تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْعين والذال)
(ع ذ (وَا يء))
عوذ، ذيع، عذي، ذعي، وذع.
عوذ: يُقَال: عاذ فلَان بربّه يعوذ عَوْذاً إِذا لَجأ إِلَيْهِ واعتصم
بِهِ. قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (النّحل: 98)
مَعْنَاهُ: إِذا أردْت قِرَاءَة الْقُرْآن فَقل: أعوذ بِاللَّه من
الشَّيْطَان الرَّجِيم ووسوسته. وعاذ وتعوَّذ واستعاذ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ
مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ} (يُوسُف: 79) أَي نَعُوذ بِاللَّه
مَعَاذاً أَن نَأْخُذ غير الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ، نَصبه على الْمصدر
الَّذِي أُرِيد بِهِ الْفِعْل. ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه تزوّج امْرَأَة من الْعَرَب، فلمَّا أُدخلت عَلَيْهِ
(3/93)
قَالَت: أعوذ بِاللَّه مِنْك، فَقَالَ
لَهَا لقد عُذْتِ بمَعَاذ فالحقي بأهلك. والمَعَاذ فِي هَذَا الحَدِيث:
الَّذِي يعاذ بِهِ. وَالله جلّ وعزّ معاذُ من عاذ بِهِ، وملجأ مَن لَجأ
إِلَيْهِ، والملاَذ مِثْل المعاذ. وَقَالَ عوَّذت فلَانا بِاللَّه
وأسمائه، وبالمعوذتين من الْقُرْآن إِذا قلت: أُعيذك بِكَلِمَات الله
وأسمائه من كل شرّ وكل دَاء وحاسد وَعين. ويُروى عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يعوِّذ نَفسه بالمعوِّذتين بعد مَا طُبَّ،
وَكَانَ يعوّذ ابْني ابْنَته البتولِ ت بهما. وأمّا التعاويذ الَّتِي
تكْتب وتعلَّق على الْإِنْسَان من الْعين فقد نُهي عَن تَعْلِيقهَا.
وَهِي تسمى المَعَاذات أَيْضا، يعوَّذ بهَا مَن عُلِّقت عَلَيْهِ من
الْعين والفزع وَالْجُنُون. وَهِي العُوَذ، واحدتها عُوذة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: قَالَ يُقَال عَوْذٌ بِاللَّه مِنْك
أَي أعوذ بِاللَّه مِنْك. وَأنْشد:
قَالَت وفيهَا حَيْدة وذُعْر
عَوْذٌ بربي مِنْكُم وحُجْرُ
قَالَ: وَتقول الْعَرَب للشَّيْء ينكرونه، والأمرِ يهابونه: حُجراً أَي
دَفْعاً لَهُ، وَهُوَ استعاذة من الْأَمر. وَيُقَال أُفلت فلَان من
فلَان عَوَذاً إِذا خوّفه وَلم يضْربهُ أَو ضربه وَهُوَ يُرِيد قَتله
فَلم يقْتله وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فلَان عَوَذ لَك أَي ملْجأ.
وَيُقَال: اللهمّ عائذاً بك من كل سوء أَي أعوذ بك عائذاً والعَوَذ:
مَا دَار بِهِ الشَّيْء الَّذِي تضربه الرّيح فَهُوَ يَدُور بالعَوَذ
من حجر أَو أَرومة. قَالَ وتعاوذ الْقَوْم فِي الْحَرْب إِذا تواكلوا
وعاذ بَعضهم بِبَعْض.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من دوائر الْخَيل المعوَّذ، وَهِي الَّتِي
تكون فِي مَوضِع القلادة يستحبّونها. وَفُلَان عَوَذ لبني فلَان أَي
لَجأ لَهُم يعوذون بِهِ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {كَذِباً وَأَنَّهُ
كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ
فَزَادوهُمْ} (الجنّ: 6) قيل إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا نزلت
رُفقة مِنْهُم فِي وادٍ قَالَت: نَعُوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من مَرَدة
الْجِنّ وسفهائهم أَي نلوذ بِهِ ونستجير.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: النَّاقة إِذا وضعت وَلَدهَا فَهِيَ
عَائِذ أيّاماً، ووقَّت بَعضهم سَبْعَة أَيَّام. وَجَمعهَا عُوذ
بِمَنْزِلَة النُفَساء من النِّسَاء. وَهِي من الشَّاء رُبَّى
وَجَمعهَا رِباب، وَهِي من ذَوَات الْحَافِر فرِيشٌ. وَقيل سميت
النَّاقة عائذاً لِأَن وَلَدهَا يعوذ بهَا، فَهِيَ فَاعل بِمَعْنى
مفعول. وَقيل: إِنَّمَا قيل لَهَا: عَائِذ لِأَنَّهَا ذَات عَوْذِ أَي
عاذ بهَا وَلَدهَا عَوْذاً. وَمثله قَول الله جلّ وعزّ: {خُلِقَ خُلِقَ
مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطّارق: 6) أَي ذِي دَفق.
ذيع: اللَّيْث: الذَيْع: أَن يشيع الْأَمر. يُقَال: أذعناه فذاع. وَرجل
مِذْياع: لَا يَسْتَطِيع كتمان خبر. وَقوم مذاييع. وَقَالَ الله جلّ
وعزّ: {وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الاَْمْنِ أَوِ الْخَوْفِ
أَذَاعُواْ بِهِ} (النِّساء: 83) وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق يَعْنِي
بِهَذَا جمَاعَة من الْمُنَافِقين، وضعفةً من الْمُسلمين. قَالَ:
وَمعنى (أذاعوا بِهِ) أَي أظهروه ونادَوا بِهِ فِي النَّاس وَأنْشد:
أذاع بِهِ فِي النَّاس حَتَّى كَأَنَّهُ
بعلياءَ نارٌ أُوقدت بثَقُوب
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُعلِم أَنه ظَاهر على
قومٍ آمنٌ مِنْهُم، أَو أُعلم بتجمّع قوم يخَاف
(3/94)
من جمع مثلهم أذاع المُنَافِقُونَ ذَلِك
ليحذر من يَنْبَغِي أَن يحذر من الْكفَّار، وليقوى قلبُ من يَنْبَغِي
أَن يقوى قلبه على مَا أذاع. وَكَانَ ضَعَفة الْمُسلمين يُشيعون ذَلِك
مَعَهم عَن غير علم بِالضَّرَرِ فِي ذَلِك، فَقَالَ الله جلّ وعزّ: لَو
ردّوا ذَلِك إِلَى أَن يأخذوه من قِبَل الرَّسُول وَمن قبل أولي
الْأَمر مِنْهُم لعلم الَّذين أذاعوا بِهِ من الْمُسلمين مَا يَنْبَغِي
أَن يذاع أَو لَا يذاع.
قَالَ أَبُو زيد: أذعت الْأَمر، وأذعت بِهِ: قَالَ: وَيُقَال أذاع
الناسُ بِمَا فِي الْحَوْض إذاعة إِذا شربوا مَا فِيهِ، وأذاعت بِهِ
الإبلُ إذاعة إِذا شربته، وَتركت متاعي فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فأذاع
النَّاس بِهِ إِذا ذَهَبُوا بِهِ. وكلّ مَا ذُهب بِهِ فقد أذيع بِهِ.
وأذعت السرّ إذاعة إِذا أفشيته وأظهرته.
عذي: قَالَ اللَّيْث: العِذْيُ: مَوضِع بالبادية. قَالَ والعِذْيُ:
اسْم للموضع الَّذِي يُنبت فِي الشتَاء والصيف من غير نَبْع مَاء.
قلت أما قَوْله: العِذْي مَوضِع بالبادية فَلَا أعرفهُ وَلم أسمعهُ
لغيره. وَأما قَوْله: فِي العذي: إِنَّه اسْم للموضع الَّذِي ينْبت فِي
الشتَاء والصيف من غير نبع مَاء فَإِن كَلَام الْعَرَب على غَيره.
وَلَيْسَ العِذْي اسْما للموضع، وَلَكِن العِذْي من الزروع والنخيل:
مَا لَا يُسقى إلاّ بِمَاء السَّمَاء. وَكَذَلِكَ عِذْي الْكلأ
والنبات: مَا بعد عَن الرِّيف وأنبته مَاء السَّمَاء. والعَذَاة:
الأَرْض الطيّبة التربة الْكَرِيمَة المنبت الْبَعِيدَة عَن الأحاء
والنزوز والريف، السهلةُ المَرِيئةُ الَّتِي يكون كلؤها مريئاً ناجعاً.
وَلَا تكون العذاة ذَات وخامة وَلَا وباء. وَقَالَ ذُو الرمة:
بِأَرْض هجان الثرب وسميّة الندى
عذاةٍ نأت عَنْهَا المُثُوجَةُ والبحرُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العَذِيَّة الأَرْض الطيّبة الَّتِي لَيست
بسبِخة. وَيُقَال: رعينا أَرضًا عَذَاة، ورعينا عَذَوات الأَرْض. قَالَ
وَيُقَال فِي تصريفه: عذِيَ يَعْذَى عَذًى فَهُوَ عذٍ وعَذِيٍ وعَذْى
وعِذْى وَجمع العِذْى أعذاء. والعِذْى ينْبت من مَاء السَّمَاء.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عذا يعذو إِذا طَابَ هواؤه.
وَقَالَ أَبُو زيد عَذُوَت الأرضُ، وعذِيت أحسنَ العَذَاةِ وَهِي
الطيّبة الْبَعِيدَة من المَاء.
وَقَالَ حُذَيْفَة لرجل: إِن كنت لَا بدّ نازلاً بِالْبَصْرَةِ
فَانْزِل عَذَواتها، وَلَا تنزل سُرّتها.
وَقَالَ شمر: العذاة: الأَرْض الطيّبة الْبَعِيدَة من الْأَنْهَار
والبحور والسباخ، واستعذيت الْمَكَان واستقمأته. وَقد قامأني أَي
وَافقنِي.
ذعي: أنْشد الْمَازِني:
كَأَنَّمَا أوسطها لمن رَقبْ
بمِذعَيين نُقْبة من الجربْ
قَالَ: مِذْعيان: مَكَان. وَالْبَاء فِي مَوضِع مَعَ. رَقَب: نظر،
والرقيب: النَّاظر. يَقُول: هَذِه الأَرْض قد أُخذ حطبها وَأكل
فتقوَّبت، وَمَا حولهَا عافٍ لم يُؤْكَل، فَكَأَنَّهَا نُقْبة جرب فِي
جلد صَحِيح) .
وذع: قَالَ ابْن السّكيت فِيمَا قَرَأت لَهُ من
(3/95)
الْأَلْفَاظ إِن صحّ لَهُ: وذع الماءُ يذع
وهمى يهمي إِذا سَالَ. قَالَ: والواذع المَعِين. قَالَ: وكل مَاء جرى
على صفاة فَهُوَ واذع.
قلت: وَهَذَا حرف مُنكر وَمَا رَأَيْته إلاّ فِي هَذَا الْكتاب.
وَيَنْبَغِي أَن يفتش عَنهُ.
(بَاب الْعين والثاء)
(ع ث (وَا يء))
عثا (عثي) ، عيث، وعث، ثوع، عوث.
عثا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الاَْرْضِ
مُفْسِدِينَ} (البَقَرَة: 60) الْقُرَّاء كلهم قرءوه {وَلَا تَعثوا
بِفَتْح التَّاء من عَثِي يَعْثَى عُثُوّاً وَهُوَ أَشد الْفساد.
وَفِيه لُغَتَانِ أخريان لم يُقرأ بِوَاحِدَة مِنْهُمَا عثا يعثو مثل
سما يسمو، قَالَ ذَلِك الْأَخْفَش وَغَيره. وَلَو جَازَت الْقِرَاءَة
بِهَذِهِ اللُّغَة لقرىء (وَلَا تَعْثُوا) وَلَكِن الْقِرَاءَة سنَّة،
وَلَا يُقرأ إلاّ بِمَا قَرَأَ بِهِ الْقُرَّاء. واللغة الثَّالِثَة
عاث يعيث وَتَفْسِيره فِي بَابه.
وَحكى ابْن بُزُرج: عَثَا يَعْثَى، وهم يَعْثَون فِي الأَرْض مثل
يسعَون. قَالَ: وعثا يعثو عَثْواً. قلت: واللغة الجيّدة: عثِىَ
يَعْثَى؛ لِأَن فَعَل يفعَل لَا يكون إِلَّا مِمَّا ثَانِيه أَو ثالثه
أحد حُرُوف الْحلق.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الرَّأْس العُثْوة، وَهُوَ حُفوف شعره
والتباده. وقددَعثِيَ شعره يعثى عَثاً وَرجل أعثى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأعثى: الثقيل، الأحمق. وَرجل أعثى: كثيف
اللِّحْيَة وَقد عَثِي يعثى عَثاً. أنْشد أَبُو عَمْرو:
وحاص مني فَرَقاً وطَحْربا
فَأدْرك الأعثى الدَثور الخُنْتُبا
فشدّ شدّاً ذَا نَجَاء مُلْهَبا
الدُّثُور الَّذِي ينَام نَاحيَة. والخُنْتب: الْقصير.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: شَاب عَثَا الأَرْض مَقْصُور إِذا هاج
نبتها. وأصل العَثَا: الشّعْر ثمَّ يستعار فِيمَا تشعّث من النَّبَات،
مثل النَّصِيِّ والبُهْمَى والصِّلِّيان.
وَقَالَ اللَّيْث: الأعثى: لون إِلَى السوَاد. والأعثى: الْكثير
الشّعْر. والأعثى: الضبع الْكَبِير. وَالْأُنْثَى عثواء والجميع
العُثْو، وَيُقَال: العُثْيُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الذّكر من الضباع يُقَال لَهُ عِثْيان.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ العَثْوة والوَفْضة والغُسْنة هِيَ الْجُمَّة
من الرَّأْس وَهِي الوَفْرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العِثَى: اللِّمم الطوَال. وَقَالَ ابْن
الرّقاع فِيمَن قَالَ: عثا يعثو إِذا أفسد:
لَوْلَا الْحيَاء وَأَن رَأْسِي قد عثا
فِيهِ المشيب لزرت أم الْقَاسِم
عثا فِيهِ المشيب أَي أفسد.
وَقَالَ ابْن الرّقاع أَيْضا:
بسرارة حَفَش الرّبيع غُثَاؤها
حوَاء يزدرع الغَمير ثراها
حَتَّى اصطلى وهج المقيظ زَمَانه
أبقى مشاربه وشاب عثاها
أَي يبس عشبها.
(3/96)
عيث: قَالَ اللَّيْث: العيث: مصدر عاث
يعيث، وَهُوَ الْإِسْرَاع فِي الْفساد. وَالذِّئْب يعيث فِي الْغنم
فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا إلاّ قَتله. وَأنْشد غَيره لكثيّر:
وذِفْرَى ككاهل ذِيخ الخلي
ف أصَاب فَرِيقة ليل فعاثا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العيث أَن تركب الْأَمر لَا تبالي علام وَقعت.
وَأنْشد:
فعِثْ فِيمَن يليك بِغَيْر قصد
فَإِنِّي عائث فِيمَن يليني
قَالَ: وَإِذا كَانَت الأَرْض دَهِسة فَهِيَ عَيْثة.
وَقَالَ اللَّيْث: التعييث: طلب الْأَعْمَى، وَطلب الرجل الْبَصِير
الشَّيْء فِي الظلمَة. والتعييث إِدْخَال الرجل يَده فِي الكِنانة
يطْلب سَهْما. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
... فعيَّثَ فِي الكنانة يُرجع
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: العَيْثة: الأَرْض السهلة. وَقَالَ
ابْن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ:
إِلَى عَيْثية الْأَطْهَار غيَّر رسمها
بناتُ البلَى من يخطىء الْمَوْت يهرم
وَقَالَ الأصمعيّ: عَيْثة: بلد بالشُّرَيْف.
وَقَالَ المؤرج: العَيْثة بالجزيرة. وروى ابْن الْأَعرَابِي بَيت
الْقطَامِي:
سَمعتهَا ورِعَان الطَوْد مُعْرِضةٌ
من دونهَا وكثيب العيثة السهِلُ
وعث: يرْوى عَن النَّبِي أَنه كَانَ إِذا سَافر سفرا قَالَ: اللَّهم
إِنَّا نَعُوذ بك من وَعْثاء السّفر، وَكآبة المنقلب.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَهُوَ شدَّة النَصَب والمشقَّة وَكَذَلِكَ
هُوَ فِي المآثم.
وَقال الْكُمَيْت يذكر قُضَاعة وانتسابهم إِلَى الْيمن:
وَابنُ ابْنهَا منا ومنكم وبعلها
خُزَيمة والأرحام وَعثاءُ حوبُها
يَقُول: إِن قطيعة الرَّحِم مأثم شَدِيد. وَإِنَّمَا أصل الوعثاء من
الوعث وَهُوَ الدَهْس. الدهس: الرمال الرقيقة وَالْمَشْي يَشْتَدُّ
فِيهِ على صَاحبه، فجُعل مَثَلاً لكل مَا يَشُقّ على صَاحبه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَعْث من الرمل: مَا غَابَتْ فِيهِ القوائم وَهُوَ
مشقة، وأوعث الْقَوْم: وَقَعُوا فِي الوَعْث.
وَقَالَ غَيره: أوعث فلَان إيعاثاً إِذا خلّط. والوَعْثُ: فَسَاد
الْأَمر واختلاطه، وَيجمع على الوُعُوث.
ابْن السّكيت: أوعث فلَان فِي مَاله وأقْعث فِي مَاله وطأطأ الركضَ فِي
مَاله إِذا أسرف فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَعْث: كل ليّن سهل.
وَقَالَ الْفراء: قَالَ أَبُو قطرِيّ: أَرض وَعْثة ووَعِثة، وَقد
وَعْثت وَعْثاً. وَقَالَ غَيره: وُعُوثة ووَعَاثة.
وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم: الوعثاء: مَا غَابَتْ فِيهِ الحوافر
والأخفاف من الرمل الرَّقِيق، والدَهَاسِ من الْحَصَى الصغار وَشبهه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال طَرِيق وَعْث فِي طُرُق وُعُوث. وَقد وَعُث
الطَّرِيق ووعِث وُعوثة وأوعث القومُ إِذا وافقوا الوعوثة. وأوعث
الْبَعِير. وَقَالَ رؤبة:
(3/97)
لَيْسَ طَرِيق خيرهِ بالأَوْعَث
قَالَ: وَيُقَال: الوَعَث: رقَّة التُّرَاب ورخاوة الأَرْض تغيب فِيهِ
قَوَائِم الدَّوَابّ. وَنَقاً مُوَعَّث إِذا كَانَ كَذَلِك. وَامْرَأَة
وَعْثة: كَثِيرَة اللَّحْم، كَأَن الْأَصَابِع تَسُوخ فِيهَا من لينها
وَكَثْرَة لَحمهَا. وَقال رؤبة:
تُمِيلها أعجازُها الأوَاعث
ثوع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثُعْ ثُعْ إِذا أَمرته بالانبساط
فِي الْبِلَاد فِي طَاعَة الله.
عَمْرو عَن أَبِيه الثاعي: الْقَاذِف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثاعة: القَذَفة.
عوث: فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) } : تَقول: عوَّثني فلَان عَن أَمر
كَذَا تعويثَاً أَي ثبَّطني عَنهُ. وتعوَّث الْقَوْم تعوثاً إِذا
تحيروا. وَتقول عوَّثني حَتَّى تعوثت، أَي صرفني عَن أَمْرِي حَتَّى
تحيرت. وَتقول: إِن لي عَن هَذَا الْأَمر لَمَعاثاً أَي مندوحة، أَي
مذهبا ومسلكاً، وَتقول: وَعثَّته أَي صرفته.
(بَاب الْعين وَالرَّاء)
(ع ر (وَا يء))
عرى، عرا، عير، عور، رعي، روع، ريع، ورع، وعر، يعر، يرع.
عرا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ
بَعْضُءَالِهَتِنَا بِسُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} (هُود: 54) قَالَ الْفراء: كَانُوا كذّبوه يَعْنِي هوداً
ثمَّ جَعَلُوهُ مختلِطاً، وادَّعَوا أَن آلِهَتهم هِيَ الَّتِي
خَبَّلته لعيبه إيّاها. فهنالك قَالَ: {إِنِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنِّى بَرِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (هود: 54) .
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ
بَعْضُءَالِهَتِنَا بِسُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} (هود: 54) أَي مَا نقُول إِلَّا مَسَّك بعض أصنامنا بجنون
لسبّك إِيَّاهَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه سَمعه
يَقُول: إِذا أتيت رجلا تطلب مِنْهُ حَاجَة قلت: عروْته وعررْته،
واعتريته واعتررته.
وَقَالَ اللَّيْث: عراه أَمر يعروه عَرْواً إِذا غشِيه وأصابه. يُقَال:
عراه الْبرد وعرته الحُمَّى وَهِي تعروه إِذا جَاءَتْهُ بنافض، وأخذته
الْحمى بعُرَوائِها، وعُرِي الرجل فَهُوَ مَعْرُوّ، واعتراه الْهم،
عَام فِي كلّ شَيْء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أخذت المحمومَ قِرَّةٌ وَوجد مسّ
الْحمى، فَتلك العُرَواء وَقد عُرِي فَهُوَ مَعْرُوّ. قَالَ: وَإِن
كَانَت نافضاً قيل: نفضته فَهُوَ منفوض، وَإِن عَرِق مِنْهَا فَهِيَ
الرُحَضاء.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العُرَواء: قلٌّ يَأْخُذ الْإِنْسَان من
الحُمّى، ورِعدة. وأخذته الحمَّى بنافض أَي برعدة وَبرد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خفّفوا
فِي الْخَرص؛ فَإِن فِي المَال العرِيّة والوصيَّة) . وَفِي حَدِيث آخر
أَنه رخَّص فِي الْعَرَايَا.
قَالَ أَبُو عبيد: الْعَرَايَا واحدتها عريّة. وَهِي النَّخْلَة
يُعْريها صَاحبهَا رجلا مُحْتَاجا، والإعراء: أَن يَجْعَل لَهُ ثَمَرَة
عامِها. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: استعرى الناسُ فِي كل وَجه إِذا
أكلُوا الرُطَب، أَخذه من الْعَرَايَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ بعض الْعَرَب: منا من يُعْرِي.
قَالَ: وَهُوَ أَن يَشْتَرِي الرجُلُ النّخل ثمَّ يَسْتَثْنِي نَخْلَة
أَو نخلتين.
(3/98)
وَقَالَ الشَّافِعِي: الْعَرَايَا ثَلَاثَة
أَصْنَاف: واحدتها أَن يَجِيء الرجل إِلَى صَاحب الْحَائِط، فَيَقُول
لَهُ: بِعني من حائطك ثَمَر نَخَلات بِأَعْيَانِهَا بخرْصِها من
التَمْر، فيبيعه إِيَّاهَا وَيقبض التَمْر ويُسلِّم إِلَيْهِ النَخَلات
يأكلها ويبيعها ويُتَمِّرها، وَيفْعل بهَا مَا يَشَاء. قَالَ: وجِمَاع
الْعَرَايَا: كل مَا أُفرد ليؤكل خاصّة، وَلم يكن فِي جملَة البيع من
ثَمَر الْحَائِط إِذا بِيعَتْ جُمْلَتهَا من وَاحِد. والصنف الثَّانِي
أَن يحضر ربَّ الْحَائِط القومُ فَيعْطى الرجلَ ثَمَر النَّخْلَة أَو
النخلتين وَأكْثر عرِيّة يأْكُلها. وَهَذِه فِي معنى المِنْحة. قَالَ
وللمُعْرَى أَن يَبِيع ثَمَرهَا، ويُتَمِّره، ويصنع فِيهِ مَا يصنع فِي
مَاله؛ لِأَنَّهُ قد ملكه. والصنف الثَّالِث من الْعَرَايَا أَن يعرى
الرجل الرَّحُلَ النَّخْلَة وَأكْثر من حَائِطه ليَأْكُل ثَمَرهَا
ويهديه ويتَمِّره وَيفْعل فِيهِ مَا أحبّ وَيبِيع مَا بَقِي من ثَمَر
حَائِطه مِنْهُ فَتكون هَذِه مُفْردَة من الْمَبِيع مِنْهُ جملَة.
وَقَالَ غَيره الْعَرَايَا أَن يَقُول الْغَنِيّ للْفَقِير: ثَمَر
هَذِه النَّخْلَة أَو النَخَلات لَك، وَأَصلهَا لي.
وَأما تَفْسِير قَوْله ج: أَنه رخّص فِي الْعَرَايَا فَإِن الترخيص
فِيهَا كَانَ بعد نهي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن
الْمُزَابَنَة، وَهِي بيع الثَّمر فِي رُؤُوس النّخل بالتَّمْرِ،
ورخَّص من جملَة الْمُزَابَنَة فِي الْعَرَايَا فِيمَا دون خَمْسَة
أوسق وَذَلِكَ الرجلُ يفضُل من قوت سنته التمرُ، فيدرك الرُطبُ
ولانَقْد بِيَدِهِ يَشْتَرِي بِهِ الرُطَب، وَلَا نخل لَهُ يَأْكُل من
رُطَبه، فَيَجِيء إِلَى صَاحب الْحَائِط فَيَقُول لَهُ: بِعني ثَمَر
نَخْلَة أَو نخلتين أَو ثَلَاث بِخِرْصها من التَّمْر، فيعطيه التَّمْر
بثمر تِلْكَ النَخَلات؛ ليصيب من رُطَبها مَعَ النَّاس، فرخّص النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جملَة مَا حرم من الْمُزَابَنَة فِيمَا دون
خَمْسَة أوسق، وَهُوَ أقلّ ممّا تجب فِيهِ الزَّكَاة، فَهَذَا معنى
ترخيص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَرَايَا، لِأَن بيع
الرُطَب بالتَمْر محرّم فِي الأَصْل، فَأخْرج هَذَا الْمِقْدَار من
الْجُمْلَة المحرَّمة لحَاجَة النَّاس إِلَيْهِ.
قلت: وَيجوز أَن تكون العِرْية مَأْخُوذَة من عَرِي يَعْرى، كَأنها
عُرِّيت من جملَة التَّحْرِيم فعَرِيت أَي خلت وَخرجت مِنْهَا فَهِيَ
عرِيَّة: فعيلة بِمَعْنى فاعلة، وَهِي بِمَنْزِلَة المستثناة من
الْجُمْلَة، وَجَمعهَا الْعَرَايَا.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: استعرى الناسُ فِي كل وَجه إِذا
أكلُوا الرُطَب، وأعرى فلَان فلَانا ثَمَر نَخْلَة إِذا أعطَاهُ
إيَّاها، يَأْكُل رُطَبها وَلَيْسَ فِي هَذَا بيع، إِنَّمَا هَذَا
مَعْرُوف وَفضل، وَالله أعلم.
وَرَوَى شمر عَن صَالح بن أَحْمد عَن أَبِيه قَالَ: الْعَرَايَا: أَن
يُعري الرجل من نخلِهِ ذَا قرَابَته أَو جَاره مَا لَا يجب فِيهِ
الصَّدَقَة، أَي يَهَبهَا لَهُ، فأرخص للمُعْرِي فِي بيع ثَمَر نَخْلَة
فِي رَأسهَا بخِرصها من التَّمْر. قَالَ والعَرِيَّة مُسْتَثْنَاة من
جملَة مَا نُهي عَن بَيْعه من الْمُزَابَنَة. وَقيل: يَبِيعهَا
الْمُعَرى مِمَّن أعراه إِيَّاهَا. وَقيل لَهُ أَن يَبِيعهَا من غَيره.
وَقَالَ شمر: يُقَال لكل شَيْء أهملته وخليته: قد عرّيته. وَأنْشد:
إيجعُ ظَهْري وأَلَوِّي أَبْهَري
(3/99)
لَيْسَ الصَّحِيح ظَهره كالأدبر
وَلَا المعرَّى حِقبة كالموقَر
فالمعرَّى: الْجمل الَّذِي يرسَل سُدًى وَلَا يحمل عَلَيْهِ. وَمِنْه
قَول لبيد:
فكلفتها مَا عُرّيت وتأبَّدت
وَكَانَت تسامي بالعَزيب الجمائلا
قَالَ: عُرّيت: ألْقى عَنْهَا الرحل، وَتركت من الْحمل عَلَيْهَا،
وأُرسلت ترعى، يصف نَاقَة.
وَقَالَ أَبُو عدنان: قَالَ الْبَاهِلِيّ: العرِيّة من النّخل: الفاردة
الَّتِي لَا تُمسك حَملها، يَتَنَاثَر عَنْهَا. قَالَ وأنشدني
لنَفسِهِ:
فَلَمَّا بَدَت تُكْنَى تُضيع مودتي
وتخلِط بِي قوما لِئَامًا جدودُها
رددتُ على تكنى بقيَّة وصلِها
ذَمِيمًا فأمست وَهِي رَثّ جديدها
كَمَا اعتكرت للاّقطين عرِيَّة
من النّخل يوطى كلّ يَوْم جريدُها
قَالَ: اعتكارها كَثْرَة حَتّها، فَلَا تَأتي أَصْلهَا دَابَّة إِلَّا
وجد تحتهَا لُقَاطاً من حملهَا وَلَا يأنى خوافيها إِلَّا وجد سِقَاطاً
من أيّ مَا شَاءَ وَيُقَال: عرِي فلَان من ثَوْبه يَعْرَى عُرْياً
فَهُوَ عَار، وعُرْيان. وَيُقَال هُوَ عِرْو من هَذَا الْأَمر، كَمَا
يُقَال: هُوَ خِلْو مِنْهُ وعَرْوَى اسْم جبل، وَكَذَلِكَ عَرْوان.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الْعُرْيَان من النبت: الَّذِي قد عرِي
عُرْياً إِذا استبان لَك. قَالَ أَبُو بكر: الأعراء الَّذين لَا يُهمهم
مَا يُهِمُّ أَصْحَابهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العرا: الفناء مَقْصُور يكْتب
بِالْألف؛ لِأَن أنثاه عَرْوة.
وَقَالَ غَيره: العَرَى: الساحة والفناء؛ سمّي عَرًى لِأَنَّهُ عرِي من
الْأَبْنِيَة والخيام. وَيُقَال: نزل بعراه وعَروتِه أَي نزل بساحته.
وَكَذَلِكَ نزل بحراه. وَأما العراء مَمْدُود فَهُوَ مَا اتّسع من فضاء
الأَرْض. قَالَ الله جلّ وعزّ: {يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ
بِالْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} (الصَّافات: 145) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِنَّمَا قيل لَهُ عَرَاء لِأَنَّهُ لَا شجر
فِيهِ وَلَا شَيْء يغطيه. وَقيل: إِن العَراء وَجه الأَرْض الْخَالِي
وَأنْشد:
ورفعتُ رجلا لَا أَخَاف عِثَارها
ونبذت بِالْبَلَدِ العَراءَ ثِيَابِي
وَقَالَ الزّجاج: العَرَاء على وَجْهَيْن: مَقْصُور وممدود. فالمقصور
النَّاحِيَة، والممدود الْمَكَان الْخَالِي.
وَقَالَ أَبُو زيد: العُرَواء عِنْد اصفرار الشَّمْس إِلَى اللَّيْل
إِذا اشتدّ الْبرد، واشتدّت مَعَه رِيحه بَارِدَة وشَمَال عرِيّة
بَارِدَة. وَقد أعرينا إعراء إِذا بلغنَا بَرْد العِشيّ: قَالَ:
وَالْعرب تَقول: أهلَك فقد أعريت.
وَيُقَال: عُرِيت إِلَى مَال لي أشدَّ العُرَواء إِذا بِعته ثمَّ
تَبعته نفسُك. وعُرِي هَوَاهُ إِلَى كَذَا أَي حنّ إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
يُعْرَى هَوَاك إِلَى أَسمَاء واحتظرت
بالنأي وَالْبخل فِيمَا كَانَ قد سلفا
وَقَالَ أَبُو زيد: أعرى الْقَوْم صَاحبهمْ إعراء إِذا تَرَكُوهُ فِي
مَكَانَهُ وذهبوا عَنهُ.
(3/100)
وَقَالَ اللَّيْث: عَرِي الرجل عِروة
شَدِيدَة وعِرْية شَدِيدَة، وعُرْيا فَهُوَ عُرْيان، وَالْمَرْأَة
عُرْيَانَة. وَرجل عارٍ وَامْرَأَة عَارِية. والعُرْيان من الْخَيل:
الْفرس الطَّوِيل القوائم المقلِّص. والعريان من الرمل نَقياً لَيْسَ
عَلَيْهِ شجر.
وَفِي حَدِيث أنس أَن أهل الْمَدِينَة فزعوا لَيْلًا فَركب النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا لأبي طَلْحَة عُرْياً.
قلت: وَالْعرب تَقول: فرس عُرْى، وخيل أعراء. وَلَا يُقَال رجل عُرْى.
وَقد اعرورى الفارسُ فرسَه إِذا رَكبه عرياً وَكَذَلِكَ اعرورى البعيرَ
وَمِنْه قَوْله:
واعرورت العُلُط العُرْضِيَّ تركضه
أُمُّ الفوارس بالدِئِداء والرَبَعهْ
أَبُو الْهَيْثَم: دابّة عُرْي وخيل أعراء، وَرجل عارٍ وَامْرَأَة
عَارِية إِذا عريا من أثوابه، وَرجل عَار إِذا خلقت ثِيَابه. وَقَالَ:
أَتَيْتُك عَارِيا خلقا ثِيَابِي
على عجل تظن بِي الظنون
وَرُوِيَ عَن زَائِدَة البكريّ أَنه قَالَ: نَحن نُعاري أَي نركب
الْخَيل أعراء، وَذَاكَ أخف فِي الْحَرْب وأعريت الْمَكَان إِذا تركت
حُضُوره.
وَقَالَ ذُو الرمة:
ومنهلٍ أعرى جَبَاه الحُضَّر
وَقَالَ اللَّيْث أعراء الأَرْض: مَا ظهر من متونها وظهورها.
وَأنْشد:
وبلدٍ عَارِية أعراؤه
قَالَ والعراء كل شَيْء أعريته مِن سُتْرته تَقول استره من العراء.
وَتقول: مَا تعرّى فلَان من هَذَا الْأَمر أَي مَا تخلص. قَالَ والنخلة
العرِيَّة: الَّتِي إِذا عَرضت النّخل على بيع ثَمَرهَا عُرَّيت
مِنْهَا نَخْلَة أَي عزلتها من المساومة. والجميع الْعَرَايَا. قَالَ:
وَالْفِعْل مِنْهُ الإعراء، وَهُوَ أَن يَجْعَل ثَمَرَتهَا لمحتاجٍ
عامها ذَلِك، أَو لغير مُحْتَاج. ومعاري الْمَرْأَة: مَالا بدّ لَهَا
من إِظْهَاره، وَاحِدهَا مَعْرًى.
ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: نزل بَعْروته وعَقْوته أَي بِفنائه.
وَقَوله جلّ وعزّ: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ
انفِصَامَ لَهَا} (البَقَرَة: 256) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: فقد عقد لنَفسِهِ من الدّين عقدا
وثيقاً لَا تحلّه حُجَّة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العروة من الشّجر الَّذِي لَا يزَال
بَاقِيا فِي الأَرْض لَا يذهب وَجَمعهَا عُرى وَمِنْه قَول مهلهل:
خلع الْمُلُوك وَسَار تَحت لوائه
شجر العرى وعَراعِرُ الأقوام
وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عَمْرو فِي العروة.
قلت والعروة من دِقّ الشّجر: مَاله أصل بَاقٍ فِي الأَرْض؛ مثل
العَرْفَج والنَصِيّ وأجناس الخُلَّة والحَمْض، فَإِذا أمحل النَّاس
عصمت العروةُ الْمَاشِيَة فتبلّغت بهَا، ضربهَا الله مثلا لما يُعتصم
بِهِ من الدّين فِي قَوْله {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقَى} .
(3/101)
وَأنْشد ابْن السّكيت:
مَا كَانَ جُرِّب عِنْد مَدّ حبالكم
ضعف يخَاف وَلَا انفصام فِي العرى
قَالَ قَوْله: انفصام فِي العرى أَي ضعف فِيمَا يعْصم النَّاس.
وَقَالَ الْأَخْفَش: العروة الوثقى شُبِّه بالعروة الَّتِي يتَمَسَّك
بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: العروة عُرْوَة الدَّلْو وَعُرْوَة الْكوز وَنَحْوه.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَرض عُرْوة وذِروة وعِصمة إِذا كَانَت خصيبة
خصباً يبْقى.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْلهم: أَنا النذير الْعُرْيَان: هُوَ رجل
من خثعم حَمَل عَلَيْهِ يَوْم الخَلَصة عَوْف بن عَامر بن أبي عويف بن
مَالك بن ذبيان بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن يشْكر، فَقطع يَده وَيَد
امْرَأَته، وَكَانَت من بني عُتْوارة ابْن عَامر بن لَيْث بن بكر بن
عبد مَنَاة بن كنَانَة.
وروى أَبُو أُسَامَة عَن بُريد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِنَّمَا مثلى ومثلكم
كَمثل رجل أنذر قومه جَيْشًا فَقَالَ: أَنا النذير الْعُرْيَان،
أنذِركم جَيْشًا) .
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة حَسَنَة المُعَرَّى أَي حَسَنَة عِنْد
تجريدها من ثِيَابهَا، والجميع المعاري. وَقَالَ ومعاري رُؤْس
الْعِظَام حَيْثُ يعرى الْعظم عَن اللَّحْم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المعاري: الْوُجُوه والأطراف والترائب. وَقَالَ:
فَإِن يَك سَاق من أُميَّة قلَّصت
لقيس بِحَرب لَا تُجنّ المعاريا
أَي شمر تشميراً لَا يستر معاريه. والمحاسر مثل المعاري من الْمَرْأَة.
وفلاة عَارِية المحاسر إِذا لم يكن فِيهَا كِنّ من شَجَرهَا. ومحاسرها
متونها الَّتِي تنحسر عَن النَّبَات.
وَقَالَ غَيره: العُرْوة: النفيس من المَال مثل الْفرس الْكَرِيم
وَنَحْوه.
وَيُقَال لطوق القلادة: عُرْوَة.
وَيُقَال: فلَان عُرْيان النجِيّ إِذا كَانَ يُنَاجِي امْرَأَته،
ويشاورها ويُصْدر عَن رأيها. وَمِنْه قَوْله:
أصاخ لعريان النجيّ وَإنَّهُ
لأزور عَن بعض الْمقَالة جَانِبه
أَي اسْتمع إِلَى امْرَأَته وأهانني. وعُرا المرجان: قلائد المرجان،
وعرا المزادة: آذانها. والعُرَا سَادَات النَّاس الَّذين يعتِصم بهم
الضعفى، ويعيشون بعُرْفهم، شبِّهوا بعُرا الشّجر العاصمة الْمَاشِيَة
فِي الجدب.
شمر عَن ابْن شُمَيْل العَرَاء: مَا اسْتَوَى من ظهر الأَرْض وجَهَر.
والعراء الجهراء مُؤَنّثَة غير مَعْرُوفَة.
والعراء مُذَكّر مَصْرُوف، وهما الأَرْض المستوية المُصْحِرة لَيْسَ
بهَا شجر، وَلَا جبال وَلَا آكام وَلَا رمال وهما فضاء الأَرْض.
وَالْجَمَاعَة الأعراء. يُقَال وطئنا أعراء الأَرْض والأعرية.
وَقَالَ أَبُو زيد: أتتنا أعراؤهم أَي
(3/102)
أَفْخَاذهم. وَقَالَ الْأَصْمَعِي.
الأعراء: الَّذين ينزلون فِي الْقَبَائِل من غَيرهم، واحدهم عُرْى.
قَالَ الْجَعْدِي:
وأمهلت أهل الدَّار حَتَّى تظاهروا
عليّ وَقَالَ العُرْيُ مِنْهُم فأهجرَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَرَى البَرْد. وعَرِيت ليلتنا عَرًى. وَقَالَ
ابْن مقبل:
وكأنما اصطبحت قريح سَحَابَة
بعَرًى تنازعه الرِّيَاح زلال
قَالَ: العرى: مَكَان بَارِد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل العرى مثل العَقْوة، مَا بعرانا أحد أَي مَا
بعقوتنا أحد.
عَمْرو عَن أَبِيه أعْرى إِذا حُمَّ العُرْوَاء قَالَ: وَيُقَال حم
عُرَواء وحم بعرواء وحم العَرَوَاء.
وَقَول الشَّاعِر وَهُوَ الْجَعْدِي:
وأزجر الْكَاشِح العدوّ إِذا اغتا
بك زجرا مني على أَضَم
زجر أبي عُرْوَة السبَاع إِذا
أشفقن أَن يلتبسن بالغنم
قَالَ خلف: كَانَ أَبُو عُرْوَة يزْجر الذِّئْب فَيَقَع مَيتا من
زَجره، ويصيح بالسبع فَيَمُوت مَكَانَهُ، ويشقّون عَنهُ فيجدون فُؤَاده
قد خرج من غشائه.
رعي: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: الرَعْي مصدر رعى يرْعَى رَعْياً
الْكلأ وَنَحْوه. والرِعْي: الْكلأ نَفسه بِكَسْر الرَّاء. والراعي
يرْعَى الْمَاشِيَة أَي يحوطها ويحفظها. والماشية تَرْعى أَي ترتعُ
وتأكل الرَّعْي. وكل شَيْء حُطْته فقد رَعيته. والوالي يرْعَى رَعيته
إِذا ساسهم وحفظهم. والرِعاية: حِرْفَة الرَّاعِي، والمسوس مَرْعِيّ.
وَقَالَ أَبُو قيس بن الأسلت:
لَيْسَ قَطاً مثل قُطَيّ وَلَا ال
مرعيّ فِي الأقوام كَالرَّاعِي
وَجمع الرَّاعِي رِعَاء. قَالَ الله تَعَالَى: {لاَ نَسْقِى حَتَّى
يُصْدِرَ الرِّعَآءُ وَأَبُونَا} (القَصَص: 23) وَيجمع الرَّاعِي
رُعَاة ورُعْياناً. وَأكْثر مَا يُقَال رُعَاة للولاة، والرعيان لجمع
راعي النعم. وَيُقَال للنعم هِيَ ترعى وترتعي. وَقَرَأَ بعض الْقُرَّاء
قَول الله تَعَالَى: (أرْسلهُ مَعنا غَدا نرتِعي ونلعبْ) (يُوسُف: 12)
وَهُوَ نفتعل من الرَّعْي. وَقيل معنى نرتعي أَي يَرعى بَعْضنَا
بَعْضًا. وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا
وَقُولُواْ انظُرْنَا} (البَقَرَة: 104) فَإِن الْفراء قَالَ هُوَ من
الإرعاء والمراعاة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: (رَاعنا) أَي رَاعنا سَمعك أَي اسْمَع منا،
حَتَّى نُفَهِّمك وتفهم عَنَّا.
قَالَ: وَهِي قِرَاءَة أهل الْمَدِينَة، ويصدّقها قِرَاءَة أُبَيّ بن
كَعْب: (لَا تَقولُوا راعونا) وَالْعرب تَقول: أَرْعِنا سمعَك، وراعنا
سَمعك بِمَعْنى وَاحِد. وَقد مرّ معنى مَا أَرَادَ الْقَوْم براعنا من
بَاب الرعن والرعونة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: فلَان يُرَاعِي أَمر فلَان أَي ينظر إِلَى
مَا يصير أمره، وراعيت النُّجُوم، وإبل راعية والجميع الرواعي.
قَالَ: والإرعاء: الْإِبْقَاء على أَخِيك.
وَقَالَ ذُو الإصبع:
بغى بعضُهم بَعْضًا
(3/103)
فَلم يُرْعوا على بعض
والرَعْوى: اسْم من الإرعاء، وَهُوَ الْإِبْقَاء. وَمِنْه قَول ابْن
قيس الرقيات:
إِن يكن للإاله فِي هَذِه الْأُم
ة رَعْوى يعد إِلَيْك النَّعيم.
والبَقْوى والبُقْيا: اسمان يوضعان مَوضِع الْإِبْقَاء.
وروى أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: الرَّعْوى والرُّعْيَا من رِعَايَة
الْحِفَاظ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ارعوى فلَان عَن الْجَهْل ارعواء حسنا،
ورَعْوَى حَسَنَة، وَهُوَ نزوعه وَحسن رُجُوعه.
قلت: والرَعْوى لَهَا ثَلَاثَة معَان:
أَحدهَا: الرَعْوى اسْم من الإرعاء وَهُوَ الْإِبْقَاء والرعوى
رِعَايَة الحِفَاظ للْعهد، والرَعْوى حسن الْمُرَاجَعَة والنزوع عَن
الْجَهْل.
وَقَالَ شمر: تكون المراعاة من الرَعْي مَعَ آخر. يُقَال: هَذِه إبل
تراعي الْوَحْش أَي ترعى مَعهَا. والمراعاة: الْمُحَافظَة، والإبقاء
على الشَّيْء.
قَالَ: والإرعاء: الْإِبْقَاء. وأرعيت فلَانا سَمْعِي إِذا استمعت مَا
يَقُول.
والمراعاة: المناظرة والمراقبة، يُقَال: راعيت فلَانا مُرَاعَاة
ورِعَاء إِذا راقبته وتأمَّلت فعله.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَعِيَّة: الأمّة بأسرها.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الرَعَاوى والرُعَاوى جَمِيعًا: الْإِبِل
الَّتِي يُعتمل عَلَيْهَا.
وَقَالَت امْرَأَة لزَوجهَا:
تمششتني حَتَّى إِذا مَا تركتْني
كنِفْو الرُّعاوَى قلت إِنِّي ذَاهِب
قَالَ شمر: لم أسمع الرعاوي بِهَذَا الْمَعْنى إلاّ هَا هُنَا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: إِنَّه لترعِيّة مَال إِذا كَانَ يَصْلُح
المالُ على يَده.
سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال: تَرْعِيَّة وتِرْعِيَّة وتُرْعاية
وتِرْعاية وتُرْعِيَّة بِهَذَا الْمَعْنى.
وَأنْشد الْفراء:
ودارِ حفاظ قد نزلنَا وغيرِها
أحبّ إِلَى الترعيَّة الشنآن
أَبُو عَمْرو الأُرْعُوه بلغَة أَزْد شَنُوءة: نير الفَدَّان
يُحْتَرَثُ بهَا. وَيُقَال أرعى الله الْمَوَاشِي إِذا أنبت لَهَا مَا
ترعاه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَأْكُل من طيّب وَالله يُرعيها
وَيُقَال: فلَان لَا يُرْعى إِلَى قَول أحد أَي لَا يلْتَفت إِلَى أحد.
وَرَأى فلَان راعية الشيب وَرَواعي الشيب: أولُ مَا يظْهر مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أَمر كَذَا أرْفق بِي وأرعى عليّ.
عير عور: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَيْر: الْفرس
النشيط.
قَالَ: وَالْعرب تمدح بالعيَّار وتَذمّ بِهِ. يُقَال: فلَان عَيَّار:
نشيط فِي الْمعاصِي، وَغُلَام عَيَّار: نشيط فِي طَاعَة الله تَعَالَى
وَفرس عَيَّار وعيَّال: نشيط. وَيُقَال عَار
(3/104)
الرجلُ يعير عَيَراناً، وَهُوَ تردده فِي
ذَهَابه ومجيئه. وَمِنْه قيل: كلب عيَّار وعائر. وَهَذَا من ذوَات
الْيَاء.
وَأما العاريّة والإعارة والاستعارة فَإِن الْعَرَب تَقول فيهمَا: هم
يتعاورون العواريّ ويتعوَّرونها بِالْوَاو، كَأَنَّهُمْ أَرَادوا
تَفْرِقَة بَين مَا يتردّد من ذَات نَفسه وَبَين مَا يُردَّد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الْعَارِية
منسوبة إِلَى العارة، وَهِي اسْم من الْإِعَارَة. يُقَال: أعرته
الشَّيْء أُعيره إِعَارَة وعارة، كَمَا قَالُوا: أطعته إطاعة وَطَاعَة،
وأجبته إِجَابَة وجابة. وَهَذَا كثير فِي ذَوَات الثَّلَاث؛ مِنْهَا
العارة، والدارة، والطاقة، وَمَا أشبههَا. وَيُقَال: استعرت مِنْهُ
عارِيّة فأعارنيها.
وَقَالَ اللَّيْث: سمِّيت الْعَارِية عاريّة لِأَنَّهَا عارٌ على من
طلبَهَا: قَالَ: والعار: كل شَيْء تلْزم بِهِ سُبّة أَو عيب.
وَالْفِعْل مِنْهُ التعيير.
قَالَ وَمن قَالَ هَذَا قَالَ: هم يتعيّرون من جيرانهم الماعون
والأمتعة.
قلت: وَكَلَام الْعَرَب يتعوَّرون بِالْوَاو والمعاورة والتعاور: شبه
المداولة والتداول فِي الشَّيْء يكون بَين اثْنَيْنِ.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
وَسِقط كعين الديك عاوَرت صَاحِبي
أَبَاهَا وَهيَّأنا لموقعها وَكْرا
يَعْنِي الزند وَما يسْقط من نارها وَأنشد ابْن المظفر:
إِذا رَد المعاوِر مَا استعارا
وَيقال: تعاوَر الْقَوْم فلَانا، واعتوروه ضربا إِذا تعاونوا عَلَيْهِ.
فَكلما أمسك وَاحِد ضَرب وَاحد، وَالتعاور عَام فِي كل شَيْء.
وَتَعاوَرت الرياحُ رسم الدَّار حَتَّى عَفَته أَي تواظبت عَلَيْهِ.
قَالَ ذَلِك اللَّيْث.
قلت: وَهذا غلط. وَمعنى تعاوَرت الرِّيَاح رسم الدَّار: تداوَلته،
فَمرَّة تَهُبّ جَنُوباً، وَمرة تهبّ شمالاً، وَمرة قَبُولاً، وَمرة
دَبُوراً.
وَمنه قَول الْأَعْشَى:
دِمْنة تَفْرة تعاوَرَها الصي
ف بريحين من صَبَا وَشَمالِ
وَقال أَبُو زيد: تعاوَرنا العواريّ تعاوُراً إِذا أعَار بَعْضكُم
بَعْضًا، وتعوَّرنا تعوُّراً إِذا كنت أَنْت الْمُسْتَعِير،
وَتَعاوَرنا فلَانا ضربا إِذا ضَربته مرّة، ثمَّ صاحبُك، ثمَّ الآخر
أَيْضا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التعاور والاعتوار: أَن يكون هَذَا مَكَان
هَذَا وَهَذَا مَكَان هَذَا يُقَال اعتوراه وابتدَّاه، هَذَا مرّة
وَهَذَا مرّة، وَلَا يُقَال: ابتدّ زيد عمرا، وَلَا اعتور زيد عمرا.
وَيُقَال للحمار الأهلي والوحشي: عَيْر، وَيجمع أعياراً. وَقد يُقَال:
المَعْيُوراء ممدودة؛ قَالَ ذَلِك الْأَصْمَعِي؛ مثل المعلوجاء،
والمشيوخاء، والمأتوناء، يمدّ ذَلِك كُله ويُقصر. وَمن أمثالهم إِن ذهب
عَيْر فعَيْر فِي الرِّبَاط. وَمن أمثالهم أَيْضا فلَان أذلّ من
العَيْر، فبعضهم يَجعله الْحمار الأهلي، وَبَعْضهمْ يَجعله الوتِد.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الرِّضَا بالحاضر ونسيان الْغَائِب
قَوْلهم: إِن ذهب
(3/105)
عير فَعير فِي الرِّبَاط قَالَ: وَلأَهل
الشَّام فِي هَذَا مثل: عَيْر بعَيْر، وزيادهَ عشرَة. وَكَانَ خلفاء
بني أُميَّة كلَّما مَاتَ وَاحِد زَاد الَّذِي يخلُفه فِي عطائهم
عشرَة، فَكَانُوا يَقُولُونَ هَذَا عِنْد ذَلِك.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَول
الْعَرَب: أَتَيْته قبل عَيْر وَمَا جرى، قَالَ: العير الْمِثَال
الَّذِي فِي الْحَدقة يُسمى اللُّعبة. قَالَ: وَالَّذِي جرى الطَرْف،
وجَرْيه حركته. وَالْمعْنَى: قبل أَن يطرِف الْإِنْسَان.
وَقَالَ الشماخ:
وتعدو القِبصَّى قبل عَيْر وَمَا جرى
وَلم تدر مَا بالي وَلم تدر بالها
قَالَ والقِبِصّى والقمصى: ضرب من العَدْو فِيهِ نَزْو.
وَيُقَال: فلَان ظَاهر الأعيار أَي ظَاهر الْعُيُوب وَقَالَ الرَّاعِي:
ونبتَّ شرَّبني نُمَير منصِبا
دَنِس الْمُرُوءَة ظَاهر الأعيار
قَالَ: كَأَنَّهُ مِمَّا يعيّر بِهِ.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: أَخْبرنِي أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي عَن أبي
عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه قَالَ: مَاتَ من يحسن تَفْسِير بَيت
الْحَارِث بن حِلّزة:
زَعَمُوا أَن كل من ضرب العَيْ
ر مُوَال لنا وأنّا الوَلاء
قَالَ أَبُو عَمْرو: العَيْر: هُوَ الناتىء فِي بؤبؤ الْعين.
وَمَعْنَاهُ أَن كل من انتبه من نَومه حَتَّى يَدُور عَيْره جنى
جِنَايَة فَهُوَ مولى لنا، يَقُولُونَهُ ظلما وتجنّياً. قَالَ: وَمِنْه
قَوْله أَتَيْتُك قبل عَيْر وَمَا جرى، أَي قبل أَن ينتبه نَائِم.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي قَوْله: وَمَا جرى: أَرَادوا جريه،
أَرَادوا الْمصدر.
وَقيل فِي قَول ابْن حِلّزة: إِن العير جَبَل بالحجاز. وَفِي الحَدِيث
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرّم مَا بَين عَيْر إِلَى
ثَوْر، وهما جبلان. وَقيل: العَيْر وادٍ فِي قَوْله:
وواد كجوف العَيْر قفرٍ هبطته
وَقَول كجوف العَيْر أَي كوادي العير، وكلّ وَاد عِنْد الْعَرَب جَوْف.
وَقَالَ اللَّيْث: العَيْر: اسْم مَوضِع كَانَ مخصِباً، فغيَّره
الدَّهْر فأقفر، فَكَانَت الْعَرَب تُضرب بِهِ المَثَل فِي الْبَلَد
الموحش.
وَقيل: العَيْر الطبل وَالْعير: الْعظم الناتىء وسط الْكَتف.
قَالَ ابْن السّكيت. قَالَ: والعَيْر: عَيْر النصل، وَهُوَ الناتىء فِي
وَسطه وعَيْر القَدَم: الناتىء فِي ظهرهَا. وعَيْر الورقة: الناتىء فِي
وَسطهَا. قَالَ: والعِيرُ: الْإِبِل الَّتِي تحمل المِيرة.
وروى أَبُو سَلمَة عَن الْفراء أَنه أنْشدهُ قَول ابْن حلزة: زَعَمُوا
أَن كل من ضرب العير موَالٍ لنا بِكَسْر الْعين قَالَ: والعِير:
الْإِبِل، موَالٍ لنا أَي الْعَرَب كلهم موَالٍ لنا من أَسْفَل، لأَنا
أسرنا فيهم فلنا نعم عَلَيْهِم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَول
الله جلّ وعزّ: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} (يُوسُف: 94) إِنَّهَا
كَانَت حُمُراً.
(3/106)
قَالَ: وَقَول من قَالَ: العير الْإِبِل
خاصّة بَاطِل، كل مَا امتِير عَلَيْهِ من الْإِبِل وَالْحمير
وَالْبِغَال فَهِيَ عِير.
قَالَ: وأنشدنا نُصَير لأبي عَمْرو السعدني فِي صفة حَمِير سمّاها
عِيراً، فَقَالَ:
أهكذا لَا ثَلَّة وَلَا لبنْ
وَلَا يذكين إِذا الَّذين اطْمَأَن
مُفَلطحات الرَوْث يأكن الدِمن
لَا بدّ أَن يخترن مني بَين أَن
يُسَقَن عيرًا أَو يُبَعن بِالثّمن
قَالَ وَقَالَ نصير: الْإِبِل لَا تكون عِيرا حَتَّى يُمتار عَلَيْهَا.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: أَخْبرنِي أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: العِير من الْإِبِل: مَا كَانَ عَلَيْهِ حِمْله
أَو لم يكن. قَالَ: والعَيْر جمع عائر، وَهُوَ النشيط وَهُوَ مدح وذمّ.
قَالَ: وَفرس عَيَّار إِذا عَار، وَفرس عَيَّار إِذا نشِط، فركِب
جانباً ثمَّ عدل إِلَى جَانب آخر من نشاطه.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
وَلَقَد رأيتَ فوارساً من رهطنا
غَنَظوك غَنْظ جَرَادَة الْعيار
قيل: أَرَادَ بجرادة العيّار جَرَادَة وَضعهَا فِي فِيهِ فأفلتت من
فِيهِ. وَقيل: جَرَادَة الْعيار اسْم فرس والعيار اسْم رجل، قَالَ
ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي والأصمعي وَأبي زيد: عايرت المكاييل
وعاورتها كَقَوْلِهِم: عيّرتها. وَقَالَ أَبُو الْجراح مثله. ذكر ذَلِك
فِي بَاب مَا خَالَفت الْعَامَّة فِيهِ لُغَة الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: العِيَار: مَا عايرْت بِهِ المكاييل؛ فالعِيار
صَحِيح تامّ وافٍ. تَقول: عايرت بِهِ أَي سوّيته وَهُوَ العِيَار
والمعيار. قَالَ: وعيَّرت الدِّينَار وَهُوَ أَن تلقي دِينَارا
دِينَارا فتوازن بِهِ دِينَارا دِينَارا. وَكَذَلِكَ عيّرت تعييراً
إِذا وزنت وَاحِدًا وَاحِدًا. يُقَال هَذَا فِي الْكَيْل وَالْوَزْن.
قلت: وَفرق اللَّيْث بَين عايرت وعيّرت فَجعلت عايرت فِي الْمِكْيَال
وعيّرت فِي الْمِيزَان. وَالصَّوَاب مَا روينَاهُ لأبي عبيد عَن
أَصْحَابه فِي عايرت وعيّرت فَلَا يكون عيّرت إلاّ من الْعَار
والتعيير.
وَأنْشد أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى قَول الشَّاعِر:
وجدنَا فِي كتاب بني تَمِيم
أحقُّ الْخَيل بالركض المعَار
فَقَالَ اخْتلف النَّاس فِي المُعَار. فَقَالَ بَعضهم: هُوَ المنتوف
الذَّنب وَقَالَ قوم: المعار السمين وَقَالَ قوم المعار: المُضَمَّر
المُقَدَّح.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَحده: هُوَ من الْعَارِية. وَأنْشد غَيره:
أعيروا خيلكم ثمَّ اركبوها
وَقَالَ معنى أعيروها أَي ضمّروها بترديدها من عَار يعير إِذا ذهب
وَجَاء. وَقيل للمضمَر: مُعار لِأَن طَريقَة مَتنه نتأت، فَصَارَ لَهَا
عَيْر ناتىء. وَأنْشد الْبَاهِلِيّ قَول الراجز:
وَإِن أعارت حافراً معارا
وَأْباً حمت نسورَه الأوقارا
(3/107)
وَقَالَ: معنى أعارت: رفعت وحوَّلت. قَالَ:
وَمِنْه إِعَارَة الثِّيَاب والأدوات. قَالَ: واستعار فلَان سَهْما من
كِنَانَته أَي رَفعه. وحوّله مِنْهَا إِلَى يَده. وَأنْشد قَوْله:
هثّافة تخْفض من نذيرها
وَفي الْيَد الْيُمْنَى لمستعيرِها
شهباء تُروِي الريشَ من بصيرها
شهباء: مِعْبَلَة. وَالْهَاء فِي مستعيرها لَهَا وَالبصير: طَريقَة
الدَّم.
وَقَالَ بشر بن أبي خازم:
كَأَن خَفِيف منخره إِذا مَا
كَتَمن الرَبْو كِير مستعار
قيل فِي قَوْله: مستعار قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه استعير فأُسرع العملُ بِهِ مبادرة لارتجاع صَاحبه
إيّاه.
وَالثاني: أَن تَجْعَلهُ من التعاور، يُقَال: استعرنا الشَّيْء
وَاعتورناه وَتعاوَرناه بِمَعْنى وَاحد عَارَ عَيْنَه وَيقال: عارت
عينه تعار، وعوِرت تَعْوَر، وَاعورَّت تعورّ، وَاعوارَّت تعوارّ
بِمَعْنى وَاحد. وَيُقَال: يَعُورها إِذا عوَّرها.
وَمنه قَول الشَّاعِر:
فجَاء إِلَيْهَا كاسراً جفن عينه
فَقلت لَهُ من عَار عَيْنك عنترة
يَقُول: من أَصَابَهَا بعُوَّار، وأعارها من العائر.
وَقَالَ ابْن بزرج: يُقَال: عَار الدمعُ يعير عَيَراناً إِذا سَالَ.
وَأنْشد:
وربت سَائل عني حفِيّ
أعارت عينه أم لم تعارا
أَي أدمعت عينه. وَقَالَ اللَّيْث: عارت عينه فِي هَذَا الْبَيْت
بِمَعْنى عورت وَلَيْسَ بِمَعْنى دَمَعَتْ؛ لأَنهم يَقُولُونَ عَار
يعير بِمَعْنى دمع.
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: بِعَيْنِه ساهِك وعائر وهما من الرَمَد.
قَالَ: والعُوَّار مثل القذى بِالتَّشْدِيدِ:
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: العُوَّار: الرمد. العُوَّار الرمَد الَّذِي
فِي الحَدَقة.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: العَوَار: الْعَيْب بِفَتْح الْعين فِي
الثَّوْب. وَقَالَ ذُو الرمَّة:
تُبَيِّنُ نِسْبَة المَرَئيّ لوما
كَمَا بيَّنت فِي الأدَم العَوارا
وَقَالَ اللَّيْث: العائر غَمَصة تَمُضّ الْعين، كَأَنَّمَا وَقع
فِيهَا قذًى وَهُوَ العُوّار. قَالَ: وَعين عائرة: ذَات عُوّار. قَالَ:
وَلَا يُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى عارت، إِنَّمَا يُقَال عارت الْعين
تعار عَوَاراً إِذا عوَّرت. وَأنْشد:
أعارت عينه أم لم تعارا
قَالَ وأَعْور الله عين فلَان، وعورها. وَرُبمَا قَالُوا: عُرْت عينه.
قَالَ: وعَوِرت عينه واعورَّت إِذا ذهب بصرها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم: كلب عائر خير من كلب رابض.
فالعائر المتردّد، وَبِه سمي العَيْر لِأَنَّهُ يعِير فيتردّد فِي
الفلاة. وَيُقَال: جَاءَهُ سهم عائر فَقتله وَهُوَ الَّذِي لَا يُدرى
من رَمَاه.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
أخْشَى على وَجهك يَا أَمِير
(3/108)
عوائراً من جندل تعير
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: العُوَّار: الرجل الجبان. وَجمعه
العواوير.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العواوير: الخطاطيف. وَهِي
الأقذاء فِي الْعين، وَالْوَاحد مِنْهَا عُوَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: العُوَّار: ضرب من الخطاطيف أسود طَوِيل الجناحين.
قَالَ: والعُوَّار: الجبان السَّرِيع الْفِرَار وَالْجَمَاعَة
العواوير. وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: أعْوَرُ عَيْنَك والحَجَر.
قَالَ اللَّيْث: يُسمى الْغُرَاب أَعور، ويصاح بِهِ فَيُقَال: عُوَير.
وَأنْشد:
وصحاحُ الْعُيُون يُدعَون عُورا
وَإِنَّمَا سمي الْغُرَاب أَعور لحدّة بَصَره، كَمَا يَقُولُونَ
للأعمى: أَبُو بَصِير، وللحبشي: أَبُو الْبَيْضَاء.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للكلمة القبيحة: عوراء، وللكلمة
الحَسَنة عَيْناء. وَأنْشد قَول الشَّاعِر:
وعوراء جَاءَت من أَخ فرددتها
بسالمة الْعَينَيْنِ طالبةٍ عذرا
أَي بِكَلِمَة حَسَنَة لم تكن عوراء والعَوَر شين وقبح.
وَقَالَ اللَّيْث العوراء: الْكَلِمَة الَّتِي تهوِي فِي غير عقل وَلَا
رُشْد. قَالَ: ودجلة العوراء بالعراق بمَيْسان وَيُقَال للأعمى بَصِير،
وللأعور أَحول. قلت رَأَيْت بالبادية امْرَأَة عوراء، كَانَ يُقَال
لَهَا الحولاء، وَقد يَقُولُونَ للأحول أَعور قَالَ والعَوَر: خَرْق
أَو شَقّ يكون فِي الثَّوْب. قَالَ: والعَوَر: ترك الْحق. وَقَالَ
العجاج:
وعوّر الرحمنُ من ولّى العَوَر
أَرَادَ من ولاه العور.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَوَر: الرداءة فِي كل شَيْء.
قَالَ: وَالْعرب تَقول للَّذي لَيْسَ لَهُ أَخ من أَبِيه وَأمه: أَعور.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال للرجل إِذا كثر مَاله: ترِد على فلَان
عائرةُ عين، وعائرة عينين أَي ترد عَلَيْهِ إبل كَثِيرَة، كَأَنَّهَا
من كثرتها تملأ الْعَينَيْنِ، حَتَّى تكَاد تَعُورها أَي تفقؤها.
يُقَال: عَار عينَه وعوَّرها.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ أَنَّهَا من كثرتها تعِير فِيهَا
الْعين.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أصل ذَلِك أَن الرجل من الْعَرَب فِي
الْجَاهِلِيَّة كَانَ إِذا بلغ أبلُه ألفا عَار عين بعير مِنْهَا،
فأرادوا بعائرة الْعين ألفا من الْإِبِل تعُور عينُ وَاحِد مِنْهَا.
وَقَالَ شمر: عورت عُيُون الْمِيَاه إِذا دفنتها وسددتها، وعوَّرت
الرَّكية إِذا كبستها بِالتُّرَابِ حَتَّى تنسد عيونها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُوَّار: الْبِئْر الَّتِي لَا يُستقى
مِنْهَا. قَالَ: وعوَّرْت الرجل إِذا استسقاك فَلم تسقه وَقَالَ
الفرزدق:
مَتى مَا ترد يَوْمًا سفارِ تَجِد بِهِ
أديهم يَرْمِي المستجيز المعوَّرا
سَفَارِ: اسْم مَاء، والمستجيز الَّذِي يطْلب المَاء؛ وَالْعرب تصغر
الْأَعْوَر عُوَيرا، وَمِنْه قَوْلهم كُسَير وعوير، وكل غيرُ خير.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {النَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ
بُيُوتَنَا
(3/109)
عَوْرَةٌ وَمَا} (الْأَحْزَاب: 13)
الْقُرَّاء أَجمعُوا على تسكين الْوَاو من عَورَة، وَذكر عَن بَعضهم
فِي شواذّ الْقرَاءَات أَنه قَرَأَ (عَوِرة) على فَعِلة. وَالْعرب
تَقول: قد أَعور منزلُك إِذا بَدَت مِنْهُ عَورَة، وأعور الفارسُ إِذا
كَانَ فِيهِ مَوضِع خللٍ للضرب. وَقَالَ الشَّاعِر يصف الْأسد:
لَهُ الشَّدَّة الأولى إِذا القِرْن أعورا
قَالَ وَإِنَّمَا أَرَادوا بقَوْلهمْ {النَّبِىَّ يَقُولُونَ إِنَّ}
أَي ممكِنة للسُرّاق؛ لخلوتها من الرِّجَال، فأكذبهم الله جلّ وعزّ
وَقَالَ: {بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا} وَلَكِن يُرِيدُونَ الْفِرَار.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله {إِن بُيُوتنَا عَورَة أَي مُعورة
أَي بُيُوتنَا ممّا يَلِي العدوّ وَنحن نُسرق مِنْهَا، فَأعْلم الله
أَن قصدهم الْهَرَب. قَالَ: وَمن قَرَأَ (عَوِرة) فمعناها: ذَات عَورَة
{هِىَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ} (الأحزَاب: 13) الْمَعْنى: مَا
يُرِيدُونَ تحرّزاً من سَرَق، وَلَكِن يُرِيدُونَ الْفِرَار عَن نصْرَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَيُقَال: لَيْسَ كل عَورَة تصاب. وَمَا يُعور لفُلَان الشَّيْء إلاّ
أَخذه.
وَقَالَ أَبُو زيد: مَا يُعْوِز بالزاي.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الزَّاي تَصْحِيف، وفسّر يُعور: لَيْسَ يرى شَيْئا
لَا حَافظ لَهُ إلاَّ أَخذه لَا يتحرَّج.
وَفِي الْمثل: لَيْسَ كل عَورَة تصاب أَي لَيْسَ كل خَال من الْحفاظ
يُؤْخَذ.
ابْن الْأَعرَابِي: المُعْور: الْمُمكن البيّن الْوَاضِح. وَأنْشد
لكثيّر:
كَذَاك أذود النَّفس يَا عَزَّ عَنْكُم
وَقد أعورت أسرابُ من لَا يذودها
أعورت: أمكنت. وَمَكَان مُعْوِر إِذا كَانَ مخوّفاً.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: رجل مُعور وزقاق معور. والعامة تَقول:
معوز بالزاي، وَلَا يجوز ذَلِك. وَيُقَال للشَّيْء الضائع البادي
الْعَوْرَة: مُعْوِر.
وَقَالَ اللَّيْث الْعَوْرَة سوءة الْإِنْسَان، وكل أَمر يُستحيا
مِنْهُ فَهُوَ عَورَة، وَالنِّسَاء عَورَة، والعورة فِي الثغور وَفِي
الحروب: خَلَل يُتخوف مِنْهُ القتلُ. وَقَوله {النَّبِىَّ يَقُولُونَ
إِنَّ} (الْأَحْزَاب: 13) أَي لَيست بحريزة، وَمن قَرَأَ عَوِرة ذكّر
وأنّث، وَمن قَرَأَ (عَورة) قَالَ فِي التَّذْكِير والتأنيث وَالْجمع
(عَوْرة) كالمصدر.
وَقَوله جلّ وعزّ {ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ} (النُّور: 58) على معنى
لِيَسْتَأْذِنكُم ثَلَاث عورات أَي فِي أَوْقَات ثَلَاث عَوْرات لكم.
وَقد فَسرهَا الله.
ابْن السّكيت عَن الْفراء: يُقَال مَا أَدْرِي أَي الْجَرَاد عاره، أيْ
أيّ النَّاس أَخذه. قَالَ: وَلَا ينطقون فِيهِ بيفعل، وَقد قَالَ
بَعضهم: يَعيره. وَيُقَال معنى عاره أَي أهلكه.
أَبُو زيد عوَّرت عَن فلَان مَا قيل لَهُ تعويراً أَي وكذّبت عَنهُ مَا
قيل لَهُ تَكْذِيبًا. وَقَول العجاج:
وعوّر الرحمان من ولّى العور
يَقُول: أفسد الرحمان من جعله وليا للعَوَر، وَهُوَ قبح الْأَمر
وفساده. وَيُقَال
(3/110)
عوَّرت عَلَيْهِ أمره تعويرا أَي قبّحته
عَلَيْهِ.
وَيُقَال: عَوْرَته عَن المَاء تعويرا أَي حَلَّأته. وعوَّرته عَن
حَاجته: منعته.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عَمْرو: التعوير: الردّ، عَوْرَته عَن
حَاجته: رَددته عَنْهَا.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: عورت عَن الرجل تعويراً، وعَوَّيت عَنهُ
تعوِية إِذا كذَّبت عَنهُ ورددت.
وَقَالَ ابْن الإعرابي: تعوَّر الكتابُ إِذا درس، وَكتاب أَعور: دارس.
قَالَ: والأعور: الدَّلِيل السيّء الدّلَالَة لَا يحسن يَدُلّ وَلَا
يَنْدلّ. وَأنْشد:
مَالك يَا أَعور لَا تندلّ
وَكَيف يندلّ امْرُؤ عِتْولُّ
قَالَ والعُوَّارى: شجر يُؤْخَذ جِراؤها فتُشدخ ثمَّ تُيَبَّس ثمَّ
تُذَرَّى ثمَّ تحمل فِي الأوعية إِلَى مَكَّة فتباع ويتّخذ مِنْهَا
مخانق. وَالْعرب تَقول للأحول الْعين: أَعور، وللمرأة الحولاء: هِيَ
عوراء.
وَيُقَال: فلَان عُيَيرِ وحدِه، وجَحَيش وَحده وهما اللَّذَان لَا
يشاوران النَّاس وَلَا يخالطانهم، وَفِيهِمَا مَعَ ذَلِك مهانة وَضعف.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فلَان عُيَير وحدِه أَي يَأْكُل وَحده وَيكون
وَحده.
وَيُقَال: لقِيت مِنْهُ ابْنة مِعْيَر يُرِيدُونَ الداهية والشدّة.
وَقَالَ الْكُمَيْت: بنى ابْنة مِعْور والأَقورينا
وَيُقَال: فلَان يعاير فلَانا ويكايله، أَي يساميه ويفاخره.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هما يتعايبان ويتعايران، فالتعاير السباب
ألف والتعايب دون التعاير إِذا عَابَ بَعضهم بَعْضًا.
وعر: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وعُر الطَّرِيق يَوْعُر، ووعَر يَعِر.
وَقَالَ شمر: الوَعْر: الْمَكَان الحَزن ذُو الوعورة، رمل وَعِر،
وَمَكَان وَعِر. وَقد وعِر يَوْعَر وَعَراً فَهُوَ وَعِر وأوعر ووَعُر،
وَقد أوعر القومُ إِذا وَقَعُوا فِي مَكَان وَعْر.
وَفِي حَدِيث أمّ زرع: زَوجي لحم جمل غَثّ على جبل وَعْر، لَا سهل
فيُرتَقى، وَلَا سمين فينتقى.
قلت: والوعورة تكون غِلَظاً فِي الْجَبَل، وَتَكون وُعُوثة فِي الرمل.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَعْر: الْمَكَان الصُلْب، وَفُلَان وَعْر
الْمَعْرُوف: قَليلَة.
أَبُو عبيد: قَلِيل شَقْن ووَتْح ووَعْر وَهِي الشُقُونة والوُتُوحة
والوُعُورة بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الفرزدق:
وفَتْ ثمَّ أدّت لَا قَلِيلا وَلَا وَعْرا
يصف أم تَمِيم أَنَّهَا ولدت فأنجبت وَأَكْثَرت. واستوعر القومُ
طريقَهم وأوعروا: وَقَعُوا فِي الوعر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الوعر الْموضع المخيف الوَحِش.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: شَعَر مَعِر وَعِر زَمِر بِمَعْنى وَاحِد.
اللحياني: وَعِر صَدره وَعَراً مثل وَغِر بالغين عقيبان.
ورع: قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الْأَصْمَعِي: الرِّعة: الهَدْي وَحسن
الْهَيْئَة، أَو سوء الْهَيْئَة.
(3/111)
يُقَال: قوم حَسَنَة رِعَتهم أَي شَأْنهمْ
وَأمرهمْ وأدبهم. وَأَصله من الوَرَع، وَهُوَ الكفّ عَن الْقَبِيح.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي قَالَ: الورَع: الجبان. وَقد ورُع يَوْرُع.
وَمن التحرج: وَرِع يَرِع رِعَة. وسُمّي الجبان دَرَعاً لإحجامه
ونكوصه. وَمِنْه يُقَال وَرَّعْتُ الْإِبِل عَن الْحَوْض إِذا رَددتهَا
فارتدَّت.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: ورِّع اللص وَلَا تراعِه.
قَالَ أَبُو عبيد: يَقُول: إِذا رَأَيْته فِي مَنْزِلك فادفعه واكففه
بِمَا اسْتَطَعْت، وَلَا تنْتَظر فِيهِ شَيْئا. وكل شَيْء كففته فقد
ورّعته.
قَالَ أَبُو زُبَيد
وورَّعت مَا يَكْبي الْوُجُوه رِعَايَة
ليحضُر خير أَو ليَقْصُر منْكر
يَقُول: ورعت عَنْكُم مَا يَكبي وُجُوهكُم، يمتَنّ بذلك عَلَيْهِم.
وَقَوله: وَلَا تراعِه يَقُول: وَلَا تنتظره، وكل شَيْء تنتظره فَأَنت
تراعيه وترعاه. وَمِنْه يُقَال: هُوَ يرْعَى الشَّمْس أَي ينْتَظر
وُجُوبهَا، والساهر يرْعَى النُّجُوم.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: رجل وَرِع إِذا كَانَ متحرّجاً. وَقد
وَرِع يرِع وَرَعاً. قَالَ: والوَرَع: الصَّغِير الضَّعِيف. يُقَال:
إِنَّمَا مَال فلَان أوراع أَي صغَار.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: وأصحابنا يذهبون بالورع إِلَى الجبان وَلَيْسَ
كَذَلِك. وَيُقَال: مَا كَانَ وَرَعاً وَلَقَد وَرُع يَوْرُع وُرْعاً
ووُروعاً ووَرَاعة، وَمَا كَانَ وَرِعاً وَلَقَد وَرِع يَرِع وَرَعاً
وَوَرَاعة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والموارعة المناطقة. وَقَالَ حسّان:
نشدت بني النجار أَفعَال وَالِدي
إِذا العانِ لم يُوجد لَهُ من يوارعه
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي مثل ذَلِك فِيمَا رَوَى عَنهُ ثَعْلَب.
وَيُقَال: أورعت بَين الرجلَيْن وورّعت أَي حجزت.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: أورعت بَين الرجلَيْن وورّعت أَي حجزت.
وَقَالَ: التوريع: الكفّ وَالْمَنْع.
وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
فبتنا نورّعه باللجامْ
نُرِيد بِهِ قَنَصا أَو غِوَارا
أَي نكفّه، وَمِنْه الوَرَع فِي التحرج. يُقَال: وَرِعٌ بَين الوَرَع.
وَقد وَرِع يَرِع.
وَأنْشد الْمَازِني فِي الوريعة:
وردّ خليلَنا بعطاء صدق
وأعقبه الوريعةَ من نِصَاب
الوريعة اسْم فرس ونصاب اسْم فرس كَانَ لمَالِك بن نُوَيْرَة، إِنَّمَا
يُرِيد أعقبه الوريعة من نسل نُصاب.
والوريعة: وَاد مَعْرُوف فِيهِ شجر كثير.
وَقَالَ الرَّاعِي يذكر الهوادج:
تخيّرن من أثل الوريعة وانتحى
لَهَا الْقَيْن يَعْقُوب بفأس ومبرد
روع ريع: الرَوْع: الْفَرْع. يُقَال: راعني هَذَا الْأَمر يروعني،
وارتعْت مِنْهُ، وروَّعته
(3/112)
فتروَّع.
وَقَالَ اللَّيْث: وَكَذَلِكَ كل شَيْء يَروعك مِنْهُ جمال وَكَثْرَة،
تَقول: راعني فَهُوَ رائع. وَفرس رائع. والأرْوع من الرِّجَال: من لَهُ
جسم وجَهَارة وَفضل وسؤدد. وَهُوَ بيِّن الرَوَع. قَالَ وَالْقِيَاس
فِي اشتقاق الْفِعْل مِنْهُ روِع يَرْوَع رَوَعاً. قَالَ ورُوع الْقلب:
ذهنه وخَلَده. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: (إِن رُوح الْقُدس نفث فِي رُوعي وَقَالَ: إِن نفسا لن تَمُوت
حَتَّى تستوفي رزقَها، فاتّقوا الله وأجملوا فِي الطّلب) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ كَقَوْلِك: فِي خَلَدي وَفِي نفْسي
وَنَحْو ذَلِك.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: أَفرخَ رَوْعُك أَي انْكَشَفَ فزعك، هَكَذَا
رُوي لنا عَن أبي عبيد: أفرخ رَوْعك، وفسّره لنا: ليذهبْ رُعبك وفزعك؛
فَإِن الْأَمر لَيْسَ على مَا تحاذِر قَالَ: وَهَذَا الْمثل لمعاوية،
كتب بِهِ إِلَى زِيَاد. وَذَلِكَ أَنه كَانَ على الْبَصْرَة، والمغيرة
بن شُعبة على الْكُوفَة فتوفِّي بهَا، فخاف زِيَاد أَن يولِّي معاويةُ
عبدَ الله بن عَامر مَكَانَهُ، فَكتب إِلَى مُعَاوِيَة يُخبرهُ بوفاة
الْمُغيرَة، وَيُشِير عَلَيْهِ بتولية الضَّحَّاك بن قيس مَكَانَهُ
فَفطن لَهُ مُعَاوِيَة وَكتب إِلَيْهِ: قد فهمت كتابك، فأمَرِخ رَرْعَك
أَبَا الْمُغيرَة، قد ضممنا إِلَيْك الْكُوفَة مَعَ الْبَصْرَة.
قلت: وكلّ من لقيتُه من اللغويين يَقُول: أفرخ رَوعُه بِفَتْح الرَّاء
من روعه، إِلَّا مَا أَخْبرنِي بِهِ الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم
أَنه كَانَ يَقُول: إِنَّمَا هُوَ أفرخ رُوعه بِضَم الرَّاء. قَالَ
وَمَعْنَاهُ: خرج الرَوْع من قلبه قَالَ وأفرِخْ رُوعَك أَي اسكُن
وامْن. فالرُوع مَوضِع الرَوْع وَهُوَ الْقلب. وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
جذلان قد أفرخت عَن رُوعِه الكُرَب
قَالَ: وَيُقَال: أفرخت الْبَيْضَة إِذا خرج الْوَلَد مِنْهَا. قَالَ:
والرَوْع الْفَزع، والفزع لَا يخرج من الْفَزع، إِنَّمَا يخرج من
الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ، وَهُوَ الرُّوع. قَالَ والرَّوع فِي الروع
كالفرخ فِي الْبَيْضَة. يُقَال أفرخت الْبَيْضَة إِذا انفلقَت عَن
الفرخ فَخرج مِنْهَا. قَالَ: وأفرخ فؤاد الرجل إِذا خرج رَوْعه مِنْهُ.
قَالَ وَقَلبه ذُو الرمة على الْمعرفَة بِالْمَعْنَى فَقَالَ:
جذلان قد أفرخت عَن رُوعه الكرب
قلت: وَالَّذِي قَالَه أَبُو الْهَيْثَم بيّن، غير أَنِّي أستوحِش
مِنْهُ؛ لانفراده بقوله. وَقد يَستدرك الْخلف على السّلف أَشْيَاء
رُبمَا زلّوا فِيهَا، فَلَا ينكَر إِصَابَة أبي الْهَيْثَم فِيمَا ذهب
إِلَيْهِ، وَقد كَانَ لَهُ حظّ من الْعلم موفور ح.
وَفِي الحَدِيث الْمَرْفُوع (إِن فِي كل أمة محدَّثين ومروَّعين، فَإِن
يكن فِي هَذِه الْأمة مِنْهُم أحد فَهُوَ عمر) . والمروع الَّذِي ألقِي
فِي رُوعه الصَّوَاب والصدق، وَكَذَلِكَ المحدَّث؛ كَأَنَّهُ حُدِّث
بِالْحَقِّ الْغَائِب فَنَطَقَ بِهِ.
وَيُقَال مَا راعني إلاّ مجيئك، مَعْنَاهُ: مَا شعَرت إلاّ بمجيئك،
كَأَنَّهُ قَالَ: مَا أصَاب رُوعي إلاّ ذَلِك.
وَقَالُوا: راعه أَمر كَذَا أَي بلغ الرَوْع مِنْهُ رُوعه.
(3/113)
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: راعني كَذَا
وَأَنا مَروع أَي وَقع فِي رُوعي، وَهُوَ النفْس. والرَوْع. الْخَوْف.
وَيُقَال: سقاني فلَان شربةً رَاع بهَا فُؤَادِي أَي بَرَد بهَا غُلَّة
رُوعي بهَا وَمن قَول الشَّاعِر:
سقتني شربةً راعت فُؤَادِي
سَقَاهَا الله من حَوْض الرَّسُول
وَقيل: الرائع من الجَمَال: الَّذِي يُعجب رُوع من رَآهُ فيسرّه.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ يَعْقُوب ابْن السّكيت.
وَفِي (النَّوَادِر) : رَاع فِي يَدي كَذَا وَكَذَا، وراق مثله، أَي
فاد. ورِيع فلَان يُراع إِذا فزع.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب فرسا لأبي
طَلْحَة عُرْياً لَيْلًا لفزع نَاب أهل الْمَدِينَة فَلَمَّا رَجَعَ
قَالَ: لن تراعوا، لن تراعوا، إِنِّي وجدته بحراً، مَعْنَاهُ: لَا فزع
وَلَا رَوْع فاسكُتوا واهدءوا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَوْعة: المَسْحة من الْجمال.
والرَدْقة الْجمال الرَّائِق. والوَعْرة: البُقعة المخيفة.
وَيُقَال نَاقَة رُواعة الْفُؤَاد إِذا كَانَت شهمة ذكيّة.
وَيُقَال فرس رُوَاع بِغَيْر هَاء.
وَقَالَ ذُو الرمة:
رفعت لَهُ رحلي على ظهر عِرْمس
رُواع الْفُؤَاد حرَّة الْوَجْه عيطل
أَبُو زيد ارتاع للخير وارتاح للخير.
شمر روّع فلَان خبزه بالسمن وروّغه إِذا روّاه.
أَبُو عبيد: أراعت الْحِنْطَة إِذا زكتْ وأرْبَتْ تُربي بمعناها،
وَبَعْضهمْ يَقُول راعت، وَهُوَ قَلِيل. قَالَ:
وَقَالَ الْأمَوِي: أراعت الإبلُ إِذا كثر أَوْلَادهَا. وناقة مِرْياع؛
وَهِي الَّتِي يُعَاد عَلَيْهَا السّفر.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرَيْع: الزِّيَادَة يُقَال
طَعَام كثير الرَّيع. والرِّيع: الْمَكَان الْمُرْتَفع.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍءَايَةً}
(الشُّعَرَاء: 128) قَالَ وَقَالَ عُمارة: الرِيع: الْجَبَل.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: الرَّيع مصدر رَاع عَلَيْهِ الْقَيْء يَريعُ
إِذا عَاد إِلَى جَوْفه. ورُوي عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن
الصَّائِم يَذْرعه القيءُ هَل يفْطر؟ فَقَالَ: إِن رَاع مِنْهُ إِلَى
جَوْفه شَيْء فقد أفطر.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: إِن عَاد. وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء رَجَعَ
إِلَيْك فقد رَاع يريع. وَقَالَ طرفَة:
تَرِيع إِلَى صَوت المُهيب وتتّقي
بِذِي خُصَل روعاتِ أكلف مُلْبِد
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ
رِيعٍءَايَةً} قَالَ: يُقَال رِيع ورَيْع، ومعناهما الْموضع من الأَرْض
المرتفعُ.
وَمن ذَلِك كم رَيْع أَرْضك أَي كم ارْتِفَاع أَرْضك قَالَ: وَجَاء فِي
التَّفْسِير بِكُل رِيع: كل فج. قَالَ: والفج الطَّرِيق المنفرج فِي
(3/114)
الْجبَال خاصّة.
وَقَالَ الْفراء: الرِيع والرَيع لُغَتَانِ مثل الرِير والرَير.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
الرِيع: مَسِيل الْوَادي من كل مَكَان مشرف. وَجمعه أرياع وريوع.
قَالَ: وَأنْشد لِلرَّاعِي يصف إبِلا:
لَهَا سَلَف يعوز بِكُل رِيع
حَمَى الحوزات واشتهر الإفالا
قَالَ: السّلف: الْفَحْل. حمى الحوزات أَي حمى حَوْزاته ألاّ يدنو
مِنْهُنَّ فَحل سواهُ. واشتهر الإفال: جَاءَ بهَا تشبهه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَيْع: فضل كل شَيْء على أَصله؛ نَحْو رَيْع
الدَّقِيق، وَهُوَ فَضله على كَيل البُرّ، وريع البَذْر: فضل مَا يخرج
من النُزْل على أصل البَذْر. ورَيْع الدرْع فضول كُمَتِها على أَطْرَاف
الأنامل. قَالَ: ورَيْعان كل شَيْء أفضله وأوله، ورَيْعان الْمَطَر
أوّله. قَالَ والرِيع: السَّبِيل سُلِك أَو لم يسْلك.
شمر عَن أبي عَمْرو والأصمعيّ وَابْن الْأَعرَابِي: رَاع يَرِيع وَرَاه
يرِيه أَي رَجَعَ. وراع الْقَيْء عَلَيْهِ وَرَاه عَلَيْهِ أَي رَجَعَ.
وتَريَّع السرابُ وتريَّه إِذا ذهب وَجَاء. وتريَّعت الإهالةُ فِي
الْإِنَاء إِذا ترقرقت، وتريَّعت يَده بالجود إِذا فاضت. وناقة لَهَا
رَيْع إِذا جَاءَت بسير بعد سير، كَقَوْلِهِم: بِئْر ذَات غَيِّث.
شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: تريَّع السمنُ على الخبزة وتريَّغ وَهُوَ
خُلوف بعضه بأعقاب بعض. وتريَّعْتُ وتورعْت يَعْنِي: تلبَّثْت،
وتوقّفت. وَأَنا متريِّع عَن هَذَا الْأَمر، ومُثْنَوْنٍ، ومنتقِض، أَي
منتشر.
يعر: قَالَ اللَّيْث: اليَعْر: الشَّاة الَّتِي تُشدّ عِنْد زُبْية
الذِّئْب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اليَعْر: الجدي. وَأنْشد:
أسائل عَنْهُم كلّما جَاءَ رَاكب
مُقيما بأملاح كَمَا رُبط اليَعْرُ
قلت؛ وَهَكَذَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَهو الصَّوَاب، رُبط عِنْد
زُبْية الذِّئْب أَو لم يرْبط.
وَقَالَ اللَّيْث: اليُعَار: صَوت من أصوات الشَّاء شَدِيد. يُقَال
يَعَرت تَيْعر يُعَارا. وَنَحْو ذَلِك قَالَ غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَعُور: الشَّاة الَّتِي تبول على حالبها
وتَبْعَر، وتفسد اللَّبن.
قلت: هَذَا وهْم. شَاة يَعُور إِذا كَانَت كَثِيرَة اليُعَار. وَكَأن
اللَّيْث رأى فِي بعض الْكتب شَاة بعور بِالْبَاء فصحّفه وَجعله
يَعُورا بِالْيَاءِ.
أَبُو عبيد الْأَصْمَعِي: اليَعَارة: أَن يُعَارض الفحلُ النَّاقة
فيعارضها مُعَارضَة من غير أَن يُرْسل فِيهَا، وَأنْشد:
قَلَائِص يَلْقَحْن إلاّ يَعَارة
عراضا وَلَا يُشْرَين إلاّ غواليا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يَعارة: لَا تُضرب مَعَ الْإِبِل، وَلَكِن يَعار
إِلَيْهَا الْفَحْل. وَذَلِكَ لكرمها.
(3/115)
قلت: قَوْله يعَار إِلَيْهَا الْفَحْل
محَال. وَمعنى بَيت الرَّاعِي هَذَا أَنه وصف نَجَائِب لَا يُرْسل
فِيهَا الْفَحْل ضِنّاً بِطرقها، وإبقاء لقوَّتها على السّير؛ لِأَن
لقاحها يُذهب مُنَّتها. وَإِذا كَانَت عائطاً فَهُوَ أبقى لسيرها،
وأقلّ لتعبها. وَمعنى قَوْله إلاّ يعارة يَقُول: لَا تَلْقح إلاّ أَن
يُفْلِت فَحل من إبل أُخْرَى فيعير ويضربها فِي عَيْرانه.
وَكَذَلِكَ قَالَ الطرماح فِي نجيبة حَمَلت يَعَارة:
سَوف تدنيك من لميسٍ سبنتا
ة أمارت بالبول مَاء الكراض
أنضجته عشْرين يَوْمًا ونِيلت
حِين نيلت يَعَارة فِي عراض
أَرَادَ أَن الْفَحْل ضربهَا يعارة فَلَمَّا مضى عَلَيْهَا عشرُون
لَيْلَة من يَوْم طرقها الْفَحْل أَلْقَت ذَلِك المَاء الَّذِي كَانَت
عقدت عَلَيْهِ، فَبَقيت مُنّتها كَمَا كَانَت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: معنى اليَعَارة أَن النَّاقة إِذا امْتنعت
على الْفَحْل عارت مِنْهُ أَي نفرت تعار فيعارضها الْفَحْل فِي عَدْوها
حَتَّى ينالها فيستنيخها ويضربها. قَالَ: وَقَوله: (يَعارة) إِنَّمَا
يُرِيد عائرة فَجعل يعارة اسْما لَهَا وَزَاد فِيهِ الْهَاء وَكَانَ
حَقه أَن يُقَال: عارت تعير، فَقَالَ: يعار لدُخُول أحد حُرُوف الْحلق
فِيهِ. قَالَ والعَيَّار الَّذِي ينفر، يَجِيء وَيذْهب فِي الأَرْض
وَفرس عَيّار: نافر ذَاهِب فِي الأَرْض.
ومِن، بَاب عور رَوَى أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: رجل
مُعْور، وزقاق مُعْور، والعامة تَقول: معوز: وَلَا يُقَال ذَلِك.
قَالَ: وَيُقَال للشَّيْء الضائع البادي الْعَوْرَة أَيْضا: مُعْوِر.
قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: مَا يُعْوز لَهُ
شَيْء بالزاي إلاَّ أَخذه؛ كَقَوْلِهِم مَا يَطِفّ لَهُ شَيْء وَلَا
يوهِف لَهُ شَيْء إِلَّا أَخذه. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: صحَّف
أَبُو زيد. قَالَ وَتَفْسِيره أَنه لَيْسَ يرى شَيْئا لَا حَافظ لَهُ
إلاَّ أَخذه لَا يتحرج. قَالَ: وَمثل من أمثالهم: لَيست كل عَورَة
تصاب. يَقُول: لَيْسَ كل خَال من الْحفاظ يُؤْخَذ، رُبما غُفِل عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: وَالَّذِي قَالَه أَبُو زيد فِيمَا زعم مَشْهُور
عِنْد الْعَرَب مَا يعوز لَهُ شَيْء إلاّ ذهب بِهِ مثل مَا يوهف.
يرع: قَالَ ابْن دُرَيْد: اليَرُوع لُغَة مَرْغُوب عَنْهَا لأهل
الشِّحر؛ كَانَ تَفْسِيرهَا: الرُعْب والفزع.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: اليَرَاع: القَصَب، الْوَاحِدَة يَرَاعة.
قَالَ: القصبة الَّتِي ينْفخ فِيهَا الرَّاعِي تسمى اليراعة. وَأنْشد:
أحِنُّ إِلَى ليلى وَإِن شَطّت النَوَى
بليلى كَمَا خَنّ اليراع المثقَّب
وَيُقَال للرجل الجبان: يراع ويراعة. قَالَ: واليَرَاع كالبعوض يَغشى
الْوَجْه، الْوَاحِدَة يراعة. قَالَ عَمْرو بن بَحر: نَار اليراعة قيل
هِيَ نَار أبي حُباحب، وَهِي شَبيهَة بِنَار الْبَرْق. قَالَ:
واليراعة: طَائِر صَغِير، إِن طَار بِالنَّهَارِ كَانَ كبعض الطير،
وَإِن طَار بِاللَّيْلِ فَكَأَنَّهُ شهَاب قُذف، أَو مِصْبَاح يطير.
وَأنْشد:
أَو طَائِر يدعى اليراعة إِذْ تُرى
(3/116)
فِي حِنْدِس كضياء نَار منوِّر
(بَاب الْعين وَاللَّام)
(ع ل (وَا يء))
علا (عَليّ) ، عول، لعا، لوع، ولع، وعل، عيل.
علا (على) : قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَمُسلم البَطِين فِي قَول الله
جلّ وعزّ: {يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ تِلْكَ الدَّارُ الاَْخِرَةُ
نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى الاَْرْضِ وَلاَ
فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القَصَص: 83) قَالَ:
العلُوّ: التكبّر فِي الأَرْض. وَقَالَ الْحسن: الْفساد: الْمعاصِي.
وَقَالَ مُسلم: الْفساد: أَخذ المَال بِغَيْر حقّ؛ وَقَالَ الله جلّ
وعزّ: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الاَْرْضِ
وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً} (القَصَص: 4) جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن
مَعْنَاهُ: طَغى فِي الأَرْض. وَقَوله جلّ وعزّ: {وَلَتَعْلُنَّ
عُلُوّاً كَبِيراً} (الإسرَاء: 4) مَعْنَاهُ: لتبْغُنّ ولتتعظمُنّ،
يُقَال لكل متجبّر: قد علا وتعظّم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تعلّى فلَان إِذا هجم على قوم بِغَيْر
إِذن، وَكَذَلِكَ دَمَق وَدمَر.
على: على لَهَا مَعَان، والقُراء كلهم يفخّمونها؛ لِأَنَّهَا حرف
أَدَاة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَول
الله تَعَالَى: {ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنْكُمْ}
(الأعرَاف: 63) جَاءَ فِي التَّفْسِير: مَعَ رجل مِنْكُم؛ كَمَا تَقول:
جَاءَنِي الْخَيْر على وَجهك وَمَعَ وَجهك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال رميت عَن الْقوس ورميت عَلَيْهَا، وَلَا
تقل: رميت بهَا. وأَنشد:
أرمي عَلَيْهَا وَهِي فَرْع أجمعُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَقُولُونَ إِذا كَانَ لَهُ مَال: عَلَيْهِ مَال
وَلَا يَقُولُونَ لَهُ مَال وَيَقُولُونَ: عَلَيْهِ دين، ورأيته على
أوفاز كَأَنَّهُ يُرِيد النهوض. وَيَجِيء على بِمَعْنى (عَن) قَالَ
الله جلّ وعزّ: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ}
(المطفّفِين: 2) مَعْنَاهُ: إِذا اكتالوا عَنْهُم. وتجيء على بِمَعْنى
عَنهُ. قَالَ مُزاحم العُقَيليّ:
غَدَتْ من عَلَيْهِ بعد مَا تمّ ظمِؤها
تَصِلّ وَعَن قيض بزبزا مَجْهَل
قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: غَدَتْ من عِنده. قَالَ ابْن كيسَان:
عَلَيْك ودونك وعندك إِذا جُعلن أَخْبَارًا رَفعن الْأَسْمَاء،
كَقَوْلِك عَلَيْك ثوب، وعندك مَال، ودونك خير. ويُجعلن إغراء فيُجرين
مجْرى الْفِعْل فينصبن الْأَسْمَاء. يَقُول: عَلَيْك زيدا، ودونك عمرا،
وعندك بكرا أَي الزمه وخذه، وَأما الصِّفَات سواهن فيَرفعن إِذا جُعلن
أَخْبَارًا وَلَا يُغرى بِهن.
قَالَ الزّجاج فِي قَوْلهم: عَلَيْهِم وإليهم: الأَصْل علاهم وإلاهم؛
كَمَا تَقول: إِلَى زيد وعَلى زيد، إلاَّ أَن الْألف غُيِّرت مَعَ
الْمُضمر، فأبدلت يَاء ليُفصل بَين الْألف الَّتِي فِي آخر المتمكنة،
وَبَين الْألف فِي غير المتمكنة الَّتِي الْإِضَافَة لَازِمَة لَهَا؛
أَلا ترى أَن إِلَى وعَلى ولدى لَا تنفرد عَن الْإِضَافَة. وَقَالَت
الْعَرَب: فِي كِلاَ فِي حَال النصب والجرّ: رَأَيْت كليهمَا وكليكما،
ومررت بكليهما، ففصلت بَين الْإِضَافَة إِلَى الْمظهر والمضمر، لما
كَانَت كِلاَ تنفرد وَلَا تكون كلَاما إلاّ بِالْإِضَافَة.
(3/117)
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال:
أَتَيْته من عَلُ بِضَم اللَّام، وأتيته من عَلُو بِضَم اللَّام
وَسُكُون الْوَاو، وأتيته من عَلِي بياء سَاكِنة، وأتيته من عَلْوُ
بِسُكُون اللَّام وضمّ الْوَاو، وَمن عَلْوَ ومَن عَلْوِ وَأنشد:
من عَلْوَ لَا عَجَب مِنْهَا وَلَا سَخَر
وَيروى من عَلْوُ وَمن عَلْوِ. قَالَ وَيقال: أَتَيْته من عالٍ وَمن
مُعَالٍ. وَأنشد:
ظمأى النَسَا من تحتُ، ريّا من عالْ
وَأنشد فِي معال:
وَنَغَضان الرحل من مُعالِ
وَقال الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَبِيراً عَالِيَهُمْ ثِيَابُ
سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاوِرَ} (الإنسَان: 21) قرىء (عاليهم) بِفَتْح الْيَاء و
(عاليهم) بسكونها. قَالَ الْفراء: من فتح (عاليهم) جعلهَا كالصفة:
فَوْقهم. قَالَ: وَالعرب تَقول: قوتك دَاخل الدَّار فَيَنْصبُونَ دَاخل
لِأَنَّهُ محلّ، فعاليهم من ذَلِك.
وَقَالَ الزّجاج: لَا يُعرف (عالَيا) فِي الظروف. قَالَ: ولعلّ الْفراء
سمع بعالي فِي الظروف. قَالَ: وَلَو كَانَ ظرفا لم يجز إسكان الْيَاء،
وَلَكِن نَصبه على الْحَال من شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا من الْهَاء
وَالْمِيم فِي قَوْله: {سَلْسَبِيلاً وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ
مُّخَلَّدُونَ} (الْإِنْسَان: 19) ثمَّ قَالَ {كَبِيراً عَالِيَهُمْ
ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - اْ أَسَاوِرَ} أَي فِي حَال علوّ الثِّيَاب إيَّاهُم. قَالَ:
وَيجوز أَن يكون حَالا من الْولدَان. قَالَ: فالنصب فِي هَذَا بيّن.
قَالَ وَمن قَرَأَ (عاليهم) فرفْعه بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر {ثِيَاب
سندس.
قَالَ وَقد قرىء (عاليتَهم) بِالنّصب، و (عاليتُهم) بِالرَّفْع،
وَالْقِرَاءَة بهما لَا تجوز، لخلافهما الْمُصحف. وقرىء (عَلَيْهِم
ثِيَاب سندس) وَتَفْسِير نصب (عاليتهم) ورفعِها كتفسير (عاليهم) و
(عاليهم) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: سِفْل الدَّار وعِلْوها وسُفْلها وعُلْوها.
وَيُقَال: علا فلَان الْجَبَل إِذا رَقِيه، يعلوه عُلُوْاً، وَعلا
فلَان فلَانا إِذا قهره، وَعلا فلَان فِي الأَرْض إِذا تكبّر وطغى.
وَيُقَال: فلَان تعلو عَنهُ الْعين بِمَعْنى تنبو عَنهُ، وَإِذا نبا
الشيءُ عَن الشَّيْء وَلم يلصَق بِهِ فقد علا عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: عالى كل شَيْء أَعْلَاهُ. وَكَذَلِكَ عاليه كل شَيْء
أَعْلَاهُ وَيُقَال نزل فلَان بعالية الْوَادي وَسافلته. فعاليته:
حَيْثُ ينحدر المَاء مِنْهُ، وَسافلته، حَيْثُ ينصبّ إِلَيْهِ، وَعالية
تَمِيم هم بَنو عَمْرو بن تَمِيم، وهم بَنو الهُجَيم والعنبر ومازِن.
وعُليا مضرهم قُرَيْش وَقيس. قَالَ و (على) صفة من الصِّفَات وَللعرب
فِيهَا لُغَتَانِ: كنت على السَّطْح، وَكنت أَعلَى السَّطْح.
وَقَالَ اللَّيْث: الله تبَارك وتَعالى هُوَ الْعلي المتعالي العالي
الْأَعْلَى ذُو الْعَلَاء والعُلاَ وَالمَعَالي، تَعَالَى عَمَّا
يَقُول الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيرا. وَهُوَ الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ
بِمَعْنى العالي قَالَ: وَتَفْسِير تَعَالَى: جلّ عَن كل ثَنَاء،
فَهُوَ أعظم وأجلّ وَأَعْلَى مِمَّا يُثنَى عَلَيْهِ، لَا إلاه إلَّا
الله وَحده لَا شريك لَهُ.
قلت: وَتَفْسِير هَذِه الصِّفَات لله يقرب بَعْضهَا من بعض، فالعليّ
الشريف فعيل من علا يَعْلُو، وَهُوَ بِمَعْنى العالي، وَهُوَ الَّذِي
لَيْسَ فَوْقه شَيْء. وَيُقَال: هُوَ الَّذِي علا
(3/118)
الْخلق فقهرهم بقدرته. وأمّا المتعالي
فَهُوَ الَّذِي جَلّ عَن إفْك المفترين، وتنزّه عَن وساوس المتحيّرين.
وَقد يكون المتعالي بِمَعْنى العالي. والأعلى هُوَ الله الَّذِي هُوَ
أَعلَى من كل عالٍ. واسْمه الْأَعْلَى أَي صفته أَعلَى الصِّفَات.
والْعَلَاء الشّرف. وَذُو الْعَلَاء صَاحب الصِّفَات العُلاَ والعُلاَ
جمع العُلْيا أَي جمع الصّفة الْعليا والكلمة الْعليا. وَيكون العُلاَ
جمع الِاسْم الْأَعْلَى. وَصفَة الله الْعليا: شَهَادَة أَن لَا إلاه
إلاّ الله فَهَذِهِ أَعلَى الصِّفَات وَلَا يُوصف بهَا غير الله وَحده
لَا شريك لَهُ. وَلم يزل الله عليّاً عَالِيا متعالياً، تَعَالَى الله
عَن إلحاد الْمُلْحِدِينَ وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم. وَيُقَال رجل عليّ
أَي شرِيف، وَجمعه عِلْية يُقَال: فلَان من عِلْية النَّاس أَي من
أَشْرَافهم وَمثله صَبِيّ وصِبْية. وَفُلَان عالي الكعب إِذا كَانَ
ثَابت الشّرف، وعالي الذّكر.
وَقَالَ اللَّيْث: العَلْياء، رَأس كل جبل مشرِف. قَالَ: والعالية:
القَنَاة المستقيمة، وَجَمعهَا العوالي. قَالَ ويسمّى أَعلَى الْقَنَاة
الْعَالِيَة وأسفلها السافلة.
قلت: وَقَالَ غير اللَّيْث: عوالي الرماح: أسِنّتها، واحدتها عالية.
وَمِنْه قَول الخنساء حِين خطبهَا دُرَيد بن الصِّمَّة: أتَرونني تاركة
بني عمّي كَأَنَّهُمْ عوالي الرماح، وَمُرْتَثَّةً شيخ بني جُشَم.
شبَّههتم بعوالي الرماح لطراءة شبابهم، وبريق سَحَناتهم، وَحسن
وُجُوههم. وعالية الْحجاز: أَعْلَاهَا بَلَدا وَأَشْرَفهَا موضعا.
وَهِي بِلَاد وَاسِعَة. وَإِذا نسبوا إِلَيْهَا قيل: عُلْوِيّ،
وَالْأُنْثَى عُلْوِية. وَيُقَال: عالي الرجلُ وَغَيره إِذا أَتَى
عالية الْحجاز. وَقَالَ بشر بن أبي خازم:
مُعَالِيةً لَا هَمّ إلاّ محجَّر
وحَرَّة ليلى السهلُ مِنْهَا فلُو بهَا
وحَرَّة ليلى وحرَّة شَوران وحَرَّة بني سُلَيم فِي عالية الْحجاز.
وَقَالَ اللَّيْث: المَعْلاة: مكسب الشّرف وَجَمعهَا الْمَعَالِي.
قَالَ والعُلِّيّة: الغرفة على بناءَ حُرِّية. قَالَ: وَهِي فِي
التَّعْرِيف فُعُّولة.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: العِلِّيّ: الغرف، واحدتها عِلِّيّة.
وَقَالَ العجّاج:
وبِيعة لسورها عِلّيّ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: العَلاَليّ من الْبيُوت، واحدتها عِلّيّة قَالَ
وَوزن عِلّيّة فِعيلة، الْعين شَدِيدَة.
قلت: وعِلِّيّة أَكثر فِي كَلَامهم من عُلِّيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: عِلِّيّين: جمَاعَة عِلّيّ فِي السَّمَاء
السَّابِعَة، إِلَيْهِ يُصعَد بأرواح الْمُؤمنِينَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {تُكَذِّبُونَ كَلاَّ إِنَّ
كِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِى عِلِّيِّينَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا
عِلِّيُّونَ} (المطفّفِين: 18، 19) .
يَقُول الْقَائِل كَيفَ جمعت علّيّون بالنُّون وَهَذَا من جمع
الرِّجَال؟ قَالَ: وَالْعرب إِذا جمعت جمعا لَا يذهبون فِيهِ إِلَى أَن
لَهُ بِنَاء من وَاحِد واثنين قَالُوا فِي الْمُذكر والمؤنث بالنُّون
من ذَلِك عِلّيّون. وَهُوَ شَيْء فَوق شَيْء غير مَعْرُوف واحدُه وَلَا
اثناه. قَالَ: وَسمعت الْعَرَب تَقول: أطعمنَا مَرَقة مَرَقِينَ،
تُرِيدُ اللُحمان إِذا طُبخت بِمَاء
(3/119)
وَاحِد، وَأنْشد:
قد رَوِيت إلاّ دُهَيدِ هينا
قليِّصات وأُبيكرينا
فَجمع بالنُّون؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْعدَد الَّذِي لَا يُحَد آخِره.
وَكَذَلِكَ قَول الشَّاعِر:
فَأَصْبَحت المذاهِب قد أذاعت
بهَا الإعصارُ بعد الوابلينا
أَرَادَ الْمَطَر بعد الْمَطَر غير مَحْدُود وَكَذَلِكَ علّيّون:
ارْتِفَاع بعد ارْتِفَاع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {الاَْبْرَارِ لَفِى}
(المطففين: 18) : أَي فِي أَعلَى الْأَمْكِنَة. {عِلِّيِّينَ وَمَآ
أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} (المطفّفِين: 19) فإعراب هَذَا الِاسْم
كإعراب الْجمع، لِأَنَّهُ على لفظ الْجمع؛ كَمَا تَقول: هَذِه
قِنَّسْرون وَرَأَيْت قِنَّسرين.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله {لفي عليين قَالَ: عليون السَّمَاء
السَّابِعَة.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو مُعَاذ: عليّين السَّمَاء السَّابِعَة.
قلت: وَمِنْه حَدِيث النَّبِي: (إِن أهل الْجنَّة ليتراءون أهل عليّين،
كَمَا ترَوْنَ الْكَوْكَب الدُرّيّ فِي السَّمَاء) . وَيُقَال
للْمَرْأَة إِذا طَهُرت من نفَاسهَا: تعلّت فُلَانَة من نفَاسهَا.
وَفِي حَدِيث سُبَيعة أَنَّهَا لما تعلّت من نفَاسهَا تشرَّفت
لخُطَّابها. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وَلَا ذَات بعل من نِفَاس تعلّت
وَالسَّمَوَات العُلاَ جمع السَّمَاء العُلْيَا، والثنايا الْعليا،
والثنايا السُّفْلى، يُقَال للْجَمَاعَة: عُلْيا وسُفْلى لتأنيث
الْجَمَاعَة. وَمثله قَول الله جلّ وعزّ: {لِنُرِيَكَ مِنْءَايَاتِنَا
الْكُبْرَى} (طاه: 23) وَلم يقل: الكُبَر. وَهُوَ بِمَنْزِلَة
الْأَسْمَاء الْحسنى، وبمنزلة قَوْله جلّ وعزّ: {وَلِىَ فِيهَا
مَأَرِبُ أُخْرَى} (طاه: 18) . وَتقول الْعَرَب فِي النداء للرجل:
تعالَهْ، وللاثنين: تعاليا، وللرجال: تعالَوْا، وللمرأة: تعالَيْ،
وللنساء: تعالين. وَلَا يبالون إِن كَانَ المدعوّ فِي مَكَان أَعلَى من
مَكَان الدَّاعِي، أَو فِي مكانٍ دونه. وعَلْوى اسْم فرس كَانَت من
سوابق خيل الْعَرَب. وَيُقَال: ضربت عِلاَوته أَي رَأسه وعُنُقه.
والعِلاوة: مَا يحمل على الْبَعِير وَغَيره بَين العِدْلين. وَيُقَال:
أعطَاهُ ألفا وديناراً عِلاوة، وَأَعْطَاهُ أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة
عِلاَوة. وَجمع العِلاَوة عَلاَوَى، مثل هِراوة وهَرَاوَى. وَيُقَال:
عَلِّ عَلاَواك على الْأَحْمَال وعالها. وَإِذا نسب الرجل إِلَى عليّ
بن أبي طَالب ح قَالُوا عَلَوِيّ، وَإِذا نسبوا إِلَى بني عَليّ وهم
قَبيلَة من كنَانَة قَالُوا: هَؤُلَاءِ العِليُّون.
أخبرنَا الْمُنْذِرِيّ عَن الطوسي عَن الخراز عَن ابْن الْأَعرَابِي
أَنه قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله:
بَنو عَليّ كلّهم سَوَاء
قَالَ: بَنو عَليّ من بني العَبَلات من بني أميَّة الْأَصْغَر، كَانَ
وَلِي من بعد طلحةِ الطلحات؛ لِأَن أمّهم عَبْلة بنت جازل من البراجم،
وَهِي أم ولد أميّة الْأَصْغَر.
والمعلِّي: أحد قداح المَيْسِر، وَهُوَ القِدْح السَّابِع. وَله فوز
سَبْعَة أسْهم إِن فَازَ. وغُرْم سَبْعَة أسْهم إِن لم يفز. وكلّ من
قهر
(3/120)
رجلا أَو عَدُوّاً فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ:
علاهُ واعتلاه واستعلاه واستعلى عَلَيْهِ. وَيُقَال: عُلْوان الْكتاب
لعُنوانه. وَالْعرب تبدل اللَّام من النُّون فِي حُرُوف كَثِيرَة؛ مثل
لعلَّك ولعنَّك وعَتَله إِلَى السجْن، وعَتَنه. وَكَأن علوان الْكتاب
اللَّام فِيهِ مبدلة من النُّون. وَقد مرّ تَفْسِيره فِي مضاعف الْعين.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل عِلْيانا وعِلَّيَان إِذا
كَانَ طَويلا جسيماً وَكَذَلِكَ نَاقَة عِلْيان وَأنْشد:
أنشدُ من خَوَّارة عِلْيانِ
مضبورة الْكَاهِل كالبنيانِ
وَقَالَ اللَّيْث: العِلْيان: الذّكر من الضباع قَالَ وَيُقَال للجمل
الضخم: عِلْيان.
قلت هَذَا تَصْحِيف، إِنَّمَا يُقَال لذكر الضباع: عِثْيان بالثاء،
فصحَّفه اللَّيْث، وَجعل بدل الثَّاء لاماً. وَقد مر ذكر العِثْيان فِي
بَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: العَلاَة السَنْدان؛ ويشبّه بهَا النَّاقة الصُلْبة.
قلت: وَهَكَذَا قَالَ غَيره من أَئِمَّتنَا فِي النَّاقة الصُلْبة
وَهَذِه الحديدة. وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: {بِالْقِسْطِ
وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ} (الحَديد: 25) قَالَ: أنزل
العَلاَة والمَرّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للرجل الَّذِي يردّ حَبل
المستَقِي بالبكرة إِلَى مَوْضِعه مِنْهَا إِذا مَرِسَ المعلِّي،
والرِّشاء المعلَّى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التعلية أَن ينتأ بعضُ الطيّ أَسْفَل الْبِئْر،
فينزلَ رجل فِي الْبِئْر يعلِّي الدَّلْو عَن الْحجر الناتىء وأَنشد
لعدي:
كهُويّ الدَّلْو نزّاها المُعَلْ
أَرَادَ المعلِّي. قَالَ والعلاة: صَخْرَة يُجعل لَهَا إطار من
الأخْثاء وَمن اللَّبن والرماد، ثمَّ يطْبخ فِيهَا الأقط. ويجعع عَلاً.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
وَقَالُوا عَلَيْكُم عاصِماً نستغِثْ بِهِ
رُوَيدكَ حَتَّى يصفِق البَهْمَ عَاصِم
وَحَتَّى ترى أَن العلاة تمدّها
جُخَاديّةٌ والرائحات الروائم
يُرِيد أَن تِلْكَ العلاة يزِيد فِيهَا جُحاديّة، وَهِي قِربة مَلأى
لَبَنًا، أَو غِرارَة ملأى تَمرا أَو حِنْطَة يصبّ مِنْهَا فِي العلاة
للتأقيط، فَذَلِك مدّها فِيهَا. وَيُقَال: نَاقَة حَلِيّة عَلِيّة
حَلِيَّة: حُلْوة المنظر وَالسير عَلِيَّة: فائقة. وَيُقَال: عاليته
على الْحمار، وعلّيته عَلَيْهِ. وَأنْشد ابْن السكّيت:
عاليت أَنساعي وجِلْبَ الكُور
على سَرَارة رائح مَمْطُور
وَقَالَ:
فإلاَّ تجلَّلها يعالوك فَوْقهَا
وَكَيف تُوقي ظهرَ مَا أَنْت رَاكِبه
أَي يُعلوك فَوْقهَا.
أَبُو سعيد: عَلَوْت على فلَان الرّيح أَي كنت فِي عُلاوتها. وَيُقَال:
لَا تَعلُ الرّيح على الصَّيْد فيرَاح ريحِك وينفِر. وَيُقَال: أتيت
الناقةَ من قِبَل مستعلاها أَي من قبل إنسيّها. قَالَ والمُسْتَعْلي
هُوَ الَّذِي يقوم على يسَار الحَلُوبة. والبائن: الَّذِي يقوم على
يَمِينهَا. والمستعلي يَأْخُذ العُلْبة بِيَدِهِ الْيُسْرَى ويحلب
باليمنى. وَقَالَ الْكُمَيْت فِي المستعلي والبائن:
(3/121)
يبشر مستعلياً بَائِن
من الحالبَينِ بِأَن لَا غرارا
ويُقال: اعلُ الوسادة أَي اقعد عَلَيْهَا، وأَعْلِ عَنْهَا أَي انْزِلْ
عَنْهَا. وأنشدني أَبُو بكر الْإِيَادِي لامْرَأَة من الْعَرَب عُنِّن
عَنْهَا زوجُها:
فقدنك من بعل علام تدكُّني
بصدرك لَا تغني فتيلا وَلَا تُعلِي
أَي لَا تَنزِل وَأَنت عَاجز عَن الْإِيلَاج. وَيُقَال: فلَان غير مؤتل
فِي الْأَمر، وَغير مُعْتلٍ أَي غير مقصِّر. وَأنْشد أَبُو الْعَبَّاس
بَيت طُفيل:
وَنحن منعنَا يَوْم حَرْس نساءكم
غَدَاة دَعَانَا عَامر غير مُعتل
وَقَالَ الْفراء: هُوَ عُلْوان الْكتاب وعُنوانه.
وَقَالَ اللحياني: عَلْونت الْكتاب عَلْونة وعلوانا، وعنونته عنونة
وعنواناً.
وَقَالَ أَبُو زيد: عُلْوان كل شَيْء: مَا علا مِنْهُ، وَهُوَ
العُنْوان. وَأنْشد:
وحاجة دون أُخْرَى قد سمحتُ بهَا
جَعلتهَا للَّذي أخفيت عنواناً
أَي أظهرت حَاجَة وأخفيت أُخْرَى. وَهِي الَّتِي أُريغ، فَصَارَت هَذِه
عنواناً لما أردْت.
وَقَالَ أَبُو سعيد: هَذِه كلمة مَعْرُوفَة عِنْد الْعَرَب: أَن
يَقُولُوا لأهل الشّرف فِي الدُّنْيَا وَالثروَة والغنى: أهل عليين.
فَإِذا كَانُوا متّضعين قَالُوا: سِفليُّون. والعِلِّيُّون فِي كَلَام
الْعَرَب: الَّذين ينزلون أعالي الْبِلَاد. وَإِن كَانُوا ينزلون
أسافلها فهم سِفْليُّون. وَيُقَال هَذِه الْكَلِمَة تستعلي لساني إِذا
كَانَت تعتزّه وتجري عَلَيْهِ كثيرا. وَتقول الْعَرَب: ذهب الرجل
عَلاَء وعَلْواً، وَلم يذهب سُفْلاً إِذا ارْتَفع. وَفُلَان منِ علْية
النَّاس لَا من سَفلتهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفرس إِذا بلغ الْغَايَة فِي الرِّهَان يُقَال: قد
استعلى على الْغَايَة. وَيُقَال: قد استعلى فلَان عَلَى النَّاس إِذا
غلبهم وقهرهم وعلاهم قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَقَدْ أَفْلَحَ
الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} (طاه: 64) وَيُقَال: تعلَّى الْمَرِيض من
عِلَّته إِذا أَفَاق مِنْهَا. ويَعْلى: اسْم رجل. وتَعْلى: اسْم
امْرَأَة.
لعا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: كلبة لَعْوة، وذِئبة لَعْوة، وَامْرَأَة
لَعْوة: يُعنى بكلّ ذَلِك الحريصة الَّتِي تقَاتل على مَا يُؤْكَل.
والجميع اللَعَوات واللِّعاء. قَالَ: وَيُقَال للعسل وَنَحْوه إِذا
تعقّد: قد تَلعّى. ولَعاً: كلمة تقال للعاثر.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا دُعي للعاثر قيل: لعاً لَك عَالِيا،
وَمثله دع دع.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من دُعَائِهِمْ: لالعاً لفُلَان أَي لَا
أَقَامَهُ الله، وَمِنْه قَول الْأَعْشَى يصف نَاقَة لَهُ نجيبة:
بِذَات لوث عفرناة إِذا عَثَرت
فالتعس أدنى لَهَا من أَن تَقول لعا
وَأنْشد غَيره لرؤبة:
وَإِن هوى العاثرُ قُلْنَا دَعْ دَعَا
لَهُ وعالينا بتنعيش لعا
وَالْعرب تَدْعُو عَلَى العاثر من الدوابّ إِذا
(3/122)
كَانَ جَوَاداً بالتعْس فَيَقُولُونَ:
تعْساً لَهُ، وَإِن كَانَ بليداً كَانَ دعاؤهم لَهُ إِذا عثر، لعاً لَك
وَهُوَ معنى قَول الْأَعْشَى:
فالتعس أدنى لَهَا من أَن يُقَال لعا
أَبُو عبيد عَن الْفراء. رجل لَعْو ولَعاً مَنْقُوص، وَهُوَ الشرِه
الْحَرِيص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللعُوة واللَعَاة: الكلبة وَجَمعهَا
لِعَاء. وَيُقَال: مَا بِالدَّار لاعِي قَرْوٍ أَي مَا بهَا أحد.
والقَرْو. الْإِنَاء الصَّغِير. شمر. اللاعي بِمَنْزِلَة الحاسي.
والقَرْو. العُسّ. وَقال فِي قَوْله:
داوِيَّة شقَّت على اللاعي السَّلِعْ
وَإِنَّمَا النّوم بهَا مثل الرضِعْ
قَالَ: اللاعي من اللوعة. قلت كَأَنَّهُ أَرَادَ اللائع فقلَب، وَهُوَ
ذُو اللوعة. والرضع: مصَّة بعد مَصَّة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال هُوَ يَلعَى بِهِ ويَلْغَى بِهِ أَي يتولع
بِهِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللَعْوة: السوَاد حول الحَلَمة. قَالَ وَبِه
سمّي ذُو لَعْوة: قيل من أقيال حمير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللولع الرَّغْثاء، وَهُوَ السوَاد
الَّذِي على الثدي، وَهُوَ اللطخة قَالَ والألعاء: السُلاتيات.
والأعْلاء: الطوَال من النَّاس. وَخَرجْنَا نَتَلَعّى أَي نصيب
اللّعَاعة من بقول الرّبيع.
لوع: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن التَوَّزيّ وثابت
بن أبي ثَابت أَنَّهُمَا قَالَا: اللَوعة: السوَاد حول الحَلَمة حلمةِ
ثدي الْمَرْأَة. وَقد أَلْعى ثديُها إِذا تغيَّر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: ألواع الثدي جمع لَوْع وَهُوَ
السوَاد الَّذِي على الثدي.
قلت: هَذَا السوَاد يُقَال لَهُ: لَعْوة ولَوْعة، وهما لُغَتَانِ.
وَقَالَ زِيَاد الْأَعْجَم:
كذبتَ لم تغذه سوداءُ مقرِفة
بلَوع ثدي كأنف الْكَلْب دمّاع
أَبُو عبيد اللوعة: حُرقة الْهوى.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: يُقَال: لاع يَلاَع من الضجر والجزع والحزن،
وَهِي اللوعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: لاع يلاع لَوعة إِذا جزع أَو مرض.
قَالَ: واللوعة: لوعة الْحزن والحبّ وَالْمَرَض وَهُوَ وجع الْقلب.
وَرجل لاعٌ وَقوم لاعون ولاعة. قَالَ: والهاع الجَزُوع، واللاع
الموجَع.
أَبُو عَمْرو: يُقَال: لَا تَلَعْ أَي لَا تضجر. وَقد لِعْتُ ألاع
لَيْعاناً، وهِعْت أهاع هَيْعاناً. قلت: لاتَلَعْ من لاع، كَمَا تَقول:
لَا تَهَب من هاب يهاب.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: رجل هاعٌ لاعٌ، وهائع لائع إِذا كَانَ
جَبَانًا ضَعِيفا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ اللاعة: الْمَرْأَة الحديدة
الْفُؤَاد الشهمة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَرْأَة اللاعة قد اختُلف فِيهَا. فَقَالَ أَبُو
الدُقَيش: اللَعَّة وَهِي الَّتِي تغازلك وَلَا تمكّنك.
وَقَالَ أَبُو خيرة: هِيَ اللاعة بِهَذَا الْمَعْنى امْرَأَة لاعة:
إِذا كَانَت مليحة بعيدَة من الرِّيبَة. ولاع يلاع إِذا جزع جزعاً
شَدِيدا.
وَقَالَ يُقَال: لاعني الهمّ والحزن فالتعْت التياعاً. واللَوْعة:
حُرقة يجدهَا من
(3/123)
الوجد، تلوعه لَوْعاً. وَرجل هاعٌ لاع:
حَرِيص سيّء الخُلُق. وَالْفِعْل لاع يلوع لَوْعاً ولُوُوعاً. والجميع
الألْواع واللاعون.
عول: قَالَ الله جلّ وعزّ: {ذالِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}
(النِّساء: 3) قَالَ أَكثر أهل التَّفْسِير: مَعْنَاهُ: ذَلِك أقرب
أَلا تَجُورُوا وتميلوا، وَرُوِيَ عَن عبد الرحمان بن زيد بن أسلم أَنه
قَالَ فِي قَوْله {ذالِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} أَي أدنى أَلا
يكثر عيالكم.
قلت: وَإِلَى هَذَا القَوْل ذهب الشَّافِعِي فِيمَا أَخْبرنِي عبد
الْملك عَن الرّبيع عَنهُ. قلت: وَالْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب:
عَال الرجل يعول إِذا جَار، وأعال يعيل إِذا كثر عِيَاله. وَقد رَوَى
أَبُو عمر عَن أَحْمد بن يحيى عَن سَلَمة عَن الْفراء أَن الْكسَائي
قَالَ: عَال الرجل يعيل إِذا افْتقر، وأعال الرجل إِذا كثر عِيَاله.
قَالَ الْكسَائي: وَمن الْعَرَب الفصحاء من يَقُول: عَال يعول إِذا كثر
عِيَاله. قلت: وَهَذَا يؤيّد مَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي فِي
تَفْسِير الْآيَة، لِأَن الْكسَائي لَا يَحْكِي عَن الْعَرَب إلاّ مَا
حفظه وَضَبطه. وَقَول الشَّافِعِي نَفسه حجَّة؛ لِأَنَّهُ عربيّ
اللِّسَان فصيح اللهجة. وَقد اعْترض عَلَيْهِ بعض المتحذلقين فخطَّأه،
وَقد عجل وَلم يتثبت فِيمَا قَالَ. وَلَا يجوز للحضريّ أَن يعجل إِلَى
إِنْكَار مَا لَا يعرفهُ من لُغَات الْعَرَب سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ:
قَالَ الكلبيّ مَا زلت مُعيلاً، من العَيْلة أَي مُحْتَاجا. وأمّا
عَوْل الْفَرِيضَة فَإِن المنذريّ أَخْبرنِي عَن المفضَّل بن سَلمَة
أَنه قَالَ: عالت الفريضةُ أَي ارْتَفَعت وزادت. وَفِي حَدِيث على أَنه
أُتي فِي ابْنَتَيْن وأبوين وَامْرَأَة، فَقَالَ: صَار ثمنهَا تسعا.
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ أَن السِّهَام عالت حَتَّى صَار للْمَرْأَة
التسع، وَلها فِي الأَصْل الثّمن، وَذَلِكَ أَن الْفَرِيضَة لَو لم
تعُلْ كَانَت من أَرْبَعَة وَعشْرين سَهْما، فلمَّا عالت صَارَت من
سَبْعَة وَعشْرين: للابنتين الثُّلُثَانِ: سِتَّة عشر سَهْما وللأبوين
السدسان: ثَمَانِيَة، وللمرأة ثَلَاثَة فَهَذِهِ ثَلَاثَة من سبع
وَعشْرين وَهُوَ التسع وَكَانَ لَهَا قبل العَوْل ثَلَاثَة من
أَرْبَعَة وَعشْرين وَهُوَ الثّمن.
وَقَالَ اللَّيْث: العَوْل: ارْتِفَاع الْحساب فِي الْفَرَائِض.
وَيُقَال للفارض: أعِلِ الفريضَة. قَالَ والعَول الْميل فِي الحكم
إِلَى الجَوْر. قَالَ والعول: كل أَمر عالك. وَقَالَت الخنساء:
وَيَكْفِي الْعَشِيرَة مَا عالها
وَإِن كَانَ أَصْغَرهم مولدا
أَبُو عبيد؛ عالني الشَّيْء يعولني: غلبني وَثقل عليّ. وَيُقَال لَا
تعُلْني أَي لَا تغلبني قَالَ وَأنْشد الْأَصْمَعِي قَول النمر بن
تولب:
وأحْبِبْ حَبِيبك حُبّاً رويداً
فَلَيْسَ يعولك أَن تَصْرما
قَالَ: وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
عيل مَا هُوَ عائله
أَي غُلِبُ مَا هُوَ غالبه.
وَقَالَ أَبُو طَالب: يكون عِيل صَبْرُه أَي غُلب. وَيكون رُفع وغيِّر
عمّا كَانَ عَلَيْهِ،
(3/124)
من قَوْلهم: عالت الْفَرِيضَة إِذا
ارْتَفَعت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: عَال الْمِيزَان إِذا مَال، مَأْخُوذ من
الجَور.
وَقَالَ أَبُو طَالب بن عبد المطّلب:
بميزان قِسط لَا يَغُلُّ شَعِيرة
لَهُ شَاهد من نَفسه غيرُ عائل
وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وابدأ بِمن تعول) فَإِن
الْأَصْمَعِي قَالَ: عَال الرجل عِيَاله يعولهم إِذا كفاهم معاشهم.
وَقَالَ غَيره: عَال عِيَاله إِذا قاتهم. والعَوْل: القَوْت. وَأنْشد:
كَمَا خامرت فِي جفنها أمُّ عَامر
لَدَى الحَبْل حَتَّى عَال أَوْس عيالها
هَكَذَا أنْشدهُ ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ: أمُّ عَامر هِيَ الضبع،
أَي بَقِي جراؤها وَلَا كاسب لَهُنَّ فَجعلْنَ يتبعن مَا بَقِي من
الذِّئْب وَغَيره، فيأكلنه. قَالَ: وَالْحَبل حَبل الرمل.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الضبع إِذا هَلَكت قَامَ الذِّئْب بشأن جرائها.
وَأنْشد فِيهِ هَذَا الْبَيْت:
وَالذِّئْب يغذو بَنَات الذِيخ نَافِلَة
بل يحْسب الذِّئْب أَن النجل للذيب
يَقُول: لِكَثْرَة مَا بَين الضباع والذئاب من السِفاد يظنّ الذِّئْب
أَن أَوْلَاد الضبع أَوْلَاده.
وَقَالَ اللَّيْث: العَوْل: قَوْت الْعِيَال. قَالَ: وَوَاحِد
الْعِيَال عَيَّل. يُقَال: عِنْده كَذَا وَكَذَا عيِّلا أَي كَذَا
وَكَذَا نَفْساً من الْعِيَال. قَالَ: وأعال الرجل إِذا كثر عِيَاله.
وأَمّا قَوْلهم: ويلَه وعَوْله فَإِن أَبَا عَمْرو قَالَ: العَوْل
والعويل الْبكاء. وَأنْشد:
أبلغ أَمِير الْمُؤمنِينَ رِسَالَة
شكوى إِلَيْك مطلة وعويلا
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العَوْل وَالعَوِيل: الاستغاثة، وَمِنْه قَوْلهم
مُعَوَّلى على فلَان أَي اتكالي عَلَيْهِ واستغاثتي بِهِ.
وَقَالَ أَبُو طَالب: النصب فِي قَوْلهم: ويلَه وعَوْله على الدُّعَاء
والذمّ كَمَا يُقَال ويلا لَهُ وتراباً لَهُ.
وَقَالَ شمر: العَوِيل: الصياح والبكاء. قَالَ: وأعول إعوالاً وعَوَّل
تعويلاً إِذا صَاح وَبكى. وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (المعوَّل عَلَيْهِ يعذَّب) . وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فَهَل عِنْد رسم دارس من معوّل
أَي من مَبْكًى. وَقيل من مستغاث وَقيل من مَحْمِل ومعتمد. وَأنْشد:
عوِّل على خاليك نعم الْمعول
وَيُقَال: عوَّلنا إِلَى فلَان فِي حاجتنا، فَوَجدناه نعم المعوَّل،
أَي فَزِعنا إِلَيْهِ حِين أعوزنا كلُّ شَيْء قَالَ: والعَوِيل يكون
صَوتا من غير بكاء. وَمِنْه قَول أبي زُبَيد:
للصدر مِنْهُ عويل فِيهِ حشرجة
أَي زئير كَأَنَّهُ يشتكي صَدره.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أعال الرجلُ وأَعْول إِذا حَرَص. وأعولت
عَلَيْهِ أَي أدلَلْت عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: عوِّلْ عَلَيْهِ أَي اسْتَعِنْ بِهِ. قَالَ
وَيُقَال: فلَان عِوَلي من النَّاس أَي
(3/125)
عُدَّتي ومَحْمِلي وَقَالَ تأبط شرا:
لكنما عِوَلي إِن كنت ذَا عول
على كريم بِنصب الْمجد سبَّاق
وَيُقَال: أَمر عالٍ وعائل أَي متفاقِم، على القَلْب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول الهُذلي:
فازدرت مُزدار الْكَرِيم الْمعول
قَالَ: هُوَ من أعال وأعول إِذا حَرَص، وَرجل مُعْوِل أَي حَرِيص
والمعول الَّذِي يَحمل عَلَيْك بدالَّة. وَأما قَول الْكُمَيْت:
وَمَا أَنا فِي ائتلاف بني نزار
بملبوس عليَّ وَلَا مَعُول
فَمَعْنَاه أَنِّي لست بمغلوب الرَّأْي من عِيل أَي غلب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال عوَّل الرجل عَالَة هِيَ شبه الظُلَّة
يسوّيها الرجل من الشّجر، يسْتَتر بهَا من الْمَطَر. وَقَالَ
الْهُذلِيّ:
الطعْن شعشعة وَالضَّرْب هَيْقعة
ضرب المعوّل تَحت الدِيمة العَضَدا
وَقَالَ اللَّيْث: المِعْول: حَدِيدَة يُنقر بهَا الْجبَال. وَجمعه
معاول.
وَقَالَ أَبُو زيد: أعيل الرجل فَهُوَ مُعِيل، وأعول فَهُوَ مُعْوِل
إِذا حَرَص.
النَّضر عَن يُونُس: لَا يَعُول على الْقَصْد أحد أَي لَا يحْتَاج،
وَلَا يعيل مثله.
عيل: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: عَال الرجل يَعيل عيلة وَعَالَة
إِذا افْتقر. وَيُقَال ترك يتامى عَيْلَى، أَي فُقَرَاء. وَوَاحِد
الْعِيَال عيّل وَيجمع عيائل والعيّل يَقع على الْوَاحِد والجميع،
أنْشد ابْن الأعرابيّ:
إِلَيْك أَشْكُو عَرْق دهر ذِي خبلْ
وعيّلاً شعثاً صغَارًا كالحجل
فَجعله جمَاعَة. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة يَنْقُلهُ إِلَى عشرَة
عِيّل، وَلم يقل: عيائل.
وَقَالَ الْأَحْمَر: عالني الشَّيْء يعيلني عيلاً ومَعِيلاً إِذا
أعجزك. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد، عِلْت الضَّالة أعيل عيلاناً إِذا لم
تَدْر أَي جِهَة تبغيها. وَجَاء فِي الحَدِيث (مَا عَال مقتصد وَلَا
يعيل) أَي مَا افْتقر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عَال يعيل وتعيَّل يتعيّل إِذا تبختر فِي مشيته.
وَأنْشد:
كالمرزبانيّ عيَّال بآصال
أَي متبختر ابْن الْأَنْبَارِي: عَال الرجل فِي الأَرْض يعيل فِيهَا
إِذا ضرب فِيهَا، وأعال الذِّئْب يُعيل إعالة إِذا التمس شَيْئا
وَيُقَال عيّل فلَان دابّته إِذا أهمله وسيَّبها، وَأنْشد:
وَإِذا يقوم بِهِ الحسير يعيَّل
أَي يسيَّب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُيُل العَيْلة، والعُيُل جمع العائل
وَهُوَ الْفَقِير. والعُيُل جمع العائل وَهُوَ المتكبّر والمتبختر
أَيْضا.
وَقَالَ يُونُس طَالَتْ عيلتي إياك أَي طالما عُلتك وَرَوى عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن من الْبَيَان سحرًا، وَإِن من
الْعلم جهلا، وَإِن من الشّعْر حُكماً وَإن من القَوْل عَيْلاً) . قيل
فِي قَوْله عيلاً: عَرْضك حَدِيثك وكلامك عَلَى من لَا يُريدهُ
وَلَيْسَ من شَأْنه.
ولع: أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: الوَلُوع من
(3/126)
أُولعت، وَكَذَلِكَ الوَزُوع من أُوزِعت.
قلت: وهما اسمان أقيما مقَام الْمصدر الحقيقيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: أُولع فلَان بِكَذَا وَلُوعاً وإيلاعاً إِذا لجّ.
قَالَ وَيُقَال: وَلِع يَوْلَع وَلَعاً فَهُوَ وَلِع وَوَلُوع وَلاعة.
قَالَ: وَالوَلَع: نفس الوَلُوع. وَوَلِع بفلان: لجّ فِي أمره وحَرَص
عَلَى إيذائه.
وَأخبرني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء: وَلِعَت
بِالْكَذِبِ تَلَع وَلْعاً. وَروَى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي
والأحمر: وَلَع يَلَع وَلْعاً ووَلَعاناً إِذا كذب. وَأنْشد:
وهنّ من الإخلاف والولَعان
وَقَالَ كَعْب:
لَكِنَّهَا خُلَّة قد سيط من دَمهَا
فجع وَوَلْع وإخلاف وَتبديل
وَقَالَ ذُو الإصبع العُدْواني:
إلاّ بِأَن تكذبا عَلَيّ وَلَا
أملك أَن تكذبا وَأَن تَلَعا
وَقال اللحياني: يُقَال: وَلَع يَلَع إِذا استخفّ، وَأنْشد:
فتراهن عَلَى مُهْلته
يختلين الأَرْض وَالشاةُ يَلَعْ
أَي يستخفّ عَدْواً، وذكَّر الشَّاة. قَالَ الْمَازِني فِي قَوْله:
وَالشَّاة يلع أَي لَا يُجدّ فِي العدْو، كَأَنَّهُ يلْعَب. قلت: هُوَ
من قَوْلهم: وَلَع يَلَع إِذا كذب، كَأَنَّهُ كذب فِي عَدْوه وَلم
يجدَّ.
ابْن السّكيت: رجل وُلَعة: يُولَع بِمَا لَا يعنيه، وَهُلَعة: يجوع
سَرِيعا. وَيقال وَلَع فلَانا والِع، وَوَلَعته وَالعة وَاتّلعته
وَالعة، أَي خفِي عَلَيّ أمْرُه، فَلَا أَدْرِي أحيّ أم ميت. وَيُقَال:
فَقدنَا فلَانا فَمَا نَدْرِي مَا وَلَعَه أَي مَا حَبسه. وَقد وَلَع
فلَان بحقّي وَلْعاً أَي ذهب بِهِ.
وَقال ابْن الأعرابيّ وَغيره: الوَلِيع: الطّلع مَا دَامَ فِي قِيقائه،
كَأَنَّهُ نظم اللُّؤْلُؤ فِي شدّة بياضه. وَالواحدة وَليعة وَأنشد:
وَتبسم عَن نيّر كالوليع
تُشَقَّقُ عَنهُ الرقاة الجُفُوفا
وَقال اللَّيْث: المولّع الَّذِي أَصَابَهُ لُمَعَ من بَرَص فِي جسده
أَي بَرَّصه. وَأنْشد:
كَأَنَّهُ فِي الْجلد توليع البَهَقْ
قلت: التوليع: التلميع من البرص وَغَيره وَقال أَبُو ذُؤَيْب:
... بالطرتين مولَّع
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرس مولَّع؛ وَهُوَ الَّذِي فِي بَيَاض بَلقه
استطالةٌ وتفرقةٌ.
وَقَالَ عَرّام: يُقَال: بفلان من حبّ فُلَانَة الأولع والأولق؛ وَهُوَ
شبه الْجُنُون. وابتلعت فُلَانَة قلبِي وَفُلَان موتلَع الْقلب،
ومُوتَله الْقلب، ومتَّلَه الْقلب ومنتزَع الْقلب بِمَعْنى وَاحِد.
وعل: اللَّيْث: الوَعِلُ وَجمعه الأوعال: وَهِي الشَّاء الجَبَليَّة.
وَقد استوعلَتْ فِي الْجبَال وَيُقَال: وَعِل، ووَعْل. قَالَ: ولغة
للْعَرَب: وُعِل بِضَم الْوَاو وَكسر الْعين من غير أَن يكون ذَلِك
مطّرداً، لِأَنَّهُ لم يَجِيء فِي كَلَامهم فُعِل اسْما إلاّ دُئل،
وَهُوَ شاذّ. قَالَ
(3/127)
والوَعْل خَفِيف بِمَنْزِلَة بُدّ؛
كَقَوْلِك: مَا بُدّ من ذَلِك وَلَا وَعْل، هَذَا كُله عَن اللَّيْث.
قلت: الوَعْل خَفِيف: الملجأ، يُقَال: مَا وجد وَعْلا يَلجأ إِلَيْهِ
أَي موئلاً يئل إِلَيْهِ، وَأما الوُعِل فَمَا سمعته لغير اللَّيْث.
وَيُقَال استوعلت الأوعالُ إِذا ذهبت فِي قُلَل الْجبَال وَقَالَ ذُو
الرمة:
وَلَو كلمت مستوعِلا فِي عَمَاية
تصبّاه من أَعلَى عمايةَ قِيلُها
يَعْنِي وَعِلاً مستوعلاً فِي قلَّة عماية وَهُوَ جبل.
وَقَالَ الْفراء: أمالك من هَذَا الْأَمر وَعْل، وَمَالك مِنْهُ وَغْل
أَي ملْجأ.
وَقَالَ غَيره هما بِمَعْنى مَاله مِنْهُ بدّ. وَقَالَ ذُو الرمة:
حَتَّى إِذا لم يجد وَعْلاً ونجنجها
مَخَافَة الرَّمْي حَتَّى كلهَا هيم
وَيُقَال لأشراف النَّاس الوعُول، ولأرذالهم التُحوت. وَفِي الحَدِيث
(من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر أَو يَعْلُو التحوت، ويسفل الوعول
يَعْنِي الْأَشْرَاف) .
قَالَ النَّضر: المستوعَل: الحِرْز الَّذِي يتحرز بِهِ الوعل فِي رَأس
الْجَبَل. قَالَ: وَلذَلِك سمي الوعل وَعلا. والجميع المستوعَلات.
وَكَذَلِكَ المستوأل بِهَمْزَة وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي يستوئل
إِلَيْهِ أَي يأوي إِلَيْهِ، وَمِنْه أَخذ الموئل. ومكانه الَّذِي
يُوفيه المشترَف والجميع المشترفات يَعْلُو العلوّ لِئَلَّا يُخْتَلّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لعُرْوة الْقَمِيص الوَعْلة
ولزرّه الزِير.
(بَاب الْعين وَالنُّون)
(ع ن (وَا يء))
عون، عَنَّا، نعو، عين، وَعَن، ينع، نعي، نوع، ونع.
عون: يُقَال امْرَأَة متعاوِنة إِذا اعتدل خَلْقُها فَلم يبدُ حجمها،
وبرذون متعاون ومتدارِك ومتلاحك إِذا لحِقت قوّته وسِنّه.
وَقَالَ اللَّيْث: كل شَيْء أعانك فَهُوَ عَوْن لَك؛ كَالصَّوْمِ
عَوْنٌ على الْعِبَادَة والجميع الأعوان. قَالَ: وَتقول: أعنته
إِعَانَة، واستعنته، واستعنت بِهِ، وعاونته. وَقد تعاونّا أَي أعَان
بَعْضنَا بَعْضًا. والمَعُونة: مَفْعُلة فِي قِيَاس من جعلهَا من
العَوْن. وَقَالَ نَاس: هِيَ فَعُولة من الماعون، والماعون فاعول.
وَقَالَ غَيره من النَّحْوِيين: المَعُونة مَفْعُلة من العَوْن، مثل
المَغُوثة من الْغَوْث، والمَضُوفة من أضَاف إِذا أشْفق، والمشورة من
أَشَارَ يُشِير. وَمن الْعَرَب من يحذف الْهَاء فَيَقُول: مَعُون
وَهُوَ شاذّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب مَفْعُل بِغَيْر
هَاء. ورَوَى الْفراء عَن الكسائيّ أَنه قَالَ: لَا يَأْتِي فِي
المذكّر مَفْعُل بِضَم الْعين إِلَّا حرفان جَاءَا نادرين لَا يُقَاس
عَلَيْهِمَا وَأنْشد:
بثين الزمى لَا إِن لَا إِن لَزِمته
على كَثْرَة الواشين أيُّ معون
وَقَالَ آخر:
ليَوْم هيجا أَو فَعال مَكْرُم
وَقَالَ الْفراء: مَعُون جمع مَعُونَة، ومكرم
(3/128)
جمع مكرمَة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ
ذالِكَ} (البَقَرَة: 68) قَالَ الْفراء: انْقَطع الْكَلَام عِنْد
قَوْله {وَلَا بكر ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ {عَوَانٌ بَيْنَ ذالِكَ}
قَالَ: والعوان يُقَال مِنْهَا قد عوَّنَتْ. وَقَالَ أَبُو عبيد:
العَوَان من النِّسَاء: الثيّب. وَجَمعهَا عُون. وَقَالَ أَبُو زيد
عانت الْبَقَرَة تَعُون عُوُوناً إِذا صَارَت عَوانا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: العَوَان:
النَصَف الَّتِي بَين الفارض وَهِي المسنّة وَبَين الْبكر وَهِي
الصَّغِيرَة. قَالَ: وَيُقَال: فرس عَوَان وخيل عُون على فُعْل.
وَالْأَصْل عُوَن؛ فكرهوا إِلْقَاء ضمة على الْوَاو فسكَّنوها.
وَكَذَلِكَ يُقَال رجل جواد وَقوم جُود. وَقَالَ زُهَيْر:
نَحُلَّ سهولها فَإِذا فزِعنا
جَرَى مِنْهُنَّ بالآصال عونُ
فزِعنا: أغثنا مستغيثاً. يَقُول: إِذا أغثنا ركبنَا خيلاً. قَالَ: وَمن
زعم أَن العُون هَاهُنَا جمع الْعَانَة فقد أبطل. وَأَرَادَ أَنهم
شجعان، فَإِذا استغيث بهم ركبُوا الْخَيل وأغاثوا.
وَقَالَ أَبُو زيد: بقرة عوان: بَين المسِنَّة والشابَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَوَان من الْحَيَوَان: السنّ
بَين السنّين، لَا صَغِير وَلَا كَبِير. وَامْرَأَة عَوَان: ثيب. وَحرب
عوان: كَانَ قبلهَا حَرْب.
أَبُو عبيد: الْعَانَة: الْجَمَاعَة من حُمُر الْوَحْش وَقَالَ غَيره:
تجمع عُوناً وعانات.
وَقَالَ اللَّيْث: عانات: مَوضِع بالجزيرة تنْسب إِلَيْهِ الخَمُر
العانيَّة. قَالَ: وعانة الرجل إسبه من الشّعْر النَّابِت على فرجه
وتصغيرها عُوَيْنة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَانَة منبِت الشّعْر فَوق القُبُل من
الْمَرْأَة، وَفَوق الذّكر من الرجل، وَالشعر النَّابِت عَلَيْهَا
يُقَال لَهُ الشِعْرة والإسب.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لَا مَا قَالَه اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اسْتَعَانَ الرجل إِذا حلق عانته
وَأنْشد:
مثل البُرام غَدا فِي أُصدة خَلَق
لم يستعن وحوامي الْمَوْت تغشاه
البُرَام: القراد. لم يستعن أَي لم يحلق عانته وحوامي الْمَوْت حوائمه
فقلبه. وَهِي أَسبَاب الْمَوْت.
اللحياني: يُقَال: فلَان على عانة بكر بن وَائِل أَي على جَمَاعَتهمْ
وحرسهم أَي هُوَ قَائِم بأمرهم.
اللَّيْث: رجل مِعوان: حسن المعونة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَوَانة النَّخْلَة
الطَّوِيلَة، وَبهَا سمي الرجل، وَهِي المنفردة وَيُقَال لَهَا:
القِرْواح والعُلْبة. قَالَ: والعَوَانة أَيْضا: دودة تخرج من الرمل
فتدور أشواطاً كَثِيرَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العَوَانة: دابَّة دون الْقُنْفُذ تكون فِي وسط
الرملة الْيَتِيمَة وَهِي المنفردة من الرَمَلات فتظهر أَحْيَانًا،
(3/129)
وتدور كَأَنَّهَا تطحن ثمَّ تغوص. قَالَ:
وَيُقَال لهَذِهِ الدَّابَّة: الطُّحَن. قَالَ: وبالعوانة الدَّابَّة
سمى الرجل.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العَوِين: الأعوان. قَالَ الْفراء: وَمثله
طَسِيس جمع طَسّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي التعوين كَثْرَة بَوْك الْحمار لعانته
والتوعين لعانته السِمَن.
وَعَن: قَالَ أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا بلغت النَّاقة أقْصَى
غَايَة السِمَن قيل توعّنت فَهِيَ متوعنة وَهِي نَهِيّة مثلهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ قَرْيَة النَّمْل إِذا خربَتْ فانثقل النَّمْل
إِلَى غَيرهَا وَبقيت آثارها فَهِيَ الوِعَان وَاحِدهَا وَعْن. وَقَالَ
ابْن الْأَعرَابِي مثله، إلاّ أَنه قَالَ: وَعْنة.
وَقَالَ اللَّيْث الوَعْنة جمعهَا الوِعَان. بَيَاض ترَاهُ على الأَرْض
تعلم بِهِ أَنه وَادي النَّمْل لَا يُنبت شَيْئا. وَأنْشد:
... كالوِعان رسومها
قَالَ وَالْغنم إِذا سمِنت أَيَّام الرّبيع فقد توعَّنت.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الوِعَان: خطوط فِي الْجبَال شَبيهَة بالشئون.
عين: يُقَال عان الرجل فلَانا يُعينهُ عَيْناً إِذا مَا أَصَابَهُ
بِالْعينِ، فَهُوَ عائن، والمصاب بِالْعينِ معِين. وَمن الْعَرَب من
يَقُول: مَعْيون.
وأنشدني غير وَاحِد:
قد كَانَ قَوْمك يحسبونك سيدا
وإخال أَنَّك سيّد مَعْيون
وتعيَّن الرجلُ إِذا تشوَّه تأنّى ليصيب شيأ بِعَيْنِه. وَرجل عَيُون
إِذا كَانَ نَجِىءَ الْعين.
وَيُقَال: أتيت فلَانا فَمَا عيّن لي بِشَيْء، وَمَا عيَّنني بِشَيْء
أَي مَا أَعْطَانِي شيأ.
وَيُقَال: عيَّنت فلَانا أَي أخْبرته بمساويه فِي وَجهه.
وَيُقَال: بعثنَا عَيْنا أَي طَلِيعَة، يعتان لنا أَي يأتينا بالخبَر.
والاعتيان: الارتياد.
وَيُقَال ذهب فلَان فاعتان لنا منزلا مُكْلئاً أَي ارتاد لنا منزلا ذَا
كلأ. والعِينة: خِيَار الشَّيْء وَجَمعهَا عِيَن.
وَقَالَ الراجز:
فاعتان مِنْهَا عِينة فاختارها
حَتَّى اشْترى بِعَيْنِه خِيَارهَا
ابْن الأنباريّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ
بِأَعْيُنِنَا} (هود: 37) قَالَ أَصْحَاب النَّقْل وَالْأَخْذ بالأثر:
الْأَعْين يُرِيد بِهِ العَين. قَالَ: وعَيْن الله لَا تفسَّر
بِأَكْثَرَ من ظَاهرهَا، وَلَا يسع أحدا أَن يَقُول: كَيفَ هِيَ أَو
مَا صفتهَا. قَالَ: وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين {بأعيننا بإبصارنا
إِلَيْك.
وَقَالَ غَيره: بإشفاقنا عَلَيْك. واحتجّ بقوله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى
عَيْنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (طه: 39) أَي لتغَذَّى بإشفاقي. تَقول الْعَرَب: على عَيْني
قصدت زيدا يُرِيدُونَ الإشفاق.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: اللُّومة: السِنّة الَّتِي تُحرث بهَا
الأَرْض، فَإِذا كَانَت على الفَدَان فَهِيَ العِيان وَجَمعهَا عُيُن
لَا غير.
وَقَول عمر بن أبي ربيعَة:
ونفسك لم عينين جِئْت الَّذِي ترى
وطاوعت أَمر الغيّ إِذْ أَنْت سادر
(3/130)
قَالَ: قَالَ الزبير: عينين: مُعَاينَة.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: عينين جعله بَدَلا من النَّفس.
أَبُو عبيد: حضرت حَتَّى عِنْت وأَعْينت بلغت الْعُيُون.
ابْن السّكيت: يُقَال قدِم فلَان من رَأس عَيْن، وَلَا تقل: من رَأس
الْعين.
وَيُقَال: مَا بِالدَّار عين وَلَا عائنة أَي أحدٌ. الْفراء: لَقيته
أوّل عَيْن أَي أوَّل شَيْء. وَأَبُو عبيد عَن الْكسَائي مثله.
وَقَالَ أَبُو زيد لَقيته أول عائنة مثله.
وَقَالَ الْفراء: مَا بهَا عائن وَمَا بهَا عَيَن بِنصب الْيَاء.
والعَينُ: أهل الدَّار.
وَقَالَ اللحياني: إِنَّه لأعيْن إِذا كَانَ ضخم الْعين واسعها
وَالْأُنْثَى عيناء. والجميع مِنْهَا عِين قَالَ الله تَعَالَى:
{يَشْتَهُونَ وَحُورٌ عِينٌ} (الواقِعَة: 22) وَلَقَد عَيِنَ يَعْيَنُ
عَيَنَاً وعِينةً حَسَنَة. ونعجة عيناء إِذا اسودت عينتها، وابيض
سَائِر جَسدهَا قَالَ وعِينتها: مَوضِع المَحْجِر من الْإِنْسَان،
وَهُوَ مَا حول الْعين. وحفر الْحَافِر فأعْيَن وأعان أَي بلغ العُيون.
وَرَأَيْت فلَانا عِيَاناً أَي مُوَاجهَة.
وَيُقَال: طلعت الْعين وَغَابَتْ الْعين، أَي الشَّمْس.
وَفِي الحَدِيث: (إِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العَلاّت)
.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ:
الْأَعْيَان: ولد الرجل من امْرَأَة وَاحِدَة، والأَقْران: بَنو أمّ من
رجال شتّى، وَبَنُو العَلاّت: بَنو الرجل من أمّهات شَتَّى، وَمعنى
الحَدِيث أَن الْإِخْوَة للْأَب وَللْأُمّ يتوارثون، دون الْأُخوة
للْأَب.
ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أَصَابَته من الله عَيْن. قَالَ:
وَقَالَ عمر لرجل ضربه رجل بحقّ: أصابتك عين من عُيُون الله.
وَأنْشد:
فَمَا النَّاس أردَوه وَلَكِن أقاده
يَد الله والمستنصر الله غَالب
وَيُقَال: هَذِه دراهمك بِأَعْيَانِهَا وَهِي أَعْيَان دراهمك وَلَا
يُقَال فِيهَا أعْيُن وَلَا عُيُون وَكَذَلِكَ يُقَال هَؤُلَاءِ
إخْوَتك بأعيانهم، وَلَا يُقَال: أعين وعيون.
وَيُقَال: غارت عَيْن المَاء، وَتجمع عيُونا.
وَيُقَال: عيَّن التَّاجِر يُعيّن تعيينا وعينة قبيحة، وَهِي الِاسْم،
وَذَلِكَ إِذا بَاعَ من رجل سلْعَة بِثمن مَعْلُوم إِلَى أجل مُسَمّى
ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بأقلّ من الثّمن الَّذِي بَاعهَا بِهِ. وَقد
كرِه العِينَة أكثرُ الْفُقَهَاء. ورُوي النَّهْي فِيهَا عَن عَائِشَة
وَابْن عَبَّاس. فَإِن اشْترى التَّاجِر بِحَضْرَة طَالب العِينة
سِلْعة من آخر بِثمن مَعْلُوم، وَقَبضهَا، ثمَّ بَاعهَا من طَالب
الْعينَة بِثمن أَكثر مِمَّا اشْتَرَاهُ إِلَى أجل مسمّى ثمَّ بَاعهَا
المُشْتَرِي من البَائِع الأول بِالنَّقْدِ بِأَقَلّ الثّمن الَّذِي
اشْتَرَاهَا بِهِ فَهَذِهِ أَيْضا عِينة. وَهِي أَهْون من الأولى.
وَأكْثر الْفُقَهَاء على إجازتها، على كَرَاهَة من بَعضهم لَهَا.
وَجُمْلَة القَوْل فِيهَا أَنَّهَا إِذا تعرّت من شَرط يُفْسِدهَا
فَهِيَ جَائِزَة. وَإِن اشْتَرَاهَا المتعيّن بِشَرْط أَن يَبِيعهَا من
(3/131)
بَائِعهَا الأول فَالْبيع فَاسد عِنْد
جَمِيعهم وسمّيت عِينة لحُصُول النَّقْد لطَالب العِينة. وَذَلِكَ أَن
الْعينَة اشتقاقها من العَيْن وَهُوَ النَّقْد الْحَاضِر يحصل لَهُ من
فوره.
وَقَالَ الراجز:
وعَيْنه كالكالىء الضِّمَارِ
يُرِيد بعِينه حَاضر عطيته. يَقُول فَهُوَ كالضِّمار، وَهُوَ الْغَائِب
الَّذِي لَا يُرجى.
والعَيْن: عين الرُكْبَة وَهِي نُقْرة الرُكْبة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العَيْن: الْمَطَر يَدُوم خَمْسَة أَيَّام أَو
أَكثر لَا يُقلع. وَالْعين: مَا عَن يَمِين قِبلة أهل الْعرَاق.
وَكَانَت الْعَرَب تَقول: إِذا نشأت السحابة من قِبَل العَيْن
فَإِنَّهَا لَا تكَاد تُخلِف، أَي من قِبَل قِبْلة أهل الْعرَاق.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الْعين: الَّتِي يبصر بهَا
النَّاظر. وَالْعين: أَن يُصِيب الْإِنْسَان بِعَين. وَالْعين: الَّذِي
ينظر للْقَوْم. وعينُ الْمَتَاع: خِيَاره. وَعين الشَّيْء: نَفسه.
وَيُقَال: لَا أقبل إلاّ درهمي بعينِه. والعينُ عين الرُكبةِ وَالْعين:
الَّتِي يخرج مِنْهَا المَاء. وَالْعين: الدَّنَانِير. وَالْعين: مطر
أَيَّام لَا يُقلِع. وَالْعين: مَا عَنْ يَمِين قبْلَة أهل الْعرَاق.
وَيُقَال: فِي الْمِيزَان عَيْن إِذا رجحت إِحْدَى كِفَّتيه على
الْأُخْرَى. وَالْعين عين الشَّمْس. قَالَ وَالْعين: أهل الدَّار.
وَأنْشد:
تشرب مَا فِي وَطْبها قبل العَين
وَالْعين: النَقْد. يُقَال: اشْتريت العَبْد بالدَيْن أَو بالعَيْن.
وَعين الْقوس: الَّتِي يَقع فِيهَا البندق. وَالْعين اليَنبوع الَّذِي
يَنْبع من الأَرْض وَيجْرِي. وَعين الركيَّة: منبعها.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تَقول: فِي هَذَا الْمِيزَان عَيْن
أَي فِي لِسَانه مَيَل قَلِيل. وَيَقُولُونَ: هَذَا دينارٌ عَيْن إِذا
كَانَ ميّالاً أرجح بِمِقْدَار مَا يمِيل بِهِ لِسَان الْمِيزَان.
قَالَ وَعين سَبْعَة دَنَانِير نصف دانق.
أَبُو سعيد عين مَعْيونة: لَهَا مادّة من المَاء وَقَالَ الطرمّاح:
ثمَّ آلت وَهِي مَعْيونة
من بطىء الضَهْل نَكْز المهامي
أَرَادَ أَنَّهَا طَمَتْ ثمَّ آلت أَي رجعت.
وَيُقَال للرجل يُظهر لَك من نَفسه مَا لَا يَفِي بِهِ إِذا غَابَ:
وَهُوَ عَبْدُ عَيْنٍ، وَهُوَ صديق عَيْن. وعان الماءُ يعين إِذا
سَالَ. والعِيَان: حَلْقة السِّنَّة وَجمعه عُيُن.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إِن فلَانا لكريمٌ عينُ الْكَرم.
وَيُقَال فِي مثل: لَا أطلب أثرا بعد عين أَي بعد المعاينة. وَأَصله
أَن رجلا رأى قاتِل أَخِيه فَلَمَّا أَرَادَ قَتله قَالَ: أفتدي
بِمِائَة نَاقَة، فَقَالَ: لست أطلب أثرا بعد عين وَقَتله.
وَقَوله:
حبشيّاً لَهُ ثَمَانُون عينا
بَين عَيْنَيْهِ قد يَسُوق إفالا
أَرَادَ عبدا حَبَشِيًّا لَهُ ثَمَانُون دِينَارا بَين عَيْنَيْهِ
يَعْنِي بَين عَيْني رَأسه. وَالْعين: الَّذِي تبعثه بتجسس
الْأَخْبَار، تسميه الْعَرَب ذَا
(3/132)
العِيَيْنَتين وَذَا العُيَيْنَتَين وَذَا
العُوَينتين كُله بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ اللَّيْث: والعِينة: السَلَف. وَقد تعيّن مِنْهُ عِينة، وعيَّنة
التَّاجِر. والعِين: بقر الْوَحْش وَهَؤُلَاء أَعْيَان قَومهمْ أَي
أَشْرَافهم وَالْمَاء المعِين: الظَّاهِر الَّذِي ترَاهُ الْعُيُون.
وثوب مُعَيَّر: يُرى فِي وشيه ترابيع صغَار تشبه عُيُون الْوَحْش.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عيَّنت الْقرْبَة إِذا صببت فِيهَا مَاء ليخرج
من مخارزها وَهِي جَدِيدَة فتنسدّ وسرَّبتها كَذَلِك.
وَقَالَ الْفراء: التعيّن أَن يكون فِي الْجلد دوائر رقيقَة.
وَقَالَ الْقطَامِي:
وَلَكِن الأدِيم إِذا تَفَرّى
بِلاً وتعيُّناً غلب الصَنَاعا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تعيّنت أخفافُ الْإِبِل إِذا نقِبت مثل
تعيّن الْقرْبَة. وتعينتُ الشَّخْص تعيُّناً إِذا رَأَيْته. وسقاء
عَيِّن إِذا رَقَّ فَلم يُمسك المَاء. وَيُقَال: عيَّن فلَان الْحَرْب
بَيْننَا تعييناً إِذا أدارها وِعِينة الْحَرْب مادّتها.
وَقَالَ ابْن مقبل:
لَا تحلُب الحربُ مني بعد عِينتها
إِلَّا عُلاَلة سِيد مارد سَدِم
أَبُو عَمْرو: مَا عيّن فلَان لي شيأ، أَي لم يدلّني على شَيْء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكُوفَة مَعَان منا أَي منزل ومَعْلم. ورأيته
بعائنة العدوّ، أَي بِحَيْثُ ترَاهُ عُيُون العدوّ، وَمَا رَأَيْت ثَمّ
عائنة أَي إنْسَانا. وَرجل عَيِّن أَي سريع الْبكاء، ولقيته عَيْنَ
عُنَّةٍ أَي مُوَاجهَة وعَيْنَين: جبل بأُحُد. وبالبحرين قَرْيَة تعرف
بعينين، وإليها ينْسب خُلَيد عينين وَقد دَخَلتهَا أَنا، وعان المَاء
يَعِين إِذا سَالَ.
عَنَّا: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَىِّ
الْقَيُّومِ} (طاه: 111) .
قَالَ الْفراء: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} : نصِبت لَهُ وعملت لَهُ.
وَذكر أَيْضا أَنه وَضْع الْمُسلم يَدَيْهِ وجبهته وركبتيه إِذا سجد
وَركع، وَهُوَ فِي معنى الْعَرَبيَّة أَن يَقُول الرجل: عَنَوت لَك:
خضعت لَك وأطعتك.
قَالَ: وَيُقَال للْأَرْض: لم تعنُ بِشَيْء أَي لم تُنبت شيأ.
وَيُقَال: لم تَعْنِ بِشَيْء، وَالْمعْنَى وَاحِد؛ كَمَا يُقَال حَثَوت
عَلَيْهِ التُّرَاب وحَثَيت.
قَالَ وَقَوْلهمْ: أخذت الشَّيْء عَنْوة يكون غَلَبَة، وَيكون عَن
تَسْلِيم وَطَاعَة مِمَّن يُؤْخَذ مِنْهُ الشَّيْء.
وَأنْشد الْفراء:
فَمَا أخذوها عَنْوة عَن مودّة
ولكنّ ضرب المشرفيّ استقالها
فَهَذَا على معنى التَّسْلِيم وَالطَّاعَة بِلَا قتال.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} (طاه: 111) :
استأسرت.
قَالَ: والعاني: الْأَسير.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العاني: الخاضع، والعاني: الْأَسير.
والعاني: العَبْد.
(3/133)
والعاني: السَّائِل من مَاء أَو أَدَم.
يُقَال: عنت القِربة تعنو إِذا سَالَ مَاؤُهَا.
وَقَالَ المتنخِّل الْهُذلِيّ:
تعنو بمخروت لَهُ ناضحٌ
ذُو رَيِّق يغذو وَذُو سَلسَل
قَالَ شمر: تعنو بمخروت أَي تسيل بمخروت أَي من شَقٍ مخروت، والخَرْت:
الشَقُ فِي الشَفة والمخروت المشقوق.
وَرَوَاهُ: ذُو شَلْشَل بالشين مُعْجمَة مَعْنَاهُ: ذُو قَطَران من
الواشل وَهُوَ القاطر
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: عنوت الشَّيْء: أخرجته. وَأنْشد:
وَلم يبْق بالخلصاء مِمَّا عَنَتْ بِهِ
أَي أَخرجَتْه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العَنَاء: الْحَبْس فِي شدّة وذل. يُقَال:
عَنَا الرجلُ يعنو عُنُوَّاً وعَنَاء إِذا ذَلَّ لَك واستأثر.
قَالَ: وعنّيته أُعَنّيه تعنية إِذا أسرته فحبسته مضيِّقاً عَلَيْهِ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اتَّقوا الله
فِي النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عوانٍ عنْدكُمْ) أَي كالأسرى.
قَالَ: وأخذته عَنْوة أَي قسْراً قهرا. وفُتحت هَذِه الْبَلدة عَنْوة
أَي فتحت بِالْقِتَالِ قوتل أَهلهَا حَتَّى غُلبوا عَلَيْهَا، أَي فتحت
الْبَلدة الْأُخْرَى صلحا؛ لم يُغلبوا وَلَكِن صولحوا على خَرْج
يُؤدّونه.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: (فَإِنَّهُنَّ عنْدكُمْ عوانٍ)
وَاحِدَة العواني عانية وَهِي الْأَسِيرَة يَقُول: إِنَّمَا هن
عنْدكُمْ بِمَنْزِلَة الأسرى. وَرجل عانٍ وَقوم عُنَاة: وَمِنْه قَول
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عُودوا المرضى، وفُكّوا العاني)
يَعْنِي الْأَسير.
قَالَ: وَلَا أُراه مأخوذاً إِلَّا من الذل والخضوع، وكل من ذل واستكان
فقد خضع وعنا. وَالِاسْم مِنْهُ العَنْوة.
وَقَالَ الْقطَامِي:
ونأت بحاجتنا ورُبَّتَ عَنوة
لَك من مواعدها الَّتِي لم تصدق
وأُخِذت الْبِلَاد عَنوة أَي بالقهر والإذلال.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: هَذَا يعنو هَذَا أَي يَأْتِيهِ فيشمَّه.
والهموم تعاني فلَانا أَي تَأتيه.
وَأنْشد:
وَإِذا تعانيني الهمومُ قريتُها
سُرُح الْيَدَيْنِ تُخالس الخَطَرانا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للأسير: عَنَّا يعنو، وعَنِيَ يَعْنَى.
قَالَ: وَإِذا قلت أعْنَوه فَمَعْنَاه أبقَوه فِي الإسار.
قَالَ: وعُنْوان الْكتاب مشتقّ فِيمَا ذكرُوا من المَعْنَى. وَفِيه
لُغَات: عنونت وعنَّيت، وعنَّنْت.
وَقَالَ الْأَخْفَش: عَنَوْت الْكتاب واعْنُهُ. وَأنْشد يُونُس:
فطِنِ الْكتاب إِذا أردْت جَوَابه
واعُن الْكتاب لكَي يُسَرّ ويُكْتما
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ عَنِيت بأَمْره عناية: وعُنِيّاً،
وعنا فِي أمره سَوَاء فِي
(3/134)
الْمَعْنى وَمِنْه قَوْلهم:
إياكِ أَعنِي واسمعي يَا جارهْ
وَتقول عنيتك بِكَذَا وَكَذَا عِنِيّا، والعَناء الِاسْم وَيُقَال
عَنيت وتعنّيت كل يُقَال.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: عَنَّا عَلَيْهِ الْأَمر أَي شقّ
عَلَيْهِ.
وَأنْشد قَول مزرِّد:
وشقّ على لعرىء وعنا عَلَيْهِ
تكاليف الَّذِي لن يستطيعا
وَيُقَال: عُني بالشَّيْء فَهُوَ مَعْنِيّ بِهِ، وأعنيته وعنَّيته
بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد:
وَلم أَخْلُ فِي قَفْر وَلم أُوفِ مَرْبأ
يَفَاعا وَلم أُعن المطِيّ النواجيا
قَالَ: وعنّيته: حَبسته حبسا طَويلا، وكل حبس طَوِيل فَهُوَ تعنية.
وَمِنْه قَول عُقْبة:
قطعتَ الدَّهْر كالسَدِم المعنّي
تُهَدِّرُ فِي دمشق وَمَا تريم
وَيُقَال: لقِيت من فلَان عَنْية وَعَنَاء أَي تَعَباً.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: مَا يَعْنَى فِيهِ الأكلُ أَي مَا ينجَع. وَقد
عَنَى أَي نجع، هَكَذَا رُوِي لنا عَن أبي عبيد عَنَى يَعْنَى.
وروَاه ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء: شرب اللَّبن شهرا فَلم يَعْنَ
فِيهِ كَقَوْلِك: لم يُغنِ عَنهُ شَيْئا وَقد عَنِيَ يَعْنَى عُنِيّاً
بِكَسْر النُّون من عَنِيَ.
قلت: وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس، وَهُوَ قِيَاس كَلَام
الْعَرَب. وَمن أمثالهم عَنِيَّتُه تشفى الجرب يضْرب مثلا للرجل الْجيد
الرَّأْي. وأصل العنِيَّة فِيمَا روى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي
أَبوال الْإِبِل يُؤْخَذ مَعهَا أَخلاط فتُخلط، ثمَّ تُحبس زَمَانا فِي
الشَّمْس، ثمَّ يُعالج بهَا الْإِبِل الْجَرْبَى، سُمِّيت عَنِيَّة من
التعنية وَهُوَ الْحَبْس وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَنَّا يعنو إِذا أَخذ
الشَّيْء قهرا، وعنا يعنو عَنْوة فيهمَا إِذا أَخذ الشَّيْء صلحا
بإكرام ورفق.
وَقَالَ اللَّيْث: عناني هَذَا الْأَمر يَعْنيني عِناية فَأَنا معنِيّ
بِهِ، وَقد اعتنيت بأَمْره. قَالَ: وَمعنى كل شَيْء محنته وحاله
الَّتِي يصير إِلَيْهَا أمره.
وأَخبرني الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: المَعْنى
وَالتَّفْسِير والتأويل وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: المُعنَّى كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا بلغت إبل
الرجل مائَة عَمدُوا إِلَى الْبَعِير الَّذِي أَمْأت بِهِ إبِله
فأغلقوا ظَهره لِئَلَّا يركب وَلَا ينْتَفع بظهره؛ ليعلم أَن صَاحبهَا
مُمْء وإغلاق ظَهره أَن يُنزع مِنْهُ سَنَاسِنُ من فِقرته ويعقر سنامه.
وَقَالَ فِي قَول الفرزدق:
غلبتك بالمفقّىء والمُعَنِّي
وبيتِ المحتبِي والخافقات
قَالَ أَرَادَ بالمفقِّىء بَيته:
فلستَ وَلَو فقَّأت عَيْنَيْك واجدا
أبالك إِذْ عُدَّ المساعي كدارم
وَأَرَادَ بالمعنِّي قَوْله:
تَعَنَّى يَا جرير لغير شَيْء
(3/135)
وَقد ذهب القصائد للرواة
فَكيف تردّ مَا بعُمان مِنْهَا
وَمَا بجبال مصر مشهَّرات
وَأَرَادَ بالمحتبِي قَوْله:
بَيت زُرَارَة محتبٍ بفنائه
ومجاشع وَأَبُو الفوارس نهشل
لَا يحتبِي بِفنَاء بَيْتك مثلُهم
أبدا إِذا عُدّ الفَعَال الْأَفْضَل
وَأَرَادَ بالخافقات قَوْله:
وَأَيْنَ يُقَضّى المالكان أمورها
بحقّ وَأَيْنَ الخافقات اللوامع
أَخذنَا بآفاق السَّمَاء عَلَيْكُم
لنا قمراها والنجوم الطوالع
ابْن الْأَعرَابِي: فِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه قَالَ لرجل: لقد عَنِي الله بك؛ قَالَ: معنى الْعِنَايَة هَاهُنَا
الْحِفْظ، أَي لقد حفظ الله دينك وأمرك حَتَّى خلَّصك وَحفظه عَلَيْك
وَقَالَ: عُنيت بِأَمْرك فَأَنا مَعْنِي وعَنيت فَأَنا عانٍ وعنٍ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأعناء: النواحي وَاحِدهَا عَناً، كَمَا
ترى وَهِي الأعنان أَيْضا.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن
الْإِبِل، فَقَالَ: أعنان الشَّيَاطِين، أَرَادَ أَنَّهَا مثلهَا،
كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهَا من نواحي الشَّيَاطِين.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فِيهَا أعناء من النَّاس، وأعراء، وَاحِدهَا
عِنْو وعِرْو، أَي جماعات.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أعناء الشَّيْء: جوانبه، وَاحِدهَا عِنْو.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال هُوَ معنيٌّ بأَمْره وعانٍ بأَمْره وَعَنٍ
بأَمْره بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن الْكسَائي: يُقَال: لم تَعْنِ بِلَادنَا
بِشَيْء أَي لم تُنبت شَيْئا وَلم تَعْنُ بِشَيْء أَي لم تُنْبِت
يسكنون الْعين فِيهَا شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلته فَلم يَعْنُ لي بِشَيْء، كَقَوْلِك لم
يَنْدَ لي بِشَيْء، وَلم يبِضّ لي بِشَيْء، وَقد عَنَّا النبت يعنو
إِذا ظهر، وأعناءهُ الْمَطَر إعناء، وعنا المَاء إِذا سَالَ، وَدم عانٍ
سَائل، وعَنَوت الشَّيْء: أخرجته.
وَقَالَ أَبُو سعيد: عَنَيت فلَانا عَنْياً أَي قصدته وَمن تَعْنِي
بِقَوْلِك؟ أَي من تقصد؟ وعناني أَمرك أَي قصدني وَفُلَان تَتعنَّاه
الحُمَّى أَي تتعهَّده، وَلَا تقال هَذِه اللَّفْظَة فِي غير الحُمَّى.
وَرُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى
أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: باسم الله أَرقيك من كل دَاء يَعْنِيك، من
شرّ حَاسِد إِذا حسد، وَمن شَرّ كل ذِي عين.
قلت: قَوْله: يَعْنِيك أَي يشغلك. تَقول: هَذَا الْأَمر لَا يعنيني أَي
لَا يشغلني. وَقيل: يَعْنِيك أَي يقصدك كَمَا قَالَ أَبُو سعيد،
والمعنيان متقاربان.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: عُني فلَان بِالْأَمر فَهُوَ مَعْنِيّ
بِهِ. وَيُقَال: لتُعْنَ بحاجتي. وَيُقَال عَنِيت فِي الْأَمر إِذا
تعنيت فِيهِ، فَأَنا أَعْنَى وأَنا عَنٍ. وَإِذا سَأَلت قلت كَيفَ من
تُعْنى بأَمْره مضموم؛ لِأَن الْأَمر عناه وَلَا يُقَال كَيفَ من
تَعْنَى بأَمْره.
(3/136)
وَقَالَ اللَّيْث المعاناة: المقاساة.
وروى أَبُو سعيد عَن ابْن الْأَعرَابِي: المعاناة: المداراة.
وَقَالَ الأخطل:
فَإِن أك قد عانيت قومِي وهبتهم
فهلهل وأَوّل عَن نُعَيم بن اخثما
هلهل: تأن وانتظر.
وَأنْشد ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم عناني الشَّيْء أَي شغلني:
عناني عَنْك والأنصابِ حَرْب
كَأَن صُلاتها الأبطالَ هِيم
أَي شغلني. وَقَالَ آخر:
لَا تلمني على الْبكاء خليلي
إِنَّه مَا عاناك مَا قد عناني
وَقَالَ آخر:
إِن الْفَتى لَيْسَ يُقميه ويقمعه
إِلَّا تكلُّفه مَا لَيْسَ يعنيه
تَفْسِير مِنْ وَعَن
قَالَ الْمبرد: مِنْ وَإِلَى وربَّ وَفِي وَالْكَاف الزَّائِدَة
وَالْبَاء الزَّائِدَة وَاللَّام الزَّائِدَة هِيَ حُرُوف الْإِضَافَة
الَّتِي يُضَاف بهَا الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال إِلَى مَا بعْدهَا.
قَالَ: وأمّا مَا وَضعه النحويون؛ نَحْو على وَعَن وَقبل وَبعد وَبَين
وَمَا كَانَ مثل ذَلِك فَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء. يُقَال: جِئْت من
عِنْده، ومِن عَلَيْهِ، وَمن عَن يسَاره، وَمن عَن يَمِينه قَالَ
الْقطَامِي:
من عَنْ يَمِين الحُبَبَّا نظرةٌ قَبَل
وممَّا يَقع الْفرق فِيهِ بَين مِن وَعَن أَن مِن يُضَاف بهَا مَا
قَرُب من الْأَسْمَاء، وَعَن يُوصل بهَا مَا ترَاخى؛ كَقَوْلِك: سَمِعت
من فلَان حَدِيثا، وحدّثنا عَن فلَان حَدِيثا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الصُّدُورِ وَهُوَ
الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ
السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (الشّورى: 25) أَي من
عباده.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: حدَّثني فلَان من فلَان يُرِيد: عَنهُ،
ولهِيتُ من فلَان وَعنهُ.
وَقَالَ الْكسَائي: لهيت عَنهُ لَا غير. وَيُقَال: اله مِنْهُ وَعنهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لهِيت مِنْهُ وَعنهُ: وَقَالَ عَنْك جَاءَ هَذَا
يُرِيد: مِنْك.
وَقَالَ سَاعِدَة بن جُؤيَّة:
أفعنك لَا برقٌ كَأَن وميضه
غَابَ تسنَّمه ضِرَام موقَد
يُرِيد: أمنك برق، وَلَا صلَة، رَوَى جَمِيع ذَلِك أَبُو عبيد عَنْهُم.
وَالْعرب تَقول: سِرْ عَنْك، وانفُذ عَنْك، أَي امْضِ وجُز، وَلَا معنى
لعنك.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه طَاف بِالْبَيْتِ مَعَ يَعْلَى ابْن أميَّة،
فَلَمَّا انْتهى إِلَى الرُّكْن الغربيّ الَّذِي يَلِي الْأسود قَالَ
لَهُ: لَا تستلم. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: انفُذ عَنْك فَإِن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لم يستلمه. وَفِي الحَدِيث تَفْسِيره أَي دَعه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: تكون عَن بِمَعْنى على. وَأنْشد قَول ذِي الإصبع
العَدْواني:
لاه ابْن عمك لَا أفضلت فِي حسب
عني وَلَا أَنْت ديّاني فتخزوني
قَالَ: عنّي فِي معنى عليّ، أَي لم تُفضل فِي حسب عليَّ. قَالَ: وَقد
جَاءَ عَن
(3/137)
بِمَعْنى بعد. وَأنْشد:
وَلَقَد شُبَّت الحروب فَمَا غَمَّر
ت فِيهَا إِذْ قَلّصت عَن حِيَال
أَي قلَّصت بعد حيالها. وَقَالَ فِي قَول لبيد:
لِوَرْد تَقْلِص الغِيطانُ عَنهُ
يَبُذّ مَسَافَة الخِمس الْكَمَال
قَالَ: قَوْله: عَنهُ أَي من أَجله. وَعَن الْفراء أنة يُقَال: اغسل
عَن وَجهك ويدك، وَلَا يُقَال: اغسل عَن ثَوْبك.
وَيُقَال: جَاءَنَا الْخَبَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فتخفض النُّون. وَتقول: جَاءَنَا منَ الْخَبَر مَا أوجب السَكر فتفتح
النُّون؛ لأَنَّ عَن كَانَت فِي الأَصْل عَنِى، وَمن أَصْلهَا مِنا،
فدلَّت الفتحة على سُقُوط الْألف، كَمَا دلّت الكسرة فِي عَن على
سُقُوط الْيَاء. وَأنْشد بَعضهم:
مِنا أَن ذَرَّ قرن الشَّمْس حَتَّى
أغاث شريدهم مَلَثُ الظلام
وَقَالَ الزّجاج: فِي إِعْرَاب من الْوَقْف، إِلَّا أَنَّهَا فتحت مَعَ
الْأَسْمَاء الَّتِي يدخلهَا الْألف وَاللَّام لالتقاء الساكنين؛
كَقَوْلِك: من النَّاس، النُّون من مِن سَاكِنة، وَالنُّون من النَّاس
سَاكِنة، وَكَانَ الأَصْل أَن يكسر لالتقاء الساكنين، وَلكنهَا فتحت
لثقل اجْتِمَاع كسرتين، لَو كَانَ مِنِ النَّاس لثقل ذَلِك. فَأَما
إِعْرَاب عَن النَّاس فَلَا يجوز فِيهِ إِلَّا الْكسر؛ لِأَن أول عَن
مَفْتُوح. وَالْقَوْل مَا قَالَ الزّجاج فِي الْفرق بَينهمَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المعاناة والمقاناة: حُسْن السياسة. وَيُقَال:
مَا يعانون مَالهم وَلَا يقانونه أَي مَا يقومُونَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: يُقَال عَدَل من الشَّيْء إِذا كَانَ مَعَه
ثمَّ تَركه، وَعدل عَن الشَّيْء إِذا لم يكن مَعَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: بهَا أعناء من النَّاس وأفناء أَي
أخلاط. وَالْوَاحد عِنْو وفِنْو. قَالَ وأعنى الرجل إِذا صَادف أَرضًا
قد أمْشَرَت وَكثر كلؤها.
وَيُقَال خُذ هَذَا وَمَا عاناه أَي شاكله.
نعو: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: النَعْو من الْبَعِير: المَشَقّ من
مشفره الْأَعْلَى. وَأنْشد غَيره قَول الطرماح:
خريعَ النعو مُضْطَرب النواحي
كأخلاق الغَرِيفة ذَا غُضُون
خريع النعو: ليّنه. والغَرِيفة: النَّعْل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: نَعْو الْحَافِر فَرَجة فِي
مؤخره.
نعي: وَقَالَ اللَّيْث: نعى يَنْعَى نَعْياً. وجاءنا نَعْي فلَان:
وَهُوَ خبر مَوته. والنعِيّ بِوَزْن فعيل: نِدَاء الناعي. والنعِيّ
أَيْضا: هُوَ الرجل الَّذِي يَنْعَى.
ورُوي عَن شدّاد بن أَوْس أَنه قَالَ: يَا نَعَايا الْعَرَب.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره، إِنَّمَا هُوَ فِي
الْإِعْرَاب يَا نعاءِ العربَ تَأْوِيله: انعَ الْعَرَب، يَأْمر
بنعيهم. كَأَنَّهُ يَقُول: قد ذهبت الْعَرَب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: خَفْضُ نَعَاءِ مثل قَوْلهم قَطَام ودَراك ونزال.
وَأنْشد للكميت:
(3/138)
نعاء جُذاما غير مَوت وَلَا قتل
وَلَكِن فراقا للدعائم وَالْأَصْل
قَالَ: وَبَعْضهمْ يرويهِ يَا نُعْيان الْعَرَب.
فَمن قَالَ هَذَا أَرَادَ الْمصدر؛ يُقَال: نعيته نَعْياً ونُعياناً. .
قلت: وَيكون النُعْيان جمعا للناعي، كَمَا يُقَال لجمع الرَّاعِي:
رُعْيان، ولجمع الْبَاغِي: بُغْيان وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول لخَدمه:
إِذا جَنّ عَلَيْكُم الليلُ فثقّبوا النيرَان فَوق الآكام يَضْوِي
إِلَيْهَا رُعياننا وبغياننا. قلت: وَقد يجمع النعِيّ نعايا، كَمَا
تجمع المَرِيّ من النوق مرايا، والصَفِيّ صفايا.
وَمن قَالَ: يَا نعاء العربَ فَمَعْنَاه: يَا هَذَا انع الْعَرَب،
وَيَا أَيهَا الرجل انعهم.
وَيُقَال: فلَان ينعى على نَفسه بالفواحش إِذا شَهَر نَفسه بتعاطيه
الْفَوَاحِش. وَكَانَ امْرُؤ الْقَيْس من الشُّعَرَاء الَّذين نَعَوا
على أنفسهم بالفواحش، وأظهروا التعهّر. وَكَانَ الفرزدق فَعُولاً
لذَلِك. ونعى فلَان على فلَان أمرا إِذا أشاد بِهِ وأذاعه. وَفُلَان
ينعى فلَانا إِذا طلب بثأره. وَكَانَت الْعَرَب إِذا قُتل مِنْهُم رجل
شرِيف أَو مَاتَ، بعثوا رَاكِبًا إِلَى قبائلهم ينعاه إِلَيْهِم، فَنهى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَعِيّ: الرجل الْمَيِّت. والنَعْي: الْفِعْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الناعي المشنِّع. يُقَال: نعى عَلَيْهِ
أمره إِذا قبَّحه عَلَيْهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: قَالَ يُقَال: أنَعْى عَليه، ونعى عَلَيْهِ شيأ
قبيحاً إِذا قَالَه تشنيعاً عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ذهبت تَمِيم فَلَا تُنْعَى وَلَا تُسْهى
وَلَا تُنْهى أَي لَا تُذكر. وتناعى بَنو فلَان فِي الْحَرْب إِذا
نَعَوا قتلاهم ليحرّضوهم على الطّلب بالثأر.
وَقَالَ اللَّيْث: النعِيّ: الناعي الَّذِي ينعي. وَأنْشد قَوْله:
قَامَ النعِيّ فأسمعا
ونَعَى الكريمَ الأروعا
قَالَ: والاستغناء: شبه النفار. قَالَ: وَلَو أَن قوما مُجْتَمعين قيل
لَهُم شَيْء ففزعوا مِنْهُ وَتَفَرَّقُوا نافرين لَقلت: استنْعَوا.
والناقة إِذا نفرت فقد استنعت.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب المقلوب: استناع واستنعى إِذا تقدم،
وَيُقَال: عطف. وَأنْشد:
ظلِلنا نعوج العِيس فِي عَرَصاتها
وقوفاً ونستنعي بهَا فنصورها
وَقَالَ شمر فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ الإياديّ: استنعى إِذا تقدم فَذهب
ليتبعوه.
وَيُقَال: تَمَادى. قَالَ ورُبّ نَاقَة يستنعِي بهَا الذئبُ أَي يعدو
بَين يَديهَا وتتبعه، حَتَّى إِذا امّاز بهَا عَن الحُوَار عَفَق على
حوارها مُحضِراً فافترسه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: استناع واستنعى إِذا تقدّم. وَأنْشد:
وَكَانَت ضَرْبَة من شَدْقَمِيّ
إِذا مَا اسْتَنَّت الْإِبِل استناعا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: استناع واستنعى إِذا تَمَادى وتتابع.
نوع: قَالَ اللَّيْث: النَوع والأنواع جمَاعَة.
(3/139)
وَهُوَ كل ضرب من الشَّيْء، وكل صِنف من
الثِّيَاب وَالثِّمَار وَغير ذَلِك حَتَّى الْكَلَام. قَالَ: واختُلِفَ
فِي النُوع، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ الْجُوع، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ
الْعَطش. قَالَ: وَهُوَ بالعطش أشبه؛ لقَوْل الْعَرَب: هُوَ جَائِع
نائع، فَلَو كَانَ الجُوع نُوعاً لم يحسن تكريره. وَقيل: إِذا اخْتلف
اللفظان جَازَ التكرير وَالْمعْنَى وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي فِي بَاب الإتباع: رجل جَائِع نائع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: جُوعا لَهُ ونُوعا، وجُوسا لَهُ
وجُودا لَهُ لم يزدْ على هَذَا. قَالَ ونويعة: اسْم وادٍ بِعَيْنِه
قَالَ الرَّاعِي:
بنُو يعتين فَشَاطىء التسرير
ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: قيل لِابْنِهِ الْخُسّ: مَا أحد شَيْء؟
قَالَت: ضِرسُ جائعِ يقذف فِي مِعًى نائع.
وَقَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: هُوَ جَائِع نائع، قَالَ أَكثر أهل
اللُّغَة: النائع هُوَ الجائع. وَقيل: هُوَ إتباع، كَقَوْلِهِم: حسن
بَسَن. وَقيل: النائع العطشان. وَأنْشد:
لعمر بني شهَاب مَا أَقَامُوا
صُدُور الْخَيل والأسل النياعا
قَالَ: الأسَل: أَطْرَاف الأسنَّة، والنِياع: العطاش إِلَى الدِّمَاء.
وَيُقَال للغُصْن إِذا حرّكته الرِّيَاح فَتحَرك قد ناع قد ينوع
نَوَعاناً، وتنوَّع تنوّعاً، واستناع استناعة، وَقد نوَّعته الرِّيَاح
تنويعاً إِذا ضَربته وحرّكته.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ناع ينُوع، ويَنِيع إِذا تمايل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَوْعة: الْفَاكِهَة الرَطبة
الطريّة.
شمر عَن أبي عدنان قَالَ لي أَعْرَابِي فِي شَيْء سَأَلته عَنهُ: مَا
أَدْرِي على أَي منواع هُوَ أيّ على أَي وَجه.
قَالَ وَقَالَ غَيره: هَذَا على أَي منوال.
قَالَ أَبُو عدنان: وَالْمعْنَى وَاحِد فِي المِنواع والمنوال.
ونع: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الوَنَع لُغَة يَمَانِية:
كلمة يشار بهَا إِلَى الشَّيْء الحقير.
ينع: قَالَ الله جلّ ذكره: {انْظُرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} (الأنعَام: 99)
الينع: النُضْج. يُقَال يَنَع الشّجر يَيْنَع يَنْعاً. وأينع إِذا
أدْرك. قَالَ الشَّاعِر:
فِي قِباب حول دسكرة
حولهَا الزيتونُ قد ينعا
وقرىء: (ويانعه إِن فِي ذَلِك) وَيُقَال: أينع الثمرُ فَهُوَ مُونع
ويانع. كَمَا يُقَال أَيفع الْغُلَام فَهُوَ يافع، وَقد ينعَت
الثَّمَرَة تينع ينعاً، وأينعت تُونع إيناعاً. واليانع: الْأَحْمَر من
كل شَيْء. وثمر يَانِع: إِذا لَوَّن. وَامْرَأَة يانعة الوجنتين.
وَقَالَ رَكَّاض الدُّبَيْري:
ونحرا عَلَيْهِ الدُرّ يزهو كرومُه
ترائب لَا شقرا ينعن وَلَا كُهْبا
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي ابْن
الملاعَنة: (إِن جَاءَت بِهِ أمّه أحَيمر مثل اليَنَعة فَهُوَ
لِأَبِيهِ) . قَالَ: اليَنَعة: خَرَزة حَمْرَاء، واليَنَع: ضرب من
العقيق.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيش: ضروب الْجَرَاد
(3/140)
الحَرْشف، والمُعَيَّن، والمَرَجَّل،
والخَيْفان. قَالَ: فالمعيَّن الَّذِي يَنْسَلِخ فَيكون أَبيض وأحمر
وآدَم والخَيْفان نَحوه، والمرجّل: الَّذِي بَدَأَ آثَار أجنحته قَالَ:
وغَزَالُ شعْبَان، وراعية الأُتُن والكُدَم من ضروب الْجَرَاد.
وَيُقَال لَهُ كُدَم السَّمُر. وَهُوَ الجَحْل والسِّرْمان والشَّقَير
واليعسوب وَهُوَ جَحَل أَحْمَر عَظِيم.
(بَاب الْعين وَالْفَاء)
(ع ف (وَا يء))
عَوْف، عيف، فعا، فوع، يفع، وفع، وعف.
عَفا: قَالَ اللَّيْث: الْعَفو عَفْو الله عَن خَلْقه. وَالله العَفُوّ
الغفور. قَالَ: وكل من اسْتحق عُقُوبَة فتركتها فقد عفوتَ عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي: الأَصْل فِي قَوْله الله جلّ
وعزّ: {عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} (التّوبَة: 43) : محا
الله عَنْك مَأْخُوذ من قَوْلهم: عفت الرِّيَاح الْآثَار إِذا درستها
ومحتها. وَقد عفت الآثارُ تَعْفُو عُفُوّاً، لفظ اللَّازِم والمتعدّي
سَوَاء.
وقرأت بِخَط شمر لأبي زيد: عَفا الله عَن العَبْد عَفْواً، وعفت
الرِّيَاح الْأَثر عفاءً، فَعَفَا الْأَثر عُفُواً وَقَالَ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (سلوا الله العَفْو والعافية والمعافاة)
فأمَّا الْعَفو فَهُوَ مَا وَصفنَا من مَحْو الله ذنُوب عبدِه عَنهُ.
وأمَّا الْعَافِيَة فَأن يعافيه الله من سقم أَو بليّة. يُقَال: عافاه
الله، وأعفاه أَي وهب لَهُ الْعَافِيَة من العِلَل والبلايا. وأمَّا
المعافاة فَأن يعافيك الله من النَّاس ويعافيهم مِنْك.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَافِيَة: دفاع الله عَن العَبْد يُقَال: عافاه
الله من الْمَكْرُوه يعافيه معافاة وعافية.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: عافاه الله عَافِيَة؟ وَهُوَ اسْم يوضع مَوضِع
الْمصدر الحقيقيّ وَهُوَ المعافاة. وَقد جَاءَت مصَادر كَثِيرَة على
فاعلة. قَالَ: سَمِعت راغية الْإِبِل، وثاغية الشَّاء أَي سَمِعت
رُغاءها وثغاءها.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَفو أحلّ المَال وأطيبه قَالَ وعَفْوُ كل شَيْء
خِياره وأجوده، وَمَا لَا تَعب فِيهِ. وَكَذَلِكَ عُفاوته وعِفاوته.
وَقَالَ حسَّان بن ثَابت:
خُذ مَا أَتَى مِنْهُم عَفْواً فَإِن منعُوا
فَلَا يكن همَّك الشيءُ الَّذِي منعُوا
قَالَ: الْعَفو الْمَعْرُوف.
وَقَالَ غَيره فِي قَول الله جلّ وعزّ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ} (الأعرَاف: 199) : الْعَفو: الْفضل الَّذِي يَجِيء
بِغَيْر كُلْفة. وَالْمعْنَى: اقبَل الميسور من أَخْلَاق النَّاس،
وَلَا تستقصِ عَلَيْهِم فيستقصِي الله عَلَيْك، مَعَ مَا يتَولَّد
مِنْهُ من الْعَدَاوَة والبغضاء.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَفْو الْبِلَاد: مَا لَا أثر لأحد فِيهَا بمِلك.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من
أَحْيَا أَرضًا مَيْتة فَهِيَ لَهُ) إِنَّمَا ذَلِك فِي عَفْو
الْبِلَاد الَّتِي لم تُمْلك.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قبِيلة كشراك النَّعْل دارجة
إِن يهبطوا العَفْوَ لَا يُوجد لَهُ أثر
قَالَ: وَيُقَال لولد الْحمار عَفْو وعُفْو وعِفْو
(3/141)
وعَفاً مَنْقُوص. وَأنْشد ابْن السّكيت:
وطعنٍ كتَشْهاقِ العَفَا همَّ بالنَهْق
وعَفْو المَاء: مَا فَضَل عَن الشاربة، وأُخذ بِغَيْر كُلْفة، وَلَا
مزاحمة عَلَيْهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ العِفْو الجحش، والأتان نَفسهَا
تسمى العِفاوة.
قَالَ: والعِفَاء من الْوَبر مَمْدُود. وَعَفا ظَهره: نبت لَحْمه وبرأ
دَبَره.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو زيد، يُقَال عِفْو، وَثَلَاثَة عِفَوة
مثل قِرَطة، وَهِي العِفَاء وَهُوَ الجحش وَالْمهْر أَيْضا. وَكَذَلِكَ
العِجْلة. والظِّئَبة جمع الظَأْب، وَهُوَ السِّلْفُ.
وَقَالَ اللَّيْث: ولد الْحمار عِفْو والجميع عِفَوة وعِفَاء؛ كَمَا
قَالَ أَبُو زيد. وَهِي أفتاء الحُمُر. قَالَ: وَلَا أعلم فِي جَمِيع
كَلَام الْعَرَب واواً متحركة بعد حرف متحرك فِي آخر الْبناء غيرَ وَاو
عِفَوة. قَالَ وَهِي لُغَة لقيس كَرهُوا أَن يَقُولُوا عِفَاة فِي
مَوضِع فِعَلَة وهم يُرِيدُونَ الْجَمَاعَة فتلتبس بوُحْدان
الْأَسْمَاء. قَالَ: وَلَو تكلّف متكلِّف أَن يَبْنِي من الْعَفو اسْما
مُفردا على بِنَاء فِعَلة لقَالَ: عِفَاة.
وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: (إِذا كَانَ عنْدك قوتُ يَوْمك فعلى الدُّنْيَا العَفَاء) .
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: العفاء: التُّرَاب. وَقَالَ زُهَير:
تحمَّل أَهلهَا مِنْهَا فَبَاتُوا
على آثَار مَا ذهب العَفَاء
قَالَ والعفاء أَيْضا: الدُّرُوس. يُقَال: عفت الدَّار عُفُوّاً
وعَفَاءً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي السبّ: بِفِيهِ العَفَاء وَعَلِيهِ
العَفَاء، وَالذِّئْب العوَّاء، وَذَلِكَ أَن الذِّئْب يعوِي فِي أثَرِ
الظاعن إِذا خلت الدَّار. قَالَ: والاستعفاء: أَن تطلب إِلَى من يكلّفك
أمرا أَن يُعفيك مِنْهُ. وَيُقَال: خُذ من مَاله مَا عَفا وَصفا أَي
مَا فَضَل وَلم يشقّ عَلَيْهِ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من
أَحْيَا أَرضًا مَيْتة فَهِيَ لَهُ، وَمَا أكلت الْعَافِيَة مِنْهُ
فَهُوَ لَهُ صَدَقَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: الْوَاحِد من الْعَافِيَة عافٍ، وَهُوَ كلّ من
جَاءَك يطْلب فَضْلا أَو رِزقاً فَهُوَ عافٍ ومعتفٍ، وَقد عَفَاك يعفوك
وَجمعه عُفَاةٌ وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
تَطوف العُفَاة بأبوابه
كطَوْف النَّصَارَى بِبَيْت الوَثَن
قَالَ: وَقد تكون الْعَافِيَة فِي هَذَا الحَدِيث من النَّاس وَغَيرهم.
قَالَ: وَبَيَان ذَلِك فِي حَدِيث أم مبشّر الْأَنْصَارِيَّة قَالَت:
دخل عليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي نخل لي،
فَقَالَ: من غرسه؟ أمسلم أم كَافِر؟ قلت: لَا، بل مُسلم. فَقَالَ: (مَا
من مُسلم يغْرس غَرْساً أَو يزرع زرعا فيأكلُ مِنْهُ إِنْسَان أَو
دابّة أَو طَائِر أَو سبع إلاّ كَانَت لَهُ صَدَقَة) .
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بإحفاء
الشَّوَارِب وإعفاء اللحَى.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: إعفاء
(3/142)
اللحى: أَن توفَّر وتكثر. يُقَال مِنْهُ:
قد عَفا الشعْرُ وَغَيره إِذا كثر، يعْفُو فَهُوَ عافٍ. وَقد عفَّيته
وأعفيته لُغَتَانِ إِذا فعلت ذَلِك بِهِ، قَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى
عَفَواْ} (الأعرَاف: 95) يَعْنِي كَثُرُوا.
وَفِي الحَدِيث (إِذا عَفا الوَبَر وبرىء الدَبَر حَلَّت الْعمرَة لمن
اعْتَمر) . وَيُقَال للشعر إِذا طَال ووَفَى: عِفَاء. وَقَالَ زُهَيْر:
أذلك أم أقبّ الْبَطن جأبٌ
عَلَيْهِ من عقيقته عِفَاء
وَيُقَال تعفّت الديارُ تعفِّياً إِذا دَرَست.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَة ذَات عِفاء: كَثِيرَة الْوَبر. قَالَ وعِفَاء
النعامة: ريشه الَّذِي قد علا الزِّف الصغار. قَالَ: وَكَذَلِكَ عِفاء
الديك وَنَحْوه من الطير، الْوَاحِدَة عِفاءة ممدودة. وَلَيْسَت همزَة
العِفَاء والعِفاءة أَصْلِيَّة، إِنَّمَا هِيَ وَاو قُلبت ألِفاً
فمُدّت؛ مثل السَّمَاء أصل مدّتها الْوَاو. وَيُقَال فِي الْوَاحِدَة:
سماوة وسماءة. قَالَ: وعِفَاء السَّحَاب كالخَمْل فِي وَجهه. قَالَ:
وَلَا يُقَال للريشة الْوَاحِدَة: عِفَاءة حَتَّى تكون كَثِيرَة كثيفة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم فِي همزَة العِفَاء: إِنَّهَا أَصْلِيَّة.
قلت وَلَيْسَت همزتها أَصْلِيَّة عِنْد النَّحْوِيين الحذّاق وَلكنهَا
همزَة مدّة، وتصغيرها عُفَيّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ
فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}
(الْبَقَرَة: 178) .
قلت: وَهَذِه آيَة مشكلة، وَقد فسّرها ابْن عَبَّاس ثمَّ مَن بعده
تَفْسِيرا قرّبوه على قدر أفهام أهل عصرهم، فَرَأَيْت أَن أذكر قَول
ابْن عَبَّاس، وأؤيّده بِمَا يزِيدهُ بَيَانا ووضوحاً. حَدثنَا
مُحَمَّد بن إِسْحَاق السَّعْدِيّ، قَالَ حَدثنَا المَخْزُومِي. قَالَ:
حَدثنَا ابْن عُيَينة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن مُجَاهِد قَالَ سَمِعت
ابْن عَبَّاس يَقُول: كَانَ القِصَاص فِي بني إِسْرَائِيل، وَلم تكن
فيهم الدِّيَة، فَقَالَ الله جلّ وعزّ لهَذِهِ الْأمة {كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ
بِالْعَبْدِ} (البَقَرَة: 178) إِلَى قَوْله: {فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ
أَخِيهِ شَىْءٌ} قَالَ فالعفو أَن يُقبل الدِّيَة فِي الْعمد {ذاَلِكَ
تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (البَقَرَة: 178) ممّا كتب على
من كَانَ قبلكُمْ، يطْلب هَذَا بِإِحْسَان ويؤدِّي هَذَا بِإِحْسَان.
قلت: فَقَوْل ابْن عَبَّاس: الْعَفو: أَن يقبل الدِّيَة فِي الْعمد
الأَصْل فِيهِ أَن الْعَفو فِي مَوْضُوع اللُّغَة الْفضل.
يُقَال: عَفا فلَان لفُلَان بِمَالِه إِذا أفضل لَهُ، وَعَفا لَهُ عمّا
عَلَيْهِ إِذا تَركه. وَلَيْسَ الْعَفو فِي قَوْله: {فَمَنْ عُفِىَ
لَهُ} (الْبَقَرَة: 178) عفوا من ولي الدَّم، وَلكنه عَفْو من الله جلّ
وعزّ. وَذَلِكَ أَن سَائِر الْأُمَم قبل هَذِه الْأمة لم يكن لَهُم
أَخذ الدِّيَة إِذا قُتل قَتِيل، فَجعله الله لهَذِهِ الْأمة عَفْوا
مِنْهُ وفضلاً، مَعَ اخْتِيَار ولي الدَّم ذَلِك فِي الْعمد وَهُوَ
قَول الله جلّ وعزّ: {فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ
فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} (الْبَقَرَة: 178) أَي من عَفا الله جلّ
وعزّ اسْمه لَهُ بِالدِّيَةِ حِين أَبَاحَ لَهُ أَخذهَا بَعْدَمَا
كَانَت محظورة على سَائِر الْأُمَم، مَعَ اخْتِيَاره
(3/143)
إِيَّاهَا على الدَّم، اتّباع
بِالْمَعْرُوفِ أَي مُطَالبَة للدية بِمَعْرُوف، وعَلى الْقَاتِل
أَدَاء الدِّيَة إِلَيْهِ بِإِحْسَان. ثمَّ بيَّن ذَلِك فَقَالَ:
{ذاَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (البَقَرَة: 178) لكم يَا أمَة
مُحَمَّد وَفضل جعله لأولياء الدَّم مِنْكُم {وَرَحْمَة خصكم بهَا
{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذاَلِكَ} (البَقَرَة: 178) أَي من سفك دم
قَاتل وليِّه بعد قبُوله الدِّيَة {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(البَقَرَة: 178) وَالْمعْنَى الْوَاضِح فِي قَوْله فَمن عُفيَ ( {
(ُلَهُ} ) من أَخِيه شَيْء أَي من أُحِلَّ لَهُ أَخذ الدِّيَة بدل
أَخِيه الْمَقْتُول، عفوا من الله وفضلاً مَعَ اخْتِيَاره، فليطالب
بِالْمَعْرُوفِ و (من) فِي قَوْله: {مِنْ أَخِيهِ} مَعْنَاهَا
الْبَدَل. وَالْعرب تَقول عَرَضت لَهُ من حقّه ثوبا، أَي أَعْطيته بدل
حقّه ثوبا. وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {إِسْرَاءِيلَ وَلَوْ نَشَآءُ
لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَائِكَةً فِى الاَْرْضِ يَخْلُفُونَ}
(الزّخرُف: 60) يَقُول: لَو نشَاء لجعلنا بدلكم مَلَائِكَة فِي الأَرْض
وَالله أعلم.
قلت: وَمَا علمت أحدا أوضح من معنى هَذِه الْآيَة مَا أوضحته، فتدبّره
واقبله بشكر إِذا بَان لَك صَوَابه.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ فِي آيَة مَا يجب للْمَرْأَة من نصف الصَدَاق
إِذا طُلِّقَتْ قبل الدُّخُول بهَا فَقَالَ: {إَّلا صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ
النِّكَاحِ} (البَقَرَة: 237) فَإِن الْعَفو هُنَا مَعْنَاهُ الإفضال
بِإِعْطَاء مَا لَا يجب عَلَيْك أَو تركِ الْمَرْأَة مَا يجب لَهَا،
يُقَال: عَفَوْت لفُلَان بِمَالي إِذا أفضلت لَهُ فأعطيته وعفوت لَهُ
عَمَّا لي عَلَيْهِ إِذا تركته لَهُ. وَقَوله {إَّلا صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أَن يَعْفُونَ} فعل لجَماعَة النِّسَاء يطلِّقهن أَزوَاجهنَّ
قبل أَن يمسُوهن مَعَ تَسْمِيَة الْأزْوَاج لَهُنَّ مهورهنَّ، فيعفون
لِأَزْوَاجِهِنَّ مَا وَجب لهنّ من نصف الْمهْر ويتركنها لَهُم، {أَوْ
يَعْفُوَاْ الَّذِى بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وَهُوَ الزَّوْج
بِأَن يُتِمّ لَهَا الْمهْر كُله، وَإِنَّمَا وَجب عَلَيْهِ نصفه، وكل
وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ عافٍ أَي مفضل أما إفضال الْمَرْأَة فَأن
تتْرك للزَّوْج المطلِّق مَا وَجب لَهَا عَلَيْهِ من نصف الْمهْر.
وَأما إفضال الزَّوْج فَأن يتم لَهَا الْمهْر كملاً؛ لِأَن الْوَاجِب
عَلَيْهِ نصفه، فتفضّل مُتَبَرعا بِالْكُلِّ وَقَوله: {إَّلا صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَن يَعْفُونَ} فعل لجَماعَة النِّسَاء وَالنُّون نون فعل
جمَاعَة النِّسَاء فِي يفعلُنْ، وَلَو كَانَ للرِّجَال لوَجَبَ أَن
يُقَال إِلَّا أَن يعفوا لِأَن أَن ينصب الْمُسْتَقْبل ويحذف النُّون،
وَإِذا لم يكن مَعَ فعل الرجل مَا ينصب أَو يجْزم قيل: هم يعفون
وَكَانَ فِي الأَصْل يعفوون، فحذفت إِحْدَى الواوين استثقالاً للْجمع
بَينهمَا، فَقيل: يعفون فافهمه. وَأما فعل النِّسَاء فَقيل لَهُنَّ
يعفون لِأَنَّهُ على تَقْدِير يفعُلْن.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا
يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (البَقَرَة: 219) قَالَ: وَجه الْكَلَام
فِيهِ النصب، يُرِيد: قل يُنْفقُونَ الْعَفو، وَهُوَ فضل المَال. قَالَ
أَبُو الْعَبَّاس: وَمن رفع أَرَادَ: الَّذِي يُنْفقُونَ الْعَفو.
قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتَار الْفراء النصب لِأَن مَاذَا عندنَا حرف
وَاحِد كثُر فِي كَلَام الْعَرَب؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا يُنْفقُونَ،
وَلذَلِك اختير النصب. قَالَ: وَمن جعل ذَا بِمَعْنى الَّذِي رفع. وَقد
يجوز أَن يكون مَاذَا حرفا
(3/144)
وَيرْفَع بالائتناف.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال عفَوت الرجل إِذا طلبت فَضله.
والعَفْو: الْفضل.
وَقَالَ الزّجاج: نزلت هَذِه الْآيَة قبل فرض الزَّكَاة، فأُمروا أَن
ينفقوا الْفضل، إِلَى أَن فرضت الزَّكَاة، فَكَانَ أهل المكاسب يَأْخُذ
الرجلُ من كَسبه كل يَوْم مَا يَكْفِيهِ، ويتصدّق بباقيه، وَيَأْخُذ
أهل الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا يكفيهم فِي عَامهمْ، وينفقون بَاقِيه.
هَذَا قد رُوِي فِي التَّفْسِير. قَالَ: وَالَّذِي عَلَيْهِ
الْإِجْمَاع أَن الزَّكَاة فِي سَائِر الْأَشْيَاء قد بيّن مَا يجب
فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن زيد يُقَال: أكلنَا عَفْوة الطَّعَام أَي خِيَاره،
وَيكون فِي الشَّرَاب أَيْضا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْعَافِي: مَا يُرَدُّ فِي القِدْر من المَرَقة
إِذا استُعيرت وأَنْشَدها:
إِذا رَدَّ عافي القِدْر من يستعيرها
وَقَالَ ابْن السّكيت عافى فِي هَذَا الْبَيْت فِي مَوضِع الرّفْع،
لِأَنَّهُ فَاعل وَمن فِي مَوضِع النصب، لِأَنَّهُ مفعول بِهِ.
وَمَعْنَاهُ أَن صَاحب القِدْر إِذا نزل بِهِ الأضياف نصب لَهُم
قِدْراً، فَإِذا جَاءَ من يستعير قدره فرآها مَنْصُوبَة لَهُم رَجَعَ
وَلم يطْلبهَا. والعافي هُوَ الضَّيْف، كَأَنَّهُ يردّ الْمُسْتَعِير
لارتداده دون قَضَاء حَاجته.
وَقَالَ غَيره: عافي الْقدر بقيَّة المرقة يردّها الْمُسْتَعِير،
وَهُوَ فِي مَوضِع النصب. وَكَانَ وَجه الْكَلَام عافَى الْقدر، فَترك
الْفَتْح للضَّرُورَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أَعْطيته المَال عَفْواً بِغَيْر مَسْأَلَة.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي لرؤبة:
يُعفيك عافِيه وَعِيد النَحْز
قَالَ النحز: الكدّ والنخس يَقُول: مَا جَاءَك مِنْهُ عفوا أَغْنَاك
عَن غَيره. والعِفَاوة: الشي يُرفع من الطَّعَام لِلْجَارِيَةِ
تُسَمَّن فتؤثَر بهَا. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وظلَّ غُلَام الْحَيّ طَيّان ساغبا
وكاعبُهم ذَات العِفاوة أسغب
قَالَ: والعِفاوة من كل شَيْء صفوته وكثرته.
وَقَالَ غَيره: عَفَت الأرضُ إِذا غطّاها النَّبَات. وَقَالَ حُمَيد
يذكر دَارا:
عفت مثل مَا يعْفُو الطليح فَأَصْبَحت
بهَا كبرياء الصعب وَهِي رَكُوب
يَقُول: غطَّاها العُشْب كَمَا طَرَّ وَبَرُ الْبَعِير وَبَرأَ وَبَره.
وناقة عَافِيَة اللَّحْم: كَثِيرَة اللَّحْم. ونوق عافيات. وَقَالَ
لبيد:
بأسَؤق عافيات اللَّحْم كُوم
وَيُقَال عفُّوا ظهر هَذَا الْبَعِير أَي ودِّعوه حَتَّى يسمن.
وَيُقَال: عَفا فلَان على فلَان فِي الْعلم إِذا زَاد عَلَيْهِ وَقَالَ
الرَّاعِي:
إِذا كَانَ الجِراء عَفَتْ عَلَيْهِ
أَي زَادَت عَلَيْهِ فِي الجري. والعَفَا من الْبِلَاد مَقْصُور، مثل
الْعَفو: الَّذِي لَا مِلك فِيهِ لأحد، وَجَاء فِي الحَدِيث
(ويَرْعَوْن عَفَاها) أَي عَفْوها. وروى ابْن الْأَعرَابِي بَيت
البعيث:
بعيد الندى جالت بِإِنْسَان عينه
عِفَاءة دمع جال حَتَّى تحدّرا
يَعْنِي دمعاً كثر وَعَفا فَسَالَ والمُعْفِي: من
(3/145)
يصحبك ويتعرَّض لمعروفك. تَقول: اصطحبنا
وكلانا مُعْفٍ وَقَالَ ابْن مقبل:
فَإنَّك لَا تبلو امْرأ دون صُحْبَة
وَحَتَّى تعيشا مُعْفِيَين وتجهدا
أَي تعرفه فِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا. وَيُقَال: فلَان يعْفُو على
مُنْية المتمنِّي وسؤال السَّائِل أَي يزِيد عطاؤه عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ لبيد:
يعْفُو على الْجهد وَالسُّؤَال كَمَا
يعْفُو عِهَاد الأمطار والرصدِ
أَي يزِيد ويفضل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَفا يعْفُو إِذا أعْطى.
وَعَفا يعْفُو إِذا ترك حقّاً. وأعفى إِذا أنْفق العَفْو من مَاله،
وَهُوَ الْفَاضِل عَن نَفَقَته. قَالَ: والأعفاء: أَوْلَاد الْحمير.
والأفعاء: الروائح الطيّبة. وَيُقَال: عَفا الله على أثر فلَان وعفّى
الله عَلَيْهِ، وقفَّى الله على أثر فلَان وقَفاً عَلَيْهِ بِمَعْنى
وَاحِد.
عَوْف، عيف: قَالَ أَبُو عبيد: من أَمْثَال الْعَرَب فِي الرجل
الْعَزِيز المنيع الَّذِي يَعِزّ بِهِ الذَّلِيل، ويذلّ بِهِ الْعَزِيز
قَوْلهم: لَا حُرَّ بوادي عَوْف، أَي كلّ من صَار فِي ناحيته خضع لَهُ.
قَالَ: وَكَانَ الْمفضل يخبر أَن الْمثل للمنذر بن مَاء السَّمَاء،
قَالَه فِي عَوْف بن محلّم الشَّيْبَانِيّ، وَذَلِكَ أَن الْمُنْذر
كَانَ يطْلب زُهَيْر ابْن أُمَيَّة الشَّيْبَانِيّ بذَحْل، فَمَنعه
عَوْف بن محلِّم، وأبى أَن يُسْلمه، فَعندهَا قَالَ الْمُنْذر: لَا
حُرَّ بوادي عَوْف، أَي إِنَّه يقهر مَن حلّ بواديهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد يُقَال للجرادة: أمّ عَوْف، وَيُقَال: هِيَ
دُوَيْبَّة أُخْرَى. وَقَالَ الْكُمَيْت:
تُنَفِّض بُرْدَيْ أمِّ عَوْف وَلم يطِر
بِنَا بارق بخ للوعيد وللرَهْب
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو فِي بَاب الدُّعَاء للْإنْسَان: نَعِم
عَوْفك. قَالَ وَهُوَ طَائِر. وَأنكر مَا يَقُوله النَّاس: إِنَّه
ذكره.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأنكر الْأَصْمَعِي قَول أبي عمر فِي نَعِم عوفك،
قَالَ وَيُقَال نعم عوفك أَي جَدُّك وبختك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَيُقَال: نعم عوفك إِذا دُعي لَهُ أَن يُصِيب
الباءَة الَّتِي تُرْضِي، قَالَ والعوف الْحَال أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: العَوْف هُوَ الضَّيْف، وَهُوَ الْحَال، تَقول
للرجل: نَعِم عوفك أَي ضيفك. قَالَ: وَيُقَال هَذَا للرجل إِذا تزوج،
وعَوْفه: ذكره، وَيُقَال العَوْف من أَسمَاء الْأسد؛ لِأَنَّهُ يتعوف
بِاللَّيْلِ فيطلب. وَيُقَال كل من ظفر بِاللَّيْلِ بِشَيْء فَذَلِك
الشَّيْء عُوافته. قَالَ: والعَوْف أَيْضا: نبت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَوْف: فرج الرجل. والعَوْف:
الْحَال. والعَوْف: الكادّ على عِيَاله. والعَوْف: الْأسد. والعوف:
الذِّئْب. والعَوْف. ضرب من الشّجر. يُقَال: قد عاف إِذا لزم ذَلِك
الشّجر. وَأنْشد غَيره:
جَارِيَة ذَات هنٍ كالنَّوْفِ
مُلَملمٍ تستره بحَوْف
يَا لَيْتَني أَشْيَم فِيهَا عَوْفي
أَي أُولج فِيهَا ذكري. وَيُقَال لذكر الْجَرَاد:
(3/146)
أَبُو عُوَيف
وَقَالَ الْفراء: هِيَ الْحَال والعَوْف والبال بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: عُوافة الْأسد: مَا يتعوَّفه بِاللَّيْلِ
فيأكله.
وَمن ذَوَات الْيَاء. قَالَ اللَّيْث: عاف الشيءَ يعافه عِيَافاً إِذا
كرهه، طَعَاما كَانَ أَو شرابًا. قَالَ: والعَيُوف من الْإِبِل:
الَّتِي تَشَمُّ المَاء فتدعه وَهِي عطشى. قَالَ: والعِيَافة: زَجْر
الطير، وَهُوَ أَن يرى طائراً أَو غراباً فيتطيَّر. وَإِن لم ير شَيْئا
فَقَالَ بالحَدْس كَانَ عيافة أَيْضا. وَقد عاف الطير يعيفه وَقَالَ
الْأَعْشَى:
مَا تعِيف الْيَوْم فِي الطير الرَّوَح
من غراب الْبَين أَو تيسٍ بَرَحْ
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، وذِكْره إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وإسكانه ابْنه إِسْمَاعِيل وأمّه مَكَّة وَأَن الله جلّ وعزّ
فجرّ لَهما زَمْزَم قَالَ: فمرت رفْقَة من جرهم، فَرَأَوْا طائراً
وَاقعا على جبل، فَقَالُوا: إِن هَذَا الطَّائِر لعائف على مَاء. قَالَ
أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العائف هَاهُنَا: هُوَ الَّذِي
يتردّد على المَاء ويحوم وَلَا يمْضِي. وَمِنْه قَول أبي زُبَيد:
كَأَن أَوب مساحي الْقَوْم فَوْقهم
طير تَعِيفُ عَلَى جُون مزاحيف
شبّه اخْتِلَاف الْمساحِي فَوق رُؤُوس الحفّارين بأجنحة الطير.
وَأَرَادَ بالجُون المزاحيف إبِلا قد أَزْحَفت، فالطير تحوم عَلَيْهَا.
يُقَال عاف الطيرُ عَلَى المَاء وغيرِه، يَعيف عَيْفاً إِذا حام
عَلَيْهِ. والعائف: الَّذِي يعيف الطير فيزجرها، وَهِي العِيَافة.
قَالَ: والعائف أَيضاً: الكاره للشَّيْء المتعذِّر لَهُ. وَمِنْه
حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أُتي بضبّ فَلم
يَأْكُلهُ، وَقَالَ إِنِّي أعافه؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ من طَعَام قومِي.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أعاف القومُ أعافة إِذا عافت دوابُّهم المَاء
فَلم تشربه.
وَقَالَ شمر: عَيَاف والطَّرِيدة: لُعْبتان لصبيان الْأَعْرَاب. وَقد
ذكر الطرماح جواري شَبَبْن عَن هَذِه اللُّعبِ فَقَالَ:
قَضَت من عَيَاف والطَرِيدة حَاجَة
فهنّ إِلَى لَهو الحَدِيث خُضُوع
وَروَى إِسْمَاعِيل عَن قيس قَالَ: سَمِعت الْمُغيرَة بن شُعْبَة:
يَقُول: لَا تحرّم العيفة. قُلْنَا: وَمَا العيفة؟ فَقَالَ: الْمَرْأَة
تَلد فيُحصر لَبنهَا فِي ثديها فترضعه جارتها الْمرة والمرتين. قَالَ
أَبُو عبيد: لَا نَعْرِف العيفَة فِي الرَّضَاع، وَلَكِن نُراها
العُفَّة، وَهِي بقيّة اللَّبن فِي الضَّرع بعد مَا يُمتَكُّ أَكثر مَا
فِيهِ.
فوع: أَبُو بكر عَن شمر يُقَال: أَتَانَا فلَان عِنْد فَوْعة الْعشَاء
يَعْنِي أوَّل الظلمَة، قَالَ: وفُوعة النَّهَار أَوله. قَالَ: وَوجدت
فَوْعة الطّيب، وفَوْغته بِالْعينِ والغين، وَهُوَ طيب رَائِحَته
يَطِيرُ إِلَى خياشيمك. وَقَالَ غَيره فوعة السم: حُمَّتُه وحَدّه.
فعا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الأفعاء: الروائح الطيّبة.
وفَعَا فلَان شيأ إِذا فتّته. قَالَ: وأفعى الرجلُ إِذا صَار ذَا شرّ
بعد خير.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفاعِي: الغضبان المُزْبِد. والعافي:
الْمِسْكِين.
(3/147)
وَقَالَ شمر فِي كتاب (الحَيّات) : الأفعى
من الْحَيَّات: الَّتِي لَا تَبْرَح، إِنَّمَا هِيَ مترحِّية:
وتَرحِّيها استدارتها على نَفسهَا وَتَحَوّيها. قَالَ أَو النَّجْم:
زُرْق العيونِ مُتَلوّيات
حول أفاعٍ متحوّيات
قَالَ: وَيُقَال لذكر الأفعى الأُفعوان. والجميع الأفاعِي. قَالَ
وَقَالَ بَعضهم: الأفعى: حيَّة عريضة على الأَرْض، إِذا مشت متثنِّية
بثنيين أَو ثَلَاثَة تمشي بأثنائها تِلْكَ، خَشْناء يَجْرُش بَعْضهَا
بَعْضًا. والجَرْش: الحكّ والدلك. قَالَ: وَسَأَلت أعرابيّاً من بني
تَمِيم عَن الجَرْش، فَقَالَ: هُوَ العَدْو البطيء. قَالَ وَرَأس
الأفعى عريض كَأَنَّهُ فلْكة، وَلها قَرْنان.
ورُوي عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قتل المحرِم الحيَّات،
فَقَالَ: لَا بَأْس بقتل الأَفْعَوْ، وَلَا بَأْس بقتْله الحِدَوْ
فَقلب الْألف فيهمَا واواً فِي لغته.
وَقَالَ اللَّيْث: الأفعى لَا تَنْفَع مِنْهَا رُقْية وَلَا ترياق.
وَهِي رقشاء دقيقة الْعُنُق عريضة الرَّأْس، والأفعى: هَضْبة فِي
بِلَاد بني كلاب.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد فِي بَاب سمات الْإِبِل: مِنْهَا المفعاة
كالأفعى. قَالَ: والمثفَّاة كالأثافي، وَقَالَ غَيره: جمل مُفَعّى إِذا
وُسم هَذِه وَقد فعَّتيه أَنا.
وفع: أهمله اللَّيْث. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الأعرابيّ قَالَ: الرَبَذَة والوفيعة والطُّلية صوفة يُطلى بهَا
الجَرْبَى. قَالَ: والوَفِيعة أَيْضا: صمام القارورة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوفيعة تتّخذ من العراجين والخُوص مثل
السَلَّة.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للخرقة الَّتِي يَمْسح بهَا الْكَاتِب قلمه
من المِداد: الوفِيعة. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: وِفَاع القارورة:
صِمامها.
وعف: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
الوُعُوف بِالْعينِ: ضعف الْبَصَر.
قلت جَاءَ بِهِ فِي بَاب الْعين وَذكر مَعَه العُوُف. وَأما أَبُو عبيد
فَإِنَّهُ ذكر عَن أَصْحَابه الوَغْف بالغين ضعف الْبَصَر. وَقد قَالَ
ابْن الْأَعرَابِي فِي بَاب آخر: أوغف الرجلُ إِذا ضعف بَصَره، وكأنهما
لُغَتَانِ بِالْعينِ والغين.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد الوعف وَجمعه وِعَاف وَهِي مَوَاضِع فِيهَا غِلَظ
يَسْتَنْقِع فِيهَا المَاء.
يفع: اللَّيْث: اليَفَاع: التَلّ المشرِف. وكلّ شَيْء مرتفِع فَهُوَ
يَفَاع. وَغُلَام يَفَعة. وَقد أَيفع إِذا شَبّ وَلم يبلغ
وَالْجَارِيَة يَفَعة، والأَيْفاع جمَاعَة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَيفع الْغُلَام فَهُوَ يافع، وَهُوَ على
غير قِيَاس وَالْقِيَاس مُوفع. وَجمعه أيفاع وَيُقَال: غُلَام يَفَعَة.
والجميع مثل الْوَاحِد على غير قِيَاس.
وَقَالَ أَبُو زيد: سَمِعت غُلَاما يَفَعة ووَفَعة بِالْيَاءِ
وَالْوَاو.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي اليَفَاع: مَا ارْتَفع من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول عدي:
مَا رجائي فِي اليافعات ذَوَات
(3/148)
الهيج أم مَا صبري وَكَيف احتيالي
قَالَ اليافعات من الْأُمُور: مَا علا وغَلَب مِنْهَا.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: يَافَعَ فلَان وليدة فلَان ميافعة إِذا فجر
بهَا.
(بَاب الْعين وَالْبَاء)
(ع ب (وَا يء))
عبأ، عيب، بعا، بيع، بوع، وبع، وعب: مستعملات.
عبأ: أمّا عبا فَهُوَ مَهْمُوز لَا أعرف فِي معتلاَّت الْعين حرفا
مهموزاً غَيره. وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {قُلْ مَا يَعْبَؤُا
بِكُمْ رَبِّى لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ
يَكُونُ لِزَاماً} (الْفرْقَان: 77) ، وَهَذِه آيَة مشكِلة. ورَوَى
ابْن أبي نَجيح عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ
مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّى} أَي مَا يفعل بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم
إيّاه لتعبدوه وتطيعوه، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْكَلْبِيّ.
وروى سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ مَا يَعْبَؤُا
بِكُمْ رَبِّى} أَي مَا يصنع بكم رَبِّي {لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ}
ابتلاؤكم: لَوْلَا دعاؤه إيّاكم إِلَى الْإِسْلَام.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: {قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ} أَي مَا يفعل بكم
{لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ} مَعْنَاهُ: لَوْلَا توحيدكم. قَالَ وتأويله:
أيُّ وزن لكم عِنْده لَوْلَا توحيدكم، كَمَا يَقُول: مَا عَبَأت بفلان،
أَي مَا كَانَ لَهُ عِنْدِي وزن وَلَا قَدْر، قَالَ: وأصل العبء
الثّقل. قَالَ وعبّأت الْمَتَاع: جعلت بعضه فَوق بعض.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عبد الرحمان: مَا عَبَأت بِهِ شَيْئا أَي لم
أعدّه شيأ.
قَالَ أَبُو عدنان عَن رجل من باهلة يُقَال: مَا عبأ الله بفلان إِذا
كَانَ فَاجِرًا أَو مائقاً. وَإِذا قيل: قد عبأ الله بِهِ فَهُوَ رجلُ
صدقٍ وَقد قبل الله مِنْهُ كل شَيْء. قَالَ: وَأَقُول: مَا عَبَأت
بفلان أَي لم أقبل مِنْهُ شيأ وَلَا من حَدِيثه.
وَقَالَ غَيره: عبأتُ لَهُ شرا أَي هيأتُه. قَالَ وَقَالَ ابْن بزرج:
احتويت مَا عِنْده وامتخرته واعتبأته وازدلعته وأخذته وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: عَبَأت الْأَمر والطِيب عَبْأ إِذا مَا صَنعته
وخلطته، وعَبأت الْمَتَاع عَبْأ إِذا مَا هيأته.
وَيُقَال عبَّأته تعبئة، وكل من كَلَام الْعَرَب وعبّأت الْخَيل تعبئة
وتعبيئا، وَجمع العبء أعباء، وَهُوَ الْأَحْمَال والأثقال.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المعبأة: خرقَة الْحَائِض. وَقد اعتبأت
الْمَرْأَة بالمعبأة. قَالَ وعبا وَجهه يعبأ إِذا أَضَاء وَجهه وأشرق.
قَالَ والعبوة: ضوء الشَّمْس وَجمعه عِباً.
وَقَالَ اللَّيْث العِبُّ كل حِمْل من غُرْم أَو حَمَالة. وَمَا عبَأت
بِهِ شيأ: لم أباله. قَالَ: والعباية: ضرب من الأكسية وَاسع فِيهِ خطوط
سود والجميع العَبَاء. والعباءة لُغَة فِيهَا. قَالَ: والعَبَا
مَقْصُور: الرجل العَبَامُ، وَهُوَ الجافي. ومدَّه الشَّاعِر فَقَالَ:
كجبهة الشَّيْخ العَبَاء الثطّ
قلت: وَلم أسمع العبا بِمَعْنى العَبَام لغير
(3/149)
اللَّيْث. وَأما الرجز فَالرِّوَايَة
عِنْدِي كجبهة الشَّيْخ العياء بِالْيَاءِ. يُقَال شيخ عياء وعياياء
وَهُوَ العبام الَّذِي لَا حَاجَة لَهُ إِلَى النِّسَاء وَمن قَالَه
بِالْبَاء فقد صحف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي ترخيم اسمِ مِثْلِ عبد الرحمان أَو عبد
الرَّحِيم عَبْوَيْه مثل عَمْرو وعمرويه.
وَقَالَ غَيره العَبُ: ضوء الشَّمْس وحسنها. يُقَال: مَا أحسن عَبَها
وَأَصله العَبْوُ فنُقِص.
عيب: قَالَ اللَّيْث: العاب والعَيْب لُغَتَانِ. وَمِنْه المعاب.
يُقَال عَابَ فلَان فلَانا يعِيبهُ عَيْبا، وَرجل عيّاب وعيّابة إِذا
كَانَ يعيب النَّاس، وَعَابَ الحائطُ والشيءُ إِذا صَار ذَا عيب، وعبته
أَنا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأَرَدتُّ أَنْ
أَعِيبَهَا} (الْكَهْف: 79) أَي أجعلها ذَات عيب، يَعْنِي السَّفِينَة.
قَالَ والمجاوِز وَاللَّازِم فِيهِ وَاحِد. قَالَ وعَيْبَةُ الْمَتَاع،
وَجَمعهَا العِيَاب.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أمْلى فِي كتاب
الصُّلْح بَينه وَبَين كُفّار أهل مَكَّة بالحُدَيبِيَة (لَا إِغْلَال
وَلَا إِسْلَال وبيننا وَبينهمْ عَيْبة مَكْفُوفَة) فسّر أَبُو عبيد
الإغلال والإسلال، وَأعْرض عَن تَفْسِير العَيْبة المكفوفة. وَرُوِيَ
عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ: أَن بَيْننَا وَبينهمْ
فِي هَذَا الصُّلْح صَدرا معقوداً على الْوَفَاء بِمَا فِي الْكتاب،
نقِيّاً من الغِلّ والغَدْر والمكفوفة هِيَ المُشْرجة المعقودة.
وَالْعرب تكني عَن الصُّدُور الَّتِي تحتوي على الضمائر المخفاة
بالعِيَاب، وَذَلِكَ أَن الرجل إِنَّمَا يضع فِي عَيْبته حُرَّ مَتَاعه
وثيابه، ويكتم فِي صَدره أخصّ أسراره الَّتِي لَا يحبّ شيوعها فسميت
الصُّدُور عِيَاباً تَشْبِيها بِعياب الثِّيَاب وَمِنْه قَول
الشَّاعِر:
وكادت عِياب الودّ منا ومنكم
وَإِن قيل أَبنَاء العُمُومَة تَصْفَرُ
أَرَادَ بعياب الود صُدُورهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: العِيَاب: المِنْذف.
قلت وَلم أسمعهُ لغيره
بيع بوع: قَالَ أَبُو عبد الرحمان: قَالَ المفضّل الضبيّ: يُقَال بَاعَ
فلَان على بيعِ فلَان. وَهُوَ مَثَل قديم تضربه الْعَرَب للرجل يُخَاصم
صَاحبه وَهُوَ يُريغ أَن يغالبه: فَإِذا ظفر بِمَا حاوله قيل: بَاعَ
فلَان على بيع فلَان، وَمثله شَقّ فلَان غُبَار فلَان. وَقَالَ غَيره:
يُقَال بَاعَ فلَان على بيعك أَي قَامَ مقامك فِي الْمنزلَة والرفعة.
وَيُقَال مَا بَاعَ على بَيْعك أحد أَي لم يساوِك أحد. وتزوّج يزِيد بن
مُعَاوِيَة أمّ مِسْكين بنت عَمْرو على أمّ هَاشم فَقَالَ لَهَا:
مالكِ أمّ هَاشم تبكِّين
من قَدَر حلّ بكم تضِجْين
باعت على بيعكِ أمُّ مِسْكين
مَيْمُونَة من نسْوَة ميامين
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (البيّعان
بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا) البَيّعان هما البَائِع
وَالْمُشْتَرِي وكل وَاحِد مِنْهُمَا بَيّع وبائع. وَرَوَاهُ بَعضهم:
الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: البَيْع من حُرُوف الأضداد
(3/150)
فِي كَلَام الْعَرَب. يُقَال: بَاعَ فلَان
إِذا اشْترى، وَبَاعَ من غَيره وَأنْشد قَول طرفَة:
ويأتيك بالأنباء من لم تبِع لَهُ
بتاتاً وَلم تضرب لَهُ وَقت موعد
أَرَادَ من لم تشتر لَهُ زاداً. وأمّا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (لَا يَخْطِب الرجل على خِطْبة أَخِيه وَلَا يِبِعْ على بيع
أَخِيه) ، فَإِن أَبَا عبيد قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو زيد
وَغَيرهمَا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: إِنَّمَا النَّهْي فِي قَوْله:
(لَا يَبِيع على بيع أَخِيه) إِنَّمَا هُوَ: لَا يَشْتَرِي على شِرَاء
أَخِيه، فَإِنَّمَا وَقع النَّهْي على المُشْتَرِي لَا على البَائِع،
لِأَن الْعَرَب تَقول: بِعْت الشَّيْء بِمَعْنى اشْتَرَيْته.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَيْسَ للْحَدِيث عِنْدِي وَجه غير هَذَا لِأَن
البَائِع لَا يكَاد يدْخل على البَائِع، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف أَن
يُعطَى الرجل بسلعته شَيْئا فَيَجِيء مُشْتَر آخر فيزيد عَلَيْهِ.
قلت: وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشافعيّ أَنه قَالَ فِي
قَوْله: (وَلَا يَبِيع الرجل على بيع أَخِيه) هُوَ أَن يَشْتَرِي الرجل
من الرجل سِلْعة ولَمّا يَتَفَرَّقَا عَن مَقامهما، فنَهى النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَعرض رجل آخر سلْعَة أُخْرَى على المُشْتَرِي
تُشْبِه السّلْعَة الَّتِي اشْترى، ويبيعها مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَعَلَّه
أَن يردّ السّلْعَة الَّتِي اشْترى أوّلاً؛ لِأَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم جعل للمتبايعين الْخِيَار مَا لم يَتَفَرَّقَا فَيكون
البَائِع الآخر قد أفسد على البَائِع الأوّل بَيْعه، ثمَّ لَعَلَّ
البَائِع الآخر يخْتَار نقض البيع فَيفْسد على البَائِع والمبتاع
بَيْعه. قَالَ: وَلَا أنهى رجلا قبل أَن يتبايع الْمُتَبَايعَانِ،
وَإِن كَانَ تساوما، وَلَا بعد أَن يَتَفَرَّقَا عَن مقامهما الَّذِي
تبَايعا فِيهِ عَن أَن يَبِيع أيُّ الْمُتَبَايعين شَاءَ؛ لِأَن ذَلِك
لَيْسَ بِبيع على بيع غَيره فينهى عَنهُ. قَالَ وَهَذَا يُوَافق حَدِيث
(الْمُتَبَايعين بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا) . فَإِذا بَاعَ رجل
رجلا على بيع أَخِيه فِي هَذِه الْحَال فقد عصى الله إِذا كَانَ عَالما
بِالْحَدِيثِ فِيهِ، وَالْبيع لَازم لَا يفْسد.
قلت: البَائِع وَالْمُشْتَرِي سَوَاء فِي الْإِثْم إِذا بَاعَ على بيع
أَخِيه، أَو اشْترى على شِرَاء أَخِيه؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا
يلْزمه اسْم البَائِع، مُشْتَريا كَانَ أَو بَائِعا، وكلُّ منهيّ عَن
ذَلِك وَالله أعلم.
وَقَالَ الشَّافِعِي: هما متساومان قبل عَقْد الشِّرَى، فَإِذا عقد
البيع فهما متبايعان، وَلَا يسميان بيِّعين وَلَا متبايعين وهما فِي
السَوْم قبل العقد.
قلت: وَقد تأوّل بعض مَن يحتجّ لأبي حنيفَة وَذَوِيهِ؛ وَقَوْلهمْ: لَا
خِيَار للمتبايعين بعد العقد بِأَنَّهُمَا يسميَّان متبايعين وهما
متساومان قبل عقدهما البيع. واحتجّ فِي ذَلِك بقول الشماخ فِي رجل
بَاعَ قوساً:
فَوَافى بهَا بعض المواسم فانبرى
لَهَا بَيّع يُغْلي لَهَا السومَ رائز
قَالَ فسمّاه بَيّعاً، وَهُوَ سائم.
قلت: وَهَذَا وهَم وتمويه. ويردّ مَا تأوّله هَذَا المحتجُّ شيآن.
أَحدهمَا أَن الشماخ قَالَ هَذَا الشّعْر بعد مَا انْعَقَد البيع
بَينهمَا، وتفرقا عَن مَقَامهما الَّذِي تبَايعا فِيهِ، فسمَّاه
بَيِّعاً بعد ذَلِك، وَلَو لم يَكُونَا أتَمّا البيع لم يسمّه بَيّعاً.
وَأَرَادَ بالبيّع: الَّذِي اشْترى. وَهَذَا لَا يكون
(3/151)
حجَّة لمن يَجْعَل المتساومين بَيِّعين
ولمَّا ينْعَقد بَينهمَا البيع. وَالْمعْنَى الثَّانِي الَّذِي يردّ
تَأْوِيله مَا فِي سِيَاق خبر ابْن عمر، وَهُوَ مَا حَدثنَا بِهِ
الْحُسَيْن بن إِدْرِيس عَن مُحَمَّد بن رُمْح عَن اللَّيْث بن سعد عَن
نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
(البَيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا، إِلَّا أَن يخيِّر
أَحدهمَا صَاحبه، فَإِذا قَالَ لَهُ: اختر فقد وَجب البيع، وَإِن لم
يَتَفَرَّقَا) أَلا ترَاهُ جعل البيع ينْعَقد بِأحد شَيْئَيْنِ
أَحدهمَا أَن يتفرّقا عَن مكانهما الَّذِي تبَايعا فِيهِ، وَالْآخر أَن
يخيِّر أَحدهمَا صَاحبه، وَلَا معنى للتَّخْيِير إِلَّا بعد انْعِقَاد
البيع. وَقد شرحت هَذَا فِي تَفْسِير حُرُوف (الْمُخْتَصر) بأوضح من
هَذَا، فَإِن أردْت استقصاء مَا فِيهِ فَخذه من ذَلِك الْكتاب.
وَقَالَ اللَّيْث: البَوْع والباع لُغَتَانِ، وَلَكنهُمْ يسمون البُوع
فِي الخِلْقة، فأمَّا بَسط الباع فِي الْكَرم وَنَحْوه فَلَا
يَقُولُونَ إلاَّ كريم الباع، قَالَ والبَوْع أَيْضا: مصدر بَاعَ يبوع
وَهُوَ بسط الباع فِي الْمَشْي، والإبلُ تبوع فِي سَيرهَا، وَالرجل
يبوع بِمَالِه إِذا بسط بِهِ بَاعه وَأنْشد:
لقد خفت أَن ألْقى المنايا وَلم أنل
من المَال مَا أسمو بِهِ وأبوع
والبِياعات: الْأَشْيَاء الَّتِي يُتبايع بهَا فِي التِّجَارَة.
وَقَالَ: البَيْعة الصَّفْقَة لإِيجَاب البيع على الْمُتَابَعَة
وَالطَّاعَة. يُقَال: تبايعوا على ذَلِك الْأَمر؛ كَقَوْلِك أَصْفَقوا
عَلَيْهِ. قَالَ: والبَيْع: اسْم يَقع على الْمَبِيع، والجميع
الْبيُوع. قَالَ والبِيعة: كَنِيسَة النَّصَارَى. وَجَمعهَا بِيَع،
وَهُوَ قَول الله تَعَالَى: {وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} .
(الْحَج: 40) قلت: فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم جعل الله هدمها من الْفساد
وَجعلهَا كالمساجد، وَقد جَاءَ الْكتاب بنسخ شَرِيعَة النَّصَارَى
وَالْيَهُود؟ فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن البِيَع والصوامع كَانَت
متعبّدات لَهُم إذْ كَانُوا مستقيمين على مَا أُمروا بِهِ غير مبدِّلين
وَلَا مغيرين، فَأخْبر الله جلّ ثَنَاؤُهُ أَنه لَوْلَا دَفعه النَّاس
عَن الْفساد بِبَعْض النَّاس لهدّمت متعبّدات كل فريق من أهل دينه
وطاعته فِي كل زمَان. فَبَدَأَ بِذكر البِيَع على الْمَسَاجِد لِأَن
صلوَات من تقدم من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وأُممهم كَانَت فِيهَا
قبل نزُول الْفرْقَان، وَقبل تَبْدِيل من بدّل وَأَحدثت الْمَسَاجِد
وسمّيت بِهَذَا الِاسْم بعدهمْ، فَبَدَأَ جلّ ثَنَاؤُهُ بِذكر الأقدم،
وأخَّر ذكر الأحدث لهَذَا الْمَعْنى، وَالله أعلم.
وَقَالَ بعض أهل الْعَرَبيَّة: يُقَال: إِن رباع بني فلَان قد بُعْن من
البيع. وَقد بِعن من البَوْع فضم الْبَاء فِي البيع، وكسروها فِي البوع
للْفرق بَين الْفَاعِل وَالْمَفْعُول، أَلا ترى أَنَّك تَقول: رَأَيْت
إِمَاء بِعْن مَتَاعا إِذا كنّ بائعات، ثمَّ تَقول: رَأَيْت إِمَاء
بُعن إِذا كنّ مبيعات، فَإِنَّمَا يتَبَيَّن الْفَاعِل من الْفَاعِل
باخْتلَاف الحركات وَكَذَلِكَ من البوع.
قلت: وَمن الْعَرَب من يجْرِي ذَوَات الْيَاء على الْكسر وَذَوَات
الْوَاو على الضَّم. سَمِعت الْعَرَب تَقول صِفنا بمَكَان كَذَا
وَكَذَا أَي أَقَمْنَا بِهِ فِي الصَّيف وصِفْنا أَيْضا إِذا
أَصَابَنَا مطر الصَّيف، فَلم يفرقُوا بَين فعل الفاعلين والمفعولين.
(3/152)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قَالَ أَبُو عَمْرو
بن الْعَلَاء: سَمِعت ذَا الرمّة يَقُول: مَا رَأَيْت أفْصح من أَمَة
آل فلَان، قلت لَهَا كَيفَ كَانَ الْمَطَر عنْدكُمْ فَقَالَت: غِثْنا
مَا شِئْنَا. رَوَاهُ هَكَذَا بِالْكَسْرِ.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد قَالَ يُقَال: الْإِمَاء قد بعن أشمُّوا
الْبَاء شيأ من الرّفْع. وَكَذَلِكَ الْخَيل قد قدن، وَالنِّسَاء قد
عدن من مرضهن أَشمُّوا هَذَا كُله شيأ من رفع، وَقد قِيل ذَلِك،
وَبَعْضهمْ يَقُول: قَول.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: وَالله لَا تبلغون تَبَوُّعه أَي لَا
تَلْحَقُونَ شأوه. وَأَصله طول خطاه. يَقُول بَاعَ وانباع وتبوَّع.
وانباع العَرَق إِذا سَالَ. قَالَ وانباعت الحيَّة إِذا بسطت بعد
تَحَوِّيها لتساور وَقَالَ الشَّاعِر:
ثُمّتَ ينباع انبياع الشجاع
وَمن أَمْثَال الْعَرَب، مُطْرِق لينباع، يضْرب مثلا للرجل إِذا أضَبَّ
على داهية.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: أبَعت الشَّيْء إِذا عرضته
للْبيع وَقد بِعته أَنا من غَيْرِي. وَقَالَ الهمذاني:
فرضيت آلَاء الْكُمَيْت وَمن يُبع
فَرَساً فَلَيْسَ جوادنا بمباع
أَي بمعرَّض للْبيع. وَقَالَ فِي قَول صَخْر الْهُذلِيّ:
لفاتح البيع يَوْم رؤيتها
وَكَانَ قبلُ انبياعُه لَكِد
قَالَ انبياعه: مسامحته بِالْبيعِ. يُقَال: قد انباع لي إِذا سامح فِي
البيع وَأجَاب إِلَيْهِ. وَإِن لم يسامح قلت: الاينباع.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال بُعْ بُعْ إِذا أَمرته
بمدّ باعيه فِي طَاعَة الله تَعَالَى.
بعا: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: البَعْو: الْجِنَايَة وَقد بعا إِذا
جنى. قَالَ عَوْف:
وابْسالى بَنَّى بِغَيْر بَعْو
جَرَمناه وَلَا بِدَم مراق
يُقَال: بعا يبعو، يَبْعى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: البعْو أَن يستعير الرجل من صَاحبه الْكَلْب
فيصيد بِهِ. قَالَ وَيُقَال: أبِعنِي فرسك أَي أعِرْنيه، واستبعى
يستبعي إِذا اسْتعَار. وَقَالَ الْكُمَيْت:
قد كادها خَالِد مستبعِيا حُمُرا
بالوكت تجْرِي إِلَى الغايات والهضب
والهَضَب: جري ضَعِيف. والوَكْت: القرمطة فِي الْمَشْي وَقد وكَت يكِت
وَكْتاً. كادها: أرادها.
سَلَمَة عَن الْفراء: المستبعِي: الرجل يَأْتِي الرجل وَعِنْده فرس
فَيَقُول: أعطنيه حَتَّى أسابِق عَلَيْهِ.
وعب: اللَّيْث: الوَعْب: إيعابك الشَّيْء فِي الشَّيْء، كَأَنَّهُ
يَأْتِي عَلَيْهِ كلّه، وَكَذَلِكَ إِذا استؤصل الشَّيْء فقد استُوعب.
وأوعب القومُ: إِذا خَرجُوا كلّهم إِلَى الْغَزْو. وَيُقَال: استوعب
الجرابُ الدقيقَ. وَفِي الحَدِيث: (إِن النِّعْمَة الْوَاحِدَة تَستوعب
جميعَ عمل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة) ، أَي تَأتي عَلَيْهِ. وَفِي
حَدِيث مُسْند (فِي الْأنف إِذا استُوعب جدْعُه الديةُ) ، وَفِي
رِوَايَة أُخْرَى: (إِذا أُوعِب جَدْعه) . قَالَ أَبُو عبيد ومعناهما:
استؤصل. وكل شَيْء اصطُلِم
(3/153)
فَلم يَبْق مِنْهُ شَيْء فقد أُوعِب
واستُوعب، وَقد أوعبته فَهُوَ موعَب. وَأنْشد قَول أبي النَّجْم يمدح
رجلا:
يجدع من عَادَاهُ جَدْعاً موعِبا
وَقَالَ عَبِيد بن الأبرص فِي إِيعَاب الْقَوْم إِذا نفروا جَمِيعًا:
أُنبئت أَن بني جَدِيلة أوعبوا
نُفَراء من سَلْمى لنا وتكتَّبوا
قَالَ: وَمِنْه قَول حُذَيْفَة فِي الجُنُب: قَالَ: ينَام قبل أَن
يغْتَسل؛ فَهُوَ أوعب للغُسْل، يَعْنِي أَنه أَحْرَى أَن يخرج كل بقيّة
فِي ذكره من المَاء.
وَقَالَ غَيره: بَيت وَعِيب، ووُعاء وعيب: وَاسع. وَيُقَال لِهَنِ
الْمَرْأَة إِذا كَانَ وَاسِعًا: وَعيب. وركض وعيب: إِذا استفرغ
الحُضْر كلّه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: جدعه جَدْعاً موعِباً أَي مستأصِلاً. وأوعب
الْقَوْم كلهم إِذا حَشَدوا جَاءُوا موعبِين. وَقد أوعَب بَنو فلَان
جَلاَء فَلم يبْق مِنْهُم ببلدهم أحد.
وبع: أهمله اللَّيْث. أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: كَذَبت عَفَّاقته
ومخذ محدفته ووبَّاعته وَهِي استه.
عَمْرو عَن أَبِيه: أَنْبَق فلَان: إِذا خرجت ريحهُ ضَعِيفَة، فَإِن
زَاد عَلَيْهَا قيل عَفَق بهَا، ووبَّع بهَا.
قَالَ: وَيُقَال لرَمَّاعة الصَّبِي: الوبّاعة والغَاذِيَة.
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ مدرك الْجَعْفَرِي: كذَبت وبَّاعته،
ووبَّاغته، ونبَّاعته، ونَبَّاغته.
(بَاب الْعين وَالْمِيم)
(ع م (وَا يء))
عَمَّا، عمي، عَام، مَعًا، ماع، وَعم، وَمَعَ: مستعملات.
عَمَّا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال عَمَّا يَعْمو: إِذا
خضع وذلّ. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر: مثل الْمُنَافِق مثل الشَّاة بَين
الربيضين: تعمو مرّة إِلَى هَذِه، وَمرَّة إِلَى هَذِه، قَالَ وَمِنْه
قَوْله جلّ وعزّ: {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذالِكَ} (النِّساء: 143)
قَالَ: والعَمَا: الطُول. يُقَال: مَا أحسن عَمَّا هَذَا الرجل أَي
طوله.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سَأَلت ابْن الْأَعرَابِي عَنهُ فَعرفهُ.
وَقَالَ: الأعماء: الطوَال من النَّاس. وَيُقَال عَمَى الماءُ يَعْمِي
إِذا سَالَ وهَمَى يَهْمِي مثله.
وَقَالَ المؤرج: رجل عامٍ: رام. وعَمَاني بِكَذَا رماني، من التُّهمَة.
قَالَ: وعَمَى النبتُ يَعْمِي واعتمّ واعتمى ثَلَاث لُغَات.
وَقَالَ اللَّيْث: العَمْي على مِثَال الرَّمْي: دفع الأمواج القذى
والزَبَدَ فِي أعاليها. وَأنْشد:
زها زَبَدا يَعْمِي بِهِ الموجُ طاميا
قَالَ: وَالْبَعِير إِذا هدر عَمَى بلُغامه على هامته عَمْياً. وأنشدني
الْمُنْذِرِيّ فِيمَا أَقْرَأَنِي لأبي الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي:
وغبراء مَعْمى بهَا الآلُ لم يبن
بهَا من ثنايا المَنهَلين طَرِيق
قَالَ عَمَى يعمِي إِذا سَالَ. يَقُول: سَالَ عَلَيْهَا الْآل.
وَيُقَال عَمَيْت إِلَى كَذَا أَعْمِى
(3/154)
عَمَياناً وعطِشت عَطَشاناً: إِذا ذهبت
إِلَيْهِ لَا تُرِيدُ غَيره، غير أَنَّك تؤمُّه على الإبصار والظلمة.
قَالَ اللَّيْث: العَمَى: ذهَاب الْبَصَر من الْعَينَيْنِ كلتيهما
وَالْفِعْل مِنْهُ عَمِي يَعْمَى عَمًى.
قَالَ: وَفِي لُغَة أُخْرَى: أعماىَ يعمايُ أعمَياء، أَرَادوا حَذْو
ادهامَّ يدهامّ، فأخرجوه على لفظ صَحِيح، وَكَانَ فِي الأَصْل:
ادهامَمَ، فادّغموا لِاجْتِمَاع الميمين فلمَّا بنوا اعمايا على أصل
ادهامم اعتمدت الْيَاء الْآخِرَة على فَتْحة الْيَاء الأولى فَصَارَت
ألِفاً، فلمّا اختلفتا لم يكن للإدغام فِيهَا مَسَاغ كمسَاغة فِي
الميمين. وَلذَلِك لم يَقُولُوا: اعمايّ مدغمة. وعَلى هَذَا الحَذْو
يجرِي هَذَا كُله فِي جَمِيع هَذَا الْبَاب، إِلَّا أَن يَقُول قَائِل
تكلفاً على لفظ ادهامّ بالتثقيل: اعمايّ فلَان غير مُسْتَعْمل.
قلت: وَقَول النحويّين على مَا حَكَاهُ اللَّيْث، وَأَحْسبهُ قَول
الْخَلِيل وسيبويه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْأَعْمَى: اللَّيْل، وَالْأَعْمَى:
السَّيْل، وهما الأبهمان أَيْضا. وَأنْشد:
وهبت إخاءك للأعميي
ن وللأبهمين وَلم أَظلِم
قَالَ: وهما الأبهمان أَيْضا بِالْبَاء لِليْل والسيل.
وروى سُفْيَان عَن ابْن جُرَيج عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قَالَ رَبِّ
لِمَ حَشَرْتَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً} (طاه: 125) قَالَ: أعمى عَن
الحجَّة، وَقد كنت بَصيرًا بهَا.
وَقَالَ نفطويه: يُقَال عمِي فلَان عَن رُشْده وعَمِي عَلَيْهِ طريقُه
إِذا لم يهتدِ لطريقه. وَرجل عمٍ، وَقوم عَمُون. قَالَ: وكلّما ذكر
الله جلَّ وعزَّ العَمَى فِي كِتَابه فذمَّه يُرِيد عمى الْقلب. قَالَ
الله جلّ وعزّ: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاَْبْصَارُ وَلَاكِن تَعْمَى
الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ} (الحَجّ: 46) .
وَقَالَ اللَّيْث: رجل أعمى وَامْرَأَة عمياء. وَلَا يَقع هَذَا
النَّعْت على الْعين الْوَاحِدَة؛ لِأَن الْمَعْنى يَقع عَلَيْهِمَا
جَمِيعًا. تَقول: عميتْ عَيناهُ، وَامْرَأَتَانِ عَمْياوان، وَنسَاء
عَمْياوات.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَن كَانَ فِى هَاذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِى
الاَْخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (الإسرَاء: 72) قَالَ
الْفراء: عدّد الله نِعَم الدُّنْيَا عَلَى المخاطبين، ثمَّ قَالَ: {:
ُ، يَعْنِي فِي نعم الدُّنْيَا الَّتِي اقتصصناها عَلَيْكُم، فَهُوَ
فِي نعم الْآخِرَة أعمى وأضلُّ سَبِيلا. قَالَ: وَالْعرب إِذا قَالُوا:
هُوَ أفعل مِنْك قَالُوهُ فِي كل فَاعل وفعيل وَمَا لَا يُزَاد فِي
فعله شَيْء على ثَلَاثَة أحرف. فَإِذا كَانَ على فعللت مثل زخرفت، أَو
على افعللت مثل احمررت لم يَقُولُوا: هُوَ أفعل مِنْك حَتَّى
يَقُولُوا: هُوَ أَشد حمرَة مِنْك، وَأحسن زخرفة مِنْك. قَالَ:
وَإِنَّمَا جَازَ فِي الْعَمى لِأَنَّهُ لم يُرد بِهِ عَمَى
الْعَينَيْنِ، إِنَّمَا أُرِيد بِهِ وَالله أعلم عمى الْقلب، فَيُقَال:
فلَان أعمى من فلَان فِي الْقلب، وَلَا يُقَال: هُوَ أعمى مِنْهُ فِي
الْعين، وَذَلِكَ أَنه لمّا جَاءَ على
(3/155)
مَذْهَب أَحْمَر وحمراء تُرك فِيهِ أفعل
مِنْهُ؛ كَمَا ترك فِي كثير. قَالَ: وَقد تَلْقى بعض النَّحْوِيين
يَقُول: أُجيزه فِي الْأَعْمَى والأعشى والأعرج والأزرق؛ لأَنا قد
نقُول: عَمِيَ وزَرِق وعَرِج وعشِي. وَلَا نقُول حَمِر وَلَا بَيِض
وَلَا صَفِرَ، قَالَ الْفراء: وَلَيْسَ ذَلِك بِشَيْء، إِنَّمَا يُنظر
فِي هَذَا إِلَى مَا كَانَ لصَاحبه فِيهِ فِعْل يقلّ أَو يكثر، فَيكون
أفعل دَلِيلا على قِلَّة الشَّيْء وكثرته؛ أَلا ترى أَنَّك تَقول:
فلَان أقوم من فلَان، وأجمل؛ لِأَن قيام ذَا يزِيد على قيام ذَا،
وجماله يزِيد على جماله، وَلَا تَقول للأعميين: هَذَا أعمى من ذَا،
وَلَا لميّتين: هَذَا أَمُوت من ذَا. فَإِن جَاءَ مِنْهُ شَيْء فِي شعر
فَهُوَ شاذّ؛ كَقَوْلِه:
أمّا الْمُلُوك فَأَنت الْيَوْم ألأمُهم
لؤماً وأبيضهم سِرْبالَ طبّاخ
وَيُقَال: رجل عَمٍ إِذا كَانَ أعمى الْقلب، وَقَالَ الْفراء فِي قَول
الله جلّ وعزّ: {} (فُصّلَت: 44) قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس: عَمٍ،
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ النَّحْوِيّ: من قَرَأَ {وَقْرٌ وَهُوَ
عَلَيْهِمْ} فَهُوَ مصدر يُقَال: هَذَا الْأَمر عَمًى، وَهَذِه
الْأُمُور عَمًى؛ لِأَنَّهُ مصدر، كَقَوْلِك: هَذِه الْأُمُور شُبْهة
ورِيبة، قَالَ: وَمن قَرَأَ عمٍ؛ فَهُوَ نعت؛ نقُول: أَمر عمٍ وَأُمُور
عَمِيَة، وَرجل عمٍ فِي أمره: لَا يبصره، وَرجل أعمى فِي الْبَصَر.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
أَلا هَل عَمٍ فِي رَأْيه متأمِّل
وَمثله قَول زُهَيْر:
ولكنني من علم مَا فِي غَد عَم
وَفِي حَدِيث أبي رَزِين العُقَيليّ أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق السَّمَاوَات
وَالْأَرْض؟
قَالَ: فِي عَمَاء، تَحْتَهُ هَوَاء وفوقه هَوَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: العَمَاء فِي كَلَام الْعَرَب: السَّحَاب، قَالَه
الْأَصْمَعِي وَغَيره وَهُوَ مَحْدُود. وَقَالَ الْحَارِث بن حِلِّزةَ:
وكأنَّ الْمنون تَردْى بِنَا أصْ
حَمَ عُصْم ينجاب عَنهُ العماءُ
يَقُول: هُوَ فِي ارتفاعه قد بلغ السَّحَاب، فالسحاب ينجاب عَنهُ أَي
ينْكَشف. قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا تأوّلنا هَذَا الحَدِيث على
كَلَام الْعَرَب الْمَعْقُول عَنْهُم، وَلَا نَدْرِي كَيفَ كَانَ ذَاك
العَمَاء. قَالَ: وأمَّا الْعَمى فِي الْبَصَر فمقصور، وَلَيْسَ هُوَ
من هَذَا الحَدِيث فِي شَيْء.
قلت: وَقد بَلغنِي عَن أبي الْهَيْثَم وَلم يعزه لي إِلَيْهِ ثِقَة
أَنه قَالَ فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث. وَلَفظه: إِنَّه كَانَ فِي
عمى مَقْصُور. قَالَ وكلّ أَمر لَا تُدْرِكهُ الْقُلُوب بالعقول فَهُوَ
عَمًى. قَالَ: وَالْمعْنَى: أَنه كَانَ حَيْثُ لَا يُدركه عقول بني
آدم، وَلَا يَبلغ كنههَ وصف.
قلت أَنا: وَالْقَوْل عِنْدِي مَا قَالَه أَبُو عُبيد أَنه العماء
مَمْدُود، وَهُوَ السَّحَاب وَلَا يُدرى كَيفَ ذَلِك العَمَاء بِصفة
تحصُره وَلَا نعتٍ يَحدّه. ويُقَوِّي هَذَا القَوْل قَول الله جلّ
وعزّ: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ
مِّنَ الْغَمَامِ} (البَقَرَة: 210) فالغمام مَعْرُوف فِي كَلَام
الْعَرَب، إلاّ أَنا لَا نَدْرِي
(3/156)
كَيفَ الْغَمَام الَّذِي يَأْتِي الله جلّ
وعزّ يَوْم الْقِيَامَة فِي ظُلَل مِنْهُ فَنحْن نؤمن بِهِ، وَلَا
نكيِّف صفته. وَكَذَلِكَ سَائِر صِفَات الله جلّ وعزّ. وَقَالَ
اللَّيْث: العَمَاية الغَوَاية. وَهِي اللَجَاجة. قَالَ والعَمَاية
والعماءة: السحابة الكثيفة المطبِقة. قَالَ وَقَالَ بَعضهم: العماء:
الَّذِي قد حَمَل المَاء وارتفع. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الَّذِي قد هراق
مَاءَهُ ولمّا يتقطع تقطع الجَفْل. وَالْعرب تَقول: أَشد برد الشتَاء
شَمَالٌ جِرْبياء فِي غبّ سَمَاء، تَحت ظلّ عَمَاء. قَالَ:
وَيَقُولُونَ للقطعة الكثيفة: عماءة، قَالَ: وَبَعض يُنكر ذَلِك
وَيجْعَل العماء اسْما جَامعا. قَالَ: والتعمية: أَن تُعَمِّي على
إِنْسَان شيأ فتلبّسه عَلَيْهِ تلبيساً. قَالَ: والأعماء جمع عَمَىً
وَأنْشد:
وبلد عامِيَة أعماؤه
وَقَالَ غَيره: عامِيَة: دارسة. وأعماؤه: مجاهله. بلد مَجْهل وعَمًى:
لَا يُهتدى فِيهِ. والمعامي: الأرضون المجهولة. والواحدة مَعْمِيَة فِي
الْقيَاس، وَلم أسمع لَهَا بِوَاحِدَة.
وَقَالَ شمر: العامِي: الَّذِي لَا يبصر طَرِيقه. وَأنْشد:
لَا تأتيّني تبتغي لين جَانِبي
برأسك نحوي عامياً متعاشياً
قَالَ: وَأَرْض عمياءُ وعامِيَة. وَمَكَان أعمى: لَا يُهتدى فِيهِ.
قَالَ: وأقرأني ابْن الْأَعرَابِي:
وماءٍ صَرًى عافى الثنايا كَأَنَّهُ
من الأَجْن أبوالُ الْمَخَاض الضوارب
عمٍ شَرَكَ الأقطار بيني وَبَينه
مراريُّ مَخْشِيّ بِهِ الموتُ ناضبِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَوْله: عَمٍ شَرَك كَمَا تَقول عمٍ طَرِيقا
وعمٍ مَسْلكاً. يُرِيد الطَّرِيق لَيْسَ مبَيّنَ الْأَثر.
وَفِي الحَدِيث: (من قَاتل تَحت راية عَمِّيَّة يغْضب لعَصَبة أَو ينصر
عَصَبة أَو يَدْعُو إِلَى عصبَة فَقُتِل قُتل قِتلة جاهليَّة) .
وَقَالَ شمر: قَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور: سُئِلَ أَحْمد بن حَنْبَل
عمّن قُتل فِي عَمِيَّة، قَالَ: الْأَمر الْأَعْمَى العصبية لَا يستبين
مَا وَجهه. قَالَ: وَقَالَ إِسْحَاق: إِنَّمَا معنى هَذَا فِي تحارُب
الْقَوْم وَقتل بَعضهم بَعْضًا. يَقُول مَنْ قتل فِيهَا كَانَ هَالكا.
وَقَالَ أَبُو زيد: العِمِّيَّة الدعْوَة العمياء فقتيلها فِي النَّار.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو الْعَلَاء: العَصَبة: بَنو العمّ.
والعَصَبيَّة أخذت من العَصَبة. وَقيل: العمِّية: الْفِتْنَة. وَقيل
الضَّلَالَة. وَقَالَ الرَّاعِي:
كَمَا يذود أَخُو العِمِّيَّة النجد
يَعْنِي صَاحب فتْنَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: لَقيته صَكَّةَ عُمَيّ قَالَ: وَهُوَ
أشدّ الهاجرة حَرّاً.
وَقَالَ شمر: هُوَ عُمَيّ، وَكَأَنَّهُ تَصْغِير أعمى. قَالَ وأنشدني
ابْن الْأَعرَابِي:
صكّ بهَا عين الظهيرة غائراً
عُمَىّ وَلم يُنْعَلن إلاّ ظلالَها
وَقَالَ غَيره: لَقيته صَكَّة، عُمَىّ، وصَكّة أعمى أَي لَقيته نصف
النَّهَار فِي شدَّة
(3/157)
الْحر. وعُمَيّ تَصْغِير أعمى على
التَّرْخِيم. وَلَا يُقَال ذَلِك إِلَّا فِي حَمَارَّة القيظ.
وَالْإِنْسَان إِذا خرج نصف النَّهَار فِي أَشد الْحر لم يتهيأ لَهُ
أَن يمْلَأ عَيْنَيْهِ من عين الشَّمْس، فأرادوا أَنه يصير كالأعمى.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال اعتمتيه اعتماءً أَي قصدته. وَقَالَ غَيره
اعتمتيه: اخترته. وَكَذَلِكَ اعتمته وَالْعرب تَقول: عَمَا وَالله،
وَأما وَالله، وهَمَا وَالله، يبدلون من الْهمزَة الْعين مرّة،
وَالْهَاء أُخْرَى. وَمِنْهُم من يَقُول غَمَا وَالله بالغين مُعْجمَة.
مَعًا: قَالَ اللَّيْث المُعَاء مَمْدُود من أصوات السنانير. يُقَال:
مَعًا يَمْعو، ومغا يمغو، لونان أَحدهمَا يقرب من الآخر وَهُوَ أرفع من
الصَّئيّ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أرطب النّخل كُله فَذَلِك
المَعْو، وَقد أمعى النخلُ. قَالَ: وَقِيَاسه أَن تكون الْوَاحِدَة
مَعْوة وَلم أسمعهُ. قَالَ: وَقَالَ اليزيدي: يُقَال مِنْهُ قد أمعت
النَّخْلَة. وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
عَمْرو عَن أَبِيه: الماعي اللّين من الطَّعَام. وَقَالَ النحويون هِيَ
كلمة تضمّ الشَّيْء إِلَى الشَّيْء وَأَصلهَا مَعًا وَقَالَ اللَّيْث:
كُنَّا مَعًا مَعْنَاهُ: كنّا جَمِيعًا.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ
مُسْتَهْزِءُونَ} (البَقَرَة: 14) : نَصْب {مَعَكُمْ} كنصب الظروف؛
تَقول: أَنا مَعكُمْ، وَأَنا خلفكم، مَعْنَاهُ أَنا مستقرّ مَعكُمْ،
وَأَنا مستقرّ خلفكم. وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ} (النّحل: 128) أَي الله ناصرهم وَكَذَلِكَ
قَوْله: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (التّوبَة: 40) أَي الله
ناصرنا.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل إمَّعة: يَقُول لكلّ: أَنا مَعَك. قَالَ:
وَالْفِعْل من هَذَا تأمّع الرجل واستأمع. قَالَ: يُقَال للَّذي
يتَرَدَّد فِي غير صَنِيعَة إمّعة.
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: أُغْدُ عَالما أَو متعلّماً،
وَلَا تَغْدُ إمَّعة.
قَالَ أَبُو عبيد: أصل الإمَّعة الرجل الَّذِي لَا رَأْي لَهُ وَلَا
عَزْم، فَهُوَ يُتَابع كلّ أحد على رَأْيه، وَلَا يثبت على شَيْء.
وَكَذَلِكَ الرجل الإمَّرة: وَهُوَ الَّذِي يُوَافق كل إِنْسَان على
مَا يُريدهُ. قَالَ: وَرُوِيَ عَن عبد الله أَنه قَالَ: كُنَّا نعدّ
الإمَّعة فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذِي يَتْبع النَّاس إِلَى الطَّعَام
من غير أَن يُدْعى، وَإِن الإمَّعة فِيكُم الْيَوْم المُحْقِبُ النَّاس
دِينه. قَالَ أَبُو عبيد: وَالْمعْنَى الأول يرجع إِلَى هَذَا.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الْمُؤمن
يَأْكُل فِي مِعًى وَاحِد، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء) .
قَالَ أَبُو عبيد: نُرى ذَلِك لتسمية الْمُؤمن عِنْد طَعَامه، فَتكون
فِيهِ الْبركَة، وَالْكَافِر لَا يفعل ذَلِك. قَالَ: وَقيل: إِنَّه
خاصّ لرجل كَانَ يُكثر الْأكل قبل إِسْلَامه، فلمّا أسلم نقص أكلُه.
ويَرْوِي أهل مصر أَنه أَبُو بصرة الغِفَاريّ، لَا نعلم للْحَدِيث
وَجها غَيره؛ لأَنا نرى من الْمُسلمين مَن يَكثرُ أكلُه، وَمن
الْكَافرين من يقلّ أكله، وَحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَا خُلْف لَهُ، فَلهَذَا وُجِّه هَذَا الْوَجْه.
(3/158)
قلت: وَفِيه وَجه ثَالِث أَحْسبهُ
الصَّوَاب الَّذِي لَا يجوز غَيره، وَهُوَ أَن قَول النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم (الْمُؤمن يَأْكُل فِي مِعًى وَاحِد، وَالْكَافِر
يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء) مَثَل ضربه لِلْمُؤمنِ، وزهده فِي
الدُّنْيَا وقناعته بالبُلْغة من الْعَيْش، وَمَا أُوتِيَ من
الْكِفَايَة، وللكافر واتّساع رغبته فِي الدُّنْيَا وحرصه على جمع
حُطَامها، ومنعها من حقّها، مَعَ مَا وصف الله الْكَافِر من حرصه على
الْحَيَاة، وركونه إِلَى الدُّنْيَا واغتراره بزُخرفها، فالزهد فِي
الدُّنْيَا مَحْمُود؛ لِأَنَّهُ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ، والحرص
عَلَيْهَا وَجمع عَرَضها مَذْمُوم؛ لِأَنَّهُ من أَخْلَاق الْكفَّار.
وَلِهَذَا قيل: الرُغْب شُؤْم، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كَثْرَة الْأكل دون
اتساع الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والحرص على جمعهَا، فَالْمُرَاد من
الحَدِيث فِي مَثَل الْكَافِر استكثاره من الدُّنْيَا وَالزِّيَادَة
على الشِّبَع فِي الْأكل دَاخل فِيهِ، ومثلِ الْمُؤمن زهدُه فِي
الدُّنْيَا وقلّة اكتراثه بأثاثها واستعداده للْمَوْت وَالله أعلم.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: جَاءَ فِي الحَدِيث (الْمُؤمن يَأْكُل فِي
مِعًى وَاحِدَة) .
قَالَ الْفراء ومِعًى وَاحِد أعجب إليّ. قَالَ: المِعَى أَكثر
الْكَلَام على تذكيره، يُقَال هَذَا معى وَثَلَاث أمعاء، رُبمَا
ذَهَبُوا بِهِ إِلَى التَّأْنِيث، كَأَنَّهُ وَاحِد دَلّ على جمع.
وَقَالَ الْقطَامِي:
كَأَن نُسُوع رحلي حِين ضمت
حوالب غُرَّزاً ومعى جياعا
وَقَالَ اللَّيْث: وَاحِد الأمعاء يُقَال: مِعًى ومِعَيان وأمعاء.
قَالَ وَهُوَ جَمِيع مَا فِي الْبَطن مِمَّا يتردّد فِيهِ من الحوايا
كلهَا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأمعاء مَا لَان من الأَرْض وانخفض.
وَقَالَ رؤبة:
يحبو إِلَى أصلابه أمعاؤه
قَالَ: والأصلاب: مَا صَلُب من الأَرْض.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الأمعاء: مسايل صغَار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يحبو أَي يمِيل، وأصلابه: وَسطه، وأمعاؤه:
أَطْرَافه.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة المِعَى غير مَمْدُود الْوَاحِدَة أَظن مِعَاة:
سهلة بَين صلبين وَقَالَ ذُو الرمة:
تراقب بَين الصُلْب من جَانب المِعَى
معَى واحفٍ شما بطيئاً نُزُولهَا
وَقَالَ اللَّيْث: المِعَى من مذانب الأَرْض، كل مِذْنب بالحضيض يناصي
مِذْنباً بالسَنَد. وَالَّذِي فِي السفح هُوَ الصلب.
قلت: وَقد رَأَيْت بالصَمَّان فِي قيعانها مَسَاكَاتٍ للْمَاء وإخَاذاً
متحوّية تسمى الأمعاء، وَتسَمى الحوايا، وَهِي شبه الغُدْران، غير
أَنَّهَا متضايِقة لَا عَرْض لَهَا. وَرُبمَا ذهبت فِي القاع غَلْوة.
وَالْعرب تَقول للْقَوْم إِذا أخصبوا وصلحت حَالهم هم فِي مثل المِعَى
والكَرِش.
وَقَالَ الراجز:
يَا أيَهذا النَّائِم المفترشْ
لستَ على شَيْء فَقُمْ وانكمش
لستَ كقوم أصلحوا أَمرهم
فَأَصْبحُوا مثلَ المعى والكرش
(3/159)
ميع: قَالَ اللَّيْث: ماع الماءُ يَميع
مَيْعاً إِذا جرى على وَجه الأَرْض جَريا منبسطاً فِي هِينَة.
وَكَذَلِكَ الدَّم يَميع وَأنْشد:
كَأَنَّهُ ذُو لبد دَلَهْمَسُ
بساعديه جَسَد مورَّس
من الدِّمَاء مَائِع ويُبَّس
وأمَعْته أَنا إماعة. والسراب يميع. قَالَ: وميعة الحُضْر ومَيْعة
الشَّبَاب أَوله وأنشطه. قَالَ والمَيْعة: شَيْء من الْعطر.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن فَأْرَة وَقعت فِي سمن،
فَقَالَ: إِن كَانَ مَائِعا فأرِقه، وَإِن كَانَ جامِساً فألْقِ مَا
حوله.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: إِن كَانَ مَائِعا أَي ذائباً، وَمِنْه
سميت المَيْعة لِأَنَّهَا سَائِلَة.
يقالُ ماع الشَّيْء وتميّع إِذا ذاب، وَمِنْه حَدِيث عبد الله حِين
سُئِلَ عَن المُهْل فأذاب فضَّة فَجعلت تميَّع وتلوَّن، وَقَالَ هَذَا:
من أشبه مَا أَنْتُم راءون بالمُهْل.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لناصية الْفرس إِذا طَالَتْ وسالت: مائعة.
وَمِنْه قَول عَدِيّ:
يهزهز غصناً ذَا ذوائب مَائِعا
أُراد بالغصن الناصية.
عوم عيم: قَالَ اللَّيْث: الْعَام: حول يَأْتِي على شَتْوة وصيفة
وَيجمع أعواماً. ورسم عامِيّ: قد أَتَى عَلَيْهِ عَام. وَأنْشد:
من أَن شجاك طلل عاميُّ
وَقَالَ أَبُو عبيد: أخذت فلَانا معاومة ومسانهة، وعاملته معاومة
ومساناة أَيْضا.
وَفِي الحَدِيث: (نهى عَن بيع النّخل معاومة) . وَهُوَ أَن يَبِيع
ثَمَر النّخل أَو الكَرْم أَو الشّجر سنتَيْن أَو ثَلَاثًا فَمَا فَوق
ذَلِك.
وَيُقَال: عاومت النخلةُ إِذا حَمَلت سنة، وَلم تحمل أُخْرَى،
وَكَذَلِكَ سانهَتْ: حملت عَاما وعاماً لَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: جَاوَرت بني فلَان ذَات العُوَيم،
وَمَعْنَاهُ الْعَام الثَّالِث ممّا مضى، فَصَاعِدا إِلَى مَا بلغ
الْعشْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَتَيْته ذَات الزُمَين وَذَات
العُوَيم أَي مُنْذُ ثَلَاثَة أزمان وأعوام. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر:
هُوَ كَقَوْلِك: لَقيته مذ سُنَيَّات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عوَّم الكرمُ: حمل عَاما وقلّ حمله عَاما.
وَقَالَ اللحياني: المعاومة: أَن يَحِلّ دَينك على رجل، فتزيده فِي
الْأَجَل ويزيدك فِي الدَّين.
قَالَ وَيُقَال: هُوَ أَن تبيع زرعك بِمَا يخرج من قَابل فِي أَرض
المُشْتَرِي.
وَيُقَال: عَام مُعِيم، وشحم مُعَوِّم: شَحم عَام بعد عَام.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَة السعديّ:
تنادَوا بأغباش السوَاد فقُربت
علافيفُ قد ظاهرن نَيّا معوِّماً
أَي شَحْماً معوِّماً.
ابْن السّكيت: يُقَال: لَقيته عَاما أوّلَ، وَلَا تقل: عَام الأوّلِ.
والعَوْم: السباحة. والسفينة تعوم فِي المَاء، وَالْإِبِل تعوم فِي
سَيرهَا. وَقَالَ الراجز:
وَهن بالدَوّ يَعُمن عَوما
(3/160)
وَقَالَ اللَّيْث: يُسمى الْفرس السابح
عَوَّاماً، يعوم فِي جريه ويسبح.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ العامَة: المِعْبَر الصَّغِير يكون فِي
الْأَنْهَار وَجَمعهَا عامات.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَامَّة تتَّخذ من أَغْصَان الشّجر وَنَحْوه،
يُعبر عَلَيْهَا الْأَنْهَار، وَهِي تموج فَوق المَاء، والجميع الْعَام
والعامات.
قَالَ: والعامة: هَامة الرَّاكِب إِذا بدا لَك رأسُه فِي الصَّحرَاء
وَهُوَ يسير.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم لَا أسمي رَأسه عَامَّة حَتَّى أرى عَلَيْهِ
عِمَامَة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: عَام الرجل إِلَى اللَّبن يعام عَيْمة
وَهُوَ رجل عَيْمان وَامْرَأَة عَيْمى، ويُدعى على الرجل فَيُقَال:
مَاله آم وعام، فَمَعْنَى آم: هَلَكت امْرَأَته، وعام: هَلَكت
مَاشِيَته فيعامُ إِلَى اللَّبن.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتعوّذ من
العَيْمة والأَيمة، فالعيمة شدَّة الشَّهْوَة للبن حَتَّى لَا يصبر
عَنهُ، يُقَال: عَام يعام عيمة وَقوم عَيَامى وعِيَام. والغيمة: شدَّة
الْعَطش وَالْأَيمَة: طول العُزْبة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عِمْت عَيْمة عَيَماً شَدِيدا. قَالَ: وكلّ
شَيْء من نَحْو هَذَا مِمَّا يكون مصدرا لِفَعْلان وفَعْلى فَإِذا
أنّثت الْمصدر فخفّف، وَإِذا حذفت الْهَاء فثقّل نَحْو الحَيرة
والحَيَر والرَغْبة والرَغَب والرَهْبة والرَهب، وَكَذَلِكَ مَا أشبهه
من ذواته.
وَقَالَ غَيره: أعامنا بَنو فلَان أَي أخذُوا حلائبنا حَتَّى بَقِينا
عَيَامى نشتهي اللَّبن وأصابتنا سنة أعامتنا، وَمِنْه قَالُوا: عَام
مُعِيم: شَدِيد العَيْمة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بعام يَقُول لَهُ المؤلِفو
ن هَذَا المُعيم لنا المُرْجل
وَيُقَال: أعام القومُ إِذا قلّ لبنهم.
وَرُوِيَ عَن المؤرِّج أَنه قَالَ: طَابَ العَيَام أَي طَابَ
النَّهَار، وطاب الشَرْق أَي الشَّمْس وطاب الهويم أَي اللَّيْل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عِيمة كل شَيْء خِيَاره. وَجَمعهَا عِيَم. وَقد
اعتام يعتام اعتياما، واعتان يعتان اعتياناً إِذا اخْتَار.
وَقَالَ الطّرماح يمدح رجلا وَصفه بالجود:
مبسوطة يَسْتن أوراقُها
على مُواليها ومعتلمِها
وَقَالَ أَبُو سعيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: العَيْم والغيم الْعَطش.
وَقَالَ أَبُو المثلّم الْهُذلِيّ:
تَقول أرى أُبينيك اشرهفّوا
فهم شُعْث رؤوسُهم عِيَامُ
قلت أَرَادَ: أَنهم عِيام إِلَى شرب اللَّبن شديدةٌ شهوتهم إِلَيْهِ.
وَعم: ذُكر عَن يُونُس بن حبيب أَنه قَالَ: يُقَال: وَعَمَت الدارَ
أَعِم وَعماً أَي قلت لَهَا: انعمي.
وَأنْشد:
عِمَا طللى جُمْل على النأي واسلما
قَالَ يُونُس: وَسُئِلَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء عَن
(3/161)
قَول عنترة:
وعِمِى صباحاً دَار عبلة واسلمى
فَقَالَ: هُوَ كَمَا يَعْمِي المطرُ وَيعْمِي الْبَحْر بزَبَده،
وَأَرَادَ كَثْرَة الدُّعَاء لَهَا بالاستسقاء.
قلت: إِن كَانَ من عَمَى يعمِي إِذا سَالَ فحقّه أَن يُروى: واعمى
صباحاً؛ فَيكون أمرا من عَمَى يَعْمي إِذا سَالَ أَو رمى.
قلت: وَالَّذِي سمعناه وحفظناه فِي تَفْسِير عَم صباحاً: أَن
مَعْنَاهُ: أنعِم صباحاً، كَذَلِك أَخْبرنِي أَبُو الْفضل عَن ثَعْلَب
عَن ابْن الْأَعرَابِي؛ قَالَ: وَيُقَال: أنعم صباحاً وعِمْ صباحاً
بِمَعْنى وَاحِد.
قلت: كَأَنَّهُ لمّا كثر هَذَا الْحَرْف فِي كَلَامهم حذفوا بعض
حُرُوفه لمعْرِفَة الْمُخَاطب بِهِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِم: لَا هُمّ،
وَتَمام الْكَلَام اللَّهُمَّ، وكقولهم: لهنَّكَ، وَالْأَصْل لله
إِنَّك.
وَمَعَ: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَعْمة: ظَبْيَة
الْجَبَل، والومعة الدُفعة من المَاء.
(3/162)
بَاب لفيف الْعين
عوى، عا، عى، عيي، وعى، وعوع، وع، عوّ. (مستعملات) .
عوى: قَالَ اللَّيْث: عوت الكلابُ وَالسِّبَاع تَعْوي عُوَاء وَهُوَ
صَوت تمدّه وَلَيْسَ بنبح.
أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح قَالَ: الذِّئْب يَعْوِي.
وأنشدني أعرابيّ:
هَذَا أحقّ منزل بِالتّرْكِ
الذِّئْب يَعْوِي والغراب يبكي
وَمن أمثالهم فِي المستغيث بِمن لَا يغيثه قَوْلهم: لَو لَك عَوَيت لم
أَعْوِهْ. وَأَصله الرجل يبيت بِالْبَلَدِ القفر فيستنبح الْكلاب
بعُوائه ليندلّ بنُباحها على الحيّ. وَذَلِكَ أَن رجلا بَات بالقَفْر
فاستنبح، فَأَتَاهُ ذِئْب، فَقَالَ: لَو لَك عَوَيت لم أَعْوِهْ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عَوَيت الحبلَ إِذا لويته. والمصدر العَيّ.
والعَيُّ فِي كل شَيْء: الليّ. قَالَ: وعَوَيت رَأس النَّاقة إِذا
عُجْتها، فانعوى. والناقة تَعْوِي بُرَتها فِي سَيرهَا إِذا لوتها
بخَطْمها.
وَقَالَ رؤبة:
تعوي البُرَى مستوفضات وفضا
قَالَ: وَيُقَال للرجل إِذا دَعَا قوما إِلَى الْفِتْنَة: عَوَى قوما
فاستُعْوُوا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه
قَالَ: هُوَ يستعوي القومَ، ويستغويهم أَي يستغيث بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: المُعَاوية: الكلبة المستحرمة تَعْوِي إِلَى الْكلاب
إِذا صَرَفت ويَعْوِين. وَقد تعاوت الْكلاب.
وَيُقَال تعاوى بَنو فلَان على فلَان وتغاوَوْا عَلَيْهِ إِذا تجمّعوا
عَلَيْهِ، بِالْعينِ والغين.
قَالَ: والعَوَّى مَقْصُور: نجم من منَازِل الْقَمَر، وَهُوَ من أنواء
الْبرد.
وَقَالَ ساجع الْعَرَب: إِذا طلعت العَوَّاء، وجَثَمَ الشتَاء، طَابَ
الصِّلاء.
وَقَالَ ابْن كُناسة: هِيَ أَرْبَعَة كواكب: ثَلَاث مثفَّاة
مُتَفَرِّقَة، وَالرَّابِع قريب مِنْهَا كَأَنَّهُ من النَّاحِيَة
الشأميّة، وَبِه سُمِّيت العَوَّاء، كَأَنَّهُ يَعْوِي إِلَيْهَا من
عُوَاء الذِّئْب. قَالَ: وَهُوَ من قَوْلك: عويت الثَّوْب إِذا لويته،
كَأَنَّهُ يَعْوِي لمَّا انْفَرد. قَالَ: والعوّاء فِي الْحساب
يَمَانِية. وَجَاءَت مُؤَنّثَة عَن الْعَرَب.
قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول: أول اليمانية السِّماك الرامح، وَلَا
يَجْعَل العَوّاء يَمَانِية؛ للكوكب الْفَرد الَّذِي فِي النَّاحِيَة
الشأمية.
(3/163)
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو زيد:
العَوَّاء مَمْدُود؛ والجوزاء مَمْدُود، والشِّعْرى مَقْصُور.
وَقَالَ اللَّيْث: العَوَى والعَوَّة لُغَتَانِ، وَهِي الدُبُر.
وَأنْشد:
قيَاما يوارون عَوَّاتهم
بشتمي وعَوَّاتهم أظهرُ
وَقَالَ الآخر فِي العَوَّى بِمَعْنى العَوَّة:
فَهَلا شددت العقْد أَو بتّ طاويا
وَلم تَفْرُج العوَّى كَمَا يُفرج القَتَبْ
وَقَالَ شمر: العَوَّاء خَمْسَة كواكب كَأَنَّهَا كتابةُ ألِف،
أَعْلَاهَا أخفاها. وَيُقَال: كَأَنَّهَا نون. وتدعى وَرِكي الْأسد،
وعرقوب الْأسد. وَالْعرب لَا تكْثر ذكر نوئها، لِأَن السماك قد
استغرقها وَهُوَ أشهر مِنْهَا وطلوعها لاثْنَتَيْنِ وَعشْرين لَيْلَة
تَخْلُو من أيلول، وسقوطها لاثْنَتَيْنِ وَعشْرين لَيْلَة تَخْلُو من
آذار.
وَقَالَ الْحُصَينيّ فِي قصيدته الَّتِي يذكر فِيهَا الْمنَازل:
وانتثرت عَوّاؤه
تناثُر العِقْد انْقَطع
وَمن سجعهم فِيهَا: إِذا طلعت العَوَّاء ضرب الخِبَاء، وطاب الْهَوَاء،
وكُرِه العراء، وشَنَّن السقاءُ.
قلت أَنا: من قصر العَوَّى شبَّهها باست الْكَلْب، وَمن مدّها جعلهَا
تعوِي من يعوِي الْكَلْب، وَالْمدّ فِيهَا أَكثر.
وَيُقَال عَفَت يَده وعواها إِذا لواها.
وَقَالَ أَبُو مَالك: عوت النَّاقة البُرَة إِذا لوتها عَيّاً. وعَوَى
الْقَوْم صُدُور رِكَابهمْ وعَوَّوها إِذا عطفوها.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: عَوَّيت عَن الرجل إِذا كذَّبت عَنهُ
وردَدْت.
أَبُو عبيدِ عَن أبي زيد: العَوَّة والضَوَّةُ: الصَّوْت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ العَوِيّ: الذِّئْب:
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للرجل الحازم الْجلد: مَا يُنْهَى وَلَا
يُعْوَى.
وَقَالَ أَبُو العميثل: عَوْيت الشَّيْء عَيّاً إِذا أملته.
وَقَالَ الْفراء: عَوَيت الْعِمَامَة عَيّة، ولويتها لَيَّة، وعَوَى
الْقوس: عطفها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَوُّ جمعُ عَوَّة، وَهِي أم سُوَيد.
وَقَالَ اللَّيْث (عا) مَقْصُور زجر الضَئِين. وَرُبمَا قَالُوا: عَوْ،
وعايْ: وعاءِ، كلّ ذَلِك يُقَال.
وَالْفِعْل مِنْهُ: عَاعَى يُعاعي معاعاة وعاعاة. وَيُقَال: أَيْضا
عَوْعى يُعوعِي عوعَاة، وعَيْعَى يعيعى عيعاة وعِيْعَاءَ وَأنْشد:
وَإِن ثِيَابِي من ثِيَاب مُحَرِّق
وَلم أستعرها من مُعَاعٍ وناعق
عَيَيَ: أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: عَيي فلَان بياءين بِالْأَمر
إِذا عجز عَنهُ. وَلَا يُقَال: أعيا بِهِ وَمن الْعَرَب من يَقُول
عَيَّ بِهِ فيدغم. وَيُقَال فِي الْمَشْي: أعييت إعياء. قَالَ:
وتكلَّمت حَتَّى عَيِيت عِيّاً. وَإِذا
(3/164)
أَرَادوا علاج شَيْء فعجزوا يُقَال: عيِيت
وَأَنا عَيِيّ، وَقَالَ النَّابِغَة:
عَيّت جَوَابا وَمَا بِالربعِ من أحد
قَالَ: وَلَا ينشد: أعيت جَوَابا. وَأنْشد لشاعر آخر فِي لُغَة من
يَقُول عَييَ:
وحَتَّى حَسِبناهم فوارس كَهَمْسٍ
حَيُوا بَعْدَمَا مَاتُوا من الدَّهْر أعصرا
وَيُقَال: أعيا عليَّ هَذَا الْأَمر، وأعياني، وَيُقَال: أعياني
عَيَاؤه. قَالَ المَرَّار:
وأعْيَت أَن تجيب رُقى لراقي
وَيُقَال: أعيا بِهِ بعيره وأذَمّ، سَوَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: العِيّ تأسيس أصلِه من عين وياءين وَهُوَ مصدر
العَيِّ قَالَ: وَفِيه لُغَتَانِ رجل عَييّ بِوَزْن فعيل، وَقَالَ
العجاج:
لَا طائش قاقٌ وَلَا عَييّ
وَرجل عَيُّ بِوَزْن فَعْل، وَهُوَ أَكثر من عَيّ، قَالَ: وَيُقَال:
عَيَيَ يَعْيَا عَن حُجّته عيّاً وعَيَّ يعيا كلُّ يُقَال؛ مثل حَيي
يحيا وحَيّ. قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَيَحْيَى مَنْ حَىَّ عَن
بَيِّنَةٍ} (الْأَنْفَال: 42) وَالرجل يتكلّف عملا فيَعْيا بِهِ،
وَعنهُ، إِذا لم يهتدِ لوجه عمله.
سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال فِي فعل الْجَمِيع من عَيّ: عَيُّوا. قَالَ
وأنشدني بَعضهم:
يَحِدْن بِنَا عَن كل حَيّ كأننا
أخاريس عَيُّوا بِالسَّلَامِ وبالنَسَبْ
وَقَالَ آخر:
من الَّذين إِذا قُلْنَا حديثهمُ
عَيُّوا وَإِن نَحن حدَّثناهم شَغِبوا
قَالَ: وَإِذا سكن مَا قبل الْيَاء الأولى لم تُدْغَم كَقَوْلِك: هُوَ
يُعْي ويُحيى. قَالَ: وَمن الْعَرَب من أَدْغَم فِي مثل هَذَا قَالَ:
وأنشدني بَعضهم:
فَكَأَنَّهَا بَين النِّسَاء سبيكة
تمشي بسدّة بَيتهَا فتُعِيُّ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هَذَا غير جَائِز عِند حُذّاق النَّحْوِيين.
وَذكر أَن الْبَيْت الَّذِي اسْتشْهد بِهِ الْفراء لَيْسَ بِمَعْرُوف.
قلت: وَالْقِيَاس مَا قَالَ أَبُو إِسْحَاق، وَكَلَام الْعَرَب
عَلَيْهِ. وَأجْمع القُرَّاء على الْإِظْهَار فِي قَوْله: {يُحْىِ
وَيُمِيتُ} (الْأَعْرَاف: 158) .
وَقَالَ اللَّيْث: الإعياء: الكلال. تَقول: مشيت فأعييت، وَأَنا
مُعْيٍ. قَالَ: والمعاياة: أَن تدَاخل كلَاما لَا يَهتدي لَهُ صاحبُك،
قَالَ: والفحل العَيَاياء: الَّذِي لَا يَهتدِي لضراب طَرُوقته. قَالَ:
وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الرِّجَال.
قلت: وَفِي حَدِيث أمّ زرع: أَن الْمَرْأَة السَّادِسَة قَالَت: زَوجي
عياياء، طباقاء، كلّ دَاء لَهُ دَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: العيَاياء من الْإِبِل: الَّذِي لَا يَضْرب وَلَا
يُلْقح، وَكَذَلِكَ هُوَ من الرِّجَال.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّاء العَياء: الَّذِي لَا دَوَاء لَهُ قَالَ
وَيُقَال: أَيْضا الدَّاء العَيَاء: الْحُمْق. وَقَالَ أَبُو زيد: جمل
عَياء وجِمَال أَعْياء. وَهُوَ الَّذِي لَا يُحسن أَن يضْرب.
وَقَالُوا: حَيَاء النَّاقة وَجمعه أَحيَاء.
وَقَالَ شمر: عَيِيت بِالْأَمر وعيِيته، وأعيا عليَّ ذَلِك وأعياني.
(3/165)
وَقَالَ اللَّيْث: أعياني هَذَا الْأَمر
أَن أَضبِطه، وعَيِيت عَنهُ.
وَقَالَ غَيره: عيِيت فلَانا أعْياه أَي جهلته. وَفُلَان لَا يَعْياه
أحد أَي لَا يجهله أحد، وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن تعيا عَن الْإِخْبَار
عَنهُ إِذا سُئِلت، جهلا بِهِ. وَقَالَ الرَّاعِي:
يَسْأَلْن عَنْك وَلَا يعياك مسؤول
أَي لَا يجهلك. وَبَنُو أَعْيا: حَيّ من الْعَرَب وَالنِّسْبَة
إِلَيْهِ أعْيَوِيّ. وداء عَيِيّ مثل عياء. وَيُقَال: عاعى بالغنم
وحاحى عِيعاءً وحِيحَاءً؛ وَهُوَ زجرها.
وعي: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وعى الحديثَ يعيه وَعْياً إِذا
حفظه. وأوعى الشَّيْء فِي الوِعَاء يوعيه إيعاء بِالْألف فَهُوَ
مُوعًى. قَالَ والوِعَاء يُقَال لَهُ: الإعَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَعْي: حفظ الْقلب للشَّيْء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا جَبَر العظمُ بعد الْكسر على عَثْمٍ
وَهُوَ الاعوجاج قيل: وعى يعي وَعْياً، وأَجَر يأجِر أَجْراً، ويأجُرُ
أُجُوراً.
وَقَالَ أَبُو زُبَيد:
خُبَعْثِنة فِي ساعدَيه تزايُل
تَقول وَعَى من بعد مَا قد تجبّرا
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا سَالَ الْقَيْح من الجُرْح قيل: وَعَى
الْجَرْحُ يَعِي وَعْياً. قَالَ: والوَعيى هُوَ الْقَيْح. وَمثله
المِدَّة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي وَعْيِ الْكسر والمِدَّة مثله. قَالَ: وَقَالَ
أَبُو الدقيش: إِذا وعت جايئته أَي مدَّته.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال بئس واعي الْيَتِيم ووالي الْيَتِيم،
وَهُوَ الَّذِي يقوم عَلَيْهِ.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عَمْرو: الواعية والوَعْي والوَعَى كلهَا
الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّيْث: الواعية الصُرَاخ على الْمَيِّت. قَالَ: والوَعَى
جلبة أصوات الْكلاب وَالصَّيْد قَالَ: وَلم أسمع لَهما فعلا. قَالَ:
وَإِذا أمرت من الوعي قلت عِهْ، الْهَاء عماد للوقوف لخفّتها؛
لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع الِابْتِدَاء وَالْوُقُوف مَعًا على حرف
وَاحِد.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت يُقَال: مَالِي عَنهُ وَعْي أَي بُدّ،
وَلَا وعْيَ عَن كَذَا أَي لَا تماسك دونه.
وَقَالَ النَّضر: إِنَّه لفي وَعْي رجال أَي فِي رجال كثير. وَقَالَ
ابْن أَحْمَر:
تواعدن أَن لَا وَعْي عَن فرج راكس
فرُحْن وَلم يغضِرن عَن ذَاك مَغْضرا
وعع (وعوع) : قَالَ اللَّيْث: الوَعْوعة هِيَ من أصوات الْكلاب،
وَبَنَات آوَى. قَالَ: وَتقول خطيب وَعْوع: نعت حسن. وَرجل مِهذار
وَعْواع: نعت قَبِيح. وَقَالَت الخنساء:
هُوَ القَرْم واللسِن الوعوع
قَالَ والوَعْواع: الجلبة وَأنْشد:
تسمع للمرء بِهِ وَعْواعا
وَأنْشد شمر لأبي ذُؤَيْب:
وعاث فِي كُبَّة الوعواع والعِير
وَقَالَ اللَّيْث: يُضَاعف فِي الْحِكَايَة، فَيُقَال: وعوع الكلبُ
وعوعة. والمصدر الوعوعة والوَعواع. قَالَ: وَلَا يُكسَر وَاو الوعواع
كَمَا تكسر الزَّاي من الزلزال
(3/166)
وَنَحْوه؛ كَرَاهِيَة للكسرة فِي الْوَاو.
قَالَ: وَكَذَلِكَ حِكَايَة اليَعْيعة واليَعْياع من فِعال الصّبيان
إِذا رمى أحدهم الشَّيْء إِلَى صبيّ آخر؛ لِأَن الْيَاء خِلْقتها
الْكسر، فيستقبحون الْوَاو بَين كسرتين، وَالْوَاو خِلقتها الضَّم،
فيستقبحون التقاء كسرة وضمة فَلَا تجدهما فِي كَلَام الْعَرَب فِي أصل
الْبناء، وَأنْشد:
أمست كهامة يعياع تداولها
أَيدي الأوازع مَا تُلْقي وَمَا تُذَرُ
عَمْرو عَن أَبِيه: الوعوع: الديدبان يكون وَاحِدًا وجمعاً.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي الديدبان يُقَال لَهُ الوَعْوع. قَالَ:
والوعوع: الرجل الضَّعِيف. والوعوع ابْن آوى.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوعاوع الأشدّاء، وأوّل من يغيث. وَقَالَ
غَيره: الوعاوع: الخِفاف الأجرياء. وَقَالَ أَبُو كَبِير:
لَا يُجفلون عَن الْمُضَاف إِذا رَأَوْا
أُولي الوعاوع كالغَطَاط الْمقبل
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العاعاء صَوت الذِّئْب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوعيُّ: الحافِظ الْكيس الْفَقِيه. وَتقول
استوعى فلَان من فلَان حقّه إِذا أَخذه كُله؛ وأوعى فلَان جَدْع أَنفه
واستوعاه إِذا استوعبه. وَفِي الحَدِيث: (فِي الْأنف إِذا استُوعي
جدعُه الديةُ) .
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوعاوع: أصوات النَّاس إِذا حَمَلوا. وَيُقَال
للْقَوْم إِذا وعوعوا: وعاوع أَيْضا. وَقَالَ سَاعِدَة الْهُذلِيّ:
ستنصرني أفناء عَمْرو وكاهل
إِذا مَا غَزَا مِنْهُم غَزيٌّ وعاوع
والوعواع: مَوضِع. وَيُقَال عيّع الْقَوْم تعييعاً إِذا عيُّوا عَن
أَمر قصدوه. وَأنْشد:
حططتُ على شقِّ الشمَال وعيّعوا
حُطُوط رَباعٍ محصَفِ الشدّ قَارب
الحطّ: الِاعْتِمَاد على السّير.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَمِعت عوعاة الْقَوْم، وغوغاتهم إِذا سَمِعت
لَهُم لَجّة وصوتاً.
آخر لفيف الْعين والْمنَّة لله فِي تيسير مَا يسر.
(3/167)
كتاب الرباعي من حرف الْعين
قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الرباعي يكون اسْما وَيكون فعلا، وَأما
الخماسي فَلَا يكون إلاّ اسْما، وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ وَمن قَالَ
بقوله.
(بَاب الْعين والحاء)
ع ح)
جحلنجع: وَقَالَ أَبُو تُرَاب: كنت سَمِعت من أبي الهَمَيْسَع حرفا،
وَهُوَ جَحْلَنْجَع، فَذَكرته لشمر بن حَمْدَوَيْه، وتبرّأت إِلَيْهِ
من مَعْرفَته، وأنشدته فِيهِ مَا كَانَ أَنْشدني، قَالَ: وَكَانَ أَبُو
الهَمَيْسَع ذكر أَنه من أَعْرَاب مَدْين، وَكُنَّا لَا نكاد نفهم
كَلَامه، فَكَتبهُ شمِر، والأبيات الَّتِي أَنْشدني:
إِنِّي تمنعي صوبَكِ صوب المدمع
يجْرِي على الخد كضِئْبِ الثَّعْثَع
من طمحة صبيرها جَحْلنجع
لم يَحْضُها الجدولُ بالتنوع
قَالَ وَكَانَ يُسمِّي الكورَ المِحْضى.
(ثعجح) : قَالَ أَبُو تُرَاب: وَسمعت عتير بن غرزة الْأَسدي يَقُول:
اثعنجح الْمَطَر بِمَعْنى اثعحنجر: إِذا مَال وَكثر وَركب بعضُه
بَعْضًا، فَذَكرته لشمر فاستغربه حِين سَمعه وَكتبه، وأنشدته فِيهِ مَا
أَنْشدني عتير لعديّ بن عليّ الغاضري فِي الْغَيْث:
جَوْنٌ ترى فِيهِ الروايا دُلّحا
كَأَن جِنّانا وبَلْقا ضُرَّحا
فِيهِ إِذا مَا جُلْبه تَكَلَّحا
وسحَّ سحّاً مَاؤُهُ فاثعنجحا
(بَاب الْعين وَالْهَاء)
ع هـ)
خهفع: وَقَالَ أَبُو تُرَاب أَيْضا: سَمِعت أعرابيّاً من بني تَمِيم
يكنى أَبَا الخَيْهَفْعى. وَسَأَلته عَن تَفْسِير كنيته، فَقَالَ:
(يُقَال) إِذا وَقع الذِّئْب على الكلبة جَاءَت بالسِّمع، وَإِذا وَقع
الْكَلْب على الذئبة جَاءَت بالخيهفعى. وَلَيْسَ هَذَا على أبنية
أسمائهم مَعَ اجْتِمَاع ثَلَاثَة أحرف من حُرُوف الْحلق.
قلت: وَهَذِه حُرُوف لَا أعرفهَا، وَلم أجد لَهَا أصلا فِي كتب
الثِّقَات الَّذين أخذُوا عَن الْعَرَب العاربة مَا أودعوا كتبهمْ،
وَلم أذكرها وَأَنا أُحقُّها، وَلَكِنِّي ذكرتها استنداراً لَهَا،
وتعجّباً مِنْهَا، وَلَا أَدْرِي مَا صحّتها.
(3/168)
عهعخ: وَقَالَ ابْن المظفر: قَالَ
الْخَلِيل بن أَحْمد: سمعنَا كلمة شنعاء لَا تجوز فِي التَّأْلِيف.
قَالَ: وَسُئِلَ أَعْرَابِي عَن نَاقَته فَقَالَ تركتهَا ترعى
العُهْعُخ. قَالَ: وَسَأَلنَا الثِّقَات من عُلَمَائهمْ، فأنكروا أَن
يكون هَذَا الِاسْم من كَلَام الْعَرَب.
قَالَ: وَقَالَ الفذّ مِنْهُم: هِيَ شَجَرَة يُتَداوى بهَا وبورقها.
قَالَ وَقَالَ أَعْرَابِي آخر: إِنَّمَا هِيَ الخُعْخُع.
قَالَ اللَّيْث: هَذَا مُوَافق لقياس الْعَرَبيَّة والتأليف.
(علهض علهص) : قَالَ اللَّيْث: تَقول عَلْهضت رَأس القارورة إِذا
عَالَجت صِمَامها لتستخرجه. قَالَ: وعلهضت الْعين إِذا استخرجتها من
الرَّأْس، وعلهضت الرجُل إِذا عالجته علاجاً شَدِيدا. قَالَ: وعلهضت
مِنْهُ شيأ إِذا نلْت مِنْهُ شيأ.
قلت: علهضت رَأَيْته فِي نسخ كَثِيرَة من كتاب (الْعين) مُقَيّدا
بالضاد وَالصَّوَاب عِنْدِي الصَّاد. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي
الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العِلْهاص: صِمَام القارورة.
وَفِي (نوارد اللحياني) : علهص القارورة بالصَّاد أَيْضا إِذا استخرج
صِمَامها.
وَقَالَ شُجَاع الْكلابِي فِيمَا روى عَنهُ عوَّام وَغَيره: العَلْهصة
والعلفصة والعرعرة فِي الرَّأْي وَالْأَمر. وَهُوَ يعلهصهم ويَعْنُف
بهم ويقَسُرهم.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد فِي (كِتَابه) : رجل عُلاهض جرافض جرامض وَهُوَ
الثقيل الوخم.
قلت: قَوْله: رجل علاهض مُنكر. وَمَا أرَاهُ مَحْفُوظًا.
هجرع: وَقَالَ اللَّيْث: الهِجْرَع من وصف الْكلاب السَلُوقيّةِ
الخِفاف. والهِجْرَع: الطَّوِيل الممشوق. قَالَ العجاج:
أَسعر ضربا أوطُوَا لَا هجرعا
قَالَ والهِجْرَع: الطَّوِيل الأحمق من الرِّجَال. وَأنْشد:
ولأقضين على يزيدَ أميرِها
بِقَضَاء لَا رِخْوٍ وَلَيْسَ بهِجرع
وروى أَبُو عُبَيْدَة عَن الْأَصْمَعِي: الهجرع بِكَسْر الْهَاء:
الطَّوِيل.
وَقَالَ شمر: يُقَال للطويل: هِجرع وهَجرع. قَالَ: وَقَالَ أَبُو نصر:
سَأَلت الْفراء عَنهُ فَكسر الْهَاء وَقَالَ: هُوَ نَادِر.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل
هِجْرَع بِكَسْر الْهَاء، وهَرْجَع بِفَتْح الْهَاء: طَوِيل أَعْوَج.
هجنع: وَقَالَ اللَّيْث: الهَجَنَّع: الشَّيْخ الأصلع. قَالَ: والظليم
الْأَقْرَع وَبِه قُوَّة بعدُ هَجَنَّع. والنعامة هَجَنَّعة. قَالَ:
والهجنع من أَوْلَاد الْإِبِل مَا نُتج فِي حَمَارّة الصَّيف قَلما
يسلم من قَرَع الرَّأْس.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الهجنع الْعَظِيم الطَّوِيل.
علهج: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُعَلْهَج: أَن يُؤْخَذ
الجِلد، فيقدّم إِلَى النَّار حَتَّى يلين، فيُمضغ ويبلع، وَكَانَ
ذَلِك من مآكل الْقَوْم فِي المجاعة.
وَقَالَ اللَّيْث: المُعَلهج: الرجل الأحمق الهَذِر اللَّئِيم.
وَأنْشد:
(3/169)
فَكيف تساميني وَأَنت معلهج
هُذارِمة جَعْد الأنامل حَنْكَل
عنجة: قَالَ والعُنْجُه: الجافي من الرِّجَال. تَقول: إِن فِيهِ
لُعنْجُهِيَّة أَي جفوة فِي جُشُوبَةِ مطعمه وأموره. وَقَالَ حسان:
وَمن عَاشَ منا عَاشَ فِي عُنْجُهِيَّةِ
على شَظف من عيشه المتنكّد
وَقَالَ رؤبة:
بِالدفع عني دَرْء كل عُنْجه
قَالَ: والعُنْجُهة: القنفذة الضخمة.
وَقَالَ الْفراء فِيمَا يروي عَنهُ أَبُو عبيد: فِيهِ عنجهِيَّة
وعُنْجهانية أَي كبر وعظمة.
عجهن: وَقَالَ اللَّيْث: العُجاهن: صديق الرجل المُعْرِس الَّذِي
يجْرِي بَينه وَبَين أَهله فِي إعراسه بالرسائل، فَإِذا بنى بهَا فَلَا
عُجَاهن لَهُ. قَالَ: والعُجَاهنة: المَشَّاطة إِذا لم تفارق الْعَرُوس
حَتَّى يبْني بهَا. قَالَ: والعَجَاهنة جمع عُجَاهن. وَقَالَ
الْكُمَيْت:
ينازعن العَجَاهنة الرِّئينا
قَالَ: وَالْمَرْأَة عُجَاهنة، وَهِي صديقَة الْعَرُوس. قَالَ:
وَالْفِعْل مِنْهُ تعجهن يتعجهن تعجُهناً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العُجَاهنُ الطبَّاخ. قلت: وَقَول الْكُمَيْت
شَاهد لهَذَا.
(عجهر) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: عَيْجَهُور: اسْم امْرَأَة واشتقاقه من
العَجْهرة وَهِي الْجفَاء.
(عدهل) : عيدهول قَالَ: وناقة عيذهول: سريعة.
عمهج وعوهج: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العَمْهَج والعَوْهج: الطَّوِيلَة.
وَقَالَ هِمْيان:
فقدَّمت حناجرا غوامجا
مُبْطِنَةً أَعْنَاقَهَا العَماهجا
قَالَ: وَقَوله مبطنة أَي جعلت الْحَنَاجِر بطائن لأعناقها.
وَقَالَ أَبُو زيد: العُماهج مثل الخامط من اللَّبن عِنْد أول تغيره.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العماهيج: الألبان
الجامدة.
وَقَالَ اللَّيْث العُمَاهج: اللَّبن الخاثر من ألبان الْإِبِل.
وَأنْشد:
تُغذى بمحض اللَّبن العماهج
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَمْهَج: الطَّوِيل من كل
شَيْء. يُقَال عُنق عَمْهَج وعُمْهوج، ونبات عُماهج: أَخْضَر ملتفٌ،
قَالَ وكل نَبَات غَضّ فَهُوَ عُمْهُوج.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العمهج السَّرِيع. وَيُقَال العُمَاهج: الممتلىء
لَحْمًا. وَأنْشد:
ممكورة فِي قَصَب عُمَاهج
عجهم: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُجْهوم: طَائِر من طير المَاء
كَأَنَّ منقاره جَلَمُ الْخياط.
(سمعج) : وَقَالَ الْفراء: لبن سَمْعَج وسَمْلَج. وَهُوَ الدسمِ الحلو.
عنبج: وَقَالَ اللَّيْث: العُنْبُج من النَّاس: الثقيل.
(همسع) : قَالَ: والهَمَيْسَع من الرِّجَال: الْقوي الَّذِي لَا يُصرع
جنبه. قَالَ: والهميسعُ هُوَ جَد عدنان بن أدد.
(3/170)
علهز: اللَّيْث: العِلْهِز: الوَبَر مَعَ
دم الحَلَم. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي الجاهليّة. يعالج الوَبَر مَعَ
دِمَاء الْحلم يَأْكُلُونَهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي العلهز نَحوه، وَأنْشد:
وإنَّ قِرَى قحطان قِرْف وعِلْهِز
فأقبحْ بِهَذَا ويحَ نفسِك مِنْ فعلِ
قَالَ: والعِلْهز: القُرَاد الضخم
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ الْمُنْذِرِيّ:
العِلْهِز: دم يَابِس يدق بِهِ أوبار الْإِبِل فِي المجاعات ويؤكل.
وَأنْشد:
عَن أكلِيَ العلهز أكل الحَيْس
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَاب عِلْهِز ودِرْدِح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل هِيَ الَّتِي فِيهَا بقيَّةِ، وَقد أسنَّت.
وَقَالَ عِكْرِمَة كَانَ طَعَام أهل الْجَاهِلِيَّة العِلْهِز وَهُوَ
الحَلَم بالوبر يُشوى فيؤكل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ العِلْهِز: الصُّوف يُنفش
ويُشَرَّب بالدماء، ويُشوى ويؤكل. والمُسَوَّدُ أَنْ تُؤْخَذ المُصْران
فيفُصد فِيهَا النَّاقة ويشدّ رَأسه ويُشوى ويؤكل.
هزلع: اللَّيْث: الهِزْلاع: السِّمع الأزلّ. قَالَ: وهَزْلعَتُه:
انسلاله ومُضيّه.
عزهل: قَالَ: والعِزْهِل: الذّكر من الْحمام وَجمعه العَزَاهل.
وَأنْشد:
إِذا سَعْدانة الشَعَفات ناحت
عَزَاهلُها سَمِعت لَهَا عَرِينا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَرِين: الصَّوْت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العزاهيل من الْإِبِل وَاحِدهَا عُزهول،
وَهِي الْمُهْملَة.
أَبُو زيد: رجل عِزْهَلّ إِذا كَانَ فَارغًا، وَأنْشد:
وَقد أُرى فِي الفِتية العزاهل
أَجُرُّ من خَزّ الْعرَاق الذائل
فضفاضة تضفو على الأنامل
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجل عُزهول: خَفِيف سريع.
زهنع: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: يُقَال: زَهْنَعْتُ الْمَرْأَة
وزَتَّتُها إِذا زيّنتها، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث. وَأنْشد
الْأَحْمَر:
بني تَمِيم زهنعوا فتاتكم
إِن فتاة الْحَيّ بالتزتُّت
وَقَالَ ابْن بزرج: التزهنع: التلبّس والتهيؤ.
(عزه) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجل عِنْزَهْوة وعِزْهاة
كِلَاهُمَا العازف عَن اللَّهْو.
وَقَالَ الْكسَائي: فِيهِ عنزهوة أَي كِبْر وَكَذَلِكَ فِيهِ
خُنْزُوَانة.
أَبُو عُبَيْدَة رجل عِزْهاة وعِنْزَهْوة إِذا كَانَ لَا يُرِيد
النِّسَاء.
هطلع: اللَّيْث: رجل هَطَلَّع وَهُوَ الطَّوِيل الجسيم وبَوْشٌ
هَطَلَّع أَي كثير. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هَطَلَّع: بَوْش كثير.
هرنع: اللَّيْث: الهُرْنوع: القملة الضخمة، وَقيل للصغيرة. وَأنْشد:
يَهِزُ الهَرَانعَ عقدهُ عِنْد الخصا
بأذلّ حَيْثُ يكون من يتذلّل
وَقَالَ غَيره: الهَرَانع: أصُول نَبَات تشبه الطراثيث.
(3/171)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهُرنعُ
والهُرْنوع القملة الصَّغِيرَة. وَكَذَلِكَ القَرْدُوع.
(عرهن) : عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ العراهين والعراجين وَاحِدهَا
عُرْهون وعُرْجون. وَهِي القعابل. وَهِي الكمأة الَّتِي يُقَال لَهَا
الفُطْر.
هرمع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نشأت سَحَابَة فاهرمّع قَطْرها
إِذا كَانَ جَوْداً.
وَقَالَ اللَّيْث: اهرمّع الرجل فِي مَنْطِقه وَحَدِيثه إِذا انهمك
فِيهِ. والنعت مهرمِّع قَالَ: وَالْعين تهرمّع إِذا أذرت الدمع
سَرِيعا. وَرجل هَرَمَّع: سريع الْبكاء يُقَال اهرمّع إِلَيْهِ إِذا
تباكى إِلَيْهِ.
(عراهم) : قَالَ والعُراهم: التارّ الناعم من كل شَيْء وَأنْشد:
وقصبا عُفَاهما عُرْهوما
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: العُراهم والعراهمة نعت للمذكر والمؤنث.
وَأنْشد:
وقرَّبوا كلَّ وَأَى عُراهم
من الْجمال الجِلَّة العَفَاهم
عفهم: قَالَ والعُفاهم: النَّاقة القوية الجَلْدة، وَقَالَ غَيْلان:
يظلّ مَنْ جَارَاه فِي عَذَائِم
من عُنْفُوان جَرْيِه العُفاهم
قَالَ يصف أوّل شبابه وقوّته. قَالَ والعُفَاهم، مَن جعل الْجَمَاعَة
عفاهيم فَإِنَّهُ جعل المدّة فِي آخرهَا مَكَان الألِف الَّتِي
أَلْقَاهَا من وَسطهَا.
وَقَالَ شمر: عنفوان كل شَيْء: أَوله وَكَذَلِكَ عفاهمه. وَأنْشد:
من عنفوان جريه العُفاهم
وسَيْلٌ عُفاهم أَي كثير المَاء.
سَلمَة عَن الْفراء: عَيْش عُفَاهم أَي مخصب أَبُو عبيد عَن أبي زيد:
عَيْش عُفَاهم: وَاسع، وَكَذَلِكَ الدَّغْفَليّ.
(عرهن عرهم) : أَبُو عبيد عَن الْفراء: بعير عُرَاهن وعُراهم وجُرَاهم:
عَظِيم. قَالَ: والعرهوم: الشَّديد. وَكَذَلِكَ العلكوم.
(علهن) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العُلْهُون والعُرْجون والعُرْجُد
الإهَان
(عزهل عرهل) : أَبُو زيد: رجل عِزْهَلٌّ مشدد اللَّام إِذا كَانَ
فَارغًا وَيجمع على العزاهل وَأنْشد:
وَقد أُرَى فِي الْفتية العزَاهل
وَقَالَ غَيره بعير عِزْهَل: شَدِيد. وَأنْشد:
وَأَعْطَاهُ عِزْهَلاّ من الصُهْب دَوْسَرا
أَخا الرُبْع أَو قد كَاد للبُزْل يُسْدِس
والعُرَاهل من الْخَيل: الْكَامِل الخَلْق. وَأنْشد:
يتبعن زَيَّاف الضُّحَى عُراهلا
ينفح ذَا خصائل غدافلا
كالبُرْد ريَّان الْعَصَا عثا كلا
غدافل: كثير سبيب الذَّنب. والعَزَاهل: الْجَمَاعَة الْمُهْملَة.
وَقَالَ الشماخ:
حَتَّى اسْتَغَاثَ بأحوى فَوْقه حُبُك
يَدْعُو هديلا بِهِ العُزْفُ العزاهيل
مَعْنَاهُ: اسْتَغَاثَ الْحمار الوحشيّ بأحوى وَهُوَ المَاء فَوْقه
حُبُك أَي طرائق، يَدْعُو هديلا وَهُوَ الفرخ بِهِ العُزف،
(3/172)
وَهِي الحَمَام الطُورانية.
هربع: وَقَالَ اللَّيْث: لصّ هُرْبُع، وذئب هُرْبُع خَفِيف، وَقَالَ
أَبُو النَّجْم:
وَفِي الصَفِيح ذِئْب صيد هُرْبُعُ
فِي كفّه ذاتُ خِطام ممتعُ
عبهر: اللَّيْث: العَبْهَر: اسْم للنرجس. وَيُقَال: الياسَمين.
وَجَارِيَة عَبْهرة: رقيقَة الْبشرَة ناصعة الْبيَاض، وَأنْشد:
قَامَت ترائيك قَوَاماً عَبْهَرا
مِنْهَا ووجهاً وَاضحا وبَشَرا
لَو يَدْرُج الذَرُّ عَلَيْهِ أثَّرا
قَالَ وَيُقَال: العَبْهَر: الطَّوِيل الناعم من كل شَيْء.
عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أَبِيه: العَبْهَر: الطَّوِيل من الرِّجَال.
والعَبْهَر النَرْجِس. وَقَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ يصف قوساً:
وعُراضة السِّيتيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها
تأوِي طوائفها لعجس عَبْهَر
عبهر ملاَن غليظ. وَقَالَ ذُو الرمة:
وَفِي العاج مِنْهَا والدماليج والبُرى
قِنَا مالىء للعين ريّان عبهر
والعبهرة: الْحَسَنَة الخَلْق، وَقَالَ الشَّاعِر:
عبهرة الخَلْق لُبَاخِية
تزينه بالخُلُق الطَّاهِر
وَقَالَ:
من نسْوَة بيض الوجو
هـ نواعم غِيد عباهر
عبهل: وَفِي كتاب كَتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِوَائِل
بن حُجْر ولقومه: (من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى الْأَقْيَال العباهلة
من أهل حَضْرموت) قَالَ أَبُو عبيد: العباهلة: الَّذين قد أُمّروا على
مُلكهم لَا يُزالون عَنهُ، وَكَذَلِكَ كل شَيْء أهملته فَكَانَ مهملاً
لَا يُمنع ممَّا يُرِيد، وَلَا يُضرب على يَدَيْهِ فَهُوَ مُعَبْهَل،
وَقَالَ تأبّط شرّاً:
مَتى تبغني مَا دمتُ حيّاً مسلَّما
تجدني مَعَ المسترعِل المتعبهِل
قَالَ: المتعبهِل: الَّذِي لَا يُمنع من شَيْء. وَقَالَ الراجز يذكر
الْإِبِل أَنَّهَا قد أُرسلت على المَاء ترِدُه كَيفَ شَاءَ، فَقَالَ:
عباهل عبهلها الوُرَّادُ
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: المعبهَل: المعزهَل المهمل.
وَقَالَ اللَّيْث: ملِك مُعَبْهَل: لَا يردّ أمره فِي شَيْء.
علهب: قَالَ: والعَلْهَب: التيس الطَّوِيل القرنين من الوحشيّة
والإنسيّة. ويوصف بِهِ الثور الوحشيّ. وَأنْشد:
مُوَشَّى أكارعُه عَلْهَبا
والعَلْهَب: الرجل الطَّوِيل، وَالْمَرْأَة عَلْهبة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال للذّكر من الظباء تَيْس، وعَلْهَب،
وهَبْرَج
(وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال للذّكر من الظباء شَبُوب ومُشِبّ
وَعَلْهَب وتَشْعَم وهَبْرَج) .
(3/173)
هبلع: عَمْرو عَن أَبِيه: رجل هِبْلع:
أكول. وَقَالَ اللَّيْث: الهِبْلَع: الأكول الْعَظِيم اللَقْم
الْوَاسِع الحُنْجور. قَالَ: وهِبْلع من أَسمَاء الْكلاب السَلوقية.
وَأنْشد:
والشد يدنى لاحقاً وهبلعا
هلبع: قَالَ: والهُلابع: الكُرَّزِيّ اللثيمِ الْجِسْم وَأنْشد:
عبد بني عَائِشَة الهلابعا
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الهُلَبِع والهُلابع من أَسمَاء الذِّئْب.
هملع: وَقَالَ اللَّيْث: الهَمَلَّع: المتخطرِف الَّذِي يوقّع وطأه
توقيعاً شَدِيدا من خِفّة وَطئه. وَأنْشد:
رَأَيْت الهملع ذَا اللعوتي
ن لَيْسَ بآب وَلَا ضَهْيَد
قَالَ: ضهيد كلمة مولدة وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب نَعْيَل، وَقَالَ
ابْن السّكيت الهملع الذِّئْب وَأنْشد:
لَا تَأْمُرِينِي ببنات أسْفعٍ
فالعنز لَا تمشي مَعَ الهملع
قَالَ: أسفع: فَحل من الْغنم. وَقَوله: لَا نمشي مَعَ الهملّع أَي لَا
تكْثر مَعَ الذِّئْب. وَقَالَ أَبُو عبيد: الهملَّع: الْبَعِير
السَّرِيع. وَأنْشد اللَّيْث:
جَاوَزت أهوالاً وتحتي شيقَبٌ
يعدو رَحْلي كالفنيق هَمَلّع
وَقيل: الهمَلّع من الرِّجَال: الَّذِي لَا وَفَاء لَهُ وَلَا يَدُوم
على إخاء أحد.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الهملَّع والسَمَلَّع: السَّرِيع الْخَفِيف.
علهم: أَبُو عَمْرو: العِلْهَمّ: الضخم الْعَظِيم من الْإِبِل
وَغَيرهَا. وَأنْشد:
لقد غدوتُ طارداً وقانصاً
أَقُود عِلْهَمّا أشَقّ شاخصا
أُمْرِج فِي مَرْج وَفِي فَصافِصا
أَو زهرَ ترى لَهُ بصائصا
حَتَّى نَشَا مُصامِصا دُلامصا
وَيجوز عِلّهم بتَشْديد اللَّام.
(هنبع) : وَقَالَ اللَّيْث: سَمِعت عُقْبة بن رؤبة يَقُول: الهُنْبُع:
شبه مِقنعة قد خيط مقدَّمها يلبسهَا الْجَوَارِي. وَيُقَال: الهُنبع:
مَا صغر مِنْهَا. والخُنْبُع مَا اتّسع مِنْهَا، حَتَّى يبلغ
الْيَدَيْنِ أَو يغطّيهما. وَالْعرب تَقول: مَا لَهُ هُنبع وَلَا
خُنْبع.
عنته: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجل عُنْتُه وعُنْتُهيّ: وَهُوَ المبالغ
فِي الأمل إِذا أخَذ فِيهِ.
همقع: سَلمَة عَن الْفراء: رجل هُمّقِع: أَحمَق، وَامْرَأَة هُمّقعة:
حمقاء زعم ذَلِك أَبُو شَنْبل.
وَقَالَ اللحياني فِي (كِتَابه) : الهُمَّقع: جَنَى التَّنْضُب، وَهُوَ
شجر مَعْرُوف. قَالَ: وَمثله رجل قُمَرِّز أَي قصير وَرجل زُمَّلق
وَهُوَ الشَّكَّاز.
دهقع: ابْن هانىء عَن أبي زيد: الْجُوع الدُهْقوع: هُوَ الشَّديد
الَّذِي يَصْرع صَاحبه.
هبقع: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجل هَبْقَع وهُبَاقع: قصير ملزَّز
الخَلْق.
(3/174)
(بَاب الْعين وَالْخَاء من الرباعي)
(ع خَ)
خضرع: قَالَ اللَّيْث: الخُضَارع: هُوَ الْبَخِيل المتسمّح، وتأبى
شيمته السماحة، وَهُوَ المتخضرِع.
(خذعب) : (قَالَ: والخُذْعوبة هِيَ الْقطعَة من القَرْعة أَو القِثّاء
أَو الشَّحْم) .
خثعم: قَالَ: وخَثْعَم: اسْم جبل، فَمن نزله فهم خَثْعَمِيُّون، قَالَ:
وخَثْعَم: قَبيلَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الخَثْعَمة: أَن يُدخل
الرّجلَانِ إِذا تعاقدا إصبعيهما فِي منخر الْجَزُور المنحور يتعاقدان
على هَذِه الْحَالة.
وَقَالَ قطرب: الخثعمة: التلطّخ بِالدَّمِ. يُقَال خثعموه فَتَرَكُوهُ
أَي رَمّلوه بدمه.
ختعر: وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: الخيتعور: الغادر. وروَى عَن سَلمَة عَن الْفراء
أَنه قَالَ: يُقَال للشَّيْطَان: الخَيْتَعُور. ونَوًى خيتعور: وَهِي
الَّتِي لَا تستقيم.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَيْتَعُور: مَا بَقِي من السراب من آخِره حَتَّى
يتفرّق فَلَا يلبث أَن يضمحلّ. قَالَ وخَتعَرَتُه اضمحلاله.
قَالَ: وَيُقَال: بل الخَيْتَعُور: دُوَيْبة تكون على وَجه المَاء، لَا
تلبث فِي مَوضِع إلاّ ريثما تَطْرِف. وكل شَيْء لَا يَدُوم على حَال
ويتلوَّن فَهُوَ خَيْتَعُور. والغُول خيتعور. وَالَّذِي ينزل من
الْهَوَاء أبيضَ كالخيوط أَو كنسج العنكبوت هُوَ الخيتعور. قَالَ
والخيتعور الدُّنْيَا. وَأنْشد:
كل أُنْثَى وَإِن بدا لَك مِنْهَا
آيةُ الحبِّ حُبُّها خيتعور
قَالَ: والخَيْتَعُور: الذِّئْب، سمّي بذلك لِأَنَّهُ لَا عهد لَهُ
وَلَا وَفَاء.
خرعب: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ الخَرْعبة الْجَارِيَة
الليّنة القصبِ الطَّوِيلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَرْعَبة: الشابَّة الْحَسَنَة القَوَام،
كَأَنَّهَا خُرْعوبة من خراعيب الأغصان من نَبَات سَنَتِها، وجمل
خُرْعوب طَوِيل فِي حسن خَلْق. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
بَرَهْرهة رَخْصة رُودة
كخُرعوبة البانة المنفطر
خرفع: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الخُرْفع: مَا يكون فِي جراء العُشَر
وَهُوَ حُرَّاق الْأَعْرَاب. وَيُقَال للقطن المندوف: خُرفُع
وَقَالَ اللَّيْث: الخرفع: الْقطن الَّذِي يفسُد فِي براعيمه.
(خنعب) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: هِيَ الخُنْعُبة
والنونة والثومة والهَزْمة والوهدة والقَلْدَة والهَرْتمة والعَرْتمة
والحِثْرِمة.
وَقَالَ اللَّيْث: الخُنْعُبة: مَشَقُّ مَا بَين الشاربين بِحيال
الوَتَرَة.
(3/175)
خبعج: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الخَبْعَجَة:
مِشية متقارِبة مثل مِشية المُريب: يُقَال: جَاءَ يُخبْعِج إِلَى
رِيبَة. وَأنْشد:
كَأَنَّهُ لمّا غَدا يخبعج
صَاحب موقين عَلَيْهِ مَوْزَج
وَقَالَ آخر:
جَاءَ إِلَى جِلّتها يخبعج
فكلهن رائم تُدَرْدِج
خزعل: سَلمَة عَن الْفراء: نَاقَة بهَا خَزْعال أَي ظَلْع. وَلَيْسَ
فِي الْكَلَام مثله. وخَزْعل خَزْعلة إِذا ظلع. وَقَالَ الراجز:
وسَدْو رجْلي من ضِعَاف الأرجل
مَتى أُرِد شدّتها تُخَزْعِلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الخُزْعالة اللّعب والمزاح.
خذعل: وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الخِذْعِل والخِرْمِل:
الْمَرْأَة الحمقاء.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: خَذْعل البطّيخَ
إِذا قطعه قِطَعاً صغَارًا، وخردل اللَّحْم وخرذله بِالدَّال والذال
مثله.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد خذعله: بِالسَّيْفِ: إِذا قطعه قَالَ: والخذعلة
والخزعلة ضرب من الْمَشْي.
(خنتع) : وَقَالَ الْمفضل الخُنْتَعَة: الثُّرملة، وَهِي الْأُنْثَى من
الثعالب.
ختلع: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: أَخْبرنِي أَبُو حَاتِم أَنه قَالَ لأم
الْهَيْثَم وَكَانَت أعرابية فصيحة: مَا فعلت فُلَانَة الأعرابية
لامْرَأَة كنت أَرَاهَا مَعهَا؟ فَقَالَت: ختلعت وَالله طالعة. فَقلت:
مَا ختلعت؟ فَقَالَ: ظَهرت، تُرِيدُ أَنَّهَا خرجت إِلَى البدو.
(خرعب خبرع) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جَارِيَة خرعبة وخُرعوبة: دقيقة
الْعِظَام كَثِيرَة اللَّحْم، وجسم خرعب، قَالَ والخُبروع النمَّام،
والخَبْرَعة فعله.
خنفع: عَمْرو عَن أَبِيه الخنفع: الأحمق.
تخطع: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: تخطع اسْم قَالَ وَأَحْسبهُ مصنوعاً
لِأَنَّهُ لَا يعرف مَعْنَاهُ.
خندع: وَقَالَ أَبُو الدقيش: الخُنْدَع بِالْخَاءِ: أَصْغَر من الجندب،
حَكَاهُ ابْن دُرَيْد.
(بَاب الْعين وَالْقَاف)
(ع ق)
قعضب: اللَّيْث: القَعْضَب الضخم (الشَّديد) الجريء، قَالَ
والقَعْضَبة: استئصال الشَّيْء.
وَقَالَ غَيره: قعضب اسْم رجل كَانَ يعْمل الأسِنّة، إِلَيْهِ نسبت
أسنة قَعْضَب.
(3/176)
عَمْرو عَن أَبِيه: القعضبة: الشدّة،
قَالَ: وقَرَب قَعْضَبيّ، وقَعْطَبيّ: شَدِيد. قَالَ: وَكَذَلِكَ
قَرَبٌ مُقَعَّط.
قضعم: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَضْعم:
الشَّيْخ المسِن.
(دعشق) : وَقَالَ اللَّيْث: الدُعْشُوقة: دويْبَة شِبْه خنفساء،
وَرُبمَا قَالُوا للصبية وَالْمَرْأَة القصيرة: يَا دُعْشُوقة،
تَشْبِيها بِتِلْكَ الدويبة.
قشعم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَشْعَم: النسْر المسنّ.
والقَشْعَم: الْمَوْت.
وَقَالَ اللَّيْث: القَشْعم هُوَ المسنّ من النسور والرَخَم لطول عمره.
وَالشَّيْخ الْكَبِير يُقَال لَهُ: قشعم الْقَاف مَفْتُوحَة وَالْمِيم
خَفِيفَة، فَإِذا ثَقَّلت الْمِيم كسرت الْقَاف، وَكَذَلِكَ بِنَاء
الرباعي المنبسط إِذا ثُقّل آخِره كسر أَوله وَأنْشد:
إِذا زعمت ربيعَة القِشْعَمُّ
قَالَ: وتكنى الْحَرْب أمَّ قشعم، والضبع أمّ قشعم.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي القَشْعَم والقِشْعَمّ نَحوا مِمَّا قَالَ
اللَّيْث، وَكَذَلِكَ قَالَ شمر. قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وأَمّ
قشعم هِيَ المنيّة، وَهِي كنية الْحَرْب أَيْضا، وَقَالَ زُهَيْر:
لَدَى حَيْثُ أَلْقَت رَحلهَا أم قشعم
وَقَالَ أَبُو زيد كل شَيْء يكون ضخماً فَهُوَ قَشْعم وَأنْشد:
وقِصَع يُكْسَى ثُمالا قَشْعما
والثمال: الرغوة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد القُشْعوم: الصَّغِير الْجِسْم، وَبِه سمي
القُرَاد، وَهُوَ القرشوم والقِرْشام.
عشرق: وَقَالَ اللَّيْث: العِشْرِق من الْحَشِيش، ورقه شَبيه بورق
الْغَار، إلاّ أَنه أعرض مِنْهُ وَأكبر إِذا حركته الرّيح تسمع لَهُ
زَجلاً، وَله حَمْل كحَمْل الْغَار، إلاّ أَنه أعظم مِنْهُ. وَقَالَ
الْأَعْشَى:
كَمَا اسْتَغَاثَ برِيح عِشْرِق زَجِل
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العِشْرِق نَبَات أَحْمَر طيّب الرَّائِحَة
تستعمله العرائس.
قشعر: وَقَالَ اللَّيْث: القُشْعُر: القثاء. والقُشَعْرِيرة: اقشعرار
الجِلد، وكل شَيْء تغيّر فَهُوَ مقشعرّ. قَالَ والقُشْعُرة:
الْوَاحِدَة من القِثَاء بلغَة أهل الْجوف من الْيمن. قَالَ: واقشعرت
السّنة من شدَّة الشتَاء وَالْمحل واقشعرّت الأَرْض من المَحْل،
واقشعرّ الْجلد من الجَرَب. والنبات إِذا لم يصب ريّاً فَهُوَ
مُقْشَعِر.
وَقَالَ أَبُو زُبيد:
أصبح الْبَيْت بَيت آل بَيَان
مقشعِرّا والحيّ حيٌ خلوف
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْحَدِيثِ كِتَاباً
مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ} (الزمر: 23) . قَالَ يقشعرّ من آيَة الْعَذَاب ثمَّ تلين
عِنْد نزُول آيَة الرَّحْمَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله جلّ وَعز: {تُرْجَعُونَ
وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ
يُؤْمِنُونَ بِالاَْخِرَةِ وَإِذَا} (الزُّمَر: 45) أَي اقشعرَّت.
وَقَالَ غَيره نفرت. واقشعر شَعَره إِذا قَفَّ.
قضعم: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال
(3/177)
للناقة الهرِمة: قِضْعِم، وجَلْعَم.
(قلعم) : قَالَ: والقَلْعَم: الْعَجُوز المسنّة.
عشنق: وَقَالَ اللَّيْث: العَشَنَّق: الطَّوِيل الْجِسْم. وَامْرَأَة
عَشَنَّقة: طَوِيلَة العُنُق ونعامة عَشَنَّقة. والجميع العشانق
والعشانيق والعَشَنَّقُون. وَفِي حَدِيث أمّ زرع أَن إِحْدَى النِّسَاء
قَالَت: زَوجي عَشَنّق إِن أنطق أَطْلَق، وَإِن أسكت أعْلَق.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: العشنق الطَّوِيل. تَقول:
لَيْسَ عِنْده أَكثر من طُوله بِلَا نفع، فَإِن ذكرتُ مَا فِيهِ من
الْعُيُوب طلَّقني، وَإِن سكتّ تركني معلَّقة، لَا أيّماً وَلَا ذَات
بعل.
عنقش: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العِنْقاش: اللَّئِيم الوَغْد. وَقَالَ
أَبُو نُخَيلة:
لما رماني النَّاس بِابْني عَمّي
بالقِرد عِنقاشٍ وبالأصمّ
قلت لَهَا يَا نفسِ لَا تهتمي
قرشع: وَقَالَ أَبُو عَمْرو أَيْضا: القِرْشِع: الجائر، وَهُوَ حَرٌّ
يجده الرجل فِي صَدره وحَلْقه. وَحكى عَن بعض الْعَرَب أَنه قَالَ:
إِذا ظهر بجسد الْإِنْسَان شَيْء أَبيض كالملح فَهُوَ القِرْشِع.
قَالَ: والمقرنشع: المنتصب المستبشر.
(صقعر) : وَقَالَ اللَّيْث: الصقعر: المَاء المر الغليظ.
(صرقع) : وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال سَمِعت لرجله صرقعة وفَرقعة
بِمَعْنى وَاحِد.
عرقص: وَقَالَ اللَّيْث: العُرْقُصَاء، والغُرَيقِصاء: نَبَات يكون
بالبادية. وَبَعض يَقُول: عَرَنْقُصانة. والجميع عَرَنْقُصَان.
قَالَ: وَمن قَالَ عُرَيقِصاء وعُرْقُصاء فَهُوَ فِي الْوَاحِدَة
والجميع مَمْدُود على حَال وَاحِدَة.
وَقَالَ الْفراء: العَرَقُصان والعَرَتُن محذوفان، الأَصْل عَرَنْتُن
وعَرَنْقُصان، فحذفوا النُّون وأبقوا سَائِر الحركات على حَالهَا، وهما
نبتان.
عَمْرو عَن أَبِيه: العَرَقُصان: دَابَّة من الحشرات.
سَلمَة عَن الْفراء: قَالَ العَرْقصة: مشي الحيَّة.
قنصعر: وَقَالَ اللَّيْث: القِنْصَعْر: الْقصير الْعُنُق وَالظّهْر
المكتّل من الرِّجَال. وَأنْشد:
لَا تعدِلي بالشيظم السِبَطْرِ
الباسط الباع الشَّديد الْأسر
كلَّ لئيم حَمِق قُنْصَعْر
قَالَ وضربته حَتَّى اقعنصر أَي تقاصر إِلَى الأَرْض. وَهُوَ مقعنصر،
قُدّم الْعين على النُّون حَتَّى يحسن إِخْفَاؤُهَا، فَإِنَّهَا لَو
كَانَت بِجنب الْقَاف ظَهرت. وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي افعنلل، يقلبون
الْبناء حَتَّى لَا تكون النُّون قبل الْحُرُوف الحَلْقية، وَإِنَّمَا
أَدخلْتُ هَذِه الْكَلِمَة فِي حدّ الرباعيّ فِي قَول من يَقُول:
الْبناء رباعيّ وَالنُّون زَائِدَة.
قرصع: وَقَالَ اللَّيْث: قرصعت الْمَرْأَة قرصعة
(3/178)
وَهِي مشْيَة قبيحة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: قرصعت الْمَرْأَة قرصعة وَهِي شبه قبيحة
وَأنْشد:
إِذا مشت سَالَتْ وَلم تُقرصع
هز الْقَنَاة لدنة التهزّع
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: قرصعت الْكتاب قرصعة إِذا قَرْمطته. قَالَ
وَيُقَال: رَأَيْته مقرنصعا أَي متزمّلا فِي ثِيَابه، وقرصعته أَنا فِي
ثِيَابه.
عَمْرو عَن أَبِيه: القَرْصَع من الأيور: الْقصير المُعَجَّر، وَأنْشد:
سلوا نسَاء أشجعْ
أيّ الأيور أَنْفَع
أألطويل النُعْنُع
أم الْقصير القَرْصع
وَقَالَ أَعْرَابِي من بني تَمِيم: إِذا أكل الرجل وَحده من اللؤم
فَهُوَ مُقَرْصِع.
صقعل: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الصِقَعْل: التَّمْر الْيَابِس، يُنقع
فِي اللَّبن الحليب. وَأنْشد:
ترى لَهُم حول الصِّقَعْلِ عِثْيرَة
صلقع وسلقع: وَقَالَ اللَّيْث: الصَلْقع والصَلقعة: الإعدام. يُقَال
صَلْقع الرجلُ فَهُوَ مُصَلقع: عديم مُعْدِم. قَالَ: وَتجوز فِيهِ
السِّين. وَهُوَ نعت يَتبع البلقع لَا يفرد: يُقَال بَلْقَع سَلْقع.
قَالَ: وبلاد بَلَاقِع سلاقع، قَالَ: والسَلْقع الْمَكَان الحَزْن
والحصى إِذا احميت عَلَيْهِ الشَّمْس وَهِي الأَرْض القَفَار الَّتِي
لَا شَيْء فِيهَا. وَيُقَال: اسلنقع البرقُ إِذا استطار فِي الْغَيْم،
وَإِنَّمَا هِيَ خَطْفة خَفِيفَة لَا لبث فبها. والسِلِنْقاع الِاسْم
من ذَلِك.
عسلق: قَالَ: وكل سبع جريء على الصَّيْد يُقَال لَهُ عَسْلَق والجميع
عسالق. وَقَالَ غَيره: العَسَلَّق: الظليم وَقَالَ الرَّاعِي:
بِحَيْثُ يلاقي الآبِدَات العَسَلَّقُ
عَمْرو عَن أَبِيه: العَسْلَق: السراب.
(عسقل) : وَقَالَ اللَّيْث: العُسْقول: ضرب من الجَبْأة. وَهِي كمأة
لَوْنهَا بَين الْبيَاض والحمرة والواحدة عُسقولة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: هِيَ العساقيل. قَالَ: وأنشدنا أَبُو
زيد:
وَلَقَد جنيتك أكمؤا وعساقلا
وَلَقَد نهيتك عَن بَنَات الأوبر
أَبُو عبيد والعساقيل من السراب أَيْضا. وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَقد تلفَّح بالقُور العساقيل
أَرَادَ تلفعت القُور بالعساقيل فَقلب.
وَقَالَ اللَّيْث: العسقلة والعُسقول: تلمّع السراب. وقِطَع السراب
عساقل. وَقَالَ رؤبة:
جرد مِنْهَا جُدَدا عساقلا
تجريدك المصقولة السلائلا
يَعْنِي المسحلَ جرَّداتُنا انسلَتَ شعرُها، فَخرجت جُدَدا بيضًا
كَأَنَّهَا عساقل السراب.
عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال ضرب عَسْقَلانه، وَهُوَ أَعلَى رأسِه.
وعسقلان من أجناد الشَّام.
عسقد: الْأَثْرَم عَن أبي عُبَيْدَة وَابْن الْأَعرَابِي
(3/179)
عَن الْمفضل قَالَا العُسْقُد: الطَّوِيل
الأحمق.
عسقف: وَقَالَ اللَّيْث: العسقفة نقِيض الْبكاء. يُقَال: بَكَى فلَان
وعسقف فلَان أَي جَمَدت عينه فَلم يبك.
فقعس: وَبَنُو فقعس حيّ من الْعَرَب من بني أسَد. وَلَا أَدْرِي مَا
أَصله فِي الْعَرَبيَّة.
صقعب: قَالَ والصَّقْعَب: الطَّوِيل من الرِّجَال.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي الصَّقْعَب مثله.
عبقص: ابْن دُرَيْد العَبْقَص والعُبْقُوص: دويّبة.
عسقب: وَقَالَ اللَّيْث: العِسْقِبة: عُنِيقيد يكون منفرِداً مُلْتَزما
بِأَصْل العنقود الضخم. والجميع العساقب.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العَسْقَبة: جمود الْعين فِي وَقت الْبكاء.
قلت جعله اللَّيْث العسقفة بِالْفَاءِ وَالْبَاء عِنْدِي أصوب.
(قعمص قعمس) : والقُعْمُوص والقُعْمُوس والجُعْمُوس وَاحِد. وَيُقَال
قَعْمس إِذا أبدى بمرّة، وَوضع بِمرَّة. قَالَ: وَيُقَال تحرّك
قُعْمُوصه فِي بَطْنه، وَهُوَ بلغَة أهل الْيمن. قَالَ والقُعموس: ضرب
من الكَمأة.
صعفق: وَقَالَ اللَّيْث: الصعفوق: اللَّئِيم من الرِّجَال. وهم
الصعافقة، كَانَ آباؤهم عبيدا فاستعربوا. وَقَالَ العجَّاج:
من آل صَعْفوق وَأَتْبَاع أُخَر
قَالَ: وَقَالَ أعرابيّ: مَا هَؤُلَاءِ الصعافقة حولك. وَيُقَال هم
بالحجاز مسكنهم. رذَالة النَّاس. وَيُقَال للَّذي لَا مَال لَهُ:
صَعْفُوق وصعَفْقيّ. والجميع صعافقة وصعافيق.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل
صَعْفقيّ. قَالَ: والصعافقة يُقَال قوم من بقايا الْأُمَم الخالية
بِالْيَمَامَةِ، ضلَّت أنسابُهم.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَغَيره يَقُول: هم الَّذين يدْخلُونَ السُّوق
بِلَا رَأس مَال.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: مَا جَاءَك عَن أَصْحَاب
مُحَمَّد فَخذه، ودع مَا يَقُول هَؤُلَاءِ الصعافقة. قَالَ: وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: الصعافقة: قوم يحضُرون السُّوق للتِّجَارَة، وَلَا نَقْد
مَعَهم وَلَا رُؤُوس أَمْوَال فَإِذا اشْترى التُّجَّار شَيْئا دخلُوا
مَعَهم. وَالْوَاحد صَعْفَقِيّ.
وَقَالَ غير الْأَصْمَعِي: صعفق، وَكَذَلِكَ كل من لَيْسَ لَهُ رَأس
مَال. وجمعهم صعافقة وصعافيق.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
يَوْم قَدرنَا والعزيز مَن قدر
وآبت الْخَيل وقضّينا الوطر
من الصعافيق وأدركنا المِئَرْ
أَرَادَ أَنهم ضعفاء لَيست لَهُم شجاعة وَلَا قُوَّة على قتالنا.
وَكَذَلِكَ أَرَادَ الشّعبِيّ: أَن هَؤُلَاءِ لَا علم لَهُم وَلَا فقه،
فهم بِمَنْزِلَة التُّجَّار الَّذين لَيْسَ لَهُم رُؤُوس أَمْوَال.
(سعفق) : الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: كلّ مَا جَاءَ على
فعلول فَهُوَ مضموم الأول؛ مثل زُنبور وبُهلول وعُمروس
(3/180)
وَمَا أشبه ذَلِك، إلاّ حرفا جَاءَ نَادرا،
وهم بَنو سَعفوق لَخَول بِالْيَمَامَةِ. وَبَعْضهمْ يَقُول: سُعفوق (1)
بِالضَّمِّ.
وَأنْشد ابْن شُمَيْل لطَرِيف بن تَمِيم:
لَا تأمنن سليمى أَن أفارقها
صَرْمى ظعائن هِنْد يَوْم سُعفوق
لقد صرمتُ خَلِيلًا كَانَ يألفني
والآمنات فراقي بعده خوقُ
قَالَ: سُعفوق: اسْم ابْنه. والخوقاء الحمقاء من النِّسَاء.
قعسر: وَقَالَ اللَّيْث: القَعْسَرِيّ: الْجمل الضخم الشَّديد. وَهُوَ
القَعْسَر أَيْضا. قَالَ والقعسرِيّ: الْخَشَبَة الَّتِي يدار بهَا
الرَّحَى الصَّغِيرَة. يطحن بهَا بِالْيَدِ. وَأنْشد:
الزَمْ بقعسرِيّها
وألق فِي خُرِيَّها
تُطْعِمُك من نقِيّها ونفيها
وَقَالَ: فُرِيُّها: فمها الَّذِي تُلقى فِيهِ لُهوتها. قَالَ والقعسري
فِي صفة الدَّهْر. قَالَ العجاج:
أفنى الْقُرُون وَهُوَ قَعْسَرِيّ
شبه الدَّهْر بالجمل الشَّديد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
دلوتمأَى دُبغت بالحُلَّب
وبأعالي السلَم المضرَّب
بلَّت بكفي عَزَب مشذّب
إِذا اتنك بالنَقِيّ الْأَشْهب
فَلَا تُقَعْسرها وَلَكِن صوّب
أَي لَا تجذبها إِلَيْك وَقت الصب. الْفراء: القعسريّ: الصُلْب
الشَّديد.
سرقع: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ السُّرْقُع: النَّبِيذ الحامض. قَالَ
وكبش قَرْعَسٌ إِذا كَانَ عَظِيما.
عسقر: وَقَالَ المؤرج: رجل متعسقِر إِذا كَانَ جلدا صبوراً وَأنْشد:
وصرتَ ملهودا بقاعٍ قَرقر
يجْرِي عَلَيْك المُورُ بالتهرهر
يَا لكِ من قُنْبَرة وقُنْبر
كنت على الْأَيَّام فِي تعسقر
أَي فِي صَبر وجلادة. والتهرهر: صَوت الرّيح، تهرهرت وهرهرت وَاحِد.
قلت: وَلَا أَدْرِي مَن روى هَذَا عَن المؤرّج، وَلَا أثِق بِهِ.
عقرس: اللَّيْث: عِقْرِس: حَيّ من الْيمن.
قرعس: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: القِرْعَوْس والقِرْعَوْش: الْجمل
الَّذِي لَهُ سَنَامان.
عنسق: وَفِي (النَّوَادِر) العنسق من النِّسَاء الطَّوِيلَة المعرقة
وَمِنْه قَول الراجز:
حَتَّى رُميت بمزُق عنسقِ
تَأْكُل نصف المُدّلم يُلَبَّقِ
عنقس: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العَنْقَس: الداهي الْخَبيث.
(3/181)
قعنس: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي:
المُقْعَنْسِسُ: الشَّديد. وَهُوَ المتأخّر أَيْضا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: جَمَل مقعنسِس إِذا امْتنع أَن يضام.
(أَبُو عَمْرو: القعنسة: أَن يرفع الرجل رَأسه وصدره.
قَالَ الجعديّ:
إِذا جَاءَ ذُو خُرْجين مِنْهُم مُقَعِنسا
من الشأم فَاعْلَم أَنه شَرّ قافل)
قنعس: وَقَالَ اللَّيْث: القِنعاس: الْجمل الضخم، وَرجل قِنْعاس:
شَدِيد منيع، وَقَالَ جرير:
وابنُ اللَّبون إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَن
لم يسْتَطع صَوْلة البُزْل القناعيس
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي القنعاس مثله.
(عقبس عقبل) : اللحياني: العقابيس: الشدائد من الْأُمُور وَقَالَ
غَيره: رَمَاه الله بالعقابيس والعقابيل والعباقيل وَهِي الدَّوَاهِي.
قنْزع: اللَّيْث: المُقَنْزَعة: الْمَرْأَة القصيرة جدا. والقُنْزُعة
هِيَ الَّتِي تتخذها الْمَرْأَة على رَأسهَا، والقُنزعة من الْحِجَارَة
أعظم من الجَوزة وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لأم سُلَيم (خَضّلي قنازعك) أَي ندّيها ورطّليها بالدُهن ليذْهب
شَعَثُها، وقنازعها: خُصَل شعرهَا الَّذِي تطاير من الشَعَث وتمرَّط،
فَأمرهَا بترطيلها بالدهن ليذْهب شَعَثُه.
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن
القنازع. قَالَ الْأَصْمَعِي: القنازع وَاحِدهَا قُنْزُعة وَهُوَ أَن
يُؤْخَذ الشّعْر، وَيتْرك مِنْهُ مَوَاضِع لَا تُؤْخَذ. وَيُقَال: لم
يبْق لَهُ من شعره إلاّ قُنْزُعة. والعُنْصُوة مثل ذَلِك. قَالَ:
وَهَذَا مِثْل نَهْيه عَن القَزَع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القنازع: الدَّوَاهِي. والقُنْزُعة:
العَجْب. وقنازع الشّعْر خُصَله ويشبَّه بهَا قنازع النَّصِيّ
والإِسنامة. قَالَ ذُو الرمَّة:
قنازعَ أسنام لَهُ وثغام
وَقَالَ شمر: القنازع من الشّعْر: مَا يبْقى فِي نواحي الرَّأْس
متفرّقا. وَاحِدهَا قنْزُعة. وَأنْشد:
صيَّر مِنْك الرَّأْس قنزعاتِ
واحتلق الشعرَ عَن الهامات
قَالَ: والقنازع فِي غير هَذَا الْقَبِيح من الْكَلَام. وَقَالَ عدِيّ
بن زيد: أنشدنيه ابْن الْأَعرَابِي:
فَلم أحتَمل فِيمَا أتيتُ ملامة
أتيتُ الْجمال واجتنبتُ القنازعا
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو عَمْرو وَابْن الْأَعرَابِي: القنازع
والقناذع: الْقَبِيح من الْكَلَام، فَاسْتَوَى عِنْدهمَا الزَّاي
والذال فِي الْقَبِيح من الْكَلَام، فأمّا فِي الشَعَر فَلم أسمع إلاّ
قنازع. قَالَ: وَأما الديّوث فَيُقَال قنذع وقندع بِالذَّالِ
وَالدَّال. وَهَذَا رَاجع إِلَى المخازي والقبائح.
(3/182)
وروى شُعْبَة عَن يزِيد بن حُمير قَالَ
سَمِعت زُرْعة الوحاظيّ قَالَ كُنَّا مَعَ أبي أَيُّوب فِي غَزْوَة
فَرَأى رجلا مَرِيضا، فَقَالَ لَهُ: أبشِرْ، مَا من مُسلم يمرض فِي
سَبِيل الله إِلَّا حَطّ الله عَنهُ خطاياه وَلَو بلغت قنذُعة رَأسه.
رَوَاهُ بُندار عَن أبي دَاوُد عَن شُعْبَة قَالَ بنْدَار: قَالَ لأبي
دَاوُد: قل قنزعة؛ فَقَالَ: قنذعة.
قَالَ شمر: وَالْمَعْرُوف فِي الشَعَر القُنْزعة والقنازع، كَمَا لقَّن
بنْدَار أَبَا دَاوُد فَلم يَلْقَنه. قَالَ: والقنازع من الشّعْر: مَا
يَبْقى فِي نواحي الرَّأْس مُتَفَرقًا، وَاحِدهَا قنزعة. وَقَالَ ذُو
الرمة يصف القطا وفراخها:
يَنُؤنَ وَلم يُكسَيْن إِلَّا قنازعا
من الريش تَنْواء الفصال الهزائل
عنقز: وَقَالَ اللَّيْث: العَنْقَز: المَرْزَنْجُوش. وَقيل العنقز
السمّ. وَقيل العنقز: الداهية، من كتاب أبي عَمْرو.
وَقَالَ بَعضهم: العَنْقَز. جُرْدان الْحمار. وَأنْشد غَيره:
اسْلَمْ سَلِمتَ أَبَا خَالِد
وحيّاك رَبك بالعنقز
قعفز: أَبُو عبيد عَن الْفراء: جلس القَعْفَزَى وَقد اقعنفز وَهُوَ أَن
يجابس مستوفِزا.
عقفز: أَبُو عَمْرو: العَقْفزةُ: أَن يجلس الرجل جِلسة المحتبى، ثمَّ
يضمّ رُكْبَتَيْهِ وفخذيه، كَالَّذي يَهُمّ بِأَمْر شهوةٍ لَهُ
وَأنْشد:
ثمَّ أَضَاءَت سَاعَة فعقفزا
ثمَّ علاها فَدَجاً وارتهزا
(زعفق) : والزعفقة: سوء الخُلُق. وَقوم زعافق: بخلاء. وَأنْشد:
إِنِّي إِذا مَا حَمْلق الزَعَافقُ
عنزق: وَيُقَال: عنزق عَلَيْهِ عنزقة أَي ضيّق عَلَيْهِ.
زبعق: وَرجل زَبَعْبَق وزَبَعْبَقِيٌّ إِذا كَانَ سيّىء الْخلق.
وَأنْشد:
شِنْغِيرة ذُو خُلُق زَبَعْبَقِ
(زعبق) : وَفِي (النَّوَادِر) : تزعبق الشيءُ من يَدي أَي تبذَّر
وتفرّق.
قلعط: اللَّيْث: اقلعطَّ الشَعرُ واقلعدّ. وَهُوَ الشَعر الَّذِي لَا
يطول وَلَا يكون إلاّ مَعَ صَلابَة الرَّأْس وَأنْشد:
بأتلع مقلعطِّ الرَّأْس طاطِ
قعطل: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَعْطَله قَعْطَلة إِذا صرعه.
وَكَذَلِكَ جَعْفله. وقَعْطل على غَرِيمه إِذا ضيّق عَلَيْهِ فِي
التقاضي.
قعطر: أَبُو عَمْرو: القَعْطرة: شدّة الوَثاق. وكلّ شَيْء أوثقتَه فقد
قعطرتَه. (قَالَ: وَهِي الجرفسة. وَمِنْه قَوْله:
بَين صييتَيْ لَحيه مُجَرْفَسا
والكركسة: التردّد) .
قعط: قَالَ: وقعْوطوا بُيُوتهم إِذا قوّضوها
(3/183)
وجوَّروها.
وَقَالَ فِي مَوضِع: قعطره أَي صرعه. وصَتَعه أَي صرعه.
قمعط: وَقَالَ اللَّيْث: اقمعطّ الرجل إِذا عظُم أَعلَى بطنِه وخَمِص
أسفلُه. قَالَ: والقعموطة والقمعوطة والبعقوطة كُله: دُحروجة الجُعَل.
(عرقط) : قَالَ: والعُريقطة، دويَّبة عريضة من ضرب الجُعْل.
(قطعر) : واقطعرّ الرجل إِذا انْقَطع نَفسَه من بُهْر.
قعطب: أَبُو عَمْرو: خِمْس قَعْطَبِيّ: لَا يُبلغ إلاّ بالسير الشَّديد
البَصْبَاصِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ضَرَبه فقعطبه أَي قطعه.
(بعقط) : قَالَ: والبُعْقُوط: الْقصير.
عندق: اللَّيْث: العندقة مَوضِع فِي أَسْفَل الْبَطن عِنْد السُّرة
كَأَنَّهُ ثغرة النَّحْر فِي الخلْقة.
(عنقد) : والعنقود من الْعِنَب، وحَمْل الْأَرَاك والبُطْم ونحوِه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: عنقود وعِنْقاد، وعُثْكول وعِثْكال.
(قردع) : وَقَالَ اللَّيْث: القُرْدوعة: الزاوية تكون فِي شِعْب جبل.
وَأنْشد:
من الثياتل مأواها القراديع
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: القَرْدعة والقَرْدَحة: الذلّ.
(درقع) : والدَرْقَعة: فرار الرجل من الشَّدِيدَة. يُقَال: درقع،
دَرْقعة، وادْرَنْقع.
عَمْرو عَن أَبِيه: الدُّرْقُع: الرّاوية.
قمعد: اللَّيْث: كَلمته فاقمعدّ اقمعدادا: والمقمعدّ: الَّذِي تكَلمه
بجهدك، فَلَا يلين لَك وَلَا ينقاد.
(عرقد) : والعَرْقَدة: شدَّة فَتْل الْحَبل ونحوِه من الْأَشْيَاء
كلهَا.
دعلق: وَفِي (النَّوَادِر) : دعلقت الْيَوْم فِي هَذَا الْوَادي
وأعلقت، ودعلقت فِي الْمَسْأَلَة عَن الشَّيْء وأعلقت فِيهَا أَي أبعدت
فِيهَا.
درقع: والجوع الدَيْقُوع والدُّرقوع: الشَّديد. وَكَذَلِكَ الْجُوع
اليَرْقوع والبُرْقُوع.
(قذعل) : قَالَ بَعضهم: المقذعِلّ: السَّرِيع من كل شَيْء. وَأنْشد:
إِذا كُفيت أكتفي وإلاَّ
وجدتني أَرمُل مقذعلاَّ
(عذلق) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للغلام الحارّ
الرَّأْس الْخَفِيف الرّوح: عُسلوج، وعُذْلوق، وذُعْلوق، وغيْذان
وغيدان، وشَمَيْذَر.
ذعلق: اللَّيْث: الذُعْلُوق: نَبَات يكون بالبادية. وَقَالَ غَيره:
يُشَبَّه بِهِ المُهْر الناعم. وَأنْشد:
يَا ربّ مُهر مَزْعوقْ
مقيّل أَو مغبوق
حَتَّى شَتَا كالذُعْلوق
قذعل: أَبُو عَمْرو رجل قِذَعْل: لئيم خسيس.
قذعر: اللَّيْث: المقذعِرّ: المتعرض للْقَوْم ليدْخل فِي أُمُورهم
وحديثهم. يَقُول: يَقْذَعِرّ نحوهم يَرْمِي بِالْكَلِمَةِ بعد
الْكَلِمَة ويتزحّف إِلَيْهِم.
(3/184)
قنذع: أَبُو عبيد: القُنْذُع والقُنْذَع:
الديُّوث. وَقَالَ اللَّيْث مثله. وَهُوَ بالسُّرْيَانيَّة.
(قرثع) : اللَّيْث: القَرْثَع هِيَ الْمَرْأَة الجريئة القليلة
الْحيَاء. وَقَالَ غَيره: امْرَأَة قَرْثَع وقَرْدَع وَهِي البلهاء.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: القَرْثع من النِّسَاء الَّتِي تكحل
إِحْدَى عينيها، وتلبس درعها مقلوباً وَجَاء عَن بَعضهم أَنه قَالَ.
النِّسَاء أَربع. فمنهن أَرْبَعَة تَرْبَع، وجامعة تجمع، وَشَيْطَان
سَمَعْمَع. ومنهنّ القرثع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أصل القرثع وَبَر صغَار تكون على الدوابّ.
وَتقول: صوف قَرْثَع تشبَّه الْمَرْأَة بِهِ لضَعْفه ورداءته.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: إِنَّه لقِرْثَعِة مالٍ، وقَرْثَعة مَال إِذا
كَانَ يَصْلح المالُ على يَدَيْهِ. وَمثله إِنَّه لَتِرْعيَّة مَال.
قعثر: ابْن دُرَيْد: القَعْثَرة: اقتلاعك الشَّيْء من أَصله.
والتقرعُث: التجمع.
(قعثل) : قَالَ ومَرّ يتقلعث فِي مَشْيه ويتقعثل إِذا مرّ كَأَنَّهُ
يتقلّع من وَحَل.
(قمعث) : قَالَ: والقُمْعُوث: الديُّوث.
(قنعث) : وَرجل قِنْعَاث: كثير شعرِ الْوَجْه والجسد.
(قعثب) : وَقَالَ اللَّيْث: القُعْثُبان: دُوَيْبَّة كالخنفساء، تكون
على النَّبَات. قَالَ: والقَعْثَب: الْكثير.
أَبُو زيد: يُقَال جمل قَبَعْثى، وناقة قَبَعثاة فِي نُوق قباعث.
وَهُوَ الْقَبِيح الفراسن.
(عرقل) : قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: قد عرقل فلَان على
فلَان وحوَّق مَعْنَاهُمَا: قد عوَّج عَلَيْهِ الْكَلَام وَالْفِعْل،
وأدار عَلَيْهِ كلَاما لَيْسَ بِمُسْتَقِيم. وحوَّق مَأْخُوذ من حُوق
الذّكر، وَهُوَ مَا دَار حول الكمرة. قَالَ: وَمن العرقلة سمّي عَرْقَل
بن الخطيم. وَقَالَ غَيره: العِرْقيل: صفرَة البَيْض. وَأنْشد:
طَفلة تُحسب المجاسد مِنْهَا
زعفراناً يداف أَو عِرْقيلا
وَقيل: الغِرقيل: بَيَاض البَيْض بالغين مُعْجمَة.
عرقب: اللَّيْث: عرقبتُ الدَّابَّة إِذا قطعت عرقوبها. والعُرْقُوب
عَقَب موتَّر خلف الْكَعْبَيْنِ. وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم (ويل لِلْعَرَاقِيبِ من النَّار) يَعْنِي فِي الْوضُوء.
قَالَ: والعرقوب من الْوَادي منحنى فِيهِ، وَفِيه التواء شَدِيد.
وَأنْشد:
وَمخُوف من المناهل وَحْش
ذِي عراقيب آجِن مدفان
وعراقيب الْأُمُور: عَصَاويدها، وَإِدْخَال اللَبْس فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن ابْن الْكَلْبِيّ: من أمثالهم فِي خُلْف الْوَعْد:
مواعيد عرقوب. قَالَ: وَسمعت أبي يخبر بحَديثه: أَنه كَانَ رجلا
(3/185)
من العماليق يُقَال لَهُ عرقوب، فَأَتَاهُ
أَخ لَهُ يسْأَله شَيْئا، فَقَالَ لَهُ عرقوب: إِذا أطلعت النَّخْلَة
فلك طَلْعها. فلمَّا أطلعت أَتَاهُ للعِدَة فَقَالَ لَهُ: دعها حَتَّى
تصير بَلَحا، فلمَّا أبلحت قَالَ: دعها حَتَّى تصير زَهْواً، ثمَّ
حَتَّى تصير رُطَبا ثمَّ تَمْرا، فَلَمَّا أَتْمَرت عَمَد إِلَيْهَا
عرقوب من اللَّيْل فجدَّها وَلم يُعْط أَخَاهُ مِنْهُ شَيْئا. فَصَارَ
مثلا فِي الخُلْف. وَفِيه يَقُول الْأَشْجَعِيّ:
وعدتَ وَكَانَ الْخلف مِنْك سجيَّة
مواعيد عرقوب أَخَاهُ بِيَثْرِب
قَالَ اللَّيْث: يُقَال مرَّ بِنَا يَوْم أقصر من عُرقوب القطاة،
يَعْنِي سَاقهَا. وَقَالَ غَيره العرقوب. طَرِيق ضيق يكون فِي
الْوَادي.
القعِير الْبعيد، لَا يمشي فِيهِ إلاَ وَاحِد. فَيُقَال: تعرقب الرجلُ
إِذا أَخذ فِيهِ، وتعرقب لخصمه إِذا أَخذ فِي طَرِيق يخفى عَلَيْهِ
وَأنْشد:
وَإِن مَنطِقٌ زَلّ عَن صَاحِبي
تعرقبت آخر ذَا معتقَبْ
وَيُقَال عَرْقِب لبعيرك. أَي ارْفَعْ بعرقوبه حَتَّى يقوم. وَالْعرب
تسمى الشِّقِرّاق طير العراقيب. وهم يتشاءمون بِهِ، وَمِنْه قَول
الشَّاعِر:
إِذا قَطناً بلَّغتنِيه ابنَ مُدْرك
فلاقيت من طير العراقيب أخيلا
وَتقول الْعَرَب إِذا وَقع الأخيل على الْبَعِير ليُكسَفَنَّ عرقوباه.
عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال: إِذا أعياك غريمك فَعَرْقِبْ أَي احْتَل.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وَلَا يُعييك عُرقوب لوَأْيٍ
إِذا لم يعطك النَّصفَ الخصيمُ
وَفِي (النَّوَادِر:) عرقبت للبعير وعلّيت لَهُ إِذا أعنته بِرَفْع.
أَبُو خيرة العرقوب والعراقيب: خياشيم الْجبَال وأطرافها وَهِي أبعد
الطّرق لِأَنَّك تتبع أسهلها أَيْن كَانَ.
وَيُقَال العرقوب: مَا انحنى من الْوَادي وَفِيه التواء شَدِيد.
(قرعب) : اللَّيْث المقرعِبُّ من الْبرد واقرعبَّ يقرعبُّ اقرعبابا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اقرنبع: انقبض.
وَقَالَ اللحياني: وَمثله اقرعبّ أَي انقبض وَقَالَ غَيره تقرعف
وتَفَرْقَع.
عقرب: اللَّيْث: الْعَقْرَب: الذّكر وَالْأُنْثَى سَوَاء. وَالْغَالِب
عَلَيْهِ التَّأْنِيث.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن ابْن الْكَلْبِيّ: العُقْرُبان الذّكر من
العقارب. وأنشدنا:
كأنَّ مرعى أمّكم إِذْ غَدَتْ
عَقْربةٌ يكومها عُقْرُبان
وَيُقَال للرجل الَّذِي يقترض أَعْرَاض النَّاس: إِنَّه لتدبّ عقاربه.
وَقَالَ ذُو الإصبع العَدْواني:
تسرِي عقاربُه إليّ
وَلَا تدبّ لَهُ عقارب
أَرَادَ: وَلَا تدبّ لَهُ مني عقارب.
أَبُو زيد: أرْض مَعْقرِبة ومثعلِبة: كَثِيرَة العقارب والثعالب.
وَكَذَلِكَ مُضَفدِعة ومُطَحلِبة.
(3/186)
عَمْرو عَن أَبِيه: العَقْربة: الأَمَة
الْعَاقِلَة الخَدُوم.
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَقْرَب سير مضفور فِي طَرَفه إبزيم يشدّ بِهِ
ثَغْر الدابَّة فِي السرج. وعقرب النَّعل سير من سيوره. وحمار معقرَب
الخَلْق: مُلَزَّز مجتمِع شَدِيد. قَالَ العجَّاج:
عَرْدَ التراقي حَشْورا معقرَبا
والعقربُ بُرج من بروج السَّمَاء. وَله من الْمنَازل الشَوْلة وَالْقلب
والزُبَانَى. وَفِيه يَقُول ساجع الْعَرَب: إِذا طلعت الْعَقْرَب جمَس
المِذْنب وقُرُّ الأشْيَب وَمَات الجندب. والعقربَّان: دويبة، يُقَال:
هُوَ دَخَّال الْأذن.
عبقر: اللَّيْث: عَبْقَر: مَوضِع بالبادية كثير الجنّ، يُقَال فِي
الْمثل: كَأَنَّهُمْ جنّ عَبْقَر. وَقَالَ المَرَّار العَدَويّ:
أعرفتَ الدَّار أم أنكرتها
بَين تِبراكٍ فشَسَّيْ عَبَقُر
قَالَ: كَأَنَّهُ توهم تثقيل الرَّاء. ذَلِك أَنه احْتَاجَ إِلَى
تَحْرِيك الْبَاء لإِقَامَة الْوَزْن، فَلَو ترك الْقَاف على حَالهَا
مَفْتُوحَة لتحوَّل الْبناء إِلَى لفظ لم يَجِيء مثله وَهُوَ عَبَقَر،
وَلم يَجِيء على بنائِهِ مَمْدُود وَلَا مثقّل. فلمَّا ضم الْقَاف
توهّم بِهِ بِنَاء قَرَبوس وَنَحْوه. والشاعر يجوز لَهُ أَن يقصُر
قربوس فِي اضطرار الشّعْر فَيَقُول: قربُس. وَأحسن مَا يكون هَذَا
الْبناء إِذا ذهب حرف المدّ مِنْهُ أَن يثقّل آخِره؛ لِأَن التثقيل
كالمدّ. قَالَ: والعَبْقَرة من النِّسَاء التَارَّة الجميلة. وَقَالَ
مِكْرَزُ بن حَفْص:
تبدل حِصْنٌ بأزواجه
عِشاراً وعبقرةً عبقرا
يَعْنِي عبقرة عبقرة ذهبَت الْهَاء فَصَارَ فِي القافية ألف بدلهَا.
قَالَ: وعبقر اسْم من أَسمَاء النِّسَاء. قَالَ: والعبقِريّ: ضرب من
البُسُط، الْوَاحِدَة عَبْقَرِيَّة. وَالْجَمَاعَة عبقريّ. قَالَ الله
جلّ وعزّ: {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ} (الرَّحمان: 76) قلت:
وَقَرَأَ بَعضهم: (وعباقريّ حسان) أَرَادَ بعباقريّ جمع عبقريّ.
وَهَذَا خطأ؛ لِأَن الْمَنْسُوب لَا يُجمع على نسبته، وَلَا سيّما
الرباعي لَا يجمع الْخَثْعَمِي بالخثاعمى، وَلَا المهلّبيّ بالمهالبي،
وَلَا يجوز ذَلِك إلاّ أَن يكون نُسب إِلَى اسْم على بِنَاء
الْجَمَاعَة بعد تَمام الِاسْم على نَحْو شَيْء تنسبه إِلَى حَضَاجر،
فَتَقول: حضاجرى، فتنسب كَذَلِك إِلَى عباقر، فَتَقول: عباقريّ.
والسراويلي وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك. قلت: وَهَذَا كُله قَول حذّاق
النَّحْوِيين الْخَلِيل وسيبويه والكسائيّ وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قصّ رُؤْيا رَآهَا، وَذكر عمر فِيهَا.
فَقَالَ: فَلم أر عبقرياً يفرِي فريَه. قَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا روى
أَبُو عبيد عَنهُ سَأَلت أَبَا عَمْرو بن الْعَلَاء عَن العبقريّ
فَقَالَ: يُقَال: هَذَا عبقريّ قوم: كَقَوْلِك هَذَا سيد قوم
وَكَبِيرهمْ وشديدهم وقويّهم وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا أصل هَذَا فِيمَا يُقَال: أَنه نسب إِلَى
عَبْقَر وَهِي أَرض يسكنهَا الْجِنّ، فَصَارَت مثلا لكل مَنْسُوب إِلَى
شَيْء رفيع. وَقَالَ زُهَيْر بن أبي سلمى:
بخيلٍ عَلَيْهَا جِنّةٌ عبقرية
جديرون يَوْمًا أَن ينالوا فيستعلوا
(3/187)
وَقَالَ غَيره: أصل العبقَريّ صفة لكلّ مَا
بولغ فِي وَصفه. وَأَصله أَن عبقر بلد كَانَ يُوَشَّى فِيهِ البُسُط
وَغَيرهَا، فنسب كل شَيْء جيّد إِلَى عَبْقَر.
وَقَالَ الْفراء: العبقريّ: الطَنافس الثخان، وَاحِدهَا عَبْقريَّة.
وَقَالَ مُجَاهِد: العبقريّ: الديباج.
وَقَالَ قَتَادَة: هِيَ الزرابيّ.
قَالَ سعيد بن جُبَير: هِيَ عِتَاق الزرابيّ.
وَقَالَ شَمِر: قرىء: (وعباقَريّ) بِنصب الْقَاف كَأَنَّهُ مَنْسُوب
إِلَى عباقَر. وَقد قَالُوا: عباقر مَاء لبني فَزَارَة.
وَأنْشد لِابْنِ عَنَمة.
أَهلِي بِنَجْد ورحلي فِي بُيُوتكُمْ
على عباقر من غَوْريَّة الْعلم
برقع: وَقَالَ اللَّيْث: البِرْقع: اسْم السَّمَاء الرَّابِعَة. قلت:
وَهَكَذَا قَالَ غَيره. وَجَاء ذكره فِي بعض الْأَحَادِيث قَالَ
الْفراء: بِرْقَع نَادِر وَمثله هِجْرَع. وَقَالَ الْأَصْمَعِي:
هَجْرَع. وَقَالَ شمر: برقع اسْم السَّمَاء السَّابِع جَاءَ على
فِعْلَل وَهُوَ غَرِيب نَادِر وَذكر أَبُو عبيد نَحوا مِنْهُ فِي
البِرْقِع ثَعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي المكارم. يُقَال:
بُرْقُع وبُرْقَع وبُرقوع.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: تَقول الْعَرَب: بُرْقُع وَلَا تَقول بُرْقَع
وَلَا بُرْقوع وَأنْشد:
ووجْه كبرقع الفتاة
قَالَ وَمن أنْشدهُ: كبرقوع، فَإِنَّمَا فرّ من الزحاف.
قلت: وَمَا حَكَاهُ ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي المكارم يدلّ على أَن
البُرقوع لُغَة فِي البُرقع.
وَقَالَ اللَّيْث: جمع البرقع البراقع. قَالَ: وتُلْبَسها الدوابُّ،
وتَلبَسُها نسَاء الْأَعْرَاب. وَفِيه خَرقان للعينين. وَقَالَ تَوْبَة
الحُمَيّر:
وَكنت إِذا مَا جئتُ ليلى تبرقعت
فقد رَابَنِي مِنْهَا الغداةَ سفورُها
وَقَالَ شمر: برقع مُوَصْوَص: إِذا كَانَ صَغِير الْعَينَيْنِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جوع يَرْقوع، وجوع
بَرْقُوع بِفَتْح الْبَاء، وجوع بُرْكُوع وبَرْكُوع وخُنْتُور بِمَعْنى
وَاحِد قلت: بَرْقوع بِفَتْح الْبَاء نَادِر، لم يَجِيء على فَعلول
إلاّ صَعْفُوق. وَالصَّوَاب بُرقوع بِضَم الْبَاء. وجوع يَرْقوع
بِالْيَاءِ صَحِيح. وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجل المأبون قد برقع لحيته
وَمَعْنَاهُ: تَزيّا بزيّ مَن لبس البرقع. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
ألم تَرَ قيسا قيس عيلان بَرْقعت
لحاها وباعت نَبْلها بالمغازل
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البُرْقُع: سِمَة فِي الْفَخْذ، حَلْقتان
بَينهمَا خِبَاط فِي طول الفخِذ، وَفِي العَرْض الحلقتان صورته.
(عرقل) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عرقل الرجل إِذا
جَار عَن الْقَصْد.
عبقر: وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن بعض أهل اللُّغَة أَنه قَالَ:
يُقَال: إِنَّه لأبرد من عَبْقَر، وأبرد من حَبْقَر، وأبرد من عَضْرَس.
قَالَ: والعَبْقَر والحَبْقَر والعَضْرس: البَرَدُ. وَقيل العَضْرَسُ:
الجليد. وَقيل: العضرس:
(3/188)
نبت. وَأنْشد ابْن حبيب:
كَانَ فاهاً عَبْقريّ باردٌ
أَو ريح رَوض مسّه تَنضاح رِكَّ
وروى بَعضهم عَن أبي عَمْرو أَنه كَانَ يَقُول: هُوَ أبرد من عَبِ
قُرّ. قَالَ: والعَبُ اسْم للبَرَد. وروى هَذَا الْبَيْت:
كَأَن فاهاً عَبُ قُرّ بَارِد
أَو ريح روض مسّه تنضاح رِك
قَالَ وَبِه سمي عَبُ شمس.
وَقَالَ الْمبرد: عَبَقُرّ. قَالَ: والعَبَقُر: الْبرد.
وَقَالَ غَيره: عبُ الشَّمْس ضوء الصُّبْح.
فرقع: قَالَ اللَّيْث: الفرقعة: نقيض الْأَصَابِع. يُقَال: فرقعها
فتفرقعت. قَالَ: والمصدر الافرنقاع.
قَالَ: وَقَالَ بعض المتصلّفين: افرنقعوا عني: تَنحَّوْا عنّي.
قلت: الفرقعة فِي الْأَصَابِع والتفقيع وَاحِد. حَدثنَا مُحَمَّد بن
إِسْحَاق قَالَ حَدثنَا أَحْمد بن مُصعب عَن وَكِيع عَن الْحسن بن
صَالح عَن مُغيرة عَن إِبْرَاهِيم وَعَن لَيْث عَن مُجَاهِد أَنَّهُمَا
كرها أَن يفرقع الرجل أَصَابِعه فِي الصَّلَاة.
(عفقر) : وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: جَاءَ فلَان
بالعَنْقَفِير والسِّلْتِم وَهِي الداهية.
وَقَالَ اللَّيْث: العَنْقفير الداهية من دواهي الزَّمَان يُقَال: غُول
عنقفير. وعَقْفرتُها دهاؤها ونُكْرُها والجميع العقافير. وَيُقَال
عقفرته الدَّوَاهِي حَتَّى تقعفر أَي صرعته وأهلكته. قَالَ: واغفنفرت
عَلَيْهِ الدَّوَاهِي، تؤخّر النُّون من موضعهَا فِي الْفِعْل
لِأَنَّهَا زَائِدَة حَتَّى يَعتدِل بهَا تصريف الْفِعْل.
(عبقر) : (أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: العَبْقَري
السيّد من الرِّجَال: وَهُوَ الفاخر من الْحَيَوَان والجوهر.
والعَبْقَريّ: الْبسَاط المنقَّش. والعبقريّ: الْكَذِب البَحْتُ. كذب
عَبْقَريّ وسُماق: خَالص لَا يشوبه صدق) .
(عنقر) : وَقَالَ اللَّيْث: العُنْقُر: أوّل مَا ينْبت من أصُول
القَصَب وَنَحْوه وَهُوَ غَضٌّ رَخْص قبل أَن يظْهر من الأَرْض.
والواحدة عُنْقُرة. وَقَالَ العجّاج:
كعنقرات الحائر الْمَسْجُور
قَالَ وَأَوْلَاد الدهاقين يُقَال لَهُم: عُنقر شبَّههم لترارتهم
ونَعْمتهم بالعُنْقُر.
(قفعل) : وَقَالَ اللَّيْث: الاقفعلال: تشنّج الْأَصَابِع والكفِّ من
بَرْد أَو دَاء. وَالْجَلد قد يَقفعلُّ فينزوِي كالأُذن المقفعِلَّة.
قَالَ وَفِي لُغَة أُخْرَى: اقلعفّ اقلعفافاً، وَذَلِكَ كالجَذْب
والجَبْذ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المقفعِلّ: الْيَابِس. وَأنْشد شمر:
أصبحتُ بعد اللين مقفعِلاّ
وَبعد طيب جَسَد مصِلاّ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للشَّيْء يتمدد ثمَّ ينضمّ إِلَى نَفسه أَو
إِلَى شَيْء: قد اقلعفّ إِلَيْهِ. وَالْبَعِير إِذا ضَرَب النَّاقة
فانضم إِلَيْهَا يقلعفّ فَيصير على عرقوبيه معتمِداً عَلَيْهِمَا
وَهُوَ فِي ضِرابه يُقَال: اقلعفّها وَهَذَا لَا يقلب.
عفلق: عَمْرو عَن أبيهِ: العَفْلق: الفَلْهم. وَقَالَ
(3/189)
اللَّيْث: العَفْلَق: الْفرج من الْمَرْأَة
إِذا كَانَ وَاسِعًا رِخْواً.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي؛ قَالَ
العَضَنَّكة والعَفّلَقة: الْمَرْأَة الْعَظِيمَة الركبِ. وَأنْشد
اللَّيْث:
يَا ابْن رَطُوم ذاتِ فرج عَفْلَقِ
(قلفع) : أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: القِلْفِعة: قشر الأَرْض
الَّذِي يرْتَفع عَن الكمأة فيدلّ عَلَيْهَا. وَقَالَ غَيره القِلْفع
مَا تقشّر عَن أسافل مياه السُّيُول فتشقّقا بعد نضوبها. وَأنْشد:
قِلْفِع روض شرِب الدِثَاثا
وَقَالَ النَّضر: يُقَال للراكب إِذا لم يكن على مركب وطىء: متقلعِف.
(علقم) : اللَّيْث: العَلْقم: شجر الحنظل، وَلذَلِك يُقَال لكل شَيْء
فِيهِ مرَارَة شَدِيدَة: كَأَنَّهُ العلقم والقطعة مِنْهُ عَلْقَمَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي العَلقمة النَّبِعَة المُرَّة
وَهِي الحَزْرة.
وَقَالَ اللحياني طَعَام فِيهِ عَلْقَمَة أَي مرَارَة.
أَبُو زيد: العَلْقم: أشدّ المَاء مرَارَة.
عملق قمعل قلعم: وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العَمْلَقة: اخْتِلَاط المَاء
وَخثورته.
وَقَالَ اللَّيْث: القُمْعُل: القَدَح الضخم بلغَة هُذَيل. وَقَالَ
راجزهم:
يلتهب الأَرْض بوَأْب حَوْأَبِ
كالقمعل المنكبّ فَوق الأثلب
ينعَت حافر الْفرس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُمْعُل: القَدَح الضخم.
وَقَالَ اللَّيْث: القِمْعال: سيّد الْقَوْم.
عَمْرو عَن أَبِيه: العَمْلق الجَوْر وَالظُّلم.
وَقَالَ اللَّيْث القِلَّعْم والقِلَّحم: الشَّيْخ المسن الهَرِم.
والحاء أصوب اللغتين. قَالَ وَأما عِمْلاق وَهُوَ أَبُو العمالقة فَهُم
الْجَبَابِرَة الَّذين كَانُوا بِالشَّام على عهد مُوسَى.
ورُوِي عَن عبد الله بن خبّاب قَالَ: سمعني أبي وَنحن نَقْرَأ
السَّجْدَة ونبكي ونسجد، فَبعث إليَّ فدعاني، فَأخذ الهِراوة فضربني
بهَا حَتَّى حجزه عني الرَبْو. فَقلت يأبه مَالِي؟ قَالَ: أَلا أَرَاك
جَالِسا مَعَ العمالقة، هَذَا قَرْن خَارج الْآن. قلت: كانَ عبدُ الله
جلس فِي مجْلِس قاصّ لَا علم لَهُ، وَكَانَ يذكّرهم فيبكيهم فَأنْكر
قعوده مَعَهم ودخوله فِيمَا بَينهم وسمَّاهم عمالقة لإعجابهم بِمَا هم
فِيهِ وتكبرهم على النَّاس بقراءتهم شبّههم بالجبابرة الَّذين كَانُوا
على عهد مُوسَى وإعجابهم بِأَنْفسِهِم وانفرادهم عَن النَّاس وَفِيهِمْ
نزلَ {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ} (المَائدة:
22) .
وَعَن الْأَعْمَش قَالَ: العمالقة حَرُوريَّة بني إِسْرَائِيل. قلت:
كَأَن خَباباً شبّه الْقَوْم الحروريَّة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَعْمَلة
الفَرْجَهارة، وَهِي القَمْعَلة. قَالَ والقَلْعَمة: السَّفِلة من
النَّاس الخسيس وَأنْشد:
أقلمعة بن صَلْمَعة بن فَقْع
لهنك لَا أبالك تزدريني
(3/190)
وَقَالَ والقلعمة المسنَّة من الْإِبِل.
عَمْرو عَن أَبِيه: قلمع رَأسه وصلمعه إِذا حَلَقه وَقَالَ غَيره:
القِمعال: رَئِيس الرِّعاء. خرج مُقَمْعِلاً إِذا كَانَ على الرعاء
يَأْمُرهُم وينهاهم وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ فِي رَأسه عُجَر: فِيهِ
قماعيل، وَاحِدهَا قُمعُول، قَالَ ذَلِك ابْن دُرَيْد.
(قعبل) : اللَّيْث القَعْبَل: ضرب من الكمأة ينْبت مستطيلاً دَقِيقًا
كَأَنَّهُ عُود إِذا يبس آض لَهُ رَأس مثل الدُّخْنة السَّوْدَاء.
يُقَال لَهُ فَسَوات الضباغ. أَبُو عَمْرو: القَعْبَل: الفُطر، وَهُوَ
العَسْقل.
(بلقع عقبل) : وَأَرْض بلقع: قفر لَا شَيْء فِيهِ، وَكَذَلِكَ دَار
بلقع وَإِذا كَانَ نعتاً فَهُوَ بِغَيْر هَاء للذّكر وَالْأُنْثَى.
منزل بلقع وَدَار بلقع. فَإِذا أفردت قلت: انتهينا إِلَى بلقعة ملساء
وَكَذَلِكَ القفر تَقول دَار قفر ومنزل قفر فَإِذا أفردت قلت انتهينا
إِلَى قَفْرة من الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث العُقبول: الَّذِي يخرج بَين الشفتين فِي غِبّ
الحُمّى الْوَاحِدَة عُقبولة، والجميع العقابيل قَالَ رؤبة:
من وِرْد حُمَّى أسْأَرت عقابِلا
أَي أبْقت، وَيُقَال لصَاحب الشَّرّ: إِنَّه لذُو عقابيل. وَيُقَال
لذُو عواقيل.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: العقابيل بقايا الْمَرَض وَفِي الحَدِيث:
(الْيَمين الكاذبة تدع الديار بَلَاقِع) قَالَ شمر: معنى بَلَاقِع: أَن
يفْتَقر الْحَالِف، ويذهبَ مَا فِي بَيته من الْخَيْر وَالْمَال، سوى
مَا ذُخِر لَهُ فِي الْآخِرَة من الْإِثْم. قَالَ والبلاقع: الَّتِي
لَا شيءَ فِيهَا قَالَ رؤبة:
فَأَصْبَحت دِيَارهمْ بلاقعا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَلْقعة: الأَرْض الَّتِي لَا شجر بهَا، تكون
فِي الرمل وَفِي القيعان. يُقَال قاع بلْقع، وَأَرْض بَلَاقِع،
وانتهينا إِلَى بلقعة ملساء. وَقَالَ غَيره يُقَال: امْرَأَة بلقع
وبلقعة خلت من كل خير.
وَفِي بعض الحَدِيث فِي ذكر النِّسَاء: (شرهن السَّلْفعة البلقعة) .
قَالَ: والسلفعة: البذيئة الفحَّاشة القليلة الْحيَاء. وَرجل سَلْفَع:
قَلِيل الْحيَاء جريء، وَسَهْم بَلْقَعيّ إِذا كَانَ صافي النصل،
وَكَذَلِكَ سِنان بَلْقعي وَقَالَ الطرماح:
تَوَهَّن فِيهِ المَضْرَحيَّة بَعْدَمَا
مَضَت فِيهِ أُذنا بَلْقَعيّ وعاملِ
(بلعق) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَلْعَق: الجيّد من
جَمِيع أَصْنَاف التمور.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: البَلْعَق: ضرب من التَّمْر.
قنفع: اللَّيْث القُنْفُعة: اسْم من أَسمَاء القُنفذة الْأُنْثَى.
قَالَ وتَقَنّفعت إِذا تقبّضت.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ من أَسمَاء الفأر
الفُنْقُع الْفَاء قبل الْقَاف. قَالَ والفِرْنب مثله.
وَقَالَ اللَّيْث القُنْفُعة: الفُرْقُعة وَهِي الاست يَمَانِية.
وَأنْشد:
قُفَرْنِية كَأَن بطبطْبَيها
وقُنْفُعها طِلاء الأُرْجُوان
والقُفرْنِيَة: الْمَرْأَة القصيرة.
(3/191)
عَمْرو عَن أَبِيه: القُنْفُع: الفأر،
الْقَاف قبل الْفَاء كَمَا قَالَ اللَّيْث.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القُنْفُع: الْقصير الخسيس.
(عنفق) : اللَّيْث: العنفقة بَين الشّفة السُّفْلى وَبَين الذَقَن.
وَهِي شُعَيرات سَالَتْ من مقدّمة الشّفة السُّفْلى. وَرجل بَادِي
العنفقة إِذا عَرِي موضعهَا من الشّعْر.
(قعنب) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: القُعْنُب: الأنْف
المعوجّ.
وَقَالَ اللَّيْث: قَعْنَب اسْم رجل من بني حَنْظَلَة. والقَعْنَب.
الشَّديد الصُلْب من كل شَيْء.
(قنعب) : عَمْرو عَن أَبِيه: القَنْعبة: اعوجاج فِي الْأنف. قَالَ:
والقَنْعَبة أَيْضا: الْمَرْأَة القصيرة.
(قنبع) : وَقَالَ اللَّيْث: القُنْبعة مثل الخُنْبَعة إلاّ أَنَّهَا
أَصْغَر، وقَنْبعت الشَّجَرَة إِذا صَارَت زهرتها فِي قُنْبعة أَي فِي
غطاء يُقَال: قَنْبعت الشَّجَرَة إِذا صَارَت زَهَرتها فِي قُنْبُعة
أَي فِي غطاء. قَالَ قنبعت وبرهمت برهومة.
وَقَالَ غَيره قَنْبع الرجلُ فِي بَيته إِذا توارى وَأَصله قَبَع،
فزيدت النُّون، قَالَه أَبُو عَمْرو، وَأنْشد:
وقنبع الجُعْبُوبُ فِي ثِيَابه
وَهُوَ على مَا ذلّ مِنْهُ مكتئبْ
عَمْرو عَن أَبِيه القنبع: وعَاء الحِنطة فِي السُنْبُل.
وَقَالَ النَّضر: القنبعة: الَّتِي فِيهَا السنبلة.
(دعفق) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الدَعْفقة: الْحمق.
(عرقل) : أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: العرقلة:
التعويج. يُقَال عَرْقَلَتْ عَلَي أَي اعوَجَّت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: عِرقل إِذا جَار عَن الْقَصْد.
(عنقر) : والعُنْقُر قَالَ بَعضهم: هُوَ أصل البَرْدِيّ.
وَقَالَ ابْن الْفرج: سَأَلت عامِرِيّاً عَن أصل عشبة رَأَيْتهَا
مَعَه، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: عُنْقُر. وَسمعت غَيره يَقُول:
عُنْقَر بِفَتْح الْقَاف، وَأنْشد:
يُنجد بَين الإسْكَتين عُنْقَرهْ
وَبَين أصل الْوَرِكَيْنِ قَنْفَرهْ
(بَاب الْعين وَالْكَاف)
(ع ك)
عكرش: فِي (النَّوَادِر) : عَجُوز عِكْرِشة وعِجْرِمة وعضمَّزة
وقَلْمَزَّة، وَهِي اللئيمة القصيرة.
وَقَالَ اللَّيْث: العكرش نَبَات يشبه الثِّيلَ، وَلكنه أشدّ خشونة
مِنْهُ.
قلت: العكرش منبته نُزُوز الأَرْض الرقيقة، وَفِي أَطْرَاف ورقه شوك
إِذا توطَّأه الْإِنْسَان بقدميه أدمتهما وأنشدني أَعْرَابِي من بني
سعد يكنى أَبَا صبرَة:
اعلف حِمَارك عِكْرِشا
حَتَّى يجد وَيكْمشا
وَقَالَ اللَّيْث: العِكْرِشة: الأرنب الضخمة. وَيُقَال: سمّيت عكرشة
لِأَنَّهَا ترعى
(3/192)
العِكْرِش.
قلت: هَذَا غلط، الأرنب تسكن عَذَوات الْبِلَاد النائيةَ عَن الرِّيف
وَالْمَاء، وَلَا تشرب المَاء، ومراعيها الحَلَمة والنِصيُّ وقَمِيم
الرُّطْب إِذا هاج.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العِكْرِشة: الْأُنْثَى من الأرانب
الخُزَز: الذَكَر مِنْهَا.
قلت: سمّيتْ عِكْرِشة لِكَثْرَة وَبَرها والتفافه، شُبِّه بالعِكْرِش
لالتفافه فِي منابته.
وعِكْراش بن ذُؤَيْب كَانَ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَله رِوَايَة إِن صحت. وَيُقَال: إِنَّه كَانَ من أرمى أهل عصره.
(( (عكبش) : وَقَالَ بعض قيس: العكبشة والكَرْبشة: أَخذ الشَّيْء
وربطه. يُقَال: كَعْبشه وكربشه إِذا فعل ذَلِك بِهِ) 2) .
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: العَكْبشة: الشدّ الوثيق.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد قَالَ يُونُس: عَكْبشه وعَكْشَبَه شدَّه وَثَاقا.
(عضنك) : أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي العَضَنَّكة: الْمَرْأَة
الْكَثِيرَة اللَّحْم المضطربة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هِيَ الْعَظِيمَة الرَكَب.
وَقَالَ اللَّيْث: العضنَّك: الْمَرْأَة اللَفَّاء الَّتِي ضَاقَ
ملتقَى فخذيها مَعَ ترارتها، وَذَلِكَ لِكَثْرَة اللَّحْم.
(صعلك) : اللَّيْث: الصُعْلوك، والجميع الصعاليك: وهم قوم لَا مَال
لَهُم وَلَا اعْتِمَاد. يُقَال: تصعلك الرجل إِذا كَانَ كَذَلِك. وَرجل
مُصعَلك الرَّأْس: مدوّره. وَأنْشد لذِي الرمة:
يخيِّل فِي المرعى لَهُنَّ بشخصه
مصعلَكُ أَعلَى قُلَّة الرَّأْس نِقْنق
وَقَالَ شمر: المصعلَك من الأسنة الَّذِي كَأَنَّمَا حَدْرجت أَعْلَاهُ
حَدْرجة، كَأَنَّمَا صَعْلكت أَسْفَله بيدِك ثمَّ مطلته صُعُداً، أَي
رفعته على تِلْكَ الدَمْلكة وَتلك الاستدارة. وَرجل مصعلَك الرَّأْس:
صَغِير الرَّأْس.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول أبي دُواد يصف خيلاً:
قد تصعلكن فِي الرّبيع وَقد قرَّ
ع جِلْدَ الفرائص الأَقدام
قَالَ: تصعلكن أَي وَقَفن وطار عِفاؤها عَنْهَا. والفريصة: مَوضِع قدم
الْفَارِس.
وَقَالَ شمر: تصعلكت الإبلُ إِذا رقّت قَوَائِمهَا من السِمَن، وصعلكها
البقلُ.
(عكمص) : قَالَ ابْن دُرَيْد: كل شَيْء جمعته فقد عكمصته، وَرجل
عُكْمِص وعُكامص.
(عكنكع) : وَقَالَ اللَّيْث: العَكَنْكَع: الذّكر من الغِيلان. وَقَالَ
غَيره يُقَال لَهُ: الكَعَنْكَع.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الشَّيْطَان هُوَ
الكَعَنْكَع والعَكَنْكَع والقازّ.
علكس: وَقَالَ اللَّيْث: عَلْكَس: اسْم رجل من
(3/193)
أهل الْيمن. قَالَ وعلكس أصل بِنَاء اعلنكس
الشعرُ إِذا اشتدّ سوَاده وَكثر. وَقَالَ العجاج:
بفاحم دُووِي حَتَّى اعلنكسا
قَالَ والمُعَلْكِس والمُعْلنكِس من اليبيس: مَا كثر وَاجْتمعَ.
(عركس) : قَالَ: وعركس أصل بِنَاء اعرنكس. تَقول: عركست الشَّيْء بعضه
على بعض، واعرنكس الشَّيْء إِذا اجْتمع بعضُه على بعض. وَقَالَ
العجَّاج:
واعرنكست أهوالُه واعرنكسا
وَقَالَ غَيره: شَعَر معلنكِس، ومعلنِكك: كثيف مُجْتَمع أسود.
(كرسع) : وَقَالَ اللَّيْث: الكُرسوع: حرف الزَنْد الَّذِي يَلِي
الخِنْصِر الناتىء عِنْد الرُسْغ. وَامْرَأَة مُكَرسَعة: ناتئة الكرسوع
تعاب بذلك. قَالَ وَبَعض يَقُول الكرسوع: عُظيم فِي طَرَف الوظِيف
ممَّا يَلِي الرّسغ من وظيف الشَّاء وَنَحْوهَا.
وَقَالَ غَيره: كرسعت الرجل: ضربت كرسوعه والكَرْسَعة: ضرب من الْعَدو.
(عَسْكَر) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي العَسْكرة: الشدَّة وَقَالَ
طرفَة:
ظلّ فِي عسكرة من حبّها
ونأت شحطَ مَزَار المدّكر
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عسكرُ الرجل: جمَاعَة مَاله
ونعمه.
وَأنْشد:
هَل لكَ فِي أجر عَظِيم تُؤجره
تُغيث مِسْكينا قَلِيلا عسكره
عشرُ شِيَاه سَمعه وبصره
قد حَدَّث النَّفس بمصرٍ يحضُرهْ
وَقَالَ غَيره: عسكرَ الليلُ إِذا تراكمت ظلمه. وعساكر الهمّ: مَا ركب
بعضُه بَعْضًا وتتابع. وَإِذا كَانَ الرجل قَلِيل الْمَاشِيَة قيل:
إِنَّه لقَلِيل الْعَسْكَر. قَالَ: والعسكر: مُجْتَمع الْجَيْش. وعسكر
مُكْرَمٍ: اسْم بلد مَعْرُوف وَكَأَنَّهُ مُعرب.
(عكمس) : وَقَالَ اللَّيْث: عكمس الليلُ عَكْمسة إِذا أظلم. وَيُقَال:
تَعَكمس. وكل شَيْء كثر وتراكم حَتَّى يُظلم من كثرته فَهُوَ عُكَامِس.
وَقَالَ العجّاج:
عكامس كالسندس المنشور
وَقَالَ اللحياني: إبل عُكامِس وعُكَمْس وعَكَمِس وعُكَبِس إِذا كثرت.
وليلُ عُكَامس: متراكب الظلمَة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: إِذا قاربت الْإِبِل الأَلف فَهِيَ عُكَامس
وعُكَمس وعُكَبِس.
(كعسم كسعم) : وَقَالَ ابْن السّكيت: كَعْسَم وكعسب إِذا هَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: الكُعْسوم: الْحمار بالحميرية. وَيُقَال: بل
الكسعوم.
قلت: وَالْأَصْل فِيهِ الكُسْعة، وَالْمِيم زَائِدَة وَجمع الكُسعوم
كساعيم. سمّيت كسعوماً لِأَنَّهَا تُكْسع من خلفهَا.
دعكس: وَقَالَ اللَّيْث: الدَعْكَسة: لعب الْمَجُوس: يدورون قد أَخذ
بَعضهم يَد بعض كالرقص. يُقَال دَعكسوا وهم يُدَعكسون، ويتدعكس بَعضهم
على بعض.
(3/194)
وَقَالَ الراجز:
طافوا بِهِ مُعْتكِسين نُكَّسا
عَكْف الْمَجُوس يَلْعَبُونَ الدَعْكَسا
(عكَلط) : اللَّيْث لبن عُكَلِط وعُكَلِد: خاثر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا خَثُر اللَّبن جِدّاً وتكبَّد
فَهُوَ عُكَلِط، وَعُجَلِط، وعُثَلِط.
(علكد) وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه أنْشدهُ:
وعِلْكِد خَثْلتها كالْجُفّ
قَالَت وَهِي توعدني بالكَفّ
أَلا املأنَّ وَطْبنا وكُفِّ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم العِلْكِد: الداهية والعِلكد: الْعَجُوز.
وَقَالَ اللحياني والفرّاء: غُلَام عِلْكِد وعُلاكد وَعَلَكدَ
وعُلَكِد: غليظ حَزوّر.
وَأنْشد اللَّيْث:
أعْيَس مصبور القَرَا عِلْكَدّا
قَالَ: شدّد الدَّال اضطراراً. قَالَ: وَمِنْهُم من يشدّد اللَّام.
وَقَالَ النَّضر: فِيهِ عَلْكَدَة وجُسْأة، فِي خَلْقه أَي غِلَظ.
(دلعك) : (قَالَ: والدَلْعَك: النَّاقة الضخمة. وَقَالَهُ
الْأَصْمَعِي.
(كنعد) : وَقَالَ اللَّيْث: الكَنْعَد: ضرب من السّمك البحريّ، النُّون
سَاكِنة وَالْعين مَنْصُوبَة.
وَأنْشد:
قل لطَغَام الأزْد لَا تَبْطَروا
بالشِّيم والجِرِّيثِ والكَنْعَدِ
(كعدب) : عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لبيت العنكبوت: الكُعْدُبَة
والجُعْدُبة.
وَقَالَ اللَّيْث الكُعْدُبة: الفَسْل من الرِّجَال، وَيُقَال:
كَعْدبة.
(كعتر) : قَالَ: وكعتر الرجل فِي مَشْيه إِذا تمايل كَالسَّكْرَانِ.
(كرتع) : كرتع الرجل إِذا وَقع فِيمَا لَا يعنيه.
وَأنْشد:
... يهيم بهَا الكَرْتَع
(كثعم) : وَقَالَ اللَّيْث: كثعم من أَسمَاء النَمِر أَو الفَهْد.
كعثب: قَالَ: وَامْرَأَة كَثْعَب وكَثْعَم وَهِي الضخمة الرَكب. ورَكبَ
كَعْثَب، وَيُقَال: كَثْعَب. وَيُقَال هِيَ جَارِيَة كَعْثَب: ذَات
رَكَب كَعْثَب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال لقُبُل الْمَرْأَة: هُوَ كَعْثَبها
وأجمُّها وشَكُرُها.
وَقَالَ الْفراء أَنْشدني أَبُو ثروان:
قَالَ الْجَوَارِي مَا ذهبتَ مذهبا
وعِبنني وَلم أكن مُعَيَّبا
أَرَيتَ إِن أُعطيتَ نَهْدا كعثبا
أذاك أم نعطيك هَيْداً هيدبا
أَرَادَ بالكعثب الركب الشاخص المكتنز والهَيْدِ الهيدب: الَّذِي فِيهِ
رخاوة، مثل رَكَب الْعَجَائِز المسترخِي لكبرها.
(3/195)
(كبعث) : وَقَالَ شمر: الكبعثاة. عَفَل
الْمَرْأَة.
وَأنْشد الْبَيْت:
فجيّأها النِّسَاء فخان مِنْهَا
كَبَعْثاة ورادعة رَدْوم
قَالَ الكَبَعْثاة: العَفَل. والرادعة: استها والرَدُوم: الضَرُوط.
وجَيّأها النِّسَاء أَي خِطْنَها. يُقَال: جيّأب القِرْبَة إِذا
خِطتها.
(عثكل) : وَفِي الحَدِيث أَن سعد بن عُبَادة جَاءَ بِرَجُل فِي الحيّ
مُخْدَج إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُجد على امْرَأَة
يَخْبُث بهَا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خُذُوا لَهُ
عِثْكالاً فِيهِ مائَة شِمْراخ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَة) .
قَالَ أَبُو عبيد: العِثْكال: العِذْق الَّذِي يُسمى الكِبَاسة. وَفِيه
لُغَتَانِ: عِثكال وعُثْكول.
وَأنْشد قَول امرىء الْقَيْس:
أثيثٍ كقنو النَّخْلَة المتعثكل
والقِنْو: العثكال أَيْضا. وشماريخ العثكال: أغصانه، وَاحِدهَا شِمراخ.
وَقَالَ اللَّيْث: العُثْكول: مَا علق من صوف أَو زِينَة فتذبذب فِي
الْهَوَاء.
وَأنْشد:
ترى الوَدْع فِيهَا والرجاتز زِينة
بأعناقها معقودة كالعثاكل
(كعبر) : اللَّيْث: الكُعْبُرة وَالْجمع الكعابِر، وَهِي عُقَد أنابيب
الزَّرْع والسنبل وَنَحْوه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: فِي الطَّعَام الكعابر، واحدتها كُعْبُرة
وَهِي ممَّا يُخرج مِنْهُ فيُرمى بِهِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: واحدتها كُعْبُرة وكعبُرَّة
وَالْجمع كعابير. وَهُوَ الغَسَق والغفى والمُدَبراء
وَقَالَ غَيره الكُعْبُرة من اللَّحْم: الفِدْرة الْيَسِيرَة أَو عظم
شَدِيد مُتَعَقِّد.
وَأنْشد:
لَو يتغدّى جَملاً لم يُسْئِر
مِنْهُ سوى كْعْبَرة أَو كُعْبر
وَقَالَ ابْن شُمَيْل الكعابر: رُؤُوس عِظَام الفخذين. وَهِي الكرادس.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُسمى الرَّأْس كُله كُعبورة وكُعبرة وكُعَابرا
وَجمعه كعابِر وكَعَابير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كُعْبُرة الوظيف: مُجْتَمع الوظيف فِي السَّاق.
وَقَالَ اللَّيْث المكعبِر من أَسمَاء الرِّجَال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كَعْبَر بِالسَّيْفِ إِذا قطعه بِهِ، وَبِه
سُمّي المكعبِر.
بركع: وَيُقَال بركع الرجلُ على رُكْبَتَيْهِ إِذا سقط عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ اللَّيْث البَرْكَعة: الْقيام على أَربع. وَيُقَال تبركعت
الْحَمَامَة للحمامة الذّكر.
وَأنْشد:
هَيْهَات أعيا جدُّنا أَن يُصْرعا
وَلَو أَرَادوا غَيره تبركعا
وَقَالَ غَيره: بركعتُ الرجل بِالسَّيْفِ إِذا ضَربته. والبُرْكع:
المسترخِي القوائم فِي ثِقل. والبُرْكع: الْقصير من الْإِبِل
والكَرْبعة: الصَّرْع. يُقَال كَرْبعه: صرعه.
(3/196)
عكبر: وَقَالَ اللَّيْث: العُكْبُرَةُ من
النِّسَاء الجافية العَكْباء فِي خَلْقها.
وَأنْشد:
عَكْباء عُكْبُرة اللَّحيين جَحْمرِش
(عكفر) : أَبُو عَمْرو: جَارِيَة عُكْموزة: حادِرة، ثارّة. وعُكْمُز
أَيْضا، وَأنْشد:
إِنِّي لأقلي الْجِلْبَحَ العَجُوزا
وأَمِقُ الفُتَيَّة العُكْموزا
قَالَ وَيُقَال للأير إِذا كَانَ مكتنزاً: إِنَّه لعُكْمُز، وَأنْشد:
وَفتحت للعَرْد بِئْرا هُزْهُزا
فالتقمت جُردانهُ والعُكْمُزا
(كعنب) : وَقَالَ ابْن دُريد رجل كعنب: قصير وكعانب الرَّأْس: عُجَر
تكون فِيهِ.
(بعكن) : ورملة بَعْكَنة: غَلِيظَة تشتدّ على الْمَاشِي فِيهَا.
(عبنك) : وجمل عَبَنّك: شَدِيد صُلْب.
(دعكن) : الْأَصْمَعِي نَاقَة دِعْكِنة: سمِينة صُلْبة، وَأنْشد:
أَلا ارحلوا دِعْكِنة دِحَنَّهْ
بِمَا ارتعى مُزْهِية مُغِنّه
وَفِي (النَّوَادِر) : رجل دَعْكن: دَمِث حَسَن الخُلُق. وبرذون دَعْكن
قَرُود ألْيَسِ بَين (بلعك دلعك) اللَيَس إِذا كَانَ ذلولاً.
(عنكث) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَنكث: شَجَرَة يشتهيها الضبّ
فيسحجها بذَنَبه، حَتَّى تتحات فيأكل مَا تحاتّ مِنْهَا.
قَالَ وَالْعرب تحكي عَن الضبّ أَنه قيل لَهُ وِرْداً يَا ضبّ،
فَقَالَ:
أصبح قلبِي صَرِدَا
لَا يَشْتَهِي أَن يرِدا
إِلَّا عَراداً عَرِدا
وَعَنْكَثا ملتبدا
وصلِّيا نابَرِدا
(علكد) : قَالَ: والعَلاكد: الْإِبِل الشداد. وَقَالَ دُكَيْن:
يَا دِيلُ مَا بتِّ بلَيْل هاجدا
وَلَا رحلتَ الأنيق العَلاكدا
(كنعر) : ابْن دُرَيْد: كَنْعَرَ سنامُ الفصيل إِذا صَار فِيهِ شَحم.
وَهُوَ مثل أكعر.
(عفكل) : قَالَ: والعَفْكَل والعَنْفَك: الأحمق.
(عكرم) : وَقَالَ اللَّيْث: العِكْرِمة: الْحمام الْأُنْثَى.
(بعلبك) : وبَعْلَبَكّ: اسْم بلد. وهما اسمان جُعلا اسْما وَاحِدًا،
فأُعطيا إعراباً وَاحِدًا، وَهُوَ النصب، يُقَال دخلت بعلبكّ ومررت
ببعلبكّ وَهَذِه بعلبكُّ، وَمثله حَضرمَوْت ومعديكرب.
بلعك دلعك: وَقَالَ اللَّيْث: البَلْعَك: الجَمَل البليد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّلْعَك: النَّاقة الضخمة مَعَ استرخاء
فِيهَا. قَالَ النَّضر هِيَ البَلْعَك والدَّلْعك وَهِي النَّاقة
الثَّقِيلَة.
(3/197)
وَفِي (النَّوَادِر) : رجل بَلْعَك: يُشتم
ويُحْقر، وَلَا يُنكر ذَلِك لمَوْت نَفْسه وشدّة طمَعه.
(كنعر) : وَقَالَ أَبُو زيد: الكَنْعَرة: النَّاقة الجسيمة السمينة،
وَجَمعهَا كناعِر.
(علكم) : اللَّيْث: العُلكُوم: النَّاقة الجسيمة السمينة.
وَقَالَ لبيد:
بُكرَت بِهِ جُرَشيّة مقطورة
تُروى المحاجر بازلٌ علكوم
وَقَالَ أَبُو الدقيش عَلْكَمُثها: عظم سَنَامها.
أَبُو عبيد: العَلاكم: الْعِظَام من الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد وَاحِدهَا عَلكَم وعلكوم وعلاكم وَهُوَ الشَّديد
الصلب، قَالَ: والعَنْكَل: الصُلْب أَيْضا:
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للتيس: إِنَّه لمكعنب القَرْن، وَهُوَ
الملتوي القرنِ حَتَّى صَار كَأَنَّهُ حَلْقة، قَالَ والمشعنَب:
الْمُسْتَقيم أَو المستقلم، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
العَلْكَمُ: الرجل الضخم وعَلْكم اسْم نَاقَة وَأنْشد:
أَقُول والناقة بِي تَقَحَّمُ
ويحكِ مَا اسْم أمّها يَا عَلْكمُ
(عنكب) : وَقَالَ الْفراء: العَنْكَبُوت أُنْثَى. وَقد يذكّرها بعض
الْعَرَب. وَأنْشد قَوْله:
على هَطَّا لَهُم مِنْهُم بيُوت
كَأَن العنكبوت هُوَ ابتناها
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ مَثَلُ
الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ
الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ
لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (العَنكبوت: 41)
قَالَ ضرب الله بَيت العنكبوت مَثَلاً لمن اتّخذ من دون الله وَلِيّاً
أَنه لَا يَنْفَعهُ وَلَا يضرّه، كَمَا أَن بَيت العنكبوت لَا يَقِيهَا
حَرّاً وَلَا بردا.
ابْن السّكيت عَن الْفراء أَنه قَالَ التَّأْنِيث فِي العنكبوت أَكثر.
قَالَ: وَيجمع عناكب وعناكيب وعنكبوتات. قَالَ ويصغر عُنَيْكباً
وعُنَيْكيباً
وَقَالَ اللَّيْث: العنكبوت بلغَة أهل الْيمن عَنْكبُوهٌ وعَنْكباهٌ.
قَالَ وَهِي دويبة تنسج فِي الْهَوَاء وعَلى رَأس الْبِئْر نسجاً
رَقِيقا مهلهلاً.
وَقَالَ المبرّد: العنكبوت أُنْثَى وتذكّر. والعَنْزَروت أُنْثَى
وتذكّر. قَالَ والبرغوث أُنْثَى وَلَا تذكّر.
(كعدب) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال لبيت العنكبوت الكُعْدُبُة.
وَيُقَال للنُفَّاخات الَّتِي تكون من مَاء الْمَطَر: كُعْدُبة أَيْضا
وَهِي الجُعْدُبة والحَجَاة.
(دعكر) : قَالَ: وادعنكر السيلُ إِذا أقبل وأسرع. وَمِنْه قَول
الشَّاعِر:
اد عنكار سيل على عَمْرو
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ادعنكر عَلَيْهِم بالفحش إِذا انْدَرَأ
عَلَيْهِم بالسوء.
(كعظل) : ابْن السّكيت: كعظل يكعظل إِذا عدا عَدْواً شَدِيدا،
وَكَذَلِكَ كعسب يكعسب.
(كعثل) : قَالَ والكعثلَة: الثقيل من العَدْو.
علكز: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العِلْكِز: الرجل الصُلْب الشَّديد.
(3/198)
(كعظل) : وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ أَبُو
عَمْرو: الكَعْظَلة والنَغْظلة: العَدْو البطيء. وَأنْشد:
لَا يُدرَك الفوتُ بشدّ كعظل
إِلَّا بإجذام النَّجَاء المُعْجَل
(دبعك) : سَلمَة عَن الْفراء: رجل دَبعْبَك ودَبَعْبَكيّ للَّذي لَا
يُبَالِي مَا قيل لَهُ من الشرّ.
(عكرد) : وَقَالَ ابْن شُمَيْل: عَكْرَد الْغُلَام وَالْبَعِير يعكرد
عَكْردة إِذا سمن.
(بَاب الْعين وَالْجِيم)
(ع ج)
(ضرجع) : قَالَ اللَّيْث: الضَرْجَع من أَسمَاء النمر خاصّة.
(ضمعج) : قَالَ: والضمْعَج: الضخمة من النوق قَالَ وأتان ضمعج
وَامْرَأَة ضمعج قَصِيرَة ضخمة وَأنْشد:
يَا رب بَيْضَاء ضحوك ضمعج
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَالَ الضَمْعَج من النِّسَاء: الَّتِي
قد تمّ خلقهَا واستوثجت نَحوا من التَّمام وَكَذَلِكَ الْبَعِير
وَالْفرس.
(عفضج) : وَقَالَ اللَّيْث: العِفْضاج: الضخم الرِخْو. وعَفْضَجتُه
عِظم بَطْنه وَكَثْرَة لَحْمه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العِفْضاج من النِّسَاء: الضخمة البطنِ
المسترخية اللَّحْم.
وَالْعرب تَقول إِن فلَانا لمعصوبٌ مَا عُفْضِج وماحفضج، إِذا كَانَ
شَدِيد الأسْر غير رخو وَلَا مفاض الْبَطن.
(عجمض) : ابْن دُرَيْد العَجَمْضَى: ضرب من التَّمْر.
(ضجعم) : وضَجْعَم: أَبُو بطن من الْعَرَب.
(شرجع) : وَقَالَ اللَّيْث: الشَرْجَع: هُوَ السرير الَّذِي يُحمل
عَلَيْهِ الْمَيِّت. قَالَ: والْمشرجَع من مطارق الحدّادين: مَا لَا
حُرُوف لنواحيه. وَكَذَلِكَ من الخُشُب إِذا كَانَت مربّعة، فَأَمَرته
بنحت حُرُوفه قلت: شَرْجِعه. وَأنْشد:
كَأَنَّمَا بَين عينيها ومذبحها
مُشَرجَع من عَلاَة القَيْن ممطول
وَقَالَ أميَّة بن أبي الصَّلْت يذكر الْخَالِق وملكوتَه:
وَينفذ الطوفانَ نَحن فداؤه
واقتات شَرْجَعَه بداح بَدْبَدُ
وَقَالَ شمر: أَي هُوَ الْبَاقِي وَنحن الهالكون واقتات أَي وضع.
قَالَ: وشَرْجَعُه سَرِيره. وبداح بدبد أَي وَاسع.
(جرشع) : والجَرَاشع أَوديَة عِظَام. وَقَالَ الْهُذلِيّ:
كأنّ أَتِيَّ السَّيْل مُدَّ عَلَيْهِم
إِذا دَفعته فِي البَداح الجراشعُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُرْشُع: الضخم الصدرِ وَقيل: الجرشع: المنتفِخ
الجنبين.
(شرجع) : عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الشَرْجَع: الطَّوِيل. والشَرْجَع:
النعش.
جعْشم: والجُعْشُم: الصَّغِير الْبدن الْقَلِيل اللَّحْم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا كَانَ فِيهِ قصر وَغلظ مَعَ شدّة
قيل: رجل جُعْشم وكُنْدُر.
وَأنْشد:
(3/199)
لَيْسَ بجعْشوش وَلَا بجُعْشُمِ
(شجعم) : وَقَالَ اللَّيْث: الشَجْعَم: الطَّوِيل مَعَ عظم جسم،
وَكَذَلِكَ من الْإِبِل، وَهُوَ الجُعْشُم.
قلت وَجعل الْهُذلِيّ الشَجْعَم من نعت الحيَّة الشجاع فَقَالَ:
قد سَالم الحياتُ مِنْهُ القدما
الأفعوان والشجاع الشجعما
(عفشج) : وَقَالَ غَيره رجل عَفْشَج: ثقيل وخم.
(عنجش) : والعُنْجُش: الشَّيْخ الفاني.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للبن إِذا خثر جدّاً وتكبّد.
(عجلط) : عُجَلِط وعُجَلِد وعُجَالط. وَأنْشد:
اصطبحت رائبا عُجَالطا
من لبن الضَّأْن فلست ساخطا
ونحواً من ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو وَهُوَ العُثَلِط،
والعُكَلط.
(عسلج) : اللَّيْث: العُسلوج: الْغُصْن ابْن سنة. وَجَارِيَة عُسلوجَة
البنانِ والقَوَام. وَقَالَ العجّاج:
وبطنَ أَيْم وقَوَاماً عُسْلُجا
وعسلجت الشجرةُ إِذا أخرجت عساليجها. وَقَالَ طَرَفة:
كبنات المَخْر يمأدن إِذا
أنبت الصيفُ عساليج الْخَضِر
قَالَ: وَيُقَال: بَلِ العساليج: عروق الشّجر. قَالَ: وَهِي نجومها
الَّتِي تنجم من سنتها. قَالَ: والعساليج عِنْد الْعَامَّة: القضبان
الحديثة. وَيُقَال عُسْلُج للعسلوج.
(عسجر) : أَبُو عَمْرو: إبل عساجير جمع العيسجور. قَالَ: والعَسْجَر:
المِلْح.
وَقَالَ اللَّيْث: العَيْسَجُور: النَّاقة السريعة القويّة.
والعَيْسَجُور: السِّعْلاة. وعَسْجَرتُها: خبثها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: العَيْسَجُور: النَّاقة الصُلْبة.
والعُبْسُور مثلهَا.
وَقَالَ غَيره عَسْجر عَسْجَرة إِذا نظر نظرا شَدِيدا. وعسجرت
الْإِبِل: استمرّت فِي سَيرهَا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ العيسجور: النَّاقة
الْكَرِيمَة النّسَب. وَقيل: هِيَ الَّتِي لم تُنْتَج قطّ فَهُوَ أقوى
لَهَا.
(عجنس) : وَقَالَ اللَّيْث: العَجَنَّس: الْجمل الضخم. وَأنْشد:
يتبنَّعن ذَا هَدَاهدٍ عَجَسا
إِذا الغرابان بِهِ تمرَّسا
(عسنج) : ابْن دُرَيْد العَسَنَّج الظليم
(عسجد) : وَقَالَ اللَّيْث: العَسْجَد: الذَّهَب. وَيُقَال: بل العسجد
اسْم جَامع للجوهر كُله، من الدُرّ والياقوت.
وَقَالَ ثَعْلَب: اخْتلف النَّاس فِي العسجد.
فروَى أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي فِي قَوْله:
إِذا اصطكت بضِيق حُجْرتاها
تلاقي العسجديّة واللطيم
قَالَ: العسجدية منسوبة إِلَى سُوق يكون فِيهَا العسجد وَهُوَ
الذَّهَب.
قَالَ: وروى ابْن الْأَعرَابِي عَن الْمفضل أَنه
(3/200)
قَالَ: العسجدية منسوبة إِلَى فَحل كريم،
يُقَال لَهُ عسجد. قَالَ: وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
بنُون وهجمة كأشَاء بُسّ
تحلى العسجدية واللطيم
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العسجد: الذَّهَب. وَكَذَلِكَ العِقْيان.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العسجديّة: رِكَاب
الْمُلُوك الَّتِي تحمل الدِقّ الْكثير الثّمن لَيْسَ بجافٍ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَطِيمة: سُوق فِيهَا بَزّ وَطيب.
يُقَال أَعْطِنِي لطيمة من مسك أَي قِطْعَة.
وَقَالَ الْمَازِني: فِي العسجدية قَولَانِ: أَحدهمَا يَقُول: تَلاقَى
أَوْلَاد عسجد وَهُوَ الْبَعِير الضخم. وَيُقَال الْإِبِل تحمل العسجد
وَهُوَ الذَّهَب. قَالَ واللطيم: الصُّغْر من الْإِبِل. سمّيت لطيماً
لِأَن الْعَرَب كَانَت تَأْخُذ الفصيل إِذا صَار لَهُ وَقت من سِنه
فتُقبل بِهِ سُهَبلا إِذا طلع، ثمَّ يُلطم خدّه، وَيُقَال لَهُ:
اذْهَبْ فَلَا تذوق بعْدهَا قَطْرَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد العسجدي: فرس لبني أَسد.
(دعسج) : وَقَالَ غَيره: دَعْسَج دَعْسَجة إِذا أسْرع.
(جعمس) : اللَّيْث: الجُعْموس: العَذِرة وَرجل مُجَعْمِس وجُعَامس
وَهُوَ أَن يَضَعهُ بمرّة.
وَقَالَ غَيره: العسجمة الْخِفّة والسرعة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الجُعْموس: مَا يطرحه الْإِنْسَان من ذِي بَطْنه
وَجمعه جعاميس وَأنْشد:
مَالك من إبْل تُرَى وَلَا نَعَمْ
إلاّ جعاميسَك وسط المستحم
(عجلز) : اللَّيْث: العِجْلِزة: الْفرس الشَّدِيدَة الْخَلْق.
وَقَالَ بَعضهم: أُخذ هَذَا من جَلْز الخَلْق، وَهُوَ غير جَائِز فِي
الْقيَاس ولكنهما اسمان اتّفقت حروفهما. ونحوُ ذَلِك قد يَجِيء وَهُوَ
متباين فِي أصل الْبناء. وَلم أسمعهم يَقُولُونَ للذّكر من الْخَيل
وَلَكنهُمْ يَقُولُونَ للجمل
عِجْلِز، وللناقة عِجْلِزة. وَهَذَا النَّعْت فِي الْخَيل أعرف.
قلت: وعِجْلِزة: اسْم رَملَة مَعْرُوفَة بحذاء حَفَرِ أبي مُوسَى،
وتُجمع عَجَالز، ذكرهَا ذُو الرمة فَقَالَ:
مررن على العَجَالز نصف يَوْم
وأدَّين الأواصر والخِلالا
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: نَاقَة عِجلزة وعَجْلزة. قَالَ: قيس
تَقول: عِجلزة، وَتَمِيم: عَجْلزة.
(جندع) : ابْن السّكيت أَيْضا الجُنْدُع والزَّنَبْتَرْ: الْقصير.
وَأنْشد:
تمهجروا وأيّما تمهجر
وهم بَنو العَبْد اللَّئِيم العنصر
مَا غرهم بالأسد الغضنفر
بني استِها والجُندع الزبنتر
وَقَالَ اللَّيْث: جُنْدع وجنادِع. وَفِي الحَدِيث: (إِنِّي أَخَاف
عَلَيْكُم الجنادع) ،
(3/201)
يَعْنِي الْآفَات والبلايا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَقول الْعَرَب فِي الضبّ:
خرجت جنادعه. قَالَ: وَهِي هَنَات صغَار تسكن جِحَرَة الضبّ. والجنادع:
الدَّوَاهِي. يُقَال: جَاءَت جنادعه، وَالله جادعه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي من أمثالهم جَاءَت جنادعه يَعْنِي حوادث
الدَّهْر وأوائل شَره.
وَقَالَ غَيره: الْقَوْم جَنَادع إِذا كَانُوا فِرَقا لَا يجْتَمع
رَأْيهمْ. وَقَالَ الرَّاعِي:
بحيّ نُميريّ عَلَيْهِ مهابة
جميعٍ إِذا كَانَ اللئام جنادعا
يَقُول إِذا كَانَ اللئام فرقا شَتَّى فهم جَمِيع.
(عنجد) : اللَّيْث: العُنْجُد: الزَّبِيب. وَأنْشد:
رُؤُوس العناظب كالعُنْجُد
قَالَ: شبّه رُؤُوس الْجَرَاد بالزبيب. وَمن رَوَاهُ حناظب فَهِيَ
الخنافس.
ابْن الْأَعرَابِي العَنْجَد والعُنْجُد: عَجَم الزَّبِيب.
عَمْرو عَن أَبِيه: العُنْجُد عَجَم الزَّبِيب.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: هُوَ العُنْجُد والعُنْجَد، وَهُوَ عَجَم
الزَّبِيب.
وَقَالَ شمر: هُوَ العُنْجُد والعُنْجَد وَأنْشد:
غَدا كالعملس فِي حُذْلِه
رؤوسُ العظاريّ كالعنجد
قَالَ: العظاري ذُكُور الْجَرَاد.
ابْن هانىء عَن أبي زيد يُقَال للزبيب: العَنْجَد والعُنْجُد
والعُنْجَد ثَلَاث لُغَات.
(دعْلج) : اللَّيْث: الدَعْلَج ألوان الثِّيَاب. وَيُقَال: ضرب من
الجواليق والخِرَجة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِن الصبيّ ليُدعلِج دَعْلجة
الجُرَذ أَي يَجِيء وَيذْهب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَعْلَجَة ضرب من الْمَشْي. قَالَ: ودعلجت
الشَّيْء إِذا دحرجته.
والدَعْلَجُ: الْحمار والدَعْلَجة الظلمَة. والدَعْلجة: الْأَخْذ
الْكثير. وَأنْشد:
يأكلن دَعْلجة ويشبع من عَفا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَعْلج: الجُوَالق الملآن.
والدعْلج: الَّذِي يمشي فِي غير حَاجَة. والدعلج الْآكِل الْكثير من
النَّاس وَالْحَيَوَان، والدَعْلج: الشابّ الْحسن الْوَجْه الناعم
الْبدن. والدَعْلَج: النَّبَات الَّذِي قد آزر بعضُه بَعْضًا.
والدعْلَج: الذِّئْب.
(جعدل) : وَقَالَ اللَّيْث: الجَعْدَل: الْبَعِير القويّ الضخم.
(جلعد عجلد) : والجَلْعَد: النَّاقة القويّة الظهِيرة. والعُجَالد:
اللَّبن الخاثر، وَهُوَ العُجَالِط. واجلعدَّ الرجلُ إِذا امتدّ
صَرِيعًا. وجَلْعَدته أَنا. وَقَالَ جَنْدَل:
كَانُوا إِذا مَا عاينوني جُلْعِدوا
وضمّهم ذُو نَقِمات صِنْدِدُ
والصِنْدِد: السيّد.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الجَلْعَد: الْجمل الشَّديد. وَيُقَال
لَهُ: الجُلاَعِد. وَأنْشد:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنة جُلاَعِدا
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: رَأَيْته مُجْرعِنّا، ومُجْلَعِبَّا
ومُجْلَعِدّا ومُجْرَعِبّاً ومُسْلَحِدّاً إِذا
(3/202)
رَأَيْته مصروعاً ممتدّاً.
(عجرد) : عَجْرَد: اسْم رجل. والعَجْرَدِيّة: ضرب من الحَرُورِيَّة،
قَالَه اللَّيْث.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ العَجْرَد: الغليظ
الشَّديد، وناقة عَجْرَد. وَمِنْه سمي حَمَّاد عَجْرد.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المعجرَد العُرْيان رَوَاهُ شمر لأبي
عُبَيد. المعجرِد قَالَ شمر: وَهُوَ بِكَسْر الرَّاء. قَالَ: وَكَأن
اسْم عجرد وَمِنْه مَأْخُوذ. وَقيل: العَجْرَد: الذّكر، وَأنْشد شمر:
فَشَام فِي وَمّاح سلمى العَجْردا
(عرجد) : ابْن شُمَيْل: العُرْجُود: مَا يخرج من الْعِنَب أوَّل مَا
يخرج كالثآليل. قَالَ: والعُرْجُود أَيْضا: العُرْجُون. وَهُوَ من
الْعِنَب عُرْجُون صَغِير.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ العُرْجُدُ والعُرْجدُّ والعُرجود:
العرجون لعرجون النّخل.
(جعدب) : قَالَ والجُعْدُب: نُفَّاخات مَاء الْمَطَر. وَقَالَ
اللَّيْث: جُعدُبُة: اسْم رجل من أهل الْمَدِينَة. قَالَ والجُعْدة مَا
بَين صمغى الجَدْي من اللِّبأ عِنْد الْولادَة.
(جمعر) : اللَّيْث الجَمْعَرة: القارَة المرتفعة المشرفة الغليظة.
يُقَال أَشْرِف على تِلْكَ الجَمْعَرة. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن
شُمَيْل. قَالَ اللَّيْث: والجمعرة أَن يجمع الحمارُ نَفسه وجراميزه،
ثمَّ يحمل على الْعَانَة أَو على شَيْء إِذا أَرَادَ كَوْمَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجُمْعور: الجَمْع الْعَظِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للحجارة الْمَجْمُوعَة: جَمْعَر. وَأنْشد:
تحفّها أَسَافة وجَمْعَرُ
وخَلَّة فردانها تَنَشَّرُ
أُسافة: أَرض رقيقَة، وجَمعَر: غَلِيظَة يابسة. وَقَالَت عَائِشَة:
كَانَ أَبُو بكر أسيفاً أَي رَقِيقا.
شمر قَالَ أَبُو عَمْرو: الجَمْعرة: الأَرْض الغليظة المرتفعة.
وَأنْشد:
وانجبن عَن حَدَب الإكا
م وَعَن جماعير الجراوِل
وَقَالَ أَبُو عَمْرو أَيْضا الجمعرة: الحَرّة. والجماعير جمَاعَة.
قَالَ: وَلَا يعدّ سَنَد الْجَبَل جمعرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ الجماعير: تجمُّع الْقَبَائِل على
حَرْب الْملك. قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
تحفهم أسافة وجمعر
إِذا الجمارُ جعلت تجمر
قَالَ: أسافة وجمعر: قبيلتان.
قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَ الْفراء.
عجرم: اللَّيْث العُجْرُمة: شَجَرَة عَظِيمَة لَهَا عُقَد كهَنَات
الكِعاب يتّخذ مِنْهُ القِسِيّ وَهِي العُجْرُومة. وعجرمتُها غلظ
عُقَدها. وَقَالَ العجاج:
نواجل مثل قِسِيّ العُجْرُم
قَالَ والعِجْرِم أَيْضا: دويّبة صُلْبة كَأَنَّهَا مَقْطُوعَة، تكون
فِي الشّجر وتأكل الْحَشِيش.
(3/203)
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي العِجْرم:
الْقصير الغليظ من الرِّجَال.
وَقَالَ اللَّيْث العَجَارم من الدَّابَّة: مُجْتَمع عُقَد بَين
فَخذيهِ وأصلِ ذكره. والعُجْرُم: أصل الذّكر. وَإنَّهُ لمعجرَم إِذا
كَانَ غليظ الأَصْل. وَقَالَ غَيره نَاقَة مُعَجرمة: شَدِيدَة. وَقَالَ
أَبُو النَّجْم:
معجرَماتٍ بُزَّلا سَغَابِلا
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العَجْرَمة: العَدْو الشَّديد. وَأنْشد:
أوسِيد عادِية يُعجرم عجرمه
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال لِلْإِبِلِ إِذا بلغت الْخمسين:
عُجْرُمة وعَجْرَمة وعِجْرِمة، ونحوَ ذَلِك.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العُرْجُوم والعُلْجُوم:
النَّاقة الشَّدِيدَة.
(جنعظ) : وَقَالَ اللَّيْث: الجنعاظة الَّذِي يسْخط عِنْد الطَّعَام من
سوء خلقه، وَأنْشد:
جنعاظة بأَهْله قد بَرَّحَا
إِن لم يجد يَوْمًا طَعَاما مُصْلَحا
قبَّح وَجها لم يزل مقَبَّحا
قَالَ وَهُوَ الجنْعيظ إِذا كَانَ أكولاً.
وَقَالَ غَيره: الجِنْعاظ والجِنْعِظ: الجافي الغليظ.
(جعظر) : وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(أهل النَّار كل جَعْظَرِيّ جَوَّاظ، منّاع جمّاع) . قَالَ القتيبي:
أَخْبرنِي أَبُو حَاتِم عَن أبي زيد أَنه قَالَ: الجَعْظَري: الَّذِي
يتنفَّج بِمَا لَيْسَ عِنْده، وَهُوَ إِلَى الْقصر ماهو. قَالَ وَقَالَ
الْأَصْمَعِي يُقَال أَيْضا: جِعْظار وجِعظارة. وَأنْشد فِي أرجوزة
لَهُ:
لَيْسَ بقاس وَلَا نَمّ نجِث
وَلَا بجعظار مَتى مَا يَضْطَبِث
بالجار يعلق حبلَه ضِبت شبِث
أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: الجَعْظَرِيّ:
الطَّوِيل الجسيم الأكول الشروب البطر الْكَافِر. وَهُوَ الجِعْظارة
والجِعْظار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الجعظريّ: الْقصير السمين الأَشِر الجافي عَن
الموعظة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَعْظريّ: الأكول. قَالَ: والجِعْظار: الْقصير
الرجلَيْن الغليظ الْجِسْم. فَإِذا كَانَ مَعَ غلظ أكولاً قَوِيا سمى
جَعْظِريّاً.
(عذلج) : وَقَالَ اللَّيْث: المُعَذْلَج: الناعم، عذلجته النَعْمة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: عذْلجْت الولدَ وَغَيره، فَهُوَ
معذلَج إِذا كَانَ حسن الغِذاء.
وَقَالَ الرياشي: هُوَ المعذلَج، والمسرعَف لِلْحسنِ العذاء.
(عثجل) : اللَّيْث: العَثْجَل: الْوَاسِع الضخم من الأساتي والأوعية.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَثْجَل: الْعَظِيم
الْبَطن.
جعثن: اللَّيْث الجِعْثِن: أرومة الشّجر بِمَا عَلَيْهَا من الأغصان
إِذا قُطعت. والواحدة جِعْثِنة: قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول للْوَاحِد:
جعثن والجميع الجعاثن. وكلّ شَجَرَة تبقى
(3/204)
أرومتها فِي الشتَاء من عِظَام الشّجر
وصغارها فلهَا جِعْثِن فِي الأَرْض، وَبَعْدَمَا يُنزع فَهُوَ جعثن،
حَتَّى يُقَال لأصول الشوك جِعْثِن. وجِعْثِن من أَسمَاء النِّسَاء
وتَجَعثن الرجلُ إِذا تجمّع وتقبّض. وَيُقَال لأَرُومة الصِّلِّيَان
جِعْثِنة. وَقَالَ الطرماح:
وَمَوْضِع مَشكوكين ألقتهما مَعًا
كوطأة ظَبْي القُفّ بَين الجعاثِن
وَقَالَ الجِعْثِم والجِعْثِين: أصُول الصِّلِّيَان. وَأنْشد:
أَو كمجلوح جِعْثِن بَلَّه القَطْرُ
فأضحى مودِّس الْأَعْرَاض
(جعثم) : وَقَالَ اللَّيْث: الجُعْثُوم: الغُرْمول الضخم. وقولُ أبي
ذُؤَيْب:
تأن ارتجاز الجُعْثميَّات وَسطهمْ
نوائحُ يُسمعن البُكَى بالأزامل
قَالُوا: الْقوس يُقَال لَهَا جُعْثُميّة.
قلت: وَلَا أَدْرِي إِلَى أيّ شَيْء نسب. وَقيل: جُعْثُمة حَيّ من
الأَزْد أزدِ السراة. وَقَالَ أَبُو نصر: جُعْثمة من هُذَيل.
(عثنج) : أَبُو عَمْرو: العَثَنْثَج: الضخم من الْإِبِل. وَكَذَلِكَ
العَثَمْثم والعَبَنْبَل.
(ثعجر) : اللَّيْث: الثَّعْجَرَة: انصباب الدمع. يُقَال: ثعجره إِذا
صبّه، فاثعنجر أَي انصبّ. تَقول: اثعنجر دمعُه، واثعنجرت الْعين
دَمْعاً. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس حِين أدْركهُ الْمَوْت: يَا ربّ
جَفْنة مثعنجِرة، وطعنة مسحنفرة، تبقى غَدا بأنقِرة. قَالَ:
والمثعنجرة: الملأَى يفِيض وَدَكها واثعنجرت السحابة بقَطْرها. واثعنجر
الْمَطَر نَفسه، يثعنجر اثعنجاراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُثْعَنْجِر والعُرَانِية: وَسَط
الْبَحْر. وَقَالَ ثَعْلَب: لَيْسَ فِي الْبَحْر مَاء يُشبههُ كَثْرَة.
(عرجل) : اللَّيْث: العَرْجَلة من الْخَيل: القطيع. وَهِي بلغَة تَمِيم
الحَرْجلة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رَأَيْت الْقَوْم عراجِلة أَي مُشَاة.
(عثجج) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَثْجَج: الْجمع الْكثير.
(عرجن) : وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: العُرْجُون: أصل العِذْق وَهُوَ
أصفر عريض، شبَّه الله بِهِ الْهلَال لمّا عَاد دَقِيقًا. فَقَالَ:
{الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى
عَادَ كَالعُرجُونِ الْقَدِيمِ} . (يس: 39) قَالَ والعُرْجون: ضرب من
الكَمْأة قدر شبر أَو دُوَين ذَلِك، وَهُوَ طيِب مَا دَامَ غَضّا
وَجمعه العراجين. قَالَ والعَرْجَنة: تَصْوِير عراجين النّخل، قَالَ
رؤبة:
فِي خِدْر مَيَّاس الدُّمَى مُعَرْجَنِ
أَي مصوَّر فِيهِ صور النّخل والدمى.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: عرجنته بالعصا: ضَربته.
رجعن: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ضربه حَتَّى ارجعنّ وارجَحَنّ أَي
انبسط وَسقط.
وَقَالَ اللحياني: ضربه فارجعنّ، أَي اضْطجع وَألقى بِنَفسِهِ: وَتقول
للرجل يُقَاتل الرجل: إِذا ارجعَنّ، شاصياً فارفع يدا. يَقُول: إِذا
اضْطجع وغلَّبته وَرفع رجلَيْهِ فَاكْفُفْ يدك عَنهُ. وَقَالَ
الشَّاعِر:
(3/205)
فَلَمَّا ارجعنّوا واسترينا خيارهم
وصاروا الأُسارى فِي الْحَدِيد الملكَّد
قَالَ وَقَالَ بَعضهم: ضربناهم بقَحَازِننا فارجعنُّوا أَي بِعصِيّنا.
(عنجر) : اللَّيْث العَجَنْجرَة: علاف القارورة. قَالَ: وَكَانَ رجل
يُقَال لَهُ عُنْجورة إِذا قيل لَهُ عُنْجِر يَا عُنجورة غضب.
عَمْرو عَن أَبِيه العَنْجَرة: الْمَرْأَة المكتِّلة الْخَفِيفَة
الرّوح.
(ثنجر) : وَقَالَ أَبُو زيد: المثنجر والمسحَنْفِر: السَّيْل الْكثير.
(جلعم) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَلْعَم:
الْقَلِيل الْحيَاء، والجَيْعَم: الجائع.
(جَعْفَر) : قَالَ والجَعْفَر: النَّهر الملآن، وَبِه شبّهت النُوق
الغزيرة. قَالَ: وأنشدني المفضّل:
من للجعافر يَا قومِي فقد صَرِيت
وَقد يساق لذات الصرية الحَلَبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الجَعْفَر: النَّهر الْكَبِير الْوَاسِع وَأنْشد:
تأوّد عُسْلوج على شطّ جَعْفَر
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ: الجعفر: النَّهر الصَّغِير، فَوق الجَدْول:
(عجرف) : وَقَالَ اللَّيْث: العَجْرَفيَّة: جفوة فِي الْكَلَام، وخُرْق
فِي الْعَمَل. وَيكون الْجمل عَجْرَفيّ الْمَشْي لسرعته. وَرجل فِيهِ
عَجرَفية، وبعير ذُو عَجَارف. قَالَ: والعَجْرُوف: دويبة ذَات قَوَائِم
طِوال. وَيُقَال أَيْضا لهَذَا النَّمْل الَّذِي رفعته عَن الأَرْض
قوائمه: عجروف. قَالَ وعجاريف الدَّهْر: حوادثه. وَأنْشد:
لم ينسني أمَّ عمَّار نوى قُذُفٌ
وَلَا عجاريف دهر لَا تعريني
وتعجرف فلَان علينا إِذا تكبّر. وَرجل فِيهِ تعجرُف. والعجرفيَّة من
سير الْإِبِل: اعْتِرَاض فِي نشاط. وَأنْشد:
وَمن سَيرهَا العَنَق المسبطرُّ
والعجرفية بعد الكلال
أَبُو عبيد: العَجْرَفِيَّة: الَّتِي لَا تقصد فِي سَيرهَا من نشاطها.
(عرفج) : اللَّيْث: العَرْفج: نَبَات من نَبَات الصَّيف، ليّن أغبر،
لَهُ ثَمَرَة خَشْناء كالحَسَك. وَالْوَاحد عَرْفَجة: وَهُوَ سريع
الاتِّقاد.
قلت: العرفج من الجَنْبة، وَله خُوصة. وَيُقَال رَعَينا رِقّة العرفج،
وَهُوَ ورقه الشتَاء، وثمرته صفراء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إِذا مُطِر العَرْفَج ولان عُوده قيل: قد ثقب
عوده، فَإِذا اسودّ شَيْئا قلت: قد تَمِل، فَإِذا ازْدَادَ قَلِيلا
قيل: قد أرقاطّ، فَإِذا ازْدَادَ شَيْئا قيل: قد أدْبى. فَإِذا تمَّت
خُوصته قيل: قد أَخْوَص. قلت: ونار العرفج تسميها الْعَرَب نَار
الزحفتين؛ لِأَن الَّذِي يوقدها يزحف إِلَيْهَا، فَإِذا اتَّقدت زحف
عَنْهَا.
جعبر: اللَّيْث الجَعْبَرِيَّة والجَعْبَرة من النِّسَاء: القصيرة
الدَّميمة.
(3/206)
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو:
الجَعْبَرِيَّة: القصيرة. وَقَالَ رؤبة:
يُمْسين من قَسّ الْأَذَى غوافلا
لاجَعْبَريّاتٍ وَلَا طَهَاملا
(عربج) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ العُرْبَج
والثَّمْمَّ: كلْبُ الصَّيْد.
(عنبج) : وَقَالَ اللَّيْث: العُنْبُجُ: الضخم الرِخو الثقيل من كل
شَيْء. وَأكْثر مَا يُوصف بِهِ الضبعان وَأنْشد:
فَولدت أعْثَى ضَرُوطاً عُنْبُجا
وَقَالَ النَّضر: العُنْبُج: الوَتَر الضخم الرِخو. العُنْبُج من
الرِّجَال: الضخم الرخو الَّذِي لَا رَأْي لَهُ وَلَا عقل.
(عفنج) : وَقَالَ اللَّيْث: العَفَنْجَج من الرِّجَال: كل ضخم اللهازم
ذِي وَجَنات وألواح أكُولٌ فَسْلٌ. وَهُوَ بِوَزْن فعنلل وَبَعْضهمْ
يَقُول: عَفَنّج.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: العَفَنْجَج: الأحمق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَفَنْجَج: الجافي الخَلْق. وَأنْشد:
وإذْ لم أعطّل قَوس ودّي وَلم أُضع
سِهَام الصِّبا للمستميت العفنجج
قَالَ المستميت الَّذِي قد استمات فِي طلب اللَّهْو وَالنِّسَاء.
(عنجف) : أَبُو عَمْرو: العُنْجُوف: والعَنْجَف: الْيَابِس هُزَالاً.
وَكَذَلِكَ العُنْجُل.
(جعفل) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي جَعْفله إِذا صرعه. وَقَالَ
طُفَيل:
وراكضةٍ مَا تَستَجِنَ بجُنّة
بَعِيرَ حِلال غادرته مجعفَل
قَالَ: المجعفل: المقلوب.
(علجم) : وَقَالَ اللَّيْث: العُلْجُوم الضِفدِع الذّكر، وَيُقَال
البَطّة الذّكر. وَأنْشد:
حَتَّى إِذا بلغ الحوماتُ أكرَعَها
وخالطت مستنيماتِ العلاجيم
قَالَ: والعُلْجُوم: الظلماء المتراكمة. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ العُلْجُوم موج الْبَحْر. والعُلْجوم الأجمة. والعُلْجُوم
الْبُسْتَان الْكثير النّخل. وَهُوَ الظلمَة الشَّدِيدَة وَهُوَ
الضِفدِع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العُلْجُوم: الظبي الآدم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العلاجيم: طوال الْإِبِل والحُمُر. وَقَالَ
الرَّاعِي:
فعُجن علينا من علاجيم جِلَّة
لحاجتنا مِنْهَا رَتُوك وفاسج
يَعْنِي إبِلا ضخاماً. الأصمعيّ عَن ابْن طرفَة: العَلْجَم: النامّ
المسنّ من الْوَحْش.
قَالَ: وَمِنْه قيل للناقة المسنة علجوم. وَكَذَلِكَ العلجوم من
الضفادع وَرمل معلنجم: متراكب. وَقَالَ أَبُو نُخَيلة:
كَأَن رملاً غيرَ ذِي تهيُّم
من عالج ورملها المعلنجِم
بملتقى عَثَاعث ومأكم
(جمعل) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجُمَعْليلة: النَّاقة
الْهَرِمة.
(جذعم) : وَيُقَال للجَذَع: جَذْعم وَجَذْعَمة.
جلعب: الطوسي عَن الحَزَّاز عَن ابْن ا
(3/207)
لأعرابيّ قَالَ: اجرَعنّ وارجعنّ وأتلأَبّ
واجرعبّ واجلعبّ إِذا صُرع فامتدَّ على وَجه الأَرْض.
اللَّيْث: الجلعب: الرجل الجافي الْكثير الشرّ. وَأنْشد:
جِلفا جَلَعْباً ذَا جلب
قَالَ وَيُقَال: بل الجَلَعْبَى، وَالْأُنْثَى جَلَعْباة. وهما مَا
طَال فِي هَوَج وعَجْرفيَّة. قَالَ: والمجلعبّ المستعجل الْمَاضِي.
قَالَ: والمجلعبّ أَيْضا من نعت الرجل الشَرير. وَأنْشد:
مُجْلَعبّاً بَين راووق ودَنّ
أَبُو عبيد عَن الْفراء رجل جلعبى الْعين، وَالْأُنْثَى جلعباة: وَهِي
الشَّدِيدَة الْبَصَر وَهِي الشدّة فِي كل شَيْء.
وَقَالَ شمر: لَا أعرف الجَلَعْبى بِمَا فسّرها الْفراء. قَالَ:
والجَلعباة من الْإِبِل: الَّتِي قد قَوَّست ودَنت من الكِبَر. قَالَ:
والمجلعبّ: الْمَاضِي فِي السّير. والمجلعبّ أَيْضا: المصروع إمّا
ميّتاً، وَإِمَّا صَرْعاً شَدِيدا. قَالَ والمجلعبّ: المحتدّ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المجلعبّ: المضطجع. والمجلعبّ أَيْضا:
الذَّاهِب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الجَلَعْباة: الشَّدِيدَة من الْإِبِل.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: سيل مزلعبّ ومجلعبّ: وَهُوَ الْكثير
قَمْشُه.
(علجن) : اللَّيْث: العَلْجَنُ: النَّاقة الكِنَازُ اللَّحْم.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي بَاب مَا زَادَت الْعَرَب فِيهِ النُّون
من الْحُرُوف: نَاقَة عَلْجَن، وَهِي الغليظة المستعلِجة الخَلْق.
وَأنْشد قَول الراجز:
وخلَّطت كل دِلاَث عَلْجن
تَخْلِيط خرقاء الْيَدَيْنِ خَلْبَن
(عملج) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجل عَمَلج: حسن الْغذَاء.
قلت الَّذِي روينَاهُ عَن الثِّقَات: رجل غَمَلَّج بالغين إِذا كَانَ
نَاعِمًا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: رجل عَفَلَّط: أَحمَق.
(عسلج) : عَمْرو عَن أَبِيه: العُسْلُج: الغُصْن الناعم.
(عفنج) : والعَفْنجَج: الضخم الأحمق. والعَصَلَّج المعوجّ السَّاقَيْن.
(زعبج) : الْأَثْرَم عَن أبي عُبيدة: الزَعْبَج: الْغَيْم الْأَبْيَض.
قَالَ والزَعْبَج: الْحسن من كل شَيْء من الْحَيَوَان والجوهر
والزَعْبَج: الزَّيْتُون.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الزَعْبَج: السَّحَاب الرَّقِيق.
(علجن) : أَبُو سعيد: نَاقَة عُلْجُوم وعُلْجون: أَي شَدِيدَة وَهِي
العَلْجَن.
وَقَالَ أَبُو مَالك: نَاقَة عَلْجَن: غَلِيظَة.
(جعفل) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجَعْفليل: الْقَتِيل
المنتفِخ. وَقَالَ غَيره: طعنه فجعفله إِذا قلبه عَن السرج فصرعه.
(بَاب الْعين والشين)
(ع ش)
شعفر: شَعْفَر من أَسمَاء النِّسَاء. وأنشدني
(3/208)
المنذريّ:
يَا لَيْت أنّي لم أكن كِرَّيا
وَلم أسُق بشَعْفَر المطِيّا
(عشنط عنشط) : اللَّيْث: العَشَنَّط: الطَّوِيل من الرِّجَال. وَجمعه
عَشَنَّطُون وعشانط.
قَالَ: وَيُقَال هُوَ الشابّ الظريف قَالَ: والعَنْشَط: السيّء
الخُلُق. وَأنْشد:
أَتَاك من الفتيان أروعُ ماجد
صبور على مَا نابه غير عَنْشَط
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العَشَنَّط والعَنْشَط مَعًا: الطَّوِيل
الأول بتَشْديد النُّون وَالثَّانِي بِسُكُون النُّون قبل الشين.
(عشزر) : اللَّيْث: العَشَنْزَر، العَسِر الخُلُق من كل شَيْء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العَشَنْزَر والعَشَوْزَن من الرِّجَال
الشَّديد. وَأنْشد غَيره:
ضربا وطعناً باقراً عَشَنْزَرا
(عشزن) : وَقَالَ اللَّيْث: العَشَوْزَن: العَسِر الخُلُق من كل شَيْء.
وَيُقَال: عَشْزَنَتُه: خِلَافه. قَالَ: وَجمع العشوزن عشاوز. وناقة
عشوزنة. وَأنْشد:
أخذك بالميسور والعشوزن
وَيجوز أَن يجمع عشوزن على عشاون بالنُّون.
(شرعب) : اللَّيْث: الشَرْعَبَة: شقّ اللَّحْم والأديم طولا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الشَرْعَب: الطَّوِيل وَقَالَ أَبُو عَمْرو:
الشَرْعَبيَّة برود.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كالبُسْتَان والشرعبي ذَا الأذيال
وَقَالَ رؤبة يصف نَاب الْبَعِير:
قدا يخدَّاد وهذَّا شَرْعبا
(عفشل) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَفْشَلِيل:
الكِسَاء الغليظ.
(وَرجل عَفَنْشَل: ثقيل وخْم) .
شمعل: وَقَالَ اللَّيْث: شمعلت الْيَهُود شَمْعَلة. وَهِي قراءتهم إِذا
اجْتَمعُوا فِي فُهْرهم. واشمعلَّت الْإِبِل إِذا تَفَرَّقت وَمَضَت
مَرَحاً ونشاطاً. وَأنْشد:
إِذا اشمعلّت سَنَناً رسابها
بِذَات خرقين إِذا حَجَابها
وناقة شمعلة سريعة: نشيطة. واشمعلّت الْغَارة إِذا انتشرت وتفرّقت.
وَأنْشد:
صبحتُ شَبَاما غَارة مشمعلَّة
وَأُخْرَى شاهديها قَرِيبا لشاكرِ
أَبُو زيد: الشَمْعَل: النَّاقة الْخَفِيفَة. وَأنْشد:
يَا أَيهَا العَوْدُ الضَّعِيف الأَثْيَل
مَالك إِذْ حُثَّ المطى تزحل
أُخْراً وتنجو بالركاب شَمْعَلُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المشمعِلَّة النَّاقة السريعة والمسمغلة
الطَّوِيلَة بالغين وَالسِّين.
(3/209)
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت بعض قيس
يَقُول: اشمعطَّ الْقَوْم فِي الطّلب، واشمعلوا إِذا بَادرُوا فِيهِ،
وَتَفَرَّقُوا، واشمعلت الْإِبِل واشمعطَّت إِذا انتشرت.
(شنعف) : اللَّيْث: الشِّنْعاف: الطَّوِيل الشَّديد. والشَّنْعاف:
الطَّوِيل الرخو الْعَاجِز. وَأنْشد:
تزوجتِ شنعافا فآنستِ مقرفا
إِذا ابتدر الأقوام مجدا تقنّعا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الشناعيف وَاحِدهَا شنعاف، وَهِي رُؤُوس
تخرج من الْجبَال.
(شبدع) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الشبادع: العقارب. وَاحِدهَا
شِبْدِعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ألقيتُ عَلَيْهِ شِبْدِعا وشِبْدَعا،
أَي داهية. قَالَ: وَأَصله الْعَقْرَب.
(برشع) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البِرْشاع: الأهوج المنتفخ.
وَأنْشد:
وَلَا ببِرشاع الوخام وَغْب
(عشرب) : وَقَالَ غَيره العَشَرَّب والعَشَرَّم: السهْم الْمَاضِي.
(شرعف) : والشُرْعُوف: نبت أَو ثَمَر.
وَقَالَ مدرك الجعفريّ: يُقَال فَرِّقوا لضوالّكم بُغْيَانا يُضبّون
لَهَا أَي يشمعطّون. فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: أضَبّوا لفُلَان أَي
تفَرقُوا فِي طلبه، وَقد أضب الْقَوْم فِي بُغيتهم أَي فِي ضالّتهم أَي
تفرّقوا فِي طلبَهَا.
(عنفش) : وَفِي (النَّوَادِر) : أَتَانَا فلَان مُعَنْفِشاً بلحيته،
ومقنفِشاً، ومفنشياً. وَفُلَان عِنْفَاشُ اللِّحْيَة وعَنْفَشِيّ
اللِّحْيَة: وقبشار اللِّحْيَة.
(شعنب) : النَّضر: الشَعْنِبَة أَن يَسْتَقِيم قرن الْكَبْش ثمَّ يلتوي
على رَأسه؛ من قِبل أُذُنَيْهِ. يُقَال: كَبْش مشعنِب الْقرن بِالْعينِ
والغين.
(بَاب الْعين وَالضَّاد)
(ع ض)
(ضلفع) : اللَّيْث: ضَلْفَع: مَوضِع. وَأنْشد:
بَعَمايتين إِلَى جَوَانِب ضَلْفَع
عَمْرو عَن أَبِيه: ضَلْفَعه، وضَلْعفه، وصَلمعه إِذا حَلَقه.
(عرضن) : اللَّيْث: العِرَضْنَة والعِرَضْنى: عَدْو فِي اشتقاق.
وَأنْشد:
تعدو العِرَضْنَى خيلُهم حَرَاجِلا
وَامْرَأَة عِرَضْنة: ضخمة قد ذهبت عَرْضاً من سمنها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العرضنى عَدْو فِي اعْتِرَاض ونشاط. قَالَ
وحَرَاجل وعَرَاجل: جماعات: قَالَ وَيُقَال للرجّالة: عراجل أَيْضا.
أَبُو عبيد: العِرَضْنة: الِاعْتِرَاض فِي السّير من النشاط. وَلَا
يُقَال نَاقَة عِرَضْنة.
ضفدع: الضِفدِع جمعه ضفادع. وَرُبمَا قَالُوا: ضفادي. وَأنْشد بَعضهم:
ولضفادي جمّه نقانق
أَرَادَ: الضفادع؛ فَجعل الْعين يَاء؛ كَمَا قَالُوا فِي أَرَانِي فِي
أرانب. يُقَال: نقّت ضفادع بَطْنه إِذا جَاع؛ كَمَا يُقَال: نقت
(3/210)
عصافير بَطْنه.
(ضلفع) : وَقَالَ ابْن السّكيت فِي الْأَلْفَاظ إِن صحّ لَهُ:
الضَلْفَع والضلفعة من النِّسَاء: الواسعة. وَأنْشد:
أقبلن تَقْرِيبًا وَقَامَت ضَلْفعا
فأقْبَلتهُن هِبَلاَّ أبقعا
عِنْد استها مثل استها أَو أوسعا
(عربض) : وَقَالَ اللَّيْث: أَسَد عِرْباض: رحب الكَلكَل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العِرباض: الْبَعِير الغليظ الشَّديد. وَمثله
العِرَبْض.
شمر: العِرَبْض والعرباض: الضخم الْعَظِيم. وَأنْشد:
ألْقى عَلَيْهَا كلكلاً عِرَبْضا
وَقَالَ:
إِن لنا هوَّاسةً عِرَبْضا
(عرمض) : اللَّيْث: العَرْمَض: رِخْو أَخْضَر كالصوف فِي المَاء المزمن
وَأَصله نَبَات. والعَرْمَض أَيْضا: شَجَرَة من شجر العضاه لَهَا شوك
أَمْثَال مناقير الطير: وَهُوَ أصلبها عيدانا. وَيُقَال لصغار الأرك
عرمض. والعرمض من السدر صغاره. وصغار العضاه عرمض والعرمض الغَلْفَق
الْأَخْضَر الَّذِي يتغشّى المَاء، فَإِذا كَانَ من جوانبه فَهُوَ
الطحلب.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَاء المعرمِض والمطحلب وهما وَاحِد. وَيُقَال
لَهما ثَوْر المَاء وَهُوَ الْأَخْضَر الَّذِي يخرج من أَسْفَل المَاء
حَتَّى يكون فَوق المَاء.
(عضمز) : اللَّيْث: العَيْضَمُوز: النَّاقة الضخمة منعهَا الشحمُ أَن
تحمل.
وَرَوَى أَبُو عبيد عَن الكسائيّ قَالَ: العيضموز: الْعَجُوز
الْكَبِيرَة. وَأنْشد:
أعْطى خُبَاسة عيضموزاً كَهَّة
لَطْعاء بئس هديّة المتكرّم
قَالَ: وناقة عيضموز.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَجُوز عَضَمَّزة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَضَمَّز: الشَّديد من كل شَيْء وَرجل
عَضَمَّز الْخلق شديده.
وَقَالَ اللحياني: العَضَمَّز: الرجل الْبَخِيل، وَامْرَأَة عَضَمَّزة.
وَقَالَ حُمَيد:
عَضَمَّزةٌ فِيهَا بقاءٌ وشِدَّةٌ
ابْن السّكيت فِي بَاب الدَّوَاهِي: العضمَّزة: الداهية.
عضرط: اللَّيْث: العُضْرُوط والعُضْرُط: الَّذِي يخدمك بِطَعَام
بَطْنه. وهم العضاريط والعضارطة.
الْأَصْمَعِي: العَضَارط الأجَراء. وَأنْشد:
أذاك خير أيّها العضارط
وأيها اللمعظة العَمَارط
قَالَ: رجل لعمظة ولمعظة وَهُوَ الشرِه الْحَرِيص.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللمعظ: الشهوان الْحَرِيص. وَرجل لُعموظ ولُعموظة
من قوم لعامِظة.
الْأَصْمَعِي قوم عمارط: لَا شَيْء لَهُم. واحدهم عُمْروط.
غَيره: هِيَ العِضْرِط والبُعْثُط للاست.
(3/211)
يُقَال: أَلزق بُعْثطه وعِضْرِطه
بالصَّلَّة يَعْنِي استه.
وَقَالَ شمر: مثل للْعَرَب إياك وكل قِرْن أهلبِ العِضْرِط.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العِضْرِط: العِجَان والخُصْية.
(عضرس) : وَقَالَ اللَّيْث: العَضْرَس: نَبَات فِيهِ رخاوة تسودّ
مِنْهُ جحافل الدوابّ إِذا أَكلته.
وَقَالَ ابْن مقبل:
والعَيْر ينفحُ فِي المَكْنَان قد كَتَنت
مِنْهُ جحافله والعَضْرَسِ الثَجِر
قَالَ: والعَضْرَس: البَرَد أَيْضا.
وَقَالَ: أَبُو الْهَيْثَم: العَضْرَس: شَجَرَة لَهَا زهرَة حَمْرَاء.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مُغَرَّثةً زُرْقا كَأَن عيونها
من الذَمْر والإيساء نُوَّار عَضْرَس
(قعضب) : عَمْرو عَن أَبِيه: قرَب قَعْضَبىّ، وقَعْطبىّ، ومقعَّط:
شَدِيد.
(بعثط) : أَبُو زيد: ألزق بُعثْطة بِالْأَرْضِ وعِضْرِطه وَهِي استه
وجلدة خصييه ومذاكيره. وَقَالَ أَبُو مَالك البُعْثُط: العِجَان نَفسه.
(بَاب الْعين وَالصَّاد)
(ع ص)
(صعتر) : قَالَ اللَّيْث: الصَعْتريّ: الشاطر بلغَة أهل الْعرَاق.
قَالَ: والصَعْتر من الْبُقُول أَيْضا.
أَبُو عَمْرو: هُوَ الصَعْتر بالصَّاد. قَالَ: وَرجل صَعْتَرِيّ لَا
غير إِذا كَانَ فَتى كَرِيمًا شجاعاً.
(صنتع) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الصُّنْتُع: الحِمَار الصُلْب
الرَّأْس. قَالَ: والصِّعْوَنّ: الدَّقِيق العُنُق.
وَقَالَ اللَّيْث: حمَار صُنْتُع: شَدِيد الرَّأْس ناتىء الحاجبين عريض
الْجَبْهَة. وظليم صُنْتُع.
عنصر: قَالَ والعُنْصَرُ: أصل الْحسب، جَاءَ عَن الفصحاء، بضمّ الْعين
وَنصب الصَّاد وَقد يَجِيء نَحوه من المضموم كثير؛ نَحْو السُنْبُل
وَلَكنهُمْ اتّفقوا فِي العُنْصَر والعُنْصَل والعُنْقَر. وَلَا يَجِيء
فِي كَلَامهم المنبسط على بِنَاء فُعْلَل إلاّ مَا كَانَ ثَانِيه نوناً
أَو همزَة نَحْو الجُنْدَب والجُؤذَر. وَجَاء السُودَد كَذَلِك
كَرَاهِيَة أَن يَقُولُوا سُودُد فتلتقي الضمَّات مَعَ الْوَاو ففتحوا.
ولغة طيّىء: السودُد مضموم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ العنصر بِضَم الصَّاد للْأَصْل.
وروى ابْن السّكيت عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ يُقَال: عُنْصَل أَو
عُنْصُل للبصل البرّي، وَهُوَ لئيم العُنْصَر والعُنْصُر أَي الأَصْل،
وجُؤْذُر وجُؤْذَر، وقُنْفُذ وقُنْفَذ.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: بُرْقُع وبُرْقَع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العنصر الداهية.
وَقَالَ غَيره: العنصر: الهمَّة وَالْحَاجة. وَقَالَ البَعيث:
أَلا راج بالرَهْن الخليطُ فهَجّرا
وَلم تقض من بَين العِثيّات عُنْصرا
(3/212)
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عُنْصَر الرجل
وعُنْقَره: أَصله.
وَقَالَ سُويد بن كُرَاع:
أراعك بالبين الخليطُ المهجِّر
وَلم يَك عَن بَين الْأَحِبَّة عنصر
قلت: أَرَادَ: العَصَر والملجأ.
(عصفر) : وَقَالَ اللَّيْث: العصفر نَبَات سلافته الجريال وَهِي معربة.
وَقَالَ غَيره: تعصفرت الْعُنُق تعصفراً إِذا التوت.
وَقَالَ اللَّيْث: العصفور: طَائِر ذكر. والعصفور: الْجَرَاد الذّكر.
قَالَ والعصفور: شِمراخ يسيل من غُرَّة الْفرس لَا يبلغ الخَطْم.
وَالعصفور: قِطْعَة من الدِّمَاغ تَحت فَرْخ الدِّمَاغ، كَأَنَّهُ
بَائِن مِنْهُ، بَينهمَا جُلَيدة تفصله. وَأنشد:
ضربا يزِيل الْهَام عَن سَرِيرِه
عَن أمّ فرخ الرَّأْس أَو عصفوره
قَالَ والعصفور فِي الهودج: خَشَبَة تَجْمع أَطْرَاف الخشبات فِيهَا،
وَهِي كَهَيئَةِ عُصْفُور الإكاف، وعصفور الإكاف عِنْد مقدَّمه فِي أصل
الذئبة وَهِي قِطْعَة خشب قدر جَمْع الكفّ أوَ أعيظم مِنْهُ شيأ،
مشدودة بَين الحِنْوين المقدمين.
وَقَالَ الطرماح يصف الغَبِيط أَو الهودج:
كل مَشْكُوك عصافيره
قانىء اللَّوْن حَدِيث الدِّمام
يَعْنِي أَنه قد شُك فَشد العصفور من الهودج فِي موَاضعه بالمسامير.
وَكَانَ للنعمان بن الْمُنْذر نَجَائِب يُقَال لَهَا عصافير
النُّعْمَان.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال للجمل ذِي السَنَامين: عصفوريّ.
وَيُقَال للرجل إِذا جَاع: نقَّت عصافير بَطْنه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العصفور السيّد. قَالَ: وَالعصافير:
ضَرْب من الشّجر لَهُ صُورَة كصورة العصفور يسمون هَذَا الشّجر: مَنْ
رأى مِثْلي.
(عرصف) : اللَّيْث: العِرْصاف: العَقَب المستطيل. وَيقال: أَكثر مَا
يُقَال ذَلِك لِعَقَب المتنين والجنبين.
قلت: وَيُقَال للسوط إِذا سمى من العَقَب عِرصاف وعِرفاص. وعرصفت
الشَّيْء إِذا جَذَبْتَهُ من شَيْء فشققته مستطيلا. وكل خُصْلة من
سَرَعان المَتْنَين عِرصاف وعِرفاص سمعته من الْعَرَب.
وَقال اللَّيْث: العراصيف أَرْبَعَة أوتاد تجمعن بَين رُؤُوس أحناء
الرحل فِي رَأس كل حنو مِنْهَا من ذَلِك وَدَّان مشدودان بجلود
الْإِبِل؛ يعدلُونَ الحِنْو بالعُرْصُوف. وعراصيف القتَب: عصافيره
الَّتِي وَصفنَا.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: العراصيف: الخُشُب الَّتِي يُشد بهَا رُؤُوس
الأحناء وتُضَمّ بهَا.
وَقال الْأَصْمَعِي: فِي الرحل العراصيف وَهِي الخشبتان اللَّتَان
تُشّدان بَين وَاسِط الرحل وآخرته وآخرته يَمِينا وَشمَالًا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للقِدَّة الَّتِي تَضم العراصيف: حنكة
وحِنَاك.
صمعر: وَقَالَ اللَّيْث الصَمْعَرِيّ: اللَّئِيم
(3/213)
والصَمْعَريّ: من لم يعْمل فِيهِ رُقْية
وَلَا سِحْر. والصمعرية من الْحَيَّات الخبيثة، وَأنْشد:
أحية وَادي ثُغْرة صَمْعَرِيَّةٌ
أحب إِلَيْكُم أم ثلاثٌ لواقحُ
أَرَادَ باللواقح العقارب.
(عصمر) : وَقَالَ اللَّيْث: العصامير دلاء المنجنون وَاحِدهَا
عُصْمُور.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُصْمور: دلو الدولاب. والصُمْعور:
الْقصير الشجاع.
(عرصم) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَرصَم: النشيط.
والعَرْصَم أَيْضا: الأكول. والعرْصوم: الْبَخِيل.
وَقَالَ اللَّيْث العِرصمُّ: الرجل القويّ الشَّديد البَضْعة.
(عنفص) : اللَّيْث: العِنْفِص. الْمَرْأَة القليلة الْجِسْم. وَيُقَال
أَيْضا: هِيَ الداعرة الخبيثة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: العِنْفص: البذيئة القليلة الْحيَاء من
النِّسَاء. وَأنْشد شمر:
لعمرك مَا ليلى بورهاء عِنْفِص
وَلَا عَشَّةٍ خلْخَالهَا يتقعقع
(صعنب) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال الصَّعْنَب: الصَّغِير
الرَّأْس.
وقالَ غَيره: صَعْنَبَي: قَرْيَة ياليمامة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّعنبة: أَن تُصعنَب الثريدة، يُضَمَّ جوانبها
وتُكَوَّمَ صومعتها. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم سوّى ثريدة فلبَّقها بسمنٍ ثمَّ صَعْنبها.
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي رفع رَأسهَا.
وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: صَعْنَبها: جعل لَهَا ذُروة.
وَقَالَ شمر: هُوَ أَن يضمّ جوانبها، ويكوّم صومعتها. أنْشد أَبُو
عَمْرو:
يتبعْن عَوْداً كاللواء تَيْأبا
ناجٍ عَفَرنى سرعانا أغلبا
رَحْب الفُروج ذَا بَضيع مِنْهَبَا
يُحْسَب باللِّوى صُوًى مُصَعْنَبا
الصُوى: الْحِجَارَة الْمَجْمُوعَة الْوَاحِدَة صُوَّة. والمُصعنَب
الَّذِي حدّد رَأسه، يُقَال: إِنَّه لمصعنَب الرَّأْس إِذا كَانَ محدّد
الرَّأْس. وَقَوله: ناجٍ أَرَادَ ناجياً. (و) المِنْهَب: السَّرِيع:
وَقد أجوُبُ ذَا السماط السَبْسَبا
فَمَا ترى إِلَّا السِّرَاح اللّغَّبا
وَأَن ترى الثَّعْلَب يعفُو مَحْرَبا
محرباً: أَي منزلا. يعفُو: أَي يَأْتِي.
(صنبع) : وَقَالَ اللَّيْث: الصّنْبَعة: انقباض الْبَخِيل عِنْد
الْمَسْأَلَة. تَقول: رَأَيْته يُصَنْبِع لؤماً. وصُنَيْبِعات: مَوضِع
يُسمى بِهَذِهِ الْجَمَاعَة.
عَمْرو عَن أَبِيه الصَّنْعَبة: النَّاقة الصُلْبة.
عنصل: الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو العُنْصُل والعُنْصَل: كُرّاث بَرّى
يُعمل مِنْهُ خَلّ يُقَال لَهُ: خلّ العُنْصُلانيّ وَهُوَ أَشد الخلّ
حموضة.
قَالَ الْأَصْمَعِي: ورأيته فَلم أقدر على أكله.
(3/214)
وَقَالَ أَبُو حَاتِم سَأَلت الْأَصْمَعِي
عَن طَرِيق العنصلين فَفتح الصَّاد، وَقَالَ: لَا يُقَال بِضَم
الصَّاد. قَالَ وتقوله العامّة إِذا أَخطَأ إِنْسَان الطَّرِيق،
وَذَلِكَ أَن الفرزدق ذكر فِي شعره إنْسَانا ضل فِي هَذَا الطَّرِيق
فَقَالَ:
أَرَادَت طَرِيق العنصلين فيا سرت
فظنت الْعَامَّة أَن كل من ضل يَنْبَغِي أَن يُقَال لَهُ هَذَا. قَالَ:
وَطَرِيق العنصلين هُوَ طَرِيق مُسْتَقِيم. والفرزدق وَصفه على
الصَّوَاب فظنّ النَّاس أَنه وَصفه على الْخَطَأ.
وَذكر مُحَمَّد بن سلاَّم أَن الفرزدق قدم من الْيَمَامَة، وَدَلِيله
عَاصِم رجل من بَلْعنبر فضلّ بِهِ الطَّرِيق فَقَالَ:
وَمَا نَحن إِن جارت صُدُور رِكَابنَا
بِأول من غرّت دلَالَة عَاصِم
أَرَادَ طَرِيق العنصلين فيا سرت
بِهِ العيس فِي وَادي الصوى المتشائم
وَكَيف يضلّ العنبريّ ببلدة
بهَا قطعت عَنهُ سيور التمائم
وَقَالَ اللَّيْث: العنصل: نَبَات أَصله شبه البَصَل، وورقه كورق
الكُرّاث أَو أعرض مِنْهُ، ونَوْره أصفر يتَّخذه صبيان الْعَرَب أكاليل
وَأنْشد:
وَالضَّرْب فِي جأواء ملمومة
كَأَنَّمَا هامتها عنصل
(عصلب) : أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: العَصْلبيّ: الشَّديد. وَأنْشد:
قد حَشَّها اللَّيْل بعصلبيّ
مهاجرٍ لَيْسَ بأعرابي
اللَّيْث: العصلبيّ: الشَّديد الْبَاقِي على الْمَشْي وَالْعَمَل.
قَالَ وعصلبتُه: شدَّة عَصْبه.
(صلمع صلفع) : وَقَالَ اللَّيْث: الصَلْمَعة والصَّلْفعة من الإفلاس
وَذَهَاب المَال. وَرجل مُصَلْمِع مُصَلْفِع مُفْقِع.
أَبُو عبيد: الأصمعيّ: صلفع رَأسه إِذا ضرب عُنُقه. قَالَ وَقَالَ
الْأَحْمَر: صلمعت الشَّيْء قلعته من أَصله صلمعة وأنشدنا:
أصلمعة بن قلعمة بن فَقْع
لهِنّك لَا أبالك تزدريني
وَقَالَ الْفراء: صَلْمع رَأسه إِذا حلقه.
عَمْرو عَن أَبِيه صلفع رَأسه وضلْمعه وضلعفه وقلمعه وجلمطه إِذا حلقه.
وَأنْشد ثَعْلَب لعامر بن الطُّفَيْل يهجو قوما:
سود صَنَاعية إِذا مَا أوردوا
صدرت عَتُومهم ولمّا تُحلب
صُلْع صلامعة كَأَن أنوفهم
بَعَر ينظمه وليد يلْعَب
لَا يخطبون إِلَى الْكِرَام بناتهم
وتشيب أيّمهم وَلما تُخْطَب
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: صناعية الَّذين يَصْنعون المَال: يسمّنون
فصلانهم وَلَا يسقون ألبان إبلهم الأضياف. صلامعة: رقاق الرؤوس:
عَتُوم: نَاقَة غزيرة يُؤخّر حِلابها إِلَى آخر اللَّيْل.
وَقَالَ أَبُو العمثيل: يُقَال للَّذي لَا يُعرف: هُوَ صَلْمَعة بن
قَلْمعة وَهُوَ هَيّ بن بَيّ، وهَيَّان ابْن بَيَّان، وطامر بن طامر.
دعمص: اللَّيْث الدُعْمُوص: دويبة تكون فِي
(3/215)
مستنقَع المَاء.
(صعفر) : قَالَ: واصعنفرت الإبلُ: أجدَّت فِي سَيرهَا. واصعنفر إِذا
نفر. وَقَالَ اللَّيْث اصعنفرت الحُمر إِذا ابذعَرَّت فنفرت وأسرعت
فِرَارًا، وَإِنَّمَا صعفرها الخوفُ والفَرَق.
(صمعد) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المصمعدّ: الذَّاهِب واصمعدّ فِي
الأَرْض: ذهب فِيهَا وأمعن.
قلت: وَالْأَصْل أصعد، فزادوا الْمِيم، وَقَالُوا: اصمعدّ فشددوا فِي
(نَوَادِر أبي عَمْرو) : الصَمَعْتُوت: الْحَدِيد الرَّأْس.
قَالَ الْفراء أهل الْيَمَامَة يسمّون السِّكباجة صَعْفصة. قَالَ
وتسمَّى رجلا بصعفص فتصرفه إِذا جعلته عَرَبيا.
(سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصَعْفَصة السِّكْبَاج) .
(صعبر) : أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: الصَعْبَر والصَنَعْبَر شجر
بِمَنْزِلَة السِدْر.
(فصعل) : شجر الفِصْعِل: العَقْرَب، وَأنْشد:
وَمَا عَسى يبلغ لَسْبُ الفِصْعِلِ
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: من أَسمَاء
الْعَقْرَب الفصعل، بِضَم الْفَاء وَالْعين والفرضخ مثله.
(عملص) : وقَرَب عِمْلِيص: شَدِيد مُتْعب وَأنْشد:
مَا إِن لَهُم بالدَوّ من محيص
سوى نجاء القَرَب العِمْلِيص
(دعفص) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد الدِعفِصَة: الْمَرْأَة القليلة
الْجِسْم.
(عصلد) : قَالَ والعُصْلد والعُصْلود: الصلب الشَّديد.
(بَاب الْعين وَالسِّين)
(ع س)
(عسطس) : اللَّيْث: عَسَطُوس: شَجَرَة تشبه الخيزران وَيُقَال: هِيَ
شَجَرَة تكون بالجزيرة لينَة الأغصان. قَالَ وَيُقَال: عَسَطُوس من
رُؤُوس النَّصَارَى بالرومية. وَأنْشد:
عَصا عَسَطُوسٍ لينُها واعتدالها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الخيزران والعَسَطوس
والْجُنْهِيّ.
(عرطس) : اللَّيْث عَرْطَس فلَان إِذا تنحّى. وَفِي لُغَة عرطس إِذا
ذلّ عَن الْمُنَازعَة. وَأنْشد:
وَقد أَتَانِي أَن عبدا طِبْرِسا
يوعدني وَلَو رَآنِي عرطسا
وَقَالَ غَيره سَرْطَع وطَرْسَع إِذا عدا عَدْواً شَدِيدا.
عطمس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: العَيْطَمُوس: النَّاقة التامّة
الخَلْق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العيطموس:
(3/216)
النَّاقة الهَرِمة.
أَبُو عبيد: العَيْطَموس من النِّسَاء: الحَسَنة الطَّوِيلَة. وَقَالَ
اللَّيْث: هِيَ الْمَرْأَة التَّارَّة ذاتُ قوام. وَيُقَال ذَلِك لَهَا
فِي تِلْكَ الْحَال إِذا كَانَت عاقراً.
غَيره: اسمعطَّ العَجَاج اسمعطاطاً إِذا سَطَع وعسمطت الشَّيْء عَسْمطة
إِذا خلطته.
(عترس) : اللَّيْث: العِتْرِيس من الغيلان: الذّكر. قَالَ:
والعَنْتَرِيس: النَّاقة الْوَثِيقَة الجَوَاد. وَقد يُوصف بِهِ
الفَرَس. والعتْرَسة الغصْب يُقَال: أَخذ مَاله عَتْرَسة وَقد عَتْرَسه
مالَه. وَفِي الحَدِيث أَن رجلا جَاءَ إِلَى عمر بِرَجُل قد كَتَفه،
فَقَالَ: أتُعترسه، يَعْنِي: أتقهره وتظلمه دون حكم حَاكم.
قَالَ شمر: وَقد رُوِيَ هَذَا الْحَرْف عَن عمر مُصحفا فَقَالُوا قَالَ
عمر أبغير بيّنة؟ قَالَ: وَهَذَا محَال لِأَنَّهُ لَو أَقَامَ عَلَيْهِ
الْبَيِّنَة لم يكن لَهُ فِي الحكم أَن يكتفه.
عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال للديك: العُترُسَان والعِتْرِس وَقَالَ
اللَّيْث: العِتريس والعنتريس الداهية والعنتريس: الشجاع. وَأنْشد قَول
أبي دؤاد:
كل طِرف موثَّق عنتريس
مستطيل الأقراب والبُلْعوم
يصف فرسا، وعنى بالبلعوم جحفلته أَرَادَ بَيَاضًا سَائِلًا على جحفلته.
الْأَصْمَعِي وَأَبُو عبيد عَن أبي الْحسن العَدَوي: العنتريس:
النَّاقة الْكَثِيرَة اللَّحْم الشَّدِيدَة.
وَقَالَ وَقيل: العتَرَّس: الحادرة الخَلْق الْعَظِيم الْجِسْم العَبْل
المفاصل، وَمثله الكرَوّس، قَالَ العجَّاج:
ضَخْم الخَبَاسات إِذا مَا تَخَبَّسا
غَضْبا وَإِن لَاقَى الصعاب عَتْرسَا
وَقَالَ: عَتْرَس: أَخذهم بجفاء وخُرْق، والْخُباسات الْغَنَائِم.
(عردس) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو العرندسة: النَّاقة الشَّدِيدَة.
وَقَالَ العجّاج:
وَالرَّأْس من خُزَيْمَة العرندسا
أَي الشَّديد.
(دلعس) : وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدَلْعَس والبَلْعَس والدَلْعَك كل
هَذَا: الضَخْمة من النوق مَعَ استرخاء فِيهَا، والعُبْسُور: الصلبة.
(وجمل دِلْعَوْس ودُلاَعِس إِذا كَانَ ذلولاً) .
(عبطس) : شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَبْطَمُوس من النِّسَاء:
الجميلة.
(عَنْبَس) : وَقَالَ اللَّيْث: العَنْبَس من أَسمَاء الأسَد، إِذا
نعتّه قلت: عَنْبَس وعُنَابس. وَإِذا خصصته باسم قلت: عَنْبَسَة، كَمَا
تَقول أُسَامَة وساعدة.
أَبُو عبيد: العَنْبَس: الْأسد لِأَنَّهُ عَبُوس.
بعنس: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَعْنَس الأَمَة الرعناء.
(3/217)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَعْنَس الرجل
إِذا ذَلَّ بِخِدْمَة أَو غَيرهَا وعَنْبَس إِذا جَرَح.
(عنسل) : وَقَالَ اللَّيْث: العَنْسَل: النَّاقة القويّةِ السريعة.
وَقَالَ غَيره: النُّون زَائِدَة، أَخذ من عَسَلان الذِّئْب.
(عملس) : وَقَالَ اللَّيْث العَمَلَّسُ: الذِّئْب الْخَبيث وَالْكَلب
الْخَبيث وَقَالَ الطرماح يصف كلاب الصَّيْد:
يوزّع بالأمراس كلّ عَمَلَّس
من المطعِمات الصَّيْد غير الشواجن
يوزّع: يكفّ. وَقيل يُغْري، كل عملّس: كل كلب كَأَنَّهُ ذِئْب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَمَلَّس: الْقوي على السّفر. والعملط: مثله.
وَأنْشد:
قرب مِنْهَا كل قَرْم مُشْرَط
عَجَمْجَم ذِي كِدْنة عَمَلَّطِ
(سلفع) : اللَّيْث: السَلْفَع: الشجاع الجسيم. وَرجل سَلْفَع
وَامْرَأَة سَلْفَع الذّكر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء: سليطة.
(عرنس) : والعِرْناس: طَائِر كالحمامة لَا تشعُر بِهِ حَتَّى يطير من
تَحت القَدَم فيُفزعك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العِرناس: أَنْف الْجَبَل. قَالَ
والشِنْعاب: رَأس الْجَبَل بِالْبَاء.
(عرمس) : وَقَالَ اللَّيْث العِرْمِس: اسْم للصخرة، وَبِه نعتت
النَّاقة الصُلْبه.
(عربس) : قَالَ والعِرْبِس: متْن مُسْتَو وَهُوَ العَرْبَسِيس. وَأنْشد
قَول الطرماح:
تُرَاكِل عَرْبَسِيس الْمَتْن مَرْتا
كَظهر السَّيْح مطَّردَ المُتون
قَالَ وَمِنْهُم من يَقُول: عِرْبَسيس بِكَسْر الْعين اعتبارااً
بالعِرْبِس.
قلت: وَهَذَا وَهَم؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامهم على مِثَال
فِعْلَليل بِكَسْر الْفَاء اسْم. وَأما فَعْلَليل فكثير، نَحْو
مَرْمَرِيس ودَرْدَبِيس وخَمْجَرِير وَمَا أشبههَا.
(عمرس) : وَقَالَ غير وَاحِد العُمْرُوس والطُمْرُوس: الخروف. وَقَالَ
حُمَيد بن ثَوْر يصف نسَاء نشأن بالبادية:
أُولَئِكَ لم يدرين مَا سَمَك القُرَى
وَلَا عُصُب فِيهَا رِئات العمارس
وَيُقَال للغلام الشابل عمروس.
عسبر: اللَّيْث العُسْبُر: النَّمِر وَالْأُنْثَى عُسْبُرة. قَالَ:
والعُسْبُور. ولد الْكَلْب من الذئبة. والعِسْبارة: ولد الضبع من
الذِّئْب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفُرْعُل: ولد الضبع. وَالْأُنْثَى
فُرْعُلة: قَالَ والعِسْبار: ولد الضبع من الذِّئْب وَجمعه عسابر.
وَأنْشد:
وَتجمع المتفرقو
ن من الفراعل والعسابر
وَقَالَ اللَّيْث: العسبورة والعُسْبُرة: النَّاقة السريعة من النجائب
وَأنْشد:
لقد أرانيَ وَالْأَيَّام تعجبني
والمقفرات بهَا الخُور العسابير
قلت: وَالصَّحِيح العُبْسورة، الْبَاء قبل السِّين فِي نعت النَّاقة،
كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه.
(3/218)
برعس: وَقَالَ ابْن السّكيت: نَاقَة
بِرْعِيس إِذا كَانَت غزيرة وَأنْشد:
إِن سرك الغُزْر المَكُود الدَّائِم
فاعمِد براعيسَ أَبوهَا الراهم
وراهم اسْم فَحل.
(سبعر) : وَقَالَ اللَّيْث نَاقَة سِبْعارة وسبعرتُها حِدَّتها ونشاطها
إِذا رفعت رَأسهَا وخَطَرت بذنبها واندفعت.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمبرد قَالَ حدَّثني الرياشي عَن
الْأَصْمَعِي قَالَ قيل لمنتجع بن نَبهَان: مَا السَمَيْدَع؟
فَقَالَ: السَّيِّد الموطّأ الأكناف. والأكناف: النواحي.
وَقَالَ النَّضر: الذِّئْب يُقَال لَهُ: سَمَيدع لسرعته وَالرجل
السَّرِيع فِي حَوَائِجه سميدع.
(سمدع) : وَقَالَ اللَّيْث السميدع الشجاع.
(سرعب) : والسُرْعُوب: ابْن عِرْس وَأنْشد:
وثبة سُرْعوب رأى زَبَابا
أَي رأى جُرَذا ضخماً. ويجْمع سراعيب.
(سعبر) : أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي. بِئْر سَعْبَر أَي
كثير. قَالَ ومرّ الفرزدق بصديق لَهُ فَقَالَ: مَا تشْتَهي يَا أَبَا
فِرَاس؟ فَقَالَ شِواء رشراشا، ونبيذاً سَعْبَراً، وغِناء يفتق السّمع.
قَالَ: الرشراش: الَّذِي يقطر، والسَعْبَر: الْكثير.
وَقَالَ اللَّيْث: السَعْبَرة: الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء.
وَقَالَ اللحياني: أخرجت من الطَّعَام كعابره وسعابِره بِمَعْنى
وَاحِد.
(سرعف) : اللَّيْث: السَرْعَفة: حسن الغِذاء والنَّعمة. وَهُوَ
سُرْعوف: ناعم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الشيخيّ عَن الرياشيّ قَالَ المُسَرْهَف
والمسرعَف: الْحسن الغِذاء. وَأنْشد غَيره:
سرعفتُه مَا شِئْت من سِرْعاف
الْأَصْمَعِي: السُرْعوفة من النِّسَاء الناعمة الطَّوِيلَة. وَقَالَ
النَّضر: السرعوفة: دابَّة تَأْكُل الثِّيَاب.
(عرفس) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العِرْفاس: النَّاقة الصبور
على السّير.
(عمرس) : أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي العَمَرَّس: القويّ الشَّديد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَمَلَّس بِاللَّامِ: القويّ على
السّفر السَّرِيع.
وَقَالَ اللَّيْث: العَمَلَّس والعَمَرَّس وَاحِد، إلاّ أَن العَمَلَّس
يُقَال للذئب. قَالَ: وَيُقَال: العُمْرُوس: الْجمل إِذا بلغ النَزْو.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للجَمَل إِذا أكل واجترَّ فَهُوَ فُرْفُور
وعُمْرُوس. وسير عَمَرَّس وعَمَرَّد: شَدِيد والعَمَرَّس من الْجبَال.
الشامخ الَّذِي يمْتَنع من أَن يصعد إِلَيْهِ.
أَبُو سعيد: العَمَرَّس والعَمَرَّط مثله.
سلعم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن الْمفضل: هُوَ أَخبث من أبي
سِلْعامة وَهُوَ الذِّئْب.
وَقَالَ الطرماح يصف كلاباً:
مُرْغِنات لأخلج الشِّدْق سِلعا
مٍ مُمَرّ مفتولةٍ عضدُه
قَوْله: مُرْغِنات يَعْنِي الْكلاب أَي مصغيات
(3/219)
لدعاء كلب أخلج الشدق واسعه. وَقيل: السلعام: الدَّقِيق الخَطْم
الطويله.
(سملع) : اللحياني: يُقَال للخَبِّ الْخَبيث: إِنَّه تسَمَلَّعٌ
هَمَلَّع. وَيُقَال للذئب: سَلَمَّع أَيْضا.
(عملس) : والعَمْلَسَة: السرعة. وَمِنْه قيل للذئب عَمَلَّس. وَيُقَال
سلعن فِي عَدْوه إِذا عدا عَدْواً شَدِيدا.
(سلعف) : وسَلْعَفت الشَّيْء إِذا ابتلعته.
(عردس) : وَيُقَال: أَخذه فعَرْدسه، ثمَّ كَرْدسه فأمَّا عَرْدَسه
فَمَعْنَاه: صرعه. وَأما كردسه فأوثقه.
(عدبس) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَدَبَّسة: الكُتلة
من التَّمْر: وَقَالَ: العَدَبّس: الْقصير الغليظ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: جمل عَدَبّس: عَظِيم.
(طعسف) : ابْن دُرَيْد: الطَعْسَفة لُغَة مَرْغُوب عَنْهَا يُقَال: مرّ
يطعسف فِي الأَرْض، أَي مرَّ يخبطها. وَكَلَام مُعَلْسَط: لَا نظام
لَهُ.
(دلعس) : اللَّيْث: الدِلْعَوْسُ: الْمَرْأَة الجريئة على أمرهَا،
العصِيّة لأَهْلهَا. والدلعوس: النَّاقة النشِزة الجريئة بِاللَّيْلِ،
الدائبة الدُلْجة.
(سلعف) : وَقَالَ زَائِدَة الْبكْرِيّ: السِّلَّعْف والشِّلَّعْف:
الرجل المضطرب الْخَلْق.
(سمعد) : وَقَالَ أَبُو سعيد: اسمغدَّ الرجل واسمعدّ إِذا امْتَلَأَ
غَضَباً. وَكَذَلِكَ اشمَعَطّ واسمعَطَّ. وَيُقَال ذَلِك فِي ذكر الرجل
إِذا اتْمَهَلّ.
(سلفع) : وَفِي الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَجَآءَتْهُ
إِحْدَاهُمَا تَمْشِى} (الْقَصَص: 25) قَالَ: لَيست بسَلْفَع. والسلفع:
الجريئة القليلة الْحيَاء.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
يَوْمًا أتيح لَهُ جريء سلفع
يُقَال: رجل سلفع وَامْرَأَة سلفع بغَيْرهَا. |