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَصله أَنه صَار بَعضهم لبَعض زعيماً. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الدَّيْنُ مَقْضِيٌّ والزعيمُ غارِم) . وَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَأَنَاْ بِهِ

(2/93)


زَعِيمٌ} (يُوسُف: 72) قلت: وَمَا علمت المفسّرين اخْتلفُوا فِي قَوْله {وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ} . قَالُوا جَمِيعًا: مَعْنَاهُ: وَأَنا بِهِ كَفِيل، مِنْهُم سَعِيد بن جُبَير وَغَيره. أَبُو عبيد عَن الكِسائيّ قَالَ: زَعَمتُ بِهِ أزعمُ بِهِ زَعْماً وزَعَامَةً أَي كفَلتُ بِهِ. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: زَعَمَ يَزْعُمُ زَعَامَةً إِذا كفَلَ. وزَعِمَ يَزْعَم زَعَماً إِذا طمِع وَقَالَ لَبِيد:
تَطير عدائدُ الأشراك شَفْعاً
ووِتْراً والزَعَامة للغلامِ
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الزَعَامة يُقَال: الشّرف والزعامة يُقَال الشّرف والرياسة. قَالَ وَقَالَ غير ابْن الْأَعرَابِي: الزَعَامة: الدِرْع. وزعيم الْقَوْم سيّدهم والمتكلِّم عَنْهُم.
وَقَالَ الفرّاء: زعيم الْقَوْم سيّدهم ومِدْرَهُهم وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال زُعْم وزَعْمٌ. قَالَ: والزُعْمُ تميميّة. والزَعْمُ حجازية. قَالَ: وَتقول: زعمتْ أَنِّي لَا أحبّها، وزعمتْني لَا أحبّها، يَجِيء فِي الشِعر. فأمَّا فِي الْكَلَام فَأحْسن ذَلِك أَن تُوقِع الزَعْم على (أَن) دُون الِاسْم. وَأنْشد:
فَإِن تزعُميني كنت أَجْهَل فيكمُ
فَإِنِّي شَرَيت الحِلْم بعدكِ بِالْجَهْلِ
قَالَ: وَيُقَال: زعِم فلَان فِي غير مَزْعَم أَي طَمِعَ فِي غير مطمَع. قَالَ والتزعّم: التكذب وَأنْشد:
فأيّها الزاعِم مَا تَزَعّمَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الزَعْمِيُّ الكذَّاب والزَعْمِي الصَّادِق.
وَقَالَ شمر: رُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الزَعْم الْكَذِب. قَالَ الْكُمَيْت:
إِذا الإكام اكتست مآليها
وَكَانَ زَعْمَ اللوامع الكَذِبُ
يُرِيد السراب. قَالَ شمر: وَالْعرب تَقول أكذب من يَلْمَع. وَقَالَ شُرَيح: زَعَمُوا كنيةُ الْكَذِب. وَقَالَ شمر: الزَّعْم والتزاعم أَكثر مَا يُقَال فِيمَا يُشَكُّ فِيهِ وَلَا يُحَقَّق. وَقد يكون الزَّعْم بِمَعْنى القَوْل. ويروى للجعديّ يصف نوحًا:
نُودِيَ قُمْ واركبنْ بأهلك إنَّ
الله موْفٍ للنَّاس مَا زَعَمَا
فَهَذَا مَعْنَاهُ التَّحْقِيق. والمِزْعَامَة الحيّة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ الكسائيّ: إِذا قَالُوا: عُزمَةٌ صَادِقَة لأتينَّك رفعوا، وحَلْفَةٌ صَادِقَة لأقومنَّ قَالَ: وينصبون يَمِينا صَادِقَة لأفعلنَّ. قَالَ: والزَعْم والزُعم والزِعم ثَلَاث لُغَات.
معز: المَعْزُ والمعَزُ: ذَوَات الشعرِ من الغَنَم. وَيُقَال للْوَاحِد مَاعِز. وَيجمع مِعْزىً ومَعيزاً وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مِعْزى تُصْرَفُ إِذا شُبِّهَتْ بمِفْعَل. قَالَ وَأَصله فِعْلَى فَلَا تصرف. قَالَ: وَهُوَ الْمُعْتَمد عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ دُنْيَا لَا تصرف: لِأَنَّهَا فُعْلَى. قلت الْمِيم فِي المِعْزَى أصليّة. قَالَ: وَمن صرف دُنْيا شبَّهها بفُعْلَل، وَالْأَصْل ألاَّ تصرف. وَيُقَال: رجل ماعِز إِذا كَانَ حازماً مَانِعا مَا وَرَاءه شَهْماً، ورجلٌ ضائن إِذا كَانَ ضَعِيفا أَحمَق. قَالَ ذَلِك ابْن حبيب. ثَعْلَب عَن

(2/94)


ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المعْزِيّ: الْبَخِيل الَّذِي يجمع ويَمْنَع. وَقَالَ اللَّيْث: الرجل الماعِز: الشَّديد عَصْبِ الخَلْق: يُقَال مَا أمعزه من رجل، أَي مَا أشدَّه وأصلبه. والأمْعُوز: جمَاعَة الثياثل من الأوعال. وَقَالَ غَيره: رجل مَعَّاز: صَاحب مِعْزى. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عِظَام الرمل ضوائنه، ولِطَافه: مواعزه. وَقَالَ: رجل ضائن: كثير اللَّحْم. وَرجل ماعِز إِذا كَانَ معصوباً. وَمَا أمعز رَأْيه إِذا كَانَ صُلْب الرَّأْي. الرياشي عَن الأصمعيّ قَالَ الأمْعَز: الْمَكَان الْكثير الحَصى والمَعْزاء مثله. وَتجمع أمَاعِز ومَعْزاوات. وَرُبمَا جُمعت على مُعْزٍ وَأنْشد اللَّيْث:
جَمادٌ بهَا البَسْبَاسُ يُرْهِصُ مُعْزهَا
بناتِ اللَّبُون والصلاقمةَ الحمُرَا
وَقَالَ مثمر قَالَ ابْن شُمَيْل: المَعْزَاء: الصَّحرَاء فِيهَا إشرافٌ وغلِظٌ، وَهِي طينٌ وحَصًى مختلطانِ غير أَنَّهَا أَرض صُلْبة غَلِيظَة الموطىء، وإشرافها قَلِيل لئيم تقود أدنى من الدعْوَة وَهِي مَعِرَة من النَّبَات. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الأُمْعُوز: الثَّلَاثُونَ من الظِباء إِلَى مَا زَادَت. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المِعْزِى للذكور وَالْإِنَاث، والمَعْزُ مثلهَا والمعيز مثلهَا وَكَذَلِكَ الضِئين.
مزع: فِي الحَدِيث: (مَا عَلَيْهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ) مَعْنَاهُ: مَا عَلَيْهِ حُزّة لحم وَكَذَلِكَ مَا فِي وَجهه لحادة لحْم روى ابْن الْمُبَارك عَن معمر عَن عبد الله بن مُسلم عَن حَمْزَة بن عبيد الله عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تزَال الْمَسْأَلَة تأخذكم حَتَّى يلقى الله مَا فِي وَجهه مُزْعةُ لحم وَيُقَال: مَزَّعَ فلَان أمره تمزيعاً إِذا فرّقه. وَقَالَ الْكسَائي فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عبيد مَا عَلَيْهِ مُزعَة لحمٍ فِي بَاب النَّفْي. وَقَالَ اللَّيْث المِزْعَة من الريش والقطن كالمِزقة والبِتْكة وَجَمعهَا مِزَعٌ ومزَاعَة الشَّيْء: سُقَاطتهُ. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَزْعِيُّ النمّام وَيكون السيّار بِاللَّيْلِ والقنافذ تَمْزَع بِاللَّيْلِ مَزْعاً إِذا سعت فأسرعتْ. وَأنْشد الرياشي لعَبْدة بن الطَبِيب:
قومٌ إِذا دَمَسَ الظلام عَلَيْهِم
حَدَجوا قنافذ بالنميمة تمزعُ
تضرب مثلا للنمّام. ومزّع اللَّحْم تمزيعاً إِذا قطَّعه وَقَالَ خُبَيب:
وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ
يُبَارك على أوصال شِلْو ممزَّع
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَزَعَ الظبْيُ يمزَعُ إِذا أسْرع فِي عَدْوه. وَالْمَرْأَة تمزّع الْقطن بِيَدِهَا إِذا زَبَّدَتهُ تقَطّعه ثمَّ تؤلفه فتجوّده بذلك. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُنْفُذ يُقَال لَهُ: المزَّاع. وَيُقَال للظبي إِذا عَدَا: مَزَعَ وقَزعَ. عَمْرو عَن أَبِيه: مَا ذقتُ مُزعَةَ لحم وَلَا حِذْفَةً وَلَا حِذبة وَلَا لحبَةً وَلَا حِرْباءة وَلَا يَرْبوعةً وَلَا مَلاكاً وَلَا مَلوكاً بِمَعْنى وَاحِد.