تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْغَيْن وَالنُّون)
غ ن ف
اسْتعْمل من وجوهه: نغف نفغ غنف.

(8/138)


غنف: قَالَ اللَّيْث: الغَيْنَفُ: غَيْلَمُ المَاء فِي منبع الْآبَار والعيون، وبحرٌ ذُو غَيْنَفٍ.
وَأنْشد:
نَغْرِفُ من ذِي غَيْنَف ونُؤْزِي
قلت: لم أسمع الغَيْنَفَ بِمَعْنى غَيْلَم المَاء إِلَّا هَا هُنَا، وَالْبَيْت الَّذِي بِهِ اسْتشْهد الليثُ لرؤبة أقرأنيهِ الإياديُّ لشمر أَنه أنْشدهُ:
نَغْرِفُ من ذِي غَيِّثٍ ونُوزي
قَالَ: وبئر ذَات غَيِّثٍ، أَي لَهَا نائبٌ من المَاء، وَمعنى نُؤْزِي: أَي نُضْعفُ وَلَا آمنُ أَن يكون اللَّيْث صحَّف الغيِّث فَجعله الغَيْنَفَ فَإِن رَوَاهُ ثِقَة لرؤبة وَإِلَّا فَالصَّوَاب غَيِّثٌ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي شعر رؤبة.
نغف: قَالَ اللَّيْث: النَّغَفُ: دودٌ غُضْفٌ ينسلخُ عَن الخنافس وَنَحْوهَا، وَيُقَال: النَّغَفُ: دودٌ بيضٌ يكون فِيهَا ماءٌ.
قَالَ: وَفِي عظمي الوَجنتين لكلِّ رأسٍ نَغَفَتَانِ: أَي عظمان، وَمن تحرُّكِهما يكون العُطاس، قَالَ: وربَّما نَغِفَ الْبَعِير فكثُر نَغَفُهُ.
قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي عظْمي الوجنتين لكل رأسٍ نَغَفَتان مُريبٌ، والمسموع من الْعَرَب فيهمَا: النَّكَفَتان، وهما حدَّا اللَّحْيَيْنِ من تَحت، وَقد فسَّرتهُما فِي موضعهما من كتاب الْكَاف، وَأما النَّغَفَتَان بمعناهما فَمَا سمعته لغير اللَّيْث.
والنَّغَفُ عِنْد الْعَرَب ديدانُ تولدُ فِي أَجْوَاف الْحَيَوَان من النَّاس وَغَيرهم وَفِي غَراضِيفِ الخياشيم من رُؤوس الشاءِ وَالْإِبِل، وَالْعرب تَقول لكل ذليل حقيرٍ: مَا هُوَ إِلَّا نَغَفَةٌ، يُشَبَّه بِهَذِهِ الدُّودة من ذلِّهِ.
وَفِي حَدِيث يأجُوج ومأجُوج وهلاكِهم: (يبْعَث الله عَلَيْهِم النَّغَفَ فيُهلكهم) .
نفغ: النَّفَغُ: التَّنَفُّطُ، يُقَال: نَفَغَتْ يَده تَنْفَغُ إِذا تَنَفَّطَتْ، قَالَ ذَلِك أَبُو مَالك وَغَيره.
غ ن ب
غبن غنب نبغ نغب: مستعملة.
نغب: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَغَبَ الْإِنْسَان يَنْغَبُ ويَنْغِبُ نَغْباً، وَهُوَ الابتلاغُ للرِّيق وَالْمَاء نُغْبَةً بعد نُغْبَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: النَّغْبَةُ: الجرعةُ وَجَمعهَا نُغَبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
حَتَّى إِذا زَلَجَتْ عَن كلّ حَنْجَرةٍ
إِلَى الغَلِيلِ وَلم يَقْصَعْنَهُ نُغَب
نبغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَبَغَ الرَّجل، إِذا لم يكن فِي إِرْث الشِّعر ثمَّ قَالَ فأجاد، فَيُقَال: نَبَغَ مِنْهُ شِعرٌ شاعرٌ وبلغنا أَن زِياداً قَالَ الشّعْر على كبرِ سِنه وَلم يكن نشأَ فِي

(8/139)


بَيت الشِّعر فسُمِّي النابِغةَ، وَقيل: إِنَّه سميَ بقوله:
وَقد نَبَغَتْ لنا مِنْهُم شُؤون
قَالَ: والدَّقيقُ: يَنْبُغُ من الخصاصِ، تَقول: أنْبَغْتُهُ فَنَبَغَ.
وَقَالَ غَيره: نَبَغَ الشيءُ: إِذا ظَهر، ونَبَغَ فيهم النِّفاق إِذا ظهرَ مَا كَانُوا يُخفونه، ونَبَغَتْ المزادَةُ، إِذا كَانَت كتوماً فَصَارَت سَرِبَةً.
وَقَالَت عَائِشَة فِي أبيهَا غاضَ نَبْغَ النفَاق والرِّدَّة: أَي نَقَصَهُ وأذْهَبهُ، ونَبغَ الوعاءُ بالدقيق إِذا كَانَ رَقِيقا فتطايرَ من خصاصِ مَا رَقَّ مِنْهُ.
وَيُقَال: نَبَغَ فلانٌ بِنُوسه، إِذا خرجَ بطبعه، ونَبَغَ الماءُ ونَبَعَ بِمَعْنى واحدٍ، وَيُقَال لهبرية الرَّأْس: نُباغَهُ ونُبَاغَتُهُ.
غنب: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الغُنَبُ: داراتُ أوساطِ الأشداقِ قَالَ: وَإِنَّمَا يكون فِي أوساط أشداقِ الغِلْمان الملاحِ، وَيُقَال: بَخَصَ غُنْبَتَهُ، وَهِي الدّارة الَّتِي تكونُ فِي وسَطِ خَدِّ الغلامِ الْمليح.
غبن: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: الْغبْنُ فِي الشراءِ والبيعِ، يُقَال: غَبَنَهُ يَغْبِنُه غَبْناً، والْغبَنُ: ضعفُ الرَّأْي، يُقَال فِي رَأْيه غَبَنٌ، وَقد غَبِنَ رَأيه غَبَناً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: غَبَنْتُ الثَّوبَ أغْبِنه غَبْناً: إِذا طَال فثنيته، وَكَذَلِكَ كَبَنْتهُ، وَمَا قُطِعَ من أطرافِ الثَّوْب فأسقط غَبَنٌ.
قَالَ الْأَعْشَى:
يُسَاقِطُها كَسِقاطِ الْغَبَنْ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفاترِ عَن الْعَمَل: غَابِنٌ، والمَغَابنُ: الأرْفاغُ، والآباطُ، واحدُها مَغبِنٌ وغَبَنْتُ الشيءَ: إِذا خَبَّأْتهُ فِي المغبِنِ، والْغَبِينَةُ من الْغَبْنِ كالشتيمةِ من الشتم، وَيُقَال: أَرى هَذا الأمرَ عليكَ غَبْناً، وَأنْشد:
أجولُ فِي الدَّارِ لَا أَراكَ وَفِي الدا
رِ أَناسٌ جوارُهمْ غَبْن
وَقَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ} (التغابن: 9) ، يَوْم يَغْبنُ أهلُ الْجنَّة أهل النَّار، ويغبنُ من ارتفعتْ منزلتهُ فِي الْجنَّة من كَانَ دُونه، وضربَ الله ذلكَ مثلا للشِّرَاءِ والبيعِ كَمَا قالَ: {ءَامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ} (الصَّفّ: 10) .
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: غبنتُ الرجل فأَنا أغبنه غَبْناً، وَذَلِكَ أَن يَمرَّ فَلَا ترَاهُ وَلا تَفْطُنَ لَهُ، وغَبَنْتُ الأمرَ غَبناً إِذا أَغْفَلْتُه وغَبنتُ فِي البيع غَبْناً إِذا غفلْت عَنهُ بيْعاً كَانَ أَو شِرَاء، وغبَنْتُ الرَّجل أغبِنه غَبْناً فِي البيع

(8/140)


وَالشِّرَاء، وغبِيتُ الرجل أَغْبَاه أشَدَّ الغِباءِ، وَهُوَ مِثل الغَبْن.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصلُ الغَبْنِ: ثَنْيُ الشيءِ من دَلْوٍ أَو ثوبٍ ليَنقُص من طوله.
قَالَ: وسُئل الْحسن عَن قَول الله: {الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ} (التغابن: 9) فَقَالَ: غَبَنَ أهلُ الجنَّة أهلَ النَّار: أَي: استَنقصوا عُقُولهمْ باختيارهم الْكفْر على الْإِيمَان.
وَنظر الحَسن إِلَى رجُل غبَن آخرَ فِي بيعٍ فَقَالَ: إنَّ هَذَا يَغْبِنُ عقلَك.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أَي: يَنقُصُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: غبِنْتَ رأْيك: أَي: نسِيتَه وضيَّعته، وَأنْشد:
غَبِنْتم تتابُعَ آلائِنا
وحُسنَ الجِوار وقُرْبَ النَّسب
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: هَذِه الناقةُ مَا شِئتَ من ناقةٍ ظَهْراً وكرَماً غير أَنَّهَا مغبُونةٌ أَي لَا يُعلَم ذَلِك مِنْهَا، وَقد غبَنوا خَبَرهَا، وغبنوها: أَي: لمْ يَعلموا عِلمها، والغَبْن: النِّسيان، وغَبِنْتُ كَذَا من حقِّي عِنْد فلَان أَي نسِيتُه وغلِطتُ فِيهِ.
غ ن م
غنم غمن نغم نمغ: مستعملة.
غنم: قَالَ اللَّيْث: الغنَمُ: الشَّاءُ، تقولُ: هَذِه غنَمٌ لفظٌ للْجَمَاعَة، فَإِذا أَفْرَدْتَ الْوَاحِدَة، قلتَ شاةٌ.
وَقَالَ غَيره: تقولُ الْعَرَب: تَروحُ على فلَان غنَمان: أَي: قطِيعَان، لكلِّ قَطيعٍ راعٍ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ تَروحُ عَلَيْهِ إِبِلان: أَي إبلٌ هَا هُنا، وَإبل، هَا هُنَا، وغنَمٌ مُغَنَّمةٌ: إِذا كَانَت للقِنْيَةِ مَجْمُوعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُنْمُ: الْفَوْز بالشَّيْء من غير مشقّة، والاغتنام: انتهازُ الغُنم، يُقَال: اغتنم الفُرصة وانتَهزها بِمَعْنى وَاحِد، والغَنيمة: الفَيْءُ، قلت: الغنيمةُ مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ والرِّكاب من أَموال الْمُشْركين وأُخذ قَسْراً وَيجب فِيهَا الخُمس لِمن قسَمه الله لَهُ، ويُقْسمُ أربعةُ أخمَاسها لمن حضر الوقْعة، للفارس ثَلَاثَة أَسهم، وللرَّاجِل سهمٌ وَاحِد.
وَأما الفَيْءُ فَهُوَ مَا أَفاءَ الله من أَمْوَال الْكفَّار على الْمُسلمين بِلَا حرْبٍ وَلَا إيجافٍ عَلَيْهِ بخيْل وركابٍ، وَذَلِكَ مِثل جِزْيَة الرُّؤُوس وَمَا صُولِحوا عَلَيْهِ من أَمْوَالهم فيجبُ فِيهِ الْخُمس أَيْضا لمن قسَمه الله، وَالْبَاقِي يوضَع فِي بَيت مَال الْمُسلمين لسَدِّ ثَغْرٍ وإعداد سلاحٍ وخيْرٍ وأَرْزاق لأَهْل الفيْءِ من المقاتِلين والقُضاة وَغَيرهم ممَّن يَجري مَجْراهم.
وَقَالَ الْكسَائي: غنَمٌ مُغَنَّمة، وإبِلٌ مُؤَبَّلة: إِذا أُفْرِدَ لكل مِنْهَا راعٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: غُنَاماكَ

(8/141)


وغُنْمُكَ أَن تفعل ذَاك، كقَولِك قُصاراك وقَصْرُكَ وحَبابُك وشبابُك، معْناه كلُّه غَايتُك.
نغم: قَالَ اللَّيْث: النَّغْمَةُ: جَرْسُ الكلمةِ وحُسنُ الصَّوت فِي الْقِرَاءَة، تَقول: مَا نَغَم بكَلمة.
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ وَأبي زيد: قد نَغَمْتُ أنْغَمُ وأَنغِم نَغْماً، وَهُوَ الْكَلَام الخفِيُّ.
وَقَالَ الأَصمعيُّ: إنَّه ليَتَنَغَّمُ بِشَيْء ويتنسَّمُ بشيءٍ وينسم بشيءٍ: أَي: يتكلَّم بِهِ.
نمغ: قَالَ اللَّيْث: التَّنْميغُ: مَجْمَجَةُ سَوادٍ وحُمْرَةٍ وبياضٍ، ورجُل منَمَّغُ الخَلْق، قَالَ: والنَّمَغَةُ: مَا تَحرَّك من الرَّماعة.
أَبُو عبيد، عَن الْفراء: النَّمَغَةُ: رأْسُ الجبَل.
وَقَالَ المفَضَّلُ: هِيَ من رَأس الصَّبِيِّ الرَّماغَةُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: يُقَال لرأس الصّبيِّ قبلَ أَن يشتدَّ يافُوخُه: النَّمَغَةُ والغاذَّةُ والغَاذِيَة.
غمن: يُقَال: غَمن الجلدَ وغمَلهُ إِذا جَمعه بعد سلْخِه وترَكهُ مَلفوفاً حَتَّى يَسْتَرخِي صُوفُه، والغُمْنةُ: الغُمْرَة الَّتِي تَطْلِي بهَا الْمَرْأَة وَجْهَها.
قَالَ الأغلبُ:
لَيسَتْ مِن اللاّئيِّ تُسَوَّى بالْغُمَن
وَيُقَال: الغُمْنةُ: السَّبِيذاجُ.

((أَبْوَاب) الْغَيْن وَالْفَاء)
غ ف م
اسْتعْمل: من وجوهه: فغم.
فغم: قَالَ اللَّيْث: فغَمَ الورْد: إِذا انفَتج، والرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَفْغَمُ المزْكوم وتَسدُّ خياشيَمه وَأنْشد:
نَفْحَةُ مِسْكٍ تَفْغَمُ الْمَفْغُوما
والمَصْدَرُ: الفُغُومُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وجدت فَوْغةَ الطّيب وفَغْمَةَ الطّيب، وَقد فَغمتْنِي الرَّائِحَة: إِذا سَدّتْ خياشيمكَ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: افْتغمَ عَنهُ الزكامُ، قَالَ: وَفِي الحَدِيث: (لَو أَن امْرَأَة من الحورِ العِين أَشرفَت لأفغمَتْ، مَا بَين السماءِ وَالْأَرْض بِريح المسكِ) أَي ملأتْ، قلت: الرِّوَاية لأفعَمَتْ بِالْعينِ، أَي لملأتْ.
يُقَال: أَفْعمْتُ الإناءَ فَهُوَ مفعومٌ: إِذا مَلأتهُ.
وَيُقَال: فَغِمَ الرجلُ بالشيءِ يَفغَمُ فَغَماً: إِذا أولعَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: مَا أَشدَّ فغَمَ هَذَا الكلبِ بالصَّيدِ، وَهُوَ ضراوتهُ ودُرْبتهُ، وكلبٌ فغِمٌ: حَريصٌ عَلَى الصَّيْدِ.

(8/142)


قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
فَيُدْركُنَا فَغِمٌ دَاجِنٌ
سَمِيعٌ بَصيرٌ طَلوبٌ نَكِرْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفُغْمُ: الفمُ أجمع ويُثَقَّل فَيُقَال: فُغُمٌ.
وَقَالَ هُدْبةُ:
وَالله مَا يَشْفى الفؤادَ الهائِما
نَفْثُ الرُّقى وَعَقْدُكَ الرَّتائما
ولاَ اللزَامُ دون أَن تُفاغِمَا
وَلا الفِغَامُ دون أَن تُفاقِمَا
وَتَعْتَلِي القوائمُ القوائما
(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء وَالْمِيم)
غ ب م
اسْتعْمل من وجوهه: بغم.
بغم: قَالَ اللَّيْث: بَغَمَ الظَّبْيُ يَبغَمُ بُغوماً، وَهُوَ أرْخَمُ صَوْتِهِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
دَاعٍ ينادِيهِ بِاسم الماءِ مَبْغوم
والمبْغُومُ: الْوَلَد، وأمُّهُ تَبغَمهُ: أَي: تَدعوهُ، وَالْبَقَرَة تَبغمُ، والناقة تَبغمُ، وامرأةٌ بَغومٌ: رَخيمةُ للصوت، وَقَوله: دَاعٍ يُناديهِ حَكى صوتَ الظَّبْيةِ إِذا صاتَتْ مَأمَاءْ، وَداعٍ هُوَ الصوتُ مَبْغومٌ.
يُقَال: بُغام مَبغومٌ كقولكَ قولٌ مَقولٌ، يَقول لَا يرفع طَرْفهُ إلاَّ إِذا سمعَ بُغامَ أُمِّهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَا كانَ من الْخُفِّ فَإِنَّهُ يُقَال لصوته إِذا بدا: البغامُ لِأَنَّهُ يُقَطِّعهُ ولاَ يَمدُّه، وَقد بَغَمتِ الناقةُ تَبْغَمُ.
وَقَالَ غَيره: التَّزَغُّم والبُغَام: الكشيش من الرُّغاءِ.

(8/143)


كتاب معتل حرف الْغَيْن

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف)
غ ق (وايء)
غيق: قَالَ اللَّيْث: الغاقةُ والغاقُ، وهما من طَيرِ الماءِ.
وَقَالَ الْفراء: غَاقِ، حِكايةُ صَوتِ الغُرَابِ.
يُقَال: سَمِعت غاقِ غاقِ وغاقٍ غاقٍ، ثمَّ يُسمى الْغُرَاب غاقاً فَيُقَال: سَمِعت صوتَ الغاقِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: غَيَّقَ الرجل فِي رأيهِ تغييقاً: إِذا اخْتَلَط فَلم يثبت عَلَى رأيٍ واحدٍ، فَهُوَ يموج.
وَقَالَ رؤبَةُ:
غَيَّقْنَ بالمكْحُولةِ السَّواجِي
شيطانَ كلِّ مُتْرَفٍ سَدَّاج
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غَيَّقْنَ: مَوَّجْنَ، وَالْمعْنَى: ضَلَّلْنَ.
وَقَالَ الْمفضل: غَيّقَ فلانٌ مَاله تغييقاً: إِذا أفْسدهُ، وغبقَ الرّجل بَصَره، إِذا حَيّره.
وَقَالَ العجاج:
أَذِيُّ أوْرادٍ يُغيِّقْنَ البصْر
غ ك: مهمل.

(بَاب الْغَيْن وَالْجِيم)
غ ج (وايء))
اسْتعْمل مِنْهُ: الغوْج.
غوج: قَالَ اللَّيْث: جملٌ غَوْجٌ وفرسٌ غوجٌ: عريض الصَّدْر، وَأنْشد:
بعيد مَساف الخطو غوجٌ شَمردلٌ
يُقَطِّع أنفاس المهاري تلاتِله
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغوج: اللَّيِّنُ الأعطاف من الْخَيل.

(8/144)


وَقَالَ أَبُو سعيد: فَرس غوْج موْج، وَهُوَ الواسعُ جِلْدِ الصَّدْرِ، وَيجمع الغوْج غَوجاً كَمَا يُقَال جَارية خَوْد، وَجَمعهَا خُود.

(بَاب الْغَيْن والشين)
غ ش (وايء)
غشا شغا وشغ: مستعملة.
غشا: قَالَ الليثُ: الغِشاوة: مَا غشي الْقلب من الطَّبْع، والغشاء: الغطاء، وغاشية السرج: غطاؤه، وَالرجل يستغشي ثوبَه كي لَا يسمع وَلَا يرى، والغاشية: السُّؤَال الَّذين يغشونك يرْجونَ فضلك ومعروفك، والغاشيةُ: اسْم من أَسمَاء الْقِيَامَة فِي الْقُرْآن، والغِشْيانُ كنايةٌ عنْ إتْيَان الرّجلِ المَرْأة، والفعلُ غَشيَها يَغشاها غِشيَاناً.
وَقَالَ الله جلَّ وَعز: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (الْبَقَرَة: 7) ، وقرىء: (غَشْوَةٌ) كَأَنَّهُ رُدَّ إِلَى الأَصْل لأنّ المصادرَ كلهَا تُرَدُّ إِلَى فَعْلةٍ، والقراءةُ المختارةُ غشاوةٌ، وكلُّ مَا كَانَ مُشتمِلاً على الشَّيْء فَهُوَ مبنيٌّ على فِعالةٍ نَحْو: الغِشَاوة والعِمامةِ والعصابة، وَكَذَلِكَ أسماءُ الصناعاتِ لاشتمال الصِّناعة على كلِّ مَا فِيهَا نَحْو الخياطةِ والقِصارةِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ} (هود: 5) الْآيَة، قيل: إنّ طَائِفَة منَ الْمُنَافِقين قَالُوا: إِذا أغلقْنا أبوابَنا وأرْخينا سُتُورنا واستَغْشَينا ثيابَنا وثَنينا صدُورَنا على عداوةٍ مُحمدٍ فَكَيفَ يعلم بِنَا، فَأنْزل الله: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} (هود: 5) .
وَقَوله جلّ وَعز: {أَفَأَمِنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ} (يُوسُف: 107) ، أَي: عقوبةٌ مُجَلِّلةٌ تَعُمُّهم.
وقولُ الله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا} (الْأَعْرَاف: 189) ، كِنَايَة عَن الجِماع، يُقَال: تغشَّى امْرَأَته وتجلَّلَها وتدثرها بِمَعْنى واحدٍ وَقيل: للقيامة غاشيةٌ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الخلْقَ أجمعينَ.
وَقَالَ بَعضهم: الغِشَاوةُ: جلدةٌ غُشِّيَتِ القلْبَ فَإِذا انخَلَعَ مِنْهَا القلبُ ماتَ صاحِبُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الغَشْواء من المِعْزَى: الَّتِي يَغشى وجهَها كلَّه بياضٌ.
رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ، وَيُقَال: غُشيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مغشيٌّ عَلَيْهِ وَهِي الغشيَة، وَكَذَلِكَ غَشْيةُ الموتِ.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِىِّ عَلَيْهِ مِنَ} (مُحَمَّد: 20) ، وغاشية الرّجُل: مَن ينتابه من زُوّاره وأصدقائهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد، يُقَال: للحديدة الَّتِي فَوق مؤخرةِ الرّحْل: الغاشيةُ، وَهِي الدامغةُ.

(8/145)


قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: رَمَاه الله بغاشيةٍ، وَهُوَ داءٌ يَأْخُذهُ فِي جَوْفه.
وَأنْشد شمر:
فِي بطنِهِ غاشيةٌ تُتَمِّمُهْ
قَالَ: تُتَمِّمُه: تُهْلِكهُ.
وشغ: قَالَ اللَّيْث: الوَشغُ: الوَتْحُ، يُقَال: أوْشَغَ وأوتَحَ.
وَأنْشد:
ليْسَ كإيشاغِ الْقَلِيل الموشغِ
وَيُقَال: توَشّغَ فلانٌ بالسوء: إِذا تلطّخَ بِهِ.
وَقَالَ القلاخُ:
إنِّي امرُؤٌ لم أتوَشَّغْ بالكَذِبْ
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: أوشغَتِ الناقةُ ببَولها، وأوزعتْ وأزغلَتْ: إِذا قطعَتْه فرَمتْ بِهِ زُغْلةً زُغلةً.
ابْن شُمَيْل: استَوْشغَ فلانٌ: إِذا اسْتَقى بِدَلْوٍ واهيةٍ، وَهُوَ الاسْتِيشاغُ.
شغا: قَالَ اللَّيْث: الشغا: اختلافُ الْأَسْنَان، رجلٌ أَشْغى، وامرأةٌ شَغوَاءُ وشَغياء، والشَّغْيةُ: أَن يَقْطُرَ البَوْل قَلِيلا قَلِيلا.
الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: الشَّغا هُوَ اختلافُ نِبْتة الأسْنان، رجلٌ أَشْغى وَامْرَأَة شَغوَاء، وَيُقَال للعُقابِ شَغْواء لفَضْل مِنقارِها الْأَعْلَى على الْأَسْفَل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُمِّيتْ شَغواءَ لِتعقُّف فِي منقارها.

(بَاب الْغَيْن وَالضَّاد)
غ ض (وايء))
غيض غضا ضغو: مستعملة.
غيض: قَالَ اللَّيْث: غاضَ الماءُ، وَهُوَ يغيضُ غيْضاً ومغاضاً.
قَالَ: والمَغيضُ: المكانُ الَّذِي يغيضُ فِيهِ، وَيُقَال: غيضَ ماءُ البحرِ فهوَ مغيضٌ، مفعولٌ بِهِ وَيُقَال غِضْتُه: أيْ: فَجَّرْتُه إِلَى مَغيضٍ، والغَيضَة: الأجَمَةُ، وجمْعها: غِياضٌ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: غاضَ ثمنُ السِّلعة يَغيضُ: إِذا نَقصَ، وغضْتُه أَنا فِي بَاب فعل الشَّيْء وفعلْتُه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: يقالُ للطَّلْع: الغِيضُ والغضيضُ والإغريضُ.
وَأنْشد:
غيَّضْنَ من عبرَاتهنّ وقلنَ لي
مَاذَا لقِيتَ منَ الهوَى ولقينا
مَعْنَاهُ: أنهنّ سَيَّلّنْ دموعَهُنّ حَتَّى نَزَفْنَها.
غضا: قَالَ اللَّيْث: غضَوْتُ عَلَى القَذَى: أيْ: سكَتُّ وَيُقَال: أغضيْتُ.
قَالَ: والإغضاءُ: إدناء الجفون.
قَالَ لبيدٌ:
كعَتيقِ الطيرِ يُغضى ويُجَلّ
يَعْنِي: يُغضي الجفونَ مرّة، ويُجلِّي مرّة.
وَقَالَ الآخر:

(8/146)


لم يُغْض فِي الحربِ على قذاكا
قَالَ: وليلٌ غاضٍ: غاطٍ، وهوَ يغضُو غضُوّاً إِذا غشي كلَّ شَيْء.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: ليلٌ مُغْضٍ وغاضٍ ومقامٌ فاضٍ ومُفْضٍ.
وَأنْشد:
عَنكُم كِراماً بالمقامِ الفاضي
أَبُو عبيد عَن الأمويِّ: ليلةٌ غاضيَةٌ: شَديدةُ الظُّلمةِ، ونارٌ غاضيةٌ: عظيمةٌ.
وَأنْشد شمر:
يخرُجْنَ من أَعْجاز ليلٍ غاضي
قلت: قولُه: نارٌ غاضيةٌ: عظيمةٌ، أُخذ من نَار الغضى، وَهُوَ من أجْوَد الوقودِ عِنْد الْعَرَب، يُقَال: غضاةٌ وغضًى، وَيُقَال لِمَنبتِها: الغَضْيا.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: يُقَال للإبلِ الْكَثِيرَة غَضْيا: مَقْصورٌ شُبِّهتْ عندِي بمنابتِ الغضَى.
وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
ومُستَخلِف من بعدِ غضيَا صُرَيمة
فأحر بِهِ من طول فقر وأحريا
أَرَادَ: وأحْرِيَنْ، فَجعل النُّون ألفا سَاكِنة.
الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا بعيرٌ غاضٍ: إِذا كَانَ يأكلُ الغضَا، وإبلٌ غواضٍ، فَإِذا اشْتَكى من أكْلِ الغضَا قيل: بعيرٌ غَضٍ، فَإِذا نسَبْتَه إِلَى الغضا قُلتَ بعيرٌ غَضَوِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: غَضْيا مِثل هُنَيْدَةَ: مائةٌ من الْإِبِل لَا يَنصرفان.
قَالَ: وأنشدني المفضَّل الْبَيْت.
ورَوى عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الغَضْيانةُ: الجماعةُ من الْإِبِل الْكِرَام، والغضْيا مائةٌ من الْإِبِل، وَيُقَال: تغاضَيْتُ عَن فلَان أَي تغابيْتُ عَنهُ وتغافلْت.
ضغو: قَالَ اللَّيْث: الضُّغاءُ: صوْتُ الذَّليل إِذا شُقَّ عَلَيْهِ، يُقَال: ضَغا يضغُو: وأَضْغَيْتُه أَنا إضْغاءً. وَيُقَال: رأيتُ صِبْياناً يَتضاغَوْنَ: أَي: يَتَباكَوْنَ.

(بَاب الْغَيْن وَالصَّاد)
(غ ص (وايء))
غوص صوغ صغا صغي.
غوص: قَالَ اللَّيْث: الغَوْصُ: الدُّخُول تَحت المَاء، والغَوْصُ: مَوضِع يخرج مِنْهُ اللُّؤلؤُ، والغاصَةُ: مُستخرجُوه، والهاجم على الشَّيْء: غائصٌ.
قلت: وَيُقَال للَّذي يغوصُ على الأصداف فِي الْبَحْر فيستخرجها: غائصٌ وغَوَّاصٌ، وَقد غاصَ يغوصُ غوصاً، وَذَلِكَ الْمَكَان يُقَال لَهُ: المَغَاصُ، والغَوْصُ: فِعْلُ الغائصِ، وَلم أسمع الغوصَ بِمَعْنى المَغاصِ غير مَا قَالَه اللَّيْث.
صوغ: ابْن شُمَيْل: صاغ الأدمُ فِي الطَّعَام يصوغُ أَي: رسبَ، وصاغَ المَاء فِي

(8/147)


الأَرْض: أَي: رسبَ فِيهَا، وصَيَّغَ فلانٌ طعامنا: أَي أنقعهُ فِي الأُدم حَتَّى تريَّغَ وَقد روَّغه بالسَّمن وريَّغهُ وصيَّغه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّوْغُ: مصدر صاغَ يصوغُ والصِّياغةُ: الحرفةُ، وَالشَّيْء مَصوغٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الصِّيغَةُ: السِّهام من عمل رجلٍ واحدٍ.
وَقَالَ العجاج:
بِصِيغةٍ قد راشَها وركَّبا
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هَذَا صَوْغُ هَذَا: إِذا كَانَ على قدره، وَهَذَا سَوْغُ هَذَا: إِذا وُلِدَ على أَثَره.
وَقَالَ ابْن بُزرج: هُوَ سَوْغُ أَخِيه: ولد فِي أَثَره، وصَوْغُهُ من فَوْقه، وصَوْغُهُ من تَحْتَهُ، كلٌّ يُقَال.
وَقَالَ آخر: هُوَ صَوْغُ أَخِيه: طريده وُلِدِ فِي إثره مثل سَوْغِهِ.
وَقَالَ غَيره: هَذَا شيءٌ حسن الصِّيغَةِ: أَي: حسن الْعَمَل، وَفُلَان حسن الصِّيغَةِ: أَي حسن الخِلْقَةِ، والقَدِّ، وصاغَ الله الخلْق يَصُوغُهم، وصاغَ فلانٌ زُوراً وكذباً: إِذا اختلَقهُ.
وَفِي الحَدِيث: (هَذِه كَذبة صاغَها الصَّوَّاغُون) أَي: اختلَقها الكذَّابون.
صغا: اللَّيْث: الصَّغا: مَيْلٌ فِي الْحَنَكِ أَو إِحْدَى الشَّفتين، ورجلٌ أصْغَى، وَامْرَأَة صَغْواءُ، وَقد صَغِيَ يَصْغَى، وَأنْشد:
قِرَاعٌ تَكْلَحُ الرَّوقاءُ مِنْهُ
ويعتدلُ الصَّغا مِنْهُ سَوِيَّا
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: صَغَوْتُ وصَغَيْتُ.
وَقَالَ شمر: صَغوتُ وصَغَيتُ وصَغِيتُ وَأَكْثَره صَغِيت.
وَقَالَ ابْن السّكيت: صَغَيْتُ إِلَى الشَّيْء أصغى صُغِيّاً إِذا مِلْتَ، وصغوتُ أصغو صُغُوّاً.
قَالَ: وَقَالَ الله: {وَلِتَصْغَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ} (الْأَنْعَام: 113) ، أَي: ولِتَمِيلَ، وأصْغَيْتُ الْإِنَاء: إِذا أمَلْتُهُ، وَأنْشد:
فإنَّ ابنَ أُخْتِ القومِ مُصَغًى إناؤُهُ
إِذا لم يُمارس خالَهُ بأَبٍ جَلْدِ
وَيُقَال: فلانٌ يُكْرِمُ فلَانا فِي صاغِيَتِهِ، وهم الَّذين يميلُون إِلَيْهِ ويَغْشَوْنَهُ.
قَالَ: والصَّغا: كتابتهُ بالألِفِ، وأصغى رأْسَهُ، وَرَأَيْت الشَّمس صَغْواء، يُرِيد حِين مَالَتْ، وَأنْشد:
صَغْواءُ قد مَالَتْ وَلما تفعلِ
وَقَالَ الْأَعْشَى يصف نَاقَة:
ترى عينَها صَغْواءَ فِي جَنْبِ مُوقِهَا
تُراقِبُ كَفِّي والقطيع المُحرَّما
وَقَالَ اللَّيْث: صَغا إِلَى كَذَا يصغا: إِذا مَال، وأصغيتُ إِلَيْهِ سَمْعي، والإصغاءُ: الِاسْتِمَاع، وصَغَتِ النُّجوم: إِذا مَالَتْ للغروب.

(8/148)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: صَغَا يَصْغُو صَغْواً وصغاً.
وَسمع أَبُو نصر: صَغِيَ يَصْغَى: إِذا مَال، وأصْغَى إِلَيْهِ رأسهُ وسمعهُ: أماله إِلَيْهِ، وَيُقَال للناقة: قد أصْغَتْ تُصْغِي، وَذَلِكَ إِذا أمالت رَأسهَا إِلَى الرَّجل كَأَنَّهَا تستمع شَيْئا حِين يَشُدُّ عَلَيْهَا الرحْلَ.
قَالَ ذُو الرُّمة يصف نَاقَته:
تُصْغِي إِذا شدَّها بالكَوْرِ جانِحةً
حَتَّى إِذا مَا اسْتَوَى فِي غَرْزِها تَثِبُ
وَيُقَال: صِغْوُ فلانٍ مَعَ فلانٍ، أَي: ميله مَعَه.
وَأما أَبُو زيد فَيَقُول: صَغْوُه وصَغاهُ وصِغْوُهُ مَعَه، وَيُقَال: أصْغَى فلانٌ إناءَ فلَان: إِذا أماله ونقصه من حظِّه، وَكَذَلِكَ أصْغَى حظَّه: إِذا نَقصه، وصِغْوُ المِغْرَفَةِ: جوفُها، وصِغْوُ الْبِئْر: ناحيتها، وصِغْوُ الدَّلو مَا تثنَّى من جوانبها.
قَالَ ذُو الرُّمة:
فَجَاءَت بِمُدَ نصفهُ الدِّمْنُ آجن
كَماءِ السَّلَى فِي صِغْوِها يترقرقُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
يُعطين من فضل الْإِلَه الأسْبَغِ
آذِيَّ دُفّاعٍ كَسَيْلِ الأصْيَغِ
قَالَ: الأصيغُ: المَاء الْعَام الْكثير.
وَقَالَ غَيره: الأصْيَغُ: وَاد، وَيُقَال: نهرٌ.

(بَاب الْغَيْن وَالسِّين)
غ س (وايء)
غسا غوس (غيس) سوغ.
غسا: أَبُو عبيد، عَن الأصمعيِّ: غَسَا الليلُ يَغْسُو: أَغْسى يُغْسي: إِذا أَظْلَم.
وَقَالَ ابْن السّكيت مثله، وزادَ: وَغَسِي يَغْسَى، وَأنْشد:
فَلمَّا غسَا لَيْلى وَأَيقنْتُ أَنها
هِيَ الأُرَبى جاءتْ بِأُمِّ حَبَوْكَرى
وَقَالَ اللَّيْث: شيخٌ غاسٍ: قد طَال عمرهُ، قلت: هَذَا تصحيفٌ، والصَّوَابُ: شيخٌ عاسٍ بالعينِ، يُقَال: عَسا الشيخُ يَعْسُو.
غوس غيس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: يَوْمٌ غَوّاسٌ: فِيهِ هزيمةٌ وتشليحٌ، قَالَ: وَيُقَال: أشَاؤُنَا مَغَوَّسٌ: أَي مُشَنَّخٌ، وتَغْوِيسهُ: تَشْذيب سُلاَّئه عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: فلانٌ يَتَقلَّبُ فِي غَيْساتِ شَبابِهِ: أَي فِي نعمةِ شَبابهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي غَيْسانِ شبابه.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
بينَا الْفَتى يَخْبِطُ فِي غَيساتِهِ
تَقَلُّبَ الْحَيَّةِ فِي قِلاَتهِ
إِذْ أصْعدَ الدَّهْرُ إلَى عِفْرَاتهِ
فاجْتَاحَهَا بِشَفْرَتَيْ مِبْرَاتهِ
قلت: وَالنُّون والتاءُ فيهمَا لَيْسَتَا منَ الأَصْل، من قَالَ: غَيساتٍ، فَهِيَ تاءُ

(8/149)


فعلاتٍ، وَمن قَالَ: غَيْسانَ، فَهُوَ نون فَعْلانَ.
سوغ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَاغَ شرابهُ فِي حَلْقهِ سَوْغاً وسَوَاغاً، وأساغَهُ الله، وسَوَّغتُ فلَانا مَا أصابَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هذَا سَوْغ هَذا: إِذا وُلدَ على أَثَره.
وَقَالَ المفضّلُ: هُوَ سَوْغُهُ وسَيغُهُ بِالْوَاو وَالْيَاء، وَيُقَال: هُوَ أخوهُ سَوْغُهُ، وَهِي أُخْته سَوْغُهُ: إِذا لم يكن بَينهمَا ولدٌ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: أسْوَغَ الرَّجلُ أَخاهُ إِسْواغاً: إِذا ولدَ مَعَه، وَيُقَال: أساغ فلانٌ الطَّعام والشرابَ يُسِيغه.
وَمِنْه قَول الله: {يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إِبْرَاهِيم: 17) .
وَقَالَ ابْن بزرجَ: أساغَ فلانٌ بفلانٍ: أَي: بِهِ تمّ أَمرهُ، وَبِه كَانَ نُجْحُ حَاجته، وذلكَ أَنه يُرِيد عدةَ رِجالٍ أَو عدَّة دراهمَ فَيبقى وَاحِد بِهِ يتم الْأَمر، فَإِذا أَصَابَهُ، قيل: أسَاغَ بِهِ، وَإِن كانَ أَكثر منْ ذَلِك، قيلَ: أسَاغوا بهمْ.

(بَاب الْغَيْن وَالزَّاي)
غ ز (وايء)
غزا غوز زيغ زغا وزغ.
غزا: قَالَ اللَّيْث: غزوتُ بني فلانٍ أغزوهم غزواً، والواحدةُ غَزْوَةٌ، وأغْزَت المرأةُ، فَهِيَ مُغزيةٌ: إِذا غَزَا زَوْجُهَا، والغُزَّى على بِنَاء الرُّكَّع والسُّجَّدِ.
قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {أَوْ كَانُواْ غُزًّى} (آل عمرَان: 156) ، والْمغزاةُ: موضعُ الغزْوِ، وَجَمعهَا المغَازِي، وَتَكون المَغازي بمعْنَى غَزَواتٍ، يُقَال: غَزَوْتُ مَغْزًى، وأَغْزَتِ الناقةُ فَهِيَ مُغز إِذا عسُرَ لِقاحُهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: الغزْوُ: الْقصدُ، وَكَذَلِكَ الغَوْزُ، قد غَزَاه وغَازَه غَزْواً وغَوْزاً: إِذا قصدهُ، قَالَ: وغَزَّ فلانٌ بفلانٍ واغتزَّ بهِ واغتزَى بهِ: إِذا اختصَّهُ من بَين أَصْحَابه.
أَبُو عبيد عَن الأمويِّ: المُغْزيَةُ من الْإِبِل الَّتِي جازتِ الحقَّ وَلم تلدْ، وحَقُّها: الوقتُ الَّذِي ضربت فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: المغْزِيةُ من الْغنم الَّتِي يتأخرُ وِلادُهَا بعد الْغنم بِشَهْر أَو شَهْرَيْن، لِأَنَّهَا حملت بأَخَرَةٍ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ: فجعلَ الإغْزَاءَ فِي الوحشِ:
رباعٍ أقَبُّ البطنِ جَأْبٌ مطرَّدٌ
بِلَحْييهِ صَكُّ المغزِياتِ الرَّواكل
وَيُقَال لجمع الغَازي غَزِيٌّ مثل: نادٍ ونديَ وناجٍ ونجيَ للقومِ يَتناجَوْنَ.
وَقَالَ زيادُ الْأَعْجَم:
قلْ للقوافلِ والغزيِّ إِذا غَزَوْا
والباكِرِينَ وللمجدِّ الرَّائح

(8/150)


أَبُو عبيدٍ عَن الكسائيِّ: ينسَبُ إِلَى غَزِيَّةَ غَزَويٌّ وَإِلَى الغَزْو غَزَوِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: النِّتاجُ الصيفي هُوَ المُغْزَى، والإغْزاءُ: نتاجُ سوءٍ، حُوَارُهُ ضعيفٌ أبدا، وَيُقَال: مَا تَغْزو، أَي: مَا تطلبُ، وَمَا مَغزَاكَ من هَذَا الْأَمر: مَا مطلبكَ، وأَغزى فلانٌ فلَانا: إِذا أعطاهُ دَابَّة يغزُو عَلَيْهَا.
زيغ: قَالَ اللَّيْث: الزَّيغُ: الميلُ، والتَّزايُغ: التمايلُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: زَيَّغتُ فلَانا تَزييغاً: إِذا أَقمت زَيغَهُ، قَالَ: وَهُوَ مثلُ قولهمْ: تَظَلَّمَ فلانٌ من فُلانٍ إِلَى فُلانٍ فَظَلَّمَهُ تَظْلِيماً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ: تَزَيَّغَتِ المرأةُ تَزَيُّغاً، وتزيقت تزيقاً: إِذا تَزَينتْ.
وَقَالَ غَيره: زَاغَتِ الشَّمْس تَزيغ زيُوغاً، فَهِيَ زَائغةٌ: إِذا مَالَتْ وزالت.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَزَاغَ اللَّهُ} (الصَّفّ: 5) ، والزَّاغُ: هَذَا الطَّائِر، وجمعهُ: الزِّيغَانُ، وَلا أَدري أعربيٌّ أمْ معرِّبٌ.
زغا: الزُّغاوَةُ: جِنسٌ من السودَان والنسبةُ إِلَيْهِم زغَاوِيٌّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الزُّغَى: رائحةُ الْحبَشيِّ، والغُزَى: القصدُ.
وزغ: قَالَ اللَّيْث: الوَزَغُ: سوامُّ أبرصَ؛ الْوَاحِدَة: وَزغةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا تبين صورةُ المهرِ فِي بطن أمه فقد وُزِّغ توزيغاً.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الأعرابيِّ: أوزغتِ الناقةُ ببولها إيزاغاً: إِذا أزغلتْ بِهِ إزغالاً وقطعتهُ.
وَأنْشد أَبُو عبيد هَذَا الْبَيْت:
بضرْبٍ كآذان الْفراء فضولُهُ
وطعنٍ كإيزاغِ المَخاض تبورها
وَيُقَال لجمع الْوَزغِ وِزْغانٌ ووُزغَان، وَيُقَال بفلانٍ وزَغٌ: أَي رِعْشةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أَن الحكم بن الْعَاصِ حاكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خلفهِ فعلمَ بذلك فَقَالَ لَهُ: كَذَا فلتكن فَكَانَ بِهِ وَزغٌ) .
غوز: (عَمْرو عَن أَبِيه: الغوزُ: الْقَصْد، يُقَال: غازَه غوْزاً، وغزاهُ غزواً: إِذا قصدهُ؛ قَالَ: والأغْوَزُ: البارُّ بأَهْله) .

(بَاب الْغَيْن والطاء)
غ ط (وايء)
غوط غطي طغا.
غوط: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل غُطْ غُطْ: إِذا أمَرْتُهُ أَن يكونَ مَعَ الجماعةِ إِذا جاءتِ الفِتَنُ وهم الغاطُ. يُقَال: مَا

(8/151)


فِي الغاطِ مثله، أَي: فِي الْجَمَاعَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الغُوطَةُ: موضعٌ بِالشَّام كثيرُ الماءِ وَالشَّجر. قَالَ: والغائِطُ: المُطْمَئِنُّ من الأَرْض، وَجمعه الغيطانُ، والأغواط.
قَالَ: والتَّغْوِيطُ: كِنايةٌ عَن الحَدَث.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَآئِطِ} (النِّسَاء: 43) ، وَكَانَ الرجلُ إِذا أرادَ التَّبَرُّزَ ارْتاد غائِطاً من الأَرْض يغيبُ فِيهِ عَن أَعيُنِ النَّاس، ثمَّ قيلَ للبَرَازِ نَفسه وَهُوَ الحدثُ غائِطٌ كِنايةً عَن النجو، إِذْ كَانَ سَببا لَهُ، وَقد تَغَوَّطَ الرجلُ: إِذا أحْدَثَ، فَهُوَ مُتَغَوِّطٌ، وغاطَ الرجلُ فِي الْوَادي يَغوطُ: إِذا غابَ فِيهِ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح يذكرُ ثوراً:
غاطَ حَتَّى اسْتَبَاثَ من شَيَمِ الأر
ض سفاةً من دونهَا ثَأَدُهْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغُوطَةُ: مجتمعُ النَّباتِ وَالْمَاء، وَيُقَال: ضربَ فلانٌ الغائِطَ: إِذا تبرَّزَ، وغاطَ فلانٌ فِي الماءِ يَغُوطُ إِذا انغمسَ فِيهِ، وهما يتغاوطانِ فِي المَاء: أَي: يَتغامسانِ، ويتغاطَّانِ فِيهِ.
سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: أَغْوِطْ بِئْرَكَ: أَي أَبْعِدْ قَعْرَها وَهِي بئرٌ غويطَةٌ: بعيدةُ القَعْرِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: غاطَ: أَي: حفر وَدخل، وغاطَ الرجلُ فِي الطين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغُوطَةُ: الوَهْدَةُ فِي الأرضِ المطمئنَّة، وذهبَ فلانٌ يضربُ الغائِطَ: أَي: يضربُ الخلاءَ.
وَيُقَال: غاطَتِ الأنْسَاعُ فِي دَفِّ النَّاقة إِذا تبين آثارها فِيهِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: غاطَ فِي الأرضِ يَغيطُ، ويغُوطُ: إِذا غابَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغائِطُ: الأرضُ الواسعةُ الدَّعوة، سُمِّيَ غائِطاً لِأَنَّهُ غاط فِي الأرضِ أَي دخلَ فِيهَا، وَلَيْسَ بالشديد التَّصَوُّب، ولبعضها أسنادٌ.
غطي: قَالَ اللَّيْث: الغِطَاءُ: مَا تغطيت بِهِ أَو غَطَّيْتَ بِهِ شَيْئا، والجميعُ الأغطيةُ، وغطَا الليلُ يَغْطو غَطْواً: إِذا غَسَا، وليلٌ غاط وغاضٍ: مظلمٌ، وَيُقَال: غَطَا عَلَيْهِم الْبلَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: إِذا امْتَلَأَ الرجُلُ شبَابًا، قيل: غَطَا يَغْطِي غَطْياً وغُطِيّاً، قَالَ: وأنشدنا:
يحْمِلْن سِرْباً غَطَى فِيهِ الشبابُ مَعًا
وأخطأتهُ عيونُ الجنِّ والحَسَدُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن المفَضَّلِ، قَالَ: يُقَال: للكَرْمَةِ الكثيرةِ النَّوامي: غاطِيَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: غَطَى وأَغْطَى وغَطَّى بِمَعْنى واحدٍ، والنَّوامِي: الأغصانُ، والواحدةُ: نامِيَة.

(8/152)


وَأنْشد غَيره:
رُبَّ حِلمٍ أضاعهُ عَدَمُ الما
ل وجَهْلٍ غَطَى عَلَيْهِ النعيمُ
وَفُلَان مَغْطِيُّ القِناعِ إِذا كَانَ خامِلَ الذِّكر.
وَأنْشد الْفراء:
أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ فَمَنْ يكُنْ
قِنَاعُهُ مَغْطِيّاً فَإِنِّي لَمُجْتَلِي
وماءٌ غاطٍ: كثيرٌ، وَقد غَطَى يَغْطِي، وَأنْشد:
يَمُرُّ كَمُزْبِدِ الأعرافِ غاطِ
طغا: قَالَ اللَّيْث: الطُّغْيانُ، والطُّغْوانُ لُغَة فِيهِ، والفعلُ: طَغَوْتُ وطَغَيْتُ، والاسمُ الطَّغوَى، وكلُّ شيءٍ جاوزَ القدْرَ فقد طغا كَمَا طغا الماءُ على قومِ نوح، وكما طغتِ الصَّيْحَةُ على ثَمُودَ، والرِّيحُ على قومِ عادٍ، وَتقول: سمعتُ طَغْيَ فلَان: أَي: صَوته، هُذَليَّة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: طغوتُ وطغيْتُ لُغتانِ.
وَفِي (النَّوَادِر) : سمعتُ طَغْيَ القومِ وطَهْيَهُمْ ووغْيهُمْ: أَي صوتَهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للبقرةِ: الخائِرَةُ والطَّغْيا.
وَقَالَ المُفَضَّلُ: طُغْيا.
وَفتح الأصمعيُّ طاءَ طَغيَا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله: {دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ} (الشَّمْس: 11) .
قَالَ: أرادَ بطغيانها، وهما مصدرانِ إِلَّا أَن الطَّغوى أشكلُ برُؤوسِ الآياتِ فاختيرَ لذَلِك، أَلا ترَاهُ قَالَ: {وَءَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ} (يُونُس: 10) ، مَعْنَاهُ: وآخِرُ دُعائهم.
وَقَالَ الزَّجَّاج: أصل طغواها طغياها، وفَعْلَى إِذا كَانَت من ذواتِ الياءِ أُبْدِلَتْ فِي الاسمِ واواً لِيُفْصَل بَين الاسمِ والصِّفةِ، تَقول: هِيَ التَّقْوَى، وَإِنَّمَا هِيَ من تَقَيْتُ، وَهِي البَقْوَى، من بقيتُ، وَقَالُوا: امرأةٌ خَزْيا، لِأَنَّهُ صفة، قلت: والطَّغْيَةُ: الصَّفاةُ المَلْساءُ.
قَالَ الهُذلِيُّ:
صَبَّ اللَّهيفُ لَهَا السُّبُوبَ بِطَغيَةٍ
تُنْبِي العُقَابَ كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
اللهيف: مُشْتار الْعَسَل.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} (النِّسَاء: 51) قَالَ اللَّيْث: الطاغوتُ تاؤُها زَائِدَة، وَهِي مُشتَقَّة من طغا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: كلُّ معبودٍ من دون الله جِبْتٌ وطاغوتٌ.
قَالَ: وَقيل: الجبتُ والطاغوتُ: الكَهَنة وَالشَّيَاطِين.
وَقيل فِي بعض التَّفْسِير: الجبت والطاغوت: حُيَيُّ بن أَخطب وَكَعب بن

(8/153)


الأشرفِ اليهوديَّانِ وَهَذَا غيرُ خَارج مِمَّا قَالَ أهلُ اللغةِ لأَنهم إِذا اتَّبعوا أَمرهمَا فقد أطاعوهما من دونِ الله.
وَقَالَ الشَّعْبيُّ وعطاءٌ ومجاهدٌ وَأَبُو الْعَالِيَة: الجبت: السِّحر، والطاغوت: الشَّيْطَان.
وَقَالَ الْكسَائي: الطاغوت وَاحِد. وجماع.
قَالَ الله تَعَالَى: {أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم} (الْبَقَرَة: 257) ، فَجَمَعَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ مثل الفُلك يذكَّر ويؤنَّث.
قَالَ: {فَاتَّقُونِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُواْ الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ} (الزمر: 17) .
وَقَالَ الْأَخْفَش: الطاغوت تكون الأصنامَ، وَتَكون من الجنِّ وَالْإِنْس، وَتَكون جمَاعَة وواحداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّاغِيَةُ: الجَبَّار العنيد.
وَقَالَ شمر: الطّاغيةُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا أتَى، يَأْكُل الناسَ ويقهرهم، لَا يثنيهِ تَحَرُّج وَلَا فَرَقٌ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: الطاغيةُ: الأحمق المستكبر الظَّالِم.
قَالَ: وطغا الْبَحْر وَالْمَاء: إِذا علا كل شيءٍ فاجترفه.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ} (الحاقة: 5) .
وَقَالَ قَتَادَة: بَعث الله عَلَيْهِم صَيْحَة، وَقيل: معنى أُهلِكوا بالطّاغية: أَي بطغيانهم مصدر على فاعلةٍ.

(بَاب الْغَيْن وَالدَّال)
غ د (وايء)
دوغ غيد وغد غيد غَدا دغا.
دوغ: قَالَ ابْن الْفرج: سمعتُ سُليمان الْكلابِي يَقُول: داغَ القومُ وداكوا: إِذا عمَّهُمُ المَرضُ، وَالْقَوْم فِي دوغَةٍ من المرضِ وَفِي دوكةٍ إِذا عمّهم وآذاهُمْ.
وَقَالَ غَيره: أصابتنا دوغَةٌ: أَي بردٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي فلَان دوغةٌ ودَوكة أَي حمقٌ.
وغد: قَالَ اللَّيْث: الوغدُ: الخفيفُ الضَّعيفُ العقلِ، وَقد وغُدَ وغادةً.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وغدْتُ القَوْم أَغدُهُم وَغدا: خدمتهم، والوغدُ مِنْهُ، يُقَال: رجلٌ وغْدٌ: إِذا كَانَ خَادِمًا لقومٍ.
وَقَالَ شمر: الوغْدُ: الضَّعيفُ، يُقَال: فُلانٌ من أَوغادِ الْقَوْم وَمن وُغدان الْقَوْم: أَي من أَذِلاَّئهم وضُعَفَائهم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المواغَدَةَ والمواضَخَةُ: أَن تسيرَ مثلَ سيرِ صاحِبِك، قَالَ: وَقد تكونُ المواغِدَةُ للنَّاقَةِ الْوَاحِدَة، لأنَّ إِحْدَى يَديهَا ورجليها تُوَاغِدُ الأُخْرَى.

(8/154)


غيد: قَالَ اللَّيْث: الغادَةُ: الفتاةُ النَّاعمةُ، وَكَذَلِكَ الغيْدَاءُ، والأغْيدُ: الوسنانُ المائلُ العنقِ، وَيُقَال: هُوَ يتغَايدُ فِي مشْيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغادَةُ من النِّساء النَّاعمةُ اللَّينة، قَالَ: قَالَ: والغيداءُ: المُتَثَنِّيةُ من اللِّين.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَجَمعهَا غيدٌ، وَكَذَلِكَ جمع الأَغيَد. والمصدر الغَيَدُ، وَقد غَيِدَ يغْيَدُ، وغادت تَغادُ، فَهِيَ غيداء، والغادة اسْم من هَذَا على فَعَلَة.
غَدا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: غدَا غدُكَ وغدَا غدوُكَ: ناقِصٌ وتام. وَقَالَ لبيدٌ فِي اللغةِ التَّامَّةِ:
وَمَا النَّاسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأَهلها
بهَا يوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بلاقعُ
وَقَالَ طرفةُ فِي النَّاقص:
غدٌ مَا غدٌ مَا أقْرَبَ اليَوْمَ من غَد
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول اللَّهِ: {اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ} (الْحَشْر: 18) .
قَالَ: قَدَّمَتْ لغدٍ بِغَيْر واوٍ فَإِذا صَرفُوها قَالُوا: غدَوتُ أغدُو غَدْواً وغدُوّاً فأعادُوا الواوَ.
قَالَ اللَّيْث: الغُدُوُّ جمع مثل الغدوات، والغُدَى جمع غُدوةٍ، وَأنْشد:
بالغدَى والأصَائل
قَالَ: وغُدْوةٌ معرفَة لَا تصرفُ، قلت هَكَذَا يَقُول.
قَالَ النَّحْويُّونَ: إنَّها لَا تنوَّنُ وَلَا تدْخلهَا الْألف وَاللَّام.
وَسمعت أَبَا الجَرّاح يَقُول: رَأَيْت كغدوة قطّ، يُرِيد كغداة يَوْمه.
وَإِذ قَالُوا: الغَدَاةَ صَرفُوا.
قَالَ الله: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (الْأَنْعَام: 52) ، وَهِي قِرَاءَة جَمِيع القرَّاء، إِلَّا مَا رُوِيَ عَن ابْن عامرٍ فإنَّهُ قَرَأَهُ بالغُدوةِ، وَهِي شاذَّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: إِنِّي لآتيه بالغدايا والعشايا، أرادُوا جمع الغداةِ فأتبعُوها العَشايا لازدواج الْكَلَام، وَإِذا أفرِدَ لم يجزْ وَلَكِن يقالُ: غَداةٌ وغدَاواتُ.
وروى أَبُو عمر عَن الْإِمَامَيْنِ، المبرّد وثعلب، قَالَا: العربُ تَقول: لدُن غدْوةً. ولَدُن غدوةٌ، ولَدُن غدوةٍ، قَالَا: فَمن رفع، أَرَادَ، لَدُن كَانَت غدوةٌ، وَمن نصب، أَرَادَ، لدُن كَانَ الوقْتُ غدْوَة، وَمن خفضَ، أَرَادَ، من عِنْد غدوةٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الغَدَوِيُّ بالدَّال: أَن يَبيعَ الشيءَ بنِتاج مَا نَزى بِهِ الكَبْشُ ذَلِك العامَ.
وَأنْشد قَول الفَرَزدق:
ومُهورُ نِسْوتِهم إِذا مَا أَنْكَحُوا
غدَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبال
وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: هُوَ الغَذوِيّ

(8/155)


ُ بالذَّال فِي بَيت الفَرزدق.
ثمَّ قَالَ: ويُروى عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: كلُّ مَا فِي بطُون الْحَوَامِل غدَوِيٌّ من الْإِبِل والشَّاءِ.
وَفِي لُغة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فِي بطُون الشاءِ خاصَّةً.
وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
أَرْجُو أَبا طَلْق بحُسْن ظنِّ
كالغَدَوِيِّ يُرْجَى أَن يُغْنى
قَالَ: ويُروى عَن يزيدَ بن مُرَّة أنّه قَالَ: نُهِيَ عَن الغَدوِيِّ، وَهُوَ كلُّ مَا فِي بطُون الْحَوَامِل، كَانَ الرَّجل يَشْتَرِي بالحَمَل أَو بالعَنْز أَو بالدَّراهم مَا فِي بُطون الْحَوَامِل، وَهُوَ غَرَرٌ فنُهِيَ عَن ذَلِك وَأنْشد:
أُعْطيْتَ كبْشاً وارِمَ الطِّحال
بالغَدَوِيَّات وبِالفِصَال
وعاجلاتِ آجلِ السِّخَال
فِي حَلَقِ الأَرْحام ذِي الأقْفال
وَقَالَ شمر: بَلَغنِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الغَدَوِيّ: الحَمَل والجَدْي لَا يُغَذَّى بِلَبن أمّه، وَلَكِن يُعاجى.
وَقَالَ اللَّيْث: الغادِيةُ: سحابةٌ تنشأُ صباحاً، وجمْعُها: الغَوادي، قَالَ: والغَداءُ: مَا يُؤكل أوَّلَ النَّهَار، وَقد تغدَّى الرَّجل، فَهُوَ مُتغدَ، وفلانٌ يُغادِي فلَانا صباح كلِّ يومٍ وَقد غَادَيته.
دغا: الحرَّانيُّ عَن ابْن السّكيت، يُقَال: فلَان ذُو دَغَياتٍ ودغَواتٍ: أَي ذُو أخلاقٍ رَدِيئَة.
قَالَ: ولمْ نسمَع دَغَياتٍ وَلَا دَغْيَةً إلاَّ فِي بَيت يُرْوَى لرؤبة فَإِنَّهُ زعم أَنهم يَقُولُونَ دَغْيَةً، وغيرُنا يَقُول: دَغوةً.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
ذَا دَغَواتٍ قُلَّبِ الأَخلاق
وَقَالَ رؤبة:
ودَغيةٍ من خَطِلٍ مُغْدَوْدِن
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: إنّه لذُو دَغواتٍ بِالْوَاو الْوَاحِدَة دغيَةٌ، وَإِنَّمَا أَرادوا دغيَّةً ثمَّ خُفِّفَت كَمَا قَالُوا هَيِّنٌ وهَيْنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: دُغةُ اسْم امرأَةٍ حَمقاءَ، يُقَال: فلانٌ أحْمق مِن دُغة.
وَقَالَ غَيره: هيَ دُغةُ بنتُ مَغْنَج، تزوَّجها رجلٌ فبلغَ من حُمْقها أَنَّهَا حَملتْ فَلَمَّا ضربهَا الطَّلْقُ زارتْها أُمُّها فتبرَّزَتْ ووَضَعتْ وَلداً وظنَّتْ أَنَّهَا سَلَحَت فرجعَت إِلَى أمِّها، فَقَالَت لَهَا: هَل يفتحُ الجَعْرُ فاهُ، فَقَالَت لَهَا: نعمْ ويرضَع ثَدْيَ أُمِّه، فخرجَت الأمُّ ورأَتْ وَلدَها فأَخَذتْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: دُغَاوَةُ: جِيلٌ من السُّودان.

(بَاب الْغَيْن وَالتَّاء)
غ ت (وايء)
تغت وتغ.
تغت: قَالَ اللَّيْث: تَغتِ الجاريةُ الضَّحِك:

(8/156)


إِذا أَرَادَت أَنْ تخفيَهُ وَيُغالِبُها، قلت: إِنَّمَا هُوَ حِكَايَة صوتِ الضَّحِكِ.
تِغٍ تِغٍ، وتِغْ تِغْ، وَقد مرَّ تفسيرُه فِي مضاعَف الغَيْن.
وتغ: قَالَ اللَّيْث: الوَتَغُ: الإثمُ وقلّةُ العقْل فِي الْكَلَام، يُقَال: أوْتغْتُ القَوْل، وَأنْشد:
يَا أُمَّنا لَا تغضبي إنْ شِئْتِ
وَلَا تقولِي وَتغاً إنْ فِئْتِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وَتِغَ الرَّجل يَوْتَغُ وَتغاً. وَهُوَ الهلاكُ فِي الدِّين والدُّنيا، وأَنتَ أَوْتغْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَتَغُ: الوجَع، يُقَال: وَالله لأَوتِغَنَّك: أَي: لأُوجِعنَّك.
وَقَالَ أَبُو زيد: من النِّسَاء الوِتغةُ، وَهِي المُضَيِّعَةُ لنفْسها وفرجِها، وَقد وَتِغتْ تَيْتَغُ وتَغاً.

(بَاب الْغَيْن والظاء)
غ ظ (وايء)
غيظ: قَالَ اللَّيْث: غظْتُ فلَانا، أَغيظُه غيْظاً، والمُغايَظَة: فِعلٌ فِي مُهْلَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا، والتَّغَيُّظ: الاغتياظُ، وَقد اغتاظَ عَلَيْهِ وتغيَّظ، وبَنو غيظ بن مُرّة: حَيٌّ مِن قَيْس عَيْلان، وَقَالَ غَيره: تغيَّظت الهاجِرةُ: إِذا اشْتدَّ حَمْيُها.
وَقَالَ الأخطل:
لَدُنْ غدوَةٍ حَتَّى إِذا مَا تغيَّظَتْ
هَواجِرُ من شعبانَ حامٍ أَصِيلُها
وَقَالَ الله فِي صفة النَّار: {تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ} (الْملك: 8) ، أَي: من شدَّة الحرِّ.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: غاظَه وأغاظَه وغَيَّظَه بِمَعْنى واحدٍ.

(بَاب الْغَيْن والذال)
غ ذ (وايء)
(غذا غيذ)
غذا: قَالَ اللَّيْث: الغِذاءُ: الطّعام والشَّرابُ واللَّبَن، وَقيل: اللَّبَن غذاءُ الصَّغير وتحفةُ الْكَبِير.
وَتقول: غذاهُ يَغْذُوه غذاءاً، وفلانٌ يَتغذَّى باللَّحْم: أَي: يَتَربَّى بِهِ.
وَيُقَال: غذَّى البَعير ببوله يُغذِّي بِهِ: إِذا رَمَى بِهِ متقطِّعاً، وغذَّى الكلبُ أَيْضا ببولِه تغذيةً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: غَذَا الماءُ يَغذُو: إِذا مَرَّ مرّاً سَرِيعا.
وَقَالَ الهُذليُّ:
تَعْنُو بمخْرُوتٍ لَهُ ناضِجٌ
ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وَذُو شَلْشَلِ
وغَذا العِرْقُ يغْذُو: إِذا سالَ، وغَذا السِّقاءُ يَغذو غَذَواناً، وعِرْقٌ غاذٍ جارٍ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الغَذَوانُ: المسرع. قَالَ امْرؤ القَيْسِ:

(8/157)


كَتَيْسِ ظباء الحلَّبِ الغَذَوان
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ لعامل الصدَقاتِ: (احْتَسِبْ عَلَيْهِم بالغذاء وَلَا تأخذهَا مِنْهُم) .
قَالَ أَبُو عبيد: الغِذَاءُ: السِّخالُ الصغار، وَاحِدهَا غَذِيٌّ، وأنشده الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو:
لَو أنني كنت من عادٍ وَمن إرَمٍ
غذِيَّ بَهْمٍ ولُقماناً وذِي جَدَنِ
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَأَخْبرنِي خلفُ الْأَحْمَر أَنه سمع العربَ تنشدُهُ غُذَيَّ بَهمٍ بالتَّصْغير.
وَقَالَ شمر: غُذيُّ بَهْمٍ: لَقَبُ رجل، وَأنْشد:
من لَذَّةِ العيشِ والفتَى
للدَّهْرُ والدَّهْرُ ذُو فُنُون
أهْلكْنَ طَسْماً وَبعدهمْ
غُذَيَّ بهْمٍ وَذَا جُدُونِ
قَالَ شمر: بَلغنِي عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الغَذَويُّ: الْبَهْمُ الَّذِي يُغْذَى.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَعْرَابِي من بَلْهجَيْم أَنه يُقَال: الغَذَويُّ: الحملُ أَو الجدْي لَا يُغَذَّى بِلَبن أمِّه، وَلَكِن يُعَاجَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: روى بَعضهم بَيت الْفَرَزْدَقِ:
غَذَويُّ كلِّ هَبَنقعٍ تِنْبَالِ
بالذَّالِ، ورواهُ أَبُو عَمْرو وَأَبُو عُبَيْدَة غَذَويُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغَذَوَان: النَّشيطُ من الخَيْلِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: غَذَوتهُ غِذَاءً حَسناً وَلَا تَقُلْ: غَذَيْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الغاذِيةُ يافُوخُ الرَّأْس مَا كَانَت جِلْدَةً رَطبَةً، وَجَمعهَا: الغواذِي.
غيذ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الغَيْذَنُ: الَّذِي يَظنُّ فَيُصِيب ظَنُّهُ بِالْغينِ والذَّالِ.

(بَاب الْغَيْن والثاء)
(غ ث (وايء))
غثا غيث غوث ثغا وثغ: مستعملة.
غثا: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت:
غَثَتْ نَفسه تَغثَى غَثْياً وغثيَاناً، قلتُ: وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَغَيره، وَأما الليثُ فَإِنَّهُ زعم فِي كِتَابه أَنه غَثِيَتْ نَفْسُه تَغْثَى غَثاً وغَثَياناً، قلت: وكلامُ الْعَرَب عَلَى مَا قَالَ أَبُو زَيدٍ، وَمَا رَوَاهُ اللَّيْث فَمن كلامِ المولّدِينَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: غثا السّيلُ المرْتعَ: إذَا جَمَعَ بعضه إِلَى بعضٍ وأَذْهَبَ حَلاوتهُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: غثا الماءُ يَغثُو غثواً

(8/158)


وغُثاءً: إِذا كَثُرَ فِيهِ البعرُ والورقُ والقَصَبُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النَّحويُّ فِي قَول الله جلّ وَعز: {) (فَهَدَى وَالَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَى} (الْأَعْلَى: 4، 5) .
قَالَ: جعلَه غُثاءً: جَفَّفهُ حَتَّى صيرهُ هَشيماً جافّاً كالغثاء الَّذِي ترَاهُ فَوق السيلِ، وَقيل مَعْنَاهُ: أَخْرَجَ المرْعَى أَحْوَى: أَي: أَخْضَرَ، فجعلهُ غثاءً: أَي يَابسا بعد خُضْرَتهِ.
غيث غوث: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: اسْتغاثني فُلانٌ فأَغَثْتهُ، وَقد غاثَ الله البلادَ يغيثُها غَيْثاً: إِذا أنزل بهَا الغيثَ، وَقد غِيثَتِ الأَرْض تُغاثُ غَيْثاً، وَهِي أرضٌ مَغِيثَةٌ ومَغيوثَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَخْبرنِي أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه سمع ذَا الرُّمَّةَ يَقُول: قَاتل الله أمةَ بني فلانٍ مَا أفصحها، قلت لَهَا: كيفَ كَانَ المطرُ عِندكم؟ فَقَالَت: غِثْنا مَا شِئْنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْغَيْث: الْمَطَر، يُقَال: غاثهم الله، وأصابهمْ غَيثٌ.
قَالَ: والغيث: الكلأُ ينبتُ من مَاء السَّمَاء، ويُجمعُ عَلَى الغيوثِ، والغياثُ: مَا أغاثكَ الله بِهِ، وَيَقُول الْوَاقِع فِي بَلِيَّةٍ: أَغِثني: أَي فرِّج عَنِّي، وَتقول: ضُربَ فلانٌ فَغوَّثَ تغويثاً: أَي: قَالَ: واغوثاهُ، قلت: وَلم أسمع أحدا يَقُول: غاثهُ يَغوثهُ بالواوِ، وغوثٌ: حَيٌّ من الأزْدِ، وَمِنْه قَول زُهَيْرٍ:
وتخشى رُماةَ الغوثِ من كل مَرصَدٍ
وَيُقَال: اسْتَغثْتُ فلَانا فَمَا كَانَ لي عِنْده مَغُوثَةٌ وَلَا غَوْثٌ: أيْ إغاثةٌ، ومَغوثَةٌ وغَوْثٌ: اسْمانِ يُوْضَعانِ مَوضع الإغاثة، وَبَين مَعْدنِ النَّقْرَةِ والرَّبَذَةِ ماءٌ يعرف بِمُغِيثِ ماوَانَ، وماؤه شَرُوبٌ، ومَغيثة: رَكِيّةٌ أُخْرَى عَذبةُ الماءِ بَين القادسيةِ والعُذيْبِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بئرٌ ذاتُ غَيِّثٍ أَي: ذاتُ مَادَّةٍ.
وَقَالَ رُؤبةُ:
نغْرفُ من ذِي غَيِّثٍ وَنُؤْزِي
وفرسٌ ذُوغَيِّثٍ: إِذا أَتى بِجري بعد جَرْيٍ، والغَواثُ: الإغَاثةُ، وَمِنْه قَوْله:
مَتى يَرجو غَواثك مَنْ تُغيثُ
عَمْرو عَن أبيهِ قَالَ: التغَيُّث: السِّمَنُ، يُقَال للناقة: مَا أحْسَنَ تَغَيُّثَها: أَي: سمنها.
ثغا: قَالَ اللَّيْث: الثُّغاءُ من أصوات الغَنم: والفعلُ: ثَغَا يَثْغُو، وَيُقَال: سَمِعت ثَواغِي الشَّاء أَي ثُغَاءَهَا، الْوَاحِدَة: ثَاغِيَةٌ، وَكَذَلِكَ سَمِعت راغِيَةَ الْإِبِل ورَوَاغيَها وصَواهلَ الخيلِ.
وَيُقَال: أتيتُ فلَانا فَمَا أثغَى وَلَا أرغَى:

(8/159)


أَي: مَا أعْطى شَاة تَثْغُو وَلا بَعِيراً يَرْغُو، وَيُقَال: أَثغَى شاتَهُ وَأرْغَى بَعيرهُ، إِذا فَعَل بهما فعلا يَسْتَدْعِي الرُّغَاءَ والثُّغَاءَ مِنْهُمَا، وَيُقَال: مَا لفلانٍ ثَاغيَةٌ وَلَا رَاغية: أَي مَا لَهُ شاةٌ وَلَا بعيرٌ.
وثغ: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، وَأَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَا: الْوَثيغَةُ: الدُّرْجةُ الَّتِي تتخذُ للناقةِ إِذا ظُئرتْ على ولد غَيرهَا، وَقد وَثَغهَا الظَّائرُ يَثِغُها، وَسمعت العربَ تَقول: لما الْتفَّ من أجناسِ العشبِ أَيَّام الرّبيع وثِيغةٌ ووثِيخَة.

(بَاب الْغَيْن وَالرَّاء)
غ ر (وايء)
غرا غور غير وغر رغا ريغ روغ غير.
غرا: قَالَ اللَّيْث: الغِراءُ مَا غرَّيت بِهِ شَيْئا مَا دامَ لَوْناً وَاحِدًا، وَيُقَال أَيْضا: أغْرَيتُهُ، وَيُقَال: مطليٌّ مُغَرًّى بِالتَّشْدِيدِ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمر: غرِيتُ بِهِ أَي: أولعتُ بِهِ أَغْرَى بهِ غَراءً، ممدودٌ.
عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: وَقَالَ يُونُس: غَريَ بهِ غِراءً، ممدُودٌ، قَالَ: ونقصه أَبُو الْخطاب.
وَقَالَ شمرٌ: الغراءُ ممدودٌ هُوَ الطلاءُ الَّذِي يُطلى بِهِ، وَيُقَال: إِنَّه الغَرَى بِفَتْح الغيْن مقصورٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: غَرِيتُ بِهِ غَراً مَنقوصٌ، وغارَيتُه أُغارِيه مُغاراةً وغِراءً: إِذا لاجَجْتَه، قَالَ: وَلَا أَعرِفُ غَرِيَ بِهِ ممدوداً.
وَقَالَ فِي قَول كُثَيِّرٍ:
إِذا قلتُ أَسْلُو غارت العَين بالبُكا
غِراءاً ومَدَّتْها مدامعُ حُفَّل
مِنْ غارَيْتُ، وَقَالَ خالدُ بنُ كُلثوم: غارَيتُ بَين اثْنَيْنِ وغادَيتُ بَين اثْنَيْنِ: أَي وَالَيت.
وَأنْشد بَيت كُثَيِّرٍ هَذَا (غارت العينُ بالبُكا) ، وَقَالَ: غارتْ فاعَلتْ من الوِلاءِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ فاعَلتْ مِنْ غَرِيتُ بِهِ أَغْرَى غَراءً عَلَى فَعَالٍ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الغَرَا وَلَدُ الْبَقَرَة الوحْشِيَّة.
وَقَالَ الفرَّاءُ مثلَه، وَقَالَ: يُكتب بالألِف وتثْنِيتُه غَرَوان، وَيُقَال للحُوارِ أولَ مَا يولدُ غَراً أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغرا مَنقوصٌ: هُوَ الوَلد الرَّطْبُ جدّاً، وكلُّ مولودٍ غراً حَتَّى يشتدَّ لحمُه، وَيُقَال: أيُكَلِّبُنِي فلانٌ وَهُوَ غَراً وغِرْسٌ للصَّبيِّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الغَرِيُّ: الرَّجل الحَسن الْوَجْه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الغَرِيُّ: نُصُبٌ كَانَ يُذبَحُ

(8/160)


عَلَيْهِ العَتائرُ، وَأنْشد:
كغَرِيَ أَجْسَدتْ رَأْسَه
فُرُعٌ بَين رئاسٍ وحامِ
وَيُقَال: غَرَوْتُ السَّهْمَ وغرَيتُه بِالْوَاو وَالْيَاء أَغْرُوه وأَغرِيه، وَهو سَهْمٌ مَغرُوٌّ ومَغْريٌّ.
وَقَالَ أَوْسُ بن حجَرٍ يَصِفُ نبَالاً:
لأَسْهمه غارٍ وبار ورَاصِفُ
وَمن أمثالهم: أَنْزِلْنِي ولوْ بأَحد المَغْرُوَّيْن، حَكَاهُ المُفضَّل أَي بأَحد السَّهمين.
قَالَ: وَذَلِكَ أنَّ رَجلاً ركِب بَعِيرًا صعْباً فَتَقَحَّمَ بِهِ فاستغاثَ بصاحبٍ لَهُ مَعَه سَهْمَان فَقَالَ: أَنْزِلْني وَلَو بأَحد الْمَغْرُوَّيْنِ.
وَيُقَال: أُغرِيَ فلانٌ بفلانٍ إِغراءً وغَرَاةً: إِذا أُولع بِهِ.
ومِثله: أُغرِم بِهِ فَهُوَ مُغْرًى بِهِ ومُغرَمٌ وَيقال: أَغريْتُ الكلبَ: إِذا آسدْتَه وأَرَّشْتَه.
غور غير: قَالَ اللَّيْث: الْغَار نباتٌ طيِّبٌ الرَّائحة على الوَقود، وَمِنْه السُّوس.
وَقَالَ عدِيُّ بنُ زيد:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها
تَقْضمُ الهنْديَّ والغارَا
وغارُ الفَمِ: نِطْعاه فِي الحَنَكَيْن، والغارُ مغارةٌ فِي الجبَل كَأَنَّهُ سَرَبٌ، والغارُ: لُغةٌ فِي الغيْرَة، والغارُ: الجماعةُ من النَّاس.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: فلانٌ شديدُ الْغَار على أَهْله، من الْغيرَة، قَالَ: وأَغار فلانٌ أَهْلَه: إِذا تزوَّج عَلَيْهَا، والغارُ: الجمْعُ الْكثير من النَّاس.
ويُرْوَى عَن الْأَحْنَف بن قيس أَنه قَالَ فِي الزُّبَيْر، مُنْصرَفه عَن وقْعةِ الجَمل: مَا أَصْنع بِهِ إِن كَانَ جمعَ بَين غارَين من النَّاس ثمَّ ترَكهم وذَهب.
وَقَالَ الأصمعيُّ يُقَال لفَم الْإِنْسَان وفرْجه: هما الغاران، يُقَال: المرْء يَسعَى لغَاريْه، والغار شجَر.
وَفِي حَدِيث عمرَ أَنه قَالَ لرجلٍ أَتَاه بمنْبوذٍ وَجَده: (عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً) وَذَلِكَ أنَّه اتَّهمه أَن يَكون صَاحب المنبوذ حَتَّى أَثنَى على المُلتقِط عَرِيفُه خيرا، فَقَالَ عمر حينئذٍ: هُوَ حرٌّ ووَلاؤُه لَك.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: وأَصْلُ هَذَا المثَل: أَنه كَانَ غارٌ فِيهِ ناسٌ فانهار عَلَيْهِم، أَو قَالَ: فأَتاهم فِيهِ عدوٌّ فقتَلهم فِيهِ فَصَارَ مثَلاً لكلِّ شيءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتي مِنْهُ شرٌّ ثمَّ صُغِّر الْغَار فَقيل: غوَيْرٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأَخْبرنِي ابنُ الكلبيِّ بِغَيْر هَذَا، زَعم أنَّ الغُوَيرَ ماءٌ لكلبٍ معروفٌ بِنَاحِيَة السَّمَاوَة، وأَنّ هَذَا المثَل إِنَّمَا تكلَّمتْ بِهِ الزَّباءُ لمَّا وَجَّهَت قصِيراً اللّخْميَّ بالْعِير إِلَى الْعرَاق ليَحْمل لَهَا من بَزِّه، وَكَانَ قَصيرٌ يطْلبهَا بثأْر جَذيمةَ الأَبْرشِ فجَعل الأحمالَ صناديق فِيهَا

(8/161)


الرِّجالُ مَعَ السِّلَاح ثمَّ عدَل عَن الجادَّة وأَخَذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّتْ بالشَّرِّ وَقَالَت: عَسى الغُوَير أبْؤُساً، عَلَى إِضْمَار فِعْلٍ. أَرادتْ عَسى أَنْ يُحدِث الغوَيرُ أَبْؤُساً.
وأَمَّا الْغَارة فلهَا مَعْنيَان.
يُقَال: أغار الحَبلُ يُغيرُه إغارةً وغارةً إِذا شَدَّ فَتْلُه. وحبلٌ مغارٌ: شديدُ الفتلِ وَمَا أشدَّ غارتَه، فالإغارة مصدرٌ حقيقيٌّ، والغارةُ اسمٌ يقومُ مقَام المصدرِ، ومثلهُ أَعَرْتُه الشَّيْء أُعيرُه إِعَارَة وعارَةً، وأطعتُ الله إطاعةً وَطَاعَة.
وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي الغَارَةِ أَنه يُقَال: أغارَ الفرسُ إِغارةً وغارَةً، وَهُوَ سُرْعة حُضرِه، ويُقال للخيْلِ المُغيرَة: غَارَةٌ، أَي أَنَّهَا ذاتُ غارةٍ، أيْ ذاتُ عَدْوٍ شَدِيد، وَكَانَت الْعَرَب تَقول للخيْلِ إِذا شُنَّتْ على حَيَ نازلينَ صباحاً وهم غارُّونَ: فِيحِي فَيَاج: أَي اتَّسعِي وتفَرَّقي أيتُها الخيلُ لتُحِيطِي بالحَيِّ، ثمّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غارَة لإغارة الخيْلِ عَليها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغارةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ
والسِّرْحانُ: الذِّئْبُ، وغارَتُه شِدّةُ عَدْوِه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً} (العاديات: 3) .
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: غارَني الرَّجُلُ، يَغيرُني ويغورُني: إِذا وَدَاكَ من الدِّيةِ، والاسمُ الغِيرَةُ، وجمعُها الغِيرُ.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل طلب القَوَد بوليّ لَهُ قُتل: (أَلا الغِيَرَ تُريدُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: الغِيَرُ: الدّيَةُ، وَجمعه أَغيارٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والغِيَرُ جمعُ غِيرَةٍ، وَهِي الدِّيةُ.
وَأنْشد:
لنَجْدَعَنَّ بِأَيْدِينَا أنوفَكُمو
بني أمَيمةَ إِن لم تقبلُوا الغيَرَا
قَالَ أَبُو عبيد: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً فِيمَا نرى لِأَنَّهُ كَانَ يجبُ القَوَدُ فغُيِّرَ القَوَدُ دِيةً، فسمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً، وأصلُه منَ التّغييرِ.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: غارَ فلانٌ أهلَهُ يَغيرُهم غياراً: إِذا مارَهم، وغارهُم الله بالخيرِ يغورُهم ويغِيرُهم.
قَالَ الأصمعيُّ: وَهِي الغِيرة، وأنشدنا قولَ الهذليِّ:
مَاذَا بغيرِ ابنتيْ رِبْعٍ عوِيلُهما
لَا ترْقُدانِ وَلَا بُؤسى لمَنْ رَقَدا
وَقَالَ اللحيانيُّ: غارهُم اللَّهُ بالمطَرِ يغورهم ويَغيرُهم إِذا سقاهم، ويقالُ: اللَّهُمَّ غِرنا بِخَير: أَي أَغِثنا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الغائرةُ: القائلة،

(8/162)


وَقد غوّر القومُ تغويراً: إِذا قَالُوا من القائلة، ويُقال: غَوِّرُوا بِنَا فقد أرْمَضتمُونا: أَي انزِلوا وقتَ الهاجرة حَتَّى نُبرِدَ ثمّ تروَّحوا.
قَالَ ابْن شُمَيْل: التَّغوِيرُ أَن يسيرَ الرَّاكبُ إِلَى الزَّوال ثمّ ينزلَ.
شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُغوِّرُ: النازِلُ نصف النَّهَار هُنيهةً ثمَّ يرحل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّغويرُ يكون نزُولاً للقائلة وَيكون سيراً فِي ذَلِك الوقتِ، والحُجَّة للنزُولِ.
قَول الرَّاعِي:
ونحنُ إِلَى دُفُوفِ مُغَوِّرَاتٍ
نَقِيسُ عَلَى الْحَصَى نُطَفاً بَقينا
وَقَالَ ذُو الرُّمة فِي التغويرِ فجعَلهُ سَيْراً:
برَاهُنّ تغوِيري إِذا الآلُ أرْفَلتْ
بِهِ الشمسُ أُزْرَ الحزْوَراتِ العوانكِ
قَالَ: أرْفلَتْ: أيْ بلغتْ بِهِ الشمسُ أوْساطَ الحزْوَراتِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غارَ النهارُ إِذا اشتَدّ حَرُّهُ.
قلتُ: والغائرةُ هِيَ القائلةُ، والتغوِيرُ كلُّه أُخذَ من هَذَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
نزَلنا وَقد غارَ النهارُ وأَوقَدَتْ
علينا حَصى المَعزَاء شمسٌ تنالُها
أَي: من قُربِها كأنكَ تنالُها.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الغَوْرَةُ: الشَّمْس.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب لبنتٍ لَهَا: هِيَ تشفيني مِنَ الصَّوْرَة وتستُرُني من الغوْرة، والصَّوْرَة: الحِكَّة.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: غوّرَ النهارُ: أَي: زَالَت الشمسُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقال: غَار الرجُل يغور إِذا سَار فِي بلادِ الغَوْرِ، وهكذ قَالَ الكِسائي.
وَأنْشد قولَ جَرير:
يَا أُمَّ طَلْحَةَ مَا رأيْنا مِثْلكم
فِي المُنْجِدين وَلَا بغَوْرِ الغائر
وسُئل الْكسَائي عَن قَوْله:
أغارَ لعَمْرِي فِي الْبِلَاد وأنجَدَا
فَقَالَ: ليسَ هَذَا من الغَوْر، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أغارَ إِذا أسرعَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأصمعيّ.
شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: غارَ القومُ وأغارُوا: إِذا أَخذوا نَحْو الغَوْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: العربُ تَقول: مَا أدْرِي أغارَ فلانٌ أمْ مار، قَالَ: أغارَ: أتَى الغَوْر، ومارَ: أَتَى نجداً.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: قَالَ الْفراء: أغارَ لغةٌ بِمَعْنى غارَ واحتَجّ ببيتِ الْأَعْشَى، وَيُقَال: غارتْ عينُه تغُور غؤُوراً وغَوْراً، وغارَ الماءُ يَغورُ غوْراً وغؤوراً.

(8/163)


قَالَ الله تَعَالَى: {مُّبِينٍ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ} (الْملك: 30) ، سمّاه بالمصدرِ، كَمَا يقالُ: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حشْرٌ ودِرْهم ضرْب: أَي: ضُرِبَ ضربا، وغارَتِ الشمسُ فَهِيَ تغُورُ غؤوراً إِذا سَقَطت فِي الغَوْر حينَ تغيبُ، وغار على أَهله يَغارُ غَيرَةً، وامرأَةٌ غيُورٌ من نِسْوة غُيُر وَامْرَأَة غيْرَى من نِسْوة غيَارَى، ورَجُلٌ غَيُور من قوم غُيُرٍ.
وَقَالَ غَيره: رجل مِغوارٌ: كثير الغارات على أعدائِه، وجمعُه مَغاوِيرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: فرَس مُغارٌ: شديدُ المَفاصِلِ.
قلتُ: مَعْنَاهُ: شدّةُ الأسْرِ كَأَنَّمَا فُتِل فَتْلاً، والغوْرُ: تِهامةُ وَمَا يَلِي الْيَمَنَ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مَا بَين ذَات عرق إِلَى الْبَحْر غوْر تهَامَة.
وَقَالَ الباهليُّ: كل مَا انحدَرَ سيْلُه مَغربيّاً فَهُوَ غوْر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: غارتِ الشمسُ غِياراً، وَأنْشد:
فلمّا أَجَنّ الشمسَ عنِّي غيارُها
واسْتغارَ الجُرْحُ والقَرْح: إِذا وَرِمَ.
وَأنْشد:
رَعَتْه أشْهراً وحلاَ عَلَيْهَا
فطارَ النِّيُّ فِيهَا واستغارا
قلتُ: معنى استغارَ فِي هَذَا الْبَيْت أَي: اشتدّ وصلبَ، يَعْنِي شَحْمَ النّاقةِ ولحْمَها إِذا اكتنزَ كَمَا يَسْتغيرُ الحبلُ إِذا أُغيرَ أيْ: شُدّ فَتْلُه.
وَقَالَ بَعضهم: استَغارَ شَحْمُ الْبَعِير: إِذا دخلَ جَوْفَه، والقوْلُ هُوَ الأولُ، وَيُقَال: إنكَ غُرْتَ فِي غيرِ مغارٍ: مَعْنَاهُ: طَلَبْتَ فِي غيرِ مطلَبٍ، ورَجُل بعيدُ الغَوْرِ: إِذا كانَ جيِّدَ الرَّأْي قَعيرَهُ.
وغر: ابْن السّكيت: يُقَال: فِي صَدره عَلَيْهِ وغرٌ، سَاكن الْغَيْن، وَقد أوغرت صَدره، أَي: أوقدْته من الغيْظ وأحميته، وَأَصله من وغرة القَيْظ، وَهِي شِدّة حرِّه، وَيُقَال: سمعْتُ وغرَة الْجَيْش أَي: أَصْوَاتهم.
وَأنْشد:
كَأَن وغرَ قطاه وغرُ حادينا
قَالَ اللَّيْث: الوَغْرُ: احتراقُ الغيظ، يُقَال: وغِرَ صدرُه عَلَيْهِ يوْغَرُ، وَهُوَ أَن يَحترِقَ الْقلب من شدّة الغيْظ، وقدْ وغر صدْرُه وغَراً، وأوغرَ صدْرَه عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَرِيَ صدرُه عَلَيْهِ يأْرَى مِثلُ وغِرَ وغراً سَوَاءٌ.
قَالَه أَبُو زيد فِيمَا روَى عَنهُ أَبُو عبيد، وَيُقَال: وغرتِ الهاجرَةُ تَوغر وَغَراً: إِذا رَمِضتْ، واشتدّ حرهَا ولَقيتهُ فِي وغرة الهاجِرَة حينَ تتوسَّط العينُ السماءَ، وَيُقَال: نزلنَا فِي وَغْرةِ القيْظِ على مَاء كَذَا وَكَذَا، وأوْغرتُ الماءَ إيغاراً: إِذا أحْرَقْته

(8/164)


حَتَّى غلاَ، وَمِنْه المَثَل السائر: كَمَا كَرِهتِ الْخَنَازِير الحميمَ المُوغَر.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ولقدْ رأيتَ مكانهمْ فكرِهْتهم
ككراهة الخِنزير للإيغار
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَغيرة: اللّبَنُ وحدَه مَحْضا يُسخَّن حَتَّى ينضَجَ وَرُبمَا جُعِلَ فِيهِ السمنُ، يُقَال: أوْغرت اللّبنَ.
قَالَ: وَفِي لُغة الكِلابيينَ: الإيغار: أَن تُسَخِّن الرضافَ وتُحرقهَا ثمَّ تُلقيها فِي الماءِ لتُسخِّنه.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَغير: لحْمٌ يُشوى على الرَّمْضاء.
قَالَ: ووغَّر الْعَامِل الخرَاج: إِذا اسْتَوْفَاهُ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: أوْغرْت فلَانا إِلَى كَذَا: أَي: ألجأتُه. وَأنْشد:
وتطاوَلَتْ بكَ هِمّةٌ محطوطةٌ
قد أوْغرَتْك إِلَى صبا وهُجون
أَي: أَلجأَتْكَ إِلَى الصِّبَا.
قَالَ: واشْتِقاقُه من إيغار الخَراج، وَهُوَ أَن يُؤدِّي الرجلُ خرَاجه إِلَى السُّلْطَان الْأَكْبَر فِراراً من الْعمَّال، يُقَال: أوْغرَ الرجل خراجه إِذا فعل ذَلِك.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الوغْر: الصَّوْتُ.
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ الْأَصْمَعِي: الوغرُ والوغم: الذحلُ.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: ذهبَ وغَر صدْره ووغَم صَدره: أَي: ذهب مَا فِيهِ من الغلِّ والعداوة.
وَقَالَ اللحياني: وغِرَ عَلَيْهِ صَدْرِي يَوْغَرُ ويَغِرُ ووَعِرَ يَوْعَرُ ويعِرُ بِالْعينِ: أَي: امْتَلَأَ غيظاً وحقداً.
روغ ريغ: أَبُو عبيد عَن اليزيديِّ: هَذِه رِيَاغَةُ بني فلانٍ ورِوَاغَتُهُمْ حَيْثُ يَصْطَرِعُون.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّوَّاغُ: الثَّعْلَب، وَهُوَ أروَغُ من ثعلبٍ، وطريقٌ رائغٌ مائلٌ، وراغَ فلانٌ إِلَى فلانٍ: إِذا مَال إِلَيْهِ سرا.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} (الذاريات: 26) .
وَقَالَ أَيْضا: {لاَ تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً} (الصافات: 93) ، كل ذَلِك انحرافٌ فِي استخفاء، وَيُقَال: فلانٌ يُرِيغُ كَذَا وَكَذَا ويُلِيصُهُ: أَي: يديره ويطلبه، وَتقول للرجل يحُومُ حولك مَا تُرِيغُ: أَي: مَا تطلب، وفلانٌ يُديرني عَن أمرٍ وَأَنا أُرِيغُهُ.
وَقَالَ دارة أَبُو سَالم:
يُدِيروننيَ عَن سَالم وأُريغه
وجلدة بَين الْعين وَالْأنف سَالم
وَمِنْه قَول عبيد: وَقَالَ عبيد بن الأبرص يردّ على امرىء الْقَيْس كَلمته:
أتُوعِدُ أسرتي وَتركت حجرا

(8/165)


يُرِيغُ سوادَ عَيْنَيْهِ الغُرابُ
أَي: يَطْلُبهُ لينتزعه فيأكله.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا كَفى أحدكُم خادمهُ حَرَّ طعامهِ فليُقعده مَعَه وَإِلَّا فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقمةً) .
يُقَال: روَّغَ فلَان طَعَامه ومَرَّغَهُ: إِذا روَّاه دَسَماً، وَفُلَان يُراوِغُ فلَانا: إِذا كَانَ يحيدُ عمَّا يُدِيره ويُحايصُه.
وَقَالَ شمرٌ: الرِّياغُ: الرَّهَج وَالْغُبَار.
قَالَ رؤبة يصف عَيْراً وأتْنَه:
(وَإِن) أثارتْ من رِياغٍ سَمْلَقاً
تهْوِي حَوامِيها بِهِ مُدَقَّقَا

قلت: وأحسب الْموضع الَّذِي يتمرَّغُ فِيهِ الدوابُّ سمِّي مَرَاغاً من الرِّياغِ وَهُوَ الغُبار.
رغا: قَالَ اللَّيْث: رَغَا الْبَعِير يَرْغُو رُغاء.
قَالَ: والضَّبعُ ترغُو، وَسمعت رَوَاغِيَ الْإِبِل: أَي: رُغاءَها وَأَصْوَاتهَا، وأرْغَى فلانٌ بعيره: إِذا فعل بِهِ فعلا يَرْغُو مِنْهُ ليسمع الحيُّ صَوته فيدعوه إِلَى القِرَى؛ وَقد يُرْغِي صَاحب الْإِبِل إبِله بِاللَّيْلِ ليسمع ابْن السَّبِيل رُغاءَها فيميل إِلَيْهَا وَأَن الضَّيْف إِذا أرغى بعيره وجد فِيهَا قِرىً.
وَقَالَ ابْن فسوة يصف إبِلا:
طوال الذُّرى مايلعنُ الضيفُ أَهلهَا
إِذا هُوَ أرْغَى وسطَها بعد مَا يَسْرِي
أَي: يُرْغِي نَاقَته فِي نَاحيَة هَذِه الْإِبِل.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
من البِيضِ تُرْغِينا سِقاطَ حَدِيثهَا
وتنكدُنا لَهْوَ الحَدِيث الْمُمَتّعِ
أَي: تُطعمنا حَدِيثا قَلِيلا بِمَنْزِلَة الرَّغوة.
وَقَالَ اللَّيْث: الارْتِغَاءُ: سحفُ الرَّغوة واحتِساؤُها، وَمن أمثالهم: هُوَ يُسِرُّ حَسْواً فِي ارْتِغاءٍ، يُضرب مثلا لمن يظهرُ طلب الْقَلِيل وَهُوَ يُسِرُّ أَخذ الْكثير.
وَيُقَال: رَغَا اللَّبنُ وأرْغَى: إِذا كثرت رغوته.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هِيَ رَغْوَةُ اللَّبن ورُغْوَةٌ ورِغْوَةٌ ورِغايةٌ وَزَاد غيرُهُ رُغايةً، وَلم نسْمع رُغاوةً.
أَبُو زيد، يُقَال للِرَّغْوَةِ رُغاوَى وَجَمعهَا رَغَاوَى، رَوَاهُ ابْن نَجدة عَنهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الرَّغْوَةُ: الضَّجْرةُ، وَيُقَال: رغَّاهُ: إِذا أغضبهُ، وغَرَّاه إِذا أجْبرهُ.
غير: فِي حَدِيث جَرير بن عبد الله، أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (مَا من قوم يعْمل فيهم بِالْمَعَاصِي، يقدرُونَ أَن يُغَيِّرُوا فَلَا يُغَيِّرُون، إِلَّا أَصَابَهُم الله بعقاب) .

(8/166)


قَالَ الزّجاج: معنى يغيِّرون، أَي: يدْفَعُونَ ذَلِك الْمُنكر بِغَيْرِهِ من الْحق، وَهُوَ مُشْتَقّ من غير، يُقَال: مَرَرْت بِرَجُل غَيْرك، أَي لَيْسَ بِكَ.
قَالَ اللَّيْث: غَيْرٌ يكون اسْتثِْنَاء مثل قَوْلك: هَذَا درهمٌ غَيْرَ دانق، مَعْنَاهُ: إِلَّا دانقاً وَيكون غَيْر اسْما تَقول: مَرَرْتُ بِغَيْرِكَ، وَهَذَا غَيْرُكَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَة: 7) ، خفضت غَيْرٌ لِأَنَّهَا نعتٌ للَّذين، وَهُوَ غَيْرُ مصمودِ صمدهُ وَإِن كَانَ فِيهِ الْألف وَاللَّام.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: جعل الْفراء الْألف وَاللَّام فِيهَا بِمَنْزِلَة النَّكرة وَيجوز أَن يكون غَيْرٌ نعتاً للأسماء الَّتِي فِي قَوْله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (الْفَاتِحَة: 7) ، وَهِي غير مصمودٍ: صمْدها أَيْضا، وَهَذَا قَول بَعضهم، وَالْفراء يأبَى أَن تكون غَيْرٌ نعتاً لغير الَّذين لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة النكرَة عِنْده.
وَقَالَ الْأَخْفَش: غَيْرٌ: بدلٌ.
قَالَ ثَعْلَب: وَلَيْسَ يمْتَنع مَا قَالَ، وَمَعْنَاهُ التكرير كَأَنَّهُ أَرَادَ: صِراط غيرِ المغضوب عَلَيْهِم.
وَقَالَ الْفراء: معنى غيرٍ معنى لَا، وَلذَلِك رُدَّت عَلَيْهَا لَا، كَمَا تَقول: فلَان غيرُ مُحْسنٍ وَلَا مُجْمِل، قَالَ: وَإِذا كَانَت غَيْرٌ بِمَعْنى سِوًى لم يجز أَن يُكرَّ عَلَيْهَا، أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن تَقول: عِنْدِي سِوى عبد الله وَلَا زيدٍ، قَالَ: وَقد قَالَ من لَا يعرف الْعَرَبيَّة إِن معنى غيرٍ هَا هُنَا بِمَعْنى سِوًى، وإنَّ لَا صلةٌ.
قلت: وَهَذَا قَول أبي عُبَيْدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: من نصب قَوْله (غَيْرَ المغضوب عَلَيْهِم) فَهُوَ قطعٌ.
وَقَالَ الزّجاج: من نصب غَيْراً فَهُوَ على وَجْهَيْن، أَحدهمَا: الْحَال، وَالْآخر: الِاسْتِثْنَاء.
قلت: والمُغَيِّرُ: الَّذِي يُغَيِّر على بعيره أداته ليُريحه ويخفِّف عَنهُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
واستُحِثَّ المُغَيِّرون من القو
م وَكَانَ النِّظاف مَا فِي العزالي
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: غَيَّرَ فلَان عَن بعيره: إِذا حطَّ عَنهُ رحْلَه وَأصْلح من شَأْنه.
وَقَالَ الْقطَامِي:
إِلَّا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وتَغَيِّرَ فلَان عَن حَاله فَهُوَ مُتَغَيِّر.

(بَاب الْغَيْن وَاللَّام)
(غ ل (وايء))
غلا غول غيل وغل ولغَ لَغَا لوغ ليغ: مستعملات.
غلا: قَالَ اللَّيْث: غَلاَ السِّعْرُ غلاءً: مَمْدُودٌ،

(8/167)


وغَلاَ فِي الدِّين يغْلو غُلُوّاً: إِذا جاوزَ الحدَّ، وغلا بالسَّهْم يغْلو غُلُوّاً: إِذا رمى بِهِ، وَقَالَ الشماخُ:
كَمَا سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَهُ الغالي
قَالَ: والمغالي بالسَّهم: الرَّافعُ يَدَهُ يُريدُ بِهِ أقْصَى الغايةِ، قَالَ: وكلُّ مرماةٍ من ذَلِك غَلْوَةٌ، وَأنْشد:
منْ مائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال
قَالَ: والمِغْلاَةُ: سَهْمٌ يتَّخذ لمغالاة الغَلْوَةِ وَيُقَال لَهُ المِغْلَى بِلا هَاءٍ، قَالَ: والفَرْسَخُ التَّامُّ خمسٌ وعِشْرُونَ غلوَةً، والدَّابَّةُ تغلو فِي سَيْرِهَا غَلْواً وتغتلي بخفَّةِ قَوَائِمهَا، وَأنْشد:
فَهْيَ أَمَامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي
وتغالى النَّبْتُ أَي: ارتفعَ وطَالَ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
مِمَّا تَغَالى منَ الْبُهْمَى ذَوائبُهُ
بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عَنهُ الأكاميمُ
قَالَ: وتغالى لحمُ الدَّابّةِ: إِذا تَحَسَّرَ عِنْد التَّضمير.
وَقَالَ لبيد:
فَإِذا تغالى لَحْمُها وتحسرتْ
وتقَطَّعَتْ بعد الكلالِ خدامُها
تغالى لَحمهَا: أَي: ارْتَفع وصارَ على رُؤوس الْعِظَام، وَيُقَال: غلتِ القِدرُ تغلي غَلياً وغلَياناً، والغاليةُ: معروفةٌ، يُقَال مِنْهَا: تَغَلَّلتُ وتَغَلّفْتُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تغلَّيتُ من الغالية.
وَقَالَ أَبُو نصر: سألتُ الْأَصْمَعِي هَل يجوزُ تغلّلْتُ، فَقَالَ: إِن أردْت أَنَّكَ أدْخَلْتَهُ فِي لحيتكَ أَو شاربكَ فجائِز.
وَقَالَ الْفراء: غالَيْتُ اللَّحْم وغاليت بِاللَّحْمِ: جائزٌ، وَأنْشد:
تُغالي اللَّحْم للأضياف نِيئاً
وتبذله إِذا نَضِجَ القُدُورُ
الْمَعْنى: تُغالى بِاللَّحْمِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: نُغالي اللَّحْم: نشتريه غالياً، ثمَّ نَبذُلُهُ ونُطعمهُ إِذا نَضجَ مَا فِي قُدُورنا.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرَادَ نُغالي بِاللَّحْمِ فَحذف الباءَ، قَالَ: وَيُقَال: لعبْتُ الكعابَ، ولعبتُ بالكعابِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الغُلَواء ممدودٌ: سرعةُ الشبابِ، وَأنْشد قَوْله:
لم تلتفتْ لِلدَاتها
ومضتْ على غُلَوائها
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول الشَّاعِر:
خمصانةٌ قلِقٌ مُوشَّحُها
رُؤْدُ الشبابِ غلابها عظمُ
هَذَا مثل قَول ابْن الرُّقيات: لم تلْتَفت لِلداتِها وكما قَالَ:
كالغُصْن فِي غُلوائهِ المتأَوِّدِ
وَقَالَ غَيره: الغالي: اللحمُ السَّمينُ، أُخِذَ

(8/168)


مِنْهُ قَوْله: غلابها عظمٌ: إِذا سَمِنَتْ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
تَوَسَّطها غالٍ عتيقٌ وَزانها
مُعرَّسُ مَهْرِي بِهِ الذَّيل يلمعُ
أَي: توسطها شحمٌ عتيقٌ فِي سنامها، والغَلْوَى: الغاليةُ فِي قَول عديِّ بن زيد:
ينفحُ مِنْ أردانها المسكُ والعن
بَرُ والغلوى ولبني قفُوص
وَيُقَال: غاليتُ صدَاقَ المرأةِ أَي أغليتُهُ وَمِنْه قَول عمر: أَلا لَا تُغالُوا صُدُق النساءِ، وَقَالَ بَعضهم: غَلوتُ فِي الْأَمر غلانيةً: إِذا جَاوَزت فِيهِ الحدَّ، زادوا فِيهِ النُّون، وَيُقَال للشَّيْء إِذا ارْتَفع وزَادَ: قد غَلا.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
فَمَا زَالَ يغلو حبُّ مَيَّةَ عندنَا
ويزدَادُ حتّى لم نَجد مَا نَزيدها
غول غيل: قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال مَا أبعدَ غَوْلَ هَذِه الأرضِ: أَي مَا أبعد ذَرْعها، وإنَّها لَبعيدةُ الغولِ وَقد تغوَّلتِ الأرضُ بفلانٍ: أَي: أهلكتهُ وضللته، وَقد غالتهم تِلْكَ الأرضُ: إِذا هلكُوا، واغتالتهم مِثله، وَقَالَ ذُو الرُّمة:
وَرُبَّ مفازةٍ قُذُف جموحٍ
تغولُ منحِّبَ القَربِ اغتِيالا
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هَذِه أرضٌ تغتالُ الْمَشْي: أَي لَا يستبين فِيهَا المشيُ من بعْدهَا وَسَعتها، وَقَالَ العجاجُ:
وَبلدةٍ بعيدةِ النِّياط
مجهُولةٍ تغتالُ خَطو الخاطي
وَقَالَ اللَّيْث: الغَولُ: بعدُ المفازةِ، وَذلك أَنَّهَا تغتالُ سير الْقَوْم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للصَّقر وَغَيره لَا يغتاله الشِّبَع أَي: لَا يذهبُ بقوَّتهِ شبعُه، وَقَالَ زُهَيْر:
مِن مَرقَبٍ فِي ذُرى خلقاءَ راسيةٍ
حُجْن المخالبِ لَا يغتاله الشِّبَعُ
أَرَادَ صقراً حُجْناً مخالبُه، ثمَّ أدخلَ عَلَيْهِ الْألف وَاللَّام وأقامها مقَام الكنايةِ، وَيُقَال: تغوَّلتِ المرأةُ إِذا تلوَّنتْ، وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا ذاتُ أَهْوالِ نَكُولٌ تغوَّلَتْ
بهَا الرُّبْدُ فوْضَى والنَّعَامُ السَّوارِحُ
وَيُقَال: غالتْه غولٌ: إِذا وَقع فِي هَلَكة، وغاله الْمَوْت: أَهْلكه، والغُوْلُ: المَنيَّة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
مَا مِيتَة إِن متُّها غيرَ عَاجز
بِعَارٍ إِذا مَا غَالت النّفسَ غُولُها
وَأنْشد أَبُو زيدٍ:
عنِينَا وأَغنَانا غنانَا وغالَنا
مَآكِلُ عمَّا عندَكم وَمَشاربُ
قَالَ: غالَنا: حَبَسَنا، يُقال: مَا غالَكَ

(8/169)


عنّا: أَي: مَا حَبَسَكَ عَنَّا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا عَدْوَى وَلا هامةَ وَلَا غُولَ) .
كَانَت العربُ تَقول: إنَّ الغيلانَ فِي الفَلَوات تراءَى لِلنَّاسِ وتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلاً: أَي: تَتَلَوَّنُ ألواناً، وتضلُّ الناسَ عَن طرقهمْ وتهلكُهمْ، وَتَزْعُمُ أنَّها مردةُ الجِنِّ والشَّياطِين، وذَكرُوا ذَلكَ فِي أشعارِهمْ فَأَكْثُروا، فأَبْطَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا؛ وَلم يُحَقّق مَا تواطَأُوا عَلَيْهِ وَنفى جميعَ مَا ذكرُوه، وقولهُ الحقُّ وَمَا قَالُوهُ باطلٌ، وَالْعرب تسمِّي الْحيَّات أَغْوالاً.
وَمِنْه قَول امرىءِ الْقَيْس:
ومَسْنونةٌ زُرْقٌ كأَنيابِ أغْوالِ
أَرَادَ كأنياب الحياتِ، وَقيل: أرادَ بالأغوالِ مردةَ الشَّياطينِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: غال الشيءُ زَيداً: إِذا ذهب بهِ يَغُولُه غوْلاً، والغَولُ: كلُّ شيءٍ ذهبَ بالعقلِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْمِغْوَلُ سوطٌ فِي جوفهِ سيفٌ.
وَقَالَ غَيره: سمِّي مِغْولاً لأنَّ صاحبهُ يغتالُ بِهِ عَدُوَّه من حيثُ لَا يحتسبهُ: أَي: يهلكهُ، وجمعهُ: مغَاوِلُ، والغوْلانُ: ضربٌ من الحمضِ معروفٌ، والمُغاولةُ: المبادرةُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِنِّي كنتُ أغاولُ حَاجَة لي) أَي: أبادرها.
وَقَالَ جرير:
عاينتُ مشعلةَ الرِّعال كَأَنَّهَا
طيرٌ تغاول فِي شمام وُكورا
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شميلٍ: الغُول: شيطانٌ يَأْكُل النَّاس.
وَقَالَ غَيره: كل مَا اغْتالَكَ من جِنِّيَ أَو شَيْطَان أَو سُبعٍ فَهُوَ غُولٌ.
وَذكرت الغِيلانُ عِنْد عمر فَقَالَ: إِذا رَآهَا أحدكُم فليؤذِّن فَإِنَّهُ لَا يتحوَّل شيءٌ عَن خَلْقِهِ الَّذِي خُلق لَهُ، وَلَكِن لَهُم سحرة كسحرتكم، وَيكْتب فِي عُهْدَة المماليك: لَا داءَ وَلَا خِبْثَةَ وَلَا غائلة وَلَا تغييبَ.
قَالَ ابْن شُمَيْل: يكتُبُ الرجل العهود فَيَقُول: أبيعُك على أَنه لَيْسَ لَك داءٌ وَلَا تغييبٌ وَلَا غائلةٌ وَلَا خِبْثَةٌ.
قَالَ: والتَّغْيِيبُ: أَن لَا يَبيعه ضَالَّة وَلَا لُقطةً وَلَا مُزَغْزَغاً.
قَالَ: وباعني مُغَيَّباً من المَال، أَي: مَا زَالَ يخبؤُه ويُغيِّبه حَتَّى رماني بِهِ، أَي باعَنِيهِ، قَالَ: والخِبْثَةُ: الضَّالة أَو السّرقَة، والغائلة: المُغَيِّبَة أَو المسروقة.
وَقَالَ غَيره: الدّاء الْعَيْب الْبَاطِن الَّذِي لم يُطْلع البائعُ المُشْتَرِي عَلَيْهِ، والْخِبثة فِي الرَّقِيق أَلا يكون طيِّب الأَصْل كَأَنَّهُ حُرُّ الأَصْل لَا يحل مِلْكُه لأمانٍ سبق لَهُ أَو حرِّية ثبتَتْ فِيهِ، والغائِلَةُ: أَن يكون

(8/170)


مسروقاً، فَإِذا استُحق غالَ مالَ مُشتريه الَّذِي أدَّاه فِيهِ ثمنا لَهُ.
أَبُو عُبيد: الغَوائِلُ: الدَّواهي، وَهِي الدَّغاولُ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: فلاةٌ تَغَوَّلُ: أَي: لَيست بِبَيِّنة الطُّرق فَهِيَ تضلِّل أَهلهَا، وتغَوَّلها: اشتباهها وتلونها.
قَالَ: والغَوْلُ: بُعد الأَرْض، وأغوالُها: أطرافها، وَإِنَّمَا سُمِّي غَوْلاً لِأَنَّهَا تغُولُ السائلة أَي: تقذف بهم وتُسقطهم وتبعدهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: قتل فلَان فلَانا غِيلَةً، أَي: فِي اغتيالٍ وخفيةٍ، وَقيل: هُوَ أَن يُخدع الإنسانُ حَتَّى يصير إِلَى مَكَان قد استخفى لَهُ فِيهِ من يقْتله، قَالَ ذَلِك أَبُو عبيد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: غَالَه يغُولُه إِذا اغْتالُه، وكل مَا أهلك الْإِنْسَان فَهُوَ غُولٌ، والغضبُ غُولُ الْحلم، أَي: يغتالهُ وَيذْهب بِهِ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لقد هَمَمْت أَن أنهى عَن الغِيلَةِ ثمَّ ذكرت أَن فَارس وَالروم يَفْعَلُونَ ذَلِك فَلَا يضرُّهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة واليزيدي: الغِيلَةُ هِيَ الغَيْلُ، وَذَلِكَ أَن يُجَامع الرجل الْمَرْأَة وَهِي مرضع، وَقد أَغَالَ الرجل وَلَده وأغْيَلَهُ، وَالْولد مُغالٌ ومُغْيَلٌ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الغَيْلُ: أَن ترْضع الْمَرْأَة وَلَدهَا وَهِي حاملٌ.
وَقَالَت أم تأبط شرا تُؤَبِّنُه بعد مَوته: وَالله مَا أَرْضَعَتْه غَيْلاً.
قَالَ: والغَيْلُ أَيْضا: الساعد الرَّيان المُمتلىءُ، وَأنْشد:
لكاعبٌ مائلةٌ فِي العطفين
بيضاءُ ذَات ساعدين غَيْلَيْن
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ اليزيدي فِي الغَيْلِ مثل مَا قَالَ ابْن السّكيت قَالَ: والغَيلُ أَيْضا: الماءُ الَّذِي يجْرِي على وَجه الأَرْض، والغَيْل: الشّجر الملتفُّ، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَجَاء فِي الحَدِيث: (مَا سُقِي بالغَيلِ ففيهِ العُشْرُ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الغَيْلُ مَا جَرى من المياهِ فِي الْأَنْهَار، وَهُوَ الفتحُ، وَأما الغلَلُ فَهُوَ المَاء يجْرِي بَين الشّجر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الغوائلُ: خروقٌ فِي الْحَوْض واحدتها غائلة، وَأنْشد:
وَإِذا الذَّنُوبُ أحيلَ فِي مُتَثلَّمَ
شَربتْ غَوائلُ ماءَهُ وهزُومُ
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول الْأَعْشَى:
وسِيق إليهِ الباقِرُ الغُيُلُ
قَالَ: الغُيُلُ: هِيَ الْكَثِيرَة، قلت: وَيكون بِمَعْنى السِّمانِ.
وغل: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره: الواغلُ

(8/171)


الدَّاخلُ عَلَى القومِ فِي شرابهمْ من غيرِ دَعْوَةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الدَّاخلُ عَليهمْ فِي طَعَامِهمْ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوَغْلُ: الشَّرَاب الَّذِي يشربه الواغِلُ، وَأنْشد:
إِن أكُ مِسْكيراً فَلَا أشربُ
الوغل وَلَا يَسلَمُ مني البَعيرْ
وَقد وَغَلَ الواغِلُ يَغِلُ: إِذا دَخلَ عَلَى قومٍ شَرْبٍ لم يَدعوهُ.
والوَغلُ: الرَّجلُ الضعيفُ وَجمعه أوْغالٌ، وأوغلَ الْقَوْم: إِذا أمْعَنُوا فِي سَيْرِهم دَاخلين بَين ظَهْرَانِي الشعابِ أَو فِي أرْض العدُوِّ، وَكَذَلِكَ تَوَغَّلُوا وتَغلغلُوا.
وَفِي الحَدِيث: (إِن هَذَا الدّين مَتِينٌ فَأَوْغلْ فِيهِ برفقٍ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الإيغال: السيرُ الشديدُ، والإمْعانُ فِيهِ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يقطع الأمْعَزَ المكوكبَ وخْداً
بِنواجٍ سريعةِ الإيغالِ
قَالَ: وَأما الوُغُولُ فَإِنَّهُ الدُّخولُ فِي الشَّيْء وَإِن لم يُبعدْ فِيهِ، وكل دَاخلٍ فَهُوَ واغلٌ.
يُقَال: مِنْهُ وغَلتُ أغِلُ وغولاً ووَغْلاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: وغلَ فِي البلادِ وأوغلَ بِمَعْنى واحدٍ إِذا ذَهَبَ فِيهَا.
لَغَا: قَالَ اللَّيْث: اللُّغةُ واللغاتُ واللُّغِين: اختلافُ الكلامِ فِي معنى واحِدٍ.
وَيُقَال: لغَا يَلْغو لَغواً، وَهُوَ اخْتلاطُ الكلامِ ولَغَا يَلْغا لُغةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (من قَالَ يَوْم الجُمعةِ والإمامُ يخطبُ لِصاحِبهِ صَهْ فقد لَغَا) ، أَي: تكلَّمَ. وَقَالَ الله: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ} (الْفرْقَان: 72) ؛ أَي: مَرُّوا بالباطِلُ.
وَيُقَال: ألْغيْتُ هذِه الكلمةَ أَي: رَأَيْتهَا باطِلاً وَفَضْلاً، وكذلكَ مَا يُلغَى من الحسابِ.
وَفِي حَدِيث سَلمانَ: (إياكُمْ ومَلْغاةَ أولِ اللَّيلِ) يريدُ اللَّغْو، وَقَالَ الله: {عَالِيَةٍ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا} (الغاشية: 11) ، أَي: كلمة قَبيحةً أَو فاحِشةً.
قَالَ قتادَةُ: أَي: باطِلاً ومَأثماً.
وَقَالَ مجاهدٌ: شَتْماً.
وَقَالَ غَيرهمَا: اللاَّغيةُ واللَّوَاغي بِمَعْنى اللغوِ مثلُ راغيةِ الْإِبِل ورواغيها بِمَعْنى رُغائها، واللَّغْو واللَّغا واللغْوَى: مَا كَانَ من الْكَلَام غير معقودٍ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْله: (من تكلّم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخطبُ فقد لغَا) أَي: خَابَ.
قَالَ: وألغيْتُه أَي: خَيَّبتهُ. رواهُ أَبُو داودَ عَنهُ.
وَقَالَت عائشةُ فِي قولِ الله: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ

(8/172)


اللَّهُ بِالَّلغْوِ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَيْمَانِكُمْ} (الْبَقَرَة: 225) ، هُوَ قَول الرجل لاَ واللَّهِ وَبَلَى واللَّهِ.
قَالَ الْفراء: كأنَّ قَول عائشةَ أَنَّ اللَّغوَ مَا يجْرِي فِي الكلامِ عَلَى غيرِ عَقْدٍ.
قَالَ: وَهُوَ أشْبَهُ مَا قيل فيهِ بِكلامِ العرَبِ.
وَقَالَ غَيره: لَغَا فلانٌ عَن الصَّوابِ أَي: مالَ عنهُ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيِّ: لَغِي فلانٌ بِالْمَاءِ يَلْغَى بِهِ: إِذا أَكثر مِنْهُ، ولَغيَ فلانٌ بفُلانٍ يَلْغى: إِذا أُولعَ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: لَغْوَى الطير أصواتها، وَقَالَ الرَّاعِي:
قوارِبُ المَاء لَغْوَاها مبيِّنةٌ
فِي لُجَّةِ اللَّيْل لَمَّا راعها الْفَزَعُ
وَقَالَ أَبُو سعيد: إِذا أردْت أَن تنْتفِع بالأعراب فاسْتَلْغِهمْ: أَي: اسْمع من لُغاتِهم من غير مسألةٍ، وَيُقَال: إِن فَرَسَكَ لَمُلاغي الْجَرْي: إِذا كَانَ جَرْيُهُ غيْرَ جَرْيِ جِدَ. وَأنْشد أَبُو عَمْرو لطلْقِ بن عَدِيّ:
جَدَّ فَمَا يَلْهُو وَلَا يُلاغى
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ألغَاهُ من الْعدَد وألقاهُ بمعْنى وَاحِد.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: أَنه ألْغَى طَلَاق الْمُكْرهِ: أَي: أبْطَلُه، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا اسْتَلغَاني الْقَوْمُ فِي السُّرى
بَرِمْتُ فألْغَوْني بِسِرِّك أعْجَمَا
اسْتَلغَوْني: أرادوني على اللَّغْو.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ذَلِك الشَّيْء لَك لَغْواً ولَغاً ولَغْوَى، وَهُوَ الشيءُ الَّذِي لَا يُعْتَدُّ بِهِ، قلت: واللُّغةُ من الأسماءِ النَّاقِصَة وأَصْلُها لُغْوَةٌ من لَغَا إِذا تكلَّم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَغَا يَلغُو: إِذا حَلف بِيمينٍ بِلا اعتقادٍ.
لوغ ليغ: لاغ يلُوغ لَوْغاً: إِذا لزم الشَّيْء.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: والألْيَغُ الَّذِي لَا يُبيِّنُ الْكَلَام وامرأةٌ لَيْغَاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الألْيَغُ الَّذِي يرجع لِسَانُهُ إِلَى الْيَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَجلٌ ألْيَغُ وامرأةٌ لَيْغَاء إِذا كانَا أحْمَقين، واللّيَغُ: الْحُمْقُ الْجَيِّدُ.
ولغَ: قَالَ اللَّيْث: الْوَلْغُ: شُربُ السِّباع بألْسِنتها وَبَعض الْعَرَب يَقُول: بالَغُ: أَرَادوا بيَان الْوَاو فَجعلُوا مَكَانهَا ألِفاً.
وَقَالَ ابْن الرُّقيات:
مَا مرَّ يومٌ إِلَّا وعِنْدَهما
لَحمُ رجالٍ أَو يالغَانِ دَمَا
ورجلٌ مُسْتَوْلغٌ: لَا يُبَالي ذمّاً وَلَا عاراً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: وَلَغَ الكلبُ ووَلِغَ يَلِغُ فِي اللغتينِ مَعًا.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: لاغَ يَلُوغُ لَوْغاً: إِذا لَزِمَ الشيءَ.

(8/173)


أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الْوَلْغَةُ: الدلْوُ الصَّغِيرَة، وأنشدنا:
شَرُّ الدِّلاء الْوَلْغَةُ الْمُلازِمَة
وَالْبَكرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائمة
يَعْنِي: الَّتِي لَا تَدور.

(بَاب الْغَيْن وَالنُّون)
غ ن (وايء)
غَنِي غين نغي وغن: مستعملة.
غين: قَالَ اللَّيْث: الْغينُ: حرفٌ، والْغَينُ: شجرٌ مُلتفٌّ، وَأنْشد:
أمطَرَ فِي أكْتاف غَيْنٍ مُغْينِ
قلت: أَرَادَ بالْغيْنِ السَّحاب، وَهُوَ الْغيمُ.
قَالَ ابْن السّكيت وَغَيره: الْغيْمُ والْعينُ السَّحابُ، وَأنْشد قَوْله:
كأنِّي بَين خافيَتَيْ عُقاب
أصابَ حمامةً فِي يَوْم غَينِ
أَي: فِي يَوْم غيْمٍ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِنَّه لَيُغَانُ على قَلبِي حَتَّى أستغفِر الله) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عبيدةَ: يَعْنِي أَنه يَتَغَشَّى الْقلبَ مَا يُلبِسُهُ، وَكَذَلِكَ كل شَيْء تغشى شَيْئا حَتَّى يُلبِسَه فقد غينَ عليْهِ، وَيُقَال: غِينَتِ السماءُ غَيْناً، وَهُوَ إطباقُ الغيْمِ السماءَ.
وَقَالَ الْفراء: شَجرةٌ غيْنَاءُ: كثيرةُ الْوَرق مُلتفَّةُ الأغصانِ، وأَشجارٌ غِينٌ، وَأنْشد:
لَعِرْضٌ من الأَعْراضِ يُمْسِي حمامُهُ
وَيُضْحي عَلَى أفنانِهِ الّغينِ يَهْتِفُ
وَقَالَ أَبُو العميثل: الْغَيْنَةُ: الأشجارُ المُلْتَفَّةُ فِي الْجبَال وَفِي السهل بِلَا ماءٍ، فَإِذا كَانَت بماءٍ فَهِيَ غَيضَةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: غانت نفسهُ تَغِينُ وَرَانت تَرينُ إِذا غَثَتْ، والْغِينَةُ: مَا سَالَ من الْجِيفَةِ.
غَنِي: قَالَ اللَّيْث: الْغنَى فِي المَال مَقْصورٌ، وَاسْتغْنى الرجُلُ: أصَاب غِنى، والْغُنْيَةُ: اسمٌ من الِاسْتِغْنَاء عَن الشَّيْء.
وَفِي الحَدِيث: (لَيْسَ مِنَّا من لم يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ سُفيان بن عُيَيْنةَ يَقُول: مَعْنَاهُ: لَيْسَ مِنَّا من لم يَسْتَغنِ بهِ، وَلم يذهب بِهِ إِلَى الصَّوتِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا كَلَام جائزٌ فاشٍ فِي كَلَام الْعَرَب، يَقُولُونَ: تَغَنَّيْتُ تغنِّياً وتَغانَيتُ تَغَانِيًا بِمَعْنى استغنيتُ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكنتُ امْرأ زَمنا بالعرا
ق فِي عفيف المناخِ طَوِيل التَّغَنّ
يُرِيد: الِاسْتِغْنَاء.
وَأما الحَدِيث الآخر: (مَا أذِن الله لشَيْء كأذَنِهِ لنبيَ يتغنَّى بِالْقُرْآنِ) فإِن عبد الْملك أَخْبرنِي عَن الرَّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ:

(8/174)


مَعْنَاهُ: تحزينُ الْقِرَاءَة وترقيقها.
وَمِمَّا يحقِّق ذَلِك الحَدِيث الآخر: (زيِّنُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ) ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الَّذِي حصَّلناه من حُفاظ اللُّغَة فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كأذنه لنبيَ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ) أَنه على معنَيين، على الِاسْتِغْنَاء، وعَلى التطريب، قلت: فَمن ذهب بِهِ إِلَى الِاسْتِغْنَاء فَهُوَ من الْغنى مقصورٌ، وَمن ذهب بِهِ إِلَى التطريب فَهُوَ من الْغناء الصَّوْت مَمْدُود، يُقَال: غنَّى فلَان يُغَنِّي أُغْنِية وتَغنَّى بأغنيةٍ حَسَنَة، وَجَمعهَا: الأغانِيُّ، وَأما الغَنَاءُ بِفَتْح الْغَيْن والمدِّ فَهُوَ الْإِجْزَاء والكفاية، يُقَال: رجلٌ مُغْنٍ، أَي مجزىءٌ كافٍ، يُقَال: أغْنَيْتُ عَنْك مَغْنَى فلَان ومغْنَاته ومُغني فلَان ومُغْناته أجزأْتُ عَنْك مُجزأَهُ ومُجزأَتهُ.
وَسمعت رجلا من فصحاء الْعَرَب يُبَكِّتُ خَادِمًا لَهُ وَيَقُول لَهُ: أغْنِ عني وَجهك بل شَرَكَ بِمَعْنى اكْفِنِي شرَّك وكُفَّ عنِّي شرَّك.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِىءٍ} (عبس: 37) ، يَقُول: يَكْفِيهِ شُغُلُ نَفسه عَن شُغلِ غَيره.
اللَّيْث: رجل غان عَن كَذَا، أَي: مُسْتَغْنٍ عَنهُ، وَقد غَنِيَ عَنهُ، ورجلٌ غَنِيٌّ: ذُو وفرٍ.
وَقَالَ طرفَة:
وَإِن كنت عَنْهَا غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
وَيُقَال: غَنِيَ الْقَوْم فِي دارِهِم: إِذا طَال مقامهم فِيهَا.
وَقَالَ الله عزّ وَجل: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} (الْأَعْرَاف: 92) ، أَي: لم يُقيموا فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: المغَاني: المنازِلُ الَّتِي يَقْطنها أَهلهَا، واحِدُها مغنًى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للشَّيْء إِذا فني كَأَن لم يَغْنَ بالأمْسِ أَي: كأَنْ لم يكن.
قَالَ: والغانيةُ: الشَّابَّةُ المتزوجةُ، وجَمعُها غَوانٍ، وَهِي الَّتِي غَنِيتْ بالزوَّجِ، سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الأَغناءُ: إمْلاكَاتُ العَرائسِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَرَادَ بهَا التَّزْوِيج، قَالَ: والإنغاء: كَلَام الصّبيان.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الغنَى: التَّزْويجُ، وَالْعرب تَقول: الغنَى: حِصْنٌ للعزَبِ، أَي: التّزْويجُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الغَوَانِي: ذَواتُ الأزْوَاجِ، وَأنْشد:
أزمان لَيلى كعابٌ غير غانية
وَأنْشد لجميل:
وأحببت لما أَن غنيت الغَوَانِيا
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن عمارةَ: الغواني: الشّوابُّ اللّواتي يعْجِبْنَ الرّجال ويعْجِبهُنَّ الشبَّان.
وَقَالَ غَيره: الغانِيةُ: الْجَارِيَة الْحَسْنَاء ذَات زوجٍ كَانَت أَو غير ذَات زوجٍ، سمِّيت

(8/175)


غانيةً لِأَنَّهَا غَنِيَتْ بحُسنها عَن الزِّينَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كل امرأةٍ غانيةٌ، وَجَمعهَا الغَواني.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أغْنَى الله الرجل حَتَّى غَنِي غِنًى، أَي: صَار لَهُ مالٌ وأقْناه الله حَتَّى قَنِيَ قِنًى وَهُوَ أَن يصير لَهُ قُنيةٌ من المَال.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {) الاُْخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} (النَّجْم: 48) ، ورملُ الغَنَاءَ ممدودٌ مفتوحُ الأول وَمِنْه قَول ذِي الرمة يذكرهُ:
تنطَّقْن من رمل الغَنَاءِ وعُلِّقَتْ
بأعناق أُدمانِ الظِّبَاءِ القلائدُ
أَي: اتَّخذن من رمل الْغناء إعجازاً كالكُثبان وَكَأن أعناقهن أَعْنَاق الظِّباء.
نغي: قَالَ اللَّيْث: المُنَاغاةُ: تكليمُك الصبيَّ بِمَا يهوى من الْكَلَام، نَغَيتُ إِلَى فلانٍ نَغْيَةً ونَغَى إليَّ أُخرى: إِذا ألقيت إِلَيْهِ كلمة وَألقى إِلَيْك أُخْرَى.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الإنغاءُ: كَلَام الصّبيان.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سمعتُ مِنْهُ نَغْيَةً، وَهُوَ الْكَلَام الْحسن.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: مُناغاةُ الصبيِّ: أَن يصير بحذاء الشَّمْس فَيُنَاغِيهَا كَمَا يُناغِي الصبيُّ أمَّهُ، وَيُقَال لِلْمَوْج إِذا ارْتَفع: كَاد يُناغِي السَّحَاب.
وَقَالَ الشَّاعِر:
كأَنَّك بالمُباركِ بعد شهرٍ
يُناغي موجهُ غُرَّ السحابِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنْغَى: إِذا تكلم بكلامٍ لَا يُفهم، وأنْغَى أَيْضا: إِذا تكلم أَيْضا بكلامٍ يفهم، وَيُقَال: نَغَوْتُ أنغُو، ونَغَيتُ أَنْغِي، قَالَ: وأنْغَى وناغَى: إِذا تكلم صَبيا بكلامٍ لطيفٍ مليحٍ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: النَّغْوَةُ والمَغْوَةُ: النَّغْمَة، يُقَال: نَغوْتُ ونَغيْتُ نَغْوَةً ونَغْيَةً، وَكَذَلِكَ مَغوْتُ ومَغيْتُ.
وغن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التّوَغُّنُ: الْإِقْدَام فِي الْحَرْب، والوَغْنَةُ: الحُبُّ الْوَاسِع، والتَّغوُّنُ: الْإِصْرَار على الْمعاصِي.

(بَاب الْغَيْن وَالْفَاء)
غ ف (وايء)
وغف غاف غيف فغا غفا (أغفى) فوغ.
وغف: قَالَ اللَّيْث: الوَغْفُ: سرعَة العَدْوِ.
وَأنْشد:
وأَوْغفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغفَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وأَوْغفَتَ الْمَرْأَة إيغافاً: إِذا ارتهزت عِنْد الْجِمَاع تَحت الرجل.

(8/176)


وَأنْشد:
لمَّا دَجاها بِمِتَلَ كالصقب
وأوْغفَتْ لذاك إيغافَ الْكَلْب
قَالَت لقد أَصبَحت قرْماً ذَا وطب
لما يديم الحُبَّ مِنْهُ فِي الْقلب
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أوْغَفَ: إِذا سَار سيراً مُتعباً، وأوْغَفَ: إِذا عمش، وأَوْغَفَ: إِذا أكل من الطَّعَام مَا يَكْفِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: الوَغْفُ: ضعف الْبَصَر.
غيف غاف: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أغفْتُ الشَّجَرَة فَغافت، وَهِي تَغِيفُ: إِذا تَغَيَّفَتْ بأغصانها يَمِينا وَشمَالًا، وشجرةٌ غيْفاءُ، والأغْيَفُ كالأغيَدِ إِلَّا أَنه فِي غير نعاسٍ.
وَأنْشد:
(وهَدَبٌ) أغيَفُ غيْفانيّ

أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَرَّ البعيرُ يَتَغيَّفُ، وَلم يفسِّره، فَقَالَ شمر: مَعْنَاهُ: يُسرع.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: التَّغَيُّفُ أَن يتثنى ويتمايل فِي شِقَّيه من سَعَة الخَطْوِ ولين السّير، كَمَا قَالَ العجاج:
يكادُ يَرمي الفاترَ المُغَلَّفَا
مِنْهُ أجاريٌّ إِذا تَغَيَّفَا
أَبُو عبيد: غيَّفَ: إِذا فَرَّ وعَرَّدَ.
وَقَالَ القُطامي:
وحَسَبْتُنا نزعُ الكتيبة غُدوةً
فَيُغيِّفُونَ ونرجِعُ السَّرعانا
اللَّيْث: الغافُ: يَنْبُوتٌ عظامٌ كالشجر يكون بِعُمان، الْوَاحِدَة: غافةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغَيَفَانُ: مرحٌ فِي السَّير.
وَقَالَ المُفَضَّل: تَغَيَّفَ إِذا اختال فِي مشيته وَهُوَ الغيفان.
أَبُو زيد: الغافُ من العِضاهِ، الْوَاحِدَة غافةٌ، وَهِي شجرةٌ نَحْو القرظِ شاكة حجازية تنبتُ فِي القِفاف.
فغا: فِي الحَدِيث: (سيِّدُ ريحانِ أهل الْجنَّة الفاغيَةُ) .
قَالَ الْأَصْمَعِي: الفاغيَةُ: نَوْرُ الحِنَّاءِ، قَالَ: وكلُّ نورٍ فاغيَةٌ.
وسُئلَ الْحسن عَن السَّلفِ فِي الزَّعْفَرَان فَقَالَ: إِذا أَفْغَى، يُرِيد إِذا نَوَّرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفاغِيَةُ: نور الحِنَّاء ودُهنٌ مَفْغُوٌّ، وأَفْغَتِ الشَّجَرةُ إِذا أخرجت فاغِيتَها.
سَلمَة عَن الْفراء: هُوَ الفَغْوُ والفاغيَةُ لنُور الحِنَّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفاغيَةُ أحسن الرّياحين وأطيبُها رَائِحَة.

(8/177)


وَقَالَ شمر: الفَغْوُ: نورٌ، والفَغْوُ: رائحةٌ طيبةٌ.
وَقَالَ الْأسود بن يعفر:
سُلافةُ الدَّنِّ مَرْفُوعا نصائبُهُ
مُقَلَّدَ الفَغْو والرَّيانِ مَلْثُوما
وَقَالَ اللَّيْث: الفَغَا ضربٌ من التَّمر.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الْفرج: سَمِعت شُجَاعاً وحَتْرشاً يَقُولَانِ: هَذِه كلمة فاغية فِينَا، أَي: فَاشِية.
قلت: هَذَا خطأ، والغَفَا داءٌ يَقع على البُسر مثل الْغُبَار، وَيُقَال: مَا الَّذِي أفغاكَ أَي: أغضبكَ وأورمكَ.
وَأنْشد ابْن السّكيت فِيهِ:
وصارَ أمثالَ الفَغا ضرائري
مخرنطمات عسر عواسري
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا غَلُظت التَّمرةُ وَصَارَ فِيهَا مثل أَجْنِحَة الْجَرَاد فَذَلِك الفَغَا مقصورٌ، وَقد أفْغَت النَّخلة.
قلت: والإغفاء فِي الرُّطب مثل الإفْغاء سَوَاء.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفْغى الرجل: إِذا افْتقر بعد غنى، وأفْغى: إِذا سمُجَ بعد حُسن، وأفْغى: إِذا عصى بعد طاعةٍ، وأفْغى: إِذا دَامَ على أكل الفَغَا، وَهُوَ المُتَغَيِّرُ من البُسر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الفَغْوَاءُ: اسْم رجل.
فوغ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وجَدْتُ فَوْغةَ الطِّيب.
وَقَالَ شمر: يُقَال: فَوْغَةٌ وَفَوْعَةً: قَالَ: وفَوْغةٌ من الفاغِيَةِ.
قلت: كَأَنَّهُ مقلوبٌ عِنْده.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفائِغةُ: الرَّائِحَة المُخَشِّمَةُ من الطِّيب وَغَيرهَا.
غفا: يُقَال: أغْفي الرجلُ وَغَيره: إِذا نَام نومَة خَفِيفَة.
وَفِي الحَدِيث: (فَغَفَوْتُ غفْوَةً) . واللغةُ الجيدة: أَغْفَيْت إغفاءَةً، وغفَا: قليلٌ فِي كَلَامهم.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: فِي الطَّعَام مِمَّا لَا خير فِيهِ قَصَلٌ وزُؤَانٌ وغَفَا منقوصٌ، قَالَ: وكل هَذَا مِمَّا يُخرَج مِنْهُ فيُرمى بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فِي الطَّعَام حَصَلُه وغفاؤُه ممدودٌ وفَغاهُ مقصورٌ وحُثالتُه، كُله الرَّديءُ الَّذِي يَرْمِي بِهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: أغفى الرجل نَام على الغفا، وَهُوَ التِّبن فِي بَيْدَرِه، وأفْغى: إِذا أكل الفَغا، وَهُوَ البُسر المُتَترِّب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الغفا: الرَّديء من كل شَيْء، من النَّاس والمأكول والمشروبِ والمركوب، وَأنْشد:
إِذا فِئَةٌ قُدِّمَت لِلقتا
لِ فرَّ الغَفَا وصَلِينَا بهَا

(8/178)


(بَاب الْغَيْن وَالْبَاء)
غ ب (وايء)
غبي وغب وبغ بغي بيغ غيب: مستعملة.
غبي: قَالَ اللَّيْث: غَبِيَ فلانٌ غَباوَةً فَهُوَ غَبِيٌّ: إِذا لمْ يَفْطُنْ للخِبِّ وَنَحْوه.
وَقَالَ الأصمعيُّ يُقَال: غَبِيَ عَلَيَّ ذَاك الأمرُ: إِذا لم يَفطن لَهُ، والغَباوَةُ: المصدَر، يُقَال: فلانٌ ذُو غباوَة، وفلانٌ غبيٌّ عَن ذَلِك الْأَمر: إِذا كَانَ لَا يَفطُنُ لَهُ.
وَيُقَال: ادخُلْ فِي النَّاس فَهُوَ أَغْبَى لَك: أَي أَخفَى لَك.
وَيُقَال: دَفَنَ فلانٌ لي مُغَبَّاةً ثمَّ حَمَلني عَلَيْهَا وَذَلِكَ إِذا أَلْقاكَ فِي مَكْرٍ أَخفاهُ.
وَيُقَال: غبِّ شَعْرَك: أَي: اسْتأْصِله، وَقد غبَّى شَعره تَغبيةً.
وَقَالَ غيرُه: الغَبْيَةُ: الدَّفعةُ من المطَر.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغبْيَةُ شُؤْبُوبٍ من الشَّدِّ مُلْهَبِ
وَهِي الدُّفْعةُ من الحُضْر، شَبَّهَها بدُفعة الْمَطَر، وغبْيَةُ التُّراب: مَا سَطَعَ مِنْهُ.
قَالَ الْأَعْشَى:
إِذا حالَ مِن دونهَا غبْيَةٌ
من التُّرْب فانْجَال سِرْبالها
وحَكى الأصمعيُّ عَن بعض العرَب أَنه قَالَ: الحُمَّى فِي أُصُول النّخل، وشَرُّ الغَبَيات غبْيَةُ النَّبْل، وشَرُّ النساءِ السُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ، وشَرٌّ مِنْهَا الحُمَيْرَاءُ المِحْيَاض.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: غبَّيْتُ البئْرَ: إِذا غطَّيْتَ رأسَها ثمَّ جَعلْتَ فَوْقهَا تُرَابا.
وَقَالَ أَبُو سعيد: وَذَلِكَ التُّرَاب هُوَ الغِبَاءُ.
وَقَالَ الفرَّاء: غبِيتُ الشيءَ أَغبَاه، وَقد غَبِيَ عَلَيَّ، مِثلُه إِذا لم تَعرِفه، وَفِي فلَان غبْوَة وغَبَاوَةٌ.
وغب: قَالَ اللَّيْث: الوَغْبُ: الجملُ الضخْمُ، وَأنْشد:
أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلاًّ وَغْبا
وَقد وَغُبَ وُغوبةً قَالَ: وأَوْغابُ الْبيُوت أَسْقاطُها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الوغْبُ والوَغدُ كِلَاهُمَا الضعيفُ، وَأنْشد:
وَلَا بِبِرْشامِ الوِخام وَغبِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أوغابُ الْبَيْت: البُرْمةُ والرَّحَيان والعُمُدُ الْوَاحِد وَغْبٌ.
بغي بيغ: قَالَ اللَّيْث: البَغْيُ فِي عَدْوِ الفَرس: اخْتِيالٌ ومَرَحٌ، وإنَّه ليَبْغِي فِي عَدْوِه، وَلَا يُقَال: فرَسٌ بَاغ.
وَقَالَ اللحياني: بَغَيْتَ على أَخيك بَغْياً: أَي حسدْتَه بغياً.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْه

(8/179)


ِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ} (الْحَج: 60) .
وَقَالَ: {يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ الْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} (الشورى: 39) .
فالبغْيُ أصلُه الحَسَد، ثمَّ سُمِّي الظلمُ بَغياً لأنَّ الْحَاسِد يَظلم المَحْسود جهدَه إراغةَ زوَالِ نعمةِ اللَّهِ عَلَيْهِ عَنهُ.
وَقَالَ جلَّ وعزّ: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} (التَّوْبَة: 47) ، يَقُولُونَ: يَبْغونَ لَكم الفِتنة.
وَقَالَ كَعْب بنُ زُهَيْر:
إِذا مَا نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كفْأَةٍ
بَغاها خَنَاسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا
أَي: بَغَى لَهَا خَنَاسِيرَ وَهِي الدَّواهِي، وَمعنى بَغا هَا هُنا: طَلَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ابْغِني كَذَا وَكَذَا أَي: اطلبه لِي، وَمعنى ابْغِني وابغ لي سواءٌ فإِذا قَالَ أَبْغني كَذَا وَكَذَا فمعناهُ أَعِنِّي عَلَى بُغائه واطلبْه معي.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَبْغيتُكَ الشيءَ إِذا أَرَدتَ أنكَ أَعَنْتَهُ على طلبه، فإِذا أردْت أنَّكَ فعلْتَ ذَلِك لَهُ قلتَ بَغيَتُكَ، وَكَذَلِكَ أَعْكَمْتُكَ وأحْمَلْتُك: إِذا أَعَنْتَه، وعكَمتُك العِكْمُ: أَي: فعلتُه لَك.
وَقَالَ الأصمعيُّ: بَغت الْمَرْأَة وَهِي تبغي بِغاءً: إِذا فَجَرَتْ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَآءِ} (النُّور: 33) ، والبِغاء: الفُجور.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} (مَرْيَم: 28) ، أَي: مَا كَانَت فاجِرَةً، وامرأةٌ بَغِيٌّ، وباغت المرأةُ تُباغي بِغاءً: إِذا زَنت، وَهَذَا كُله من كَلَام الْعَرَب.
وَقَالَ الأصمعيُّ: بَغى الرَّجلُ حاجَتَه أَو ضالَّتَهُ يَبْغيها بُغاءً وبُغيةً وبُغَايةً إِذا طلبَهَا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيب:
بُغايةً إِنَّمَا يَبْغِي الصِّحابَ من الْ
فِتْيَانِ فِي مِثله الشُّمُّ الأَناجِيحُ
وفلانٌ ذُو بُغايةٍ للكَسب: إِذا كَانَ يَبغِي ذَلِك، وارتَدَّتْ عَلَى فلانٍ بُغيتُه: أَي: طَلِبَتُه، وَذَلِكَ إِن لم يجِدْ مَا طَلَب، والرَّجل يَبغِي على صَاحبه بَغْياً.
قَالَ: وَيُقَال: بَغَى الجُرحُ وَهُوَ يَبغي بَغياً: إِذا تَرامَى إِلَى فَسَاد.
وَيُقَال: دَفَعنَا بَغْيَ السماءِ خلفنا: أَي: شِدَّتَها ومُعظمَ مطرِها.
وَيُقَال: قامتِ البَغايا على رُؤُوسهم يَعْنِي الإماءَ، وَالواحدةُ: بَغيٌّ.
وَقَالَ الْأَعْشَى يَمدح رَجُلاً:
والبَغَايا يَركضنَ أكْسِيَةَ الإضْرِ
يجِ والشَّرْعَبِيَّ ذَا الأَذْيالِ

(8/180)


والبَغايا أَيْضا الطّلاَئعُ الواحدةُ بَغيَّة.
وقَال النّابغةُ:
على إثرِ الأدلَّةِ والبغايا
وخَفْقِ النَّاجياتِ من الشآم
وَيُقَال: جَاءَ بَغِيَّةُ القومِ وشَيِّفَتُهُمْ: أَي: طليعتهم.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بَغَى الرجلُ الخيرَ والشَّرَّ وكلَّ مَا يَطْلُبهُ بُغاءً وبِغْيَةً وبِغًى مقصورٌ.
وَقَالَ بَعضهم: بُغْيَةً وبُغًى، وَأنْشد:
لَا أشغَلَنْكُمْ عَن بُغَى الخيرِ إِنَّنِي
سقطتُ على ضرْغامةٍ هُوَ آكِلِي
قَالَ: والبَغِيَّةُ: الطَّلِبَةُ، وَكَذَلِكَ البِغْيةُ، تَقول: بِغْيَتي عنْدك وبَغِيَّتِي عنْدك.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: البَغيَّةُ: الضَّالَّةُ، وَقد بغيتُ بَغيَّتِي: أَي: طلبتُ ضالَّتِي، والباغي: الَّذِي يطلبُ الشيءَ الضّالَّ وَجمعه بُغاةٌ وبُغيانٌ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
أوْ باغِيَانِ لِبُعْرَانٍ لنا رقصتْ
كي لَا تُحِسُّونَ من بُعْرَاننا أثرا
قَالُوا: أَرَادَ كيفَ لَا تُحِسُّونَ، وَيُقَال: مَا انْبَغَى لَك أَن تفعل، وَمَا ابتَغى لَك: أَي: مَا يَنْبَغِي.
وَقَالَ الزَّجَّاج: يُقَال: انبغى لفُلَان أَن يفعل كَذَا، أَي: صلح لَهُ أَن يفعل، وَكَأَنَّهُ يطْلب فعل كَذَا، فانطلب لَهُ، أَي: طاوعه وَلكنه اجتُزىء بقَوْلهمْ، انبغى.
وَيُقَال: ابْغني شَيْئا أَي: أَعْطِنِي، وابغ لي شَيْئا، وَيُقَال: استبغيْتُ القومَ فبغوا لي وبغوْني أَي: طلبُوا لي، وَيُقَال: فلَان يَبْغِي على النَّاس: إِذا ظلمَهُمْ وَطلب أذاهم، والفئةُ الباغيةُ، هِيَ: الظالمةُ الخارجةُ عَن طَاعَة الإِمَام الْعَادِل.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمَّار: (ويحَ ابْن سُمَيَّةَ تقتلهُ الفئةُ الباغية) .
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَرَب تَقول: إِنَّه لكريم وَلَا يُباغَهْ، وإنهما لكَريمان وَلَا يُباغيا، وَإِنَّهُم لَكِرامٌ وَلَا يُباغوا، وَمَعْنَاهُ الدُّعاء لَهُ، أَي: لَا يُبغَى عَلَيْهِ.
قَالَ: وَبَعْضهمْ لَا يجعلهُ على الدُّعاء، فَيَقُول: لَا يُباغَى وَلَا يُبَاغَيانِ وَلَا يُباغَوْنَ: أَي: لَيْسَ يباغيه أحد.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: لَا يُباغُ وَلَا يُباغان وَلَا يُباغون، قلت: وَهَذَا من البَوْغِ، والأوَّلُ من البَغي وَكَأَنَّهُ جَاءَ مقلوباً.
وَحكى الكسائيُّ: إِنَّك لعالمٌ وَلَا تُبَغْ.
قَالَ: وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: مَن هَذَا المُبَوَّغُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ آخر: من هَذَا المُبَيّغُ عَلَيْهِ، قَالَ وَمَعْنَاهُ: لَا يحسدُ.
قَالَ: وَيُقَال: إِنَّه لكريمٌ وَلَا يُبَاغُ، وَأنْشد:

(8/181)


إمَّا تَكَرَّمْ إنْ أصبْتَ كَرِيمَة
فلقدْ أراكَ وَلَا تُباغُ لئيما
وَفِي التّثْنِيَةِ لَا يُباغانِ وَلَا يُباغون، وَالْقِيَاس أَن يُقَال فِي الواحدِ على الدُّعاءِ وَلَا يُبَغْ، وَلَكنهُمْ أبَوْا إِلَّا أَن يَقُولُوا: وَلَا يُباغُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تبَيّغَ بأحدكم الدَّمُ فَلْيَحْتَجِمْ) .
وَقَالَ: (عَلَيْكُم بِالْحِجامَةِ، لَا يَتَبَيّغْ بأحدِكُم الدَّمُ فيقتله) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيُّ: التَّبَيُّغُ: الهَيْجُ.
قَالَ: وَقَالَ وَغَيره: أَصله من البَغي، فَقَالَ: يتبيَّغُ: يريدُ: يَتَبَغى فقدَّمَ الياءَ وأخَّرَ الغيْنَ وَهَذَا كَقَوْلِهِم: جَبذَ وجذَبَ، وَمَا أطيبه وأيْطَبَهُ. وأُثبت لنا عَن ابْن الْأَعرَابِي أنهُ قَالَ: يتبيغُ ويتبوَّغُ بالواوِ والياءِ.
قَالَ: وَأَصله من البَوْغاءِ، وَهُوَ الترابُ إِذا ثارَ، فمعناهُ: لَا يَثُرْ بأحدكم الدمُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَبَيَّغَ بهِ النَّوْمُ: إِذا غَلبه، وتبيغَ بِهِ الدَّمُ، وتبيغَ بهِ الْمَرَض: إِذا غَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيْغُ: ثُؤُورُ الدَّم وفَورتُهُ حِين يظْهر فِي العروقِ، وَقد تبيَّغَ بهِ الدَّمُ، والبَوْغاءُ: الترابُ الهابي فِي الهواءِ، قَالَ: وطاشَةُ النَّاس وحمقاهم البوغاء، قَالَ: والبِغيَةُ نَقِيضُ الرِّشْدَةِ فِي الوَلَدِ، يُقَال: هُوَ ابنُ بِغيَةٍ، وَأنْشد:
لَدَى رِشْدَةٍ من أُمِّهِ أوْ لِبِغيَةٍ
فيغلبها فَحْلٌ على النَّسلِ مُنجِبُ
قلت: وكلامُ العربِ الْمَعْرُوف فلَان ابْن غَيّةٍ وابنُ زَنْيَةٍ وابنُ رَشْدَةٍ، وَقد قيل: زِنيَةٍ وَرِشدَةٍ، والفتحُ أفصحُ اللغتين، فأمَّا غَيّةٌ فَلَا يجوزُ فِيهِ غير الفتحِ، وَأما ابنُ بِغيَةٍ فَلم أجدهُ لغير اللَّيْث، وَلَا يبعدُ عَن الصَّوَاب، قلت: والبَغوَةُ: ثَمَرُ العِضاهُ، وَكَذَلِكَ البَرَمَةُ.
وَقَالَ ابنُ دُريد: البَغوَةُ: التَّمْرَةُ قبل أَن يستحكم يُبسُها، وَقيل: البغوةُ: التّمرة الَّتِي اسوَدَّ جوفُها وَهِي مُرطِبَةٌ، وَفِي فلانٍ غبوَةٌ وغبَاوَةٌ.
وبغ: قَالَ اللَّيْث: الوَبَغُ: داءٌ يأخُذُ الإبِلَ فترى فسادهُ فِي أوبارها.
وَقَالَ غَيره: الوَبَغُ: هِبريَّةُ الرَّأس ونباغته الَّتِي تتناثرُ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: الأوْبغُ: موْضِعٌ، ووَبغْتُ الرجل: أَي عِبْتُه وطَعنتُ فِيهِ.
قلتُ: لَا أعرِفُ وبَغتُ الرجلَ إِذا عِبْتُه.
غيب: قَالَ شمر: كلُّ مكانٍ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ فَهُوَ غيْبٌ، وَكَذَلِكَ الموْضِعُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَا وَرَاءه، وجمعُهُ غيوبٌ.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

(8/182)


يرْمي الغُيوبَ بعَيْنَيْه ومَطرِفُه
مُغضٍ كَمَا كَسَفَ المُسْتأخِذُ الرَّمِدُ
وَقَالَ الليثُ: الغِيبَةُ من الاغتِيابِ، والغَيبَةُ من الغيبُوبة، وأغابت المرْأَةُ فَهِيَ مُغيبَةٌ إِذا غابَ زوْجُها، والغابُ: الأجَمَة، والغيْبُ: الشَّكُّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (الْبَقَرَة: 3) ، أَي: يُؤمِنونَ بِمَا غابَ عَنْهُم ممَّا أخْبرهُم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أَمر البَعْثِ والجنَّة والنارِ، وكلُّ مَا غابَ عَنْهُم مِما أَنبأَهُمْ بِهِ فهوَ غيبٌ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ، قَالَ: يؤمِنونَ بِاللَّه، قَالَ: والغيبُ أَيْضا مَا غابَ عنِ العيونِ وَإِن كَانَ مُحَصَّلاً فِي القلوبِ، والغيْبُ: شَحْمُ ثَرْبِ الشَّاة، والغيبُ: المطمَئنُّ من الأرضِ، وجمعُهُ: غيوبٌ، وَيُقَال: سمعتُ صَوتا منْ وَرَاء الْغَيْب: أَي مِنْ مَوضِع لَا أرَاهُ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: امرأةٌ مُغيبةٌ ومُغيب إِذا غَابَ زوْجُها.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: بَدَا غيْبَانُ الشّجَرة، وهيَ عُرُوقُها الَّتِي تغيَّبَتْ فِي الأرضِ فَحَفَرْت عَنْهَا حَتَّى ظَهَرَتْ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم} (الحجرات: 12) ، أَي: لَا يتناولْ رجُلاً بظهْرِ الغيبِ بِمَا يَسُوءهُ مِمَّا هُو فِيهِ، وَإِذا تنَاوَلهُ بِمَا ليْسَ فِيهِ فَهُوَ بَهْتٌ وبُهتانٌ، وَجَاء المَغيَبَانُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُقَال: اغتابَ فلانٌ فلَانا اغتِياباً وغِيبَةً يَغتابُه.
ورُويَ عَن بَعضهم أَنه سَمِعَ غابَهُ يَغيبُهُ: إِذا عابَهُ وذكَرَ مِنْهُ مَا يَسُوءُه.
شمرٌ عَن الهوازنيِّ: الغابةُ: الوطاءَةُ من الأرضِ الَّتِي دُونها شُرْفةٌ، وَهِي الوَهْدَةُ.
وَقَالَ أَبُو جَابر الأسَدِيُّ: الغابةَ: الجمعُ من النَّاس.
قَالَ: وأنشدني الهوازِنيُّ:
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغاب
حَسِبْتَ رِماحَهم سَبَلَ الغوادي
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: غابَ إِذا اغتابَ، وغابَ إِذا ذكَرَ إنْسَانا بخيرٍ أَو شَرَ، والغيبةُ فِعْلةٌ مِنْهُ تكونُ حَسنَةً وقَبيحَة.
والغَيَب جمع غَائِب مثل حارس وحَرَس، وَيجمع الْغَائِب غُيَّباً وغيَّاباً.

(بَاب الْغَيْن وَالْمِيم)
(غ م (وايء))
غما غيم وغم ومغ مغا موغ.
غما: قَالَ اللَّيْث: الغَمَى: سقفُ البيتِ وَقد غمَّيتَ البيتَ إِذا سَقَفْتَه، وَكَذَلِكَ ليلةٌ مُغمَّاةٌ، وأُغميَ على فُلان أَي ظُنَّ أَنه ماتَ ثمّ يرجعُ حيّاً.
أَبُو عبيدٍ عَن الْكسَائي: غُمِيَ عَلَيْهِ

(8/183)


وأُغميَ، يُقَال: رجلٌ غَمًى يَا هَذَا، وهما غميانٍ، فِي التذكيرِ والتأنيث، وهُمْ أَغماءٌ، وامرأَةٌ غَمًى وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو زيدٍ، شمْر قَالَ ابْن شُمَيْل: غُمي عَلَيْهِ أَي: غُشيَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ البَجَلي: أُغميَ عَلَيْهِ.
قَالَ: ورجلٌ غَمًى، ورجلانِ غَمًى، وقومٌ غَمًى.
قَالَ: ويقالُ أَيْضا: رجلٌ غَمًى ورجلانِ غَمَيانِ: إِذا أَصَابَهُ مرضٌ.
وَأنْشد:
فَرَاحوا بِيَحْبُورٍ تَشِفُّ لحاهُم
غمًى بينَ مقضيَ عَلَيْهِ وهائع
قَالَ: يحبُورُ: رجلٌ ناعِمٌ، تشِفُّ: تحَرَّكُ.
وَفِي الحَدِيث: (فإنْ غَمِيَ عليكُم) .
وَرَوَاهُ بَعضهم: (فَإِنْ أُغمِيَ عَليكم) .
وروِي: فَإِن غُمَّ عليكمْ فأكملُوا العِدَّةَ، وَالْمعْنَى فِي هَذِه الْأَلْفَاظ واحدٌ، يُقَال: غُمّ علينا الهلالُ فَهُوَ مغمومٌ، وأغمِيَ فَهُوَ مُغمًى، وَكَانَ عَلَى السَّمَاء غَمْيٌ، مثل غشيٍ وغَمٌّ فحال دون رُؤْيَة الْهلَال.
وَقَالَ ابنُ دُريد: غمَى البيتَ يغمُوهُ غَمْواً ويَغمِيه غمْياً إِذا غطّاه.
قَالَ: وغَمَى البيتِ مَا غَمَّى عَلَيْهِ، أَي: غطَّى.
وَقَالَ الجعدِيُّ يصفُ ثَوْراً فِي كناسِه:
مُنَكِّبُ رَوْقَيْهِ الكِنَاسَ كأَنه
مُغشًّى غَمًى إِلَّا إِذا مَا تنشَّرَا
أَي: خرج من كِناسِه.
غيم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال من الغيْمِ: غامتِ السماءُ وأغامتْ وتغيَّمتْ بِمَعْنى وَاحِد، والغَيمة: العطَشُ، وَهُوَ الغيْم.
رَوَاهُ أَبو عبيد عَن أبي زيد، وَأنْشد:
مَا زالتِ الدَّلْوُ لَهَا تَعودُ
حَتَّى أفاقَ غيْمُها المَجْهُودُ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغيْمُ والعطَشُ وَقد غامَ يغيمُ وغانَ يغينُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتعوَّذُ منَ العَيمةِ والغيْمَة والأيْمَة، والعَيْمةُ شدّةُ الشهوَةِ للَّبَنِ والغيْمَةُ شدَّة العَطشِ، والأيمَةُ العُزبة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: غيَّمَ الليلُ: إِذا جاءَ مثْلَ الغيْم تغييماً.
أَبُو عبيد عنِ الْكسَائي: أغامَتِ السماءُ وأغيمَتْ وغيّمتْ وتغيَّمتْ بِمَعْنى واحدٍ.
ومغ: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَمْغة: الشعرة الطويلةُ.
وغم: قَالَ اللَّيْث: الوغْمُ: الحِقْد الثابتُ فِي الصّدْر، وَقد توغّمَتِ الأبطالُ فِي الْحَرْب إِذا تناظَرَتْ شزراً، ورَجُلٌ وغْمٌ: حَقودٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: يُقَال مِنَ الوغم وغِمَ يَوْغَمُ والوغمُ: الشّحْناءُ والسخيمة.

(8/184)


أَبُو زيد: الوَغم أَن تُخبِرَ عَن الإنسانِ بالخبرِ من وراءَ وراءَ لَا تَحُقُّه.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: إِذا جَهلَ الخبرَ قَالَ: غَبيتُ عَنهُ فَإِن أخبَرَهُ بِشَيْء لَا يَسْتَيْقنه قَالَ: وغَمْتُ أَغِمُ وغماً.
وَقَالَ غيرُه: لَا تَغِمْ بالخيرِ أَي: لَا تأْتِ إِلَّا بِخَير حقَ.
وَقَالَ الكَسائي: لَغِمْتُ ألْغِمُ لغْماً مثلُ: وغمتُ أَغمُ وَغماً.
ابنُ نجدَة عَن أبي زيد قَالَ: الوَغْمُ: النّفَسُ.
مغا موغ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَغوْتُ أمغُو ومَغيْتُ أَمغِي بِمَعْنى نغيتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّنوْرُ يَمغو.
وَقَالَ ابْن دُريد: ماغتِ السِّنَّورُ تموغ مُواغاً مثل: ماءت.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ أَبَا الجهْم الجعفريَّ يَقُول: سَمِعت مِنْهُ نَغْمة ووغمة عَرَفتُها، قَالَ: والوغم: النَّغْمة.
وَأنْشد:
سمعْت وغماً مِنْك يَا بَلْهَيثم
فَقلت لَبَّيْه وَلم أُهَتِّم
قَالَ: لم أهتِّم وَلم أعتِّم أَيْضا أَي: لم أُبْطِىءْ.

(8/185)


بَاب اللفيف من الْغَيْن
(غوي وغي غيا غوغ.
غوي: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الغيُّ: الفسادُ، قَالَ: وَقَوله: {وَعَصَىءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (طه: 121) ، أَي: فسد عَلَيْهِ عيشه، قَالَ: والغَوَّةُ والغَيّةُ واحدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: مصدرُ غوَى الغَيُّ، قَالَ: والغوايةُ: الانهماك فِي الغَيِّ، وَيُقَال: أغواهُ: إِذا أضلَّهُ.
قَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّا لَذَآئِقُونَ فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} (الصافات: 32) .
وَحكى المؤرِّجُ عَن بعض الْأَعْرَاب غواهُ بِمَعْنى أغواهُ، وَأنْشد:
وكائن تَرَى من جاهلٍ بعد علمه
غواهُ الهوَى جهلا عَن الْحق فانغوَى
قلت: أظنُّ الرِّوَايَة عواهُ الْهوى جهلا عَن الحَقِّ فانعَوَى بِالْعينِ لَا بالغين، وَمعنى عَواه صرفهُ ولواهُ فانعَوَى، وانثنى فصُحِّفَ وجُعِل غيناً وَهُوَ خطأ.
وَقَالَ اللَّيْث: غوِيَ الفصيلُ يَغوَى غَوًى مقصورٌ: إِذا لم يُصِب رِيّاً من اللَّبن حَتَّى كَاد يهْلك.
قَالَ: وَيُقَال ذَلِك أَيْضا فِي الَّذِي يكثِرُ من اللَّبن حَتَّى يتَّخمَ. وَأنْشد غَيره:
مُعَطَّفَةُ الأنثاءِ ليسَ فصيلها
بِرَازِئِها دَرّاً وَلَا مَيِّتٍ غَوًى
يَعْنِي: القوسَ وَسَهْما رَمَى بهِ عَنْهَا وَهَذَا من اللُّغز.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الغوَى: البَشَمُ، وَيُقَال: العطشُ، وَيُقَال: هُوَ الدَّقَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد، يُقَال: غوَيتُ أغوِي غَيّاً، وَبَعض النَّاس يَقُول: غوِيتُ أغوَى، وَلَيْسَت بمعروفةٍ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: غَوِيَ الفَصِيل يَغوَى غوى إِذا شَربَ اللَّبن حَتَّى يتختّرَ.
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو زيد: غوِيَ الجَدْيُ يغوَى غوى إِذا مُنِعَ الرَّضاع حَتَّى يُضِرَّ بِهِ الْجُوع.
قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: غوِي الصبيُّ والفَصِيلُ إِذا لم يجد من اللَّبن إلاَّ عُلْقَةً فَلَا يَرْوَى، وتراه مُحْثَلاً.
قَالَ شمر: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) ، يُقَال: بِتُّ مُغْوًى وغَوًى وغَوِيّاً وقَاوِياً وَقَوًى ومُقْوِياً وقَوِيّاً: إِذا بِتَّ مُخْلياً مُوحِشاً، وَيُقَال: رأيتهُ غَويّاً

(8/186)


من الْجُوع وقَوِيّاً وضَوِيّاً وطَوِيّاً إِذا كانَ جائعاً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وقعَ فُلانٌ فِي أُغوِيّةٍ وَفِي وامئةٍ، أَي: فِي داهية.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: وقَتَلتِه، قَالَ: فتَغاووا عَلَيْهِ وَالله حَتَّى قَتَلُوهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: التغاوي هُوَ التجمُّع والتعاوُن على الشرِّ وَأَصله من الغوَايةِ أَو الغَيِّ، يبين ذَلِك شِعْرٌ لأخت الْمُنْذر بن عَمْرو الأنصاريِّ قالته فِي أَخِيهَا حِين قَتله الكفارُ فَقَالَت:
تغاوَت عَلَيْهِ ذئاب الحِجَاز
بَنو بُهثةٍ وَبَنُو جعفرِ
وغي غيا: وَقَالَ اللَّيْث: الأواغِيُّ: تثقَّل وتُخفف: مفاجر الدِّبارِ فِي الْمزَارِع الْوَاحِدَة أغِيَةٌ وأغِيَّةٌ قَالَ: وَهُوَ من كَلَام أهل السوَاد لِأَن الْهمزَة والغينَ لَا يجتَمعانِ فِي بِنَاء كلمةٍ واحدَة.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الكوائن قبل السَّاعَة: (مِنها هدنةٌ تكون بَيْنكُم وَبَين بني الأصْفَر فيغدِرونَ بكم فتسيرونَ إِلَيْهِم فِي ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غايةٍ اثْنَا عشَرَ ألفا) .
وروَاه بَعضهم فِي ثَمَانِينَ غابةً بِالْبَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: من رَوَى غابة، فَإِنَّهُ يُرِيد الأجَمَة، شبه كَثْرَة الرماح بهَا، وَمن رَوَاهُ غَايَة، فَإِنَّهُ يُرِيد الرَّايَة.
وَأنْشد بَيت لبيد:
قَدْ بِتُّ سامِرَها وَغَايَة تاجرٍ
وافيتُ إِذْ رُفعت وعزّ مُدَامُها
قَالَ: وَيُقَال: إِن صَاحب الْخمر كَانَت لَهُ راية يرفَعها، ليعرَف أَنه بَائِع خمر، وَيُقَال: بل أَرَادَ بقوله: غَايَة تَاجر أَنَّهَا غَايَة مَتَاعه فِي الجَودة.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي تَفْسِير بَيت لبيد:
سامِرَها أَي: سامراً فِيهَا، وَغَايَة تَاجر
أَي وَرب غَايَة تَاجر يَبِيع الْخمر
قَالَ: وَإِنَّمَا سمى غَايَة، لِأَن أهل الجاهِلِيَّة كَانُوا ينصبون رايةً للخيل تسمى غَايَة، فَإِذا بلَغها الفَرَسُ، قيل: قد بلغ الغايةَ، فَصَارَت مثلا.
قَالَ عنترة:
هَتَّاك غَاياتِ التِّجَار مُلوَّمِ
أَي: يَشْتَرِي مَا عِنْدهم من الْخمر، فيحلون غاياتِهم، قَالَ: وَإِنَّمَا ينصب الغايةَ لِلخمر من قَدْ عُرِفت خمرُه بالجَوْدة، ثُمَّ تجْعَل الغايةُ عَلامَة فِي غير الْخمر، وَيُقَال للشَّيْء الْجيد، هُوَ غَايَة من الغايات، أَي: هُوَ علا فِي حسنه.
وروى شعر الشَّماخ:
رأيتُ عَرَابَةَ الأوْسيَّ ينمي
إِلَى الغاياتِ مُنْقَطع القرين

(8/187)


إِذا مَا غايةٌ رُفِعَتْ لِمَجدٍ
تَلَقَّاها عَرَابَة بِالْيَمِينِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: غَايَة تاجرٍ: مَعْنَاهُ: غَايةُ سوْمى، أَي: مُنْتَهى مَا يُسَام وافيتُ سَوْمَهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْغَايَة: أقْصَى الشَّيْء.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ روى الحَدِيث فِي ثَمَانِينَ غَايَة، وَلَيْسَ ذَلِك بمحفوظٍ، وَلَا مَوضِع للغاية هَا هُنا.
وَفِي حَدِيث آخر مَرْفُوع: (تَجِيء البقرةُ وَآل عِمران يَوْم الْقِيَامَة وكأنهما غمامتان، أَو غيايتان) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الغَيايةُ: كل شَيْء يظلل الْإِنْسَان فَوق رَأسه مثل السحابة، والغَبَرة والظلّ وَنَحْوه، يُقَال: غَايَا القومُ فَوق رَأس فلَان بالسَّيْفِ، كَأَنَّهُمْ ظَلَّلُوه بِهِ.
وَقَالَ لبيد:
فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْهِ قَافِلًا
وعَلى الأَرْض غَيايات الطَّفَل
روى ابْن هانىء عَن أبي زيد: نزل رجل غيابةٍ بِالْبَاء، أَي: فِي هبطة من الأَرْض.
قَالَ: والغَيَايةُ بِالْيَاءِ ظِلُّ السَّحابة، وَقَالَ بَعضهم: غَيَاءَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَيَايةُ، تكون من الطَّيْرِ الَّذِي يُغَيّي على رَأسك، أَي: يرفرف.
وَقَالَ غَيره: أغْيَا عَلَيْهِ السَّحَابُ، بِمَعْنى غايا، إِذا أظَلَّ عَلَيْهِ، وَأنْشد:
أَرَبَّت بِهِ الأرْوَاح بعد أنيسه
وَذُو حَوْمَلٍ أغيا عَلَيْهِ وأَغْيَما
وَقَالَ أَبُو زيد: غيَّيْتُ للْقَوْم تَغْيِيياً، ورَيَّيْتُ تَرْيِيياً: جعلت لَهُم غَايَة ورَاية.
وَقَالَ اللَّيْث: الغايةُ: مدى كل شَيْء، وألفِهُ يَاء، وَهُوَ من تأليف غين وياءين، وتصغيرها غُيَيَّةٌ، تَقول: غَيَّيْتُ غَايَة.
قَالَ: وَيُقَال: اجْتَمعُوا وتَغَايَوْا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَإِن اشتق من الغاوي، قيل: تغاووا، قَالَ: والغاغَةُ: نباتٌ يشبه الهِريون.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: إِن قُريْشًا تُرِيدُ أَن تكون مُغْوِياتٍ لمالِ الله.
قَالَ أَبُو عبيد: هَكَذَا رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَكسر الْوَاو، وَأما الَّذِي تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب، فالمغَوّيات بِالتَّشْدِيدِ وفَتْح الْوَاو، واحدتها مُغَوَّاة وَهِي حُفْرَة كالزبية تُحْفَرُ للذئب وَيجْعَل فِيهَا جدي، إِذا نظر إِلَيْهِ الذِّئْب سقط يُريدهُ فيصاد، وَمن هَذَا قيل لكل مهلكة مُغَوَّاة.
وَقَالَ رؤبة:
إِلَى مُغَوَّاة الْفَتى بالْمِرصاد
يُريد إِلَى مهلكتِه ومَنِيَّتِه شبهها بِتِلْكَ المُغَوَّاة، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ عمر أَن قُريشاً

(8/188)


تُريد أَن تكون مُهلكة لمَال الله كإِهلاك تِلْكَ المُغَوَّاة لما سقط فِيهَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: كلُّ بِئْر مُغَوَّاةٌ.
ومثلٌ للْعَرَب: (من حفر مُغَوَّاةً أوشك أَن يَقع فِيهَا) قَالَ: والمُغَوَّاةُ فِي بَيت رؤبة: الْقَبْر.
(غوغ) : أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الجرادُ أول مَا يكون سروةٌ، فإِذا تحرّك فَهُوَ دباً قبل أَن تنبتَ أجنحته، ثمَّ يكون غوغاءً، قَالَ: وَبِه سمي الغَوْغاءُ من النَّاس، قَالَ: والغَوْغاءُ أَيْضا شَيْء شَبيه بالبعوض إِلَّا أَنه لَا يعضُّ وَلَا يُؤْذِي وَهُوَ ضعيفٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا احمر الجرادُ فانسلخ من الألوان كلهَا وَصَارَ إِلَى الْحمرَة فَهُوَ الغَوْغاءُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: إِذا سمَّيت رجلا بِغَوْغاء فَهُوَ على وَجْهَيْن، إِن نَوَيْت بِهِ ميزَان حَمْرَاء لم تصرفه، وَإِن نَوَيْت بِهِ ميزَان قعقاعٍ صرفتهُ.
وغي: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الوَغَى والوَعَى: الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّيْث: الوغَى: غمغمةُ الْأَبْطَال فِي حومة الْحَرْب وأصوات البعوض والنحل إِذا اجْتمعت وَنَحْو ذَلِك.
وَقَالَ غَيره: الوغَى: الْحَرْب نَفسهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَغَى: الخَمُوشُ الْكثير الطَّنِينُ يَعْنِي البق.

(8/189)


(أَبْوَاب) الرباعي من حرف الْغَيْن

(بَاب الْغَيْن وَالْقَاف)
غ ق)
غردق: قَالَ اللَّيْث: الغَرْدَقَةُ: إلباس اللَّيْل يُلبِس كل شَيْء، وَيُقَال: غرْدَقَتِ الْمَرْأَة سِترها إِذا أَرْسلتهُ.
غرقد: قَالَ: والغَرْقَدُ: ضرب من الشّجر.
دغرق: والدَّغرَقَةُ: كُدُورةُ المَاء، وَأنْشد:
يَا أَخويّ من سلامان ادْفقا
طالَما صَفَّيْتُما فَدَغرِقا
عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّغْرَقُ: المَاء الكدرُ، والدَّغْفَقُ: المَاء المصبوب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَغْرَقَ عَلَيْهِ المَاء: إِذا صبَّه عَلَيْهِ.
أَبُو عَمْرو: الغَرْدَقَةٌ إلباسُ الغُبار النَّاس، وَأنْشد:
إِنَّا إِذا قَسْطَلُ يومٍ غَرْدَقا
غرقد: أَبُو زيد: الغَرْقَدُ: كبار العَوسج، وَبِه سُمِّي بقيعُ الغَرْقَدِ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِ غَرْقَدٌ.
وَقَالَ الراجز:
ألِفْنَ ضَالًّا نَاعِمًا وغَرْقَدا
غرنق: قَالَ اللَّيْث: الغِرْنِيقُ والغُرْنُوقُ لُغتان: طَائِر أَبيض، وَيُقَال: شابٌّ غُرانِقُ.
وَأنْشد:
أَلا إنَّ تَطْلاَبِي لمثلكَ زَلَّةٌ
وَقد فَاتَ ريعانُ الشَّبَاب الغُرانِقِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الَّذِي يكون فِي أصل العَوْسَجِ من لين النَّبَات يُقَال لَهُ الغَرانيقُ، وَاحِدهَا غُرْنُوقٌ.
شمر عَن أبي عَمْرو: الغرنوق: طير أَبيض من طير الماءِ ذكره فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن جنَازَته لما أَتَى بِهِ الْوَادي أقبل طَائِر أَبيض غُرْنُوقٌ كأنَّه قبطيَّةٌ حَتَّى دَخَل فِي نعشِهِ.
قَالَ: فرَمقتهُ فَلم أرَهُ خرجَ حَتَّى دُفنَ.
قَالَ شمر: وَأخْبرنَا ابْن حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الغرنيق: الكُركى.
وَقَالَ غَيره: هُوَ طَائِر طَوِيل القوائمِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الغُرْنوق: الخُصْلةُ المفَتَّلةُ من الشّعْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَذبَ غُرْنوقهُ وَهُوَ ناصيتُهُ وجَذَبَ نُغروقهُ، وَهُوَ شعر قَفاهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الغرانقة: الرِّجال الشَّبَاب.
وَقَالَ: وَيُقَال للشاب نَفسه الغُرانِقُ.

(8/190)


وَقَالَ ابْن السّكيت: الغَرَانيقُ: طيرٌ مثل الكراكيّ الْوَاحِد غُرْنوقٌ، وَأنْشد:
أَو طعم غاديةٍ فِي جَوفِ ذِي حَدَبٍ
من سَاكن المُزْن يجْرِي فِي الغَرَانيق
قَالَ: أَرَادَ بِذِي حَدَبٍ سَيْلاً لهُ عُرْفٌ، وَقَوله من ساكِب المُزْنِ أَي: من ماءٍ كَانَ سَاكِنا للِمُزْن وَقَوله يجْرِي فِي الغرانيق أَي يجْرِي مَعَ الغرانِيقِ، فَأَقَامَ فِي مقَام مَعَ.
وَقَالَ غَيره: واحدُ الغرانيقِ غُرَنيْقٌ وغُرْناقٌ.
وَقَالَ شمر: لِمَّةٌ غُرَانقةٌ وغُرَانِقِيةٌ وَهِي الناعمَةُ تُفَيِّئها الريحُ.
دغفق: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَغفقَ مالهُ دَغفقَةً ودِغفاقاً، ودَغرقه مثله: إِذا فرّقَهُ وبَذَّرَهُ.
وَقَالَ: وعامٌ دَغْفَقٌ ودَغفَلٌ إِذا كَانَ مُخْصِباً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي مثلهُ نَحوه.
أَبُو عبيد: دَغفقَتُ المَاء دَغْفقَةً إِذا صَبَبْتَهُ.
غلفق: وَقَالَ اللَّيْث: الغَلْفَقُ: الخُلَّبُ مَا دَامَ على شَجره.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الصَّيْدَاوِيُّ عَن الرياشي عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الغلفقُ: الطحلبُ. وَأنْشد:
ومَنهل طام عَلَيْهِ الغلْفَقُ
وَقَالَ آخرُ:
يكشفنَ عَنهُ غَلفقَ العِرْماضِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْمَرْأَة الطويلةِ الْعَظِيمَة الْجِسْم غِلفاقٌ وخِزْقُ وَمُزَرَّةٌ ولُبَاخِيَّةٌ.
نغبق: قَالَ: والنَّغبقةُ: الصَّوْت الَّذِي يسمع من بَطنِ الدَّابَّةِ وَهُوَ الوعَاقُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّغبَقَةُ صوتُ جُرْدَانِه إِذا تَقلقلَ فِي قُنْبِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي النُّغْبوقَةُ وَأنْشد:
عَلَفْتُه غرَزاً وَماءً بارِداً
شَهري ربيعٍ واغْتَبقتُ غَبوقَهْ
حَتَّى إِذا دُفعَ الجِيادُ دَفَعْتهُ
وسْطَ الجِيَادِ وَلاسْتهِ نُغْبُوقَهْ
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي.
غرقل: إِذا صَبَّ على رَأسه المَاء بمَرَّةٍ وَاحِدَة.
غبرق: وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن أبي لَيلَى الْأَعرَابِي، قَالَ: امْرَأَةٌ غبْرُقَةُ العينينِ إِذا كَانَت واسِعةَ العَينينِ شَدِيدة سوادِ سَوادِهما.

(بَاب الْغَيْن وَالْجِيم)
(غ ج)
غملج: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَجلُ غَملَجٌ وغَملَّجٌ وغِمْلِيجٌ وغُملُوجٌ

(8/191)


وغِملاجٌ وغُمالجٌ إِذا كَانَ مرّة قَارِئًا وَمرَّة شاطراً وَمرَّة سَخياً وَمرَّة بَخِيلًا وَمرَّة شجاعاً وَمرَّة جَباناً ومرّةً حَسَنَ الخُلق ومرَّةً سيئه وَلَا يثْبُت على حالةٍ واحدةٍ وَهُوَ مذْمُومٌ مَلُومٌ عِنْد العربِ.
قَالَ: وَيُقَال للمرأةِ غَمْلجٌ وغَملَّجٌ وغِملِيجَةٌ وغُملوجَةٌ وَأنْشد:
ألاَ لاَ تَغرَّنَّ امْرءاً عُمَرِيَّةٌ
عَلَى غَملَجٍ طالَتْ وتمَّ قَوَامُها
عُمَريَّةٌ ثيابٌ مَصْبوغَةٌ.
غمجر: وَقَالَ اللَّيْث: الغِمْجَارُ: شيءٌ يُصْنَعُ عَلَى القوسِ من وَهْيٍ بهَا، وَهُوَ غرَاءُ وجِلد تَقول: غَمجِرْ قَوسكَ، وَهِي الغَمجَرَةُ.
وَرَوَاهُ ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: قِمجارٌ بِالْقَافِ، وَهُوَ عِنْدِي أصَحُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جادَ المطَرُ الرَّوضَةَ حَتى غَمجرَها غَمجرَةً: أَي: مَلأَهَا.
غنجل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التُّفَةُ: عَناقُ الأَرْض، وَهِي التُّمَيْلَةُ.
وَيُقَال لِذَكَرِها: الغُنجُلُ.
قلت: وَهُوَ مثل الْكَلْب الصينيّ يعلَّم الصَّيدَ فيصادُ بِهِ الأرانبُ والظباءُ، وَلَا يَأْكُل إلاَّ اللحمَ، وجَمْعُه: الْغناجِلُ.

(بَاب الْغَيْن والشين)
(غ ش)
شغزب: اللَّيْث: الشَّغْزَبيةُ: اعتقال المصارع رِجْلَه بِرِجْل رَجُل، وصَرْعُه إِيَّاه شزراً، يُقَال: صرعَهُ صَرْعةً شَغْزَبِيَّة، قَالَ: ومنهلٌ شَغْزَبيُّ: مُلتوٍ عَن الطَّرِيق.
وَقَالَ العجَّاج يصف مَنْهلاً:
مُنْجَرِدٌ أزْورُ شَغْزَبيّ
شغزن: وَقَالَ أَبُو سعيد: شَغْزَب الرجل الرجل وشَغْزَنَهُ بِمَعْنى وَاحِد إِذا أَخذه الْعُقيلي، وَأنْشد:
بينَا الْفتى يَسْعى إِلَى أُمْنِيَّهْ
يَحْسَب أَن الدَّهْر سُرْجوجِيهْ
عَنَّتْ لَهُ داهيةٌ دهْويهْ
فاعْتَقلتْهُ عُقلة شَزْريهْ
لفّاء عَن هَوَاهُ شَغْزَبِيَّهْ
وَقَالَ النَّضر نَحوه، وَقَالَ اللَّيْث: الشَغْبز ابْن آوى، قلت: هَكَذَا قَالَه اللَّيْث بالزّايِ، والصوابُ الشَغبَرُ بالرَّاء روَى ذَلِك أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ الشَّغبَرُ بالراء. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَمن قالَهُ بِالزّاي فقد صَحَّف.
شغفر: قَالَ أَبُو عَمْرو: الشَّغفر: الْمَرْأَة الْحَسناء.
شغبر: وَقَالَ اللَّيْث: تَشَغبرتِ الرّيح: إِذا الْتَوَت فِي هُبُوبها بالراءِ.

(8/192)


شنغر: قَالَ: وَرجل شِنْغيرٌ وشِنْظِيرٌ بذيءٌ فاحشٌ بَين الشَنْغرةِ والشَّنظَرَةِ والشِّنْغيرَة والشِّنْظِيرَةِ.
غشمر: وَقَالَ: الغَشْمَرَةُ: التَّهمُّطُ فِي الظَّلم، وَالْأَخْذ من فَوْق من غير تَثبُّت، كَمَا يَتَغَشْمَر السَّيل والجيْشُ، كَمَا يُقَال: تَغَشْمَرَ لَهُم، وَفِيهِمْ غَشْمَرِيةٌ.
شنغب: وَقَالَ اللَّيْث: الشِّنغابُ: الطَّوِيل الدَّقِيق من الأرشِية والأغصان، قَالَ: والشُّنغوبُ: عِرْقٌ طَوِيل من الأَرْض دقيقٌ.
شغنب: قلت: ورأيْتُ فِي الْبَادِيَة رجلا اسْمه (شُغنوبٌ) فَسَأَلت غُلَاما فصيحاً من بَني كُلَيْب بن يَرْبوع عَن معنى اسْمه، فَقَالَ: الشُّغنوب: الغُصْنُ الرطبُ الناعمُ وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: والشَّنغَبُ: الطويلُ من جَمِيع الْحَيوان.
طرغش: وَقَالَ ابْن شميلٍ: الْمُطْرَغِشُّ: النّاقهُ من الْمرض، غير أَن كَلَامه وفؤاده ضعِيفٌ، وَقد اطْرَغَشَّ من مَرضه، أَي: قَامَ وتحرَّك وَمَشى.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: اطْرَغَشَّ من مرضِه: إِذا برأَ وانْدَمَلَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اطْرَغَشَّ من مرضِهِ وابْرَغَشَّ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: اطْرَغَشَّ الْقَوْم إِذا غيثُوا فأخْصَبُوا بعد الهزال والجهد.
غطرش: وَقَالَ غَيره: غَطْرَشَ بصرُه غَطْرَشَةً إِذا أَظلَمَ.
غطمش: أَبُو سعيد: تَغَطْمَشَ فلانٌ علينا تَغَطْمشاً أَي: ظَلَمَنا.
قلت: وَبِه سُمِّي الرجلُ غَطْمَشاً.
شنغم: وَقَالَ اللحياني: يُقَال رَغْماً لَهُ وَدَغْماً شِنَّغْماً، وَفعلت ذَلِك على رغمِهِ وشِنّغمِهِ.
قلت: هَكَذَا رأيتهُ فِي (نوادِرِ اللِّحياني) ، وقرأته فِي كتاب ابْن هانىء عَن أبي زيد رَغْماً سِنّغماً بالسِّين، فَأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرف.
شنغف: وَقَالَ ابْن الْفرج: سمِعْتُ زَائِدَة الْبكْرِيّ يَقُول: الشِّنَّعْفُ والشِّنَّغْفُ والهِلَّغْفُ. المضطربُ الْخَلْق قَالَ: وسَمِعْتُ جمَاعَة من أَعْرَاب قيس يَقُولُونَ: السِّلَّغْفُ والسِّلَّعْف المضطربِ بالعَيْنِ والْغَينِ.
دغمش: وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَغمَشْتُ فِي الْمَشْي ودهْمَقْتُ، ودَمْشَقْتُ أَي: أسرعْتُ.

(بَاب الْغَيْن وَالضَّاد)
(غ ض)
ضغبس: قَالَ الْأَصْمَعِي: الضغابِيسُ: نَبْت

(8/193)


ٌ يَنْبُتُ فِي أصلِ الثُّمامِ، يُشبه الهليون، يُسْلق ويُجعل بالخَل والزَّيتِ ويؤكلُ، قَالَ: وَقَالَت امْرَأَة: طعامنا الحارُّ والقَارُّ وَإِن ذُكرت الضغابِيسُ فَإِنِّي ضَغِبَةٌ، قَالَ: وضَغِبَةٌ مشتقٌّ مِنْهُ، وَفِي حَدِيث: (لَا بَأْس باجْتِناءِ الضغابِيس فِي الحرمِ) .
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الضُّغبُوسُ: الضَّعيفُ.
قَالَ: والضَّغابيسُ: شِبهُ صغارِ القِثاء تؤكلُ، شُبِّه الرّجلُ الضَّعِيف بهَا.
وَجَاء فِي حَدِيث آخر: (أهدِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضغَابيسُ) .
وَقَالَ اللَّيْث: الضغابيسُ شبهُ العَرَاجين تنبُتُ بالغوْر فِي أصُول الثُّمام طوالٌ حُمرٌ رَخْصَةٌ تؤكلُ.
قَالَ: والضُّغْبوسُ: الرجلُ المهينُ، والضَّغبُوس: ولدُ الثُّرْمُلة.
ضبغط: قَالَ: والضَّبَغْطَى: شيءٌ يُفزَّع بِهِ الصبيُّ، يُقَال: اسكتْ لَا تأكلكَ الضبَغْطَى.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ الضبَغطى والضبَعْطى بالعَينِ والغين.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والضبَغطى: لَيْسَ بشيءٍ يُعرفُ وَلكنهَا كلمةٌ تسْتَعْمل فِي التخويفِ.
وَأنْشد لمنظُور الْأَسدي:
وبَعْلُها زونْزَكٌ زونْزى
يخضِفُ إنْ خُوِّفَ بالضبَغطى
ضرغم: وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) قَالَ: ضِرْغامةٌ من طينٍ وثَوِيطَةٌ ولَبِيخَةٌ وولِيخَةٌ وَهُوَ الوَحَلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: ضرغَدٌ: اسْم جبل.
ضرغط: قَالَ: والمُضرَغِطُّ: الكثيرُ اللَّحْم.
غرضف: والغُرْضوفُ: كلُّ عظْمٍ رَخْصٍ يُؤكلُ وداخلُ القُوف غُرْضوفٌ وغضْرُوفٌ، ومارنُ الْأنف غُرْضوفٌ ونقْضُ الكتِفِ غُرْضوفٌ.
ضرغط: ابْن السّكيت: اضْرَغَطَّ واسْمَأدَّ اضْرِغطاطاً إِذا انتَفخَ من الْغَضَب.
غضرم: شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الغَضْرَمُ: الْمَكَان الكثيرُ التُّرابِ اللَّيِّن اللزجُ الغليظ.
وَقَالَ غَيره: الغضْرَمُ: المكانُ الكذَّان الرِّخْوُ والجِصُّ.
وأنشَد:
يقعَفْنَ قاعاً كفَرَاش الغضْرَم
وَقَالَ رؤبة:
مِنا إِذا اصْطَكّ تَشَظَّى غضرُمه
قَالَ: فَإِذا يَبِسَ الغضْرَمُ فَهُوَ القِلْفِعُ، وَقد اقلَعَفَّ القاعُ.
ضرغم: أَبُو عبيد: الضِّرْغامة: اسْم الْأسد.
وَقَالَ اللَّيْث: تضرْغمتِ الأبطالُ فِي ضَرْغمتها بِحَيْثُ تأتَخِذ فِي المعركة.
وَأنْشد:

(8/194)


وقومي إِن سألتَ بَنو عليّ
مَتى ترهمْ بضرغمة تفِرُّ
غضفر: وَقَالَ اللَّيْث: الغَضَنْفَرُ: الأسدُ، ورجلٌ غضنفَرٌ إِذا كَانَ غليظاً. قلت: أصلُه الغضفَرُ، وَالنُّون زَائِدَة، وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : برذَون نغضَلٌ وغَضَنفرٌ، وَقد غضفَر وقندَلَ إِذا ثَقُلَ.

(بَاب الْغَيْن وَالصَّاد)
(غ ص)
غلصم: قَالَ اللَّيْث: الغَلْصَمة: رأسُ الحلقُوم بِشَوَارِبه وحرْقدتِه، والجميعُ: الغلاصِمُ، وَتقول: غلْصَمْتُه: أَي: قطعتُ غلصَمتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: إِنَّه لَفِي غلْصَمَةٍ من قومِه، أَي: فِي شرفٍ وعددٍ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
أَبى لُجَيْمٌ واسمهُ ملءُ الْفَم
فِي غَلْصَمِ الهامِ وهام الغلصم
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ أَنه فِي مُعظم قومهِ وشرَفهم.
قَالَ: والغلْصَمةُ: أصلُ اللِّسان، أخبر أَنه فِي قومٍ عِظَام الهامِ، وَهَذَا مِمَّا يوصفُ بِهِ الرجلُ الشَّديد الشريفُ، وأنشدني المُنْذِرِيُّ، وَذكر أَن أَبَا الْهَيْثَم أنشدهُ للأغلب:
كَانَت تميمٌ معشراً ذَوي كرَمْ
غلْصَمةً من الغلاصِيم العُظَمْ
قَالَ: غلْصَمة: جمَاعَة، لأنّ الغلصَمة مجتمِعةٌ بِمَا حولهَا، وَقَالَ:
غَدَاة عهدتُهُنَّ مُغَلْصَماتٍ
لهنّ بِكُل مَحْنِيَة نحيمُ
قَالَ: مغلصَماتٍ: مشدُوداتِ الْأَعْنَاق.

(بَاب الْغَيْن وَالسِّين)
(غ س)
غطرس: قَالَ اللَّيْث: الغَطرَسة: الإعجابُ بالشيءِ، والتَّطاولُ على الأقران، وَأنْشد:
كَمْ فِيهِمُو من فَارسٍ مُتَغطْرِسٍ
شَاكِي السِّلاحِ يَذُبُّ عَن مَكْرُوبِ
أَبُو عبيد: المتَغطْرِسُ: الظَّالِم المتكبِّرُ، وَهُوَ الغِطْرِيسُ.
وَأنْشد قَول الكُميت:
كُنَّا الأَباةَ الغطارسا
وَقَالَ المؤرجُ: تغطْرَس فِي مشيتهِ إِذا تبختَر، وتغطرَسَ إِذا تعسَّف الطريقَ، ورجلٌ متغطرسٌ: بخيلٌ فِي كَلَام هُذيل.
طغمس: وَقَالَ اللَّيْث: الطغمُوس: الماردُ منَ الشياطينِ، والخبيثُ من القطارب.
سلغد: قَالَ: والسِّلَّغْدُ من الرِّجَال: الرِّخوُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: منَ الخيلِ أشقرِ سِلَّغْدٌ وَهُوَ الَّذِي خَلصتْ شُقْرتُه.

(8/195)


وَأنْشد:
أشقَرُ سِلَّغدٌ وأحوَى أَدعَجُ
وَالْأُنْثَى سِلَّغْدَةٌ، اللِّحياني: أَحْمَر سِلَّغْدٌ وأحمر أسْلغُ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السِّلَّغدُ: الأكول الشَّروب الأحمق منَ الرِّجالِ.
سمغد: اللَّيْث: المُسْمَغِدُّ: المنتفخ الوارمُ.
قَالَ: والسِّمَّغِد من الرِّجَال: الطويلُ الشديدُ الْأَركان، وقالهُ أَبُو عمر وَأنْشد:
حَتَّى رأيتُ العزَبَ السِّمّغدا
وَكَانَ قدْ شَبَّ شَباباً مغدَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: رأيتُه مُغدّاً مُسْمَغدّاً إِذا رأيتَه وارماً من الْغَضَب.
وَقَالَ أَبُو سُوَاج:
إنّ المنِيّ إِذا سَرَى
فِي العَبد أصبح مُسْمغدَّا
غملس: وَقَالَ اللَّيْث: الغمَلَّسُ: الْخَبيث الجريء، قلت: وَهُوَ العَمَلَّسُ بِالْعينِ، وَقد يوصَفُ بهما الذِّئبُ.
سلغف: وَقَالَ اللَّيْث: السِّلْغفُّ: التَّارُّ الحادرُ، وأنشَد:
بِسلغفٍ دَغْفلٍ يَنطَحُ
الصخرَ برَأسٍ مُزْلَغبْ
وَيُقَال: بقرةٌ سَلغفٌ.
دغمس: وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعْت شبانَة يقولُ: هَذَا أمْرٌ مُدْغمَسٌ ومُدَهمَسٌ إِذا كَانَ مَسْتُورا وَزَاد غَيره: مُدَخمَسٌ ومُرهمَسٌ ومُنهْمَس بِمَعْنَاهُ.
سمغل: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الْمُسْمَغِلَّةُ من الْإِبِل الطَّوِيلَة، والجَسْرَةُ مِثلها، قَالَ: وَأما المُشْمِعلّةُ فَهِيَ السَّرِيعةُ.
سبغل: وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
مَسَائِحُ فَوْدَىْ رأسِه مُسْبَغِلَّةٌ
جَرَى مِسكُ دارِينَ الأَحَمُّ خِلاَلها
قَالُوا: المُسْبَغِلّةُ: الضافيةُ، ودِرْعٌ مُسْبغِلَّةٌ سابغةٌ، وَأنْشد:
ويوْماً عَلَيْهِ لأَمَةٌ تُبَّعِيَّةٌ
مِن المسبَغِلاَّت الضَّوَافِي فُضولُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَغْبَلَ طعامَه إِذا رَوَّاهُ دَسماً، وسَغْبَل رأْسَه وسَغْسَغَهُ وروَّلهُ إِذا مَرَّغه.
وَقَالَ غَيره: سَبْغَلْتُه فاسبَغلَّ، قُدِّمَتْ الباءُ على الْغَيْن.
وَقَالَ أَبُو زيد: اسبَغلَّ الثَّوْبُ اسْبِغْلالاً إِذا ابْتَلَّ.
وَقَالَ الْكسَائي: جَاءَ فلانٌ يمشي سَبَهْلَلاً وسَبَغْلَلاً: أَي: لَيْسَ مَعَه سلَاح.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يَجِيئَنَّ أَحدُكم يومَ الْقِيَامَة سَبَهْلَلاً) ، وفُسِّرَ فَارغًا لَيْسَ مَعَه مِن عمل الْآخِرَة شيءٌ.

(8/196)


ورُوي عَن عُمر أَنه قَالَ: إنِّي لأَكره أَن أرَى أحدَكم سبَهْللاً لَا فِي عمل دُنيا وَلَا فِي عمل آخرَةٍ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمرو: جاءَ فلانٌ سبَغللاً وسَبَهْللاً: أَي: فَارغًا.
بِغسْل: ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَغْسَلَ الرجل: إِذا أَكثرَ الجِماعَ.
سغبل: شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّغبَلَةُ: أَنْ يُثْرَدَ اللحمُ مَعَ الشَّحم فيَكثر دَسَمُه:
مَنْ سَغْبَلَ اليومَ لنا فقد غَلَبْ
خُبْزاً وَلَحْمًا فَهُوَ عِنْد النَّاس حَبْ
تغلس: أَبُو عبيد: وَقع فلَان فِي تُغُلِّس، وَهِي الدَّاهية.

(بَاب الْغَيْن وَالزَّاي)
(غ ز)
زغدب: قَالَ اللَّيْث: الزَّغْدَبُ: الهديرُ الشَّديد.
وَقَالَ العجَّاج:
يَمُدُّ زأراً وهَدِيراً زَغْدَبا
زغبد: قَالَ: والزَّغْبَدُ: من أسماءِ الزَّبَدِ.
وَقَالَ رؤبة يَصِفُ فَحْلاً:
وزَبَدا مِنْ هَدْرِه زُغادِبَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزُّغادِبُ: الزَّبَدُ الكثيرُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الزُّغادِبُ: الضَّخْمُ الْوَجْه السَّمِجُهُ الْعَظِيم الشَّفَتين.
زغرب: وَقَالَ اللَّيْث: عينٌ زَغْرَبَةٌ، وَرَجل زَغْرَبُ المعروفِ كثيرُه، وماءٌ زَغْرَبٌ، وَأنْشد:
بَشِّرْ بَني كَعْبٍ بنَوْءِ العقْرَبِ
مِن ذِي الأهاضيبِ بماءٍ زَغرَبِ
وَقَالَ آخر:
عَلَى اضْطِمارِ اللَّوْحِ بَوْلاً زَغْرَبا
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الزَّغْرَبُ: المَاء الْكثير.
قَالَ الكميتُ:
وبَحْرٌ من فِعالِكَ زَغْرَبُ
زغبر: قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: أَخَذَ فلانٌ الشَّيْء بزَغْبَرِه: إِذا أَخذه كُله فَلم يَدَع مِنْهُ شَيْئا، وَكَذَلِكَ بزَوْبَرِه وبِزَأْبَرِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزَّغْبَرُ: جماعةُ كلِّ شَيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: زِئْبِرُ الثَّوْب وزِغْبِرُه، وَقد زَأْبَرَ وزَغبَرَ.
زرغب: وَقَالَ اللَّيْث: الزَّرْغَبُ: الكَيْمُخْتُ.
برغز: قَالَ: والبَرْغَزُ: وَلَدُ الْبَقَرَة وَجمعه براغزُ.
وَقَالَ النابِغةُ:
ويَضرِبْنَ بِالْأَيْدِي وَراءَ بَرَاغزٍ
حِسانُ الْوُجُوه كالظباء العَواقدِ

(8/197)


أَرَادَ بالبراغز أوْلادهُنَّ، شَبَّه نسَاء سُبِين بالظِّباء. قَالَ: وَيُقَال لولد الْبَقَرَة الوَحْشِيَّة بُرْغزٌ وجُؤْذُرٌ.
برغز: والبُرْزُغُ: نشاطُ الشَّبابِ وأنْشَد غيرُه لرُؤْبةَ:
هيهاتَ ميعادُ الشَّبَاب البُرْزُغ
يُقَال: بُرغُزٌ وبُرزُغٌ.
زلغب: وَقَالَ اللَّيْث: ازْلَغبَ الطائرُ والفرخُ والرِّيشُ. يُقَال فِي كل إِذا شَوَّكَ.
وَأنْشد:
تُرَبِّبُ جَوْناً مُزْلَغِبّاً تَرَى بِهِ
أَنابيبَ مِن مُسْتَعْجِل الرِّيشِ جَمَّعا
أَبُو عبيد: المُزْلغِبُّ: الفرخ إِذا طلَع ريشُه.
زغرف: وَقَالَ مُزاحم:
كصَعْدَةِ مُرَّانٍ جَرى تَحت ظلِّها
خليجٌ أَمدَّتهُ البحارُ الزَّغارِفُ
وَلَو بَذَلَتْ أُنْساً لأعصَمَ عاقلٍ
برأسِ الشَّرَى قد طرَّدَتهُ المخاوِفُ
قَالَ الأصمعيُّ: وَلَا أعرف الزَّغَارِف، وَقَالَ غَيره: بحرٌ زَغْربٌ وزَغرفٌ، بالباءِ والفاءِ، وَمثله: ضَبَرَ وضَفَرَ إِذا وثبَ، وَيُقَال لولد الضَّبع: فُرْعلٌ وبرعلٌ.
زغلم: أَبُو زيد: وَقع فِي قلبِي لَهُ زُغلمةٌ أَي: حَسَكة وَضَغينةٌ، وَيُقَال: لَا يدخلنكَ من ذَلِك زُغلمةٌ أَي: لَا يحُكَّنَّ فِي صدْركَ منهُ شكٌّ وَلَا همٌّ.
زغفل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: زَغْفَلَ الرجلُ إِذا أوقدَ الزَّغفلَ، وَهُوَ شجرٌ قَالَ: وزَغفلَ إِذا كذبَ.
وَأنْشد غَيره:
ذَاك الكساءُ ذُو عليهِ الزغفل
أَرَادَ الَّذِي عليهِ الزَّغفَلُ وَهُوَ زِئبِرهُ.

(بَاب الْغَيْن والطاء)
(غ ط)
طغمش: قَالَ النَّصْر: الطغمَشَةُ والطَّرْفَشَةُ: ضعفُ الْبَصَر.
غطرف: ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: الْغِطْريفُ والغِطْرافُ: السَّخِيُّ السَّرِيُّ الشَّابُّ.
وَمِنْه يُقَال: بَاز غِطْريفٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الغِطْريفُ: السيدُ الشريفُ وَأنْشد:
ومَن يَكُونُوا قَوْمَهُ تَغَطْرَفَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التَّغَطْرُفُ: الاختيالُ فِي الْمَشْي خاصَّةً، وَأنْشد:
فإنْ يَكُ سَعْدٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا
بِغَيْرِ أَبِيه مِنْ قُرَيْشٍ تَغَطْرَفَا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: التغتْرُفُ مِثلُ التغطْرُفِ، وَهُوَ الكبرُ، وَأنْشد:

(8/198)


فإنكَ إنْ عادَيتني غضبَ الْحَصَا
عليكَ وَذُو الْجَبُّورَةِ المتَغَتْرِفُ
قَالَ: يَعْنِي الرَّبَّ تبارَكَ وَتَعَالَى، قلت: وَلَا يَجُوزُ أَن يوصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بالتَّغترُفِ وإنْ كَانَ معناهُ التكبُّرَ لأنهُ عز وَجل لَا يُوصفُ إِلَّا بِمَا وصفَ بِهِ نفسهُ لفْظاً.
طرغم: وَقَالَ ابْن السّكيت عَن أبي عمر: اطْرَغَمَّ إِذا تكبرَ، والاطرغْمامُ: التَّكَبُّرُ، وَأنْشد:
أَوْدَجَ لمَّا أَنْ رَأَى الْجِدَّ حَكَمْ
وَكُنْتُ لَا أُنْصِفُهُ إلاّ اطْرَغَمْ
والإيداجُ: الإقرارُ بِالْبَاطِلِ، قلتُ: واطْرَخَمَّ مِثلُ اطْرَغَمَّ.
غرطم: وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو عَمْرو: الغُرْطُمانيُّ: الْفَتى الْحسن الوجهِ مِنَ الرِّجَال وَأنْشد:
الغُرْطُماني الوأَى الطِّوَلا

(بَاب الْغَيْن وَالدَّال)
(غ د)
دغمر: قَالَ اللَّيْث: الدَّغمَرَةُ: تَخْلِيطُ اللونِ والخلُقِ، وَقَالَ رؤبةُ:
إِذا امْرُؤ دَغمَرَ لوْنَ الأَدْرَنِ
سَلَّمت عرْضاً ثوبُهُ لم يَدْكَنِ
الأدرنُ: الوسِخُ، ودَغْمَرَ: خَلط، لمْ يَدْكنْ: لَمْ يتسخ. قَالَه ابنُ الأَعرابي، وَقَالَ الآخَرُ:
وَلا مِنَ الأخلاقِ دَغمَرِيُّ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: الدُّغمورُ: السيء الخلُقِ، والدُّغْمورُ بالذَّال: الحقودُ الَّذِي لَا ينحلُّ حقدُهُ.
غمدر غنْدر: قَالَ: وَيُقَال: للغلام النّاعِمِ: غُنْدُرٌ وغَمَيدَرٌ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
للَّهِ دَرُّ أبيكِ رُبَّ غميدرٍ
حسنِ الرُّواءِ وقلبهُ مدكُوك
قَالَ: والمدكوكُ الَّذِي لَا يفهمُ شَيْئا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَهُوَ الغَمَيْذَرُ أَيْضا.
دَغْفَل: وَقَالَ اللَّيْث: الدَّغْفَلُ: ولدُ الفيلِ، والدَّغفلُ: خصبُ الزمانِ.
وَقَالَ العجاجُ:
وَإِذ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيّ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَأبي عَمْرو قَالَا: هُوَ عَيْشٌ دَغْفَليٌّ، وَهُوَ الواسعُ.
غدفل: وَقَالَ شِمْرٌ: رحمةٌ غِدَفْلَةٌ: واسعةٌ ومُلاءةٌ غِدَفْلَةٌ وعيشٌ غدفلٌ، وَأنْشد:
رَعَثَاتُ عُنْبُلها الغدفلِ الأرْغَلِ
وَقَالَ غَيره: بَعير غدافل: إِذا كَانَ كثير شعَرِ الذَّنب.
وَقَالَ الراجِزُ:
يَتْبَعْنَ زيّافَ الضُّحَى غُزَاهلا
ينْفُجُ ذَا خصائلِ غُدَافِلاَ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كبشٌ غُدَافِلٌ: كثيرُ سبِيبِ

(8/199)


الذّنَبِ.
غندب: اللَّيْث: الغُندُبةُ: لحمَةٌ صُلبَةٌ حوالي الْحُلْقُوم، والجميعُ: غنادِبُ.
وَقَالَ رُؤبةُ يصفُ فحْلاً:
إذَا اللهَاةُ بَلَّتِ الغبَاغبا
حَسِبْتَ فِي أرْآدِه غَنادِبا
فدغم: اللَّيْث: الفَدْغَمُ: اللَّحِيمُ الجسيم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْفَدْغَمُ: الحسنُ الطَّويلُ مِنَ الرِّجالِ مَعَ عَظَم.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
إِلَى كلِّ مَشْبوح الذّراعين تُتقَى
بِهِ الحربُ شَعْشاعٍ وأبيضَ فَدْغَمِ
غرند: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَثَوَّل عَلَيْهِ القومُ تَثَولا وَاغْرَنْدَوا اغْرِندَاءً واغْلَنثوا اغلِنثَاءً بالثَّاء: إِذا عَلوهُ بِالشتمِ والضَّرْبِ والقهْرِ.
ابْن السّكيت عَن الأصمعيِّ: اغرَنْدَاهُ وَاسْرَنْدَاهُ: إِذا علاهُ، وَأنْشد:
قد جعلَ النُّعاسُ يَغْرَندِيني
أَدفعهُ عَنِّي ويَسْرَنديني
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: المغْرَندِي والمسْرَنْدِي: الَّذِي يغْلِبُك وَيَعْلوكَ.
بغدد: وَقَالَ اللحيانيُّ يُقَال: هَذِه بغدادُ وبغداذُ وبغدانُ.
قلت: والفصحاء يختارُونَ بغدادَ بدالين، وَقيل: (بغ) صنمٌ، و (دادْ) بِمَعْنى دَوَّدَ، حَرَّفوهُ عَن الذَّال إِلَى الدَّال لأنَّ دَاذَ مَعْنَاهُ أعْطى، فكرِهُوا أَن يجْعَلُوا لِلصَّنمِ وَهُوَ مواتٌ عَطَاءً فَيكون كُفراً.
وَقَالُوا دَاد، وَمن قَالَ: دَان فمعناهُ ذَلَّ وخَضَعَ.
دلغف: وَقَالَ اللَّيْث: الإدْلِغْفافُ: مجيءُ الرجُلِ مُستسِرّاً ليسرقَ شَيْئا.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو للملقطيِّ:
قد ادلَغَفَّتْ وَهِي لَا ترَانِي إِلَى متاعي مشْيَة السَّكْرَان وبغضَها فِي الصدْرِ قد وَرَاني
(بَاب الْغَيْن والذال)
(غ ذ)
غمذر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الغَمَيْذَرُ بِالذَّالِ: المُخلِّطُ فِي كَلَامه وفعاله.
ذغمر: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الذُّغمورُ بِالذَّالِ: الحقُود الَّذِي لَا ينحلُّ حقده.
غذمر: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُغَذْمِرُ من الرِّجال: الَّذِي يركب الْأُمُور فيأخذُ من هَذَا وَيُعْطِي هَذَا ويدع هَذَا من حَقه.
قَالَ: وَيكون هَذَا فِي الْكَلَام أَيْضا، إِذا كَانَ يخلِّط فِي كَلَامه، يُقَال: إِنَّه لذُو غَذَامِيرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّغَذْمُرُ: سوء اللَّفْظ، وَهِي الغَذَامِرُ، وَإِذا ردَّد لَفظه فَهُوَ مُتَغَذْمِر.

(8/200)


غذرم: وَقَالَ غَيره: تَغَذْرَمَ فلَان يَمِينا وتزيَّدها: إِذا حلف بهَا وَلم يَتتَعْتَع، وَأنْشد:
تَغَذْرَمَها فِي ثَأْوةٍ من شياههِ
فَلَا بُورِكت تِلْكَ الشِّياه القلائلُ
والثأْوَةُ: المهزولة من الْغنم، والغَذْرَمَةُ: كيلٌ فِيهِ زيادةٌ على الْوَفَاء، وكيلٌ غُذَارِمٌ.
وَقَالَ أَبُو جندبٍ الْهُذلِيّ:
فَلَهْفَ ابْنة الْمَجْنُون أَلا تُصيبَه
فَتُوْفِيَهُ بالصاع كَيْلا غُذَارِما
وَفِي الحَدِيث: أَن عليا رَضِي الله عَنهُ لما طلبَ إِلَيْهِ أهل الطَّائِف أَن يكْتب لَهُم الْأمان على تَحْلِيل الرِّبا وَالْخمر، فَامْتنعَ قَامُوا وَلَهُم تَغَذْمُرٌ وبربرةٌ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
تَبَصَّرْتُهُمْ حَتَّى إِذا حَال دونهم
رُكامٌ وحادٍ ذُو غَذَامِيرُ صَيْدَحُ
غمذر: وَمن الْعَرَب من يَقُول: غَمْذَرَ غَمْذَرَةً بِمَعْنى غَذْرَمَ إِذا كالَ فَأكْثر.
لغذم: وَقَالَ اللَّيْث: المُتَلَغْذِمُ: الشَّديد الْأكل.

(بَاب الْغَيْن والثاء)
(غ ث)
غثمر: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: المُغثْمَرُ: الثَّوْب الرَّدِيء النّسْج.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لبيثٌ مُغَثْمَرٌ ومُغَذْمَرٌ ومغثومٌ: أَي مخلَّطٌ لَيْسَ بجيِّد.
بغثر: قَالَ والبَغْثَر من الرِّجَال: الثَّقيل الوخمُ، وَأنْشد:
وَلم يجدني بَغْثَراً كهاما
وَيُقَال: بَغْثَرَ مَتَاعه وبعثره إِذا قَلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: البَغْثَرَةُ: خبثُ النَّفس، تَقول: أَرَاك مُبَغْثِراً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: تَبَغْثَرَت نَفسه، أَي: خَبُثت.
غثمر: وَقَالَ ابْن السّكيت: طعامٌ مُغَثْمرٌ إِذا كَانَ بقشره لم ينق وَلم يُنخل.
وَقَالَ اللَّيْث: المُغَثْمِرُ الَّذِي يحطم الْحُقُوق ويَتَهَضَّمُها، وَأنْشد قَول لبيد:
ومُغَثْمِر لحقوقها هَضَّامُها
رَوَاهُ أَبُو عبيد: ومُغَذْمِرٍ لحقوقها.

(بَاب الْغَيْن وَالرَّاء)
(غ ر)
غرمل: قَالَ اللَّيْث: الغُرْمُولُ: الذَّكر الضخم، وَأنْشد:
وخِنْذِيذٍ ترى الغُرْمُول مِنْهُ
كطيِّ الزِّق عَلَّقَهُ التِّجَارُ
غربل: أَبُو عبيد: المُغَرْبَلُ: المقتولُ المُنْتَفِخُ، وَأنْشد:

(8/201)


أَحْيَا أَبَاهُ هَاشم بن حَرْمَلَهْ ترى الْمُلُوك حوله مُغَرْبَلَهْ يقتلُ ذَا الذَّنب وَمن لَا ذنبَ لَهُ وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شمر قَالَ: المُغَرْبَلُ: المفرَّق، غربله أَي: فرّقه. قَالَ: والمُغَرْبَلُ: المُنَقَّى بالغربال.
وَفِي الحَدِيث: (كَيفَ بكم إِذا كُنْتُم فِي زمَان يُغرْبَلُ النَّاس فِيهِ غَرْبَلَةً) ، قَالَ: يذهب خيارُهم بِالْمَوْتِ وَالْقَتْل وَيبقى أراذلهم.
ابْن شُمَيْل عَن الْجَعْدِي: غَرْبَلَ فلَان فِي الأَرْض: إِذا ذهب فِيهَا.
وَفِي الحَدِيث: (أعْلنُوا النِّكَاح واضرِبوا عَلَيْهِ بالغربالِ) . عَنَى بالغربالِ الدُّفَّ، شُبِّه الغربال بِهِ.
برغل: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: البَرَاغِيلُ: الْبِلَاد الَّتِي بَين الرِّيف والبَرِّ مثل الْقَادِسِيَّة والأنبار، وَاحِدهَا بِرْغِيلٌ، وَهِي المزالِفُ أَيْضا.
غنذي: وَقَالَ ابْن الْفرج: سَمِعت الضبابِي يَقُول: إِن فُلَانَة لَتُغْنذِي بِالنَّاسِ وتُعَنْذي بهم أَي: تُغرِي بهم، وَقطع الله عَنْك عَنْذَاتها، أَي: إغراءَها.
بغبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُغبُورُ: الْحجر الَّذِي يذبحُ عَلَيْهِ القُربان للصَّنم، والبُغبُورُ: ملك الصين.
(بَاب) خماسي الْغَيْن
غضنفر: الغضَنْفَرُ وَهُوَ الْأسد، ورجلٌ غَضَنْفَرٌ؛ إِذا كَانَ غليظاً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أُذُنٌ غَضَنْفَرَةٌ، وَهِي الَّتِي غلظت وَكثر لَحمهَا، حَكَاهُ عَنهُ الأثرمُ.
وَقَالَ الْمفضل: الغضَنْفَرُ من الرِّجَال: الغليظ، وَأنْشد:
لَهُم سيدٌ لم يرفع الله ذِكره
أزَبُّ غُضون الساعدين غَضَنْفَر
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الغَضَنْفَر: الغليظ المُتَغصِّن، وَأنْشد:
/ دِرْحايةٌ كوأْلَلٌ غَضَنْفَر
ضبغطر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الضَبَغْطَرى: مَا حَملته على رَأسك وَجعلت يَديك فَوْقه لِئَلَّا يَقع، والضَّبَغطَرى أَيْضا: اللعينُ الَّذِي يُنصب فِي الزَّرْع يُفَزَّعُ بِهِ الطير.
ظربغن: قَالَ: وَأَخْبرنِي عَمْرو عَن أبي عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الظَّرَبغانَةُ بالظاء والغين: الحيَّة.
آخر حرف الْغَيْن وَللَّه المنَّة

(8/202)