تهذيب اللغة

هَذَا كتاب حرف الْحَاء من تَهْذِيب اللُّغَة
قَالَ أَبُو عبد الرحمان الْخَلِيل بن أَحْمد: الْحَاء: حرف مخرجه من الحلْق. وَلَوْلَا بُحّة فِيهِ لأشبه الْعين. قَالَ: وَبعد الْحَاء الْهَاء. وَلم يأتلفا فِي كلمة وَاحِدَة أَصْلِيَّة الْحُرُوف. وقبح ذَلِك على أَلْسِنَة الْعَرَب، لقرب مخرجيهما لِأَن الْحَاء فِي الْحلق بلِزق الْعين. وَكَذَلِكَ الْحَاء وَالْهَاء. ولكنهما يَجْتَمِعَانِ من كَلِمَتَيْنِ لكل وَاحِدَة معنى على حِدة كَقَوْل لبيد:
يتمارى فِي الَّذِي قلت لَهُ
وَلَقَد يسمع قولي حَيَّهَل
وكقول الآخر:
هيهاؤه وحيّهَلُهْ
وَإِنَّمَا جَمعهمَا من كَلِمَتَيْنِ: حَيّ كلمة على حِدة وَمَعْنَاهُ هَلُمَّ. وهلْ: حثيثي. فجعلهما كلمة وَاحِدَة وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (إِذا ذكر الصالحون فحيَّهَلَ بعمر) يَعْنِي إِذا ذكرُوا فأتِ بِذكر عمر.
قَالَ: وَقَالَ بعض النَّاس: الحَيْهَلة: شَجَرَة. قَالَ: وَسَأَلنَا أَبَا خَيْرة وَأَبا الدُقيش وعِدَّة من الْأَعْرَاب عَن ذَلِك فَلم نجد لَهُ أصلا ثَابتا نطق بِهِ الشُّعَرَاء، أَو رِوَايَة منسوبة مَعْرُوفَة، فَعلمنَا أَنَّهَا كلمة مولَّدة وُضعت للمعاياة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: حَيّهَلاَ: بَقلة تشبه الشُّكَاعى يُقَال: هَذِه حَيَّهَلاَ كَمَا ترى، لَا تنوَّن فِي حَيّ وَلَا فِي هلا. الْيَاء من حيَّ شَدِيدَة، وَالْألف من هَلاَ منقوصة وَهِي مَبْنِيَّة مثل: خَمْسَة عشر.
وَقَالَ اللَّيْث: قلت للخليل: مَا مِثل هَذَا من الْكَلَام: أَن يجمع بَين كَلِمَتَيْنِ فَتَصِير مِنْهُمَا كلمةٌ؟
قَالَ: قَول الْعَرَب عبد شمس وَعبد قيس، عبد كلمة وشمس كلمة فَيَقُولُونَ: تعبشم الرجل وتعبقس وَرجل عبشمي وعبقسي.
قلت: وَقد روينَا عَن أَحْمد بن يحيى عَن سَلَمة عَن الْفراء أَنه قَالَ: لم نسْمع بأسماء بُنيت من أَفعَال إِلَّا هَذِه الأحرف: الْبَسْمَلَة، والسبْحلة، والهيللة، والحولقة. أَرَادَ أَنه يُقَال: بسمل إِذا قَالَ: بِسم الله، وسَبْحل إِذا قَالَ: سُبْحَانَ الله، وهَيْلَل إِذا قَالَ: لَا إلاه إلاّ الله، وحَوْلَق إِذا قَالَ: لَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحمدل حمدلة إِذا قَالَ: الْحَمد لله، وجَعْفَل جَعْفلة من جُعِلت فدَاك قَالَ والحَيْعَلة من حيّ على الصَّلَاة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذِه الأحرف الثَّلَاثَة عَن غير الْفراء.

(3/240)


وَقَالَ ابْن الأنباريّ فلَان يُبَرقل علينا، ودَعنا من البرقلة، وَهُوَ أَن يَقُول وَلَا يفعل، ويعد وَلَا ينجز، أُخذ من الْبَرْق وَالْقَوْل.

(أَبْوَاب مضاعف الْحَاء)
أهملت (الْحَاء) مَعَ الْهَاء فِي المضاعف وأهملت مَعَ الْخَاء، وأهملت مَعَ الْغَيْن

(بَاب الْحَاء وَالْقَاف)
(ح ق)
حق، قح: مستعملان فِي الثنائي والمكرر.
حق: قَالَ اللَّيْث: الْحق: نقيض الْبَاطِل، تَقول: حَقّ الشيءُ يَحِقّ حَقّا مَعْنَاهُ: وَجب يجب وجوبا. وَتقول: يحِقّ عَلَيْك أَن تفعل كَذَا وَكَذَا، وَأَنت حقيق عَلَيْك ذَلِك، وحقيق عليّ أَن أَفعلهُ.
قَالَ: وحقيق فعيل فِي مَوضِع مفعول تَقول: أَنْت محقوق أَن تفعل ذَلِك، وَتقول للْمَرْأَة: أَنْت حَقِيقَة لذَلِك، يجعلونه كالاسم، وَأَنت محقوقة أَن تفعلي ذَلِك.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
لمحقوقة أَن تستجيبي لصوته
وَأَن تعلمي أَن المعان موفّق
وَقَالَ شمر: تَقول الْعَرَب حَقّ عليّ أَن أفعل ذَلِك، وحُقّ، وَإِنِّي لمحقوق أَن أفعل خيرا.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء حُقّ لَك أَن تفعل كَذَا، وحَقّ عَلَيْك أَن تفعل كَذَا، فَإِذا قلت: حُقّ قلت: لَك وَإِذا قلت حَق قلت: عَلَيْك.
قَالَ: وَتقول: يَحِقّ عَلَيْك أَن تفعل كَذَا وحقّ لَك، وَلم يَقُولُوا: حَقَقْت أَن تفعل.
قَالَ: وَمعنى قَول من قَالَ حَقّ عَلَيْك أَن تفعل: وَجب عَلَيْك.
قَالَ وَتقول: إِنَّك لحقيق أَن تفعل كَذَا، وحقيق فِي حَقّ وحُقّ فِي معنى مفعول.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَ أَقُولَ عَلَى اللَّهِ} (الْأَعْرَاف: 105) .
وَقَالَ: {قَوْماً طَاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ} (الصَّافات: 31) .
وَقَالَ جرير:
قَصِّر فَإنَّك بالتقصير محقوق
وَقَالَ الفرزدق:
إِذا قَالَ غاوٍ من مَعَدّ قصيدة
بهَا جرب عُدّت عليّ بَزوْبَرا
فينطقُها غَيْرِي وأُرمى بذنْبها
فَهَذَا قَضَاء حَقُّه أَن يغيَّرا
قَالَ: حَقّه أَي حُقّ لَهُ. وَتقول مَا كَانَ بحقك أَن تفعل ذَاك فِي معنى مَا حُقّ لَك. وَقد حُقّ حَذرك. وَلَا تقل حَقّ حَذَرك، وحقَقت حَذَرك وأحقتته أَي فعلت مَا كَانَ يحذر. وَالْعرب تَقول: حققت عَلَيْهِ الْقَضَاء أحُقّه حَقّاً وأحققته أُحِقّه إحقاقاً أَي أوجبته.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} (البَقَرَة: 236) مَنْصُوب على معنى: حَقّ ذَلِك عَلَيْهِم حقّاً. وَهَذَا قَول أبي إِسْحَاق النَّحْوِيّ.
وَقَالَ الْفراء فِي نصب قَوْله {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} وَمَا أشبهه فِي الْكتاب: إِنَّه نصب من جِهَة الْخَبَر، لَا أَنه من نعت قَوْله {مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا} (الْبَقَرَة: 236) . قَالَ وَهُوَ

(3/241)


كَقَوْلِك عبد الله فِي الدَّار حَقًا إِنَّمَا نصب حَقًا من نيّة كَلَام المخبِر، كَأَنَّهُ قَالَ: أخْبركُم بذلك حَقّاً.
قلت: وَهَذَا القَوْل يقرب مِمَّا قَالَه أَبُو إِسْحَاق؛ لِأَنَّهُ جعله مصدرا مؤكِّداً، كَأَنَّهُ قَالَ أخْبركُم بذلك أحَقُّ حَقّاً.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا الْفراء: وكل مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من نكرات الحقّ أَو مَعْرفَته أَو مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مصدرا فَوجه الْكَلَام فِيهِ النصب كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {وَعْدَ الْحَقِّ} (إِبْرَاهِيم: 22) و {وُوِالْجَنَّةِ وَعْدَ} (الْأَحْقَاف: 16) .
قلت: كَأَنَّهُ قَالَ: أعِد وعد الحقّ ووعد الصدْق.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} (الْكَهْف: 44) فالنصب فِي الحقّ جَائِز. تُرِيدُ: حقّاً أَي أَحُقّ الحقّ وأُحِقّه حَقًا، قَالَ: وَإِن شِئْت خفضت الْحق تَجْعَلهُ صفة لله، وَإِن شِئْت رفعته فَجَعَلته من صفة الْولَايَة هُنَالك الْولَايَة الحقُّ لله.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ {الْمُخْلَصِينَ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} (ص: 84) قَرَأَ الْقُرَّاء الأول بِالرَّفْع وَالنّصب، رُوِي الرّفْع عَن عبد الله بن عَبَّاس. الْمَعْنى فَالْحق مني وَأَقُول الْحق. وَقد نصبهما مَعًا كثير من الْقُرَّاء، مِنْهُم من يَجْعَل الأوّل على معنى: الحقَّ لأملأن، وَينصب الثَّانِي بِوُقُوع الْفِعْل عَلَيْهِ لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف.
وَأما قَوْله جلّ وعزّ: {ذالِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ} (مريَم: 34) رفع الْكسَائي القَوْل، وَجعل الْحق هُوَ الله. وَقد نصب (قَول) قوم من الْقُرَّاء يُرِيدُونَ: ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم: قولا حقّاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَقَّة من الحقّ كَأَنَّهَا أوجب وأخصّ. تَقول: هَذِه حَقَّتي أَي حَقّي. قَالَ: والحقيقة: مَا يصير إِلَيْهِ حَقّ الْأَمر ووجوبه. تَقول: أبلغت حَقِيقَة هَذَا الْأَمر، تَعْنِي يَقِين شأنِه.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (لَا يبلغ العَبْد حَقِيقَة الْإِيمَان حَتَّى لَا يعيب مُسلما بِعَيْب هُوَ فِيهِ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: الْحَقِيقَة الرَّاية.
وَقيل: حَقِيقَة الرجل: مَا يلْزمه حفظه وَمنعه.
وَالْعرب تَقول: فلَان يَسُوق الوَسِيقة، ويَنْسِل الوَدِيقة، ويحمي الْحَقِيقَة. فالوسيقة: الطريدة من الْإِبِل، سميت وسيقة لِأَن طاردها يسِقها إِذا سَاقهَا أَي يَقْبِضُها والودَيقة: شدَّة الْحر والحقيقة مَا يحقّ عَلَيْهِ أَن يحميه.
وَقَالَ اللَّيْث حَقِيقَة الرجل: مَا يلْزمه الدفاع عَنهُ. وَجَمعهَا الْحَقَائِق.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ الْحَقِيقَة: الرَّايَة. والحقيقة: الحُرْمة. والحقيقة: الفِنَاء.
وَقَالَ ابْن المظفر: أحَقَّ الرجلُ إِذا قَالَ حَقّاً، أَو ادَّعى حقّاً فَوَجَبَ لَهُ.
وَقَالَ: حقَّق الرجل إِذا قَالَ: هَذَا الشَّيْء هُوَ الحقّ كَقَوْلِك: صدّق.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: حَقَقْت الرجل وأحققته إِذا غلبته على الْحق وأثبتَّه عَلَيْهِ.

(3/242)


قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو زيد حقَقْت حَذَر الرجل وأحققته: فعلت مَا كَانَ يحذر.
وَقَالَ شمر: حققت الْأَمر وأحققته إِذا كنت على يَقِين مِنْهُ. وأحققت عَلَيْهِ الْقَضَاء إِذا أوجبته. قَالَ وَلَا أعرف مَا قَالَ الْكسَائي فِي حققت الرجل وأحققته إِذا غلبته على الْحق.
قلت هُوَ عِنْدِي من قَوْلك حاققته فحققته أَي غلبته على الحقّ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {} (الحاقة: 1 3) الحاقّة: السَّاعَة وَالْقِيَامَة. سمّيت حاقّة لِأَنَّهَا تَحُقّ كل إِنْسَان بِعَمَلِهِ من خير وشرّ. قَالَ ذَلِك الزّجاج.
وَقَالَ الْفراء: سميت حاقة لِأَن فِيهَا حواقّ الْأُمُور وَالثَّوَاب.
قَالَ وَالْعرب تَقول لما عَرَفت الحَقّة مني هَرَبَتْ. والحقَّة والحاقّة بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ غَيرهمَا: سميت الْقِيَامَة حاقة لِأَنَّهَا تَحُقّ كل مُحاقّ فِي دين الله بِالْبَاطِلِ، أَي كل مجادل ومخاصم فتحُقه أَي تغلبه وتخصُمه، من قَوْلك حاققته أحاقه حِقَاقاً ومحاقة فحققته أحُقّه أَي غلبته وفَلَجْت عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله {لِّلْعَالَمِينَ} رفعت بِالِابْتِدَاءِ و (مَا) رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْضا. و {وُوِلِّلْعَالَمِينَ} الثَّانِيَة خبر (مَا) وَالْمعْنَى تفخيم شَأْنهَا. كَأَنَّهُ قَالَ: الحاقة أَي شَيْء الحاقة وَقَوله: {ُالْحَآقَّةُ وَمَآ أَدْرَاكَ} ِ مَعْنَاهُ: أيّ شَيْء أعلمك مَا الحاقة و {وُوِوَتَبَّ} موضعهَا رفع، وَإِن كَانَت بعد (أَدْرَاك) الْمَعْنى مَا أعلمك أيُّ شَيْء الحاقّة.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَا حَقّ امرىء يبيت لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وصيَّته عِنْده) .
قَالَ الشَّافِعِي مَعْنَاهُ مَا الحزم لامرىء وَمَا الْمَعْرُوف فِي الْأَخْلَاق لامرىء إلاّ هَذَا، لَا أَنه وَاجِب.
قلت: وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِي ح.
وَفِي حَدِيث عليّ ح: إِذا بلغ النساءُ نَصّ الْحَقَائِق، وَرَوَاهُ بَعضهم: نصّ الحقاق فالعَصَبة أولى.
قَالَ أَبُو عبيد: نَصّ كل شَيْء منتهاه، ومبلغ أقصاه، قَالَ: وَأَرَادَ بنصّ الحِقَاق. الْإِدْرَاك؛ لِأَن وَقت الصغر يَنْتَهِي، فَتخرج الْجَارِيَة من حدّ الصغر إِلَى الْكبر. يَقُول: فَإِذا بلغت الْجَارِيَة ذَلِك فالعَصَبة أولى بهَا من أمّها، وبتزويجها وحضانتها إِذا كَانُوا مَحْرَماً لَهَا؛ مثل الْآبَاء وَالإِخْوَة والأعمام. قَالَ: والحقاق المحاقة، وَهُوَ أَن تحاقّ الأمُّ العَصَبة فِي الْجَارِيَة، فَتَقول: أَنا أَحَق بهَا، وَيَقُولُونَ: بل نَحن أحقّ.
قَالَ: وَبَلغنِي عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ: نَصّ الحقاق: بُلُوغ الْعقل، وَهُوَ مثل الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ يَنْتَهِي الْأَمر الَّذِي تجب بِهِ الْحُقُوق وَالْأَحْكَام، فَهُوَ الْعقل والإدراك.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمن رَوَاهُ نصّ الْحَقَائِق. فَإِنَّهُ أَرَادَ جمع حَقِيقَة وحقائق.

(3/243)


وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل إِذا خَاصم فِي صغَار الْأَشْيَاء: إِنَّه لنَزِق الحِقَاق.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قراء الْقُرْآن: مَتى مَا يَغْلوا يحتقّوا. يَعْنِي المِرَاء فِي الْقُرْآن. وَمعنى يحتَقّوا: يختصموا، فَيَقُول كل وَاحِد مِنْهُم: الحقّ معي فِيمَا قَرَأت. يُقَال تحاقّ القومُ واحتقّوا إِذا تخاصموا، وَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُم: الحقّ بيَدي وَمَعِي.
والمحتق من الطعْن النَّافِذ إِلَى الْجوف.
وَمِنْه قَول أبي كَبِير الْهُذلِيّ:
فمضت وَقد شرع الأسنةُ نَحْوهَا
من بَين محتَقَ بهَا ومشرَّم
أَرَادَ: من بَين طعن نَافِذ فِي جوفها، وَآخر قد شرَّم جِلدها، وَلم ينفذ إِلَى الْجوف.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّآ إِثْماً} (الْمَائِدَة: 107) مَعْنَاهُ: فَإِذا طُّلع على أَنَّهُمَا استوجبا إِثْمًا أَي جِنَايَة بِالْيَمِينِ الكاذبة الَّتِي أقدما عَلَيْهَا {فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا} من وَرَثَة المتوفّى {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ} أَي مُلِك عَلَيْهِم حقّ من حُقُوقهم بِتِلْكَ الْيَمين الكاذبة. وَقد قيل معنى {عَلَيْهِمُ} عَلَيْهِم: مِنْهُم. وَإِذا اشْترى رجل دَارا من رجل فادّعاها رجل آخر، وَأقَام بيّنة عادلة على دَعْوَاهُ وحَكَم لَهُ الْحَاكِم ببيّنته فقد استحقّها على المُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَاهَا أَي مَلَكَها عَلَيْهِ، وأخرجها الْحَاكِم من يَد المُشْتَرِي إِلَى يَد من استحقّها، وَرجع المشترِي على البَائِع بِالثّمن الَّذِي أدّاه إِلَيْهِ. والاستحقاق والاستيجاب قريبان من السوَاء.
وَقَالَ شمر: يُقَال: عَذَر الرجل وأعذر، واستحقّ واستوجب إِذا أذْنب ذَنبا اسْتوْجبَ بِهِ عُقُوبَة.
وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يهْلك النَّاس حَتَّى يعذروا من أنفسهم) .
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: استلاط الْقَوْم، واستحقّوا، واستوجبوا، وأوجبوا، وأسْفَوا، وأوفوْا، وأطَلُّوا، ودَنَوا، وعَذَروا وأعذروا وعذّروا إِذا أذنبوا ذنوباً يكون لمن يعاقبهم عذر فِي ذَلِك لاستحقاقهم. وَيُقَال: استحقّت إبلنا ربيعاً، وأحقَّت ربيعاً: إِذا كَانَ الرّبيع تامّاً فرعته. وَقد أحقَّ القومُ إحقاقاً إِذا أسمنوا أَي سمن مَالهم. واستحقَّت الناقةُ سمناً وأحقَّت وحقَّت إِذا سمنت. واستحقَّت النَّاقة لقاحاً إِذا لقِحت، وَاسْتحق لقاحها. يَجْعَل الْفِعْل مرّة للناقة، ومرَّة للقاح.
والحِقّ والحِقّة فِي حَدِيث صَدَقات الْإِبِل والديات.
قَالَ أَبُو عبيد: الْبَعِير إِذا اسْتكْمل السّنة الثَّالِثَة وَدخل فِي الرَّابِعَة فَهُوَ حينئذٍ حِقّ، وَالْأُنْثَى حِقّة. وَهِي الَّتِي تُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْإِبِل إِذا جَاوَزت خمْسا وَأَرْبَعين. قَالَ: وَيُقَال: إِنَّه سمي حِقّاً لِأَنَّهُ قد اسْتحق أَن يُحمل عَلَيْهِ ويُركب. قَالَ وَيُقَال هُوَ حِقّ بيِّن الحِقّة. وَقَالَ الْأَعْشَى:
بحقَّتِها ربُطت فِي اللَجِي
ن حَتَّى السَدِيس لَهَا قد أسنّ
قلت: وَيُقَال: بعير حِقّ بيّن الحِقّ بِغَيْر هَاء.

(3/244)


وَقَالَ ذُو الرمة:
أفانِينَ مَكْتُوب لَهَا دون حِقّها
إِذا حملهَا راش الحِجَاجين بالثُكْل
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَتَت النَّاقة على حِقّها أَي على وَقتهَا الَّذِي ضربهَا الْفَحْل فِيهِ من قَابل هُوَ تَمَامُ حمل النَّاقة حَتَّى يَسْتَوْفِي الجنينُ السّنة. وَمعنى الْبَيْت أَنه كُتب لهَذِهِ النجائب إِسْقَاط أَوْلَادهَا قبل إنَى نتاجها. وَذَلِكَ أَنَّهَا رُكبت فِي سفر أتعبها فِيهِ شدَّة السّير، حَتَّى أجهضت أَوْلَادهَا.
وَقَالَ بَعضهم: سمّيت الحِقّة حِقّة لِأَنَّهَا استحقّت أَن يَطْرُقها الْفَحْل. وَتجمع الحِقّة حِقاقاً وحقائق.
وَقَالَ الراجز فِي الْحَقَائِق:
ومَسَدٍ أُمِرَّ من أيانِقِ
لسن بأنياب وَلَا حقائقِ
وَهَذَا مِثْل جمعهم امْرَأَة غِرَّة على غَرَائِر، وكجمعهم ضرَّة على ضرائر، وَلَيْسَ ذَلِك بِقِيَاس مطَّرِد.
وَقَالَ عَدِيّ:
أيُّ قوم قومِي إِذا عزَّت الخَمْ
ر وَقَامَت زِقاقهم بالحِقاق
ويروى: وَقَامَت حقاقهم بالزقاق. وحِقَاق الشجو: صغارها، شُبّهت بحِقاق الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: أحقَّت البَكْرةُ إِذا استوفت ثَلَاث سِنِين، فَإِذا لقحت حِين تُحِقّ قيل: لقحت على بَسْرها. قَالَ: وَيُقَال استحقّت الناقةُ سِمَناً، وحَقَّت وأحقت إِذا سَمِنتْ وأحق القومُ إحقاقاً إِذا سمن مَالهم. قَالَ: واحتّقَ المالُ احتقاقاً إِذا سمن وانْتهى سِمَنه.
وَحكى ابْن السّكيت عَن أبي عَطاء أَنه قَالَ: أتيت أَبَا صَفْوَان فَقَالَ لي: مِمَّن أَنْت؟ وَكَانَ أَعْرَابِيًا، فَأَرَادَ يمتحنه. فَقلت: من بني تَمِيم. قَالَ: من أيّ بني تَمِيم؟ قلت: رِبَابيّ قَالَ: وَمَا صنيعتك؟ قلت: الْإِبِل. قَالَ فَأَخْبرنِي عَن حِقّة حقّت على ثَلَاث حِقَاق. فَقلت: سألتَ خَبِيرا، هَذِه بَكْرة كَانَ مَعهَا بكرتان فِي ربيع وَاحِد، فارتبعن فَسَمنت قبل أَن تسمنا فقد حقت عليهنّ حقة وَاحِدَة؛ ثمَّ ضَبَعت وَلم تضبعا فقد حقت عَلَيْهِنَّ أُخْرَى، ثمَّ لقِحت وَلم تَلْقحا فَهَذِهِ ثَلَاث حقات فَقَالَ لي لعمري أَنْت مِنْهُم.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: لَا يَحُقّ مَا فِي هَذَا الْوِعَاء رِطلاً، مَعْنَاهُ: أَنه لَا يزِن رطلا.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُقَّة من خشب، والجميع الحُقُّ والحُقَق. وَقَالَ رؤبة:
سَوَّى مساحيهن تقطيطَ الحُقَق
يصف حوافر حمر الْوَحْش وَأَن الْحِجَارَة سوت حوافرها كَأَنَّهَا قططت تقطيط الحقق.
قلت: وَقد تسوَّى الحُقَّة من العاج وَغَيره.
وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم:
وثديا مثل حُق العاج رَخْصا
حَصَانا من أكف اللامسينا
وروى عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لمعاويةِ فِي محاورات كَانَت بَينهمَا: أَتَيْتُك من الْعرَاق، وَإِن أَمرك كحُقّ الكَهْوَل

(3/245)


وكالحَجَاة فِي الضعْف، فَمَا زلت أرُمّه حَتَّى استحكم، فِي حَدِيث فِيهِ طول.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ أَبُو عَمْرو: حُقّ الكَهْوَل: بَيت العنكبوت. وَهَذَا صَحِيح. وَقد روى ابْن قُتَيْبَة هَذَا الْحَرْف بِعَيْنِه فصحفه وَقَالَ: مثل حق الكهول؛ وخبط فِي تَفْسِيره خبط العشواء، وَالصَّوَاب مَا رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن أبي عَمْرو مثل حق الكهول والكهول العنكبوت وَحقه بَيته.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْحق: صِدق الحَدِيث، والحقّ الْمِلكُ: وَالْحق: الْيَقِين بعد الشَّك. وَيُقَال أحققت الْأَمر إحقاقاً إِذا أحكمته وصححته. وَأنْشد:
قد كنت أوعزت إِلَى الْعَلَاء
بِأَن يُحقّ وَذَم الدِلاء
وثوب مُحَقّق عَلَيْهِ وشى على صُورَة الحُقَق، كَمَا يُقَال: يُرْد مُرَحَّل. وَيُقَال حققت الشَّيْء وحققته وأحققته بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الأحق من الْخَيل: الَّذِي لَا يعرق.
وَقَالَ شمر قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأحق: الَّذِي يضع رجله فِي مَوضِع يَده. وَأنْشد لبَعض الْأَنْصَار:
وأقْدَرُ مشرف الصَهَوات ساطٍ
كميتٌ لَا أحقُّ وَلَا شئيتُ
وَقَول الله جلّ وعزّ: {حقيق عَليّ أَلا أَقُول على الله (الْأَعْرَاف: 105) وقرىء: (حقيق عَلَى أَلا أَقُول) فَمن قَرَأَ (حقيق عليَّ) ؛ فَمَعْنَاه وَاجِب عليّ ترك القَوْل على الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَمن قَرَأَ: (حقيق عَلَى أَلا أَقُول) فَالْمَعْنى أَنا حقيق على ترك القَوْل على الله إِلَّا بِالْحَقِّ.
وَقَالَ اللَّيْث: نَبَات الحُقيق: ضرب من التَّمْر وَهُوَ الشيص.
قلت: صحف اللَّيْث هَذِه الْكَلِمَة وَأَخْطَأ فِي التَّفْسِير أَيْضا وَالصَّوَاب لون الحُبَيْق ضرب من التَّمْر رَدِيء. ونبات الحبيق فِي صفة التَّمْر تَغْيِير. ولون الحُبَيْق مَعْرُوف. وَقد روينَا عَن النَّبِي أَنه نهى عَن لونين فِي الصَّدَقَة أَحدهمَا الجُعْرُور، وَالْآخر لون الحُبَيق. وَيُقَال لنخلته عَذْق ابْن حُبَيق، وَلَيْسَ بشيص وَلكنه رَدِيء من الدَقَل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ الحُقُق: القريبو الْعَهْد بالأمور خَيرهَا وشرها. قَالَ: والحُقُق: المحقّقون لما ادَّعوا أَيْضا.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الحُقَّة: الداهية.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي حق عَلَيْهِ القَوْل وأحققته أَنا وحققت الْخَبَر أحُقّه حَقًا. وَيُقَال مَالِي فِيهِ حَقّ وَلَا حِقَاق أَي خُصُومَة والحُقُّ: حُقُّ الوَرِك. وحُقُّ الوابلة فِي الْعَضُد وَمَا أشبههما. وَيُقَال أصبت حاقَّ عَيْنَيْهِ. وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول لِنُقْبة من الجرب ظَهرت بِبَعِير فشكُّوا فِيهَا فَقَالَ: هَذَا حاقّ صُمَادِحُ الْجَرَب.
وَتعبد عبد الله بن مطرِّف بن الشِّخِّير فَلم

(3/246)


يقتصد، فَقَالَ لَهُ أَبوهُ: يَا عبد الله الْعلم أفضل من الْعَمَل، والحسنة بَين السيئتين، وَخير الْأُمُور أوساطها وشرّ السّير الْحَقْحَقَةُ.
قَالَ اللَّيْث: الحَقْحقة سير اللَّيْل فِي أَوله، وَقد نُهي عَنهُ. وَقَالَ بَعضهم: الحَقْحَقة فِي السّير: إتعاب سَاعَة وكفّ سَاعَة.
قلت: فسّر اللَّيْث الْحَقْحَقَةُ تفسيرين مُخْتَلفين لم يصب الصَّوَاب فِي وَاحِد مِنْهُمَا. والحقحقة عِنْد الْعَرَب: أَن يسَار البعيرُ وَيحمل على مَا يتعبه وَلَا يطيقه حَتَّى يُبْدَع براكبه. وَيُقَال قَرَب حقْحاق وهَقْهاق وقهقاةٌ ومُقَهْقه ومهقهَق إِذا كَانَ السّير فِيهِ شَدِيدا متعِباً. وَأما قَول اللَّيْث إِن الْحَقْحَقَةُ سير أول اللَّيْل فَهُوَ بَاطِل مَا قَالَه أحد، وَلَكِن يُقَال قَحِّموا عَن أول اللَّيْل أَي لَا تسيروا فِيهِ. وَمعنى قَول مطرِّف لِابْنِهِ: إِنَّك إِذا حملت على نَفسك من الْعِبَادَة مَا لَا تُطِيقهُ انْقَطَعت بِهِ عَن الدَّوَام على الْعِبَادَة، وَبقيت حسيراً، فتكلّفْ من الْعِبَادَة مَا تُطِيقهُ وَلَا يَحْسِرك فَإِن خير الْعَمَل مَا ديم عَلَيْهِ وَإِن قلّ.
وَقَالَ شمر فِي (كِتَابه) الْحَقْحَقَةُ:} السّير الشَّديد. يُقَال حقحق القومُ إِذا اشتدُّوا فِي السّير. قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي الْحَقْحَقَةُ أَن يجْهد الضعيفَ شدَّةُ السّير.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الْحَقْحَقَةُ: المتعب من السّير.
قح: قَالَ اللَّيْث: القُحّ: الجافي من النَّاس وَمن الْأَشْيَاء حَتَّى إِنَّهُم ليقولون للبطيخة الَّتِي لم تنضج: إِنَّهَا لَقُحّ.
وَأنْشد اللَّيْث:
لَا أَبْتَغِي سَيْب اللَّئِيم القُحّ
يكَاد من نحنحة وأُحّ
يَحْكِي سُعَال الشَرِق الأبَحِّ
وَالْفِعْل قَحَّ يَقُحّ قُحُوحة.
قلت: أَخطَأ اللَّيْث فِي تَفْسِير القُحّ، وَفِي قَوْله للبطيخة الَّتِي لم تنضج: إِنَّهَا لَقُحّ. وَهَذَا تَصْحِيف. وَصَوَابه: الفِجّ بِالْفَاءِ وَالْجِيم. يُقَال ذَلِك لكل ثَمَرَة لم تَنْضَج. وأمّا القُحّ فَهُوَ أصل الشَّيْء وخالصه: يُقَال: عربيّ قُحّ، وعربيّ مَحْض وقَلْبٌ إِذا كَانَ خَالِصا لاهجنة فِيهِ وَفُلَان من قُحّ الْعَرَب وكُحّهم أَي من صميمهم. قَالَ ذَلِك ابْن السّكيت وَغَيره.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: لأضطرنك إِلَى تُرِّك وقُحَاحك أَي إِلَى أصلك.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: وَالله لقد وقعتُ بقَحَاحك، وبقُحَاح قُرّك، ووقعتُ بقُرّك، وَهُوَ أَن يعلم علمه كُله فَلَا يخفى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: القُحَاح والتُّرُّ: الأَصْل. وَأنْشد:
وَأَتَتْ فِي المأروك من قُحَاحها
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عبد كُحّ وكِحّ، وَعبد قُحّ إِذا كَانَ خَالص العُبُودة. وَكَذَلِكَ لئيم قُحّ إِذا كَانَ مَعْرُوفا لَهُ فِي اللؤم.
وَقَالَ اللَّيْث: القُحْقُح فَوق القَبّ شَيْئا والقَبَّ: الْعظم الناتىء من الظّهْر بَين

(3/247)


الألْيتين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل القُحْقُح: ملتقى الْوَرِكَيْنِ من بَاطِن والخَوْرانُ بَين القَحْقح والعُصْعُص، قَالَ والقُحْقُح لَيْسَ من طَرَف الصُلْب فِي شَيْء. وملتقاه من ظاهري العُصُعُص. قَالَ: وَأَعْلَى العصعص العَجْب وأسفله الذَنَب.
وَقَالَ غَيره: القُحْقُح: مُجْتَمع الوَرِكين، والعُصْعُص: طرف الصُلْب الْبَاطِن. وطرفه الظَّاهِر العَجَب والخَوَرَان هُوَ الدبر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ القُحْقُح والفَنِيك والعِضْرِط والجزأة النَوْض والناق والعُكْوَةَ والعُزَيزاء والعُصْعُص. ويقالُ لضحك القرد: القَحْقَحة ولصوته الخَنْخَنة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال: قَرَب مُحَقْحَق، ومُقَحْقَح، وَقرَب مُهَقْهَق ومُقَهْقَه: شَدِيد. قلت وَهَذَا من مبدل المقلوب.

(بَاب الْحَاء وَالْكَاف من المضاعف)
(ح ك)
حك، كح: مستعملان.
حك: قَالَ اللَّيْث: حككت الرَّأْس، وَأَنا أَحُكّه حَكّاً، وَإِذا جعلت الْفِعْل للرأس قلت احتكّ رَأْسِي احتكاكاً وَتقول: حكّ فِي صَدْرِي؛ وَيُقَال احتكّ، وَهُوَ مَا يَقع فِي خَلَدك من وساوس الشَّيْطَان، وَفِي الحَدِيث (إيَّاكُمْ والحكّاكات فَإِنَّهَا المآثم) . ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَوَّاس بن سَمْعان سَأَلَهُ عَن البِرّ وَالْإِثْم فَقَالَ: (البِرّ حُسْن الخُلُق، وَالْإِثْم مَا حَكّ فِي نَفسك وكرهت أَن يطّلع عَلَيْهِ النَّاس) . قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: (مَا حَكّ فِي نَفسك) يُقَال: حَكّ فِي نَفسِي الشيءُ إِذا لم تكن منشرح الصَّدْر بِهِ، وَكَانَ فِي قَلْبك مِنْهُ شَيْء. وَمثله حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود: الْإِثْم حَوَّازُ الْقُلُوب، يَعْنِي مَا حَزَّ فِي نَفْسك وَحَكّ فاجتنبه فَإِنَّهُ الْإِثْم، وَإِن أَفْتَاك فِيهِ النَّاس بِغَيْرِهِ.
قلت وَهَذَا أصح ممّا قَالَ اللَّيْث فِي الحَكَّاكات: أَنَّهَا الوساوس.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُكَاكة: مَا تَحَاكَّ بَين حجرين إِذا حككت أَحدهمَا بِالْآخرِ لدواء أَو غَيره وَرُوِيَ أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الإثْم؟ فَقَالَ: (مَا حَكَّ فِي صدرك فَدَعْهُ، قَالَ: فَمَا الْإِيمَان؟ قَالَ: (إِذا ساءتك سَيِّئتك وسرَّتك حَسَنتك فَأَنت مُؤمن) . قلت: مَا حَكَّ فِي صدرك أَي شَككت فِيهِ أَنه حَلَال أَو حرَام فالاحتياط أَن تتركه والحَكِيك: الكَعْب المحكوك والحَكِيك: الْحَافِر النحيت. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَفِي كل عَام لَهُ غَزْوَة
تحكّ الدوابر حَكّ السَفَنْ
والحَكك الْوَاحِدَة حككة حَجر رِخو أَبيض أرْخى من الرخام وأصلب من الحَصَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحكَكَة: أَرض ذَات حِجَارَة مثل الرخام رِخوة.
وَقَالَ غَيره يُقَال: جَاءَ فلَان بالحُكيكات وبالأَحَاجي وبالألغاز بِمَعْنى وَاحِد وَاحِدهَا حُكَيْكَة.

(3/248)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحُكُكُ: المُلِحُّون فِي طلب الْحَوَائِج. والحُكُكُ: أَصْحَاب الشرّ.
وَقَالَ اللَّيْث الحاكّة: السنّ. يُقَال: مَا فِي فِيهِ حاكّة. والتحكّك: التحرّش والتعرض، إِنَّه ليتحكّك بِي أَي يتَعَرَّض بشرّه لي. قَالَ: وَقَول الحُبَاب أَنا جُذَيلها المحكَّك مَعْنَاهُ: أَنا عماده وملجؤه عِنْد الشدائد.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الجُذَيل تَصْغِير جِذْل، وَهُوَ عُود يُنصب لِلْإِبِلِ الجَرْبَى لتحتكّ بِهِ من الجرب، فَأَرَادَ أَنه يُسْتشفى بِرَأْيهِ كَمَا تَستشفِي الجربَى بالاحتكاك بذلك الْعود.
قلت وَفِيه معنى آخر أحبّ إليّ، أَرَادَ أَنه منجَّذ مجرَّس قد جَرَّب الْأُمُور وَعرفهَا وجُرِّب، فَوجدَ صُلب المكسِر غير رِخو، ثَبْتَ الغَدَر لَا يفرّ عَن قِرنه. وَقيل معنى قَوْله: أَنا جذيلها المحكك أَنه يُرِيد: أَنا دون الْأَنْصَار جذل حِكَاك لمن عاداهم وناوأهم، فَبِي تُقْرن الصعبة. وَيَقُول الرجل لصَاحبه: أجذِل للْقَوْم أَي انتصب لَهُم وَكن مخاصماً مُقَاتِلًا وَالْعرب تَقول: فلَان جِذْل حِكَاكَ خَشَعت عَنهُ الأُبَن، يعنون أَنه منقَّح لَا يُرمى بِشَيْء إِلَّا زل عَنهُ ونبا.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
عرفت رسما لسعاد ناحلا
بِحَيْثُ ناصى الحُكَكاتُ عَاقِلا
قَالَ: الحككات: مَوضِع مَعْرُوف، وَهِي ذَات حِجَارَة بيض رقيقَة. وَقَالَ النَّضر: هِيَ: أَرض ذَات حِجَارَة مثل الرخام بيض رخوة تكسرها بفيك
كح: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: عبد كُحّ وكَحّ إِذا كَانَ خَالص العَبُودة.
وَقَالَ غَيره: عربيّ كُحّ وأعراب أكحاح إِذا كَانُوا خُلَّصاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي نَاقَة كُحْكُح وقُحْقُح وعَزُوم وعَوْزَم إِذا هرِمت.
أَبُو الْهَيْثَم عَن نُصَيْر أَنه قَالَ: إِذا أسنَّت النَّاقة وَذَهَبت حِدّة أسنانها فَهِيَ ضِرْزِم ولِطْلِط وكِحْكِح وعِلْهِز، وهِرْهِر، ودِرْدِح.
قَالَ الراجز يذكر رَاعيا وشفقته على إبِله:
يبكى على إِثْر فصيل إِن نُحرْ
والكِحْكح اللِطْلِطاء ذَات المختبر
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الكُحُح: الْعَجَائِز الهَرِمات.
قَالَ وَيُقَال: حُكَّ الرجل إِذا اختبر وحَكّ إِذا شكّ.
عَمْرو عَن أَبِيه الحِكّة: الشكّ فِي الدّين وَغَيره قَالَ: والحكَكات مَوضِع مَعْرُوف بالبادية. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
عرفتُ رسماً لسعاد ماثلاً
بِحَيْثُ نامى الحُكَكَاتُ عَاقِلا
وَقَالَ أَبُو الدقيش الحككات هِيَ ذَات حِجَارَة بيض كَأَنَّهَا الأقِط تتكَسر تكسّراً، وَإِنَّمَا تكون فِي بطن الأَرْض.

(بَاب الْحَاء وَالْجِيم)
(ح ج)
حج، جح: مستعملان فِي الثنائي والمكرر.
حج: قَالَ اللَّيْث: الْحَج: القصدو السّير إِلَى

(3/249)


الْبَيْت خَاصَّة، تَقول حَجَّ يَحُجّ حَجّاً قَالَ: والحَجّ قَضَاء نُسُكِ سنة وَاحِدَة. وَبَعض يكسر الْحَاء فَيَقُول الحِجّ والحِجَّة وقرىء: {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (آل عمرَان: 97) . و (حج الْبَتّ) وَالْفَتْح أَكثر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج فِي قَول الله تَعَالَى {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} يقْرَأ بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا، وَالْفَتْح الأَصْل. تَقول: حججْت الْبَيْت أَحُجّه حَجّا إِذا قصدته. والْحِجُّ اسْم الْعَمَل. قَالَ وَقَوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} (الْبَقَرَة: 197) .
مَعْنَاهُ: أشهر الْحَج أشهر مَعْلُومَات، وَهِي شوّال وَذُو الْقعدَة وَعشر من ذِي الْحجَّة.
وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ: وَقت الْحَج هَذِه الْأَشْهر.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: مَا حَجّ وَلكنه دَجّ قَالَ: الحجّ: الزِّيَارَة والإتيان، وَإِنَّمَا سمي حَاجا بزيارته بَيت الله. وَقَالَ دُكَين:
ظلَّ يُحَجّ وظللنا نحجبُه
وظلّ يَرْمِي بالحصى مبوِّبُه
قَالَ: والداجّ: الَّذِي يخرج للتِّجَارَة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال حَجّ حَجّاً وحِجَّاً.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: وَسمعت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول: قَالَ الْأَثْرَم وَغَيره: مَا سمعنَا من الْعَرَب حججْت حَجَّة وَلَا رَأَيْت رَأْية إِنَّمَا يَقُولُونَ حججْت حِجّة. قَالَ والحَجّ والحِجّ لَيْسَ عِنْد الْكسَائي بَينهمَا فُرْقَانٌ، وَغَيره يَقُول: الحَجّ حجّ الْبَيْت والحجُّ عمل السَّنَة. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: حججْت فلَانا واعتمرته أَي قصدته. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول المخبَّل:
وأشهدُ من عَوْف حُلُولا كَثِيرَة
يَحُجُّون سِبَّ الزبْرِقَان المزعفرا
أَي يقصدونه.
وَقَالَ غَيره حججْت فلَانا إِذا أَتَيْته مرَّة بعد مرّة، فَقيل حجّ الْبَيْت لِأَن النَّاس يأتونه كل سنة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: كَلَام الْعَرَب كُله على فعلت فَعْلة، إلاَّ قَوْلهم: حججْت حِجَّة ورأيته رُؤية.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الْكثير الْحَج: إِنَّه لحجَّاج بِفَتْح الْجِيم من غير إمالة. قَالَ: وكل نعت على فعّال فَهُوَ غير ممال الْألف؛ فَإِذا صيَّروه اسْما خاصّاً تحوّل عَن حَال النَّعْتِ ودخلته الإمالة كاسم الحجَّاج والعجَّاج. قَالَ والحَجِيج جمَاعَة الحاجّ.
قلت: وَمثله غازٍ وغَزِيّ، وناجٍ ونَجِيّ ونادٍ ونَدِيّ للْقَوْم يتناجَون ويجتمعون فِي مجْلِس.
وَقَالَ اللَّيْث: ذُو الحِجّة شهر الحَج. قَالَ: وَتقول حَجَّ علينا فلَان أَي قدِم علينا. قَالَ والمَحَجَّة: قَارِعَة الطَّرِيق.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: الحَجَوَّج: الطَّرِيق يَسْتَقِيم مرّة ويعوجَّ أُخْرَى وَأنْشد:
أجدُّ أيامك من حَجَوَّجِ
إِذا استقام مرّة يُعَوَّجِ
وَقَالَ اللَّيْث: الحِجَّة: شَحْمة الْأذن. وَقَالَ

(3/250)


لبيد يذكر نسَاء:
يَرُضْن صعاب الدُرّ فِي كل حِجّة
وَإِن لم تكن أعناقهن عواطلا
قَالَ وَقَالَ بَعضهم: الحِجّة هَاهُنَا الْمَوْسِم. وَقيل: فِي كل حِجَّة أَي فِي كل سنة وَجَمعهَا حجج.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ الحِجّة: ثُقْبة شحمة الْأذن. وَقَالَهُ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي الحجيج من الشَّجَاج: الَّذِي قد عولج، وَهُوَ ضرب من علاجها. قَالَ وَقَالَ أَبُو الْحسن الْأَعرَابِي: هُوَ أَن يُشَجُّ الرجل فيختلط الدَّم بالدماغ فيُصبَّ عَلَيْهِ السّمن المُغْلَى حَتَّى يظْهر الدَّم عَلَيْهِ فَيُؤْخَذ بقطنة. يُقَال مِنْهُ حججته أحُجُّه حجَّاً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي حججْت الشَجَّة إِذا سبرتها. قَالَ وَسمعت ابْن الفقعسي يَقُول حججتها: قِسْتها.
وَحكى شمر عَنهُ نَحْو ذَلِك. قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحجّ أَن تفلق الهامة فَينْظر هَل فِيهَا وَكْس أَو دم. قَالَ: والوَكْس أَن يَقع فِي أُمّ الرَّأْس دم أَو عِظَام أَو يُصِيبهَا عَنَت. قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْحَج أَن تقدح فِي الْعظم بالحديد إِذا كَانَ قد هُشِم حَتَّى تقلع الَّتِي قد جفّت، ثمَّ يعالج ذَاك، فَيُقَال قد حُجَّ حجّاً. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وصُبّ عَلَيْهَا الطِيبُ حَتَّى كَأَنَّهَا
أَسِيٌّ على أُمّ الدماغِ حجيج
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن السّكيت أَنه أنْشدهُ:
يحجّ مأمومة فِي قعرها لَجَف
فاستُ الطَّبِيب قذاها كالمغارِيد
قَالَ: يحجّ: يصلح، مأمومة: شجة بلغت أم الرَّأْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُجّة: الْوَجْه الَّذِي يكون بِهِ الظفر عِنْد الْخُصُومَة، وَجَمعهَا حُجَج.
قلت: وَإِنَّمَا سميت حُجة لِأَنَّهَا تُحَجُّ أَي تُقصد؛ لِأَن الْقَصْد لَهَا وإليها. وَكَذَلِكَ مَحَجَّة الطَّرِيق هِيَ الْمَقْصد والمسلك.
وَقَالَ ثَعْلَب: حججته أَي قصدته. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: لجّ فحجّ. قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ: لجّ فَغَلب مَنْ لاجّه بحُججه. يُقَال: حاججته أُحَاجُّه حِجَاجاً ومُحاجَّة حَتَّى حججته أَي غلبته بالحجج الَّتِي أدليتُ بهَا. وَقيل معنى قَوْله: لَجَّ فحج أَنه لجّ وَتَمَادَى بِهِ لَجَاجة أَنه أدَّاه اللجاج إِلَى أَن حجّ الْبَيْت الْحَرَام، وَمَا أُراه أُرِيد إِلَّا أَنه هَاجر أهلَه بلجاجه حَتَّى خرج حاجَّاً. وَقَالَ اللَّيْث: الحِجَاج: الْعظم المستدير حول الْعين، وَيُقَال بل هُوَ الْأَعْلَى الَّذِي تَحت الْحَاجِب، وَأنْشد قَول العجاج:
إِذا حجاجا مقلتيها هجَّجا
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الحِجَاج وَالْحجاج: العُظيم المطبِق على وَقْبة الْعين، وَعَلِيهِ ينْبت شعر الْحَاجِب، وحِجاج الشَّمْس حاجبها وَهُوَ قَرْنها. يُقَال: بدا حِجاج الشَّمْس، وحَجاجا الْجَبَل: جانباه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُجج الطّرق المحَفَّرة. والحُجُج: الْجراح المسبورة.

(3/251)


وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الحَجَّة: خرزة أَو لؤلؤة تعلَّق فِي الْأذن. وَيُقَال للْقَوْم الحُجَّاج: حُجّ وَأنْشد:
حُجّ بِأَسْفَل ذِي الْمجَاز نزُول
وَقَالَ أَبُو عَمْرو رَأس أحجّ صُلب. وَقَالَ المرار يصف الركاب فِي سفر كَانَ سافره:
ضربن بِكُل سافلة وَرَأس
أحَجَّ كَأَن مُقْدمَه نَصِيل
جح: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي جَحَّ الرجل إِذا أكل الجُحَّ وَهُوَ البطِّيخ المُشَنَّج.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد الجُحّ: البِطّيخ الصغار، والحنظل. قَالَ وجَحَّ الشَّيْء يَجُحُّه إِذا سحبه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي جحجحت عَن الْأَمر وحجحجت أَي كَفَفْت. وَقَالَ العجاج:
حَتَّى رأى رابئهم فحجحجا
وَقَالَ الجحجوة: النكوص. يُقَال حَمَلوا ثمَّ حجحجوا أَي نكصوا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الحجحج: الفَسْل من الرِّجَال وَأنْشد:
لَا تعلقي بحجحج حَيُوس
ضيَّعة ذراعه يَبُوس
أَبُو عبيد: الجحجاح من الرِّجَال: الْكَرِيم. وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ السَّيِّد السَمْح وَجمعه جحاجحة وجحاجح. وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مر بِامْرَأَة مُجحَ فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذِه أمة لفُلَان فَقَالَ: أيلِمّ بهَا فَقَالُوا نعم. قَالَ لقد هَمَمْت أَن ألعنه لعناً يدْخل مَعَه فِي قَبره. كَيفَ يستخدمه وَهُوَ لَا يحلّ لَهُ أَو كَيفَ يورّثه وَهُوَ لَا يحلّ لَهُ. قَالَ أَبُو عبيد معنى المحِجّ: الْحَامِل المُقْرِب. قَالَ: وَوجه الحَدِيث أَن يكون الْحمل قد ظهر بهَا قبل أَن تُسْبَى فَيَقُول إِن جَاءَت بِولد وَقد وَطئهَا بعد ظُهُور الْحمل لم يحل لَهُ أَن يَجعله مَمْلُوكا لِأَنَّهُ لَا يدرى لَعَلَّ الَّذِي ظهر لم يكن حَمْلاً، وَإِنَّمَا حدث الْحمل من وَطئه، فَإِن الْمَرْأَة رُبمَا ظهر بهَا الْحمل ثمَّ لَا يكون شيأ حَتَّى يحدث بعد ذَلِك فَيَقُول: لَا يدرى لَعَلَّه وَلَده وَقَوله أَو كَيفَ يورّثه يَقُول: لَا يدرى لَعَلَّ الْحمل قد كَانَ بِالصِّحَّةِ قبل السباء فَكيف يورثه.
وَمعنى الحَدِيث أَنه نهى عَن وَطْء الْحَوَامِل حَتَّى يَضعن كَمَا قَالَ يَوْم أَوْطاس: (أَلا لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع وَلَا حَائِض حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَة) .
وَقَالَ أَبُو زيد: قيس كلهَا تَقول لكل سَبُعة إِذا حملت فأقربت وَعظم بَطنهَا: قد أَجَحَّت فَهِيَ مُجِحّ. قَالَ اللَّيْث: أجَحَّت الكلبة إِذا حملت فأقربت. وكلبة مُجِحّ والجميع مَجَاحّ.

(بَاب الْحَاء والشين)
(ح ش)
حش، شح: مستعملان فِي الثنائي والمكرر.
حش: قَالَ اللَّيْث حشَشت النَّار بالحَطَب أَحُشّها حَشّاً، وَهُوَ ضمّكَ مَا تفرق من الْحَطب إِلَى النَّار وَأنْشد:
تالله لَوْلَا أَن تَحُشَّ الطُّبَّخُ
بِي الحجيمَ حِين لَا مستصرخُ

(3/252)


يَعْنِي بالطُّبَّخ مَلَائِكَة الْعَذَاب. قَالَ: والنابِل إِذا راش السهْم فألزق القُذَذ بِهِ من نواحيه يُقَال: حشّ سَهْمه بالقُذَذ. وَأنْشد:
أَو كمِرِّيخ على شِرْيانة
حَشّه الرَّامِي بظُهْران حُشُر
قَالَ: وَالْبَعِير وَالْفرس إِذا كَانَ مُجْفَر الجنبين يُقَال: حُشّ ظهرهُ بجنبين واسعين. وَقَالَ أَبُو دواد الْإِيَادِي يصف فرسا:
من الحارك محشوش
بجنْب جُرشُع رَحْب
وَقَالَ شمر فِي قَوْله:
قد حَشّها اللَّيْل بعصْلَبيّ
قَالَ: حشّها: ضمّها. ويَحُشُّ الرجل الْحَطب، ويَحُشّ النَّار إِذا ضم الحَطَب إِلَيْهَا وأوقدها.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُشَاشة: رَمَق بقيّة من حَيَاة. وَقَالَ الفرزدق يصف القُرَاد:
إِذا سَمِعت وَطْء الركاب تَنغَّشَتْ
حُشاشَتها فِي غير لحم وَلَا دم
أَبُو عبيد: الحُشَاشة والذَمَاء: بقيَّة النَفْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الحشِيش: الْكلأ، والطاقة مِنْهُ حشيشة. وَالْفِعْل الاحتشاش. وَسمعت الْعَرَب تَقول للرجل: حُشَّ فرسَك. وَمِنْه الْمثل السائر: أحُشُّك وتروثني، يُضرب مثلا لمن يسيء إِلَيْك وَأَنت تحسن إِلَيْهِ.
وَمعنى أَحُشّك: أَحُشُّ لَك، وَيكون أحُشّك أعلفك الحشيشَ. وَيُقَال للمِنجَل الَّذِي يُحشّ بِهِ الْحَشِيش: مِحَشّ، أَي يُقطع بِهِ. وَرجل حَشَّاش: يجمع الْحَشِيش. وَرجل مِحَشّ حَرْب إِذا كَانَ يؤرّث نارها، وَهَذَا مَحَشّ صِدْق للبلد الَّذِي يكثر فِيهِ الْحَشِيش. وحَشّ الفرسُ يَحِشُّ حَشّاً إِذا أسْرع، وَمثله ألهب، كَأَنَّهُ يتوقّد فِي عَدْوه. وَقَالَ أَبُو دواد الإياديّ يصف فرسا:
مُلْهِب حَشُّه كحشّ حريق
وَسْط غَابَ وَذَاكَ مِنْهُ حِضار
وَفِي حَدِيث عمر أَن امْرَأَة مَاتَ زَوجهَا، فاعتدّت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، ثمَّ تزوّجت رجلا، فَمَكثت عِنْده أَرْبَعَة أشهر وَنصفا، ثمَّ ولدت ولدا، فَدَعَا عمرُ نسَاء من نسَاء الْجَاهِلِيَّة فسألهن عَن ذَلِك، فَقُلْنَ: هَذِه امْرَأَة كَانَت حَامِلا من زَوجهَا الأول، فلمّا مَاتَ حَشّ ولدُها فِي بَطنهَا، فلمّا مسّها الزَّوْج الآخر تحرّك وَلَدهَا. قَالَ: فَألْحق عمر الْوَلَد بِالْأولِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: حَشّ ولدُها فِي بَطنهَا أَي يبس. يُقَال حشَّ يَحِشُّ. وَقد أحشَّت الْمَرْأَة فَهِيَ مُحِشّ إِذا فعل وَلَدهَا ذَلِك. وَمِنْه قيل لليد إِذا شَلَّت: قد حَشَّت.
وَقَالَ شمر قَالَ ابْن شُمَيْل: الحُشّ: الْوَلَد الْهَالِك فِي بطن الحاملة، وَإِن فِي بَطنهَا لحُشّاً، وَهُوَ الْوَلَد الْهَالِك تنطوي عَلَيْهِ. وتُهَريق وَمَا عَلَيْهِ. وَقَوله تنطوي عَلَيْهِ أَي يبْقى فَلَا يخرج. قَالَ ابْن مقبل:
وَلَقَد غدوتُ على التِجَار بحَسْرة
قلقٍ حشُوش جَنِينهَا أَو حائلِ
قَالَ وَإِذا أَلْقَت وَلَدهَا يَابسا فَهُوَ الحشِيش وَلَا يخرج الْحَشِيش من بَطنهَا حَتَّى يُسطى عَلَيْهَا. وَأما اللَّحْم فَإِنَّهُ يتقطع فتبوله

(3/253)


حضيراً فِي بولها. وَالْعِظَام لَا تخرج إلاّ بعد السطو عَلَيْهَا. وَقد أحشّت الناقةُ، وحَشّ الولدُ. وَيُقَال: حَشّت يدُه تحُشّ وتحِشّ إِذا دَقّت وصغرت. واستحشّت مثله. والمستحِشّة من النوق الَّتِي دقّت أوظفتها من عِظَمها وَكَثْرَة شحمها، وحَمُشت سفلتها فِي رَأْي الْعين. يُقَال استحشّها الشَّحْم وأحشّها. وَقَامَ فلَان إِلَى فلَان فاستحشّه أَي صَغُر مَعَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الخَلَى: الرَطْب من الْحَشِيش، فَإِذا يبس فَهُوَ حشيش قَالَ: والمَحَشُّ: الَّذِي يَجْعَل فِيهِ الْحَشِيش وَيُقَال لَهُ مِحش بِكَسْر الْمِيم.
قلت الْعَرَب إِذا أطْلقُوا اسْم الْحَشِيش عَنَوا بِهِ الحَلِيَّ خاصّة. وَهُوَ من أَجود علف يصلح الْخَيل عَلَيْهِ، وَهُوَ من خير مرَاعِي النعم. وَهُوَ عُرْوة فِي الجَدْب، وعُقْدة فِي الأزمات، إِلَّا أَنه إِذا حَالَتْ عَلَيْهِ السّنة تغيّر لَونه، واسودّ بعد صفرته، واجتوته النَعَم وَالْخَيْل، إِلَّا أَن تُمحِل السّنة وَلَا ينْبت البقل. وَإِذا بدا الْقَوْم فِي آخر الخريف قبل وُقُوع ربيع بِالْأَرْضِ فظعَنوا منتجعين لم ينزلُوا بَلَدا لَا حَلِيَّ فِيهِ. فَإِذا وَقع ربيع بِالْأَرْضِ وأبقلت الرياض أغنتهم عَن الحَلِيِّ والصِّلِّيان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البقل أجمع رَطْباً ويابساً حشيش وعَلَف وخَلًى.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: ألْقت النَّاقة ولدا حشيشاً إِذا يبس فِي بَطنهَا. قَالَ والحشيش: الْيَابِس من الْكلأ.
وَلَا يُقَال لَهُ وَهُوَ رطب: حشيش. وَيُقَال هَذِه لُمْعَةٌ قد أحشَّت أَي أمكنت لِأَن تُحش، وَذَلِكَ إِذا يَبِسَتْ. واللُمْعة من الحَلِيِّ، وَهُوَ الْموضع الَّذِي يكثر فِيهِ الحَلِيّ. وَلَا يُقَال لَهُ: لُمْعة حَتَّى يصفرّ أَو يبيضّ.
قلت وَهَذَا كُله كَلَام عربيّ صَحِيح.
وَقَالَ ابْن المظفر: رُوي فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يُؤْتى النِّسَاء فِي محاشّهن بالشين. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعضهم فِي محاسّهن قَالَ والمَحَسّة: الدبر.
قلت: كنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الأدبار بالمحاشّ؛ كَمَا يكنى بالحُشُوش عَن مَوَاضِع الْغَائِط. والحشوش فِي الأَصْل جمع الحَشّ وَهُوَ الْبُسْتَان من النّخل وَكَانُوا يتغوّطون فِيهَا. وَمِنْه حَدِيث طَلْحَة بن عبد الله: أَنه قَالَ: إِنَّهُم أدخلوني الحَشّ، وقرّبوا اللُجّ فوضعوه على قَفَيّ فَبَايَعت وَأَنا مكرَه.
قَالَ أَبُو عبيد: الحشّ: الْبُسْتَان. وَفِيه لُغَتَانِ: حُشّ وحَشّ. وَجمعه حِشَّان. قَالَ: وسمّي مَوضِع الخلاَء حُشّاً بِهَذَا؛ لأَنهم كَانُوا يقضون حوائجهم فِي الْبَسَاتِين.
وَقَالَ شمر: سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: الحشّ: حَائِط نخل، وَجمعه حِشّان.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: حشَّ عليّ الصَّيْد.
قلت: كَلَام الْعَرَب الصَّحِيح: حُشْ عليَّ الصيدَ بِالتَّخْفِيفِ، من حاش يحوش. وَمن قَالَ: حششت الصَّيْد بِمَعْنى حُشْته فَإِنِّي لم أسمعهُ لغير اللَّيْث، وَلست أُبعده مَعَ ذَلِك من الْجَوَاز. وَمَعْنَاهُ: ضُمَّ الصَّيْد من

(3/254)


جانبيه؛ كَمَا يُقَال: حُشّ البعيرُ بجنبين واسعين أَي ضم، غير أَن الْمَعْرُوف فِي الصَّيْد الحوش.
عَمْرو عَن أَبِيه: الحَشَّة: الرَّوْضَة.
وَقَالَ اللحياني: حُشَاشاك أَن تفعل ذَاك، وغُنَاماك وحُمَاداك بِمَعْنى وَاحِد. وَيُقَال: حششت فلَانا فَأَنا أحُشّة إِذا أصلحت من حَاله. وحششت مَاله بِمَال فلَان أَي كثّرته. وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فِي المُزَنيّ الَّذِي حششتُ بِهِ
مَال ضَرِيك تلادُه نَكِد
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ الْفراء يُقَال: ألحق الحِسّ بالإسّ. قَالَ وَسمعت بعض بني أَسد يَقُول: ألحق الحشّ بالإشّ. قَالَ كَأَنَّهُ يَقُول: ألحق الشَّيْء بالشَّيْء: إِذا جَاءَك شَيْء من نَاحيَة فافعل مثله. جَاءَ بِهِ أَبُو تُرَاب فِي بَاب الشين وَالسِّين وتعاقبهما.
شح: قَالَ اللَّيْث: الشُحّ: الْبُخْل، وَهُوَ الْحِرْص. يُقَال: هما يتشاحّان على أَمر إِذا تنازعاه، لَا يُرِيد كل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يفُوته. والنعت شحيح، وَالْعدَد أشِحّة. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً} (الأحزَاب: 19) نزلت فِي قوم من الْمُنَافِقين كَانُوا يُؤْذونَ الْمُسلمين بألسنتهم فِي الْأَمْن، ويعوّقون عِنْد الْقِتَال ويَشِحّون عِنْد الْإِنْفَاق على فُقَرَاء الْمُسلمين. وَالْخَيْر: المَال هَاهُنَا.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ} (الحَشر: 9) أَي من أخرج زَكَاته، وعَفّ عَن المَال الَّذِي لَا يحلّ لَهُ فقد وُقي شُحّ نفْسه.
وَقَالَ الْفراء يُقَال: شحّ يشحّ بِكَسْر الشين من يشحّ. قَالَ وَكَذَلِكَ كل فعيل من النعوت إِذا كَانَ مضاعفاً فَهُوَ على فَعَل يَفْعِل، مثل خَفِيف، وذفيف، وعفيف. قَالَ: وَبَعض الْعَرَب يَقُول: شحّ يَشَحّ وَقد شحِحْت نَشَحّ وَمثله ضَنّ يَضَنّ فَهُوَ ضنين. وَالْقِيَاس هُوَ الأوّل: ضَنّ يضِن. واللغة الْعَالِيَة ضنّ يَضَنُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: رجل شَحَاح وشحِيح بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد شمر:
إِنِّي وتركي ندى الأكرمي
ن وقدحي بكفيّ زنْداً شَحاحا
كتاركة بيضها بالعرا
ء وملبسة بيض أُخْرَى جَناحا
قَالَ اللَّيْث: زند شَحَاح إِذا كَانَ لَا يُورى.
وَفِي حَدِيث عَليّ ح حِين رأى رجلا يخْطب فَقَالَ: هَذَا الْخَطِيب الشَحْشَح.
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو، وَهُوَ الماهر بِالْخطْبَةِ الماضِي فِيهَا.
قَالَ أَبُو عبيد وكل ماضٍ فِي كَلَام أَو سير فَهُوَ شَحْشَح.
وَقَالَ الْأمَوِي: الشَحْشَح: المواظب على الشَّيْء. قَالَ الطرماح:
كَأَن المطايا لَيْلَة الخِمْس عُلِّقت
بوَثَّابة تنضو الرواسم شحشح
وَقَالَ ذُو الرمة:
لدن غدْوَة حَتَّى إِذا امتدَّت الضُّحَى
وحث القطينَ الشحشحانُ المكلّف
يَعْنِي الْحَادِي. قَالَ: وَيُقَال: الشحشح:

(3/255)


الْبَخِيل الممسك. وَقَالَ الراجز:
فردّد الهدر وَمَا إِن شحشحا
أَي مَا بخل بهديره.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي رجل شَحْشَح وشَحشاح وشحِيح وشَحْشحان بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ وَيُقَال للغَيُور: شَحْشَح. وفلاة شحشح: لَا شَيْء فِيهَا. وَرجل شحشح: سيّء الخُلُق. وَقَالَ نُصيب:
نُسَيَّة شحشاح غيورٍ يهينه
أخى حذر يَلْهُون وَهُوَ مشيح
وَقَالَ اللَّيْث: شحشح الْبَعِير فِي هديره، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بالخالص من الهدير.
ابْن السّكيت: هُوَ الشُحّ والشِّحّ. والشُّحْ كَلَام الْعَرَب، والشِّحّ لُغَة رَدِيئَة. وَأَرْض شَحَاح: لَا تسيل إلاّ من مطر جَوْد. وَأَرْض شَحْشَح كَذَلِك. وغراب شَحْشَح: كثير الصَّوْت. وشحشح الصُّرد إِذا صات. قَالَ والشحشح: الفلاة الواسعة قَالَ مُليح:
تجْرِي إِذا مَا ظلام اللَّيْل أمكنها
من السُّرَى وفلاة شحشح جَرَد
وحمار شحشح: خَفِيف. وَمِنْهُم من يَقُول: شُحْشُح. وَقَالَ حُمَيد:
تقدّمها شَحْشَح جَائِز
لماء قعير يُرِيد الْقرى
جَائِز: يجوز إِلَى المَاء.

(بَاب الْحَاء وَالضَّاد)
(ح ض)
حض، ضح: مستعملان.
حض: قَالَ اللَّيْث: حض يَحُض حَضاً، وَهُوَ الْحَث على الْخَيْر، والْحِضِّيضَى كالحثِّيثَى. وَقَول الله تَعَالَى: {الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} (الْفجْر: 18) قَرَأَ عَاصِم وَالْأَعْمَش {الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} بِالْألف وَفتح التَّاء. وَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة (وَلَا تحُضّون) .
وَقَرَأَ الْحسن (وَلَا يحضون) وَقَرَأَ بَعضهم (ولاتُحاضّون) بِرَفْع التَّاء. قَالَ الْفراء: وكلٌّ صَوَاب. فَمن قَرَأَ (تُحاضّون) فَمَعْنَاه تحافظون. وَمن قَرَأَ (تَحَاضّون) فَمَعْنَاه: يحضّ بَعْضكُم بَعْضًا. وَمن قَرَأَ (تَحُضّون) فَمَعْنَاه تأمرون بإطعامه وَكَذَلِكَ (يَحُضّون) وَيُقَال: حضَّضت الْقَوْم على الْقِتَال تحضيضاً إِذا حرّضْتَهم،
وَقَالَ اللَّيْث: الحُضُض يتَّخذ من أَبْوَال الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن اليزيدي هُوَ الْحُضَض، والْحُضُظُ، والْحُظظُ، والحُظَظُ. قَالَ شمر وَلم أسمع الضَّاد مَعَ الظَّاء إِلَّا فِي هَذَا. وَهُوَ الحُدُل. سَلمَة عَن الفرّاء: الخذَال.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الْحُضُض والْحُضَض: صَمْغ من نَحْو الصَبِر والمُرّ وَمَا أشبههما.
اللَّيْث الحضيض: قَرَار الأَرْض عِنْد سَفْح الْجَبَل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الحَضِيض: القَرَار من الأَرْض بعد مُنْقَطع الْجَبَل وَأنْشد بَعضهم:
الشِّعْر صَعب وطويل سُلّمه
إِذا ارْتقى فِيهِ الَّذِي لَا يُعلمهُ
زلت بِهِ إِلَى الحضِيض قَدَمُه
يُرِيد أَن يعربه فيُعجمُه

(3/256)


وَالشعر لَا يسطيعه من يَظْلمه
وَقَالَ ابْن الْفرج: يُقَال احتضضت نَفسِي لفُلَان وابْتَضَضْتُها إِذا استزدتها.
ضح: قَالَ اللَّيْث الضِّحّ: ضوء الشَّمْس إِذا استمكن من الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الضِّحّ نقيض الظلّ، وَهُوَ نُور الشَّمْس الَّذِي فِي السَّمَاء على وَجه الأَرْض. وَالشَّمْس هُوَ النُور الَّذِي فِي السَّمَاء يطلع ويغْرب. وَأما ضوؤه على الأَرْض فضِحّ قَالَ وَأَصله الضِحْيُ فاستثقلوا الْيَاء مَعَ سُكُون الْحَاء فثقّلوها. قَالُوا: ضحّ. وَمثله العَبْد القِنّ وَأَصله قِنْي من القِنية.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الضِحّ كَانَ فِي الأَصْل الوِضْح، فحذفنا الْوَاو، وزيدت حاء مَعَ الْحَاء الْأَصْلِيَّة، فَقيل: الضِحّ. قلت: وَالصَّوَاب أَن أَصله الضِحْيُ من ضحِيت للشمس.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب جَاءَ فلَان بالضحّ وَالرِّيح إِذا جَاءَ بِالْمَالِ الْكثير، يعنون أَنه جَاءَ بِمَا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وهبَّت بِهِ الرّيح.
وَقَالَ اللَّيْث: الضَحضاح: المَاء إِلَى الْكَعْبَيْنِ، أَو إِلَى أَنْصَاف السُوق. قَالَ: والضحضحة والتضحيح جري السراب.
أَبُو عبيد: الضحضاح: المَاء الْقَلِيل يكون فِي الغدير وَغَيره. والضَحْل مثله. وَكَذَلِكَ المتضحضح. وَأنْشد قَول ابْن مقبل:
وَأظْهر فِي غُلاّن رقد وسيلُه
علاجيم لَا ضحلٌ وَلَا متضحضحُ
وَأنْشد شمر لساعدة بن جُؤَيَّة:
واستدبروا كل ضحضاح مُدفِّئة
وَالْمُحصنَات وأوزاعاً من الصِرَم
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ضحضاح كَثِيرَة بلغَة هُذَيْل لَا يعرفهَا غَيرهم. يُقَال عَلَيْهِ إبل ضحضاح.
قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ مثل الضحضاح ينتشر على وَجه الأَرْض، قَالَه فِي بَيت الهذليّ.
قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي غنم ضحضاح، وإبل ضحضاح: كَثِيرَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ المنتشرة على وَجه الأَرْض. وَمِنْه قَوْله:
تُرَى بيُوت وتُرى رماح
وغنم مزنَّم ضحضاح
وضحضح الأمرُ إِذا تبيّن.

(بَاب الْحَاء وَالصَّاد)
(ح ص)
حص، صَحَّ: مستعملان فِي الثنائي المكرر.
حص: قَالَ اللَّيْث: الحُصَاص: سرعَة العَدْو فِي شدّة. وَيُقَال الحُصَاص: الضُّرَاط.
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: إِن الشَّيْطَان إِذا سمع الْأَذَان خرج وَله حُصَاص. رَوَاهُ حمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم بن أبي النَجُود. قَالَ حمّاد: فَقلت لعاصم: مَا الحُصَاص؟ فَقَالَ إِذا صَرَّ بأذنيه ومَصَع بذَنَبه وَعدا فَذَلِك الحصاص.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الْحُصَاص: شدَّة العَدْو وسرعته.

(3/257)


قَالَ أَبُو عبيد: والحُصَاص: الضراط فِي قَول بَعضهم. قَالَ وَقَول عَاصِم والأصمعيّ أحبّ إليّ.
قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحُصّ: الوَرْس وَإِن جمع فحصوص، يصْبغ بِهِ. وَأنْشد بَيت عَمْرو بن كُلْثُوم:
مشعشعة كَأَن الْحُصّ فِيهَا
إِذا مَا المَاء خالطها سخيفنا
قلت: الْحُصّ بِمَعْنى الوَرْس مَعْرُوف صَحِيح. وَقد قَالَ بَعضهم: الْحُصّ اللُّؤْلُؤ. وَلست أحُقَّه وَلَا أعرفهُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وولَّى عُمَيْر وَهُوَ كابٍ كَأَنَّهُ
يُطَلّى بحُص أَو يُغَشَّى بعِظْلِم
وَقَالَ اللَّيْث: الحَصّ: إذهاب الشّعْر سَحْجاً؛ كَمَا تَحُصُّ البَيْضة رأسَ صَاحبهَا.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: إِن بِنْتي عُرَيِّس، وَقد تمعَّط شعرهَا وأمروني أَن أرجلها بالخَمْر. فَقَالَ: إِن فعلتِ ذَاك فأَلقى الله فِي رَأسهَا الحاصَّة.
قَالَ أَبُو عبيد الحاصَّة: مَا يحُصّ شعرهَا: يَحلقه كلَّه فَيذْهب بِهِ.
وَقَالَ أَبُو قيس بن الأسلت:
قد حصّت الْبَيْضَة رَأْسِي فَمَا
أطعمُ نوما غير تَهجاع
قَالَ: وَمِنْه يُقَال: بَين بني فلَان رحم حاصَّة أَي قد قطعوها وحَصّوها، لَا يتواصلون عَلَيْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: سنة حَصَّاء إِذا كَانَت جَدْبة. وَقَالَ الحطَيئة:
جَاءَت بِهِ من بَنَات الطُور تَحدُره
حَصَّاءُ لم تتَّرك دون الْعَصَا شَذَبا
وناقة حصّاء، إِذا لم يكن عَلَيْهَا وَبَر. وَقَالَ الشَّاعِر:
عُلُّوا على شَارف صعبٍ مراكبها
حصّاء لَيْسَ بهَا هُلْب وَلَا وبر
عُلّوا وعُولوا وَاحِد من عَلاَّه وعالاه.
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: إِذا ذهب الشّعْر كُله قيل: رجل أَحَصّ وَامْرَأَة حصّاء.
وَقَالَ غَيره: ريح حَصَّاء: صَافِيَة لَا غُبَار فِيهَا. وَقَالَ أَبُو قيس:
كَأَن أَطْرَاف الولايا بهَا
فِي شمأل حَصَّاء زعزاع
وَيُقَال: انحصّ ورقُ الشّجر عَنهُ وانحتّ إِذا تناثر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي إفلات الجبان من الْهَلَاك بعد الإشفاء عَلَيْهِ: أُفلت وانحصّ الذَّنب.
قَالَ ويروى هَذَا الْمثل عَن مُعَاوِيَة: أَنه أرسل رجلا من غَسّان إِلَى ملك الرّوم، وَجعل لَهُ ثَلَاث ديات على أَن يُنَادي بِالْأَذَانِ إِذا دخل مَجْلِسه، فَفعل الغسَّاني ذَلِك، وَعند الملِك بطارقته، فَوَثَبُوا ليقتلوه، فنهاهم الملِك وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ مُعَاوِيَة أَن أقتل هَذَا غَدْراً وَهُوَ رَسُول فيفعل مثلَ ذَلِك بِكُل مستأمِن منا، فجهَّزه وردّه، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَة قَالَ: أفلت وانحصّ الذَّنب. فَقَالَ كلا إِنَّه لبِهُلبه، ثمَّ حدَّثه

(3/258)


الحَدِيث. فَقَالَ مُعَاوِيَة: لقد أصَاب، مَا أردْت غير ذَلِك وَأنْشد الْكسَائي:
جَاءُوا من المصرين باللصوص
كل يَتِيم ذِي قفاً محصوص
وَيُقَال: طَائِر أحصّ الْجنَاح، وَرجل أحصّ اللِّحْيَة، ورَحيم حصَّاء: مَقْطُوعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِصَّة: النَّصِيب، وَجَمعهَا الحِصَص. وَيُقَال تحاصّ الْقَوْم تَحَاصَّاً إِذا اقتسموا.
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: أحصصت الْقَوْم: أَعطيتهم حصصهم.
وَقَالَ غَيره: حاصصته الشَّيْء أَي قاسمته، فحصَّني مِنْهُ كَذَا يحُصُّني أَي صَار ذَلِك حِصَّتي.
قَالَ شمر ورَوَى بَعضهم بَيت أبي طَالب:
بميزان قسط لَا يَحُصّ شعيرَة
قَالَ وَمَعْنَاهُ لَا ينقص شعيرَة.
وَقَالَ أَبُو زيد رجل أحصّ إِذا كَانَ نكداً مَشْئوماً. والأحصّ مَا ذكره الْجَعْدِي فَقَالَ:
فَقَالَ تجاوزت الأحصّ وماءه
وبطن شُبَيث وَهُوَ ذُو مترسم
وَقَالَ ابْن الْفرج: كَانَ حَصِيص الْقَوْم وبَصِيصهم كَذَا أَي عَدَدهم.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الئَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} (يُوسُف: 51) لمّا دُعي النسْوَة فبرَّأن يُوسُف قَالَت: لم يبْق إلاّ أَن يُقبلن عليّ بالتقرير فأقرَّت. فَذَلِك قَوْلهَا: {تَقول: ضَاقَ الْكَذِب، وتبيَّن الْحق وَهَذَا من قَول امْرَأَة الْعَزِيز.
وَقَالَ غَيره: حصحص الحقُّ إِذا ظهر وبرز.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الحصحصة: الْمُبَالغَة. وَيُقَال: حصحص الرجل إِذا بَالغ فِي أمره.
وَقَالَ الزّجاج: الئَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} برز وَتبين.
قَالَ: واشتقاقه فِي اللُّغَة من الْحصّة أَي بَانَتْ حِصَّة الْحق من حِصَّة الْبَاطِل.
وَقَالَ اللَّيْث: الحصحصة: بَيَان الْحق بعد كِتْمَانه. يُقَال: حصحص الْحق: وَلَا يُقَال: حُصْحِص.
وَفِي حَدِيث سَمُرة بن جُنْدَب أَنه أُتي بِرَجُل عِنّين، فَكتب فِيهِ إِلَى مُعَاوِيَة، فَكتب: أَن اشترِ لَهُ جَارِيَة من بَيت المَال وأدخِلها عَلَيْهِ لَيْلَة، ثمَّ سَلْها عَنهُ، فَفعل سَمُرة، فلمَّا أصبح قَالَ لَهُ: مَا صنعت قَالَ: فَعَلْتُ حَتَّى حصحص فِيهَا.
قَالَ: فَسَأَلَ الْجَارِيَة فَقَالَت: لم يصنع شيأ فَقَالَ: للرجل خلِّ سَبِيلهَا يَا محصحص.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله حصحِص: الحصحصة الْحَرَكَة فِي الشَّيْء حَتَّى يستمكن ويستقر فِيهِ. وَيُقَال حصحصت التُّرَاب وَغَيره إِذا حركته وفحصته يَمِينا وَشمَالًا.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر يصف بَعِيرًا:
وحصحص فِي صُمِّ الحصَى ثكناتُه
ورام الْقيام سَاعَة ثمَّ صَمَّمَا
قلت: أَرَادَ الرجل أَن ذكره انشام فِيهَا، فَبَالغ حَتَّى قرَّ فِي مَهْبلها.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو أَنه قَالَ:

(3/259)


الْحَصْحَصة: الذّهاب فِي الأَرْض.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي قَرَب حَصْحاص وحَثْحاث، وَهُوَ الَّذِي لَا وتيرة فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سير حصحاص: سريع.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي الحِصْحِص والكَثْكَث كِلَاهُمَا الْحِجَارَة.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: بِفِيهِ الحصحص أَي التُّرَاب.
قَالَ وَقَالَ أَبُو خَيرة: الكَثْكَث: التُّرَاب.
وَفِي حَدِيث عَليّ ح أَنه قَالَ: لِأَن أُحصحص فِي يَدَيَّ جمرتين أحب إليّ من أَن أُحصحص كعبتين.
قَالَ شمر: الحصحصة التحريك والتقليب للشَّيْء والترديد.
قَالَ: وَقَالَ الفقعسي: يُقَال تحصحص وتحزحز أَي لزِق بِالْأَرْضِ واستوى. وحصحص فلَان ودَهمج إِذا مَشى مَشْي المقيّد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل مَا يُحصحص فلَان إِلَّا حول هَذَا الدِّرْهَم ليأخذه.
قَالَ: والحصحصة لزوقه بك وإتيانه إياك وإلحاحه عَلَيْك.
الأحَصّ: مَاء كَانَ نزل بِهِ كُلَيْب وَائِل فاستأثر بِهِ دون بكر بن وَائِل، فَقيل لَهُ أَسقِنا، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ فَضْل عنّا. فَلَمَّا طعنه الجسَّاس استسقاهم المَاء، فَقَالَ لَهُ جسَّاس:
تجاوزت الأحَصّ، أَي ذهب سلطانك عَن الأحصّ. وَفِيه يَقُول الجعديّ:
وَقَالَ لجسّاس أَغِثْنِي بشَرْبة
تدارك بهَا طَوْلا عليّ وأنعِم
فَقَالَ تجاوزتَ الأحصّ وماءه
وبطنُ شُبَيْث وَهُوَ ذُو مترسم
صَحَّ: قَالَ اللَّيْث: الصحّة: ذهَاب السقم، والبراءة من كلّ عيب ورَيْب. يُقَال: صَحّ يصحّ صحَّة.
وَفِي الحَدِيث: (الصَّوْم مَصَحّة) بِفَتْح الصَّاد، وَيُقَال: مَصِحَّة بِكَسْر الصَّاد. قَالَ: وَالْفَتْح أَعلَى، يَعْنِي يُصَحّ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: صحَاح الْأَدِيم وَصَحِيحه بِمَعْنى وَاحِد. وَجمع الصَّحِيح أصحاء مثل شحيح وأشحاء. وصحّحت الْكتاب والْحساب تَصْحِيحا إِذا كَانَ سقيماً فأصلحت خطأه وأتيت فلَانا فأصححته وجدته صَحِيحا. وَأرض مَصَحَّة: لَا وباء فِيهَا، وَلَا يكثر فِيهَا الْعِلَل والأسقام. وصَحاح الطَّرِيق: مَا اشْتَدَّ مِنْهُ وَلم يسهل وَلم يُوطأ.
وَقَالَ ابْن مقبل يصف نَاقَة:
إِذا وجّهت وجهَ الطَّرِيق تيمّمت
صَحاح الطَّرِيق عِزَّة تَسَهَّلا
وأصحَّ القومُ إِذا صحَّت مَوَاشِيهمْ من الجَرَب والعاهة.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُورِدنَّ ذُو عاهة على مَصِحّ) .
وَقَالَ اللَّيْث: الصَحْصَح والصحصحان: مَا اسْتَوَى وجَرِد من الأَرْض. والجميع الصحاصح.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الصَحْصَح، الأَرْض

(3/260)


الجرداء المستوية ذَات حَصى صغَار. قَالَ والصحصحان والصحصح وَاحِد. قَالَ: وَأَرْض صحَاصح وصَحْصحان: لَيْسَ بهَا شَيْء، وَلَا شجر، وَلَا قَرَار للْمَاء، قلَّما تكون إلاّ إِلَى سَنَد وَاد أَو جبل قريب من سَنَد وَاد. قَالَ: والصحراء أشدّ اسْتِوَاء مِنْهَا.
وَقَالَ الراجز:
ترَاهُ بالصحاصح السمالق
كالسيف من جفن السِّلَاح الدالق
وَقَالَ آخر:
وَكم قَطعنَا من نصابٍ عَرْفَج
وصَحْصحان قُذُف مخرّج
بِهِ الرذايا كالسفين المُخرج
قَالَ نِصَاب العرفج ناحيته.
قَالَ والقُذُف الَّتِي لَا مَرْتَع بهَا، والمخرّج الَّذِي لم يصبهُ مطر، وَأَرْض مخرّجة، فشبّه شخوص الْإِبِل الْحَسْرَى بشخوص السفن. قَالَ: وَيُقَال: صحصاح، وأنشذ:
حَيْثُ ارثعنّ الوَدْق فِي الصحصاح
قَالَ: والترَّهَات الصحاصح هِيَ الإباطيل.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وَمَا ذكره دهماء بعد مزارها
بِنَجْرَان إلاّ التُرّهات الصحاصح
وَيُقَال للَّذي يَأْتِي بالأباطيل: مُصَحْصِح.

(بَاب الْحَاء وَالسِّين)
(ح س)
حس، سح: مستعملان فِي الثنائي والتكرير.
حس: قَالَ ابْن المظفر: الحَسّ: الْقَتْل الذريع. وَفِي الْقُرْآن: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (آل عِمرَان: 152) أَي تقتلونهم قتلا شَدِيدا كثيرا. قَالَ: وَالْحَسّ: إِضْرَار البَرْد بالأشياء.
يُقَال أَصَابَتْهُم حاسَّة من الْبرد
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الْحَسّ: مصدر حَسَسْتُ الْقَوْم أَحُسّهم حَسّاً إِذا قَتلتهمْ. قَالَ وحَسَسْت الدابَّة أَحُسَها حَسّاً، وَذَلِكَ إِذا فَرْجَنتها بالمِحَسَّة وَهِي الفِرْجَون. قَالَ والْحِسّ بِكَسْر الْحَاء من أحسست بالشَّيْء. والْحِسّ أَيْضا: وجع يَأْخُذ النُّفَسَاء بعد الْولادَة. وَقَالَ أَوْس:
فَمَا جَبُنُوا أَنا نشُد عَلَيْهِم
وَلَكِن لَقُوا نَارا تَحُسّ وتَسْفَع
هَكَذَا رَوَاهُ شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: تَحُس أَي تُحرِق، وتُفنى من الحاسَّة، وَهِي الآفة الَّتِي تصيب الزَّرْع والكلأ فتحرقه. وَهَكَذَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم:
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (آل عِمرَان: 152) مَعْنَاهُ: تستأصلونهم قتلا. يُقَال حسَّهم الْقَائِد يَحُسّهم حسّاً إِذا قَتلهمْ.
وَقَالَ الْفراء: الْحَسّ: الْقَتْل والإفناء هَاهُنَا قَالَ والحَسّ أَيْضا الْعَطف والرِّقَّة بِالْفَتْح وَأنْشد:
هَل من بَكَى الدَّار راجٍ أَن تَحِسّ لَهُ
أَو يُبكى الدارَ ماءُ العَبْرة الخَضِل
قَالَ وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: مَا رَأَيْت عُقَيْلياً إلاّ حَسَسْت لَهُ يَعْنِي رَققت لَهُ.

(3/261)


قَالَ الْفراء: وحَسَسْت لَهُ أَي رققت لَهُ وَرَحمته.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْحِس بِكَسْر الْحَاء: الرقّة وَقَالَ الْقطَامِي:
أَخُوك الَّذِي يملك الحِسّ نفسُه
وترفَضّ عِنْد المحفِظات الكتائِفُ
هَكَذَا رُوِيَ لنا عَن أبي عبيد بِكَسْر الْحَاء وَمعنى هَذَا الْبَيْت معنى الْمثل السائر: الحفائظ تحلّل الأحقاد. يَقُول: إِذا رأيتُ قَرَابَتي يضام وَأَنا عَلَيْهِ وَاجِد، أخرجت مَا فِي قلبِي من السخيمة لَهُ، وَلم أَدَعْ نُصرته ومعونته. قَالَ والكتائف: الأحقاد، وَاحِدهَا كَتِيفة.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَسَسْت لَهُ، وَذَلِكَ أَن يكون بَينهمَا رَحِم فيرقّ لَهُ. وَقَالَ أَبُو مَالك هُوَ أَن يشتكي لَهُ ويتوجَّع. وَقَالَ: أَطَّت مني لَهُ حاسَّة رَحِم. وَيُقَال: إِنِّي لأجد حِسّاً من وجع.
وَقَالَ العجاج:
وَمَا أَرَاهُم جُزَّعاً من حِسّ
عطف البلايا المسّ بعد المسّ
وعركات الْبَأْس بعد الْبَأْس
أَن يسمهرُّوا لضِراس الضَرس
يسمهرُّوا: يشتدّوا، والضراس: المعاضّة والضرس العضيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: مَا سَمِعت لَهُ حِسّاً وَلَا جِرْساً قَالَ: والحِسّ من الْحَرَكَة والجِرْس من الصَّوْت.
قَالَ وَيُقَال ضُرِب فلَان فَمَا قَالَ حَسَ وَلَا بَسَ. وَمِنْهُم من يكسر الْحَاء وَمِنْهُم مَنْ لَا ينون فَيَقُول: فَمَا قَالَ حِسّ وَلَا بسّ.
وَالْعرب تَقول عِنْد لذعة نَار أَو وجع حاد: حَسِّ حَسِّ. وبلغنا أَن بعض الصَّالِحين كَانَ يمدّ أصبعيه إِلَى شُعلة نَار، فَإِذا لذعته قَالَ: حَسِّ حَسِّ كَيفَ صبركَ على نَار جَهَنَّم، وَأَنت تجزع من هَذَا قَالَ: والحِسُّ: مسّ الْحمى أول مَا تبدأ.
قلت وَقد قَالَ الْأَصْمَعِي: أوّل مَا يجد الْإِنْسَان مَسّ الْحمى قبل أَن تَأْخُذهُ وَتظهر فَذَلِك الرَسّ. قَالَ وَيُقَال وَجَد حِسّاً من الْحمى. قَالَ وَيُقَال جِيء بِهِ من حَسَّك وبَسّك أَي من حَيْثُ كَانَ وَلم يكن. وَقَالَ الزّجاج كَذَلِك لفظ الْأَصْمَعِي وتأويله: جِيءَ بِهِ من حَيْثُ تُدْرِكهُ حاسّة من حواسّك أَو يُدْرِكهُ تصرف من تصرفك.
قَالَ الْأَصْمَعِي وَيُقَال ضربه فَمَا قَالَ: حَسّ يَا هَذَا قَالَ وَهَذِه كلمة كَانَت تكره فِي الْجَاهِلِيَّة وَحَسِّ مثل أوّه.
قلت وَهَذَا صَحِيح قلت: وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَيْلَة يسري فِي مسيره إِلَى تَبُوك فَسَار بجنبه رجل من أَصْحَابه، ونَعَسَا، فَأصَاب قدمُه قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: حَسّ قَالَ: والْحَسّ بَرْد يُحرق الْكلأ. يُقَال: أَصَابَتْهُم حاسَّة. وَيُقَال: إِن الْبرد مَحَسَّة للنبت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ الحاسوس: المشؤوم من الرِّجَال.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} (آل عِمرَان: 52) وَفِي قَوْله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ} (مريَم:

(3/262)


98 -) مَعْنَاهُ فلمَّا وجد عِيسَى. قَالَ: والإحساس: الْوُجُود. تَقول فِي الْكَلَام هَل أحسست مِنْهُم من أحد؟
وَقَالَ الزّجاج معنى (أحسّ) علم وَوجد فِي اللُّغَة. قَالَ: وَيُقَال: هَل أحسست صَاحبك أَي هَل رَأَيْته؟ وَهل أحسست الْخَبَر أَي هَل عَرفته وعلمته؟ قَالَ وَيُقَال: هَل أحَسْت بِمَعْنى أحسست. وَيُقَال حَسْت بالشَّيْء إِذا عَلمته وعرفته.
وَقَالَ الْفراء تَقول من أَيْن حَسِيت هَذَا الْخَبَر يُرِيدُونَ من أَنِّي تخبّرته وَقَالَ أَبُو زبيد:
خَلا أَن الْعتاق من المطايا
حَسِين بِهِ فهن إِلَيْهِ شُوسُ
قَالَ وَقد تَقول الْعَرَب مَا أَحَسْتُ مِنْهُم أحدا فيحذفون السِّين الأولى. وَكَذَلِكَ فِي قَوْله: {وَانظُرْ إِلَى إِلَاهِكَ الَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً} (طاه: 97) وَقَالَ: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الواقِعَة: 65) وقرىء (فظِلتم) ألقيت اللَّام المتحركة وَكَانَت فظللتم.
وَقَالَ لي الْمُنْذِرِيّ: سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول حَسْت وحَسَسْت: ووَدْت ووَدِدْت، وهَمْت وهَمَمْت وَقَوله جلّ وعزّ: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} (الأنبيَاء: 102) أَي لَا يسمعُونَ حِسَّها وحركة تلهّبها والحَسِيس والحِسُّ الْحَرَكَة وَقَوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ} مَعْنَاهُ: هَل تُبصر، هَل ترى.
قلت وَسمعت الْعَرَب يَقُول ناشدهم لضوالّ الْإِبِل إِذا وقف على حَيّ: أَلاَ وأَحِسّوا نَاقَة صفتهَا كَذَا وَكَذَا. وَمَعْنَاهُ: هَل أحسستم نَاقَة فَجَاءُوا بِهِ على لفظ الْأَمر.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} أَي رأى. يُقَال: أحسست من فلَان مَا سَاءَنِي أَي رَأَيْت. قَالَ: والحِسّ والْحَسِيس تَسمعه من الشَّيْء يمر قَرِيبا مِنْك وَلَا ترَاهُ. وَأنْشد فِي صفة بازٍ:
ترى الطير الْعتاق يظلن مِنْهُ
جُنوحاً إِن سمعن لَهُ حَسِيسا
وَقَالَ الله تَعَالَى: {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا} (الْأَنْبِيَاء: 102) . قَالَ وَيُقَال: بَات فلَان بحِسَّة سَوْء أَي بِحَال سيّئة وشدَّة.
قلت: وَالَّذِي حفظناه من الْعَرَب وَأهل اللُّغَة بَات فلَان بحِيبة سَوْء، وبِكينة سَوْء، وبِبيئة سوء. وَلم أسمع بحسة لغير اللَّيْث وَالله أعلم.
وَقَوله: {يابَنِىَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ} (يُوسُف: 87) قَالَ أَبُو عبيد: تحسّست الْخَبَر وتحسيته.
وَقَالَ شمر: وتندّسته مثله.
وَقَالَ أَبُو معَاذ: التحسّس: شبه التسمّع والتبصّر. قَالَ: والتجسّس الْبَحْث عَن الْعَوْرَة، قَالَه فِي تَفْسِيره قَول الله تَعَالَى: {وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تجسسوا (الحجرات: 12) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تنحست الْخَبَر وتحسسته بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ وَيُقَال أحسست الْخَبَر وأحَسْته وحَسِيت وحَسْت إِذا عرفت مِنْهُ طَرَفاً. وَتقول مَا أحسست بالْخبر وَمَا أَحَسْتُ وَمَا حسِيت وماحَسْته أَي لم أعرف مِنْهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال لسمك صغَار تكون

(3/263)


بِالْبَحْرَيْنِ الحُسَاس، وَهُوَ سمك يجفَّف. وَيُقَال: انحسّت أَسْنَانه إِذا تكسّرت وتحاتَّت.
وَأنْشد:
فِي مَعْدن المُلْك الْكَرِيم الكِرْس
لَيْسَ بمقلوع وَلَا مُنْحسّ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحُساس الشؤم. وَأنْشد للراجز:
رب شريب لَك ذِي حُسَاس
شِرابه كالحزّ بالمواسي
ذِي حساس: ذِي شُؤْم. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال حشحشته النَّار وحسحسته بِمَعْنى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا جعلت اللَّحْم على الْجَمْر قلت حَسْحسته.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ أَن تقشِر عَنهُ الرماد بعد مَا يخرج من الْجَمْر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي ألزِق الحَسَّ بالأَسِّ. قَالَ: الحَسّ: الشَّرّ، والأس: أَصله.
أَبُو عبيد جَاءَنَا بِالْمَالِ من حَسّه وبَسّه، وَمن حَسّه وعَسَه. وَقَالَ أَبُو زيد مثله وَزَاد فِيهِ من حِسِّه وبِسِّه، أَي من حَيْثُ شَاءَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَسّ الْحِيلَة. قَالَ والْحُسَاس مثل الْجذاذ من الشَّيْء. وكسار الْحِجَارَة الصغار حُسَاس.
وَقَالَ الراجز يذكر حجر المنجنيق:
شُظِيّة من رَفْضة الحُسَاس
تَعْصِف بالمستلئم التَرَّاس
وحواس الْإِنْسَان خمس: وَهِي الطّعْم والشم وَالْبَصَر والسمع واللمس.
وَقَالَ اللحياني: مرَّت بالقوم حَوَاسّ أيْ سنُون شَدَّاد، وَأَرْض محسوسة: أَصَابَهَا الْجَرَاد أَو البَرْد أَو الْبرد وَيُقَال لآخذن مِنْك الشي بحَسِّ أَو ببَسِّ أَي بمشادة أَو رِفْق. وَمثله: لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرسة، وَيُقَال اقْتصّ من فلَان فَمَا تحسحس أَي مَا تحرّك وَمَا تضوّر.
سح: قَالَ اللَّيْث: السَحّ والسُحُوح مصدران وهما سِمَن الشَّاة. يُقَال: سَحَّت وَهِي تَسِحّ سَحّاً وسُحُوحاً. وشَاة ساحّ بِغَيْر هَاء. قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: هَذَا مِمَّا نحتج بِهِ أَنه قَول الْعَرَب فَلَا نبتدع فِيهِ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَحَّت الشَّاة تسِحّ سُحُوحاً وسُحُوحة إِذا سمِنت.
وَقَالَ اللحياني: سحت الشَّاة تَسُحّ بِضَم السِّين، وشَاة ساحّ، وَقد سحَّت سُحُوحة، وغنم سِحَاح.
وَقَالَ أَبُو سعد الْكلابِي: مهزول، ثمَّ مُنْفٍ إِذا سمن قَلِيلا، ثمَّ شَنُون، ثمَّ سمين ثمَّ ساحٌّ ثمَّ مُتَرطِّم وَهُوَ الَّذِي انْتهى سِمناً.
وَقَالَ اللَّيْث: سَحّ المطرُ والدمع وَهُوَ يَسُحّ سَحّاً وَهُوَ شدَّة انصبابه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سحّ الماءُ يُسحّ سحّاً إِذا سَالَ من فَوق. وساح يسيح سيحاً إِذا جرى على وَجه الأَرْض. وسحَّ المطرُ والدمعُ يَسُحّ سَحّاً، وَقد سحَّه مائَة سَوط يُسحّه سحّاً إِذا جَلَده.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: سحّت الشَّاة

(3/264)


تَسِحّ سُحُوحاً وسُحُوحة إِذا سمنت، وسحّ المَاء يَسِحّ سَحّاً.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: فرس مِسَحّ: سريع، شبّه فِي سرعته بانصباب الْمَطَر. وَسمعت البحرانيين يَقُولُونَ لجنس من القَسْب: السُّحّ، وبالنِبَاج عين يُقَال لَهَا عُرَيفِجان تَسْقِي نخلا كثيرا. وَيُقَال لتمرها سُحّ عريفجان وَهُوَ من أجور قَسْب رَأَيْت بتيك الْبِلَاد.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: اذْهَبْ فَلَا أرنّيك بسَحْسَحي وسَحَاتي وحَرَاي وحَرَاتي وعَقْوَتِي وعَقَاتي.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال نزل فلَان بسَحْسَحه أَي بناحيته وساحته وطعنة مُسَحسِحة: سَائِلَة ومطر سحساح وَأنْشد:
مسحسِحة تعلو ظُهُور الأنامل
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ هُوَ السَحَاح والإيّار واللُوح والحالِق للهواء.
وَقَالَ اللَّيْث السحسحة: عَرْصَة المحَلَّة. وَيُقَال انسحّ إبط الْبَعِير عَرَقاً فَهُوَ منسحّ أَي انصبّ.

(بَاب الْحَاء وَالزَّاي)
(ح ز)
حز، زح:} مستعملان فِي الثنائي والمكرر.
حز: قَالَ اللَّيْث: الحزّ: قطع فِي اللَّحْم غير بَائِن. والفَرض فِي الْعظم والعُودِ غير طائل حَزّ أَيْضا. وَيُقَال: حززته حَزّاً، واحتززته احتزازاً. وَأنْشد:
وعبدُ يغوثَ تحجُل الطيرُ حوله
قد احتزّ عُرْشَيْه الحسام المذكّر
فَجعل الاحتزاز هَاهُنَا قَطْع الْعُنُق؛ والمَحَزّ مَوْضِعه. قَالَ والتحزيز كَثْرَة الحزّ؛ كأسنان المِنْجَل. وَرُبمَا كَانَ فِي أَطْرَاف الْأَسْنَان تحزيز.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَعْطيته حِذْية من لحم، وحُزّة من لحم، كلّ هَذَا إِذا قطع طولا.
قَالَ وَيُقَال: مَا بِهِ وَذْية، وَهُوَ مثل حُزَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فِي الحَدِيث: (أَخذ بحُزّته) .
قَالَ؛ يُقَال: أَخذ بعُنُقه، قَالَ وَهُوَ من السَّرَاوِيل حُزَّة وحُجزة، والعُنُق عِنْدِي مُشبّه بِهِ.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: تَقول: حُجْزة السَّرَاوِيل، وَلَا تَقول: حُزّة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن السّكيت.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: حُجزته وحُذْلته وحُزّته وحُبْكَته.
وَقَالَ اللَّيْث: بعير محزوز: مَوْسُوم بسِمة الحَزّة، تحزّ بشَفرة ثمَّ تُفتل قَالَ والحَزَاز: هِبْرِية فِي الرَّأْس، الْوَاحِدَة حَزَازة، كَأَنَّهَا نُخَالة. وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحَزِيز مَا غلظ وصلب من جَلَد الأَرْض، مَعَ إشراف قَلِيل.
قَالَ: وَإِذا جَلَست فِي بطن المِرْبَد فَمَا أشرف من أَعْلَاهُ حَزيز، وَهِي الحُزَّان.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي القِفَاف وَلَا فِي الْجبَال حُزّان، إِنَّمَا هِيَ فِي جَلَد الأَرْض. وَلَا يكون الحَزِيز إلاّ فِي أَرض كَثِيرَة الْحَصْبَاء.

(3/265)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو: الحَزِيز: الغليظ من الأَرْض المنقادُ.
وَقَالَ ابْن الرّقاع يصف نَاقَة:
نعم قُرقور المَرَوراة إِذا
غرِق الحُزّان فِي آل السراب
وَقَالَ زُهَيْر:
تهوي تُدافعُها فِي الحَزْن ناشزَة ال
أكتاف يَنْكُبها الْحِزّان والأكم
وَقَالَ اللَّيْث: الحَزِيز من الأَرْض: مَوضِع كثرت حجارته، وغلظت، كَأَنَّهَا سكاكين. والجميع حِزّان وَثَلَاثَة أحِزّة.
قَالَ: والحَزَازة: وجع فِي الْقلب من غيظ وَنَحْوه. وتُجمع حَزَازات.
قَالَ وَيُقَال: حَزّاز بِالتَّشْدِيدِ قَالَ الشماخ:
وَفِي الصَّدْر حَزّاز من اللوم حامز
وَقَالَ آخر:
وَتبقى حزازات النُّفُوس كَمَا هيا
ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: فِي قلبِي من الشَّيْء حَزَّاز مَعْنَاهُ: حُرقة وحزن.
قَالَ: والحَزاز والحزازة مثله. وَأنْشد:
إِذا كَانَ أَبنَاء الرِّجَال حزازة
فَأَنت الحَلاَل الحُلو والبارد العَذْب
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سَمِعت أَبَا الْحسن الْأَعرَابِي يَقُول لآخر: أَنْت أثقل من الجائر، وَفَسرهُ فَقَالَ: هُوَ حزّاز يَأْخُذ على رَأس الْفُؤَاد يُكرهُ على غِبّ تُخَمة.
وَفِي الحَدِيث: (الْإِثْم حوازّ الْقُلُوب) .
قَالَ اللَّيْث يَعْنِي مَا حَزّ فِي الْقلب وحكّ.
أَبُو عبيد عَن العَدَّبس الْكِنَانِي قَالَ: العَرَك والحازّ وَاحِد وَهُوَ أَن يُحزّ فِي الذِّرَاع حَتَّى يُخلص إِلَى اللَّحْم وَيقطع الْجلد بحدّ الكِركِرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِذا أثر فِيهِ قيل: بِهِ ناكت، فَإِذا حَزّ فِيهِ قيل: بِهِ حازّ.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أصَاب المرفقُ طرَف كِرْكِرة الْبَعِير فَقَطعه قيل: بِهِ حازّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَزّ: الزِّيَادَة على الشّرف. يُقَال: لَيْسَ فِي الْقَبِيل أحد يَحُزّ على كرم فلَان أَي يزِيد عَلَيْهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه الحَزّة: السَّاعَة. يُقَال أيّ حَزَّة أتيتني قضيتك حقّك. وَأنْشد:
وأبَنْتُ للأشهاد حَزَّةَ أَدَّعي
أَي أبنت لَهُم قولي حِين ادّعيت إِلَى قومِي فَقلت: أَنا فلَان بن فلَان.
اللَّيْث الحَزَاز من الرِّجَال: الشَّديد على السَوْق والقتال. وَأنْشد:
فَهِيَ تَفَادى من حَزَاز ذِي حَزِق
أَي من حزاز حَزِق،، وَهُوَ الشَّديد جذبِ الرِّبَاط.
وَهَذَا كَقَوْلِك: هَذَا ذُو زُبْدٍ، وأتانا ذُو تمر.
قلت: وَالْمعْنَى هَذَا زُبْدٌ وأتانا تمر.
وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: مرَّ بِنَا ذُو عَوْن ابْن عديّ، يُرِيد: مرَّ بِنَا عون بن عدي. وَمثله فِي كَلَامهم كثير.
وَقَالَ بعض الْعَرَب: الحَزّ: غامض من الأَرْض ينقاد بَين غليظين. والحَزّ: مَوضِع بالسراة. والحَزّ: الْوَقْت والحِين.

(3/266)


وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَبِأَيِّ حَزّ مُلاوة يتقطع
أَي بأيّ حِين من الدَّهْر.
وَقَالَ مبتكر الْأَعرَابِي: المحازّة: الِاسْتِقْصَاء. وَبَينهمَا شركَة حِزَاز إِذا كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا لَا يَثِق بِصَاحِبِهِ.
وَقَالَ النَّضر: الحَزَاز من الرِّجَال: الشَّديد على السَوْق والقتال وَالْعَمَل. والحزحزة من فعل الرئيس فِي الْحَرْب عِنْد تعبئة الصُّفُوف. وَهُوَ أَن يقدّم هَذَا وَيُؤَخر هَذَا يُقَال: هم فِي حَزَاحِز من أَمرهم.
وَقَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ:
تبوأ الأبطالُ بعد حَزاحِز
هَكْع النواحز فِي مُنَاخ المَوْحِف.
والمَوْحِف: المَبْرك بِعَيْنِه. وَذَلِكَ أَن الْبَعِير الَّذِي بِهِ النُحَاز يُترك فِي مناخه لَا يثار حَتَّى يبرأ أَو يَمُوت.
أَبُو زيد: من أمثالهم: حَزَّت حازَّة من كُوعها يضْرب عِنْد اشْتِغَال الْقَوْم بقول فالقوم مشغولون بأمورهم عَن غَيرهَا أَي فالحازة قد شغلها مَا هِيَ فِيهِ عَن غَيره.
زح: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} (آل عِمرَان: 185) قَالَ بَعضهم زُحزح أَي نُحّي وبُعِّد، فَقَالَ بَعضهم: هَذَا مُكَرر من بَاب المعتلّ. وَأَصله من زاح يزِيح إِذا تأخّر. وَمِنْه قَول لَبِيد:
زاحَ عَن مثل مقَامي وزَحَلْ
وَمِنْه يُقَال: زاحت عِلّته وأزحتها. وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من الزَوْح، وَهُوَ السَوْق الشَّديد. وَكَذَلِكَ الذَّوْح.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد يُقَال زحّه يَزحُّه إِذا دَفعه، وَكَذَلِكَ زَحْزَحه.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: تزحزحت عَن الْمَكَان وتحزحزت بِمَعْنى وَاحِد:

(بَاب الْحَاء والطاء)
(ح ط)
(حط، طح: مستعملان) .
حط: قَالَ اللَّيْث: الحَطّ: وضع الْأَحْمَال عَن الدوابّ. تَقول: حَطَطْت عَنْهَا. وَإِذا طَنِي البعيرُ فالتزقت رئته بجنبه يُقَال: حَطَ الرجلُ عَن جنب بعيره بساعده دَلْكاً على حِيَال الطَنَى، حَتَّى ينْفَصل عَن الجَنْب. تَقول حَطّ عَنهُ، وحَطّ، قَالَ: والحَطّ الحَدْر من العُلُوّ. وَأنْشد:
كجلمُود صَخْر حَطّه السيلُ من عَلي
وَالْفِعْل اللَّازِم الانحطاط. وَيُقَال للهَبُوط: حَطُوط.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الحطّ: الِاعْتِمَاد على السّير. وناقة حَطُوط، وَقد حَطّت فِي سَيرهَا. وَقَالَ النَّابِغَة:
فَمَا وخَدتْ بمثلك ذَات غَرْب
حَطُوطٌ فِي الزِّمَام وَلَا لَجُونُ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَلَا لعمر الَّذِي حَطّت مناسِمُها
تَخْدِي وسِيق إِلَيْهِ الباقر الغُيُل
حَطَّت فِي سَيرهَا وانحطت أَي اعتمدت.
يُقَال ذَلِك للنجيبة السَّريعَة. قَالَ ذَلِك اللَّيْث. وَيُقَال: حَطّ الله عَنْك وِزْرَك فِي الدُّعَاء أَي خَفّف عَن ظهرك مَا أثقله من

(3/267)


الإزْر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} (البَقَرَة: 58) قَالَ: مَعْنَاهُ: قُولُوا مَسْأَلَتنَا حطةٌ أَي حُطّ ذنوبنا عنّا. وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَة. قَالَ: وَلَو قُرِئت (حِطَّةً) كَانَ وَجْهاً فِي الْعَرَبيَّة، كَأَن قيل لَهُم: قُولُوا احطُط عَنَّا ذنوبنا حِطّة. فحرَّفوا هَذَا القَوْل وَقَالُوا لَفْظَة غير هَذِه اللَّفْظَة الَّتِي أُمروا بهَا. وَجُمْلَة مَا قَالُوا إِنَّه أَمر عَظِيم سمَّاهم الله بِهِ فاسقين.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد ابْن سَلاّم عَن يُونُس فِي قَوْله {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} هَذِه حِكَايَة، هَكَذَا أمروا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} (البَقَرَة: 58) يُقَال وَالله أعلم: وَقُولُوا مَا أمرْتُم بِهِ: حِطّة أَي هِيَ حِطَّة. فخالفوا إِلَى كَلَام بالنَبَطِيَّة. فَذَلِك قَوْله {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} (الْبَقَرَة: 59) .
وروى سَعِيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} (البَقَرَة: 58) قَالَ: رُكّعاً، {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} : مغْفرَة، قَالُوا: حِنْطَة، ودخلوا على أستاههم، فَذَلِك قَوْله {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} الْآيَة. وَقَالَ اللَّيْث: بلغنَا أَن بني إِسْرَائِيل حِين قيل لَهُم: {وَقُولُوا حطة إِنَّمَا قيل لَهُم ذَلِك كي يستحِطّوا بهَا أوزارهم، فتُحطَّ عَنْهُم. قَالَ: وَيُقَال حَطّ الله عَنْك وِزْرك، وَلَا أنقض ظهرك.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قيل لَهُم قُولُوا حطة فَقَالُوا حِنْطَة سَمَقاثا أَي حِنْطة جيّدة.
قَالَ وَقَوله: أَي كلمة بهَا تحطّ عَنْكُم خطاياكم، وَهِي لَا إلاه إلاّ الله.
الْفراء: حَطّ السعرُ وانحطّ حُطوطاً وكَسَر وانكسر، يُرِيد فَتَر، وَقَالَ: سعر مقطوط، وَقد قُطَّ السعرُ وقَطَّ السعرُ، وقطَّ الله الشَّعر إِذا غلا.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَطَاطة: بَثْرة تخرج فِي الْوَجْه صَغِيرَة تُقَيِّح وَلَا تَقْرح، وَأنْشد:
وَوجه قد جلوتِ أميم صَاف
كقَرْن الشَّمْس لَيْسَ بِذِي حَطَاط
قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا لِلْجَارِيَةِ الصَّغِيرَة: يَا حَطَاطة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الحَطَاط: البثر، الْوَاحِدَة حَطَاطة. وَأنْشد:
قَامَ إِلَى عذراء فِي الغُطاط
يمشي بِمثل قَائِم الفُسطاط
بمكفهرّ اللَّوْن ذِي حَطاط
وَقَالَ أَبُو زيد: الأجرب الْعين الَّذِي تَبْثُر عينه ويلازمها الحَطَاط وَهُوَ الظَبظاب والجُدْجُد.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة محطوطة الْمَتْن مَحْدُودة حسِنة وَقَالَ النَّابِغَة:
محطوطة المتنين غير مفاضة
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: حطّ وحَتّ بِمَعْنى وَاحِد.
وَفِي الحَدِيث جلس رَسُول الله إِلَى غُصْن شَجَرَة يابسة فَقَالَ بِيَدِهِ وحَطّ وَرقهَا مَعناه: وحَت وَرقهَا.
والحطيطة: مَا يُحَطّ من جملَة الْحساب فيُنقص مِنْهُ، اسْم من الحطّ، وَتجمع حطائط، يُقَال حطّ عَنهُ حطيطة وافية.

(3/268)


والمِحطّ من الأدواتِ قَالَ ابْن دُرَيْد: حطّ الْأَدِيم بالمِحطّ يحطّه حطّاً وَهُوَ أَن ينقشه بِهِ وَيُقَال يصقل بِهِ الْأَدِيم. وَقَالَ غَيره: المِحَطّ من أدوات النَطَاعين وَالَّذين يجلّدون الدفاتر: حَدِيدَة معطوفة الطّرف.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُطُط: الْأَبدَان الناعمة، والحُطُط أَيْضا: مراكد السّفل.
عَمْرو عَن أَبِيه الحِطّة: نُقْصَان الْمرتبَة. وأديم محطوط: وَأنْشد:
تثير وتُبدي عَن عروق كَأَنَّهَا
أعِنّة خَرّاز تُحَطّ وتُبْشَر
أَبُو عَمْرو الحُطائط: الصَّغِير من النَّاس وَغَيرهم وَأنْشد:
وَالشَّيْخ مثل النسْر والحطائط
والنسوة الأرامل المَبَالط
وَيَقُول صبيان الْأَعْرَاب فِي أحاجيهم: مَا حُطَائط بُطائط يميس تَحت الْحَائِط، يعنون الذّرّة والحِطاط شِدة العَدْو. والكعب الحطيط: الأدرم. والحِطَّان: التيس. وحِطّان من أَسمَاء الْعَرَب.
طح: اللَّيْث: الطَحّ: أَن يضع الرجل عقبه على شَيْء ثمَّ يَسْحَجُه بهَا. قَالَ: والمِطَحَّة من الشَّاة: مُؤخّر ظِلْفها، وَتَحْت الظلْف فِي مَوضِع المِطَحّة عُظَيم كالفَلْكة.
وَقَالَ الْكسَائي: طحّان فعلان من الطّحّ: مُلْحق بِبَاب فعلان وفعلى، وَهُوَ السَحْج.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: يُقَال لهنة مثل الفَلْكة تكون فِي رِجل الشَّاة تسحَج بهَا الأَرْض: المَطَحَّة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطُّحُج: المَسَاحج.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: طححت الشَّيْء طَحّاً إِذا بسطت وَأنْشد:
قد ركبتْ منبسطاً مُنَطَحاً
تحسبه تَحت السراب الملحا
أَبُو زيد: مَا على رَأسه طِحْطِحة أَي مَا عَلَيْهِ شَعْرَة.
وَقَالَ اللحياني: أَتَانَا وَمَا عَلَيْهِ طِحْطِحة وَلَا طِحْربة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّحْطَحة: تَفْرِيق الشَّيْء هَلَاكًا، وَأنْشد:
فيمسى نابذا سُلْطَان قَسْر
كضوء الشَّمْس طحطحه الْغُرُوب
ويروي بِالْخَاءِ: طخطخهُ. وَقَالَ رؤبة:
طحطحه آذِيّ بَحر مُتْأق
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ يُقَال: طحطح فِي ضَحِكه. وطخْطخ: وطهطه، وكتكت، وكدكد، وكركر بِمَعْنى وَاحِد.

(بَاب الْحَاء وَالدَّال)
(ح د)
حدّ، دحّ: مستعملان.
حد: قَالَ اللَّيْث: فصل مَا بَين كل شَيْئَيْنِ حَدّ بَينهَا، ومنتهى كل شَيْء حَدّه.
قلت: وَمِنْه أُخذ حُدُود الْأَرْضين، وحدود الْحرم. وَفِي الحَدِيث فِي الْقُرْآن: لكل حرف حدّ، وَلكُل حد مُطّلع.
قيل: أَرَادَ لكل حرف مُنْتَهى لَهُ نِهَايَة.

(3/269)


وَقَالَ اللَّيْث: حَدّ كل شَيْء طَرَف شَباتِه، كَحَد السنان وحدّ السَّيْف، وَهو مَا دَقّ من شَفْرته، وَيُقَال حَدَّ السَّيْف واحتدّ فَهُوَ حاد حَدِيد، وأحددته. واستحدّ الرجلُ، واحتد الرجل حدّة فَهُوَ حَدِيد.
قلت: والمسموع فِي حِدّة الرجل وطيشِه: احتدّ، وَلم أسمع فِيهِ استحدّ إِنَّمَا يُقَال استحد واستعان إِذا حَلَق عانته.
وحدود الله: هِيَ الْأَشْيَاء الَّتِي بَيّن تَحْرِيمهَا وتحليلها، وَأمر أَلا يُتعدّى شَيْء مِنْهَا، فيُجاوَز إِلَى غير مَا أَمر فِيهَا أَو نهى عَنهُ مِنْهَا.
والحَدّ حَدّ الزَّانِي وحدّ الْقَاذِف وَنَحْوه مِمَّا يُقَام على من أَتَى الزِّنَى أَو الْقَذْف أَو تعاطى السّرقَة.
قلت فحدود الله ضَرْبَان؛ ضرب مِنْهَا حُدُود حدّها للنَّاس فِي مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وَغَيرهَا، وَأمر بالانتهاء عَمَّا نهى عَنهُ مِنْهَا وَنهى عَن تعدّيها. وَالضَّرْب الثَّانِي عقوبات جُعلت لمن رَكب مَا نهي عَنهُ، كحدّ السَّارِق وَهُوَ قطع يَمِينه فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا، وكحدّ الزَّانِي الْبكر، وَهُوَ جلد مائَة وتغريب عَام، وحدُّ المحصَن إِذا زَنَى الرَّجْم. وحدّ الْقَاذِف ثَمَانُون جلدَة. سميت حدوداً لِأَنَّهَا تَحُد أَي تمنع من إتْيَان مَا جُعلت عقوبات فِيهَا. وَسميت الأولى حدوداً لِأَنَّهَا نهايات نهى الله عَن تعدّيها.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَدّ الصّرْف عَن الشَّيْء من الْخَيْر والشرّ. وَتقول للرامي: اللَّهُمَّ احدده أَي لَا توفّقه للإصابة.
وَتقول: حَدَدت فلَانا عَن الشرّ أيْ منعته. وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
إِلَّا سُلَيْمَان إِذْ قَالَ الإلاه لَهُ
قُم للبريّة فاحدُدها عَن الفَنَد
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الحُدّ: الرجل الْمَحْدُود عَن الْخَيْر.
قلت: الْمَحْدُود المحروم. وَلم أسمع فِيهِ رجل حُدٌّ لغير اللَّيْث. وَهُوَ مثل قَوْلهم رجل جُدّ إِذا كَانَ مجدوداً.
وَقَالَ اللَّيْث: حدّ الْخمر وَالشرَاب صلابته وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكأس كعين الديك باشرت حَدّها
بفتيان صدق والنواقيس تُضرب
قَالَ والحدّ بَأْس الرجل ونفاذه فِي نجدته، يُقَال: إِنَّه لذُو حدّ. وَقَالَ العجاج:
أم كَيفَ حدَّ مُضَر القِطْيَمُ
وَالْحَدِيد مَعْرُوف، وصانعه الحدّاد. وَيُقَال: ضربه بحديدة فِي يَده.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الحَدَّة: الغضبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: تحدَّد بهم أَي تحرش بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: أحدَّت الْمَرْأَة على زَوجهَا فَهِيَ مُحِدّ، وحَدَّت على زَوجهَا، وَهُوَ تسلُّبها على زَوجهَا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يحل لأحد أَن يُحِدَّ على ميت أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، إِلَّا الْمَرْأَة على زَوجهَا، فَإِنَّهَا تُحد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: إحداد الْمَرْأَة على زَوجهَا

(3/270)


تَركهَا الزِّينَة، ونُرى أَنه مَأْخُوذ من الْمَنْع لِأَنَّهَا قد مُنعت من ذَلِك.
وَمِنْه قيل للبواب: حَدَّاد، لِأَنَّهُ يمْنَع النَّاس من الدُّخُول.
وَقَالَ الْأَعْشَى يصف الْخمر والخَمّار:
فقمنا وَلما يَصح ديكنا
إِلَى جَوْنة عِنْد حَدَّادها
يَعْنِي صَاحبهَا الَّذِي يحفظها ويمنعها. والجَوْنة: الخابية. يُقَال: أحدت الْمَرْأَة تُحِدُّ وحَدَّت تُحدُّ وتحِدّ حِداداً.
وَقَالَ اللَّيْث: حاددته أَي عاصيته. وَيُقَال: مَا عَن هَذَا الْأَمر حَدَد وَلَا مُحْتَدّ أَي مَعْزِل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حَدَّ الرجل يَحُدّ حَدّاً إِذا جعل بَينه وَبَين صَاحبه حَدّاً. وحدّه يَحُدّه إِذا ضربه الحدّ. وحدّه يَحُدّه إِذا صرفه عَن أَمر أَرَادَهُ. وَأما حدّ يحِدّ فَمَعْنَاه أَنه أَخَذته عجلة وطيش. وأحدَّ السَّيْف إحداداً إِذا شَحَذه وحدَّده فَهِيَ مُحَدَّد مثله.
وَفِي الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِي عَشْر من السُنَّة (الاستحداد من العَشْر) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الاستحداد: حَلْق الْعَانَة، وَمِنْه الحَدِيث الآخر حِين قَدِمَ من سفر فَأَرَادَ النَّاس أَن يطرقوا النِّسَاء لَيْلًا فَقَالَ: (أمهلوا حَتَّى تمتشط الشعِثة، وتستحدّ المُغِيبة) ، أَي تحلق عانتها.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ استفعال من الحديدة يَعْنِي الاستحلاق بهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال استحدَّ الرجل إِذا أحدّ شَفْرة بحديدة وَغَيرهَا.
قَالَ والحَدَّاد: صَاحب السجْن، وَذَلِكَ أَنه يَمنع مَن فِيهِ أَن يخرج. وَيُقَال: دون ذَلِك حَدَدٌ أَي مَنْع. وَأنْشد:
لَا تَعْبدُونَ إِلَهًا غير خالقكم
وَإِن دُعيتم فَقولُوا دونه حَدَد
أَي مَنْع. وَيُقَال: فلَان حَدِيد فلَان إِذا كَانَت دَاره إِلَى جَانب دَاره.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله جلّ وعزّ: {غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ} (ق: 22) قَالَ: أَي لِسَان الْمِيزَان. وَيُقَال {غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ} أَي فرأيُك الْيَوْم نَافِذ.
وَقَالَ شمر يُقَال للْمَرْأَة: الحَدّادة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَالِي مِنْهُ بُدّ وَلَا مُحْتَدّ وَلَا مُلتَدّ، أَي مَالِي مِنْهُ بُدّ.
وَقَالَ غَيره: حُدّان: قَبيلَة فِي الْيمن. وَيُقَال: حَدداً أَن يكون كَذَا، كَقَوْلِك: مَعَاذ الله. وَقَالَ الْكُمَيْت:
حَدَداً أَن يكون سَيْبُك فِينَا
وَتِحا أَو مُحَيّناً محصوراً
دح: قَالَ اللَّيْث: الدَحَّ: شبه الدَسّ، تضع شَيْئا على الأَرْض، تدُحُّه وتدسُّه حَتَّى يلزق. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
بَيْتا خفِيّاً فِي الثَرَى مدحوحا
وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عَمْرو فِي الدَحّ.
وَقَالَ غَيره: مدحوحاً: موسّعاً، وَقد دحَّه أَي وسَّعه، يَعْنِي قُتْرة الصَّائِد.
وَقَالَ شمر: دَحّ فلَان فلَانا يَدُحّه دَحّا ودَحَاه يدحوه إِذا دَفعه ورَمَى بِهِ، كَمَا قَالُوا: عراه وعرَّ إِذا أَتَاهُ. وَيُقَال: اندحّ بطنُه إِذا اتَّسع. ودَحّ فِي الثرى بَيْتا إِذا

(3/271)


وسَّعه.
وَأنْشد بَيت أبي النَّجْم. وَقَالَ: مدحوحاً أَي مُسَوًى. وَقَالَ نَهْشَل:
فَذَلِك شِبْه الضبّ يَوْم رَأَيْته
على الجُحْر مندحّاً خَصِيباً ثمائله
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدُّحُح: الأرضون الممتدّة. وَيُقَال: اندحّت الأَرْض كلأً اندِحاحاً إِذا اتَّسعت بالكلأ. قَالَ: واندحّت خواصِر الْمَاشِيَة اندحاحاً إِذا تفتّقت من أكل البقل، واندحّ بطن الرجُل. وَفِي الحَدِيث: كَانَ لأسامة بطن مُنْدَحّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَحَّها يَدُحّها دَحّاً إِذا نَكَحَهَا.
وَحكى الْفراء: تَقول الْعَرَب: دحّاً محّاً يُرِيدُونَ: دعها مَعهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الدَحْدَاح: الرجل الْقصير. وَكَانَ قَالَه بِالذَّالِ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الدَّال وَهُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَحْداح، والدَحداحة من الرِّجَال وَالنِّسَاء: المستدير الململَم، وَأنْشد:
أغركِ أنني رجل قصير
دُحيدِحة وأنكِ عَلْطَمِيس

(بَاب الْحَاء وَالتَّاء)
(ح ت)
حت، تح، تَحت: مستعملة.
حت: قَالَ اللَّيْث: الحَتّ: فَرْكك الشَّيْء الْيَابِس عَن الثَّوْب وَنَحْوه. وحُتَات كل شَيْء: مَا تحاتّ مِنْهُ وَأنْشد:
تحتّ بقرنيها بَرِير أراكة
وتعطو بظِلفيها إِذا الْغُصْن طالها
قَالَ: والحتّ لَا يبلغ النحت.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الْأَصْمَعِي: فرس حَتٌّ إِذا كَانَ جواداً وَجمعه أحتات.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لسعد يَوْم أحُد: احتُتْهم يَا سعد فِداك أبي وأمّي، يَعْنِي ارددهم.
قلت: إِن صحَّت هَذِه اللَّفْظَة فَهِيَ مَأْخُوذَة من حتّ الشَّيْء وَهُوَ قَشره شَيْئا بعد شَيْء وحكُه.
وَقد رُوِيَ عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ لامْرَأَة سَأَلته عَن الدَّم يُصِيب ثوبها فَقَالَ لَهَا: (حُتّيه وَلَو بضِلْع) . وَمَعْنَاهُ حُكِّيه وأزيليه. وَيُقَال: انحتّ شعرُه عَن رَأسه، وانحصّ إِذا تساقط.
عَمْرو عَن أَبِيه: الحَتَّة: القَشرة. وحَتَّه مائَة سَوط إِذا عجَّل ضربه، وحتّه مائَة دِرْهَم إِذا نَقده بالعَجَلة. والحَتّ. العجلة فِي كل شَيْء.
وَقَالَ شمر: تَركتهم حتًّا فتًّا بتًّا إِذا اسْتَأْصَلْتَهم. والحَتُوت من النّخل: الَّتِي يَتَنَاثَر بُسرها، وَهِي شَجَرَة مِحتات: منثار.
وَقَالَ النحويون: حَتَّى تَجِيء لوقت منتظر. وتجيء بِمَعْنى إِلَى. وَأَجْمعُوا أَن الإمالة فِيهَا غير مُسْتَقِيم. وَكَذَلِكَ فِي على. ولحتى فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال أَعمال مُخْتَلفَة، وَلَيْسَ هَذَا الْمَكَان موضعا لاستقصاء تَفْسِيرهَا.

(3/272)


وَقَالَ بَعضهم: حَتَّى فَعْلَى من الحتّ وَهُوَ الْفَرَاغ من الشَّيْء، مثل شَتّى من الشَتّ.
قلت: وَلَيْسَ هَذَا القَوْل ممّا يُعَرَّج عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَو كَانَت فَعْلى من الحت كَانَت الإمالة جَائِزَة، وَلكنهَا حرف أَدَاة وَلَيْسَت باسم وَلَا فعل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَتّ القَشْر. وَفِي الحَدِيث (حُتيّة بضِلْع) . قَالَ والضلع: العُود. وَأنْشد:
وَمَا أخذا الدِّيوَان حَتَّى تصعلكا
زَمَانا وحتّ الأشهبان غناهما
حت: قشر وحك. تصعلكا: افتقرا.
تح: قَالَ اللَّيْث: لَو جَاءَ فِي الْحِكَايَة تحتحه تَشْبِيها بِشَيْء لجَاز وَحسن.
تَحت: قَالَ: وَتَحْت نقيض فَوق. وَفِي الحَدِيث: (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر التحوت، وَيهْلك الوعول.
والتحوت: الَّذين كَانُوا تَحت أَقْدَام النَّاس لَا يُؤبه لَهُم. وهم السِفَل والأنذال: والوعول: الْأَشْرَاف.

(بَاب الْحَاء والظاء)
ح ظ)
اسْتعْمل مِنْهُ: الحظّ.
قَالَ اللَّيْث: الحظّ: النَّصِيب من الْفضل وَالْخَيْر، وَجمعه حظوظ. وَفُلَان ذُو حَظّ وقِسم من الْفضل. قَالَ: وَلم أسمع من الحظّ فِعْلاً. قَالَ: وناس من أهل حِمْص يَقُولُونَ: حَنْظ، فَإِذا جمعُوا رجعُوا إِلَى الحظوظ. وَتلك النُّون عِنْدهم غُنّة، وَلَكنهُمْ يجعلونها أَصْلِيَّة. وَإِنَّمَا يجْرِي هَذَا اللَّفْظ على ألسنتهم فِي المشدد؛ نَحْو الرُزّ يَقُولُونَ: رُنْز، وَنَحْو أُتْرُجّة يَقُولُونَ: أُتْرُنْجة.
قلت: للحظّ فعل جَاءَ عَن الْعَرَب وَإِن لم يعرفهُ اللَّيْث وَلم يسمعهُ. قَالَ أَبُو زيد فِيمَا روى عَنهُ أَبُو عبيد: رجل حظيظ جَدِيد إِذا كَانَ ذَا حظّ من الرزق. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجل محظوظ ومجدود. قَالَ: وَيُقَال: فلَان أحظَّ من فلَان وأجدّ مِنْهُ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال حَظِظت فِي الْأَمر فَأَنا أحظّ حظّاً. وَجمع الْحَظ أَحُظٌّ وحظوظ وحظَاءٌ مَمْدُود، وَلَيْسَ بِقِيَاس.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا كتبه لِابْنِ بزرج يُقَال هم يحظون بهم ويجِدُّون بهم قَالَ: وَوَاحِد الأحظاء حَظٍ مَنْقُوص وَأَصله حَظّ.
وروى سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الحَظِيظ: الغنِيّ الموسِر.
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: هُوَ الحُظُظ، وَقَالَ غَيره: الحُظَظ على مِثَال فُعل.
قَالَ شمر وَهُوَ الحُدُل.

(بَاب الْحَاء والذال)
(ح ذ
اسْتعْمل مِنْهُ: حذ، ذ ح) .
حذ: قَالَ اللَّيْث: الحَذّ. الْقطع المستأصل. والحَذَذ: مصدر الأحَذّ من غير فعل. والأحذّ يسمّى بِهِ الشَّيْء الَّذِي لَا يتعلّق بِهِ شَيْء. وَالْقلب يُسمى أَحَذّ. والأحذّ: اسْم عرُوض من أعاريض الشّعْر، وَهُوَ مَا كَانَ من الْكَامِل قد حذف من آخِره وتِدتامّ، يكون صَدره ثَلَاثَة أَجزَاء متفاعلن، وَآخره

(3/273)


جزءان تامّان وَالثَّالِث قد حذف مِنْهُ علن وَبقيت فِي القافية مُتَفا، فَجعلت فَعِلن أَو فعْلن خَفِيفَة كَقَوْل ضابىء.
إلاَّ كُميتا كالقناة وضابئا
بالفَرج بَين لَبانه ويدِهْ
وَكَقَوْلِه:
وحُرِمت منّا صاحبا ومؤازِرا
وأخاً على السّراء والضُرّ
وَفِي حَدِيث عُتْبة بن غَزْوان أَنه خطب النَّاس فَقَالَ: إِن الدُّنْيَا قد آذَنت بصُرْم، وولّت حذّاء، فَلم يبْق مِنْهَا إلاّ صُبَابة كصُبابة الْإِنَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره قَوْله: ولّت حَذّاء هِيَ السريعة الْخَفِيفَة الَّتِي قد انْقَطع آخرهَا. وَمِنْه قيل للقطاة: حَذّاء لقصر ذَنَبها مَعَ خفّتها. قَالَ النَّابِغَة يصف القَطَا:
حَذّاء مُدبرة سكّاء مقبلة
للْمَاء فِي النَّحْر مِنْهَا نَوْطة عَجَب
قَالَ: وَمن هَذَا قيل للحمار الْقصير الذَنَب: أحَذّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحَذّ: الْإِسْرَاع فِي الْكَلَام والفَعال، وَمِنْه قَوْله: الدُّنْيَا ولّت حذّاء أَي سريعة، وَأمر أَحَذّ إِذا كَانَ قَاطعا سَرِيعا.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّنْيَا ولّت حَذّاء: مَاضِيَة لَا يتعلّق بهَا شَيْء، وقصيدة حَذّاء: سائرة لَا عيب فِيهَا.
شمر: أَمر أحَذّ أَي شَدِيد منكَر، وجئتنا بخطوب حُذّ أَي بِأُمُور منكَرة. وَقَالَ الطِرِمّاح:
يقْضِي الأُمُور الحُذّ ذَا إربة
فِي لَيّها شَزْراً وإبرامها
أَي بقربها قَلْباً ذَا إربة. وقَرَبَ حذ حاذ: سريع، أُحذ من الأحذّ: الْخَفِيف. وَقَالَ فِي قَوْله:
فزارياً أحذَّ يدِ الْقَمِيص
أَرَادَ: أحذ اليدّ، فأضاف إِلَى الْقَمِيص لِحَاجَتِهِ، أَرَادَ خفّة يَده فِي السّرقَة.
ذح: قَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو: الذحاذح: الْقصار من الرِّجَال واحدهم ذَحْذَاح، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الدَّال. وَهُوَ الصَّحِيح.

(بَاب الْحَاء والثاء)
(ح ث)
حث، ثح: مستعملان.
حث: قَالَ اللَّيْث: الحَثّ: الإعجال فِي الاتّصال والحِثّيثَى الِاسْم نَفسه. يُقَال: اقْبَلُوا دِلِّيلَي ربّكم، وحِثِيثاه إيّاكم. وَيُقَال: حثثت فلَانا فاحْتَثَّ، وَهُوَ حثيث محثوث. جادّ سريع، وَقوم حِثاث، وَامْرَأَة حَثيث فِي مَوضِع حاثّة، وَامْرَأَة حَثيث فِي مَوضِع محثوثة وَقَالَ الْأَعْشَى:
تدلّى حَثيثا كَأَن الصُوا
ر يتبعهُ أَزْرَقِيّ لِحمْ
شبه الْفرس فِي السرعة بالبازي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَنَا بِتَمْر فَذّ، وفَضّ، وحُثّ أَي لَا يلزق بعضه بِبَعْض.
وَقَالَ اللَّيْث الحَثُوث: السَّرِيع. قَالَ: والحَثْحَثة: اضْطِرَاب الْبَرْق فِي السَّحَاب،

(3/274)


وانتخال الْمَطَر أَو الثَّلج.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: خِمْس حثحاث، وحَذحاذ، وقَسْقَاس: كل ذَلِك السَّيْر الَّذِي لَا وتيرة فِيهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَرَب حثحاث وثحثاح وحذحاذ ومُنَحِّب أَي شَدِيد. وَيُقَال: مَا ذقت حَثَاثا ولاحِثَاثا أَي مَا ذقت نوماً، قَالَه أَبُو عبيد وَغَيره.
وَقَالَ زيد بن كثوة: مَا جعلت فِي عَيْني حِثاثا عِنْد تَأْكِيد السهر. قَالَ والحُثحوث: السَّرِيع يُقَال: حثحِثوا ذَلِك الْأَمر أَي حركوه. قَالَ: وحيَّة حَثحاث وفَضفاض: ذُو حَرَكَة دائمة. قَالَ والحُث: المدقوق من كل شَيْء. وَسَوِيق حُثّ: غير ملثوث. وحَثّثَ الرجلُ إِذا نَام، قَالَه أَبُو عَمْرو.
ثح: قَالَ اللَّيْث: الثحثحة: صَوت فِيهِ بُحّة عِنْد اللهاة وَأنْشد:
أبح مثحثِح صَحِل الشحيج
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قرب ثحثاح: شَدِيد مثل حثحاث.

(بَاب الْحَاء وَالرَّاء)
(ح ر)
حر، رح، حرح: مستعملات.
حر: قَالَ اللَّيْث: الحَرّ نقيض الْبرد، والحارّ: نقيض الْبَارِد. وَتقول: حَرّ النهارُ وَهُوَ يَحِرّ حَرّاً. والحَرُور حَرّالشمس. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: حَرَرت يايوم تَحِرّ وحَرِرت تَحَرّ إِذا اشتدّ حر النَّهَار. وَقد حَرِرت تَحَرّ من الحرّية لَا غير.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حر يَحَرّ إِذا عَتَق وحَرّ يَحِرّ إِذا سخُن مَاء أَو غَيره.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: السَمُوم: الرّيح الحادّة بِالنَّهَارِ، وَقد تكون بِاللَّيْلِ والحَرُور بِاللَّيْلِ وَقد تكون بِالنَّهَارِ وَأنْشد:
ونسجت لوامع الحرور
سبائبا كشرَق الْحَرِير
اللَّيْث: حَرّت كبده، وَهِي تَحَرُّ حِرّة ومصدره الحَرَر. وَهُوَ يُبْس الكبد عِنْد الْعَطش أَو الْحزن وَرجل حَرّان: عطشان، وَامْرَأَة حَرّى: عطشى. وَيَدْعُو الرجل على صَاحبه فَيَقُول: سلَّط الله عَلَيْهِ الحِرّة تَحت القِرّة: يُرِيد الْعَطش مَعَ الْبرد.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: شَيْء حارّ يارّ جارّ، وَهُوَ حرّان يَرّان جَرّان. قَالَ وَيُقَال حُرّ بيّن الحُرّية والحُرُوريّة، وَزَاد شمر فَقَالَ: وبيّن الْحرار بِفَتْح الْحَاء والحَرُوريّة أَيْضا. وَأنْشد:
فَمَا رُدّ تَزْوِيج عَلَيْهِ شَهَادَة
وَلَا رُدّ من بعد الحَرَارِ عَتيق
قَالَ شمر: سَمِعت هَذَا الْبَيْت من شِيخْ من باهلة، وَمَا علمت أَن أحدا جَاءَ بِهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الحَرّة: البثرة الصَّغِيرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحَرَارَة: حُرقة فِي طعم أَو فِي الْقلب من التوجّع.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الفُلفل لَهُ حَرَاوة وحرارة أَيْضا بالراء وَالْوَاو. وَقَالَ الفرزدق يصف نسَاء سُبِين:
خرجن حريرات وأبدين مِجْلدا
وجالت عَلَيْهِنَّ المكتَّبة الصُفْرُ

(3/275)


حريرات أَي محرورات يجدن حرارة فِي صدورهن. قَالَ: والمِجْلد: المِئْلاَةُ والمكتَّبة: السِّهَام الَّتِي أُجيلت عَلَيْهِنَّ حِين اقتُسِمْن وأسهم عليهنّ.
اللَّيْث: الْحَرِير: ثِيَاب من إبريسم. قَالَ والحَريرة دَقِيق يطْبخ بِلَبن. وَقَالَ شمر: الحريرة من الدَّقِيق، والخزيرة من النُخالة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ هِيَ العصيدة ثمَّ النَجِيرة ثمَّ الحَرِير ثمَّ الحَسُوّ.
اللَّيْث: الحَرّة: أَرض ذَات حِجَارَة سود نَخِرة؛ كَأَنَّمَا أُحرقت بالنَّار. والجميع الحَرّات والإحَرُّون والحِرَار.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الحَرّة: الأَرْض الَّتِي أُلبستها حِجَارَة سود.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحَرّة: الأَرْض مسيرَة لَيْلَتَيْنِ سريعتين أَو ثَلَاث فِيهَا حِجَارَة، أَمْثَال البُروك، كَأَنَّمَا شُيِّطت بالنَّار، وَمَا تحتهَا أَرض غَلِيظَة من قاع لَيْسَ بأسود، وَإِنَّمَا سوّدها كَثْرَة حجارتها وتدانيها.
وَقَالَ شمر: هِيَ حِرار ذَوَات عَدَد، مِنْهَا حَرّة واقِم، وحَرّة ليلى؛ وحرّة النَّار، وحرّة غَلاَّس. قَالَ وحَرَّة النَّار لبني سُلَيم وَهِي تسمّى أمّ صَبَّار وَأنْشد:
لدن غدْوَة حَتَّى اسْتَغَاثَ شريدهم
بحرة غلاَّس وشِلو ممزّق
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَرّة الرجلاء: الصلبة الشَّدِيدَة: وَقَالَ غَيره هِيَ الَّتِي أَعْلَاهَا سود وأسفلها بيض.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تكون الحَرّة مستديرة فَإِذا كَانَ مِنْهَا شَيْء مستطيلاً لَيْسَ بواسع فَذَلِك الكُراع.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُرّ فرخ الْحمام.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَاق حُرّ: الذّكر من القَمَاريّ.
وَقَالَ شمر فِي سَاق حُرّ قَالَ بَعضهم: السَّاق الْحمام وحُرٌّ فرخها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَاق حُرّ: ذكر الْحمام.
وَقَالَ أَبُو عدنان: يعنون بساق حُرّ لحن الْحَمَامَة.
وَقَالَ شمر: يُقَال لهَذَا الطَّائِر الَّذِي يُقَال لَهُ بالعراق باذنجان لأصغر مَا يكون جثة: حُرّ. وَيُقَال: سَاق حر صَوت القُمْرِيّ. قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو عدنان: سَاق حَرّ بِفَتْح الْحَاء. قَالَ وَهُوَ طَائِر تسمّيه الْعَرَب سَاق حر بِفَتْح الْحَاء لِأَنَّهُ إِذا هدر كَأَنَّهُ سَاق حَرّ قَالَ: وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة فِي شعر حميد:
وَمَا هاج هَذَا الشوق إلاّ حمامه
دعت سَاق حَرّ فِي حمام ترنما
اللَّيْث الحُرّ: ولد الحيَّة اللطيفة فِي قَول الطرماح:
مُنطوفي جَوف ناموسه
كانطواء الحُرّ بَين السِّلاَم
وَقَالَ شمر: الحُرّ زَعَمُوا أَنه الْأَبْيَض. قَالَ وَأنكر ابْن الْأَعرَابِي أَن يكون الحُرّ فِي هَذَا الْبَيْت الحيَّة، وَقَالَ الْحر هَاهُنَا الصَّقْر. وَسَأَلت عَنهُ أَعْرَابِيًا فصيحاً يمامِيّاً فَقَالَ مثل قَول ابْن الْأَعرَابِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُرّ: الجانّ من الْحَيَّات. والحُرّ: رُطَب الأَزَاذِ.

(3/276)


والحُرّ: كل شَيْء فاخر جيّد من شِعْر أَو غَيره قَالَ: والحُرّ خدّ الرجل. وَمِنْه يُقَال لطم حُرَّ وَجهه. والحُرَّة: الوَجْنة.
اللَّيْث: الحُرّ: نقيض العَبْد. قَالَ والحُرّ من النَّاس: خيارهم وأفاضلهم. قَالَ والحُر من كل شَيْء أعْتقهُ. وحُرّ الْوَجْه: مَا بدا من الوجنة. وحُرّة الذِفْرَى: مَوضِع مجالِ القُرْط وَأنْشد:
فِي خُشَشَاوَيْ حُرَّة التَّحْرِير
يَعْنِي حُرّة الذِفْرَى. قَالَ والحُرّ والحُرّة الرمل والرملة الطيّبة. والحُرّة: الْكَرِيمَة من النِّسَاء. وَقَالَ الْأَعْشَى:
حُرّة طَفْلة الأنامل تَرْتَبّ
سُخَاما نكفُّه بِخلاَل
قَالَ: والحرة نقيض الْأمة. وأحرار الْبُقُول مَا يُؤْكَل غير مطبوخ.
وَقَالَ: أَبُو الْهَيْثَم أَحْرَار الْبُقُول: مَا رَقّ مِنْهَا ورَطُب، وذكورها: مَا غلظ مِنْهَا وخَشُن.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُرّ: ولد الظبي فِي قَول طرفَة:
بَين أكنافٍ خُفافٍ فاللِّوَى
مُحْزِفٌ تَحنو لرَخْص الظِلْف حُرّ
قَالَ: والحُرّ: الْفِعْل الْحسن فِي قَوْله:
لَا يكن حبُّكِ دَاء دَاخِلا
لَيْسَ هَذَا منكِ ماوِيّ بُحرَّ
أَي بِفعل حسن.
قلت: وأمّا قَول امرىء الْقَيْس:
لعمرك مَا قلبِي إِلَى أَهله بَحر
وَلَا مُقصر يَوْمًا فيأتيني بقُرْ
إِلَى أَهله أَي إِلَى صَاحبه بحُرَّ: بكريم؛ لِأَنَّهُ لَا يصير وَلَا يكفُّ عَن هَوَاهُ. وَالْمعْنَى أَن قلبه ينبو عَن أَهله، ويصبو إِلَى غير أَهله، فَلَيْسَ هُوَ بكريم فِي فعله.
اللَّيْث: يُقَال لليلة الَّتِي تُزفّ فِيهَا الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا، فَلَا يقدر فِيهَا على افتضاضها: لَيْلَة حُرَّةٍ. وَقَالَ النَّابِغَة يصف نسَاء:
شُمُس مَوَانِع كلَّ ليلةِ حُرَّة
يُخلفن ظنَّ الْفَاحِش المغيار
وَقَالَ غير اللَّيْث: فَإِن افتضَّها زَوجهَا فِي اللَّيْلَة الَّتِي زُفّت إِلَيْهِ فَهِيَ لَيْلَة شَيْبَاءَ.
حَرَّان بلد مَعْرُوف. وحَرُورَاء: مَوضِع بِظَاهِر الْكُوفَة، إِلَيْهَا نسبت الحَرُورِيَّة من الْخَوَارِج وَبهَا كَانَ أول تحكيمهم واجتماعهم حِين خالفوا عليّاً ح.
قلت: وَرَأَيْت بالدهناء رَملَة وَعْثة يُقَال لَهَا: رَملَة حَرُوراء.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي} (آل عِمرَان: 35) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: هَذَا قَول امْرَأَة عمرَان.
وَمعنى {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} أَي جعلته خَادِمًا يخْدم فِي متعبّداتنا فَكَانَ ذَلِك جَائِزا لَهُم. وَكَانَ على أَوْلَادهم فرضا أَن يطيعوهم فِي نذرهم. فَكَانَ الرجل ينذِر فِي وَلَده أَن يكون خَادِمًا فِي متعبّدهم ولعُبَّادهم. وَلم يكن ذَلِك النّذر فِي النِّسَاء، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي الذُّكُور. فلمَّا ولدت امْرَأَة عمرَان مَرْيَم

(3/277)


قَالَت: رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى، وَلَيْسَ الْأُنْثَى ممَّن يصلح للنذر فَجعل الله تَعَالَى من الْآيَات فِي مَرْيَم لِما أَرَادَهُ من أَمر عِيسَى أَن جعلهَا متقبَّلة فِي النّذر. فَقَالَ الله تَعَالَى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} (آل عِمرَان: 37) .
وَقَالَ اللَّيْث: المحرَّر: النذيرة. وَكَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا وُلد لأَحَدهم ولد ربَّما حرَّره أَي جعله نذيرة فِي خدمَة الْكَنِيسَة مَا عَاشَ، لَا يَسعهُ فِي دينهم غيرُ ذَلِك. وَقَول عنترة:
جَادَتْ عَلَيْهِ كل بِكر حرّة
أَرَادَ كل سَحَابَة غزيرة الْمَطَر كَرِيمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: تَحْرِير الْكِتَابَة: إِقَامَة حروفها، وَإِصْلَاح السَقَط.
قلت: وتحرير الْحساب إثْبَاته مستوياً، لَا غَلَت فِيهِ وَلَا سَقَط وَلَا محو. وَيجمع الْحر أحراراً وَيجمع الْحرَّة حرائر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَرُّ: زجر المعَز. وَأنْشد:
قد تركب حَيْهِ وَقَالَت حَرِّ
ثمَّ أمالت جَانب الخِمَرِّ
عمدا على جَانبهَا الأَيْسرّ
قَالَ والحَيْه: زجر الضَّأْن.
حرح: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الحِرُ فِي الأَصْل حِرْح، وَجمعه أحراح. وَقد حَرَحْتُ الْمَرْأَة إِذا أصبْتَ ذَلِك الْمَكَان مِنْهَا. قَالَ: وَرجل حَرِح: يحبّ الأحراح. قَالَ: واستثقلت الْعَرَب حاء قبلهَا حرف سَاكن فحذفوها وشدّدوا الرَّاء. وَرَوى ابْن هانىء عَن أبي زيد أَنه قَالَ: من أمثالهم احْمِلْ حِرَك أودع، قالتها امْرَأَة أدَلّت على زَوجهَا عِنْد الرحيل، تحثّه على حملهَا وَلَو شَاءَت لركبت. وَأنْشد:
كل امرىء يحمي حِرَه
أسوده وأحمره
والشعرات المنفذات مشفره
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَرَّة: الظلمَة الْكَبِيرَة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحَرَّة: البثرة الصَّغِيرَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَرّة: الْعَذَاب الموجع. قَالَ: والحرّة: حرارة فِي الْحلق، فَإِن زَادَت فَهِيَ الحَرْوَة ثمَّ الثحثحة، ثمَّ الجَأْز ثمَّ الشَرَق، ثمَّ الفُئُوق، ثمَّ الجَرَض، ثمَّ العَسْف، وَهِي عِنْد خُرُوج الرّوح.
قَالَ وَيُقَال: حَرّ إِذا سخن، وحَرّ إِذا عَتَق وحُرّيَة الْعَرَب أَشْرَافهم. وَقَالَ ذُو الرمّة:
فَصَارَ حَيّاً وطَبَّق بعد خوف
على حُرّية الْعَرَب الهُزالى
أَي على أَشْرَافهم. قَالَ والهُزالَى مثل الكُسَالى. وَيُقَال: أَرَادَ الهُزالى بِغَيْر إمالة. وَيُقَال هُوَ من حُرّيّة قومه أَي من خالصهم. وَأَرْض حُرّيّة: رملية لينَة. والحُرّان: السوادان فِي أَعلَى الْأُذُنَيْنِ.
رح: الأرَحّ من الرِّجَال: الَّذِي يَسْتَوِي باطنُ قدمه، حَتَّى يمسّ جميعُه الأَرْض. وَامْرَأَة رحّاء الْقَدَمَيْنِ. ويستحبّ أَن يكون الرجل خميص الأخمصين، وَالْمَرْأَة كَذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَحَح: انْبسَاط الْحَافِر، وعِرَض الْقدَم وكل شَيْء كَذَلِك فَهُوَ أَرَحّ.

(3/278)


وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَلَو أَن عزّ النَّاس فِي رَأس صَخْرَة
ململمة تعيي الأرحّ المخدّما
أَرَادَ بالأرحّ: الوعل، وَصفه بانبساط أظلافه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الأرحّ: الْحَافِر العريض، والمصرور: المنقبض. وَكِلَاهُمَا عيب وَأنْشد:
لَا رَحَح فِيهَا وَلَا اصطرار
يَعْنِي: لَا فِيهِ عِرَض مفرط، وَلَا انقباض وضيق وَلكنه وَأب بِقدر مَحْمُود.
رَحْرَحان: اسْم وَاد عريض فِي بِلَاد قيس.
وَقَالَ اللَّيْث: ترحرحت الْفرس إِذا فحَّجَت قَوَائِمهَا لتبول.
وَقَالَ غَيره: طَسْت رحراح: منبسط لَا قَعْر لَهُ. وَكَذَلِكَ كلّ إِنَاء نَحوه. وجفنة رَحّاء: عريضة لَيست بقعيرة.
عَمْرو عَن أَبِيه: إِنَاء رحراح ورَحْرَح، ورَهْرَهٌ ورحرحان ورهرهان.
وَقَالَ أَبُو خيرة: قَصْعَة رَحْرَح ورحرحانيّة: وَهِي المنبسطة فِي سَعَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رَحْرَح الرجلُ إِذا لم يُبَالغ قَعْر مَا يُرِيد، كالإناء الرحراح. قَالَ وعَرّض لي فلَان تعريضاً إِذا رحرح بالشَّيْء وَلم يبيّن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرُحُح: الجفان الواسعة. وكِرْكِرة رحّاء: وَاسِعَة. والرَحّة الحَيّة إِذا تطوّت. وَيُقَال: رحرحتَ عَنهُ إِذا سترتَ دونه. وَالله أعلم.

(بَاب الْحَاء وَاللَّام)
(ح ل)
حل، لح، (لحح، حلحل، لحلح) : مستعملات.
حل: قَالَ اللَّيْث: تَقول: حل يَحُلّ حُلولاً: وَذَلِكَ نزُول الْقَوْم بمحلَّة. قَالَ: وَهُوَ نقيض. الارتحال. والمَحَل: نقيض المرتحَل. وَأنْشد بَيت الْأَعْشَى:
إِن مَحَلاًّ وإنّ مرتحلا
وَإِن فِي السفْر مَا مضى مَهَلا
قَالَ اللَّيْث: قلت للخليل: أَلَيْسَ تزْعم أَن الْعَرَب العاربة لَا تَقول: إِن رجلا فِي الدَّار، لَا تبدأ بالنكرة، وَلكنهَا تَقول: إِن فِي الدَّار رجلا. قَالَ: لَيْسَ هَذَا على قِيَاس مَا تَقول، هَذَا حِكَايَة سَمعهَا رجل من رجل: إِن مَحَلاّ وَإِن مرتحلا. ويصف بعد حَيْثُ يَقُول:
هَل تذكر الْعَهْد فِي تَنَمُّصَ إذْ
تضرب لي قَاعِدا بهَا مثلا
إِن مَحَلاّ وَإِن مرتحلا
المَحَلّ: الْآخِرَة، والمرتحَل: الدُّنْيَا. وَأَرَادَ بالسَفْر: الَّذين مَاتُوا فصاروا فِي البرزخ؛ والمَهَل الْبَقَاء والانتظار.
قلت: وَهَذَا صَحِيح من قَول الْخَلِيل، وَهُوَ كَمَا حَكَاهُ عَن اللَّيْث. وَكلما قَالَ: قلت للخليل فَقَالَ، أَو قَالَ: سَمِعت الْخَلِيل فَهُوَ الْخَلِيل بن أَحْمد لَا تَدْلِيس فِيهِ، وَإِذا قَالَ قَالَ الْخَلِيل فَفِيهِ نظر. قلت: وَيكون المَحَلّ الْموضع الَّذِي يُحل بِهِ، وَيكون مصدرا، وَكِلَاهُمَا بِفَتْح الْحَاء؛ لِأَنَّهُمَا من

(3/279)


حلّ يُحل. فأمَّا المحِلّ بِكَسْر الْحَاء فَهُوَ من حَلّ يَحلّ أَي وَجب يجب. قَالَ: الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْىُ مَحِلَّهُ} (البَقَرَة: 196) أَي الْموضع الَّذِي يَحِلّ فِيهِ نحرُه. والمصدر من هَذَا بِالْفَتْح أَيْضا، وَالْمَكَان بِالْكَسْرِ. وَجمع المحلّ محالّ. وَيُقَال: مَحَلّ ومحلَّة بِالْهَاءِ؛ كَمَا يُقَال: منزِل ومنزلة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِلّة: قوم نزُول. وَقَالَ الْأَعْشَى:
لقد كَانَ فِي شَيبَان لَو كنتَ عَالما
قِباب وحَيّ حِلّة وقنابل
أَبُو عبيد: الحِلاَل: جماعات بيُوت النَّاس وَاحِدهَا حِلّة. قَالَ: وحَيّ حِلال أَي كثير وَأنْشد شمر:
حيّ حِلاَل يَزَعون القَنْبلا
والْحِلاَل: مَتَاع الرَحْل. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
ضرا إِذا وضعت إِلَيْك حِلاَلها
وَقَالَ اللَّيْث: الحَلّ الْحُلُول وَالنُّزُول.
قلت: يُقَال حَلّ يُحل وحُلُولاً. وَقَالَ المثقِّب العبديّ:
أكلّ الدَّهْر حَلّ وارتحال
أما تُبقي عليّ وَلَا تقيني
قَالَ: والحَلّ: حَلّ العُقدة. يُقَال حللتها أحُلّها حَلاً، فانحلَّت. وَمِنْه الْمثل السائر: يَا عَاقد اذكر حَلاّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى} (طاه: 81) قرىء {وَمَن يَحْلِلْ} بِضَم اللَّام وَكسرهَا. وَكَذَلِكَ قرىء: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى} (طه: 81) بِكَسْر الْحَاء وَضمّهَا. قَالَ الْفراء: وَالْكَسْر فِيهِ أحبُّ إليَّ من الضَّم لِأَن الْحُلُول مَا وَقع، مِن يَحُلَّ، ويَحِلُّ: يجب، وَجَاء التَّفْسِير بِالْوُجُوب لَا بالوقوع، وكلّ صَوَاب.
قَالَ: وأمّا قَوْله جلّ وعزّ: {أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ} (طاه: 86) فَهِيَ مَكْسُورَة. وَإِذا قلت: حلّ بهم الْعَذَاب كَانَت يُحلّ لَا غير. وَإِذا قلت: عليَّ أَو قلت: يحلّ لَك كَذَا وَكَذَا فَهِيَ بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ الزّجاج: من قَالَ: يحلّ لَك كَذَا وَكَذَا فَهُوَ بِالْكَسْرِ، وَمن قَرَأَ: (فيحِلّ عَلَيْكُم) فَمَعْنَاه فَيجب عَلَيْكُم. وَمن قَرَأَ: (فيحُلّ) فَمَعْنَاه: فَينزل. وَالْقِرَاءَة {وَمَن يَحْلِلْ} بِكَسْر اللَّام أَكثر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال حَلّ عَلَيْهِ الحقّ يَحِلُّ مَحَلاّ. قَالَ وَكَانَت الْعَرَب إِذا نظرت إِلَى الْهلَال قَالَت: لَا مرْحَبًا بِمُحلِّ الديْن مُقرِّب الْأَجَل. قَالَ ومَحِلُّ الهَدْي يَوْم النَّحْر بمنى.
قلت: مَحِلّ الهَدْي للمتمتع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج بِمَكَّة إِذا قدِمها، وَطَاف بِالْبَيْتِ، وسعى بَين الصَّفَا والمروة.
ومَحِلّ هَدْي الْقَارِن يومَ النَّحْر بمنى.
وَقَالَ اللَّيْث: والحِلّ: الرجل الْحَلَال الَّذِي لم يُحرم، أَو كَانَ أحرم فحلّ من إِحْرَامه. يُقَال: حلّ من إِحْرَامه حِلاً.
قَالَت عَائِشَة: طيّبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحرْمه حِين أحرم، ولِحلّه حِين حَلّ من إِحْرَامه. وَيُقَال رجل حِلّ وحَلاَل، وَرجل حِرْم

(3/280)


وحَرَام أَي محرم. وَأما قَول زُهَيْر:
وَكم بالقَنان من مُحلّ ومحرم
فَإِن بَعضهم فسَّره وَقَالَ: أَرَادَ: كم بالقنان من عَدو يرى دمي حَلَالا، وَمن محرم أَي يرَاهُ حَرَامًا. وَيُقَال المحلّ: الَّذِي يحلّ لنا قِتَاله، وَالْمحرم: الَّذِي يحرم علينا قِتَاله. وَيُقَال: المُحِلّ: الَّذِي لَا عهد لَهُ وَلَا حُرْمَة، وَالْمحرم: الَّذِي لَهُ حُرْمَة. وَيُقَال للَّذي هُوَ فِي الْأَشْهر الْحرم: مُحرم، وللذي خرج مِنْهَا مُحِلّ. وَيُقَال للنازل فِي الْحرم: مُحرم، وللخارج مِنْهُ مُحِلّ. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ فِي الْحرم يَحرم عَلَيْهِ الصَّيْد والقتال وَإِذا خرج مِنْهُ حل لَهُ ذَلِك.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ الحُلّة القُنْبُلانيّة وَهِي الكَرَاخة.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يَمُوت لمُؤْمِن ثَلَاثَة أَوْلَاد فتمسُّه النَّار إلاّ تَحِلَّة القَسَم) .
قَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْله: (تحِلّة الْقسم) قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} (مريَم: 71) قَالَ: فَإِذا مرّ بهَا وجازها فقد أبرّ الله قسمَه.
وَقَالَ غير أبي عبيد: لَا قسم فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} فَكيف يكون لَهُ تَحِلّة وَإِنَّمَا التحلّة للأَيمان. قَالَ: وَمعنى قَوْله (إِلَّا تَحِلَّة الْقسم) إِلَّا التعذير الَّذِي لَا يَنْدَاهُ مِنْهُ مَكْرُوه. وَمثله قَول الْعَرَب: ضَربته تحليلاً، ووعظته تعذيراً، أَي لم أبالغ فِي ضربه ووعظه. وأصل هَذَا من تَحْلِيل الْيَمين وَهُوَ أَن يحلف الرجل، ثمَّ يَسْتَثْنِي اسْتَثْنَاهُ متِّصلاً بِالْيَمِينِ غيرَ مُنْفَصِل عَنْهَا. يُقَال: آلى فلَان ألِيّة لم يتحلّل فِيهَا، أَي لم يسْتَثْن، ثمَّ يَجْعَل ذَلِك مثلا للتقليل. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
نَجَائِب وقعهن الأرضَ تحليلُ
أَي قَلِيل هيّن يسير. وَيُقَال للرجل إِذا أمعن فِي وَعِيد أَو أفرط فِي فَخر أَو كَلَام: حِلاّ أَبَا فلَان، أَي تحلَّل فِي يَمِينك، جعله فِي وعيده إِيَّاه كاليمين. فَأمره بِالِاسْتِثْنَاءِ. وَيُقَال أَيْضا: تحلّل فلَان من يَمِينه إِذا خرج مِنْهَا بكفّارة أَو حِنْث يُوجب الكفّارة. وَيُقَال: أعطِ الْحَالِف حُلاّن يَمِينه. وَقَالَ امرء الْقَيْس:
عَلَيَّ وآلت حَلْفة لم تَحَلّل
وَقَالَ:
غذاها نمير المَاء غيرَ محلِّل
قَالَ اللَّيْث غير مُحَلل غير يسير. قَالَ: وَيحْتَمل هَذَا الْمَعْنى أَن يَقُول: غذاها غِذاء لَيْسَ بمحلِّل أَي لَيْسَ بِيَسِير، وَلكنه غذَاء مَرِيء ناجع. قَالَ: ويروى: غير مُحَلَّل، أَي غير منزول عَلَيْهِ فيكدّره ويفسده.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم غير محلَّل يُقَال: إِنَّه أَرَادَ مَاء الْبَحْر أَي أَن الْبَحْر لَا يُنزل عَلَيْهِ؛ لِأَن مَاءَهُ زُعَاق لَا يذاق فَهُوَ غير محلَّل أَي غير منزول عَلَيْهِ. قَالَ: وَمن قَالَ: غير محلَّل أَي غير قَلِيل فَلَيْسَ بِشَيْء؛ لِأَن مَاء الْبَحْر لَا يُوصف بالقلة وَلَا بِالْكَثْرَةِ لمجاوزة حدّه الْوَصْف.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قضى فِي الأرنب إِذا قَتله الْمحرم بحُلاَّن. وفسّر فِي الحَدِيث أَنه

(3/281)


جَدْي ذكر.
وَرُوِيَ عَن عُثْمَان أَنه قضى فِي أم حُبَيْن بحُلاّن، وَفسّر فِي الحَدِيث أَنه الحَمَل.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُلاّن: الجَدْي الَّذِي يُبقر عَنهُ بطن أمه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ ولد المعزى حُلاَمٌ وَحُلاّن وَأنْشد:
تُهْدَى إِلَيْهِ ذراعُ الْجَفْر تكرمة
إمّا ذبيحاً وإمّا كَانَ حُلاّنا
قَالَ: والذبيح: الْكَبِير الَّذِي قد أدْرك أَن يضَحّى بِهِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُلاَّم والحلاّن وَاحِد، وَهُوَ مَا يُولد من الْغنم صَغِيرا. وَهُوَ الَّذِي يَخُطُّون على أُذُنه إِذا وُلد خطّاً، فَيَقُولُونَ: ذكّيناه، فَإِن مَاتَ أكلوه.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ عَرَّام: الحُلاّم: مَا بَقَرْت عَنهُ بطنَ أمه، فَوَجَدته قد حَمَّم وشَعَّر فَإِن لم يكن كَذَلِك فَهُوَ غَضِين. وَقد أغضنت النَّاقة إِذا فعلت ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو سعيد: ذُكر أَن أهل الجاهليّة كَانُوا إِذا ولَّدوا شَاة عَمَدوا إِلَى السَخْلة فشرطوا أُذُنه، وَقَالُوا وهم يشرطون: حُلاّن حَلاّن أَي حَلاَل بِهَذَا الشَّرْط أَن يُؤْكَل. فَإِن مَاتَ كَانَت ذَكَاته عِنْدهم ذَلِك الشَّرْط الَّذِي تقدم وَهُوَ معنى قَول ابْن أَحْمَر. قَالَ وَيُسمى حُلاَنا إِذا حُلّ من الرِّبْق، فَأقبل وَأدبر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحُلاّن: الحَمَل.
وروى سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ حِلّ وبِلّ يَعْنِي زَمْزَم. فَسئلَ سُفْيَان مَا حِلّ وبِلّ؟ قَالَ: حِلّ محلَّل.
قلت: وَيُقَال: هَذَا حِلّ لَك وحلال، كَمَا يُقَال لضده: حِرْم وَحرَام أَي محرّم.
وروى الْأَصْمَعِي عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان أَنه قَالَ: البِلّ الْمُبَاح بلغَة حمير.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَرض مِحلال، وَهِي السهلة اللّينة. ورَحَبة محلال أَي جَيِّدَة لمحلّ النَّاس، وروضة محلال إِذا أَكثر الْقَوْم الْحُلُول بهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الأخطل:
وشربتها بأريضة مِحلال
قَالَ الأريضة المخصبة: قَالَ: والمحلال: المختارة للحِلّة وَالنُّزُول، وَهِي العَذَاة الطّيبَة.
اللَّيْث: الحليل والحليلة: الزَّوْجَانِ، سُميّا بِهِ لِأَنَّهُمَا يُحلاّن فِي مَوضِع وَاحِد. والجميع الحلائل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمّيا بذلك لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يُحالّ صَاحبه. قَالَ: وكل من نازلك أَو جاورك فَهُوَ حليلك أَيْضا. وَأنْشد:
وَلست بأطلس الثَّوْبَيْنِ يُصبي
حليلته إِذا هدأ النيام
قَالَ: لم يرد بالحليلة هَاهُنَا امْرَأَته، إِنَّمَا أَرَادَ جارته، لِأَنَّهَا تحالّه فِي الْمنزل. قَالَ وَيُقَال: إِنَّمَا سميت الزَّوْجَة حَلِيلَة، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مَحَلّ إِزَار صَاحبه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال حَلْحلت بِالْإِبِلِ إِذا قلت لَهَا حَلْ بِالتَّخْفِيفِ وَأنْشد:

(3/282)


قد جعلت نَاب دُكَيْن ترحل
أُخْرَى وَإِن صاحوا بهَا وحلحلوا
قَالَ وَيُقَال: حلحلت الْقَوْم إِذا أزلتهم عَن موضعهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال مَا يَتَحَلْحَل عَن مَكَانَهُ أَي مَا يَتَحَرَّك. وَأنْشد:
ثَهْلان ذُو الهَضَبات مَا يَتَحَلْحَل
يُقَال: تحلحل إِذا تحرّك وَذهب، وتلحلح إِذا قَامَ فَلم يَتَحَرَّك.
وَفِي الحَدِيث أَن نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلحلحت عِنْد بَيت أبي أَيُّوب وَوضعت جِرَانها أَي أَقَامَت وَثبتت. وَأَصله من قَوْلك ألَحَّ يُلَحّ. وألحَّت النَّاقة إِذا بَركت فَلم تَبْرَح مَكَانهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الحُلاحل: الركين مَجْلِسه، وَالسَّيِّد فِي عشيرته. وَجمعه حَلاحِل.
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
يَا لهف نَفسِي إِن خطِئن كاهلا
القاتلين الْملك الحُلاَحِلا
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كسا عليّاً حُلَّة سَيِراء. السِّيَراء: برود يخالطها حَرِير.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ خَالِد بن جَنَبة: الحُلَّة: رِدَاء وقميص تَمامهَا الْعِمَامَة. قَالَ: وَلَا يزَال الثَّوْب الْجيد يُقَال لَهُ فِي الثِّيَاب حُلَّة، فَإِذا وَقع على الْإِنْسَان ذهبت حُلَّته حَتَّى يجمعن لَهُ، إِمَّا اثْنَان وَإِمَّا ثَلَاثَة. وَأنكر أَن تكون الحُلّة إذاراً ورداء وَحده. قَالَ: والحُلّل: الوَشْي: والحِبَرة والَخَّز والقز والقُوهيّ والمَرْدِيّ وَالْحَرِير. قَالَ: وَسمعت اليمامي يَقُول: الحُلّة: كل ثوب جيّد جَدِيد تلبسه، غليظ أَو رَقِيق وَلَا يكون إلاّ ذَا ثَوْبَيْنِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحُلّة: الْقَمِيص والإزار والرداء، لَا أقلَّ من هَذِه الثَّلَاثَة.
وَقَالَ شمر: الحُلّة عِنْد الْأَعْرَاب ثَلَاثَة أَثوَاب. قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للإزار والرداء: حُلّة، وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا على انْفِرَاده: حُلّة.
قلت: وأمّا أَبُو عبيد فَإِنَّهُ جعل الحُلّة ثَوْبَيْنِ.
وروى شمر عَن القَعْنَبيّ عَن هِشَام بن سعد عَن حَاتِم بن أبي نَضرة عَن عبَادَة بن نُسيَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خير الْكَفَن الحُلّة، وَخير الضحِيّة الْكَبْش الأقرن) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الحُلل: بُرُود الْيمن من مَوَاضِع مُخْتَلفَة مِنْهَا. قَالَ والحُلّة إِزَار ورداء، لَا تسمى حُلّة حَتَّى تكون ثَوْبَيْنِ. قَالَ: وممّا يبين ذَلِك حَدِيث عمر: أَنه رأى رجلا عَلَيْهِ حُلّة قد ائتزر بِإِحْدَاهُمَا وارتدى بِالْأُخْرَى فهذان ثَوْبَان. وَبعث عمر إِلَى مُعَاذ بن عفراء بحُلَّة فَبَاعَهَا، وَاشْترى بهَا خَمْسَة أرؤس من الرَّقِيق فَأعْتقهُمْ، ثمَّ قَالَ: إِن رجلا آثر قشرتين يَلْبسهُمَا على عتق هَؤُلَاءِ لغبين الرَّأْي. أَرَادَ بالقشرتين الثَّوْبَيْنِ.
قلت: وَالصَّحِيح فِي تَفْسِير الحُلّة مَا قَالَ أَبُو عبيد، لِأَن أَحَادِيث السّلف تدلّ على مَا قَالَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإحليل: مخرج اللَّبن من طُبْي النَّاقة وَغَيرهَا.
قلت: وإحليل الذّكر ثَقْبه الَّذِي يخرج مِنْهُ

(3/283)


الْبَوْل وَجمعه الأحاليل.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: المَحَالّ: الْغنم الَّتِي ينزل اللَّبن فِي ضروعها من غير نَتَاج وَلَا ولادٍ، الْوَاحِدَة مُحِلّ: يُقَال أحلّت الشَّاة فَهِيَ مُحِلّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أحل المالُ فَهُوَ يُحِلّ إحلالاً إِذا نزل دَرّه حينَ يَأْكُل الرّبيع. يُقَال: شَاة مُحِلّ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: إِذا كَانَ فِي عرقوبي الْبَعِير ضعف فَهُوَ أحَلّ وَبِه حَلَل. وذئب أحل وَبِه حَلَل، وَلَيْسَ بالذئب عَرَج وَإِنَّمَا يُوصف بِهِ لَخْمع يؤنَس مِنْهُ إِذا عدا.
وَقَالَ الطرماح:
يُحيل بِهِ الذِّئْب الأحلّ وقُوته
ذواتُ المرادِي من مَنَاقٍ ورُزَّح
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأحَلّ: أَن يكون منهوس المؤخّر أرْوح الرجلَيْن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرس أحَلّ، وحَلَلُه ضعف نَسَاه ورخاوة كعبيه.
وَفِي الحَدِيث: أَحِلّ بِمن أحَلّ بك.
قَالَ اللَّيْث: من ترك الْإِحْرَام وأحلّ بك فقاتلك.
وَفِيه قَول آخر، وَهُوَ أَن الْمُؤمنِينَ حُرّم عَلَيْهِم أَن يَقتل بَعضهم بَعْضًا، أَو يَأْخُذ بَعضهم مَال بعض، فكلّ وَاحِد مِنْهُم مُحْرِم عَن صَاحبه.
يَقُول: فَإِذا أحَلّ رجل مَا حُرّم عَلَيْهِ مِنْك فادفعه عَن نَفسك بِمَا تهيّأ لَك دفعُه بِهِ من سلَاح وَغَيره، وَإِن أَتَى الدفُع بِالسِّلَاحِ عَلَيْهِ. وإحلال البادىء ظلم، وإحلال الدَّافِع مُبَاح. وَهَذَا تَفْسِير الْفُقَهَاء. وَهُوَ غير مُخَالف لظَاهِر الْخَبَر.
وَقَالَ اللَّيْث أَرض محلال وروضة محلال إِذا أَكثر الْقَوْم الْحُلُول بهَا.
قلت لَا يُقَال لَهَا: محلال حَتَّى تُمرِع وتخصب وَيكون نباتها ناجعاً لِلْمَالِ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
بأَجرع محلال مَرَبّ محلَّل
حَلْحَلة: اسْم رجل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال للناقة إِذا زجرتها: حَلْ جزم، وحلٍ منون، وحَلِي جزم لَا حليت.
وَفِي الحَدِيث (لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المحلِّل والمحلَّل لَهُ) . وَهُوَ أَن يُطلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا فيتزوجها رجل، بِشَرْط أَن يطلّقها بعد مُوَافَقَته إِيَّاهَا؛ لتحلّ للزَّوْج الأول.
وكل شَيْء أَبَاحَهُ الله فَهُوَ حَلَال، وَمَا حرّمه فَهُوَ حرَام.
وَيُقَال: أحل فلَان أَهله بمَكَان كَذَا وَكَذَا إِذا أنزلهم. وحلّ الرجل من إِحْرَامه يحِلّ إِذا خرج من حُرْمهِ وأحَلّ لُغَة، وكرهها الْأَصْمَعِي وَقَالَ: أحَلّ إِذا خرج من شهور الْحرم أَو من عهد كَانَ عَلَيْهِ. وَيُقَال للْمَرْأَة تخرج من عِدَّتها: قد حَلَّت تَحِلّ حلاّ. وأحلّ الرجل بِنَفسِهِ إِذا اسْتوْجبَ العقوية.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حُلّ إِذا سُكن وحَلَّ إِذا عدا. وَلبس فلانٌ حُلّته أَي سلاحه.
أَبُو زيد حللت بِالرجلِ وحَلَلته، وَنزلت بِهِ ونزلته.

(3/284)


وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَلّ: الشَيْرَج.
لح: قَالَ اللَّيْث: الإلحاح: الإقبال على الشَّيْء لَا يَفْتُر عَنهُ. وَتقول هُوَ ابْن عمّ لَحَ فِي النّكرة وَابْن عمّي لَحّا فِي الْمعرفَة. وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّث والاثنان والجميع بِمَنْزِلَة الرجل الْوَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عبيد مثل ذَلِك سَوَاء.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: كل مَا كَانَ على فَعِلَتْ سَاكِنة التَّاء من ذَوَات التَّضْعِيف فَهُوَ مدغم، نَحْو صمّت المرأةُ وأشباهها، إلاّ أحرفاً جَاءَت نَوَادِر فِي إِظْهَار التَّضْعِيف، نَحْو لحِحَت عينُه إِذا التصقت. وَمِنْه يُقَال هُوَ ابْن عَمّي لحَّا وَهُوَ ابْن عمّ لَحَ، وَقد مَشِشَت الدابَّة، وصكِكَت، وَقد ضَبِب الْبَلَد أَو أَكثر ضِبابُه وألِلَ السقاء إِذا تغيَّرت رِيحه، وقَطِط شعره.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: تلحلح القومُ بِالْمَكَانِ إِذا ثبتوا بِهِ. وَمِنْه قَوْله:
لحَيّ إِذا قيل ارحلوا قد أُتيتمو
أَقَامُوا على أثقالهم وتلحلحوا
قَالَ: وَأما التحلحل: فالتحرك والذهاب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِلحاح: الرجل الَّذِي يَعَضّ. وألَحَّ القَتَب على ظهر الْبَعِير إِذا عقره، وألحّ الرجلُ على غَرِيمه فِي التقاضي إِذا واظب، وألحّت النَّاقة، وألحّ الْجمل إِذا لزما مكانهما. فَلم يبرحا كَمَا يَحرُن الْفرس.
وَأنْشد:
كَمَا ألحّت على رُكبانها الخُور
وَرُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال حَرَن الدَّابَّة وألحّ الْجمل، وخلأت النَّاقة. قَالَ: والمُلِحّ: الَّذِي يقوم من الإعياء فَلَا يبرح.
قلت: وَأَجَازَ غَيره ألحَّت النَّاقة إِذا خَلأت وَأنْشد الْفراء لامْرَأَة دَعت على زَوجهَا بعد كبره:
تَقول وَرْيا كلّما تنحنحا
شَيخا إِذا قلّبته تلحلحا
قَالَ وَيَقُول الْأَعرَابِي إِذا سُئِلَ مَا فعل الْقَوْم؟ يَقُول: تلحلحوا أَي ثبتوا. وَيُقَال: تحلحلوا أَي تفَرقُوا.
قَالَ وَقَوْلها فِي الأرجوزة تلحلحا أَرَادَت: تحلحلا فقلبت. أَرَادَت أَن أعضاءه تفرّقت من الْكبر.
أَبُو سعيد: لحّت الْقَرَابَة بيني وَبَين فلَان إِذا صَارَت لِحّا، وكلّت تِكلّ كَلَالَة إِذا تَبَاعَدت. ووادٍ لاحّ أَي ضيق بالأشِب من الشّجر. وَمَكَان لِحح: لاحّ.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي قصَّة إِسْمَاعِيل وأمّه هَاجر وَإِسْكَان إِبْرَاهِيم إيَّاهُمَا مَكَّة: والوادي يومئذٍ لاحّ أَي كثير الشّجر. قَالَ الشماخ:
بخوصاوين فِي لِحح كنين
أَي فِي مَوضِع ضيق يَعْنِي مقَرّ عني نَاقَته. وَرَوَاهُ شمر: والوادي يَوْمئِذٍ لاخ بِالْخَاءِ. وَقد فسر فِي مَوْضِعه.

(بَاب الْحَاء وَالنُّون)
(ح ن)
حن، نح: (مستعملان) .
حن: قَالَ اللَّيْث: الحِنّ: حَيّ من الجنّ،

(3/285)


يُقَال: مِنْهُم الْكلاب السود البُهم. يُقَال: كلب حِنّي.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الحِنّ: كلاب الجنّ. رُوي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ غَيره، هم سَفِلة الْجِنّ.
عَمْرو عَن أَبِيه المحنون: الَّذِي يُصرع ثمَّ يُفيق زَمَانا.
وَقَالَ اللَّيْث: حنين النَّاقة على مَعْنيين. حنينها: صوتُها إِذا اشتاقت إِلَى وَلَدهَا. وحنينها نزاعها إِلَى وَلَدهَا من غير صَوت. وَقَالَ رؤبة:
حَنَّتْ قَلوصِي أمس بالأُرْدُنّ
حِنِّي فَمَا ظُلِّمت أَن تحنِيّ
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي أصل أسطوانة جِذْع فِي مَسْجده، ثمَّ تحوّل إِلَى أصلِ أُخْرَى، فحنّت إِلَيْهِ الأولى، ومالت نَحوه حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهَا، فاحتضنها فسكنت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للسهم الَّذِي يصوّت إِذا نَفَّزْتَه بَين إصبعيك: حَنَّان. وَأنْشد قَول الْكُمَيْت:
فاستل أهزع حنّانا يعلّله
عندالإدامة حَتَّى يرنو الطرِب
إدامته: تنفيزه. يعلّله: يغنّيه بِصَوْتِهِ. حَتَّى يرنو لَهُ الطَّرب: يستمع إِلَيْهِ وَينظر متعجّباً من حسنه. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والحَنّان الَّذِي يحِنّ إِلَى الشَّيْء.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الحَنّان من أَسمَاء الله بتَشْديد النُّون بِمَعْنى الرَّحِيم.
قَالَ: والحَنَان بِالتَّخْفِيفِ: الرَّحْمَة. قَالَ: والحَنَان: الرزق، والحَنَان: الْبركَة. والحَنَان الهيبة، والحَنَان: الْوَقار.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: مَا نرى لَك حَنَاناً أَي هَيْبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَنَان: الرَّحْمَة، وَالْفِعْل التحنُّن. قَالَ: وَالله الحَنَّان المنَّان الرَّحِيم بعباده وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا} (مريَم: 13) أَي رَحْمَة من لدنا.
قلت: والحَنَّان من أَسمَاء الله تَعَالَى، جَاءَ على فعّال بتَشْديد النُّون صَحِيح. وَكَانَ بعض مشيايخنا أنكر التَّشْدِيد فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى الحنين، فاستوحش أَن يكون الحنين من صِفَات الله تَعَالَى، وَإِنَّمَا معنى الحنّان: الرَّحِيم من الحَنَان وَهُوَ الرَّحْمَة.
وَقَالَ شمر الحَنِين بمعنيين. يكون بِمَعْنى النِزاع والشوق من غير صَوت، وَيكون الصوتَ مَعَ النزاع والشوق. يُقَال: حنّ قلبِي إِلَيْهِ، فَهَذَا نزاع واشتياق من غير صَوت، وحَنَّت النَّاقة إِلَى أُلاَّفها فَهَذَا صَوت مَعَ نِزاع. وَكَذَلِكَ حَنَّت إِلَى وَلَدهَا. وَقَالَ الشَّاعِر:
يعارضْن مِلواحا كَأَن حنينها
قبيل انفتاق الصُّبْح تَرْجِيع زامر
وَأما قَوْلهم: حنانك وحنانيك فَإِن اللَّيْث قَالَ: حنانيك يَا فلَان افْعَل كَذَا أَو لَا تفعل كَذَا تذكّره الرَّحْمَة والبِرّ. وَقَالَ طرفَة:
حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ} (مَرْيَم: 12، 13)

(3/286)


أَي وَآتَيْنَاهُ حناناً. قَالَ: والحَنَان: الْعَطف وَالرَّحْمَة. وَأنْشد:
فَقَالَت حنان مَا أَتَى بك هَاهُنَا
أذو نسب أم أَنْت بالحيّ عَارِف
أَي أَمْرُنا حنان أَي عطف وَرَحْمَة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
ويمنحها بَنو شَمَجاى بن جَرْم
مَعِيزهم حنانك ذَا الحنان
يَقُول رحمتك يَا رحمان فأغنني عَنْهُم
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: و {وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا} الرَّحْمَة، أَي وَفعلنَا ذَلِك رَحْمَة لِأَبَوَيْك.
قلت: وَقَوْلهمْ: حنانيك مَعْنَاهُ: تحنّن عليّ مرّة بعد أُخْرَى، وَحَنَانًا بعد حنان، وأذكِّرك حناناً بعد حنان. وَيُقَال: حَنّ عَلَيْهِ أَي عطف عَلَيْهِ، وحنّ إِلَيْهِ أَي نزع إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الحَنّان فِي صفة الله: ذُو الرَّحْمَة والتعطّف.
وَقَالَ اللَّيْث: بلغنَا أَن أمّ مَرْيَم كَانَت تسمّى حَنّة.
قَالَ: والاستحنان: الاستطراب. وعُود حنّان مطَرِّب.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: حَنّة الرجل: امْرَأَته: وَهِي طَلّته.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ حَنّته وكَنِينته، ونَهْضته، وحاصَفَتْه وحاضنته.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُنّة: خِرقة تلبسها الْمَرْأَة فتغطّي رَأسهَا.
قلت: هَذَا حاقّ التَّصْحِيف الْوَحْش. وَالَّذِي أَرَادَ: الخَبّة بِالْخَاءِ. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: الخَبِيبة: الْقطعَة من الثَّوْب. وروينا لأبي عبيد عَن الْفراء أَنه قَالَ الخَبة: الْخِرْقَة تخرجها من الثَّوْب فتعصِب بهَا يدك، يُقَال خَبّة وخُبّة وخَبِيبة.
قلت: وَأما الحُنّة بِالْحَاء وَالنُّون فَلَا أصل لَهُ فِي بَاب الثِّيَاب. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: لَا تعدم أدماء من أُمّها حَنّة يضْرب مثلا للرجل يُشبه الرجل.
قلت: والحَنّة فِي هَذَا الْمثل: العطفة والشفقة والحَيْطة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَاله حانّة وَلَا جارّة. فالحانة: الْإِبِل الَّتِي تَحِنّ إِلَى أوطانها. والجارّة: الحَمُولة تحمل الْمَتَاع وَالطَّعَام.
وَفِي بعض الْأَخْبَار أَن رجلا أوصى ابْنه فَقَالَ: لَا تتزوجنّ حنانة وَلَا منانة. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِهِ: يَا بُنيّ إيّاك والرَقُوبَ الغضوب، الأنّانة الخنّانة والمنّانة.
قَالَ: والحَنَّانة: الَّتِي كَانَ لَهَا زوج قبله فَهِيَ تذكُره بالتحزّن والأنين والحنين إِلَيْهِ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: قَالَ: الحَنُون من النِّسَاء: الَّتِي تتزوّج، رِقّة على وَلَدهَا إِذا كَانُوا صغَارًا ليقوم الزَّوْج بأمرهم.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: حنّ قِدْح لَيْسَ مِنْهَا، يضْرب مثلا للرجل ينتمي إِلَى نسب لَيْسَ مِنْهُ، أَو يدّعي مَا لَيْسَ مِنْهُ فِي شَيْء.

(3/287)


وَيُقَال رَجَعَ فلَان يخُفَّيْ حُنَين. يضْرب مثلا لمن يرجع بالخيبة فِي حَاجته. وَأَصله أَن رجلا جَاءَ إِلَى عبد الْمطلب بن هَاشم وَعَلِيهِ خُفّان أَحْمَرَانِ، وَقَالَ لَهُ: أَنا ابْن أسَد بن هَاشم، فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب: لَا وثيابِ هَاشم، مَا أرى فِيك شمائل هَاشم، فَارْجِع راشداً، فانصرفَ خائباً. وَكَانَ يُقَال: حُنَين، فَقيل رَجَعَ بخُفي حُنين.
وحُنَين: اسْم وادٍ، بِهِ كَانَت وقْعَة أوْطاس. وَقد ذكره الله فِي كِتَابه فَقَالَ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} (التَّوْبَة: 25) .
وروى سَلمَة عَن الْفراء وَابْن الْأَعرَابِي عَن الْمفضل أَنَّهُمَا قَالَا: كَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة تَقول لجمادي الْآخِرَة: حَنِين، وصُرف لِأَنَّهُ عُني بِهِ الشَّهْر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: مَا تَحُنُّني شيأ من شرّك أَي مَا تردّه.
وَقَالَ شمر: وَلم أسمع تَحُنُّنِي بِهَذَا الْمَعْنى لغير الْأَصْمَعِي. وَيُقَال حُنّ عَنَّا شرّك أَي اصرفه، وَالْمَجْنُون من الحقّ: المنقوص. يُقَال مَا حننتك شيأ من حقّك أَي مَا نقصتك. والحَنِين للناقة، والأنين للشاة. يُقَال: مَاله حانّة وَلَا آنّة، أَي مَاله شَاة وَلَا بعير. وخِمْسُ حَنّان أَي بائص.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَي لَهُ حَنِين من سرعته.
والحَنّان: اسْم فَحْل من فحول خيل الْعَرَب مَعْرُوف.
وَيُقَال: حَمَل فحنّن كَقَوْلِك: حمل فهلّل إِذا جَبُن.
(نَحن نح) : كلمة يُرَاد بهَا جمع أَنا وَهِي مَرْفُوعَة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: حِنْح زجر للغنم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي حَنْحَن إِذا أشْفق. ونحنح إِذا ردّ السَّائِل ردّاً قبيحاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر فلَان شحيح نحيح أُبِيح. جَاءَ بِهِ فِي بَاب الإتباع.
وَقَالَ اللَّيْث النحنحة: التنخنح، وَهُوَ أسهل من السُعال. وَهِي عِلّة الْبَخِيل وَأنْشد:
يكَاد من نحنحة وأحّ
يَحْكِي سُعَال الشرق الأبحّ

(3/288)


(بَاب الْحَاء وَالْفَاء)
(ح ف)
حفَّ، فَحَّ: مُستعملان.
حف: قَالَ اللَّيْث: الحُفوفُ: يُبوسَةٌ مِنْ غير دسم قَالَ رؤبة:
قالتْ سُليمى أَنْ رأَتْ حفُوفِي
مَعَ اضطرابِ اللَّحمِ وَالشُّفوفِ
وقَالَ الأصمعيُّ: حَفَّ يحِفُّ حْفوفاً وأَحْفَفْتُه.
وقالَ: سويقٌ حافٌّ: لمْ يُلَتَّ بِسَمْنٍ. عَمْرو عنْ أَبيه: الحَفَّةُ: الكَرامةُ التامّةُ، ومنهُ قولُهم: مَنْ حفَّنَا أَو رفَّنَا فليقتصد.
وقَالَ أَبو عُبَيْد: مِنْ أمْثَالِهم فِي القَصْدِ فِي المدحِ (مَنْ حفَّنَا أوْ رَفَّنَا فليقتصد) .
يقُولُ: مَنْ مَدْحنَا فَلَا يغْلُوَنَّ فِي ذَلِك وَلكن ليَتَكَلَّم بالحقِّ.
وقَالَ الْأَصْمَعِي: هوَ يَحِفُّ وَيرِفُّ أَيْ يقومُ ويقعدُ، وَينْصَح ويشْفقُ، قَالَ: وَمعنى يحفّ: تسمع لَهُ حفيفاً، ويقَال: شجر يَرِفُّ إِذا كَانَ لَهُ اهتزازٌ منَ النّضَارةِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عنْ ثعْلَب عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الفَرَّاء قَالَ: يُقَالُ: مَا يحفُهم إِلَيّ ذَلِك إلاَّ الحاجةُ يريدُ مَا يدْعُوهُم ومَا يُحوِجهم.
وقَالَ اللَّيثُ: احتفَّت المرأةُ إِذا أَمرت مَنْ يحُفُّ شعر وَجهِها نتْفاً بخيطين. وَحفَّت الْمَرْأَة وَجههَا تحُفُّهُ حَفّاً وَحِفَافاً.
وَحَفَّ القومُ بسيِّدِهِم يَحُفُّونَ حَفّاً إِذا أَطَافُوا بِهِ وَعكَفوا، وَمنْهُ قولُ الله جَلَّ وَعز: {الْعَامِلِينَ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (الزُّمَر: 75) ، قَالَ الزَّجّاجُ: جَاءَ فِي التفْسير معنى حَافِّينَ مُحْدِقينَ.
وَقَالَ الأصمَعيُّ: يُقَالُ: بقِيَ مِنْ شَعرِهِ حِفافٌ وَذلكَ إِذا صلِعَ فبقِيتْ طُرّةٌ من شعرِه حولَ رأْسهِ قَالَ: وَجمعُ الحِفَافِ أَحِفَّةٌ.
وقَال ذُو الرُّمَّةِ يصفُ الجِفَانَ الَّتِي يُطعُمُ فيهَا الضِّيفَانُ:
لهُنَّ إذَا أَصبَحْنَ مِنْهُم أَحِفةٌ
وحينَ يروْنَ الليلَ أقبلَ جائيَا
قالَ: أَراد بقوله: لهُنَّ أَي للجفَانِ أَحِفّةٌ أَي قومٌ استداروا بهَا يَأْكُلُون من الثَّرِيدِ الَّذِي لُبِّقَ فيهَا واللُّحْمَانِ الَّتِي كُلِّلتْ بهَا.
قَالَ الأصمعيُّ: وحفَّ عَلَيْهِم الغَيْثُ إِذا اشتدَّت غَبْيَتُه حَتَّى تسمعَ لَهُ حَفِيفاً، وَيُقَال: أجْرى الفرسَ حَتَّى أحَفَّه إِذا حمله على الحُضْرِ الشّديدِ حَتَّى يكون لَهُ حَفيفٌ.
قَالَ: وَيُقَال: يبِسَ حَفَّافُه وَهُوَ اللّحمُ اللّيِّنُ أَسْفَل اللَّهَاةِ.

(4/5)


قَالَ: والمِحَفَّةُ: مَركبٌ من مراكِبِ النِّساء، وَقَالَ اللَّيثُ: المِحَفَّةُ: رحلٌ يُحَفُّ بِثَوْب تركبه المرأةُ.
قَالَ: وحِفَافَا كُلِّ شَيْء: جانباه، وَقَالَ طرَفة:
كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَبِيَ تَكَنَّفَا
حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العسيب بمسرد
يصف ناحِيَتي عَسِيب ذَنْب النَّاقة.
قَالَ: والحفيف: صوتُ الشَّيْء، كالرَّمْية، وطيران الطَّائِر، والتهاب النَّار، وَنَحْو ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيثُ: حَفُّ الحائِك: خَشَبَتُه العريضة يُنَسِّقُ بهَا اللُّحمَةَ بَين السَّدَى. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: الحَفّ بِغَيْر هاءٍ هُوَ المَنْسَجُ وَأما الحَفَّةُ فَهِيَ الْخَشَبَة الَّتِي يَلُفُّ عَلَيْهَا الحائكُ الثَّوْبَ. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا أَنْت بِنِيرَةٍ ولاحَفَّة. مَعْنَاهُ: لَا تَصْلُح لشيءٍ، قَالَ: فالنِّيرَةُ هِيَ الخشبةُ المُعْترِضة، والحفَّةُ: القصباتُ الثَّلاثُ.
وروى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ قَالَ: الَّذِي يضرِبُ بهِ الحائِكُ كالسيفِ الحِفَّةُ بِالْكَسْرِ، وَأما الحَفُّ فالقصبة الَّتِي تجيءُ وَتذهب، كَذَا هُوَ عِنْد الْأَعْرَاب.
وَقَالَ الليثُ: الحَفَّانُ: الخَدَم. والحَفَّانُ: الصِّغارُ منَ الْإِبِل والنَّعام، الواحدةُ حَفَّانَةٌ. وَأنْشد:
وَزَفّت الشَّوْلُ من بَرْدِ الْعَشِيّ كَمَا
زَفَّ النَّعامُ إِلَى حَفَّانِه الرُّوحُ
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: الحَفّانُ: وَلَدُ النَّعامِ، الواحدةُ حَفَّانَةٌ، الذكرُ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: حفَفْتُ الشيءَ حَفّاً إِذا قشَرْتَه، ومنهُ حَفَّتِ المرأةُ وَجههَا، قَالَ: ومنهُ الحَفَفُ وَهُوَ الضِّيقُ والفقرُ. أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: أصَابهُم مِنَ العيشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقشفٌ كلُّ هَذَا من شِدَّةِ العيشِ.
قَالَ: وجاءَنا على حَففِ أمرٍ، أَي على ناحيةٍ مِنْهُ، ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: الضَّفَفُ: القِلَّةُ، والحَفَفُ: الحاجةُ. قَالَ: وَقَالَ العُقَيْلِيّ: وُلِدَ الإنسانُ على حفف، أَي على حَاجَة إِلَيْهِ، وَقَالَ: الضَّفَفُ والحفَفُ واحدٌ، وَأنْشد:
هَدِيَّةً كَانَتْ كَفَافاً حَفَفَا
لاَ تَبْلُغُ الْجارَ وَمَنْ تَلَطُّفَا
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: الضَّفَفُ: أَن تكون الأَكَلَة أَكثر من مِقْدَار المالِ، والحَفَفُ: أَن تكون الأكلةُ بمقدارِ المَال، قَالَ: وَكَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَكلَ كَانَ من يأْكُلُ مَعَه أَكثر عددا من قدر مبلغ المأْكُولِ وكَفَافِه، قَالَ وَمعنى قَوْله: وَمن تلطَّفا أَي من بَرَّنا لم يكن عندنَا مَا نَبَرُّه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا رُئيَ عَلَيْهِم حفَفٌ وَلَا ضَفَف أَي أثَرُ عَوَزٍ، وأُولئك قوم محفوفون، وَقد حَفّتهم الحاجةُ إِذا كَانُوا محاويج.
وَقَالَ اللِّحياني: إِنَّه لَحَافٌّ بَيِّنُ الحفُوفِ أَي شديدُ الْعين. ومعناهُ أَنه يُصِيبُ النَّاس بِعَيْنه.
أَبُو زيد: مَا عِنْد فلانٍ إِلَّا حَفَفٌ مِنَ المتَاعِ، وَهُوَ القوتُ القليلُ.
وَيُقَال: حَفَّتِ الثَّرِيدةُ إِذا يَبِسَ أَعْلَاهَا فَتَشَقَّقَتْ، وحَفَّتِ الأرضُ وقفَّت إِذا يَبِسَ

(4/6)


بَقلها.
وفرسٌ قَفِرٌ حافٌّ: لَا يسمن على الصَّنعة.
وحِفَافُ الرمل: مُنَقَطَعُهُ وَجمعه أَحِفَّةٌ.
فح: اللَّيْث: الفَحِيحُ: من أصوات الأفعى شبيهٌ بالنَّفْخ فِي نَضْنَضَةٍ.
قَالَ: والفحفَاحُ: الأَبَحُّ منَ الرِّجال.
الأصمعيُّ: فَحَّتِ الأفعى فَهِيَ تَفِحُّ فَحيحاً إِذا سَمِعتَ صَوتهَا من فمها، يُقَال: سَمِعتُ فحيحَ الأفعى. قَالَ: وأمَّا الكَشيشُ فصوتُهَا من جِلْدِها.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَحْفَح إِذا صَحَّح المودَّة وأخلصها، وحَفْحَف إِذا ضَاقَتْ معيشتُه.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: الأفعى تَفِحّ وتَحِفُّ والحفيفُ من جِلدِها، والفَحِيحُ من فِيهَا، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفُحُحُ: الأفاعي. أَبُو زيد: كَشَّتِ الأفعى وفَحَّت وَهُوَ صوتُ جِلْدِها مِنْ بَين الحيَّاتِ، وفَحِيحُ الحيَّاتِ بعد الأفعى من أصواتِ أفواهها.

(بَاب الْحَاء وَالْبَاء)
(ح ب)
حَبَّ بَحَّ: مستعملان مَا كرر مِنْهُ.
حب: قَالَ الليثُ: الحَبُّ مَعْرُوف مستعملٌ فِي أشياءَ جَمَّة من بُرَ وشَعِيرٍ حَتَّى يَقُولُوا حبَّةُ عِنَبٍ ويجمعُ على الحُبُوبِ والحبَّات والحَبّ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّة فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) . قَالُوا: الحِبَّةُ إِذا كَانَت حبوبٌ مختلفةٌ من كلِّ شَيْء.
وَيُقَال لِحَبِّ الرَّياحين حِبَّة وللواحدةِ مِنْهَا حَبَّة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الأصمعيُّ: كلُّ نَبتٍ لَهُ حبٌّ فاسمُ الحبِّ مِنْهُ الحِبَّة، وَقَالَ الفرّاء: الحِبَّة: بزُورُ البَقْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْحِبَّة: نبْتٌ ينْبت فِي الْحَشِيش صِغار.
وَقَالَ الْكسَائي: الْحِبّة: حَبُّ الرياحين، وَوَاحِدَة الْحِبَّة حبّة، قَالَ: وَأما الْحِنطة وَنَحْوهَا فَهُوَ الْحَب لَا غير.
شمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحِبّة: حَبُّ البَقْل الَّذِي يَنتثِر، قَالَ: والحَبَّة: حَبَّة الطَّعَام: حَبَّةٌ من بُرَ وشعير وعَدَس ورُزّ وكل مَا يَأْكُلهُ النَّاس، قُلت أَنا: وَسمعت الْعَرَب تَقول: رَعَينا الحِبّة وَذَلِكَ فِي آخر الصَّيف إِذا هَاجَتْ الأَرْض ويَبِس البقل والعُشب وتناثرت بزورها وورقُها وَإِذا رَعَتها النّعم سَمِنت عَلَيْهَا: ورأيتهم يُسَمون الحِبّة بعد انتثارها القَميم والقَفّ، وَتَمام سِمَن النَّعَم بعد التَّبَقُّل ورَعْي العُشب يكون بِسَفّ الحِبَّة والقَميم وَلَا يَقع اسْم الحِبَّة إِلَّا على بُزُور العُشب والبُقول البريّة وَمَا تناثر من وَرقهَا فاختلط بهَا من القُلْقُلاَن والبَسباس والذُّرَق والنَّفَل والمُلاّح وأصناف أَحْرَار البُقول كلهَا وذُكورها.
وَقَالَ اللَّيْث: حَبَّة الْقلب: ثَمَرَتُه وَأنْشد:
فأصَبْتُ حَبَّةَ قَلبهَا وطِحالَها
قلت: وحَبَّة الْقلب هِيَ العَلَقَة السَّوْدَاء الَّتِي تَكونُ دَاخل الْقلب، وَهِي حَمَاطة الْقلب أَيْضا. يُقال: أَصَابَت فُلاَنة حَبَّة قَلْب فُلان إِذْ شَغَفَ قَلبَه حُبُّها. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْحَبّة وَسَط الْقلب.

(4/7)


الليثُ: الحُبُّ: نقيضُ البُغض، قالَ وَتقول: أحبَبْتُ الشَّيْء فَأنا مُحِبٌّ وَهو مُحَبٌّ. أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيد: أحَبَّه الله فَهُوَ مَحْبوبٌ، قَالَ ومِثله محزونٌ ومجنونٌ ومَزكومٌ ومَكزوز ومقرور: وَذَلِكَ أَنهم يَقولون: قد فُعِل بغِر ألفٍ فِي هَذ كلِّه ثمَّ بني مفعولٌ على فُعِل وَإِلَّا فَلَا وَجه لَهُ، فَإِذا قَالُوا: أَفْعَلَهُ الله فَهُوَ كُله بالألِفِ. قُلْتُ: وَقد جَاءَ المُحَبُّ شاذّاً فِي الشِّعْر، وَمِنْه قَول عَنترة:
وَلَقَد نَزَلْتِ فَلَا تظُنِّي غَيره
مِنّي بمَنزلة المُحَبّ المُكْرَمِ
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الفرّاء: وحَببته لُغةٌ وَأنْشد الْبَيْت:
فوَاللَّه لَوْلاَ تَمْرُه مَا حَبَبته
وَلَا كَانَ أَدْنى من عُبَيْد ومُشْرِقِ
قَالَ: ويُقال: حُبّ الشيءُ فَهُوَ مَحْبوب ثمَّ لَا تَقول حَبَبْتُه كَمَا قَالُوا: جُنَّ فَهُوَ مَجْنُون، ثمَّ يَقُولُونَ: أَجَنّه الله. اللَّيْث: حَبّ إِلَيْنَا هَذَا الشَّيْء وَهُوَ يَحَبُّ إِلَيْنَا حُبّاً وَأنْشد:
دَعانا فَسَمَّانا الشِّعار مُقدِّماً
وحَبَّ إِلَيْنَا أَن نَكُون المُقَدَّما
ثَعلب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حُبَّ إِذا أُتعِب، وحَبَّ إِذا وقف، وحَبّ إِذا تودد.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: حَبَّ بفُلاَن مَعْنَاهُ مَا أحَبَّه إلَيّ، وَقَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ حَبُبَ بفلان ثمَّ أُدْغِم، وَأنْشد الفرّاء:
وزاده كلفاً فِي الحُبّ أَن مَنَعَت
وَحَبّ شَيْئا إِلَى الْإِنْسَان مَا مُنِعا
قَالَ: وَمَوْضِع مَا رَفْعٌ، أَرَادَ حَبُبَ فأدغَم وَأنْشد شَمِر:
ولحَبَّ بالطَّيْف المُلِمّ خَيالا
أَي مَا أَحبَّه إلَيّ أَي أحبْبِ بِهِ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الْحُبابُ: الْحَيّة، قَالَ: وَإِنَّمَا قيل الحُباب اسْم شَيْطان (لِأَن الْحَيَّة يُقَال لَهَا شَيطان) .
ويُقال للحَبيب: حُبابٌ مخفَّف، قَالَه ابْن السّكيت، وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء مثله.
وَقَالَ اللَّيثُ: الْحِبَّةُ والحِبُّ بِمَنْزِلَة الْحَبيبة والحَبيبِ قَالَ: والمَحَبَّة: الحُبُّ. وَقَالَ اللَّيْث: حَبَابك أَن يكون ذَلِك، مَعْنَاهُ: غايةُ مَحَبَّتِك. أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: حَبَابكَ أَن تَفْعلَ ذَاك مَعْنَاهُ غايةُ محبَّتك وَمثله: حُمَاداكَ أَي جُهْدُك وغايتك.
اللَّيث: حَبَّان وَحِبَّانُ لُغَةٌ: اسمٌ موضوعٌ من الحُبِّ.
قَالَ: والحُبُّ: الْجَرَّةُ الضخمة والجميع الْحِبَبةُ والحِبَابُ. قَالَ: وَقَالَ بعضُ النَّاس فِي تَفْسِير الْحُبِّ والكَرامةِ، قَالَ: الْحُبُّ: الْخَشباتُ الأربعُ الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا الْجَرَّةُ ذاتُ الْعُرْوَتَيْن، قَالَ والكرامة الغطاء الَّذِي يوضع فَوق تِلْكَ الجِرَّةِ من خشب كَانَ أَو من خَزَفٍ، قَالَ الليثُ: وَسمعت هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ بِخُرَاسَانَ.
قَالَ وَأما حَبَّذَا فَإِنَّهُ حَبَّ ذَا فَإِذا وصلْتَ رَفَعْتَ بِهِ، فقلتُ حبذا زَيدٌ.
قَالَ: والْحِبُّ: القُرْطُ من حَبَّة وَاحِدَة وَأنْشد:
تبيتُ الحَيَّةُ النِّضْنَاضُ مِنْهُ
مَكان الْحِبِّ يستمِعُ السِّرَارَا

(4/8)


قلتُ: وفسَّر غيْرُه الْحِبَّ فِي هَذَا الْبيتِ الْحَبِيبَ وأَرَاهُ قولَ ابنِ الأعْرَابيِّ.
وحَبابُ الماءِ: فَقاقِيعُه الَّتِي تَطْفُو كأَنَّهَا الْقوارِيرُ، وَيُقَال: بل حَبابُ الماءِ: مُعْظَمُه، وَمِنْه قَول طَرَفَةَ:
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بهَا
كَمَا قسمَ التُّرْبَ المُفَايِلُ بالْيَدِ
وَقَالَ شمر: حَبَابُ الْماء: مَوْجُه الَّذِي يتْبَعُ بعضُه بَعْضًا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي. وَأنْشد شمر:
سُمُوَّ حَبَابِ الماءِ حَالاً عَلَى حَال
وَقَالَ: قَالَ الأصمعيُّ: حَبابُ المَاء: الطَّرَائِقُ الَّتِي فِي المَاء كأَنَّها الْوَشْيُ، وَقَالَ جَريرٌ:
كَنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الْحَبَابا
وَقَالَ: الْحَبَابُ: الطَّرَائِقُ، وَقَالَ ابْن دُريد: الحبَبُ: حَبَبُ المَاء، وَهُوَ تَكَسُّرُه وَهُوَ الحَبَابُ. وأَنْشَد اللّيثُ:
كَأَنَّ صَلاَ جَهِيزَةَ حِين تَمْشِي
حَبَابُ المَاء يَتَّبِعُ الْحَبَابَا
شَبَّه مآكَمَها بالحَبَابِ الَّذِي كَأَنَّهُ دَرَجٌ وَلم يُشَبِّهْهَا بالْفَقاقِيع.
قَالَ: وحَبَبُ الأسْنانِ: تَنَضُّدُها وَأنْشد:
وإِذا تضحك تُبْدِي حَبَباً
كأَقَاحي الرَّمل عَذباً ذَا أُشُرْ
وَقَالَ غَيره: حَبَبُ الْفَمِ: مَا يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ عَلَى الأَسْنَان.
وَقَالَ اللَّيْث: نَارُ الحُبَاحِب هُوَ ذُبابٌ يطير بِاللَّيْلِ لَهُ شُعاعٌ كالسِّراج، وَيُقَال: بل نَار الحُباحب: مَا اقْتَدَحْتَ من الشَّرارِ من النَّارِ فِي الْهَوَاء من تَصادُمِ الْحِجَارَة، وَحَبْحَبَتُها: اتِّقَادُها، وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال للخيل إِذا أَوْرَتِ النَّار بِحوافِرِها هِيَ نَار الحُباحِب، قَالَ: وَقَالَ الْكَلْبِيّ: كَان الْحُبَاحِبُ رَجلاً من أحياءِ الْعَرَب، وكَان من أبخل النَّاس فبَخِل حَتَّى بلغ بِهِ الْبُخْل أَنه كَانَ لَا يُوقِدُ نَارا بِلَيل إِلَّا ضَعِيفَة فَإِذا انتبه منتبه ليقتبس مِنْهَا أَطْفَأَها: فَكَذَلِك مَا أَوْرَتِ الْخَيل لَا يُنتفع بِهِ كَمَا لَا يُنتفع بِنَار الْحبَاحِبِ. وَقَالَ أَبُو طَالب: يحْكى عَن الْأَعْرَاب: أنَّ الْحُباحِبَ طائرٌ أطول من الذُّبَاب فِي دِقَّة مَا يَطِيرُ فِيمَا بَين الْمغرب والعِشاء كأَنَّه شَرارَةٌ قلت: وَهَذَا مَعْرُوف.
أَبُو العبَّاس عَن ابنِ الأعْرَابي: إبِلٌ حَبْحَبَةٌ: مَهَازيلُ.
قَالَ: وَمن حَبْحَبَه نارُ أبي حُبَاحب. وَأنْشد:
يَرَى الرَّاؤُون بِالشَّفَرَاتِ مِنْها
وقُودَ أَبي حُبَاحِبَ والظُّبِينَا
وَقَالَ اللَّيْث: الحَبْحَابُ: الصَّغِير الْجِسْم.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الحَبْحَبِيُّ: الصَّغِير الْجِسْم.
ابْن هانىء: من أمثالِهم: (أهلكتَ من عشرٍ ثَمَانِياً وجِئتَ بسائرِها حَبْحَبَةً) يُقَال عِنْد المَزْرِيَةِ عَلَى المِتْلاَفِ لِمَالِهِ، قَالَ: والحَبْحَبَةُ تقع موقع الْجَمَاعَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حُبَّ إِذا أُتْعِبَ، وحَبَّ إِذا وقف.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: بَعِيرٌ مُحِبٌّ وَقد أَحَبَّ إحْبَاباً وَهُوَ أَن يصيبَه مرضٌ أَو كسر

(4/9)


فَلَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ حَتَّى يبرأ أَو يَمُوت. قَالَ: والإحْبَابُ: هُوَ البُرُوكُ. وَقَالَ أَبُو الهَيْثَمِ: الإحْبَاب: أَن يُشرفَ البَعِيرُ عَلَى الموتِ من شِدَّة المرضِ فَيَبْرُكَ وَلَا يقدرَ أَن يَنْبَعِثَ وَقَالَ الرَاجزُ:
مَا كَان ذَنبي فِي مُحِبَ بَارِكْ
أَتَاهُ أَمْرُ الله وَهُوَ هَالِكْ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَوّلُ الرِّيِّ التَّحَبُّبُ. وَقَالَ الأصمعيُّ: تَحَبَّبَ إِذا امْتَلأ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرو. قَالَ: وحَبَّبْتُه فَتَحَبَّبَ إِذا ملأتَهُ لِلسِّقاء وَغَيره.
اللَّحياني: حَبْحَبْتُ بالْجَمَل حِبْحَاباً، وحَوَّبْتُ بِه تَحْوِيباً إِذا قلت لَهُ: حَوْبُ حَوْب وَهُوَ زَجْر.
أَبُو عَمْرو: الحَبَابُ: الطَّلُّ عَلَى الشَّجَرِ يُصْبِحُ عَلَيْهِ.
بح: قَالَ اللَّيْث: البَحَحُ: مصدر الأبَحِّ، تَقول: بَحَّ يَبَحُّ بَحَحاً وبُحُوحاً، وَإِذا كَانَ من دَاء فَهُوَ البُحَاحُ.
وعُودٌ أَبَحُّ إِذا كَانَ فِي صَوته غِلَظٌ. أَبُو عُبَيدة: بَحِحْتُ أبَحُّ هِيَ اللُّغَة الْعَالِيَة قَالَ: وبَحَحْتُ أَبَحُّ لُغَةٌ رواهُ ابْن السّكيت عَنهُ.
روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَنْ سَرَّه أَن يَسْكُنَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَة فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبْعَدُ) قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ ببُحْبُوحَةِ الْجَنَّةِ وَسَطَها، قَالَ: وبُحْبُوحَةُ كُلِّ شَيْءٍ: وَسَطُه وخِيَارُه، وَأنْشد قولَ جرير:
قَوْمِي تَمِيمٌ هُمُ الْقَوْمُ الّذِين هُمُ
يَنْفُونَ تَغْلِبَ عَن بُحْبُوحَةِ الدّارِ
وَيُقَال: قد تَبَحْبَحْتُ فِي الدَّار إِذا تَوَسَّطْتَها وتمكنت مِنْهَا. وَقَالَ اللَّيْث: التَّبَحْبُحُ: التَّمَكُّن فِي الْحُلُول والمُقام، وَأنْشد:
وَأَهْدَى لَهَا أَكْبُشاً
تَبَحْبَحُ فِي المِرْبَدِ
قَالَ: وَقَالَ أعرابيُّ فِي امرأةٍ ضَرَبَها الطَّلْقُ: تركْتُهَا تَبَحْبَحُ عَلَى أيدِي القَوَابِل.
أَبُو العبّاسِ عنْ سَلَمة عَن الفَرَّاءِ قالَ: البَحْبَحِيُّ: الْوَاسِع فِي النَّفَقَة، الواسعُ فِي المنْزِلِ.
قالَ: ويقَالُ: نَحْنُ فِي بَاحَةِ الدَّارِ وَهِيَ وَسَطُها وَلذَلِكَ قِيلَ: تَبَحْبَحَ فِي المجْدِ. أيْ أَنَّهُ فِي مَجْدٍ وَاسعٍ. قُلْتُ: جَعَلَ الْفَرَّاءُ التَّبَحْبُحَ مِنَ البَاحَة، ولَمْ يَجعلْه مِنَ المُضَاعَفُ.
أَبو عُبَيْد عَن الأصمَعِي: بَاحَةُ الدّارِ: قاعَتُهَا وَساحَتُها. وَحكى ابنُ الْأَعرَابِي عَن البَهْدَليّ قَالَ: البَاحَةُ: النَّخْلُ الكثيرُ، والبَاحَةُ: باحةُ الدّارِ. وَأنْشد:
قَرَوا أضيافَهُم رَبَحاً بِبُحَ
يجيءُ بفضلهنّ المَشُّ سُمْر
قَالَ البُحُّ: قِدَاحُ الميسرِ.
قالَ: ويقالُ: القومُ فِي ابتِحَاحٍ أَي فِي سَعَةٍ وخِصْب. وَقَالَ الْجَعْديُّ يَصفُ الدّينارَ:
وأبَحَّ جُنديَ وثاقِبَةٍ
سُبِكَتْ كثاقبةٍ مِنَ الجَمْرِ
أرادَ بالأبَحِّ دِينَارا أبَحَّ فِي صوتِه. جُنديّ: ضُرِب بأجنادِ الشامِ. والثَّاقِبةُ: سَبيكةٌ مِنْ ذهب تَثْقُبُ أَي تَتَّقِد.

(4/10)


والبَحَّاءُ فِي الباديةِ: رابيةٌ تعْرَفُ برابيةِ البحَّاءِ. وَقَالَ كَعْب:
وظلَّ سراةَ اليومِ يُبرِمُ أمرُه
برابيةِ البحَّاءِ ذاتِ الأيايلِ

(بَاب الْحَاء وَالْمِيم)
(ح م)
حم، مح: مُستعملان فِي الثنائي والمكرر.
حم: قَالَ اللّيثُ: حُمّ هَذَا الأمرُ إِذا قُضِي قضاؤهُ قَالَ: والحِمامُ: قضاءُ الْمَوْت.
وتقُولُ: أحمّني هَذَا الأمرُ واحْتَممْتُ لَهُ كَأَنَّهُ اهتمام بحَميمٍ قريبٍ، وَأنْشد الليثُ:
تعزَّ عَن الصّبابة لَا تُلامُ
كأنّك لَا يُلِم بك احْتمامُ
وَقَالَ فِي قَوْل زُهير:
مَضَت وأحمَّت حاجةُ الْيَوْم مَا تَخْلُو
قَالَ مَعْنَاهُ: حانتْ ولزِمتْ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَجمّت الحاجةُ بِالْجِيم تُجِمُّ إجماماً إِذا دنت وَحانت، وَأنْشد بَيت زُهير بِالْجِيم قَالَ: وأَحمَّ الأمرُ فَهُوَ يُحِمُّ إحماماً، وأمرٌ مُحمٌّ وَذَلِكَ إِذا أَخذَكَ مِنْهُ زَمَعٌ واهتمامٌ.
قَالَ: وحُمَّ الأمرُ إِذا قُدِّرَ وَيُقَال: عَجِلت بِنَا وبكم حُمةُ الفِراقِ أَي قُدِّر الْفِرَاق ونزلَ بِهِ حِمامُه أَي قَدره وَمَوته. قلت: وَقد قَالَ بَعضهم فِي قولِ الله: {الْعَالَمِينَ} (غَافِر: 1) معناهُ قُضِيَ مَا هُوَ كائنٌ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مِنَ الْحروفِ المُعجمَةِ وَعَلِيهِ العملُ.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: أَحَمّت الحاجةُ وَأَجَمّت إِذا دَنتْ وَأنْشد:
حيِّيا ذَلِك الغزالَ الأحمّا
إِن يَكُنْ ذَلِك الفراقُ أَجَمَّا
الكسائيُّ: أَجَمَّ الأمرُ وأَحمَّ إِذا حانَ وقتُه. وَقَالَ الفرَّاء: أَحَمَّ قدومُهم: دنَا، ويقالُ: أجَمَّ. شَمِر عَن أبي عَمْرو: وأحَمَّ وأجَمَّ: دنَا، وَقَالَت الكِلاَّبية: أحَمَّ رحيلُنا فنحنُ سائرونَ غَدا، وأَجَمَّ رحيلُنا فنحنُ سائرون اليومَ إِذا عزمنا أَن نسير من يَوْمنَا. عَمْرو عَن أَبِيه: مَاء محمومٌ وممكولٌ ومَسْمولٌ ومنقوصٌ ومَثمودٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَميم: القريبُ الَّذِي تَوَدُّهُ وَيودُّك.
والحامَّةُ: خاصّةُ الرجلِ مِنْ أهلِهِ وَوَلدِهِ وَذي قرَابَته.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَميمُ: القرابةُ، يُقالُ: مُحِمٌّ مُقرِبٌ. وَقال الفراءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {كَالْعِهْنِ وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ} (المعَارج: 10) لايسألُ ذُو قَرابةٍ عَن قرابتهِ ولكنّهُمْ يَعرفونهم سَاعَة ثمّ لَا تعارُفَ بَعدَ تِلْكَ السَّاعَة.
اللَّيْث: الحَمِيم: المَاء الحاءِّ والحمّام: مُشْتَقّ من الحَمِيمِ تُذَكِّره الْعَرَب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سألتُ ابْن الْأَعرَابِي عَن الْحَمِيم فِي قَول الشَّاعِر:
وساغ لي الشرابُ وكنتُ قبلا
أكاد أَغَصُّ بِالْمَاءِ الحَميم
فَقَالَ: الْحَمِيم: المَاء الْبَارِد، قلت: فالحميم عِنْد ابْن الْأَعرَابِي من الأضداد، يكون الماءَ الحارّ وَيكون الْبَارِد. وَأنْشد

(4/11)


شَمِر بَيت المُرَقَّش:
كلَّ عِشاء لَهَا مِقطرة
ذَات كِباء مُعَدَ وحَميم
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْحميم إِن شِئْت كَانَ مَاء حارّاً، وَإِن شِئْت كَانَ جمراً تتبخَّر بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الْحَمِيم: العَرَق. واستَحَمّ الفَرَس إِذا عَرِق، وَأنْشد للأعشى:
يَصيدُ النَّحوصَ ومِسجَلَها
وجَحْشَيْهما قبل أَن يَستَحِمّ
وَقَالَ أَيْضا: استَحَمّ إِذا اغْتسل بِالْمَاءِ الحَمِيم. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَحَمّ نفسَه إِذا غسلهَا بِالْمَاءِ الحارّ قَالَ: وشربْتُ البارحة حَمِيمة أَي مَاء سخناً. قَالَ: وَيُقَال: جَاءَ بمَحَمّ أَي بقُمقُم يُسخَّن فِيهِ المَاء. وَيُقَال: اشرب على مَا تَجِد من الوَجَع حُساً من ماءٍ حَمَيم تُريد جمع حُسْوة من ماءٍ حَار.
شمِر: الْحميم: الْمَطَر الَّذِي يكون فِي الصَّيف حِين تَسخُن الأَرْض. وَقَالَ الهُذَلي:
هُنَالك لَو دَعَوْتَ أَتاك مِنْهُم
رجالٌ مِثلُ أَرْمِيَة الْحَمِيم
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: الْحميمة: المَاء يُسَخَّن، يُقال: أَحِمُّوا لنا بِالْمَاءِ.
قَالَ: والْحَمِيمة وَجَمعهَا حمائم: كرائم الْإِبِل يُقَال: أَخذ المُصَدِّق حمائم الْإِبِل أَي كرائمها.
ويقالُ: طابَ حَمِيمُك وحِمَّتُك: للَّذي يخرُجُ من الحمَّام أَي طَابَ عَرَقُكَ.
الليثُ: الحمَامةُ: طائرٌ. تَقول الْعَرَب: حمامةٌ ذكرٌ وحمامةٌ أُنثى والجميعُ الحَمام. وَأنْشد:
أَو الِفاً مَكَّة من وُرْقِ الحِمَى
أَرَادَ الْحمام.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: الحَمامُ هُوَ البَرِّيُّ الَّذِي لَا يألفُ البيوتَ قَالَ: وَهَذِه الَّتِي تكون فِي الْبيُوت هِيَ اليَمامُ. وَقَالَ: قَالَ الأصمعيُّ: اليَمامُ: ضرْبٌ منَ الْحمام بَرِّيّ، قَالَ: وَأما الْحمام فكلُّ مَا كَانَ ذَا طَوْقٍ مثلَ القُمْرِيّ والفاخِتَةِ وأشباهها.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشافعيِّ أَنه قَالَ: كلُّ مَا عَبَّ وهَدَر فَهُوَ حَمامٌ يدخلُ فِيهِ القَمَارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَوَاخِتُ سَوَاء كَانَ مُطَوَّقَةً أَو غيرَ مُطَوَّقَةٍ آلفةً أَو وحْشِيّةً.
قلت: جعل الشافعيُّ اسْم الْحمام وَاقعا على مَا عبَّ وهَدَرَ لَا على مَا كَانَ ذَا طَوْقٍ فيدخُلُ فِيهَا الوُرْقُ الأهْلِيَّة والمُطَوّقَةُ الوَحْشِيَّة. وَمعنى عَبَّ أَي شَرِبَ نَفَساً نَفَساً حَتَّى يَرَوَى وَلم يَنْقُر المَاء نقراً كَمَا يَفْعَله سَائِر الطير. والهدير صَوت الْحمام كلِّه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْحَمَامَة: الْمرْآة والحمامةُ: خِيارُ المَال، والحمامةُ: سَعْدانَةُ البعيرِ، والحمامةُ: ساحةُ القَصْر النَّقيَّة، والحمامةُ: بَكَرَةُ الدَّلوِ.
وَأنْشد المُؤَرِّج:
كَأَن عَيْنَيْهِ حَمَامتان
أَي مرآتان. والحمامة: الْمَرْأَة الجميلة.
اللَّيْث: الحُمَامُ: حُمَّى الْإِبِل والدَّوابِّ.

(4/12)


يُقَال: حُمَّ البعيرُ حُمَاماً، وحُمَّ الرجلُ حُمَّى شَدِيدَة.
قَالَ: والمَحَمَّةُ: أرضٌ ذَات حُمَّى وَيُقَال: طعامٌ مَحَمَّةٌ إِذا كَانَ يُحَمُّ عَلَيْهِ الَّذِي يَأْكُلهُ. قَالَ: وَالْقِيَاس أحَمَّتِ الأرضُ إِذا صَارَت ذَات حُمّى كَثِيرَة. قَالَ: وحُمَّ الرجلُ وأَحَمَّه الله فَهُوَ مَحمومٌ. وَهَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيد رِوَايَة عَن أَصْحَابه.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الإبلُ إِذا أكلت النَّدى أَخذهَا الحُمامُ والقُماح. فَأَما الحُمَامُ فيأخذها فِي جلدهَا حَرٌّ حَتَّى يُطلى جسدُها بالطين فتدعُ الرَّتْعة ويذهبُ طِرْقُها، يكُون بهَا الشَّهْر ثمَّ يذهبُ وَأما القُماحُ فَإِنَّهُ يأخُذُها السُّلاَحُ ويذهبُ طِرْقُها ورِسْلُها ونسْلُها. يُقَال: قامحَ البعيرُ فَهُوَ مُقامِحٌ، وَيُقَال: أَخذ الناسَ حُمامُ قُر وَهُوَ المُومُ يأخذُ النَّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَمّةُ: عينُ ماءٍ فِيهَا ماءٌ حارٌّ يُستشفى بالاغتسال فِيهَا.
وَفِي الحَدِيث: (مَثَلُ العالِم مثلُ الحَمَّة يَأْتِيهَا البُعَداء وَيَتْرُكهَا القُرَباء، فَبينا هِيَ كَذَلِك إذْ غَار مَاؤُهَا وَقد انْتفع بهَا قومٌ وَبَقِي أقوامٌ يتَفكّنُون) أَي يتندمون.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَمُّ: مَا اصطهرْتَ إهالَته من الألْيَة والشَّحم. والواحدةُ حَمَّةٌ. قَالَ أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: مَا أُذِيب من الأَلْيَةِ فَهُوَ حَمٌّ إِذا لم يبْق فِيهِ وَدَكٌ، واحدته حَمَّة، قَالَ: وَمَا أُذيب من الشَّحْم فَهُوَ الصُّهارةُ والجَمِيلُ، قلت: وَالصَّحِيح مَا قَالَه الْأَصْمَعِي. وَسمعت الْعَرَب تَقول: مَا أُذيب من سَنامِ الْبَعِير حَمٌّ، وَكَانُوا يُسَمُّون السَّنامَ الشَّحْم.
وَقَالَ شمر عَن ابْن عُيَيْنة: كَانَ مَسْلَمةُ بن عبد الْملك عَرَبيا وَكَانَ يَقُول فِي خطبَته: إنَّ أقلَّ النَّاس فِي الدُّنْيَا هَمّاً أقلُّهم حَمّاً، قَالَ سُفْيان: أَرَادَ بقوله: أقلهم حَمّاً أَي مُتعة، وَمِنْه تحميم المُطَلَّقة.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: مَاله حَمٌّ وَلَا سَمٌّ، وَمَاله حُمٌّ وَلَا سُمٌّ غيرُك أَي مَاله هَمٌّ غَيْرك.
أَبُو عبيد: يُقَال: حَمَمْتُ حَمَّه أَي قصدتُ قصدَه. وَقَالَ طَرَفةُ:
جَعَلَتْه حَمّ كلْكَلها
من رَبِيع دِيمةٌ تَثِمُه
الأُمَويُّ: حاممتُه مُحامّةً: طالبْتُه.
ابنُ شُمَيل: الحَمَّة: حجارةٌ سود ترَاهَا لَازِقَة بِالْأَرْضِ، تَقود فِي الأَرْض اللَّيْلَة والليلتين والثلاثَ، والأرضُ تحتَ الْحِجَارَة تكون جَلَداً وسُهولة، وَالْحِجَارَة تكون مُتدانية ومتفرقةً، تكون مُلْساً مثل الْجُمع ورُؤوس الرِّجَال، وجمْعُها الحِمام، وحجارتُها متقلِّع ولازقٌ بِالْأَرْضِ، وتُنبِت نبتاً كَذَلِك لَيْسَ بِالْقَلِيلِ وَلَا بالكثير.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَنا مُحامٌّ على هَذَا الْأَمر أَي ثَابت عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُمَمُ: الفحم الْبَارِد، الْوَاحِدَة حُمَمةٌ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنَّ رجلا أَوْصى بَنيهِ عِنْد مَوته فَقَالَ: إِذا أنَا مُتُّ فاحرقوني بالنَّار، حَتَّى إِذا صرتُ حُمَماً

(4/13)


فاسحَقوني ثمَّ ذَرُّوني فِي الرِّيح، لعلِّي أَضِلُّ الله) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: الحُمَمُ: الفحم. الْوَاحِدَة حُمَمةٌ وَبهَا سُمِّى الرِّجُل حُمَمة.
وَقَالَ طَرَفَة:
أشَجَاكَ الرَّبْعُ أَمْ قِدَمُهْ
أَمْ رَمادٌ دَارس حُمَمُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الحُمَمُ: المنايا، واحدُها حُمّةٌ.
وَيُقَال: عَجِلت بِنَا حُمّة الْفِرَاق وحُمَّةُ الْمَوْت، وفلانٌ حُمَّةُ نَفسِي وحُبَّة نفْسي.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ: يُقَال: لِسَمِّ الْعَقْرَب الحُمَّةُ والحُمَةُ، وَغَيره لَا يُجيز التَّشْدِيد، يَجْعَل أَصلَه حُمْوَةً.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَممُ: مصدر الأحَمِّ والحميع الْحُمُّ وَهُوَ الْأسود من كل شَيْء، وَالِاسْم الحُمَّةُ. يُقَال: بِهِ حُمَّةٌ شديدةٌ، وَأنْشد:
وقاتمٍ أحمرَ فِيهِ حُمّةٌ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَأَما إِذا ركبُوا لِلصَّبَاح
فأَوْجُهُهُمْ مِن صدَى البَيْضِ حُمُّ
وَقَالَ النَّابِغَة:
أَحْوَى أَحَمِّ المُقْلَتَيْنِ مُقَلَّدِ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} (الواقِعَة: 43) . قَالَ: اليَحْمُومُ: الشَّديد السوَاد. وَقيل: إِنَّه الدُّخَانُ الشَّديد السوَاد. وَقيل: {وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} أَي من نَار يعذَّبون بهَا، وَدَلِيل هَذَا القَوْل قَول الله جلّ وعزّ: {الْمُبِينُ لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَالِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ياعِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزُّمَر: 16) إِلَّا أَنه موصوفٌ فِي هَذَا الْموضع بِشدَّة السوَاد.
وَقيل: اليَحْمُومُ: سُرادق أهل النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَحْمُومُ: الْفرس.
قلت: اليحمومُ: اسْم فرس كَانَ للنعمان بن المُنذر سُمِّي يَحموماً لشدَّة سوَاده.
وَقد ذكره الأعْشَى فَقَالَ:
وَيَأْمُر لليحموم كلَّ عَشيَّةٍ
بِقَتَ وتعليقٍ فقد كَاد يَسْنق
وَهُوَ يفعولٌ من الأحَمِّ الْأسود.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: اليحمومُ: الأسودُ من كلِّ شَيْء.
وَفِي حَدِيث عبد الرحمان بن عَوْف أَنه طلَّقَ امْرَأَته ومتَّعها بخادمٍ سوداءَ حَمَّمها إِيَّاهَا.
قَالَ أَبُو عُبَيد: معنى حَمَّمها إِيَّاهَا أَي مَتَّعها بهَا بعد الطَّلَاق. وَكَانَت الْعَرَب تُسَميها التحميم. وَأنْشد:
أَنْت الَّذِي وهبْتَ زيدا بَعْدَمَا
هَمَمتُ بالعجوز أَن تُحَمُّمَا
هَذَا رجل وُلد لَهُ ابْن سُمّاه زيدا بَعْدَمَا كَانَ هَمَّ بتطليق أُمِّه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدٍ: قَالَ الأصمعيّ: التّحميم فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء هَذَا أَحدهَا.
ويُقال. حَمَّمَ الفرْخُ إِذا نبت ريشُه.
قَالَ: وحَمَّمت وَجه الرجل إِذا سَوَّدته بالحُمم، وحَمَّمَ رأسُه بعد الحلْق إِذا اسود.
وَفِي حَدِيث أَنَس: أَنه كَانَ إِذا حَمَّم رأسُه

(4/14)


بمكةَ خرج فاعتَمَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَمْحَمة: صوْتٌ لِلْبِرْذَوْنِ دُون الصَّوْت العالي، وللفرس دون الصهيل. يُقال: تحمْحَم تَحَمْحُماً، وحَمحم حَمْحَمَة، قلت: كَأَنَّهُ حكايةُ صوتِه إِذا طلب العلَفَ أَو رأى صاحبَه الَّذِي كَانَ أَلِفه فاستأنس إِلَيْهِ. أَبو عُبَيدٍ عَن الأصمعيّ: الحِمْحِمُ: الأسْودُ، والحِمْحِمُ: نباتٌ فِي الْبَادِيَة. قلت: وَهُوَ الشُّقَّارَى وَله حب أسود، وَقد يُقَال لَهُ: الخمْخِمُ بالخاءِ وَقَالَ عنترة:
وَسْطَ الديار تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم
وَحَمُومةُ: اسْم جبل فِي الْبَادِيَة.
أَبُو عَمْرو: وحمحم الثَّور إِذا نَبَّ وأَرادَ السِّفاد. وثيابُ التَّحِمَّة: مَا يُلبِس المُطلِّقُ امرأتَه إِذا مَتَّعهَا وَمِنْه قَوْله:
فإنْ تَلبَسِي عَنَّا ثِيَاب تَحِمَّةٍ
فَلَنْ يُفلح الواشِي بك المُتَنَصِّحُ
ونبتٌ يَحْمُومٌ: أخضرُ رَيَّانُ أَسودُ.
والحُمَامُ: السّيدُ الشّريفُ، قلتُ: أُراهُ فِي الأصلِ الهُمام فقُلبت الهَاءُ حاءً وَقَالَ:
أَنَا ابْن الأكْرمِينَ أَخُو الْمَعَالِي
حُمَامُ عشيرتَي وقِوامُ قَيْسِ
واليحاميمُ: الجبالُ السُّودُ.
والحَمامةُ: حلْقةُ البابِ، والحمامةُ مِنَ الفرسِ: القَصُّ قَالَه أَبُو عُبيدة.
وَقَالَ اللِّحْيانِيّ: قَالَ العامريُّ: قلتُ لبَعْضهِم: أَبَقِي عِندكم شيءٌ؟ فَقَالَ هَمْهَامِ، وَحَمْحَامِ، ومَحْمَاحِ، وبَحْبَاح، أَي لم يبقَ شيءٌ.
وَقَالَ المُنْذِريُّ: سُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن قَوْله: حم لَا يُنصرونَ. فَقَالَ معناهُ: وَالله لَا يُنصرونَ الكلامُ خبرٌ لَيْسَ بدُعاء.
مح: قَالَ الليثُ: المَحُّ: الثّوبُ الْبَالِي، والفعلُ أَمَحَّ الثَّوبُ يُمحّ وَكَذَلِكَ الدارُ إِذا عفتْ والحُبُّ وَأنْشد:
أَلا يَا قَتْلَ قد خَلُق الجديدُ
وحُبُّكِ مَا يُمِحّ وَمَا يَبيدُ
وثوبٌ ماحٌّ. وَقَالَ أَبُو عُبيد: مَحَّ الثوبُ: يَمُحُّ وأمحَّ يُمِحُّ إِذا أَخلقَ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ: قَالَ: المحَّاحُ: الكذابُ وَقَالَ: مَحَّ الكذابُ يَمُحُّ مَحاحةً.
وَقَالَ الليثُ: المحّاحُ: الَّذِي يُرْضي الناسَ بكلامِه وَلَا فِعلَ لَهُ.
قَالَ هُوَ وَأَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مُحُّ البيضِ: صُفرتُه. وَأنْشد غيرهُم:
كَانَت قُريشٌ بَيضةً فَتفلَّقَتْ
فالمُحُّ خالصةٌ لعبدِ مَناف
وَقَالَ ابْن شُمَيل: مُحُّ البيضِ: مافي جَوْفه مِنْ أَصفر وأبيض كُلُّه مُحٌّ، قَالَ: وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: المُحَّةُ الصفراءُ، والغرقيُّ: الْبيَاض الَّذِي يُؤكلُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَنْ عَمْرو عَنْ أَبِيه قَالَ: يُقَال: لِبياضِ البيضِ الَّذِي يُؤكلُ الآحُ ولِصُفرتِها المَاحُ.
قَالَ: وَقالَ ابنُ الأعرابيِّ: مَحمَحَ الرَّجلُ إِذا أَخْلَصَ مودته.

(4/15)


أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْحَاء
قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: أهملت الْحَاء مَعَ الْهَاء وَالْخَاء والغين.
(أَبْوَاب) الْحَاء وَالْقَاف ح ق ك، ح ق ج أهملت وجوهها. ح ق ش اسْتعْمل من وجوهها: (شقح) . شقح: قَالَ اللَّيْث: الْعَرَب تَقول: قُبْحاً لَهُ وشُقْحاً، وإِنَّهُ لقَبِيحٌ شَقِيحٌ، وَلَا تكَاد الْعَرَب تَعْزِلُ الشُّقْحَ من القُبْح. أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: هُوَ قَبِيحٌ شَقِيحٌ، وَجَاء بالقَباحَةِ والشَّقاحَةِ. وَقَالَ أَبُو زيد: شَقَحَ الله فُلاناً وَقَبَحَهُ فَهُوَ مَشْقُوحٌ مثل قَبَحَهُ فَهُوَ مقبوحٌ. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّقْحُ: الكَسْرُ، والشَّقْحُ: البُعْدُ، والشَّقْحُ: الشَّجُّ. قَالَ: وَسمع عمَّار رجلا يسُبُّ عَائِشَة فَقَالَ لَهُ بعدَ مَا لَكَزَه لَكَزَات: أَأَنْت تسُبُّ حبيبةَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْعُدْ مَنْبُوحاً مَقْبوحاً مَشْقُوحاً. وَقَالَ اللَّحياني: لأشْقَحَنَّك شَقْحَ الجَوْز بالْجَنْدَل أَي لأكْسِرَنّك قَالَ: والشَّقْحُ: الكَسر. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع تمر النّخل حَتَّى يُشَقِّح. أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا تَغَيَّرت البُسْرَةُ إِلَى الحُمَرةِ قيل هَذِه شَقْحَةٌ، وَقد أَشْقَحَ النَّخْلُ، قَالَ: وَهِي فِي لُغَة أهل الْحجاز الزَّهُوُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال للأَحْمَر الأشْقَر: إنَّه لأشْقَح. قَالَ: والشَّقِيحُ: النَّاقِهُ من الْمَرَض، وَلذَلِك قيل: فلانٌ قَبِيح شَقِيحٌ. أَبُو عبيد عَن الْفراء: يُقَال لِحَياء الكلبة ظَبْيَةٌ وَشَقْحَةٌ، ولذوات الْحَافِر: وَطْبَةٌ. وَيُقَال: شاقَحْتُ فلَانا وَشَاقَيْتُه وَباذَيْتُهُ إِذا لاسَنْتَهُ بالأذيَّة. ح ق ض أهْمِلت وجُوهُها. ح ق ص قحص، حقص: (مستعملان) . قحص: قَالَ أَبُو العَمَيْثَل: يُقَال: قَحَص

(4/16)


وَمَحَص إِذا مَرَّ مَرّاً سَرِيعا. وأَقْحَصْتُه وقَحَصْتُه إِذا أبعدتَه عَن الشَّيْء. وَقَالَ أَبُو سعيد: فَحَصَ بِرِجْله وقَحَصَ إِذا رَكَضَ بِرِجْله. حقص: قَالَ ابْن الْفرج: سَمِعْتُ مُدْرِكاً الْجَعْفَرِي يَقُول: سبقني فلانٌ قَبْصاً وحَقْصاً وشَدّاً بِمَعْنى وَاحِد. ح ق س الْمُسْتَعْمل من وجوهه: قسح، سحق. قسح: قَالَ اللَّيْث: القَسْحُ: بَقَاء الإنعاظ. يُقَال: إِنَّه لقُساحٌ مَقْسُوحٌ. وقَاسَحَه: يابَسَه، والقُسُوحُ: اليُبْسُ. وإِنَّهُ لقَاسِحٌ: يابسٌ. سحق: اللَّيْث: السَّحْقُ: دونَ الدَّقِّ. وَقَالَ غَيره: سَحَقَتِ الرِّيحُ الأرضَ وسَهَكَتْهُ إِذا قَشَرَت وَجْهَ الأرضِ بشدَّةِ هُبُوبها. ومُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ لفظ مُوَلَّدٌ. وَقَالَ اللَّيْث: السَّحْقُ فِي العَدْو: دون الحُضْر وفوْق السَّحْج. وَقَالَ رُؤبةُ: فَهِيَ تَعَاطَى شَدَّةَ المُكايَلا سَحْقاً من الْجِدِّ وسَحْجاً باطِلا وَقَالَ آخر: كَانَت لنَا جَارَةٌ فَأَزْعَجَها فَاذُورَة تَسْحَق النَّوَى قُدُمَا قَالَ: والسَّحْقُ: الثَّوْبُ البَالي، والفِعْلُ الانسحاقُ وَقد سَحَقَهُ البِلَى ودَعْكُ اللُّبْسِ، وَقَالَ أَبُو زيد: ثَوْبٌ سَحْقٌ وَهُوَ الْخَلَقُ. وَقَالَ غَيره: هُوَ الَّذِي قد انْسَحَق ولان، وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: مَنْ زَافَتْ عليهِ دراهمُهُ فلْيأتِ بهَا السُّوقَ وليَشْترِ بهَا ثَوْبَ سَحَقٍ وَلَا يُخَالِفُ النَّاسَ أَنَّها جِيادٌ. وَقَالَ اللَّيْث: السّحْقُ كالبُعْد. تَقول: سُحْقاً لهُ: بُعْداً، ولغةُ أهل الْحجاز: بُعْدٌ لهُ وسُحْقٌ، يجعلونه اسْما، والنَّصْبُ عَلَى الدُّعَاء عَلَيْهِ، يُرِيدُونَ بِهِ: أبعده الله وَأَسْحَقهُ سُحْقاً وبُعْداً، وإِنَّهُ لبَعيدٌ سحيقٌ. وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لاَِصْحَ ? بِ} (الْملك: 11) اجْتَمعُوا على التَّخْفِيف، وَلَو قُرئت فسُحْقاً كَانَت لُغَة حَسَنَة. وَقَالَ الزّجاج: فسُحْقاً منصوبٌ على الْمصدر. أسْحَقَهم الله سُحْقاً أَي باعدهم من رَحمتِه مُباعدةً. وَقَالَ غَيره: سَحَقه الله وأسْحَقه أَي أبعده، وَمِنْه قولُه: تَسْحَق النَّوَى قُدماً أَبُو عُبيد وَغَيره: السَّحوق مِن النّخل: الطويلةُ، وأتانٌ سَحوقٌ، وحمارٌ سحوق والجميع السُّحُقُ وَهِي الطِّوال المَسانّ، وَأنْشد أَبُو عُبيد فِي صفة النّخل: سُحُقٌ يمتِّعها الصَّفا وسَرِيُّه عُمٌّ نَواعِمُ بَينهُنَّ كُرومُ أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا طَالَتْ النَّخْلَة مَعَ انْجِرادٍ فَهِيَ سَحوقٌ. وَقَالَ شَمِر: هِيَ الجرداء الطويلةُ الَّتِي لَا كربَ فِيهَا وَأنْشد: وسالفةٌ كسَحوق اللِّيانِ أَضْرَم فِيهَا الغَوِيُّ السُّعُرْ شبَّه عُنُق الْفرس بالنخلة الجرداء. وَقَالَ اللَّيْث: العيْنُ تسحق الدمعَ سَحْقاً.

(4/17)


ودُموعٌ مساحيقُ، وَأنْشد: طَلَى طرفَ عَيْنَيْهِ مساحيقُ ذُرَّفُ كَمَا تَقول: منكسِرٌ، ومكاسر. قلت: جعل المساحِيقَ جمعَ المُنْسَحِق وَهُوَ المُنْدَفق. قَالَ زُهَيْرٌ: (قِتْبٌ وغَرْبٌ إِذا مَا أُفرغ انسحقا) وَقَالَ اللَّيْث: الإسحاق: ارْتِفَاع الضَّرع ولُزُوقُه بالبطن. وَقَالَ لبيد: حَتَّى إِذا يَبِسَت وأسحق حالِقٌ لم يُبْلِه إرضاعُها وفِطامُها وَقَالَ شمر: أسحقَ الضَّرْع: ذهبَ مَا فِيهِ، وانسحقت الدَّلْوُ: ذهب مافيها، وأسحقت ضَرَّتُها: ضَمَرَت وَذهب لَبنهَا. وَقَالَ الأصمعيُّ: أسحَقَ: يَبِسَ. وَقَالَ أَبُو عُبيد: أسحَقَ الضّرْع: ذهب لبنُه وبَلِي. قَالَ: والسَّوحَقُ: الطويلُ من الرِّجَال. وَقَالَ الأصمعيُّ: من الأمطار السَّحَائقُ الواحدةُ سحيقَةٌ وَهُوَ الْمَطَر الْعَظِيم الْقطر، الشَّديد الوَقْع، الْقَلِيل العَرِمُ. قَالَ: وَمِنْهَا السَّحيفةُ بِالْفَاءِ وَهِي المطرة الَّتِي تجْرُف مَا مرت بِهِ. وساحُوق: بَلد، وَقَالَ: وهُنَّ بساحُوقٍ تداركنَ ذالِقا ح ق ز حزق، قحز، قزَح: مستعملة. حزق: قَالَ اللَّيْث: الحَزْق: شدةُ جذب الرِّباطِ والوَتر، وَالرجل المُتَحَزِّقُ: المتشدِّد على مَا فِي يَده ضَنّاً بِهِ وَكَذَلِكَ الحُزُقُّ والحُزُقّة والحَزِق مثله وَأنْشد: فهْي تَفَادى من حَزارٍ ذِي حَزِق وروى ابنُ الأعرابيِّ عَن الشَّعبي بِإِسْنَاد لَهُ أنَّ عليّاً خطب أَصْحَابه فِي أَمر المارقين، وحضَّهم عَلَى قِتَالهمْ، فَلَمَّا قتلوهم جَاءُوا فَقَالُوا: أبشرْ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فقد استأصلناهم. فَقَالَ عليُّ ح: (حَزْقُ عَيْر حَزْقُ عَيُرٍ قد بقيت مِنْهُم بقيَّةٌ) . قَالَ ابْن الأعرابيّ: سمعتُ المُفَضَّل يَقُول فِي قَوْله: حَزْقُ عَيْر: هَذَا مَثَلٌ تَقوله الْعَرَب للرجلِ المُخْبِرِ بِخَبر غَيْر تامّ وَلَا مُحَصَّلٍ: حَزْقُ عَيْر حَزْقُ عَيْر أَي حُصَاصُ حِمار أَي لَيْسَ الأمرُ كَمَا زعمتم. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس: وَفِيه قَوْل آخر: أَرَادَ عليٌّ أَنَّ أمرَهُم مُحْكَم بعد كحَزْقِ حِمْلِ الحمارِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحمار يَضْطَرب بِحِمله، فَرُبما أَلْقاه فيُحْزَقُ حَزْقاً شَدِيدا، يَقُول عليّ: فأَمْرُهُم بَعْدُ مُحْكَم. أَبُو عُبيد عَنِ الْفراء: رجلٌ حُزُقّةٌ وَهُوَ الَّذِي يُقارِبُ مِشْيَتَه. قَالَ: وَيُقَال: حَزُقّةُ. وَقَالَ شمر: الحُزُقَّةُ: الضيِّقُ القُدْرَة والرَّأْيِ، الشَّحيحُ. قَالَ: فإِنْ كَانَ قَصِيرا دميماً فَهُوَ حُزُقَّةٌ أَيْضا. ابْن السِّكِّيت عَنِ الأصمعيّ: رَجُلٌ حُزُقّةً وَهُوَ الضَّيِّقُ الرَّأْيِ من الرِّجَال والنِّسَاءِ، وَأنْشد: وأعْجَبْنِي مَشْيُ الحُزُقَّة خالدٍ كمشي الأتانِ حُلِّئَتْ بالمناهِلِ أَبُو عُبيدٍ عَنِ الْأَصْمَعِي: الحَزِيقُ: الجماعةُ من النَّاس وَقَالَ لَبيدٌ.

(4/18)


كحزِيقِ الحَبَشِيِّيْنَ الزُّجَلْ ورُوِي: يقالُ للجماعةِ: حِزْقَةٌ وحِزَقٌ. وَجمع الحَزيق حَزَائقُ وَفِي الحَدِيث (لَا رَأْي لحَازقٍ) وَقيل: هُوَ الَّذِي ضاقَ عَلَيْهِ موضعُ قدمه مِنْ خفِّه فحزَقَها كَأَنَّهُ فاعلٌ بِمعنَى مَفْعُول. ويقالُ: أحْزقتُه إحزاقاً إِذا منعتُه. وَقَالَ: أَبُو وَجْزَةَ: فمَا المالُ إِلَّا سُؤْرُ حَقِّكَ كلِّه ولكنَّه عمَّا سِوَى الحَقِّ مُحْزَق وَقَالَ أَبُو تُرابٍ: سمعتُ شمراً وأبَا سَعيدٍ يَقولانِ: رجلٌ حُزُقَّةٌ وحُزُمَّةٌ إِذا كَانَ قَصِيرا. قحز: قَالَ اللَّيْث: القَحْزُ: الوَثبَان والقَلقَ. وَقَالَ رؤبة. إِذا تَنزَّى قاحزَاتُ القَحْز يَعْنِي بِهِ شَدَائِد الْأُمُور. وَفِي حَدِيث أبي وائلٍ أنَّ الحجاجَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أحْسِبُنَا قد رَوْعْنَاكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو وائِلٍ: أما إِنِّي قد بتُّ أقْحَزُ البَارحة. وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله أقحز يَعْنِي أُنزَّى: يُقَال: قد قحز الرجلُ يقحز إِذا قلق. وَهُوَ رجلٌ قاحزٌ. وَأنْشد قَول أبي كَبِير يصف طَعنة: مُسْتَنَّةٍ سَننَ الفُلُوِّ مُرِشَّة تَنفي الترابَ بِقَاحزِ مُعرَورِف يَعْنِي خُرُوج الدَّم باسْتنَانٍ. ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: قحز الرجلُ فَهُوَ قاحزٌ إِذا سَقطَ شبهَ الميِّت. وَقَالَ النَّضرُ: القَاحزُ: السهْم الطامح عَنْ كبد الْقوس ذَاهِبًا فِي السَّمَاء. يُقَال: لشَدّ مَا قحز سهمك أيْ شَخَصَ. قزَح: فِي الحَدِيث (أنَّ الله ضَرَبَ مَطْعَمَ ابْن آدم لَهُ مثلا وإِنْ قَزَّحه وَمَلَّحَهُ) . أَبُو عُبيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا جَعَلْتَ التَّوَابِلَ فِي القِدْرِ قلت: فَحَّيْتُها وَتَوبَلْتُهَا وقَزَحْتُها بالتَّخفيف قَالَ: وَهِي الأقزاحُ واحِدها قِزْح، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ القِزْحُ والقَزْحُ والفِحَا والفَحَا، قَالَ: والأَقْزَاحُ أَيْضا: خُرْءُ الْحَيَّاتِ، واحدِهَا قِزْح. قَالَ: قَزَحَ الكلبُ بِبَوْلِه قَزْحاً إِذا رفع رِجْلَه وبَال. وَقَالَ اللَّيْث: قَزَّحْتُ القِدْرَ تَقْزِيحاً إِذا بَزَرْتَها. قَالَ: وقَوْسُ قُزَحَ: طريقةٌ مُتَقَوِّسَةٌ فِي السَّمَاء غِبَّ الْمَطَر أَيَّام الرّبيع. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: (لَا تَقولُوا قَوْس قُزَح فَإِن قُزَحَ مِن أَسمَاء الشَّيَاطِين، وَلَكِن قُولُوا: قَوْسُ الله) . قَالَ. وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: القُزَحُ: الطرائق الَّتِي فِيهَا، والواحدة قُزْحَه. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: القُسْطَانُ: قَوْسُ قُزَحَ. وسُئِل أَبُو الْعَبَّاس عَن صَرْفِ قُزَح فَقَالَ: مَن جعله اسْم شَيْطَان ألحقهُ بزُحَل، وَقَالَ المبرِّدُ: لَا ينْصَرف زُحل لِأَن فِيهِ العِلّتين المعرِفة والعدولَ. قَالَ أَبُو العبَّاس ثَعْلَبٌ: وَيُقَال: إِن قُزَحاً جمع قُزْحَة وَهِي خطوطٌ مِن صُفْرَةٍ وحُمْرة وخُضْرَةٍ، فَإِذا كَانَ هَكَذَا أَلْحَقتَه بِزيد، قَالَ: وَيُقَال: قُزَحُ: اسْم ملك مُوكَّل بِهِ، قَالَ: فَإِذا كَانَ هَكَذَا أَلْحقْتَه بِعُمر. قلت: وَعمر لَا ينْصَرف فِي

(4/19)


الْمعرفَة وينصرف فِي النكِرة. وَقَوازِحُ المَاء: نُفَّاخاته الَّتِي تنتفخ فتذهب. قَالَ أَبُو وجْزَةَ: لَهُم حَاضر لَا يُجْهَلُونَ وَصَارِخٌ كسَيْلِ الغَوَادِي تَرْتَمِي بِالْقَوَازِحِ وَقَالَ أَبُو زيد: قَزَحَتِ القِدْرُ تَقْزَحُ قَزَحاً وقَزَحَاناً إِذا أقطَرَتْ مَا خَرَجَ مِنْهَا. اللَّيْث: التَّقْزِيحُ فِي رأسِ شجرةٍ أَو نَبْتٍ إِذا شَعَّب شُعَباً مثل بُرْثُنِ الْكَلْب. وَفِي الحَدِيث النَّهيُ عَن الصَّلَاة خلف الشَّجَرَة المُقَزَّحة. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ومِنْ غرِيب شجر الْبَرِّ: المُقَزَّحُ: وَهُوَ شجر على صُورَة التِّين لَهُ غِصْنَةٌ قِصَارٌ فِي رُؤوسِها مثل بُرْثُن الْكَلْب، وَمِنْه خبرُ الشَّعْبِيِّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَرِهَ أَن يُصَلِّي الرجل إِلَى الشَّجَرَة المُقَزَّحَةِ. وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الْأَعْشَى: فِي مُحِيلِ القِدِّ مِن صَحْبِ قُزَحْ أَرَادَ بِقُزَحَ هَاهُنَا لقباً لَهُ وَلَيْسَ باسم ح ق ط أُهمِلَت وجوهها إلَّا: قحط. قحط: الْحَرّانِي عَن ابْن السّكيت: قُحِطَ النَّاس، وَقد قَحَطَ الْمَطَرُ، وَقَالَ اللَّيْث: القَحْطُ: احْتِبَاسُ المَطَر. يُقَال: قُحِطَ القَوْمُ وأَقحطوا، وقُحِطت الأرضُ فَهِيَ مقحوطةٌ، وقَحِطَ الْمَطَر أَي احْتبسَ. ورجُلٌ قَحْطِيٌّ وَهُوَ الأَكُولُ الَّذِي لَا يُبْقِي شَيْئا من الطَّعَام. وَهَذَا من كَلَام الْحَاضِرَة ونسبوه إِلَى القَحْط لِكَثْرَة الْأكل على معنى أَنه نجا من الْقَحْط فَلذَلِك كثر أكله. وَقَالَ اللَّيْث: قحطان: أَبُو الْيمن: وَهُوَ فِي قَول نسَّابيهم قحْطَان بن هودٍ، وبعضٌ يَقُول: قحطان بن أَرْفَخْشَذْ بن سَام بن نوح. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قُحِطَ النَّاس وأُقْحِطوا وقَحَطَ، الْمَطَر. وَقَالَ شَمِرُ: قُحوط الْمَطَر: أَن يَحْتَبِس وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ. وَيُقَال: زمانٌ قاحط، وعام قاحط، وسنةٌ قَحِيطٌ، وأَزْمُنٌ قَواحِطُ. وَفِي الحَدِيث: (أَن مَنْ جامَع فأَقْحَطَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ) وَمَعْنَاهُ أَن ينتشر فَيُولج، ثمَّ يَفْترُ ذَكَرُه قبل أَن يُنزلَ. والإقْحَاطُ مثل الإكسالِ، وَهَذَا مثل الحَدِيث الآخر: (الماءُ من المَاء) وَكَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نُسِخَ وأُمِرُوا بالاغتسال بعد الْإِيلَاج. وَقَالَ ابْن الْفرج: كَانَ ذَلِك فِي إقْحاط الزَّمَان وإكْحَاط الزَّمَان أَي فِي شِدَّته. ح ق د حقد، حدق، قدح، قحد، دحق: مستعملات. قحد: قَالَ اللَّيْث: القَحَدَةُ: مَا بَين المأْنَتَيْن من شَحْم السنام. وناقَةٌ مِقْحَاد: ضخمة القَحَدَة وَأنْشد: مِن كلِّ كَوْمَاءَ شَطُوطٍ مِقْحَادْ أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيِّ: المِقْحَاد: النَّاقةُ الْعَظِيمَة السَّنام: وَيُقَال للسَّنام: القَحَدَة، قَالَ: والشَّطُوطُ: الْعَظِيمَة جَنْبَتَي السَّنَام. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: المَحْقِدُ

(4/20)


والمَحفِدُ والمحْتدُ والمَحْكِدُ كُله الأَصْل، قلت: وَلَيْسَ فِي (كتاب أبي تُرَاب) المَحْقِد مَعَ المَحْتِد وذُكر عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَحْفِدُ: أصل السَّنامِ بِالْفَاءِ وَعَن أبي نَصْر مثله. شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَحَّاد: الرجل الفَرْدُ الَّذِي لَا أَخ لَهُ وَلَا ولد. وَيُقَال: واحدٌ قاحِدٌ وصَاخِدٌ وَهُوَ الصُّنْبُور. قلت: وروى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس هَذَا الْحَرْف بِالْفَاءِ فَقَالَ: واحِدٌ فَاحِدٌ، قلت: والصوابُ مَا روى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي. أَبُو عُبيد: قَحَدت النَّاقة وأقْحَدَتْ: صَارَت مِقْحَاداً. حقد: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: حَقِدَ المَعْدِنُ وأَحْقَدَ إِذا لم يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْء وَذَهَبت منالَتُه. اللَّيْث: الحِقْد: إمساكُ الْعَدَاوَة فِي الْقلب والتَربُّص بِفُرْصتها، تقولُ: حقَد يَحْقِدُ على فلَان حَقْداً فَهُوَ حاقِدٌ فالحَقْدُ الْفِعْل، والحِقْدُ الِاسْم. قلت: وَيُقَال: رجل حَقودٌ. ومَعْدِن حاقِدٌ إِذا لم يُنل شَيْئا. وجَمْع الحِقْد أحْقَادٌ. قدح: اللَّيْث: القَدَحُ: من الْآنِية مَعْرُوف. وَجمعه أَقْدَاحٌ، ومُتَّخِذه القَدَّاح، وصناعتُه القِداحةُ. والقِدْحُ: قِدْح السَّهْم وجَمْعُه قِداح، وَصانِعُه قَدَّاح أَيْضا. قَالَ: والْقَدَّاح: أُرْآدٌ رَخْصة من الفِسْفِسَة. الْوَاحِدَة قَدَّاحة. قَالَ والقَدَّاح: الْحجر الَّذِي يُورَى مِنْهُ النَّار. وَقَالَ رُؤْبة: والْمَرْوَذَ القَدّاح مَضْبوحَ الفِلَق والقَدْحُ: قَدحُك بالزنْد وبالْقَدَّاحِ لِتُورِي والمِقْدَح: الحديدة الَّتِي يُقْدَح بهَا. والقَدْحُ: فِعْلُ القادح، وَقد قَدَحَ يَقْدَحُ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للَّتِي تُضْرب فَيخرج مِنْهَا النارُ قَدّاحة. وَقَالَ اللَّيْث: القَدْح: أُكَالٌ يَقع فِي الشّجر والأسنان. والقادِحة: الدُّودَة الَّتِي تَأْكُل الشّجر والسِّنَّ، تَقول: قد أسْرَعت فِي أَسْنَانه القَوادِح، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: وَقع القادحُ فِي خَشَبَة بَيتِه يَعْنِي الْآكِل. ويُقال: عودٌ قد قُدح فِيهِ إِذا وَقع فِيهِ القادحُ، وَقَالَ جميل: رمى الله فِي عَيْنَي بُثَيْنَةَ بالقَذَى وَفِي الغُرِّ من أنيابِها بالقَوادِح وَقَالَ اللَّيْث: القِدْحَةُ: اسْم مشتقٌ مِن اقتداح النَّار بالزنْد. وَفِي الحَدِيث: (لَو شَاءَ الله لجعل للنَّاسِ قِدْحَةَ ظُلْمَة كَمَا جعل لَهُم قِدحة نُور) . قَالَ: وَالْإِنْسَان يَقْتَدِحُ الأمرَ إِذا نظر فِيهِ وَدَبَّرَه، ويروى هَذَا البيتُ لعَمْرو بن الْعَاصِ: يَا قاتَل الله وَرْدَاناً وقِدْحَتَه أَبْدَى لعَمْرُكَ مافي النَّفس وَرْدَانُ وَوَرْدَان: غُلاَمٌ كَانَ لعَمْرو بن الْعَاصِ وَكَانَ حَصِيفاً، فاسْتشارَه عَمْرو فِي أَمر عليّ ح وَأمر مُعاوية، فَأَجَابَهُ وَرْدَان بِمَا كَانَ فِي نَفسه، وَقَالَ لَهُ: الآخرةُ مَعَ علِيّ

(4/21)


وَالدُّنْيَا مَعَ مُعَاوِيَة، وَمَا أَرَاك تخْتَار على الدُّنْيَا، فَقَالَ عَمْرو: هَذَا الْبَيْت. وَمن رَوَاهُ: وقَدْحَتَه أَرَاد بِهِ مَرَّة واحِدَة. وَقَالَ اللَّيْث: القَدِيحُ: مَا يبْقى من أَسْفَل القِدْر فيُغْرَفُ بِجهْد. وَقَالَ النابغةُ: فظل الإمَاءُ يَبْتَدِرْنَ قدِيحَها كَمَا ابْتَدَرَتْ كَلْبٌ مياه قَراقِر وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: قَدَحَ يَقْدَحُ قَدْحاً إِذا مَا غَرَف. وَيُقَال: أعْطِني قُدْحَةً من مَرقتك أَي غُرفة. والمِقْدحُ: مَا يُغْرَفُ بِهِ، وَأنْشد. لنَا مِقْدَحٌ مِنْهَا وللجَارِ مِقْدح. وَيُقَال: هُوَ يَبْذُل قَدِيح قِدْرِه يَعْنِي مَا غُرِف مِنْهَا، قَالَ: والمِقْدحَة: المِغْرفة. قَالَ: وَيُقَال: قَدَحَ فِي القِدْح يَقْدَحُ وَذَلِكَ إذَا خَزَقَ فِي السَّهْم بِسِنْخ النّصْل. وَفِي الحَدِيث (أَنَّ عُمَر كَانَ يُقَوِّمُهُم فِي الصفّ كَمَا يُقوِّمُ القَدَّاح القِدْحَ) . قَالَ: وَأول مَا يُقطع السهمُ ويُقْتَضَبُ يُسمى قِطْعاً، والجميع الْقُطُوعُ، ثمَّ يُبْرَى فَيسمّى بَرِيّاً، وَذَلِكَ قبل أَن يُقَوَّمَ، فَإِذا قُوِّم وأنَّى لَهُ أَن يُرَاش ويُنْصَل فَهُوَ القِدْح، فَإِذَا رِيشَ ورُكِّبُ نَصْلُه صَار سَهْما. الْأَصْمَعِي: قَدَّح فلانٌ فرسَه إِذا ضَمَّره فَهُوَ مُقْدَّح. وَقَدَّحَت عَيْنُه إِذا غارَتْ فَهِيَ مُقَدَّحَة. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: وَيُقَال: قَدَحَ فِي سَاقه إِذا مَا عَمِل فِي شَيْء يكرههُ. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَقول: فلَان يَفُتُّ فِي عَضُد فلَان ويَقْدَح فِي سَاقه. قَالَ: والعَضُد: أَهلُ بَيْته، وسَاقُه: نَفسُه. وَأما قَول الشَّاعِر: ولأنْت أَطْيَشُ حِين تَغْدو سادِراً رَعِشَ الجَنَانِ من الْقَدُوحِ الأقْدَح فَإِنَّهُ أَرَادَ قَول الْعَرَب: هُوَ أَطْيَشُ من ذُبَاب وكل ذُبَاب أقدحُ، وَلَا تراهُ إِلَّا وَكَأَنَّهُ يقدَحُ بيدَيْهِ، كَمَا قَالَ عنترة: هَزِجاً يَحُكُّ ذِرَاعه بذراعه قَدْحَ المُكِبّ على الزِّناد الأَجْذَم وَيُقَال فِي مَثَل: (صَدَقني وَسْمُ قِدْحه) أَي قَالَ الحقَّ. قَالَ أَبُو زيد: وَيَقُولُونَ: أبصِرْ وَسْمَ قِدْحِك أَي اعْرِف نَفسك وَأنْشد: ولَكن رَهْطُ أُمِّكَ من شُيَيْم فأبْصِرْ وَسمِ قِدْحِكَ فِي القِدَاح وَقَالَ أَبُو زيد: من أَمْثالهم (إِقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخ) . مثل يُضْرَب للرجل الأديب الأريب، قلت: وزنادُ الدِّفْلَى والْمَرخ كَثِيرَة النَّار لَا تَصْلِد. أَبُو عُبيد قَالَ: القَادِحُ الصَّدْعُ فِي الْعود. حدق: قَالَ اللَّيْث: الْحَدقُ: جمَاعَة الحَدَقَةَ، وَهِي فِي الظَّاهِر سوادُ العيْنِ، وَفِي الْبَاطِن خَرَزَتُها وتُجمعُ على الحِدَاقِ. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب: فالعين بعدهمْ كَأَن حِدَاقها وَقَالَ غير اللَّيْث: السوَاد الأَعْظَمُ فِي الْعين هُوَ الحَدَقة والأصغر هُوَ النّاظِرُ وَفِيه إِنْسَان العَيْنِ، وَإِنَّمَا النَّاظر كالمِرْآةِ إِذا استقْبَلْتَها

(4/22)


رَأَيْت فِيهَا شَخْصَك. وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله: {وَنَخْلاً وَحَدَآئِقَ غُلْباً} (عَبَسَ: 30) قَالَ: كل بُسْتَان كَانَ عَلَيْهِ حائِطٌ فَهُوَ حديقة وَمَا لم يكن عَلَيْهِ حَائِط لم يُقَلْ لَهُ حَدِيقة. وَقَالَ الزَّجّاج: الحدائقُ: الْبَسَاتِين وَالشَّجر المُلْتَفّ، وَقَالَ اللَّيْث: الحَدِيقة: أَرض ذَات شجر مثمر، والحديقة من الرياض: كل رَوْضَة قد أَحْدَقَ بهَا حاجز أَو أَرض مُرْتَفِعة. وَقَالَ عَنْتَرَةُ: فَتَرَكْنَ كل حَدِيقةٍ كالدرهم قَالَ: وكل شَيْء اسْتدار بِشَيْء فقد أَحْدَق بِهِ، وَتقول: عَلَيْهِ شامةٌ سَوْداءُ قد أَحْدَقَ بهَا بَيَاض. قَالَ: والتَّحْدِيق: شدَّة النّظر. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للباذِنْجَان الحَدَقُ وَالمَغْدُ. غَيره: حَدَقَ فُلانٌ الشَّيْء بِعَيْنِه يَحْدِقُه حَدْقاً إِذا نظر إِلَيْهِ، وَحَدَقَ الميِّتُ إِذا فتح عيْنه وطرِف بهَا، والحُدُوق: الْمصدر، وَرَأَيْت المَيِّتَ يَحْدِقُ يَمْنَةً ويَسْرَةً أَي يفتح عَيْنيه ويَنْظُر. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: حَدِيقُ الرَّوْضِ: مَا أَعْشَبَ بِهِ والتَفّ. يُقَال: رَوْضَة بني فلَان مَا هِيَ إِلَّا حديقةٌ مَا يجوز فِيهَا شَيْء، وَقد أَحْدَقَتِ الرَّوْضَةُ عُشْباً، وَإِذا لم يكن فِيهَا عُشْبٌ فَهِيَ رَوْضَة. والحديقةُ: أرْض ذَات شجر مُثْمِر. وكل شَيْء أحَاط بِشَيْء فقد أَحْدَقَ بِهِ. دحق: الْعَرَب تسمي العَيْر الَّذِي غلب على عانَته دَحِيقاً. وَقَالَ ابْن المُظفَّر: الدَّحْقُ: أَن تَقصُر يَدُ الرَّجُل وتناوُلُه عَن الشَّيْء، تَقول: دَحَقْتُ يَدَ فُلان عَن فلَان، وَقد أَدْحَقَه الله أَي باعده عَن كل خَيْر، وَرجل دَحِيق مُدْحَق: مُنحّى عَن النَّاس والخَيْر. قَالَ: وَدَحَقَت الرَّحم إِذا رَمَتْ بِالْمَاءِ فَلم تقبله. وَقَالَ النَّابِغَة: دَحَقت عَلَيْك بِناتقٍ مِذْكارِ الْأَصْمَعِي: الدَّحُوق من الْإِبِل: الَّتِي يخرج رَحِمُها بعد نِتَاجِها. وَقَالَ ابْن هانىء: الدَّاحِق من النِّسَاء: المُخْرِجَةُ رَحِمَها شَحْماً وَلَحْمًا. رَوَاهُ شمر. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَقول العربُ: قَبَّحَه الله وأمًّا رَمَعَتْ بِهِ، ودَحَقَتْ بِهِ، ودَمصت بِهِ، بِمَعْنى وَاحِد. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدَّحُوقُ من النِّسَاء: ضدُّ المَقَاليت وهنَّ المُتْمِئات. ح ق ت مهمل الْوُجُوه. ح ق ظ مهمل الْوُجُوه. (ح ق ذ) حذق، قذح، ذقح: (مستعملات) . حذق: قَالَ اللَّيْث: الحِذْقُ والحَذَاقَةُ: مهارَة فِي كل العَمَل. تَقول: حَذَق وَحَذِق فِي عمله يَحْذِقُ ويَحْذَق فَهُوَ حاذِقٌ، والغلام يَحْذِقُ الْقُرْآن حِذْقاً وحَذَاقاً، وَالِاسْم الحَذَاقَةُ.

(4/23)


ابْن السّكيت عَن أبي زيد: حَذَقَ الغلامُ الْقُرْآن وَالْعَمَل يَحْذِق حِذْقاً وحَذْقاً وحَذاقاً وحَذَاقَةً، وَقد حَذِق يَحْذَقُ لُغَة. قَالَ: وَقد حَذَقْتُ الحَبْل أَحْذِقُهُ حَذْقاً إِذا قَطَعْتَه، بِالْفَتْح لَا غَيْر. وَقد حَذَق الخَلُّ يَحْذِقُ حُذُوقاً إِذا كَانَ حَامِضاً. وَقَالَ اللَّيْث: حَذَقْتُ الشَّيْء وَأَنا أَحْذِقُه حَذْقاً، وَهو مَدُّكَ الشَّيْء تَقْطَعُه بِمِنْجَل ونَحْوِه حَتَّى لَا تُبْقِي مِنْهُ شَيْئاً، والفِعْلُ اللاَّزِمُ الانْحِذاقُ وَأَنْشَد: يَكَادُ مِنْهُ نِيَاطُ القَلْبِ يَنْحَذِقُ وأنْشَد ابْن السِّكّيت: أَنَوْراً سَرْعَ مَاذَا يَا فَرُوقُ وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتَكِثٌ حَذِيقُ أَي مَقْطُوع. أَبُو عُبَيْد عَن أبي زَيْد: الحُذَاقِيُّ: الفَصِيحُ اللّسَان البَيِّنُ اللَّهْجَةِ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: حَذَقَ الْخَلُّ يَحْذِق إِذا حَمُضَ وَخَلّ باسِلٌ، وَقد بَسَلَ بَسُولاً إِذا طَال تَرْكُه فَأَخْلف طَعْمُه وتَغَيَّر، وخَلّ مُبَسَّلٌ. قذح: قَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعْتُ خَلِيفةَ الحُصَينيّ يَقُول: المُقاذَحَة والمُقاذَعَةُ: المُشاتَمة، وقَاذَحَنِي فُلاَنٌ وقابَحَنِي: شَاتَمنِي. ذقح: فِي (نَوَادِرِ الأَعْراب) : فُلاَنٌ مُتَذَقِّحٌ لِلشّرّ، وَمُتَفَقِّح، ومُتَنَقِّح، ومُتَقَذِّذ، ومُتَزَلِّم، ومُتَشَذِّب، ومُتَحَذِّف، ومُتَلَقِّح بِمعْنى وَاحِد. ح ق ث أهملت وجوهه. ح ق ر حقر، حرق، قرح، قحر، رقح، رحق: مستعملات. حقر: الحَقْرُ فِي كل الْمعَانِي: الذِّلَّةُ. تَقول: حَقَر يَحْقِر حَقْراً وحُقْرِيَّة وَكَذَلِكَ الاحتقار، واسْتَحْقَرَه: رَآهُ حَقِيراً، وتَحْقيرُ الْكَلِمَة: تَصْغِيرُها. والحَقِير: ضِدُّ الخَطِيرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: يُقَال: حَقِير نَقِيرٌ. قحر: قَالَ اللَّيْث: القَحْرُ: المُسِنُّ وَفِيه بَقِيَّة وَجَلَدٌ. أَبُو عُبَيْد عَن أبي عَمْرو: شَيْخ قَحْر وقَهْب إِذَا أسَنَّ وكَبِرَ. الْأَصْمَعِي: إِذا ارْتَفَع الجَمل عَن العَوْدِ فَهُوَ قَحْر، والأُنْثَى قَحْرَة فِي أَسْنانِ الإبلِ، وَقَالَ غَيْره: هُوَ قُحَارِيّة. رقح: قَالَ اللَّيْث: الرَّقاحِيُّ: التَّاجِر. يُقَال: إِنَّه ليُرَقّحُ مَعِيشَتَه أَي يُصْلِحها. أَبُو عُبَيْد: التّرَقُّح: الاكتِسابُ، والاسمُ الرَّقاحَةُ، وَمِنْه قَوْلُهُم فِي التَّلْبِيَة: لم نَأْتِ لِلرَّقَّاحَةِ. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ دُرّة: بِكَفَّيْ رَقَاحِيَ يُرِيدُ نمَاءَها ليُبْرِزَها للْبَيْع فَهْيَ فَريجُ رحق: الرَّحِيق: من أَسْمَاء الْخَمْر مَعْرُوف. وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ} (المطفّفِين: 25) . قَالَ:

(4/24)


الرّحِيقُ: الشّرَابُ الَّذِي لَا غِشَّ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: مِنْ أَسماء الخَمْر الرّحِيقُ والرّاح. قرح: قَالَ اللَّيْث: القَرْح والقُرْح لُغَتان فِي عَضّ السِّلاح ونحْوِه مِمَّا يَجْرَحُ الجَسَد، وَتقول: إِنَّه لقَرِح قَرِيح وَبِه قَرْحَة دامِيَة، وَقد قَرِحَ قَلْبُه من الحُزْنِ. وَقَالَ الفَرَّاء فِي قَوْل الله جلّ وعزّ: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} (آل عِمرَان: 140) و (قُرْحٌ) قَالَ: وَأكْثر القُرّاء على فَتْحِ الْقَاف، وكأَنّ القُرْحَ أَلَمُ الجِراح بأَعْيانها. قَالَ: وَهُوَ مثل الوجْد والوُجْد. وَلَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُم وإلاّ جَهْدَهم. وَقَالَ الزّجَاج: القُرْح والقَرَح عِنْد أهل اللُّغَة بِمَعْنى وَاحِد، ومعناهما الجِراح وأَلَمُها يُقَال: قد قَرِح الرجل يقْرَح، قَرَحاً، وأصابه قَرْح، ثمَّ حكى قولَ الفَرَّاء بِعَيْنِه. أَبُو عُبَيْد: القَرِيح: الجَرِيح، وَأنْشد: لَا يُسْلِمون قَرِيحاً كَانَ وَسْطَهم يَوْم اللِّقاء وَلَا يُشْوُون مَن قَرَحوا وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: القَرِيحُ: الَّذِي بِهِ قُرُوحٌ. والقَرِيح. الخالِص. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيب: وإنّ غُلاماً نِيلَ فِي عهد كاهِل لَطِرْفٌ كنَصْل السَّمهريِّ قَرِيحُ نِيلَ أَي قُتِلَ فِي عَهْد كَاهِل أَي وَله عهد وميثاق. الليثُ: القَرْحُ: جَرَب شَدِيد يَأْخُذ الفُصْلان فَلَا تكَاد تنجو يُقَال: فَصِيل مقرُوح. وَقَالَ ابْن السّكيت: قَرَح فلَان فلَانا بالحقِّ إِذا استقبلَه، وقَرَحه إِذا جَرَحه يقْرَحَه، وَقد قَرِح يَقْرَح إِذا خرجَتْ بِهِ قُرُوح. قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث مِن أَن القَرْح جَرَب شَدِيد يَأْخُذ الفُصْلان غلط، إِنَّمَا القَرْحَة: داءٌ يَأْخُذ الْبَعِير فيهدَل مِشْفَرُه مِنْهُ. وَقَالَ البعيث: وَنحن منَعنا بالكُلاب نِسَاءَنَا بِضَرْب كأفواه المُقَرِّحة الهُدْلِ وَقَالَ ابْن السِّكّيت: المقرِّحة: الإبِل الَّتِي بهَا قُرُوح فِي أفواهها فتَهْدَل لذَلِك مَشافرها: قَالَ: وَإِنَّمَا سَرَق البَعِيث هَذَا الْمَعْنى من عَمْرو بن شَاس: وأسيافُهم آثارهُن كَأَنَّهَا مشافِرُ قَرْحَى فِي مَبارِكها هُدْلُ وَأَخذه الكُمَيت فَقَالَ: تُشَبِّه فِي الْهَام آثارها مَشافر قَرْحَى أَكلْنَ البريرا قلت: وقَرْحَى جَمْع قَرِيح فَعِيل بِمَعْنى مفعول: قُرِحَ الْبَعِير فَهُوَ مقروح وقريح إِذا أَصَابَته القَرْحة وقرَّحت الْإِبِل فَهِيَ مُقرِّحة، والقَرْحة لَيست من الجرَب فِي شَيْء. شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي وَالْفراء: إبِلٌ قُرْحان: وَهِي الَّتِي لم تجرب قطْ. قَالَا: والصبيُّ إِذا لم يُصبه جُدَرِيٌّ قُرحان أَيْضا. وَأَنت قُرحان من هَذَا الْأَمر وقُراحِيٌّ أَي خَارج. وَقَالَ جرير:

(4/25)


نُدافع عَنْكُم كلّ يَوْم عظيمةٍ وأنتَ قُراحِيٌّ بِسِيف الكواظِم أَي أَنْت خِلْوٌ مِنْهُ سليم. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للَّذي لم يُصبه فِي الحَرْب جِرَاحَة قُرْحانٌ. وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: القُرحانُ من الأضْداد: رجلٌ قُرْحان للَّذي قد مَسَّه القُرُوحُ، وَرجل قُرحان لم يَمْسَسْه قَرْحٌ وَلَا جُدَرِيّ وَلَا حَصْبة، وَكَأَنَّهُ الخالِص الْخَالِي من ذَلِك، وَرجل قَرِيح: خَالص، وَأنْشد بَيت أبي ذُؤَيب. أَبُو عُبَيْد عَن الْفراء فِي الْبَعِير والصبيِّ القرحان مِثل مَا روى شَمِر. قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَمِنْه الحَدِيث الَّذِي يُرْوى أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدِموا مَعَ عُمَر الشَّام وَبهَا الطَّاعُون، فَقيل لَهُ: إنّ مَن مَعَك مِن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُرْحانٌ فَلَا تُدْخلهم على هَذَا الطَّاعُون. وَقَالَ شَمِر: قُرْحان إِن شِئْت نَوَّنْت وَإِن شِئْت لم تُنَوَّن. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: اقترَحْتُه واجْتَبيتُه وخَوَّصتُه وخلَّمْته واختلمتُه واستخلصتُه واستميتُه كُله بِمَعْنى اخترْتُه. وَمِنْه يُقَال: اقترح عَلَيْهِ صَوت كَذَا، وَكَذَا أَي اخْتَارَهُ. اللَّيْث: ناقَةٌ قارح، وَقد قَرَحَتْ تقْرَح قُرُوحاً إِذا لم يَظُنُّوا بهَا حَمْلاً، وَلم تُبشِّر بذنَبِها حَتَّى يَسْتبين الْحمل فِي بَطنهَا. أَبُو عُبَيْد: إِذا تمّ حملُ النَّاقة وَلم تُلْقِه فَهِيَ حِين يَستبين الحملُ بهَا قارحٌ، وَقد قَرَحَتْ قُرُوحاً. وَقَالَ اللَّيْث: اقترحْتُ الجملَ اقتراحاً أَي رَكِبتْه من قبل أَن يُرْكَبَ. قَالَ: والاقتِراحُ: ابتِداعُ الشيْء تَبْتَدِعُه وتقترِحُه من ذَات نفْسِك من غير أَن تسمَعَه. قلت: اقتِراح كل شَيْء: اخْتِيَاره ابْتِدَاء. يُقَال: قَرَحْتُه واقترحْتُه واجْتَبَيْتُه بِمَعْنى وَاحِد. وقُرْحُ كلِّ شَيْء: أَوَّله. يُقَال: فلَان فِي قُرْحِ الْأَرْبَعين أَي أَولهَا، رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: وقَرِيحةُ الإنسانِ: طبيعتُه الَّتِي جُبِل عَلَيْهَا وجمْعُها قرائحُ لِأَنَّهَا أولُ خِلقتِه. والقريحةُ: أَوّل مَاء يَخرج من الْبِئْر حِين تُحفَر، رَوَاهُ أَبُو عُبَيد عَن الأمويّ. وَأنْشد: فإنكَ كالقريحةِ عامَ تُمْهَى شَرُوبُ المَاء ثمَّ تعودُ ماجَا ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الاقتِراحُ: ابتداءُ أول الشَّيْء. وَقَالَ أوْس: على حينَ أَن جَدَّ الذكاءُ وأدركَتْ قريحةُ حِسْي من شُرَيْح مُغَمِّم يَقُول: حِين جَدَّ ذكائي أَي كَبِرْتُ وأَسْنَنْتُ وَأدْركَ من ابْني قريحة حِسْي يَعْنِي شِعر ابنِه شُرَيح بن أَوْس شَبَّهه بِمَاء لَا ينقطعُ وَلَا يُغَضْغَضُ. مُغَمْمِّمٌ أَي مُغْرِق. اللَّيْث: يُقَال للصُّبْح أَقْرَحُ لِأَنَّهُ بياضٌ فِي سَواد.

(4/26)


وَقَالَ ذُو الرُّمة: وَسُوجٌ إِذا الليلُ الخُدارِيُّ شَقَّه عَن الرَّكْب معروفُ السّماوَةِ أَقْرَح يَعْنِي الصُّبْح. قَالَ: والقُرحةُ: الغُرّة فِي وَسط الجَبهة. والنعت أقرحُ وقرحاءُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: الغُرّة: مَا فَوق الدِّرْهَم والقُرْحةُ: قَدْرُ الدِّرهم فَمَا دونه. وَقَالَ النّضرُ: القُرْحةُ: مَا بَين عَيْنَي الْفرس مثل الدِّرهم الصَّغِير. قلت: وكُلهم يَقُول: قَرِحَ الفرسُ يقْرَحُ فَهُوَ أَقْرحُ، وَأنْشد: تُباري قُرْحةً مثل الوتي رةِ لم تكن مَغْدا يصف فرسا أُنثى، والوَتيرة: الحَلْقة الصَّغِيرَة يُتَعلَّم عَلَيْهَا الطعْن والرّمْيُ. والمَغْدُ: النّتْف أخبرَ أَن قُرحتَها جِبِلَّةٌ لم تَحدث عَن علاج نَتْف. وَقَالَ اللَّيْث: رَوْضَة قرحاءُ: فِي وَسَطِها نَوْرٌ أَبْيضُ. وَقَالَ ذُو الرمة: حَوّاءُ قَرْحاءُ أَشْرَاطِيَّةٌ وَكَفَتْ فِيهَا الذِّهابُ وحَفَّتْها البَرَاعيم وَقَالَ اللَّيْث: القارح من ذِي الْحَافِر: بِمَنْزِلَة البازِلِ. يُقَال: قَرَحَ الْفرس يَقْرَحُ قُرُوحاً فَهُوَ قارح، وقَرَحَ نابُه. وَالْجمع قُرَّحٌ وقُرْحٌ وقوارحُ وَيُقَال للْأُنْثَى: قارحٌ وَلَا يُقَال قارحة. وَأنْشد: والقارِحَ العَدَّا وكلَّ طَمِرّةٍ مَا إنْ يُنَالُ يدُ الطّويلِ قَذَالَها والقارح أَيْضا: السِّنُّ الَّتِي بهَا صَار قارحاً. وَأَخْبرنِي المُنذِريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا سَقَطَتْ رَبَاعِيَةُ الْفرس ونَبَتتْ مكانَها سِنٌّ فَهُوَ رَباع، وَذَلِكَ إِذا اسْتَتمَّ الرَّابِعَة، فَإِذا حَان قروحه سَقَطت السِّنّ الَّتِي تلِي رَباعيَتَه وَنبت مكانَها نابُه، وَهُوَ قارحُه وَلَيْسَ بعد القُروح سُقوطُ سنّ وَلَا نَبَات سنَ، قَالَ: وَإِذا دخل فِي الْخَامِسَة فَهُوَ قارحٌ. وَقَالَ غَيرُ ابْن الْأَعرَابِي: إِذا دخل الْفرس فِي السَّادِسَة واسْتَتمْ الْخَامِسَة فقد قَرِحَ. وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا ألقَى الْفرس آخِرَ أسنانِه قيل قد قَرَحَ. وقُروحُه: وقوعُ السنِّ الَّتِي تَلِي الرّباعِيَة. قَالَ: وَلَيْسَ قروحُه نباتَه ونحوَ ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ اللَّيْث: القُرْحانُ والواحدة قُرْحانة: ضرْب من الكَمْأَة بِيضٌ صغَار ذواتُ رؤوسٍ كرؤوس الفُطْرِ. وَقَالَ اللَّيْث: القَراحُ: الماءُ الَّذِي لَا يُخالطه ثُفْلٌ من سَويق وَلَا غَيره وَلَا هُوَ الماءُ الَّذِي يُشْرَبُ على أثر الطَّعَام. وَقَالَ جرير: تُعَلِّلُ وَهْي سَاغِبَةٌ بَنِيهَا بِأَنْفَاسِ من الشَّبمِ القَراح قَالَ: والقَراح من الأَرْض: كلُّ قِطْعَة على حِيالِها من منابتِ النَّخل وغَير ذَلِك. قلت: القراحُ من الأَرْض: البارزُ الظاهرُ

(4/27)


الَّذِي لَا شجرَ فِيهِ. وروى شَمِر عَن أبي عُبيد أَنه قَالَ: القَراحُ من الأَرْض: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شجرٌ وَلم يَخْتَلِط بهَا شَيْء. قَالَ: والقِرْوَاحُ مثلُه. وَقَالَ ابْن شُمَيل: القِرْواح: جَلَدٌ من الأرضِ وقاعٌ لَا يَسْتَمسك فِيهِ المَاء وَفِيه إشرافٌ وظَهرُه مُستوٍ لَا يَستقرُّ بِهِ ماءٌ إلاَّ سَالَ عَنهُ يَمِينا وَشمَالًا. قَالَ: والقِرواحُ تكونُ أَرضًا عريضة نحوَ الدَّعْوة وَهُوَ لَا نبت فِيهَا وَلَا شجر: طينٌ وسمالقُ. وَقَالَ شمر: قَالَ غَيره: القِرْواح: البارزُ لَيْسَ يستُرهُ من السَّمَاء شَيْء. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: القِرواحُ: الفضاءُ من الأَرْض المستوِي. قَالَ: والقَرَاحُ: الْخَالِص من كلِّ شَيْء الَّذِي لَا يُخالطه شَيْء غَيره. وَمِنْه قيل: مَاء قَراح. والقَراح من الأَرْض: الَّتِي لَيس بهَا شجر وَلم يَخْتَلِطْ بهَا شَيْء. وَأنْشد قَول ابْن أَحْمَر: عَضَّت من الشَّرِّ القراحِ بِمُعْظَمِ عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: القِرْواحُ من الْإِبِل: الَّتِي تَعافُ الشرابَ مَعَ الكِبار فَإِذا جَاءَ الدَّهداه، وَهِي الصِّغارُ شَرِبَت مَعَهُنَّ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَرِيحُ السَّحابة: مَاؤُهَا. وَقَالَ ابْن مُقْبل: وكأنما اصْطَبَحت قرِيحَ سَحابَة وَقَالَ الطِّرمّاح: ظَعائِنُ شِمْنَ قَرِيح الخريف مَن الأنجُم الفُرْغ والذَّابحة قَالَ: والقَريحُ: السَّحابُ أولَ مَا ينشأ. وَفُلَان يشوي القراح أَي يُسَخّنُ المَاء. شَمِر عَن أبي مَنْجوف عَن أبي عُبيدة: قَالَ: القُراحُ: سِيف القَطِيف، وَأنْشد للنّابغةِ: قُرَاحِيَّةٌ أَلْوَتْ بِليفٍ كَأَنَّهَا عِفاءُ قَلُوص طَار عَنْهَا تَوَاجر تواجر: تَنْفُقُ فِي البيع لحسنها. وَقَالَ جرير: ظعائن لم يَدِنَّ مَعَ النَّصَارَى وَلم يَدرين مَا سَمَكُ القُراح وَقَالَ فِي قَوْله: وَأَنت قُرَاحِيٌ بِسِيفِ الكَواظِم قَالَ أَبُو عَمْرو: قُرَاحٌ: قَريةٌ على شاطىء الْبَحْر نِسْبَة إِلَيْهَا. والقُراحِيُّ والقُرْحانُ: الَّذِي لم يَشهد الْحَرْب. أَبُو زيد: قُرْحَةُ الرّبيع: أَوّله، وقرحةُ الشِّتاءِ: أَوله. وَأَخْبرنِي المنذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: لَا يُقْرِّحُ البَقْلُ إِلَّا من قدر الذِّرَاع من مَاء المَطَر فَمَا زَاد. قَالَ: وتقريحه: نباتُ أَصله، وَظُهُور عُودِه. قَالَ: ويَذُرُّ البَقْلُ من مطرٍ ضَعِيف قَدْر وَضَحِ الكَفِّ وَلَا يُقَرِّحُ إِلَّا مِن قدر الذِّراع. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: والقُرَيحاءُ: هَنَةٌ تكون فِي بطن الْفرس مثل رَأس الرَّجُل. قَالَ: وَهِي

(4/28)


من الْبَعِير لَقَّاطَةُ الحَصَا. قَالَ: وَمن أسْنان الفَرَسِ القارِحان، وهما خلْفَ رباعِيَتَيْه العُلْيَيَيْن، وقارحان خلف رَباعِيَتَيْه السُّفْلَيَيْنِ، ونَابانِ خَلْف قارِحَيْه الأَعْلَيَيْنِ، ونَابانِ خَلْفَ رَباعيتَيْه السُّفْلَيَيْنِ. وطريقٌ مَقْرُوح: قد أُثِّرَ فِيهِ فَصَارَ مَلْحُوباً بَيِّناً مَوْطُوءاً. حرق: قَالَ أَبُو عبيد: الحَرْقُ: حَرْق النَّابَيْن أَحَدِهِما بِالْآخرِ، وَأنْشد: أبَى الضَّيْمَ والنُّعمانُ يحْرق نابَه عَلَيْهِ فأَفْضَى والسُّيوفُ معاقِله قَالَ: وحَرِيقُ النَّاب: صَرِيفُه. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ} (ط ? هـ: 97) وقرىء: (ثمَّ لنَحْرقَنّه) . سَلَمة عَن الْفراء: من قَرَأَ (لنَحْرقَنَّه) فَمَعْنَاه لَنَبْرُدَنَّه بالحديد بردا، من حَرَقْتُه أَحْرُقُه حَرْقاً. وَأنْشد المُفَضَّل: بِذِي فِرْقَيْن يَوْمَ بَنُو حَبِيب نُيُوبَهُم علينا يَحْرُقُونا قَالَ: قَرَأَ عَليّ ح (لنحرُقَنَّه) . وَقَالَ: الزَّجَّاجُ: مَنْ قَرَأَ (لنُحرِّقَنَّه) فَالْمَعْنى لَنَحْرِّقَنَّه مرّة بعد مرّة ومَنْ قَرَأَ (لنَحْرُقَنَّه) فتأويلُه لَنَبْرُدَنّه بالمبْرد. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حَرَقَ عَلَيْهِ نَابَه يَحْرُقُه. وحَرَقَ نابُه يَحْرُق ويَحْرِقُ. وَقَالَ اللَّيْث: أَحْرقنا فلَان أَي بَرَّحَ بِنَا وآذانا. قَالَ: والحَرَقُ من حَرَق النَّار، وَفِي الحَدِيث: (الحَرَقُ والشَّرَقُ والْغَرَقُ شَهَادَة) . أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: حَرَقُ النَّارِ لَهبُها. قَالَ وَهُوَ قَوْله: (ضالَّة الْمُؤمن حَرَقُ النَّار) أَي لهبُها، قلت: الْمَعْنى أَن ضَالَّة الْمُؤمن إِذا أَخذهَا إِنْسَان لِتَمَلُّكِها فَإِنَّهَا تُؤَدِّيه إِلَى حَرَق النَّار، والضَّالَّةُ من الْحَيَوَان: الْإِبِل وَالْبَقر وَمَا أشبههَا مِمَّا يُبْعِد ذِهَابَه فِي الأَرْض وَيمْتَنع من السِّباع، لَيْسَ لأحد أَن يعرض لَهَا، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْعد من عَرض لَهَا ليأخذها بالنَّار. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَحْرَقَتْه النارُ فَاحْتَرَق. قَالَ: والحَرَقُ: مَا يُصِيب الثَّوْب من حَرَق من دقِّ القَصَّار. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ الحَرَقُ: الثَّقْبُ فِي الثَّوْب من النَّار، والحَرَقُ مُحَرك: الثَّقْب فِي الثَّوْب من دَقِّ القَصَّارِ، جعله مثل الحَرَقِ الَّذِي هُوَ لَهب النَّار. الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الحَرْقُ: أَن يُصيب الثَّوْب من النَّار احْتِرَاقٌ، والحَرْقُ: مصدر حَرَق نَاب الْبَعِير يَحْرِقُ ويَحْرُقُ حَرْقاً إِذا صرف بنابه. والحَرَق فِي الثَّوب من الدِّقّ. ابْن الْأَعرَابِي: ماءٌ حُراقٌ وقُعاعٌ بِمَعْنى وَاحِد. اللَّيْث: الحَرّاقاتُ: مَوَاضِع القَلاَّئين والفَحَّامِين. قَالَ: والحَرُوق والحُرَّاقُ: الَّذِي تُورَى بِهِ النَّار. وَرَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي الحَرُوق والحرُّوق والحُرّاق: مَا يُثْقَبُ بِهِ

(4/29)


النَّار من خِرقة أَو نَبْخ قَالَ: والنَّبْخُ: أصُول البَرْدِي إِذا جف. وَقَالَ اللَّيْث: المُحَارَقةُ: المُبَاضَعةُ على الْجنب. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: امْرَأَة حَارِقَة: ضيِّقة المَلاقي. قَالَ وَفِي حَدِيث عليّ أَنه سُئِل عَن امْرَأَته وَقد جمعهَا إِلَيْهِ: كَيفَ وَجدتَها؟ فَقَالَ: (وَجدتُها حَارِقة طارقَةً فَائِقةً) . قَوْله: طارِقَةً أَي طَرَقْت بِخَير، وَرُوِيَ عَن عَلّي ح أَيْضا أنّه قَالَ: (كَذَبتكم الحارِقَةُ مَا قامَ لي بهَا إلاّ أسماءُ بنت عُمَيْس) هَكَذَا رَوَاهُ شمر بِإِسْنَادِهِ، قَالَ والحارِقَةُ: النِّكاحُ على الْجنب. وَقَالَ بَعضهم: الحارِقَةُ: الإبْرَاكُ. وَأما قَول جرير: أَمَدَحْتَ وَيْحَك مِنْقَراً أَن ألزَقُوا بالحَارِقَيْن فأرْسَلُوها تَظْلَع ورَوَى ابْن عُيَيْنَة عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس أَنه قَالَ: قَالَ عَلِيّ ح: (عَلَيْكُم من النِّسَاء بالحَارِقَة فَمَا ثَبت لي مِنْهُنَّ إِلَّا أَسمَاءُ) ، قلت: كأنّه قَالَ: عَلَيْكُم بِهَذَا الضَّرْب من الجِمَاع مَعَهُنَّ. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بخَطّه: الحارقَةُ: النِّكاحُ على الجنّب، قَالَ: وأُخِذَ من حارِقَةِ الوَرِك. وَقَالَ اللَّيْث: الحَارِقَةُ: عصبَة مُتّصلة بَين وابِلَتي الفَخِذ والعَضُد الَّتِي تَدور فِي صَدَفَة الوَرِك والكَتِف فَإِذا انفصلت لم تَلْتَئِم أبدا، يُقال عِنْدهَا: حُرِق الرجلُ فَهُوَ مَحْرُوق. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَارِقَة: العَصَبَةُ الَّتِي تكون فِي الوَرِك فَإِذا انْقَطَعت مَشى صاحِبُها على أطرافِ أصابِعِه لَا يَسْتَطِيع غير ذَلِك، قَالَ: وَإِذا مَشى على أَطْرَاف أَصَابِعه اخْتِيَارا فَهُوَ مُكْتَام، وَقد اكْتَام الرَّاعِي على أطرافِ أَصَابِعه يُرِيد أَن ينَال أطرافَ الشجَرِ بعصاه لِيَهُشّ بهَا على غنمه. وَأنْشد: تَرَاه تَحْتَ الفَنَن الوَرِيقِ يشُولُ بالمِحْجن كالمَحْرُوقِ قَالَ: والحارِقَة من النِّسَاء: الَّتِي تُكثِر سَبَّ جَارَاتِها. قَالَ: والحِرْقُ، والحَروقُ، والحُروق، والحِراقُ والحُراقُ: الكُشّ الَّذِي يُلْقَح بِهِ. أَبُو عُبيد عَن أَصْحَابه: إِذا انْقَطع الشعَرُ ونَسَل: قيل: حَرِقَ يَحْرَق فَهُوَ حَرِق وَأنْشد: حَرِقَ المَفَارِقِ كالبُراء الأَعفَرِ الأَعفَر: الْأَبْيَض الَّذِي تعلوه حمرَة. اللَّيْث: الحُرقة: حَيٌّ من الْعَرَب، والحُرْقَتَان تَيْم وَسعد وهما رهطُ الْأَعْشَى. وَقَالَ ابْن السِّكيت: الحُرْقَتَان هما ابْنا قيس بن ثَعْلَبَة. وَقَالَ اللَّيْث: الحُرْقَة: مَا تجِدُ فِي العيْن من الرمد وَفِي الْقلب من الوجع أَو فِي طَعم شَيْء مُحْرِق والحارِقَةُ من السّبُع: اسمٌ لَهُ. وَقَالَ ابْن السّكيت الحرِيقَة والنَّفِيتَةُ: أَن

(4/30)


يُذَرّ الدَّقِيق على مَاء أَو لبن حليب حَتَّى يَنْفِتَ ويتحسّى من نَفْتِهَا وَهِي أغْلظ من السَّخينة فيوسِّع بهَا صَاحب العيالِ لِعِيَالِهِ إِذا غَلبه الدَّهْر. وَقَالَ أَبُو مَالك: هَذِه نَار حِرَاقٌ وحُراق: تُحْرِق كُلَّ شَيْء، وَرجل حُرَاقٌ وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْقِي شَيْئا إِلَّا أفْسدهُ، وسنَة حُراق ونَابٌ حُراق: يقطع كُلَّ شَيْء. وأَلْقَى الله الكافِرَ فِي حارقته أَي فِي نارِه. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْحِرْقُ والحُرَاق والحِرَاق: الكُشُّ الَّذِي يُلَقَّح بِهِ النَّخْلَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْحَرْق: الْأكل المُسْتَقْصِي. والحُرْقُ: الْغَضَابي من النَّاس. وحَرِقَ الرجل إِذا سَاءَ خُلقه. ح ق ل حقل، حلق، قلح، قحل، لحق، لقح: مستعملات. حقل: قَالَ اللَّيْث: الحَقْلُ: الزَّرْع إِذا تَشعَّب قبل أَن يَغْلُظ سوقه. يُقَال: أَحقَلَت الأرضُ وأحقلَ الزرعُ. وَقَالَ أَبُو عُبيد: الْحَقْلُ: القَراحُ من الأَرْض. قَالَ: ومَثَل لَهُم: (لَا تُنبِت البقلةَ إِلَّا الحَقْلةُ) قَالَ: وَمِنْه نَهَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المُحَاقَلة قَالَ: وَهُوَ بَيْعُ الزرعِ فِي سُنْبُله بالبُر، مأخوذٌ من الْحقْل القَراح. وَأَخْبرنِي المَخْلدي عَن المُزَني عَن الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن ابْن جُرَيج، قلت لعطاء: مَا المُحَاقَلة؟ قَالَ: المُحاقلة: بَيْعُ الزَّرْع بالقَمْح قَالَ: وَهَكَذَا فسّره لي جَابر. قلت: فَإِن كَانَ مأخُوذاً من إحقَال الزرعِ إِذا تَشَعّب كَمَا قَالَ اللَّيْث فَهُوَ بيع الزَّرْع قبل صَلَاحه وَهُوَ غَرَرٌ، وَإِن كَانَ مأخوذاً من الحَقْل وَهُوَ القَرَاح، وَبَاعَ زرعا فِي سُنْبُلِه نابتاً فِي قَرَاح بالبُرّ فَهُوَ بَيْع بُرَ مَجْهُول بِبُرّ مَعْلُوم ويدخله الرِّبَا: لِأَنَّهُ لَا يؤمَن التَّفَاضل، ويدخله الغَرَرُ لِأَنَّهُ مُغَيَّب فِي أَكْمامه. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحقل بالحقل أَن يَبِيع زرعا فِي قَراح بزرع فِي قَراح، قلت: وَهَذَا قريب مِمَّا فَسّره أَبُو عُبيد. وروى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الحقلُ: الموضعُ الجَارِسُ وَهُوَ الموضعُ البِكْر الَّذِي لم يُزرع فِيهِ قطّ زَرْع. وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: وَمن أمثالهم: (لَا تُنْبِتُ البقلةَ إِلَّا الحَقْلَةُ) ، يضْرب مثلا للكلمة الخَسِيسَة تخرج من الرجل الخسيس. وَقَالَ اللَّيْث: الحَقِيلة: مَاء الرُّطْب فِي الأمعاء، ورُبّما جعله الشَّاعِر حقْلاً وَأنْشد: إِذا الْغُرُوضُ اضْطَمَّت الحَقَائِلا قلت: أَرَادَ بالرُّطْب البقولَ الرَّطْبة من العُشْب الْأَخْضَر قبل هَيْج الأرضِ ويَجْزَأُ المالُ حِينَئِذٍ بالرُّطْب عَن المَاء وَذَلِكَ المَاء الَّذِي يَجْزَأُ بِهِ النَّعَم من البُقُول يُقَال لَهُ الحَقْل والحَقِيلَة، وَهَذَا يَدُل على أَن الحَقْل من الزَّرْع مَا كَانَ رَطْبا غَضّاً. وروى شمر عَن ابْن شُمَيل قَالَ: المُحَاقَلَة: المُزارَعة على الثُّلُث والرُّبع.

(4/31)


قَالَ: والحقلُ: الزرعُ: وَقَالَ إِذا ظهر ورقُ الزَّرع واخضرّ فَهُوَ حَقْل، وَقد أَحْقَلَ الزَّرْعُ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الشَّيْبَانِيّ. وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن جَنْبَةَ: الحقلُ: المَرعَةُ الَّتِي يزرع فِيهَا البُرُّ وَأنْشد: لَمُنْدَاحٌ من الدَّهْنَا خَصِيبٌ لتَنْفَاح الْجنُوب بهِ نَسيم أَحَبُّ إليّ من قَرَيات حِسْمَى وَمن حَقْلَيْن بَينهمَا تُخُوم وَقَالَ شمر: الْحَقْلُ: الرَّوْضَةُ، وَقَالُوا: مَوْضِع الزّرْع. والحاقِلُ: الأكَّارُ. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَمن أَدْوَاءِ الإبِلِ الْحَقْلَةُ. يُقَال حَقِلت تَحْقَل حَقْلَةً. وَقَالَ العَجّاجُ: ذاكَ وتَشْفِي حَقْلَةَ الأمْرَاضِ وَقَالَ رؤبة: فِي بَطْنِه أَحْقَالُه وبَشَمه وَهُوَ أَن يَشرَب الماءَ مَعَ التُّراب فَيَبْشَم. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحَقلة: وَجَع فِي الْبَطن يُقَال: جمل محقُول. قَالَ: وَهُوَ بمنزلَة الحَقْوَة، وَهُوَ مَغْسٌ فِي الْبَطن. وَقَالَ اللَّيْث: الحِقْلَةُ: حُسافة التَّمْر وَمَا بَقِي من نُفاياتِه. قلت: لَا أَعْرِف هَذَا الحرْف وَهُوَ مُرِيب. قَالَ اللَّيْث: والحَوْقل: الشَّيْخ إِذا فَتَر عَن الْجِمَاع. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الحوقل: الرجل الَّذِي لَا يَقدر على مُجامعة النِّسَاء من الكِبر أَو الضَّعف. وَأنْشد: أَقُول قَطْباً ونِعمَّا إِن سَلَق لَحَوْقَلٍ ذِراعُه قد امّلق وَقَالَ: وَكنت قد حَوْقلْت أَو دَنَوْتُ وَبعد حِيقَال الرِّجال الموْتُ وَقَالَ اللَّيْث: الحَوْقَلة: الغُرْمُول اللَّيِّن وَهُوَ الدَّوْقلة أَيْضا. قلت: وَهَذَا حرف غَلِط فِيهِ اللَّيْث فِي لَفظه وَتَفْسِيره، وَالصَّوَاب الحوْفلة بِالْفَاءِ وَهِي الكَمَرة الضخمة مَأْخُوذَة من الحفل وَهُوَ الِاجْتِمَاع والامتلاء. قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو وَابْن الْأَعرَابِي. والحوقلة بِالْقَافِ بِهَذَا الْمَعْنى خطأ. وَقَالَ بَعضهم: المحاقلة: الْمُزَارعَة بالثّلُث والرُّبع وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر، وَهُوَ مِثل المخابرة، والمحاقِلُ: المَزَارِعُ، وَالْقَوْل فِي المحاقَلة مَا رَويناه عَن عَطاء عَن جَابر وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِي وَأَبُو عُبيد. وَقَالَ اللحياني: حوْقلَ الرجل إِذا مَشى فأعْيا وضَعُف. وَقَالَ أَبُو زيد: رجل حَوْقل: مُعْيٍ، وَقد حوْقل إِذا أعْيا، وَأنْشد: مُحَوقِلٌ وَمَا بِهِ من بَاسِ إِلَّا بقايا غَيْطل النُّعاسِ وَفِي (النَّوَادِر) : أحقلَ الرجلُ فِي الرّكُوب إِذا لَزِم ظَهْرَ الراحِلة. وَيُقَال: إحقِلْ لي من الشَّرَاب وَذَلِكَ من الحِقْلة والْحُقلة، وَهُوَ مَا دُون مِلء القَدَح.

(4/32)


وَقَالَ أَبُو عُبيد: الحِقلة: الماءُ الْقَلِيل. وَقَالَ أَبُو زيد: الحِقلة: الْبَقِيَّة من اللّبنِ وَلَيْسَت بالقليلة. قحل: قَالَ اللَّيْث: القاحِل: الْيَابِس من الْجُلُود. سقاء قاحِلٌ، وشيخٌ قاحل، وَقد قَحَلَ يقْحَل قُحُولاً. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَحل الرجل وقَفَل قُحُولاً وقُفولاً إِذا يَبس، وقَبَّ قُبُوباً وقَفَّ قُفُوفاً. وَقَالَ الراجز فِي صفة الذِّئب: صَبَّ عَلَيْهَا فِي الظلام الغَيْطلِ كلّ رَحِيب شِدْقُه مُسْتَقْبلِ يَدُقّ أوساطَ الْعِظَام القُحَّلِ لَا يَذْخَرُ العَامَ لِعَامٍ مُقْبِلِ وَيُقَال: تَقَحَّل الشَّيْخ تقحُّلا، وتقهَّلَ تقَهُّلاً إِذا يَبس جلدهُ عَلَيْهِ من البؤْس والكِبَر. وَشَيخ إِنْقَحْلٌ من هَذَا. شمر: قَحَلَ يَقْحَل قْحُولا، وتقَحَّل، وَشَيخ قاحِل. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَا أَقُول قَحِلَ وَلَكِن قَحَل. قلح: قَالَ اللَّيْث: القَلَح: صُفرة تعلو الْأَسْنَان، والنعت قَلِح وأقْلَح، وَالْمَرْأَة قَلْحَاء وقَلِحَة، وجمعُها قُلْحٌ، والاسمُ القَلح. والقُلاَحُ وَهُوَ اللُّطاخُ الَّذِي يَلْزَق بالثَّغْر قَالَ: وَيُسمى الْجُعَل أقْلَح. وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأَصْحَابه: (مَالِي أَرَاكُم تدخلون عليّ قُلْحاً) . قَالَ أَبُو عُبَيْد: القَلَح: صفرَة فِي الأسنَان ووسَخ يركَبُها من طول ترك السِّواك، وَمعنى الحَدِيث أَنهم حُثُّوا على السِّوَاك. وَقَالَ شَمِر: الحَبْرُ: صُفرة فِي الْأَسْنَان فَإِذا كَثُرَت وغَلُظت واسودت أَو اخضرت فَهُوَ القَلَح. قَالَ الْأَعْشَى: وفَشَا فيهم مَعَ اللُّؤْم القَلَح وَفِي (النَّوَادِر) : تَقَلَّح فلانٌ الْبِلَاد تَقَلّحا وترقَّعها، والترقُّع فِي الخِصْب، والتقَلُّح فِي الجَدْب. لقح: اللَّيْث: اللِّقاحُ: اسمُ ماءِ الْفَحْل، واللقَّاح: مصدر قَوْلك: لَقِحَت الناقةُ تَلْقَح لَقاحاً إِذا حملت، فَإِذا استبان حَمْلُها قيل استبان لَقاحُها فَهِيَ لاقِح. قَالَ: والمَلْقَح: يكون مصدرا كاللَّقاح وَأنْشد: يشهَدُ مِنْهَا مَلْقَحاً ومَنْتَحا وَقَالَ فِي قَول أبي النَّجْم: وَقد أَجَنّتْ عَلَقا ملقوحا يَعْنِي لَقِحَتْهُ من الفَحْل أَي أخَذَته. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئل عَن رجل لَهُ امْرَأَتَانِ أرضعت إحداهُما غُلَاما، وأرضَعَت الْأُخْرَى جَارِيَة: هَل يتزوّج الْغُلَام الْجَارِيَة؟ قَالَ: لَا، اللِّقاحُ وَاحِد. قلت: قد قَالَ اللَّيْث: اللِّقاح: اسمِ لِمَاء الْفَحْل، فكأنّ ابْن عَبَّاس أَرَادَ أَن مَاء الفَحْل الَّذِي حَمَلتا مِنْهُ وَاحِد، فاللبن الَّذِي أرضَعَت كلُّ وَاحِدَة مِنْهُمَا مُرْضَعَها كَانَ أَصله مَاء الْفَحْل، فَصَارَ المُرْضعان وَلَدَين لزوجهما: لِأَنَّهُ كَانَ ألقَحَهما. قلت: وَيحْتَمل أَن يكون اللَّقاحُ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس مَعْنَاهُ الإلقاح. يُقَال: ألقَحَ

(4/33)


الْفَحْل النَّاقة إلقاحاً ولَقَاحاً فالإلقاح مصدر حَقِيقِيّ، واللَّقَاح اسْم يقوم مَقام الْمصدر، كَقَوْلِك أعْطَى عَطاء وَإِعْطَاء وَأصْلح إصلاحاً وصلاحاً، وَأنْبت إنباتاً ونَباتاً. قلت: وأصلُ اللَّقاح لِلْإِبِلِ، ثمَّ استُعيرَ فِي النِّسَاء، فَيُقَال: لَقِحَت إِذا حَمَلت. قَالَ ذَلِك شَمِر وَغَيره من أهل الْعَرَبيَّة. وَقَالَ اللَّيْث: أَوْلَاد الملاَقِيح والمضَامِين نُهي عَن ذَلِك فِي المُبَايَعة، لأَنهم كَانُوا يَتَبَايعون أولادَ الشَّاة فِي بطُون الأمَّهات وأصلابِ الْآبَاء، قَالَ: فالملاَقِيح فِي بطُون الأمَّهات، والمضامين فِي أصلاب الفحول. وَقَالَ أَبُو عُبيد: الملاَقِيح: مَا فِي الْبُطُون وَهِي الأَجِنَّة، الْوَاحِدَة مِنْهَا مَلْقُوحَة، قَالَ وأنشدني الأصمعيّ: إنَّا وجدنَا طَرَدَ الهَوَامِل خيرا من التَّأَنَانِ والمسائِل وعِدَةِ العامِ وعامٍ قابِلِ ملقُوحَةً فِي بَطْن نابٍ حَائِلِ يَقُول: هِيَ مَلْقُوحة فِيمَا يُظْهر لي صاحبُها، وَإِنَّمَا أُمها حائِل. قَالَ: فالملقوحُ هِيَ الأجِنَّة الَّتِي فِي بطونها، وَأما المضامين فَمَا فِي أصلاب الفُحُول. وَكَانُوا يبيعون الْجَنِين فِي بطن النَّاقة، ويبيعون مَا يَضْرِب الفحلُ فِي عَامه أَو فِي أَعْوَام. قلت: وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن المُسَيّب أَنه قَالَ: لَا رَبًّا فِي الْحَيَوَان، وَإِنَّمَا نُهَي من الْحَيَوَان عَن ثَلَاث: عَن المضامين والملاقِيح، وحَبَلِ الحَبَلة. قَالَ سعيد: والملاقيحُ: مَا فِي ظُهُور الْجمال، والمضامينُ: مَا فِي بطُون الْإِنَاث. وَقَالَ المُزَنيُّ: أَنا أحفظ أَن الشافعيّ يَقُول: المضامين: مافي ظُهُورِ الجِمال، والملاقيحُ: مافي بُطُون إناثِ الْإِبِل. قَالَ المُزَني: وأَعْلَمْتُ بقوله عبد الْملك بن هِشَام فأنشدني شَاهدا لَهُ من شعر الْعَرَب: إنَّ المَضَامِينَ الَّتِي فِي الصُّلْب ماءَ الفُحُول فِي الظُّهُور الحُدْب لَسْنَ بمُغْنٍ عَنْك جُهْدَ اللَّزْبِ وَأنْشد فِي الملاقيح: مَنَّيْتَني ملاقِحا فِي الأبْطُن تُنتَج مَا تَلْقَح بعد أَزْمُن قلت: وَهَذَا هُوَ الصُّواب. وَأَخْبرنِي المُنذِري عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا كَانَ فِي بطن النَّاقة حَمْل فَهِيَ ضامِن ومِضْمان وَهن ضَوَامِنُ ومَضَامِينُ، وَالَّذِي فِي بَطنهَا مَلْقُوح ومَلْقُوحَة. قلت: وَمعنى المَلْقُوح المَحْمُول، وَمعنى اللاَّقح الحامِل. وَقَالَ اللَّيْث: أَلْقَحَ الفحلُ الناقَة. واللِّقْحَةُ: النَّاقة الحَلُوب، فَإِذا جعلته نعتاً قلت: نَاقةٌ لَقُوحٌ، وَلَا يُقَال نَاقَة لِقْحَة، إِلَّا أَنَّك تَقول: هَذِه لِقْحَة فُلان. قَالَ: واللِّقَاحُ جمع اللِّقْحَة، واللُّقُح جَمْع لَقُوح. قَالَ: وَإِذا نُتِجت الْإِبِل فَبَعْضُها قد وَضَع وبَعْضُها لم يَضَعْ فَهِيَ عِشار، فَإِذا وضعت

(4/34)


كلهَا فَهِيَ لِقَاحٌ. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: لَقِحَت النَّاقة تَلْقَح لَقَاحاً ولَقْحاً، وناقة لاقِح وإبِل لواقِحُ ولُقَّح. واللَّقُوح: اللَّبُون، وَإِنَّمَا تكون لَقُوحاً أوَّل نَتاجِها شَهْرين أَو ثَلَاثَة أشهر، ثمَّ يَقَع عَنْهَا اسْم اللَّقُوح، فَيُقَال: لَبُون. قَالَ: وَيُقَال: نَاقَة لَقُوح ولِقْحة. وَجمع لَقُوح لُقُح ولِقَاحٌ ولَقائحُ، وَمن قَالَ لِقْحَة جمعهَا لِقَحاً. قَالَ: وحيّ لَقاح: إِذا لم يُمْلَكُوا وَلم يَدِينُوا للمُلُوك. وَرُوِيَ عَن عمر أَنه أوصى عُمَّاله إذْ بَعثهمْ فَقَالَ: وأَدِرُّوا لِقْحَة الْمُسلمين. قَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: أرادَ بلِقْحة الْمُسلمين عطاءهم. قلت: أرَاهُ أَرَادَ بلِقْحة الْمُسلمين دِرَّةَ الفَيْء وَالْخَرَاج الَّذِي مِنْهُ عطاؤُهم وَمَا فُرِض لَهُم، وإدراره: جِبايَتُه وتَحَلُّبه وجمعُه مَعَ الْعدْل فِي أهل الفَيْء حَتَّى تَحْسُن حالُهم، وَلَا تَنْقَطِع مادّةُ جِبايتهِم. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: لِقْحَة ولِقَح ولَقُوح ولَقَائحُ. واللِّقاح: ذواتُ الألْبَان من النُّوق، وَاحِدهَا لَقُوح ولِقْحة. قَالَ عديّ بن زيد: من يَكُنْ ذَا لِقَحٍ راخيات فلِقاحي مَا تَذُوقُ الشَّعِيرا بل حوابٍ فِي ظِلالِ فَسِيلٍ مُلِئَتْ أَجْوافُهُن عَصِيرا فتهادَرْن كَذَاك زَمَانا ثمَّ مَوَّتن فكُنَّ قُبُورا قَالَ شمر: وَتقول الْعَرَب: إنّ لي لقْحَة تُخْبِرني عَن لِقاح النَّاس. يَقُول: نَفسِي تُخْبِرُني فَتَصْدُقُني عَن نفوس النَّاس: إنْ أحْبَبْتُ لَهُم خَيْراً أَحَبُّوا لي خيرا. وَإِن أَحْبَبْت لَهُم شرا أَحبُّوا لي شرا. وَقَالَ زيد بن كَثْوة: الْمَعْنى: أنِّي أعرف مَا يصير إِلَيْهِ لِقَاحُ النَّاس بِمَا أرى من لِقْحَتِي، يُقَال: عِنْد التأْكيد للبَصَرِ بخاصِّ أُمُور النَّاس أَو عَوَامّها. وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن أبي الهَيْثَم أَنه قَالَ: تُنْتَجُ الإبلُ فِي أوَّل الرَّبيع فَتكون لِقاحاً واحدتها لِقْحَة ولَقْحة ولَقُوح فجَمْع لَقُوح لقائح ولُقُح، وَجمع اللِّقْحَة لِقَاح، فَلَا تزَال لِقَاحا حَتَّى يُدْبِرَ الصيفُ عَنْهَا. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: نَاقَة لاقِح وقارح يَوْم تَحْمِل، فَإِذا استبان حَمْلُها فَهِيَ خَلِفَة. قَالَ: وقَرَحَت تَقْرَحَ قُرُوحاً، ولَقِحَت تَلْقَح لَقَاحا ولَقْحا وَهِي أَيَّام نتَاجِها عائذٌ. اللَّيْث: اللَّقَاح: مَا يُلْقَح بِهِ النَّخْلة من الفُحَّال، تَقول: أَلْقَحَ القومُ النخلَ إلْقَاحا، ولَقَّحُوها تَلْقِيحاً، واستَلْقَحت النَّخْلة أَي أَنَى لَهَا أَن تُلْقَح. قَالَ: وأَلْقَحَت الرِّيحُ الشَّجَرَة وَنَحْو ذَلِك فِي كل شَيْء يُحْمل. قَالَ: واللَّواقحُ من الرِّياح: الَّتِي تَحْمل النَّدَى ثمَّ تَمُجُّه فِي السَّحاب فَإِذا اجْتَمَع فِي السحابِ صَار مَطَرا. وحربٌ لاقحُ: مُشبَّهة بِالْأُنْثَى الحامِل. وَقَالَ الفرّاء: فِي قَول الله جلّ وعزّ:

(4/35)


{وَأَرْسَلْنَا ? لرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} (الحِجر: 22) ، قَرَأَهَا حَمْزَة (وأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ) لِأَن الريحَ فِي معنى جمع، قَالَ: وَمن قَرَأَ (الرِّياحَ لَواقِحَ) فَهُوَ بَيِّن، وَلَكِن يُقالُ: إِنَّمَا الرِّيحُ مُلْقِحة تُلْقح الشّجر فَكيف قِيلَ لواقِح؟ فَفِي ذَلِك مَعْنيانِ أحدُهما أَن تجْعَل الريحَ هِيَ الَّتِي تَلْقَح بمرورِها على التُّرابِ والماءِ فَيكون فِيهَا اللِّقاحُ فَيُقَال رِيحٌ لاقِح كَمَا يُقَال: نَاقَة لاقِحٌ، ويَشْهَد على ذَلِك أَنه وصف رِيحَ الْعَذَاب بالعقِيم فَجَعلهَا عَقِيماً إِذْ لم تَلْقَح. قَالَ: والوجهُ الآخر أَن يكون وَصَفَها باللَّقْح وَإِن كَانَت تُلْقح كَمَا قيل: ليل نَائِم والنَّوْم فِيهِ، وسرٌّ كاتمٌ، وكما قيل: المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ فَجعله مَبْرُوزاً وَلم يقل مُبْرِزاً، فَجَاز مَفْعُول لمُفْعَل، كَمَا جَازَ فاعِل لِمَفْعُول إِذْ لم يزدِ البِناءُ على الفِعْل، كَمَا قيل مَاء دافِق. وَأَخْبرنِي المُنْذِرِيّ عَن الحَرَّانِي عَن ابْن السِّكِّيت قَالَ: لواقِحُ: حَوَامل، واحدتها لاقِح. قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا الهَيْثَم يَقُول: ريحٌ لاقِحٌ أَي ذاتُ لِقاح كَمَا يُقال: دِرْهَم وازِنٌ أَي ذُو وَزْنٍ، وَرجل رامِحٌ وسائِفٌ ونابِل، وَلَا يُقَال: رَمَح وَلَا سافَ وَلَا نَبَل، يُرادُ ذُو رُمْح وَذُو سَيْفٍ وَذُو نَيْل. قلت: وَقيل: معنى قَوْله: {وَأَرْسَلْنَا ? لرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} (الحِجر: 22) أَي حوامِل جعل الرّيح لاقحاً لِأَنَّهَا تحمل المَاء والسحاب وتقلّبه وتصرّفه ثمَّ تَسْتَدِرّه، فالرياح لَوَاقِح أَي حوامل على هَذَا الْمَعْنى، وَمِنْه قولُ أبي وَجْزَة: حَتَّى سَلَكْنَ الشَّوَى مِنْهُنّ فِي مَسَك من نَسْلِ جَوَّابَةِ الْآفَاق مِهْدَاج سلكْنَ يعنِي الأُتُن أدخلن شَواهُنَّ أَي قوائمهن فِي مَسَك أَي فِي مَاء صَار كالمَسَك لأيديها، ثمَّ جعل ذَلِك المَاء من نَسْلِ ريح تجوب الْبِلَاد، فَجعل المَاء للريح كَالْوَلَدِ: لِأَنَّهَا حَملته. وَمِمَّا يُحَقّق ذَلِك قولُ الله جلّ وعزّ: {يُرْسِلُ ? لرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ حَتَّى ? إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً} (الأعرَاف: 57) أَي حَمَلَت، فَهَذَا على الْمَعْنى لَا يحْتَاج إِلَى أَن يكون لاقِحٌ بِمَعْنى ذِي لَقْح، وَلكنهَا حاملة تحمِلُ السَّحَاب وَالْمَاء. وَيُقَال للرجل إِذا تكلم فَأَشَارَ بيدَيْهِ: تلقَّحَتْ يَدَاهُ، يُشَبَّه بالناقة إِذا شالت بذنبها تُرِي أَنَّهَا لاقح لئِلاَّ يدنو مِنْهَا الفَحْلُ فَيُقَال تلقَّحت، وَأنْشد: تَلَقَّحُ أيدِيهم كأَنّ زَبِيبَهُم زبيبُ الفُحُول الصِّيدِ وَهِي تَلَمَّحُ أَي أَنهم يُشيرون بِأَيْدِيهِم إِذا خطبوا، والزَّبيبُ: شِبْه الزَّبَدِ يظْهر فِي صامِغَي الْخَطِيب إِذا زَبَّبَ شِدْقاه. لحق: اللَّيْث: اللّحَق: كلّ شَيْء لَحِق شَيْئا أَو أَلْحَقْتَهُ بِهِ من النَّبَات وَمن حَمْلِ النَّخْل، وَذَلِكَ أَن يُرْطِبَ ويُثْمِر، ثمَّ يخرُج فِي بعضه شَيْء يكون أَخْضَر قَلَّ مَا يُرْطِب حَتَّى يُدْرِكه الشِّتَاء وَيكون نَحْو ذَلِك فِي

(4/36)


الكَرْم يُسَمَّى لَحَقا، قلت: وَقد قَالَ الطِّرِمَّاح فِي مثل ذَلِك يصف نَخْلَة أَطْلَعَت بعد يَنْع مَا كَانَ خرج مِنْهَا فِي وقته فَقَالَ: أَلْحَقتْ مَا اسْتَلْعَبَت بِالَّذِي قد أَنَى إذْ حَانَ حِينُ الصِّرامْ أَي ألحقَت طَلْعا غَرِيضاً كَأَنَّهَا لعِبَت بِهِ إِذْ أَطْلَعَته فِي غير حِينه: وَذَلِكَ أَن النَّخلة إِنَّمَا تُطلِعُ فِي الرّبيع، فَإِذا أخْرَجت فِي آخِرِ الصَّيف مَا لَا يكون لَهُ يَنْع فَكَأَنَّهَا غير جَادّة فِيمَا أَطْلَعَت. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحَقُ من النَّاس: قومٌ يَلْحَقُون بِقوم بعد مُضِيِّهم، وَأنْشد: يُغنيك عَن بُصْرَى وَعَن أبوابِها وَعَن حِصارِ الرُّومِ واغتِرَابها ولَحَقٍ يَلْحَقُ من أعرابها تَحت لواءِ المَوْتِ أَو عُقَابها قلت: يجوز أَن يكون اللَّحَقُ مصدرا للَحِقَ، وَيجوز أَن يكون جمعا للاحِق كَمَا يُقَال: خادِم وخَدَم وعَاسّ وعَسَس. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحَق: الدّعِيُّ المُوَصَّل بِغَيْر أَبِيه، قلت: وسَمِعْتُ بعضَهُمْ يقولُ لَهُ: المُلْحَق. وأخبرَني المُنْذِرِي عَن ثَعلب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ الكِسائِيّ: يُقَال: زرعُوا الألحاقَ وَالْوَاحد لَحَق وَذَلِكَ أَنّ الوادِي يَنْضُب فيُلْقَى البَذْرُ فِي كل مَوضِعٍ نَضَب عَنهُ الماءُ فَيُقَال: اسْتَلْحَقُوا إِذا زَرَعُوا. وَقَالَ أَبو العبّاس: قَالَ ابنُ الأعرابيّ: اللَّحَقُ أَن يَزْرَعَ القومُ فِي جوانِبِ الوادِي. يُقَال: قد زَرَعُوا الألْحَاقَ. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحَاق: مصدر لَحِق يلحَقُ لَحَاقا. قَالَ: والمِلْحاقُ: الناقَةُ الَّتِي لَا تكادُ الإبِل تَفُوقُها فِي السيْر. قَالَ: رُؤْبَة: فَهِيَ ضَرُوحُ الرّكْضِ مِلْحاقُ اللَّحَق وتلاَحَقَتِ الرِّكاب وَأنْشد: أَقُولُ وَقد تَلاحَقَتِ المَطَايا كفَاكَ القَوْل إنّ عَلَيْك عينا كَفاك القَوْل: أَي ارفُق وَأَمْسِك عَن القَوْل. لاحِقٌ: اسْم فرس مَعْرُوف من خَيْل العَرَب. أَبُو عُبَيْد عَن الكسائِيّ: لَحِقْتُه وأَلْحَقْتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ: وَمِنْه مَا جَاءَ فِي دُعاء الوِتْرِ: (إِن عذابك بالكفار مُلْحق) بِمَعْنى لَاحق وَمِنْهُم من يَقُول: إنَّ عَذابك بالكُفَّارِ مُلْحَق. قلت: واللَّحَق: مَا يُلْحَق بِالْكتاب بعد الفَراغ مِنْهُ فَتُلحِق بِهِ مَا سقط عَنهُ. ويُجْمَع أَلْحاقاً وَإِن خُفِّف فَقِيل لَحْق كَانَ جائِزاً. وَيُقَال: فرَسٌ لاحِق الأيْطَل وخيل لُحْق الأياطِل إِذا ضُمِّرَتْ. ابْن شُمَيل عَن الجَعْدي: اللَّحَقُ: مَا زُرِع بِمَاء السَّمَاء وجَمْعُه الألحاقُ: وَقَالَ يَعْقُوب: اللَّحَق: الزَّرْعُ العِذْيُ. وَقَالَ: لَحَقُ الغَنَمِ: أَولادها. حلق: قَالَ اللَّيْث: الْحَلْق: مَساغُ الطَّعامِ والشَّرَاب فِي المَرِيءِ. قَالَ: ومَخْرَجُ النَّفَسِ من الحُلْقُوم، ومَوْضِعُ الذَّبْح هُوَ أَيْضاً من الْحَلْق وجَمْعُه حُلُوق، وَقَالَ أَبُو

(4/37)


زَيْد: الْحَلْقُ: مَوضِع الغَلْصَمَة والمَذْبَح. ثَعْلَب عَن ابْنِ الْأَعرَابِي قَالَ: الْحَلق: الشُّؤْمُ. وَيُقَال: حَلَقَ فلَان فُلاَناً إِذا ضَرَبَه فأَصاب حَلْقَه، وَجَاء فِي الحدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ لِصَفِيّةَ بنتِ حُيَيّ حِين قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّفْر: إنّها نَفِست فَقَالَ: (عقرى حلقى مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا) . قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاه عَقَرَها الله وحَلَقَها أَي أَصَابها الله بِوَجَع فِي حَلْقِها كَمَا يُقَال: رأَسَه إذَا أصَابَ رَأْسَه. قَالَ: وأَصْلُه عَقْراً حَلْقاً وأَصْحابُ الحَدِيثِ يَقُولُونَ: عَقْرَى حَلْقَى. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال عِنْد الأمْر يُعْجَبُ مِنْهُ خَمْشَى وعَقْرَى وحَلْقَى كأَنه من العَقْرِ والحَلْق والخَمْش، وَأنْشد: أَلاَ قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلُقَى لِمَا لاقَتْ سَلامانُ بن غَنْمِ وَمَعْنَاهُ قَوْمي أولُوا نِسَاء قد عَقَرْنَ وُجُوههن فَخَدَشْنَها وَحَلَقْن شُعُورَهن مُتَسَلِّبَاتٍ على مَنْ قُتِلَ من رِجالها. وَقَالَ شَمِر: روى أَبُو عُبَيْد: عَقْراً حَلْقاً فَقلت لَهُ: لَمْ أَسْمَع هَذَا إلاْ عَقْرَى حَلْقَى فَقَالَ: لكِنّي لم أسْمَع فَعْلَى على الدُّعاء. قَالَ شمر: فقُلْت لَهُ: قَالَ ابْنُ شُمَيْل: إِن صِبْيان البَادِيَة يَلْعَبُون وَيَقُولُونَ: مُطَّيْرى على فُعَّيْلَى وَهُوَ أَثْقَل من حَلْقى، قَالَ: فَصَيَّره فِي كِتابه على وَجْهَيْن مُنَوَّناً وَغير مُنَوَّنٍ. وَفِي حديثٍ آخر (ليْسَ مِنَّا من سَلَق أَو حَلَق أَو خَرَق) أَي لَيْسَ من سُنَّتِنَا رَفْعُ الصَّوْت فِي المَصائبِ وَلَا حَلْقُ الشَّعَر وَلَا خَرْق الثِّياب. وَقَالَ اللَّيْث: الحالقُ: المَشْؤُومُ. يَقُول: يَحْلِقُ أهلَه ويَقْشِرُهم قَالَ: وَيُقَال: للْمَرْأَة: حَلْقى عَقْرَى: مَشْؤومة مؤذِيَةٌ: قلت: وَالْقَوْل فِي تَفْسِيرهما مَا ذَكرْنَاهُ عَن أبي عُبَيد وشَمِر. وَمِنْه قَول الرَّاجِز: يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ أَفْضَلُ من يومِ احْلِقي وقُومِي وَقَالَ اللَّيْث: الحَلْقُ: حَلْق الشَّعَرِ، والمُحَلَّقُ: موضِعُ حَلْقِ الرَّأسِ بِمِنًى وَأنْشد: كَلاَّ وَرَبِّ البَيْتِ والمُحَلَّقِ وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} (الفَتْح: 27) . وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: اشتريتُ كِساءً مِحْلَقاً إِذا كَانَ خَشِناً يَحْلِقُ الشَّعَر من الجَسَد. وَقَالَ الرَّاجِز يَصِف إبِلا تَرِدُ الماءَ فَتَشْرَب: يَنْفُضْن بالمشَافِر الهَدالِقِ نَفْضَكَ بِالْمَحاشِىء الْمَحالِقِ قَالَ والمحاشىء: أكْسِيَة خَشِنة تحلِق الْجَسَد واحِدُها مَحْشأ بِالْهَمْز، وَيُقَال: مِحْشاة بِغَيْر همز. وَيُقَال: حَلَق مِعزاه إِذا أَخذ شعرهَا وجَزّ ضأنَه، وَهِي مِعْزى محلوقةٌ وحَلِيق. وَقَالَ اللَّيْث: الحَلَقُ: نَبَات لورقه حُمُوضة يُخْلَط بالوسمة للخِضاب والواحدة حَلَقة. قَالَ: والمحلَّق من الْإِبِل: الموْسُوم بِحَلقَة فِي فَخِذِه أَو فِي أصل أُذُنه وَيُقَال لِلْإِبِلِ المُحَلَّقة حَلَق.

(4/38)


وَقَالَ جَنْدَل الطُّهَوِيّ: قد خرّب الأنضاد تنشَادُ الحَلَقْ من كلِّ بالٍ وجهُه بِلَى الخَلَقْ يَقُول: خرّبوا أنضاد بيوتِنا من أمْتِعتنا بِطَلَب الضَّوَالّ. أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: حَلِق قَضيب الْحمار يحْلَق حَلَقا إِذا احْمَرَّ وتقشَّر. قَالَ: وَقَالَ ثَوْرٌ النَّمِرِيّ: يكون ذَلِك من دَاء لَيْسَ لَهُ دَوَاء إِلَّا أَن يُخْصَى وَرُبمَا سَلِم وَرُبمَا مَاتَ، وَأنْشد: خَصَيْتُك يَا ابْن حَمْزة بالقوافي كَمَا يُخْصى من الحَلَق الْحمار وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يكون ذَلِك من كَثْرَة السِّفادِ. وَقَالَ شَمِر: يُقَال: أَتان حَلَقِيَّة إِذا تداولتها الحُمُر فأصابها داءٌ فِي رَحِمِها. وَقَالَ اللَّيْث الْحَلقة بِالتَّخْفِيفِ: من الْقَوْم والجميع الحَلَق، قَالَ وَمِنْهُم من يَقُول: حَلَقَة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حلْقة من النَّاس وَمن حَدِيد والجميع حِلَق. مثل بَدْرَة وبِدَر وقَصْعَة وقِصَع: وَقَالَ أَبُو عُبيد: أَختارُ فِي حَلَقة الْحَدِيد فتح اللَّام ويَجُوزُ الْجَزْم وأختار فِي حَلْقةِ الْقَوْم الجَزْم وَيجوز التّثْقِيل. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: أخْتَار فِي حَلْقَةِ الْحَدِيد وحلْقة النَّاس التَّخْفِيف، وَيجوز فيهمَا التّثْقِيل. وَالْجمع عِنْده حَلَق. وَقَالَ ابْن السِّكيت: هِيَ حَلْقَة الْبَاب وحَلْقَةُ الْقَوْم، وَالْجمع حَلَقٌ وحِلاقٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: لَيْسَ فِي الْكَلَام حَلَقة إِلَّا قَوْلهم: حَلَقة للَّذين يحلقون المِعْزَى. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَلَقَةُ: الضُّرُوعُ المُرْتَفِعة. وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا رَوى ابْن هانىء عَنهُ: يُقَال: وفّيْتُ حَلْقَةَ الْحَوْض تَوْفِيَة والإناء كَذَلِك. وحَلْقَةُ الإنَاءِ: مَا بَقِي بعد أَن تجْعَل فِيهِ من الشَّرَاب وَالطَّعَام إِلَى نصفه، فَمَا كَانَ فَوق النّصْف إِلَى أَعْلَاهُ فَهُوَ الْحَلْقة وَأنْشد: قَامَ يُوَفِّى حَلْقَةَ الْحَوْضِ فَلَجْ وَقَالَ أَبُو مَالك: حَلْقَة الْحَوْضِ: امتلاؤه. وحَلْقَتُه أَيْضا: دون الامتلاء وَأنْشد: فَوَافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ والمُحَلِّق: دون المِلْءِ. وَقَالَ الفرزدق: أَخَاف بِأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحَلِّق إِذا كَانَ يَوْمُ الْحَتفِ يَوْمَ حِمَامِي وَقَالَ اللَّيْث: الْحِلق: الخاتَم من فضَّة بِلَا فصّ. أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: الْحِلقُ: المَال الْكثير: يُقَال: جَاءَ فلَان بالحِلْق. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أُعطِي فلانٌ الحِلْقَ أَي خَاتم المُلك يكون فِي يَده. وَأنْشد: وأُعطِي منا الْحِلقَ أبيضُ مَاجِدٌ ردِيفُ مُلُوكٍ مَا تُغِبُّ نَوَافِلُه وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: الحالقُ: الجَبَلُ المُنِيفُ المُشرِفُ.

(4/39)


أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُلُقُ: الأَهْوِيةُ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، واحِدُها حَالقٌ. والحُلَّقُ: الضُّروع المرتفعة. وَقَالَ اللَّيْث: حلَق الضَّرعُ يَحْلُق حُلُوقاً فَهُوَ حالق يُرِيد ارتفاعه إِلَى الْبَطن وانضمامَه. وَفِي قَول آخر: كثْرَة لَبَنِه. أَبُو عُبيد: عَن الْأَصْمَعِي أَنه أنْشدهُ قَول الحُطَيْئَة يصف الْإِبِل: إِذا لم تكن إلاَّ الأَمَاليسُ أَصْبَحَتْ لَهَا حُلَّق ضَرَّاتُها شَكِرَات قَالَ: حُلَّق جَمْع حالق، وَرَواهُ غَيره: إِذا لم تكن إِلَّا الأَمَاليس رُوِّحَتْ مُحلَّقَةً ضَرَّاتُها شَكِرات قَالَ: محلَّقة: حُفَّلا كَثِيرَة اللَّبن وَكَذَلِكَ حُلَّق: ممْتلئة، وضرعٌ حالق: ممتلىء. وَقَالَ النَّضر: الحالق من الْإِبِل: الشَّدِيدَة الحَفْل الْعَظِيمَة الضَّرّةُ وَقد حَلَقت تَحْلِق حَلْقاً. قلت. الحالق من نَعْت الضُّرُوع جَاءَ بمَعْنَيْين مُتَضادّين: فالحالق المُرْتفع المُنْضَمّ إِلَى الْبَطن لقِلَّة لَبنِه، وَمِنْه قَوْلُ لبيد: حَتَّى إِذا يَئِسَت وأَسْحَق حالق لم يُبْلِه إرْضَاعُها وفِطَامُها فالحالق فِي بَيت لبيد الضّرْعُ المُرتفع الَّذِي قَلَّ لَبَنُه، وإسْحَاقُه دَليلٌ على هَذَا الْمَعْنى. والحَالق: الضَّرْعُ الممتلىء. وشاهدهُ قَول الحُطَيْئَة. وَقَوله: شَكِرات، يَدُل على كَثْرَة اللَّبن. شَمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: (هم كالحلقة المُفْرَغَة لَا يُدْرَى أَيهَا طرفها) . يضْرب مثلا للْقَوْم إِذا كَانُوا مُجْتَمعين مُؤتلفين، كلمتهم وأَيديهم واحِدَة، لَا يطْمع عَدُوُّهم فيهم وَلَا ينَال مِنْهُم. وَقَالَ اللَّيْث: الحالِق من الْكَرم والشَّرْى وَنَحْوهمَا: مَا الْتَوى مِنْهُ وَتعلق بالقُضبان. قَالَ: والمحالق من تعريش الكَرْم. قلت: كلُّ ذَلِك مَأخوذٌ من استدارته كالحلْقَةِ. وحَلَّقَت عينُ الْبَعِير إِذا غَارت. وحَلَّق الإناءُ من الشَّرَابِ إِذا امْتَلَأَ إلاّ قَلِيلا. ورُوي عَن أَنس بن مَالك أَنَّه قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي العَصْر، والشَّمسُ بَيْضاء محلِّقة، فأرْجع إِلَى أَهْلي فأقُول: صَلُّوا) . قَالَ شمر: مُحَلِّقَة قَالَ أَسِيدُ: تَحْلِيق الشَّمْسِ من أوّل النهارِ: ارْتفاعها من المَشْرِق وَمن آخر النَّهَار: انحدارُها. وَقَالَ شَمِر: لَا أرى التَّحْلِيق إِلَّا الارتفاعَ فِي الْهَوَاء. يُقَال: حَلَّق النجمُ إِذا ارْتَفع، وحَلَّق الطَّائِر فِي كَبِد السَّماء إِذا ارْتَفع وَقَالَ ابْن الزُّبِير الأَسَدِي فِي النَّجْم: رُبَ مَنْهلٍ طَامٍ وردْتُ وَقد خَوَى نَجْمٌ وحَلَّق فِي السَّماء نُجُوم خَوَى: غَابَ. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: حَلَّق ماءٌ لحوض إِذا قَلَّ وذهَب. وَفِي حَدِيث آخر: فحلَّق ببصره إِلَى السَّمَاء. قَالَ شمر أَي رَفَعَ الْبَصَر إِلَى السَّمَاء كَمَا

(4/40)


يُحَلّق الطائِرُ إِذا ارْتَفع فِي الْهَوَاء، وَمِنْه: الحَالق: الجبَلُ المُشرِفُ. قَالَ: وحَلّق الحوضُ: ذهبَ مَاؤُهُ، وحَلّقت عينُ البَعيرِ إِذا غارَتْ. وَقَالَ الزَّفَيانُ: ودُونَ مَسْرَاهَا فَلاَةٌ خَيْفَق نائي الميَاهِ ناضِبٌ مُحَلِّق وحَلَّق الطَّائِر إِذا ارْتَفع فِي الْهَوَاء. وَقَالَ النّابغة: إِذا مَا الْتَقَى الجَمْعان حَلَّق فَوْقهم عَصَائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائب وَقَالَ اللَّيْث: تَحَلَّق الْقَمَر إِذا صارَتْ حوله دارَةٌ. ومُحَلِّق: اسْم رَجُل. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَصبَحت ضَرَّة الناقةِ حالِقاً إِذا قَاربت الملء وَلم تفعل. وَيُقَال: لَا تفعل ذَاك أمُّك حَالِقٌ، أَي أَثْكل الله أُمّك بك حَتَّى تَحْلق شعرهَا. وَيُقَال: لِحْيةٌ حَلِيقٌ، وَلَا يُقَال حَلِيقَة. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حَلَّق إِذا أَوجع، وحَلِق إِذا وَجِعَ. وَرُوِيَ فِي الحَدِيث (دبَّ إِلَيْكُم داءُ الْأُمَم البغضاءُ وَهِي الحَالِقَةُ) ، قَالَ شمر، وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الحَالِقَةُ: قطيعةُ الرَّحِم والتَّظالم وَالْقَوْل السَّيء. وَيُقَال: وَقعت فيهم حالِقَة لَا تدع شَيْئا إِلَّا أَهْلَكَتْهُ. قَالَ: والحالِقَةُ: السّنةُ الَّتِي تَحْلِق كل شَيْء، والقومُ يحلِقُ بَعضهم بَعْضًا إِذا قَتَلَ بَعضهم بَعْضًا، وَالْمَرْأَة إِذا حَلَقت شعرهَا عِنْد المُصِيبَة حالِقَةٌ وحَلْقى. وَمثل للْعَرَب: (لأُمِّك الحَلْق ولعينِك العُبْرُ) . والحالِقَةُ: المَنِيَّة، وَتسَمى حَلاَقِ. أَبُو عُبيد: الحَلْقَة: اسمٌ يجمع السِّلاح والدُّروع وَمَا أَشْبهها. وسِكِّين حالِقٌ وحَاذِقٌ أَي حَدِيد. وحَلَّق المكُّوك إِذا بلغ مَا يُجعل فِيهِ حَلقَة، والدُّروع تسمى حَلْقَة. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: قد أَكْثَرَ فلَان من الحَوْلَقَة إِذا أَكْثر من قَول: لَا حَوْل وَلَا قُوْةَ إِلَّا بِاللَّه. ح ق ن حقن، حنق، قنح، نقح: مستعملة. حقن: قَالَ اللَّيْث: الحَقِينُ: لَبنٌ مَحْقونٌ فِي مِحْقن. قلت: الحَقِين: اللبنُ الَّذِي قد حُقِنَ فِي السِّقَاء، وَيجوز أَن يُقال للسِّقَاء نَفسه مِحْقن، كَمَا يُقال لَهُ مِصْرَبٌ ومِجزَم. وكل ذَلِك مَحْفُوظ عَن الْعَرَب. وَمن أمثالهم: (أَبى الْحَقِينُ العِذْرَة) يضْرب مثلا للرجل يَعْتَذر وَلَا عُذْرَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو عُبيد: أَصْلُ ذَلِك أَن رجلا ضاف قوما فاستسْقَاهم لَبناً وَعِنْدهم لبنٌ قد حَقَنُوه فِي وَطْب فاعْتَلُّوا عَلَيْهِ وَاعْتَذَرُوا فَقَالَ: أَبى الحَقِين العِذْرَةَ أَي هَذَا الحَقين يُكَذِّبُكم. وَقَالَ المُفَضَّل: كُلّ مَا ملأتَ شَيْئا أَو دَسَسْتَه فِيهِ فقد حَقَنْتَه. وَمِنْه سُمِّيت الْحُقْنَة. قَالَ: وحَقَن الله دَمه: حَبسه فِي جلْده وملأَه بِهِ، وَأنْشد فِي نعت إبل امتلأَت أَجوافُها: جُرْداً تحقَّنَت النَّجِيلَ كأنّمَا بجُلُودِهِنّ مَدَارِجُ الأَنْبَار وَقَالَ اللَّيْث: إِذا اجْتمع الدَّمُ فِي الْجوف

(4/41)


من طَعْنة جائِفَة تَقول: احتَقَنَ الدَّمُ فِي جوفِه. واحْتَقَنَ الْمَرِيض بالحُقْنَةِ. قَالَ وبعير مِحْقَان: وَهُوَ الَّذِي يَحْقِنُ الْبَوْل فَإِذا بَال أَكثر. قَالَ: والحاقِنَتان: نُقْرَتَا التَّرْقُوَتين والجميع الحَوَاقِنُ. وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي قَول عَائِشَة: (تُوفِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سَحْرِي ونَحْرِي وحاقِنَتِي وذَاقِنَتي) . قَالَ أَبُو عَمْرو: الحَاقِنَة: النُّقرة الَّتِي بَين التَّرقُوة وحَبْلِ العاتِق وهما الحاقِنَتَان. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال فِي مَثَل: (لأُلحِقَنَّ حَوَاقِنَك بَذَواقِنك) . ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَاقِنَة المَعِدة، والذَّاقِنَة: الذَّقَنُ. قَالَ: وأحقَنَ الرجل إِذا جمع أَلوان اللبَن حَتَّى تطيب. وأَحقَن بَوْله إِذا حبَسَه. وَقَالَ ابْن شُمَيل: المُحْتَقِنَ من الضُّرُوع: الواسعُ الفسيح وَهُوَ أَحْسَنُهَا قَدْراً كَأَنَّمَا هُوَ قَلْتٌ مُجْتَمع مُتَصَعِّد حسَن، وَإِنَّهَا لمُحْتَقِنَة الضَّرْع. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحَلْقَةُ والْحَقْنَةُ: وَجَع يكون فِي الْبَطن، والجميع أَحْقَالٌ وَأَحْقَانٌ، رَوَاهُ أَبُو تُرَاب. وَفِي الحَدِيث: (لَا رَأْي لِحاقِب وَلَا حاقِن) والحاقِنُ فِي البوْلِ والحاقِبُ فِي الغَائِطِ. نقح: اللَّيْث: النَّقْحُ: تَشْذِيبُك عَن الْعَصَا أُبَنَها وَكَذَلِكَ فِي كل شَيْء من أَذَى نحَّيْتَهُ عَن شَيْء فقد نَقَحْتَه. قَالَ: وَالمُنَقِّح للْكَلَام: الَّذِي يُنَقِّش عَنهُ وَيحسن النَّظر فِيهِ، وَقد نَقَّحتُ الْكَلَام. ورُوَي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء أَنَّه قَالَ فِي مَثَل: (استغْنَت السُّلاَّءَة عَن التَّنْقِيح) ، وَذَلِكَ أَن الْعَصَا إِنَّما تُنَقَّح لتَمْلُسَ وتَخْلُق، والسُّلاَّءة: شَوْكَةُ النَّخْلَة وَهِي فِي غَايَة الاسْتوَاء والمَلاَسَة فَإِن ذهبتَ تَقْشِرُ مِنْهَا قِشْرَها خَشُنَت، يُضرب مثلا لمن يُريد تَقْوِيم مَا هُوَ مُسْتَقِيم. وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيّ: طَوْراً وَطَوْراً يَجُوبُ العُقْرَ من نَقَحٍ كالسَّنْدِ أَكْبَادُه هِيمٌ هراكِيلُ والنقحُ: الخالصُ من الرَّمل، والسّنْدُ: ثِيَاب بيض، وأكبادُ الرَّملِ: أوساطه. والهَراكيلُ: الضِّخامُ من كُثْبَانِه. أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنقَحَ الرجُلُ إِذا قلعَ حِلية سيفِهِ فِي الجَدْبِ والفَقْرِ. وأَنْقَح شِعْرَه إِذا نَقَّحَه وحَكَّكَه. قنح: قَالَ اللَّيْث: القَنْحُ: اتِّخاذُك قُنَّاحَة تَشُدُّ بهَا عِضادة بَاب وَنَحْوه تُسَمِّيه الفُرْسُ قَانَه. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِدَرْوَنْدِ البابِ النِّجافُ والنَّجْرانُ، ولمِتْرَسِه القُنَّاحُ، ولِعتبتِه النَّهضةُ. وَفِي حَدِيث أُمِّ زرع: (وَعِنْده أقولُ فَلَا أُقَبِّح وأشرب فأَتقنَّح) وَبَعْضهمْ يرويهِ (فأتَقَمَّح) . قَالَ ابْن جَبَلة: قَالَ شمر: سمعتُ أَبَا عُبيد يسأَلُ أَبَا عبد الله الطُّوالَ النَّحْوِي عَن معنى قَوْله فَأَتَقَنَّحَ؟ فَقَالَ أَبُو عبد الله: أظُنّها تُريد أشربُ قَلِيلا قَلِيلاً. قَالَ شمر: فَقلت: لَيْسَ التَّفسيرُ هَكَذَا، وَلَكِن التّقَنُّح أَن يشرب فَوق الرِّيِّ، وَهُوَ حَرْفٌ رُوي عَن أبي زيد فأعجَبَ ذَلِك أَبَا

(4/42)


عُبيد، قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ شمر، وَهُوَ التَّقَنُّج والتَرْنُّح، سَمِعْتُ ذَلِك من أعرابِ بني أَسد، وَقَالَ أَبُو زيد: قَنَحْتُ من الشَّرَاب أَقْنَحُ قَنْحاً إِذا تكارهت على شَرْبه بعد الرِّيِّ، وتَقَنَّحْتُ مِنْهُ تَقَنُّحاً وَهُوَ الغالبُ على كَلَامهم. وَقَالَ أَبُو الصَّقر: قنِحْتُ أَقْنَح قَنَحاً. وَقَالَ غَيره: قَنَحْتُ الْبَاب قَنْحاً فَهُوَ مَقْنوحٌ: وَهُوَ أَن تَنْحِتَ خَشَبَة ثمَّ ترفع الْبَاب بهَا. تقولُ للنَّجَّارِ: اقنَحْ بَاب دارِنا فيصنعُ ذَلِك، وَتلك الْخَشَبَة هِيَ القُنَّاحَة وَكَذَلِكَ كلُّ خَشَبَة تُدْخِلُها تَحت أُخْرَى لتُحَرِّكَها. حنق: الحَنَق: شِدّة الاغتياظ. تَقول: حَنِقَ يَحْنَق حَنَقاً والنعت حَنِق. قَالَ: والإحْنَاقُ: لُزوقُ الْبَطن بالصُّلْب وَقَالَ لَبِيد: فأحنَقَ صُلبُها وَسَنَامُها وَقَالَ أَبُو عُبيد: المُحْنِق: الْقَلِيل اللَّحْم، واللاَّحِق مثلُه. وَقَالَ أَبُو الهَيْثَمِ: المُحْنِق: الضّامِرُ، وَأنْشد: قد قَالَتِ الأَنْسَاعُ للبَطْنِ الْحَق قِدْماً فَآضَتْ كالفَنِيق المُحْنِق وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الرِّكَابَ فِي السَّفَر: مَحَانِيق تُضْحي وَهِي عُوجٌ كَأَنَّهَا بِجَوْزِ الفَلاَ مُسْتَأْجَرَاتٌ نَوَائح قَالَ: المَحَانِيق: الضُّمَّر. وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُنُق: السِّمانُ من الإبِلِ. قَالَ: وأَحْنَق إِذا سَمِنَ فجَاء بشحم كثير. قلتُ: وَهَذَا من الأَضْدَادِ. قَالَ: وأَحْنَق الرَّجُلُ إِذا حَقَدَ حِقْداً لَا ينحلّ. قَالَ: وأَحْنَق الزّرعُ فَهُوَ مُحْنِق إِذا انْتَشَر سفا سُنْبُلِهِ بَعْدَمَا يُقَنْبِعُ. ورُوي عَن عمرَ أنَّه قَالَ: لَا يَصلح هَذَا الأمرُ إلاَّ لمن لَا يُحْنِق على جِرَّته. قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ لَا يحقد على رَعيَّته: فَضَربهُ مثلا وَلَا يُقَال للرّاعي جِرَّة. ح ق ف حقف، فقح، قحف، قفح: مستعملة. حقف: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: للرَّمل إِذا طَال واعوَجَّ: قد احقَوْقَفَ. واحْقَوقَفَ ظهرُ الْبَعِير، ويُجمَع الحِقْفُ أحقافاً وحُقُوفاً. وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الحِقْفُ: الرملُ المُعَوجُّ، وَمِنْه قيل لِمَا اعوجَّ: مُحْقَوْقِف. وَقَالَ الفَرَّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ} (الْأَحْقَاف: 21) واحِدُها حِقْف وَهُوَ المُسْتَطِيل المُشرف. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مَرّ هُوَ وَأَصْحَابه وهم مُحْرِمُون بِظَبْي حاقِفٍ فِي ظلّ شَجَرَة. قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي الَّذِي قد انحنى وتثنَّى فِي نَومه. وَلِهَذَا قيل للرمل إِذا كَانَ منحنياً حِقْفٌ، قَالَ: وَكَانَت مَنازِلُ قوم عَاد بالرمال، قَالَ: وَفِي بعض التَّفْسِير فِي قَوْله: بالأحْقَافِ قَالَ: بِالْأَرْضِ. وَالْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب الأول وَأنْشد:

(4/43)


طَيَّ اللَّيَالي زُلَفاً فَزُلَفا سمَاوَةَ الْهلَال حَتَّى احْقَوْقَفا وَقَالَ اللَّيْث: الْأَحْقَاف فِي الْقُرْآن: جبل مُحيطٌ بالدنيا مِن زَبَرْجَدَةٍ خضراء، تلتَهِبُ يَوْم الْقِيَامَة فَتَحْشُرُ النَّاس من كلِّ أُفُق، قلت: هَذَا الجبلُ الَّذِي وَصفه يُقَال لَهُ قَافٌ، وَأما الْأَحْقَاف فَهِيَ رمال بِظَاهِر بِلَاد الْيمن، كَانَت عادٌ تنْزِل بهَا. شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحِقْفُ: أصلُ الرْملِ، وأصل الْجَبَل والحائط. قَالَ: والظَّبْي الحَاقفُ يكون رابضاً فِي حِقْفٍ من الرَّمْلِ، وَيكون مُنْطَوِياً كالحِقْفِ. وَقَالَ ابْن شُميْل: جَمَلٌ أَحْقَفُ: خميصٌ. قحف: قَالَ اللَّيْث: القِحْفُ: الْعظم الَّذِي فَوق الدِّماغِ مِن الجُمْجُمَةِ. والجميع الأقْحافُ والقِحَفَةُ. قَالَ: والقَحْفُ: قَطْعُ القحْف أَو كَسْرُه، ورَجُل مَقْحُوفٌ: مَقْطُوع القِحْف، وَأنْشد: يَدعْنَ هامَ الْجُمْجُمِ المَقْحُوفِ صُمَّ الصَّدَى كالحَنْظَل المنْقُوفِ قَالَ: والقَحْفُ: شِدَّةُ الشُّرْبِ. وَقَالَ امْرُؤُ القَيْس لَمَّا نُعِي إِلَيْه أبُوه وَهُوَ يَشربُ: (اليوْمَ قِحافٌ وغَداً نِقافٌ) . وقحف الْإِنَاء: إِذا شرب مَا فِيهِ. أَبُو عُبَيْد عَن الأصمَعِيّ منْ أمثالِهم فِي رمْي الرّجُل صاحبَه بالمُعْضِلات أَو بِمَا يُسْكِتُه أَنْ يَقولُوا: (رماهُ بِأَقْحَافِ رأْسِه) . قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: القِحْفُ: العَظْمُ الَّذِي فَوْق الدّماغ من الْجُمْجُمَة. الحَرّاني عَن ابْن السِّكِّيت قَالَ: القِحْفُ: مَا ضُرِبَ من الرّأسِ فَطَاح. وَأنْشد لِجَرِيرٍ: تَهْوِي بِذِي العَقْرِ أَقْحَافاً جَماجِمُهم كأَنَّهَا حَنْظُل الْخُطْبانِ تُنْتقَف أَبُو زيد عَن الكِلاَبِيِّين قَالُوا: قِحْفُ الرّأْسِ: كلّ مَا انفَلَقَ من جُمْجُمَتِه فبانَ، وَلَا يُدْعَى قِحْفاً حَتَّى يَبين، وجَمَاعَةُ القِحْفُ أَقْحَافٌ وقَحْفَةٌ وَقُحُوفٌ، وَلَا يَقُولُون لجَمِيع الجُمْجُمَةِ قِحْفٌ إلاَّ أَن تَنْكَسِرَ والجُمْجُمَة: الَّتِي فِيهَا الدِّمَاغ. وَقَالَ غَيره: ضرَبه فاقْتَحَفَ قِحْفاً من رأسِه أَي أبان قِطْعَة من الْجُمْجُمَة، والجُمْجُمَةُ كلُّها تُسَمَّى قِحْفاً وأقْحَافاً. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: القِحافُ: شِدَّةُ المَشَارَبَة بالقِحْف، وَذَلِكَ أنَّ أحدهم إِذا قَتَلَ ثَأْره شَرِب بِقِحْفِ رأْسِه يَتَشَفى بِهِ. قلتُ: القِحْفُ عِنْد العربِ: الفِلْقَةُ من فِلَقِ الْقَصعَة أَو الْقدح إِذا تَثَلَّمَتْ، ورأيتُ أهلَ النَّعَم إِذا جَربت إبِلُهم يجْعَلُونَ الخَضْخَاضَ فِي قِحْف ويَطْلُونَ الأجربَ بالهِناء الَّذِي جَعَلُوهُ فِيهِ، وأَظُنُّهم شَبَّهُوه بِقحْف الرَّأس فسَمَّوْه بِهِ. وَقَالَ اللَّيْث: القاحِفُ من الْمَطَر كالقاعفِ إِذا جَاءَ فُجَاءَةً فاقْتَحَفَ سيلُه كل شَيْء. وَمِنْه قيل: سيلٌ قُحَافٌ وقُعَافٌ وجُحَافٌ بِمَعْنى وَاحِد. أَبُو زيد: عَجَاجَةٌ قَحْفاءُ وَهِي الَّتِي تَقْحَفُ الشَّيْء وَتذهب بِهِ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُحُوفُ: المَغارِفُ. فَحق: أهمله اللَّيْث: وَحكي عَن الفَرَّاءِ أَنه

(4/44)


قَالَ: الْعَرَب تَقول: فُلاَنٌ يَتَفَيْحَقُ فِي كلامِه ويَتَفَيْهَقُ إِذا تَوَسَّعَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: انْفَحَقَ بالْكلَام انْفِحَاقاً وَطَرِيق مُنْفَحِق: واسِعٌ، وَأنْشد: والعِيسُ فَوْقَ لاَحِبٍ مُعَبَّد غُبْرِ الحَصَا مُنْفَحِقٍ عَجَرَّد فقح: اللَّيْث: التَّفَقُّح: التَّفَتُّحُ بالْكلَام قَالَ: والجِرْوُ إِذا أبْصر. قيل: قد فَقَحَ يَعْنِي فَتَح عَيْنَيْهِ. وَفِي الحَدِيث: (أَن عُبيدَ الله بن جَحْش تَنَصَّر بعد إِسْلَامه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: إنَّا قد فَقَّحْنَا وَصَأْصَأْتُم) . قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد والفَرَّاء: فَقَّحَ الْجِرْوُ وجَصَّصَ إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وَصَأْصَأَ إِذا لم يَفْتَحْ عَيْنَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْث: الفُقَّاح: من العِطْر، وَقد يُجعل فِي الدَّوَاء. يُقال لَهُ: فُقَّاحُ الإِذْخِرِ، الْوَاحِدَة فُقَّاحَة، وَهُوَ من الْحَشِيش. قلت: هُوَ نَوْر الإِذْخِرِ إِذا تَفَتَّحَ بُرْعومُه، وكلُّ نَوْر تَفَتَّحَ فقد تَفَقَّح، وَكَذَلِكَ الْورْد وَمَا أشبهه من براعِيم النَّور. اللَّيْث: الفَقَحَةُ مَعْرُوفَة وَهِي الدُّبُر بجُمْعِها. قَالَ: والفَقْحَةُ: الرَّاحَة بلغةِ أهل الْيمن وَجمع الفَقْحَة فِقَاح. قفح: أَبُو بكر عَن شمر: قَالَ: قَفَح فلَان عَن الشَّيْء إِذا امْتنع عَنهُ وقَفَحَتْ نفْسُه عَن الطَّعَام إِذا تَركه وَأنْشد: يَسَفُّ خُرَاطة مَكْرِ الجِنا ب حَتَّى ترَى نفْسَه قافِحَة قَالَ شمر: قَافِحَةٌ أَي تاركة. قَالَ: والخُراطة: مَا انْخَرَط عِيدانُه وَوَرَقُه. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قَفَحْتُ الشيءَ أَقْفَحُه إِذا اسْتَفَفْتَه. ح ق ب حقب، حبق، قبح، قحب: مستعملة. حبق: قَالَ اللَّيْث: الحَبَق: دَوَاءٌ من أدوية الصيادلة. أَبُو عُبيد عَن الأصْمَعي قَالَ: الحَبَق: الفُوذَنْجُ. اللَّيْث: الحَبْق: ضُرَاطُ المعِز. تَقول: حَبَقَت تحبِق حَبْقاً. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الأصْمَعي: يُقَال: نَفَخَ بهَا، وحَبَق بهَا، إِذا ضَرَطَ. وعِذْقُ حُبَيْق ولون حُبَيق: ضَربٌ من التَّمْر رَدِيء، وَقد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن دَفْعه فِي الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة. أَبُو عُبَيْدة: هُوَ يمشي الدِّفِقَّى والحِبِقَّى. قَالَ: والحِبقَّى: دون الدِّفِقَّى. حقب: اللَّيْث: الحَقَبُ: حَبل يُشَدُّ بِهِ الرَّحْل إِلَى بطن الْبَعِير لِئَلَّا يَجْتَذِبَه التَّصْدير فيُقَدِّمه، وَإِذا تَعَسَّر البَوْلُ على الْجمل قيل: قد حَقِبَ البَعِيرُ حَقَباً فَهُوَ بعير حَقِبٌ. أَبُو عُبَيد عَن الأصْمَعي: من أدواتِ الرَّحْل الغَرْض والحَقَبُ، فَأَما الغَرْض فَهُوَ حِزامُ الرّحْل وَأما الحقَبُ فَهُوَ حَبْلٌ يَلي الثِّيلَ. وَقَالَ أَبُو زيد: أحْقَبْت البعيرَ من الْحَقَب. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَخْلَفْتُ عَن الْبَعِير

(4/45)


وَذَلِكَ إِذا أصَاب حَقَبُه ثِيلَه، فيحقَبُ حَقَباً، وَهُوَ احْتِباسُ بَوْله، وَلَا يُقَال ذَلِك فِي النَّاقَة لأنَّ بَوْلَ النَّاقة مِنْ حَيائها، وَلَا يبلُغُ الحَقَبُ الحَياء، فالإخلافُ عَنهُ أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مِمَّا يَلِي خُصْيَتِي الْبَعِير. وَيُقَال: شَكَلْتُ عَن الْبَعِير، وَهُوَ أَن تجعلَ بَين الحَقَب والتَّصديرَ خَيْطاً ثمَّ تَشُدُّه لِكَيْلاَ يدنو الحَقَبُ من الثِّيل، وَاسم ذَلِك الخيْط الشّكالُ. وَجَاء فِي الحَدِيث: (لَا رَأْي لحازِق وَلَا حاقب) فالحازق: الَّذِي ضَاقَ عَلَيْهِ خُفُّه فحزق قدمَه حَزْقاً، وَكَأَنَّهُ بِمَعْنى لَا رَأْي لذِي حَزْق، وَأما الحاقبُ فَهُوَ الَّذِي احْتاج إِلَى الْخَلَاء فَلم يَتَبَرَّز وحَصر غائِطَه، وشُبِّه بالبعير الحَقِب الَّذِي دَنَا الْحَقبُ من ثَيْله فَمَنعه من أَن يَبول. اللَّيْث: الأحْقَبُ: الْحمار الوحشيُّ سُمِّي أحقبَ لبياضٍ فِي حَقْوَيْه، وَالْأُنْثَى حَقباءُ. وَقَالَ رؤبة: كَأَنَّهَا حَقباء بلقاءُ الزَّلَق والقارَةُ الحقباءُ: الدقيقة المستطيلة فِي السَّمَاء، وَأنْشد: ترى القُنَّةَ الحقباءَ مِنْهَا كَأَنَّهَا كُمَيْتٌ يُبَارِي رَعْلَةَ الخيْل فارِدُ وَقَالَ بَعضهم: لَا يُقَال لَهَا حقباءُ حَتَّى يلتوي السّرَابُ بِحَقْوِها. أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: حمارٌ أحقبُ: أَبيض موضِع الحقَب. قلت: والقارةُ الحقباءُ: الَّتِي فِي وَسطهَا ترابٌ أعفرُ ترَاهُ يَبرق لبياضه مَعَ بُرْقةِ سائِرِه. وَقَالَ اللَّيْث: الحِقابُ: شيءٌ تَتَّخِذُه المرأةُ تعلِّق بِهِ معاليق الحُليّ، تَشُدُّه على وَسطهَا والجميع الحُقُب. قلت: الحِقَابُ هُوَ البَرِيمُ إِلَّا أَن البريمَ يكون فِيهِ ألوانٌ من الخيوط تَشُدُّه الْمَرْأَة على حَقْوَيْها. وَقَالَ اللَّيْث: الاحتقابُ: شدُّ الحقيبة من خَلْفٍ، وَكَذَلِكَ مَا حُمِل من شَيْء من خَلْف. يُقَال: احْتُقب واستُحْقِب. قَالَ النَّابِغَة: مُسْتَحْقِبي حَلَقِ الماذِيِّ يَقْدُمُهم شُمُّ العَرانِين ضَرّابُونَ لِلْهَام وَقَالَ شمر: الحَقيبة كالبَرْذَعَة تتَّخذ لِلْحِلْس وللقَتَب، فَأَما حقيبة القتَبِ فَمن خَلْفٍ وَأما حقيبة الحِلْس فمجوَّبةٌ عَن ذِرْوَة السَّنان. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحقيبة تكون على عجُزِ الْبَعِير تَحت حِنْوَى القتب الآخَرَين. والحَقَب: حَبْلٌ يُشد بِهِ الحقيبة. وَقَالَ اللَّيْث: الحِقْبة: زمانٌ من الدَّهْر لَا وَقت لَهُ، والحُقُب: ثَمَانُون سنة والجميع أحقابٌ. أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الحُقُب السِّنون، واحدتها حِقْبة، والحُقُب: ثَمَانُون سنة. وَقَالَ الفرَّاء: الحُقُب فِي لُغة قيس سنةٌ. وَجَاء فِي التَّفْسِير أَنه ثَمَانُون سنة ذُكر ذَلِك فِي تَفْسِير قَوْله: {أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً} (الْكَهْف: 60) . وَقَالَ الزجّاج: الحُقُب: ثَمَانُون سنة.

(4/46)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {مَئَاباً لَّ ? بِثِينَ فِيهَآ} (النّبَأ: 23) . قَالَ: الحُقُب: ثَمَانُون سنة، السّنة ثلثمِائة وَسِتُّونَ يَوْمًا، الْيَوْم مِنْهَا ألف سنة من عدد الدُّنْيَا. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا على غَايَة كَمَا يظنّ بعض النَّاس، وَإِنَّمَا يدل على الْغَايَة التَّوْقِيت خمسةُ أحْقابٍ أَو عشرَة، وَالْمعْنَى أَنهم يَلبثون فِيهَا أحقاباً كلما مضى حُقُب، تبعه حُقُب آخر. وَقَالَ الزجّاج: الْمَعْنى أَنهم يلبثُونَ أحقاباً لَا يذوقون فِي الأحقاب برْداً وَلَا شرابًا، وهم خَالدُونَ فِي النَّار أبدا كَمَا قَالَ الله جلّ وعزّ. وَيُقَال: حَقِبَ السماءُ حَقباً إِذا لم يُمْطِر. وحَقِب الْمَعْدن حَقَبا إِذا لم يُرْكِزْ. وحَقِب نائِلُ فلانٌ إِذا قل وانقَطع. وَالْعرب تسمِّي الثَّعْلَب مُحْقَبا لبياض بطنِه. وَأنْشد بعضُهم لأمِّ الصَّريح الكِنديَّة وَكَانَت تَحت جرير فوَقع بَينهَا وَبَين أُخت جَرِير لحاءٌ وفِخَارٌ فَقَالَت: أتعدِلين مُحْقَباً بأَوْسِ والْخَطَفَى بأشْعثَ بن قيس مَا ذَاك بالحزْم وَلَا بالكيْس عَنَتْ أنَّ رجال قومِها عِنْد رجالها كالثعلب عِنْد الذئْبِ، وأوْس هُوَ الذِّئْب، وَيُقَال لَهُ أُوَيْس. وَمن أمثالهم: (اسْتَحْقب الغَزْو أَصْحَاب البَرَاذِين) . يُقَال ذَلِك عِنْد ضِيقِ المخارج، وَيُقَال فِي مِثْله: (نَشِبَ الحديدةُ والْتوَى المِسمار) . يُقَال ذَلِك عِنْد تَأْكِيد كلِّ أَمر لَيْسَ مِنْهُ مَخْرج. قحب: اللّيث: قَحَب يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إِذا سعل. ويُقال أَخذه سُعالٌ قاحبٌ. وَأهل الْيمن يُسمُّون الْمَرْأَة المُسِنَّة قَحْبة. قَالَ: والقَحْبُ: سُعالُ الشّيخ، وسُعالُ الْكَلْب. أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: من أمراض الْإِبِل القُحابُ وَهُوَ السُّعال، وَقد قَحَبَ يقْحُبُ قَحْباً وقُحَاباً وَكَذَلِكَ نَحَبَ يَنْحِبُ وَهُوَ النُّحاب والنُّحازُ مثله. وَقَالَ اللّحيانيُّ: الْعَرَب تَقول للبغيض إِذا سَعَل: وَرْياً وقُحاباً، وللحبيب إِذا سعل: عُمْراً وشباباً. قَالَ: والقُحاب: السُّعال. قَالَ: وَيُقَال للعجوز: القحْبَةُ والقحْمَةُ، وَكَذَلِكَ يُقَال لكل كَبِيرَة من الْغنم مُسِنَّةٍ. وَقَالَ غَيره: قيل للبغِيّ قحْبَةٌ لِأَنَّهَا كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة تُؤْذِنُ طُلاَّبها بقُحابها، وَهُوَ سُعالُها. وَقَالَ أَبُو زيد: عَجُوز قَحْبَة وَشَيخ قَحْب: وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذهُ السُّعال. وَأنْشد غَيره: شَيَّبَنِي قَبْل إِنَى وقْتِ الهَرَم كلُّ عجوزٍ قَحْبَة فِيهَا صَمَمْ وَيُقَال: بِتْنَ نسَاء يُقَحَّبْنَ أَي يَسْعُلْن قبح: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: قبحْتُ لَهُ وجهَه مخفَّفَة وأقبَحْتَ يَا هَذَا: أتيت بقَبيح. قلت: معنى قبحْتُ لَهُ وَجهه أَي قلت لَهُ: قبَحهُ الله، وَهُوَ من قَول الله

(4/47)


جلّ وعزّ: {? لدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَ ? مَةِ هُمْ} (القَصَص: 42) أَي من المُبعَدين المَلْعونين، وَهُوَ من القبْح وَهُوَ الإبعاد. وَالْعرب تَقول: قبَحه الله وأُمًّا رَمعت بِهِ أَي أبعده الله وَأبْعد والدته. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: قبَح الله فُلاناً قبْحاً وقُبُوحاً أَي أقصاه وباعده من كلِّ خيْر كقُبوح الكلْب والْخِنْزِير. وَقَالَ الجَعْدِيُّ: وَلَيْسَت بَشْوَهَاءَ مَقْبُوحَةٍ تُوافي الدِّيارَ بوَجْهٍ غَبِرْ وَقَالَ أُسَيْدٌ: المَقبُوحُ: الَّذِي يُرَدُّ ويُخْسَأُ، والمَنْبُوحُ: الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ مَثَلُ الكلْب. ورُوِي عَن عمَّار أَنه قالَ لرَجُلٍ نالَ بِحَضرَتِه من عائشَة: (اسْكتْ مَقْبُوحاً مَنْبُوحاً) . أَرَادَ هَذَا المعْنى. وَيُقَال: قبُح فُلانٌ يَقْبُح قَبَاحَةً وَقُبْحاً، فَهُوَ قَبِيح وَهُوَ نَقِيض الحُسْن عامٌّ فِي كلِّ شَيْء، وَفِي الحَدِيث: (لَا تُقَبِّحُوا الوَجْهَ) مَعْنَاهُ: لَا تقُولوا، إنَّه قَبِيح فَإِن الله صَوَّره، وَقد أَحْسَن كلَّ شَيْء خَلَقَه. وَيُقَال: قَبَحَ فُلان بَثْرَةً خَرَجَت بوجْههِ: وَذَلِكَ إِذا فَضَخَها حَتَّى يَخْرجَ قَيْحُها. وكلُّ شَيْء كَسرْته فقد قبَحتَه. وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: يُقَالُ: وَقد اسْتَمْكَتَ العُدُّ فاقْبَحْهُ، والعُدُّ: البَثْرَةُ. واستِمْكاتُه: اقْتِرَابُه للانْفِقاء. وَقَالَ اللَّيْث: القَبِيحُ: طَرفُ عَظْمِ المِرْفَق. قَالَ: والإبْرَة: عُظَيْم آخَر رَأْسُه كبيرٌ وَبقِيَّتُهُ دَقِيق مُلَزَّزٌ بالقَبيح. وروى أَبُو عُبَيْد عَن الأُمَوِيِّ قَالَ: يُقال لِعَظْم الساعِدِ مِمَّا يَلِي النِّصْفَ منهُ إِلَى المِرْفَق كِسْرُ قَبِيحٍ، وَأنْشد: ولَوْ كُنْتَ عَيْراً كُنْت عَيْرَ مَذَلَّةٍ وَلَوْ كُنْت كِسْراً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيح وَأَخْبرنِي المُنْذِريّ عَن أبي الهَيْثَم أنَّه قَالَ: القَبِيحُ: رَأْسُ العَضُد الَّذِي يَلي المِرْفَق بَيْنَ القَبِيح وبَيْنَ إبْرَة الذِّرَاع، من عِنْدِها يَذْرَعُ الذَّارِعُ. قَالَ: وطَرَفُ عَظْم العَضُد الَّذي يَلي المِنْكَب يُسَمَّى الحَسَنَ لِكَثْرَة لَحْمِه، والأسْفَل: القبيحُ. وَقَالَ شَمِر: قَالَ الفَرّاءُ: القَبِيحُ: رَأْسُ العَضُد الَّذِي يَلي الذِّراع وَهُوَ أقلّ العِظام مُشاشاً ومُخّاً، ويُقال لِطَرَفِ الذِّرَاع الإبْرَةُ وَأنْشد: حَيْثُ تُلاَقي الإبْرَةُ القَبِيحا وَقَالَ الفرّاءُ: أَسْفَل العَضُد: القَبِيحُ وأعْلاَها الحَسَنُ. وَفِي (النَّوادر) : المُقَابَحَةُ والمُكابَحةُ: المشَاتَمَةُ. روى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القبَّاحُ: الدُّبُّ الهَرِمُ. والمَقَابِحُ: مَا يُسْتَقْبَحُ من الأخْلاَق، والمَمَادِحُ: مَا يُسْتَحْسَنُ مِنْهَا. ح ق م حمق، قحم، قَمح، محق: مستعملة. قحم: قَالَ اللَّيْث: قَحَمَ الرّجلُ يَقْحَمُ قُحُوماً. وَفِي الْكَلَام العامِّ: اقْتَحَم وَهُوَ رَمْيُه بِنَفسِهِ فِي نَهرٍ أَو وهْدَة أَو فِي أَمر من غير دُرْبَة.

(4/48)


وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {? لنَّجْدَينِ فَلاَ ? قتَحَمَ} (البَلَد: 11) ثمَّ فسر اقْتِحَامَها فَقَالَ: (فَكَّ رَقَبة أَو أَطْعَمَ) . وقرىء: {? لْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ} (الْبَلَد: 13، 14) وَمعنى فَلَا اقْتَحَمَ العَقَبة أَي فَلَا هُوَ اقتحم الْعقبَة، وَالْعرب إِذا نفت بِلَا فعلا كررتها كَقَوْلِه: {? لْمَسَاقُ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى ?} (القِيَامَة: 31) وَلم يُكَرِّرْها هَاهُنَا: لِأَنَّهُ أضمر لَهَا فعلا دلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: فَلَا آمَنَ وَلَا اقْتَحَم العَقَبَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله: {مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ ? لَّذِينَ} (الْبَلَد: 17) . وَيُقَال: تَقَحَّمَتْ بفلان دابَّتُه وَذَلِكَ إِذا نَدَّتْ بِهِ فَلم يضْبط رَأسهَا، فَرُبمَا طوَّحت بِهِ فِي وهْدَة أَو وَقَصَتْ بِهِ. وَقَالَ الراجز: أقُولُ والنَّاقةُ بِي تَقَحّمُ وَأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزٌّ مُعْصِم ويحَكِ مَا اسمُ أُمِّها يَا عَلْكَمُ يُقَال: إِن النَّاقة إِذا تَقَحَّمَتْ براكبها نادَّةً لَا يضبِط رأسَها إِنَّه إِذا سَمّى أُمَّها وقَفَت وعَلْكَم اسْم نَاقَة. وَفِي حَدِيث عليّ ح أَنه وكَّل عبد الله بن جَعْفَر بالخُصُومة وَقَالَ: (إنَّ للخصومة قُحَماً) . قَالَ اللَّيْث: القُحَمُ: العِظامُ من الْأُمُور الَّتِي لَا يَرْكَبُها كلُّ أَحَد، والواحدة قُحْمَة. وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد الكلابيُّ: القُحَم: المهالك. قَالَ أَبُو عُبيد: وأصلهُ من التقحم. قَالَ: وَمِنْه قُحْمَةُ الْأَعْرَاب، وَهُوَ أَن تُصيبَهم السَّنَةُ فتُهلكهم، فَذَلِك تَقَحُّمها عَلَيْهِم أَو تَقَحُّمُهُم بلادَ الرِّيفِ. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يصف الْإِبِل وَشدَّة مَا تلقى من السّير حَتَّى تُجْهِضَ أَوْلَادهَا: يُطْرِّحْنَ بالأولاد أَو يَلْتَزِمْنَها عَلَى قُحَمٍ بَين الفَلاَ والمَنَاهِلِ وَقَالَ شمر: كلُّ شاقَ صَعب من الْأُمُور المُعضِلة والحُروب والدُّيون فَهِيَ قُحَمٌ. وَأنْشد لرؤبة: من قُحَم الدَّين وزُهْدِ الأرفاد قَالَ: قُحَمُ الدَّيْنِ: كثرته ومَشَقَّتُه. قَالَ ساعِدَةُ بن جُؤَيَّة: والشيبُ داءٌ نجيسٌ لَا دَوَاء بِهِ للمرء كَانَ صَحِيحا صائبَ القُحَم يَقُول: إِذا تقَحَّمَ فِي أَمر لم يطش وَلم يخطىء، قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: قومٌ إِذا حَاربُوا فِي حربهم قُحَمُ قَالَ: إقدامٌ وجرأةٌ وتقحُّم، وَقَالَ فِي قَوْله: (معنْ سَرَّه أَنْ يَتَقَحَّم جراثيمَ جَهَنَّم فَلْيَقْضِ فِي الحدِّ) . قَالَ شمر: التَّقَحُّم: التقدُّم والوقُوع فِي أُهْوِيَّة وشِدَّة بِغَيْر رَوِيَّة وَلَا تَثَبُّت. وَقَالَ العجَّاج: إذَا كَلَى واقْتُحم المَكْلِيُّ يَقُول: صُرِع الَّذِي أُصيبت كُلْيَتُه. قَالَ: واقْتَحَم النَّجْمُ إِذا غَابَ وَسقط. وَقَالَ ابْن أَحْمَر: أُراقبُ النَّجْم كَأَنِّي مُولَع بحيثُ يجْرِي النجمُ حَتَّى يَقْتَحم

(4/49)


أَي يسْقط. وَقَالَ جرير فِي التقدّم: هم الحامِلُون الخيلَ حَتَّى تَقَحَّمَتْ قَرابيسُها وازداد موجاً لُبُودُها وَقَالَ اللَّيْث: المَقاحيمُ مِنَ الْإِبِل الَّتِي تَقْتحِم فَتضْرب الشّوْلَ من غير إرْسَال فِيهَا، وَالْوَاحد مِقْحَامٌ. قلت: هَذَا من نعت الفُحُول. والمُقْحَمُ: البعيرُ الَّذِي يُرّبِعُ ويُثني فِي سنة وَاحِدَة: فَتَقْتَحِمُ سنٌّ على سنَ قبل وَقتهَا. يُقَال: أُقْحِمَ البَعِيرُ وَهَذَا قَول الْأَصْمَعِي إِن الْبَعِير إِذا ألقَى سِنَّيْه فِي عَام وَاحِد فَهُوَ مُقْحَم، وَذَلِكَ لَا يكون إلاَّ لابْن الهرِمين. وَقَالَ اللَّيْث: بعيرٌ مُقْحَم. وَهُوَ الَّذِي يُقْحَمُ فِي الْمَفَازَة من غير مُسِيمٍ وَلَا سائق. وَقَالَ ذُو الرُّمَّة: أَوْ مُقْحَمٌ أَضْعَفَ الإبْطَان حَادِجُه بالأمْس فاسْتَأْخَرَ العِدْلانِ والقَتَبُ قَالَ: شبَّه بِهِ جَنَاحَي الظَّليم. قَالَ: وأعرابيٌّ مُقْحَمٌ: نَشأ فِي البَدْو والفَلَواتِ لم يُزَايلها. والتَّقْحيم: رَمْيُ الفَرَسِ فارِسَه على وَجْهِه وَأنْشد: يُقَحِّمُ الفارِسَ لَوْلا قَبْقَبُه وَفِي صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تَقْتَحِمُه عَيْن من قِصَر) . قَالَ أَبُو عُبيد: اقْتَحَمَتْه عَيْني إِذا احْتَقَرَتْه، أَرَادَ الواصف أَنه لَا تستصغره العينُ وَلَا تزدريه لقصره، وَفُلَان مُقْحَمٌ أَي ضَعِيف. وكُلُّ شَيْء نُسب إِلَى الضَّعْف فَهُوَ مُقْحَمٌ، وَمِنْه قَول الجَعْدِي: علوْنَا وسُدْنَا سُؤْدَداً غير مُقْحَم وأصل هَذَا كُله من المُقْحَم الَّذِي يتَحَوَّل من سِنِّ إِلَى سِنَ فِي سنة وَاحِدَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شيخ قَحْرٌ وقَحْمٌ بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَحْمُ: الْكَبِير من الْإِبِل، وَلَو شُبِّه بِهِ الرجلُ كَانَ جَائِزا، والقَحْرُ مثله. وَقَالَ أَبُو العَمَيْثَل الْأَعرَابِي: القَحْمُ الَّذِي أقْحَمَتْه السِّن ترَاهُ قد هَرِم فِي غير أَوَان الهَرَم. قَمح: قَالَ اللَّيْث: القَمْحُ: البُرُّ. قَالَ: وَإِذا جَرَى الدَّقيقُ فِي السُّنْبُل من لَدُنِ الإنضاج إِلَى الاكتناز، تَقول: قد جَرى القمحُ فِي السُّنْبل، وَقد أقْمَحَ البُرُّ. قلت: وَقد أنْضَج ونَضِج، والقَمْحُ لغةٌ شاميّةٌ، وَأهل الْحجاز قد تكلمُوا بهَا. وَقَالَ اللَّيْث: الاقْتِماحُ: أخْذُك الشَّيْء فِي راحتِك ثمَّ تَقْتَمِحهُ فِي فِيك، وَالِاسْم القُمْحَةُ كاللُّقْمَةِ والأُكْلَةِ: قَالَ: والقَمِيحَةُ: اسْم الجُوَارِشِ. قلت: يُقَال: قَمِحْتُ السويقَ أَقْمَحُهُ قَمحاً إِذا سفِفْتَه. أَخْبرنِي بذلك المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: والقَمِيحَة: السَّفُوفُ من السَّويقِ وَغَيره. اللَّيْث: القُمَّحان: يُقَال: وَرْس. وَيُقَال: زَعْفَران. وَقَالَ أَبُو عُبيد: القُمَّحَانُ: زَبَدُ الخَمْرِ

(4/50)


ويقالُ: طيبٌ. وَقَالَ النَّابِغَة: (يبَيسُ القُمَّحَان مِنَ المَدَام) وَقَالَ اللَّيْث: المُقامِحُ والقامِح من الْإِبِل الَّذِي قد اشْتَدَّ عطَشُه حَتَّى فَتَر لذَلِك فُتوراً شَدِيدا، وبعير مُقْمَح، وَقد قَمَحَ يَقْمَح من شِدَّةِ الْعَطش قُموحاً، وأقمحَه العطشُ فَهُوَ مُقْمَح. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَعْن ? قِهِمْ أَغْلَ ? لَا فَهِىَ إِلَى ? لاَْذْقَ ? نِ} (يس: 8) : خاشعون لَا يرفعون أبصارَهم، قلت: كلُّ مَا قَالَه اللَّيْث فِي تَفْسِير القامِح والمُقامِح وَفِي تَفْسِير قوْله: {إِلَى ? لاَْذْقَ ? نِ} فخطأٌ، وَأهل الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير على غيرِه، فَأَما المُقامِح فإنّ الإيَادِيّ أَقْرَأَنِي لشَمِر عَن أبي عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: بَعِيرٌ مُقامحٌ وَكَذَلِكَ الناقةُ بِغَيْر هَاء إِذا رَفَع رأسَه عَن الحوضِ وَلم يشرَب. قَالَ وَجمعه قِمَاحٌ. وَقَالَ بِشْر بن أبي خازم يَذْكر سفينة ورُكبانَها: ونحنُ عَلَى جَوانِبها قُعُودٌ نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإبلِ القِماح قَالَ أَبُو عُبيد: قَمَحَ البعيرُ يَقْمَحُ قُموحاً وقَمَه يَقْمَه قُموها: إِذا رفع رأسَه وَلم يشرَب المَاء. ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ: التقَمُّحُ: كراهةُ الشُّرْبِ. وَقَالَ الهُذَليّ: فَتى مَا ابنُ الأغَرِّ إِذا شَتَوْنا وحُبّ الزَّاد فِي شَهْرَيْ قُماح رَوَاهُ بضمِّ القافِ قُماح وَرَوَاهُ ابنُ السِّكِّيت فِي شَهْري قِماح بِالْكَسْرِ وهما لُغَتَانِ. وشَهْرا قُماح هما الكانونانِ أشدُّ الشتاءِ بردا: سُمِّيا شهرَي قِماح لكَراهةِ كلِّ ذِي كَبِدٍ شُرْبَ المَاء فيهمَا: وَلِأَن الإبِلَ لَا تشربُ الماءَ فيهمَا إِلَّا تَعْذيراً. وَقَالَ أَبُو زَيد: تَقَمَّحَ فلَان من المَاء: إِذا شرِبَ المَاء وَهُوَ متكاره. وَقَالَ شمر: يُقَال لشَهْرَي قِماح: شَيْبَانُ ومَلْحانُ. وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {أَعْن ? قِهِمْ أَغْلَ ? لَا فَهِىَ إِلَى ? لاَْذْقَ ? نِ} (يس: 8) فَإِن سَلَمة روى عَن الْفراء أَنه قَالَ: المُقْمَحُ: الغاضُّ بصرَه بعد رفعِ رأسِه. وَقَالَ الزَّجَّاج: المُقْمَحُ: الرافع رأسَه الغاضُّ بصرَه. قَالَ: وقيلَ للكانونَيْنِ شَهْرا قُمَاح: لِأَن الإبلَ إِذا وَرَدَت الماءَ فيهمَا ترفعُ رؤوسها لشِدَّة بَرْده. قَالَ: وقولُه: {أَعْن ? قِهِمْ أَغْلَ ? لَا فَهِىَ} هِيَ كِنَايَة عَن الْأَيْدِي لَا عَن الأعناقِ لأنَّ الغُلَّ يجعَلُ اليدَ تَلِي الذَّقَنَ والعُنُقَ وَهُوَ مقاربٌ للذَّقن. قلتُ: وَأَرَادَ جلّ وعزّ أنَّ أيديَهم لمّا غُلَّت عِنْد أعناقِهم رَفَعَتِ الأغلالُ أذقانَهم ورؤوسهم صُعُداً كَالْإِبِلِ الرافعةِ رؤوسها. وَقَالَ اللّيثُ: يُقَال فِي مَثَل: (الظَّمَأُ القامحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح) . قلتُ: وَهَذَا خلاف مَا سمِعناه من العربِ، والمسموع مِنْهُم: (الظمأ الفادحُ خَيرٌ من الرِّيِّ الفاضح) وَمَعْنَاهُ العطشُ الشاقُّ خيرٌ من

(4/51)


رِيَ يَفضحُ صاحبَه. وَقَالَ أَبُو عُبيد فِي قَوْل أُمِّ زَرْع: (وعِنده أقولُ فَلَا أُقَبَّحُ وأشربُ فأَتَقَمَّح) أَي أرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشربَ من شِدة الرِّي: قلتُ: وأصْلُ التقَمُّح فِي المَاء فاستعارتْه فِي اللَّبن، أَرَادَت أَنَّهَا تَرْوى من اللَّبن حَتَّى ترفع رَأسهَا عَن شُرْبه كَمَا يفعل البعيرُ إِذا كَرِه شُرْبَ المَاء. قَالَ ابْن شُمَيل: إنَّ فلَانا لَقَموح للنَّبِيذ أَي شَرُوبٌ لَهُ وَإنَّهُ لَقَحوف للنبيذ. وَقد قَمَحَ الشرابَ والنبيذَ وَالْمَاء واللَّبَن واقْتَمَحَه وَهُوَ شُرْبه إيّاه. وقَمِح السَّوِيقَ قَمْحاً، وَأما الخبزُ والتّمرُ فَلَا يُقَال فيهمَا: قمِحَ، إِنَّمَا يُقَال الْقَمْح فِيمَا يُسَفّ. محق: قَالَ اللَّيْث: المَحْقُ: النُّقصانُ وذَهابُ الْبركَة. قَالَ: والمَحاقُ: آخر الشَّهْر إِذا امَّحَق الْهلَال. وَأنْشد: يزدادُ حَتَّى إِذا مَا تَمَّ أَعْقَبَهُ كَرُّ الْجَدِيدَيْنِ مِنْهُ ثمَّ يَمَّحِق قَالَ: وَتقول: مَحَقَه الله فامَّحق وامْتَحَق أَي ذهبَ خيرُه وبركتُه. وأَنشد لِرُؤبةَ: بِلالُ يَا ابنَ الأنجُم الأطْلاقِ لَسْنَ بنَحْسَاتٍ وَلَا أَمْحَاقِ قلت: واختلفَ أهل الْعَرَبيَّة فِي اللَّيالِي المحاقِ، فَمنهمْ من جَعَلها الثلاثَ الَّتِي هِيَ آخرُ الشهرِ وفيهَا السِّرارُ وَإِلَى هَذَا ذهب أَبُو عُبيد وَابْن الْأَعرَابِي، وَمِنْهُم من جَعَلها ليْلةَ خمسٍ وستَ وسبعٍ وَعشْرين لِأَن القمرَ يطلُع فِي أخيرِها ثمَّ يَأْتِي الصّبحُ فيَمْحَقُ ضوءَ الْقَمَر، والثلاثُ الَّتِي بعْدهَا هِيَ الدَّآدِىء وَهَذَا قَول الأصمعيّ وَابْن شُمَيل وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو الهيْثَم والمبرِّد والرِّياشي، وَهُوَ أصحُّ القولَيْن عِندي. ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الإمْحَاقُ: أَن يَهِلك المَال كمَحاقِ الهلالِ وَأنْشد: أَبوك الَّذِي يَكْوِى أُنوفَ عُنُوقِه بأظفارِه حَتَّى أنَسَّ وأَمْحَقَا قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَاءَ فِي ماحقِ الصَّيف أَي فِي شدَّةِ حَرِّه. وَقَالَ ساعِدةُ الهُذَليُّ: ظلَّتْ صَوَافِنَ بالأرْزَانِ صادِيَةً فِي ماحِقٍ من نَهَار الصَّيْف مُحْتَدِم وَيُقَال: يَوْم ماحِقٌ: إِذا كَانَ شديدَ الحَرِّ أَي أَنه يَمْحَقُ كلّ شَيْء ويَحْرِقُه وَقد مَحقْتُ الشيءَ أَمْحَقُه. وقَرْنٌ مَحِيقٌ: إِذا دُلِك فَذهب حَدّه ومَلُسَ. وَمن المَحْقِ الخَفي عِنْد الْعَرَب أَن تَلِدَ الإبلُ الذّكورَ وَلَا تِلدَ الإناثَ: لِأَن فِيهِ انقطاعَ النَّسِل وذِهابَ اللَّبَن. وَمن المَحْقِ الخَفِي النَّخْل المُقارَب بينَه فِي الغَرْسِ. وكلُّ شَيْء أبطَلْتَه حَتَّى لَا يبقَى مِنْهُ شيءٌ فقد مَحَقْتَه وَقد أمْحَقَ أَي بَطَلَ. قَالَ الله: {يَمْحَقُ ? للَّهُ ? لْرِّبَو ? اْ وَيُرْبِى ? لصَّدَقَ ? تِ} (البَقَرَة: 276) أَي يَستأْصِل الله الرِّبا فيُذْهِب رَيْعَه وبَركتَهُ. وَقَالَ أَبُو زيد: مَحَقَه الله وأَمْحَقَه وأبَى الأصمعيّ إلاّ مَحَقَه. وَيُقَال: مُحَاقُ الْقَمَر وَمِحاقُه. ومَحَّق فلانٌ بفلان تَمْحِيقاً: وَذَلِكَ أنَّ

(4/52)


الْعَرَب فِي الجاهِلية إِذا كَانَ يَوْمُ المُحاق من الشَّهر، بدَرَ الرجل إِلَى مَاء الرجل إِذا غَابَ عَنهُ فيَنْزِل عَلَيه ويَسْقِي بِهِ مالَه، فَلَا يَزال قَيِّمَ المَاء ذَلِك الشَّهْر ورَبَّه حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَإِذا انْسَلَخ كَانَ رَبُّه الأوَّلُ أحَقَّ بِه، وَكَانَت الْعَرَب تَدْعُو ذَلِك المَحِيقَ. أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعْرابيّ قَالَ: المَحْقُ: أَن يَذْهَب الشَّيْء كُلُّه حَتَّى لَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ، وَمِنْه قَول الله: {يَمْحَقُ ? للَّهُ ? لْرِّبَو ? اْ} أَي يَسْتأْصِلُ الله. حمق: قَالَ اللَّيْث: حَمُقَ الرجلُ يَحْمُقُ حَماقَة وحُمْقاً، واسْتَحْمَق الرجُل إِذا فَعَل فِعْل الحَمْقَى. وامْرأةٌ مُحْمِقٌ: تَلِدُ الحَمْقَى. ويُقال مُحْمِقَةٌ. وَقَالَت امْرَأَةٌ من الْعَرَب: لستُ أُبالي أَن أكون مُحْمِقَهْ إِذا رأيتُ خُصْيَةً مُعَلَّقَهْ وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن قَول الشَّاعِر: إِن للحُمْقِ نعْمَةً فِي رِقَابِ الْنَ اسِ تَخْفَى عَلَى ذَوِي الألْبَابِ فَقَالَ: سُئل بعضُ البُلغَاءِ عَن الْحُمقِ فَقَالَ: أَجْودُه خَيْرُه قَالَ: ومَعناه أَن الأحْمَق الَّذِي فِيهِ بُلْغَةٌ يطاوِلُك بحُمْقِه فَلَا تعثُر على حُمْقه إلاّ بعد مِرَاس طَوِيل، والأحْمَق: الَّذِي لَا مُلاَوَمَ فِيهِ ينْكَشف حُمقُه سَرِيعا فتستريح مِنْهُ وَمن صُحبتِه. قَالَ: ومعْنى البيْت مُقَدَّم ومؤخَّر، كَأَنَّهُ قَالَ: إِن للحُمق نعْمَة فِي رِقابِ العُقَلاءِ تَغِيبُ وتَخْفَى على غَيرهم من سَائِر النَّاس لأَنهم أفطَن وأذكَى من غَيره. قَالَ: والأحْمَق: مأخوذٌ من انحماق السوقِ إِذا كسدَت فَكَأَنَّهُ فَسَد عَقلُه حَتَّى كَسد. أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: نَام الثَّوْبُ وانحمق إِذا خَلُق. قالَ: وانْحمقَت السّوقُ إِذا كَسَدت. قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: الحُمَاقُ: الجُدَرِيُّ يُقَال منْه رجل مَحْموق. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: انحمق الرجُل إِذا ضَعُفَ عَن الْأَمر. قَالَ: والحَمِق: الْخَفِيف اللِّحية، وَقَالَ غَيره: يُقَال رَجُلٌ أحْمَق وحَمِقٌ بِمَعْنى واحِد. والحُمَيقَاءُ: الجُدَرِيُّ الَّذِي يصيبُ الصِّبيانَ. والبَقْلَةُ الحَمقاءُ: هِيَ الفَرْفَخَةُ. قَالَ: والحَمَاق: نَبْتٌ ذكَرَتْه أمُّ الْهَيْثَم قَالَ: وذَكَر بعضُهم أَن الحَمَقِيق نَبْتٌ. وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ الهَمَقِيق. وَقَالَ اللَّيْث: فَرَسٌ مُحْمِق إِذا كَانَ نِتاجُها لَا يَسبِق. قلت: لَا أَعْرِفُ المُحْمِق بِهَذَا المعْنى. وَقَالَ أَبُو زيد: انْحمق الطَّعام انْحماقاً. ومَأقَ مُؤُوقاً إِذا رَخُص. ابْن السِّكِّيت: يُقَال: لِلَّيَالي الَّتِي يطلُع القمرُ فِيهَا لَيلَه كلَّه فَيكون فِي السَّمَاء وَمن دونِه غَيْمٌ فترَى ضَوْءاً وَلَا ترى قمراً فتَظُن أَنَّك قد أصْبَحْت وَعَلَيْك لَيْل: المُحْمِقات. يُقَال: غَرَّنِي غُرورَ المُحْمِقات. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قالَ: الحُمْق أصلُه

(4/53)


الكسادُ. وَيُقَال للأَحْمَق: الكاسِد العَقْل. قَالَ: والحُمْق أَيْضا: الغُرور. يُقَال: سِرْنا فِي لَيَال مُحْمِقاتٍ إِذا اسْتَتر الْقَمَر فِيهَا بغَيْم أبْيضَ رَقِيق فيَسير الرَّاكِبُ وَهُوَ يَظُن أَنه قد أصبح حَتَّى يملَّ، قَالَ: وَمِنْه أَخذ اسْم الأحمق لِأَنَّهُ يغرك فِي أول مَجْلِسه بتعاقله، فَإِذا انْتهى إِلَى آخر كَلَامه بيَّن حمقه فقد غَرَّك بِأول كَلَامه.