وَقَالَ اللَّيْث: الْحَتْوُ كفُّك هُدْبَ
الكساءِ مُلْزَقاً بِهِ، تَقول حَتَوْتُه أَحْتُوهُ حَتْواً وَفِي
لُغَة حتأته حتأ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أحتأتُ الثَّوْبَ إِذا فتلْتَه فَتْلَ
الأكْسِيَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابي حَتَيْتُ الثَّوْب وأحْتيته حتأته إِذا
خطته.
وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شمر قَالَ: حاشيةُ الثَّوْب طُرَّتُه
مَعَ الطول وصِنْفَتُه ناحيته الَّتِي تلِي الهُدْبَ.
يُقَال أحْتِ صِنْفَة هَذَا الكساءِ، وَهُوَ أَن يُفْتَل كَمَا
يفتل الكساءُ القُومَسِيّ.
قَالَ: والْحَتيُ: الفتل.
أَبُو عَمْرو: حتأتُ المرأةَ حَتْأً وخَجَأتُها إِذا نكحتَها.
قَالَ: وحَتَأْتُه حتْأ إِذا ضربتَه، وَهُوَ الحُتُوءُ بِالْهَمْز.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَتِيُّ سَوِيقُ المقلِ.
وَفِي (النَّوَادِر) الحتي: الدمن، والحتيُ فِي الْغَزل والحتيّ
ثُفْل التَّمْر وقشوره.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الحاتىء: الْكثير الشَّرَاب.
حوت: قَالَ اللَّيْث: الحُوت معروفُ وَجمعه الحيتانُ، وَهُوَ
السّمك.
قَالَ الله فِي قصَّة يُونُس: {ُ) ِأَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ}
(الصَّافات: 142) . قَالَ: والحَوْتُ والحَوَتَانُ حَوَمَان
الطَّائِر حول المَاء، وحَومَانُ الوحشيَّة حول شَيْء وَقَالَ
طرفَة:
مَا كنتُ مَجدُوداً إِذا غَدَوْت
وَمَا رَأَيْت مثل مَا لقِيت
لِطائر ظَلَّ بِنَا يحوتُ
ينصبُّ فِي اللَّوْح فَمَا يَفُوت
يكَاد من رهبتنا يَمُوت
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المحاوتَةُ المراوغة يُقَال:
هُوَ يحاوتني يراوغُني. قَالَ: والحائت الْكثير العذل.
وتح: قَالَ اللَّيْث: الوَتْحُ: القليلُ من كل شَيْء، يُقَال:
أَعْطَاني عَطاءً وَتْحاً، وَقد وَتَحَ عطاءه ووتُح عطاؤُه
وَتَاحَةً وتِحَةً.
أَبُو عبيد قَلِيل وَتْحٌ وَوَعْرٌ وَهِي الوُتوحَةُ والوعورَةُ،
وَقَالَ اللّحياني قليلٌ وَتيحٌ، وَقَالَ غيرُه: أَوْتَحَ فلَان
عطاءَه أَي أَقَلَّه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه
أنْشدهُ:
دَرَادِقاً وَهِي الشيوخُ قُرَّعاً
فَرْقَمَهم عَيْش خبيثٌ أوتحا
أَي يَأْكُلُون أكْلَ الْكِبَار وهم صِغَارٌ قُرَّحاً: أَي قد
انْتهى أسنَانُهم، الدّرادِقُ: الصغار، قَرْقَمهم: أَسَاءَ غذاءهم.
قَالَ وأوتَحَ جَهَدَهم، وَبلغ مِنْهُ، وأوتَختَ منّي بلغت منّي
أبدل الْخَاء من الْحَاء.
تيح: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَقع فلانٌ فِي مهلَكَةٍ فتاح لَهُ
رجلٌ فأنقذه، وأتاح الله لَهُ منْ أنْقذه، وَيُقَال أُتيح لفُلَان
الشيءُ أَي هُيىء لَهُ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أتاح الله لَهُ كَذَا
وَكَذَا أَي قَدَّره وأتيح لَهُ الشَّيْء أَي قدر قَالَ
الْهُذلِيّ:
(5/130)
أتيح لَهَا أُقَيْدِرُ ذُو حَشيفٍ
إِذا سامت على المَلَقَاتِ ساما
أَي قُدر لَهَا. وَقَالَ اللَّيْث: رجل مِتْيَحٌ لَا يزَال يَقع
فِي بليَّة. وقلبٌ مِتْيَحٌ. وَأنْشد للطرماح:
أَفِي أَثَر الأظْعَانِ عينُك تلمح
نعم لاَت هَنّا إنّ قَلْبك مِتْيَحُ
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: يُقَال رجل مِعَنٌّ
مِتْيَحٌ وَهُوَ الَّذِي يعرض فِي كل شَيْء وَيدخل فِيمَا لَا
يعنيه. قَالَ: وَهُوَ تَفْسِير قَوْلهم بالفارسيّة اندروبست.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ المِتْيَحُ والنفيحُ والمنفح
بِالْحَاء الدَّاخِل مَعَ الْقَوْم لَيْسَ شأنُه شأنَهُم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: التَّيحان والتَّيَّحان الطَّوِيل
وَقَالَ غَيره رجل تيّحان يتَعَرَّض لكل مكرمَة وَأمر سديد وَقَالَ
العجاج:
لقد مُنُوا بَتَيحَانٍ ساطى
وَقَالَ الآخر:
أُقَومُ دَرْءَ خَصْمٍ تَيحَانٍ
وفَرَس تَيحَانٌ شديدُ الجَرْي، وَكَذَلِكَ فرس تَيَّاحٌ أَي جواد،
وَيُقَال: تاح لِفلان كَذَا وَكَذَا أَي تَقَدّر وَمِنْه قَول
الْأَغْلَب:
تَاحَ لَهَا بعدَك حِنْزَابٌ وَأَي
وَقَالَ الأصمعيّ: الحيُّوتُ: الذّكر من الحيّات قلت: وَالتَّاء
فِي الحيّوت زَائِدَة لِأَن أَصله الحيَّة.
تحى: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التَّاحي
الْبُسْتَان بَانَ وَأَبُو تَحْيَاء كنية رجل كَأَنَّهُ من حيَيْت
تحيا وتحياء التَّاء لَيست بأصليّة.
(بَاب الْحَاء والظاء)
(ح ظ (وايء))
حظى، الحظوة، والحظي.
اسْتعْمل من وجوهه:
(حظا) : قَالَ أَبُو زيد: يُقَال إِنَّه لذُو حُظْوَةٍ فِيهِنَّ
وعندهنّ، وَلَا يُقَال ذَلِك إِلَّا فِيمَا بَين الرِّجَال
وَالنِّسَاء.
وَيُقَال إِنَّه لذُو حَظَ فِي الْعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِظْوَةُ المكانة والمنزلة للرجل من ذِي
سُلْطَان وَنَحْوه، تَقول حظِي عِنْده يحظى حِظْوة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أحظيتُ فلَانا على فلَان من الحُظوة
وَالتفضيلِ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: وَاحِد الأحَاظي أحظَاءُ، وَوَاحِد الأحظاء
حِظًى مَنْقُوص.
قَالَ: وأصل الحِظَى الحَظُّ.
ابْن الْأَنْبَارِي: الحِظَى الحُظْوَة وَجمع الحِظَى أَحْظٍ ثمَّ
أَحاظ.
قَالَ: وَيُقَال للسَّروَة حَظوة وَثَلَاث حِظَاءٍ.
وَقَالَ غَيره: هِيَ السرْوة بِكَسْر السِّين.
وَمن أَمْثالهم إِحْدَى حُظَيّاتِ لقمانَ تَصْغِير حَظوَات واحدتها
حَظْوَة. وَمعنى الْمثل: إِحْدَى دواهِيه ومَرامِيه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِذا عُرِفَ الرجلُ بالشّرَارة ثمَّ جَاءَت
مِنْهُ هَنَةٌ قيل إِحْدَى حُظَيّاتِ لُقْمَان، أَي إِنَّهَا من
فَعَلاته. وأصل الحُظَيّات المرَامِي، واحدتها حُظَيَّة
(5/131)
وتكبيرها حُظْوَة، وَهِي الَّتِي لَا نَصْل
لَهَا من المرامي، وَقَالَ الْكُمَيْت.
أراهطَ امرىء الْقَيْس اعْبَئُوا حَظَوَاتكم
لحيّ سوانا قَبْل قاصمة الصُّلْبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الحَظَا الْقمل، واحدتها
حَظَاةٌ. وَمن أمثالهم: إلاّ حَظِيَّة فَلَا أَلِيّة، وَهِي من
أمْثال النِّسَاء، تَقول إِن لم أحْظَ عِنْد زَوْجي فَلَا أَلُو
فِيمَا يُحْظِيني عِنْده بانتهائي إِلَى مَا يهواه. وَيُقَال هِيَ
الحِظوة والحِظَةُ.
وَقَالَ الراجز:
هَل هِيَ إِلَّا حِظَّةٌ أَو تطليقْ
أَو صلف من دُون ذَاك تعليقْ
والحَظْوَةُ من المرامي مَا لاقُذَذَ لَهُ وَجَمعهَا حَظَوات.
(بَاب الْحَاء والذال)
(ح ذ (وايء))
حذا، حاذ، ذاح، وذح، ذحا.
حذا: قَالَ اللَّيْث: حَذَوْتُ لَهُ نعلا: إِذا قطعْتَها على
مثالٍ. وَتقول: فلَان يحْتَذِي على مِثَال فُلان إِذا اقْتدى بِهِ
فِي أُمُوره. وَيُقَال: حاذَيْتُ موضِعاً إِذا صرتَ بحذائه.
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: الحِذَاء النَّعْل، وَيُقَال: هُوَ جيّد
الحذاءِ؛ أَي: جيد القَدّ. وَيُقَال: أحذاه يُحذيه إِحذاءً
وحَذِيَّةً وحُذْيَاً، مَقْصُورَة وحِذْوَةً: إِذا أعطَاهُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ:
وقائلةٍ مَا كَانَ حِذْوَةَ بَعْلِها
غَدَا تَئِذٍ، مِنْ شَاءِ قِرْدٍ وكَاهِلِ
وَيُقَال: حَذَى يَده فَهُوَ يَحْذِيها حَذْياً: إِذا حزَّها. وحذا
لَهُ نَعْلاً، وحَذَاه نَعْلاً إِذا حملَه على نَعْل.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: حذَانِي فلَان نَعْلاً وَلَا تقل
أَحْذَاني.
وَأنْشد قَول الْهُذلِيّ:
حَذَاني بعدَ مَا خَذِمَتْ نِعَالي
دُبيَّةُ إنّه نِعْمَ الخَلِيلُ
بِمَوْرِكَتَيْنِ مِنْ صَلَوَيْ مِشَبَ
من الثيران عَقْدُهُما جَمِيلُ
قَالَ وَيُقَال: أحذاني من الحُذْيَا أَي أَعْطَانِي ممّا أصَاب
شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو نصر عَنهُ: هَذَا البن يحذِي اللِّسَان حَذْياً؛
أَي: يقرُض. وَفُلَان بحذاء فلانٍ. وَيُقَال: تَحَذَّ بحذاءِ هَذِه
الشجرةِ؛ أَي: صِرْ بحِذَائِها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَعْطيته حِذْيةً من لحم وحُذَّةً
وفِلْذَةً، كل هَذَا إِذا قُطِعَ طولا.
وَقَول الْكُمَيْت:
مَذَانِبُ لَا تَستَنْبِتُ العُودَ فِي الثرَّى
وَلَا يتَحَاذَى الحائِمُونَ فِضَالها
يُرِيد بالمَذَانِب مذانب الفِتن أَي: هَذِه المذانِبُ لَا تُنبت
كمذَانِب الرياض وَلَا يقتسم السَّفْرُ فِيهَا المَاء، وَلكنهَا
مَذانِبُ شَر وفتنةٍ، وَيُقَال: تحاذى القومُ الماءَ فِيمَا بَينهم
إِذا اقتسموه مثل التَّصَافُن.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال أتيتُ على أَرض قد حُذِيَ بَقْلُها على
أَفْوَاه غَنَمِها، فَإِذا حُذِي
(5/132)
على أفواهِها فقد شبِعت مِنْهُ مَا شَاءَت،
وَهُوَ أَن يكون حَذْوَ أفواهِها لَا يجاوزها.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: حَذَوْتُ التُّرَابَ فِي وُجُوههم وحثَوْته،
بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
أَبَدَّ يدَه على الأَرْض عِنْد انكشاف الْمُسلمين يَوْم حُنَيْن
فأخَذَ مِنْهَا قَبْضَة من تُرَاب فَحَذَا بهَا فِي وُجُوههم،
فَمَا زَالَ حَدُّهم كليلاً، أَي حثا.
وَقَالَ اللحيانيّ: أحذيت الرجل طعنةً، أَي: طعنته وأحذاه نعلا أَي
وَهبهَا لَهُ. وحَذَا الجلدَ يحذُوه إِذا قَوَّره. وَإِذا قلت:
حَذَيَ الجلدَ يَحْذِيهِ، فَمَعْنَاه: أَنَّهُ جرحه جَرْحاً، وحذَى
أُذُنَه يَحْذِيها إِذا قطعَ مِنْهَا شَيْئا.
وَيُقَال: اجْلِسْ حِذَةَ فلَان أَي: بِحِذَائِه. وَيُقَال أخَذَها
بَين الحُذْيَة والخُلْسة أَي بَين الهبَة والاستِلاب، ودابَّةٌ
حسن الحِذَاءِ: أَي حسن القَدّ.
ابْن السّكيت: أحذيْتُه من الغنيمةِ أُحْذِيه إِذا أعطيتَه
وَالِاسْم الحذِيّةُ والحِذوةُ والحُذْيا. وحذَيْتُ يدَه بالسكين.
وَهَذَا شرابٌ يحذِي اللسانَ، وَقد حذْوتُ النعْلَ بالنعلِ إِذا
قدَّرْتَها عَلَيْهَا. وَمِنْه قَوْلهم: حَذْو القُذّة بالقُذّة.
والمِحذى: الشفرةُ الَّتِي يُحْذَى بهَا.
حوذ:: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الحَوْذُ والإحْوَاذُ السَّيْرُ
الشديدُ، يُقَال: حُذْت الإبلَ أَحُوذُها، وَرجل أحوذيّ: مُشَمرٌ
فِي الْأُمُور.
قَالَ شمر: الحَوِيذُ من الرِّجَال: المشَمر.
قَالَ عمرَان بن حَطان:
ثِقْفٌ حُوَيْذٌ مُبِينُ الكَف ناصِعُهُ
لَا طَائِشُ الكَف وقَّافٌ وَلَا كَفِلُ
يُرِيد بالكَفِل الكِفْلَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد الله بن الْمُبَارك الأحوذيّ الَّذِي يغلِب
واستحوذ غلب.
وَقَالَ غَيره: الأحوذي: الَّذِي يسير مَسِيرة عشر فِي ثَلَاث
لَيَال، وَأنْشد:
لقد أَكُونُ على الحاجَاتِ ذَا لَبَثٍ
وأَحْوَذِيَّاً إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ
قَالَ: انضمامُها انطواء بَدَنِها، وَهِي إِذا انضمَّت فَهُوَ
أسْرع لَهَا، قَالَ: والذَّعاليبُ، أَيْضا ذُيُول الثِّيَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: حاذَ يحُوذُ حَوْذاً، بِمَعْنى: حاطَ يحوطُ
حَوْطاً، واستحوذَ عَلَيْهِ الشيطانُ إِذا غَلبَ عَلَيْهِ، ولغةً
استحاذَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ حِكَايَة عَن الْمُنَافِقين يخاطبُون بهَا
الكفارَ: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِّنَ
الْمُؤْمِنِينَ} (النِّسَاء: 141) . قَالَ الفرّاء: استَحْوَذَ
عَلَيْهِم أَي غلب عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو طَالب: يُقَال أحْوَذَ الشيءَ، أَي جمعَه وضمَّه؛
وَمِنْه يُقَال استَحْوَذَ على كَذَا إِذا حَوَاهُ.
وَقَالَ لبيد:
إِذا اجْتَمعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها
وأَوْرَدَها على عُوجٍ طِوَالِ
(5/133)
وَيُقَال: أحوذ الصَّانِع القِدْح إِذا
أخَفَّه وَمن هَذَا أَخذ الأحوذي المنكمش الحاد الْخَفِيف فِي
أُمُوره.
وَقَالَ لبيد:
فَهْو كَقِدْحِ المَنِيحِ أَحْوَذَهُ الصَّا
نِعُ يَنْفِي عَن مَتْنِهِ القُوَبَا
وَقَالَ أَبو إِسْحَاق فِي قَوْله: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ
عَلَيْكُمْ} (النِّسَاء: 141) مَعْنَاهُ ألم نستوْلِ عَلَيْكُم
بالمُوالاة لكم. قَالَ: وحاذَ الحِمَارُ أُتُنَهُ إِذا استولى
عَلَيْهَا وَجَمعهَا، وَكَذَلِكَ حازها.
وَقَالَ العجّاج:
يَحُوذُهُنَّ وَله حُوذِي
قَالَ وَقَالَ النحويون: استَحْوَذَ خرج على أَصله، فَمن قَالَ
حَاذَ يَحوذُ، لم يقل إِلَّا استَحاذ، وَمن قَالَ أحْوَذ فَأخْرجهُ
على الأَصْل قَالَ استَحْوَذَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الحاذُ: شجر، والواحدة
حَاذَةٌ من شجر الجَنَبَة؛ وَأنْشد:
ذَوَاتِ أُمْطِيَ وذَاتَ الْحَاذِ
والأُمْطِيُّ شَجَرَة لَهَا صَمْغٌ يمضغُه صبيان الْأَعْرَاب
وَنِسَاؤُهُمْ، وَقيل الحاذَةُ شَجَرَة يألفها بَقَرُ الْوَحْش.
قَالَ ابْن مقبل:
وَهُنَّ جُنوحٌ لذِي حاذَةٍ
ضَوَارِبَ غِزْلانُها بالْجُرنْوأخبرني المنذريُّ عَن الرياشي
قَالَ: الحاذُ: الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الذَّنَبُ من الفخذين من ذَا
الجانبِ وذَا الجانبِ، وَأنْشد:
وتَلُفُّ حَاذَيْهَا بذِي خُصَلٍ
عَقِمَتْ فَنِعْمَ بُنَيَّةُ العُقْمِ
وَقَالَ أَبُو زيد الْعَرَب تَقول: أنْفَعُ اللَّبَنِ مَا وَلِي
حَاذيَ النَّاقة، أَي ساعةَ يُحْلَبُ من غير أَن يكونَ رَضَعها
حُوَارٌ قبل ذَلِك. قَالَ: والحاذُ مَا وَقع عَلَيْهِ الذَّنب من
أَدْبارِ الفخذين. قَالَ: وَجمع الحاذِ أَحْواذٌ. وَفُلَان خَفِيف
الحاذِ، أَي: خفيفُ الحالِ من المالِ وأصل الحاذِ طَريقَة المتْنِ.
وَفِي الحَدِيث (ليأتينّ على النَّاس زمانٌ يُغْبَطُ الرجلُ فِيهِ
بِخفَّة الحاذِ كَمَا يُغْبَطُ الْيَوْم أَبُو الْعشْرَة) .
وَقَالَ شمر: يُقَال كَيفَ حالُكَ وحاذُكَ؟ وَفِي حَدِيث آخر:
(المُؤْمِن خفيفُ الحاذِ) .
وَأنْشد:
خَفِيفُ الحَاذِ نَسَّالُ الفَيَافي
وعَبْدٌ لَلصَّحَابَةِ غَيْرُ عبد
وَقَالَ: الحالُ والحاذُ: مَا وَقع عَلَيْهِ اللّبد من ظهر الْفرس.
وضربَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: (المؤمنُ خفيفُ
الحاذِ) : قِلَّةُ اللَّحْمِ مثلا لقلّة مَاله وقلّة عِيَاله،
كَمَا يُقَال: هُوَ خَفِيف الظّهر، وَرجل خَفِيف الحاذِ أَي قليلُ
المَال.
ذحا: قَالَ أَبُو زيد: ذَحَتْنَا الريحُ تَذْحَانَا ذَحْيًا إِذا
أصابتنا ريح وَلَيْسَ لنا مِنْهَا ذَرىً نتذرَّى بِهِ.
ذوح: أَبُو عبيد قَالَ أَبُو زيد: الذَّوْحُ: السُّوق الشّديد.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: ذَوَّح إِبِلَه
إِذا بدَّدها وذَوَّحَ مَاله: إِذا فرّقه.
(5/134)
وَمِنْه قَوْله:
على حَقنا فِي كل يومٍ تذَوَّحُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الذوْح: السّير العنيف. وذُحْتُها
أَذُوحها ذَوْحاً.
وذح: أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الوَذَح: مَا يتعلّق بالأصواف
من أَبْعَار الْغنم فتجفُّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
فترى الأَعْدَاءَ حَوْلِي شُزَّراً
خَاضِعِي الأَعْنَاقِ أَمْثَالَ الوَذَح
وَقَالَ النَّضر: الوَذَح احتراقٌ وانْسِحاجٌ يكون فِي بَاطِن
الفخذين. قَالَ: وَيُقَال لَهُ المَذَحُ.
غَيره: عَبْدٌ أَوْذَحُ إِذا كَانَ لئيماً.
وَقَالَ بعض الرُّجَّاز يهجو أَبَا وَجْزَة مَوْلَى بَنِي سَعْدٍ
هَجِيناً أَوْذَحَاً:
يَسوقُ بَكْرَيْنِ وَنَاباً كُحكِحَا
كحكحا أَرَادَ هَرِمَة. قلت: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الوَذَح.
عَمْرو عَن أَبِيه: مَا أغْنى عني وتَحةً وَلَا وذَحةً أَي مَا
أغْنى عني شَيْئا.
(بَاب الْحَاء والثاء)
(ح ث (وايء))
حثا، حاث: (مستعملان) .
حثا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: حَثَى فِي وَجهه التُّرَاب حَثْياً،
وَهُوَ يحثي.
الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة حَثَوتُ
عَلَيْهِ التُّرَاب وحَثَيْتُ حَثْواً وحَثْيَاً وَأنْشد:
الحُصْنُ أدْنَى لَو تآيَيْتِهِ
من حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ
الحُصن: حَصانَةُ الْمَرْأَة وعفَّتُها، تآييته: أَي قصدْته.
حَيْثُ: وَقَالَ اللَّيْث: للْعَرَب فِي حيثُ لُغَتَانِ، واللغة
الْعَالِيَة، حَيْثُ: الثَّاء مضمومةٌ، وَهُوَ أداةٌ للرفع ترفع
الِاسْم بعده. ولغةٌ أُخْرَى حَوْثَ رِوَايَة عَن الْعَرَب لبني
تَمِيم، يظنون حيثُ فِي مَوضِع نَصْبٍ يَقُولُونَ القَه حيثُ
لَقيته. وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم حَيْثُ ظرفٌ من الظروف يحْتَاج إِلَى
اسمٍ وَخبر؛ وَهِي تجمع معنى ظرفين كَقَوْلِك: حَيْثُ عبدُ الله
قاعدٌ زيدٌ قائمٌ، الْمَعْنى الْموضع الَّذِي فِيهِ عبد الله قَاعد
زيد قَائِم. قَالَ: وَحَيْثُ من حُرُوف الْمَوَاضِع لَا من حُرُوف
الْمعَانِي، وَإِنَّمَا ضُمَّتْ لِأَنَّهَا ضُمنت الِاسْم الَّذِي
كَانَت تستحقُّ إضافتها إِلَيْهِ. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا
ضُمَّتْ لِأَن أَصْلهَا حَوْثُ، فَلَمَّا قلبوا واوها يَاء ضمُّوا
آخرهَا.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَهَذَا خطأٌ؛ لأَنهم إِنَّمَا يُعْقبون
فِي الْحَرْف ضمَّةً دالّة على واوٍ سَاقِطَة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الأصمعيّ: وممّا تخطِىءُ فِيهِ
العامَّةُ والخاصَّة بَاب حيثُ وحينَ غلط فِيهِ العلماءُ مثلُ أبي
عُبَيْدَة وسيبويه.
قَالَ أَبُو حَاتِم: رَأَيْت فِي (كتاب سِيبَوَيْهٍ) شَيْئا كثيرا
يَجْعَل حينَ حيثُ، وَكَذَلِكَ فِي (كتاب أبي عُبَيْدَة)
بِخَطِّهِ.
(5/135)
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَاعْلَم أَن حيثُ
وحينَ ظرفان، فحينَ ظرفٌ من الزَّمَان، وحيثُ ظرفٌ من المكانِ،
وَلكُل واحدٍ مِنْهُمَا حدٌ لَا يجاوزُه. وَالْأَكْثَر من النَّاس
جعلوهما مَعًا حَيْثُ، وَالصَّوَاب أَن تَقول: رَأَيْتُك حيثُ كنت،
أَي الموضِع الَّذِي كنتَ فِيهِ، واذهب حيثُ شئتَ، أَي إِلَى أيّ
مَوضِع شِئْت.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا}
(الأعرَاف: 19) .
وَيُقَال: رَأَيْتُك حِين خَرَجَ الحاجُّ أَي فِي ذلكَ الْوَقْت،
فَهَذَا ظرفٌ من الزمانِ، وَلَا يَجُوزُ حيثُ خرجَ الحاجُّ،
وَتقول: ائْتِنِي حينَ يقدم الحاجُّ، وَلَا يجوز حيثُ يقدم
الحاجُّ، وَقد صيَّر الناسُ هَذَا كلَّه حيثُ، فليتعهد الرجلُ
كلامَه، فَإِذا كَانَ موضعٌ يحسُن فِيهِ أَيْنَ وأيُّ موضعٍ فَهُوَ
حيثُ؛ لِأَن أَيْن مَعْنَاهُ حَيْثُ. وَقَوْلهمْ حيثُ كانُوا
وَأَيْنَ كَانُوا، مَعْنَاهُمَا وَاحِد، ولكنْ أَجَازُوا الجمعَ
بَينهمَا، لاخْتِلَاف اللّفظين.
وَاعْلَم أَنه يحسن فِي مَوضِع حينَ لَمّا وإذْ وإذَا وَوقت
وَيَوْم وَسَاعَة ومتَى. تَقول رَأَيْتُك لمّا جئتَ وحينَ جئتَ
وإذْ جِئْت، وَيُقَال: سأعطيك إذَا جِئْت وَمَتى جِئْت.
وَقَالَ ابْن كَيْسَانَ حَيْثُ حرف مَبْنِيّ على الضَّم وَمَا
بعدَهُ صِلةٌ لَهُ يرْتَفع الِاسْم بعدَه على الِابْتِدَاء،
كَقَوْلِك قمتُ حيثُ زيدٌ قائمٌ، والكوفيّون يجيزون حذفَ قائمٌ
ويرفعون زيدا بِحَيْثُ، وَهُوَ صِلَةٌ لَهَا، فَإِذا أظهرُوا
قَائِما بعد زيد أَجَازُوا فِيهِ الْوَجْهَيْنِ، الرفعَ والنصبَ،
فيرفعون الاسمَ أيْضاً وَلَيْسَ بصلَة لَهَا وينصبون خَبره
ويرفعونه فَيَقُولُونَ: قَامَت مقَام صِفَتَيْنِ، والمعْنى زيد فِي
موضِعٍ فِيهِ عمروٌ، فعمرو مُرْتَفع بِفِيهِ وَهُوَ صلةٌ للموضع،
وَزيد مُرْتَفع بفي الأولى وَهِي خبر، وَلَيْسَت بصلَة لشَيْء،
قَالَ: وَأهل الْبَصْرَة يَقُولُونَ حَيْثُ مضافةٌ إِلَى جملَة
فَلذَلِك لم تخفِضْ، وَقد أنْشد الفرّاء بَيْتا أجَاز فِيهِ
الْخَفْض:
أما ترى حيثُ سُهَيْلٍ طالعا
فلمّا أضافَها فتحهَا كَمَا يفعَل بِعنْدَ وخَلْفَ. ثَعْلَب عَن
ابْن الأعرابيّ: يُقَال: تَركتهم حَاثِ باثِ: إِذا تفَرقُوا.
قَالَ: وَمثلهمَا من مُزْدَوِج الْكَلَام خَاقِ بَاقِ، وَهُوَ صوتُ
حركةِ أبي عُمير فِي زَرْنَب الفَلْهم قَال وخَاشِ مَاشِ قُماشُ
الْبَيْت، وخَازِ بَازِ ورَمٌ، وَهُوَ أَيْضا صَوْتُ الذُّبَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي الحاثِيَاء تُرابٌ يُخْرجه اليَرْبُوع
من نافِقَائِه بُني على فَاعِلاء.
حثى: وَقَالَ ابنُ الْأَنْبَارِي: الحَثَى قشور التَّمْر
بِالْيَاءِ وبالألف، وَهُوَ جمع حَثَاةٍ وَكَذَلِكَ الثتى وَهُوَ
جمع ثتَاةٍ قشورُ التَّمْر ورديئه وَقَالَ الْفراء الحثي مَقْصُور
دُقاق التبْن وحطامه وَأنْشد:
ويأْكُلُ التمْرَ وَلَا يُلْقِي النَّوَى
كأَنَّه غِرَارَةٌ ملْأَى حَثَى
وَيُقَال للتُّراب الحَثَى أَيْضا وَمن أَمْثَال الْعَرَب يَا
لَيْتَني المَحْثِيُّ عَلَيْهِ، قَالَه رجلٌ كَانَ قَاعِدا إِلَى
امْرَأَة فَأقبل وَصِيلٌ لَهَا فَلَمَّا رأَتْه حثَتْ فِي وَجهه
التُّرَاب تَرْئيَةً لجليسها بِأَن لَا يدنوَ مِنْهَا فيطلعَ على
أَمرهمَا. يُقَال ذَلِك عِنْد تَمَنّي منزلةِ من تُخْفَى لَهُ
الْكَرَامَة
(5/136)
ويُظْهَرُ لَهُ الإهانة. وَقَالَ الْفراء
أحثيت الأَرْض وأبْثَيْتُهَا فَهِيَ مُحْثَاةٌ وَمُبْثَاةٌ.
وَقَالَ غَيره أحَثْتُ الأرْضَ وأبَثْتُهَا فَهِيَ مُحَاثَةٌ
ومُبَاثَةٌ، والإحاثة والاستحاثَةُ والإباثة والاستباثة وَاحِد
وَقَالَ اللحياني: تركته حاثَ باثَ وحيثَ بيثَ وحوثاً بوثاً، إِذا
تركته مختَلِطَ الْأَمر. فأمَّا حاثِ باثِ فَإِنَّهُ خَرَج مَخْرَج
حَزَامِ وقطامِ، وَأما حيثَ بيثَ فَإِنَّهُ خَرَج مَخْرَجَ حيصَ
بيصَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء
قَالَ تركته حيثٍ بِيثٍ وحاثٍ باثٍ وحوثاً بوثاً إِذا أذْلَلْتَه
ودققته وَتركت الأَرْض حاثِ باثِ إِذا دقَّتْها الخيلُ وَقد
أحاثَتْها الْخَيل. وأَحَثْتُ الأَرْض وأبَثْتُهَا. وَقَالَ
الْفراء يُقَال تركت الْبِلَاد حوْثاً بوْثاً وحاثِ باثِ وحيْثَ
بَيْثَ لَا يجريان إِذا دقّقوها.
(بَاب الْحَاء وَالرَّاء)
(ح ر (وايء))
حرى، حَار (حور) ، رَحا، رَاح، وحر، حرح.
حرى: قَالَ اللَّيْث: الحرَاوَةُ: حرارةٌ تكون فِي طعْم نحوِ
الخردلِ وَمَا أشبهه، حَتَّى يُقَال: لهَذَا الفُجْل حَرَاوة
ومَضَاضَةٌ فِي العَيْن. أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الحَرْوَةُ
الحُرْقَةُ يجدهَا الرجل فِي حَلْقِه. وَقَالَ النَّضر الفُلْفُل
لَهُ حَرَاوَةٌ بِالْوَاو وحَرَارَةٌ بالراء. وَقَالَ اللَّيْث:
الحَرْيُ النُّقْصَان بعد الزِّيَادَة يُقَال إِنَّه لَيُحْرِي
كَمَا يَحْرِي القمَرُ حَرْياً ينقص الأوَّلُ مِنه فالأولُ وَأنْشد
شَمِر:
مَا زالَ مجْنُوناً على اسْتِ الدّهْرِ
فِي بَدَنٍ يَنْمِي وَعقْلٍ يَحْرِي
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حَرَى الشيءُ يَحْرِي حَرْياً إِذا نقص،
وأَحْرَاهُ الزمانُ وَيُقَال للأفْعَى حَارِيَةٌ للَّتِي قَدْ
كَبِرَتْ ونَقَصَ جِسْمُهَا، وَهِي أَخبث مَا تكون، قَالَ شمر:
وَيُقَال أَفْعَى حَاريَةٌ؛ وَأنْشد:
ابعثْ على الجَوْفَاءِ فِي الصُّبْحِ الفَضِحْ
حُوَيْرِياً مِثْلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ
وَقَالَ اللَّيْث: الحَرَى مقصورٌ والجميع أحْرَا، وَهُوَ
الأُفْحُوص والأُدْحِيّ وَأنْشد:
بَيْضَةٌ زَادَ هَيْقُها عَن حَرَاها
كُلَّ طَارٍ عَلَيْهِ أَن يَطْرَاهَا
قَالَ: والحَرَى أَيْضا كلُّ موضعٍ لظبْيٍ يأوِي إِلَيْهِ، قلت:
قَول اللَّيْث الحَرَى: إنَّه بيضُ النَّعامِ أَو مَأْوَى
الظَّبْيِ باطلٌ، والحَرَى عِنْد الْعَرَب مَا روى أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ الحرى جَنَابُ الرجل وَمَا حولَه، يُقَال: لَا
تَقْرَبَنَّ حَرَانا، وَيُقَال نزل فلانٌ بِحَراه وعَرَاه إِذا نزل
بساحته، وحَرَى مبيضِ النعام مَا حولَه وَكَذَلِكَ حرى كِناسِ
الظَّبي مَا حولَه. وَقَالَ اللَّيْث الحَرَى الخليقُ كَقَوْلِك
حرىً أَنْ يكونَ كَذَا وَإنَّهُ لَحَرىً أَن يكون ذَاك وَأنْشد:
إِن تقُلْ هنَّ من بني عبد شمسٍ
فَحَرىً أَن يكونَ ذاكَ وَكَانَا
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: هُوَ حَرىً لكذا وَكَذَا وحَرٍ أَي
خليق لَهُ وَأنْشد:
وَهُنَّ حَرىً أَلاَّ يُثِبْنَكَ نَقْرَةً
وأنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ
(5/137)
فَمن قَالَ حرىً لم يُثَن وَلم يجمع، وَمن
قَالَ حَرٍ ثنّى وجَمع. وَقَالَ غَيره: هُوَ حرِيٌّ بِذَاكَ على
فعيلٍ، وهما حَرِيّان، وهم أَحْرِياءُ بِذَاكَ. وَيُقَال: أَحْرِ
بِهِ وَمَا أَحْراهُ بذلك، كَقَوْلِك: مَا أَخْلَقَه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فإِنْ كنتَ تُوعِدُنا بالهِجَاءِ
فَأَحْرِ بِمَنْ رَامَنا أَن يَخِيبَا
وَقَالَ اللَّيْث: حِرَاءُ: جبل بِمَكَّة معروفٌ. وَقَالَ غَيره
هُوَ يتحرَّى الصوابَ أَي يتوخّاه. والتحرّي قصْدُ الأَوْلى
والأحَقّ، مَأْخُوذ من الحَرَى، وَهُوَ الخليق، والمتوخي مثلُه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الحَرَاةُ والوَحَاةُ والخوَاتُ الصَّوْتُ
وَيُقَال إِنَّه لَمحْرَاةٌ أَن يفعلَ ذَاك، كَقَوْلِك مَخْلَقَةٌ
ومَقْمَنَة.
حرح: قَالَ اللَّيْث: الحِرُ: يجمع على الأحْراحِ. يُقَال: رجل
حَرِحٌ: مُولَعٌ بالأَحراح وَقد حَرِحَ الرجل قلت ذكر اللَّيْث
هَذَا الحَرْفَ فِي المعتلات، وَبَاب المضاعف أولى بِهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الحِرُّ حِرُ
الْمَرْأَة شدّدَ الرَّاء، كَانَ فِي الأَصْل حِرْحٌ فَثقلَتْ
الْحَاء الْأَخِيرَة مَعَ سُكُون الرّاء فثقّلوا الرّاء وحذفوا
الْحَاء، وَالدَّلِيل على ذَلِك جمعهم الحِرَ أَحْرَاحاً.
قَالَ: وَيُقَال: حَرَحْت الْمَرْأَة إِذا أصَبْتَ حِرَها فَهِيَ
مَحْرُوحَةٌ. وَرجل حَرِحٌ يُحِبّ الأحْرَاح.
رَحا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال رَحا، ورَحَيَانِ، وثلاثُ أَرْحِ،
وأرحاءٌ كَثِيرَة. والأَرْحِيَةُ كَأَنَّهَا جماعةُ الجماعةِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: جمع الرَّحا أَرْحاءٌ وَمن قَالَ أَرْحِيَةٌ
فقد أَخطَأ. قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا فِي الْجمع الْكثير رُحِيّ.
قَالَ: وَسَمعنَا فِي أدنى الْعدَد ثلاثَ أَرْحٍ. قَالَ: والرَّحَا
مؤنثةٌ، وَكَذَلِكَ القَفَا، قَالَ: وَجمع الْقَفَا أقْفَاءٌ وَمن
قَالَ أَقْفِيَةٌ فقد أَخطَأ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَحَا الحربِ حَوْمتُها ورَحَا الموتِ ومَرْحى
الحَرْب.
وَقَالَ سُلَيْمَان بن صُرَد أتيت عليا رَضِي الله عَنهُ حِين فرغ
من مَرْحَى الْجمل.
قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي الموضعَ الَّذِي دارت عَلَيْهِ رَحَا
الْحَرْب. وَأنْشد:
فَدُرْنا كَمَا دارَتْ على قُطْبِها الرَّحَا
ودَارَتْ على هامِ الرجالِ الصّفَائِحُ
وَقَالَ الليثُ يُقَال لفراسِن الْفِيل أرْحاؤُه. قلت: وَكَذَلِكَ
فَراسِنُ الجَمَل أرْحَاؤه وثَفِنَاتُ رُكَبِهِ وكِرْكِرَتِه
أَرْحَاؤُه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
إليكَ عبد اللَّهِ يَا مُحمّدُ
باتَتْ لَهَا قَوَائِدٌ وقُوَّدُ
وتَالِيَاتٌ ورَحاً تَمَيَّدُ
وَقَالَ: رَحا الْإِبِل مثل رَحا الْقَوْم وَهِي الْجَمَاعَة تَقول
استأخرت جواحِرُها واستقدمت قوائدها وَوَسطت رَحَاها بَين القوائد
والجواحر.
وَقَالَ اللَّيْث: الرحا الْقطعَة من النَّجَف تعظم مِنْ نَحْو
مِيلٍ مشرفةٌ على مَا حولهَا.
(5/138)
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّحا من
الأَرْض مكانٌ مستديرٌ غليظ يكون بَين رِمَالٍ.
قَالَ ابْن شُمَيْل: الرَّحَا: القَارةُ الضخمةُ الغليظةُ،
وَإِنَّمَا رَحَّاها استدارتُها وغِلَظُها وإشرافُها على مَا
حولهَا، وَأَنَّهَا أَكَمَةٌ مستديرة مشرفةٌ، وَلَا تنقادُ على
وجهِ الأَرْض وَلَا تُنْبِتُ بَقْلاً وَلَا شَجرا.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
إِذا مَا القُفُّ ذُو الرّحَبَيْنِ أَبْدَى
مَحَاسِنَه وأفْرَخَتِ الوُكُورُ
قَالَ: والرحا الحجارةُ والصخْرةُ الْعَظِيمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّحَا نَبَاتٌ تسميه الفُرْسُ اسبانِخَ.
غَيره: تَرَحَّت الحيَّةُ إِذا تلوَّتْ واستدَارَتْ، فَهِيَ
مترحيَةٌ.
وَقَالَ رؤبة:
يَا حَيَّ لَا أفْرَقُ أَنْ تَفِحي
أَوْ أَنْ تَرَحَّيْ كَرَحا المُرَحي
والمرحي: الَّذِي يُسَوّي الرَّحَا. قَالَ: وفحيحُ الحيَّة
بِفِيهِ، وحفِيفُه من جَرْشِ بعضِه ببَعْضٍ إِذا مَشَى فَتسمعُ
لَهُ صَوتا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ رَحَا القومِ سيدهم الَّذِي يَصْدُرُون
عَن رَأْيه وينتهون إِلَى أمره، وَكَانَ يُقَال لعمر بن الْخطاب
رَحا دَارَةِ الْعَرَب. قَالَ: وَيُقَال رَحَاهُ إِذا عظّمه
وحَرَاه إِذا أَضَافَهُ.
روح ريح: قَالَ اللَّيْث: الرَّوْحُ: بَرْدُ نسيمِ الرّيح.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الرُّوحُ: النّفْس.
وَقَالَ الأصمعيّ الرَّوْحُ الاسْتِرَاحَة من غمّ الْقلب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّوْح: الفرَج.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَول الله جلّ وَعز: {الْمُقَرَّبِينَ
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ} (الواقِعَة: 89) قَالَ
مَعْنَاهُ: فاستراحةٌ وبَرْدٌ وَهَذَا تَفْسِير الرَّوْح دونَ
الريحان.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّيح ياؤُها واوٌ صُيرت يَاءً لانكسار مَا
قبلهَا، قَالَ: وتصغيرُها رُوَيْحَةٌ، وَجَمعهَا رِياحٌ وأرْوَاح.
وَتقول: رِحْتُ مِنْهُ رَائِحَة طيبَة أَي وَجَدْتُ. قَالَ:
والرائحة ريحٌ طيبَة تجدها فِي النسيم، تَقول لهَذِهِ البَقْلَةِ
رائحةٌ طيبَةٌ قَالَ والرَّيحَةُ نَبَات أَخْضَر بعد مَا يبس ورقه
وأعالي أغصانِه.
وَقَالَ الأصمعيُّ يُقَال تَرَوَّحَ الشجرُ ورَاحَ، وَذَلِكَ حِين
يبرُد اللَّيْل فيتقطَّر بالورق من غير مَطَر.
وَقَالَ الرَّاعِي:
وخادَعَ المجدُ أَقْوَامًا لَهُم وَرَقٌ
راحَ العِضَاهُ بهِ والعِرْقُ مَدْخُولُ
قَالَ شمر: روى الأصمعيُّ وخادَعَ المجدُ أَقْوَامًا لَهُم وَرَقٌ
أَي مَال، قَالَ: وخادَع تركَ. قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو عَمْرو وخادع
المجدَ أقوامٌ أَي تركُوا الْمجد أَي لَيْسُوا من أَهله. قَالَ
وَهَذِه هِيَ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي رِجْله رَوَحٌ ثمَّ مَذَعٌ ثمَّ
عَقَلٌ وَهُوَ أشدّها قلت: والرَّيحَةُ الَّتِي ذكرهَا اللَّيْث من
النَّبَات فَهِيَ هَذِه الشَّجَرَة الَّتِي تَتَرَوَّحُ وتَرَاح
إِذا بَرَدَ عَلَيْهَا اللَّيْل فَتَقَطَّرُ بالورق من غير مطر.
سَمِعت الْعَرَب تسميها الريحَة.
(5/139)
وَقَالَ اللَّيْث: يَوْم رَيْحٌ طيّب
وَيَوْم رَاحٌ ذُو رِيحٍ شَدِيدَة، قَالَ: وَهُوَ كَقَوْلِك كَبْش
صافٌ، وَالْأَصْل يَوْم رائح وكبش صَائِف فقلبوا، وكما خفّفوا
الحائجة فَقَالُوا: حاجةٌ، وَيُقَال قَالُوا صافٌ وراحٌ على صَوفٍ
وروحٍ فَلَمَّا خففوا استنامت الفتحة قبلهَا فَصَارَت ألفا.
الأصمعيّ وَأَبُو زيد يومٌ ريحٌ طيب، وَلَيْلَة ريحَةٌ. وَقَالَ
أَبُو زيد: وَحده، وَكَذَلِكَ يومٌ رَوْحٌ وَلَيْلَة رَوْحَةٌ.
قَالَ: وَيَوْم رَاحٌ إِذا اشتدّت رِيحُه، وليلةٌ راحةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاحَةُ وِجْدَانُكَ رَوْحاً بعد مَشَقَّةٍ،
تَقول أَرِحْني إرَاحَةً فَأَسْتَرِيحَ. وَقَالَ غيرُه: أَرَاحَهُ
إِرَاحَةً وَرَاحَةً، فالإراحةُ المصدرُ والرَّاحَةُ الِاسْم،
كَقَوْلِك أطعْتُه إطاعة وَطَاعَة، وأَعَرتُه إِعَارَة وعارةً.
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِبلَال مؤذنه: (أَرِحْنَا
بهَا) أَي أذنْ للصَّلَاة فنستريحَ بأدائها من اشْتِغَال قُلُوبنَا
بهَا.
قَالَ شمر: يُقَال رَاح يومُنَا يَرَاحُ رِيحاً: إِذا اشتدّت
رِيحُه، وَهُوَ يَوْم رَاحٌ، وَرَاح يومُنَا يَرَاحُ رَوْحاً إِذا
طابت رِيحه، وَيَوْم رَيحٌ وَقَالَ جرير:
محا طُلَلاً بَين المُنيفَةِ والنَّقا
صَباً رَاحَةٌ أَو ذُو حَبِيَّيْنِ رَائِحُ
وَقَالَ الفرّاء: مَكَان راحٌ وَيَوْم رَاحٌ. وَيُقَال: افْتَحْ
الْبَيْت حَتَّى يَراحَ الْبَيْت أَي حَتَّى تدخله الرّيح والروْح.
وَقَالَ يُونُس: افْتَحْ الْبَاب يَرَح البيتُ. وغصن رَاحٌ وَشَجر
رَاحَةٌ يُصِيبهَا الرّيح وَقَالَ:
كأنَّ عيْنِي والفِرَاقُ مَحْذُورْ
غُصْنٌ من الطَّرْفَاءِ راحٌ مَمْطُورْ
وَيُقَال: ريحت الشجرةُ وَهِي مَرُوحَةٌ. وَقَالَ الفرّاء: شجرةٌ
مَرُوحَةٌ إِذا هبّت بهَا الرّيح وأَروحَنِي الصيدُ إِذا وجد ريحَك
مَرُوحَةٌ كَانَت فِي الأَصْل مَرْيُوحة.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرْوِيحَةُ فِي شهر رمضانَ، سميت ترويحةً
لاستراحة الْقَوْم بعد كل أَربع رَكْعَات قَالَ: والرَّاحُ: جمع
راحَةِ الكفّ. وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: عمَد مِنَّا رَجُلٌ
إِلَى قِرْبةٍ فملأها من رُوحه أَي من رِيحه ونَفَسه.
وتروُّح الشجرِ تَضوره وَخُرُوج ورقه إِذا أَوْرَق النَّبْتُ فِي
اسْتِقْبَال الشتاءِ. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أراحَ الرجلُ
إِذا استراح بعد التّعب. وَأنْشد:
يُرِيحُ بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
إِرَاحَةَ الجِدَايَةِ النَّفُوزِ
أَي: تستريح. قَالَ: وأَراح: إِذا مَاتَ وأَراح: دخل فِي الرّيح،
وأَرَاحَ: إِذا وَجَدَ نسيم الرّيح. وأراح: إِذا دخل فِي الرَّواح،
وأراح: إِذا نزل عَن بعيرٍ ليُرِيحه، ويخفف عَنهُ. أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ: أَرَاحَ القَوْمُ: دخلُوا فِي الرّيح. قَالَ: وَيُقَال
للْمَيت إِذا قضى: قَدْ أَراح. وَقَالَ العجاج:
أَرَاحَ بعدَ الغَم والتَّغَمْغُمِ
وَيُقَال: أَراحَ الرجلَ: إِذا رجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُه بعد
الإعياء. وَكَذَلِكَ الدابَّة، وأراح الصيدُ واسترْوَح إِذا وجدَ
رِيحَ الْإِنْسَان. وَيُقَال:
(5/140)
أَرَحْتُ على الرجل حَقَّه: إِذا ردَدْتَه
عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْث: الإراحة: ردُّ الْإِبِل بالعَشِيّ
إِلَى مُراحِها حَيْثُ تأوِي إِلَيْهِ لَيْلًا. وَقد أراحها راعيها
يُريحها. وَفِي لُغَة هَراحها يُهَرِيحها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَاح اللحْم وأَرْوَح إِذا تغيّر
وأَنْتَنَ. وَأصْبح بعيرك مُريحاً أَي مُفِيقاً، وَأنْشد ابْن
السّكيت:
أراح بعد النَّفَسِ المَحْفُوزِ
إراحَةَ الجِدايَةِ النَّفُوزِ
يَوْم راَحٌ وَلَيْلَة رَاحَةٌ وَقد راحَ وَهُوَ يَرُوح رَوْحاً
وبعضهُم يَرَاحُ، فَإِذا كَانَ اليومُ رَيْحاً طيّباً قبل يَوْمٌ
رَيّحٌ وَلَيْلَة ريحةٌ، وَقد رَاحَ وَهُوَ يَروحُ رَوْحاً. قَالَ:
ورَاحَ فلانٌ يَرُوح رَوَاحاً من ذهابِه أَوْ سيْرِه بالعشيّ،
وَرَاح الشجرُ يَرَاحُ إِذا تَفَطَّر بالنَّبَاتِ. ورَاحَ رِيحَ
الرَّوْضَة يَرَاحُها. وإنّ يَدَيْهِ لتَرَاحَانِ بِالْمَعْرُوفِ.
ورَاحَ فُلانٌ فَهُوَ يَرَاحُ رَاحماً ورُؤُوحماً. وارْتاح
ارْتِيَاحاً إِذا أَشْرَف لذَلِك وفَرِحَ بِهِ. وَيُقَال
أصابَتْنَا رائحةٌ أَي سماءٌ، وراحةُ البيْتِ ساحتُه وراحةُ
الثَّوْبِ طَيُّه. والرَّوَاحَةُ القطيعُ من الْغنم وأَرِحْ
عَلَيْهِ حَقّه أَي رُدَّه.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من قتل
نفْساً مُعَاهَدة لم يَرِحْ رَائِحَة الجنّة) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو هُوَ من رِحْت الشَّيْء
أَرِيحُه إِذا وجدتَ رِيحه. قَالَ وَقَالَ الكسائيّ: إِنَّمَا هُوَ
لم يُرِح رائحةَ الجنّة من أَرْحتُ الشيءَ فَأَنا أُريحُه إِذا
وجدتَ رِيحه. وَقَالَ الأصمعيُّ: راحَ الرجلُ ريحَ الرَّوْضَةِ
يَرَاحُها، وأَرَاح يُرِيحُ: إِذا وَجَدَ رِيحهَا. قَالَ: وَلَا
أَدْرِي هُوَ من رِحْت أم من أَرَحْت. وَقَالَ أَبُو عبيد: أُرَاه
لم يَرَح، بِالْفَتْح وَأنْشد قَول الهذليّ:
وماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرَةٍ
كَمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا
وَقَالَ أَبُو زيد: أرْوَحني الصيدُ والضَّبُّ إرواحاً وأنشأني
إنْشَاء إِذا وَجَدَ رِيحك ونشْوَتك. وَكَذَلِكَ أَرْوَحتْ من
فلَان طيبا وأنْشَيْتَ مِنْهُ نَشوة. وَقَالَ أَبُو زيد: راحَت
الْإِبِل تَرَاحُ رَاحَةً، وأرحْتُها أَنَا، ورَاحَ الفرسُ يَرَاحُ
رَاحَةً إِذا تحصّن. قلت: قَوْله تَراحُ رَائِحَة مصدرٌ على
فاعِلة. وسمعتُ العرَبَ تَقول: سَمِعت راغِيةَ الْإِبِل وثَاغِيةَ
الشَّاة أَي سَمِعت رُغَاءَها وثُغَاءَها. وَيُقَال: راحَ يومُنَا
يَرَاحُ إِذا اشتدت ريحُه. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: فلَان
يَرَاحُ للمعروفِ: إِذا أخذتْه أريحيَّةٌ وخِفَّةٌ وَقد رِيح
الغدير إِذا أَصَابَته ريحٌ فَهُوَ مَرُوحٌ. وراحت يدُه بالسَّيْفِ
أَي خفت إِلَى الضَّرْب بِهِ وَقَالَ الْهُذلِيّ:
تَرَاحُ يَدَاهُ بِمَحْشُورَةٍ
خَواظِي القِدَاح عِجَافِ النصَالِ
وَقَالَ اللَّيْث: رَاحَ الإنسانُ إِلَى الشيءِ يَرَاحُ إِذا نشِط
وسُرَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ ارْتَاح، وَأنْشد:
وزَعَمْتَ أنّكَ لَا تَرَاحُ إِلَى النسا
وسَمِعْتَ قِيلَ الكاشِحِ المُتَرَددِ
قَالَ: ونَزَلَتْ بفلانٍ بَلِيَّةٌ فارتاح الله لَه برحْمته
وأنْقَذَهُ مِنْهَا. وَقَالَ رؤبة:
(5/141)
فارْتَاحَ رَبِّي وَأَرَادَ رَحْمَتِي
ونِعْمَةً أتَمَّهَا فتَمَّتِ
وَتَفْسِير ارْتَاحَ أَي نظر إليّ ورحمني. قلت وَقَول رؤبة فِي فعل
الْخَالِق جلّ وَعز ارْتَاحَ قَالَه بأَعْرَابِيَّتِه وَنحن نستوحش
مِنْ مِثْلِ هَذَا اللَّفْظ فِي صفته لِأَن الله جلّ وعزّ إِنَّمَا
يُوصف بِمَا وصَفَ بِهِ نَفْسه، وَلَوْلَا أَن اللَّهَ هدَانَا
بفضله لتحْميده وحَمْدِه بِصِفاته الَّتِي أنْزَلَ فِي كتابِه مَا
كنّا لِنَهْتَدِي لَهَا أَو نَجْتَرِىءَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الأريحيُّ الرجل الْوَاسِع الخُلُق الْبَسِيط
إِلَى الْمَعْرُوف يَرْتَاح لما طلبْتَ إِلَيْهِ ويراحُ قلبُه
سُرُورًا بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأريحيُّ الَّذِي يرتاح للنَّدى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لكل شَيْء وَاسع أَرْيَحُ وَأنْشد:
ومَحْمِلٌ أَرْيَحٌ حَجَّاجِيّ
قَالَ: وَبَعْضهمْ مَحمل أَرْوَحُ، وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ
قَدْ ذَمَّه لِأَن الرَّوَحَ الانْبِطَاحُ وَهُوَ عيْبٌ فِي
المحْمِل.
قَالَ والأرْيَحيُّ: مأخوذٌ من رَاح يَرَاح، كَمَا يُقَال للصَّلْت
المُنْصَلِت أَصْلَتيُّ وللمجتنب أَجْنَبِيُّ.
قَالَ: وَالْعرب تحمِلُ كثيرا من النَّعْت على أَفْعَلِيّ فَيصير
كأنّه نسبةٌ.
قلت أَنا: كَلَام الْعَرَب رجل أَجْنَبُ وجَانِبٌ وجُنُبٌ، وَلَا
تكَاد تَقول رجل أَجْنَبِيٌّ.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الرَّاحُ: الخمْرُ، اسمٌ لَهُ وَقَول
الهذليّ:
فَلَوْتُ عَنهُ سُيوفَ أَرْيَحَ حَتى
بَاءَ كَفي وَلم أَكَدْ أَجِدُ
أَرْيَحُ حتيٌّ من الْيمن، بَاء كفي صارَ كفي لَهُ مَبَاءَةً أَي
مَرْجِعاً، وكفّي مَوضِع نصب لم أكد أجد لعزّته.
قَالَ: الاسترواح: التشمر، قَالَ: والغصن يسترْوِح إِذا اهْتَزَّ،
والمطر يسترْوح الشجرَ أَي: يُحْيِيه.
قَالَ: والريَاحَةُ أَن يَرَاحَ الإنسانُ إِلَى الشَّيْء يَنْشَطُ
إِليه.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله {ُِالاَْكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو
الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ} (الرَّحمان: 12) ، الريحان فِي كَلَام
الْعَرَب الرزْقُ، يَقُولُونَ خرجْنَا نطلب رَيْحانَ اللَّهِ، أَي
رِزْقَه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}
ذُو الوَرقِ، والرزقُ، وَالْعرب تَقول سبحانَ اللَّهِ ورَيْحَانُه.
قَالَ أهْلُ اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ واستِرْزَاقُه.
قَالَ النمر بن تولب:
سَلاَمُ الإِلهِ ورَيْحَانُهُ
ورَحْمَتُه وسَمَاءٌ دِرَد
قَالُوا معنى قَوْله: وريحانهُ ورزْقُه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة
وغيرُه قَالَ وَقيل الرَّيحانُ هَهُنَا هُوَ الرَّيْحَانُ الَّذِي
يُشَمُّ. قَالَ وَقَوله: {الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ
وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ} (الواقِعَة: 89) مَعْنَاهُ فاستِراحَةٌ
وبَرْدٌ وَرَيْحَان رِزْقٌ. قَالَ: وَجَائِز أَن يكون رَيْحَانٌ
هَهُنَا تَحِيَّة لأهْلِ الجنَّة قَالَ: وَأجْمع النحويّون أَن
ريحَان فِي اللُّغَة من
(5/142)
ذَوَات الْوَاو، وَالْأَصْل رَيْوَحَان
فقلبت الواوُ يَاء وأدغمتْ فِيهَا الياءُ الأولى فَصَارَت
الرّيحان، ثمَّ خفّفت، كَمَا قَالُوا ميت وميْت، وَلَا يجوز فِي
ريحَان التشديدُ إِلَّا على بُعد لأنّه قد زيد فِيهِ ألِف وَنون،
فَخُفف بِحَذْف الْيَاء وأُلْزِم التخفيفَ. وَقَالَ اللَّيْث:
الرَّيْحانُ: اسْم جامعٌ للرياحِينِ الطيّبة الريحِ. والطاقَةُ
الواحِدَةُ رَيْحَانَةٌ، قَالَ: والرَّيْحَانُ: أَطْرَاف كل بقلةٍ
طيّبةِ الرّيح إِذا خرج عَلَيْهِ أَوَائِل النَّوْر. قَالَ:
والرَّوَاحُ: العَشِيُّ، يُقَال: رُحْنَا رَوَاحاً: يَعْنِي السّير
بالعَشِيّ، وَسَار القومُ رَوَاحاً، ورَاحَ الْقَوْم كَذَلِك.
قَالَ والرَّوَاح من لدن زَوالِ الشمْس إِلَى اللَّيْل. يُقَال:
رَاحُوا يَفْعلون كَذَا وَكَذَا، وَيُقَال: مَا لِفلانٍ فِي هَذَا
الْأَمر من رَوَاحٍ أَي من رَاحته وَقَالَ الأصمعيّ: أفعل ذَاك فِي
سَرَاحٍ وَرَواحٍ، أَي فِي يُسْرٍ، وَوجدت لذَلِك الأمرِ رَاحةً
أَي خِفَّةً أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: خَرجُوا برِياح من العَشِي
بِكَسْر الرَّاء، وَبِرَوَاحٍ من الْعشي وأَرْوَاح، قَالَ:
وعشيَّةٌ رَاحَةٌ. قلت: وَسمعت الْعَرَب تسْتَعْمل الرَّوَاح فِي
السيرِ كُلَّ وقْتٍ، يُقَال رَاحَ القوْمُ إِذا سارُوا وغَدَوْا
كَذَلِك. وَيَقُول أحدُهم لصَاحبه تَرَوَّحْ ويخاطب أَصْحَابه
فَيَقُول رُوحُوا أَي سِيرُوا. وَيَقُول لَهُم أَلا تَرُوحُون
ومِنْ ذَلِك مَا جَاءَ فِي الأخبارِ الصَّحِيحَة عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من رَاحَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي
السَّاعَة الأولى فَلهُ كَذَا، وَمن رَاح فِي الساعةِ الثَّانِيَة)
، الْمَعْنى فِيهَا: المُضِيُّ إِلَى الجمعةِ والخِفَّةُ إِلَيْهَا
لَا بِمَعْنى أَنها الرَّوَاحُ بالعَشِيّ. وَإِذا قَالَت الْعَرَب
راحت النَّعَمُ رَائِحَة فَرَوَاحُهَا هَهُنَا أَن تأْوِي بعد غيوب
الشَّمْس إِلَى مُرَاحها الَّذِي تبيت فِيهِ. وَقَالَ أَبُو زيد
سَمِعت رَجُلاً من قيس وآخَرَ من تَمِيم يَقُولَانِ قَعدْنا فِي
الظّل نلتمس الرَّاحَة والرَّوِيحةَ والرائحةَ بِمَعْنى واحدِ.
أَبُو عبيد: إِذا طَال النبْتُ قيل تروّحت البُقول، فَهِيَ
مُتَروحةٌ. وَقَالَ اللَّيْث: المَرَاحُ الْموضع الَّذِي يَرُوح
مِنْه الْقَوْم أَو يَرُوحُون إِلَيْهِ كالمَغْدى قَالَ وَقَول
الْأَعْشَى:
مَا تَعِيفُ اليومَ فِي الطيرِ الرَّوَحْ
من غُرابِ البَيْن أَوْ تَيْسٍ بَرَحْ
قَالَ أَرَادَ الرَّوْحة مثل الكَفْرَة والفَجْرَة فَطرح الْهَاء
قَالَ: والرَّوَحُ فِي هَذَا الْبَيْت المتفرقةُ.
قَالَ: والمُرَاوَحة عملان فِي عَمَلٍ، يُعْمل ذَا مَرّةً وَذَا
مَرّةً، كَقول لبيد:
يُرَاوِحُ بينَ صَوْنٍ وابْتِذَالِ
قلت: وَيُقَال فلَان يُراوِحُ بَين قَدَمَيْه إِذا اعْتمد مرّةً
على إِحْدَاهمَا، ثمَّ اعْتمد على الْأُخْرَى مرّةً، وَيُقَال هما
يتراوحان عملا أَي يتعاقَبَانِه، ويَرْتَوِحان مثلَه.
وَفِي حَدِيث النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه نهى أَن
يكتحل الرجلُ بالإثْمِد الْمُرَوَّح.
قَالَ أَبُو عبيد: المروَّح المطيَّب بالمسك وَقَالَ مروّح
بِالْوَاو لِأَن الْيَاء فِي الرّيح وَاو، وَمِنْه يُقَال تروّحْت
بالمِرْوَحَةِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ذَرِيرَةٌ مُرَوَّحَةٌ أَي مطيَّبَةٌ وَرَوح
دُهنك بِشَيْءٍ فتجعل فِيهِ طِيباً. وَيُقَال
(5/143)
فلَان بِمَرْوَحَةٍ أَي بِمَمَر الرّيح.
والمِرْوحة بِكَسْر الْمِيم الَّتِي يُتَرَوَّح بهَا.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الرَّاحة الأَرْض المستوية فِيهَا ظهورٌ
واستواءٌ تُنْبِتُ كثيرا، جَلَدٌ من الأَرْض وَفِي أَمَاكِن
مِنْهَا سهولٌ أَو جراثيمُ، وَلَيْسَت من السَّيْل فِي شَيْء وَلَا
الْوَادي. وَجَمعهَا الرّاح، كَثِيرَة النَّبْتِ.
أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال أَتَانَا فلانٌ وَمَا فِي وَجهه رَائِحَة
دَمٍ من الفَرَق، وَذُو الرَّاحَة سيفٌ كَانَ للمختار بن أبي عبيد.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: دَلَكَتْ بِرَاحٍ قَالَ
مَعْنَاهُ أستريح مِنْهَا، وَقَالَ فِي قَول الْقَائِل:
مُعَاوِيَ مَنْ ذَا تَجْعَلُونَ مكانَنَا
إِذا دَلَكَتْ شمسُ النَّهارِ بِرَاحِ
يَقُول إِذا أظلم النّهار واستُريح من حرّها يَعْنِي الشمسَ، لما
غشيها من غَبَرة الْحَرْب فَكَأَنَّهَا غاربة كَقَوْلِه:
تَبْدُ كَواكِبُه والشمسُ طَالِعةٌ
لَا النُّورُ نُورٌ وَلَا الإِظْلاَمُ إِظْلاَمُ
وَقيل: دَلكَتْ بِرَاحٍ أَي غَرُبت، والناظر إِليها يَتَوَقَّى
شُعاعَها براحَتِه.
وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي الرُّوح والنَّفْس واحِدٌ،
غيرَ أَن الرُّوح مذكَّر والنفْس مُؤَنّثَة عِنْد الْعَرَب.
قلت: وَقد أَلَّفْتُ فِي الرُّوح وَمَا جَاءَ فِيهِ فِي الْقُرْآن
وَالسّنة كتابا جَامعا واقتصرت فِي هَذَا الْكتاب على مَا جَاءَ
عَن أهل اللُّغَةِ مَعَ جوامعَ ذكرتُها للمفسّرين. فأمّا قَول الله
جلَّ وعزَّ: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّى} (الإسرَاء: 85) فَإِن المنذريَّ أخبرنَا عَن
مُحَمَّد بن مُوسَى النَّهرتيري عَن أبي مَعْمَرٍ عَن عبد
السَّلَام بن حَرْب عَن خُصَيْفٍ عَن مُجاهد عَن ابْن عَبَّاس فِي
قَوْله: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} قل إِن الرّوح قد نزل من
الْقُرْآن بمنَازِلَ وَلَكِن قُولُوا كَمَا قَالَ الله: {قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ
إِلاَّ قَلِيلاً} (الإسرَاء: 85) ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَن الْيَهُود سأَلُوه عَن الرُّوح فَأنْزل الله
هَذِه الْآيَة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء
أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى} قَالَ من عِلْمِ ربّي أَي أَنكُمْ
لَا تعلمونه.
قَالَ الْفراء: والرُّوحُ هُوَ الَّذِي يعِيش بِهِ الإنسانُ لم
يُخْبِر اللَّهُ بِهِ أَحداً من خلقه، وَلم يُعْطِ عِلْمَه
العِبادَ.
قَالَ: وَقَوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن
رُّوحِى} (الحِجر: 29) فَهَذَا الَّذِي نَفَخَه فِي آدمَ وَفينَا
لم يُعْطِ علمه أحدا من عباده.
قَالَ: وَسمعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول الرُّوحُ إِنَّمَا هُوَ
النَّفَسُ الَّذِي يتنفَّسُه الْإِنْسَان، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيع
الْجَسَد فَإِذا خرج لم يتنفَّسْ بعد خُرُوجه وَإِذا تَتَامَّ
خُروجه بَقِي بَصَره شاخصاً نَحوه حَتَّى يُغَصَّ وَهُوَ
بِالْفَارِسِيَّةِ جَان. قَالَ: وَقَول الله جلَّ وعزَّ فِي قصَّة
مَرْيَم: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا
بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: 17) قَالَ: أضَاف الرُّوحَ المُرْسَلَ
إِلَى مَرْيم إِلى نَفسه كَمَا تَقول: أَرْضُ اللَّهِ وسماؤُه.
(5/144)
قَالَ: وهكَذا قَوْله لملائِكَتِهِ:
{لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّى خَالِقٌ بَشَراً مِّن} (ص: 71، 72) وَمثله
{طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى
فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} (النِّسَاء: 171) والرُّوحُ فِي هَذَا
كُله خَلْقٌ من خلْق الله لم يُعْطِ علمه أحدا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى أَنه
قَالَ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {حَكِيمٌ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ
إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ
وَلاَ الإِيمَانُ وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن
نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا} (الشّورى: 52) قَالَ: هُوَ مَا نَزَل
بِهِ جِبْرِيل من الدّين فَصَارَ يُحْيِ بِهِ الناسَ، يعيشُ بِهِ
الناسُ. قَالَ: وكلُّ مَا كَانَ فِي القُرآن فَعَلْنَا فَهُوَ
أَمْرُه بأعْوانه أَمَرَ بِهِ جبريلَ وميكائيلَ وملائكتَه، وَمَا
كَانَ فعلْتُ فَهُوَ مَا تفرَّد بِهِ.
قَالَ: وأمَّا قَوْله {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}
(البَقَرَة: 87) فَهُوَ جبريلُج.
وَقَول الله: {خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ
صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ} (النّبَإ: 38)
قَالَ ابْن عَبَّاس: الرُّوح مَلَكٌ فِي السَّماء السابِعة وَجْهُه
على صُورَةِ الْإِنْسَان وجَسَدُهُ على صُورَةِ الْمَلَائِكَة.
وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن الرُّوحَ هَهُنا جِبْرِيلُ.
قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرُّوْح الفَرَحُ، والرُّوح
القرآنُ، والرُّوح الأَمْر، والرُّوح النفْس.
وَيُقَال: هَذَا الْأَمر بَيْننَا رَوْحٌ ورِوَحٌ وعَوَرٌ إِذا
تَرَاوَحُوه وتعاوَرُوه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَقَوله جلَّ وعزَّ: {الْعَرْشِ يُلْقِى
الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَآءُ مِنْ} (غَافر: 15)
وَقَوله {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ}
(النّحل: 2) هَذَا كُله مَعْنَاهُ الوحْيُ، سُمي رُوحاً لِأَنَّهُ
حياةٌ مِنْ مَوْتِ الكُفْرِ فَصَارَ يَحْيَا بِهِ النَّاسُ
كالرُّوح الَّذِي يَحْيَا بِهِ جَسَدُ الْإِنْسَان. وَقَوله
{الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّاتُ نَعِيمٍ}
(الواقِعة: 89) على قِرَاءَة من قَرأَ بضَم الرّاء، فتفسيرُه
فحياةٌ دائِمَةٌ لَا موتَ مَعَها. وَمن قَالَ (فَرَوْحٌ)
فَمَعْنَاه فاستِرَاحَةٌ. وأمَّا قَول الله جلَّ وعزَّ:
{الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ} (المجَادلة: 22) فَمَعْنَاه
بِرَحْمَةٍ مِنْهُ، كَذَلِك قَالَ الْمُفَسِّرُونَ. وَقد يكون
الرَّوْح أَيْضا بِمَعْنى الرَّحْمَة قَالَ الله جلَّ وعزَّ:
{وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ} (يُوسُف: 87) أَي من
رَحْمَة الله، سمّاها رَوْحاً؛ لِأَن الرَّوْح والرَّاحَةُ بهَا.
قلت وَكَذَلِكَ قَول الله جلَّ وعزَّ فِي عِيسَى: {وَرُوحٌ
مِّنْهُ} (النِّسَاء: 171) أَي رحمةٌ مِنْهُ تبَارك وَتَعَالَى.
والرُّوح فِي كَلَام العَرب أَيْضا النَّفْخُ، سُمي رُوحاً
لِأَنَّهُ يَخْرجُ من الرّوح وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّة فِي نارٍ
اقْتدحها وَأمر صاحباً لَهُ بالنفخ فِيهَا، فَقَالَ:
فقلتُ لَهُ ارْفَعْها إليكَ وأَحْيِها
بِرُوحِكَ واجْعَله لَهَا قِيتَةً قدْراً
أحْيِها برُوحك أَي بِنَفْخِك. واجعله لَهَا: الْهَاء للرُّوح
لأنَّه مذكَّر فِي قَوْله واجعله. وَالْهَاء الَّتِي فِي قَوْله
(لَهَا) أَي للنّار وَهِي مؤنَّثَة. وأمّا الرُّوحَانيُّ من خلْق
الله فَإِن أَبا دَاوُد المَصَاحفي رَوى عَن النَّضر بن شُمَيْل
فِي كتاب الْحُرُوف المفسَّرة من غَرِيب الحَدِيث أَنه قَالَ،
حَدثنَا عَوْف الأعرابيّ عَن وَرْدان أبي خَالِد أَنه قَالَ:
بلغَنَي أَن الملائكةَ: مِنْهُم رَوحَانِيُّون وَمِنْهُم من خُلِقَ
من النُّورِ.
(5/145)
قَالَ: وَمن الرُّوحَانِييّن جبريلُ
وميكائيلُ وإسرافيلُ. قَالَ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ النَّضر:
الرُّوحانِيُّون أَرْوَاحٌ لَيست لَهَا أَجْسَامٌ، هَكَذَا يُقَال.
قَالَ: وَلَا يُقَال لشيءٍ من الخَلْقِ رُوحَانِيّ إِلَّا
للأَرْواح الَّتِي لَا أجْسَادَ لَهَا، مثلُ الملائِكَةِ والْجِن
وَمَا أشْبَهَهُما فأمّا ذَواتُ الأجْسادِ فَلَا يُقَال لَهُم
رُوحانيّون. قلت: وَهَذَا القولُ فِي الروحانيّين هُوَ الصَّحِيح
الْمُعْتَمد لَا مَا قَالَه ابْن المظفَّر أَن الروحانيّ الجسدُ
الَّذِي نُفِخَ فِيهِ الرُّوح. وَقَالَ اللَّيْث: الأَرْوَحُ
الَّذِي فِي صدر قَدَمَيْه انبساط، تَقول رَوِحَ الرَّجُلُ
يَرْوَحُ رَوَحاً وَرَوِحَتْ قدمُه فَهِيَ قدم رَوْحَاءُ قَالَ
وقصعَةٌ رَوْحَاءُ قريبَة القَعْر وإناء أَرْوَحُ.
وحر: قَالَ اللَّيْث: الوَحَرُ: وَغْرٌ فِي الصَّدْر من الغيْظ
والحقد. يُقَال وَحِرَ صدْرُه على فلَان وَحَراً، وإنّه لوَحِرُ
الصَّدْر. قَالَ: وَالْوَحَرُ وَزَغَةٌ تكون فِي الصحارَى أَصْغَر
من العَظَاية، وَهِي إِلْفُ سَوَام أَبْرَصَ خِلْقَةً.
قَالَ: وَسمعت مَن يَقُول: امرأةٌ وَحِرَةٌ سوداءُ ذميمةٌ. وَفِي
الحَدِيث (من سره أَن يذهبَ كثير من وَحَرِ صدْرِه فليصُمْ شهر
الصبْر وَثَلَاثَة أيَّامٍ من كُل شهر) قَالَ أَبُو عبيد قَالَ
الْكسَائي والأصمعيّ فِي قَوْله وَحَر صَدْرِه: الوَحَرُ غُشْيَته
وبلابله. وَيُقَال إِن أصل هَذَا دُوَيْبَّة يُقَال لَهَا
الوَحَرَة، وَجَمعهَا وَحَرٌ، شبّهت العداوةُ والغِلُّ بهَا.
وَيُقَال وَغِر صَدره وَغَراً وَوَحِر وَحَراً، شبَّهُوا العداوةَ
ولُزُوقَها بالصّدْر بالْتِزاق الوَحَرةِ بِالْأَرْضِ.
ولحمٌ وَحِرٌ دَبَّ عَلَيْهِ الوَحَر. قلت: وَقد رَأَيْت الوَحَرَة
فِي الْبَادِيَة وخِلْقَتُها خِلْقَةُ الوَزَغِ إلاّ أَنّها أَشد
بَيَاضًا مِنْهَا وَهِي منقَّطَةٌ بِنُقَط حُمْرِ، وَهِي من
أقْذَرِ الدَّوَابّ عِنْد الْعَرَب، وَلَا يأكلها أحد. وَقَالَ
أَبُو عَمْرو: الوَحَرَة إِذا دَبَّتْ على اللَّحْم أَوْحَرَتْه،
وإيحارُها إيَّاهُ أَن يأخُذَ آكلَهَا القيءُ والمَشْيُ، وَقَالَ
أَعْرَابِي: من أكل الوَحَرَةَ فأُمُّه منتحرة بغائطٍ ذِي حَجَرة.
وَيُقَال: إِن الوَحَرَةَ لَا تطَأُ طَعَاما أَو شرابًا إِلَّا
سمَّته، وَلَا يأكُلُه أحد إِلَّا دَقِيَ وأخذَه قَيْءٌ، وربّما
هَلَك آكِلُه. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوَحَرُ أشَدُّ الْغَضَب.
يُقَال إِنَّه لوَحِرٌ عَلَيَّ، وَقد وَحِر وحَراً، ووَغِرَ
وَغَراً، وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
هَل فِي صدُورِهِمُ من ظُلْمِنَا وَحَرُ
وَيُقَال الْوَحَرُ: الغيْظُ والحِقْدُ.
حور حير: قَالَ اللَّيْث: الحَوْرُ الرُّجُوع عَن الشَّيْء إِلَى
غَيره. قَالَ: والغُصَّةُ إِذا انحدَرتْ يُقَال: حارَتْ تَحُورُ،
وأَحَارَ صاحبُها وَأنْشد:
وَتلك لعمري غُصَّةٌ لَا أُحِيرُها
قَالَ: وكل شيءٍ يتغيّر من حَال إِلَى حَال فإنّك تَقول حارَ يحورُ
وَقَالَ لبيد:
وَمَا المَرْءُ إلاّ كالشهابِ وَضَوْئِهِ
يَحُورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُو سَاطِعُ
قَالَ: والمُحَاوَرَةُ: مُرَاجعَة الكلامِ فِي المخاطبة، تَقول
حاورْتُه فِي المنْطِق،
(5/146)
وأَحَرْتُ لَهُ جَوَابا، وَمَا أَحَارَ
بِكَلِمَة، وَالِاسْم من المحاورة الحَوِيرُ، تَقول: سمعتُ
حَوِيرَهُما وحِوَارَهُما، قَالَ: والمَحْورَةُ من المُحَاوَرةِ
كالمَشْوَرَة من المُشَاورة، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
بِحَاجَةِ ذِي بَثَ ومَحْوَرَةٍ لَهُ
كَفَى رَجْعُها مِنْ قِصَّةِ المُتَكلمِ
وَقَالَ ابنُ هانىءٍ: يُقَال عِنْد تَأْكِيد المَرْزِئة عَلَيْهِ
بِقلّة النَّماء: مَا يَحُورُ فلَان وَمَا يَبُور، وَذهب فلَان فِي
الحَوَارِ والبَوَارِ، منصوبَا الأوّلِ، وَذهب فِي الْحُور
والبُور. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ كَلمته فَمَا رَجَع إليَّ
حِوَاراً وحَوَاراً وحَوِيراً ومَحُورَةً بِضَم الْحَاء بِوَزْن
مَشُورَة.
ابْن السّكيت: فلَان مَا يعِيش بِأَحْوَرِ أَي مَا يعِيش بعقْل.
قَالَ هُدْبَة:
فَمَا أَنْسِ مِ الأشْياءِ لَا أَنْس قَوْلَها
لجارَتِها مَا إِنْ يَعِيشُ بأَحْوَرَا
وَقَالَ نُصَيْر: أَحْوَرُ الرجلِ قلبُه، يُقَال مَا يعِيش فلَان
بأَحْوَر أَي بقلب اسمٌ لَهُ.
قَالَ وَيُقَال إنّ الْبَاطِل لفي حَوْرٍ أَي فِي رُجُوع ونَقْصٍ.
وَقَالَ شَمِرٌ: إِنَّه ليسعى فِي الحُور والبُور أَي فِي
النُّقْصَان والفسادِ؛ وَرجل حائِرٌ بائِرٌ، وَقد حارَ وبارَ،
وَهُوَ يحور حُؤُوراً: إِذا نقص وَرجع وَقَالَ العجَّاج:
فِي بِئْرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ
أَرَادَ حُؤُورٍ، فخفّف الْوَاو، وَهَذَا قَول ابنِ الأعرابيّ.
قلت: و (لَا) صلةٌ فِي قَوْله. وَقَالَ الفرّاء: لَا قائِمة فِي
هَذَا البيتِ صحيحةٌ، أَرَادَ فِي بِئْر مَاء لَا تُحِيرُ عَلَيْهِ
شَيْئا.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: فلَان حَوْرٌ فِي مَحَارَةٍ، هَكَذَا
سمعتُه بِفَتْح الْحَاء، يُضْرَب مثلا للشيءِ الَّذِي لَا يَصْلُح
أَو كَانَ صالِحاً ففسد. قَالَ: والمَحَاوَرَةُ الْمَكَان الَّذِي
يَحُور أَو يُحَارُ فِيهِ. قَالَ: وَالحائِر الرّاجع من حالٍ كَانَ
عَلَيْهَا إِلَى حَال كَانَ دُونَها، وَالبائِر الْهَالِك. وَيقال
حوَّرَ الله فلَانا أَي خيّبه وَرَجَعه إِلَى النَّقْص.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ حوَّرْتُ الخبزةَ تَحْوِيراً إِذا
هَيَّأْتَها لتضعَها فِي الملَّة. قَالَ: وَحَوَّرْتُ عينَ
الدَّابَّة إِذا حَجَّرْتَ حولهَا بِكَيَ وَذَلِكَ من دَاء
يُصيبها، وَالكيَّةُ يُقَال لَهَا الحَوْرَاءُ، سُميت بذلك لِأَن
مَوْضعها يَبْيَضُّ. قَالَ وَالتحوير: التبييض. وَقال غَيره:
حوَّرْتُ الثوبَ إِذا بَيَّضْتَه. أَبُو عبيد عَن الأمويّ
الإحْوِرَارُ الابيضاض، وَأنشد:
يَا وَرْدُ إِنّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ
يَعْنِي المبيَضَّة، قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا سُمي أصحابُ
عِيسَى الحواريّين للبَيَاض، وَكَانُوا قَصّارين وَقَالَ الفرزدق:
فَقُلتُ إنَّ الحَوَارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ
إِذا تَفَتَّلْنَ من تحتِ الجَلاَبِيبِ
يَعْنِي النساءَ. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه قَالَ: (الزبير ابنُ عَمَّتي وحَوَارِيٌّ من أُمَّتِي) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال وَالله أعلم إنَّ أصل هَذَا كَانَ
بَدْؤُه من الحواريّين أصحابِ عِيسَى، وَإِنَّمَا سُمُّوا حواريّين
لأَنهم كَانُوا يَغْسلون الثِّيَاب يُحورونها وَهُوَ
(5/147)
التبْييض وَمِنْه قيل امْرَأَة حَوَارِيّة
إِذا كَانَت بيضاءَ. قَالَ: فلمّا كَانَ عِيسَى ابنُ مريمَ نَصَره
هَؤُلَاءِ الحواريُّون فَكَانُوا أَنْصارَه دونَ النّاس قيل لكل
ناصرٍ نَبيَّه: حواريٌّ إِذا بَالغ فِي نُصْرَتِه؛ تَشْبِيها
بأولئك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الحَوارِيُّون: الأنصارُ، وهم خاصّةُ
أَصْحَابه. وروى شَمِرٌ عَنهُ أَنه قَالَ: الحَوَارِيُّ الناصح،
وَأَصله الشيءُ الْخَالِص. وكلُّ شَيْء خلص لَونه فَهُوَ
حَوَارِيٌّ. والحَوَاريَّاتُ من النِّسَاء النقيّات الألْوَانِ
والجُلودِ. وَمن هَذَا قيل لصَاحب الحُوَّارَى مُحَور. وَقَالَ
الزّجاج: الحواريُّون خُلَصَاء الأنبياءِت وصفوتُهم، وَالدَّلِيل
على ذَلِكَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الزبير ابْن
عمَّتي وحواريٌّ من أُمَّتي) . قَالَ: وَأَصْحَاب النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم حواريُّون. وَتَأْويل الحواريين فِي اللُّغة
الَّذين أُخْلِصوا ونُقُّوا من كل عيب، وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى من
الدَّقِيق، سُمي بِهِ لأَنَّه يُنَقَّى من لُباب البُر، قَالَ:
وتأوِيلُه فِي النَّاس الَّذِي قَدْ رُوجِع فِي اخْتِيَارِه مرّةً
بعد مرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيّاً من الْعُيُوب. قَالَ: وأصل التحوير
فِي اللّغة من حَارَ يَحورُ، وَهُوَ الرُّجُوع. والتَّحويرُ
الترجيع، فَهَذَا تَأْوِيله وَالله أعلم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال لِنسَاء الأمْصَار حَوارِيَّات
لِأَنَّهُنَّ تباعدن عَن قشَفِ الأعرابيات بنظافَتِهن، وَأنْشد:
فَقُلْ لِلْحَوَاريَّاتِ يَبْكِيْنَ غيرَنا
وَلَا يَبْكِينَ إلاّ الكِلابُ النَّوَابِحُ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: دَقِيق حُوَّارَى أَخذ من هَذَا لِأَنَّهُ
لباب البُر، وعجين مُحَوَّر، وَهُوَ الَّذِي مُسح وَجهه بِالْمَاءِ
حَتَّى صَفَا.
وَعين حَوْرَاءُ إِذا اشتدّ بياضُ بياضِها وخَلُص واشتدّ سَواد
سوادِها، وَلَا تُسَمَّى المرأةُ حَوْرَاءَ حَتَّى تكونَ مَعَ
حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ، وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَدَامَتْ قُدُورُك للسَّاغبي
ن فِي المَحْلِ غَرْغَرةً واحْوِرَارا
أَرَادَ بالغرغرة: صوتَ الغلَيانِ وبالاحْوِرَار بياضَ الإهَالَةِ
والشحمِ. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
كَانَ يتعوّذ من الحَوْر بعد الكَوْرِ، ويروى بعد الكَوْن. قَالَ
أَبُو عبيد: سُئِلَ عَاصِم عَن هَذَا فَقَالَ ألم تسمع إِلَى
قَوْلهم: حَارَ بعد مَا كانَ يقولُ إِنَّه كَانَ على حَال جميلةٍ،
فحارَ عَن ذَلِك أَي رَجَعَ. وَمن رَوَاهُ بعد الكَوْر فَمَعْنَاه
النُّقْصَان بعد الزّيادة، مَأْخُوذ من كَوْر الْعِمَامَة إِذا
انْتقض لَيُّها، وبعضُه يقرب من بعض. عَمْرو عَن أَبِيه الحَوْرُ
التحيُّر، قَالَ: والحَوْرُ النُّقصان والحَوْرُ الرُّجُوع. قَالَ
اللَّيْث: الحَوْرُ مَا تَحت الكَوْر من الْعِمَامَة. قَالَ:
والْحَوَرُ خشب يُقَال لَهَا الْبَيْضَاء قَالَ والْحُوارُ النصيل
أَوَّلَ مَا يُنْتَجُ، وجَمْعُه حِيرَانٌ، والحُورُ الأَدِيمُ
المصبوغُ بِحُمْرة، وَأنْشد:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَق
كأنَّما قُدَّ فِي أَثْوَابِه الحَوَرُ
قَالَ: وخُفٌّ محوَّرٌ إِذا بُطن بحُور. وَيُقَال للرجل إِذا
اضْطربَ أَمْره: لقد قَلِقَتْ مَحَاوِرُه، وَأنْشد ابْن السّكيت:
(5/148)
يَا مَيُّ مَا لِي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي
قَالَ: والمِحْوَرُ الحديدةُ الَّتِي يَدُورُ فِيهَا لسانُ الإبريم
فِي طَرَف المِنْطقة وَغَيرهَا. قَالَ: والحديدةُ الَّتِي تَدور
عَلَيْهَا البكرةُ يُقَال لَهَا: المِحْوَرَةُ.
وَقَالَ الزّجاج: قيل لَهُ محورٌ للدَّوَرانِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يرجع
إِلَى المكانِ الَّذِي زَالَ مِنْه. وَقيل إِنَّه إِنَّمَا قيل
لَهُ مِحْوَرٌ لِأَنَّهُ بدورَانِه ينصَقِلُ حَتَّى يَبْيَضّ.
قَالَ وَقَوْلهمْ: نَعُوذ بِاللَّه من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ
مَعْنَاهُ نَعُوذ بِاللَّه من الرُّجُوع والخُرُوج على الْجَمَاعَة
بعد الكُوْرِ مَعْنَاهُ بعد أَن كُنَّا فِي الكَوْر أَي فِي
الجماعةِ. يُقَال كَارَ عمامتَه على رَأسه إِذا لفّها، وحار
عِمامَتَه إِذا نقضهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: المِحْوَرُ الْخَشَبَة الَّتِي يُبْسَط بهَا
العجينُ يُحَوَّر بهَا الْخبز تحويراً. قلت سمّي محوراً لدورانه
على العجينِ تَشْبِيها بمِحْوَرِ البكرة واستدَارته.
الأصمعيّ: المَحَارَةُ الصَدَفة، والمحار من الْإِنْسَان الحَنَكُ
وَهُوَ حَيْثُ يُحَنك البيطار الدابّةَ. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ
مَحَارةُ الفَرَسِ أَعلى فَمِه من بَاطِن، وَقَالَ غَيره: المحارة
جَوْف الأُذُنِ، وَهُوَ مَا حَوْلَ الصمَاخ المتَّسِع. قَالَ:
والمَحَارَةُ النُّقْصَان، والمَحَارَةُ الرُّجوع، والمَحَارَةُ
الصَّدَفَةُ، والمحارَةُ المُحَاوَرَةُ. قَالَ: والْحُورةُ
النُّقْصَان، والحورَةُ: الرَّجْعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال حارَ بَصَرهُ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً،
وَذَلِكَ إِذا نظرتَ إِلَى الشَّيْء فَغَشِيَ بصرُك، وَهُوَ
حَيْران تائهٌ، والجميع حَيَارَى، وَامْرَأَة حَيْرَى، وَأنْشد:
حيرانَ لَا يُبْرِئه مِنَ الحيَر
قَالَ: وَالطَّرِيق المُسْتَحِير الَّذِي يَأْخُذ فِي عُرْض مفازة
لَا يُدرى أيْنَ منفذه، وَأنْشد:
ضَاحِي الأَخَادِيدِ ومُسْتَحِيْرِهِ
فِي لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضَيْفَيْ نِيْرِهِ
وَيُقَال: استحار الرجلُ بمَكَان كَذَا وَكَذَا إِذا نَزَلَهُ
أيّاماً. قَالَ: والحائر حَوْض يسيّبُ إِلَيْهِ مَسِيلُ المَاء من
الْأَمْصَار يُسمى هَذَا الاسمُ بالماءِ وبالبصرة حائر الحجَّاج،
معروفٌ يابسٌ لَا ماءَ فِيهِ، وَأكْثر النَّاس يسمونه الحَيْر،
كَمَا يَقُول لعَائِشَة: عَيْشة يستحسنون التَّخْفِيف وَطرح
الْألف. قَالَ العجّاج:
سَقَاهُ رِيّاً حَائِرٌ رَوِيُّ
وَإِنَّمَا سُمّي حائراً لِأَن المَاء يتحيّر فِيهِ يرجع أَقصاهُ
إِلَى أدناه. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للمكان المطمئن الوسطِ
الْمُرْتَفع الحرُوف حائرٌ وَجمعه حُوَرانٌ. وَقَالَ أَبُو عبيد:
الحائر: مجتمعُ المَاء وَأنْشد:
مِمَّا تَرَبَّبَ حَائِرَ البَحْرِ
قَالَ والحاجر نحوٌ مِنْهُ وَجمعه حُجْرانٌ. وَقَالَ الأصمعيّ:
حَار يَحَارُ حيْرَةً وحَيْراً. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال المَاء
يتحيّر فِي الغَيْم وتحيَّرت الرَّوْضَة بِالْمَاءِ إِذا
امْتَلَأت. وتحيَّر الرجلُ: إِذا ضَلّ فَلم يَهْتَدِ لسبيله وتحيّر
فِي أَمْرِه. وَقَالَ شمر: العربُ تَقول لكلّ شيءٍ ثابتٍ دَائِم
لَا يكَاد يَنْقَطِع مستحيرٌ ومتحَير وَقَالَ جرير:
يَا رُبَّمَا قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ
فَخْمِ الكَتائِبِ مُسْتَحِيْرِ الكوْكَبِ
(5/149)
قَالَ ابْن الأعرابيّ: المستحير الدَّائِم
الَّذِي لَا يَنْقَطِع. قَالَ: وكوكبُ الْحَدِيد بَرِيقُه.
والمتحيّر من السَّحَاب الدَّائِم لَا يبرح مكانَه، يصبُّ الماءَ
صبّاً وَلَا تسوقه الرّيح وَأنْشد:
كأنّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّرَ وَابِلُهْ
وَقَالَ الطِرماح:
فِي مُسْتَحِيْر رَدَى المَنُو
نِ ومُلْتَقَى الأَسَلِ النَّوَاهِلْ
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو يُرِيد يتحيّر الردَى فَلَا
يَبْرَح، وَمِنْه قَول لبيد:
حتّى تَحيَّرَتِ الدبارُ كأنَّها
زَلَفٌ وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يَقُول: امْتَلَأت مَاء. وروى شمر بِإِسْنَاد لَهُ عَن سُفْيَان
عَن الرّبيع بن قريع قَالَ سَمِعت ابْن عمر يَقُول: أَسْلِفُوا
ذاكم الَّذِي يوجِبُ اللَّهُ أجْرَهُ، ويردُّ إِلَيْهِ مالَه، لم
يُعْطَ الرجلُ شَيْئا أفضلَ من الطَرْقِ، الرجلُ يطرُق على
الْفَحْل أَو على الْفرس فيذهَبُ حَيْرِيَّ الدَّهرِ، فَقَالَ لَهُ
رجلٌ: مَا حَيْرِيُّ الدهرِ؟ قَالَ: لَا يُحْسَبُ، فَقَالَ لَهُ
حسل بن قابصة: وَلَا فِي سَبِيل الله، فَقَالَ: أَو لَيْسَ فِي
سَبِيل الله؟ قَالَ شمر: هَكَذَا رَوَاهُ حَيْرِيَّ الدَّهْرِ
بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء الثَّانِيَة وَفتحهَا. قَالَ
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: العربُ تَقول: لَا أفعل ذَلِك حِيْريَ
دَهْرٍ. وَقد زَعَمُوا أنَّ بَعْضهم ينصب الْيَاء فِي حِيريَ
دهْرِ. وَقَالَ أَبُو الْحسن: سَمِعت مَنْ يَقُول: لَا أفعل ذَلِك
حيريَّ دهر مثقَّلة، قَالَ والحيريّ الدَّهْر كُله. قَالَ شمر:
قَوْله حيريَّ الدَّهْر يُرِيد أبدا. وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ:
يُقَال ذهب ذَاك حَارِيَ الدَّهْر وحيْرِيَ الدَّهْر أَي أبدا،
وَيبقى حارِيَ الدَّهْر وحيْرِيَ الدَّهْر أَي أبدا. قَالَ شمر:
وَسمعت ابْن الأعرابيّ يَقُول: حِيرِيَ الدَّهْر بِكَسْر الْحَاء
مثل قَول سِيبَوَيْهٍ والأخفشِ. قَالَ شمر: وَالَّذِي فسره ابْن
عُمَر لَيْسَ بمخالف لهَذَا، أَرَادَ أَنه لَا يُحْسَبُ أَي لَا
يُمكن أَن يُعرف قدرُه وحسابُه لكثرته ودوامِه على وَجه الدَّهْر.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال
لَا آتيه حَيْرِيَّ دهر وَلَا حِيرِيَّ دهر وحِيرَ الدَّهْر،
يُرِيد مَا تحيَّرَ الدهرُ. وَقَالَ: حِيرُ الدَّهْر جمَاعَة
حِيرِي.
وَقَالَ الليثُ: الحِيرَة بجنْبِ الكُوفة وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا
حَارِيُّ كَمَا نَسَبُوا إِلَى التّمر تمري فَأَرَادَ أَن يَقُول
حِيرىْ فسكّن الْيَاء، فَصَارَت ألفا سَاكِنة. قَالَ والحارَةُ كل
مَحَلَّة دنت منازلُهم، فهم أهلُ حارةٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن
الْعَلَاء: سَمِعت امْرَأَة من حِمْيَر تُرقصُ وَلَدهَا وَتقول:
يَا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْبَرَا
فَهَبْ لهُ أَهْلاً ومالاً حِيرا
قَالَ: والْحِيَرُ: الْكثير من أهلٍ ومالٍ، وَقَالَ آخر:
أَعُوذُ بالرَّحمنِ مِنْ مالٍ حِيَرْ
يُصْلِينِيَ اللَّهُ بِهِ حَرَّ سَقَرْ
أَبُو زيد: يُقَال هَذِه أنعامٌ حِيرَاتٌ أَي متحيرةٌ كثيرةٌ،
وَكَذَلِكَ النّاسُ إِذا كَثرُوا وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَقُول
الرجلُ لصَاحبه وَالله مَا تحورُ وَلَا تحولُ أَي مَا تزدادُ
خَيْراً. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال لجِلْدِ
الفيلِ الحَوْزَانُ، ولباطن جلده
(5/150)
الحِرْصِيَانُ. وَقَالَ أَبُو زيد:
الحَيْرُ الغَيْمُ ينشأ مَعَ المَطَر فيتحيّر فِي السَّمَاء عمر
عَن أَبِيه: الأَحْوَرُ: العقْل يُقَال مَا يعِيش بِأَحْوَرَ.
(بَاب الْحَاء وَاللَّام)
(ح ل (وايء))
حلا (حلى) ، حَال، لحي، لَاحَ وَحل ولح، حلاء: (مستعملة) .
حلا:: قَالَ اللَّيْث: الحُلْوُ كل مَا فِي طَعْمِه حلاَوَةٌ،
والحُلْوُ والحُلْوَةُ من الرِّجَال وَالنِّسَاء من تستحْليه
الْعين. وَقوم حُلْوُون. والحَلْوَاءُ: اسْم لما يُؤْكلُ من
الطَّعام إِذا كَانَ معالَجاً بحلاوَةٍ. وَقَالَ بَعضهم: يُقَال
للفاكهة: حَلْوَاءُ. وَتقول: حَلاَ يَحْلَ حَلْواً وحُلْوَاناً.
وَقد احلَوْلى وَهُوَ يَحْلَوْلى. قلت الْمَعْرُوف: حلا الشيءُ
يحلُو حلاوَةً. واحلَوْلَيتُه أحلَوْلِيه احلِيلاَءً إِذا
استحليْتَه. اللحيانيّ: احلَوْلت الجاريةُ تحلَوْلى إِذا
استُحْلِيت واحلَوْلاها الرجل وَأنْشد:
لكَ النَّفْسُ وَاحْلَوْلاَكَ كلُّ خَلِيلِ
أَحْلَيْتُ المكانَ واستَحْلَيْتُه وحَلِيت بِهِ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول حلَّيْتُ السَّوِيقَ، وَمن الْعَرَب من
همزه فَقَالَ حَلأتُ السويق، وَهَذَا فهم غلط. قلت: قَالَ الفرّاء:
توهمت العربُ فِيهِ الهمْزَ لمّا رَأَوْا قولَهم: حَلَّأتُهُ عَن
المَاء أَي: منعتهُ مهموزاً.
وروَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: احلَوْلَى الرجلُ إِذا
حَسُن خُلُقُه، واحْلَوْلَى إِذا خَرَج من بَلَدٍ إِلَى بلد.
وَقَالَ الليثُ: قَالَ بَعضهم: حَلاَ فِي عيْنِي وَهُوَ يَحْلُو
حَلْواً. وحَلِيَ بِصَدْرِي، وَهُوَ يَحلَى حُلْوَاناً. قلت:
حُلْوَانٌ فِي مصدر حَلِيَ بصدري، خطأٌ عِنْدِي، وَقَالَ
الأصمعيُّ: حَلِيَ فِي صَدْرِي يحْلَى، وحَلاَ فِي فمي يَحلُو.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِير حَدِيث النّبي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ نهى عَن حُلْوان الكاهن. قَالَ الأصمعيّ:
الحُلْوَانُ مَا يُعْطَاه الكاهنُ ويُجْعَلُ لَهُ على كهانته.
يُقَال مِنْهُ حَلَوْته أَحْلُوه حُلْوَاناً، إِذا حَبَوْتَه،
وَأنْشد لأوسِ بن حَجَر يذمّ رجلا:
كأنّي حَلَوْتُ الشعْرَ يومَ مَدَحْتُه
صفَا صَخْرَةٍ صَمَّاءَ يُبْساً بِلاَلُها
قَالَ فَجعل الشّعْر حُلْوَاناً مثلَ الْعَطاء.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الحُلْوَانُ الرشْوَة، يُقَال حَلَوْتُ
أَي: رشوت.
وَأنْشد:
فَمَنْ رَاكِبٌ أحْلُوهُ رَحْلاً ونَاقَةً
يُبَلغ عنّي الشعْرَ إذْ ماتَ قائِلُهْ
قَالَ وَقَالَ غَيره: الحُلْوَانُ أَيْضا أَن يأخذَ الرَّجُلُ من
مَهْرِ ابْنَتِه لنفْسه.
قَالَ: وَهَذَا عارٌ عِنْد الْعَرَب.
قَالَت امْرَأَة فِي زَوْجها:
لَا يَأْخُذُ الحُلْوَانَ من بَنَاتِنَا
وَقَالَ اللَّيْث: حُلْوَانُ المرأةِ مَهْرُهَا.
وَيُقَال بل مَا كَانَت تُعْطَى على مُتعتها بمكَّة. قَالَ:
احْتَلَى فلانٌ لنفقة امْرَأَته ومَهْرها، وَهُوَ أَن يتمحّل لَهَا
ويحتالَ، أُخذ من الْحُلْوَانِ. يُقَال: احْتَلِ فتزوّجْ بِكَسْر
اللَّام وابْتَسِلْ من البُسْلَة.
(5/151)
قَالَ: والحلاوَى: ضرب من النَّبَات يكون
بالبادية، الْوَاحِدَة حَلاوِيَةٌ على تَقْدِير رَبَاعية. قلت لَا
أعرف الحَلاَوَى وَلَا الحَلاَوية، وَالَّذِي عَرفته الحُلاَوَى
بِضَم الحاءِ على فُعالى.
وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي بَاب فُعالى: خُزَامَى وَرُخَامى
وحُلاوَى، كلّهُنَّ نبت. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ اللَّيْث حَلاوَةُ القَفَا حَاقُّ وسَطِ القَفَا، تَقول
ضَربته على حَلاَوَةِ القفَا، أَي على وسطِ القَفا. شمر عَن ابْن
الْأَعرَابِي: يُقَال: حلاوَةُ القَفَا، وحَلْوَاءُ الْقَفَا
وحُلْواءُ الْقَفَا. وَهُوَ وسط الْقَفَا.
قَالَ وَقَالَ الهوازني: حَلاوَةُ الْقَفَا فأسه. أَبو عُبَيْدٍ
عَن الكسائيّ: سقط على حَلاَوَةِ القَفا، وحَلْوَاءِ الْقَفَا.
قَالَ: وحَلاوَةُ الْقَفَا تجوّز، وَلَيْسَت بمعروفة. وَأَخْبرنِي
المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى:
قَالَ: الْحَلوَاءُ يُمَدُّ ويُقْصَرُ ويُؤنّث لَا غيرُ. وَيُقَال
للشَّجَرَةِ إِذا أَوْرَقَتْ وأثْمَرَتْ: حَالِيَةٌ فَإِذا تناثر
وَرقهَا تعطّلت.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
وَهَاجَتْ بَقَايا القُلْقُلاَنِ وعَطَّلَت
حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِيّاحِ الحوَاصِد
أَي أيبستها فتناثرت.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِنْوُ حَفٌّ صَغِير يُنْسَجُ بِهِ، وَقَالَهُ
ابْن الأعرابيّ، وَقَالَ: هِيَ الْخَشَبَة الَّتِي يديرها الحائك
وَأنْشد قَول الشماخ:
قُوَيْرِحُ أَعْوَامٍ كأنَّ لسانَه
إِذَا صَاح حِلْوٌ زَلَّ عَن ظَهْرِ مِنْسَجِ
وَقَالَ اللَّيْث: حُلوان كورة. قلت هما فريقان إِحْدَاهمَا
حُلْوَانُ العراقِ والأُخْرى حُلْوَانُ الشأم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: حَلِيَت المرأةُ، وأَنا أَحْلِيها، إِذا
جَعَلْتَ لَهَا حَلْياً، وَبَعْضهمْ يَقُول: حَلَوْتُها بِهَذَا
المَعْنَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَلْيُ كلّ حِلْيَةٍ حلَّيْتَ بِهِ امْرَأَة
أَو سَيْفاً أَو نحوَه. والجميع حُلِيّ قَالَ الله: {مِنْ
حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً} (الْأَعْرَاف: 148) .
وَيُقَال تحلّت الْمَرْأَة إِذا اتَّخذت حُلِيّاً أَو لبِسَتْه.
وحلّيْتُها، أَي ألْبَسْتُهَا، واتخذْتُه لَهَا.
قَالَ ولغة حَلِيَتْ الْمَرْأَة إِذْ لَبِسَتْهُ وَأنْشد:
وحَلْي الشَّوَى مِنْهَا إِذا حَلِيَتْ بِهِ
على قَصَباتٍ لإشِنحات وَلَا عُصْل
الشخَات الدقاق والعُصْل المعْوَجَّة. قَالَ وَإِنَّمَا يُقَال
الْحَليُ للْمَرْأَة، وَمَا سواهَا فَلَا يُقَال إِلَّا حِلْيَةٌ
للسيف وَنَحْوه. قَالَ: والحِلْيَةُ تحلِيَتُكَ وَجْهَ الرَّجُلِ
إِذا وَصفته. وَيُقَال: حَلِيَ مِنْهُ بِخَيْرٍ، وَهُوَ يَحْلَى
حَلىً مقصورٌ إِذا أصَاب خَيْراً.
والحَلِيُّ نبت بِعَيْنِه وَهُوَ مِنْ مَرْتَعٍ للنَّعَم والخيلِ،
إِذا ظَهرت ثمرَتُه أشبه الزَّرْعَ إِذا أَسْبَل. وَقَالَ
اللَّيْث: الحَلِيُّ يبس النَّصِيّ. قَالَ: وَهُوَ كلُّ نبْتٍ يشبه
نباتَ الزَّرْع. قلت: قَوْله هُوَ كل نبت يشبه نَبَات الزَّرْع
(5/152)
خطأٌ إِنَّمَا الحَلِيُّ اسْم نَبْتٍ
واحِدٍ بعيْنه وَلَا يُشبههُ شيءٌ من الْكلأ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال امرأَةٌ حَالِيَةٌ ومُتَحَليَةٌ.
وَيُقَال: مَا أَحْلَى فُلاَنٌ وَلَا أَمَرَّ أَي مَا تكلّم
بحُلْوٍ وَلَا مُرَ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ يُقَال للبعير إِذا زجرته حَوْبُ وحوبَ
وحَبْ، وللناقة حَلْ جزمٌ، وحَلِي جزم لَا حَلِيت.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال فِي زجْر النَّاقة حَلْ حَلْ.
قَالَ: فَإِذا أدْخَلْتَ فِي الزَّجْرِ ألفا ولاماً جرى بِمَا
يُصِيبهُ من الإعْرَابِ كَقَوْلِك:
والحَوْبُ لَمّا يُقَلْ والحل
فرفعه بِالْفِعْلِ الَّذِي لم يسمَّ فَاعله.
وَقَالَ اللحيانيّ: حَلِيَتْ الجاريةُ بعيني وَفِي عَيْني وبقلبي
وَفِي قلبِي، وَهِي تحلَى حَلاوَةً وَيُقَال أَيْضا: حَلَتْ
الجاريةُ بعيني وَفِي عَيْني، تَحْلُو حَلاَوَةً. قَالَ:
واحلَوْلَيْتُ الْجَارِيَة واحْلَوْلَتْ هِيَ، وَأنْشد:
فَلَو كنتَ تُعْطِي حِين تُسْأَلُ سامحت
لكَ النفسُ واحْلَوْلاَكَ كلُّ خَليلِ
وَيُقَال: حلا الشيءُ فِي فَمِي يَحْلُو حلاوَةً وَيُقَال حَلُوَت
الفاكهةُ تَحْلُو حَلاَوَةً. قَالَ: وحَلِيتُ العيشَ أَحْلاَه أَي
استحليْتُه. وَيُقَال: أَحْلَيْتُ هَذَا المكانَ واستحْلَيْتُه
وحَلِيتُ بِهَذَا المكانِ. وَيُقَال: مَا حَلِيتُ مِنْهُ شَيْئا
حَلْياً أَي مَا أصبت. وَحكى أَبُو جَعْفَر الرؤاسيُّ حَلِئتُ
مِنْهُ بطائلٍ فهمزَ أَي مَا أصبتُ. قَالَ: وَجمع الْحَلي حُلِيّ
وحِلِيّ، وَجمع حِلْيَةِ الْإِنْسَان حِلىً وحُلىً.
وَمن مَهْمُوز هَذَا الْبَاب:
حلاء: قَالَ شمر: الحالِئَةُ ضربٌ من الحيّات تَحْلأُ لمن تلسعه
السُّمَّ كَمَا يَحْلأُ الكحَّالُ الأرْمَد حُكَاكَةً فيكحَلُه
بهَا.
وَقَالَ الْفراء: أحلِىءُ حَلُوءاً.
وَقَالَ ابنُ الأَعرابيّ: حلأْتُ لَهُ حَلاَءً.
وَقَالَ اللَّيْثُ الحُلاءَةُ بِمَنْزِلَة فُعالة حكاكة حَجَرين
تَكْحَلُ بهَا الْعين. يُقَال حَلأْتُ فُلاَناً حَلْأً، إِذا
كَحَلْتَه بهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال أحْلأْتُ للرجل إحلاءً إِذا حكَكْتَ
لَهُ حُكَاكةَ حجرين فداوَى بحُكَاكتهما عَيْنَيْهِ من الرَّمد.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: الحَلُوء حَجَرٌ يُدْلَك عَلَيْهِ دواءٌ
ثمَّ يكحل بِهِ العينُ. يُقَال حَلأْتُ لَهُ حُلُوءاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي وغيرُه: حلأْتُ الإبلَ عَن المَاء إِذا
حبستها عَن الورُود وَأنْشد:
لطالما حَلَّأْتُماهَا لَا تَرِدْ
فَخَليَاهَا والسجَالَ تَبْتَرِدْ
وحلّأْتُ الْأَدِيم إِذا قشرتَ عَنهُ التحلِىءَ، والتحْلِىءُ
القِشر على وجْهِ الْأَدِيم ممّا يَلِي الشَّعَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَلَّأْتُ الأديمَ إِذا أخرجت تِحْلِئَه،
والتحْلىءُ القِشْر الَّذِي فِيهِ الشَّعر فَوق الجِلْدِ.
والحِلاَءَةُ اسْم مَوضِع.
قَالَ صَخْر الغيّ:
إِذا هُوَ أَمْسَى بالحِلاَءَةِ شَاتِياً
تُقَشرُ أعْلَى أَنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ
فأجابَهُ أَبُو المثَلَّم:
(5/153)
أعَيَّرْتَني قُرَّ الحلاَءَةِ شَاتِياً
وَأَنت بِأَرضٍ قُرُّهَا غيرُ مُنْجِمِ
أَي غير مُقْلِع.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: من أمثالهم فِي حذر الْإِنْسَان على
نَفسه ومدافعته عَنْهَا قَوْلهم: حَلأَتْ حالئةٌ عَن كُوعِهَا.
قَالَ: وَأَصله أَن الْمَرْأَة تحلأُ الأديمَ وَهُوَ نَزْع
تِحْلِئه، فَإِن هِيَ رفَقَتْ سَلِمَتْ، وَإِن هِيَ خَرُقَتْ
أخطأَتْ فَقطعت بالشفرة كُوعها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرَّاء:
يُقَال: حلأَتْ حالئَةٌ عَن كُوعها أَي لِتَغْسِلْ غاسلةٌ عَن
كوعها أَي ليعملْ كل عَامل لِنَفْسِه.
قَالَ وَيُقَال: اغسل عَن وجْهِك ويَدِك وَلَا يُقَال اغْسِلْ عَن
ثَوْبِك.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْلهم حَلأَتْ حالئةٌ عَن كوعها
وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا حَلأَت مَا على الإهاب أخذت مِمْلأَةً من
حَدِيد فَوْهَاءَ فتحلأَت مَا على الإهاب من تحلِئة وَهُوَ سوادُه،
فَإِن لم تبالغ المِحْلَأَةُ، وتقَلع ذَلِك عَن الإهاب أخذت
الحالِئةُ نَشْفَةً من حجر خشن ثمَّ لفت جانباً مِنَ الإهابِ على
يَدهَا ثمَّ اعتمدت بالنُّشْفَةِ عَلَيْهِ لتقلع مَا لم تخرجْه
المِحْلأة فَيُقَال للَّذي يدْفع عَن نَفسه ويَحُضّ على إصْلَاح
شَأْنه يضربُ مثلا لَهُ أَي عَن كُوعها عملت مَا عملت وبحيلَتها
وعَمَلِها نالَتْ.
وَقَالَ أَبُو زيد حَلأَته بِالسَّوْطِ حَلأً إِذا جلدْتَه
وحَلأَته بِالسَّيْفِ حَلأً إِذا ضربتَه وحلَّأْتُ الْإِبِل عَن
الماءِ تَحلِيئاً.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: حَلَأْتُ بِهِ الأرضَ ضربْتُ بِهِ
الأَرْض. قلت: وجَلأْت بِهِ الأَرْض بِالْجِيم مثلُه. اللحياني
حَلِئَتْ شَفَةُ الرجل تَحْلأ حَلأً، إِذا شَرِبَتْ أَي خرج بهَا
غِبَّ الحُمّى بَثْرٌ. قَالَ وَبَعْضهمْ لَا يهمز فَيَقُول حليَتْ
شفتُه حَلاً مَقْصُور.
لحى: قَالَ اللَّيْث: اللَّحْيَانِ العظمان اللَّذَان فيهمَا
الْأَسْنَان من كل ذِي لَحْيٍ. والجميع الأَلْحِي. قَالَ: واللحا
مَقْصُور واللحاء مَمْدُود مَا على العَصَا من قِشْرِها. قلت:
الْمَعْرُوف فِيهِ المَدُّ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ:
يُقَال للتمرة إِنَّهَا لكثيرة اللحَاء وَهُوَ مَا كَسَا النواة.
واللحَاءُ قشر كل شيءٍ. وَقد لَحَوْتُ الْعود ألْحُوه وأَلْحَاهُ
إِذا قَشرْتَه. وَيُقَال لحاه الله أَي قشره وَمن أمثالِهم: لَا
تَدْخُلْ بَين الْعَصَا ولِحَائِها.
قَالَ أَبُو بكر بن الأنباريّ قَوْلهم لَحَا الله فلَانا مَعْنَاهُ
قَشَرَهُ الله وأهْلَكَه. وَمِنْه لَحَوْتُ العودَ لَحْواً إذَا
قشرته وَيُقَال لاَحَى فلانٌ فلَانا مُلاَحَاةً ولِحَاءً إِذا
استقْصى عليهِمْ، ويُحْكَى عَن الأصْمَعِيّ أَنه قَالَ:
المُلاَحاة: الملاومة والمُبَاغَضَةُ، ثمَّ كثُر ذَلِك حَتَّى
جُعِلتْ كُلُّ مُمَانعة ومدافَعة ملاحاةً، وَأنْشد:
ولاحَتِ الرَّاعِيَ من دُورِهَا
مخاضُها إلاّ صَفَايَا خُورِها
قَالَ: واللحَاءُ فِي غير هَذَا القِشْرُ وَمِنْه الْمثل لَا
تدخُلْ بَين العَصَا ولِحَائِها أَي قِشرها وَأنْشد:
(5/154)
لَحَوْتُ شَمّاساً كَمَا تُلْحَى العَصا
سَبّاً لَو آنَ السَّب يُدْمِي لدَمِي
قَالَ أَبُو عبيد: إِذَا أَرَادوا أَن صَاحِبَ الرجل موافقٌ لَهُ
لَا يُخَالِفُه فِي شَيْء قَالُوا: هما بَيْنَ الْعَصَا
ولِحَائِها.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال التحيت اللحاء ولَحَيتْهُ الْتِحَاءً
ولحْيَاً إِذا أخذتَ قشره. واللحاءُ مَمْدُودٌ المُلاَحَاة
كالسباب.
وَفِي حَدِيث النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه نهى عَن
مُلاَحَاةِ الرجَال، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
نُوَليهَا المَلاَمَةَ إِن أَلَمْنَا
إِذا مَا كَانَ مَغْثٌ أَو لِحَاءُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: لَحَوْتُ الْعَصَا ولَحَيْتُها، فأمَّا
لحيت الرَّجُلَ من اللّوم فبالياء لَا غير.
وَقَالَ اللَّيْث: اللحَاءُ اللعْنُ، واللحَاءُ العذْل،
واللَّوَاحِي العواذِلُ. قَالَ: واللُّحى مَقْصُور وَفِي لُغَة
اللحى جمع اللِّحْيَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لِحْيَةٌ وَجَمعهَا لِحى ولُحىً قَالَ
ولُحِيٌّ ولِحِيٌّ.
اللَّيْث رجل لِحْيَانِيُّ طَوِيل اللِّحْيَة وَبَنُو لِحْيان حَيّ
من هُذَيْل.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: اللحْيَانُ الخدود فِي الأَرْض ممّا خَدَّها
السَّيْلُ، الْوَاحِدَة لِحْيَانَةٌ: قَالَ: واللحْيَانُ الوشَلُ
والصُّدَيْعُ فِي الأَرْض يخِرّ فِيهِ المَاء، وَبِه سُميَتْ بَنُو
لِحْيَانَ، وَلَيْسَ بتثنية لِلّحى.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال رجل لَحْيَان إِذا كَانَ طويلَ
اللِّحْيَة، يُجْرَى فِي النكرةِ لِأَنَّهُ لَا يُقَال للأُنثى
لَحْيَا.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: النِّسْبَة إِلَى لَحْي الْأَسْنَان
لَحَوِيّ والتَّلَحي بالعمامة إدارة كُور مِنْهَا تَحت الحَنَكِ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بالتَّلَحي
وَنهى عَن الاقتعاط. وَيُقَال: أَلْحى يُلْحِي إِذا أَتَى مَا
يُلْحَى عَلَيْهِ. وألْحَتِ المرأةُ.
قَالَ رؤبة:
وابْتَكَرَتْ عَاذِلَةً لَا تُلْحِي
قَالَتْ وَلم تُلْحِ، وَكَانَت تُلْحِي
عليكَ سَيْبَ الخُلَفَاءِ البُجْحِ
لَا تُلْحِي أَي لَا تَأتي مَا تُلْحَى عَلَيْهِ حِين قَالَت
عَلَيْك سيْب الْخُلَفَاء، وَكَانَت تُلْحَى قبل ذَلِك حِين
تَأْمُرنِي بِأَن آتِي غير الْخُلَفَاء. وأَلْحَى العودُ إِذا آن
لَهُ أَن يُلْحَى قشره عَنهُ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم بلَحْي جَمَلٍ، وَهُوَ مَكَان بَين
مكّة وَالْمَدينَة.
حول، حيل: قَالَ اللَّيْث: الْحوْل: سنةٌ بأَسْرِها، تَقول حَال
الحَوْلُ، وَهُوَ يحول حَوْلاً وحُؤُولاً، وأحالَ الشيءُ إِذا
أَتَى عَلَيْهِ حول كَامِل، ودَارٌ مُحِيلَةٌ إِذا أَتَت عَلَيْهَا
أَحْوَالٌ ولغة أُخْرَى أَحْوَلَتْ الدَّار، وأَحْوَلَ الصبيُّ
إِذا تمّ لَهُ حول، فَهُوَ مُحْوِلٌ، وَمِنْه قَوْله:
فَأَلْهَيْتُها عَن ذِي تَمَائِمَ مُحْوِلِ
قَالَ: والحَوْلُ هُوَ الحيلَةُ، تَقول: مَا أَحول فلَانا،
وَإنَّهُ لذُو حِيلة، قَالَ والمحَالةُ الْحِيلَة نَفسهَا،
وَيَقُولُونَ فِي مَوضِع لَا بُد لَا محالةَ وَقَالَ النَّابِغَة:
وأنتَ بأمرٍ لَا مَحَالةَ واقِعُ
(5/155)
والاحتيال والمُحَاوَلَةُ مطالبتُك الشيءَ
بالحِيَل، وكل من رامَ أمرا بالحِيَلِ فقد حاوله، وَقَالَ لبيد:
أَلاَ تسأَلان المَرْء مَاذَا يُحَاوِلُ
وَرجل حُوَّلٌ ذُو حِيَلٍ، وَامْرَأَة حُوَّلةٌ. وَأَخْبرنِي
المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: سَمِعت
أَعْرَابياً من بني سُلَيم ينشد:
فإنَّها حِيَلُ الشّيطانِ يَحْتَئِل
قَالَ وَغَيره من بني سُلَيم يَقُول: يحتال بِغَيْرِ هَمْزٍ قَالَ
وأنشدني بَعضهم:
يَا دَارَ مَيَّ بِدَكَادِيكِ البُرَقْ
سَقْياً وإِنْ هَيَّجت شَوْقَ المُشْتَئِقْ
وَغَيره يَقُول المشتاق وَرجل مِحْوالٌ كثيرُ مُحالِ الْكَلَام
والمحال من الْكَلَام مَا حُول عَن وجْهِه، وَكَلَام مسْتَحِيلٌ
مُحَالٌ. وَأَرْض مستَحَالَةٌ تُرِكت حَوْلاً وأَحْوالاً عَن
الزِّرَاعَة. والقوس المُسْتَحَالَةُ الَّتِي فِي سِيَتِهَا اعوجاج
ورِجْلٌ مستحَالَةٌ إِذا كَانَ طرفَا الساقيْنِ مِنْهَا
مُعْوَجَّين، وكل شَيْء اسْتَحَالَ عَن الاستواءِ إِلَى العِوَجِ
يُقَال لَهُ مستحيلٌ.
قَالَ والحَوْل اسْم يجمع الحَوَالَيْ. تَقول حوالي الدَّار
كَأَنَّهَا فِي الأَصْل حوالَيْنِ، كَقَوْلِك جانِبَيْنِ فَأسْقطت
النُّون وأضيفت كَقَوْلِك: ذُو مالٍ وأولو مالٍ. قلت: الْعَرَب
تَقول رَأَيْت النَّاس حَوْلَه وحَوَالَيْه وحَوَاله وحَوْلَيْه.
فَحَوالَه وُحْدَانُ حَواليْه، وأمّا حَوْليه فَهُوَ تَثْنِيَة
حَوْلَةُ وَقَالَ الرّاجز:
ماءٌ رَوَاءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ
هَذَا مَقَامٌ لَكَ حَتَّى تِئْبَيْهْ
الْمَعْنى تأْبَاهُ. وَمثل قَوْلهم حَوَالَيْكَ دَوَالَيْك
وحَجَازَيْكَ وحنَانَيْك.
وَقَالَ اللَّيْث الحِوَالُ المُحَاوَلَةُ. حَاوَلْته حِوَالاً
ومُحاوَلَةً، أَي طالبْتُ بالحيلة.
قَالَ: والحِوَالُ كُلُّ شيءٍ حالَ بَين اثْنَيْنِ. يُقَال هَذَا
حِوَال بَيْنِهِمَا أَي حائِلٌ بَيْنِهِما. فالحاجِز والحِجاز
والحِوَلُ يجْرِي مَجْرى التَّحْويل. تَقول: حُولُوا عَنْهَا
تحويلاً وحِوَلاً. قلت: فالتَّحْوِيلُ مصدر حقيقيّ من حوّلْتُ.
والحِوَل اسْم يقوم مَقَامَ الْمصدر.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} (الْكَهْف:
108) أَي تحويلاً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} أَي
لَا يُرِيدُونَ عَنْهَا تَحوُّلاً. يُقَال: قد حَال من مَكَانَهُ
حِوَلاً كَمَا قَالُوا فِي المصادر صَفُر صِفَراً وعادني حُبُّها
عِوَاداً.
قَالَ وَقد قيل إِن الحِوَل الحِيلَةُ فَيكون على هَذَا الْمَعْنى:
لَا يَحْتَالُون مَنْزِلاً غَيْرَهَا.
قَالَ: وقرىء قولُه جلّ وعزّ: {دِينًا قِيَمًا} (الأنعَام: 161)
وَلم يقل قِوَماً، مثل قَوْله {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً}
لِأَن قِيمَاً من قَوْلك قَامَ قيمًا كَأَنَّهُ بني على قَوُم أَو
قَوَم فَلَمَّا اعتلّ فَصَارَ قَام اعتَل (قِيمَ) وَأما حِوَل
فَهُوَ على أَنه جارٍ على غير فعل. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الأعرابيّ فِي قَوْله: {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} قَالَ
تحويلاً وَقَالَ أَبُو زيد:
(5/156)
حُلْتُ بَينه وَبَين الشَّرّ أَحُول أشدّ
الحَوْلِ والمَحَالَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: حالَ الشَّيْء بَين الشَّيْئَيْنِ يحول حَوْلاً
وتحويلاً. وَحَال الشيءُ نفسهُ يَحُول حُؤُولاً بمعنيين: يكون
تغيُّراً وَيكون تَحْوِيلاً، وَقَالَ النَّابِغَة:
وَلَا يحولُ عطاءُ اليَوْمِ دُونَ غَدِ
أَي لَا يحول عَطاؤه الْيَوْم دون عَطاء غَد. قَالَ: والحائل
الْمُتَغَيّر اللَّوْنِ، ورمادٌ حائلٌ، ونبات حَائِل. وَقَالَ
اللحيانيّ: يُقَال: حُلت بَينه وَبَين مَا يُرِيد حَوْلا وحُؤُولا.
وَيُقَال: بيني وَبَيْنك حَائِل وحُؤُولة أَي: شيْءٌ حَائِل.
وَحَال عَلَيْهِ الحوْلُ يحول حَوْلاً وحُؤُولاً. وأحال اللَّهُ
عَلَيْهِ الحَوْلَ إِحَالَة. وأحالَت الدّارُ أَي أَتَى عَلَيْهَا
حَوْلٌ. وَيُقَال: إِن هَذَا لَمِنْ حُولَةِ الدَّهْر وحُولاَءِ
الدَّهْر وحَوَلان الدَّهْر وحِوَل الدَّهْر، وَأنْشد:
ومِنْ حِوَلِ الأيَّامِ والدهر أَنه
حَصِيْنٌ يُحيَّا بِالسَّلَامِ ويُحْجَبُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: حُلْتُ فِي متن الْفرس أَحُول حُؤُولاً
إِذا ركبْتَه. وَقد حَال الشخْصُ يحول إِذا تحرّك. وَكَذَلِكَ كلّ
متحولٍ عَن حالِه، وَمِنْه قيل: استَحَلْتُ الشخصَ نظرتُ هَل
يتحرَّكُ. وَأَخْبرنِي المنذريُّ أَنه سَأَلَ أَبَا الْهَيْثَم عَن
تَفْسِير قَوْله: لَا حولَ وَلَا قوةَ إِلَّا بِاللَّه، فَقَالَ:
الحَوْلُ الحَرَكَةُ، يُقَال حالَ الشَّخْص إِذا تَحرَّك فكأنّ
الْقَائِل إِذا قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة، يَقُول: لَا حركَةَ
وَلَا استِطَاعَةَ إِلَّا بمشيئةِ الله.
الأصمعيّ: حَالَت النَّاقَةُ فَهِي تَحُولُ حِيَالاً إِذا لم
تحْمِل، وناقَةٌ حَائِل، ونوق حِيَالٌ وحُولٌ وَقد حَالَتْ
حُوَالاً وحُولاً، وَأنْشد بيتَ أَوْسٍ:
لَقِحْنَ على حُولٍ وصَادَفْنَ سَلْوَةً
مِنَ العَيْشِ حَتَّى كُلُّهنَّ يُمَنَّع
وأحال فلانٌ إِبِلَه الْعَامَ إِذا لم يَضْرِبْهَا الفَحْلُ.
وَالنَّاس مُحيلون إِذا حَالَتْ إِبِلُهم. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة:
لكل ذِي إبل كَفْأَتَانِ، أَي قِطْعَتَانِ، يقطعُها قِطْعَتَيْنِ
فتُنْتَجُ قِطْعَةٌ عَاماً وتحولُ القِطعَةُ الْأُخْرَى،
فَيُرَاوِح بَينهمَا فِي النّتاج؛ فَإِذا كَانَ العامُ المُقْبل
نَتَجَ القطعةَ الَّتِي حالَتْ، فَكل قطعةٍ نَتَجَها فَهِيَ
كَفْأَةٌ؛ لِأَنَّهَا تهْلك إِن نتجها كُلُّ عَام. ورجلٌ حَائِل
اللَّوْن إِذا كَانَ أسودَ متغيراً.
اللحيانيّ: يُقَال للرجل إِذا تحوّل من مكانٍ إِلَى مَكَان، أَو
تحوَّل على رَجُلٍ بدَرَاهِمَ حَالَ وَهُوَ يَحُول حَوْلا.
وَيُقَال: أَحلْتُ فلَانا على فلَان بِدَرَاهِم أُحيله إِحالةً
وإحالاً، فَإِذا ذكرت فِعْلَ الرجلِ قلتَ حَال يَحُول حَوْلا،
واحْتَال احتِيَالاً إِذا تحوَّل هُوَ من نَفسه.
قَالَ: وحالت الناقةُ والفرسُ والنخلةُ والمرأةُ والشاةُ وغيرُها:
إِذا لم تحملْ. وناقة حائلٌ ونُوق حوائِل وحُولٌ وحُولَلٌ.
وَقَالَ بعضُهم: هِيَ حائِل حُولٍ وأَحْوالٍ وحُولَلٍ أَي حائِل
أعوامٍ.
وَيُقَال إِذا وضعت النَّاقة: إِن كَانَ ذكرا سمّي سَقْباً وَإِن
كَانَت أُنْثَى فَهِيَ حائِلٌ.
(5/157)
قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال لَا حولَ
وَلَا قوةَ إلاّ بِاللَّه، وَلَا حَيْلَ وَلَا قوّة إِلَّا
بِاللَّه، وَحكى مَا أَحْيَلَه وأَحْوَلَه من الحِيلَة.
وَيُقَال تحوّل الرجلُ واحْتَال إِذا طلب الحِيلَة. وَمن أمثالهم:
مَنْ كانَ ذَا حيلةٍ تَحَوّل.
وَيُقَال: هَذَا أَحْوُل من ذئْبٍ، من الحِيلة، وَهُوَ أَحول من
أَبِي بَرَاقِن، وَهُوَ طائرٌ يتلوَّنُ ألواناً. وأحْوَلُ من أَبِي
قَلَمُون وَهُوَ ثوب يتلَوَّن ألواناً. وَفِي دعاءٍ يرويهِ ابْن
عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمّ ذَا
الحَيْلِ الشَّديد) ، والمحدثون يَرْوُونَه (ذَا الحَبْلِ)
بِالْبَاء، وَالصَّوَاب ذَا الحَيْلِ بِالْيَاءِ أَي ذَا القوَّة.
قَالَ اللحيانيُّ: يُقَال إِنَّه لشديدُ الحَيْلٍ أَي القُوَّة.
قَالَ: وَيُقَال: لَا حِيلَة وَلَا احتيالَ وَلَا مَحَالَةَ وَلَا
مَحِلّة.
وَيُقَال: حالَ فلَان عَن الْعَهْد يحول حَوْلاً وحُؤُولاً، أَي
زَالَ وحالَ عَن ظهر دابَّته يحول حَوْلاً وحُؤُولاً أَي زَالَ
وَمَال.
وَيُقَال أَيْضاً: حَال فِي ظهرِ دابَّتِه وأحال، لُغَتَانِ إِذا
اسْتَوَى فِي ظهر دَابَّته، وَكَلَام الْعَرَب حالَ على ظَهره
وأحالَ فِي ظَهره، وَقَول ذِي الرمة:
أَمِنْ أَجْلِ دارٍ صَيَّرَ البينُ أهْلَها
أَيَادِي سَبَا بَعْدِي وطالَ احْتِيَالُها
يَقُول احتالتْ من أَهلِها لم ينزل بهَا حَوْلاً. أَبُو عبيد حَالَ
الرجل يَحُول مثل تَحَوَّل من مَوضِع إِلَى مَوضِع.
اللَّيْثُ لغةُ تَمِيمٍ حَالَتْ عَلَيْهِ تَحَال حَوَلاً، وغيرهُم
يَقُول حَوِلت عينهُ تَحْوَل حَوَلاً، وَهُوَ إقبالُ الحَدَقة على
الأنْفِ، قَالَ وَإِذا كَانَ الحَوَلُ يحدُث وَيذْهب قيل: احولَّتْ
عينه احْولالاً واحْوالَّتْ احوِيلالاً.
أَبُو عبيد عَن الأَصمعيّ: مَا أَحْسَنَ حَالَ مَتْنِ الفَرس
وَهُوَ مَوضِع اللبد.
أَبُو عَمْرو: الْحَال الكارة الَّتِي يحملهَا الرجل على ظَهره
يُقَال مِنْهُ تحولت حَالا قَالَ أَبُو عبيد الْحَال أَيْضا العجلة
الَّتِي يدِبّ عَلَيْهَا الصبيّ وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن حسّان
الأنصاريّ:
مَا زَالَ يَنْمِي جَدّه صَاعِداً
مُنْذُ لَدُنْ فَارَقَهُ الحَالُ
قَالَ وَالْحَال الطينُ الأسودُ. وَفِي الحَدِيث أَن جِبْرِيل لما
قَالَ فِرْعَوْن {ءَامَنتُ أَنَّهُ لَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلِاهَ إِلاَّ الَّذِىءَامَنَتْ بِهِ بَنو صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِسْرَاءِيلَ} (يُونس: 90) أَخذ من حَال الْبَحْر
وَطِينِه فألقمه فَاه. اللحياني: حَالُ فلانٍ حسنَةٌ وحَسَنٌ
والواحدة حالَةٌ.
يُقَال: هُوَ بحالةِ سوءٍ، فَمن ذكّر الْحَال جمعه أَحْوَالاً،
وَمن أنّثهَا جمعهَا حالاَتٍ.
قَالَ: وَيُقَال حالُ مَتْنِه وحَاذُ مَتْنِه، وَهُوَ الظَّهْر
بِعَيْنِه.
قَالَ اللَّيْث: وَالْحَال الْوَقْت الَّذِي أَنْتَ فِيهِ. ثَعْلَب
عَن ابْن الأعرابيّ حالُ الرجل امرأتهُ. قَالَ: والحالُ الرماد
والحارّ، والحالُ لحم المَتْن، وَالْحَال الحَمْأَةُ، وَالْحَال
الكارَةُ، يُقَال تحوّلْتُ حَالا على
(5/158)
ظَهْري إِذا حملتَ كارةً من ثِيَاب
وَغَيرهَا. وَجمع الْأَحول حُولاَنٌ. والحَوِيلُ الحِيلَةُ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أحَال عَلَيْهِ بِالسَّوْطِ يضْرِبُه.
وأحالَتْ الدَّارُ وأحْوَلَتْ: أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ. وأحْوَلْتُ
أَنا بِالْمَكَانِ وأَحَلْتُ أَقمت حولا. الأصمعيّ: أحلّت عَلَيْهِ
بالْكلَام أَي أَقبلت عَلَيْهِ، وأَحَال الذئْبُ على الدَّم أَي
أقبل عَلَيْهِ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: حَالَ صَبوحُهم على
غَبوقِهم، معنَاه أَنَّ الْقَوْم افْتَقَرُوا فَقَلَّ لَبَنُهم
فَصَارَ صَبوحُهم وغَبوقهم وَاحِدًا.
وَحَال مَعْنَاهُ انصبّ، حَال الماءُ على الأَرْض يَحُول عَلَيْهَا
حَوْلاً وأَحَلْتُه أنَا عَلَيْهَا إِحَالَة أَي صببتُه، كتبتُه
عَن الْمُنْذِرِيّ عَن أَصْحَابه، وأحلْتُ الماءَ فِي الجَدْولِ
أَي صببتُه، قَالَ لبيد:
كأَنَّ دموعَهُ غَرْبَا سُنَاةٍ
يُحِيلُونَ السجَالَ على السجَالِ
أَي يَصُبّون. وَقَالَ الفرزدق:
فَكَانَ كذِئْبِ السُّوءِ لَمَّا رأى دَماً
بصاحِبهِ يَوْمًا أَحالَ على الدَّمِ
اللّحيانيّ: امرأةٌ مُحِيلٌ ومُحْوِلٌ ومُحَولٌ إِذا ولدَت غُلاماً
على إثْرِ جاريةٍ أَو جَارِيَة على إِثْر غلامٍ. قَالَ وَيُقَال
لَهَا العَكُوم أَيْضا إِذا حملت عامَاً ذكرا وعاماً أُنثى.
أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أكْتَبَ ابْنَه؛ يُقَال للْقَوْم إِذا
أَمْحَلُوا فقلّ لبنُهم: حَال صَبُوحُهم على غَبُوقهم، أَي صَار
صَبُوحُهم وغَبُوقهم وَاحِدًا. وَحَال بِمَعْنى انصبّ. حَال المَاء
على الأَرْض يحول عَلَيْهَا حَوَلاً وأحلّته إِحَالَة أَي صببتُه.
وَيُقَال أحلْتُ الْكَلَام أُحيله إِحَالَة إِذا أفسدتَه.
وروى ابنُ شُمَيْل عَن الْخَلِيل بن أَحْمد أَنه قَالَ: المُحَال
كلامٌ لغير شيءٍ، والمستقيمُ كلامٌ لشَيْء، والغلط كَلَام لشَيْء
لم تُرِدْه واللغْوُ كلامٌ لشيءٍ لَيْسَ من شأنِك، وَالْكذب:
كَلَام لشَيْء تَغُرُّ بِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد المصَاحفّي: قرأته
على النَّضر للخليل.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَوّالَةُ إحالتك غريماً وتحوُّلُ مَاء من نهر
إِلَى نهر. قلت: وَيُقَال: أحَلْتُ فلَانا بِالْمَالِ الّذي لَهُ
عليّ وَهُوَ مائَةُ درْهَم على رجل آخر لي عَلَيْهِ مائَةُ
دِرْهَم، أُحيلُه إحَالَةً فاحْتَال بهَا عَلَيْهِ وضَمِنهَا لَهُ،
وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَإِذا أُحِيلَ
أَحَدُكم على مَلِيءٍ فليحْتَلْ) قَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: للَّذي
يُحال عَلَيْه بِالْحَقِّ حَيل، وللذي يقبل الحَوَالة حَيلٌ، وهما
الحيلان، كَمَا يُقَال البيعان. وَيُقَال إِنَّه لَيتحوَّل أَي
يجيءُ ويذهبُ، وَهُوَ الحَوَلاَنُ، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ:
قَالَ الحُول والحُوّل الدَّوَاهِي وَهِي جمع حُولة ابْن السّكيت
عَن الأصمعيّ: جَاءَ بِأَمْر حُولَةٍ. من الحُوَل أَي بأمرٍ مُنكر
عجب.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال للرجل الدّاهية إِنه لحُولَةٌ من
الحُوَل، تسمى الداهيةُ نفسُها حُولةً.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَمِنْ حُوْلَةِ الأيَّامِ يَا أُمَّ خَالدٍ
لَنَا غَنَمٌ مَرْعِيَّةٌ وَلنَا بَقَر
(5/159)
وَيُقَال لِلمُحتَالِ من الرِّجَال إِنه
لحُولَةٌ وحُوَّلة وحُوَلٌ وحُوَّلٌ قُلّب. وأَرْضٌ محتَالَةٌ،
إِذا لم يُصِبْها المطرُ. وَمَا أَحْسَنَ حَوِيلَه. قَالَ
الأصمعيّ: أَي مَا أَحْسَنَ مَذْهَبَه الَّذِي يُرِيد وَيُقَال:
مَا أَضْعَفَ حَوَلَه، وحويله وحيلته، وَيُقَال مَا أقبح حولته،
وَقد حَوِل حَوَلاً صَحِيحا. شَمِرٌ: حَوّلت المَجَرَّةُ: صَارَت
فِي شدَّة الحرّ وسط السَّمَاء، قَالَ ذُو الرُّمَّة:
وَشُعْثٍ يَشَجُّونَ الفَلاَ فِي رؤوسه
إِذا حوَّلَتْ أُمُّ النّجومِ الشَّواَبِكُ
قلت: وحوَّلَتْ بِمَعْنى تحوّلت، وَمثله ولّى بِمَعْنى تولّى.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِيْلانُ هِيَ: الحدائد بِخُشبِها يُدَاسُ
بهَا الكُدْس. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ عَن أبي المكارم قَالَ
الْحَيْلَةُ وَعْلةٌ تَخُرُّ من رَأس الجَبَلِ، رَوَاهُ بِضَم
الخاءِ، إِلَى أَسْفَله، ثمَّ تخُرُّ أُخْرَى ثمَّ أُخْرَى، فَإِذا
اجْتمعت الوَعَلاتُ فَهِيَ الْحَيْلةُ. قَالَ: والوَعَلاتُ صخراتٌ
ينْحَدِرْن من رأْس الجبلِ إِلَى أسفَلِه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْحَيْلةُ الْجَمَاعَة من المِعْزى أَبُو
عبيد عَن أبي زيد: الحُوَلاَءُ المَاء الَّذِي فِي السلى، وَقَالَ
ابْن شُمَيْل الْحُولاء مضمنةٌ لما يخرُج من جَوف الولَدِ وَهِي
فِيهَا، وَهِي أَعْقَاؤُه الْوَاحِدَة عِقْيٌ وَهُوَ شَيْء يَخْرُج
من دبره وَهُوَ فِي بطن أمه، بعضه أسود وَبَعضه أصفر وَبَعضه
أَحْمَر. وَقَالَ الكسائيُّ: سمعتهم يَقُولُونَ هُوَ رجل لَا
حُولَةَ لَهُ يُريدون لَا حِيلَة لَهُ وَأنْشد:
لَهُ حُولَةٌ فِي مَحل أَمْرٍ أَرَاغَهُ
يُقَضي بِها الأَمْرَ الَّذِي كادَ صاحِبُه
وَقَالَ الفرّاء: سَمِعت أَنا إِنَّه لشديد الحيْل. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: مَا لَهُ لَا شَدَّ اللَّهُ حيْلَه يُرِيدُونَ
حِيلَتَه وقوّته. أَبُو زيد: فلَان على حَوَلِ فلَان إِذا كَانَ
مثلَه فِي السن أَو وُلِدَ على إثره. قَالَ: وَسمعت أَعْرَابِيًا
يَقُول جمل حَوْلِيٌّ إِذا أَتَى عَلَيْهِ حَوْلٌ وجمال حَوَالِيُّ
بِغَيْر تَنْوِين وحواليَّة ومُهْرٌ حَوْلِيٌّ ومِهارة حَوْليَّات
أَتَى عَلَيْهَا حول.
المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: بَنو مُحوّلة
هم بَنو عبد الله بن غطفانَ، وَكَانَ اسمهُ عبدَ العُزَّى، فسمّاه
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبدَ الله فسمُّوا بني
مُحَوَّلة. قَالَ وَالْعرب تَقول: مِنَ الْحِيلَة تَركُ الحِيلة،
وَمن الحذر تَرك الحذر. وَقَالَ: مَا لَهُ حيلةٌ وَلَا حَوَلٌ
وَلَا مَحَالةَ وَلَا حَويل وَلَا حِيلْ وَلَا حَيْلٌ وَقَالَ:
الحيْل الْقُوَّة.
لوح ليح: قَالَ اللَّيْث: اللَّوْحُ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظ،
صفِيحَة من صَفَائِح الْخشب والكتِف إِذا كُتِبَ عَلَيْهِ سُمّي
لَوْحاً، وألواحُ الْجَسَد عِظَامه مَا خَلا قصبَ الْيَدَيْنِ أَو
الرجلَيْن، وَيُقَال بل الألواح من الْجَسَد كلُّ عَظْمٍ فِيهِ
عِرَضٌ واللَّوحُ العطشُ وَقَالَهُ أَبُو زيدٍ، وَقد لاَحَ يَلُوحُ
إِذا عطِش.
وَقَالَ الليثُ: لاحَهُ العطَشُ ولوَّحه إِذا غيَّره، والْتَاحَ
الرجلُ إِذا عطِش. ولاحه البَرْدُ ولاحَه السُّقْمُ والحُزْن،
وَأنْشد غَيره:
وَلم يَلُحْها حَزَنٌ على ابنِمٍ
وَلَا أَبٍ وَلَا أخٍ فَتَسْهُمِ
(5/160)
واللَّوح: النظْرَةُ كاللمحة، تَقول:
لُحْتُهُ بِبَصرِي إِذا رأيتَه لَوْحَةً ثمَّ خَفِي عَلَيْك.
وَأنْشد:
وَهل تَنْفَعني لَوْحَةٌ لَوْ أَلُوحُها
وَيُقَال للشَّيْء إِذا تلأْلأَ: لاحَ يَلُوح لَوْحاً ولُوحاً،
والشيب يَلُوح، وَأنْشد للأعشى:
فَلَئِنْ لاَحَ فِي الذُّؤَابَةِ شَيْبٌ
بالبَكْرِ وأَنْكَرَتْنِي الغَوَانِي
قَالَ واللُّوحُ الْهَوَاء، وَأنْشد:
يَنْصَبُّ فِي اللُّوحِ فَمَا يَفُوتُ
قَالَ وَيُقَال أَلاَحَ البرقُ فَهُوَ مُلِحٌ وَأنْشد:
رأيتُ وأَهْلِي بِوَادِي الرَّجِيع
مِنْ نحوِ قَيْلَةَ بَرْقاً مُلِيحاً
قَالَ: وكلُّ من لَمعَ بِشَيْء فقد أَلاَح ولَوّح بِهِ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال أَلاَحَ من ذلكَ الأمْرِ
إِذا أشْفَق مِنْهُ يُليحُ إلاحة، قَالَ وأنشدنا أَبُو عَمْرو:
إِنَّ دُلَيْماً قد أَلاحَ بِعَشِي
وَقَالَ أَنْزِلْنِي فَلَا إِيضَاعَ بِي
وَأنْشد:
يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواط
مُحْتَجِز بخَلَق شِمْطَاط
قَالَ وَيُقَال: أَلاَحَ بحقّي إِذا ذهب بِهِ. وَيُقَال: لاَحَ
السيفُ والبَرْقُ يلوح لَوْحاً.
أَبُو عبيد لاَح الرجلُ وأَلاحَ فَهُوَ لاَئِح ومُلِيحٌ أَي بَرَزَ
وظَهَرَ. وَقَالَ الزّجّاجُ فِي قَول اللَّهِ جلّ وعزّ: {ُِتَذَرُ
لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} (المدَّثر: 29) أَي تُحْرِقُ الجلْدَ
حَتَّى تسوده، يُقَال لاَحه ولَوَّحَه.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ سَمِعت ابْن الأَعرابي
يَقُول: أَبيض لِيَاحٌ ولَيَاحٌ وأبيض يَقَقٌ ويَلَقٌ. قَالَ:
ولُحْتُ إِلَى كَذَا أَلُوحُ إِذا نظرتَ إِلَى نَارٍ بعيدَة، قَالَ
الْأَعْشَى:
لَعَمْرِي لقد لاحَتْ عُيونٌ كثيرةٌ
إِلَى ضَوْءِ نارٍ فِي يَفَاعٍ تَحَرَّقُ
أَي نَظَرَتْ. وَكَانَ لِحَمْزَة بن عبد الْمطلب سيف يُقَال لَهُ
لِيَاحٌ. وَمِنْه قَول:
قد ذاقَ عُثمانُ يومَ الجَر من أحدٍ
وَقْعَ الَّلياحِ فَأَوْدَى وَهُوَ مَذْمُومُ
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّياح الثور الوحْشِيُّ. والصبحُ يُقَال لَهُ
لِيَاحٌ. ابْن السّكيت يُقَال لَاحَ سُهَيْل إِذا بدا وألاح إِذا
تلألأ.
وَقَالَ الليثُ المِلْوَاحُ الضامِرُ وَأنْشد:
من كل شَقَاءِ النَّسا مِلْوَاحِ
قَالَ: والمِلْوَاحُ العَطْشانُ، والمِلوَاحُ أَن تَعْمِد إِلَى
بُومة فتخيطَ عينَها وتشدَّ فِي رِجْلها صوفَةً سوداءَ وتجعلَ لَهُ
مَرْبأة ويَرْتَبِىءُ الصَّائِد فِي القُتْرَة ويطيّرها سَاعَة بعد
سَاعَة، فَإِذا رَآهَا الصقرُ أَو البازِي سَقَط عَلَيْهَا
فأخَذَهُ الصيَّادُ. فالبومَةُ وَمَا يَليهَا يُسمى مِلْوَاحاً.
غَيره: بَعِيرٌ مِلْوَاحٌ عَظِيم الألْوَاحِ، وَرجل مِلْوَاحٌ
كَذَلِك، وامرأةٌ مِلْوَاحٌ ودابَّةٌ مِلْوَاحٌ إِذا كَانَ سريعَ
الضُّمْرِ. أَبُو عُبَيْدٍ: لاحَ البَرْقُ أَولاَحَ إِذا أَوْمَضَ.
قَالَ والمِلوَاحُ من الدوابّ السَّرِيع العطَش.
وَقَالَ شَمِر وَأَبُو الْهَيْثَم: هُوَ الجيّدُ الألْواح
الْعظِيمُها، وَقيل: ألْواحُه ذِرَاعَاه وساقَاهُ وعَضُدَاه.
(5/161)
وَحل: اللَّيْث: الوَحَلُ طينٌ يرتطم فِيهِ
الدَّوَابّ يُقَال: وحِلَ فِيهِ يَوحَل وحَلاً فَهُوَ وحِلٌ إِذا
وَقع فِي الوحَل والجميع الأوْحَالُ والوُحُول، قد استَوْحَلَ
الْمَكَان.
ولح: اللَّيْث: الوَلِيحَةُ الضَّخْمُ من الجُوَالِق الوَاسِع،
والجميع الوَلِيحُ. وَقَالَ أَبُو عبيد: الولِيح الجُوالق وَهُوَ
واحدٌ، والولائح الجَوالق، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
يُضِيءُ رَبَاباً كَدُهْمِ المخا
ضِ جُللْنَ فوقَ الوَلايا الوَلِيحَا
(بَاب الحَاء وَالنُّون)
(ح ن (وايء))
حنا، حنأ، حَان، نحا، ناح، أنح، أحن، وحن، نيح: مستعملات.
حنا: قَالَ اللَّيْث: الحِنْوُ كل شيءٍ فِيهِ اعْوِجَاجٌ، والجميع
الأَحْنَاءُ. تَقول: حِنْو الحِجَاجِ، وحنْوُ الأضْلاعِ،
وَكَذَلِكَ فِي الإكاف والقَتَب والسَّرْجِ والجبالِ والأوْدِيةِ
كلُّ منعرَجٍ، واعْوِجاجٍ فَهُوَ حِنْوٌ. وحَنْوتُ الشيءَ حَنْواً
وحَنْياً، إِذا عطفْتَه. والانحِنَاء الْفِعْل اللازمُ، وَكَذَلِكَ
التحنّي والمحْنِيَةُ مُنْحَنَى الْوَادي حَيْثُ ينْعَرِج منخفضاً
عَن السَّنَد. وَقَالَ فِي رجل فِي ظَهره انحناء: إِن فِيهِ
لَحِنَايَةً يهوديَّةً.
وَقَالَ شمر: الحِنْوُ والحِجَاجُ العظْمُ الَّذِي تَحت الْحَاجِب
من الْإِنْسَان وَأنْشد لجرير:
وجُوهُ مُجاشِعٍ تَرَكُوا لَقِيطاً
وَقَالُوا حِنْوَ عَيْنِكَ والغُرَابا
يُرِيد قَالُوا لَهُ: احذرْ حِنْو عَيْنِك لَا ينقرهُ الغُرَابُ
وَهَذَا تهكُّمٌ. والمَحْنِية العُلْبَةُ، وَقيل: أحناءُ الأمورِ
أطرافُها وَنَواحيها، وحِنْو الْعين طَرَفُها، وَقَالَ الْكُمَيْت:
وآلُوا الأُمورَ وأَحْنَاءَها
فَلم يُبْهِلُوها وَلم يُهْمِلوا
أَي ساسوها وَلم يضيعوها. والحَنِيَّة الْقوس، وَجَمعهَا حَنَايَا
والحُنِيُّ جمع الحِنْو، وأحنَاءُ الْأُمُور مُشْتَبهاتُها،
وَقَالَ النَّابِغَة:
يُقَسمُ أَحْناءَ الأُمورِ فَهارِبٌ
شَاصٍ عَن الحرْب العَوَانِ وَدَائِنُ
والأُمُّ البَرَّة حانِيَةٌ، وَقد حنت على وَلَدِهَا تَحْنُو.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن أبي زيد: يُقَال للْمَرْأَة الَّتِي تُقِيمُ
على وَلَدِها وَلَا تتزوَّج: قد حنَتْ عَلَيْهِم تحنُو فَهِيَ
حانِيَةٌ وَإِن تزوَّجَت بعده فَلَيْسَتْ بِحَانية. وَرُوِيَ عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: إِنِّي وسفعَاءَ
الخدَّين الحانيةَ على وَلَدهَا يومَ الْقِيَامَة كهاتين،
وَأَشَارَ بالوسطى والمسبحة.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أمكنت الشاةُ الكبشَ يُقَال حَنَتْ فَهِيَ
حانِيَةٌ، وَذَلِكَ من شدّة صِرَافها. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ:
إِذا أَرادت الشاةُ الفحلَ، فَهِيَ حَانٍ بِغَيْر هَاء، وَقد حنَتْ
تحنو. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تحنَّنْتُ عَلَيْهِ أَي رقَقْتُ
لَهُ وَرَحمته. وتحنّيْتُ أَي عطفت وَفِي الحَدِيث: (خيرُ نساءٍ
ركبن الإبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْش، أَحْنَاهُ على وَلدٍ فِي
صغره، وأرعَاه على زَوْج فِي ذاتِ يَده) .
(5/162)
وَقَالَ اللَّيْث: الحَانِي صاحبُ
الْحَانُوت. قلت: وَالتَّاء فِي الْحَانُوت زائِدَةٌ، وَيُقَال
حانَةٌ وحانُوتٌ، وصاحبها حَانٍ.
قَالَ الدينَوَرِي: ينْسب إِلَى الْحَانُوت حَانِيّ وحانَوِيّ
وَلَا يُقَال حانُوتِي. وَأنْشد الْفراء:
وكيفَ لنا بالشُّرْبِ إِنْ لم يكن لنا
دَوَانِيقُ عِنْد الحَانَوِي وَلَا نَقْدُ
وحِنْوُ الْعين طرفها، وَقَالَ جرير:
وَقَالُوا حِنْوَ عَيْنِكَ والغُرَابا
قلت: حِنو الْعين حجاجُها لَا طرفها، سمّي حِنْواً لانحنائه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَحْنَى على قرَابَته، وحنَى وحنَّى
ورَئم.
وَمن مَهْمُوز هَذَا الْبَاب:
حنأ: قَالَ اللَّيْث: حنَّأتُه إِذا خضبتُه بالحِنَّاء. وَقَالَ
أَبُو زيد: حنَأْتُه بالحِنَّاء تَحْنِئَةً وتحنيئاً. وَقَالَ
اللحيانيُّ: أخضرُ ناضرٌ وباقلٌ وحانِىءٌ والحِنَّاءَتَانِ رملتانِ
فِي ديار تمِيمٍ. قلت: وَرَأَيْت فِي دِيَارهمْ ركِيّة تُدعى
الحِنَّأَة، وَقد وردتها وَفِي مَائِهَا صُفْرَةٌ.
نحا: قَالَ اللَّيْث: النَّحْوُ القَصْدُ نَحْوَ الشَّيْء، نحوْتُ
نَحْوَ فلَان أَي قصدْتُ قصْدَه. قَالَ: وبَلَغَنَا أَنّ أَبَا
الْأسود وضع وُجُوهَ العربيَّةِ وَقَالَ للنَّاس: انْحُوا نَحْوَه
فَسُمي نَحْواً، وَيجمع النَّحْوُ أَنْحَاءً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: نحَا
نَحْوَه يَنْحُوه إِذا قصَدَه، ونحا الشيءَ يَنْحَاهُ ويَنْحُوه
إِذا حرَّفه، وَمِنْه سمّي النحويّ لِأَنَّهُ يحرفُ الْكَلَام
إِلَى وُجُوه الْإِعْرَاب. قَالَ: وأَنْحَى عَلَيْهِ وانْتَحى
عَلَيْهِ إِذا اعْتمد عَلَيْهِ. وَقَالَ شمر: انْتَحَى لي ذَلِك
الشيءُ إِذا اعْترض لَهُ وَاعْتَمدهُ، وَأنْشد للأخطل:
وأَهْجُرُك هِجْرَاناً جميلاً ويَنْتَحِي
لَنَا من لَيالِينا العَوَارِمِ أَوَّلُ
قَالَ ابنُ الأعرابيّ: يَنْتَحِي لنا أَي يعودُ لنا، والعوارِم
القِبَاحُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال نحَّيْتُ فلَانا فتنَحَّى، وَفِي لُغَة
نَحَيْتُه، وَأَنا أَنْحَاهُ نَحْياً، بِمَعْنَاهُ، وَأنْشد:
أَلاَ أَيُّهذَا الباخِعُ الوَجْدِ نَفْسَه
لِشَيءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ المَقَادِرُ
نحَتْهُ أَي باعدته، والنَّاحِيَةُ من كل شَيْء جَانِبه.
وَثَبت عَن أهل يُونَان فِيمَا يذكر المُتَرْجِمُون العارِفُون
بلسانهم ولغتِهم أَنَّهُم يسمون عِلْم الألفاظِ والعناية بالبحث
عَنهُ؛ فَيَقُولُونَ كانَ فُلانٌ من النحويّين، وَلذَلِك سميّ
يوحنا الإسكندرانيُّ يحيى النحويَّ للَّذي كَانَ حَصَلَ لَهُ من
الْمعرفَة بلغَة اليُونَانِ.
ابْن بُزُرْج: نَحَوْتُ الشَّيْء أَنْحُوه وأَنْحَاه قصدْتُه
ونَحَيْتُ عنّي الشَّيْء ونَحَوْتَه إِذا نحَّيْته وَأنْشد:
فَلم يبقَ إِلَّا أَنْ تَرَى فِي مَحَلةٍ
رَماداً نَحَتْ عَنهُ السُّيولَ جَنَادِلُهْ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: النُّحوَاءُ التمطّي. وَأَخْبرنِي
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابي أَنه أنْشدهُ:
(5/163)
وَفِي أَيْمَانِهِم بِيْضٌ رِقَاقٌ
كَبَاقِي السَّيْلِ أَصْبَحَ فِي المَنَاحِي
قَالَ المَنْحَاةُ: مسيل الماءِ إِذا كَانَ مُلْتَوِياً. وَقَالَ
أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو: المَنْحَاةُ مَا بَين البِئْرِ
إِلَى مُنْتَهى السانِيَةِ.
قَالَ الأزهريّ: المَنْحَاةُ مُنْتَهى مَذْهَبِ السَّانِيَة،
وَرُبَّمَا وُضِعَ عِنْده حَجَرٌ ليعلم قَائِد السانية أَنه
الْمُنْتَهى فيتيسَّر مُنْعَطفاً لِأَنَّهُ إِن جاوزَه تَقَطّع
الغَرْبُ وأَدَاته.
وَقَالَ اللَّيْث: النحْيُ جَرَّةٌ يُجعل فِيهَا اللَّبَنُ
ليُمْخَضَ، وَالْفِعْل مِنْهُ نَحَى اللَّبَنَ يَنْحَاهُ
وتَنَحَّاه أَي تمَخَّضه وَأنْشد:
فِي قَعْرِ نحْيٍ أستَثيرُ حُمّهْ
قَالَ: وَجمع النَّحْيِ أنحاءٌ.
قلت: والنحْيُ عِنْد الْعَرَب الزقُّ الَّذِي يُجْعَل فِيهِ
السَّمْن خاصّة. وَهَكَذَا قَالَ الأصمعيّ وَغَيره، وَمِنْه
قِصَّةُ ذاتِ النحْيَين، وَالْعرب تضرب بهَا المثَلَ، فتقولُ:
أَشْغَلُ مِنْ ذَات النَحْيَيْنِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ امْرَأَةٌ من تَيْمِ الله بن ثَعْلَبة،
وَكَانَت تبيع السَّمْنَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَأَتَاهَا خَوَّات بن
جُبَير يبْتَاع مِنْهَا سَمْناً فساومَها فحلّت نِحْياً ثمَّ آخر
فلَم يَرْضَ وأَعْجَلَهَا عَن شدّها نِحْيَيْها وساوَرَها فَقضى
حَاجته مِنْهَا، ثمَّ هرب، وَقَالَ:
وَذَاتِ عِيَالٍ واثِقِينَ بِعَقْلِها
خَلَجْتُ لَهَا جارَ اسْتِها خَلَجاتِ
وشَدَّتْ يَدَيْهَا إِذْ أَرَدْت خِلاَطَها
بِنِحْيَيْنِ من سَمْنٍ ذَوَيْ عُجُرَاتِ
قلت: وَالْعرب لَا تعرف النحْيَ غيرَ الزق، وَالَّذِي قَالَه
اللَّيْث أَنه الجَرَّةُ يُمخض اللَّبَنُ فِيهَا بَاطِلٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنْحَى ونَحَا وانْتَحَى اعْتمد على
الشّيْءِ. وَيُقَال: انْتَحَى لَهُ بِسَهْمٍ وأنْحَى عَلَيْهِ
بشَفْرَتِه ونَحَا لَهُ بِسَهْمٍ، ويقالُ فلَان نَحِيَّةُ
القَوَارِع إِذا كَانَت الشدائدُ تَنْتَحِيه وَأنْشد:
نَحِيَّةُ أَحْزَانٍ جَرَتْ مِنْ جُفُونِهِ
نضَاضَةُ دَمْعٍ مِثْلِ مَا دَمَع الوَشَلْ
نُضَاضَةُ دَمْع بقيّة الدُّمُوع، وبقيّةُ كل شَيْء نُضَاضَتُه.
وَيُقَال: استَخَذَ فُلانٌ فلَانا أُنْحِيَّةً أَي انْتَحى
عَلَيْهِ حَتَّى أَهْلَكَ مالَه أَو ضَرَّه، أَو جعل بِهِ شَرّاً.
وَأنْشد:
إنّي إِذا مَا القومُ كَانُوا أُنْحِيَةً
أَي انتحوْا على عملٍ يَعْمَلُونَهُ. قَالَ ذَلِك شَمِرٌ فِيمَا
قرأْتُ بخطّه.
وَقَالَ اللَّيْث: كل من جَدّ فِي أَمْرٍ فقد انْتَحَى فِيهِ
كالفرس يَنْتَحِي فِي عِدْوِه.
وَقَالَ اللحْيَانِيُّ: يُقَال للرجل إِذا مَال على أحَدِ شِقّيه
أَو انحنى فِي قوسه قد نَحَى وانتحى واجْتَنَح وجَنَح، وُضِعَا
بِمَعْنى وَاحِد وَيُقَال تنحى لَهُ بِمَعْنى نَحا لَه، وانْتَحى
لَهُ، وَأنْشد:
تَنَحَّى لَهُ عَمْروٌ فَشَكَّ ضُلُوعَه
بِمُدْرَنْفقِ الخَلْجَاءِ والنَّقْعُ سَاطِعُ
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنَّه رأى رَجُلاً ينْتَحِي فِي سُجُوده
فَقَالَ لَا تَشِينَنّ صُورَتك.
(5/164)
قَالَ شَمِرٌ: الانْتِحاءُ فِي السُّجُود
الاعتمادُ على الْجَبْهَة والأنفِ حَتَّى يُؤثر فيهمَا.
وَقَالَ الأصمعيّ: الانْتِحَاء فِي السّير الِاعْتِمَاد على
الْجَانِب الْأَيْسَر ثمَّ صَار الِاعْتِمَاد فِي كل وَجه. قَالَ
رؤبة:
مُنْتَحِياً مِنْ نَحْوِهِ على وَفَقْ
حَان: قَالَ اللَّيْث: الحَيْنُ الْهَلَاك، يُقَال: حَان يَحِينُ
حَيْناً، وكل شيءٍ لم يُوَفَّقْ للرشاد فقد حَان حيْناً. وَيُقَال:
حَيَّنَه الله فتحيّن، قَالَ: والحَائِنَةُ النَّازِلَةُ ذَات
الحَيْن، والجميع الحوائن وَقَالَ النَّابِغَة:
بِتَبْلٍ غَيْرِ مُطَّلَبٍ لَدَيْها
ولكنَّ الحَوَائِنَ قَدْ تَحِينُ
والحينُ وقْتٌ من الزَّمَان، يُقَال: حانَ أَن يكونَ ذَاك، وَهُوَ
يَحينُ، وَيجمع الأحْيَانَ ثمَّ تجمع الأَحيانُ أحايِينَ. قَالَ:
وحيَّنْتُ الشيءَ جعلتُ لَهُ حِيناً، قَالَ فَإِذا باعدوا بَين
الْوَقْت باعدُوا بإذٍ فَقَالُوا حِينَئذٍ، خفَّفوا هَمْزَةَ إِذٍ
فأبدلوها يَاء فكتبوه بِالْيَاءِ. قَالَ: والحين يَومُ
الْقِيَامَة. وَقَول الله جلّ وعزّ: {تُؤْتِى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} (إِبْرَاهِيم: 25) .
قَالَ الزّجاج: اختلفَ العلماءُ فِي تفسيرِ الحِين، فَقَالَ
بَعضهم: كُلَّ سنة، وَقَالَ قوم: سِتَّة أشْهُرٍ، وَقَالَ قوم:
غدْوَة وَعَشِيَّة، وَقَالَ آخَرُونَ: الحِينُ شهْرانِ، قَالَ:
وجميعُ من شَاهَدْنَاهُ من أَهْلِ اللُّغة يذهبُ إِلَى أَنَّ
الْحِين اسمٌ كالوقت يصلح لجَمِيع الأَزْمانِ كُلها، طالَتْ أَو
قَصُرَت. قَالَ: وَالْمعْنَى فِي قَوْله: {تُؤْتِى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} أَنه يُنتفعُ بهَا فِي كُل وقْتٍ
لَا يَنْقَطِع نَفَعُها الْبَتَّةَ، قَالَ: وَالدَّلِيل على أَن
الْحِين بِمَنْزِلَة الْوَقْتِ قولُ النَّابِغَة وأنشده
الْأَصْمَعِي:
تَنَاذَرَها الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سُمها
تُطَلقُه حِيناً وحِيناً تُراجِعُ
الْمَعْنى أَن السُّمَّ يَخِفُّ ألمه وقتا وَيعود وقتا، وَقَول
الله جلّ وعزَّ: {ُِلِّلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ
بَعْدَ حِينِ} (ص: 88) أَي بعد قيام الْقِيَامَة.
أَبُو عُبيدٍ عَن الأصمعيّ: التَّحْيِينُ أَن تُحْلَبَ الناقةُ فِي
اليَوْمِ والليلةِ مرّةً وَاحِدَة قَالَ: والتوجيبُ مِثْلُه،
وَقَالَ المخبَّل يصف إبِلا:
إِذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها
وإِنْ حُينَتْ أَرْبَى على الوَطْبِ حَيْنُها
ونحوَ ذَلِك قَالَ اللَّيْث: وَهُوَ كلامُ الْعَرَب. وإبل
مُحَيَّنة إذَا كَانَت لَا تُحْلَبُ فِي الْيَوْم واللَّيلة إِلَّا
مرّة وَاحِدَة، وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا بعد مَا تَشُولُ، ويقلُّ
أَلْبَانُها.
ابْن السكّيت عَن الفَرَّاء: هُوَ يَأْكُل الحِينَةَ، والحَيْنَة:
أَي وَجْبَةٌ فِي الْيَوْم لأهل الْحجاز يَعْنِي الفتَح. وَيُقَال:
حَان حِينهُ، وللنَّفْس قد حَان حِينُها إِذا هَلَكت، وَيُقَال
تحيَّنْتُ رُؤيَةَ فلانٍ أَي تنظَّرْتُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو أَحْيَنَت الْإِبِل إِذا حَان لهَا أَن
تُحْلَبَ أَو يُعكم عَلَيْهَا. وأَحْيَنَ القومُ، وَأنْشد:
كيفَ تنامُ بعدَ مَا أَحْيَنَّا
نوح: قَالَ اللَّيْث: النّوْحُ مصدر ناح يَنُوح نَوْحاً، وَيُقَال
نائحةٌ ذَات نِيَاحَةٍ ونَوَّاحةٌ ذَات مناحة، والمَنَاحَةُ أَيْضا
الاسمُ،
(5/165)
وَتجمع على المناحات والمناوح والنوائح
اسْم يَقع على النّساء يجتمِعْن فِي مناحة وتجتمع على الأنواح
قَالَ لبيد:
قُوما تجوبانِ مَعَ الأَنْوَاحِ
والنَّوَح: نَوْحُ الْحَمَامَة قَالَ: والرّياح إِذا اشْتَدَّ
هُبُوبها يُقَال قد تناوحت، وَمِنْه قَول لبيد يمدح قومه:
وَيُكَللُونَ إِذا الرياحُ تَنَاوَحَتْ
خُلُجاً تُمَدُّ شَوَارِعاً أَيْتَامُها
قلت: والرياحُ النُّكْبُ فِي الشتَاء هِيَ المُتنَاوحة، وَذَلِكَ
أَنَّهَا لَا تهُبّ من جِهَةٍ واحدةٍ وَلكنهَا تَهُبُّ من جِهَات
مُخْتَلِفة وَسميت متناوحة لمقابلة بَعْضهَا بَعْضًا، وَذَلِكَ فِي
السَّنة الجدبة وقلّة الأَنْدية، ويُبْس الْهَوَاء وَشدَّة البرْد.
والنوائح من النِّسَاء سمين نوائِحَ لمقابلة بَعضهنَّ بَعْضًا إِذا
نُحْنَ، وَقَالَ الكسائيّ فِي قَول الشَّاعِر:
لقد صَبَرَتْ حَنِيفَةُ صَبْرَ قَوْمٍ
كِرَامٍ تحتَ أَظْلاَلِ النَّوَاحِي
أَراد النَّوائح فَقلب وَعنى بهَا الراياتِ المتقابلات فِي
الحَرْبِ. قَالَ:
وَيُقَال هما جَبَلاَنِ يَتَنَاوَحان، وشجرتان تتَنَاوحان إِذا
كَانَتَا متقابِلَتين، وَأنْشد غَيره:
كأنكَ سكرانٌ يَمِيلُ برأسِهِ
مُجَاجَةُ زِقَ، شَرْبُها مُتَنَاوِحُ
أَي يُقَابِلُ بعضُهم بَعْضاً عِنْد شرْبِها، وَقيل أَرَادَ بقوله
تَحت أظلال النواحي السيوفَ.
أنح: قَالَ اللَّيْث: أَنَحَ يَأْنِحُ أَنِيحاً إِذا تأذّى من
مَرَضٍ أَوْ بُهْرٍ يتَنَحْنَحُ فَلَا يَئِنُّ. وَفرس أَنُوحٌ إِذا
جرى فزفر وَقَالَ العجَّاج:
جِرْيَةَ لاَ كَابٍ وَلَا أَنُوحِ
والأَنُوح مثل النَّحيطِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ صَوت مَعَ
تَنَحْنُح. ورجلٌ أَنُوحٌ كثير التنحنح. وَقد أَنَحَ يَأنِحُ.
قَالَه أَبُو عبيد. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأنِحُ الَّذِي
إِذا سُئِل الشيءَ يُنَحْنِحُ، وَذَلِكَ من البُخْلِ، يُقَال
مِنْهُ: أَنَح يَأْنِحُ.
نيح: قَالَ اللَّيْث: النَّيْحُ اشتداد العظْمِ بعد رطُوبته من
الْكَبِير وَالصَّغِير. نَاحَ يَنِيحُ نَيْحاً وَإنَّهُ لعظم نيّحٌ
شديدٌ، ونَيَّح اللَّهُ عَظْمَهُ يدْعُو لَهُ.
أحن: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الإحْنَةُ الحقدُ فِي الصَّدْرِ،
وَقد أحِنْتُ عَلَيْهِ آحَنُ أَحَناً وآحَنْتُه مُؤاحَنَةً من
الإحْنَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث نحوَه. قَالَ: وَرُبمَا قَالُوا: حِنَةٌ. قلتُ
حِنَةٌ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب وَأنكر الأصمعيُّ والفرّاءُ
وَغَيرهمَا حِنَةٌ وَقَالا الصَّوَاب إِحْنَةٌ وَجَمعهَا إِحَنٌ.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب أَحِنَ عَلَيْهِ وَوَحِن من الإحْنَة.
وحن: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الاعرابيّ
أَنه قَالَ التوحُّن عِظَمُ البَطْنِ قَالُوا والوَحْنَةُ الطين
المزلّق قَالَ والتوحّن الذُّلّ والهلاك. والنوْحَةُ الْقُوَّة،
قلت وَهِي النيْحَةُ أَيْضا.
(بَاب الْحَاء وَالْفَاء)
(ح ف (وايء))
حفا، حاف، فحا، فاح، وحف.
حفا: قَالَ ابْن المظفر: الحِفْوَةُ والحَفَا مصدرُ الحَافي،
يُقَال حَفِيَ يَحْفي إِذا كَانَ بِغَيْر
(5/166)
خُفَ وَلَا نعلٍ، وَإِذا انسحجت الْقدَم
أَو فِرْسَنُ البعيرِ أَو الحافرُ من الْمَشْي حَتَّى رقَّت قيل
حَفِيَ يَحْفَى فَهُوَ حفٍ وَأنْشد:
وَهْوَ مِنَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ
وأَحْفَى الرجلُ إِذا حَفِيَتْ دابَّتهُ. وَقَالَ الزّجّاج الحَفَا
مقصورٌ أَن يكثُر عَلَيْهِ الْمَشْي حَتَّى يُؤلِمَه المشيُ.
قَالَ: والحَفَاء ممدودٌ أَن يمشي الرجل بِغَيْر نعلٍ، حافٍ بيّن
الحفاءِ ممدودٌ وحفٍ بيّن الْحَفَا مقصورٌ إِذا رقّ حافِرُه.
ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بإحفاء
الشَّوارب وإِعْفَاءِ اللحَى.
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الأصمعيُّ: أَحْفَى شَاربَه ورَأْسَه إِذا
ألزق جَزّه. قَالَ. وَيُقَال: فِي قَول فلَان إحْفَاءٌ وَذَلِكَ
إِذا أَلْزَق بك مَا تَكْرَهُ وأَلَحّ فِي مساءَتِك كَمَا يُحَفَّى
الشيءُ أَي ينتقص.
وَقَالَ الْحَارِث بن حِلّزة:
إنَّ إِخْوَاننَا الأَرَاقِمَ يَعْلُونَ
علينا، فِي قِيْلِهِمْ إحفَاءُ
أَي يقعون فِينَا.
وَقَالَ اللَّيْث: أحفى فلانٌ فلَانا إِذا برَّح بِهِ فِي الإلحاف
عَلَيْهِ أَو مُسَاءلة فَأكْثر عَلَيْهِ فِي الطّلب. قلت: الإحفاءُ
فِي المسألَةِ مثلُ الإلحاف سَوَاء وَهُوَ الإلحاح. وَقَالَ
الْفراء: {أَمْوَالَكُمْ ؤإِن يَسْئَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ
تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} (محَمَّد: 37) أَي
يُجهدْكم، وأَحَفَيْتُ الرجلَ إِذا أجهدْته وَكَذَلِكَ قَالَ
الزّجاج. وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله {يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ
حَفِىٌّ عَنْهَا} (الأعرَاف: 187) فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير
مَعْنَاهُ يَسْأَلُونَك عَنْهَا كأنّك حَفِيٌّ بهَا. قَالَ
وَيُقَال فِي التَّفْسِير كَأَنَّك حفِيّ كأنَّكَ عَالمٌ بهَا،
مَعْنَاهُ حافٍ عالِمٌ.
وَيُقَال تحافَيْنَا إِلَى السُّلْطَان فرفَعَنا إِلَى القَاضِي،
قَالَ: وَالْقَاضِي يُسمى الحَافِيَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق:
الْمَعْنى يَسْأَلُونَك عَن أَمْرِ الْقِيَامَة كَأَنَّك فَرِحٌ
بِسُؤالهم، يُقَال قد تحفّيْتُ بفلان فِي المسألَةِ إِذا سَأَلت
بِهِ سؤالاً أظْهَرْت فِيهِ المحبَّة والبِرَّ، قَالَ: وَقيل
{كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} كَأَنَّك أكثرْتَ الْمَسْأَلَة
عَنْهَا. وأمَّا قَوْله جلّ وعزّ: {إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً}
(مريَم: 47) فَإِن الفرّاء قَالَ مَعْنَاهُ كَانَ بِي عَالِما
لَطيفاً يُجيب دُعَائي إِذا دعوْتُه. قَالَ أَبُو بكر: يُقَال تحفى
فلانٌ بفلانٍ مَعْنَاهُ أنَّه أظهر الْعِنَايَة فِي سُؤاله إيّاه،
يُقَال: فلانٌ بِهِ حَفِيٌّ إِذا كَانَ معنِيَّاً، وَأنْشد:
فَإنْ تَسْأَلِي عَنّي فَيَارُبَّ سائِلٍ
حَفِيَ عَن الأعْشى بهِ حيثُ أَصْعَدَا
مَعْنَاهُ مَعْنِيٌّ بالأعْشى وبالسؤال عَنهُ، وَقَالَ فِي قَوْله:
{يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا} مَعْنَاهُ كأَنَّك
مَعْنِيٌّ بهَا، وَيُقَال: الْمَعْنى يَسْأَلُونَك كأنَّك سائِلٌ
عَنْهَا، قَالَ وَقَوله: {إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً} مَعْنَاهُ
كَانَ بِي مَعْنِيّاً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ
قَالَ: يُقَال لقِيت فُلاناً فَحَفِيَ بِي حَفَاوَةً. وتحفّى بِي
تحفياً، وَيُقَال حَفِيَ اللَّهُ بك فِي معنى أكْرَمك اللَّهُ.
والتَّحَفي الكلامُ واللقاءُ الْحسن. وحَفِيَ من نَعْله وخُفه
حُفْوَةً وحِفْيَةً وحَفَاوَةً، وَمَشى حَتَّى
(5/167)
حَفِي حَفاً شَدِيدا، وأحفاه الله وتَوَجّى
من الحَفَا وَوَجِي وَجىً شَدِيدا.
وَقَالَ الزجَّاج فِي قَوْله: {إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً}
مَعْنَاهُ لطيفاً يُقَال: حَفِيَ فُلانٌ بفلانٍ حُفْوَة إِذا برّه
وأَلْطَفَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَفِيُّ هُوَ اللَّطِيف بك يَبَرُّك ويُلطفك
ويَحتفي بِكَ.
وَقَالَ الأصمعيّ: حَفِيَ فُلانٌ بفلان يَحْفَى بِهِ حَفَاوَة
إِذَا قَامَ فِي حاجَتِه وأَحْسَنَ مَثْوَاهُ. وَيُقَال: حَفَا
فُلانٌ فُلاناً من كل خَيْر يَحْفوه إِذا مَنَعَه من كلّ خير.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ الحَفْوُ: المَنْعُ، يُقَال
أَتاني فَحَفَوْتُه أَي حرمتُه. وعطس رجل عِنْد النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَوق ثَلَاث فَقَالَ لَهُ النَّبِي: حَفَوْتَ،
يَقُول: منَعْتَنَا أَن نشمتَكَ بعد الثلاثِ. قَالَ: وَمن رَوَاهُ:
حَقَوْت، فَمَعْنَاه شدّدت علينا الأمْرَ حَتَّى قطعْتنا مَأْخُوذ
من الحِقْو لِأَنَّهُ يقطع الْبَطن ويشدّ الظّهْر.
وَفِي حَدِيث الْمُضْطَر الَّذِي سَأَلَ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مَتى تحل لنا المَيْتة؟ فَقَالَ: مَا لم
تَحْتَفِئُوا بهَا بَقْلاً فشأنَكم بهَا.
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ من الحَفَأ مَهْمُوز
مقصورٌ وَهُوَ أصل البَرْدِيّ الرطْب الأبيضِ مِنْهُ، وَهُوَ
يُؤْكَل، فتأوَّله فِي قَوْله تحْتَفِئوا يَقُول: مَا لم
تَقْتَلِعُوا هَذَا بعيْنه فتأكلوه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَفَأُ: البرديّ الأخْضَرُ، مَا كَانَ فِي
منبته كثيرا دائِماً، والواحدة حَفأَةٌ، وَأنْشد:
أَو ناشِىء البَرْدِيّ تَحت الحَفا
ترك فِيهِ الْهَمْز قَالَ واحتَفَأْتُ أَي قلعت قلت: وَهَذَا يقرب
من قَول أبي عُبَيْدَة ويقوّيه قَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله أَو
احْتَفِنُوا بَقْلاً فشأْنَكُم بهَا، صوابُه تَحْتَفُوا بتَخْفِيف
الْفَاء، وكل شَيْء استُؤصل فقد احتُفِيَ، وَمِنْه إحفاءُ الشّعْر.
قَالَ: واحتفى البقْلَ إِذا أَخَذَهُ من وجْه الأَرْض بأطراف
أَصَابِعه من قِصَرِه وقِلَّته، قَالَ: وَمن قَالَ احْتَفِئُوا
بِالْهَمْز من الحَفَأ البَرْدِيّ فَهُوَ بَاطِل لأنّ البَرْدِيّ
لَيْسَ من البَقْل، والبُقُولُ مَا نَبَت من العُشْبِ على وَجه
الأَرْضِ مِمَّا لَا عِرْق لَهُ قَالَ: وَلَا بَرْدِيّ فِي بِلَاد
العَرَبِ، قَالَ والاجْتِفَاءُ أَيْضا فِي هَذَا الحَدِيث بَاطِل
لِأَن الاجتفاء كبُّك الْآنِية إِذا جفأَته وَقَالَ خَالِد بن
كُلْثوم: احتفى الْقَوْم المرعى إِذا رعَوه فَلم يتْركُوا مِنْهُ
شَيْئا قَالَ وَفِي قَول الْكُمَيْت:
وشُبه بالحفْوَةِ المُنْقَلُ
أَن ينتقلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إِلَى مرعىً آخرَ.
أَبو عبيد عَن الْأَصْمَعِي حَفَّيْتُ إِلَيْهِ فِي الْوَصِيَّة
بَالَغْتُ قَالَ: تحفّيْتُ بِهِ تَحَفياً، وَهُوَ المُبَالَغَةُ
فِي إكْرَامه.
أَبُو زيد: حافَيْتُ الرجل محافاة إِذا نازعته الْكَلَام وماريتَه.
والحفْوَةُ الحَفَا وَتَكون الحِفْوَة من الحافي الَّذِي لَا نعل
لَهُ وَلَا خُفّ. وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وشُبه بالحِفْوَةِ المُنْقَلُ
فحا: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الفَحِيّةُ
الحَسَاءُ، عَمْرو عَن أَبِيه هِيَ
(5/168)
الفَحْيَةُ، والفَأْرَةُ والفَئِيرَة
والحرِيرَةُ لِلْحَسْوِ الرَّقِيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَحْوَى معنى مَا يُعْرَفُ من مذْهَبِ
الْكَلَام، تَقول أعرف ذَلِك فِي فَحْوَى كلامِه وَإنَّهُ لَيُفَحي
بِكَلَامِهِ إِلى كَذَا وَكَذَا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: يُقَال فِي فَحْوَى
كلامِه أَي مَعْنَاهُ وفَحْواءِ كَلَامه وفُحَوَاءِ كلامِه. قَالَ:
وَكَأَنَّهُ من فَحَّيْتُ القِدْر إِذا ألقَيْتَ فِيهَا
الأَفْحَاءَ وَهِي الأبْزَارَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ وَاحِد الأفحاء فِحىً وفَحىً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفَحَى الأبزَارُ، وَجمعه الأفْحَاءُ
وَالْبَاب كُله بِفَتْح أَوله مثل الحَشَا: الطرَف من الأطْراف
والقفا والرَّحَى والوغَى والشَّوَى.
فوح فيح: قَالَ اللَّيْث: الفَوْحُ وِجْدَانُكَ الريحَ الطيبَة،
تَقول: فَاحَ المِسْكُ، وَهُوَ يَفُوح فَوْحاً وفُؤُوحاً.
وَقَالَ الأصمعيّ: فاحَتْ ريحٌ طيبَة وفاخَت بِالْحَاء وَالْخَاء
بِمَعْنى واحدٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ اللحياني.
وَقَالَ الفرَّاء فاحت رِيحه وفاخت فأَمَّا فاخت فَمَعْنَاه
أَخَذَتْ بِنَفْسه، وفاحتْ دُونَ ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو زيد: الفَوْحُ من الرّيح والفَوْحُ إِذا كَانَ لَهَا
صوتٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فاح الطيبُ يفوح فَوْحاً إِذا تضوّع
وانتشرتْ رِيحُه، وفاحت الشَّجَّةُ فَهِيَ تَفِيح فَيْحاً إِذا
نَفَحَتْ بِالدَّمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: فاحت القِدْرُ تَفيح فَيْحاً وفَيَحَاناً،
وَلَا يُقَال فَاحَتْ رِيحٌ خبيثةٌ. إِنَّمَا يُقَال للطيبَةِ
فَهِيَ تَفِيحُ. قَالَ: وفاحت القِدْرُ إِذا غَلَتْ وفاحَتْ ريحُ
الْمسك فيحاً وفيحاناً وَقَالَ اللَّيْث الفيح سطوع الحَرّ وَفِي
الحَدِيث: (شدَّة الحرّ من فَيْحِ جَهَنَّمَ) .
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال:
أَرِقْ عَنْك من الظَّهِيرَة، وأهْرِقْ وأهرىء وأَبِخْ وبخبخ
وأَفِح إِذا أمرْتَه بالإبرَاد، وَكَانَ يُقَال للغارة فِي
الْجَاهِلِيَّة فِيحِي فَيَاحِ وَذَلِكَ إِذا دُفِعت الْخَيل
المغيرةُ فاتّسعت.
وَقَالَ شمر: فِيحِي: اتّسعي وَأنْشد قَول الشَّاعِر:
شَدَدْنَا شدَّةً لَا عَيْبَ فِيها
وقُلْنا بالضُّحى فِيحِي فَيَاحِ
وَقَالَ اللَّيْث: الفيحُ والفيوحُ خِصْب الرّبيع فِي سَعَة
الْبِلَاد وأَنشد:
يَرْعى السحابَ العهدَ والفُيُوحَا
قلت وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي والفَتُوحا بِالتَّاءِ قَالَ
والفَتْحُ والفَتُوح من الأمْطارِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. وَقد
مرّ فِي الثلاثي الصَّحِيح.
وَقَالَ اللَّيْث: الفيحُ مصدر الأفيح وَهُوَ كل مَوضِع وَاسع،
تَقول رَوْضَة فَيْحَاءُ ومكَان
(5/169)
أَفْيَح وَقد فَاحَ يَفَاحُ فَيَحاً،
وَقِيَاسه فَيحَ يَفْيَحُ.
قلت: وَقَوْلهمْ للغارة: فِيحِي فَيَاحِ، الغارَةُ هِيَ الخيلُ
المُغيرةُ تَصْبَحُ حيّاً نَازِلِينَ، فَإِذا أَغَارَتْ على ناحيةٍ
من الحيّ تَحَرَّزَ عُظْمُ الْحَيّ ولجئوا إِلَى وَزَرٍ يعوذُون
بِهِ، وَإِذا اتسعوا وانتشروا أحرَزُوا الحيّ أَجْمَع، وَمعنى
فِيحِي أَي انتشري أَيَّتُها الخيلُ المُغِيرَةُ، وسمّاها فَيَاحِ
لِأَنَّهَا جماعةٌ مُؤَنّثَة خرجت مَخْرَج قطامِ وحَذَامِ وكَسَابِ
وَمَا أشبههَا.
وناقةٌ فيَّاحةٌ إِذا كَانَت ضخمةَ الضّرع.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لَو ملكت الدُّنْيَا لفيَّحْتُها فِي
يومٍ وَاحِد أَي أنفقتها وفرّقتها. وَرجل فَيَّاحٌ نَفَّاحٌ: كثير
العطايا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفاح الدماءَ أَي سَفَكَها، وفَاح
الدمُ نفسُه، ونَحْوَ ذَلِك.
قَالَ أَبُو زيد، وَأنْشد:
إلاَّ دِيَاراً أَوْ دَماً مُفَاحاً
شمر: كُلُّ شَيْء واسعٍ فَهُوَ أَفْيَحُ وفَيَاحٌ وفيَّاح.
وَيُقَال فِي جمع الأَفْيَحِ فِيحٌ، وناقة فَيَّاحَةٌ ضخمةُ
الضَّرْعِ غزيرة اللَّبن وَقَالَ:
قد يمنح الفياحة الرفودا
يحسبها حالبها صعُودًا
حوف حيف: قَالَ اللَّيْث: الحَوْفُ الْقرْيَة فِي بعض اللُّغَات،
وَجمعه الأحواف، قَالَ: والحَوْفُ بلغَة أَهْلِ الجَوْفِ وأَهْلِ
الشحْر كالْهَوْدَجِ وَلَيْسَ بِهِ، تركَبُ بهِ المرأةُ البعيرَ.
شمر: الحَوْفُ إزَارٌ من أَدَمٍ يلبَسُه الصّبيان، وَجمعه
أَحْوَافٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هُوَ الحَوْف فِي لُغَة أهْلِ
الْحجاز، وَهُوَ الوَثْر وَهِي نُقْبَةٌ من أَدَمٍ تُقَدُّ سيوراً
عَرْضُ السيْر أربعُ أَصَابِع تلْبَسُه الجاريةُ الصغيرةُ قبل
إِدْرَاكهَا وَأنْشد:
جَارِيَة ذَات هنٍ كالنَّوْفِ
مُلَمْلَمٍ تَسْتُرُه بِحَوْفٍ
يَا لَيْتَني أَشِيمُ فِيهِ عَوْفِي
وَقَالَ اللَّيْث: الحافان عِرْقان أَخْضَرَان من تَحت اللِّسَان،
وَالْوَاحد حَافٌ، خفيفٌ. قَالَ: وناحيةُ كل شَيْء حَافَتُه
وَمِنْه حافَتَا الْوَادي، وتصغيره حُوَيْفَةٌ.
وَقَالَ الْفراء: تحَوَّفْتُ الشيءَ أخذتُه من حَافَتِه قَالَ
وتخوَّفْتُه بِالْخَاءِ بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ غَيره: حِيفَةُ الشيءِ ناحِيتُه، وَقد تحيّفْتُ الشيءَ
أخذتُه من نَواحيه.
والحَيْفُ المَيْلُ فِي الحكم، يُقَال: حَاف يحِيف حَيْفاً.
وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء: يُرَدُّ من حَيْفِ النّاحل مَا يُرَدُّ
من جَنَفِ المُوصِي، وحَيْفُ النَّاحل أَن يكون للرجل أولادٌ
فَيُعطِي بَعْضًا دونَ بعض، وَقد أُمِرَ بِأَن يُسَوي بينَهُم،
فَإِذا فضَّل بعضَهم فقد حَاف. وَجَاء بَشِيرٌ الأنصاريُّ بابْنِه
النُّعْمانِ بْنِ بشير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقد نَحَلَه نَحْلاً وأرَادَ أَن يُشهِدَه عَلَيْهِ. فَقَالَ
لَهُ: أَكُلَّ وَلدكَ قد نَحَلْتَ مثله؟ فَقَالَ لَا، فَقَالَ
إِنِّي لَا أشْهَدُ على حَيْفٍ وتُحِبُّ أَن يكون أولادُك فِي بِرك
سَوَاء فسو بينَهُم فِي العطاءِ، هَذَا حَيْفٌ.
(5/170)
وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعزّ: {أَن يَحِيفَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} (النُّور: 50) أَي يجور.
وحف: قَالَ اللَّيْث: الوَحْفُ: الشعَر الكثيرُ الأسودُ، وَمن
النَّبَات الرَّيَّان. يُقَال وَحُف يَوْحُف وَحَافَةً ووُحوفَةً.
شمر: قَالَ ابنُ شُمَيْل: قَالَ أَبُو خَيرة: الوحْفَةُ القَارَةُ
مثل القُنَّة غبراءُ وحَمْرَاءُ تضرِبُ إِلَى السوَاد. قَالَ:
والوِحَافُ جماعةٌ.
وَقَالَ رؤبة:
وعَهْدِ أطْلاَلٍ بِوادِي الرَّضْمِ
غَيَّرَها بَيْنَ الوِحَافِ السُّحْمِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الوِحَافُ مَا بَين الأرْضَيْنِ مَا وصل
بعضُه بَعْضًا وَأنْشد للبيد:
مِنْهَا وِحَافُ القَهْرِ أَو طِلْحَامُها
قَالَ: والوَحْفَاءُ الحمراءُ من الأرضِ والمَسْحَاءُ السوداءُ.
وَقَالَ بَعضهم: المَسْحَاءُ الحمْراءُ، والوحْفَاءُ السودَاءُ.
وَقَالَ الْفراء: الوحْفَاءُ الأرْضُ فِيهَا حِجَارَةٌ سودٌ
وَلَيْسَت بِحَرَّةٍ، وَجَمعهَا وَحَافَى.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيد: الوحْفَةُ الصَّوْت، وَيُقَال وَحَفَ
الرجل ووحَّف إِذا ضرب بِنَفْسه الأرضَ، وَكَذَلِكَ البعيرُ.
والمَوْحِفُ الْمَكَان الَّذِي تبْرُك فِيهِ الْإِبِل، وناقة
مِيحَافٌ إِذا كَانَت لَا تفارِقُ مَبْرَكَها، وإبل مَوَاحِيفُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَحَفَ فلانٌ إِلَى فلانٍ إِذا قصدَه
وَنزل بِهِ، وَأنْشد فِي ذَلِك:
لَا يَتَّقِي اللَّهَ فِي ضَيْفٍ إِذا وَحَفَا
قَالَ: وأَوْحَفَ وأَوْجَفَ ووَحَفَ ووَحّف، كُله إِذا أَسْرَع.
(بَاب الْحَاء وَالْبَاء)
(ح ب (وايء))
حبا حبأ، حاب، باح (بوح) ، حوأب، بيح (بياح) .
حبا: قَالَ اللَّيْث: الصَّبِي يَحْبُو قبل أَنْ يَقُومَ،
وَالْبَعِير إِذا عُقِلَ يَحْبُو فَيَزْحَفُ حَبْواً. وَيُقَال:
مَا نجا فلانٌ إِلَّا حَبْواً، وَيُقَال: حَبَت الأضْلاَعُ إِلَى
الصُّلْبِ وَهُوَ اتصالُها، وَيُقَال للمسايل إِذا اتّصل بعضُها
ببعضٍ حَبَا بعضُها إِلَى بعضٍ وَأنْشد:
تَحْبُو إِلى أَصْلابِهِ أمعاؤُه
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: تَحْبُو: هَاهُنا: تتَّصِل، قَالَ
والمِعَى كُلُّ مِذْنَبٍ بقرار الحضِيض وَأنْشد:
كأنَّ بينَ المِرْطِ والشُّفُوفِ
رَمْلاً حَبَا مِنْ عَقَد العَزِيفِ
والعزيف من رِمال بني سعد.
وَقَالَ العجّاج فِي الضلوع:
حَابِي الحُيُودِ فَارِضُ الحُنْجُورِ
يَعْنِي اتصَالَ رؤوسِ الأضْلاَعِ بعضِها بِبَعْضٍ. وَقَالَ
أَيْضا:
حَابِي حُيُودِ الزَّوْرِ دَوْسَرِي
الدوسريُّ الجريء الشَّديد
وبَنُو سعدٍ يُقَال لَهُم دَوْسَرُ. قَالَ: والحُبْوَة الثَّوْب
الَّذِي يُحتبى بِهِ وَجَمعهَا حُبىً.
(5/171)
أَبُو عبيد عَن الفرّاء يُقَال حُبْيَةٌ
وحَبْوَةٌ. وَقد احتبى بثوبِه احتباءً.
وَالْعرب تَقول: الحُبَى حيطانُ الْعَرَب. وَقد يَحْتَبي الرجل
بيدَيْهِ أَيْضا.
أَبُو بكر: الحِبَاءُ مَا يَحْبُو بِهِ الرجل صَاحبه ويُكرمه بِهِ.
قَالَ: والحِبَاءُ من الاحْتباءِ، وَيُقَال فِيهِ الحُباءُ بِضَم
الْحَاء، حَكَاهُمَا الكسائيّ، جَاءَ بهَا فِي بَاب الْمَمْدُود.
قَالَ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: فلَان يَحْبُو قَصَاهُم ويحوط
قَصَاهُم بِمَعْنى، وَأنْشد:
أَفْرِغْ لِجُوفٍ وِرْدُها أَفْرَادُ
عَبَاهِلٍ عَبْهَلَهَا الوُرَّادُ
يحبُو قَصَاهَا مُخْدِرٌ سِنَادُ
أَحْمَرُ مِنْ ضِئْضِئِها مَيَّادُ
سنادٌ مشرِفُ وميَّادٌ يذْهَبُ ويجِيءُ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الحابِي من السهامِ الَّذِي يَزْحَفُ
إِلَى الهدَفِ إِذا رُمِيَ بِهِ. قَالَ والحَبِيُّ من السحابِ
الَّذِي يعْتَرِض اعتراضَ الجَبَل قبل أَن يُطبق السماءَ.
وَقَالَ اللَّيْث الحَبِيُّ سحابٌ فَوق سحابٍ.
قَالَ: وَيُقَال للسفينة إِذا جرت حَبَتْ، وَأنْشد:
فَهْوَ إِذا حَبَا لَهُ حَبِيُّ
وَيُقَال: حَبَا لَهُ الشيءُ إِذا اعترضَ، فَمَعْنَى إِذا حَبا
لَهُ أَي اعْترض لَهُ مَوْجٌ. قَالَ والحِبَاءُ عَطاءٌ بِلَا مَنّ
وَلَا جزاءٍ، تَقول حَبَوْتُه أَحْبُوه حِبَاءً، وَمِنْه اشْتَقَّت
المُحَابَاةُ، وَأنْشد:
أصْبِرْ يَزِيدُ فقدْ فَارَقْتَ ذَامِقَةٍ
واشكُرْ حِبَاءَ الّذي بالمُلْكِ حَابَاكا
وَجعل المهلْهِلُ مهرَ المرْأَةِ حِبَاءً، فَقَالَ:
أَنْكَحَها فَقْدُها الأَراقِمَ فِي
جَنْبٍ وَكَانَ الحِبَاءُ من أَدَمِ
أَرَادَ أَنهم لم يَكُونُوا أَرْبَاب نَعَمِ فَيُمْهِرُوها
الْإِبِل، وجعلهم دَبَّاغِين للأَدَمِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد هُوَ يَحْبُو مَا حَوْلَه أَي يَحْمِيه
ويَمْنَعُه.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وراحَتِ الشَّوْلُ وَلَمْ يَحْبُها
فَحْلٌ وَلم يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرّ
أَي لم يطف فِيهَا حَالِبٌ يَحْلِبها.
قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ الكسائيُّ حبا فلانٌ للخمسين إِذا دَنَا
لَها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: حَبَاهَا وحَبَا لَها أَي دنَا لَها.
وَقَالَ غَيره: حبا الرمْلُ يحبو إِذَا أَشْرَف مُعْتَرضاً فَهُوَ
حابٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الحَبْوُ اتساعُ الرمْلِ، والحبو
امتلاءُ السَّحَابِ بالماءِ، وَيُقَال رَمَى فَأَحْبَى أَي وقَع
سَهْمهُ دونَ الغَرَضِ، ثمَّ تَقَافَزَ حَتَّى يُصيبَ الغرضَ.
وَمن المهموز:
حبأ: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي أحْبَاءُ المَلِك الْوَاحِد حَبَأٌ
على مِثَال نَبَإِ مَهْمُوز مَقْصُور، وهم جُلَساءُ الْملك
وخاصَّته.
وَقَالَ اللَّيْث الحَبَأَةُ لوحُ الإسكاف المستدير وَجَمعهَا
حَبَوَات قلت هَذَا تَصْحِيف فَاحش
(5/172)
وَالصَّوَاب الجَبْأَةُ بِالْجِيم وَمِنْه
قَول الْجَعْدِي:
كجبْأَة الخَزَمِ
سَلمَة عَن الْفراء الحابِيَانِ الذئبُ والجرادُ. قَالَ وحبا
الْفَارِس إِذا خَفق وَأنْشد:
نحبو إِلَى الموْت كَمَا يَحْبُو الْجمل
حوب: اللَّيْث: الحَوْبُ زَجْرُ البَعِيرِ لِيَمْضِي وللناقة حَلٍ.
وَالْعرب تجرّ ذَلِك وَلَو رُفِع أَو نُصِبَ لَكَانَ جَائِزا لِأَن
الزَّجْرَ والحكاياتِ تُحرَّك أواخرُها على غير إعرابٍ لازمٍ،
وَكَذَلِكَ الأدواتُ الَّتِي لَا تتمَكَّنُ فِي التَّصْرِيف،
فَإِذا حُول من ذَلِك شَيْء إِلَى الأسماءِ حُمِلَ عَلَيْهِ الألفُ
واللاَّمُ، وأُجْرِي مُجْرَى الأسماءِ كَقَوْلِه:
والحَوْبُ لمّا لم يَقُلْ والحَلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ يُقَال للبعيرِ إِذا زجرته: حوْبَ وحوبِ
وحَوْبُ، وللناقة حَلْ جزمٌ وحلٍ وحَلِي.
وَقَالَ غَيره: حَوَّبْتُ بِالْإِبِلِ من الحَوْب. وَحكى بعضُهم
حَبْ لاَ مَشَيْتَ وحَبٍ لَا مشيتَ وحَابِ لَا مَشيتَ وحَابٍ لَا
مشيتَ.
وَقَالَ اللَّيْث الحَوْب الضخم من الْجمال وأنشدنا:
وَلَا شَرِبَتْ فِي جِلْدِ حَوْبٍ مُعَلَّبِ
المعلَّبُ الَّذِي شُدَّ بالعلباء وَيُقَال: أَرَادَ الَّذِي
اتُّخِذ عُلْبةً يُشْرَبُ فِيهَا، وَهَذَا أَجود.
وَقَالَ غَيره: سُميَ الجَمَلُ حَوْباً بزجره كَمَا سمّي الْبَغْل
عَدَساً بِزَجْرِه.
قَالَ الراجز:
إِذا حَمَلْتُ بِزَّتِي على عَدَسْ
على الَّتِي بَين الحِمَارِ والفَرَسْ
فَمَا أُبالي من غَزَا ومَنْ جَلَسْ
وسَمَّوا الْغُرَاب غاقاً بِصوته.
اللَّيْث: الحَوْبةُ والحَوْبُ الإيوانُ. والحَوْبَةُ أَيْضاً
رِقَّةُ الأُم وَمِنْه:
لحوبة أُمَ مَا يَسُوغُ شَرَابُها
قَالَ والحَوْبَةُ الْحَاجة. والمُحَوَّبُ الَّذِي يَذْهَبُ مَاله
ثمَّ يعود. والحُوب الْإِثْم. وحاب حَوْبةً. والحَوْباء رُوع
القلْب. شمر: عَن سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ هما لُغَتَان فالحُوب
لأهلِ الْحجاز والحَوْب لتميم، ومعناهما الْإِثْم. قَالَ وَقَالَ
ابْن الأعرابيّ: الحُوبُ الغَمُّ والهَمُّ والبلاءُ.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة: الحُوبُ الوَحْشَةُ. وَقَالَ فِي قَوْله
إنّ ظلم أُم أيوبُ لحُوبٌ أَي وَحْشَة وَأنْشد:
إنَّ طَرِيقَ مِثْقَبٍ لَحُوْبُ
أَي وعثٌ صعْبٌ وَقَالَ فِي قَول أبي دواد الإياديّ:
يَوْمًا ستُدْرِكُهُ النَّكْبَاءُ والحُوب
أَي الوحْشَة. وَقَالَ أَبُو زيد الحُوب النَّفس. أَخْبرنِي
المنذريّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال عيالُ
ابْنِ حَوْبٍ، قَالَ: وَالْحوب الجهدُ والشدة، ودعا النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (رَب تقبَّلْ تَوْبَتِي واغسل
حَوْبتي) .
قَالَ أَبُو عُبيد: حَوْبَتي يَعْنِي المأثَمَ، وَهُوَ من قَوْله
جلَّ وعزَّ: {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} (النِّسَاء: 2) قَالَ
وكُلُّ مأثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ،
(5/173)
والواحدة حَوْبَةٌ، وَمِنْه الحديثُ
الآخَرُ. إِن رجُلاً أَتَى النَّبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ:
إِنِّي أَتَيْتُكَ لأُجَاهِدَ مَعَك، قَالَ أَلَك حَوْبةٌ؟ قَالَ:
نعم، قَالَ: فَفِيها فَجَاهِدْ.
قَالَ أَبُو عبيد يُرِيد بالحُوْبة مَا يأثَمُ بِهِ إِن ضيَّعَهُ
من حُرمَةٍ.
قَالَ وَبَعض أهل الْعلم يتأوّله على الْأُم خَاصَّة، وَهِي كل
حُرْمَةٍ تَضِيعُ إِن تَرَكَها مِنْ أُمَ أَوْ أُخْتٍ أَو بِنْتٍ
أَو غيرِها.
وَقَالَ أَبُو زيد لي فيهم حَوْبَةٌ إِذا كَانَت قَرابةً من قبَلِ
الأُم، وَكَذَلِكَ كل رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
وَقَالَ الأصمعيّ يُقَال: بَات فلَان بِحِيبَةِ سَوءٍ إِذا باتَ
بِشدّة وَحَال سيّئة.
وَيُقَال فلَان يتحوَّبُ من كَذَا وَكَذَا أَي يتغيَّظ مِنْهُ
ويتوجَّع، وَقَالَ طفيلٌ الغَنَوي:
فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ
مِنَ الغَيْظِ فِي أكْبَادِنَا والتَّحَوُّبِ
قَالَ أَبُو عبيد: التحوُّب فِي غير هَذَا التأَثُّمُ أَيْضا من
الشَّيْء وَهُوَ من الأوَّلِ، وَبَعضه قريب من بعْضٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: والحَوْبَاءُ النفْس ممدودةٌ ساكنةُ الْوَاو.
والحابُ والحُوب الْإِثْم مثل الجَال والجُول. ويقَال تحوّب فلَان
إِذا تعبّد كأَنَّه يُلقي الحُوبَ عَن نَفْسِه، كَمَا يُقَال
تأَثَّمَ وتحنَّث إِذا ألْقَى الحنْثَ عَن نَفسه بِالْعبَادَة.
وَقَالَ الْكُمَيْت وَذكر ذئباً سقَاهُ وأطعمه:
وصُبَّ لَهُ شَوْلٌ من المَاء غائر
بِهِ كَفَّ عَنْهُ الحِيبَةَ المُتَحَوبُ
والحيبة مَا تتأَثَّمُ مِنْه. والحُوب الهلاكُ وَقَالَ الهذليّ أَو
المهذلية أَظُنهُ لامْرَأَة مِنْهُم:
وكُلُّ حِصْنٍ وَإِنْ طالَتْ سَلاَمَتُه
يَوْمًا سيدْخُلُه النَّكْرَاءُ والْحُوبُ
أَي كُلُّ امْرِىءٍ هَالِكٍ وَإِن طَالَتْ سلامَتُه.
أَبُو عبيد يُقَال أَلْحَقَ الله بك الحَوْبَةَ، وَهِي الحاجةُ
والمسكنة والفَقْر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْلٍ: إليكَ أَرْفَعُ حَوْبَتِي أَي حاجَتِي.
والحَوْبَةُ الحاجةُ، وحَوْبَةُ الأُم على الوَلد تَحَوُّبها
ورقَّتُها وتوجُّعُها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الحَوْبَةُ الهَمُّ وَالْحَاجة
وَكَذَلِكَ الحِيْبَةُ، وَقَالَ الهذليّ:
ثُمَّ انْصَرَفْتَ وَلَا أَبُثُّكَ حِيْبَتِي
رَعِشَ العِظَامِ أَطِيشُ مَشْيَ الأصْوَرِ
قَالَ: وَيُقَال: نرفع حَوْبَتَنَا إِلْيكَ أَي حاجتَنَا.
ابْن السّكيت عَن أبي عُبَيْدَة، يُقَال لي فِي فلَان حَوْبَةٌ
وبعضُهم يَقُول حِيبَةٌ، وَهِي: الأُمُّ أَو الأُخْتُ أَو
البِنْتُ، وَهِي فِي مَوضِع آخر الهَمُّ والحاجَةُ وَأنْشد بيتَ
الهذليّ.
وروى شمر بإسنادٍ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النبيّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (الرِّبَا سَبْعُونَ حَوْباً أيسرها مثل
وُقُوع الرجل على أمه وأربى الرِّبَا عِرْض الْمُسلم) . قَالَ شمر:
قَوْله (سَبْعُونَ حوباً) كأَنه سَبْعُونَ ضَرْباً من الْإِثْم.
يُقَال سَمِعت من هَذَا حَوْبَيْن، ورأيْتُ مِنْه حَوْبَيْنِ. أَي
فنَّيْنِ وضَرْبَيْنِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
(5/174)
تَسْمَعُ فِي تَيْهاية الأفْلاَلِ
حَوْبَيْنِ من هَماهِمِ الأغْوَالِ
أَي فَنَّيْنِ وضَرْبَيْنِ، وَرُوِيَ بَيت ذِي الرُّمَّةِ بِفَتْح
الْحَاء.
قَالَ الفرّاء: وَرَأَيْت بني أَسَدٍ يَقُولُونَ الحائبُ القاتلُ،
وَقد حابَ يَحوبُ.
وَقَالَ الفرَّاء: قَرَأَ الحَسَنُ {إِنَّهُ كَانَ حُوباً
كَبِيراً} (النِّسَاء: 2) وَقَرَأَ قَتَادَة (حُوباً) وهما
لُغَتَانِ، الضَّمُّ لأهل الحجازِ وَالْفَتْح لتَميمٍ.
حوأب: قَالَ الليثُ حافِرُ حَوْأَبٌ وَأْبٌ مُقَعّبٌ. قَالَ:
والحوْأَبُ موضِعُ بِئْرٍ نَبَحَتْ كلابُه أم الْمُؤمنِينَ
مُقْبَلَها إِلَى البَصْرة وَأنْشد:
مَا هِيَ إِلَّا شَرْبَةٌ بالحَوأَبِ
فصَعدي من بعدِها أَو صَوبي
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الحَوْأَبَةُ العُلبةُ الضخمة
وَأنْشد:
حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوعِ
والحَوْأَبُ وادٍ فِي وهْدَةٍ من الأَرْض واسعٌ.
بوح: قَالَ اللَّيْث: البَوْحُ ظهورُ الشَّيْء، يُقَال باح مَا
كتمت وباح بِهِ صاحبُه بَوْحاً وبُؤُوحاً قَالَ وَيُقَال للرجل
البَؤُوح بَيحَانُ بِمَا فِي صدْرِه قَالَ والبَاحَةُ عَرْصَةُ
الدّار.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ نَحن فِي باحة الدَّار
وَهُوَ أوسطها، وَكَذَلِكَ قيل تَبَحْبَحَ فلانٌ فِي الْمجد أَي
أَنه فِي مَجْدٍ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَن
أَعْرَابِيًا من بني بَهْدَلة أنْشدهُ:
أعْطى فأَعْطَانِي يدا ودَاراً
وباحَةً خَوَّلها عَقَارَا
قَالَ: يدا: جمَاعَة قوْمِه وأنْصَارِه. والبَاحَةُ النخلُ الْكثير
حَكَاهُ عَن هَذَا البهدليّ. قَالَ والباحَةُ باحَةُ الدّارِ
وقاعَتُها ونالَتُها قلت وبَحبوحَة الدَّار مِنْهَا.
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَاحَ النومُ
وتركْتُهم بُوحاً صَرْعى.
قَالَ اللَّيْث: والإباحَةُ شِبْهُ النُّهبَى، وَكَذَلِكَ استباحوه
أَي انتهبوه. وَمن أَمْثَال الْعَرَب ابْنُك ابْن بُوحِك أَي ابْنُ
نَفسك لَا من تبنّين.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي البُوحُ النفْس،
قَالَ وَمَعْنَاهُ ابنُكِ من وَلَدْتِهِ لَا من تبنَّيْتِهِ.
وَقَالَ غَيره بُوحٌ فِي هَذَا الْمثل جَمْعُ بَاحَةِ الدَّارِ،
الْمَعْنى ابنُك من وَلَدْتِهِ فِي بَاحَةِ دَارِكِ، لَا من وُلِدَ
فِي دَارِ غَيْرِك فتبنَّيْتِه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وَقَعُوا فِي دَوْكَةٍ وبُوح أَي فِي
اخْتِلَاط.
بيح (بياح) : قَالَ ابْن المظفر: البَيَاحُ: ضربٌ من السّمك صغارٌ
أَمْثَال شِبْرٍ وَهُوَ من أطْيَبِ السّمك وَأنْشد:
يَا رُبَّ شيْخٍ مِنْ بَني رَبَاحِ
إِذا متلأ البَطْنُ من البِيَاحِ
صاحَ بلَيْلٍ أَنْكَرَ الصيَاحِ
(بَاب الْحَاء وَالْمِيم)
(ح م (وايء))
حمى، حام، محا، ماح، وحم، ومح، أمح، حمأ، (احمومى) .
(5/175)
حمى: قَالَ الليثُ: الحَمْوُ أَبُو الزّوج
وأخُو الزّوج، وكلُّ مَن وَلِيَ الزَّوْجَ من ذِي قرَابَته فهم
أَحْمَاءُ الْمَرْأَة، فَأُمُّ زَوجهَا حَمَاتُها. وَفِي الحَمْو
ثَلَاث لُغَات: هُوَ حَمَاهَا مثل عَصَاها، وحَمُوها مثل أَبوهَا،
وحَمْؤُها مَهْمُوز ومقصور.
ابْن السّكيت عَن الأصمعيّ قَالَ: حماةُ الْمَرْأَة أُمُّ
زَوْجِهَا وَلَا لُغَةَ فِيهَا غيرُ هَذِه. قَالَ وأمّا أَبُو
الزَّوْج فَيُقَال: هَذَا حَمُوها، ومررت بِحَمِيها، وَرَأَيْت
حَمَاهَا، وَهَذَا حَمٌ فِي الِانْفِرَاد. وَيُقَال: هَذَا حَمَاها
وَرَأَيْت حَمَاهَا ومررت بِحمَاهَا، وَهَذَا حَماً فِي
الِانْفِرَاد. وَزَاد الْفراء حَمْؤُهَا ساكنةُ الْمِيم مهموزةٌ،
وحَمُها بترك الْهمزَة، وَأنْشد:
هِيَ مَا كَنَّتِي وتَزْ
عُمُ أَنّي لَهَا حَمُ
وَقَالَ: وكل شَيْء من قِبَل الزوجِ أَبُوه أَو أَخُوه أَو عَمُّه
فهم الأَحْمَاءُ.
وَقَالَ رجل كَانَت لَهُ امرأةٌ فطلّقها وتزوّجها أَخُوه
فَأَنْشَأَ يَقُول:
لقد أَصْبَحَتْ أسماءُ حِجْراً مُحَرَّماً
وأصبحْتُ من أَدْنَى حُمُوَّتِها حَمَا
أَي أصبحتُ أَخا زَوْجِها بَعْدَمَا كنتُ زَوْجَها.
وَفِي حَدِيث عمر أَنَّهُ قَالَ: مَا بَالُ رجَالٍ لَا يزَالُ
أَحَدُهم كاسراً وِسَادَهُ عِنْد مُغْزِيَةٍ يتحدّث إِلَيْهَا؟
عَلَيْكُم بالجَنْبَةِ.
وَفِي حَدِيث آخَرَ: (لَا يدخُلَنّ رجلٌ على امْرأةٍ وَإِن قيل
حَمُوها، أَلاَ حَمُوها المَوْتُ) .
قَالَ أَبُو عُبيد فِي تَفْسِير الحَمْو ولغاتِه عَن الأصمعيّ
نَحوا مِمَّا ذكره ابنُ السكّيت.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَوله (أَلاَ حَمُوها الموتُ) يَقُول
فَلْتَمُتْ وَلَا تَفْعَلْ ذَلِك، فَإِذا كَانَ هَذَا رَأْيَه فِي
أبي الزَّوْجِ وَهُوَ مَحْرَمٌ فَكيف بالغريب؟
قلت: وَقد تدبّرت هَذَا التفسيرَ فَلم أَرَهُ مُشَاكِلاً للفظ
الحَدِيث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ فِي
قَوْله: (الْحَمْو الموتُ) . هَذِه كلمةٌ تَقُولهَا العربُ كَمَا
تَقول: الأسَدُ المَوْتُ، أَي لِقَاؤُه مثل الموْتِ، وكما تَقول
السلطانُ نَارٌ، فَمَعْنَى قَوْله: (الحَمْو المَوْتُ) أَي أَن
خَلْوة الحَمْو مَعهَا أَشد من خَلْوةِ غَيره.
قُلْتُ: كَأَنَّهُ ذهبَ إِلَى أنّ الفسادَ الَّذِي يَجْرِي بَين
المَرْأةِ وأحْمَائِها أشَدُّ من فسادٍ يكون بَيْنَها وَبَين
الغريبِ، وَلذَلِك جعله كالمَوْتِ.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ:
الأَحْمَاءُ من قِبَلِ الزَّوْجِ والأَخْتَانُ من قِبَلِ
الْمَرْأَة.
وَهَكَذَا قالَ ابْنُ الأعرابيّ، وَزَاد فَقَالَ: الحَمَاةُ أُمُّ
الزوْج والخَتَنَةُ أُمُّ الْمَرْأَة. قَالَ وعَلى هَذَا الترتيبِ
العباسُ وعليٌّ وحمزةُ وجعفرٌ أحْمَاءُ عَائِشَة.
(5/176)
وَقَالَ اللَّيْث: الحماة لَحْمة
مُنْتَبِرَة فِي بَاطِن السَّاق.
وَقَالَ الأصمعيّ: الحَمَاتَان: اللَّحْمَتانِ اللَّتان فِي عُرْض
السَّاق تُرَيَان كالعصَبَتيْن من ظاهرٍ وباطنٍ.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: هما المُضْغَتَانِ المنْتَبِرَتان فِي
نِصْفِ السَّاقين من ظاهرٍ.
وَقَالَ الأصمعيُّ فِي الحوافر: الحَوَامِي وَهِي حُرُوفُها من عَن
يمينٍ وشِمَالٍ.
وَقَالَ أَبُو دواد:
لَهُ بَيْنَ حَوَامِيِه
نُسُورٌ كَنَوَى القَسْبِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الحاميتان مَا عَن يمينِ السُّنْبُك
وشِمَاله.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِمَى مَوضِع فِيهِ كَلأٌ يُحْمَى من النَّاس
أَن يُرْعَى.
وَقَالَ الشافعيّ فِي تَفْسِير قَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (لَا حِمَى إِلَّا للَّهِ وَلِرَسُولِهِ) . كَانَ الشريفُ من
الْعَرَب فِي الجاهليَّة إِذا نزل بَلَدا فِي عشيرته استعوى كَلْبا
فَحَمَى لخاصّتَهِ مَدَى عُوَاء ذَلِك الكلْبِ، فَلم يَرْعَهُ
مَعَه أحَدٌ وَكَانَ شريكَ الْقَوْم فِي سَائِر المراتع حوله.
قَالَ: فَنهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُحْمَى على
النَّاس حِمىً كَمَا كَانُوا فِي الجاهليَّة يَحْمُون. قَالَ
وَقَوله: (إلاّ لله وَلِرَسُولِهِ) يقولُ إلاّ مَا يُحْمَى لخيل
الْمُسلمين وركابهم المُرْصَدَةِ لجهادِ الْمُشْركين والحملِ
عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله، كَمَا حَمَى عُمَرُ النَّقِيعَ
لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ والخَيْلِ المعَدَّةِ فِي سَبِيل الله.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَالُ حَمَى فلانٌ الأَرْض يَحْمِيها حِمىً
إِذا مَنَعها من أَن تُقْرَبَ. وَيُقَال أحْمَاها إحْمَاءً إِذا
جعلهَا حمى لَا تُقْرَب. قَالَ: وأحْمَيْتُ الحديدةَ فَأَنا
أُحْمِيها إحْمَاءً حَتَّى حَمِيَتْ تَحْمَى، وَكَذَلِكَ حَمِيَتِ
الشَّمْس تَحْمَى حَمْياً.
وَقَالَ ابْن السكّيت: أحْمَيْتُ المسمار إحْماء فَأَنا أحْمِيه،
وَهَذَا ذَهَبٌ جيدٌ يخرج على الإحماء وَلَا يُقَال على الحَمَى
لِأَنَّهُ من أَحْمَيت. وَيُقَال حَمَيْت الْمَرِيض وَأَنا أحْمِيه
من الطّعام، وحَمَيْتُ القومَ حِمايةً، وحَمَى فلانٌ أنْفَهُ
يحمِيه حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً، وفلانٌ ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرَةٍ
إِذا كَانَ ذَا غَضَبٍ وأنَفَةٍ، وحَمَى أهْلَهُ فِي القِتال
حِمايةً.
وَقَالَ الليثُ: حَمِيتُ من هَذَا الشَّيْء أحْمَى مِنْهُ حَمِيّةً
أَي: أنفًا وغيظاً، وَإنَّهُ لرجل حَمِيٌّ لَا يَحْتَمِلُ
الضَّيْم، وحَمِيُّ الأنْف، وَيُقَال: احْتَمَى المريضُ احْتِماءً
من الأطْعِمة. والرجلُ يَحْتَمِي فِي الحرْب إِذا حَمَى نفْسه،
وحَمِيَ الفرسُ إِذا عَرِق يَحْمَى حَمْياً وحَمَى الشَّدُّ مثلَه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كأَنَّ احْتِدامَ الجَوْفِ من حَمْيِ شَدهِ
وَمَا بَعْدَهُ من شَدهِ غَلْيُ قُمْقُمِ
وَيجمع حَمْيُ الشَّد أحْماءً.
وَقَالَ طرفَة:
فَهِيَ تَرْدِي وَإِذا مَا فَزِعَتْ
طَارَ من أحْمَائِها شَدُّ الأُزُرْ
(5/177)
وَيُقَال إِن هَذَا الذَّهَب وَالْفِضَّة
وَنَحْوهَا لحسن الحَمَاءِ، مَمْدُود أَي خرج من الحَماء حسنا.
قَالَ والحامِيَةُ الرجلُ يحمي أصْحابَه فِي الحَرْب. يُقَال:
كَانَ فلانٌ على حامِيَةِ القوْم أَي آخِر من يَحْمِيهم فِي
انْهِزَامِهم، والحامية أَيْضا جَمَاعَةٌ يَحْمُون أنْفُسَهم.
وَقَالَ لبيد:
ومَعي حَامِيةٌ من جَعْفَرٍ
كلَّ يَوْمٍ نَبْتَلي مَا فِي الخِلَلْ
قَالَ: والحامية الحِجَارةُ يُطْوَى بهَا البِئْرُ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الحوامِي عِظَامُ الحِجَارَةِ وثِقَالُها.
والواحدة حامِيَةٌ، والحَوَامِي: صَخْرٌ عِظَامٌ تُجعل فِي مآخيرِ
الطَّي أَن ينْقَلِع قُدُماً، يحفِرون لَهُ نِقَارَا فيغمِزُونه
فِيهَا، فَلَا يَدَعُ تُرَابا وَلَا شَيْئاً يدْنُو من الطّيّ
فيدفعه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحَوَامِي مَا يحميه من الصخْر، واحِدُها
حامِيَةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل أَيْضا حِجَارَة الركِيَّة كلّها حوامِ،
وكلُّها على حِذَاءٍ واحدٍ لَيْسَ بعضُها بأعظَم من بعض.
قَالَ: والأثافِي الحوَامِي الْوَاحِدَة حامية وَأنْشد:
كأنَّ دَلْوَيَّ تَقَلَّبَانِ
بينَ حَوَامِي الطَّي أَرْنَبَانِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال مَعْنى فلَان فِي حَمِيَّته أَي فِي
حَمْلته.
الأصمعيّ: يُقَال سَارَتْ فِيهِ حُمَيَّا الكأْسِ يَعْنِي
سَوْرَتَها، وَمعنى سَارَتْ ارْتَفَعَتْ إِلَى رَأْسِه.
وَقَالَ الليثُ: الْحُمَيَّا بلوغُ الْخمر من شارِبها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الحُمَيَّا دَبِيبُ الشَّرَاب.
وَقَالَ شمر: حُمَيَّا الْخَمْرِ سَوْرَتُها. وحُمَيَّا الشَّيْء
حِدَّتُه وشِدَّتُه. وَيُقَال: إِنَّه لشديد الحُمَيَّا أَي شَدِيد
النفْس.
وَقَالَ الأصمعيّ: إِنَّه لحامي الحميَّا أَي يَحْمِي حوزته وَمَا
وَلِيَه، وَأنْشد:
حَامِي الحُمَيَّا مَرِسُ الضَّرِيرِ
وَقَالَ اللَّيْث: الحُمَّةُ فِي أَفْوَاه الْعَامَّة إبْرَةُ
الْعَقْرَب والزُنْبور وَنَحْوه، وَإِنَّمَا الحُمَةُ سُمُّ كل
شَيْء يَلْدَغُ أَو يَلْسَعُ.
وَقَالَ شمر: الحُمَة السم قَالَ وناب الْحَيَّة جَوْفاء
وَكَذَلِكَ إبرة العَقْرَب والزنبور ومِنْ وَسَطِها يخرج السُّمُّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال بِسُم الْعَقْرَب
الحُمَةُ والحُمّة.
قلت: وَلم أسمع التَّشْدِيد فِي الحُمَة لغير ابْن الأعرابيّ وَلَا
أَحْسبهُ رَوَاه إِلَّا وَقد حفِظه عَن الْعَرَب. اللَّيْث
احْمَوْمَى الشيءُ فَهُوَ مُحْمَوْمٍ، يُوصف بِهِ الأسوَدُ من نحوِ
اللَّيْلِ والسحاب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المُحْمَوْمِي من السَّحَاب الْأسود
المتراكم.
حمأ: الْأَصْمَعِي: يُقَال حَمِئَتِ الركيَّةُ فَهِيَ تَحْمأُ
حَمَأً إِذا صَارَت ذَات حَمَأٍ وأحْمَأْتُها أَنَا إحْمَاءً إِذا
نقيتها من حَمَأَتِها.
(5/178)
قَالَ: وحَمَأْتُها إِذا ألقيت فِيهَا
الحمْأةَ.
قلت: ذكر هذَا الأصمعيُّ فِي كتاب (الأجنَاس) كَمَا رَوَاهُ
اللَّيْث. وَلَيْسَ بمحفوظٍ، وَالصَّوَاب مَا أخبرنَا المنذريُّ
عَن الحرَّاني عَن ابْن السكّيت.
قَالَ: أحْمَأْتُ الركيَّة بِالْألف إِذا ألقيت فِيهَا الحَمْأَة
وحَمَأْتُها إِذا نزعت حَمْأَتَها، وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو
عُبَيْدٍ عَن اليزيديّ: حَمَأْت البِئْر إِذا أخرجْتَ حَمْأَتَها.
قَالَ: وأَحْمَأْتُها جعلتُ فِيهَا حَمَأَةً، وَافق قولُ ابْن
السكيتِ قولَ أبي عبيد عَن اليزيديّ. وقرأتُ لأبي زيد: حمأت
الركيَّة جعلتُها حَمِئَةً. وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: {تَغْرُبُ فِى
عَيْنٍ حَمِئَةٍ} (الْكَهْف: 86) بِالْهَمْز.
وَرَوَاهُ الفرَّاء عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن
ابْن عَبَّاس نحوَه.
قَالَ الْفراء: قرأَ ابْن مَسْعُود وَابْن الزبير (حَامِيَةٍ) .
وَقَالَ الزجّاج: {فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أَي فِي عين ذَات حَمْأة.
يُقَال: حَمِئَتْ فَهِيَ حَمِئَة إِذا صَارَت فِيهَا الحَمْأَةُ.
وَمن قَرَأَ (حَامِيَةٍ) ، بِغَيْر همزٍ أَرَادَ حارَّةً، وَقد
تكون حارَّةً ذاتَ حمأةٍ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: حَمِئْتُ عَلَيْهِ حَمَأً، مهموزٌ وغيرُ
مَهْمُوزٍ، أَي غَضِبْتُ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: حَمِيتُ فِي الْغَضَب أَحْمَى حُمِيّاً،
وَبَعْضهمْ حَمِئْتُ فِي الْغَضَب بالهمْز.
أمح: فِي (النَّوَادِر) : أَمَحَ الجُرْحُ يأْمِحُ أَمَحَاناً
ونَبَذَ وأَزَّ وذَرِبَ إِذا ضَرَبَ بِوَجَعٍ، وَكَذَلِكَ نَبَغَ
ونَتَع.
محا: قَالَ اللَّيْث: المَحْوُ لِكُلّ شَيْء يذهبُ أثَرُه، يَقُول:
أنَا أمْحُوه وأمْحَاهُ وطيّىء تَقول: مَحَيْتُه مَحْياً ومَحْواً.
وامَّحَى الشيءُ يَمَّحِي امحَاءً. وَكَذَلِكَ امْتَحَى إِذا ذهب
أَثَره، الأجود امَّحَى، وَالْأَصْل فِيهِ انْمحى. وأمَّا امْتَحى
فَلُغَةٌ رَديئة الخ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: أَصبَحت الأَرْض مَحْوَةً واحِدَةً إِذا
تغطَّى وَجههَا بِالْمَاءِ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: من أَسمَاء الشَّمال
مَحْوَة غيرُ مصروفة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هبَّت مَحْوَةُ اسْم للشَّمال معرفَة
وَأنْشد:
قد بَكَرَتْ مَحْوَةُ بالعَجَاجِ
فَدَمَّرَتْ بَقِيَّةَ الرَّجَاجِ
وَقَالَ غَيره: سميت الشّمال مَحْوةَ لِأَنَّهَا تمحو السَّحَاب
وتَقَشَعُهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: تركبُ السماءُ الأَرْض محوةً وَاحِدَة إِذا
طبَّقها المَطَر. والمَحِي من أَسمَاء النّبي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم محا الله بِهِ الكُفْرَ وأثره. وَهَكَذَا رُوِي فِي حديثِ
مَرْفُوع.
حوم: قَالَ اللَّيْث: الحَوْمُ القَطِيع الضَّخْمُ من الْإِبِل.
قَالَ: والحَوْمَةُ أكثرُ موضِعٍ فِي البَحْرِ مَاء، وأغْمَرُهُ،
وَكَذَلِكَ فِي الْحَوْض.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: حَوْمَةُ الْقِتَال: مُعْظَمُه،
وَكَذَلِكَ من الرَّمْلِ وَغَيره قَالَ:
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الحَوْمُ الْكثير من الْإِبِل.
(5/179)
وَقَالَ اللَّيْث: الحَوَمَانُ دومان الطير
يَدُومُ ويَحُومُ حَوْلَ المَاءِ. غَيره: هُوَ يَحُوم حول المَاء
ويَلوبُ إِذا كَانَ يَدُور حولَه من الْعَطش.
وَقَالَ اللَّيْث: الحوائم الْإِبِل العِطَاشُ جِدّاً وَيُقَال:
لكل عطشان حائمٌ، وهامَةٌ حائِمةٌ قد عَطِش دِمَاغُها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الحُوَّمُ من الْإِبِل العطاشُ الَّتِي
تَحُوم حولَ الماءِ.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول عَلْقَمَة بن
عَبَدة:
كأسُ عزيزٍ من الأعنابِ عَتَّقَها
لِبَعْضِ أَربَابِها حَانِيَّةٌ حُومُ
قَالَ الحُومُ الْكَثِيرَة.
وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم: الحُومُ الَّتِي تحوم فِي الرَّأس أَي
تَدور.
وَقَالَ الليثُ: الحَوْمَانُ نباتٌ يكون بالبادية.
قلت: لم أسمع الحَوْمانَ فِي أَسمَاء النَّبَات لغير اللَّيْث،
وَأَظنهُ وهْماً مِنْهُ. وقرأت بِخَط شمر لأبي خيرة قَالَ:
الحَوْمَان وَاحِدهَا حَوْمَانَةٌ شَقائِقُ بَين الْجبَال، وَهِي
أطيب الحُزُونة وَلكنهَا جَلَد لَيْسَ فِيهَا إِكام وَلَا أبارِق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَا كَانَ فَوق الرَّمْلِ ودونه حِين تصعده
أَو تهبِطه.
وَقَالَ الأصمعيّ: الحَوْمَانَةُ وَجَمعهَا حَوَامِينُ، أماكِنُ
غِلاظٌ مُنْقَادَةٌ.
قلت: وَرَدْتُ رِكيَّة وَاسِعَة فِي جَوَ وَاسع يَلِي طرَفاً من
أطْرَاف الدق يُقَال لَهَا الحَوْمانة وَلَا أَدْرِي الحومانة
فوعال من فعل حَمَنُ أَو فَعَلان من حَام.
وَقَالَ زُهَيْر:
بحَوْمَانَةِ الدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم
ميح: قَالَ اللَّيْث: المَيْحُ فِي الاستِقَاءِ أَن ينزِلَ الرجُل
فِي قَرَار البِئْرِ إِذا قلَّ ماؤُها فَيمْلَأ الدَّلْوَ، يَمِيحُ
فِيهَا بِيَدِهِ ويَمِيحُ أصحابَه، والجميع مَاحَةٌ.
وَفِي الحَدِيث أَنهم وردوا بئْراً ذَمَةً أَي قَلِيلا ماؤُها.
قَالَ ونزلنا فِيهَا ستّةً مَاحَةً. وَأنْشد أَبُو عبيد:
يَا أَيُّها المَائِحُ دَلْوِي دُوْنَكَا
إِنِّي رأيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكا
وَقَالَ اللَّيْث: المَيْحُ يجْرِي مَجْرَى الْمَنْفَعَة، وكل من
أعطَى مَعْرُوفا فقد مَاحَ. والمُيُوحَةُ ضرْبٌ من الْمَشْي فِي
رَهْوجة حَسَنة.
وَأنْشد:
ميَّاحة تميح مَشْياً رَهْوَجَا
قَالَ: والبطّة مَشْيُها المَيْحُ، وَأنْشد لرؤبة:
من كُل مَيَّاحٍ تَرَاهُ هَيْكَلا
أرْجَلَ خِنْذِيذٍ وغَيْرِ أرْجَلاَ
قَالَ: وَقد ماحَ فَاه بالسوَاكِ يَمِيحُه إِذا شَاصَه وماصَه.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: ماح إِذا استَاك، وماح إِذا
تبخْتَر، وماح إِذا أفْضَل، وَيُقَال امْتَاحَ فلانٌ فلَانا إِذا
أَتَاهُ يطْلب فَضْلَه فَهُوَ مُمْتَاحٌ وامْتَاحت الشَّمْس
ذِفْرَي الْبَعِير إِذا استَدَّرت عَرَقَه.
وَقَالَ ابْن فَسْوَة يذكر مُعَذّر نَاقَته:
(5/180)
إِذا امتاحَ حَرُّ الشَّمسِ ذِفْرَاهُ
أَسْهَلَتْ
بِأَصْفَرَ مِنْهَا قَاطِر كُلَّ مَقْطَرِ
الْهَاء فِي ذِفْراه للمُعَذر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال لصُفْرة
البَيْض المَاحُ ولبياضه الآح.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل مُحُّ الْبيض بِالتَّشْدِيدِ مَا فِي جَوْفهِ
من أصْفَرَ وأبْيَضَ كلُّه مُحٌّ. قَالَ وَمِنْهُم من يَقُول
المُحَّةُ الصّفْرَاءُ.
وحم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرْأَة الحُبْلَى إِذا اشتهت
شَيْئا: قد وَحِمَتْ وَهِي تَحِمُ فَهِيَ وَحْمَى بينَة الوِحَام،
قَالَ والوَحَمُ والوِحَام فِي الدَّوَابّ إِذا حملت استعْصَت
فَيُقَال وَحِمَتْ. وَأنْشد:
قد رَابَهُ عِصْيَانُهُا وَوِحَامُها
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم فِي الشهوان: وَحْمَى
وَلَا حَبَلٌ: أَي أَنه لَا يذكر لَهُ شَيْء إلاَّ تَشَهَّاه
كَتَشَهي الحُبْلَى قَالَ: وَلَيْسَ يكون الوِحامُ إِلَّا فِي
شَهْوَةِ الحَبَل خاصَّةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَمن أمثالهم: وَحْمَى وأمّا حَبَلٌ
فَلاَ، يُقَال ذَلِك لمن يطْلُب مَا لَا حاجَةَ لَهُ فِيه من
حِرْصِه، لأنّ الوَحْمَى الَّتِي تَرْحَمُ فتشتهي كُلَّ شَيْء على
حَبَلها، فَقَالَ هَذَا يَشْتَهِي كَمَا تشْتَهي الحُبلى وَلَيْسَ
بِهِ حَبَلُ.
قَالَ: وَقيل لحُبْلَى: مَا تشتهين؟ فَقَالَت التَمْرَةَ وبِيَهْ
دَوَاهاً، وأَنَا وَحَمَى للدّكَة أَي للوَدَك. قلت: الوحَمُ شدَّة
شَهْوَة الحُبْلَى لشَيْء تأْكُلُه، ثمَّ يُقَال لكل مَن أفرط
شَهْوَته فِي شَيْء قد وَحِمَ يَوْحَمُ وَحَماً وَمِنْه قَول
الراجز:
أَزْمانَ ليلى عامَ ليلى وَحْمَى
فَجعل شَهْوَته للقاء لَيْلَى وَحَماً وأصل الوَحَمَ للحَبَالى.
وَأما قَول اللَّيْث: الوِحَام فِي الدّوابّ استعصاؤها إِذا
حَمَلت، فَهُوَ تَفْسِير بَاطِل فَأرَاهُ غلْطَةً إِنَّمَا غَرَّهُ
قَول لبيد يصف عَيْراً وأُتنَه فَقَالَ:
قد رَابَهُ عِصْيَانُها وَوِحَامُها
فَظن أَنه لما عطف قَوْله ووِحَامُها على قَوْله عِصْيانُها
أَنَّهُمَا شَيْء وَاحِد، وَالْمعْنَى فِي قَوْله وِحَامُها
شَهْوَة الأُتُنِ للعَيْرِ أَرَادَ أَنَّهَا تَرْيحُه سَرَّةً
وتستعصي عَلَيْهِ مَعَ شَهْوتِها لَهُ فقد رابه ذَلِك مِنْهَا حِين
ظهر لَهُ مِنْهَا شَيْئَانِ متضادّان.
ومح: أهمل الليثُ هَذَا البابَ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الومْحَةُ
الأثَرُ من الشَّمْس. وقرأت بِخَط شَمِر أنّ أَبَا عمروٍ أنْشد
هَذِه الأرجوزة:
لما تَمشَّيْتُ بُعَيْدَ العَتَمَهْ
سَمِعْتُ من فوقِ البُيوتِ كَدَمَهْ
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الحَزَمَهْ
يَؤُرُّها فَحْلٌ شديدُ الضَّمْضَمَه
أَي الضَّم للْأُنْثَى إِلَى نَفسه.
أَرّاً بِعَتَّارٍ إِذا مَا قَدَّمَهْ
فِيهَا انْفَرَى وَمَّاحُها وخَزَمَه
سدَّه بِذكرِهِ.
قَالَ: ومَّاحُها صَدْعُ فَرْجها. انْفَرَى أَي انْفَتح وانفتَقَ
لإيلاجه أَلا يريقه قلت وَلم أسمع هَذَا الْحَرْف إِلَّا فِي هَذَا
الرَّجَز وَهُوَ من نَوَادِر أبي عَمْرو.
(5/181)
بَاب اللفيف من حرف الْحَاء
حاء، وحوح، حيّ، حَيا، حوى، وَيْح، وَحي، محّ، حوي.
حاء: قَالَ اللَّيْث الحَاءُ حَرْفُ هِجَاءٍ مَقْصُور مَوْقُوف
فَإِذا جعلته اسْما مددته كَقَوْلِك: هَذِه حَاءٌ مَكْتُوبَة
ومدتها ياءان قَالَ كل حرف على خِلقتها من حُرُوف المعجم فألِفُها
إِذا مُدَّت صَارَت فِي التصريف ياءين.
قَالَ: والحَاءُ وَمَا أشبههَا تؤنَّث مَا لم تسمّ حَرْفاً وَإِذا
صغّرتها قلت حُيَيَّة، وَإِنَّمَا يجوز تصغيرها إِذا كَانَت
صَغِيرَة فِي الخطّ أَو خفِيّة وإلاَّ فَلَا.
قَالَ ابْن المظفر: وحاء ممدودة قَبيلَة. قلت: وَهِي فِي الْيمن
حاء وَحَكَمُ.
قَالَ اللَّيْث: وَيَقُولُونَ لِابْنِ مائةٍ: لَا حَاءَ وَلَا
سَاءَ أَي لَا محسنٌ وَلَا مُسِيءٌ، وَيُقَال: لَا رجُلٌ وَلَا
امرأةٌ. وَقَالَ بَعضهم تَفْسِيره أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يَقُول
حا، وَهُوَ زَجْرٌ للكبش عِنْد السفاد، وَهُوَ زَجْرٌ للغنم أَيْضا
عِنْد السَّقْي، يُقَال حَأْحَأْتُ بِهِ وحاحَيْتُ، وَقَالَ أَبُو
خيرة: حَأْحَأْ، وَقَالَ أَبُو الدُقَيش أُحُو أُحُوَ وَلَا
يَسْتَطِيع أَن يَقُول سَأْ وَهُوَ للحمار، وَيَقُول: سأْسأتُ
بالحمار إِذا قلت سَأْسَأْ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
قَوْمٌ يُحَاحُونَ بِالبهَامِ ونِسْ
وَانٌ قِصَارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ: حَاحَيْتُ بالمِعْزَى
حَيْحاءً ومحاحاة. قَالَ وَقَالَ الأحْمَرُ سَأْسَأْتُ بالحمار
وَقَالَ أَبُو عمر حَاحِ بِغَنَمك أَي أدَعُهَا عَمْرو عَن أَبِيه
قَالَ: الْحَوَّة الْكَلِمَة من الْحق من قَوْلهم لَا يُعْرَفُ
الحَوُّ من اللَّوِ أَي لَا يُعرف الْحق من الْبَاطِل. وَقَالَ
ابْن المظفر الأُحَاحُ الغيظ وَأنْشد:
طَعنا شَفَى سرائر الأُحَاحِ
وَقَالَ غَيره: أخّ كَأَنَّهُ توجّع مَعَ تَنَحْنحْ، وأحَّ الرجل
إِذا ردَّدَ التنحْنح، وَرَأَيْت لفُلَان أحِيحاً وأُحَاحاً وَهُوَ
توجُّعٌ من غيظ أَو حزْن وَقَالَ أَبُو عبيد: الأُحاحُ الْعَطش
قَالَ: وَقَالَ الْفراء فِي صَدره أُحَاحٌ، وأحَيْحَة من الضّيق
وَفِي صدْرِه أُحَيْحَةٌ وأُحَاحٌ من الغيظ والْحقد وَبِه سمي
أُحَيْحَة بن الجُلاح، وَأنْشد غَيره:
يطوى الْحيازيم على أُحَاح
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأُحاح من الْحر
أَو الْعَطش أَو من الْحزن.
وحوح: قَالَ اللَّيْث: الوَحْوَحَةُ الصَّوْت. وَقَالَ ابْن
دُرَيْد وحْوَحَ الرجل من البَرْد إِذا ردّد
(5/182)
نَفَسه فِي حَلْقه حَتَّى تسمع لَهُ
صَوْتاً. قَالَ: وضَرْبٌ من الطَّيْرِ يُسمى الوَحْوَحَ. وَقَالَ
الْكُمَيْت:
ووَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُها
وَلم يَكُ فِي النُّكْدِ المَقاليتِ مَشْخَبُ
قَالَ اللحياني: وحْ زجر الْبَقَرَة، وَقد وَحْوَحَ بهَا. وَرجل
وَحْوَحٌ شَدِيد يَنْحِمُ عِنْد عمله لنشاطه وشدَّته وَرِجَال
دَحادِحُ، وَقَالَ الراجز:
يَا رُبَّ شيْخٍ من لُكَيْزٍ وَحْوَحٍ
عَبْلٍ شديدٍ أَسْرُهُ صَمَحْمَح
قَالَ والصمَحْمحُ: الشَّديد. وتوحْوحَ الظليمُ فَوق البَيْضِ إِذا
رَئمهَا وَأظْهر وَلُوعَه بهَا. وَقَالَ تميمُ بن مقبل:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيَ تَوَحْوَحَ فَوْقَها
هِجَفَّانِ مِرْيَاعا الضُّحَى وَحَدَانِ
حَيّ مثقلة: يُندَبُ بهَا ويدعى بهَا، يُقَال: حيَّ على الْفِدَاء
حيَّ على الْخَيْر. قَالَ وَلم يشتقَّ مِنْهُ فِعْلٌ قَالَ ذَلِك
اللَّيْث وَقَالَ غَيره: حَيَّ حَثٌّ ودُعَاءٌ وَمِنْه قَول
الْمُؤَذّن: حيَّ على الصَّلَاة، حيَّ على الْفَلاح مَعْنَاهُ عجّل
إِلَى الصَّلَاة وَإِلَى الْفَلاح، وَقَالَ ابْن أحْمر الجاهلي:
أنشأْتُ أسأَلُه مَا بالُ رُفْقَتِه
حَيَّ الحُمُولَ فإنّ الرَكْبَ قد ذهبَا
أَي عَلَيْك بالْحُمولِ فقد مَرُّوا. وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل عَن
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَرَبُ تَقول حَيَّ هَلْ
بفلان وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيّ هَلاً بفلان أَي أعْجِل.
أَبُو عبيد عَن الأسمر مثلُه فِي اللُّغَات الثَّلَاث. قَالَ شمر:
أنْشد مُحاربٌ لأعرابيّ وَنحن فِي مسجدٍ يَدْعُو مؤذنُه:
حَيَّ تعالَوْا وَمَا نَامُوا وَمَا غَفَلُوا
قَالَ: ذهب إِلَى الصَّوْت نَحْو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وَزعم عمر
بن الْخطاب أَن الْعَرَب تَقول حيَّ هَلَ الصَّلَاة ائْتِ
الصَّلَاة، جعلَهُما اسْمَيْنِ فنصبَهما وَقَالَ:
بِحَيَّ هلا يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ
أَمَامَ المَطَايَا سيرُهُنّ تَقَاذُفُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سمع أَبُو مَهْدية رجلا يَقُول
بِالْفَارِسِيَّةِ زُدذْ زُدذْ فَقَالَ: مَا يَقُول؟ فَقيل يَقُول
عجلْ عجلْ فَقَالَ: أَو لَا يَقُول حَيَّ هَلَكْ وَرُوِيَ عَن ابْن
مسعودٍ أَنَّه قَالَ إِذا ذُكر الصالحون فحيّ هَلْ بِذِكْر عمر
مَعْنَاهُ عجلْ بِذكْرِ عُمَر وَقَالَ لبيد:
وَلَقَد يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّ هَلْ
وَقَالَ النَّضر الْحَيْهَلُ شجر، رَأَيْت حَيْهَلاً وَهَذَا
حَيْهَلٌ كثيرٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الهَرْمُ من الحَمْض يُقَال لَهُ حَيْهَلٌ،
الْوَاحِدَة حيهَلَةٌ: قَالَ: وسُميَ بِهِ لأنّه إِذا أَصَابَهُ
الْمَطَر نَبَتَ سَرِيعا وَإِذا أكلَتْهُ الْإِبِل فَلم تَبْعَر
وَلم تَسْلَحْ مُسْرِعةً ماتَتْ.
حَيا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال حَيِي يحيا فَهُوَ حَيٌّ وَيُقَال
للْجَمِيع حَيُّوا بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ ولغة أُخْرَى يُقَال
حَيَّ يَحَييُّ، والجميع حَيُوا خَفِيفَة.
(5/183)
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَيَحْيَى مَنْ
حَىَّ عَن بَيِّنَةٍ} (الْأَنْفَال: 42) قَالَ الفرّاء: كِتَابُها
على الْإِدْغَام بياءٍ واحدةٍ وَهِي أكثرُ الْقِرَاءَة.
وَقَالَ بَعضهم حَيِيَ عَن بيّنَةٍ بإظهارهما. قَالَ: وَإِنَّمَا
أدْغَمُوا الياءَ مَعَ اليَاءِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا
يَفْعَلُوا لِأَن الْيَاء الآخِرَةَ لَزِمَهَا النصبُ فِي فعلٍ
فأدغموا لَمّا الْتَقَى حَرْفَانِ متحركَانِ من جنسٍ واحِد. قَالَ
وَيجوز الْإِدْغَام فِي الِاثْنَيْنِ للحركة اللاّزمة للياء
الآخِرة. فَتَقول حَيَّا وحَيِيَا، وَيَنْبَغِي للْجَمِيع أَن لَا
يُدْغَم إِلَّا بِيَاءٍ لِأَن ياءَها يصيبُها الرفعُ وَمَا قبلهَا
مكسورٌ فَيَنْبَغِي لَهَا أَن تسْكُنَ فَتسقط بِواوِ الجَمْعِ،
وربّما أظهرت العربُ الإدغَامَ فِي الْجمع إرَادَة تأليفِ
الأفْعَال وَأَن تكون كلُّها مشدّدة فقالو فِي حَيِيتُ حَيُّوا
وَفِي عَيِيتُ عَيُّوا قَالَ: وأنشدني بَعضهم:
يَحْدِنَ بِنَا عَنْ كُل حَيَ كأنَّنَا
أَخَارِيْسُ عَيُّوا بالسَّلاَمِ وبالنَّسَبْ
قَالَ: وَقد أَجمعت العرَبُ على إدغام التحيّة لحركة الْيَاء
الآخِرة كَمَا استحبوا إدغام حَيّ وعَيّ للحركة اللاّزمة فِيهَا.
فأمّا إِذا سكنت الْيَاء الْأَخِيرَة فَلَا يجوز الإدغامُ مثل
يُحْيِي ويُعْيِي. وَقد جَاءَ فِي بعض الشّعْر الإدْغَامُ وَلَيْسَ
بالوجْه. قلت: وَأنكر البصريون الْإِدْغَام فِي مثل هَذَا الْموضع
وَلم يَعْبأ الزجّاج بِالْبَيْتِ الَّذِي احتجّ بِهِ الفرّاء
وَقَالَ: لَا يعرف قَائِله.
وكأَنّها بينَ النسَاءِ سَبِيكَةٌ
تَمْشِي بِسُدَّةِ بَيْتِها فَتُحَيَّ
حَدثنَا الْحُسَيْن عَن عُثْمَان بن أبي شَيْبَة عَن أبي
مُعَاوِيَة عَن إِسْمَاعِيل بن سُمَيعْ عَن أبي مَالك عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَول الله: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيِّبَةً}
(النّحل: 97) قَالَ هُوَ الرزْقُ الحلالُ فِي الدُّنْيَا
{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ
يَعْمَلُونَ} (النّحل: 97) إِذا صارُوا إِلَى الله جَزَاهم أجرهم
فِي الْآخِرَة بأحسنِ مَا عمِلُوا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الحَيُّ: الحقُّ واللَّيُّ الباطِلُ
وَمِنْه قَوْلهم: هُوَ لَا يَعرِف الحَيَّ من اللَّي وَكَذَلِكَ
الحوُّ من اللَّوِ فِي الْمَعْنيين. قَالَ: وَأَخْبرنِي المنذريّ
عَن ابْن حَمُّويَةَ، قَالَ سَمِعت شمراً يَقُول فِي قَول الْعَرَب
فلَان لَا يعرف الحَوَّ من اللَّو الحَوُّ نَعَمْ واللَّوُّ: لَو
قَالَ، والحَيُّ الحَوِيّةُ واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أَي فَتْلُه
يُضرب هَذَا لِلأَحمق الَّذِي لَا يعرف شَيْئا.
قَالَ والحيُّ فَرْج الْمَرْأَة، وَرَأى أعرابيٌ جهازَ عَروسٍ
فَقَالَ: هَذَا سَعَفُ الحَيّ أَي جهازُ فَرْجِ امرأةٍ. قَالَ:
والحيُّ كلُّ مُتَكَلم نَاطِق. قَالَ والحَيّ من النَّبَات مَا
كَانَ طرِيّاً يهتزُّ، والحيُّ الواحِدُ من أَحْيَاءِ الْعَرَب.
قَالَ والحِيّ بِكَسْر الْحَاء جمع الْحَيَاة وَأنْشد:
وَلَو ترى إِذا الحياةُ حِيّ
قَالَ الفرّاء كسروا أَوّلها لِئَلَّا يتبدل الياءُ واواً كَمَا
قَالُوا بِيضٌ وعِينٌ. قَالَ الْأَزْهَرِي: الحيُّ من أَحْياءِ
الْعَرَب يَقع على بني أبٍ كَثُروا أم قلّوا، وعَلى شَعْبٍ يجمع
الْقَبَائِل من ذَلِك قَول الشَّاعِر:
(5/184)
قَاتَلَ اللَّهُ قَيْسَ عَيْلاَنَ حَيّاً
مَا لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجَابِ
أنْشدهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحَيَاة كتبت بِالْوَاو فِي الْمُصحف ليُعلم
أَن الْوَاو بعد الْيَاء، وَقَالَ بَعضهم بل كتبت واواً على لُغَة
من يفخم الْألف الَّتِي مرجعها إِلَى الْوَاو، نَحْو الصلوة،
والزكوة، وحَيْوَة اسْم رجل بِسُكُون الْيَاء، وَأَخْبرنِي
الْمُنْذِرِيّ عَن الغساني عَن سَلَمة عَن أبي عُبَيْدَة فِي
قَوْله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ} (البَقَرَة: 179) أَي
منفعةٌ، وَمِنْه قَوْلهم لَيْسَ بفلان حَيَاة أَي لَيْسَ عِنْده
نَفْعٌ، وَلَا خيرٌ.
وَيُقَال حايَيْتُ النَّار بالنفْخ كَقَوْلِك أحْيَيْتُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: أنْشد بعض الْعَرَب بَيت ذِي الرمة:
فقلتُ لَهُ ارْفَعْهَا إليكَ وَحَايِها
بِرُوحِكَ واقْتَتْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرا
وَغَيره يرويهِ وأحْيها، وسمعتُ العربَ تَقول إِذا ذَكَرَتْ
مَيتاً: كُنَّا سَنَة كَذَا وكَذَا بمَكَان كَذَا وكَذَا، وَحَيُّ
عمروٍ مَعنا، يُرِيدُونَ: عَمْرُو مَعَنَا حَيٌّ بذلك الْمَكَان،
وَكَانُوا يَقُولُونَ: أَتَيْنَا فلَانا زَمَانَ كَذَا وحيُّ فلَان
شاهدٌ وحيُّ فلانَةَ شاهدَةٌ، الْمَعْنى وفلانٌ إِذْ ذَاك حَيٌّ
وَأنْشد الفرّاء فِي هَذَا:
أَلا قَبَحَ الإِلهُ بَنِي زِيَادٍ
وحَيَّ أبِيهِمُ قَبْحَ الحِمَارِ
أَي قبّح الله بني زِيَاد وأباهم. وَقَالَ ابْن شميلٍ: يقالُ
أَتَانَا حَيُّ فلانٍ أَي أَتانا فِي حَيَاتِه وسمعتُ حَيَّ فلَان
يَقُولُونَ كَذَا أَي: سمعته يَقُول فِي حياتِه. أَخْبرنِي
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنَّهُ أنْشدهُ:
أَلا حَيَّ لي مِنْ ليلةِ القَبْرِ أَنَّهُ
مَآبٌ وَلَو كُلفْتُه أَنا آئِبُهْ
قَالَ: أَرَادَ أَلا يُنْجِيَنِي من لَيْلَة القَبْرِ. وَقَالَ
الكسائيّ: يُقَال لَا حَيّ عَنهُ أَي لَا مَنْعَ مِنْهُ وَأنْشد:
ومَنْ يَكُ يَعْيَا بالبيَان فإنَّه
أَبُو مَعْقِلٍ لَا حَيَّ عَنهُ وَلَا حَدَدْ
قَالَ الفرّاء مَعْنَاهُ: لَا يَحُدُّ عَنْه شيءٌ، وَرَوَاهُ:
فإِنْ تَسْأَلُوني بالبيَانِ فإناه
أَبُو مَعْقِلٍ الخ
وَالْعرب تذكّر الحيَّةَ وتؤنّثها فَإِذا قَالَت: الحيُّوتُ
عَنَوْا الْحَيَّة الذَّكَر.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فِي الحَدِيث أَنّ الرجل الميّتَ يُسأل
عَن كلّ شَيْء حَتَّى عَن حيَّة أَهْلِه قَالَ مَعْنَاهُ عَن كل
شَيْء حيَ فِي منزله مثل الهِرّة وَغَيره، فأنَّث الحيّ وَقَالَ
حيَّة، ونحوَ ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد فِي تَفْسِير هَذَا الْحَرْف: قَالَ وإنَّما
قَالَ حيَّةٌ لأنَّه ذهب إِلَى كلّ نفس أَو دَابَّةٍ فأنّث لذَلِك.
عَمْرو عَن أَبِيه: الْعَرَب تَقول: كَيفَ أَنْت وَكَيف حَيَّةُ
أهْلِك، أَي كَيفَ مَنْ بَقِي مِنْهُم حَيّاً. قلت: وللعرب
أَمْثَالٌ كَثِيرَة فِي الحَيّة نَذْكُرُ مَا حضرَنا مِنْهَا،
سمعتُهم يَقُولُونَ فِي بَاب التَّشْبِيه: هُوَ أَبْصَرُ من
حيَّةٍ؛ لِحدَّة بَصَره وَيَقُولُونَ: هُوَ أظْلمُ من حيّة،
لِأَنَّهَا تَأتي جُحْرَ الضبّ فتأكل حِسْلها وتسكن
(5/185)
جُحْرُهُ. وَيَقُولُونَ: فلانٌ حَيَّةُ
الْوادِي إِذا كَانَ شديدَ الشكيمة حاميَ الْحَقِيقَة. وهم حَيَّةُ
الأرْضِ إِذا كانُوا أَشِدَّاء ذَوي بَسالة، وَمِنْه قَول ذِي
الإصبع العَدْوانيّ:
عَذِيرَ الحَي من عَدْوَا
نَ كَانُوا حَيَّةَ الأرْضِ
أَرَادَ أَنَّهم كَانُوا ذَوي إِرْبٍ وشِدَّة لَا يضيعون ثأراً.
وَيُقَال: فلَان رأسُه رأْسُ حيَّةٍ إِذا كَانَ متوقداً ذَكيّاً
شَهْماً. وفلانٌ حَيَّةٌ ذَكَرٌ أَي شُجَاع شديدٌ. ويُدْعَى على
الرجُلِ فيقالُ: سقَاهُ الله دم الحيَّاتِ أَي أهْلَكَه اللَّهُ.
وَيُقَال: رَأَيْت فِي كتابٍ كتَبَه فلانٌ فِي أمرِ فلَان حيَّاتٍ
وعَقَارِبَ إِذا مَحَلَ كاتبهُ برجُلٍ إِلَى سلطانٍ ليُوقِعَه فِي
وَرْطة. وَيُقَال للرجُلِ إِذا طَال عُمْره وللمرأَة المعمَّرة:
مَا هُوَ إِلَّا حيَّةٌ وَمَا هِيَ إِلَّا حَيَّةٌ، وَذَلِكَ أَن
عمر الحيَّة يطول وَكَأَنَّهُ سمّي حيَّةً لطول حَيَاته وَأَنه
قَلَّمَا يُوجد مَيتا إِلَّا أَن يُقْتل. أَبُو الْعَبَّاس عَن
ابْن الأعرابيّ: فلَان حيَّةُ الْوَادي، وحيَّةُ الأرْضِ
وَشَيْطَان الحَمَاطِ إِذا بلغ النِّهَايَة فِي الإرْب والخُبْثِ
وَأنْشد الفرّاء:
كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ
وَقَول مَالك بن الْحَارِث الْكَاهِلِي:
فَلَا يَنْجُو نَجَائي ثَمَّ حَيٌّ
من الحَيَواتِ لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ
كل مَا هُوَ حَيٌّ، فَجَمعه حَيَوات، وَتجمع الحيَّة حَيَوَات،
وَفِي الحَدِيث: (لَا بَأْس بقتل الحيَوَات) جمع الحيَّة.
والحيَوَانُ اسمٌ يَقع على كل شيءٍ حَيَ. وسمَّى الله جلَّ وعزَّ
الْآخِرَة حَيَوَانا فَقَالَ: {لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ
الاَْخِرَةَ} (العَنكبوت: 64) فحدثنا ابْن هَاجَك عَن حَمْزَة عَن
عبد الرازق عَن معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَهْوٌ وَلَعِبٌ
وَإِنَّ الدَّارَ الاَْخِرَةَ} قَالَ: هِيَ الحَيَاةُ. قَالَ
الْأَزْهَرِي: مَعْنَاهُ أَنَّ من صَار إِلَى الْآخِرَة لم يَمُتْ
ودام حَيّاً فِيهَا لَا يَمُوت، فَمن أُدْخِلَ الجنَّةَ حَيِيَ
فِيهَا حَيَاة طيبَة، وَمن دَخَلَ النارَ فإنّه لَا يَمُوت فِيهَا
وَلَا يَحْيَا، كَمَا قَالَ الله جلَّ وعزَّ. وكُلُّ ذِي رُوح
حيوانٌ. وَالْحَيَوَان عَيْنٌ فِي الْجنَّة. ابْن هانىء عَن زيد بن
كَثوة: من أمثالهم: حَيَّهِنْ حِماري وحمارَ صَاحِبي. حَيهِنْ
حِماري وَحْدي. يُقَال ذَلِك عِنْد المَزْرِئَة على الَّذِي يستحقّ
مَا لَا يملِكُ مكابرَةً وظُلْماً، وأَصْلُه أنَّ امرأَةً كَانَت
رافقت رَجُلاً فِي سفَرٍ وَهِي راجلة وهُو على حِمَار، قَالَ
فَأَوَى لَها وأَفْقَرها ظَهرَ حِمَارِه، وَمَشى عَنْهَا،
فَبَيْنَمَا هما فِي مسيرهما إِذْ قَالَت وَهِي راكبة عَلَيْهِ
حَيَّهِن حِمارِي وحِمار صَاحِبي، فَسمع الرجل مقالَتهَا فَقَالَ:
حَيَّهِنْ حِماري وَحْدي، وَلم يَحْفِل لقولها وَلم يُنْغِضْها،
فَلم يَزَالَا كَذَلِك حَتَّى بلغت النَّاسَ فلمَّا وثقت قَالَت:
حَيَّهِنْ حِمَاري وحْدِي وَهِي عليْه فنازَعَها الرجلُ إيّاه،
فاستغاثت عَلَيْهِ، فَاجْتمع لَهما الناسُ والمرأةُ راكبةٌ على
الْحمار وَالرجل راجل، فَقُضِي لهَا عَلَيْهِ بالحمارِ لِمَا
رَأَوْا فَذَهَبت مثلا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال أَرض مَحْيَاةٌ ومَحْوَاةٌ من
الحَيَّات.
(5/186)
وَقَالَ ابْن المظفّر: الحَيَوانُ كلٌّ ذِي
رُوحٍ، والجميع وَالْوَاحد فِيهِ سواءٌ. قَالَ: والحَيَوان مَاءٌ
فِي الْجنَّة لَا يُصِيب شَيْئا إِلَّا حَيِيَ بِإِذن الله. قَالَ:
واشتقاق الحيَّةِ من الحيَاةِ، وَيُقَال هِيَ فِي أصل الْبناء
حَيْوَة فأُدْغِمت الْيَاء فِي الْوَاو، وجُعلتا يَاء شَدِيدَة.
قَالَ وَمن قَالَ لصَاحب الحيَّاتِ حَايٍ فَهُوَ فاعلٌ من هَذَا
البِنَاءِ وَصَارَت الْوَاو كسْرةً كواو الغازِي والعالي.
وَمن قَالَ حَوّاء على فَعَّال فَإِنَّهُ يَقُول: اشتقاق الحيَّةِ
من حَوَيْتُ لِأَنَّهَا تَتَحَوَّى فِي الْتوائها، وكُل ذَلِك
تَقول العربُ. قلت: وَإِن قيل حَاوٍ على فَاعل فَهُوَ جَائِز،
والفرْقُ بَينه وَبَين غازِي أَنَّ عين الْفِعْل من حاوٍ وَاوٌ
وعينَ الْفِعْل من الغازِي الزَّاي فبينهما فرق. وَهَذَا يَجُوزُ
على قولِ من جعل الحيَّة فِي أصل الْبناء حَوْيَةً.
وَقَالَ الليثُ الحياءُ من الاستحياء ممدودٌ وَرجل حَيِيٌّ بِوَزْن
فَعِيلٍ وَامْرَأَة حَيِيَّةٌ وَيُقَال: استحيا الرجل واستحْيَتْ
المرأةُ. قلت: وللعرب فِي هَذَا الْحَرْف لُغَتَانِ يُقَال اسْتَحى
فلَان يستَحِي بياءٍ واحدةٍ، واستحْيَا فلَان يَسْتَحْيي بياءين.
والقرآنُ نَزَلَ باللُّغة التامَّة.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَن
يَضْرِبَ مَثَلاً} (البَقَرَ: 26) .
وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اقْتُلوا شُيُوخَ
المُشْركين واستَحْيُوا شَرْخَهُمْ فَهُوَ بِمَعْنى استفْعِلُوا من
الْحَيَاة أَي استبْقوهم وَلَا تَقْتُلُوهُمْ.
وَكَذَلِكَ قَول الله {طَآئِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ
أَبْنَآءَهُمْ} (القَصَص: 4) أَي يستبْقِيهِنّ فَلَا يقتلُهن.
وَلَيْسَ فِي هَذَا الْمَعْنى إِلَّا لُغَةٌ وَاحِدَة. وَيُقَال
فلانٌ أَحْيَا من الهَدِي وَأَحْيَا من كَعَابٍ وَأَحْيَا من
مُخَدَّرةٍ وَمن مخبَّأَةٍ، وَهَذَا كُله من الْحيَاء ممدودٌ،
وَأما قولُهم أَحْيَا من الضَّب فَهِيَ الحياةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال حَيِيتُ من فعل كَذَا أَحْيَا حَيَاءً
أَي استَحْيَيتُ وَأنْشد:
أَلا تَحْيَوْنَ من تَكْثِيرِ قَوْمٍ
لِعَلاَّتٍ وأمُّكُمُ رَقُوبُ
مَعْنَاهُ أَلا تَسْتَحْيُونَ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (الحَيَاءُ
شعبةٌ من الْإِيمَان) . وَاعْترض هَذَا الحديثَ بعضُ النَّاس،
فَقَالَ كيفَ جعل الحيَاءَ وَهُوَ غرِيزةٌ شُعْبَة من الْإِيمَان
وَهُوَ اكتسابٌ؟ وَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن المستحِي يَنْقَطِع
بالحياءِ عَن المعَاصِي وَإِن لم تكن لَهُ تقِيَّةٌ، فَصَارَ
كالإيمان الَّذِي يُقْطعُ عَنْها ويحول بَين الْمُؤمنِينَ
وبيْنهَا، وَكَذَلِكَ قِيلَ إِذا لم تَسْتَحِ فاصنعْ مَا شِئْتَ،
يُرَادُ أَنَّ من لم يَسْتَحِ صَنَع مَا شَاءَ لأنّه لَا يكون لَهُ
حياءٌ يَحْجِزُه عَن الفواحِش فيتهافَتُ فِيهَا وَلَا يتوقّاها،
وَالله أعلم.
وَأما قَول الله جلَّ وعزَّ مُخْبِراً عَن طائفةٍ من الكفّار لم
يُؤمنُوا بِالْبَعْثِ والنشور بعد الْمَوْت {تَذَكَّرُونَ
وَقَالُواْ مَا هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ
وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ
بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} (الجَاثِيَة:
24) فإنّ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن
(5/187)
يحيى سُئِل عَن تفسيرِها فَقَالَ: اختُلِفَ
فِيهِ، فَقَالَت طائِفَةٌ: هُوَ مقدم ومؤخر وَمَعْنَاهُ نحيا
وَنَمُوت وَلَا نحيا بعد ذَلِك.
وَقَالَت طائِفَةٌ: مَعْنَاهُ نَحْيَا ونَمُوتُ وَلَا نَحْيَا
أبدا، ويحيا أولادُنا بَعْدَنا فَجعلُوا حياةَ أَوْلاَدِهم
بَعْدَهُم كحياتهم، ثمَّ قَالُوا: وَيَمُوت أَوْلاَدُنا فَلَا نحيا
وَلاَ هُمْ.
وَقَالَ ابْنُ المظَفَّر فِي قَول المصلّي فِي التَّشَهُّد:
التحيَّاتُ للَّهِ، قَالَ: مَعْنَاهُ: الْبَقَاء للَّهِ، وَيُقَال:
المُلْكُ للَّهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن سلَمَةَ عَن الفرّاء
أَنّه قَالَ فِي قَول الْعَرَب حَيَّاكَ اللَّهُ، مَعْنَاهُ: أبقاك
اللَّهُ، قَالَ: وحَيّاكَ أَيْضاً أَي ملّكك اللَّهُ، قَالَ:
وحيّاك أَي سلّم عَلَيْك. قَالَ وَقَوْلنَا فِي التَّشَهُّد:
التَّحِيَّاتُ للَّهِ يُنْوَى بهَا البقاءُ للَّهِ وَالسَّلَام من
الآفاتِ لله والمُلْكُ للَّهِ. وَنَحْوَ ذَلِك قَالَ أَبُو طَالب
النحويُّ فِيمَا أفادني عَنهُ الْمُنْذِرِيّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو: التحيَّةُ: المُلْكُ
وَأنْشد قَول عَمْرو بن معدي كرب:
أسيرُها إِلَى النُّعْمَانِ حَتَّى
أُنِيْخَ على تَحِيَّتِه بِجُنْدي
يَعْنِي على مُلْكِه، وَأنْشد قَول زُهَيْر بن جَنَابٍ الكَلْبي:
وَلَكُلُّ مَا نَالَ الفَتَى
قَدْ نِلْتُه إلاَّ التَّحِيَّة
قَالَ يَعْنِي المُلْكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: والتحيَّةُ فِي غير هَذَا: السلامُ.
قَالَ خَالِد بن يزِيد: لَو كَانَت التحيَّةُ المُلْكَ لما قيل
التحيَّاتُ لِلَّهِ، وَالْمعْنَى السلاَمَاتُ من الْآفَات كلهَا
لِلَّهِ، وجَمَعَها لِأَنَّهُ أَرَادَ السَّلَام من كل آفَةٍ.
وَقَالَ القتبي: إِنَّمَا قيل التحيّات لِلَّهِ على الْجمع
لِأَنَّهُ كَانَ فِي الأَرْض مُلُوك يُحَيَّوْن بتحيّاتٍ
مُخْتَلفَة يُقَال لبَعْضهِم: أبيتَ اللَّعْن، ولبعضهم اسْلَمْ
وانْعَمْ، وَعِشْ ألفَ سنَةٍ، فَقيل لنا قُولُوا: التحيَّاتُ
لِلَّهِ، أَي الْأَلْفَاظ الَّتِي تَدُل على المُلْكِ ويُكَنَّى
بهَا عَن المُلْكِ هِيَ للَّهِ تَعَالَى.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه كَانَ يُنكر
فِي تَفْسِير التَّحِيَّة مَا روينَاهُ عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة،
وَيَقُول: التحيَّةُ فِي كَلَام الْعَرَب مَا يُحيي بِهِ بعضُهم
بَعْضًا إِذا تلاقَوْا. قَالَ: وتحيّةُ اللَّهِ الَّتِي جعلهَا فِي
الدُّنْيَا والآخرةِ لِمُؤْمِنِي عبادِه إِذا تلاقَوْا ودعا بعضُهم
لبَعض بأَجْمَعِ الدُّعَاءِ أَن يَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم
ورَحْمَةُ اللَّهِ.
قَالَ اللَّهُ فِي أهل الْجنَّة: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً
تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ
أَجْراً كَرِيماً} (الْأَحْزَاب: 44) وَقَالَ فِي تحيَّة
الدُّنْيَا {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ
مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ} (النِّسَاء: 86) وَقَالَ فِي قَول زُهَيْر
بن جناب:
ولَكُلُّ مَا نَال الْفَتَى
قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التّحِيَّة
يُرِيد إلاّ السَّلامَة من المنيّة والآفات فَإِن أحدا لَا يسلم من
الموتِ على طول البقَاءِ. فَجعل أَبُو الْهَيْثَم معنى (التحياتُ
لِلَّهِ) أَي السَّلَام لَهُ من الْآفَات الَّتِي تلْحق الْعباد من
العَناء وَأَسْبَاب الفناء
(5/188)
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو
الْهَيْثَم حسَنٌ ودلائله وَاضِحَة غير أَن التحيّة وَإِن كَانَت
فِي الأَصْلِ سَلاما فَجَائِز أَن يُسَمَّى المُلْكُ فِي
الدُّنْيَا تحيّةً كَمَا قَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو، لِأَن
المَلِكَ يُحيَّا بِتَحِيّة المُلْكِ الْمَعْرُوفَة للملوك الَّتِي
يباينون فِيهَا غيرَهم، وَكَانَت تَحِيَّة مُلُوك الْعَجم قريبَة
فِي الْمَعْنى من تَحِيَّة مُلوكِ الْعَرَب، كَانَ يُقَال
لِمَلِكِهم زِهْ هَزَارْ سَالْ، الْمَعْنى عِشْ سالما ألفَ سنة.
وَجَائِز أَن يُقَال للبقاء تحيَّةً لِأَن من سَلِمَ من الْآفَات
فَهُوَ باقٍ، وَالْبَاقِي فِي صفة اللَّهِ من هَذَا لِأَنَّهُ لَا
يَمُوت أبدا، فَمَعْنَى حيَّاك اللَّهُ: أَي أَبقاك صحيحٌ، من
الْحَيَاة، وَهُوَ الْبَقَاء. يُقَال: أَحْيَاهُ اللَّهُ وحيَّاه
بِمَعْنى وَاحِد، وَالْعرب تسمي الشيءَ باسم غيرِه إِذا كَانَ
مَعَه أَو من سَببه.
أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مُعاذ عَن حَاتِم بن المظفّر أَنه سَأَلَ
سَلَمة بن عَاصِم عَن قَوْله: حيّاك اللَّهُ، فَقَالَ: بِمَنْزِلَة
أَحْيَاكَ اللَّهُ أَي أبقاك اللَّهُ مثل كرّم اللَّهُ وَأكْرم
اللَّهُ، قَالَ: وَسَأَلت أَبَا عُثْمَان الْمَازِني عَن حيّاك
اللَّهُ فَقَالَ عَمَّرك اللَّهُ.
وَقَالَ الليثُ: المحاياةُ الغِذاء للصبيّ بِمَا بِهِ حَيَاتُه،
وَقَالَ: حَيَا الرّبيع مَا تحيا بِهِ الأَرْض من الْغَيْث.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال أَحْيَا القومُ إِذا مُطِروا
فأصابت دوابُّهم العشب وسمنت. وَإِن أرادُوا أنفسَهم قَالُوا:
حَيُوا بعد الهزال. والحَيَا الغيثُ مقصورٌ لَا يمدّ. وحَيَاءُ
الشَّاةِ والناقةِ والمرأةِ ممدودٌ وَلَا يجوز قصْره إِلَّا لشاعرٍ
يُضطرّ فِي شعره إِلَى قَصْره. وَمَا جَاءَ عَن الْعَرَب إِلَّا
ممدوداً، وَإِنَّمَا قيل لَهُ حَيَاءٌ باسم الحياءِ من الاستحياء
لِأَنَّهُ يُسْتَرُ من الآدميّ، ويكنّى عَنهُ من الْحَيَوَان
ويستفحش التَّصْرِيح بِذكرِهِ واسْمه الْمَوْضُوع لَهُ، ويستحى من
ذَلِك، سمّي حَيَاء لهَذَا الْمَعْنى. وَقد قَالَ اللَّيْث: يجوز
قصر الْحيَاء ومدُّه وَهُوَ غلطٌ لَا يجوز قصره لغير الشَّاعِر
لِأَن أصْلَه الْحيَاء من الاستحياء.
حوى: قَالَ اللَّيْث: حَوى فلانٌ مالَه حَيَّاً وحَوَايةً: إِذا
جمعه وأَحْرزه. واحْتَوَى عَلَيْهِ. قَالَ: والْحوِيُّ استدارةُ كل
شيءٍ كَحوِيّ الحيّة، وكحويّ بعضِ النُّجُوم إِذا رأيتَها على
نَسَق واحدٍ مستديرةً. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: الحَوِيُّ المَالِكُ بعد اسْتِحْقَاق. والحَوِيُّ
العليل والدويُّ الأحْمَقُ مشدَّدَات كلهَا. قلت: والحَوِيُّ
الحُوَيْضُ الصَّغِير يسويه الرجلُ لبعيره يسْقِيه فِيهِ وَهُوَ
المرْكُوّ يُقَال قد احتويت حَوِيّاً. وأمّا الحَوَايَا الَّتِي
تكون فِي القِيعانِ والرِياض، فَهِيَ حفائرُ ملتوِيةٌ يملؤُها ماءُ
السيلِ فَيبقى فِيهَا دهْراً لأنّ طين أَسْفَلهَا عَلِكٌ صُلْبٌ
يُمْسِكُ الماءَ، واحدتها حَوِيّةٌ. وَقد تسميها الْعَرَب
الأَمْعاء تَشْبِيهاً بحوايا البطْن.
أَبُو عُمَرَ: الحَوايَا المساطِح، وَهُوَ أَن يَعْمِدوا إِلَى
الصَّفا فيَحْوون لَهُ تُرَابا يحبس عَلَيْهِم الماءَ، واحدتها
حَوِيّة حَكَاهَا عَن ابْن الْأَعرَابِي وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن
أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرّاء فِي قَول اللَّهِ جلَّ وعزَّ
{أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}
(5/189)
(الأنعَام: 146) ، قَالَ: وَهِي المباعِرُ
وَبَنَات اللَّبن، وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
أَنه قَالَ: هِيَ الحِوَايَّةُ والحاوِية وَهِي الدَّوَّارة
الَّتِي فِي بطن الشَّاة، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرّاني عَن
ابْن السّكيت أَنّه قَالَ: الحاوِياتُ بَنَات اللّبن، يُقَال
حاوِيةٌ وحاوِيَات وحاوِياءُ مَمْدُود. قَالَ: وحَوِيّة وحوايا
وحَوِيّات. قَالَ: والحَاوِياءُ وَاحِدَةُ الحَوَايَا. وَقَالَ
أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال حَاوِيَةٌ وحَوايا مثل زَاوِيةٌ
وزَوَايا، وراوية وروايا قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول حَوِيَّةٌ
وحوَايَا، مثل الحَوِيّة الَّتِي تُوضَع على ظهر الْبَعِير ويُركب
فَوْقهَا. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول لوحداتها حَاوِياءُ،
وَجَمعهَا الحَوَايَا. وَأنْشد قَول جرير:
تَضْفُو الخَتانِيصُ والغُولُ الَّتِي أكلتْ
فِي حَاوِياء دَرُومِ اللّيلِ مِجْعار
وَقَالَ اللَّيْث: الحَوِيّة مَرْكَبٌ يُهَيَّأُ للْمَرْأَة
لتركبَه، وَهِي الحَوايَا. قَالَ وَقَالَ عُمير بن وهب يَوْم بدرٍ
حِين رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه
وحَزَرَهُم، فَرجع إِلَى أَصْحَابه فقالُوا لَهُ: وراءَك؟ فأجابهم
وَقَالَ: رَأَيْت الحَوَايَا عَلَيْهَا المنايَا.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الْعَرَب
تَقول: المنَايا على الحَوايَا أَي قد تَأتي المنيَّةُ الشجاعَ
وَهُوَ على سَرْجه. وَقَالَ الأصمعيّ: الحويَّةُ كسَاء يحوي
سَنَامِ الْبَعِير ثمَّ يُركب.
وَقَالَ اللَّيْث الحِواءُ أَخْبِيَةٌ تَدَانى بعضُها من بَعْضٍ،
تَقول: هم أهْل حِوَاءٍ واحدٍ، وَجمع الحِواء أحْوِيةٌ. أَبُو عبيد
عَن الأصمعيّ: الحِوَاءُ جماعاتُ بيوتِ النَّاس.
والحُوّاءُ نبت مَعْرُوف الْوَاحِدَة حُوَّءَةٌ. وَقَالَ ابْن
شُمَيْل هما حُوَّاءَانِ أَحدهمَا حُوّاء الذَّعاليق وَهُوَ
حُوَّاءُ الْبَقر وَهُوَ من أَحْرَار الْبُقُول، وَالْآخر حُوَّاءُ
الكِلاب، وَهُوَ من الذُّكُور ينْبت فِي الرَّمْث خَشِناً وَقَالَ
الشَّاعِر:
كَمَا تَبَسَّمَ للحُوَّاءَةِ الجَمَلُ
وَذَلِكَ أَنّه لَا يقْدر على قلعهَا حَتَّى يكْشِرَ عَن أنيابه
للزوقها بِالْأَرْضِ. وَقَالَ النَّضر: الأَحْوَى من الْخَيل هُوَ
الْأَحْمَر السراة. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأَحْرَى هُوَ أصفى
من الأحَمّ، وهما يتدانَيَان حَتَّى يكون الأحْرَى مُحْلفِاً
يُحْلَفُ عَلَيْهِ أَنه أحمُّ. قَالَ وَيُقَال: احْوَاوَى
يَحْوَاوِي احْوِيوَاءً.
والحُوَّةُ فِي الشفاه شَبيه باللَّمَى واللَّمَس قَالَ ذُو
الرُّمَّة:
لَمْياءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَمَسٌ
وَفِي اللثاتِ وَفِي أَنْيَابِها شَنَبُ
وَقَالَ الْفراء فِي قَول اللَّهِ تَعَالَى {فَهَدَى وَالَّذِى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَخْرَجَ الْمَرْعَى} (الْأَعْلَى: 4، 5) قَالَ: إِذا صَار
النبَتُ يَبِيسًا فَهُوَ غُثَاءٌ، والأحْوَى الَّذِي قد اسودّ من
القِدَم والعتْقِ قَالَ: وَيكون مَعْنَاهُ أَيْضا: أخرج المَرْعَى
أَحْوَى، أَي أخضرَ فَجعله غُثَاءً بعد خُضْرَتِه، فَيكون مُؤَخرا،
مَعْنَاهُ التقديمُ. والأحْوَى الأسودُ من الخُضْرَة كَمَا قَالَ:
{ُ)) ِالْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى} (الرَّحمان: 64) .
وَقَالَ شمر: حُوَيُّ خَبْتٍ طائِرٌ، وَأنْشد:
(5/190)
حُوَيَّ خَبْتٍ أينَ بِتَّ اللّيلَه
بِتُّ قَرِيبا أحْتَذِي نُعَيْلَهْ
وَقَالَ الآخر:
كَأَنَّكَ فِي الرّجالِ حُوَيُّ خَبْتٍ
يُزَقي فِي حُوَيَّاتٍ بِقَاعِ
وَقَالَ أَبُو خيرة الحُوُّ من النَّمْل نمل حُمْرٌ يُقَال لَهَا:
نمل سُلَيْمَان.
وَالْعرب تَقول لمجتمع بيُوت الْحَيّ: مَحَوَّى وَحِواءٌ
ومُحْتَوىً والجميع أحْويةٌ ومَحَاء.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي وَعَن أبي نجدة عَن أبي
زيد وَعَن الْأَثْرَم عَن أبي عُبَيْدَة وَعَن عَمْرو عَن أَبِيه
قَالُوا كلهم: يُوحُ اسْم للشمس مَعْرِفَةٌ لَا يدْخلهُ الصّرْف
وَلَا الْألف وَاللَّام. قلت: وَقد جَاءَ يُوحُ اسْما للشمس فِي
كتاب (الْأَلْفَاظ) المَعْزِيّ إِلَى ابْن السّكيت وَهُوَ صَحِيح.
وَلم يَأْتِ بِهِ أَبُو عبيد وَلَا ابْن شُمَيْل وَلَا الأصمعيّ.
وَيْح: وَقَالَ اللَّيْث: وَيْحَ يُقَال إِنَّه رَحْمَة لمن تنزل
بِهِ بَلِيّة، وَرُبمَا جعل مَعَ (مَا) كلمة وَاحِدَة فَقيل:
وَيْحَمَا.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الفَرَج: الوَيْحُ والوَيْلُ والوَيسُ
بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ وَقَالَ الْخَلِيل: وَلَيْسَ كلمةٌ فِي مَوضِع رَأْفة
واستملاح كَقَوْلِك للصَّبِي ويْحَهُ مَا أمْلَحَهُ، ووَيْسَه مَا
أَمْلحه. قَالَ: وَسمعت أَبَا السَّميذع يَقُول: ويْحَك ووَيْسَك
ووَيلك بِمَعْنى واحِدٍ.
قَالَ وَقَالَ اليزيديُّ: الوَيْح والويْلُ بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ الْحسن: وَيْح كلمةُ رَحْمةٍ.
وَقَالَ نصير النحويّ: سَمِعت بعض المتنطعين يَقُولُونَ: الوَيْحُ
رَحْمةٌ، قَالَ وَلَيْسَ بَيْنَه وَبَين الوَيْل فُرْقَانٌ إِلَّا
كَأَنَّهُ أَلْيَنُ قَلِيلا.
قَالَ وَمن قَالَ: هُوَ رَحْمَةٌ فَعَسَى أَن تكون العربُ تَقول
لمنْ ترحَمُه: وَيْحَهُ رثايةً لَهُ.
وَقَالَ ابْن كَيْسَانَ: سَمِعت ثعلباً قَالَ: قَالَ المازنيّ:
قَالَ الأصمعيّ: الويل قَبُوح والوَيْحُ ترحُّم ووَيْسَ تصغيرُها
أَي هِيَ دُونها.
وَقَالَ أَبُو زيد: الويل هُلْكَةٌ والويْحُ قبوحٌ والويس ترحُمٌ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الويل يُقَال لمن وَقَع فِي هُلْكَةٍ،
والوَيْحُ زَجْرٌ لمن أَشْرَف على الهُلْكَةِ. وَلم يذكر فِي
الويْسِ شَيْئا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: جَاءَ عَن رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه قَالَ لعمَّارٍ: (ويْحَكَ يَا ابْن سُمَيَّة بُؤْساً
لَك تَقْتُلك الفِئةُ الباغِيَةُ) .
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة ليلةَ تبِعت
النبيَّ وَقد خرج من حُجرَتِها، فَنظر إِلَى سوادِها فلحقها وَهِي
فِي جَوف حُجرتها، فَوجدَ لَهَا نَفَساً عَالِيا، فَقَالَ:
وَيْسَهَا، مَاذَا لقِيَت الليلةَ؟
وَقَالَ أَبُو سعيد، وَيْحَ كلمةُ رَحْمَةٍ. قلت: وَقد قَالَ
أَكْثَر أهل اللُّغَةِ: إِن الويلَ كلمةٌ تقال لمن وَقع فِي
هُلْكَةٍ أَو بَلِيَّة لَا يُتَرحَّمُ عَلَيْهِ مَعهَا ووَيْحَ
تقال لمن وَقع فِي بَلِيّة يرثى لَهُ ويُدْعَى لَهُ بالتخلُّص
مِنْهَا، أَلا ترى أَن الويل فِي القُرآن مَا جَاءَ إِلَّا لمن
(5/191)
استحقّ الْعَذَاب بجرمه من ذَلِك قَول
اللَّهِ جلّ وعزّ {ُِ} (الهُمَزة: 1) وَقَالَ: {وَاسْتَغْفِرُوهُ
وَوَيْلٌ} (فصلت: 6، 7) وَقَالَ: {ُِ} (المطفّفِين: 1) فَمَا جَاءَ
ويلٌ إِلَّا لأهل الجرائم نَعُوذ باللَّهِ من سخط اللَّهِ، وَأما
وَيْحَ فقد صحّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَهَا لعمَّار الفاضلِ كَأَنَّهُ أُعْلِمَ مَا أَصَابَهُ من
القتْل فتوجّع لَهُ وترحّمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ بَعضهم الأَصْل فِي وَيْح ووَيْس وويل وَيْ، وُصِلَتْ بحاء
مرّة وَمرَّة بسين وَمرَّة بلام.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ سَأَلت الْخَلِيل عَنْهَا، فَزعم أَن كل مَن
نَدم فأظهر ندامته قَالَ وَيْ مَعْنَاهَا التنديمُ والتنبيهُ.
وَقَالَ ابْن كيسَان إِذا قَالُوا: ويلٌ لَهُ وويح لَهُ وويس لَهُ
فَالْكَلَام فِيهِنَّ الرفعُ على الِابْتِدَاء، وَاللَّام فِي
مَوضِع الْخَبَر، فَإِن حذفت اللَّام لم يكن إِلَّا النصبُ،
كَقَوْلِك ويحَهُ وويسَهُ.
وَحي: قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال وحيْتُ إِلَى فلَان أَحِي
إِلَيْهِ وَحْياً وأَوْحَيْتُ إِلَيْهِ أُوحِي إيحاءً: إِذا أشرتَ
إِلَيْهِ وأومأْتَ، قَالَ فأمّا اللُّغَةُ الفاشية فِي الْقُرْآن
فبالألف، وَأما فِي غيرِ الْقُرْآن فوحيْتُ إِلَى فلَان مشهورةٌ
قَالَ العجّاج:
وَحَى لَهَا القرارَ فاستقرَّتِ
أَي وَحَى اللَّهُ الأرضَ بِأَن تَقِرّ قراراً فَلَا تميدُ
بِأَهْلِهَا، أَي أَشَارَ إِلَيْهَا بذلك. قَالَ: وَيكون وَحَى
لَهَا القرارَ أَي كتب لَهَا القَرار، وَيُقَال: وَحَيْتُ الْكتاب
أَحِيه وَحْياً أَي كتبته فَهُوَ مَوْحِيّ وَقَالَ لبيد بن ربيعَة:
فَمَدَافِعُ الرَّيَانِ عُريَ رَسْمُها
خَلَقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِي سلاَمُها
قَالَ والوُحِيُّ جمع وَحَى وَقَالَ رؤبة:
إِنْجِيلُ تَوراة وَحَى مُنَمْنِمُه
أَي كتبَه كاتِبُه. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي وَحَى إِلَيْهِ
بالْكلَام يَحِي بِهِ وَحْياً، وأَوْحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ أَن
يكلمهُ بِكَلَام يُخفِيه من غَيره.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزجّاج فِي قَوْله {وَإِذْ أَوْحَيْتُ
إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْءَامِنُواْ بِى} (المَائدة: 111) .
قَالَ بعضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَلْهَمْتُهم كَمَا قَالَ {وَأَوْحَى
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} (النّحل: 68) .
وَقَالَ بَعضهم: أوحيتُ إِلَى الحواريّين أمرْتُهم. وَمثله:
وَحَى لَهَا القَرار فاستقرّت
أَي أَمَرها. وَقَالَ بَعضهم: معنى قَوْله {وَإِذْ أَوْحَيْتُ
إِلَى الْحَوَارِيِّينَ} أتيتُهم فِي الوحْي إِلَيْك بالبراهين
الَّتِي استدلُّوا بهَا على الْإِيمَان فآمنوا بِي وَبِك.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ}
(مَرْيَم: 11) أَشَارَ إِلَيْهِم. قَالَ: والعربُ تَقول: أَوْحى
وَوَحى، وأَوْمى ووَمَى بِمَعْنى وَاحِد، وَوَحى يحِي وَوَمى يمِي.
وَقَالَ جلّ وعزّ {كَانُواْ يَحْذَرونَ وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ
مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى}
(القَصَص: 7) قيل إِن الْوَحْي هَهُنَا إِلْقَاءُ اللَّهِ فِي
قَلبهَا وَمَا بعد هَذَا يدلُّ واللَّهُ أعلم على أَنه وَحْيٌ من
اللَّهِ على
(5/192)
جِهَة الْإِعْلَام للضَّمَان لَهَا {وَلاَ
تَحْزَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ} (القَصَس: 7) وَقد
قيل إِن معنى الوحْي هَهُنَا الإلْهَامُ، وَجَائِز أَن يُلْقي
اللَّهُ فِي قَلبهَا أَنه مردودٌ إِلَيْهَا وَأَنه يكون مرسَلاً
وَلَكِن الْإِعْلَام أبْينَ فِي معنى الوَحْي هَهُنَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: وأصل الوَحْي فِي اللُّغَة كلّها إعلامٌ
فِي خفاءٍ، وَلذَلِك صَار الإلمامُ يُسمَّى وحْياً. قلت:
وَكَذَلِكَ الإشارَةُ والإيماءُ يُسمى وَحْياً، وَالْكِتَابَة تسمى
وَحْياً.
وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعزّ: {قَدِيرٌ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن
يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ} (الشورى:
51) مَعْنَاهُ إِلَّا أنْ يُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِ وَحيا فيُعلمه
بِمَا يعلم الْبشر أَنه أَعْلَمَه إمّا إِلْهَاماً وَإِمَّا
رُؤْيَا، وَإِمَّا أَن يُنْزِل عَلَيْهِ كِتَاباً، كَمَا أَنْزَل
على مُوسَى أَو قُرآناً يُتْلَى عَلَيْهِ كَمَا أَنْزَل على محمدٍ،
وكل هَذَا إِعْلَام وَإِن اخْتلفت أسبابُ الْإِعْلَام فِيهَا.
وأفادني المنذريّ عَن ابْن اليزيدي عَن أبي زيد فِي قَوْله: {}
(الجنّ: 1) من أَوْحَيْتُ. قَالَ: وناسٌ من الْعَرَب يَقُولُونَ:
وَحَيْتُ إِليه، ووحيْتُ لَهُ، وأَوْحَيْتُ إِلَيْهِ وَله. قَالَ
وَقَرَأَ جُؤَيّةُ الأسديّ: {} (الْجِنّ: 1) من وَحَيْتُ، همزَ
الواوَ. وَذكر الفراءُ عَن جؤية نَحوا مِمَّا ذكَرَ أَبُو زيد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَوْحَى الرجلُ إِذا بعثَ برسولٍ
ثقةٍ إِلَى عبد من عبيده ثِقَةٍ، وَأوحى أَيْضا إِذا كلّم عَبده
بِلَا رَسُولٍ. وأَوْحَى الإنسانُ إِذا صَار مَلِكاً بعد فقر.
وأَوْحَى الْإِنْسَان وَوَحى وأَحَى إِذا ظلم فِي سُلْطَانه.
واستَوْحَيْتَهُ أَي استفهمته. قَالَ: واستوحيْتُ الكلبَ
واستوشيْتُه وآسَدْتُه: إِذا دَعْوتَه لتُرْسِله. قَالَ: والوَحَى
النَّار، وَيُقَال للْملك وَحى من هَذَا.
وَقَالَ بعضُهم: الإيحاءُ الْبكاء، يُقَال فلَان يُوحِي أبَاه أَي
يَبْكِيه، والنائحة تُوحِي الميتَ تَنُوح عَلَيْهِ، وَقَالَ:
تُوحِي بحالٍ أبَاهَا وَهُوَ مُتَّكِىءٌ
على سِنَانٍ كأنْفِ النَّسْرِ مَفْتُوقِ
أَي مُحدَّد. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوَحَاةُ الصوتُ وَيُقَال:
سَمِعت وَحَاه ووَعَاه. والوَحَاءُ مَمْدُود: السرعة. يُقال:
تَوَحَّ فِي شأْنِك أَي أَسْرِع فِيهِ. وَوَحَّى فلانٌ ذَبِيحَته
إِذا ذبحه ذبحا وَحِيّاً. وَقَالَ الجَعْدِيُّ:
أسِيرَانِ مَكْبُولانِ عِنْدَ ابنِ جَعْفَرٍ
وآخَرُ قد وحَّيْتُمُوه مُشَاغِبُ
وَالْعرب تَقول الوَحَاءَ الوحاءَ، والوحَا والوحَا، ممدوداً
ومقصوراً، وَرُبمَا أدخلُوا الْكَاف مَعَ الْألف فَقَالُوا:
الوحَاكَ الوحَاكَ، ورَوى سلمةُ عَن الفرَّاء قَالَ: الْعَرَب
تَقول النَّجَاءَ النَّجَاءَ والنَّجَا النَّجَا، والنجاءَك
النجاءَك، والنَّجَاك النّجَاك. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قلت
لِابْنِ الْأَعرَابِي: مَا الوَحَى؟ فَقَالَ: المُلْكُ، فقلْت:
وَلم سُمي المُلْكُ وحىً؟ فَقَالَ. الوَحَى النّارُ فكأنّه مثلُ
النَّار، ينفَعُ ويضرُّ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ من أمثالِهم وَحْيٌ
فِي حَجَرٍ، يُضْرَبُ مثَلاً لمن يكتم سِرَّه، يَقُول الحَجَرُ لَا
يُخْبِرُ أحدا بشيءٍ فَأَنا مثْلُه لَا أُخبر أحدا بِشَيْء
أكتُمُه. قلت: وَقد يُضْرَبُ مَثَلاً للشَّيْء
(5/193)
الظَّاهِر البيّن، يُقَال هُوَ كالوحْي فِي
الْحجر إِذا نُقِرَ فِيهِ نَقْراً، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
كالوَحْي فِي حَجَرِ المَسِيلِ المُخْلِدِ
وَقَالَ لبيد:
فَمَدَافِعُ الرَّيَّان عُري رَسْمُها
خَلَقاً كَمَا ضَمِن الوَحِيُّ سِلامُها
وحّ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوحُّ الوَتد
يُقَال هُوَ أفقر من وحَ وَهُوَ الوتد وَهَذَا قَول الْمفضل.
وَقَالَ غَيره وحٌّ كَانَ رجلا فَقِيرا فَضُرِب بِهِ المثلُ فِي
الحاحة.
قَالَ اللحياني: وحْ زجرٌ للبقر يُقَال: وحوحْتُ بهَا، وَرجل
وَحْوَحٌ شَدِيد القوّة يَنْحِمُ بنشاطه إِذا عمل عملا وَرِجَال
وَحَاوِحُ، وَالْأَصْل فِي الوَحْوَحَةِ الصوتُ من الْحلق وكلب
وَحْوَاحٌ ووَحْوَحٌ وَقَالَ:
يَا رُبَّ شيْخٍ من لُكَيْزٍ وَحْوَحِ
عَبْلٍ شديدٍ أسرهُ صَمَحْمَحِ
حوي: أَبُو عَمْرو: الحوايا المَساطح وَهُوَ أَن يعمدوا إِلَى
الصَّفَا فيحوون لَهُ تُرَابا وحجارَةً ليحبس عَلَيْهِم الماءَ
وَاحِدهَا حَوِيَّةٌ. وَقَالَ اللَّيْث أَرض مَحْوَاةٌ كَثِيرَة
الحيّات. واجتمعوا على ذَلِك. وَقَالَ اليزيديُّ: أَرض محياةٌ
ومَحْوَاةٌ كَثِيرَة الحيّات.
عَمْرو عَن أَبِيه: أوْحَى الرجلُ إِذا ملك بعد مُنَازَعَةٍ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، تَقول استوحِ لنا بَنِي فلَان مَا
خبرُهُم؟ أَي استخبِرْهُم. عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لبياض
الْبَيْضَة الَّذِي يُؤْكَل: الآحُ ولصفرتها: الماح.
ابْن هانىء عَن ابْن كَثْوة من أَمْثَالِهم: إنّ من لَا يعرف
الوَحَا أَحمَق يَقُولهَا الَّذِي يُتَوَاحى دُونَه بالشَّيْء، أَو
يُقَال عِنْد تعيير الَّذِي لَا يعرف الوَحَا.
وَفِي الحَدِيث (إِذا أردْتَ أمرا فتدبّر عاقبته فَإِن كَانَت شرا
فانْتَهِ وَإِن كَانَت خيرا فَتَوَحَّهْ) أَي أسْرع إِلَيْهِ.
(5/194)