تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْعين وَالرَّاء
(بَاب الْعين وَالرَّاء مَعَ اللَّام)
ع ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: رعل.
رعل: أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: الأَرْعل: الأحمق، وَأنكر الأرعن.
قَالَ: ومَثَل للْعَرَب: زَاده الله رَعَالة، كلَّما ازْدَادَ مَثَالة:
أَي كلَّما ازْدَادَ غِنى زَاده الله حُمْقاً. وَقد رَعِل يَرْعل
فَهُوَ أرعل. وعُشْب أرعل إِذا انثنى وَطَالَ، وَأنْشد:
أرعل مجَّاج الندى مَثّاثا
وناقة رعلاء، وَهُوَ أَن يُشَقّ أُذُنُها ثمَّ يُتْرَك نائساً. وَقَالَ
الفِنْد الزِمَّاني:
رَأَيْت الفِتية الأعزا
ل مثل الأيْنُق الرُعْل
وَفِي (النَّوَادِر) : شَجَرَة مُرْعِلة ومُقْصِدة أَي رَطْبَة. فَإِذا
عَسَتْ رَعْلتها فَهِيَ مُمْشِرة إِذا غَلظت. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ
يُقَال لفحل الدَقَل: الراعل. قَالَ: والرِعَال: الدَقَل من النخيل
واحدتها رَعْلة. قَالَ: وَقَالَ أَبُو شَنْبَل الأعرابيّ: استرعلت
الغَنَمُ إِذا تَتَابَعَت فِي السّير. وَرُوِيَ عَن الْأَحْمَر: من
السمات فِي قَطْع الجِلْد الرَعْلة، وَهُوَ من يُشقَّ من الْأذن شَيْء
ثمَّ يتْرك معلَّقاً. قَالَ أَبُو عبيد: ويسمّى ذَلِك المعلّق الرَعْل.
قلت: وكلّ شَيْء متدلّ مسترخٍ فَهُوَ أَرْعَل. وَيُقَال للقلفاء من
النِّسَاء إِذا طَال مَوضِع خَفْضها حَتَّى يسترخي: أرعل. وَمِنْه قَول
جرير:
رَعَثاتِ عُنْبُلها الغِدَفْل الأرعل
أَرَادَ بعُنْبُلها بَظْرها. والغِدَفل: العريض الْوَاسِع. وَقَالَ
اللَّيْث الرَعْل: شدَّة الطعْن، يُقَال: رَعَله بِالرُّمْحِ، وأرعل
الطعنَ. قَالَ: والرَعْلة: القَطِيع من الْخَيل تكون فِي أوائلها،
وَهُوَ الرَعِيل. وَتجمع الرَعَلة رِعَالاً. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغارةٍ ذَات قيروان
كَأَن أسرابها الرِعَالُ
وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للقطعة من الفرسان: رَعْلة، ولجماعة الْخَيل:
رَعيل. والمُسْتَرعِل: الَّذِي ينْهض فِي الرعيل الأول. وَأنْشد أَبُو
عبيد وَابْن الْأَعرَابِي قَول تأبَّط شَرّاً:
مَتى تبغني مَا دمتُ حيّاً مسلَّماً
تجدني مَعَ المسترعل المُتَعَبْهِل
وَقَالَ اللَّيْث: الرَعْلة النعامة، سميت بذلك لِأَنَّهَا لَا تكَاد
تُرَى إِلَّا سَابِقَة للظليم. قَالَ: وَتجمع الرَعْلة من الْخَيل
أرعالاً ثمَّ أراعيل. قَالَ: والرَعْلة: هِيَ القُلْفة. وَهِي أَيْضا:
الجِلدة من أذن الشَّاة تُشَقّ فَتتْرك نائسة معلَّقة فِي مُؤخر
الأُذُن. وَقَالَ
(2/203)
قُطْرُب: الرِعْل: ذكر النَحْل، وَبِه سمّي
رِعْل بن ذَكْوان. وَقَالَ أَبُو زيد: رَعَله بِالسَّيْفِ رَعْلاً إِذا
نفحه بِهِ، وَهُوَ سيف مِرْعَل ومِخْذَم. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ
عَن الْمفضل: هُوَ أَخبث من أبي رِعْلة وَهُوَ الذِّئْب، وَكَذَلِكَ
أَبُو عِسْلَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَقول للأحمق:
كلما ازددت مَثَالة، زادك الله رعالة. قَالَ: والرعالة: الرعونة،
والمَثَالة: الغِنى.
(بَاب الْعين وَالرَّاء مَعَ النُّون)
ع رن
رعن، رنع، عرن، نعر: مستعملة.
عرن: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: العَرَن: قَرْح يخرج بقوائم الفُصْلان
وأعناقها. قلت: وَأما عَرَن الدوابّ فَهُوَ غير عَرَن الفِصْلان،
وَهُوَ جُسُوء فِي رُسْغ رجل الدابَّة وَمَوْضِع ثُنَنها من أُخُر
لشَيْء يُصِيبهُ من الشُقَاق أَو المَشَقّة من أَن يرمح جَبلاً أَو
حجرا. وَقَالَ اللَّيْث: العَرَن مثل السَحَج يكون فِي الجِلد فيُذهِب
الشّعْر فَهُوَ عَرِن وَبِه عَرَن وعُرْنة وعِرَان، على لفظ العِضَاض
والخِرَاط. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: الخِشاش: مَا كَانَ من عود
أَو غَيره يَجْعَل فِي عَظْم أنف الْبَعِير. قَالَ: والعِرَان: مَا
كَانَ فِي اللَّحْم فَوق الْأنف. وَقد عرنت الْبَعِير، فَهُوَ معرون.
قلت: وأصل هَذَا من العَرَن والعِرَين وَهُوَ اللَّحْم. قَالَ أَبُو
عبيد: قَالَ الأمويّ والعَرِين: اللَّحْم وَأنْشد لغادية الدُبَيريَّة:
موشَّمة الْأَطْرَاف رَخْص عَرِينها
وَقَالَ الأصمعيّ العِرَان: عُود يَجْعَل فِي وَتَرَة الْأنف، وَهُوَ
مَا بَين المنخرين، وَهُوَ الَّذِي يكون للبَخَاتيّ. وَقَالَ اللَّيْث:
العِرْنين: الأنْف، وَجمعه عَرَانين. قلت: وعرانين النَّاس: وُجُوههم
وأشرافهم. وعرانين السَّحَاب: أَوَائِل مَطَره. وَمِنْه قَول امرىء
الْقَيْس يصف غيثاً:
كَأَن ثبيراً فِي عرانين وَبْله
من السَّيْل والغُثَّاء فلكَةُ مِغْزَل
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي وَعَن عَمْرو وَعَن أَبِيه
قَالَا: الظِمْخ واحدتها ظِمْخة، وَهُوَ العِرْن واحدته عِرْنة:
شَجَرَة على صُورَة الدُلْب تُقطع مِنْهُ خُشُب القصَّارين الَّتِي
تدفن، وَيُقَال لبائعها: عَرّان. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: سِقَاء
معرون: مدبوغ بالعِرْنة وَهُوَ خَشَب الظِمْخ. قَالَ: وَهُوَ شجر خشِن
يشبه العَوْسجَ إلاّ أَنه أضخم مِنْهُ، وَهُوَ أثِيث الفَرْع وَلَيْسَ
لَهُ سوق طوال، يُدَقّ ثمَّ يطْبخ فَيَجِيء أديمه أَحْمَر. قَالَ:
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العِرْنة: عروق العَرَتُن. وَقَالَ شمر:
العَرتُن بِضَم التَّاء: شجر واحدتها عَرَتُنة. وَقَالَ غَيره: يُقَال
مِنْهُ أدِيم مُعَرْتَن. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ: العَرِين: صِياح الفاختة. والعَرِين: اللَّحْم الْمَطْبُوخ.
والعرين: الفِناء. والعَرِين: الشَوْك وَفِي الحَدِيث: دُفِن بعض
الْخُلَفَاء بعرين مكَّة أَي فِي فنائها. والعران: الْقِتَال. والعران:
الدَّار الْبَعِيدَة. وَقَالَ أَبُو عبيد: العران: الْبعد، يُقَال:
دَارهم عارنة أَي بعيدَة. وَأنْشد قَول ذِي الرُمَّة:
(2/204)
أَلا أَيهَا الْقلب الَّذِي برَّحت بِهِ
منَازِل مَيّ والعِرَان الشواسِعُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أعرن الرجل إِذا تشقَّقت سيقان فِصْلانه.
وأعرن إِذا وَقعت الحِكَّة فِي إبِله. وأعرن إِذا دَامَ على أكل
العَرَن وَهُوَ اللَّحْم الْمَطْبُوخ.
وَقَالَ اللَّيْث: العَرَين: مأوى الْأسد.
وَقَالَ الطِرِمّاح يصف رَحْلاً:
أحمّ سراةِ أَعلَى اللَّوْن مِنْهُ
كلون سراة ثعبان العَرِين
وَقيل: العرين: الأجمة هَهُنَا.
وَقيل اللَّيْث: عُرَينة: حيّ من اليَمَن. وعَرِين: حيّ من تَمِيم
وَلَهُم يَقُول جرير:
عَرِين من عُرَينة لَيْسَ مِنّا
بَرِئت إِلَى عُرَينة من عَرِين
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَرَن: رَائِحَة لحم لَهُ غمَر؛ يُقَال:
إِنِّي لأجد رَائِحَة عَرَنِ يدك.
قَالَ: وَهُوَ العَرَم أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: إِذا كَانَ الرجل صِرّيعاً خبيثاً قيل:
هُوَ عِرْنة لَا يُطاق.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر يصف ضعفه:
وَلست بعِرْنة عَرِك سلاحي
عَصا مثقوفَة تقص الحمارا
يَقُول: لست بقويّ. ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: سلاحي عَصا أسوق بهَا
حماري وَلست بِمُقرِن لقِرني.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: هَذَا مَاء ذُو عُرانية إِذا كَثُرُوا
وارتفع عُبَابه.
قَالَ: وَمِنْه قَول عديّ بن زيد العِبَاديّ:
كَانَت ريَاح وَمَاء ذُو عُرانية
وظُلمة لم تدع فَتْقاً وَلَا خَلَلا
وعِرْنان: اسْم وَاد مَعْرُوف. وبطن عُرَنة: وادٍ بِحذَاء عَرَفَات.
رعن: الرَعْن: الأنْف الْعَظِيم من الجَبَل ترَاهُ متقدّماً. وَمِنْه
قيل للجيش الْعَظِيم: أرْعن، شبّه بالرَعْن من الْجَبَل. قلت: وَقد جعل
الطِرِمّاح ظلمَة اللَّيْل رَعُونا. شبّهها بجبل من الظلام فِي قَوْله
يصف نَاقَة تشقّ بِهِ ظُلَم اللَّيْل:
تشُقّ مُغَمِّضات اللَّيْل عَنْهَا
إِذا طرقت بمِرْداس رَعُون
ومغمِّضات اللَّيْل: دياجيرُ ظُلَمِها. بمرداس رعون: بجَبَل من الظلام
عَظِيم.
وَيُقَال: الرَعُون: الْكثير الْحَرَكَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَعْن من الْجبَال لَيْسَ بطويل، وَجمعه رُعُون.
وَيُقَال: بل هُوَ الطَّوِيل.
وَقَالَ رؤبة:
يعدلُ عَنهُ رَعْنُ كل صُدّ
قَالَ: ورَعُن الرجلُ يرْعُن رَعَناً ورُعُونة فَهُوَ أرعن: أهوج.
وَالْمَرْأَة: رَعْناء.
قَالَ: ورُعِن الرجل فَهُوَ مَرعون إِذا غُشي عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
كَأَنَّهُ من أوار الشَّمْس مرعون
أَي مَغْشِيّ عَلَيْهِ. ورُعَيْن: اسْم جبل بِالْيمن فِيهِ حِصْن ينْسب
إِلَيْهِ. وَذُو رُعَين: ملك من الأذواء مَعْرُوف. وَكَانَ يُقَال
لِلْبَصْرَةِ:
(2/205)
الرَعْناء لِما يكثر بهَا من وَمَد
الْبَحْر وعكِيكه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ
انظُرْنَا} (البَقَرَة: 104) كَانَ الْحسن يقْرؤهَا: (لَا تَقولُوا
رَاعنا) بِالتَّنْوِينِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ قِرَاءَة القُرَّاء:
{رَاعِنَا} غير منوّن.
وَقيل فِي {رَاعِنَا} غير منوّن ثَلَاثَة أَقْوَال قد فسّرناها فِي
معتلّ الْعين عِنْد ذكرنَا المراعاة وَمَا يُشتقّ مِنْهَا.
وَقيل: إِن (رَاعنا) كلمة كَانَت تجْرِي مجْرى الهُزْء فنُهِي
الْمُسلمُونَ أَن يَلْفِظوا بهَا بِحَضْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَذَلِكَ أَن الْيَهُود لعنهم الله كَانُوا اغتنموها فَكَانُوا
يَسُبّون بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نُفُوسهم،
ويتستّرون من ذَلِك بِظَاهِر المراعاة مِنْهَا، فأمِروا أَن يخاطبوه
بالتعزير والتوقير.
وَقيل لَهُم: {لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا} كَمَا يَقُول بَعْضكُم لبَعض
{وَقُولُواْ انظُرْنَا} أَي انتظرنا. وَأما قِرَاءَة الْحسن (رَاعنا)
بِالتَّنْوِينِ فَالْمَعْنى: لَا تَقولُوا: حُمْقاً، من الرعونة.
نعر: الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت: نَعَر الرجل يَنْعَر نَعِيراً، من
الصَّوْت. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ فِي حَدِيث ذكره: مَا كَانَت فتْنَة
إِلَّا نَعَر فِيهَا فلَان أَي نَعَق فِيهَا. وَإِن فلَانا لنعَّار فِي
الفِتَن. وَقد نَعَر العِرْق بالدَم يَنْعَرُ، وَهُوَ عِرْق نعَّار
بِالدَّمِ إِذا ارْتَفع دَمُه. ونَعِر الْفرس وَالْحمار يَنْعَرُ
نَعراً إِذا دخلت فِي أَنفه النُعَرة. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي: يُقَال: من أَيْن نَعَرت إِلَيْنَا؟ أَي من أَي أَقبلت.
وَقَالَ شمر: الناعر: على وَجْهَيْن: الناعر: المصوّت، والناعر:
العِرْق الَّذِي يسيل دَمًا. وَقَالَ المخبَّل السعديّ:
إِذا مَا هُم أصلحوا أَمرهم
نَعَرت كَمَا يَنْعَر الأخدع
يَعْنِي: أَنه يُفسِد على قومه أَمرهم. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِن
فِي رَأسه لنُعَرة أَي كبْراً. قَالَ: والنَعرة أَيْضا: ذُبَابَة.
قَالَ وَقَالَ الأُموي: إِن فِي رَأسه لنَعَرة بِفَتْح النُّون أمرا
يهُمّ بِهِ. قَالَ: وَيُقَال للْمَرْأَة وَلكُل أُنْثَى: مَا حملت
نَعَرة قطّ بِالْفَتْح: أَي مَا حملت مَلقوحاً أَي ولدا. وَيُقَال:
نَعَر الْجرْح بِالدَّمِ إِذا فار، يَنْعَر. وجرح نَعَّار: لَا يكَاد
يَرْقأ. ونَعَر الرجل وَغَيره يَنْعِر إِذا صوَّت. أَبُو عَمْرو:
النَعِر: الَّذِي لَا يستقرّ فِي مَكَان. الْأَحْمَر: النُعَرة:
ذُبَابَة تسْقط على الدَّوَابّ فتؤذيها. وَمِنْهَا يُقَال: حمَار
نَعِر.
وَقَالَ ابْن مقبل:
ترى النُعَرات الخُضْر حول لَبَانه
أُحَاد ومثنَى أصعقتها صواهلُهْ
أَي قَتلهَا صهيله. وَقَالَ اللَّيْث: نَعَر يَنْعِر نَعِيراً، وَهُوَ
صَوت الخيشوم. قَالَ: والنُعَرة: هِيَ الخيشوم، وَمِنْهَا يَنْعِر
الناعر. قَالَ: وجرح نَعُور بِصَوْتِهِ من شدَّة خُرُوج دَمه مِنْهُ.
قَالَ: والنُعَرة: ذُبَابَة الْحمير الْأَزْرَق. والنُعَرة: مَا أجنَّت
الْحمرُ فِي أرحامها، شبه بالذباب، وَأنْشد:
والشَدَنيات يساقطن النُعَر
قَالَ: وَامْرَأَة نعَّارة: صَخَّابة. وَيُقَال غَيْرى
(2/206)
نَعْرى للْمَرْأَة. قلت: نَعْرى لَا يجوز
أَن يكون تَأْنِيث نَعْران وَهُوَ الصخَّاب؛ لِأَن فعلان وفَعْلى
يجيئان فِي بَاب فَعِل يَفْعَل وَلَا يَجِيء فِي بَاب فَعَل يَفعِل.
وأمَّا قَول اللَّيْث فِي النعير: إِنَّه صَوت فِي الخيشوم، وَقَوله:
النُّعَرة: الخَيشوم فَمَا سمعته لأحد من الأئمّة، وَمَا أُرى اللَّيْث
حفِظه. وَيُقَال: سَفَر نَعُور إِذا كَانَ بَعيدا. وَمِنْه قَول طرفَة:
ومثلي فاعلمي يَا أم عَمْرو
إِذا مَا اعتاده سفر نَعُور
وهِمَّة نَعُور: بعيدَة والنعُور من الْحَاجَات: الْبَعِيدَة. ونَعَرت
الرِيح إِذا هبَّت مَعَ صَوت، ورياح نواعر، وَقد نَعَرت نُعَاراً.
والنَعْرة: مثل البَغرة من النَوْء إِذا اشتدّ بِهِ هبوب الرّيح
وَمِنْه قَوْله:
عمِل الأنامل ساقطٍ أوراقهُ
متزحّر نَعَرَت بِهِ الجوزاء
وَيُقَال: لأُطيرنّ نُعَرتك أَي كِبْرك وجهلك من رَأسك. وَالْأَصْل فِي
ذَلِك أَن الْحمار إِذا نَعِر ركب رَأسه. فَيُقَال لكل من ركب رَأسه:
فِيهِ نُعَرة.
رنع: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء: كَانَ لنا البارحة
مَرْنَعة وَهِي الْأَصْوَات واللعب. وَقَالَ غَيره: يُقَال للدّابة
إِذا طَرَدت الذُّبَاب برأسها: رَنَعت. وَأنْشد شمر لمصاد بن زُهَيْر:
سما بالرانعات من المطايا
قويّ لَا يضلّ وَلَا يجورُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أصبْنَا عِنْده مَرْنعة من طَعَام أَو شراب،
كَمَا تَقول: أصبْنَا مَرْنعة من الصَّيْد أَي قِطْعَة. سَلَمة عَن
الفرّاء: قَالَ: المَرْنَعَة: الرَّوْضَة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ
المرنعة والمرغدة للروضة. وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: فلَان رانع
اللَّوْن، وَقد رَنَع لونهُ يَرْنَع رُنُوعاً إِذا تغيَّر وذَبَل.
(بَاب الْعين وَالرَّاء مَعَ الْفَاء)
ع رف
عرف، عفر، رفع، رعف، فرع، فعر: مستعملات.
عرف: اللَّيْث: عَرَف يَعْرف عِرْفاناً ومَعْرِفة. وَأمر عَارِف:
مَعْرُوف عَرِيف. قلت: لم أسمع أَمر عَارِف أَي مَعْرُوف لغير
اللَّيْث. وَالَّذِي حصَّلناه للأئِمَّة: رجل عَارِف أَي صَبُور. قَالَ
أَبُو عبيد وَغَيره: يُقَال: نزلت بِهِ مُصِيبَة فوُجِد صَبُوراً
عَارِفًا. قلت: وَنَفس عارفة بِالْهَاءِ مثله. وَقَالَ غَيره:
فصبرتُ عارفة لذَلِك حُرَّة
ترسو إِذا نفسُ الجَبَان تَطَلَّعُ
وَنَفس عَرُوف: صبور. إِذا حُمِلت على أَمر احتملَتْه. وَأنْشد ابْن
الْأَعرَابِي:
فآبُوا بِالنسَاء مردَّفاتٍ
عوارفَ بعد كِنَ وائتحاح
أَرَادَ: أَنَّهُنَّ أقررن بالذلّ بعد النِعمة. ويروى: (وابتحاح) .
فَمن رَوَى: (وائتجاح) فَهُوَ من الوِجَاح وَهُوَ السِتْر. وَمن رَوَى:
(وابتحاح) فَهُوَ من البحوحة، وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي.
وَيُقَال: اعْترف فلَان إِذا ذَلَّ وانقاد. وانشد الفرّاء:
أتضجرين والمطِيّ معترفْ
(2/207)
أَيْن تعترف وتصبر. وذكّر (معترف) لِأَن
لفظ المطيّ مذكَّر. وأمَّا قَول الله جلّ ذكره {} (المُرسَلات: 1)
فَقَالَ بعض المفسّرين فِيهَا: إِنَّهَا أُرسلت بِالْمَعْرُوفِ،
وَالْعرْف والعارفة وَالْمَعْرُوف وَاحِد، وَهُوَ كلّ مَا تعرفه النفْس
من الْخَيْر وتَبْسَأ بِهِ وتطمئنّ إِلَيْهِ. قَالَ الله جلّ وعزّ
{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ}
(الأعرَاف: 199) . وَقيل فِي قَوْله: {} (المرسلات: 1) : إِنَّهَا
الْمَلَائِكَة أُرسلت متتابعة كعُرف الْفرس. وقرئت (عُرْفاً) و
(عُرُفاً) وَالْمعْنَى وَاحِد. وَقيل المُرْسَلات: هِيَ الرُسُل. أَبُو
الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: عَرَف الرجل إِذا أَكثر من الطِيب،
وعرِف إِذا ترك الطّيب. وَقَول الله جلّ وعزّ: {الْحَكِيمُ وَإِذَ
أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا
نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ} (التَّحْريم: 3) وقرىء (عَرَف بعضه)
بِالتَّخْفِيفِ.
قَالَ الْفراء: من قَرَأَ: (عرَّف) بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاه: أَنه
عرَّف حَفْصة بعضَ الحَدِيث وَترك بَعْضًا. قَالَ: وكأنّ من قَرَأَ
(عَرَف) بِالتَّخْفِيفِ قَالَ: غَضِب من ذَلِك وجازى عَلَيْهِ؛ كَمَا
تَقول للرجل يسيء إِلَيْك: وَالله لأعرفنَّ لَك ذَلِك. قَالَ: وَقد
لعمري جازى حفصةَ بِطَلَاقِهَا. قَالَ الفرّاء: وَهُوَ وَجه حسن،
قَرَأَ بذلك أَبُو عبد الرحمان السُلَميّ. قلت: وَذهب أَبُو إِسْحَاق
إِبْرَاهِيم ابْن السريّ فِي معنى (عرَّف) و (عَرَف) إِلَى نَحْو ممَّا
قَالَه الفرّاء. قلت: وَقَرَأَ الْكسَائي والأعشى عَن أبي بكر عَن
عَاصِم: (عَرَفَ بعضه) خَفِيفَة. وَقَرَأَ حَمْزَة وَنَافِع وَابْن
كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر اليحصبيّ {عَلَيْهِ عَرَّفَ}
بِالتَّشْدِيدِ.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ
عَرَّفَهَا} (محَمَّد: 6) فَإِن الفرّاء قَالَ: يعرَّفون مَنَازِلهمْ
إِذا دخلوها، حَتَّى يكون أحدهم أعرف بمنزله فِي الْجنَّة مِنْهُ
بمنزله إِذا رَجَعَ من الْجُمُعَة إِلَى أَهله. وَقلت: وَهَذَا قَول
جمَاعَة من المفسّرين، وَقد قَالَ بعض اللغويين: إِن معنى {الْجَنَّةَ
عَرَّفَهَا} أَي طيَّبها، يُقَال: طَعَام معرَّف أَي مطيَّب. وَقَالَ
الْأَصْمَعِي فِي قَول الْأسود بن يعفر يهجو عِقَال بن مُحَمَّد بن
شفين:
فتُدخَل أيد فِي حناجر أُقْنِعت
لعادتها من الخَزِير المعرَّف
أُقنعت أَي مُدَّت ورُفِعت للَّقْم. وَالله أعلم بِمَا أَرَادَهُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ بَعضهم فِي قَول الله عزّ وجلّ:
{بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا} : وَهُوَ وضعك
الطَّعَام بعضَه على بعض من كثرته. وخَزِير معرَّف: بعضه على بعض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَرْف: الرَّائِحَة، تكون طيّبة وَغير
طيّبة. وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَنَادَى أَصْحَابُ الاَْعْرَافِ
رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} (الْأَعْرَاف: 48) فالأعراف
فِي اللُّغَة: جمع عُرْف، وَهُوَ كل عَال مُرْتَفع. وَقَالَ بعض
المفسّرين: الْأَعْرَاف: أعالي سُور بَين أهل الجَنَّة وَأهل النَّار.
وأصحابها قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيّئاتهم، فَلم يستحقُّوا الجنَّة
بِالْحَسَنَاتِ،
(2/208)
وَلَا النارَ بالسّيئات، فَكَانُوا على
الحِجَاب الَّذِي بَين الجَنَّة وَالنَّار. قلت: رَوَى ذَلِك جرير بن
حَازِم عَن قَتَادة عَن ابْن عَبَّاس، حدَّثني بذلك أَبُو الْحسن
الخُلْديّ عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن ابْن وهب عَن جرير.
وَقَالَ قوم: هم مَلَائِكَة، ومعرفتهم كلا بِسِيمَاهُمْ أَنهم
يعْرفُونَ أهل الْجنَّة بإسفار وُجُوههم، وأهلَ النَّار باسوداد
وُجُوههم. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَيجوز أَن يكون جمعه على
الْأَعْرَاف على معرفَة أهل الْجنَّة وَأهل النَّار. وَالله أعلم بِمَا
أَرَادَ. وَيُقَال: عَرَف الرجل ذَنبه إِذا أقرَّ بِهِ. وَقَالَ
أَعْرَابِي: مَا أعرف لأحد يصرعني، أَي لَا أقِرّ بِهِ. وَيُقَال: أتيت
فلَانا متنكّراً ثمَّ استعرفت أَي عرَّفته مَن أَنا. وَقَالَ مُزَاحم
العُقَيليّ:
فاستعرِفا ثمَّ قولا إِن ذَا رحمٍ
هَيْمانَ كلَّفَنا من شَأْنكُمْ عَسِرا
فَإِن بغَتْ آيَة تستعرفان بهَا
يَوْمًا فقولا لَهَا العُودُ الَّذِي اختُضرا
أَبُو عُبَيْدَة: اعْترفت الْقَوْم: سَأَلتهمْ.
وَأنْشد قَول بشْر:
أسائلةٌ عُمَيرةُ عَن أَبِيهَا
خلال الركب تعترف الركابا
وأمّا الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِي اللّقطَة: (فَإِن جَاءَ من يعترفها)
فَمَعْنَاه: مَعْرفَته إيَّاها بصفتها وَإِن لم يرهَا فِي يدك.
وَقَالَ الفرّاء: رجل عَرُوفة بِالْأَمر أَي عَارِف. أَو نَاقَة
عَرْفاء إِذا كَانَت مذكَّرة يُشْبه الجِمال. وَقيل لَهَا: عَرْفاء
لطول عُرْفها والضَبُع يُقَال لَهَا: عَرْفاء لطول عُرْفها. والمعارف:
الْوُجُوه. وَقَالَ الهذليّ:
متكورين على المعارف بَينهم
ضرب كتعطيط المزاد الأثجل
والمَعْرَف وَاحِد. وَقيل: نَاقَة عرفاء: مشرِفة السَنَام. ومعارف
الأَرْض: مَا عُرِف مِنْهَا. وسَنَام أعرف: طَوِيل. وَيُقَال للرجل
إِذا ولّى عَنْك بودّه: قد هَاجَتْ معارف فلَان، ومعارفه: مَا كنت
تعرفه من ضنّه بك. وَمعنى هَاجَتْ: أَي يَبِست كَمَا يهيج النَّبَات
إِذا يبس. وأعراف الرِّيَاح والسحاب: أوائلها وأعاليها. الحرَّانيّ عَن
ابْن السّكيت: أَصَابَت فلَانا عَرْفة، وَهِي قُرْحة تخرج فِي بَيَاض
الكفّ. وَهُوَ رجل مَعْروف إِذا أَصَابَته العَرْفة. قَالَ: وَهُوَ
يَوْم عَرَفة غير منوَّن، وَلَا يُقَال: العرفة. وَقد عرَّف الناسُ
إِذا شهدُوا عَرَفَة. وَهُوَ المعرَّف للموقف بِعَرَفَات. والأعراف:
ضرب من النّخل. وَأنْشد بَعضهم:
يغْرس فِيهَا الزَّاد والأعرافا
والنابجيَّ مُسْدِفاً إسدافاً
وَيُقَال للحازي عرَّاف. وللقُناقِن: عَراف. وللطبيب عرَّاف لمعْرِفَة
كل مِنْهُم بِعِلْمِهِ. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه قَالَ: (من أَتَى عَرَّافاً أَو كَاهِنًا فقد كفر بِمَا أنزل على
مُحَمَّد) ، أَرَادَ بالعَرَّاف: الحازي أَو المنجّم الَّذِي يدَّعي
علم الْغَيْب الَّذِي اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ. وعريف الْقَوْم:
سيِّدهم، وَقد عَرَف عَلَيْهِم يَعْرُف عَرافة. وَقَالَ عَلْقَمَة بن
عَبَدة:
(2/209)
بل كلّ حيّ وَإِن عزُّوا وَإِن كرُموا
عريفهم بأثافي الشرّ مرجوم
والعُرُفَّان: دويْبَّة صَغِيرَة تكون فِي رمال عالج ورمال الدَهْنى.
وَيُقَال: اعرورف الدَّم إِذا صَار لَهُ من الزَبد شِبْه العُرْف.
وَقَالَ الهذليّ:
مستنَّة سنَنَ الفَلو مِرشَّة
تَنْفِي التُّرَاب بقاحِز معرورف
يصف طعنة فارت بِدَم غَالب. وَيُقَال: اعرورف فلَان للشرّ كَقَوْلِك:
اجْثَألّ وتشزّن.
وَقَالَ اللَّيْث: العُرْف: عُرْف الْفرس: ومَعْرَفة الْفرس: أصل
عُرْفه. وَقَالَ غَيره: هُوَ اللَّحْم الَّذِي ينْبت عَلَيْهِ العُرْف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُرْف: الْمَعْرُوف، بالضمّ.
والعِرْف بِالْكَسْرِ: الصَّبْر، وَأنْشد:
قل لِابْنِ قيس أخي الرقيَّات
مَا أحسن العِرْف فِي المصيبات
وَقَالَ: أعرف فلَان فلَانا وَعرَّفه إِذا وقَفَه على ذَنبه ثمَّ عَفا
عَنهُ.
رعف: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: رَعَف يَرْعَف، ورَعَفَ يَرْعُف،
هَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرَعْف: السَبْق رَعَفت أَرْعُف.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
بِهِ تَرعُف الألفُ إِذا أرْسلت
غداةَ الصَّباح إِذا النَقْعُ ثارا
قلت: وَقيل للدم الَّذِي يخرج من الْأنف: رُعاف لسَبْقه علْمِ الراعف.
وَقَالَ عُمَر بن لَجَأ:
حَتَّى ترى العُلْبة من إذرائها
يَرعُف أَعْلَاهَا من امتلائها
وَقَالَ اللَّيْث: الراعف: أنف الْجَبَل، وَجمعه الرواعف. والراعف:
طَرَف الأرْنَبة. وَفِي حَدِيث عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم سُحِر وَجعل سِحْره فِي جُفّ طَلْعة ودُفِن تَحت راعوفة
الْبِئْر.
قَالَ أَبُو عبيد: راعوفة الْبِئْر: صَخْرَة تُترك فِي أَسْفَل
الْبِئْر إِذا احتُفرت، تكون نابتة هُنَاكَ، فَإِذا أَرَادوا تَنْقية
الْبِئْر جلس المنقي عَلَيْهَا.
قَالَ: وَيُقَال: بل هُوَ حَجَر ناتىء فِي بعض الْبِئْر يكون صُلْباً
لَا يُمكنهُم حفره فيتركُ على حَاله. وَيُقَال: هُوَ حجر يكون على رَأس
الْبِئْر يقوم عَلَيْهِ المستقي.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال لَهُ: أرْعُوفة.
شمر عَن خَالِد بن جَنْبة قَالَ: راعوفة الْبِئْر: النَطَّافة. قَالَ:
وَهِي مثل عين على قدر جُحْر الْعَقْرَب نيط فِي أَعلَى الركيَّة
فيجاوزونها فِي الحَفْر خمس قِيَم وَأكْثر، فَرُبمَا وجدوا مَاء كثيرا
تَبَجُّسه. قَالَ: وبالروبنج عين نَطَّافة عَذْبة وأسفلها عين زُعَاق،
فَتسمع قطران النَطاقة فِيهَا: طرَقْ طرَقْ.
قَالَ شمر: من ذهب بالراعوفة إِلَى النطَّافة فَكَأَنَّهُ أَخذه من
رُعَاف الْأنف وَهُوَ سيلان دَمه وقَطَرانُه. وَيُقَال ذَلِك لسيلان
الذَنِين. وَأنْشد قَوْله:
(2/210)
على مَنْخرَيْهِ سائفاً أَو معشّراً
بِمَا انفضّ من مَاء الخياشيم راعف
وَقَالَ شمر: من ذهب بالراعوفة إِلَى الْحجر الَّذِي يتقدّم طيّ
الْبِئْر على مَا ذكر عَن الْأَصْمَعِي فَهُوَ من رَعَف الرجل أَو
الْفرس إِذا تقدّم وسَبَق. وَكَذَلِكَ استرعف.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الرُعَافِيّ: الرجل الْكثير الْعَطاء
مَأْخُوذ من الرعاف وَهُوَ الْمَطَر الْكثير.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للْمَرْأَة لُوثي على مراعفك أَي تلثَّمي
ومراعفها: الْأنف وَمَا حوله.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بَينا نَحن نذْكر فلَانا رَعَف بِهِ الْبَاب
أَي دخل علينا من الْبَاب. أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: رَعَف
يَرعَف ويَرعُف. وَلم يعرف رُعِف وَلَا رَعُف فِي فعل الرعاف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرعوف: الأمطار الخِفاف. قَالَ:
وَيُقَال للرجل إِذا استقطر الشَحْمةَ وَأخذ صُهَارتها: قد أودف
واستودف، واسترعف واستوكف واستدام واستدمى كُله وَاحِد.
عفر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا سجد
جافي عَضُديه حَتَّى يَرى مَنْ خَلْفه عُفرة إبطَيْهِ. قَالَ أَبُو
عبيد: قَالَ أَبُو زيد والأصمعيّ: العُفْرة: الْبيَاض، وَلَكِن لَيْسَ
بالبياض الناصع الشَّديد، وَلكنه لون الأَرْض. وَمِنْه قيل للظباء:
عُفْر إِذا كَانَت ألوانها كَذَلِك، وَإِنَّمَا سميت بعَفَر الأَرْض
وَهُوَ وَجههَا وَيُقَال: مَا على عَفَر الأَرْض مِثله أَي مَا على
وَجههَا. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: لدَمُ عفراء أحبّ
إليّ فِي الْأُضْحِية من دم سوداوين. قَالَ: وَيُقَال: عفَّرت فلَانا
فِي التُّرَاب إِذا مرّغته فِيهِ، تعفيراً. قَالَ أَبُو عبيد: والتعفير
فِي غير هَذَا يُقَال للوحشيَّة: هِيَ تعفّر وَلَدهَا. وَذَلِكَ إِذا
أَرَادَت فطامه قطعت عَنهُ الرَّضَاع يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ. فَإِن
خَافت أَن يضرّه ذَلِك ردَّته إِلَى الرَّضَاع أَيَّامًا ثمَّ أعادته
إِلَى الفِطَام، تفعل ذَلِك مَرَّات حَتَّى يستمرّ عَلَيْهِ، فَذَلِك
التعْفير، وَالْولد معفَّر.
قَالَ أَبُو عبيد: والأمّ تفعل مثل ذَلِك بِوَلَدِهَا الإنْسِيّ.
وَأنْشد بَيت لَبِيد يذكر بقرة وَحْشية وَوَلدهَا:
لمعفَّر قَهْد تنَازع شِلْوه
غُبْس كواسب مَا يُمَنّ طعامُها
قلت: وَقيل فِي تَفْسِير المعفَّر فِي بَيت لَبيد: إِنَّه وَلَدهَا
الَّذِي افترسه الذئاب الغُبْس فعفَّرته فِي التُّرَاب أَي مرَّغته.
وَهَذَا عِنْدِي أشبه بِمَعْنى الْبَيْت. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال:
عَفَرته فِي التُّرَاب عفراً وَأَنا أعفره وَهُوَ منعفر الْوَجْه فِي
التُّرَاب ومعفَّر الْوَجْه وَقد عفَّرته تعفيراً. وَقَالَ: اعتفرته
اعتفاراً إِذا ضربت بِهِ الأَرْض فمغَثْته. وَقَالَ الشَّاعِر يصف
شَعَر امْرَأَة طَال حَتَّى مَسَّ الأَرْض:
تهلِك المِدْراة فِي أكنافه
وَإِذا مَا أَرْسلتهُ يعتفِرْ
أَي يسْقط شعرهَا على الأَرْض، جعله من عَفَرته فاعتفر. وَرُوِيَ أَن
رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ:
إِنِّي مَا قرِبت أَهلِي مذ
(2/211)
عَفَار النّخل وَقد حَمَلت، فلاعن
بَينهمَا. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: عَفَار النّخل: تلقيحها وإصلاحها،
يُقَال: قد عَفَروا نَخْلهمْ يعفِرون. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ
قَالَ: العَفَار: أَن تتْرك النخيل بعد التلقيح أَرْبَعِينَ يَوْمًا
لَا تسقى. قَالَ: والعفَّار: لقّاح النخيل. أَبُو حَاتِم عَن
الْأَصْمَعِي: العَفر: سُقي الزَّرْع بعد إِلْقَاء الحَبّ. قلت: عفر
الزَّرْع: أَن يسقى سَقْية ينْبت عَنهُ، ثمَّ يتْرك أَيَّامًا لَا يسقى
فِيهَا حَتَّى يعطش، ثمَّ يسُقى فيصلح على ذَلِك. وَأكْثر مَا يفعل
ذَلِك بخِلْف الصَّيف وخضراواته. وَقيل فِي قَول الله جَل وَعز ذكره:
{ء تَشْكُرُونَ أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِى تُورُونَ أَءَنتُمْ
أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ} (الْوَاقِعَة: 71،
72) : إِنَّهَا المَرْخ والعَفَار، وهما شجرتان فيهمَا نَار لَيْسَ فِي
غَيرهمَا من الشّجر، ويسوَّى من أغصانهما الزِنَاد فيُقْتدح بهَا. وَقد
رأيتهما فِي الْبَادِيَة. وَالْعرب تضرب المَثَل بهما فِي الشّرف
العالي فَتَقول: فِي كل الشّجر نَار، واستَمجَد المَرْخ والعَفَار.
استَمْجَد: استكثر. وَذَلِكَ أَن هَاتين الشجرتين من أَكثر الشّجر
نَارا، وزنادهما أسْرع الزِّنَاد وَرْياً، والعُنَّاب من أقلّ الشّجر
نَارا، وَقَالَ الْمبرد: يُقَال: رجل مَعَافرِيّ. ومَعَافر بن مُرّ
أَخُو تَمِيم بن مرّ. قَالَ: وَنسب على الْجمع لِأَن مَعَافر اسْم
لشَيْء وَاحِد؛ كَمَا تَقول لرجل من بني كلاب أَو من الضباب: كلابيّ
وضِبابيّ. فأَمَّا النّسَب إِلَى الْجَمَاعَة فَإِنَّمَا توقع النّسَب
على وَاحِد؛ كالنسب إِلَى الْمَسَاجِد تَقول: مسجديّ، وَكَذَلِكَ مَا
أشبه. وَتقول: بُرْد مَعافريّ؛ لِأَنَّهُ نسب إِلَى رجل اسْمه معافر.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الظباء العُفْر وَهِي الَّتِي تسكن القِفاف
وصَلاَبة الأَرْض وَهِي حُمْر. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زِيَاد
الكلابيّ. أَبُو عبيد: اليَعْفور: ولد الْبَقَرَة الوحشيَّة. وَقَالَ
اللَّيْث: اليعفور: الخِشْف سمّي يعفوراً لِكَثْرَة لزوقه بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال للسَوِيق الَّذِي لَا
يُلَتّ بالأُدْم عَفِير. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: أكل فلَان خبْزًا قَفَاراً وعَفَاراً
وعفيراً أَي بِلَا شَيْء مَعَه. وَقَالَ: عَلَيْهِ العَفَار والدبَار
وَسُوء الدَّار. أَبُو عبيد عَن الفرّاء قَالَ: العفير من النِّسَاء:
الَّتِي لَا تُهدي شَيْئا؛ قَالَ الْكُمَيْت:
وَإِذا الخُرَّد اغْبررْن من المحْ
ل وَصَارَت مِهداؤهن عفيرا
أَبُو عُبَيد: العِفْرية خَفِيفَة على مِثَال فِعللة، وَهُوَ من
الْإِنْسَان: شَعَر الناصية، وَمن الدابّة: شَعَر القَفَا. قَالَ
وَقَالَ: الأصمعيُ: العِفْرية النِفْرية؛ الرجل الْخَبيث المنكَر.
وَمثله العَفِر. وَامْرَأَة عَفِرة. قلت: وَيُقَال: لعِفْرية الرَّأْس:
عِفْراةٌ. وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّن
الْجِنِّ أَنَاْءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ} (النَّمل: 39)
قَالُوا: العفريت: النَّافِذ فِي الْأَمر المبالغ فِيهِ مَعَ خُبْث
ودهاء يُقَال: رجل عِفْر وعفريت وعِفْرية وعُفَارية بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الفرّاء: من قَالَ: عِفْرية فَجَمعه عفارٍ، وَمن قَالَ: عفريت
جمعه عفاريت.
(2/212)
وَجَاز أَن يَقُول: عفارٍ؛ كَقَوْلِهِم فِي
جمع الطاغوت: طواغيت وطواغٍ. وَقَالَ شمر: امْرَأَة عِفِرَّة وَرجل
عِفِرّ بتَشْديد الرَّاء. وَأنْشد فِي صفة امْرَأَة غير محمودة الصّفة:
وضِبَّرة مثل الأتان عِفِرَّة
ثجلاء ذَات خواصر مَا تشبع
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال للخبيث: عِفِرِّيّ أَي عِفِرّ، وهم
العِفِرِّيُّون. قَالَ: وَأسد عَفَرْنى ولَبُؤة عَفَرْناة إِذا كَانَا
جريئين. قَالَ: وأمّا لَيْثُ عِفِرِّين فَإن الْعَرَب تسمِّي بِهِ
دوَيْبة يكون مأواها التُّرَاب والسهل فِي أصُول الْحِيطَان تدوِّر
دُوّارة، ثمَّ تندس فِي جوفها: فَإِذا هجت رَمَت بِالتُّرَابِ صُعُداً.
قَالَ وَيُقَال للرجل ابْن الْخمسين: ليثُ عِفِرين إِذا كَانَ كَامِلا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: يُقَال: إِنَّه لأشجع من لَيْث
عفرّين هَكَذَا قَالَا فِي حِكَايَة المَثَل وَاخْتلفَا فِي
التَّفْسِير.
فَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الْأسد.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ دابَّة من الحرباء يتعرّض للراكب.
قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى عِفِرّين: اسْم بلد ونحوَ ذَلِك.
رَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: إِنَّه دابّة مثل الحرباء
يتحدّى الرَّاكِب وَيضْرب بذَنَبه.
وَقَالَ اللَّيْث: العِفْر: الذّكر الْفَحْل من الْخَنَازِير.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: لَقيته عَن عُفْر أَي بعد حِين.
وَعَن أبي زيد: لَقيته عَن عُفْر: بعد شهر وَنَحْوه.
وَأما قَول المرّار:
على عُفُر من عَن تناء وَإِنَّمَا
تَدانى الْهوى من عَن تناء وَعَن عفر
وَكَانَ هجر أَخَاهُ فِي الْحَبْس بِالْمَدِينَةِ فَيَقُول: هجرت أخي
على عُفْر أَي على بعد من الحيّ والقرابات أَي وَنحن غُرَباء وَلم يكن
يَنْبَغِي لي أَن أهجره وَنحن على هَذِه الْحَالة. قَالُوا: والعُفْر:
الْبعد. وَيُقَال: العُفْر: قلَّة الزِّيَارَة، يُقَال: إِلَّا عَن
عُفْر أَي بعد قلَّة زِيَارَة، وَيُقَال: دخلْت المَاء فَمَا انعفرتْ
قَدَمَايَ أَي لم تبلغا الأَرْض. وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
وتر الضبّ حفيفاً ماهراً
ثَانِيًا بُرْثُنه مَا ينْعفرْ
وبُرْد معافري: مَنْسُوب إِلَى مَعَافر الْيمن. ثمَّ صَار اسْما لَهَا
بِغَيْر نِسْبَة فَيُقَال: مَعافر. أَبُو سعيد: تعفّر الوحشيّ تعفُّراً
إِذا سمن. وَأنْشد:
ومجرُّ منتحر الطليْ تعفّرت
فِيهِ الفِرَاء بجِزع وَاد مُمكِن
قَالَ: هَذَا سَحَاب يمرّ مرّاً بطيئاً لِكَثْرَة مَائه. كَأَنَّهُ قد
انتحر لِكَثْرَة مَائه وطليّه: مناتح مَائه بِمَنْزِلَة أطلاء الْوَحْش
وتعفّرت: سمنت. والفِراء: حُمُر الْوَحْش. والممكن: الَّذِي أمكن
مرعاه. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ بالطليّ نَوْء الحَمَل
ونَوْء الطَلِيّ والحَمَل وَاحِد عِنْده. قَالَ: ومنتحِر أَرَادَ أَنه
نَحره فَكَانَ النَوْء بذلك الْمَكَان من
(2/213)
الحَمَل. قَالَ: وَقَوله: وَاد مُمكن
يُنْبت المَكْنان وَهُوَ نَبْت من أَحْرَار الْبُقُول. وَيُقَال: رماني
عَن قَرْن أعفر أَي رماني بداهية. وَمِنْه قَول ابْن أَحْمَر:
وَأصْبح يَرْمِي النَّاس عَن قرن أعفرا
وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يتّخذون الْقُرُون مَكَان الأسِنَّة، فَصَارَ
مثلا عِنْدهم فِي الشدَّة؛ تنزل بهم. وَيُقَال للرجل إِذا بَات ليلته
فِي شِدّة تُقْلقه: كنت على قَرْن أعفر. وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
كَأَنِّي وأصحابي على قرن أعفرا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للحمار الْخَفِيف:
فلْو ويَعْفور وهِنْبِر وزِهْلِق. وعَفَارة: اسْم امْرَأَة. وَمِنْه
قَوْله:
بَانَتْ لتحزننا عَفَارة
سميت عَفَارة بالعَفَار من الشّجر الْوَاحِدَة عَفَارة. وعُفَير من
أَسمَاء الرِّجَال.
فرع: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا
فَرَعة وَلَا عَتِيرة) . قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ
الفَرَعة والفَرَع، بِنصب الرَّاء. قَالَ: وَهُوَ أوَّل مَا تلِده
النَّاقة. وَكَانُوا يذبحون ذَلِك لآلهتهم فِي الْجَاهِلِيَّة فنهُوا
عَنهُ. وَقَالَ أَوْس بن حَجَر يذكر أَزْمَة فِي شدَّة البَرد:
وشُبّه الهَيْدَب العَبَام من الأق
وام سَقْباً مجَللاً فَرَعا
أَرَادَ: مجلَّلاً جِلد فَرَع فاختصر الْكَلَام؛ كَقَوْلِه: {وَاسْئَلِ
الْقَرْيَةَ} (يُوسُف: 82) : أهل الْقرْيَة. وَيُقَال: قد أفرع
الْقَوْم إِذا فعلت إبلهم ذَلِك. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: فرَّع
الرجل فِي الْجَبَل إِذا صَعِد فِيهِ وفرّع إِذا انحدر. قَالَ: وَقَالَ
مَعْن بن أَوْس فِي التَّفْرِيع:
فَسَارُوا فَأَما جلّ حَيّي ففرّعوا
جَمِيعًا وَأما حَيّ دَعْد فصعَّدا
قَالَ شمر: وأفرع أَيْضا بالمعنيين. وَرَوَاهُ شمر: (فأفرعوا) أَي
انحدروا. وَقَالَ الشمّاخ:
لَا يدركنَّكَ إفراعي وتصعيدي
قَالَ: إفراعي: انحداري. شمر: استفرع الْقَوْم الحَدِيث وافترعوه إِذا
ابتدءوه. وَقَالَ الشَّاعِر يرثي عبيد بن أيُّوب:
ودلَّهتني بالحزن حَتَّى تَرَكتنِي
إِذا استفرع القومُ الأحاديثَ سَاهِيا
وَرُوِيَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (فرّعوا
إِن شِئْتُم وَلَكِن لَا تذبحوه غَرَاة حَتَّى يَكْبَر) . قَالَ شمر:
وَقَالَ أَبُو مَالك: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا تمّت إبِله
مائَة بعير قدَّم بَكْراً فنحره لصنمه. وَذَلِكَ الْفَرْع وَأنْشد:
إِذْ لَا يزَال قَتِيل تَحت رايتنا
كَمَا تشحَّط سَقْبُ الناسك الفَرَعُ
قَالَ شمر: وَقَالَ يزِيد بن مُرَّة: من أمثالهم: أول الصَّيْد فَرَع.
قَالَ: وَهُوَ مشبَّه بِأول النِّتَاج. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي:
من القِسِيّ القَضيب والفَرَع. فالقضيب: الَّتِي عُملت من غُصْن وَاحِد
غير مشقوق. والفَرَع: الَّتِي عملت من طَرَف الْقَضِيب. وَيُقَال:
افترعت الْجَارِيَة إِذا ابتكرتها.
(2/214)
وَيُقَال لَهُ افتراع لِأَنَّهُ أول
جِمَاعهَا. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أفرع: هَبَط، وفرّع: صَعِد.
وَقَالَ كثيِّر:
إِذا أفرعت فِي تَلْعة أصعدت بهَا
وَمن يطْلب الْحَاجَات يُفرِع ويصعد
قَالَ: وفَرَع إِذا علا. وَأنْشد:
أَقُول وَقد جاوزن من صحن رابغ
صحاصح غُبْراً يَفْرَع الْآل آلُها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الفَرَعة: القَمْلة الْعَظِيمَة. والفَرَعة
أَيْضا: أَعلَى الْجَبَل، وَجَمعهَا فِراع. وَمِنْه قيل: جبل فارع إِذا
كَانَ أطول ممّا يَلِيهِ. وَبِه سمّيت الْمَرْأَة فارِعة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَع بَين
جاريتين من بني عبد الْمطلب أَي حَجَز وَفرق بَينهمَا، يُقَال: فَرَعت
بَين المتخاصمين أَفْرَعُ إِذا حجزت بَينهمَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: فرَّع بَين الْقَوْم وفرّق بِمَعْنى وَاحِد.
ورَوَى فِي ذَلِك حَدِيثا بِإِسْنَاد لَهُ عَن أبي الطُفَيل قَالَ: كنت
عِنْد ابْن عَبَّاس فجَاء بَنو أبي لَهَب يختصمون فِي شَيْء بَينهم،
فَاقْتَتلُوا عِنْده فِي الْبَيْت، فَقَامَ يفرّع بَينهم أَي يحجِز
بَينهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفارع: عَوْن السُّلْطَان،
وَجمعه فَرَعة.
قلت: هُوَ مثل الْوَازِع، وَجمعه وَزَعة أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: فَرَعت فرسي أَفْرَعه أَي قَدَعته. قَالَ:
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْفَرْع أَيْضا: القِسْم.
وَقَالَ أَبُو زيد: تفرّع فلَان القومَ إِذا ركبهمْ وشتَمهم.
وَقَالَ غَيره: تفرَّع فلَان الْقَوْم إِذا علاهم. وَقَالَ الشَّاعِر:
وتفرّعنا من ابْني وَائِل
هَامة العِزّ وجُرْثوم الْكَرم
وَيُقَال: رجل فارع، وَنقاً فارع: مُرْتَفع طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الفَرَعة: جِلْدة تزاد فِي القِرْبة إِذا لم تكن
وفراء تامَّة. أَبُو عبيد: أفرعت الْمَرْأَة: حَاضَت. وأفرعت إِذا
رَأَتْ دَماً قبل الْولادَة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
صددت عَن الْأَعْدَاء يَوْم عُبَاعب
صدودَ المذاكي أفرعتها المساحِلُ
أَي أدْمتها اللُجُم كَمَا تدمى الْحَائِض أَبُو عُبَيْدَة: الفوارع:
تلاع مشرفات المسايل. وَرجل فَرْع قومه أَي شرِيف قومه.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَول الهذليّ:
وذكّرها فَيْحُ نجم الفرو
ع من صَيْهَد الحَرّ برد الشَمَال
قَالَ: هِيَ فروع الجوزاء، بِالْعينِ. قَالَ: وَهُوَ أشدّ مَا يكون
الحرّ. فَإِذا جَاءَت الفروغ بالغين وَهِي من نُجُوم الدَلْو كَانَ
الزَّمَان حينئذٍ بَارِدًا، وَلَا فَيْح يومئذٍ.
اللَّيْث: أَعلَى كل شَيْء: فَرْعه. وفَرَع فلَان فلَانا إِذا علاهُ.
وفرعت رَأس الجَبَل: علوته. قَالَ: والفَرَع: المَال الطائل المُعَدّ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(2/215)
فمنَّ واستبقى وَلم يعتصرْ
من فَرعه مَالا وَلَا المكسِر
قَالَ: المكسر: مَا تكسَّر من أصل مَاله. قَالَ: وفَرِعَ الرجل يفرع
فَرَعاً: كثر شعره، وَهُوَ أفرع. وَرجل مُفْرع الْكَتف إِذا كَانَ
مُرْتَفع الْكَتف. وَيَقُول: أفرعت بفلان فَمَا أحمدته أَي نزلت بِهِ
وفرعت أَرض بني فلَان أَي جَوَّلت فِيهَا فَعلمت عِلْمها. وفارعة
الطَّرِيق: حَوَاشِيه. وتفرعت بني فلَان: تزوّجت فِي الذُروة مِنْهُم
والسَنام. وَكَذَلِكَ تذرَّيتهم وتنصَّيتهم. والمُفْرَع: الطَّوِيل من
كل شَيْء.
وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: كَانَ شُرَيح يَجْعَل المدبَّر من
الثُّلُث، وَكَانَ مَسْرُوق يَجعله فارعاً من المَال.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: قَالَ بعض بني كلاب: الفارع:
الْمُرْتَفع العالي الهيء الْحسن. وَكَذَلِكَ الفاع من كل شَيْء.
عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال: أفرع العروسَ إِذا قضى حَاجته من غشيانه
إِيَّاهَا. وأفرعت الْفرس إِذا كبحتَه باللجام فَسَالَ الدَّم.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الفارع: العالي.
والفارع: المتسَفل. قَالَ: وفرعت إِذا صعدت، وفرعت إِذا نزلت.
فعر: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الفَعْر لُغَة يَمَانِية،
وَهُوَ ضرب النَبْت، زَعَمُوا أَنه الهَيْشَر، وَلَا أَحُق ذَاك.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الفعر: أكل
الفَعَارير، وَهُوَ صغَار الذآنين.
قلت: وَهَذَا يقوّي قَول ابْن دُرَيْد.
رفع: قَالَ الله جلّ وعزّ فِي صفة الْقِيَامَة: {كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ
رَّافِعَةٌ} (الْوَاقِعَة: 3) قَالَ الزجّاج: الْمَعْنى: أَنَّهَا
تخْفض أهل الْمعاصِي وترفع أهل الطَّاعَة. وَالرَّفْع: ضد الْخَفْض.
وَفِي الحَدِيث: (إِن الله يرفع القِسْط ويخفض) .
قلت: وتأويله: وَالله أعلم أَنه يرفع القِسْط وَهُوَ العَدْل فيُعليه
على الجَوْر وَأَهله، وَمرَّة يخفضه فيُظهر أهل الجَوْر على أهل
الْعدْل ابتلاء لخَلْقه. وَهَذَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعَاقبَة
لِلْمُتقين. وَيُقَال: ارْتَفع الشَّيْء ارتفاعاً بِنَفسِهِ إِذا علا.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: بَرْق رَافع: سَاطِع. وَأنْشد:
صَاح ألم تَحزُنك ريح مَرِيضَة
وبَرْق تلألأ بالعقيقين رَافع
قَالَ: وَالْمَرْفُوع من سَيْر الْفرس والبِرذَوْن دون الحُضْر وَفَوق
الْمَوْضُوع يُقَال: ارْفَعْ من دابَّتك، هَكَذَا كَلَام الْعَرَب.
ورَفُع الرجل يرفُع رَفَاعة فَهُوَ رفيع إِذا شَرُف، وَامْرَأَة رفيعة.
وَالْحمار يُرفِّع وَفِي عَدوه ترفيعاً، أَي عدا عَدْواً بعضه أرفع من
بعض. وَكَذَلِكَ لَو أخذت شَيْئا فَرفعت الأول فَالْأول قلت رفعته
ترفيعاً.
والرِفعة: نقيض الذِلَّة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رَفَعَ الْقَوْم فهم رافعون إِذا أصعدوا فِي
الْبِلَاد.
وَقَالَ الرَّاعِي:
(2/216)
دعاهن دَاع للخريف وَلم تَكُن
لهنّ بلاداً فانتجعن روافعا
أَي مصعِدات، يُرِيد: لم يَكن الْبِلَاد الَّتِي دعتهنّ لهنّ بلاداً.
والرُفَاعة: شَيْء تعظم بِهِ الْمَرْأَة عَجِيزتها. والجميع رفائع.
وَقَالَ الرَّاعِي:
عِرَاض القطا لَا يتّخذن الرفائعا
القطا: الأعجاز وَالْأَصْل فِيهِ قطاة الدابَّة.
والرِفاع: حَبْل الْقَيْد يَأْخُذهُ المقيَّد بِيَدِهِ يرفعهُ
إِلَيْهِ، حُكِي ذَلِك عَن يُونُس النحويّ؛ وَرفعت فلَانا إِلَى
الْحَاكِم أَي قدَّمته إِلَيْهِ. وَرفعت قِصَّتي: قدَّمتها.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وهم رفعوا فِي الطعْن أَبنَاء مَذْحج
أَي قدَّموهم للحرب. وَيُقَال للَّتِي رفعت لَبنهَا فَلم تدُرّ: رَافع،
بالراء. وَأما الدَّافِع فَهِيَ الَّتي دفعت اللِبَأ فِي ضَرْعها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: رَفع الْبَعِير ورفعته أَنا
وَهُوَ السّير الْمَرْفُوع.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: جَاءَ زمنُ الرِفاع
والرَّفاع إِذا رُفع الزَّرْع، حَكَاهُ عَن أبي عَمْرو.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: لم أسمع الرِفاع، بِالْكَسْرِ. قَالَ:
والرَفَاع: أَن يُحصِد الزَّرْع ويُرفع.
وَقَالَ الفرّاء: فِي صَوته رُفاعة ورَفَاعة إِذا كَانَ رفيع الصَّوْت.
وَيُقَال: رافعت فلَانا إِلَى الْحَاكِم إِذا قدَّمته إِلَيْهِ
لتحاكمه.
وَقَالَ النَّابِغَة الذبيانيّ:
ورفَّعته إِلَى السِّجْفَين فالنضد
أَي بلغت بالحَفْر وقدَّمته إِلَى مَوضِع السجْفَين، وهما سِتْرا
رُوَاق الْبَيْت.
قَالَ: وَهُوَ من قَوْلك: ارتفَع إليّ أَي تقدم، قَالَ: وارفعه إِلَى
الْحَاكِم أَي قدِّمه، وَلَيْسَ من الِارْتفَاع الَّذِي هُوَ بِمَعْنى
العُلُوّ.
قَالَ ذَلِك كلَّه يَعْقُوب بن السّكيت، وَأنْشد قَوْله:
وهم رفعوا بالطعن أَبنَاء مَذْحِج
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (كل
رَافِعَة رفعت علينا من الْبَلَاغ فقد حرّمتها أَن تُعْضَد أَو تُخْبط
إِلَّا لعصفور قَتَب أَو مَسَد مَحالَة) .
قَالَ عبد الله بن مُسلم: معنى قَوْله: (كل رَافِعَة رفعت علينا من
الْبَلَاغ) يُرِيد: كلّ جمَاعَة مبلّغة تبلّغ عَنَّا وتذيع مَا تَقوله.
وَهَذَا كَمَا تَقول: رفع فلَان على الْعَامِل إِذا أذاع خَبره. وحُكي
عَنهُ أَن كل حاكية حكت عنَّا وبلَّغت فلْتحكِ أَنِّي قد حرّمتها
يَعْنِي الْمَدِينَة أَن يُعضد شَجَرهَا. وَفِي (النَّوَادِر) :
يُقَال: ارْتَفع الشَّيْء بِيَدِهِ وَرَفعه.
قلت: الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب: رفعت الشَّيْء فارتفع، وَلم
أسمع ارْتَفع وَاقعا بِمَعْنى رفع، إِلَّا مَا قرأته فِي (نَوَادِر
الْأَعْرَاب) .
ابْن السّكيت: إِذا ارْتَفع الْبَعِير عَن الهَمْلجة فَذَلِك السّير
الْمَرْفُوع، يُقَال: رفع البعيرُ يَرْفَع فَهُوَ رَافع. والروافع إِذا
رفعوا فِي
(2/217)
سيرهم، وَرفعت الدابَّة فِي سَيرهَا. ودابة
مَرْفُوع.
(بَاب الْعين وَالرَّاء مَعَ الْبَاء)
ع ر ب
عرب، عبر، ربع، رعب، برع، بعر: مستعملات.
عرب: قَالَ ابْن المظفّر: العَرَب العاربة: الصَّرِيح مِنْهُم.
قَالَ: والأعاريب: جمَاعَة الْأَعْرَاب.
وَقَالَ غَيره: رجل عربيّ إِذا كَانَ نسبه فِي الْعَرَب ثَابتا وَإِن
لم يكن فصيحاً. وَجمعه العَرَب؛ كَمَا يُقَال: رجل مجوسيّ ويهوديّ،
وَالْجمع بِحَذْف يَاء النِّسْبَة: الْمَجُوس وَالْيَهُود. وَرجل
مُعْرِب إِذا كَانَ فصيحاً وَإِن كَانَ عجميّ النّسَب. وَرجل أعرابيّ
بِالْألف إِذا كَانَ بدويّاً صَاحب نُجْعة وانتواء وارتياد للكلأ
وتتبّع لمساقط الْغَيْث، وَسَوَاء كَانَ من الْعَرَب أَو من مواليهم.
وَيجمع الأعرابيّ على الْأَعْرَاب والأعاريب. والأعرابيّ إِذا قيل لَهُ
يَا عربيّ فَرِح بِذَاكَ وهَشّ لَهُ. والعربيّ إِذا قيل لَهُ: يَا
أعرابيّ غضِب لَهُ. فَمن نزل الْبَادِيَة أَو جاور البادين وظَعَنَ
بظَعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أَعْرَاب، وَمن نزل بِلَاد الرِّيف
واستوطن المدن والقُرَى الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا مِمَّا ينتمي إِلَى
الْعَرَب فهم عرب وَإِن لم يَكُونُوا فصحاء.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {خَبِيرٌ قَالَتِ الاَْعْرَابُءَامَنَّا قُل
لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَاكِن قُولُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ
وَإِن تُطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ} (الحُجرَات: 14)
هَؤُلَاءِ قوم من بوادي الْعَرَب قدِموا على النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة طَمَعا فِي الصَّدقَات لَا رَغْبَة فِي
الْإِسْلَام، فسمَّاهم الله الأعرابَ، وَمثلهمْ الَّذين ذكرهم الله فِي
سُورَة البَحُوث: {الاَْعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا}
(التَّوْبَة: 97) الْآيَة.
قلت: وَالَّذِي لَا يفرق بَين الْعَرَب والأعراب والعربيّ والأعرابيّ
رُبمَا تحامل على الْعَرَب بِمَا يتأوّله فِي هَذِه الْآيَة، وَهُوَ
لَا يُمَيّز بَين الْعَرَب والأعراب. وَلَا يجوز أَن يُقَال للمهاجرين
وَالْأَنْصَار: أَعْرَاب، إِنَّمَا هم عرب؛ لأَنهم استوطنوا القُرَى
الْعَرَبيَّة وَسَكنُوا المُدُن، سَوَاء مِنْهُم الناشىء بالبَدْو ثمَّ
استوطن الْقرى والناشىء بِمَكَّة ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة. فَإِن
لحقت طائفةٌ مِنْهُم بِأَهْل البَدْو بعد هجرتهم واقتَنوا نَعَماً
ورعَوا مساقط الْغَيْث بَعْدَمَا كَانُوا حَاضِرَة أَو مهاجرة قيل: قد
تعرّبوا أَي صَارُوا أعراباً بَعْدَمَا كَانُوا عَرَباً.
وَقَالَ أَبُو زيد الأنصاريّ يُقَال: أعرب الأعجمي إعراباً، وتعرّب
تعرُّباً واستعرب استعراباً كلّ هَذَا للأغْتَم دون الصبيّ.
قَالَ: وأفصح الصبِيّ فِي مَنْطِقه إِذا فهمت مَا يَقُول أوّلَ مَا
يتَكَلَّم. وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله. وَيُقَال للعربي: أفصِحْ لي إِن
كنت صَادِقا أَي أَبِنْ لي كلامك.
قَالَ: وَيُقَال: عرَّبت لَهُ الْكَلَام تعريباً وأعربته لَهُ إعراباً
إِذا بيَّنته لَهُ حَتَّى لَا يكون فِيهِ حَضْرمة. قَالَ: وفَصُح الرجل
فَصَاحة وأفصح كلامُه إفصاحاً. قلت: وَجعل الله جلّ وعزّ الْقُرْآن
المنزَّل على النَّبِي الْمُرْسل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
عَرَبيا لِأَنَّهُ نَسَبه إِلَى الْعَرَب
(2/218)
الَّذين أنزلهُ بلسانهم، وهم النَّبِي
والمهاجرون وَالْأَنْصَار الَّذين صِيغَة لسانهم لُغَة الْعَرَب فِي
باديتها وقراها العربيّة. وَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
عربيّاً لِأَنَّهُ من صَرِيح الْعَرَب. وَلَو أَن قوما من الْأَعْرَاب
الَّذين يسكنون الْبَادِيَة حَضَرُوا القُرَى الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا
وتَناءوْا مَعَهم فِيهَا سُمُّوا عربا وَلم يسمُّوا أعراباً. وَيُقَال:
رجل عربيّ اللِّسَان إِذا كَانَ فصيحاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يجوز أَن يُقَال: رجل عَرَبانيّ اللسانيّ. قَالَ:
وَالْعرب المستعربة هم الَّذين دخلُوا فيهم بعد فاستعربوا. وَقلت أَنا:
المستعربة عِنْدِي: قوم من الْعَجم دخلُوا فِي الْعَرَب فتكلموا
بلسانهم وحَكَوا هَيئاتهم وَلَيْسوا بُصَرحاء فيهم.
وَقَالَ اللَّيْث: تعرّبوا مثل استعربوا.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ. قلت: وَيكون التعرّب أَن
يرجع إِلَى الْبَادِيَة بَعْدَمَا كَانَ مُقيما بالحَضَر فيلحَق
بالأعراب. وَيكون التعرّب المُقام فِي الْبَادِيَة. وَمِنْه قَول
الشَّاعِر:
تعرَّب آبَائِي فهلاَّ وقاهم
من الْمَوْت رَمْلاَ عالجٍ زَرُودِ
يَقُول: أَقَامَ آبَائِي بالبادية وَلم يحضروا القُرَى.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الثّيّب
يُعْرب عَنْهَا لسانُها وَالْبكْر تُستأمَر فِي نَفسهَا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: هَذَا الْحَرْف جَاءَ فِي الحَدِيث: يُعْرِب،
بِالتَّخْفِيفِ.
وَقَالَ الفرّاء: إِنَّمَا هُوَ يُعرِّب، بِالتَّشْدِيدِ يُقَال:
عرَّبت عَن الْقَوْم إِذا تَكَلَّمت عَنْهُم واحتججت لَهُم. قلت:
الْإِعْرَاب والتعريب مَعْنَاهُمَا وَاحِد، وَهُوَ الْإِبَانَة.
يُقَال: أعرب عَنهُ لسانُه وعَرَّب أَي أبان وأفصح. وَيُقَال: أعرِبْ
عَمَّا فِي ضميرك أَي أبِنْ. وَمن هَذَا يُقَال للرجل إِذا أفْصح فِي
الْكَلَام: قد أَعْرب.
وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وجدنَا لكم فِي آل حاميمَ آيَة
تأوّلها مِنّا تَقِي ومُعْرِبُ
تقِيّ: يتوقّى إِظْهَاره حِذارَ أَن يَنَالهُ مَكْرُوه من أعدائكم.
ومعرب أَي مفصح بِالْحَقِّ لَا يتوقّاهم. وَالْخطاب فِي هَذَا لبني
هَاشم حِين ظَهَرُوا على بني أميَّة، وَالْآيَة قَوْله جلّ وعزّ:
{الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ
الْمَوَدَّةَ فِى} (الشّورى: 23) .
وأمَّا حَدِيث عمر بن الْخطاب: (مَا لكم إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يخرق
أَعْرَاض النَّاس ألاَّ تعرِّبوا عَلَيْهِ) فَلَيْسَ هَذَا من التعريب
الَّذِي جَاءَ فِي خبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا
هُوَ من قَوْلك: عرَّبت على الرجل قولَه إِذا قبَّحته عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو زيد الأنصاريّ فِي
قَوْله: (ألاَّ تعربوا عَلَيْهِ) مَعْنَاهُ: ألاَّ تفسدوا عَلَيْهِ
وَلَا تقبّحوه.
وَمِنْه قَول أَوْس بن حَجَر:
وَمثل ابْن عَثْم إِن ذُحول تُذُكّرت
وقتلى تِيَاسٍ عَن صِلاح تعرِّب
ويروى: يعرّب. يَعْنِي أَن هَؤُلَاءِ الَّذين
(2/219)
قُتِلوا منا وَلم نتَّئر بهم وَلم نقْتل
الثأر إِذا ذكر دِمَاؤُهُمْ أفسدت الْمُصَالحَة ومنعتْنا عَنْهَا.
والصِلاَح: الْمُصَالحَة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه
قَالَ: التعريب التَّبْيِين فِي قَوْله: (الثّيّب تُعرِب عَن نَفسهَا)
. قَالَ: والتعريب: المَنْع فِي قَول عمر: (أَلا تعربوا) أَي لَا
تمنعوا. وَكَذَلِكَ قَوْله: (عَن صِلاَح تعرب) أَي تمنع. قَالَ:
والتعريب: الْإِكْثَار من شرب العَرَب، وَهُوَ المَاء الْكثير الصافي.
قَالَ: والتعريب: أَن يتَّخذ فرسا عربيّاً. قَالَ: والتعريب: تمريض
العَرِب، وَهُوَ الذرِب الَمعِدة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَقد يكون التعريب من الفُحْش، وَهُوَ قريب من
هَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَول الله جلّ وعزّ {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ
فُسُوقَ} (البَقَرَة: 197) : وَهُوَ العرَابة فِي كَلَام الْعَرَب.
قَالَ: والعِرَابة كَأَنَّهُ اسْم مَوْضُوع من التعريب، وَهُوَ مَا قبح
من الْكَلَام يُقَال مِنْهُ: عرّبت وأعربت. وَمِنْه حَدِيث عَطاء: أَنه
كره الْإِعْرَاب للمُحْرِم. وَقَالَ رؤبة يصف نسَاء يجمعن العَفَاف
عِنْد الغرباء وَالْإِعْرَاب عِنْد الْأزْوَاج، وَهُوَ مَا يستفحش من
أَلْفَاظ النِّكَاح وَالْجِمَاع فَقَالَ:
والعُرْبُ فِي عفافة وإعراب
وَهَذَا كَقَوْلِهِم: خير النِّسَاء المتبذِلة لزَوجهَا، الخِفرة فِي
قَومهَا، والعُرُب: جمع العَرُوب من قَول الله جلّ وعزّ: {أَبْكَاراً
عُرُباً أَتْرَاباً} (الْوَاقِعَة: 37) وَهن المتحبّبات إِلَى
أزواجهنّ. وَقيل: العُرُب الغَنِجات. وَقيل: العُرُب المغتَلمات، وكلّ
ذَلِك رَاجع إِلَى معنى وَاحِد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَرُوب من النِّسَاء:
المطيعة لزَوجهَا المتحبّبة إِلَيْهِ. قَالَ: والعَرُوب أَيْضا:
العاصية لزَوجهَا، الخائنة بفرجها، الْفَاسِدَة فِي نَفسهَا. وَأنْشد:
فَمَا خلفٌ من أم عمرَان سَلْفَعٌ
من السود ورهاءُ الْعَنَان عَروبُ
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَبْكَاراً عُرُباً
أَتْرَاباً} قَالَ: عواشق، وَقَالَ غَيره: هِيَ الشكلات بلغَة أهل
مكَّة، والمَغْنوجات بلغَة أهل الْمَدِينَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العَرِبة مثل العَرُوب فِي صِفَات النِّسَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد الأنصاريّ: فعلت كَذَا وَكَذَا فَمَا عرَّب عليَّ
أحد أَي مَا غيَّر عليَّ أحد.
وَقَالَ شمر: التعريب: أَن يتَكَلَّم الرجل بِالْكَلِمَةِ فيُفحش
فِيهَا أَو يخطىء فَيَقُول لَهُ الآخر: لَيْسَ كَذَا وَلكنه كَذَا
للَّذي هُوَ أصوب، أَرَادَ معنى حَدِيث عمر: (ألاَّ تعربوا عَلَيْهِ) .
قَالَ شمر: والعِرْب مثل الْإِعْرَاب من الْفُحْش فِي الْكَلَام.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: عرِبتْ مَعِدته عَرَباً وذرِبت ذَرباً فَهِيَ
عَرِبة وذَرِبة إِذا فَسدتْ. قلت: وَيحْتَمل أَن يكون التعريب على من
يَقُول بِلِسَانِهِ الْمُنكر من هَذَا لِأَنَّهُ يفْسد عَلَيْهِ
كَلَامه كَمَا فَسدتْ مَعِدته.
وَقَالَ اللَّيْث: العَرَب: النشاط والأَرَن.
(2/220)
وَأنْشد:
كل طِمِرَ غَذَوانٍ عَرَبُهْ
ويروى: عَدَوان. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العِرْب: يبيس البُهْمَى
والواحدة عِرْبة والتعريب: تعريب الْفرس، وَهُوَ أَن يُكْوَى على أشاعر
حَافره فِي مَوَاضِع ثمَّ يُبْزغ بمبزَغ بَزْغاً رَقِيقا لَا يؤثّر فِي
عَصَبه ليشتدّ أَشْعره. قلت: وأشاعر الْفرس: مَا بَين حَافره ومنتهى
شعر أرساغه. وَرجل مُعْرِب: مَعَه فرس عربيّ. وَفرس مُعْرِب: إِذا خلصت
عربيَّته. وَقَالَ الجعديّ:
ويصهل فِي مثل جَوف الطوِيّ
صهيلاً تبيَّنَ للمُعْرِب
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: المعرب من الْخَيل: الَّذِي لَيْسَ فِيهِ
عِرْق هجين، وَالْأُنْثَى مُعْرِبة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: العَبْرَب: السُمَّاق.
قَالَ: وقِدْر عَرَبْرَبِيَّة وَهِي السُمَّاقيَّة. والعَرُوبة: يَوْم
الْجُمُعَة. وَكَانَ يُقَال لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة: يَوْم العَرُوبة،
والعَرَاب: حَمْل الخَزَم، وَهُوَ شجر يُفتل من لِحَائه الحِبَال،
والواحدة عَرَابة، تَأْكُله القرود وَرُبمَا أكله النَّاس فِي المجاعة.
وعرِب السَنَامُ عَرَباً إِذا ورم وتفتَّح. وَيُقَال: مَا فِي الدَّار
عرِيب أَي مَا بهَا أحد. والعُرَيب: تَصْغِير الْعَرَب. وَيُقَال:
ألْقى فلَان عَرَبُونه إِذا أحدث. وعرِيب: حيّ من الْيمن.
وَقَالَ الفرّاء: أعربت إعراباً وعرَّبت تعريباً إِذا أَعْطَيْت
العُربان. قلت: وَيُقَال لَهُ: العَرْبون.
ورُوي عَن عَطاء أَنه كَانَ ينْهَى عَن الْإِعْرَاب فِي البيع.
وَقَالَ شمر: الْإِعْرَاب فِي البيع: أَن يَقُول الرجل للرجل: إِن لم
آخذ هَذَا البيع بِكَذَا فلك كَذَا وَكَذَا من مَالِي.
وَقَالَ أَبُو زيد: عرِب الْجرْح عَرَباً وحبِط حَبَطاً إِذا بقيت لَهُ
آثَار بعد البُرْء. والعَرَبات: طَرِيق فِي جبل بطرِيق مصر. وَاخْتلف
النَّاس فِي الْعَرَب أَنهم لِمَ سُمُّوا عربا.
فَقَالَ بَعضهم: أول من أنطق الله لِسَانه بلغَة الْعَرَب يَعْرُب بن
قَحْطان وَهُوَ أَبُو اليَمَن، وهم الْعَرَب العاربة. وَنَشَأ
إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِمَا مَعَهم فَتكلم
بلسانهم، فَهُوَ وَأَوْلَاده الْعَرَب المستعرِبة.
وَقَالَ آخَرُونَ: نَشأ أَوْلَاد إِسْمَاعِيل بَعَرَبة وَهِي من تِهامة
فنُسِبوا إِلَى بلدهم.
روينَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خَمْسَة
أَنْبيَاء من الْعَرَب. وهم: إِسْمَاعِيل، مُحَمَّد، شُعَيْب، صَالح،
هود صلى الله عَلَيْهِم) . وَهَذَا يدلّ على أَن لِسَان الْعَرَب قديم.
وَهَؤُلَاء الْأَنْبِيَاء كلهم كَانُوا يسكنون بِلَاد الْعَرَب.
فَكَانَ شُعيب وَقَومه بِأَرْض مَدْيَن.
وَكَانَ صَالح وَقَومه ثَمُود ينزلون بِنَاحِيَة الحِجْر.
وَكَانَ هود وَقَومه وهم عَاد ينزلون الْأَحْقَاف من رمال الْيمن.
وَكَانُوا أهل عَمَد.
وَكَانَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَالنَّبِيّ
(2/221)
الْمُصْطَفى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِمَا
من سُكّان الحَرَم. وكلّ من سكن بِلَاد الْعَرَب وجزيرتها ونطق
بِلِسَان أَهلهَا فهم عَرَب: يَمَنُهم ومَعَدّهم. وَالْأَقْرَب عِنْدِي
أَنهم سُمّوا عربا باسم بلدهم: العَرَبات.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الْفرج: عَرَبة: باحة الْعَرَب، وباحة دَار أبي
الفصاحة إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم ث. قَالَ: وَفِيهِمَا يَقُول
قَائِلهمْ:
وعَرْبة أَرض مَا يُحِلّ حرامَها
من النَّاس إلاّ اللوذعيُّ الحُلاحل
يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحِلت لَهُ مكَّةُ سَاعَة من
نَهَار، ثمَّ هِيَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ: واضطُرّ الشَّاعِر إِلَى تسكين الرَّاء من عَرَبة فسكَّنها.
وَأنْشد قَول الآخر:
ورُجّت باحة العَرَبات رَجاً
ترقرقُ فِي مناكبها الدِّمَاء
كَمَا قَالَ: وأقامت قُرَيْش بعرَبة فتَنَّخَتْ بهَا وانتشر سَائِر
الْعَرَب فِي جزيرتها، فنُسبوا كلهم إِلَى عَرَبة؛ لِأَن أباهم
إِسْمَاعِيل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا نَشأ (وربل أَي كثر
أَوْلَاده) فِيهَا فكثروا. فلمَّا لم تحتملهم الْبِلَاد انتشروا وأقامت
قُرَيْش بهَا.
وروينا عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ: قُرَيْش هم أَوسط الْعَرَب فِي
الْعَرَب دَارا، وَأحسنه جِواراً وأعربه ألْسنة.
وَقَالَ قَتَادَة: كَانَت قُرَيْش تجتبي أَي تخْتَار أفضل لُغَات
الْعَرَب، حَتَّى صَار أفضل لغاتها لُغَة لَهَا فَنزل الْقُرْآن بهَا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العرَّاب: الَّذِي يعْمل
العرابات، واحدتها عرابة، وَهِي شُمُل ضُرُوعِ الْغنم.
قَالَ: والعَرِيبة: الغريبة من الْإِبِل وَغَيرهَا.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ أَيْضا أَنه قَالَ: العَرَبة: النفْس.
قَالَ: وعَرِب الرجل إِذا غرِق فِي الدُّنْيَا. وعَرِب إِذا فصُح بعد
لُكْنة فِي لِسَانه.
رعب: قَالَ ابْن المظفر: الرُعْب: الْخَوْف. وَتقول رَعَبت فلَانا
رَعْبَاً ورُعْبَاً لُغَتَانِ فَهُوَ مرعوب ورَعِيب. ورعَّبته فَهُوَ
مُرَعَّب، وَهُوَ مُرْتَعِب أَي فزِع.
قَالَ: والحَمَام الراعِبيّ يُرعّب فِي صَوته ترعيباً، وَهُوَ شدّة
الصَّوْت تَقول: إِنَّه لشديد الرعْب.
وَقَالَ رؤبة:
وَلَا أُجِيب الرَعْب إِن دعيتُ
ويروى: إِن رُقيت. أَرَادَ بالرَعْب الوَعِيد، إِن رُقِيتُ: أَي خُدعت
بالوعيد لم أنَقَدْ وَلم أخَف. أَبُو عبيد: الترْعيب: السَنَام
المقطَّع.
وَقَالَ شمر: ترعيبه: ارتجاجه وسِمَنه وغِلظه، كَأَنَّهُ يرتجّ من
سمنه.
وَيُقَال: أطعَمنا رُعبُوبة من سَنَام عِنْده. وَهُوَ الرُعَيْب.
وَكَأن الْجَارِيَة قيل لَهَا: رُعْبُوبة من هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة رُعْبوبة: تارّة شَطْبة.
وَيُقَال: رُعْبوب. والجميع الرعابيب. وَقَالَ الأصمعيّ: الرُعْبُوبة:
الْبَيْضَاء.
وَأنْشد اللَّيْث:
(2/222)
ثمَّ ظلِلنا فِي شواء رُعْبَبه
مُلَهْوَج مثل الكشى نُكَشِّبُه
وَقَالَ غَيره: يُقَال لأصل الطلعة: رُعْبُوبة أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَاءَنَا سيل راعب وَقد رعب الواديَ إِذا
ملأَهُ بالراء وأمَّا الزاعب فَهُوَ الَّذِي يَدْفع بعضُه بَعْضًا.
وَقَالَ اللَّيْث: التِرْعابة: الفَرُوقة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَرْعَبة: القَفْرة
المُخيفة.
برع: أَبُو عبيد: البارع: الَّذِي قد فاق أَصْحَابه فِي السُودَد. وَقد
بَرَع يَبْرُع وَبَرُع يَبْرُع براعة فَهُوَ بارع.
وَقَالَ غَيره: فلَان يتبرَّع بالعطاء أَي يتفضّل بِمَا لَا يجب
عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَرِيعة: الْمَرْأَة الفائقة الْجمال
وَالْعقل.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: بَرَعه وفَرَعه إِذا علاهُ وفاقه وكلّ مُشْرِف
بارعٌ فارع.
ربع: فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّ بِقوم
يَرْبَعُون حجرا فَقَالَ: (عُمّال الله أقوى من هَؤُلَاءِ) .
وَفِي بعض الحَدِيث: (يَرْتَبِعون حجرا) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الرَبْع: أَن يشال الحَجَرُ بِالْيَدِ، يُفعل
ذَلِك لِتعرف بِهِ شدَّة الرجل. يُقَال ذَلِك فِي الْحجر خاصَّة.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ مثلَه فِي الرَبْع.
وَقَالَ: المِربَعة: عَصاً يحمل بهَا الأثقال حَتَّى تُوضَع على ظُهُور
الدوابّ.
وأنشدنا:
أَيْن الشِظاظان وَأَيْنَ المِرْبَعَهْ
وَأَيْنَ وَسْقُ النَّاقة الجَلَنْفَعَهْ
ابْن السّكيت: رابعت الرجل إِذا رفعت مَعَه العِدْل بالعصا على ظهر
الْبَعِير.
وَقَالَ الراجز:
يَا لَيْت أم العَمْر كَانَت صَاحِبي
مكانَ من أنشا على الركائب
ورابعتني تَحت ليل ضَارب
بساعد فَعْم وكفّ خاضِب
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لعديّ بن
حَاتِم قبل إِسْلَامه: (إِنَّك تَأْكُل المِرْباع وَهُوَ لَا يَحِلّ
فِي دينك) .
قَالَ أَبُو عبيد: المِرْباع: شَيْء كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة،
يَغْزُو بَعضهم بَعْضًا، فَإِذا غنموا أَخذ الرئيس ربع الْغَنِيمَة
فَكَانَ خَالِصا لَهُ دون أَصْحَابه.
وَقَالَ عبد الله بن عَنَمة:
لَك المرباع فِيهَا والصفايا
وحكمك والنَشِيطة والفُضُول
وَقَالَ غَيره: رَبَعت الْقَوْم أَرْبَعهم رَبْعاً إِذا أخذت ربع
أَمْوَالهم أَو كنت لَهُم رَابِعا. والرَبْع أَيْضا: مصدر رَبَعت
الوَتَر إِذا فتلته على أَربع قُوًى.
وَيُقَال: وَتَر مَرْبُوع. عَمْرو عَن أَبِيه: الرُوميّ: شِرَاع
السَّفِينَة الفارغة، والمُرْبِع: شراع المَلأَى. قَالَ: والمتلمِّظة:
مقْعد الاستيام وَهُوَ رَئِيس الركّاب.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الأصمعيّ: الرَبْع: هُوَ الدَّار بِعَينهَا حَيْثُ
كَانَت. والمَرْبَع: الْمنزل فِي الرّبيع خاصَّة.
(2/223)
وَقَالَ شمر: الرُبُوع: أهل الْمنَازل
أَيْضا.
وَقَالَ الشماخ:
تصيبُهمُ وتخطئني المنايا
وأَخْلُف فِي رُبُوع عَن ربوع
أَي فِي قوم بعد قوم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُرِيد: فِي ربع من أَهلِي أَي فِي مسكنهم بعد
ربع.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الرّبع مثل السَكْن وهما أهل الْبَيْت. وَأنْشد:
فَإِن يَك رَبْع من رجالي أَصَابَهُم
من الله والحَتْم المُطل شَعُوب
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَبَّاع: الرجل الْكثير شِرَى الرُبُوع،
وَهِي الْمنَازل.
وَقَالَ شمر: الرّبع يكون الْمنزل، وأهلَ الْمنزل.
قَالَ: وأمَّا قَول الرَّاعِي:
فعُجنا على رَبْع بِربع تعوده
من الصَّيف حَشَّاء الحنين نَئُوج
فَإِن الرّبع الثَّانِي طَرَف الْجَبَل. والرِبْع من أظماء الْإِبِل:
أَن ترد الماءَ يَوْمًا وتدعه يَوْمَيْنِ ثمَّ ترد الْيَوْم الرَّابِع.
وإبل روابع، وَقد وَردت رِبْعاً. وَأَرْبع الرجلُ إِذا وَردت إبِله
رِبْعاً. والرِبْع: الحُمَّى الَّتِي تَأْخُذ كل أَرْبَعَة أيّام،
كَأَنَّهُ يُحَمّ فيهمَا ثمَّ يحمّ اليومَ الرَّابِع. يُقَال: رُبع
الرجل وأُرْبع.
وَقَالَ الهذليّ:
من المُرْبِعِين وَمن آزل
إِذا جَنَّه اللَّيْل كالناحط
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: أربعت الْحُمَّى زيدا إِذا أَخَذته
رِبْعاً، وأغَبَّته إِذا أخذتْه غِبَّاً. وَرجل مُغِبّ ومُرْبِع
بِكَسْر الْبَاء وَأنْشد:
من المربِعين وَمن آزل
بِكَسْر الْبَاء، فَقيل لَهُ: لِمَ قلت: أربعت الحُمَّى زيدا. ثمَّ
قلت: من المُرْبِعين؟ فَجَعَلته مرَّة مَفْعُولا ومرَّة فَاعِلا،
فَقَالَ: يُقَال: أَرْبَع الرجلُ أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: يُقَال: أربعت عَلَيْهِ الحُمَّى وَمن
الغِبّ: غَبّت. قلت: كَلَام الْعَرَب: أربعت عَلَيْهِ الحُمَّى،
والرجُل مُرْبَع، بِفَتْح الْبَاء.
وَقَالَ الأصمعيّ أَيْضا: يُقَال: أَرْبع الرجلُ فَهُوَ مُرْبِع إِذا
وُلِد لَهُ فِي فَتَاء سِنه. وَولده رِبْعيّون.
وَقَالَ الراجز:
إِن بنِيَّ غِلْمة صِيْفِيّونْ
أَفْلح مَن كَانَ لَهُ رِبعيّون
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: قد رَبَع الرجل يَرْبَع إِذا وقف
وَتحبَّس.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: اربَعْ على ظَلْعك، وَاربَعْ على نَفْسك
وَاربع عَلَيْك، كل ذَلِك وَاحد مَعْنَاهُ: انْتظر. وَقال الْأَحْوَص:
مَا ضرّ جيراننا إِذا انتجعوا
لَو أَنهم قبل بَينهم رَبَعوا
وَقال آخر:
أَرْبَع عِنْد الْوُرُود فِي سُدُم
أنقع من غُلَّتي وَأجزاؤها
قَالَ: مَعْنَاهُ: أُلقي فِي مَاء سُدُم وَألهج
(2/224)
فِيهِ.
وَفي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ أطول من المربوع
وَأقصر من المشذَّب. فالمشذَّب: الطَّوِيل الْبَائِن. وَالمربوع:
الَّذِي لَيْسَ بطويل وَلا قصير. وَكَذَلِكَ الرَّابِعَة فَالْمَعْنى:
أَنه لم يكن مُفْرِط الطول، وَلكن كَانَ بَين الرَبْعة وَالمشذَّب.
وَالمربوع من الشعْر: الَّذِي ذهب جُزْء من ثَمَانِيَة أَجزَاء من
المديد والبسيط التامّ. وَالمثلوث: الَّذِي ذَهَب جزءان من سِتَّة
أَجزَاء.
والرَبْعة: الجوفة. وَيقال: رجل رَبْعة وَامرأة رَبْعة وَرجال وَنساء
رَبَعات بتحريك الْبَاء وَخولف بِهِ طَرِيق ضَخْمة وَضَخَمات
لِاسْتِوَاء نعت الرجل وَالْمَرْأَة فِي قَوْلك: رجل رَبْعة وَامرأة
رَبعة فَصَارَ كالاسم، وَالْأَصْل فِي بَاب فَعْلة من الْأَسْمَاء مثل
تَمْرة وجَفْنة أَن يجمع على فَعَلات مثل تَمرات وجَفَنات، وَما كَانَ
من النعوت على فَعْلة مثل شَاة لَجْبَة وَامْرَأَة عَبْلة أَن يجمع على
فَعْلات بِسُكُون الْعين. وَإنما جمع رَبْعة على رَبَعات وَهُوَ نعت
لِأَنَّهُ أشبه الْأَسْمَاء لِاسْتِوَاء لفظ المذكّر والمؤنّث فِي
وَاحده.
وَقال الفرّاء: من الْعَرَب من يَقُول: امْرَأَة رَبْعة وَنسوة
رَبْعات، وَكَذَلِكَ رجل رَبْعة وَرِجَال رَبْعُون، فَيَجْعَلهُ
كَسَائِر النعوت وَيقال: ارتبع البعيرُ يرتبع ارتباعاً، وَالِاسْم
الرَبعة، وَهُوَ أشدّ عَدْو الْبَعِير.
وَأنْشد الأصمعيّ لبَعض الشُّعَرَاء:
واعرورت العُلُطَ العُرْضِيّ تركضه
أُمّ الفوارس بالدِئداء وَالرَبعَهْ
وَقال أَبُو يحيى بن كُناسة فِي صفة أزمنة السّنة وَفصولها وَكان
علاَّمة بهَا: اعْلَم أَن السّنة أَرْبَعَة أزمنة: الرّبيع الأوَل،
وَهو عِنْد العامَّة: الخريف. ثمَّ الشتَاء ثمَّ الصَّيف، وَهو الرّبيع
الآخر، ثمَّ القَيْظ. قَالَ: وَهذا كُله قَول الْعَرَب فِي
الْبَادِيَة.
قَالَ: وَالربيع الأوَّل الَّذِي هُوَ الخريف عِنْد الْفرس يدْخل
لثَلَاثَة أَيَّام من أيلُول. قَالَ وَيدخل الشتَاء لثَلَاثَة أَيَّام
من كانون الأول، قَالَ: وَيدخل الصَّيف الَّذِي هُوَ الرّبيع عِنْد
الفُرس لخمسة أَيَّام تَخْلُو من آذار، وَيدخل القيظ الَّذِي هُوَ صيف
عِنْد الْفرس لأربعة أَيَّام تَخْلُو من حَزِيران.
قَالَ أَبُو يحيى: وربيع أهل الْعرَاق مُوَافق لربيع الفُرْس، وَهُوَ
الَّذِي يكون بعد الشتَاء. وَهُوَ زمَان الوَرْد، وَهو أعدل الآوِنة،
وَفيه تُقْطَع العُرُوق، وَيُشرب الدوَاء.
قَالَ: وَأهل الْعرَاق يُمطَرون فِي الشتَاء كُله، وَيُخصِبون فِي
الرّبيع الَّذِي يَتْلُو الشتَاء، وَأما أهل الْيمن فَإِنَّهُم
يُمطَرون فِي القَيْظ وَيُخْصبون فِي الخريف الَّذِي يسمّيه الْعَرَب
الرّبيع الأول.
قلت: وَسمعت الْعَرَب تَقول لأوّل مطر يَقع بِالْأَرْضِ أَيَّام
الخريف: ربيع، وَيَقُولُونَ: إِذا وَقع ربيع بِالْأَرْضِ بعثنَا الرواد
وانتجعنا مساقط الْغَيْث. وسمعتهم يَقُولُونَ للنخيل إِذا خُرِفت
وصُرمت: قد تربَّعت النخيلُ، وَإِنَّمَا سمّي فصل الخريف خَرِيفًا
لِأَن الثِّمَار تُخترَف فِيهِ، وسمته الْعَرَب ربيعاً لوُقُوع أول
الْمَطَر فِيهِ. وَيُقَال للفَصِيل الَّذِي يُنْتَج فِي أول النِّتَاج:
رُبَع
(2/225)
وَجمعه رباع. وَمِنْه قَول الراجز:
وعلبة نازعتها رِبَاعي
سُمِّي رُبعاً لِأَنَّهُ إِذا مَشَى ارْتَفع ورَبَع أَي وَسَّع خَطْوه
وعَدَا. ورِبْعِيّ كل شَيْء: أَوله: رِبْعيّ الشَّبَاب ورِبْعِيّ
النِّتَاج. يُقَال سَقْب رِبْعيّ، وسِقاب رِبْعِيَّة: وُلِدت فِي أول
النِتاج. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَلكنهَا كَانَت نوى أجنبيَّة
توالي ربِعيّ السقاب فأصحبا
هَكَذَا سَمِعت الْعَرَب تنشِده. وفسّروا لي توالي السقاب أَنه من
الْمُوَالَاة، وَهُوَ تَمْيِيز شَيْء من شَيْء، يُقَال: والينا
الفِصْلان عَن أمّهاتها فتوالت، أَي فصلناها عَنْهَا عِنْد تَمام
الْحول. ويشتد الْمُوَالَاة وَيكثر حَنِينها فِي أثر أمّهاتها،
ويُتَّخذ لَهَا خَنْدق تحبس فِيهَا، وتُسَرَّح الْأُمَّهَات فِي وَجه
من مراتعها. فَإِذا تَبَاعَدت عَن أَوْلَادهَا سُرِّحت الْأَوْلَاد فِي
جِهَة غير جِهَة الأمَّهات فترعى وَحدهَا فتستمرّ على ذَلِك وتُصْحِب
بعد أَيَّام. أخبر الْأَعْشَى أَن نَوَى صاحبتِه اشتدَّت عَلَيْهِ
فحنَّ إِلَيْهَا حَنينَ رِبْعيّ السقاب إِذا وُولي عَن أمّه، وَأخْبر
أَن هَذَا الفَصيل يستمرّ على الْمُوَالَاة ويُصحِب، وَأَنه دَامَ على
حنينه الأول وتمَّ عَلَيْهِ وَلم يُصحب إصحاب السَقْب. وَإِنَّمَا فسرت
هَذَا الْبَيْت لِأَن الروَاة لمَّا أشكل عَلَيْهِم مَعْنَاهُ تخبّطوا
فِي استخراجه وخلّطوا وَلم يعرفوا مِنْهُ مَا يَعرف مَن شَاهد الْقَوْم
فِي باديتهم، وَالْعرب تَقول: لَو ذهبت تُرِيدُ وِلاء ضَبَّة من تَمِيم
لتعذَّر عَلَيْك مُوَالَاتهمْ مِنْهُم لاختلاط أنسابهم. وَقَالَ
الشَّاعِر:
وَكُنَّا خُلَيطى فِي الْجمال فَأَصْبَحت
جِمالي تُوالَى وُلَّهاً من جمالِكِ
تُوالى أَي تُمَيَّز مِنْهَا. وَجَاء فِي دُعَاء الاسْتِسْقَاء: (اسقنا
غيثاً مَرِيعاً مُرْبِعاً) . فالمَريع: المُخْصِب الناجع فِي المَال.
والمُرْبِع: المُغْني عَن الارتياد لعمومه وَأَن النَّاس يربعون حَيْثُ
كَانُوا فيقيمون للخِصْب العامّ. وَقَالَ ابْن المظفر: يُقَال: أَرْبعت
الناقةُ إِذا استغلق رحمُها فَلم تَقبل المَاء. ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن
الفرّاء: يُجمع ربيع الْكلأ وربيع الشُّهُور أَرْبِعة. وَيجمع ربيع
النَّهر أَرْبِعاء. قَالَ: وَالْعرب تذكر الشُّهُور كلهَا مجرَّدة
إِلَّا شَهْري ربيع وَشهر رَمَضَان. وَفِي الحَدِيث فِي الْمُزَارعَة
قَالَ: (وَيشْتَرط مَا سَقَى الرَبيع) يُرِيد النَّهر، وَهُوَ السَعِيد
أَيْضا. أَبُو عبيد عَن الفرّاء: النَّاس على سَكَناتهم ونَزَلاتهم
ورِبَاعتهم ورَبَعاتهم يَعْنِي على استقامتهم. وَقَالَ الأصمعيّ:
يُقَال: مَا فِي بني فلَان أحد يُغْني رِبَاعتُه غير فلَان كَأَنَّهُ
أمره وشأنه الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ.
قَالَ الأخطل:
مَا فِي معدّ فَتى يُغني رِبَاعَتُه
إِذا يهمّ بِأَمْر صَالح فَعَلا
اللِّحيانيّ: قعد فلَان الأُرْبَعاء والأَرْبُعَاوَى أَي متربّعاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الْخَيل تُثْنِي وتُرْبِعُ
وتُقْرِح، وَالْإِبِل تُثْني وتُرْبِع وتُسْدِس وتبزُل، وَالْغنم تُثني
وتُربِعُ وتُسْدِس وتَصْلُغ. قَالَ وَيُقَال للْفرس إِذا استتمَّ
سنتَيْن: جَذَع. فَإِذا استتمّ الثَّالِثَة فَهُوَ ثَنِيّ، وَذَلِكَ
عِنْد إلقائه رواضعه. فَإِذا استتمّ الرَّابِعَة فَهُوَ رَبَاعٍ.
قَالَ: أثنى إِذا
(2/226)
سَقَطت رواضعه وَنبت مَكَانَهُ سِنّ. فنبات
تِلْكَ السِنِّ هُوَ الإثناء. ثمَّ تسْقط الَّتِي تَلِيهَا عِنْد
إرباعه فَهِيَ رَبَاعِيته فتنبت مَكَانهَا سِنّ فَهُوَ رَبَاعٌ والجميع
رُبْع وَأكْثر الْكَلَام رَبَع وأرباع. فَإِذا حَان قُرُوحه سقط
الَّذِي يَلِي رباعيته فينبت مَكَانَهُ قارِحُه وَهُوَ نابه، وَلَيْسَ
بعد القروح سُقُوط سنّ وَلَا نَبَات سنّ. وَقَالَ غَيره: إِذا طعن
الْبَعِير فِي السّنة الْخَامِسَة فَهُوَ جَذَع، فَإِذا طَعَن فِي
السَّادِسَة فَهُوَ ثَنِيّ، فَإِذا طَعَن فِي السَّابِعَة فَهُوَ
رَبَاعٍ، وَالْأُنْثَى رَبَاعية فَإِذا طعن فِي الثَّامِنَة فَهُوَ
سدوس وسدِيس، فَإِذا طعن فِي التَّاسِعَة فَهُوَ بازل. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: تُجْذِع العَنَاق لسنة وتُثْني لتَمام سنتَيْن، وَهِي
رَبَاعية لتَمام ثَلَاث سِنِين وسَدَس لتَمام أَربع سِنِين صالغ لتَمام
خمس سِنِين. وَقَالَ أَبُو فَقْعس الأسَديّ: وَلَد الْبَقَرَة أوَّلَ
سنة تبِيع، ثمَّ جَذَع، ثمَّ ثنِيّ، ثمَّ رباعٍ، ثمَّ سَدَس، ثمَّ
صالغ. وَهُوَ أقْصَى أسنانِه، روى ذَلِك أَبُو عبيد عَنهُ. وَقَالَ
الأصمعيّ: للْإنْسَان من فَوق ثَنيَّتان ورباعِيتان بعدهمَا ونابان
وضاحكان وَسِتَّة أرحاء من كل جَانب وناجِذان وَكَذَلِكَ من أَسْفَل.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لكل خُفّ وظِلْف ثنيَّتان من أَسْفَل فَقَط.
وأمّا الْحَافِر والسِبَاع كلهَا فلهَا أَربع ثنايا. وللحافر بعد
الثنايا أَربع رَباعِيات وَأَرْبَعَة قوارح وَأَرْبَعَة أَنْيَاب
وَثَمَانِية أضراس. اللَّيْث: يَوْم الْأَرْبَعَاء بِكَسْر الْبَاء
مَمْدُود. وَمِنْهُم من يَقُول: أربَعاء بِنصب الْبَاء، وأربعاوان
وأَرْبعاوات، حمل على قِيَاس قصباء وَمَا أشبههَا. وَمن قَالَ:
أَرْبِعاء حمله على أسعِداء. وَيُقَال: رُبِعت الأَرْض فَهِيَ مربوعة
إِذا أَصَابَهَا مطر الرّبيع. وَأنْشد غَيره:
بأفنان مَرْبُوع الصَرِيمة مُعْبِل
قَالَ: والربيعة: بَيْضة السِّلَاح. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن
الْأَعرَابِي ومرابيع النُّجُوم: الَّتِي يكون بهَا الْمَطَر فِي أول
الأنواء. وَقَالَ أَبُو زيد: استربع الرملُ إِذا تراكم فارتفع.
وَأنْشد:
مستربع من عَجَاج الصَّيف منخول
ابْن السّكيت: ربيع رَابِع إِذا كَانَ مُخْصِباً. واستربع البعيرُ
للسَيْر إِذا قَوِي عَلَيْهِ. وَرجل مستربع بِعَمَلِهِ أَي مستقِل بِهِ
قويّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
مستربع بسُرَى الموماة هيَّاج
وَأما قَول صَخْر:
كريم الثنا مستربع كل حَاسِد
فَمَعْنَاه: أَنه يَحمل حسده وَيقدر عَلَيْهِ. وَهَذَا كُله من رَبْع
الْحجر وإشالته. وتربعت النَّاقة سَنَاماً طَويلا أَي حَملته: وَأما
قَول أبي وجزة:
حَتَّى إِذا مَا إيالات جرت بُرُحاً
وَقد رَبَعن الشَوَى من ماطرٍ ماج
فَإِن معنى رَبَعن: أَمْطَرن من قَوْلك: ربُعنا أَي أَصَابَنَا مطر
الرّبيع. وَأَرَادَ بقوله: (من ماطر) أَي من عَرَق (ماج) : مِلْح.
يَقُول: أمْطرت قوائمهن من عرقهنّ. والمرتَبِع من الدوابّ: الَّذِي رعى
الرّبيع فسمِن ونشِط، وَيُقَال: تربّعنا الحَزْن والصَمَّان أَي رعينا
بقُولها فِي الشتَاء. وتربت الإبلُ بمَكَان
(2/227)
كَذَا أَي أَقَامَت بِهِ وأنشدني أعرابيّ:
تربَّعت تَحت السُمِيّ الغُيَّمِ
فِي بلد عافى الرياض مُبْهِم
عافى الرياض أَي رياضه عَافِيَة لم تُرع. مُبْهِم: كثير البُهْمَى.
وأمّا قَول الشَّاعِر:
يداك يَد ربيع النَّاس فِيهَا
وَفِي الْأُخْرَى الشُّهُور من الْحَرَام
فَإِنَّهُ أَرَادَ أَن خصِب النَّاس فِي إِحْدَى يَدَيْهِ لِأَنَّهُ
يَنْعَش النَّاس بسَيْبه، وَأَن فِي يَده الْأُخْرَى الْأَمْن والحِيطة
ورَعْي الذِمام. وأمّا قَول الفرزدق:
أظنّك مفجوعاً برُبْع مُنَافِق
تلبّسَ أَثوَاب الْخِيَانَة والغَدْر
فَإِنَّهُ أَرَادَ أَن يَمِينه تقطع فَيذْهب ربع أَطْرَافه
الْأَرْبَعَة. وَأما قَول الجعديّ:
وَحَائِل بازل تربَّعت الصي
ف طويلَ العِفاء كالأُطُم
فَإِنَّهُ نصب الصَّيف لِأَنَّهُ جعله ظرفا، أَي تربَّعت فِي الصَّيف
سَنَاماً طَوِيل العَفَاء أَي حملتْه، فَكَأَنَّهُ قَالَ: تربَّعت
سَنَاماً طَويلا كثير الشَّحْم. وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول لبيد
يصف الْغَيْث:
كأنَّ فِيهِ لما ارتفقْتُ لَهُ
رَيْطاً ومِرْباع غانِم لَجَبا
قَالَ: ذكر السَّحَاب. والارتفاق: الاتّكاء على الْمرْفق. يَقُول:
اتكأت على مَرْفِقي أشيمه وَلَا أَنَام. شبَّه تَبوُّج البَرْق فِيهِ
بالرَيْط الْأَبْيَض. والرَيْطة: مُلاءة لَيست بملفَّقة. وَأَرَادَ
بمرباع غَانِم صوب رَعْده. شبَّهه بمرباع صَاحب الجَيش إِذا عُزِل لَهُ
رُبع النَّهْب من الْإِبِل فتحانَّت عِنْد الْمُوَالَاة، فشبَّه صَوت
الرَّعْد فِيهِ بحنينها. قَالَ: وَفِي بني عُقَيل رَبِيعتان: رَبِيعة
بن عُقَيل، وَهُوَ أَبُو الخُلَعاء، وَرَبِيعَة بن عَامر بن عُقَيل،
وَهُوَ أَبُو الأبرص وقُحافة وعَرْعَرة وقُرّة. وهما ينسبان:
الرِبيعيِّينِ. وَيُقَال لولد النَّاقة يُنْتَج فِي أول النِّتَاج:
رُبَع، وَالْأُنْثَى رُبَعة. والجميع رِبَاع. وَإِذا نسب إِلَيْهِ
فَهُوَ رُبَعيّ. وَإِذا نسب إِلَى الرّبيع قيل: ربيعيّ. وَإِذا نسب
إِلَى ربيعةِ الفَرس فَهُوَ رَبعيّ. واليرابيع: جمع اليَرْبوع. وترابيع
الْمَتْن: لَحْمه، وَلم أسمع لَهَا بِوَاحِد. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ:
الربَّاع: الْكثير شِرَى الرباع وَهِي الْمنَازل. قَالَ: والرَبِيعة:
الرَّوْضَة. والربيعة: المزادة. والربيعة بَيْضَة الْحَرْب.
والرَبِيعة: العَتِيدة. والرَبِيعَة: الحَجَر الَّذِي يشال.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي قَول الشَّاعِر:
فوه ربيع وكفُّه قَدَح
وبطنه حِين يتّكي شَرَبَهْ
يَسَّاقط النَّاس حوله مَرضا
وَهُوَ صَحِيح مَا إِن بِهِ قَلَبَهْ
أَرَادَ بقوله: فوه ربيع أَي نهر لِكَثْرَة شربه وَجمعه أربِعاء.
وَمِنْه الحَدِيث: إِنَّهُم كَانُوا يُكْرون الأَرْض بِمَا ينْبت على
الْأَرْبَعَاء. وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: بَيت
أُرْبَعاواء على أفعلاواء، وَهُوَ الْبَيْت على طريقتين وَثَلَاث
وَأَرْبع وَطَرِيقَة وَاحِدَة، فَمَا كَانَ على طَريقَة فَهُوَ خِبَاء،
وَمَا زَاد على طَريقَة فَهُوَ بَيت. والطريقة: الْعمد الْوَاحِد، وكل
عَمُود طَريقَة وَمَا كَانَ
(2/228)
بَين عمودين فَهُوَ مَتْن.
بعر: البَعْر لكلّ ذِي ظِلْف وَلكُل ذِي خُفّ من الْإِبِل وَالشَّاء
وبَقَر الْوَحْش والظباء، مَا خلا الْبَقر الأهلي فَإِنَّهَا تَخْثِي،
وَهُوَ خِثْيها. والأرانب تَبْعَر أَيْضا. والمِبعار: الشَّاة والناقة
تباعِر حالبها، وَهُوَ البِعار، ويُعدّ عَيْبا؛ لِأَنَّهَا رُبمَا
أَلْقَت بَعَرها فِي المِخْلَب. ومباعر الشَّاء وَالْإِبِل: حَيْثُ
تُلقى البَعَر مَنه، وَاحِدهَا مَبْعَر. الْأَصْمَعِي: الْبَعِير من
الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْإِنْسَان: يَقع على الْجمل والناقة إِذا
أجْذَعا. يُقَال: رَأَيْت بَعِيرًا، وَلَا تبالي ذكرا كَانَ أَو
أُنْثَى، وَيجمع الْبَعِير أَبْعِرَة فِي الْجمع الأقلّ، ثمَّ أباعر
وبُعراناً. وَبَنُو تَمِيم يَقُولُونَ: بِعير، بِكَسْر الْبَاء.
وشِعير، وَسَائِر الْعَرَب يَقُولُونَ: بَعير، وَهُوَ أفْصح
اللغَتَيْن. وَيجمع البعر أبعاراً. وَهِي البَعْرة الْوَاحِدَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُعَيرة: تَصْغِير البَعْرة وَهِي
الغَضْبة فِي الله عزّ وجلّ. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَعَر: الفَقْر
التامّ الدَّائِم. وَقَالَ ابْن هانىء: من أمثالهم: أَنْت كصاحب
البَعْرة. وَكَانَ من حَدِيثه أَن رجلا كَانَت لَهُ ظِنَّة فِي قومه
فَجَمعهُمْ ليستبرئهم وَأخذ بَعْرة، فَقَالَ: إِنِّي رام ببعرتي هَذِه
صَاحب ظِنَّتي. فجفَل لَهَا أحدهم وَقَالَ: لَا ترمني بهَا، فأقرَّ على
نَفسه، فَذَهَبت مثلا. يُقَال عَنهُ المَزْرِبة على مَن أقرَّ على
نَفسه.
عبر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}
(يُوسُف: 43) سَمِعت المنذريّ يَقُول: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول:
العابر: الَّذِي ينظر فِي الْكتاب فيعبُره أَي يعْتَبر بعضه بِبَعْض
حَتَّى يَقع فهمُه عَلَيْهِ. وَلذَلِك قيل: عَبَر الرُّؤْيَا، وَاعْتبر
فلَان كَذَا. وَقَالَ غَيره: أُخذ هَذَا كُله من العِبْر وَهُوَ جَانب
النَّهر. وَفُلَان فِي ذَلِك العِبر أَي فِي ذَلِك الْجَانِب. وعبرت
النَّهر وَالطَّرِيق عُبُوراً إِذا قطعته من هَذَا الْجَانِب إِلَى
ذَلِك الْجَانِب، فَقيل لعابر الرُّؤْيَا: عَابِر لِأَنَّهُ يتأمَّل
ناحتي الرُّؤْيَا فيتفكر فِي أطرافها ويتدبّر كلّ شَيْء مِنْهَا ويَمضي
بفكره فِيهَا من أول مَا رأى النَّائِم إِلَى آخر مَا رأى. وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى فِي قَول الله جلّ ذكره: {إِن كُنتُمْ
لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} : دخلت اللَّام فِي قَوْله: {لِلرُّؤْيَا
تَعْبُرُونَ} : لِأَنَّهُ أَرَادَ: إِن كُنْتُم للرؤيا عابرين وَإِن
كُنْتُم عابرين الرُّؤْيَا، وتسمَّى هَذِه اللَّام لَام التعقيب
لِأَنَّهَا عقَّبت الْإِضَافَة. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: عَبَرت
النَّهر وَالطَّرِيق عُبُوراً، وعَبَرت الرُّؤْيَا عَبْراً وعِبارة.
واستعْبرتُ فلَانا رُؤْيَايَ، وعَبَرت الْكتاب أعبُره عَبْرا إِذا
تدبّرته فِي نَفسك وَلم ترفع بِهِ صَوْتك. ورُوي عَن أبي رَزِين
العُقَيلي أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
(الرُّؤْيَا على رِجْل طَائِر، فَإِذا عُبِّرت وَقعت، فَلَا تقصّها
إِلَّا على وادّ أَو ذِي رَأْي) . قَالَ الزّجاج: إِنَّمَا قَالَ: لَا
تقصّها إِلَّا على وادّ أَو ذِي رَأْي لِأَن الوادّ لَا يجب أَن
يستقبلك فِي تَفْسِيرهَا إِلَّا بِمَا تحبّ. وَإِن لم يكن عَالما
بالعبارة لم يَعْجَل لَك بِمَا يَغُمّك، لَا أَن تَعْبِيره يزيلها
عمَّا جعلهَا الله عَلَيْهِ. وَأما ذُو الرَّأْي فَمَعْنَاه: ذُو
الْعلم بعبارتها، فَهُوَ يُخْبِرك بِحَقِيقَة تَفْسِيرهَا، أَو بأقرب
مَا يُعلمهُ مِنْهَا. وَلَعَلَّه أَن يكون فِي تَفْسِيرهَا
(2/229)
موعظة ترْدعك عَن قَبِيح أَنْت عَلَيْهِ،
أَو يكون فِيهَا بُشرى، فتحمد الله على النِّعْمَة فِيهَا. وَقَالَ
الله عزّ وجلّ: {الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُواْ ياأُوْلِى} (الحَشر: 2)
أَي تدبّروا وانظروا فِيمَا نزل بُقريظة والنَضِير، فقايسوا أفعالهم
واتّعِظوا بِالْعَذَابِ الَّذِي نزل بهم. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال:
عَبِر الرجلُ يَعْبر عَبَراً إِذا حزِن. وفَلان عُبْر أسفار إِذا كَانَ
قَوِيا على السّفر. والعُبْر أَيْضا: الْكثير فِي كل شَيْء. وَرَأى
فلَان عُبْر عينه فِي ذَلِك الْأَمر مَا يُسْخِنُ عَيْنه. ثَعْلَب عَن
ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُبْر من النَّاس: القُلْف، واحدهم عَبُور.
والعُبْر: السحائب الَّتِي تسير سَيْراً شَدِيدا. والعُبْر: الثَكْلى.
والعَبْر: النَّاقة القويَّة على السَفَر. والعُبْر: الْبكاء بالحزن،
يُقَال: لأمّه العُبْر والعَبَر. قَالَ: والعِبَار: الْإِبِل القويّة
على السّير، يُقَال للناقة هِيَ عُبْر سَفَر.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أعبرت الْغنم إِذا تركتَها عَاما لَا
تجزُّها. وَغُلَام مُعْبَر إِذا كَاد أَن يَحْتَلِم وَلم يُخْتَن.
وناقة عِبْر أسفار: تُقطع الْأَسْفَار عَلَيْهَا بِالْكَسْرِ.
أَبُو عُبَيْدَة: العَبِير عِنْد أهل الْجَاهِلِيَّة: الزَّعْفَرَان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَبِيرة: الزعفرانة.
وَقَالَ اللَّيْث: العَبِير: ضرب من الطّيب قَالَ: والمَعْبَر: شطّ نهر
هُوَ للعبور. والمِعْبرة: سفينة يعبَر عَلَيْهَا النَّهر. وعبّر فلَان
عَن فلَان تعبيراً إِذا عَيّ بحجَّته فَتكلم عَنهُ بهَا. قَالَ:
وعبَّرت الدَّنَانِير تعبيراً إِذا وزنتها دِينَارا دِينَارا. وأمَّا
قَول الله جلّ وعزّ: {وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِى سَبِيلٍ}
فَمَعْنَاه: إِلَّا (النِّساء: 43) مسافرين؛ لِأَن الْمُسَافِر قد
يُعوزه المَاء. وَقيل: إِلَّا مارين فِي الْمَسْجِد غير مريدين
الصَّلَاة. وَقَالَ اللَّيْث: العِبْرة: الِاعْتِبَار بِمَا مضى.
والشعرى العَبُور، وهما شعريان. إِحْدَاهمَا الغُمَيضاء، وَهُوَ أحد
كوكبي الذراعين. وأمَّا العَبُور فَهِيَ مَعَ الجوزاء تكون نيّرة.
سمّيت عُبُوراً لِأَنَّهَا عَبَرت المَجَرَّة وَهِي شأمية. وتزعم
الْعَرَب أَن الْأُخْرَى بَكت على أَثَرهَا حَتَّى غمِصَت فسمّيت
الغُمَيصاء. وَقَالَ اللَّيْث: عَبْرة الدمع: جَرْيه. قَالَ: والدمع
نَفسه يُقَال لَهُ: عَبْرة. وَمِنْه قَوْله:
وَإِن شفائي عَبْرة إِن سفَحتها
وَرجل عَبْران وَامْرَأَة عَبْرى إِذا كَانَا حزينين. أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ: من أمثالهم فِي عناية الرجل بأَخيه وإيثاره إيَّاه على نَفسه
قَوْله: لَك مَا أبْكِي وَلَا عَبْرة بِي، يضْرب مثَلاً للرجل يشتدّ
اهتمامه بشأن أَخِيه. وَيُقَال: عبّر بفلان هَذَا الأمرُ إِذا اشتدّ
عَلَيْهِ. وَمِنْه قَول الهذليّ:
مَا أَنا والسيرَ فِي مَتْلف
يعبّر بِالذكر الضَّابِط
وَيُقَال: عَبَر فلَان إِذا مَاتَ فَهُوَ عَابِر، كَأَنَّهُ عبر سَبِيل
الْحَيَاة. وَأنْشد أَبُو الْعَبَّاس:
فَإِن نَعْبُر فَإِن لنا لُماتٍ
وَإِن نغبُر فَنحْن على نذور
سَلمة عَن الْفراء: العَبَر: الِاعْتِبَار. وَالْعرب تَقول: اللَّهُمَّ
اجْعَلْنَا ممَّن يعبَر الدُّنْيَا وَلَا يعبُرها أَي ممّن يعْتَبر
بهَا
(2/230)
وَلَا يَمُوت سَرِيعا حَتَّى يرضيك
بِالطَّاعَةِ. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال فِي الْكَلَام: لقد أسرعت
استعبارك الدَّرَاهِم أَي استخراجك إيّاها. وَيُقَال: عَبَرت الطير
أعبُرها وأعبِرها إِذا زجرتها. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عبرت متاعي أَي
باعدته. والوادي يعبر السَيْل عَنَّا أَي يباعده. أَبُو الْعَبَّاس عَن
ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَبَّار: الجَمَل القويّ على السّير.
والمُعْبَر: التَيس الَّذِي تُرك عَلَيْهِ شعره سنواتٍ فَلم يُجَزّ.
وَقَالَ بِشْر بن أبي خازم:
جَزيز الْقَفَا شبعان يربض حَجْرَةً
حَدِيث الخصاء وارم العَفْل مُعْبَرُ
وَقَالَ اللحياني: العَبُور من الْغنم: فَوق الْعَظِيم من إناث الْغنم.
يُقَال: لي نعجتان وَثَلَاث عبائر. وَغُلَام مُعْبَر إِذا كبر وَلم
يُخْتن. وَإنَّهُ لينْظر إِلَى عَبَر عينه إِذا كَانَ ينظر إِلَى مَا
يُعْبِر عينه أَي يُسْخِنها. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العُبْريّ من
السِدْر: مَا كَانَ على شطوط الْأَنْهَار. وَقَالَ اللحياني العُمْريّ
والعُبْريّ من السِدر الَّذِي يَشرب من الْمِيَاه. قَالَ: وَالَّذِي
لَا يشرب من الْمِيَاه وَيكون بَرّيّاً يُقَال لَهُ الضال. وروى ابْن
هانىء عَن أبي زيد: يُقَال للسِدْر وَمَا عظم من العوسج: العُبْرِيّ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: العُبْريّ والعُمْريّ: الْقَدِيم من السِدْر.
(بَاب الْعين وَالرَّاء مَعَ الْمِيم)
ع ر م
عمر، عرم، رمع، رعم، مرع، معر: مستعملات.
عمر: قَالَ الله جلّ وعزّ فِي كِتَابه الْمنزل عَلَيْهِ: {لَعَمْرُكَ
إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} (الحِجر: 72) رَوَى أَبُو
الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَعَمْرُكَ} يَقُول: بحياتك.
قَالَ: وَمَا أقسم الله تَعَالَى بحياة أحد إلاّ بحياة النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبر المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ:
النحويون يُنكرُونَ هَذَا، وَيَقُولُونَ: معنى {لَعَمْرُكَ} : لَدِينُك
الَّذِي تعمر. وَأنْشد:
أَيهَا المنكح الثريا سهيلاً
عَمْرَكَ الله كَيفَ يَلْتَقِيَانِ
قَالَ: عَمْرَك الله أَي عبادتك الله، فنصب. وَأنْشد:
عمركِ الله سَاعَة حدثينا
وذرِينا من قَول مَن يؤذينا
فأوقع الْفِعْل على اللهَ فِي قَوْله: عَمْرَك الله. قَالَ: وَتدْخل
اللَّام فِي (لعمرك) ، فَإِذا أدخلتها رفعت بهَا فَقلت: لَعَمْرُك،
ولعمر أَبِيك. قَالَ: فَإِذا قلت: لعمر أَبِيك الْخَيْر نصبت الْخَيْر
وخفضت فَمن نصب أَرَادَ أَن أَبَاك عَمرَ الْخَيْر يَعْمُره عَمْراً
وَعمارَة، وَنصب الْخَيْر بِوُقُوع العَمْر عَلَيْهِ، ومَنْ خفض
الْخَيْر جعله نعتاً لأَبِيك. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: عَمْرَك الله،
لَا أفعل ذَاك نَصَب على معنى: عمَّرتك الله أَي سَأَلت الله أَن
يعمّرك، كَأَنَّهُ قَالَ: عمَّرت الله إياك. قَالَ: وَيُقَال:
بِأَنَّهُ يَمِين بِغَيْر وَاو.
وَقد يكون عَمْرَ اللهِ، وَهُوَ قَبِيح قَالَ: والعَمْر والعُمر
وَاحِد. وسمّي الرجل عَمْراً تفاؤلاً أَن يبْقى. وعَمْرَك الله مثل
ناشدتك الله.
(2/231)
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَأَلت الفرّاء لِمَ
ارْتَفع {لَعَمْرُكَ} (الْحجر: 72) فَقَالَ: على إِضْمَار قسم ثَان،
كَأَنَّهُ قَالَ: وعَمْرِك فلعمرُك عَظِيم، وَكَذَلِكَ لحياتك مثله.
قَالَ: وصدَّقَه الْأَحْمَر وَقَالَ: الدَّلِيل على ذَلِك قَول الله
جلّ وعزّ: {اللَّهُ لَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ} (النِّساء: 87)
كَأَنَّهُ أَرَادَ: وَالله ليجمعنّكم فأضمر القَسَم. وَقَالَ أَبُو
الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {لَعَمْرُكَ
إِنَّهُمْ} : وعَيْشِك وَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ العُمْرُ.
وَقَالَ أهل الْبَصْرَة: أضمر لَهُ مَا يرفعهُ: لعمرك المحلوفُ بِهِ.
قَالَ الفرّاء: الأَيمان يرفعها جواباتها: وَقَالَ: إِذا أدخلُوا
اللَّام رفعوا. وَقَالَ المبرّد فِي قَوْلك: عَمْرَ الله: إِن شِئْت
جعلت نَصبه بِفعل أضمرته، وَإِن شِئْت نصبته بواو حذفته: وعَمْرِكَ
الله. وَإِن شِئْت كَانَ على قَوْلك: عمّرتك الله تعميراً، ونشدتُك
الله نَشْداً، ثمَّ وضعت عمرك فِي مَوضِع التَّعْمِير وَأنْشد فِيهِ:
عَمْرتُكِ الله إلاّ مَا ذكرتِ لنا
هَل كنتِ جارتنا أَيَّام ذِي سَلَم
يُرِيد: ذكّرتك. وَقَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: لعمرك، تَحْلِيف
بعُمر المخاطَب. قَالَ: وَقد نُهي عَن أَن يُقَال: لعمر الله. قَالَ:
وَفِي لُغَة لَهُم: رَعَمْلُك يُرِيدُونَ: لعمرك. قَالَ: وَتقول:
إِنَّك عمري لظريف. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرّانيّ عَن ابْن
السكّيت قَالَ: يُقَال: لعمرك ولعمر أَبِيك ولعمر الله مَرْفُوعَة.
قَالَ: والعَمْر والعُمْر لُغَتَانِ فصيحتان، يُقَال: قد طَال عَمْره
وعُمره؛ فَإِذا أَقْسمُوا فَقَالُوا: لعَمرك وعمرِك وعمري فتحُوا
الْعين لَا غير. قَالَ: وأمَّا قَول ابْن أَحْمَر:
ذهب الشَّبَاب وأَخلف العَمْر
فَيُقَال: إِنَّه أَرَادَ العُمر، وَيُقَال: أَرَادَ بالعَمْر الواحدَ
من عمور الْأَسْنَان وَبَين كل سِنَّين لحم متدلَ يسمّى العَمْر وَجمعه
عُمُور. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه
قَالَ: عَمَرت ربّي أَي عبدته. وَفُلَان عَامر لربّه أَي عَابِد.
قَالَ: وَيُقَال: تركت فلَانا يعمُر ربَّه أَي يعبده. وَقَالَ الله جلّ
وعزّ: {هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الاَْرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}
(هُود: 61) أَي أذِن لكم فِي عمارتها واستخراج قُوتكم مِنْهَا. وَقَوله
جلّ وعزّ: {إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ
يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ} (فَاطِر: 11) وفُسّر على وَجْهَيْن:
قَالَ الفرّاء: مَا يطوَّل من عمر من عمر معمَّر وَلَا يُنقص من عُمره
يُرِيد آخر غير الأول، ثمَّ كنّى بِالْهَاءِ كَأَنَّهُ الأول. وَمثله
فِي الْكَلَام: عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه، الْمَعْنى: وَنصف آخر، فَجَاز
أَن يَقُول: نصفه؛ لِأَن لفظ الثَّانِي قد يُظهر كَلَفْظِ الأول، فكنى
عَنهُ كنايةَ الأول. قَالَ: وفيهَا قَول آخر: {إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا
يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ} يَقُول: إِذا أَتَى عَلَيْهِ
اللَّيْل وَالنَّهَار ونقَصا من عمره. وَالْهَاء فِي هَذَا الْمَعْنى
للْأولِ لَا لغيره؛ لِأَن الْمَعْنى: مَا يطوَّل وَلَا يذهب مِنْهُ
شَيْء إلاَّ وَهُوَ مُحْصًى فِي كتاب، وكلٌّ حسن، وَكَأن الأوّل أشبه
بِالصَّوَابِ، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس، وَالثَّانِي قَول سعيد بن
جُبَير. وَقَالَ
(2/232)
الله جلّ وعزّ: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (البَقَرَة: 196) وَالْفرق بَين الحجّ
وَالْعمْرَة أَن الْعمرَة تكون فِي السّنة كلهَا، والحجّ لَا يجوز أَن
يُحْرَم بِهِ إلاّ فِي أشهر الحجّ: شوّال وَذي الْقعدَة وعَشْر من ذِي
الحجَّة. وَتَمام الْعمرَة أَن يطوف بِالْبَيْتِ وَيسْعَى بَين
الصَّفَا والمرة، والحجّ لَا يكون إِلَّا مَعَ الْوُقُوف بِعَرَفَة
يَوْم عَرَفَة. وَالْعمْرَة مَأْخُوذَة من الاعتمار وَهُوَ
الزِّيَارَة. يُقَال: أَتَانَا فلَان مُعْتَمِرًا أَي زَائِرًا.
وَمِنْه قَوْله:
وراكبٌ جَاءَ من تَثْليث معتمرُ
وَيُقَال الاعتمار: الْقَصْد، وَقَالَ:
لقد سما ابْن معمر حِين اعْتَمر
الْمَعْنى: حِين قصد مغزًى بَعيدا. وَقيل: إِنَّمَا قيل للمُحْرِم
بِالْعُمْرَةِ: معتمِر لِأَنَّهُ قصد لعمل فِي مَوضِع عَامر، فَلهَذَا
قيل: معتمِر. وَمَكَان عَامر: ذُو عمَارَة. وَيُقَال لساكن الدَّار:
عَامر والجميع عُمَّار.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الأصمعيّ: عَمِر الرجلُ يَعْمَر عَمَراً أَي
عَاشَ. وعَمَر فلَان بَيْتا يَعْمُره. وَأنْشد مُحَمَّد بن سَلاَّم
كلمة جرير:
لَئِن عَمِرَت تَيْم زَمَانا بِغِرّة
لقد حُدِيت تَيمٌ حُدَاء عَصَبْصَبا
وَقَالَ اللحياني: دَار معمورة: يسكنهَا الجِنّ. وَيُقَال عَمرَ مالُ
فلَان يَعْمَر إِذا كثر. وأتيت أَرض بني فلَان فأعمرتها أَي وَجدتهَا
عامرة. المَعْمَر: الَّذِي يُقَام بِهِ. وَقَالَ طرفَة:
يَا لكِ من قُبَّرة بمَعْمَر
وَقَالَ آخر:
يَبْغينك فِي الأَرْض مَعْمَرا
أَي منزلا. وَقَالَ اللَّيْث: العَمْر: ضرب من النّخل، وَهُوَ السَحُوق
الطَّوِيل.
قلت: غلِط اللَّيْث فِي تَفْسِير العَمْر، والعُمْر: نخل السُكّر
يُقَال لَهُ: العُمْر، وَهُوَ مَعْرُوف عِنْد أهل الْبَحْرين. وَأنْشد
الرياشيّ فِي صفة حَائِط نخل:
أَسْود كالليل تدجَّى أخضرُهْ
مخالط تعضوضُه وعُمُرُهْ
بَرْنيَّ عَيْدَانٍ قَلِيلا قَشَرُهْ
والعَضوض: ضرب من التَمر سَرِيّ. وَهُوَ من خير تُمْران هَجَر، أسود
عَذْب الْحَلَاوَة. والعُمْر: نخل السُكّر، سَحُوقاً كَانَ أَو غير
سَحوق. وَكَانَ الْخَلِيل بن أَحْمد من أعلم النَّاس بالنخيل وألوانه.
وَلَو كَانَ الْكتاب من تأليفه مَا فسّر الْعُمر هَذَا التَّفْسِير.
وَقد أكلت أَنا رُطَب العُمْر ورُطَب التعضوض وخَرَفتهما من صغَار
النّخل وعَيْدانها وجَبّارها. وَلَوْلَا الْمُشَاهدَة لَكُنْت أحد
المغترّين بالليث وخليلِه وَهُوَ لِسَانه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال رجل عَمَّار إِذا
كَانَ كثِير الصَّلَاة كثِير الصّيام. وَرجل عَمَّار مُوَقًّى
مَسْتُور، مَأْخُوذ من العَمَر وَهُوَ المِنديل أَو غَيره تغطِّي بِهِ
الحُرَّة رَأسهَا، وَرجل عمَّار وَهُوَ الرجل القويّ الْإِيمَان
الثَّابِت فِي أمره الثخين الوَرَع، مَأْخُوذ من العَمِير، وَهُوَ
الثَّوْب الصفيق النسِيج القويّ الغَزْلِ الصبور على الْعَمَل. قَالَ:
والعَمَّار الزيْن فِي الْمجَالِس مَأْخُوذ
(2/233)
من العَمْر وَهُوَ القُرْط والعَمّار:
الطيّب الثَّنَاء وَالطّيب الروائح مَأْخُوذ من العَمَار وَهُوَ الآس.
قَالَ: وعمَّار المجتمِع الْأَمر اللَّازِم للْجَمَاعَة الحِدِب على
السُّلْطَان مَأْخُوذ من العِمَارة وَهِي الْقَبِيلَة المجتمِعة على
رَأْي وَاحِد. قَالَ: وعمَّار: الرجل الْحَلِيم الوَقُور فِي كَلَامه
وفعاله، مَأْخُوذ من العَمارة، وَهِي الْعِمَامَة. وعَمَّار مَأْخُوذ
من العَمْر وَهُوَ الْبَقَاء، فَيكون بَاقِيا فِي إيمَانه وطاعته
وَقَائِمًا بِالْأَمر وَالنَّهْي إِلَى أَن يَمُوت قَالَ: وعَمَّار:
الرجل يجمع أهلَ بَيته وأصحابَه على أدب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَالْقِيَام بسُنّته، مَأْخُوذ من العَمَرات وَهِي اللَحَمات
الَّتِي تكون تَحت اللحِي، وَهِي النغانغ واللغاديد. وَهَذَا كُله
محكيّ عَن ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي أصل اللسَان عَمْرَتان. وَيُقَال
عُمَيميرتان، وهما عظمان صغيران فِي أصل اللِّسَان. والعَمِيرة:
كُوَّارة النَحْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال كَثِير بَثِير بَجِير عَمِير،
هَكَذَا قَالَ بِالْعينِ. قَالَ: والمعمور: المخدوم. وعمرت رَبِّي
وججَته أَي خدمْته. وَيُقَال للصنَبُع: أمُّ عَامر كَأَن وَلَدهَا
عَامر وَمِنْه قَول الْهُذلِيّ:
وَكم من وجار كَجيْب القمِيص
بِهِ عَامر وَبِه فُرْعُل
وَمن أمثالهم: خامِري أمّ عَامر، وَيضْرب مَثَلاً لمن يُخدع بلين
الْكَلَام. وَيُقَال: تركت الْقَوْم فِي عَوْمرة أَي فِي صياح وجَلَبة.
والعمَارة: الحَيّ الْعَظِيم تنفرد بظَعْنها وإقامتها ونُجْعتها.
وَهُوَ من الْإِنْسَان: الصَدْر، سمّي الحيّ الْعَظِيم عِمارة بعمارة
الصَّدْر، وَجَمعهَا عمائر.
وَمِنْه قَول جرير:
يجوس عمَارَة ويكفّ أُخْرَى
لنا حتّى نجاوزها دَلِيل
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا
تُعْمِروا وَلَا تُرقبوا، فَمن أُعْمِر دَارا أَو أُرْقِبها فَهِيَ
لَهُ ولورثته من بعده.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ العُمْرى والرقْبى. والعُمْرَى: أَن يَقُول
الرجل للرجل: دَاري هَذِه لَك عمرك أَو يَقُول: دَاري هَذِه لَك عمري،
فَإِذا قَالَ ذَلِك وسلَّمها إِلَيْهِ كَانَت للمعمَر وَلم ترجع إِلَى
المعمِر إِن مَاتَ.
وأمّا الرُقْبَى: فَأن يَقُول الَّذِي أرقبها: إِن متَّ قبلي رجعت
إليّ، وَإِن متُّ قبلك فَهِيَ لَك. وأصل الْعُمْرَى مَأْخُوذ من
العُمْر، وأصل الرقبى من المراقبة، فَأبْطل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم هَذِه الشُّرُوط وأمضى الْهِبَة. وَهَذَا الحَدِيث أصل لكلّ من
وهب هِبة فَشرط فِيهَا شرطا بعد مَا قبضهَا الْمَوْهُوب لَهُ: أَن
الهِبَة جَائِزَة وَالشّرط بَاطِل.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزَّ: {مَّنْشُورٍ
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} (الطّور: 4) : جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه
بَيت فِي السَّمَاء بِإِزَاءِ الْكَعْبَة، يدْخلهُ كلَّ يَوْم
سَبْعُونَ ألْفَ ملَكٍ يخرجُون مِنْهُ وَلَا يعودون إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العُبْريّ والعُمْريّ: السِدْر الَّذِي يَنْبت
على الْأَنْهَار ويَشرب المَاء.
(2/234)
وَقَالَ أَبُو العَمَيْثل الأعرابيّ:
العُبْريّ والعمريّ من السِدْر: القديمُ، على نهر كَانَ أَو غَيره.
قَالَ: والضال: الحَدِيث مِنْهُ.
وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
قطعت إِذا تجوّفت العواطي
ضروب السدر عُبريّاً وضالا
وَقَالَ: الظباء لَا تكنِس بالسدر النَّابِت على الْأَنْهَار.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير: القَوْل مَا قَالَ أَبُو العميثل،
واحتجّ هُوَ أَو غَيره بِحَدِيث مُحَمَّد بن مَسْلَمة ومَرْحَب. قَالَ
الرَّاوِي لحديثهما مَا رَأَيْت حَربًا بَين رجلَيْنِ قطّ علِمتها
مثلهَا. قَالَ كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه عِنْد شَجَرَة
عُمْريَّة، فَجعل كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يلوذ بهَا من صَاحبه. فَإِذا
استتر مِنْهَا بِشَيْء خَذَم صاحبُه مَا يَلِيهِ حَتَّى يخلُص
إِلَيْهِ، فَمَا زَالا يَتَخَذَّمانها بِالسَّيْفِ حَتَّى لم يبْق
فِيهَا غُصْن، وأفضى كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه، فِي حَدِيث
طَوِيل.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: العَمَار: كلّ شَيْء علا الرأسَ من
عِمَامَة أَو قلنسوة أَو غير ذَلِك. وَيُقَال للمعتّم: مُعتمِر.
وَقَالَ بَعضهم فِي قَول الْأَعْشَى:
... ورفعنا عمارا
أَي قُلْنَا لَهُ: عمّرك الله أَي حيَّاك الله.
وَقَالَ ابْن السّكيت: العامران فِي قيس: عَامر بن مَالك بن جَعْفَر،
وَهُوَ مُلاَعِب الأسِنَّة، وَهُوَ أَبُو بَرَاء، وعامر بن الطُفَيل بن
مَالك بن جَعْفَر. قَالَ: والعُمرَان أَبُو بكر وعُمَر، فغلّب عمر
لِأَنَّهُ أخفّ الاسمين. قَالَ: وَقيل: سُنَّة العُمَرين قبل خلَافَة
عمر بن عبد الْعَزِيز.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة نَحوه. قَالَ: فَإِن قيل: كَيفَ بدىء بعمر قبل
أبي بكر وَهُوَ قبله، وَهُوَ أفضل مِنْهُ فَإِن الْعَرَب يَفْعَلُونَ
مثل هَذَا، يبدءون بالأخسّ؛ يَقُولُونَ: ربيعَة ومُضَر، وسُلَيم وعامر،
وَلم يتْرك قَلِيلا وَلَا كثيرا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: قَالَ الْأَصْمَعِي: حَدثنَا أَبُو هِلَال
الراسبيّ عَن قَتَادَة أَنه سُئِلَ عَن عتق أمَّهات الْأَوْلَاد،
فَقَالَ: أعتق العُمَران فِيمَن بَينهمَا من الْخُلَفَاء أمّهات
الْأَوْلَاد، فَفِي قَول قَتَادَة: العُمَران: عمر بن الخطَّاب وَعمر
بن عبد الْعَزِيز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: عمر الله بك مَنْزِلك وَأَعْمر، وَلَا
يُقَال: أعمر الله منزله، بِالْألف.
وَقَالَ يَعْقُوب بن السّكيت: العَمْران: عَمْرو بن جَابر بن هِلَال بن
عُقَيل بن سُمَيّ بن مازِن بن فَزَارَة، وبَدْر بن عَمْرو بن جُؤَية بن
لَوْذان بن ثَعْلَبَة بن عديّ بن فَزَارَة وهما رَوْقا فَزَارَة.
وَأنْشد لقُرَاد بن حَنَش يذكرهما:
إِذا اجْتمع الْعمرَان عَمْرو بن جَابر
وَبدر بن عَمْرو خِلت ذُبْيان تُبّعا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَبُو عمْرَة: كنيَة الْجُوع،
وَأَبُو عُمَير: كنية فرج الرجل.
(2/235)
وَقَالَ اللَّيْث: الإفلاس يكنى أَبَا
عَمْرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كنية الْجُوع أَبُو عمْرَة، وَأنْشد:
إِن أَبَا عمْرَة شرّ جَار
وَقَالَ ابْن المظفر: كَانَ أَبُو عمْرَة رَسُول الْمُخْتَار، وَكَانَ
إِذا نزل بِقوم حلّ بهم البلاءُ من الْقَتْل وَالْحَرب. ويعْمُر
الشُّدَّاخ أحد حكَّام الْعَرَب. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
اليعامير: الجِداء، وَاحِدهَا يَعْمُور. وَأنْشد:
مثل الذميم على قُزْم اليعامير
وَجعل قطرب اليعامير شَجرا، وَهُوَ خطأ.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: سَمِعت العامريَّة تَقول فِي
كَلَامهَا: تركْتُم سامراً بمَكَان كَذَا وعامراً.
قَالَ أَبُو تُرَاب: فَسَأَلت مصعَباً عَن ذَلِك فَقَالَ: مقيمين
مُجْتَمعين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَمَر ألاَّ يكون للحُرَّة خِمار
وَلَا صَوْقعة تغطّي رَأسهَا، فتُدخل رَأسهَا فِي كُمّها. وَأنْشد:
قَامَت تصلّي والْخِمار من عَمَر
قَالَ: والعَمْر حَلْقة القرط الْعليا، والْخَوْق: حَلْقةُ أسفلِ
القُرط. والعَمْرة: خَرَزة الحُبّ. والعُمْرة: طَاعَة الله جلّ وعزَّ:
معر: قَالَ ابْن المظفّر: مَعِر الظُفُر يَمْعَر مَعَراً إِذا
أَصَابَهُ شَيْء فنصَل. قَالَ: وَيُقَال: غضب فلَان فتمعَّر لونُه إِذا
تغيَّر وعَلَتْه صُفرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الممعور: المقطِّب غَضَباً لله.
وَقَالَ: يُقَال: معِر الرجل وأمعر ومَعَّر إِذا فنِي زادُه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا انفقأت الرهْصَة من ظَاهر
فَذَلِك المَعَر، وَقد مَعِرت مَعَراً، وجَمَل مَعر، وخُفّ مَعِر: لَا
شعرَ عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (مَا أمعر حاجّ قطّ) مَعْنَاهُ: مَا افْتقر. وَأَصله
من مَعَر الرَّأْس.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الزَمِر والمَعِر: الْقَلِيل الشعَر. وَأَرْض
معِرة إِذا انجرد نَبْتها. وأمعر القومُ إِذا أجدبوا. وتمعّر رَأسه
إِذا تمعَّط.
وأمعرت الْمَوَاشِي الأرضَ إِذا رعت شَجَرهَا فَلم تَدَع شَيْئا
يُرْعَى.
وَقَالَ الْبَاهِلِيّ فِي قَول هِشَام أخي ذِي الرمة:
حَتَّى إِذا أمعروا صَفْقَيْ مباءتِهِم
وجرّد الخَطْبُ أثباج الجراثيم
قَالَ: أمعروه: أكلوه. وأمعر الرجلُ إِذا افْتقر، فَهُوَ لَازم وواقع.
وَمثله: أملق الرجل إِذا افْتقر، وأملقته الخطوب أَي أفقرته.
رعم: قَالَ اللَّيْث: رَعمت الشَّاة تَرْعَم فَهِيَ رَعُوم. وَهُوَ
دَاء يَأْخُذهَا فِي أَنْفها فيسيل مِنْهُ شَيْء يُقَال لَهُ:
الرُعَام.
قَالَ: ورَعُوم: اسْم امْرَأَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الرَعُوم بالراء: من الشَّاء الَّتِي يسيل
مُخَاطها من الهُزَال وَقد أَرْعمت إرعاماً إِذا سَالَ رُعَامُها
وَهُوَ
(2/236)
المُخَاط. وَيُقَال: كِسْر رَعِم: ذُو
شَحم. والرِعْم: الشَحْم.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
فِيهَا كسورٌ رَعِمات وسُدُفْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَعَام واليعمور: الطلِيّ
وَهُوَ العَرِيض. وَيُقَال رَعَمْتُ الشمسَ إِذا نظرت وُجُوبهَا.
وَقَالَ الطِرِمَّاح:
ومُشيحٍ عَدْوه مِتْأقٌ
يَرْعَم الْإِيجَاب قبل الظلام
أَي ينْتَظر وجوب الشَّمْس.
عرم: اللَّيْث: عَرَم الْإِنْسَان يَعْرُم عَرَامة فَهُوَ عَارِم،
وَأنْشد:
إِن امْرُؤ يذُبّ عَن محارمي
بَسْطةُ كَفّ ولسانٍ عارمِ
وعُرَام الْجَيْش: حَدّهم وشِرَّتهم وكثرتهم. وَأنْشد:
وَلَيْلَة هَول قد سَرَيت وفِتْيةٍ
هَدَيتُ وَجمع ذِي عُرام مُلاَدِس
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: العَرِم: الْجَاهِل، وَقد عَرَم يَعْرُم
وعَرُم وعَرِم.
وَقَالَ الفرّاء: العُرَاميّ من العُرّام وَهُوَ الْجَهْل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: يُقَال لقشور العَوْسج:
العُرَام، وَأنْشد:
وبالثُمَام وعُرَام العَوْسَج
قَالَ: والعَرِم: السَيْل الَّذِي لَا يُطَاق. قَالَ الله جلّ وعزّ
{غَفُورٌ فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ
وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ
وَأَثْلٍ وَشَىْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} (سَبَإ: 16)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العَرِم جمع العَرِمة وَهِي السِكْر
والمُسنَّاة. وَقيل: العَرِم: اسْم وَاد. وَقيل: العَرِم هَهُنَا: اسْم
الجُرَذ الَّذِي بَثَق السِكْرَ عَلَيْهِم، وَهُوَ الَّذِي يُقَال
لَهُ: الخلْد. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: من أَسمَاء
الفأر البِرّ والثُعْبة والعَرِم. وَقيل: العَرِم: الْمَطَر الشَّديد.
وَكَانَ قوم سبأ فِي نَعْمة ونِعمة وجِنان كَثِيرَة. وَكَانَت
الْمَرْأَة مِنْهُم تخرج وعَلى رَأسهَا الزَبِيلِ فتعتمل بِيَدَيْهَا
وتسير بَين ظهراني الشّجر المثمر فَيسْقط فِي زَبِيلها مَا تحْتَاج
إِلَيْهِ من ثمار الشّجر، فَلم يشكروا نعْمَة الله، فَبعث الله
عَلَيْهِم جُرَزاً وَكَانَ لَهُم سِكْر فِيهِ أَبْوَاب يفتحون مَا
يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من المَاء، فنقبه ذَلِك الجُرَذ حَتَّى بثق
عَلَيْهِم السِكْر فغرَّق جِنانَهم. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ
ابْن الْأَعرَابِي: يَوْم عَارِم: ذُو نِهَايَة فِي البَرْد نهارُه
وليلُه. وَأنْشد:
وَلَيْلَة إِحْدَى اللَّيَالِي العُرَّم
بَين الذراعين وَبَين المِرْزَم
تهُمّ فِيهَا العَنْز بالتكلُّم
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ قَالَ: الحيَّة العَرْماء: الَّتِي فِيهَا
نُقَط سود وبيض. وَقَالَ أَبُو عبيد: ورُوِي عَن مُعاذ بن جبل أَنه
ضحَّى بكبشين أعرمين. وَأنْشد الأصمعيّ:
أَبَا مَعْقِل لاتوطِئَنْك بَغَاضَى
رؤوسَ الأفاعي فِي مراصدها العُرْمِ
وَحكي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه قَالَ: الأقلف يُقَال لَهُ:
الأعرم. ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: العرامين: القُلْفان من
الرِّجَال. قَالَ: والعُرمان: الأكَرَة،
(2/237)
واحدهم أعرم. قلت: وَنون العرامين
والعُرْمان لَيست بأصلية. يُقَال: رجل أعرم وَرِجَال عُرْمان ثمَّ
عرامين جمع الْجمع. وَسمعت الْعَرَب تَقول لجمع القِعْدان من الْإِبِل:
القعادين، والقِعْدانُ جمع القَعُود، والقعادين نَظِير العرامين.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العريم: الداهية. وَقَالَ ابْن شُمَيْل عَن
الهَمْداني: العَرِم والمِعْذار: مَا يُرْفع حول الدبرة. شمر عَن ابْن
الْأَعرَابِي: العَرَمَة: أَرض صُلْبة إِلَى جَنْب الصَّمان. وَقَالَ
رؤبَة:
وعارض العِرْض وأعناق العَرَمْ
قلت: العَرَمة تتاخم الدَهْنى وعارض الْيَمَامَة يقابلها، وَقد نزلْت
بهَا. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كَبْش أعرم: فِيهِ سَواد وَبَيَاض.
وَقَالَ ثَعْلَب: العَرِم من كل شَيْء: ذُو لونين. قَالَ: والنمر ذُو
عَرَم. وَكَذَلِكَ بَيْضُ القطا عُرْم. وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
باتت تباشر عُرماً غير أَزوَاج
قَالَ: والعَرَمة: الأنبار من الحِنطة وَالشعِير. وَقَالَ اللَّيْث:
العُرْمة: بَيَاض بَمَرمَّة الشَّاة الضائنة أَو المعْزى. وَكَذَلِكَ
إِذا كَانَ فِي أذنها نُقَط سود وَالِاسْم العَرَم. قَالَ: والعَرَمة:
الكُدْس المَدُوس الَّذِي لم يُذَرّ، يَجْعَل كَهَيئَةِ الأَزَج ثمَّ
يُذرَّى. قَالَ: والعَرَمْرَم: الْجَيْش الْكثير. والعَرَم: اللَّحْم،
قَالَه الفرَّاء. قَالَ: وَيُقَال: عَرَمت الْعظم أعرِمه إِذا
تعرّقتَه. والعُرَام والعُراق وَاحِد. وَيُقَال: أعْرُم من كلب على
عُرَام. وَيُقَال: إِن جزورَكم لطيّب العَرَمة أَي طيّب اللَّحْم.
وَيُقَال عَرَم الصبيّ ثدي أمّه إِذا مَصّه. وَأنْشد يُونُس:
وَلَا تُلْفَيَنّ كذات الغلا
م إِن لم تَجِد عارماً تعترمْ
أَرَادَ بِذَات الْغُلَام: الأمّ الْمُرْضع إِن لم تَجِد مَن يمتَصّ
ثديها مصّته هِيَ. قَالَ: وَمَعْنَاهُ: لَا تكن كمن يهجو نَفسه إِذا لم
يجد من يهجوه. وعارِمة: أَرض مَعْرُوفَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
عَرْمى وَالله لَأَفْعَلَنَّ ذَاك وعَرْمى وحَرْمى ثَلَاث لُغَات
بِمَعْنى: أَمَا وَالله. وَأنْشد:
عَرْمى وجَدّك لَو وجدتَ لَهُم
كعداوةٍ يجدونها تَغلي
وَقَالَ شمر: العَرَم: الكُدْس من الطَّعَام، عَرَمةٌ وعَرَم. وَقَالَ
بعض النَمريين: تجْعَل فِي كل سُلْفة من حبّ عَرَمة من دَمَال. فَقيل
لَهُ: مَا العَرَمة؟ فَقَالَ: جُثْوة مِنْهُ يكون مزبلين حِمْلَ
بقرتين.
رمع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَمِع: الَّذِي يتحرّك
طَرَفُ أَنْفه من الْغَضَب.
وَيُقَال: جَاءَنَا فلَان رامعاً قِبرّاه، والقِبرّي: رَأس الْأنف،
ولأنفه رَمَعَان ورَمَعٌ ورَمْع.
وَقَالَ اللَّيْث: رَمَع يَرْمَع رَمْعاً ورَمَعاناً وَهُوَ التحرك
الرَمّاعة: مَا يتحرَّك من رَأس الصبيّ الرَّضِيع من يَافُوخه من
رقَّته.
قَالَ: والرمَّاعة: الاست لترمّعها أَي تحرّكها.
قَالَ: واليَرْمَع: الحَصَى الْأَبْيَض الَّتِي تَلألأُ فِي الشَّمْس،
الْوَاحِدَة يَرْمَعة.
وَقَالَ غَيره: اليَرْمَع: الحزَّارة الَّتِي يَلعب بهَا الصّبيان إِذا
أدِيرت سَمِعت لَهَا صَوتا،
(2/238)
وَهِي الخُذُروف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَمّاع: الَّذِي يَأْتِيك مغضَباً
ولأنْفه رَمَعان أَي تحرّك.
قَالَ: والرمَّاع الَّذِي يشتكي صُلْبَه من الرُمَاع وَهُوَ وجع
يعْتَرض فِي ظهر الساقي حَتَّى يمنعهُ من السَّقْي. وَأنْشد:
بئس طَعَام العَزَب المرموع
حَوْءبة تُنْقِض بالضلوع
وَيُقَال: قبحه الله وأُمّاً رَمَعت بِهِ أَي وَلدته. أَبُو سعيد: هُوَ
يَرْمَع بيدَيْهِ أَي يَقُول: لَا تَجِيء، ويومىء بيدَيْهِ، وَيَقُول:
تعال. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه غضِب غَضبا
شَدِيدا حَتَّى خُيِّل إِلَى من رَآهُ أَن أَنفه يتمزَّع.
قَالَ أَبُو عبيد: لَيْسَ يتمزّع بِشَيْء، وَأَنا أَحْسبهُ يترمَّع.
وَهُوَ أَن ترَاهُ كَأَنَّهُ يُرْعَد من شدّة الْغَضَب. قلت: إِن صحَّ
يتمزَّع رِوَايَة فَمَعْنَاه: يتشقَّق، من قَوْلك: مَزَّعت الشَّيْء
إِذا قسَّمته، وكل قِطْعَة مُزْعة، ومزعت الْمَرْأَة قطنها إِذا
أقطْعته ثمَّ زبَّدته.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: دَعْه يترمَّعْ فِي طُمَّنه أَي دَعه
يتسَكَّع فِي ضلالته.
وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ: دَعه يتلطَّخ بخُرْئه.
مرع: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أَمْرِع رَأسك دُهْنه
وأَمْرِغه أَي أَكثر مِنْهُ وأوسعه.
وَقَالَ رؤبة:
كغصن بَان عودُه سَرَعْرَع
كَأَن وِرْداً من دهان يُمْرَع
وَفِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
دَعَا فَقَالَ: (اسقِنا غيثاً مَرِيعاً) ، المَرِيع: ذُو المراعة
والخِصْب، يُقَال: أمرع الْوَادي إِذا أخصب.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وغيث مَرِيع لم يُجدَّع نباتُه
ولته أهاليل السمَاكِين مُعْشِب
لم يجدّع نَبَاته أَي لم يَنْقَطِع عَنهُ الْمَطَر فيجدَّع كَمَا يجدّع
الصبيّ إِذا لم يَرْوَ من اللَّبن فيسوء غذاؤه ويُهْزَل. وأمرع
الْقَوْم إِذا أَصَابُوا الْكلأ فأخصبوا. وأمرع الْمَكَان إِذا
أَكْلأَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي المُرَعة: طَائِر طَوِيل، واحدته
مُرْعَة، وَجَمعهَا مُرَع. وَأنْشد:
سقى جارتَيْ سُعْدى وسُعدَى ورهطَها
وَحَيْثُ الْتقى شرقٌ بسُعْدى ومغربُ
بِذِي هَيْدب أيْما الرُبَا تَحت وَدْقه
فتَرْوَى وأيْما كلّ وَاد فيَرْعَبُ
لَهُ مُرَع يخْرجن من تَحت وَدْقه
من المَاء جُون ريشها يَتصبّب
عَمْرو عَن أَبِيه: المُرَعة: طَائِر أَبيض حسن اللَّوْن طيّب الطّعْم
فِي قَدْر السُّمَانى، وَجَمعهَا مُرَع.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَرِع: الْموضع المخصب، وَقد أمرع
الْمَكَان ومَرُع، وَلم يَأْتِ مَرَع وَيجوز مَرَّع.
وَقَالَ: مرِع الرجل إِذا وَقع فِي خصب، ومَرِع إِذا تنعّم. ابْن
شُمَيْل: المُمْرِعة: الأَرْض المعشِبة المُكْلِئة.
وَقد أمرعت الأَرْض إِذا شبع غَنَمُها، وأمرعت إِذا أكلأت فِي الشّجر
والبقل.
(2/239)
وَلَا تزَال يُقَال لَهَا: مُمْرِعة مَا دَامَت مكلئة من الرّبيع
واليبيس.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أمرعت الأَرْض إِذا أعشبت. وَمَكَان مُمْرِع
مَرِيع.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أمرع المكانُ لَا غير. ومَرَع رأسَه
بالدُهْن إِذا مَسَحه.
وَقَالَ أعرابيّ: أَتَت علينا أَعْوَام أمْرُعٌ إِذا كَانَت خِصْبة.
وَقَالَ فِي قَول أبي ذُؤَيْب:
مثلُ الْقَنَاة وأزعلته الأَمْرُع
إِنَّه عَنى السنين المخصبة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَلس مقلَّده أسيل
خدّه مرِع جنابُه |