تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْحَاء وَالْكَاف)
(ح ك (وايء)
حاك، (يحوك، ويحيك) ، كاح، حكى، حكأ، وكح، كحا: مستعملة.
حوك حيك: قَالَ اللَّيْث الحُوك بقلة ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَوْكُ الباذروج. قَالَ اليزيدي ماحكّ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْء وَمَا حاكَ وكلٌّ يُقَال:
فَمن قَالَ حكَّ قَالَ يحُكُّ وَمن قَالَ حاك قَالَ يحِيكُ حَيْكاً، وَيُقَال مَا أحاك فِيهِ السَّيْف وَمَا حاك كلٌّ يُقَال:
فَمن قَالَ أحَاكَ قَالَ يُحِيكُ إحاكَةً، وَمن قَالَ حاكَ قَالَ يَحيكُ حَيْكاً وحاك الحائك يحُوك حياكَةً وحَوْكاً وحَاك فِي مَشْيهِ يَحِيكُ حَيَكاناً أَي تبختر.
وَحدثنَا السَّعْدِيّ قَالَ حَدثنَا الزَّعْفَرَانِي عَن زيد بن الحُبَاب:
قَالَ أخبرنَا مُعَاوِيَة بن صَالح قَالَ أَخْبرنِي عبد الرحمان بن نُغَيْر عَن أَبِيه عَن النَوَّاس بن سَمْعان الْأنْصَارِيّ: أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البِرّ والإثْم فَقَالَ:
(البِرُّ حُسْنُ الخُلُق وَالْإِثْم مَا حَاكَ فِي نفْسِك وكَرِهْتَ أَن يطّلِعَ عَلَيْهِ النَّاس) .

(5/83)


وَقَالَ اللَّيْث الشَّاعِر يحوك الشعْرَ حَوْكاً والحائك يَحِيك الثَّوْب حَيْكاً والحِياكةُ حرْفَتُه. قلت هَذَا غلط الحائك يحوك الثَّوْب وَجَمِيع الحائك حَوَكَةٌ وَكَذَلِكَ الشَّاعِر يَحُوكُ الْكَلَام حَوْكاً. وأمّا حاك يَحِيكُ فَمَعْنَاه التَّبَخْتُر.
وَقَالَ اللَّيْث الحَيْك النسج والحَيْكُ أَخْذُ القَوْل فِي الْقلب، يُقَال:
مَا يَحِيكُ كلامُكَ فِي فلَان وَلَا يَحيكُ الفأْسُ وَلَا القَدُومُ فِي هَذِه الشَّجَرَة.
قَالَ والحَيَكَانُ مَشْيَةٌ يُحَركُ فِيهَا الْمَاشِي أَلْيَتَهُ، تقولُ رجل حَيّاكٌ وَامْرَأَة حَيّاكَةٌ تَتَحَيّكُ فِي مِشْيَتها. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الحيكان أَن يُحَرَّكَ مَنْكِبَيْه وجسدَه حِين يمشي مَعَ كَثْرَة لحم.
ابْن بُزُرْج قَالُوا حَوْكٌ وحَوَكٌ وحُوُوكةٌ، وَالْمعْنَى التسَاجات وَهِي الثِّيَاب بِأَعْيَانِهَا.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: مَا حاك سيْفُه أَي مَا قَطَع، وَمَا حَكَّ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْء، أَي مَا تخالَجَ فِي صَدْرِي مِنْهُ شَيْء. قَالَ وحَاكَ يحيكُ حيكاً إِذا فَحَّجَ فِي مِشْيَتِهِ وحرّكَ مَنْكِبَيْه وَقَالَ المُبَرد: حَاكَ الثوبَ والشعرَ يحوكُهُ، كِلاَهُما بِالْوَاو، وَهُوَ يَحِيكُ فِي مِشْيته، ومِشْيةٌ حَيَكَى إِذا كَانَ فِيهَا تبختر.
كوح كيح: قَالَ الليثُ: كاوحتُ فلَانا مكاوحَةً إِذا قاتَلْتَه فَغَلَبْتَه. ورأَيتُهما يتكاوحان، والمكاوحَةُ أَيْضاً فِي الْخُصُوماتِ وَغَيرهَا. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أكاح زيدا. وكوَّحه إِذا غَلَبه، وأَكاحَ زيدا إِذا أَهْلَكَه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو والتكْوِيحُ التَّغْلِيبُ وَأنْشد:
أعددتُه للخَصْم ذِي التَّعَدّي
كوَّحْتُه مِنْكَ بِدُونِ الْجَهْدِ
وكوَّحَ الزمَامُ البعيرَ إِذا ذلَّلَه، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا رام بغياً أَو مراحاً أقامَهُ
زِمَامٌ بمَثْنَاهُ خِشَاشٌ مكوحُ
بمثناه بِمَا ثنى من طرفَهِ حَلْقَةً
شمر عَن الْأَصْمَعِي الكِيحُ نَاحيَة الْجَبَل وَقَالَ رؤبة:
عَن صَلَتٍ من كيحنَا لَا تَكْلِمه
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الكِيحُ عُرْض الْجَبَل وأَغْلَظُه قَالَ والوادي رُبمَا كَانَ لَهُ كِيحٌ إِذا كَانَ فِي جُرُفٍ غليظ فجرفه كيحهُ، وَلَا يعد الكِيحُ إِلَّا مَا كَانَ من أصْلَب الحِجَارة وأخْشنها، وكل سنَدٍ جبلٍ غليظٍ كِيحٌ وَإِنَّمَا كوْحه خُشْنته وغِلَظُه، وَالْجَمَاعَة الكِيحَةُ. وَقَالَ اللَّيْث أسنانٌ كيحٌ غَلِيظَة وَأنْشد:
ذَا حَنَكٍ كِيح كحب القِلقِل
قَالَ والكِيح صقع الجُرْف وصقْع سنَدِ الْجَبَل.
وكح: أَبُو عبيد عَن أبي زيد أَوْكَحَ عطيَّتَه إيكاحاً إِذا قَطَعَها.
الْأَصْمَعِي: حفر فَأكْدَى وأَوْكَحَ إِذا بَلَغَ المكانَ الصُّلْبَ وَقَالَ المفضّل سَأَلته فاسْتَوْكَحَ استيكاحاً أَي أمسك وَلم يُعْط.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: استوكَحَتِ الفراخُ إِذا غلظت وَهِي فراخ وُكُحٌ. وَقَالَ غَيره أَرَادَ أَمْراً فَأَوْكَحَ عَنهُ أَي كفَّ عَنهُ وتَرَكَه.

(5/84)


حكى: اللَّيْث الحِكاية كَقَوْلِك حكَيْتُ فلَانا وحاكَيْتُه إِذا فعلتَ مثلَ فعلِه سَوَاء وَقلت مثلَ قولِه سَوَاء لَا تجاوزُه.
سَلمَة عَن الفرّاء: الحاكِيَةُ الشادّة يُقَال حكت أَي شدّت قَالَ والحائِكة المتبخترة.
حكأ: قَالَ اللَّيْث أحكأتُ العُقْدَةَ إحْكَاء إِذا شدَدْتَّها واحْتَكأَتِ العُقْدَةُ إِذا اشتدّت وَقَالَ الأصمعيّ: أَحْكَأَ عُقْدَتَه إحكاءً إِذا شدّها، وأَنشد شمر:
أَجْلَ أَنَّ الله قد فَضَّلكم
فوقَ من أَحكأ صُلْباً بإزار
الصُّلْبُ هَاهُنَا الحَسَبُ، والإزار العِفَّةُ من الْمَحَارِم.
وَقَالَ شمر هُوَ من أحْكأتُ العُقْدَة أَي أحْكَمْتُهَا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم قَالَ الأصمعيّ: أهل مكّة يسمون العِظَاءة الحُكَأَة. والجميع الحُكَى، مَقْصُور. قَالَ أَبُو حَاتِم. وَقَالَت أم الْهَيْثَم الحُكاءَة ممدودة مَهْمُوزَة. وَهُوَ كَمَا قَالَت. وَفِي (النَّوادر) . يَقُول لَهُ احْتَكَأَ أمْرِي لفَعَلت كَذَا، أَي لَو بَان لي أَمْرِي فِي أوّله. ابْن السّكيت يُقَال احْتَكَأ ذَاك الأمْرُ فِي نَفسِي أَي ثَبَتَ فَلم أشُكَّ فِيهِ، وَمِنْه إحْكَاء العُقْدَةِ، وَيُقَال سَمِعت أَحَادِيث فَمَا احتكأ فِي صَدْرِي مِنْهَا شيءٌ.
كحا: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ كَحَا إِذا فسد. قلتُ: وَهُوَ غَريبٌ.

(بَاب الْحَاء وَالْجِيم)
(ح ج (وايء))
حجا، حَاج، جحا، جاح، وجح، وَحج، أحح.
حجا (أحج) : وَقَالَ اللَّيْث: تَقول حاجَيْتُه فَحَجَوْتُه إِذا ألقيت عَلَيْهِ كلمة مُحْجِيَةً مُخَالفَة المَعْنَى لِلَّفظ. والجواري يتحاجَيْن. والحُجَيَّا تَصْغِيرُ الحَجْوَى. وَتقول الجاريةُ للأخْرى جُحَيَّاكِ مَا كانَ كذَا وكذَا. والأُحْجِيَّةُ اسْم المحاجاةِ وَفِي لُغَة أُحْجُوَّة وَالْيَاء أحسن. والْحجْوَى اسْم أَيْضا للمحاجاة.
وَقَالَت بنت الخُس العاديَّةُ فِيمَا يُرْوَى لَهَا:
قَالَتْ قالَةً أختى
وحَجْوَاهَا لَهَا عَقْلُ
ترى الفتيان كالنخل
وَمَا يدرِيك مَا الدَّخْلُ
الدَّخْلُ العيْبُ.
أَبُو عُبَيْدٍ: بَينهم أُحْجِيَّةٌ يتحاجَوْن بِهَا، وَهِي مثل الأُغلوطة وأُدْعيَّه فِي مَعْنَاهَا، وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال مِنْهُ حاجَيْتُه، وَهُوَ نَحْو قَوْلهم أَخْرِجْ مَا فِي يَدي وَلَك كَذَا.
سلمةُ عَن الْفراء قَالَ: حُجَيَّاكَ مافي يَدي، أَي حاجَيْتُك. وَقَالَ الْأَصْمَعِي فلَان يأتينا بالأحاجيّ أَي بالأغاليط. وَقَالَ اللَّيْث الحَجَاةُ فُقَّاعةٌ ترْتَفع فوقَ المَاء كأنَّها قارورةُ والجميع الحَجَوَاتُ وَأنْشد:
وعَيْنَاي فِيهَا كالحَجاة من الْقطر
وَقَالَ الْأَصْمَعِي الحَجَا مقصورٌ النُّفاخات على المَاء الْوَاحِدَة حَجَاةٌ. قَالَ: والحِجَا

(5/85)


العقلُ مقصورُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زيد والفراءُ. وَأنْشد اللَّيْث قولَ الْأَعْشَى:
إِذْ هِيَ مثلُ الغُصْن ميَّالَةٌ
تروق عَيْنَيْ ذِي الْحِجا الزائر
وَيُقَال: هُوَ حَجٍ بِهِ قَالَ وَتقول إنَّه لَحِجَيٌّ أَن يفعل ذَاك أَي حَرِيٌّ بِهِ، وَمَا أَحْجَاهُ بِهِ وأحْراه قَالَ العجاج:
كرَّ بِأَحْجَى مَانِعٍ أَن يَمْنَعَا
وَتقول أَحْجِ بِهِ أيْ أَحْرِبه وأخلِقْ بِهِ أَن يكون، قَالَ الأصمعيُّ وَقَالَ اللَّيْث الحَجَا الزمزمة وَقَالَ الشَّاعِر:
زمزمة الْمَجُوس فِي أحجائها
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي فِي حَدِيث رَوَاهُ عَن رجل رَأَيْت عِلْجاً يومَ الْقَادِسِيَّة قد تكَنَّى وتَحَجَّى فقتلتُه؛ قَالَ ثعلبٌ سَأَلت ابنَ الْأَعرَابِي عَن تحجَّى فَقَالَ: مَعْنَاهُ زَمْزَمَ قَالَ والحِجاءُ مَمْدُود الزمْزَمة وَأنْشد:
زَمْزَةُ الْمَجُوس فِي حِجَائِها
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ وكأنهما لُغَتَانِ إِذا فتحتَ الْحَاء قصرْتَ وَإِذا كسرتها مددت، وَمثله الصَّلا والصلاءُ والأَيا والإياءُ للضَّوْءِ. قَالَ وتكنى لزم الكِنَّ، أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ حاجَانِي فلانٌ فاحْتَجَيْتُ أَي أصَبْتُ مَا سَأَلَني عَنهُ وأنشدنا:
فَنَاصِيَتي ورَاحِلَتي ورحْلي
ونِسْعَا نَاقَتِي لمن احْتَجَاهَا
وَقَالَ اللَّيْث الْحجْوَة الْحَجْمَة يَعْنِي الحدقة. قلت لَا أَدْرِي هِيَ الحَجْوَةُ أَو الجَحْوَة للحدقة. وَقَالَ الأصمعيّ حجا الرجل يحجو إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ وَثَبت وَقَالَ العجاج:
فَهُنَّ يعكُفْنَ بِهِ إِذا حَجَا
وَيُقَال تحجّيتكم إلَى هَذَا الْمَكَانِ أَي سَبَقْتُكمْ إِلَيْهِ وَلَزِمتهُ قبلكُمْ وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
أصَمَّ دُعَاء عاذلتي تحجي
بآخرنا وتنسى أوّلينا
قَالَ وأَحْجَاءُ الْبِلَاد نَوَاحِيهَا وأطرافُها، وَقَالَ ابْن مُقْبل:
لَا يُحْرِزُ المرءَ أحجاءٌ البِلاَدِ وَلَا
تُبْنَى لَهُ فِي السماواتِ السَّلاَليم
وَقَالَ غيرُه وَاحِد الأحجاء حَجاً مَنْقُوص، ناحيةُ الشَّيْء وَقَالَ ذُو الرمة:
فَجَاءَت بأَغباش تحجَّى شَرِيعَة
تِلاداً عَلَيْهَا رمْيُها واحتِبالُها
قَالَ تَحَجَّى تقصد، حَجَاهُ، وَيُقَال تحجّى فلانٌ بظَنه إِذا ظنَّ شَيْئا فادّعاه ظانّاً، وَلم يستيقنه وَقَالَ الكُمَيْتُ:
تَحَجَّى أَبُوهَا مَنْ أبوهم فصادفُوا
سواهُ وَمن يجهلْ أَبَاهُ فقد جَهِل
وَتقول: حَجَوْتُ فلَانا بكَذَا أَيْ ظننْته بِهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
قد كُنْت أحجو أَبَا عَمْرٍ وأَخاً ثِقَة
حتّى أَلَمَّت بِنَا يَوْمًا ملمّاتُ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ الحَجْوُ الوُقُوف حَجَا إِذا وقف قَالَ وحَجِي معدولٌ من حَجَا إِذا وقَفَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: مَا حَجَوْتُ مِنْهُ شَيئاً، وَمَا هَجَوْتُ مِنْهُ شَيْئا أَي مَا حفِظْتُ مِنْهُ

(5/86)


شَيْئا. وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْفراء حَجِيتُ بالشَّيْء، وتحجَّيْتُ بِهِ، يُهمز وَلَا يُهمز تمسكْتُ بِهِ ولزمْتُه وَأنْشد بَيت ابْن أَحْمَر:
أَصَمَّ دَعَاءُ عَاذِلتي تَحَجَّى
أَي تمسك بِهِ وَتلْزَمهُ قَالَ وَهُوَ يحجوبه وَأنْشد:
فهن يعكفن بِهِ إِذا حَجَا
أَي إِذا أَقَامَ بِهِ وَمِنْه قَول عدي بن زيد:
أطفَّ لأنفه الموسى قصيرٌ
وَكَانَ بِأَنْفِهِ حَجِئاً ضنينا
قَالَ شمر: تحجَّيتُ تمسكت جيدا قَالَ اللحياني يُقَال مَاله حَمْجَأٌ وَلَا مَلْجَأٌ بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ أَبُو زيد إنَّه لَحَجيء بني فلَان أَي لاجىءٌ إِلَيْهِم وَقَالَ ابْن هانىء قَالَ أَبُو زيد حجا سرُّه يَحْجُوه إِذا كَتَمَهُ وَيُقَال لِلرَّاعِي إِذا ضَيَّع غَنَمَه فتفرَّقَت مَا يَحْجُو فلانٌ غنَمه وَلَا إبِلَهُ، وَمَا يَحْجُو السقَاءُ شَيْئا إِذا لم يَحْبِس الماءَ ونَفَحَ من جوانبه.
وَفِي (نَوادِرِ الأَعراب) لَا محاجَاةَ عِنْدِي فِي كَذَا وَلَا مكافأةَ، أَي لَا كتمانَ لَهُ عِنْدِي وَلَا ستر. وَقَول الأخطل:
جحونا بني النُّعْمَان إِذْ عَضّ ملكهم
وَقبل بَني النعمانِ حاربَنَا عَمْرو
قَالَ الَّذِي فسره جحونا قَصَدْنَا واعتمدْنا، قلت: مِنْهُ قَوْلهم إِنَّه لحجيّ بِكَذَا أَي حَرِيٌّ وَمَا أَحْجَاه أَي مَا أَخْلَقَهُ.
جحا: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَحَا إِذا خَطَا. قَالَ: والجَحْوَة الخَطْوَة الْوَاحِدَة قَالَ أَبُو الْعَبَّاس إِذا سمّيت رجلا بِجُحَا فألْحِقْه بِبَاب زُفَر. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجاحي الحسنُ الصلاةِ، والجاحي المثاقب، والجائح الجَرَاد، قَالَ: وجُحَا معدول من جَحَا يَحْجُو إِذا خَطَا، وَقَالَ غَيره بَنو حَجْوانَ حَيٌّ من الْعَرَب.
واجتحى الشيءَ واجتاحه بِمَعْنى وَاحِد إِذا استأصَلَه. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ قَالَ أَخْبرنِي ثعلبٌ عَن سلمةَ عَن الفرَّاء وَقَالَ فِي كَلَام تجاحيا الْأَمْوَال فَقلب يُرِيد اجتاحا وَهُوَ من أَوْلَاد الثلاثةِ فِي الأَصْل.
حوج: قَالَ اللَّيْث: الحَوْجُ من الحاجةِ، تَقول أَحْوَجَهُ الله. وَقد أَحْوجَ الرجلُ إِذا احتَاجَ. والحَاجُ جمع الحاجَةِ، وَكَذَلِكَ الحوائِج والحاجات. وَتقول لقد جَاءَت بِهِ حاجةٌ حائجةٌ. قَالَ: والتَّحَوُّجُ طلب الحاجَةِ وَقَالَ العجّاج:
إِلَّا انتظارَ الْحَاج من تَحوَّجَا
وَقَالَ الْفراء هِيَ الحِوَج للحاجات وَأنْشد.
وَعَن حِوَجٍ قَضَاؤُها من شِفَائِيا
والحاجُ ضرب من الشوك. ورُوي عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: تَصْغِير الحاجِ الشوكِ حُيَيْجَةٌ. قَالَ وأَحْيَجت الأرضُ وأَحَاجَتْ إِذا أَنْبَتَت الحَاجَ. وَقَالَ الرّاجز:
كَأَنَّهَا الحاجُ أفادت عصبَة
أَرَادَ الحاجّ فخذف إِحْدَى الجيمين وخففه كَقَوْلِه:
لسوء الغالبات إِذا فليني: أَرَادَ فلينني وَأنْشد شمر.
والشحطُ قطّاعٌ رجاءَ من رجا
إِلَّا احْتضار الحاجِ من تحوَّجا

(5/87)


قَالَ شمر يَقُول إِذا بعد من تُحِبُّ انْقَطع الرَّجَاء إِلَّا أَن يكون حَاضرا لحاجَتِك قَرِيبا مِنْهَا. وَقَالَ رَجَاء من رجا، ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ إِلَّا احتضار الْحَاج أَي إِلَّا أَن تحضره، والحاج جمع حاجَةٍ، وتَحَوَّج طلب حَاجَة. وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْحسن الشيخي عَن الرياشي قَالَ يُقَال حاجَةٌ وحَاجٌ وأَخْبَرني عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ الحاجَةُ فِي كَلَام الْعَرَب الأَصْل فِيهَا حائجة حذفوا مِنْهَا الْيَاء فلمَّا جمعوها ردوا إِلَيْهَا مَا حذفوا مِنْهَا فَقَالُوا حَاجَة وحوائج فدلّ جمعهم إِيَّاهَا على حوائج أَن الْيَاء محذوفة من الْوَاحِدَة قَالَ وَقَالُوا حَاجَة حوجاء وَأنْشد:
وحُجْتُ فَلم أكُدُرْكُمُ بالأَصَابِع
أَي تعفَّفْتُ عَن سُؤَالِكُمْ. وَقَالَ اللحياني حَاجَ الرّجُلُ يَحُوجُ ويَحِيجُ، وَقد حِجتُ وحُجْتُ أَي احتَجْتُ وَيُقَال كلمت فلَانا فَمَا رَدّ عليّ حَوْجَاءَ وَلَا لَوْجَاء على فعلاء مَمْدُود، وَمَعْنَاهُ مَا ردّ عليّ كلمة قبيحة وَلَا حَسَنَة. وَقَالَ اللحياني مَالِي فِيهِ حوجَاءُ وَلَا لَوْجَاءٌ وَلَا حويْجَاءُ وَلَا لويجاء أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي حَاجَ يَحُوجُ حَوْجاً إِذا احْتَاجَ. قَالَ: والحَوْجُ الطّلب، والحَوْجُ الْفقر.
جوح: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاحَ الرَّجُل يجوح جَوْحاً إِذا أَهْلَكَ مَال أقربائِه، وجَاح يَجُوح جَوْحاً إِذا عدا عَن المحجَّة إِلَى غَيرهَا، أَبُو عبيد الجَائِحة الْمُصِيبَة تحل بِالرجلِ فِي مَاله فتجْتَاحُه كُلَّه. قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أصابَتْهُمْ جائِحة أَي سنَةٌ شديدةٌ اجتاحت أموالَهُم فَلم تَدعْ لَهُم وَجَاحاً، والوَجاح بَقِيَّة الشَّيْء من مَالٍ أَو غيرِه. وَقَالَ اللَّيْث الجوح من الاجْتِياح، يُقَال جَاحَتْهُم السّنة واجتاحتهم، وَهِي تَجُوحُهم جَوْحاً وجِياحَةً، وَهِي سنة جَائِحَة جدْبَةٌ. وَنزلت بفلان جائِحة من الجوائِح. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنّه أَمر بِوَضْع الجوائِح وَمِنْه قَول شَاعِر الْأَنْصَار:
ولَكِنْ عرايا فِي السنين الجوائِحِ
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ: جِمَاع الجَوائِح كلُّ مَا أذْهَبَ الثَّمَرَة أوْ بعضَها من أمْرٍ سماوِيَ بِغَيْر جنايةِ آدَمِيّ. قَالَ وَإِذا اشْترى الرجل ثَمَر نخل بَعْدَمَا يحل بيعُه فأُصِيبَ الثَّمر بَعْدَمَا قَبضه المشترِي لزمَه الثّمن كلّه، وَلم يكن على البائِع وضْعُ مَا أصابَه من الجائِحة عَنْه. قَالَ واحتملَ أمرُه بِوَضْع الجوائِح أَن يكون حَضّاً على الْخَيْر لَا حتما كَمَا أَمَر بالصُّلْح على النّصْف وَمثل أمرِه بِالصَّدَقَةِ تَطَوّعا فَإِذا خَلَّى البائِعُ بَين المشترِي وَبَين الثَّمر فأصابته جَائِحَة لم يُحكمْ على البائِع بِأَن يضع عَنهُ من ثمنه شَيْئا.
قلت: والجائحة تكون بالبَرَدِ يقعُ من السَّمَاء إِذا عظم حَجْمُه فَكثر ضَرَرُه، وَتَكون بالبرْدِ المحرق وَالْحر المُفْرِط حَتَّى يفْسد الثَّمر.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الجَوْحُ الْهَلَاك والجائِحَةُ مأخوذةٌ مِنْهُ.
وجح: قَالَ شمر: الوَجَحُ الملجأُ وَكَذَلِكَ الوَجَحُ وَأنْشد:

(5/88)


فَلَا وَجَحٌ ينْجِيكَ إِن رُمْت حَرْبَنَا
وَلَا أَنْت مِنَّا عندَ تِلْكَ بآئل
وَقَالَ حُمَيْدُ بن ثَوْر:
نضْحَ السُّقَاةِ بصُبَابات الرَّجَا
ساعةَ لَا ينفَعُها مِنْهُ وجَحٌ
قَالَ ويُروى بَيت الْهُذلِيّ: فَلَا وجْحَ ينْجِيك.
قَالَ وَقد وجَحَ يَوْجَحُ وجْحاً إِذا التجأ، كَذَلِك قرأته بِخَط شَمِر، وَرُوِيَ عَن عمر أَنه صلّى بِقوم فلمّا سلم قَالَ: من استطاعَ مِنْكُم فَلَا يُصَل مُوجِحاً. فَقُلْنَا: وَمَا المُوجِحُ؟ قَالَ: مِنْ خَلاَءٍ أَو بَوْلٍ. قَالَ شمر: هَكَذَا رُوِيَ بِكَسْر الْجِيم، قَالَ وَقَالَ بَعضهم: مُوجَحٌ وقَدْ أَوْجَحهُ بولُه. قَالَ: وَسمعت أعرابيّاً سَأَلته عَنهُ فَقَالَ هُوَ المُجِحُّ ذهب بِهِ إِلَى الْحَامِل.
قَالَ شمر وَيُقَال ثوب موجَح كثير الْغَزل كثيف قَالَ وَطَرِيق موجِح مَهْيع وَقَالَ سَاعِدَة الْهُذلِيّ:
لَقَدْ أشهدُ البيتُ المُحَجَّبَ زَانَه
فِرَاشٌ وخِدْرٌ موجَحٌ ولطائِم
قَالَ الموجَحُ الغليظُ الكثيف، وثوب وَجِيحٌ متين كثيف. قَالَ شمر كَأَنَّهُ شَبَّه مَا يجد المحتقِن من الامْتلاء والانتفاخ بذلك قَالَ: وَيكون من أَوْجَحَ الشيءُ إِذا ظهر. يُقَال (وجح) الطريقُ والنارُ إِذا وَضُح وبَدَا. قَالَه ابْن المظفّر. وَقَالَ أَبُو وجزة:
جَوْفَاءٌ محشُوَّةٌ فِي موحَحٍ مَغِصٍ
أَضْيَافُه جَوَّعٌ مِنْهُ مَهَازيلُ
أَرَادَ بالموجَح جلدا لَهُ أمْلَسَ وأضيافُه قِرْدانه والموجَحُ يُشبه المغَار. وَقَالَ:
بِكُل أمعزَ مِنْهَا غيرِ ذِي وَجَحٍ
وكل دارة هَجْلٍ ذاتِ أوجاح
أَي ذَات غِيرَان. وأوْجَحَتْ غُرَّةُ الْفرس إيجَاحاً وأوضَحتْ إيضَاحاً.
قَالَ شمر: والمُوجِحُ أيْضاً الَّذِي يوجِحُ الشَّيْء يسترهُ ويُخْفِيه من الوِجَاح وَهُوَ السّتْر وَقَالَ اللَّيْث: مَا عَلَيْهِ وَجَاحٌ أَي مَا عَلَيْهِ سِترٌ وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْفراء: الوِجَاحُ والأَجاح والوَجاح السّتْر، الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت قَالَ الْفراء: لَيْسَ بيني وَبَينه وِجاح ووَجاح وَأجاح وإجَاحٌ أَي لَيْسَ بَيْني وبينَه سِتْرٌ قَالَ شمر: وَسمعت أَبَا معاذٍ النحويَّ يَقُول: مَا بيني وَبَينه جَاحُ بِمَعْنى وَجاح.
قَالَ شمر: والموجِحُ أَيْضا الَّذِي يُوجحُ الشَّيْء يُمْسِكُه ويمنعُه من الوَجَحِ وَهُوَ الملجَأُ. قَالَ وأقرأني إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الْوَاقِدِيّ للجُلاَح:
أتتركُ أَمْرَ القَوْمِ فِيه بَلابِلٌ
وتترك غيظاً كَانَ فِي الصدْرِ موجِحاً

(5/89)


(بَاب الْحَاء والشين)
(ح ش (وَا يء))
حَشا، شحا، حاش، شاح، وشح، وَحش. أشح.
حَشا: قَالَ اللَّيْث الحشو: مَا حشَوْتَ بِه فِراشاً أَو غيرَ ذَلِك. والحَشِيَّةُ الفِراش المحشُوُّ. وَتقول احتشيتُ بِمَعْنى امْتلأْتُ. وَتقول انْحشَى صوتٌ فِي صوتٍ وانحشى حَرْفٌ فِي حَرْفٍ. قَالَ: والاحْتِشَاء احتشاءُ الرجلِ ذِي الإبْرِدِة والمستحاضةُ تحْتَشِي بالكُرْسُف. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لامرأةٍ: (احْتَشِي كُرْسُفاً) ، وَهُوَ الْقطن تحشُو بِهِ فرجَهَا.
والحَشْوُ من الْكَلَام الفضْل الَّذِي لَا يُعتَمد عَلَيْهِ. قَالَ: والحشو صِغَارُ الْإِبِل، وَكَذَلِكَ حَوَاشِيها صغارُها، وَاحِدهَا حاشِيَةٌ. والحَشْوُ من النّاس الَّذين لَا يُعتدُّ بهم. وحاشِيَتَا الثَّوْب جَنَبَتَاه الطويلتَان فِي طرفيْهما الهُدْبُ. وحاشيةُ السَّرَابِ كلُّ ناحيةٍ مِنْهُ.
والحشا مَا دُون الحجابِ مِمَّا فِي الْبَطن كُله من الكبد والطحَال والكَرِش وَمَا تبع ذَلِكَ حَشا كُلُّه. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرَّاني عَن ابْن السّكيت: الحَشَا مَا بَيْن آخِرِ الأَضْلاَع إِلَى الوَرِك. قلت والشافعيُّ ح سَمَّى ذَلِك كلّه حِشْوَةً. ونحوَ ذَلِك سَمِعت الْعَرَب تَقول لجَمِيع مَا فِي البَطْنِ: حِشْوَةٌ مَا عدا الشَّحْم فَإِنَّهُ لَيْسَ من الحِشْوَة. وَقَالَ اللَّيْث الحشَا أَيْضا ظاهرُ البطْنِ وَهُوَ الخَصْرُ، وَأنْشد فِي صفة امْرَأَة:
هَضِيم الحشَا مَا الشمسُ فِي يَوْم دَجْنها
وَإِذا ثنَّيتَ قلت حشَيانِ، والجميعُ الأحشاء. وَيُقَال فلَان لطيفُ الحشَا إِذا كَانَ أقبَّ ضامر الخَصْر.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول حشوتُه سَهْماً إِذا أَصَبْتَ حشاه. قَالَ وَتقول: حشأتُه بالعصَا حشَأً مهموزٌ إِذا ضربْتَ بَطْنه بهَا، مَزَّقوا بَينهمَا. وَأنْشد:
وكائِنْ تَرى يَوْم الكُلاَبِ مُجَدلاً
حشوناه مَحْشُورَ الحديدةِ أَصْمَعَا
وَتقول حشَأْتُ النارَ أَي غَشِيتُها. قلت: هَذَا غلطٌ وَصَوَابه حشأتُ المرأَةَ إِذْ غشِيتَها، وَكَأَنَّهُ من تصحيفِ الورَّاقين. شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي حشَأْتُه سَهْما وحشَوْتُه. وَقَالَ الْفراء: حشأتُه إِذا أدخلته جوفَه. وَإِذا أصبتَ حشَاه قلت حَشِيْتُه. وروَى أَبُو الْفضل لنا عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: حشَأْته سهْماً إِذا رميتَه فَأصَاب جَوْفه وَأنْشد هَذِه الأبيات:
لي كلَّ يَوْم مِنْ ذُؤاله
ضغثٌ يزِيد على إبَاله
لي كلَّ يَوْم صِبْقَةٌ
فَوقِي تَأَجَّلُ كالظُّلاَله
فلأحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً
أَوْساً أُوَيْسُ مِنَ الهباله
والصبْقَةُ الْغُبَار وَقَوله أَوْساً أَي عوضا من هَبَالتك يَا أَوْسُ، وَهُوَ الذِّئْب كَانَ يعبَثُ فِي غَنَمِه ويَهْتَبِلُ لَحْمَها فَرَمَاهُ بِسَهْم فِي جوْفِه وقَتَلَه.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ حَشَأَ الرجلُ امرأَتَهُ يَحْشَؤُهَا حَشْأً إِذا نَكَحَها.

(5/90)


قَالَ وحشَأتَه بسهمٍ إِذا أصبتَ بِهِ جَوْفه. وَقد حشَا الوسادةَ يحشُوها حَشْواً. وَقَالَ أَبُو زيد حشَأتُ الرجلَ بالسهمِ حَشْأً إِذا أصبتَ بِهِ جَنْبَيْهِ وبطنَه وحشَأتُ الْمَرْأَة حَشْأ إِذا نكَحْتَها. وحشأتُ بطنَه بالعَصَا حَشْأ إِذا ضربتَه بهَا. قلت: والصوابُ فِي حشَأت مَا روينَاهُ عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة.
قَالَ المنذريُّ قَالَ أَبُو حَاتِم قَالَ الأصمعيُّ الحِشْوَةُ موَاضِعُ الطَّعَام، وَفِيه الأحْشَاءُ والأقْصَاب. قَالَ وَسمعت الأصمعيَّ يَقُول: أسفلُ مواضِعِ الطعامِ الَّذِي يُؤَدي إِلَى الْمَذْهَب المَحْشَاة بنصْبِ الْمِيم والجميع مَحَاشٍ وَهِي المَبْعَرُ من الدوابّ. وَقَالَ: إيَّاكم وإتْيَانَ النِّسَاء فِي مَحَاشِيهنَّ؛ فَإِن كل مَحْشَاةٍ حَرَامٌ. قَالَ: والكُلْيَتَان فِي أَسْفَل البطْن بَينهمَا المثانة وَمَكَان الْبَوْل فِي المثانة. والمَرْبَضُ تَحت السُّرَّة وَفِيه الصفاقُ. والصفاق جلدةُ البطْن الباطِنَة والجلْدُ الأسفلُ الَّذِي إِذا انخرق كَانَ رَقِيقا. والمَأْنَةُ مَا غَلُظَ مِمَّا تَحت السُّرَّة. وروى أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ المحاشِيءُ بِالْهَمْزَةِ أكسيةٌ خَشْنَة تحلق الْجَسَد وَاحِدهَا مِحْشَأُ. وَأنْشد:
ينْفُضْن بالمشافر الهَدَالِق
نَفْضَك بالمَحَاشِىء المَحَالِقِ
وَقَالَ غَيره المِحْشَاةُ بِغَيْر همز مَا وَلِي الدُّبُرَ من المَبْعَر. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الحَشِيَّة رِفاعةُ الْمَرْأَة وَهُوَ مَا تَضَعه المرأةُ على عَجِيزَتِها تفطمها بِهِ، يُقَال تَحَشَّت الْمَرْأَة تَحشياً فَهِيَ متحشيَةٌ.
وعيش رَقِيق الحَوَاشِي إِذا كَانَ نَاعِماً فِي دَعَةٍ. وَقَالَ ابْن السّكيت الحاشِيَتان ابنُ المَخَاض وابنُ اللَّبُون. يُقَال: أرسلَ بنُو فلَان رَائِداً وانْتهى إِلَى أَرض قد شبعت حاشيتاها.
أَبُو عبيد إِذا اشْتَكَى الرَّجُلُ حَشَاه ونَسَاهُ فَهُوَ حَشٍ ونَسٍ. قَالَ والحَشْيَان الَّذِي بِهِ الرَّبْوُ. وَامْرَأَة حَشْيَا. وَفِي حَدِيث عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ من بَيتهَا لَيْلًا وَمضى إِلَى البقيعِ، فتبعَتْهُ عائشةُ وظنَّت أَنه دخلَ بعضَ حُجَرِ نسائِه، فَلَمَّا أَحَسَّ بسوادِها قصد قَصْدَه فعدَتْ وعَدَا على إثْرِها، فَلم يدْرِكْها إِلَّا وَهِي فِي جَوف حُجْرَتِها، فَدَنَا مِنْهَا وَقد وقَع عَلَيْهَا البَهْرُ والرَّبْوُ فَقَالَ لَهَا مَالي أرَاك حَشْيَا رَابِية. أَرَادَ مَا لي أَرَاك قد وَقع عَلَيْك الرَّبْوُ وَهُوَ البَهْرُ، والرَّبْو يُقَال لَهُ الحشَا وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فَنَهْنَهْتُ أُولَى الْقَوْم منْهم بضرْبةٍ
تَنَفَّس مِنْهَا كلُّ حشيانَ مُحْجِرُ
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {قُلْنَ حَاشَ للَّهِ} (يُوسُف: 51) هُوَ مِنْ حَاشَيْتُ أُحَاشِي. وَقَالَ غَيره يُقَال شَتَمْتُم فَمَا تحشَّيْتُ مِنْهُم أحدا وَمَا حَاشَيْتُ مِنْهُم أحدا ومَا حَاشَيْتُ أَي مَا قلت حَاشَى فلانٍ أَي مَا استثْنيت مِنْهُم أحدا.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي: معنى حَاشَا فِي كَلَام الْعَرَب أَعْزِلُ فلَانا من وصْفِ الْقَوْم بالحَشَا، وأعْزِلُه بناحيته وَلَا أُدْخِلُه فِي جُمْلتهم، وَمعنى الحشا النَّاحِبةُ وَأنْشد:
وَلَا أُحَاشِي من الأَقْوَامِ مِنْ أَحَدِ

(5/91)


ويقالُ حاشَى لِفُلانٍ، وحَاشَا فلَانا وحَشَى فُلاَنٍ. قَالَ عمرُ بن أبي ربيعَة:
من رَامَها حاشَى النَّبِيَّ وَأَهْلهُ
فِي الفَخْرِ غَطْمَطَهُ هُنَاكَ المُزْبِدُ
وَأنْشد الْفراء:
حشَى رَهْطِ النَّبِي فإنّ مِنْهُم
بُحوراً لَا تكدرُها الدَّلاَءُ
فَمن قَالَ حاشى لِفُلانٍ خَفَضَه بِاللَّامِ الزَّائِدَة، وَمن قَالَ حَاشى فلَانا أضمر فِي حاشَى مَرْفُوعا ونصبَ فلَانا بحَاشَى، وَالتَّقْدِير حاشَى فِعْلُهُم فلَانا. وَمن قَالَ حاشى فلانٍ خفض بإضمار اللَّام لِطُول صُحبتها حَاشَى، وَيجوز أَن تَخْفِضَه بحاشى لأنَّ حَاشَى لَمَّا خلت من الصَّاحِب أَشْبَهت الِاسْم فَأَضيفَتْ إِلَى مَا بَعْدَها. وَمن الْعَرَب من يَقُول حَاشَ لفُلان فيُسقط الْألف، وقَدْ قُرِىءَ فِي الْقُرْآن بِالْوَجْهَيْنِ. قلت حَاشَ لله كَانَ فِي الأَصْل حاشَى لله فَلَمَّا كثُرَ فِي كَلاَمِهمْ حَذَفُوا الياءَ وجُعِلَ اسْما وَإِن كَانَ فِي الأَصْل فِعْلاً، وَهُوَ حَرْفٌ من حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاء مثل عدا وخَلاَ ولِذَلِكَ خَفَضوا بِحَاشى كَمَا خَفَضُوا بهما لِأَنَّهُمَا جُعِلا حَرْفين وَإِن كَانَ فِي الأصْل فعلين. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله {قُلْنَ حَاشَ للَّهِ} (يُوسُف: 51) اشتُق هَذَا من قَوْلِك كُنْتَ فِي حَشَا فَلاَنٍ أَي فِي ناحِيَتِه فَالْمَعْنى فِي حاشى لله بَرَاءَة لله من هَذَا التَنَحّي. الْمَعْنى قد نَحَّى الله هَذَا من هَذَا وَإِذا قُلْتَ حَاشَ لِزَيْدٍ من هَذَا فَالْمَعْنى قد تَنَحَّى زَيْدٌ من هَذَا وتَبَاعَد مِنْهُ، كَمَا تَقول تَنَحَّى من النَّاحِيَةِ، كَذَلِك تَحاشَى من حاشِية الشَّيْء وَهُوَ ناحيته. وَأنْشد أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي الحشا النَّاحِيَة:
يَقُول الَّذِي أَمْسَى إِلَى الحَزْن أهْلُهُ
بأيّ الحَشَا أَمْسَى الحبيبُ المبَايِنُ
وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي قَوْلهم: حاشَى فلَانا، مَعْنَاهُ قد استثنَيْتُه وأخرجْتُه فَلم أُدْخِلْه فِي جُمْلَة الْمَذْكُورين. قلت: جعله من حَشَا الشَّيْءِ وَهُوَ ناحيتُه. وَأنْشد الباهليُّ فِي الْمعَانِي:
وَلَا يتحَشَّى الفحلُ إِن أَعْرَضَتْ بِه
وَلَا يَمْنَعُ المِرْبَاعَ مِنْهُ فَصِيلُها
قَالَ لَا يَتَحَشَّى لَا يُبالي مَنْ حاشى. يُقَال: شتَمْتُهم فَمَا تحشَّيت مِنْهُم أَحَداً وَمَا حاشَيتُ مِنْهُم أحدا أَي مَا بالَيْتُه مِنْ حاشى فلانٌ، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ تحشَّيْتُ من فلانٍ أَي تَذَمَّمْتُ وَقَالَ الأخطل:
فلولا التَّحَشي من رِياحٍ رمَيْتُها
بكالِمةِ الأنْيابِ باقٍ وُسومُها
حوش (حاشا) : قَالَ اللَّيْث: المَحاش كَأَنَّهُ مَفْعل من الحَوْشِ. وَهُوَ قَوْمٌ لفيف أُشابَةٌ. وَأنْشد بيتَ النابِغة:
جَمعْ مَحاشَكَ يايزيدُ فإنَّني
أَعْدَدْتُ يَربوعاً لكم وتمِيماً
قلت غلط اللَّيْث فِي المَحاش من جِهَتَيْنِ إحْداهُما فَتْحُه المِيمِ وجعلُه إيَّاه مَفْعَلاً من الحَوْش، والجهةُ الْأُخْرَى مَا قَالَ فِي تفسيرِه، وَالصَّوَاب المِحاشُ بِكَسْر الْمِيم، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِيمَا يَرْوِي عَنهُ أَبُو عبيد وَهُوَ قَول ابْن الأعرابيّ إنَّما هُوَ: جمّع

(5/92)


مِحاشَك، بِكَسْر الْمِيم، جَعَلُوهُ من مَحَشَتْه النارُ إِذا أحْرَقَتْه لَا من الحَوْش وَقد مرّ تَفْسِيره فِيمَا تقدم من الْكتاب أَن المِحاش القومُ يتحالفون عِنْد النَّار وأمَّا المَحاشُ بِفَتْح الْمِيم فَهُوَ أثاث الْبَيْت، وَأَصله من الحَوْشِ وَهُوَ جمع الشَّيْء وضَمُّه، وَلَا يُقَال للفيف النَّاس مَحاش.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُوْش بِلادُ الجنّ لَا يَمُرُّ بهَا أحدٌ من النَّاس وَرجل حُوشِيُّ لَا يألَفُ الناسَ ولَيْلٌ حوشِيٌ مظلم هائل وَقَالَ رؤبة:
إلَيْكَ سارَتْ من بِلادِ الحوشِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ابْن الْهَيْثَم أَنه قَالَ الْإِبِل الحوشِيَّةُ هِيَ الوحْشِيَّة، وَيُقَال إِن فحلاً من فحولها ضرب فِي إبل لمَهْرة بن حَيْدان فَنُتِجَتْ النجائبُ المهريَّةُ من تِلْكَ الفحول الحوشيَّةِ فَهِيَ لَا يكادُ يُدْرِكُها التَّعَب. قَالَ وَذكر أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه رأى أرْبَع فِقَرٍ من مَهْرِيَّةٍ عَظْماً وَاحِدًا. قَالَ وإبل حوشِيَّةٌ محرماتٌ لعِزَّة نُفوسِها. وَيُقَال: فلانٌ يتَتَبَّعُ حوشِيَّ الْكَلَام وَوَحْشِيَّ الكلامِ وعُقْمِيَّ الْكَلَام بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال حُشْنا الصيدَ وأحَشْناها أخذْناها من نَوَاحِيهَا تعْرِفُها إِلَى الحبائل الَّتِي نُصِبَتْ لَهَا. وَيُقَال فلَان مَا يَنْحاشُ من فلَان أَي مَا يكْتَرِثُ لَهُ. وزجرتُ الذئْبَ فِي أنْحاشَ لِزَجْرِي وَأنْشد الأَصْمعيُّ بيتَ ذِي الرُّمَّة يصف النعامة وبيضها.
وبيضاءَ لاتَنْحاشُ مِنَّا وَأمّهَا
إِذا مَا رأتْنا ذِيلَ مِنْهَا زَوِيلَها
أَرَادَ بالبيضاءِ بيْضَةَ النعامة وأمُّها النعامَةُ لِأَنَّهَا باضَتْها.
قَالَ أَبُو عبيدٍ قَالَ أَبُو زيد حُشْتُ عَلَيْهِ الصيدَ وأحْوَشْتُ أَي أخَذْنا مِنْ حواليه لنَعْرِفَه إِلَى الحِبالَةِ. وَيُقَال احْتَوَش القومُ فلَانا أَو تحاوَشوه أَي جَعَلُوهُ وَسطهمْ. وَقَالَ التحْويش التَّحْوِيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُواشَةُ الاستحياء، والحُواسَة بِالسِّين الأكلُ الشديدُ وَقَالَ أَبُو عبيد الحائش جِماع النَّخْلِ. وَقَالَ شمر الحائش جمَاعَة كل شجرٍ من الطرفاء والنخْلِ وَغَيرهمَا وَأنْشد:
فَوُجِدَ الحائش فِيمَا أحْدَقا
قَفْرَا من الرَّامين إِذْ تَوَدَّقا
قَالَ وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا جُعل حائِشاً لِأَنَّهُ لَا منْفذَ لَهُ وَيُقَال الحُواشة من الْأَمر مَا فِيهِ قَطِيعَةٌ، يُقَال لَا تَغْش الحُواشة قَالَ الشَّاعِر:
غَشِيتُ حُواشَةً وجَهِلْتُ حقّاً
وآثَرْتُ الغُواية غَيْرَ رَاض
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي (نوادره) : التحوّشُ الاستحياء وَقد تحوشت مِنْهُ أَي استحيت.
وَحش: وَقَالَ اللَّيْث: الوَحْشُ كلّ شَيْء من دوابّ الْبر مِمَّا لَا يُستأنس فَهُوَ وَحْشِيٌّ والجميع الوحوشُ يُقَال هَذَا حمارُ وحْشٍ وحمارٌ وحَشْيٌّ. وكل شَيْء يَستوْحِشُ عَنِ النَّاس فَهُوَ وَحْشِي.
قَالَ وَقَالَ بَعضهم: إِذا أقْبل اللّيلُ استأنس كلُّ وحْشِيّ واستوْحَش كلُّ إنْسِيّ.

(5/93)


وَيُقَال للجائع الْخَالِي البطنِ: قد توحَّش. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: رجل موحِشٌ وَوَحْشٌ وَهُوَ الجائع من قوم أَوْحاشٍ. يُقَال بَات وَحْشاً وَوَحِشاً أَي جائعاً. وَيُقَال توحّش فلَان للدواء إِذا أَخْلى مَعِدتَه ليَكُون أسهلَ لخُرُوج الفضولِ من عُروقه.
وَفِي حَدِيث الحَرورِيّين الَّذين قَاتلُوا عَلِياً بالنهرَوَان أَنهم وحَّشوا برماحهم أَي رَمَوْا بهَا على بُعْدٍ مِنْهُم. يُقَال للرجل إِذا كَانَ بِيَدِهِ شيءٌ فَزَجَّه زَجّاً بَعيدا قد وحّش بِهِ وَقَالَ:
إِن أَنْتُم لم تَطْلُبُوا بأخيكم
فَذروا السِّلَاح ووحشوا بالأبْرَقِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للمكان الَّذِي ذهبَ عَنهُ الناسُ قد أَوْحَشَ، وطلَلُ موحِشُ وَأنْشد:
لِسَلْمى موحِشاً طَلَلُ
يلوح كأنَّه خِلل
نَصَبَ موحِشاً لِأَنَّهُ نَعْتُ النكرةِ مُقدَّماً وَأنْشد:
مَنازِلُها حِشونا
على قِيَاس سنُون، وَفِي مَوضِع النصبِ والجرِ حِشِيْنَ مثل سِنين، وَأنْشد:
فأمْسَتْ بَعْدَ ساكنِها حِشِينا
قلت أَنا: حِشُون جمع حِشَةٍ وَهُوَ من الْأَسْمَاء الناقِصة وَأَصلهَا وَحْشَةٌ فنقص مِنْهَا الواوُ كَمَا نقصوها من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَةٍ، ثمَّ جَمَعوها على حِشِينَ كَمَا قَالُوا عِزِين وعِضِينَ من الْأَسْمَاء النَّاقِصَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: وَحش فلانٌ بِثَوْبِهِ ووحَشَ بدرْعه إِذا أرهقه طالبُه فخافَ أَن يلحقَه فرسَ بِدرْعه ليُخَففَ عَن دابّته ونحوِ ذَلِك.
قَالَ الليثُ: وَرَأَيْت فِي كتابٍ أَنَّ أَبَا النَّجْم وَحَش بِثيابه وارْتدَّ يُنْشِد، أَي رَمَى بثيابه قَالَ والوَحْشيُّ والإنسي شِقّا كُل شَيْء، فإنسيّ القَدَمِ من الْإِنْسَان مَا أَقْبَلَ مِنْهَا على القَدم الأُخْرَى ووحشيُّها مَا خالَفَ إنسيها، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ ووحشيُّ الْقوس الفارسيّة ظهْرُها وإنسيُّها بَطْنُها المقبلُ عَلَيْك. قَالَ: ووحْشِيُّ كل دابَّةٍ شقُّه الأَيْمَنُ وإنسيُّه شقَّه الأيْسر قلت جَوَّد ابنُ المظفَّر فِي تَفْسِير الوحشيّ والإنسيّ ووافَقَ قولُه قولُ أَئِمتنا المتقنين.
وروى أَحْمد بن يحيى عَن المفضّل وَرُوِيَ عَن أبي نصرٍ عَن الأصمعيّ وَرُوِيَ عَن الأَثْرَم عَن أبي عُبَيْدَة قَالُوا كلهم: الوحشيُّ من جَمِيع الْحَيَوَان لَيْسَ الإنسانَ هُوَ الجانبُ الَّذِي لَا يُرْكَبُ مِنْهُ وَلَا يُحْلَبُ، والإنسيّ الْجَانِب الَّذِي يُركبُ مِنْهُ ويحلب مِنْهُ الحالبُ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَاخْتلف النَّاس فيهمَا من الْإِنْسَان؛ فبعضهم يُلْحِقُه بالخيلِ والإبلِ، وَبَعْضهمْ فرّق بَينهمَا فَقَالَ الوحشيّ مَا وَلِيَ الكَيْفَ، والإنسيّ مَا وَلِيَ الإبِطَ، قَالَ وَهَذَا هُوَ الاختبار ليَكُون فَرْقا بَين بني آدمَ وسائِر الْحَيَوَان. وروى أَبُو عبيد عَن أبي زيد والعَدَبَّس الْكِنَانِي، فِي الوحشِيّ والإنسي من البهائِم مثلَ مَا روى أحمدُ بن يحيى عَن المفضّل والأصمعيّ وَأبي عُبَيْدَة، وَهَكَذَا قَالَ ابْن شُمَيْل. وَرَأَيْت كَلَام الْعَرَب على مَا قَالُوهُ، وَقد روى أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ فِي الوحْشِيّ

(5/94)


والإنسي شَيْئا خالفَ فِيهِ روايةَ ثعلبٍ عَن أبي نصر عَن الأصمعيّ. وَالصَّوَاب مَا عَلَيْهِ الجماعةُ وَأما قَول أبي كَبِير الْهُذلِيّ:
وَلَقَد غَدَوْتُ وصاحِبِي وحشيَّةٌ
تحتَ الرداءِ بصيرةٌ بالمُشْرِفِ
فَإِن الباهليَّ زعم أَنه عَنَى بِالوَحْشيَّةِ ريحًا تدخُلُ تحتَ ثِيَابِه، وَقَوله بصيرةٌ بالمشرف يَعْنِي الرّيح من أَشْرَفَ لَهَا أَصَابَته، والرداء السَّيْف.
شمر عَن ابْن شُمَيْل يُقَال للْوَاحِد من الوحْشِ هَذَا وَحْشٌ ضَخْمٌ وَهَذِه شَاة وَحْشٌ، وَالْجَمَاعَة هِيَ الوَحْشُ والوُحُوشُ والوحيشُ وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
أَمْسَى يبابا والنَعَامُ نَعمُهْ
قَفْراً وآجَالُ الوحِيش غَنَمُهْ
وَهَذَا مثل ضَائِنٍ وضَئِينِ. وَأَرْض مَوْحُوشة كثيرةُ الْوَحْش. والموَحْشَةُ الفَرَقُ من الخَلْوَةِ، أخَذَتْهُ وَحْشَةٌ وَيُقَال أوحَشْتُ المكانَ إِذا صَادفته وَحْشاً، وَمِنْه قَوْله:
وأوحَشَ مِنْهَا رَحْرَحانَ فَرَاكِسا
قَالَ أَبُو عبيد وَأَرْض موحوشة كَثِيرَة الوَحْش.
وشح: وَقَالَ اللَّيْث: جمع الوِشاح وُشُحٌ وَهُوَ حَلْيُ النِّسَاء كِرْسَانِ من لُؤْلؤٍ وجَوْهَرٍ منْظُومَان مُخَالَفٌ بَينهمَا معطوفٌ أَحَدُهما على الآخَرِ، تتوشَّحُ المرأةُ بِهِ، وَمِنْه اشْتُق تَوَشَّحَ الرجلَ بِثَوْبِهِ. قلت: والتوشُّحُ بالرداء مثل التَّأَبُّط والاضْطِبَاع وَهُوَ أَن يُدْخل الرجُل الثوبَ من تحتِ يدِه اليُمْنى فيلقيَهُ على عاتِقِه الأَيْسرِ كَمَا يَفْعَله المُحْرِمُ، وَكَذَلِكَ الرجُلُ يَتَوَشَّحُ بحمائِل سَيْفه فَتَقَع الحمائِل على عاتِقِه اليُسرى وَتَكون اليُمْنى مكشوفة، وَمِنْه قَول لبيد فِي توشّحه بلجام فرسه:
وَلَقَد حَمَيْتَ الحَيَّ تحمل شِكَّتِي
فُرُطٌ وِشَاحِي إذْ غَدَوْتُ لِجامُها
أخبر أَنه خرج رَبِيئَةً أَي طَلِيعةً لِقَوْمِهِ على رَاحِلته، وَقد اجْتَنب إِلَيْهَا فَرَسه يَقُودهُ بِمِقْوَدِه وتوشَّح بلجام فَرَسه، فَإِن أحسّ بالعدوّ أَلْجَمَها أوْرَابَهُ مِنْهُ رَيْبٌ نزل عَن رَاحِلَته وأَلْجَمَ فرسه وَركبهُ تحرُّزاً من العدُو وغَاوَلهم إِلَى الْحَيّ مُنْذِراً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد الوشحاء من المِعزى الموشّحة ببياض. وأمَّا قولُ الراجز يُخَاطب ابْنا لَهُ:
أحبُّ مِنْك مَوضِع الْوُشْحُنّ
وَأَنه زَاد نوناً فِي الوُشُح كَمَا زَادهَا فِي قَوْله ومَوْضِعَ الإزَارِ والقَفَنَّ أَرَادَ الْقَفَا فَزَاد نوناً، هَكَذَا أنشدهما أَبُو عبيد وَقَالَ اللَّيْث: ديك مُوشَّحٌ إِذا كَانَ لَهُ خُطَّتان كالوِشاح وَقَالَ الطرماح:
ونَبهْ ذَا العفَاءِ الموشَّحِ
وَقَالَ أَبُو عبيد الموشَّحَةُ من الظباء الَّتِي لَهَا طرَّتَانِ من جانِبَيْها، وَيُقَال وِشاح وإشاح كَمَا يُقَال وِكاف وِإكافٌ.
شيح: قَالَ اللَّيْث: الشيحُ نبت يُتخذ من بعضه المكانسُ. قَالَ: والشيحُ ضرب من بُرودِ الْيمن، يُقَال لَهُ الشّيح والمشَيَّح وَهُوَ مخطّط، قلت لَيْسَ فِي البرُود والثيابِ شِيحٌ وَلَا شِيح بالشين مُعْجمَة من فَوق،

(5/95)


وَصَوَابه السّيح والمسيَّح بِالسِّين وَالْيَاء، وَأَنا أذكرهما فِي موضعِهما من بَاب الْحَاء وَالسِّين فِي أَبْوَاب المعتلّ، وأَعْزِي مَا قيلَ فيهمَا إِلَى قائِله إِن شَاءَ الله.
وَقَالَ اللَّيْث الشياحُ الحِذَارُ وَرجل شائحٌ حَذِر وَتقول إِنَّه لمُشيح حازمٌ حَذِرٌ، وَأنْشد:
أَمُرُّ مُشِيحاً معي فتية
فَمِنْ بَيْنِ مُؤْدٍ وَمن خَاسِر
والمشيح المجدُّ. وَقَالَ عَمْرو بن الإطنابة:
وإقدامي على المكرُوه نَفْسِي
وضربي هامةَ البطلِ المُشِيح
قَالَ اللَّيْث: وَإِذا أَرْخَى الفَرَسُ ذَنَبَهُ قيل قد أَشَاح بِذَنبِهِ وَإِذا نَحَّى الرجلُ وجْهَهُ عَن وهَجِ نارٍ أصابَه، أَو عَن أَذًى قيل قد أَشَاحَ بِوَجْهه. قلت أَمَّا مَا قَالَ فِي إشَاحَتِه عَن وَهَج النَّار فَهُوَ صَحيحٌ لأنَّه حَذَرٌ وأَمَّا قولُه: أَشَاح الفرسُ بذنَبه إِذا أَرْخَاه فَإِنَّهُ تصْحيف عِنْدِي، وَالصَّوَاب فِيهِ أَسَاح بِذَنبه، وَكَذَلِكَ أَسَابَ بِهِ، ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (اتَّقُوا النَّار وَلَو بِشِقّ تَمْرَةٍ ثمَّ أعْرض وأشاح) .
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي المُشِيح الجادُّ والمُشيح الحذِر، وروى سلمةُ عَن الفراءِ أَنه قَالَ: المُشِيحُ على وَجْهَيْن: أَحدهمَا المُقْبِلُ عَلَيْك، والآخَرُ المانِعُ لِما ورَاءَ ظَهْرِه، قَالَ: وَقَوله أَعْرَضَ ثمَّ أَشَاحَ: أَي أقْبَلَ. الْفراء وَيُقَال إِنَّهُم لفي مَشْيُوحَاءَ ومَشِحَاءَ من أَمرهم: أَي يُحَاوِلون أَمْراً يَبْتَدِرُونه وَقَالَ بَعضهم: فِي اختلاطٍ من أمرِهِمْ. وَقَالَ شمر: المُشِيحُ ليسَ من الأضْدَادِ، إِنَّمَا هِيَ كلمةٌ جَاءَت بِمَعْنَيَيْنِ. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أعرض بِوَجْهِه وأَشَاح أَي جَدَّ فِي الْإِعْرَاض، وَقَالَ: المُشِيحُ الجادُّ قَالَ: وأقرأَنا لطرفة يصف الْخَيل:
دُوخِلُ الصَّنْعةُ فِي أَمْتُنِها
فَهِيَ من تحتُ مُشِيحَاتُ الحُزُمْ
يَقُول جَدّ ارتفاعُها فِي الحُزُم. وَقَالَ: إِذا ضَمُرَ وارتفع حزامه سمي مُشِيحاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الإشَاحَةُ أَيْضا الحَذَرُ، وَأنْشد قَول أَوْسٍ:
فِي حيثُ لَا تنفعُ الإشَاحَةُ من
أَمْرٍ لمن قد يُحاولُ البِدَعا
قَالَ والإشاحَةُ الحَذَرُ والخوفُ لمن حاولَ أَن يَدْفَعَ المَوْتَ، ومُحاوَلَتُه دَفْعُهُ بِدْعَةٌ. قَالَ وَلَا يكون الحذِرُ بِغَيْر جِدّ مُشِيحاً. وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة الشَّيْحَانُ الَّذِي يتهمّسُ عدْواً أَرَادَ السرعة، أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْحَانُ الطويلُ وَأنْشد شمر:
مُشِيحٌ فَوق شَيْحَانِ
يَدُورُ كأَنَّه كَلْبُ
وَقَالَ شمر: وَرُوِيَ فَوق شِيحانٍ بِكَسْر الشين.
وَقَالَ الليثُ: شَايَحَ أَي قَاتَل وَأنْشد:
وشايَحْتَ قبل اليومِ إِنَّك شِيحُ
وَقَالَ فِي قَوْله:
تُشِيح على الفَلاةِ فتعْتَليها
بِبَوْع القِدْرِ إِذْ قَلِق الوضِينُ
أَي تُديم السّير. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المَشْيُوحَاءُ الأَرْض الَّتِي تُنبت الشيحَ،

(5/96)


يقصرُ ويمدُّ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال شَيَحَ الرجلُ إِذا نظر إِلَى خَصمه فضايَقَه. وَقَالَ شمر الشَّيحان الغَيور وَأنْشد الْمفضل:
لما استمرّ بهَا شَيْحان مَبْتَجِجٌ
بالبَيْن عَنْك بهَا يَرْآكَ شَنْأَنا
شحا: قَالَ الليثُ: شَحَى فلانٌ فَاهُ شَحْيَاً، واللجامُ يَشْحَى فَمَ الفَرَسِ شَحْياً. وَأنْشد:
كأنَّ فاهاً واللجام شاحِيه
جَنْباً غَبيطٍ سَلِسٍ نواحِيه
وَيُقَال: أَقبلت الخيلُ شواحِيَ وشَاحِيَاتٍ أَي فاتِحَاتٍ أَفْوَاهَهَا. أَبُو عبيدٍ عَن الْكسَائي: شَحَوْتُ فَمِي أَشْحَاه إِذا فَتَحْتُهُ. وأَشْحُوه شَحْواً مصدرهما واحِدٌ. وَأَبُو زيد قَالَ مثلَه: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال شَحَا فَاهُ، وشَحَا فُوه وأشحَى وَشحَّى فَاه، وَلَا يُقَال أشْحَى فُوه قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَ الكسائيُّ. وَأَبُو زيد شَحَا يَشْحُو وَيَشْحَى شَحْواً.
عَمْرو عَن أَبِيه جَاءَنَا شَاحِياً أَي فِي غيرِ حاجةٍ وشاحِياً خاطِياً من الخَطْوِ. وَيُقَال للْفرس إِذا كَانَ وَاسع الذَّرع إِنَّه لرعِيبُ الشَّحْوَةِ وَقَالَ أَبُو سعيد تَشحَّى فلانٌ على فلانٍ إِذا بَسَط لِسَانَهُ فِيهِ. وأصْلُه التوسُّعُ فِي كُل شيْءٍ؛ قَالَ الْفراء شَحَا ماءَةٌ لبَعض العرَب، تكْتب بِالْيَاءِ وَإِن شِئْت بِالْألف، لِأَنَّهُ يُقَال شَحَوْتُ وشَحيْتُ وَلَا تجريها. نقُول هَذِه شَحَا فَاعْلَم. وَقَالَ ابْن الأعْرابي سَجَا بِالسِّين وَالْجِيم اسمُ بئرٍ قَالَ وماءةٌ يُقَال لَهَا وَشْحَى بِفَتْح الْوَاو وتسكين الشين قَالَ الراجز:
صبَّحْنَ من وشْحَى قَلِيباً سُكَّا
أشح: عَن أبي عدنَان أَشِحَ الرجل يأْشَحُ، وَهُوَ رجل أَشْحَان أَي غَضْبَانُ. قلت وَهَذَا حرف غَرِيب وأظن قَول الطرماح مِنْهُ:
على تُشْحَةٍ من ذائد غيرِ واهن
أَرَادَ على وُشْحَةٍ فَقلب الْهمزَة وَاو فِي الْفِعْل، وقلبها تَاءً فِي الشّعْر، كَمَا قَالُوا تُراث ووُراث وتُكلان فِي وُكلان وَمعنى قَوْله على تُشْحَةٍ أَي عَلَى حَمِيَّة غضب من أَشِح يَأْشَحُ.
حيش (حاشا) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي حَاشَ يحِيشُ حَيْشاً إِذا فَزِع. وَقَالَ عُمَر لِأَخِيهِ زيد حِين نُدِبَ لقِتَال أهل الردَّة فَتَثَاقَلَ: مَا هَذَا الحَيْش والقِلُّ؟ أَي مَا هَذَا الفَزَعُ والرعْدَة؟ قَالَ وحَوَّش إِذا جَمع وشوّح إِذا أنْكر. قَالَ والحَيْشَانُ الْكثير الْفَزع والشَّيْحَان الطَّوِيل الحسَن الطول والحَيْشَانَةُ الْمَرْأَة الذَّعُورُ، وَهِي المذْعُورَة من الرِّيبَة.

(بَاب الْحَاء والضَاد)
(ح ض (وايء))
حضا، حاض، ضحا، ضاح، وضح.
وحض (مهمل) .
حضا: قَالَ ابْن المظفر يُقَال حَضَأْت النَّارَ إِذا سَخَيْتَ عَنْهَا لتلْتهِب، وَأنْشد:

(5/97)


بانْت هُمومي فِي الصَّدْرِ تَحْضَاؤها
طَحْحَاتُ دَهْرٍ مَا كنْتُ أَدْرَؤُها
سَلمَة عَن الْفراء حَضَأَتْ النارُ وحَضَبْتها وَهُوَ المَحْضَأُ والمحْضَب وَقَالَ تأبَّطَ شَراً:
ونارٍ قد حضَأْتُ بُعَيْد هَدْءٍ
بِدَارٍ مَا أُريدُ بهَا مُقاما
ضحا (ضاح) : قَالَ اللَّيْث: الضّحْوُ ارْتِفَاعُ النَّهارِ. والضُّحَى فُوَيْقَ ذَلِك والضُّحَاءُ ممدودٌ إِذا امتَدَّ النهارُ وكَرَبَ أَن يَنْتَصِف وَقَالَ رؤبة:
هابى العشيّ دَيْسقٌ ضحَاؤُه
وَقَالَ آخر:
عَلَيْهِ من نَسْجِ الضُّحَى شُفُوف
شبه السراب بالسُّنْتُورِ البيضِ. وَقَالَ الله جلّ وعزّ:
{} (الشّمس: 1) قَالَ الْفراء: ضُحَا نَهَارِهَا، وَكَذَلِكَ قَوْله: {يَرْضَى} (الضُّحَى: 1، 2) هُوَ النَّهار كُله. وَقَالَ الزجَّاجُ: {وَالضُّحَى وَالَّيْلِ} وضيائِها، وَقَالَ فِي قَوْله {يَرْضَى} : النهارُ، وَقيل ساعةٌ من ساعاتِ النَّهَارِ، وَقَالَ أَبُو عبيد يُقَال هُوَ يَتَضحَّى، أَي يَتَغَدَّى وَاسم الْغَدَاء الضَّحَاءُ، سمّي بذلك لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ فِي الضُّحاءِ، قَالَ والضُّحَاءُ ارتفاعُ الشَّمْس الأعْلَى، وَهُوَ ممدودٌ مذكرٌ، وَالضُّحَى مؤنَّثةٌ مَقْصُورَة، وَذَلِكَ حِين تشرق الشَّمْس.
وَقَالَ اللَّيْث ضَحِيَ الرجل يَضْحَى ضَحاً إِذا أَصابَهُ حَرُّ الشَّمْس.
وَقَالَ الله: {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} (طاه: 119) قَالَ يُؤْذِيك حَرُّ الشّمْسُ، وَقَالَ الفرَّاءُ: {وَلاَ تَضْحَى} لَا تصيبُك شمسٌ مؤذيةٌ. قَالَ: وَفِي بعض التَّفْسِير {وَلاَ تَضْحَى} لَا تَعْرَق. والأوَّلُ أَشْبَهُ بالصَّوَابِ. وَقَالَ عُمَرُ بنُ أبي ربيعَة:
رَأَتْ رَجُلاً أَمَّا إِذا الشَّمْسُ أَعْرَضَت
فَيَضْحَى وَأما بالعشيْ فَيَنْحصر
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: اضْحَ لمن أَحرمْت لَهُ. قَالَ شمر: يُقَال ضَحِي يَضْحَى ضُحِيَّاً وضَحَا، يضْحُو ضُحُوّاً. وَقَالَ ابنُ شُمَيْل ضَحَا الرجلُ للشمس يَضْحَى ضُحُوَّاً إِذا برز لَهَا. وَشد مَا ضَحَوْتَ وضَحَيْتَ للشمس وَالرِّيح وَغَيرهمَا. وَقَالَ شمر: وَقَالَ بعض الكِلابِيينَ: الضَّاحي الَّذِي بَرَزَتْ عليهِ الشمسُ وغَدا فُلان ضَحِيّاً. وَغدا ضَاحِيّاً، وَذَلِكَ قُرْبَ طُلُوع الشمْسِ شَيْئا، وَلَا يزَال يُقَالُ غَدا ضَاحِيّاً مَا لم تكن قائِلةٌ. وَقَالَ بَعضهم الغَادي أَن يَغْدُوَ بَعْدَ صَلَاة الغَدَاةِ، والضَّاحِي إِذا استعْلَت الشمسُ، وَقَالَ بعض الكِلابِيين بَين الغَادِي والضَّاحي قدرُ فُوَاقِ نَاقةٍ وَقَالَ القُطامي:
مُستبطَئونَ وَمَا كَانَت أَنَاتُهم
إِلَّا كَمَا لَبِثَ الضّاحِي عَن الفَادِي
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت يُقَال: ضَحِيَ يَضْحَى. إِذا برزَ للشّمس. قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ضَحيتُ للشمس، وضَحَيْتُ أَضْحَى مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَأنْشد:
سَمِينِ الضَّواحي لم تورقه لَيْلَة
وأنْعَمَ، أبكارُ الهموم وعُونُهَا

(5/98)


قَالَ والضواحي مَا بَدَا من جسده، وَمَعْنَاهُ لم تؤرقه لَيْلَة أبكارُ الهموم وَعُونها. وأنْعَمَ أَي وزَاد على هَذِه الصفَة. قَالَ والضواحي من الشَّجرِ القليلةُ الورَقِ الَّتِي تبرُزُ عيدَانُها للشمس. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم يُقَال ضَحَا الشيءُ يَضْحُو فَهُوَ ضَاحٍ أَي برز، وضَحِيَ الرجل يَضْحَى إِذا برز للشمس قَالَ والضُّحَى على فُعَل، حِين تَطْلُعُ الشَّمْس فيصفو ضَوْءها والضَّحَاءُ بِالْفَتْح والمدّ إِذا ارْتَفَعَ النّهَارُ واشتَدّ وقْعُ الشّمس. والضّحَاءُ أَيْضا الغَدَاء، وَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُتَغَدّى بِهِ. قَالَ والضّاحِي من كُل شَيْء البارِزُ الظاهِرُ الَّذِي لَا يستُره مِنْك حائطٌ وَلَا غَيره.
وَيُقَال للبادية الضّاحيةُ. وَيُقَال وُلي فلَان على ضاحية مصر وضاحية الْمَدِينَة أَي على مَا يَليهَا من الْبَادِيَة.
وفُلاَنٌ سَمينُ الضَّوَاحِي وجْهُهُ وكَفَّاهُ وقَدَمَاهُ وَمَا أشبه ذَلِك.
قَالَ وضحَّيْتُ فُلاناً أُضَحيه تَضْحِية أَي غَدّيتُه وَأنْشد:
ترى الثَّوْرَ يَمْشي راجِعاً من ضَحائِه
بهَا، مِثْلَ مَشْي الهِبْرِزِيّ المُسَرْوَلِ
والهبرِزيّ الماضِي فِي أمْرِه من ضَحائِه أَي مِن غَدَائه من المرعى وقْتَ الغَدَاءِ إِذا ارْتَفَعَ النَّهَارُ.
قَالَ أَبُو عبيدةَ: لَا يُقَالُ للفَرَسِ إِذا مَا أبيضَ أَبيض، وَلَكِن يُقَال لَهُ أضْحَى قَالَ والضُّحَى مِنْهُ مأخوذٌ؛ لأنَّهم لَا يُصَلُّونَ حتّى تطلع الشَّمْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: أنشدت بَيت شعر لَيْسَ فِيهِ حلاوةٌ وَلَا ضُحًى أَي لَيْسَ بِضَاحٍ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: وَلَا ضَحَاءٌ. وضَاحَيْتُ فلَانا أَتَيْتُه ضَحَاءً. قَالَ وبَاعَ فلانٌ ضَاحِيَةَ أَرْضٍ إِذَا باعَ أَرْضاً لَيْسَ عَلَيْهَا حَائِطٌ، وَبَاعَ فلَان حائِطاً وحديقةً إِذا بَاعَ أَرْضاً عَلَيْهَا حائِطٌ.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: تَمِيم تَقول: ضَحَوْتُ للشمس أَضْحو. قَالَ: وَيُقَال فلَان يُضاحِينَا أُضْحِيَّةَ كُل يَوْمٍ إِذا أَتاهم كُلَّ غَدَاةٍ. وَقَالَ الفَرَّاء يُقَال ضَحّت الإبلُ الماءَ ضُحًى إِذا وَردت ضُحَى. قلت فَإِن أَرَادوا أَنها رَعَتْ ضُحَى قَالُوا تَضَحّت الإبلُ تَتَضَحّى تَضَحّياً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: ضَحّيْتُ عَن الشَّيْء وعَشَيْتُ عَنهُ، مَعْنَاهُمَا رفَقْتُ بِهِ.
وَقَالَ زيد الْخَيل:
فَلَو أَنّ نَصْراً أَصْلَحَتْ ذَات بَينهَا
لَضَحّت رُوَيْداً عَن مَظَالِمهَا عَمْرُو
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المضَحي الَّذِي يُضَحي إِبِلَه، والمضحي المُبَينُ عَن الْأَمر الخفيّ، يُقَال ضَح لي عَن أَمرك، وأَضحِ لي عَن أَمرك، وأوضِح لي عَن أَمرك وَأنْشد بيتَ زيدِ الْخَيل هَذَا، قلت: وَالْعرب قد تضع التّضْحِيَةَ مَوْضِعَ الرفْقِ والتأنّي فِي الْأَمر، وَأَصله أَنَّهُمْ فِي البَادِيَةِ يسيرُون يَوْم ظَعْنِهِمْ فَإِذا مَرُّوا بِلَمْعَةٍ من الكَلأ، قَالَ قائدُهم أَلا ضَحُّوا رُوَيْداً فيدَعونها تضحّى وتجر، ثمَّ وضعُوا التَّضْحِيَة مَوضِع الرِّفْق لرفْقِهِمْ بحَمُولتهم ومالِهِمْ فِي ضحاياها سائرة وَمَا لِلْمَالِ من

(5/99)


الرِّفْق فِي تضَحيها وبلوغِها مُنْتَوَاها، وَقد شبِعَت. فَأَما بيتُ زيدِ الْخَيل فَإِن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ فِي قَوْله:
لضحّت رويداً عَن مظالمها
بِمَعْنى أَوْضَحَتْ وبيّنَتْ وَهُوَ حسن.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الأَضْحَى مؤنثةٌ وَهِي جمع أَضْحَاةٍ، قَالَ وَقد تُذَكَّرُ، يُذْهَبُ بهَا إِلَى اليَوْمِ وَأنْشد:
رأيتكُم بَين الخَذْوَاءِ لمَّا
دَنَا الأَضْحَى وصَلَّلتِ اللحامُ
توليتمْ بودَكُم وقلتم
لَعَلُّك مِنْك أقْرَبُ أَو جُذَام
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: فِيهَا أربعُ لغاتٍ، يُقَال: أُضحيَّة وإِضحيَّةٌ وَجَمعهَا أَضاحيّ، وضحيَّة وَجَمعهَا ضَحَايَا وأَضْحَاةٌ وجمعُها أضْحَى. قَالَ وَبِه سمي يومُ الْأَضْحَى قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أضْحَى جمع أَضْحَاة منونٌ وَمثله أَرْطَى جمع أَرْطَاةٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الضحيَّة الشاةُ الَّتِي تُذْبَح ضَحْوة مثل غَدِيَّة وعَشِيَّة. قَالَ: والضحيَّة ارْتِفَاع النَّهَار تجمع ضَحَيَات وَأنْشد:
رَقود ضَحِيَّاتٍ كأنّ لسانَه
إِذا واجه السُّفَّار مِكحالٌ إِثْمِدا
ويروى أَرْمَدَا. قَالَ ضُحَيّات جمع ضُحيّة وَهُوَ ارْتِفَاع النَّهَار.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أَضْحَى الرجلُ يفعلُ ذَاك إِذا فعل مِنْ أَوَّل النَّهار، وأَضْحَى إِذا بَلَغ وقْتَ الضُّحَى. والمَضْحَاةُ المكانُ الَّذِي لَا تكادُ تغيبُ الشمسُ عنْهُ، تَقول: عَلَيْك بِمِضْحَاةِ الجَبَلِ. قَالَ: والضَّحْيَانُ من كل شَيْء البارزُ للشّمس. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
يَكْفِيك جهلَ الأحمق المستجْهلِ
ضحيانه من عَقَدَاتِ السلْسل
قَالَ: أَرَادَ بالضَّحْيانَة عَصا نابتةً فِي الشَّمْس حَتَّى طبَخَتْها فَهِيَ أَشَدُّ مَا تكون، وَهِي من الطَّلْحِ. والسلْسلُ حَبْلٌ من حِبَال الدَّهْنَاءِ.
وَيُقَال: سلاسِلُ، وَقَالَ الليْثُ: تَقول: فَعلْتُ ذَلِك الأمرَ ضَاحِيةً أَي ظَاهِرَة بيّناً وَقَالَ النَّابِغَة:
فقد جزتْكُم بَنُو ذُبْيَان ضاحيةً
حقّاً يَقِينا ولمّا يأْتنا الصّدَرُ
قَالَ: وضواحي الحوْضِ نواحيه.
وَقَالَ لبيد:
فَهَرَقْنا لَهما فِي دَاثِر
لضَواحِيه نَشِيشٌ بالْبَلَلْ
قلت: أرادَ بضواحي الحوضِ مَا ظهرَ مِنْهُ وَبَرَز، وَقَالَ جرير يمدح عبد الْملك:
فَمَا شجراتُ عِيصِكَ فِي قرَيْشٍ
بِعَشَّات الفُرُوع وَلَا ضَوَاحِي
قَالَ اللَّيْث: يُرِيد وَلَا فِي النَّواحي. قلت: أرادَ جريرٌ بقوله: (ولاضَواحِي) قريْشُ الظواهرِ وهم الَّذين لَا ينزلون شعب مَكَّة وبطحاءها. أَرَادَ جريرٌ أَن عبد الْملك من قُرَيْش البِطَاحِ لَا من قريشِ الظَّواهِر، وقريشُ البطاح أَكرَمُ وأشْرَفُ من قُرَيْشِ الظواهِرِ لِأَن البَطْحَاوِيّين من قُرَيْش حاضِرَتُهم، وهم قُطَّانُ الحَرَمِ، والظواهر

(5/100)


أَعْرَابٌ باديةٌ خارجَ الحرمِ. وضَاحِيَةُ كل بَلْدَة ظاهِرَتُها البادَيةُ، يُقَال هَؤُلَاءِ ينزلون الباطِنَة، وَهَؤُلَاء ينزِلُون الضّوَاحِي.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كتب لأُكَيْدِرِ دَوْمَةِ الجنْدَل (إِن لنا الضاحيةَ من الضّحْلِ، وَلكم الضامنَةُ من النَّخْلِ) . قَالَ أَبُو عبيد: الضاحِيَةُ مَا ظهر وبَرَزَ وَكَانَ خارِجاً من الْعِمَارَة. وَقَالَ شمر: كلُّ مَا بَرَزَ وظَهَرَ فقد ضَحَا، يَقُول: خرج الرَّجُلُ من مَنْزِلِه فَضَحَا لي، والشجرة الضَّاحِيَةُ البارزةُ للشّمْسِ، وَأنْشد لِابْنِ الدُّمَيْنَةِ يصف القوْسَ:
وخُوطٍ من فروع النبع ضاحٍ
لَهَا فِي كَف أَعْسَرَ كالضُّبَاحِ
قَالَ: الضّاحِي عُودُها الَّذِي نَبَتَ فِي غَيْرِ ظِل وَلَا فِي مَاء فَهُوَ أصْلَبُ لَهُ وأَجْوَدُ وَأما قَول الشَّاعِر:
عمي الَّذِي منعَ الدينَارَ ضَاحيةً
فَمَعْنَاه أَنه مَنعه نَهَارا جهاراً أَي جاهَرَ بالامتناع مِمَّن كَانَ يُجِيبُه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: لَيْلَة إضْحِيَانَةُ وضَحْيَاءُ إِذا كَانَت مُضيئةً. وَقَالَ اللَّيْث: يَوْم إِضْحِيَانٌ لَا غَيْمَ فِيهِ، وَلَيْلَة إضْحِيَانَةٌ مضيئة شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: لَيْلَة أَضْحِيالةُ وَلَيْلَة إِضْحِيَانَة وضَحْيَاءُ وضحْيَانَةٌ إِذا كَانَت مُقمِرة قَالَ وَلَيْلَة ضاحِيَةٌ مثل ضحْيَاءَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرس أضحَى إِذا كَانَ أبْيَض وَلَا يُقَال فرس أبْيَضُ. وَإِذا اشتدّ بياضُه قيل أَبْيَضُ قِرْطَاسِيّ.
أَبُو زيد: يُقَال ضاحَيْتُه أَي أتيتُه ضُحىً، وَفُلَان يُضاحِينَا ضَحْوَة كل يومٍ أَي يأتينا. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال للرجل إِذا مَاتَ ضَحَا ظِلُّه لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ صَار لَا ظِلَّ لَهُ. وشجرةٌ ضاحِيَةُ الظل أَي لَا ظِلَّ لَهَا لِأَنَّهَا عَشَّةٌ دقيقَةُ الأغْصانِ. قلت: وَهَذَا معنى جيدٌ فِي بَيت جرير الَّذِي نقدم تَفْسِيره وَقَالَ الشَّاعِر:
وقَحَّمَ سيرنَا من قُورِ حِسْمَى
مَروتُ الرَّعْي ضاحيةُ الظلال
يَقُول رعيها مَرْتٌ فِيهِ وظلالُها ضاحية أَي لَيْسَ بهَا ظلّ لقلَّة شَجَرِها. وَفِي (نوادِرِ الْأَعْرَاب) : رجل ضَحَيانُ متضحَ مستضحٍ مضطحٍ إِذا أَضْحَى، ويومُ ضحيانُ أَي طَلْقٌ، وسراجٌ ضَحْيَانُ مُضِيءٌ، ومفازة ضَاحِيَة الظّلالِ لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ يستظَلُّ بِهِ. وَفِي الدُّعَاء: لَا أَضْحَى الله ظِلَّكَ، مَعْنَاهُ: لَا أَمَاتَكَ الله حَتَّى يُذْهِبَ ظِلَّ شَخْصِكَ الْقَائِم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرس ضَاحِي العِجَان يُوصف بِهِ المحبَّب يُمدح بِهِ وضحَّيْنَا بني فُلانٍ أَتَيْنَاهم ضُحًى مُغِيرين عليْهم. وَقَالَ:
أَرَاني إِذا ناكَبْتُ قوما عَدَاوَةً
فضحيتهم، إنّي على الناسِ قَادِر
وَقَالَ شمر: أَضْحَى الرجل إِذا صَار فِي وَقْتِ الضُّحَى، وأَضْحَى فِي الغُدُو إِذا أَخَّرَه. وضَحِيَ الشيءُ وأضحيْتُه أَنا أَي أَظهَرْتُه. وَقَالَ الرَّاعِي:
حَفَرْن عُروقَه حَتَّى أظَلَّتْ
مَقَاتِلُه وَأَضْحَيْن القُرونَا

(5/101)


قَالَ: وضَاحِيةُ كل بَلْدَةٍ ناحيَتُها، والجَوُّ بَاطِنهَا، يُقَال هؤلاءِ يَنْزِلُون الباطِنَة وَهَؤُلَاء ينزلون الضَّوَاحي وضواحي الأَرْض الَّتِي لم يُخَطَّ عَلَيْها.
وضح: قَالَ اللَّيْث: الموضَحُ بياضُ الصُّبْح. وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِذْ أَتَتْكمْ شيْبَانُ فِي وَضَح الصُّبْ
ح بكبشٍ ترى لَهُ قُدَّامَا
قَالَ والموضَحُ بياضُ البرصِ وَبَيَاض الغُرَّةِ والتَحجِيلُ فِي القَوائم وَغير ذَلِك من نحوِه. ومِنَ الألوانِ إِذا كَانَ بياضٌ غَالبٌ فِي ألوان الشَّاءِ قَدْ نَشَأ فِي الصَّدْرِ والظَّهْرِ والوجهِ يقالُ بِهِ تَوْضِيحٌ شَدِيدٌ، وَقد توضّح.
وَيُقَال: أَوْضحْتُ أمرا فَوَضَح ووَضّحْتُه فتَوَضَّح، وَيُقَال من أَيْن أَوْضَحَ الراكبُ؟ وَمن أَيْن أَوْضَعَ الرَّاكِب؟ أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عمرٍ واستوضحتُ الشيءَ واستَشْرَفْتُ واستكْفَفتُه، وَذَلِكَ إِذا وضعْتَ يدك على عَيْنَيْكَ فِي الشَّمس تنظرُ هَلْ ترَاهُ تُوَقي بكفك عيْنَكَ شُعَاعَ الشَّمْسِ. والْموَاضِحَةُ الأسنانُ الَّتي تَبْدُو عِنْد الضَّحِك. وَقَالَ الشَّاعِر:
كلُّ خليلٍ كنتُ صافَيْتُه
لَا تَرَكَ الله لَهُ وَاضِحَهْ
كلَّهم أروَغَ من ثَعْلَبٍ
مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبَارِحَهْ
وَيُقَال: استَوْضِح عَن هَذَا الأمْرِ، أَي ابْحَثْ عَنْهُ، وَيُقَال للرجُلِ الحسنِ الوجْهِ: إِنَّه لوضَّاحُ. قَالَ: والمُوضحةُ الشَّجَّةُ الَّتِي تصِلُ إِلَى العِظَام، تَقول بِهِ شَجَّةٌ أَوْضَحَتْ عَن الْعظم. وَقَالَ أَبُو عبيد: المُوضحةُ من الشجَاجِ الَّتِي تُبدي وَضَحَ الْعظم.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا اجْتمعت الكواكبُ الْخُنَّسُ مَعَ الكواكبِ المُضِيئةِ من كواكبِ المنازلِ سُمين جَمِيعًا الوُضَّحَ. وَفِي الحَدِيث: أَن يهوديّاً قتل جُوَيْرِية على أَوْضَاحٍ لَهَا، قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي حَلْيَ فضَّة، وتُوضِحُ مَوضِع مَعْرُوف.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فِيهَا أَوْضَاحٌ من النَّاس وأَوْبَاشٌ وأسقاطٌ يَعْنِي جماعاتٍ من قبائلَ شتَّى. قَالَ: لم يُسْمَعْ لهَذِهِ الْحُرُوف بواحدٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: فِي الأَرْض أوضَاحٌ من كَلأ إِذا كَانَ فِيهَا شَيْءٌ قد ابيضّ، قلتُ وأكْثَرُ مَا سمعْتُ العربَ يَقُولُونَ الوَضَحُ فِي الْكلأ إِنَّمَا يَعْنون بِهِ النَّصِي والصليَّان الصيْفِيّ الَّذِي لم يسوَدّ من القِدَم وَلم يَصِرْ دِريناً. للنَّعَم وضيحةٌ ووضائح وَمِنْه قَول أبي وجزة:
لِقَوْميَ إذْ قَوْمي جميعٌ نَوَاهم
وإذْ أَنَا فِي حَيّ كثيرِ الوضائح
وَيُقَال لِلَّبن الموَضَحُ وَمِنْه قَول الْهُذلِيّ:
ثمَّ استفاءوا وَقَالُوا حبَّذا الوضح
أَي قَالُوا: اللَّبَنُ أحبُّ إِلَيْنَا من القَوَد. وَيُقَال كَثُرَ الوضَحُ عِنْدَ بَني فُلاَنٍ أَي كَثُرَتْ أَلْبَانُ نَعَمِهمْ. وَالْعرب تسمي النَّهَار الوَضَّاح والليلَ الدُّهْمَان وبِكْرُ الوَضَّاحِ صَلَاة الغَدَاةِ وَفِي أَحَادِيث المَبْعث وَدَلَائِل نبوة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن أَوْحى الله إِلَيْهِ: أَنه

(5/102)


كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلْعَبُ وَهُوَ صغيرٌ مَعَ الغلمان بِعظم وضَّاح، وَهِي لُعبة لصبيانِ الْأَعْرَاب يعمِدون إِلَى عظمٍ أبيضَ فيرمونه فِي ظُلمة اللَّيْل، ثمَّ يتفرّقون فِي طلبه، فَمن وجده مِنْهُم فَلهُ القَمْر قلت وَقد رَأَيْت وِلدانهم يصغّرونه وَيَقُولُونَ عُظيمُ وضَّاح. وَأنْشد بَعضهم:
عَظِيم وضاح ضِحَنَّ الليلَة
لَا تَضِحَنَّ بعْدهَا منْ لَيْلة
وَقَوْلهمْ: ضِحَنّ أمرٌ بتثقيل النُّون من وَضَح يَضِح وَمَعْنَاهُ أُظْهَرَنّ وَأُبْدُوَنّ، كَمَا يُقَال من الْوَصْل صِلَنّ.
وَيُقَال أَوْضَحَ الرَّجُلُ إِذا جَاءَ بأوْلادٍ بيض، وأوضحت المرأَةُ إِذا ولدت أَوْلَادًا بيضًا. وَوَضَحُ الْقدَم بَيَاض إخْمصه. وَقَالَ الجميح:
وَالشوْكُ فِي وَضَح الرَّجْلَيْن مَرْكُوزُ
وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل: المتوضحُ والواضِحُ من الْإِبِل الأبيضُ وَلَيْسَ بالشّديد البياضِ، أشدُّ بَيَاضًا من الأعْيس والأصْهب وَهُوَ المُتَوَضح الأقراب وَأنْشد:
متوضح الأقْرَابِ فِيهِ شُهلَةٌ
شَنِجُ الْيَدَيْنِ تَخَالُه مشكولا
قَالَ الْمُنْذِرِيّ أُخبِرْتُ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَوْلهم جَاءَ فلَان بالضحّ وَالرِّيح، وأصل الضحّ الوَضَحُ وَهُوَ فوْرُ النَّهَار وضوْء الشَّمْس، فَأسْقطت الْوَاو وزيدت الحاءُ مَكَانهَا فَصَارَت مَعَ الْأَصْلِيَّة حاءً ثَقيلَة قَالَ وَكَذَلِكَ القحة الوقْحة فَأسْقطت الْوَاو وزيدت الْحَاء مَكَانهَا فَصَارَت قِحَّةً بحائين وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة الضحُّ البرازُ الظّاهر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الضحُّ ماضحا للشمس، والريحُ مَا نَالهُ الرّيح. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الضحّ الشَّمْس بِعَينهَا وَأنْشد:
أبيضُ أبرزه للضَّح راقِبُه
مقلَّدٌ قُضُبَ الرّيْحَان مفعُوم
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول من أَيْن وَضَحَ الرَّاكبُ؟ أَي من أَيْن بَدَأَ؟ وَقَالَ غَيره من أَيْن أَوْضَحَ بِالْألف.
حَوْض حيض: قَالَ اللَّيْث: الحَوْضُ مَعْرُوف، والجميع الحِيَاضُ والأحوَاضُ، وَالْفِعْل التّحْوِيضُ، واستحوضَ الماءُ أَي اتخذ لنَفسِهِ حَوْضاً، وحَوْضَى اسْم موضعٍ. الْأَصْمَعِي إِنِّي لأُدَورُ حول ذَاك الْأَمر وأُحَوض وأُحَوط حولَه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَيْضُ مَعْرُوف، والمرة الْوَاحِدَة الحَيْضَةُ، وَالِاسْم الحِيضَةُ وَجَمعهَا الحِيض والحِيضَات جمَاعَة. وَالْفِعْل حَاضَت الْمَرْأَة تَحِيضُ حَيْضاً ومَحِيضاً، فالمحيضُ يكون اسْما وَيكون مَصْدراً. وَامْرَأَة حائِضُ، وَنسَاء حُيَّضٌ على فُعَّل، والمستحاضةُ الْمَرْأَة الَّتِي يسيل مِنْهَا الدَّمُ فَلَا يرقأُ، وَلَا يَسِيلُ من المحِيضِ، وَلكنه يسيل من عِرْقٍ يُقَال لَهُ العَاذِل، وَإِذا استُحِيضَت المرأةُ فِي غير أَيَّام حَيْضِها واستَمرّ بهَا الدَّمُ صلّت وصامت وَلم تَقْعُد عَن الصَّلاة كَمَا تقعد الْحَائِض وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَيَسْئَلُونَك

(5/103)


َ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} (البَقَرَة: 222) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يُقَال قَدْ حَاضَتِ الْمَرْأَة تَحِيضُ حَيْضاً ومحيضاً ومحاضاً. قَالَ وَعند النَّحْوِيين أَن الْمصدر فِي هَذَا الْبَاب بَابه المَفْعَل والمَفْعِل جيّد بَالغٌ، وَقَالَ غَيره المحِيضُ فِي هَذِه الْآيَة المَأْتَى من الْمَرْأَة لِأَنَّهُ مَوْضعُ الحيْض فَكَأَنَّهُ قَالَ اعْتزلوا النِّسَاء فِي موضِع الْحَيض وَلَا تجامِعُوهنّ فِي هَذَا الْمَكَان. ويقالُ حاضَ السيلُ وفاضَ إِذا سَالَ، يحيض ويفيضُ. وَقَالَ عمَارَة:
أجالت حصاهن الذَّوَارِي وحَيّضَت
عليهنّ حَيْضَاتُ السُّيُول الطّواحِم
أنشدنيه المنذريُّ عَن المبرِد أَن عمَارَة أنْشدهُ. وَمعنى حيّضت أَي سيّلت. قلت: ومِنْ هَذَا قيلَ للحوضِ: حَوْضُ المَاء؛ لِأَن المَاء يَحيضُ إِلَيْهِ أَي يسيلُ، وَالْعرب تدخل الواوَ على الْيَاء والياءَ على الواوِ؛ لِأَنَّهُمَا من حيزٍ واحِدٍ وَهُوَ الهوَاءُ وهما حَرْفا لِين. وَقَالَ اللحيانيُّ فِي بَاب الضّاد وَالصَّاد: حاضَ وحاص بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ أَبُو سعيد: إِنَّمَا هُوَ حاضَ وجاضَ بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ الْفراء حاضَت السَّمُرَةُ تحيض إِذا سَالَ مِنْهَا الدُّوَدِم وَيجمع الْحَوْض حياضاً وأحواضاً والمحوَّض الْموضع الَّذِي يسمَّى حوضاً.
ضيح: قَالَ اللَّيْث: الضَّيَاحُ اللَّبن الخاثرُ يُصَبُّ فِيهِ الماءُ ثمَّ يُجدَحُ، يُقَال ضَيّحْتُه فَتَضَيَّح. قَالَ: وَلَا يُسمى ضَياحاً إِلَّا اللبنُ وتضيُّحُه تزيّده. قلت: الضَّيَاحُ والضّيْحُ عِنْد الْعَرَب أَن يُصَبَّ الماءُ على اللبَنِ حَتَّى يَرِق، وَسَوَاء كَانَ اللبنُ حليباً أَو رائباً، وَسمعت أعرابيَّاً يَقُول ضَوحْ لي لُبَيْنَةً وَلم يقل ضَيحْ وَهَذَا مِمَّا أَعْلمْتُكَ أَنَّهم يدْخلُونَ أحد حرفي اللَّبن على الآخَرِ كَمَا يُقالُ حَيضه وحَوَّضه وتَوّهه وتيّهه. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كثر المَاء فِي اللَّبن فَهُوَ الضَّيْحُ والضّيَاح وَقَالَ الْكسَائي قد ضيّحه من الضّيَاح. ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: من اعتذَر إِلَيْهِ أخُوه من ذَنْبٍ فردّه لم يَرِدْ عليَّ الْحوضَ إِلَّا مُتَضَيحاً وَأنْشد شمر:
قد علمت يَوْم وَرَدْنا سَيْحا
أَنِّي كفيْت أَخَوَيْهَا الميْحَا
فامتَحَضا وسقَّيا فِي ضَيْحَا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال الريحُ والضيحُ تقويةٌ لِلَفْظِ الرّيح فإذَا أفْرَدْتَه فَلَيْسَ لَهُ معنى. قلت: وغيْرُ اللَّيْث لَا يُجيز الضيحَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: جَاءَ فلَان بالضح وَالرِّيح قَالَ: وَمعنى الضح الشمسُ، أَي إِنَّمَا جَاء بمثْل الشَّمس وَالرِّيح فِي الكثْرَةِ. قَالَ: والعامّة تَقول: جَاءَ بالضيح وَالرِّيح. وَلَيْسَ الضيح بِشَيْء.

(بَاب الْحَاء والصَاد)
(ح ص (وايء))
حصا، حصأ، حَاص، صَحا، صَاح، (صواح) ، صوح، وحص.
صَحا: قَالَ اللَّيْث: الصّحْوُ ذهابُ الغيْم، يُقَال اليومُ يومٌ صَحْوٍ. وأصحَتِ السماءُ فَهِيَ مُصْحِيَةٌ ويومٌ مُصْحٍ. قَالَ: والصَّحْوُ ذهابُ السُّكْرِ وتَرْكُ الصِّبَا والباطِل، يُقَال

(5/104)


مِنْهُ: صَحَا قَلْبُه، وصَحَا مِنْ سُكْرِه. قلت: وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُه. ورَوى الحرَّانِيُّ عَن ابْن السّكيت: أَصْحَت السماءُ تُصْحِي فَهِيَ مُصْحيَةٌ، وَقد صَحَا السكرانُ يَصْحُو صُحُوَّا فَهُوَ صاحٍ، ونحوَ ذَلِك قَالَ الفراءُ والأصمعيُّ.
قَالَ اللَّيْث: والمِصْحَاةُ جَامٌ يُشْرَبُ فِيهِ. وَقَالَ الأصمعيُّ فِيمَا روَى عَنهُ أَبُو عبيد: المِصْحَاةُ إِنَاءٌ، قَالَ: وَلَا أَدْري مِنْ أَي شَيءٍ هُو. شمِرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي المِصْحَاةُ الكَأْسُ قَالَ وَقَالَ غيرُه هُوَ القَدَحُ من الفضّة وَاحْتج بقول أَوْس:
كمِصْحَاةِ اللُّجَين تأكّلا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: من أَمْثالهم (يُرِيد أَنْ يَأْخُذَها من الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ) مَثَلٌ لطَالب الأمْرِ يتجاهلُ وَهُوَ يَعْلَم.
حوص حيص: قَالَ اللَّيْث: الحَوَصُ ضِيقٌ فِي إِحْدَى الْعَينَيْنِ دونَ الأُخْرى، وَرجل أَحْوَصُ وَامْرَأَة حَوْصَاءُ، قلت: الحَوَصُ عِنْد جَمِيعهم ضيقٌ فِي الْعَينَيْنِ معَاً، رجل أَحْوَصُ إِذا كَانَ فِي عينيْه ضيقٌ، وَقد حَوِصَ يَحْوَصُ حَوَصاً.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الحَوَص بِفَتْح الْحَاء الصغَارُ الْعُيُون، وهم الحُوصُ. قلت: من قَالَ حَوَصٌ أَرَادَ أَنهم ذوُو حَوَص.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ الحَوْصُ الخِياطة وَقد حُصْت الثَّوْب أَحوصُهُ حَوْصاً إِذا خطِتْهُ. وَفِي حَدِيث عليّ أَنه اشْترى قَمِيصًا فَقَطع مَا فضل من الكُمَّين عَن يَدِه، ثمَّ قَالَ للخياط حُصْه أَي خِطْ كِفَافَهُ، وَمِنْه قيل للعين الضيّقة حَوْصَاءُ كَأَنَّمَا خِيط جانِبٌ مِنْهَا. قَالَ وحُصْت عينَ الْبَازِي إِذا خِطْته.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأَحْوَصَانِ: الأَحْوَصُ بن جَعْفَر بن كلابٍ، واسْمه ربيعةُ، وَكَانَ صغيرَ العيْنَيْنِ، وَعَمْرو بن الْأَحْوَص وَقد رَأس وَقَالَ الْأَعْشَى:
أَتَاني وَعِيدُ الحُوصِ منْ آلَ جَعْفَر
فيا عَبْدَ عَمْرٍ وَلَو نهيْت الأحَاوِصَا
يَعْنِي عبدَ عمرِو بنِ شُرَيْح بنِ الْأَحْوَص، وعَنَى بالأحاوص مَنْ وَلَده الأحْوَصُ، مِنْهُم عَوْفُ بنُ الأحْوص، وعَمْرو بن الأحْوص، وشُرَيْحٌ بن الْأَحْوَص، وَرَبِيعَة بن الْأَحْوَص.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ يُقَال: لأطْعَنَنّ فِي حَوصك أَي لأكيدَنَّك ولأجِدّن فِي هَلاَكِكَ. وَقَالَ النَّضر: من أَمْثَال العربِ طَعَنَ فلانٌ فِي حَوْصٍ لَيْسَ مِنْه فِي شَيْء. إِذا مارس مَا لَا يُحْسِنه وتكلّف مَا لَا يَعْنيه. وحَاصَ فلاَنٌ سِقَاءَه إِذا وَهَى وَلم يكن مَعَه سِرَادٌ يخرزه بِهِ فأدخلَ فِيهِ عُودَيْنِ وسد الوَهْي بَينهمَا يخَيْط دُون الخَرْزِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقَة مُحتَاصَةٌ وَهِي الَّتِي احْتاصَتْ رَحِمُها دُونَ الفحْل فَلَا يقدرُ عَلَيْهَا الفحلُ، وَهُوَ أَن تعقِد حَلَقَها على رَحِمِها فَلَا يقدر الفَحْلُ أَن يُجيز عليْها، يُقَال قد احْتاصَت الناقةُ واحتاصَتْ رَحِمها سواءٌ، وناقة حائص ومحتاصَةٌ وَلَا يُقَال حَاصَت النَّاقة، وبئر حَوْصاءُ ضيقةٌ.

(5/105)


وَرُوِيَ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الحيصاءُ النَّاقة الضيّقة الحَيَا. قَالَ والمِحْيَاصُ الضيّقة الملاقي.
الأصمعيّ والفرّاء: الحائص والناقة الَّتِي لَا يَجُوز فِيهَا قضيبُ الفَحْلِ كأنّ بهَا رَتْقاً. وَقَالَ اللَّيْث الحَيْصُ الحَيْدُ عَن الشَّيْء. يُقَال هُوَ يحيصُ عني أَي يَحيدُ، وَهُوَ يحايصني، وَمَا لَك من هَذَا الأمْرِ مَحِيصٌ أَي مَحِيد، وَكَذَلِكَ مَحَاصٌ، وَفِي حَدِيث مطرّف: أَنه خرج من الطَّاعُون، فقيلَ لَهُ فِي ذَلك، فَقَالَ: هُوَ الموتُ نْحَايصُه وَلَا بُدّ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ نزوغ عَنهُ. يُقَال حَاص يحيص حَيْصاً، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن} (فُصّلَت: 48) .
ورُوي عَن ابْن عُمَرَ أنَّه ذكر قتَالاً أوْ أَمْراً، فَقَالَ: فَحَاصَ المُسْلِمون حَيْصَةً.
ويروى فَحَاضَ الْمُسلمُونَ حَيْضَةً، مَعْنَاهُمَا وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: وَقع القَوْمُ فِي حَيْصَ بَيْصَ، أَي فِي اخْتِلَاط من أمْر لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْهُ. وأنشدنا لأميَّة بن عائِذ الْهُذلِيّ:
قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيرَفاً
لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ
ونصبَ حَيْصَ بيْصَ على كل حالٍ. قَالَ وَقَالَ الْكسَائي فِي حيصَ بيص مثلَه إلاّ أَنه قَالَهَا بِكَسْر الْحَاء وَالْبَاء حِيصَ بِيصَ.
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت إِنَّك لتحسَبُ عليَّ الأَرْض حَيْصاً بَيْصاً وحِيصاً بِيصاً. وَفِي حَدِيث سعيد بن جُبَير وَسُئِلَ عَن المكاتَب يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أهلُه أَن لَا يخرُجَ من بَلَده، فَقَالَ: أَثْقَلْتُمْ ظهْره وجعلتم الأرْض عَلَيْهِ حَيصَ بَيصَ أَي ضيقتم الأَرْض عَلَيْهِ حَتَّى لَا مَضْربَ لَهُ فِيهَا وَلَا مُتَصَرَّفَ للكَسْبِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء قَالَ: هُمْ فِي حَيْصَ بَيْصَ وحِيصَ بِيصَ.
وَقَالَ: إِذا أفْردوه أجْرَوْه وَرُبمَا تركُوا إجراءَه وَقَالُوا وَقَعُوا فِي حِيصٍ أَي فِي ضيق. وَفِي (كتاب ابْن السّكيت) فِي الْقلب والإبدال فِي بَاب الصَّاد وَالضَّاد. يُقَال: حَاصَ وحَاضَ وجَاضَ بِمَعْنى واحدٍ. وَكَذَلِكَ ناصَ وناضَ. وَقَالَ عزَّ من قَائِل {فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ} (ص: 3) أَي لات حينَ مَهْرَب.
وروى اللَّيْث بَيت الْأَعْشَى:
لقد نَال حَيْصاً من عُفَيْرَةَ حائصاً
قَالَ يرْوى بِالْحَاء وَالْخَاء. قلت: والرُّواة روَوْهُ بِالْخَاءِ خَيْصاً وَهُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل الخِيَاصة سيْرٌ طَوِيل يشدُّ بِهِ حِزَامُ الدّابّةِ.
حصا: قَالَ اللَّيْث: الحَصَى صِغَارُ الحِجَارَةِ، الْوَاحِدَة حَصَاةٌ وثلاثُ حَصَيَاتٍ. قَالَ والحَصى كَثْرَة العَدَدِ شُبه بحصى الْحِجَارَة فِي الْكَثْرَة، وَقَالَ الْأَعْشَى:

(5/106)


فلستُ بالأكْثَرِ منْهُم حَصًى
وَإِنَّمَا العزَّةُ للْكاثِر
قَالَ: وحَصَاةُ اللّسَانِ ذَرَابَتُهُ. قَالَ وَفِي الحَدِيث: (وَهل يُكَبُّ الناسُ على مناخرهم فِي جَهنَّم إِلَّا حَصَا أَلْسِنَتهم) . قلت والرّواية الصَّحِيحَة (إلاَّ حصائدُ ألسنتهم) ؟ وَقد مرّ تَفْسِيره فِي بَابه، وأَمَّا الحَصَاةُ فَهُوَ الْعقل نَفسه.
وروى ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: فلَان ذُو حَصَاةٍ وأَصَاةٍ إِذا كَانَ حازِماً كَتُوماً على نفْسِه يحفظ سرَّه. قَالَ والحَصَاة الْعقل، وَهُوَ فَعَلَة من أحْصَيْتُ قَالَ طرفَة:
وإنّ لسانَ المَرْءِ مَا لم يَكُنْ لَهُ
حصاةٌ على عَوْرَاتِه لَدلِيلُ
يَقُول إِذا لم يكنْ مَعَ اللِّسَان عقل يحجزه عَن بسْطه فِيمَا لَا يجب دَل اللِّسَان على عَيبه بِمَا بِلَفْظ بِهِ من عُور الْكَلَام.
قَالَ اللَّيْث وَيُقَال لكل قطعَة من الْمسك حصاةٌ. قَالَ: والحصاةُ داءٌ فِي المثانَة، وَهُوَ أَن يخثُرَ الْبَوْل فيشتد حَتَّى يصير كالحصاة. يُقَال حصِيَ الرجلُ فَهُوَ مَحْصِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الحَصْوُ هُوَ المَغَسُ فِي البَطْنِ. وَفُلَان ذُو حَصى أَي ذُو عَددٍ، بِغَيْر هَاء. وَهُوَ من الإحْصَاء لَا من حَصَى الْحِجَارَة وَفُلَان حَصِيٌّ وحَصيفٌ ومُسْتَحْصٍ إِذا كَانَ شديدَ العَقْل، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ} (الْجِنّ: 28) أَي أحَاط علمُه بِاسْتِيفَاء عَدَدِ كل شَيْء.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله {وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (المُزمّل: 20) قَالَ علم أَن لنْ تحفظُوا مَوَاقِيت اللَّيلِ، وَقَالَ غَيره مَعْنَاهُ {وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ} أَي عَلِمَ أَن لن تُطِيقوه، وَأما قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحْصَاها دخلَ الجَنّة) فمعْناه وَالله أعلم من أحْصَاهَا عِلْماً وإيماناً بهَا ويقيناً بِأَنَّهَا صفاتُ الله جلّ وعزّ، وَلم يُرد الإحصاء الَّذِي هُوَ العَدّ. والحَصَاةُ الْعقل: اسْم من الإحصاء فِي هَذَا الْموضع وَقَالَ أَبُو زُبَيد:
يُبْلغُ الجَهْدَ ذَا الْحَصَاة من القو
مِ وَمن يُلْفَ وَاهناً فَهُوَ مُود
يَقُول: يُبلغ ذَا الْحَصَاة من الْقَوْم الجَهْد أَي ذَا الْقُوَّة والرزانة وَالْعقل وَالْعلم بمصادر الْأُمُور ومواردها.
صوح، صِيحَ: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو قَالَ: الصُّوحُ حَائِط الْوَادي وهما صُوحَانِ. وَفِي الحَدِيث أَن مُحَلم بن جُثَامة قتل رجلا يَقُول لَا إلاه إلاّ الله، فلمّا مَاتَ دفنوه قَالَ فلفَظَتْه الأَرْض فألْقَوْه بَين صُوحيْن فأكلته السبَاع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّوْحُ بِفَتْح الصَّاد الجانبُ من الرأسِ والجبلِ. قلت: وغيرُه يَقُول صُوحٌ لوجه الْجَبَل الْقَائِم كَأنه حَائِط، وهما لُغَتَانِ صَوْحٌ وصُوحٌ.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصُّوَاحِيُّ مَأْخُوذ من الصُّوَاح وَهُوَ الْجصّ وَأنْشد:
جَلَبْنَا الخيلَ من تثْليث حَتَّى
كأنّ على مَنَاسِجِها صُواحَا

(5/107)


قَالَ: شبّه عَرَقَ الخيْلِ لما ابيضّ بالصُّوَاح وَهُوَ الجصّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الصَّاحَةُ من الأَرْض الَّتِي لَا تنْبِتُ شَيْئا أبدا.
وَقَالَ اللَّيْث: التصوّح تشقّق الشّعْر وتناثُره وَرُبمَا صوَّحه الجُفُوف.
قَالَ: والبقلُ إِذا أَصَابَته عاهة فيبِس قيل تَصَوّح البَقْلُ وصوّحَتْه الريحُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا تهيّأ النباتُ لليُبْس قيل قد اقْطَارَ فَإِذا يَبِس وانْشَقّ قِيل قد تَصَوَّح.
قلت: وتصوُّحُه من يُبْسِهِ زمانَ الحَر لَا مِنْ آفةٍ تصيبُه.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف هَيْج البقل فِي الصَّيف:
وصوح البقْلَ نآجٌ تجيءُ بِهِ
هَيْفُ بِمَا نِيَةٌ فِي مَرهَا نكَبُ
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: فإنْ تشقَّق الثَّوْب من قِبَل نَفْسه قيل قد انْصَاحَ انْصِياحاً وَمِنْه قَول عبيد:
من بَين مرتَتِقٍ مِنْهَا ومُنْصاح
قَالَ شمر: وَرَوَاهُ ابْن الأعرابيّ:
من بَين مرتَفِقٍ مِنْهَا ومنصاح
وَفسّر المُنْصَاحَ الفائِضَ الجارِي على وجْهِ الأرْضِ. قَالَ: والمُرْتَفِق الممتلىءُ.
قَالَ: ويروى عَن أبي تَمام الْأَسدي أَنه أنْشدهُ:
من بَين مرتفِق مِنْهَا ومِنْ طَاحِي
قَالَ: والطَّاحِي الَّذِي قَدْ سالَ وفاضَ وَذهب.
وَقَالَ الأصمعيُّ: انْصَاحَ الفَجْرُ انصِياحاً إِذا اسْتَنَارَ وأَضَاءَ، وَأَصله الانْشِقَاق. وتَصَايحَ غِمْدُ السَّيْف إِذا تشقّق.
وَقَالَ اللَّيْث الصُّوَّاحَةُ على تَقْدِير فُعَّالة من تشقق الصُّوف إِذا تصوَّح.
وَفِي (النَّوَادِر) : صوّحتْه الشمسُ ولوَّحتْه وصَمَحَتْه إِذا أَذْوَتْه وآذَتْه.
وَمن نَبَات الْيَاء، أَبُو عبيد عَن أبي زيد: لَقيته قبْلَ كل صَيْحٍ ونَفْرٍ، فالصَّيْحُ الصيَاح والنَّفْر التفَرُّق. وَيُقَال غَضِبَ فلانٌ من غير صَيْحٍ وَلَا نَفْرٍ، من غير قَلِيل وَلَا كثيرٍ. وَقَالَ الشَّاعِر:
كَذُوبٌ محولٌ يجعلُ الله عُرْضَةً
لأَيْمانِه من غير صيْحِ وَلَا نَفْر
قَالَ: مَعْنَاهُ من غير شَيْء. وَيُقَال: تصيّح النبْتُ إِذا تشقّق بِمَعْنى تصوَّح.
وَقَالَ اللَّيْث: تصيّح الخَشَبُ وغيرُه إِذا تصدّع.
وأنشدني أعرابيٌّ من بني كُلَيْب بن يَرْبُوع:
ويومٍ من الجوْزَاءِ مُؤتَقِد الحَصَى
تكَادُ صَيَاصِي العيْنِ مِنْهُ تَصَيَّحُ
قَالَ: والصيَاحُ صوتُ كُل شَيْء إِذا اشتدّ. والصَّيْحَةُ العذابُ.
قَالَ الله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} (الحِجر: 73) يَعْنِي بِهِ العذَاب. وَيُقَال: صِيحَ فِي آلِ فلَان إِذا هَلَكُوا.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

(5/108)


دعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاته
وَلَكِن حديثٌ مَا حديثُ الرَّوَاحل
وَقَالَ الله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} أَي الهلَكَةُ. وصَيْحةُ الْغَارة إِذا فاجأتْهم الخيلُ المُغيرةُ والصَّائِحَةُ صَيْحَةُ المَنَاحَة. وَيُقَال: مَا ينْتَظِرُون إِلَّا مثلَ صَيْحَةِ الحُبْلَى أَي شرّاً يَفْجَؤُهم. والصيْحانيّ ضَرْبٌ من التَّمْرِ أسْوَدُ صُلْبُ المَمْضَغَةِ شديدُ الحلاوَةِ.
قلت: وسُمي صَيْحَانِياً لأنّ صيْحانَ اسمُ كَبْشٍ كَانَ يُرْبَطَ عِنْدَ نَخْلةٍ بِالْمَدِينَةِ فأثمرت ثمْراً صيْحَانِيّاً فنُسِبَ إِلَى صَيْحَان.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} (هُود: 67) فذكّر الْفِعْل لِأَن الصّيْحَةَ مصدَرٌ أُرِيدَ بِهِ الصيَاحُ، وَلَو قيل وَأخذت الَّذين ظلمُوا الصيحةُ بالتأنيث كَانَ جَائِزا تذْهب بِهِ إِلَى لفظ الصّيْحَةِ.
حصأ: مهموزاً. أَبُو عبيد عَن الأُمَوِيّ: حَصَأْتُ من المَاء أَي رَوِيتُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَصَأ الصَّبيُّ من اللَّبن حَصْأ إِذا أُرْضِع حَتَّى تمتلىء إنْفَحَتُه إِن كَانَ جَدْياً، وَإِن كَانَ صبِياً فبطْنُه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: يُقَال للرجل وَغَيره حَصَأ بِهَا وحَصَمَ بِهَا إِذا ضَرَط.
وَقَالَ غَيره: أحْصَأتُه أَي أَرْوَيتْهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحَصَا مَا خَذَفْت بِهِ خَذْفاً وَهُوَ مَا كَانَ مثلَ بَعْرِ الْغنم.
وَقَالَ أَبُو أسلم: العظيمُ مثل بَعْرِ البعيرِ من الْحَصَى.
وَقَالَ أَبُو زيد حَصَاة وحِصِيّ وقناة وقِنِيٌّ ونواة ونِوَيٌّ ودواةٌ ودِوِيّ، هَكَذَا قيّده شمر، وغيرُه يَقُول بِفَتْح الحَاء والقَافِ وَالنُّون وَالدَّال حَصَّى وقَنَّى ونوَّى ودَوَّى. وَيُقَال نهر حَصَوِيٌّ أَي كثيرُ الحَصَى.
وَقَالَ الْأَحْمَر: أَرض مَحْصَاةٌ من الحَصَا وحَصِيَّة وَقد حَصِيتْ تَحْصَى. وَيُقَال حَصَيْتُه بالحَصَى أحْصِيه أَي رمَيْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْلهم وَقع فلَان فِي حَيْص بَيْص أَي فِي ضيقٍ وَالْأَصْل فِيهِ بَطْنُ الضبّ يُبْعَج فيخْرَجُ مَكْنُه وَمَا كَانَ فِيهِ ثمَّ يحَاصُ.
وحص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الوحْصُ البَثْر يخرج فِي وَجه الجَارِية المَلِيحة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أصبَحَتْ وَلَيْسَ بهَا وَحْصَةٌ وَلَا وَذْيَةٌ.
قَالَ الأزهريُّ مَعْنَاهُ لَيْسَ بهَا عِلَّة.