تهذيب اللغة

هَذَا كتاب حرف الْقَاف من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف
قَالَ اللَّيْث بن المظفَّر قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الخليلُ بن أحمدَ: القافُ والكافُ تألِيفهُما معقومٌ فِي بِنَاء العربيةِ لقربِ مخرجيهما إلاّ أنْ تَجيء كلمة من كَلَام العجمِ مُعرَّبة، قَالَ: والقافُ والجيمُ كيفَ قُلبتَا لم يحسن تأليفُهما إِلَّا بِفصل لَازم، وَقد جاءتْ كلماتٌ معرَّباتٌ فِي العربيةِ ليستْ منهَا، وسأبين ذلكَ فِي حدّه.

(بَاب الْقَاف وَالْجِيم)
ق ج)
جق: قلتُ: وَقد روى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ:
الجِقَّةُ: الناقَةُ الهرمةُ.

(بَاب الْقَاف والشين)
ق ش
قَشّ شقّ: مستعملان.
قَشّ: قَالَ اللَّيْث: القَشُّ: تَطَلُّبُ الأكلِ من هَا هُنا وَهَا هُنَا، وَكَذَلِكَ التَّقْشِيشُ والاقْتشاشُ، والاسمُ من ذلكَ القَشِيشُ والْقُشاشُ، والنعتُ: قَشَّاشٌ وقَشُوشٌ، قَالَ: والقِشَّةُ: الصَّبية الصّغيرةِ الجُبة الَّتِي لَا تكَاد تنبتُ، يُقَال: إِنَّمَا هِيَ قِشَّةٌ.
وَيُقَال: بل القِشَّةُ دَوَيْبَّةٌ تُشبِهُ الجُعلَ، قَالَ: والقَشْقشَةُ: يُحْكَى بِهِ الصوتُ قبلَ الهديرِ فِي مخضِ الشقْشِقَةِ قبلَ أَن يَزْغَدَ بالهدير، قَالَ: وصُوفَةُ الهِنَاءِ إذَا عَلِقَ بهَا الهناءُ ودُلكَ بهَا البعيرُ: وألقيتْ فهيَ قِشَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال لِلقِرْدِ قِشَّةٌ إِذا كانتْ أُنْثَى، قَالَه أَبُو زيد، والذَّكَرُ رُبَّاحٌ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وَقَالَ أَبُو زيد: قَشَّ القومُ يَقُشُّون قُشُوشاً إِذا حَيُّوا بعدَ هُزال وأقَشُّوا إقْشَاشاً إِذا انْطَلَقُوا فجفلوا، قَالَ: وَلَا يُقَال ذلكَ إلاَّ للْجَمِيع فَقَط.
قشقش: وَفِي الحَدِيث: (كَانَ يُقَال لسورتي قل هُوَ الله أحدٌ وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ

(8/203)


المُقَشْقِشَتَان) ، سُمِّيتا مُقَشْقِشَتَيْن لِأَنَّهُمَا تُبرئان من الشِّرك كَمَا يبرأ الْمَرِيض من مَرضه.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: إِذا برأَ الرجل من عِلَّتهِ قيل قد تَقَشْقَشْ.
وَالْعرب تَقول للرَّاتع الَّذِي يلقطُ الشَّيْء الحقير من الطَّرِيق فيأكله: قَشَّاشٌ ورمامٌ، وَقد قَشَّ يَقُشُّ قَشاً، ورمَّ يَرُمُّ رَماً.
قلت: وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي القَشْقَشَةِ أَنه الصَّوْت قبل الهدير فَهُوَ الكَشْكَشَةُ بِالْكَاف وَهُوَ الكشيشُ، وَقد كشَّ البَكْرُ يكشُّ كشيشاً.
وَقَالَ رؤبة:
هدرتُ هدْراً لَيْسَ بالكشيشِ
فَإِذا ارْتَفع عَن ذَلِك قَلِيلا فَهُوَ الكَتيت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: القشُّ الدَّمالُ من التَّمر، والقشُّ أكلُ كِسَرِ السؤَال، والقشُّ أكل مَا على المزابِلِ مِمَّا يُلقيه النَّاس.
شقّ: قَالَ اللَّيْث: الشِقْشِقَةُ: لهاةُ الجملِ الْعَرَبِيّ، وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا للعربيِّ من الْإِبِل وَجَمعهَا الشَّقاشِقُ.
وَرُوِيَ عَن عليَ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: (إِن كثيرا من الخُطب من شَقَاشِقِ الشَّيطان) .
قلت: شبَّه الَّذِي يَتَفَيْهَقُ فِي كَلَامه ويسرده سرداً وَلَا يُبالي أصَاب أم أَخطَأ وَصدق أم كذب بالشيطان الَّذِي أَسخط ربه وأغوى من اتَّبعه.
وَالْعرب تَقول للخطيب الجهير الصَّوْت الماهر بالْكلَام: هُوَ أهرتُ الشِّقْشِقَةِ وهريتُ الشِّدق.
وَمِنْه قَول ابْن مُقبلٍ يذكر قوما بالخطابة:
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظلاَّمون للجزُرِ
وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول للشِّقْشِة شِمْشِقَةٌ، وَقد حَكَاهُ شمر عَنْهُم أَيْضا.
وَقَالَ النَّضر: الشِّقْشِقَةُ جلدَة فِي حلق الْجمل الْعَرَبِيّ ينفخُ فِيهَا الرِّيحُ فتنتفخُ فيهدر فِيهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّقُّ مصدر قَوْلك شَقَقْتُ والشقُّ: اسمٌ لما نظرتَ إِلَيْهِ، والجميع الشُّقُوقُ.
قَالَ: والشُّقاقُ تَشَققُ الْجلد من بردٍ أَو غَيره فِي الْيَدَيْنِ وَالْوَجْه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الشَّقاقُ فِي الرِّجل واليَد من بدن الْإِنْسَان وَالْحَيَوَان، وَأما الشَّقُوقُ فَهِيَ الصدوعُ فِي الْجبَال وَالْأَرضين وَغَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّقُّ: الْمَشَقَّة فِي السّير وَالْعَمَل، والشِّقُّ الْجَانِب، والشِّقُّ الشقيقُ، تَقول: هَذَا أخي وشِقُّ نَفسِي.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلَّ وعزَّ: {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} (النَّحْل: 7) ، أَكثر

(8/204)


الْقُرَّاء على كسر الشين، قَالَ: وَمَعْنَاهُ: إِلَّا بِجَهْدِ الْأَنْفس، وَكَأَنَّهُ اسْم وَكَأن الشَّقَّ فعلٌ. قَالَ: وَقَرَأَ بَعضهم (إلاَّ بِشَقِّ الأنفُس) .
قَالَ الْفراء: وَيجوز فِي قَوْله: {إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} أَن تذْهب إِلَى أَن الْجهد ينقص من قُوَّة الرجل وَنَفسه حَتَّى يَجعله قد ذهب بِالنِّصْفِ من قوته فَيكون الْكسر على أَنه كالنصف.
وَالْعرب تَقول: خُذ هَذَا الشِّقَّ لِشِقَّةِ الشاةِ، وَيُقَال: المَال بيني وَبَيْنك شَقُّ الشعرةِ وشِقُّ الشعرة، وهما متقاربان، فَإِذا قَالُوا شَقَقْتُ عَلَيْك شقاً نصبوا، وَلم نسْمع غَيره.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَقَّ عليَّ ذاكَ الْأَمر مَشقَّةً، أَي: ثَقُلَ عليَّ.
قلت: وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَوْلَا أَن أشُقَّ على أُمتي لأمرتهم بالسِّواك عِنْد كلّ صلاةٍ) . الْمَعْنى: لَوْلَا أَن أُثقِّلَ على أُمتي.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، قَالَ: الشِّقُّ: المشَقَّةُ، والشِّقُّ: نصف الشَّيْء، والشَّقُّ: الصدعُ فِي عُودٍ أَو حَائِط أَو زجاجة.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّقّةُ: شظية تُشقُّ من لوحٍ أَو خشبةٍ، وَيُقَال للْإنْسَان عِنْد الْغَضَب: احتَدَّ فطارت مِنْهُ شِقَّةٌ فِي الأَرْض، وشِقّةٌ فِي السَّمَاء، والشُّقَّةُ مَعْرُوفَة فِي الثِّيَاب، والشُّقَّةُ بعد مسير إِلَى الأَرْض الْبَعِيدَة، يُقَال: شُقّةٌ شاقَّةٌ، قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَلَاكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ} (التَّوْبَة: 42) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ} (الْحَج: 53) ، قَالَ: الشِّقاقُ الْعَدَاوَة بَين فَرِيقين، والْخِلافُ بَين اثْنَيْنِ، يُسمَّى ذَلِك شِقاقاً لِأَن كل فريقٍ من فِرقتي الْعَدَاوَة قَصَد شِقّاً أَي: نَاحيَة غير شِقِّ صاحبِهِ، وَأما قَوْلهم: شَقَّ الْخَوَارِج عصَا الْمُسلمين فمعنَاهُ: أَنهم فَرَّقوا جماعَتْهُمْ وكلِمَتهُمْ، وَهُوَ من الشَّقِّ الَّذِي معنَاه الصَّدْع.
وَقَالَ اللَّيْث: الخارجيُّ يَشُقُّ عصَا الْمُسلمين ويُشاقُّهم خِلافاً، قلت: جعل شَقّةُ العَصَا والمُشَاقَّةَ واحِداً، وهما مُخْتَلِفَانِ عَلَى مَا جرى من تَفْسِيرِهمَا آنِفا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: انْشَقَّتْ عصَاهُمْ بعد الْتِآمِها: إِذا تفرَّقَ أمرهُمْ، قَالَ: والاشْتِقاقُ: الأخذُ فِي الْخُصُومَات يَميناً وشِمالاً مَعَ تَرْكِ الْقَصْدِ، وَفرس أشَقُّ، وَقد اشْتَقَّ فِي عدوِهِ كأنّه يَميلُ فِي أَحَدِ شِقّيْهِ، وَأنْشد:
وتَبَارَيتُ كمَا يَمشي الأشَقّ
قلت: فرَسٌ أشَقُّ لَهُ مَعْنيان.
فَأَما الْأَصْمَعِي فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عبيد: الأشَقُّ الطويلُ قَالَ: وسمِعتُ عُقْبَةَ بن رُؤبَة يصف فرَساً فَقَالَ: أشَقُّ أَمَقُّ

(8/205)


خِبَقٌّ، فَجعله كلّهُ طولا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس: الأشَقُّ من الْخَيل: الواسعُ مَا بَين الرجْلين، قَالَ: والشّقّاء المقّاءُ من الْخَيل الواسعة الأرْفاغ، وَسمعت أعرابيةً تُسَابُّ أمة فَقَالَت لَهَا: يَا شَقّاءُ يَا مَقَّاءُ فسألتُها عَن تفْسِيرهما فَأَشَارَتْ إِلَى سَعَةِ مَشَقِّ جَهَازِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الشَّقِيقَةُ: صُدَاعٌ يأخذُ فِي نصف الرأْس وَالْوَجْه، قَالَ: والشّقِيقَةُ الفُرجَة بَين الرمال تُنْبتُ العُشبَ وَجَمعهَا الشّقَائقُ، قَالَ: ونَوْرٌ أَحْمَر يُسمى شقائق النُّعمانِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الشّقيقَةُ قطعٌ غِلاظٌ بَين كلّ حَبْليْ رَمْلٍ، قلت: وَهَكَذَا فسَّرُهُ لي أعرابيّ وسمعْتُه يَقُول وَهُوَ يَصِف الدَّهْنَاء فَقَالَ: هِيَ سبعةُ أحبُلٍ بَين كلّ حَبْلين شَقِيقةٌ، وعرضُ كلّ حبلٍ ميلٌ وَكَذَلِكَ عرضُ كل شَقِيقَةٍ قَالَ: وَأما قَدْرُها فِي الطول فَمَا بَين يَبْرَينَ إِلَى ينْسوعةِ القُفِّ فَهُوَ قدرُ خمسين مِيلاً، وَأما شقائق النُّعمان فقد قيل: إِن النُّعْمَان بن المُنذرِ نَزَل شَقائقَ رملٍ قد أنْبتتِ الشّقِرَ الْأَحْمَر فاسْتَحسنها وأمرَ أَن تُحْمَى لَهُ لِيتنزَّهَ إِلَيْهَا فَقيل لِلشّقِرِ شقائقُ النُّعمانِ بِمنْبَتِها لَا أنّها اسمٌ لِلشّقرِ، وَقَالَ بَعضهم: النُّعمانُ الدَّمُ فشبِّهتْ حُمْرَتها بِحُمْرةِ الدَّمِ، قلت: والشّقائق أَيْضا سحائب تَبَعَّجُ بالأمطار الغَدِقَة. قَالَ الهذليُّ:
فَقُلتُ لَهُم مَا نُعم إلاّ كَرَوضَةٍ
دَمِيثِ الرُّبا جَادَتْ عَلَيْهَا الشقائقُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: تَشَقَّقَ الْفرس تَشَقُّقاً إِذا ضمر وَأنْشد:
وبِالْجلالِ بعدَ ذَاكَ يُعْلَينَ
حتَّى تَشَقّقْنَ ولَمّا يَشْقَين
وَفِي الحَدِيث: أنّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن سحائِبَ مرت وَعَن بَرْقهَا فَقَالَ: (أَخَفواً أمْ ومِيضاً أم يَشُقُّ شَقّاً) فَقَالُوا: بل يَشُقُّ شَقّاً، فَقَالَ: (أتاكُمُ الْحَيَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: معنى: يَشُقُّ شَقّاً هُوَ الْبَرْق الَّذِي نرَاهُ مستطيلاً إِلَى وسط السَّماءِ وَلَيْسَ لَهُ اعتراضٌ.
وَفِي حَدِيث أمِّ زَرعٍ: (وجَدَني فِي أهْلِ غُنَيْمَة بِشقِّ) قيلَ: شِقٌ مَوْضعٌ بعيْنِهِ هَا هُنا.
وَفِي الحَدِيث: (فلمّا شَقَّ الفَجْرانِ أمَرَ بِإِقَامَة الصَّلاةِ) أَي: طَلَعَ الفَجْرَانِ، وَيُقَال: شَقَّ الصُّبحُ يَشُقُّ شَقّاً، إِذا طلَعَ، وشَقَّ نابُ البَعير وَشَقا بِمَعْنى وَاحِد إِذا فَطرَ نابُه، وَأهل الْعرَاق يَقُولون للْمُطَرْمِذِ الصّلِفِ شَقَّاق وَلَيْسَ من كلامِ العربِ وَلَا يَعْرِفُونَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: شَقَّ بصَرُ الميِّتِ وَلَا يُقَال: شَقَّ الميِّتُ بَصَرَهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابي: قَالَ: الشّقَقَةُ: الأَعْداءُ.

(8/206)


وَقَالَ أَبُو سعيد: رَأَيْت شَقِيقَة الْبَرْقِ وعَقِيقتَه، وَهُوَ مَا اسْتَطار مِنْهُ فِي الأُفقِ وانتشر، وَالله أعْلَمُ.

(بَاب الْقَاف وَالضَّاد)
ق ض
قض: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قَضَّ اللَّحمُ إِذا كَانَ فِيهِ قَضَضٌ يَقع فِي أضراسِ آكلهِ شِبْهُ الْحَصَى الصِّغارِ، وأرضٌ قَضّةٌ ذاتُ حَصًّى وَأنْشد:
تُثِيرُ الدَّواجِنَ فِي قَضَّةٍ
عِرَاقيَّةٍ وسْطَهَا الغَضْوَرُ
قَالَ: وَيُقَال: قَضَّ وأقَضَّ إِذا لم يَنمْ نَومه وَكَانَ فِي مَضجعهِ خُشْنةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: قَضَضْنَا عَلَيْهِم، الخيلَ فانقضَّتْ عَلَيْهِم، وانقضَّ الْحَائِط أَي وَقع، وانقضَّ الطائرُ إِذا هَوَى من طَيرانهِ لِيسقط على شيءٍ وَأنْشد:
قَضُّوا غِضاباً عَليكَ الخَيْلَ من كَثب
وَقَول الله جلّ وَعز: {جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ} (الْكَهْف: 77) ، أَي: يَنكَسِرَ.
يُقَال: قَضضْنَا عَلَيْهِم الْخَيل فانقضت عَلَيْهِم، وقَضضْتُ الشيءَ إِذا دَقَقْتهُ وَمِنْه قيل للْحَصَى الصِّغارِ قَضَضٌ.
وَيُقَال: اتَّقِ القِضَّةَ والقضضَ فِي طعامِكَ يُريدُ الْحَصَى والتُّرابَ.
وَيُقَال: أقَضَّ عَلَى فُلانٍ مَضجَعُهُ إِذا لم يَطْمَئِنَّ بِهِ النَّومُ.
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
أم مَا لِجَنْبِكَ لَا يُلائمُ مَضْجَعاً
إلاّ أَقَضَّ عَلَيْهِ ذاكَ المَضْجَعُ
وَقَالَ الْفراء: قَضضْتُ السَّويقَ وأقْضضْتُه إِذا ألقيتَ فِيهِ سُكَّراً يَابسا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: دِرْعٌ قَضَّاء إِذا كَانَت خَشِنَة المَسِّ لم تَنْسَحِق.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ أَبُو عَمْرو: القَضَّاء من الدُّروعِ الَّتِي فُرِغَ من عَمَلِهَا، وَقد قَضَيْتُها.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيْبٍ:
وتَعَاوَرا مَسْرودَتيْنِ قَضاهُما
دَاودُ أَو صَنَعُ السّوابغ تُبَّعُ
قلت: جعل أَبُو عَمْرو القَضَّاءَ فَعَّالاً من قضى إِذا أحكم وفرغَ، والصوابُ مَا قَالَ الْأَصْمَعِي فِي تَفْسِيرهَا، وقَضَّاء عَلَى قَوْله فَعْلاء غير منصرف من القَضِّ، وَمِنْه قَول النابغةِ:
ونَسْجُ سُليمٍ كلَّ قَضَّاءَ ذائل
وَقَالَ شمر نَحوه: القَضَّاءُ من الدروع: الحديثة العهدِ بالجِدّة الخشنة المَسِّ، من قَوْلك: أقض عَلَيْهِ الْفراش.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله: كل قَضَاء ذائل، أَرَادَ كل دِرْعٍ حَدِيثَة الْعَهْد بالعملِ.
قَالَ: وَيُقَال: الْقَضَاء الصُّلْبةُ الَّتِي لم تملاسّ كَأَن فِي مَجَسَّتِهَا قَضّةٌ.

(8/207)


قَالَ: وقَضَّ اللؤلؤة: إِذا ثقبها، وَمِنْه: قِضّة العَذْرَاءِ إِذا فُرغَ مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: أقَضَّ الرجل إِذا تَتَبَّعَ مَداقَّ المطامع.
وَقَالَ رؤبةُ:
مَا كنتَ من تَكَرُّمِ الأعراضِ
والخُلُقِ العَفِّ عَن الإقضاضِ
قَالَ: ولَحْمٌ قَضّ وطعامٌ قَضٌّ وَأنْشد:
وأَنتمْ أكلتُمْ لَحْمَه ترباً قَضّا
وَيُقَال: جَاءَ بَنو فُلانٍ قضَّهُمْ بقضيضهم إِذا جَاءُوا بجماعتهم لم يخلفوا شَيْئا وَلَا أحدا.
وَيُقَال أَيْضا: جَاءُوا بِقضهم وقضيضهم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب جَاءَ بالْقَضِّ والقضيضِ مَعْنَاهُ: جَاءَ بالكبير وَالصَّغِير فالقَضُّ الحَصَى، والقضيضُ مَا تَكسَّرَ مِنْهُ وَدَقَّ.
وَقَالَ أَبُو بكر: القضّاء من الْإِبِل مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين، والقَضَّاء من النَّاس الجلَّةُ وَإِن كَانَ لَا حَسَبَ لهمْ، ودِرْعٌ قَضَّاء خَشِنَةُ المَسِّ من جِدَّتِها كالقضيضِ وَهُوَ الحَصَى الصِّغارُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَضَّاء المَسْمُورَةُ، ونراه من قَوْلهم: قَضَّ الْجَوْهَرَة إِذا ثَقَبَها وَأنْشد:
كَأَن حصاناً قضَّها الْقَيْن حُرَّة
لَدَى حَيْثُ يلقِي بالفناءِ حَصيرها
ويروى فَضَّها القينُ، والقَيْنُ الغَوّاصُ، والحصان الدُّرَّةُ.
وَيُقَال: انقضَّ الْبَازِي على أثر الصَّيْد وتَقضّضَ إِذا أسْرع فِي طَيرَانهِ مُنْكَدراً عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا تَقَضَّى يَتقضَّى، وَالْأَصْل تَقضَّض فَلَمَّا اجْتمعت ثلاثُ ضادَاتٍ قلبت إحْداهنّ يَاء كَمَا قَالَ:
تَقَضِّيَ الْبَازِي إِذا الْبَازِي كسر
وَقَالَ شمر: القَضَّانَةُ: الْجَبَل يكون أطباقاً وَأنْشد:
كَأَنَّمَا قرع ألحيها إِذا وَجَفَتْ
قرعُ المعاولِ فِي قَضَّانةٍ قلعِ
قَالَ: والقلع: المشرف مِنْهُ كالقلعةِ، قلت: كَأَنَّهُ من قَضضْتُ الشيءِ إِذا دَقَقْتُهُ، وَهُوَ فعلانَة مِنْهُ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : القِضَّةُ: الوسْمُ.
وَقَالَ الراجز:
مَعْروفَةٌ قِضَّتها رُعْن الْهامْ
والقضَّة بِفَتْحِ القافِ، الفضَّةُ وهيَ الحجارَة المجتمعةُ المتَشقّقَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَضقضَةُ كَسْرُ الْعِظَام والأعضاء، وأسدٌ قَضْقاضٌ يُقضقِضُ فريسَتَهُ.
وَقَالَ رُؤبة:

(8/208)


كم جاوزتْ من حَيَّةٍ نَضناضٍ
وأَسَدٍ فِي غِيلهِ قَضقاضِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَضقضَ الشيءَ إِذا كَسره ودقَّهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِضَةُ أرضٌ منخفضةٌ تُرابُها رملٌ وَإِلَى جَانبها مَتنٌ مرتفعٌ وجمعُها القِضُون.
قلتُ: القِضَة بتخفيفِ الضادِ لَيست منْ حدِّ المضاعَفِ، وَهِي شَجَرةٌ من شَجَرِ الحمضِ مَعْرُوفَة.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: القِضَة نبْتٌ، يجمَعُ القضينَ والقِضون، وَإِذا جمعتَه على مِثَال البُرَى قلتَ القِضَى.
وَأنْشد الفرَّاء:
بسَاقَيْنِ ساقَيْ ذِي قِضِين تحشُّه
بأَعوَادِ رَنْدٍ أَوْ أَلاَوِيَةٍ شَقْرَا
وَأما الأرضُ الَّتِي تُرابَها رملٌ فَهِيَ قِضَّةٌ بتَشْديد الضَّاد وجمعُها قِضّاتٌ، وَأما القضقَاضُ فَهُوَ من شَجَرِ الحمضِ معروفٌ وَيُقَال: إِنَّه أشنانُ أهلِ الشَّام.
وَقَالَ ابْن دُريد: قِضّةُ موضعٌ مَعْرُوف كَانَت فِيهِ وَقْعةٌ بَين بكرٍ وتغلِبَ تسمّى يومَ قِضّة، الضَّاد مشدَّدةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَضيضُ: أَن تسمعَ منَ الوَتر أَو النِّسْع صوْتاً كَأَنَّهُ قَطعٌ والفعلُ قضَّ يقَضُّ قَضيضاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: قِضْ خفيفَةٌ حِكَايَة صوتِ الرُّكبة إِذا صاتَتْ، يُقَال: قَالَت ركبتُه قِض، وَأنْشد:
وقولُ ركبتِها قِضْ حينَ تثنيها
أَبُو زيد: انقضّ الجدَارُ انقِضاضاً وانقاض انقِياضاً إِذا تَصدَّع من غيرِ أَن يَسْقُطَ فَإِذا سقَط قيل: تقيّضَ تقَيُّضاً.
وَقَالَ شمر: يُقَال: قَضضْتُ جنبَه منْ صُلبه أَي: قَطعْتُه، والذئبُ يُقضقِضُ الْعِظَام.
وَقَالَ أَبُو زبيد:
فقَضقَضَ بالنَّابينِ قُلّة رأسِه
ودقَّ صلِيفَ العُنْقِ والعُنقُ أصعَرُ
وَقَالَ شمر فِي الحَدِيث: أَن بعضَهم قَالَ: (لَو أنَّ رجلا انفَضَّ انفضاضاً ممّا صُنِعَ بِابْن عَفَّان لَحَقَّ لَهُ أنْ ينفضّ) .
قَالَ شمر: انفَضَّ بِالْفَاءِ: انقطَعَ، وَقد انفضّتْ أوْصالُه إِذا انقطعتْ وتفرقتْ.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: فَضَّ اللَّهُ فالأبعدِ وفضَّضَهُ، والفضُّ أَن تُكسَرَ أسنانَه.
قَالَ: ويُرْوَى بيتُ الكمَيت:
يَفُضُّ أصولَ النَّخْلِ من نجوَاتِه
بِالْفَاءِ والقافِ أَي: يقطعُ ويرمى بِهِ.

(بَاب الْقَاف وَالصَّاد)
ق ص
قصّ: قَالَ اللَّيْث: القصُّ هُوَ المُشاشُ

(8/209)


المغروزُ فِيهِ أطرافُ شراسِيفِ الأضلاع فِي وسط الصدرِ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال فِي مَثَلٍ: هُوَ ألزمُ لكَ من شُعَيراتِ قَصّك، وَذَلِكَ أَنَّهَا كلما جُزَّتْ نبتتْ، وَأنْشد هوَ أَو غيرُه:
كم قَدْ تمَشَّشْتَ مِن قَصَ وإنفحة
جاءتْ إليكَ بِذَاكَ الأَضؤُن السُّودُ
ورُوي عَن صفوانَ بن محرزٍ أَنه كَانَ إِذا قرأَ: {ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ الَّذِينَ} (الشُّعَرَاء: 227) ، بَكَى حَتَّى نقولَ قد انْدَقَّ قَصَصُ زَوْره وَهُوَ مَنْبتُ شَعرهِ على صدرهِ، ويقالُ لَهُ: القصصُ والقَصُّ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: القصُّ أَخذ الشّعَر بالمِقَصِّ قلت: أصل القصِّ القطعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: قصصتُ مَا بَينهمَا أَي: قطَعتُ.
قَالَ: والمِقصُّ مَا قصصت بِهِ أَي: قطعتَ بِهِ.
قلتُ: والقِصاصُ فِي الْجراح مأخوذٌ من هَذَا إِذا اقتصَّ لَهُ مِنْهُ يجرَحُه مثلَ جرحِه إياهُ أَو قتَله بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِصاصُ والتَّقَاصُّ فِي الجراحاتِ والحقوق شيءٌ بِشَيْء؛ وَقد اقْتصّ من فلانٍ، والاستقْصاصُ أَن يطلُبَ أَن يُقصَّ مِمَّن جرحهُ، وَقد أَقصصتُ فلَانا من فلانٍ أقِصُّه إقصاصاً وأمْثَلْته إمثالاً فاقتَصّ مِنْهُ وامتثل.
قَالَ: والقُصة تتخذُها المرأةُ فِي مُقَدَّم رَأسها تقُص ناحيَتيها عدا جَبينها، وقُصاصة الشَّعَر نهايةُ مَنْبتِه من مُقدَّم الرَّأْس، وَيُقَال: هُوَ مَا استدارَ بِهِ كُله من خَلفٍ وأمامٍ وَمَا حواليهِ، ويقالُ: قَصاصةُ الشَّعَر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضربه على قصاص شعره ومقصِّ شعره ومقاصِّ.
وَقَالَ شمر: يقالُ: قُصاصُ شَعرِه وقَصاصُ: أيْ: حيثُ يَنْتَهِي منْ مقدَّمه ومؤخّره.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: ضربهُ على قُصاصِ شَعره وقِصاص شعرهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القصيصُ نبتٌ ينبتُ فِي أصُولِ الكمْأةِ.
قَالَ: وَقد يُجعَلُ القصيصُ غِسْلاً للرأس كالخَطْميِّ.
وَأنْشد:
جَنَيتُه من مُجتَنى عَوِيص
من مَنبِتِ الأَجردِ والقصيص
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القصيصةُ نبتٌ يخرج إِلَى جانبِ الكمْأَةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القصُّ فعلُ القاصِّ، إِذا قصَّ القصَصَ والقِصّة معرُوفةٌ، وَيُقَال فِي رَأسِه قِصةٌ يَعْنِي الجُملةَ من الْكَلَام، وَنَحْوه قَول الله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (يُوسُف: 3) .

(8/210)


قولُه: {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} : أَي: أحسنَ الْبَيَان، والقاصُّ الَّذِي يَأْتِي بالقصة مِن فصها يُقَال: قصصتُ الشَّيْء إِذا تَتَبعتُ أثَرَه شَيْئا بعد شَيْء.
وَمِنْه قَوْله: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (الْقَصَص: 11) ، أَي: اتبعِي أَثره.
وَقَوله: {فَارْتَدَّا عَلَىءَاثَارِهِمَا قَصَصًا} (الْكَهْف: 64) ، أَي: رَجعا مِنَ الطَّرِيق الَّذِي سَلكاه فيقصّان الْأَثر.
قلت: أصل القَصِّ: اتِّباع الْأَثر، يُقَال: خرج فلانٌ قَصَصاً فِي إِثْر فلانٍ وقصّاً. وَذَلِكَ إِذا اقتَصَّ أَثَره، وَقيل: للقاصِّ يَقُصُّ القَصص لاتباعه خَبرا بعد خبرٍ وسوقهِ الْكَلَام سوقاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقَصَّصْتُ كَلَام فلَان، أَي: حفظته.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للشَّاةِ: إِذا استبان وَلَدهَا قد أقصَّتْ فَهِيَ مُقِصٌّ.
وَقَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة وَغَيرهمَا: أقصَّتِ الفرسُ فَهِيَ مُقِصٌّ إِذا حملت، وَلم أسمعهُ فِي الشَّاءِ لغير اللَّيْث.
ابْن الْأَعرَابِي: لَقَحتِ النَّاقة وحملَت الشاةُ وأقصَّتِ الفرسُ إِذا استبان حملهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصْقاصُ نعتٌ من صَوت الْأسد فِي لُغةٍ. قَالَ: والقَصْقَاصُ أَيْضا نعتٌ للحيَّة الخبيثة.
قَالَ: وَلم يَجِيء بناءٌ على وزن فعلالٍ غَيره، إِنَّمَا حَدُّ أبنية المضاعف على زِنة فُعْلُل أَو فُعلولٍ أَو فِعْلِلٍ أَو فِعْلِيلٍ مَعَ كل مقصورٍ مَمْدُود مثله، وَجَاءَت خمس كَلِمَات شواذَّ وَهِي: ضُلَضِلَةٌ وزَلَزِلَ وقَصْقاصٌ والقَلَنْقَلُ والزِّلزَالُ، وَهُوَ أعمُّها لِأَن مصدر الرباعي يحْتَمل أَن يُبنى كُله على فِعلالٍ وَلَيْسَ بمطردٍ، وكل نعتٍ رباعيَ فَإِن الشُّعَرَاء يبتنونه على فُعالِل مثل قُصاقِص، كَقَوْل الشَّاعِر الْقَائِل فِي وصف بيتٍ مصوَّر بأنواع التصاوير:
فِيهِ الغُواةُ مُصَوَّرُو
ن فحاجلٌ مِنْهُم وراقِصْ
والفيلُ يرتكبُ الرّدا
ف عَلَيْهِ والأسد القُصاقِصْ
قَالَ: وقُصاقِصَةُ موضعٌ ورجلٌ قَصْقَصَةٌ وقُصاقِصٌ إِذا كَانَ قَصِيرا، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا كَانَ فِي الرَّجل قِصرٌ وغلظٌ مَعَ شدَّة فَهُوَ قُصْقُصَةٌ وقُصاقِصٌ.
وَأما مَا قَالَه اللَّيْث فِي القَصْقَاص بِمَعْنى صَوت الْأسد ونعت الحيَّة الخبيثة فَإِنِّي لم أَجِدهُ لغير اللَّيْث وَهُوَ شاذٌّ إِن صحَّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للزَّامِلةِ الضعيفة: قَصِيصَةٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أقَصَّتْهُ شَعوب إقصاصاً، إِذا أشرف عَلَيْهَا ثمَّ نجا.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ

(8/211)


قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (الْقَصَص: 11) مَعْنَاهُ: اتبعي أَثَره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ضربه ضربا أقَصَّهُ من الْمَوْت، أَي: أدناه من الْمَوْت حَتَّى أشرف عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَقْصِيصِ القُبور) .
قَالَ أَبُو عبيد: التَّقْصِيصُ هُوَ التَّجْصيص وَذَلِكَ أَن الجصَّ يُقَال لَهُ: القَصَّةُ، يُقَال: قَصَّصْتُ الْبَيْت وَغَيره إِذا جَصَّصْتَهُ.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت للنِّسَاء لَا تغتسلن من الْمَحِيض حَتَّى تَرَين القَصَّة الْبَيْضَاء.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: أَن تخرج القُطنة أَو الْخِرْقَة الَّتِي تحتشي بهَا الْمَرْأَة كَأَنَّهَا قَصَّةٌ لَا يخالطها صفرةٌ وَلَا تريَّةٌ.
قَالَ: وَقد قيل: إِن القَصَّة شيءٌ كالخيط الْأَبْيَض يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله، وَأما التَّريّة فالخفيُّ الْيَسِير وَهُوَ أقل من الصُّفْرَة.
أَبُو مَالك: أسدٌ قُصاقِصٌ ومُصامِصٌ وفُرَافِصٌ: شديدٌ، ورجلٌ قُصاقِصٌ فُرافِصٌ يُشَبّهُ بالأسد.

(بَاب الْقَاف وَالسِّين)
ق س
(قسّ سقّ: مستعملان) .
قس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: القُسُسُ: العقلاءُ، والقُسُسُ: السَّاقة الحُذَّاق.
وَقَالَ اللَّيْث: قسَّ يقُسُّ قساً وَهُوَ من النَّميمة وَذكر النَّاس بالغيبة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القَسُّ: تَتبُّع الشيءِ وَطَلَبه، يُقَال: قَسَسْتُ أقُسُّ قسّاً.
قَالَ رؤبة:
يُمْسِينَ من قَسِّ الْأَذَى غَوافلا
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للنَّمام قسَّاسٌ وقَتَّاتٌ وهمَّازٌ وغمازٌ ودراجٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: قَسٌّ: موضعٌ.
وَفِي حَدِيث عليّ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لُبسِ القسِّيِّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ عَاصِم بن كُلَيْب، وَهُوَ الَّذِي روى الحَدِيث، سَأَلنَا عَن القَسِّيِّ فَقيل: هِيَ ثيابٌ يُؤْتى بهَا من مصر فِيهَا حريرٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول نَحوا من ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأهل مصر يَقُولُونَ: القَسِّي بِالْفَتْح ينْسب إِلَى بِلَاد يُقَال لَهَا القَسُّ، وَقد رَأَيْت هَذِه الثِّيَاب.
وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: القَسِّيُّ: القَزِّيُّ أبدلت الزَّايُ سيناً.
وَأنْشد لِرَبِيعَة بن مَقْرُوم:
جعلنَ عتيقَ أنماطٍ خُدُوراً
وأظهرْنَ الكراديَ والعُهُونا

(8/212)


على الأحْدَاجِ واستشعرْنَ ريطاً
عراقياً وقَسِّياً مَصُونَا
وَقَالَ اللَّيْث: القَسْقَسُ: الدَّليلُ الْهَادِي، والمُتَفَقِّدُ الَّذِي لَا يغفلُ إِنَّمَا هُوَ تَلَفُّتاً وتَنَظُّراً، قَالَ: وليلةٌ قَسْقَاسَةٌ: شديدةُ الظُّلْمة.
قَالَ رؤبة:
كم جُبْنَ من بِيدٍ وليلٍ قَسْقَاسْ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، يُقَال: خِمْسٌ قَسْقاسٌ وحَصْحَاصٌ وصَبْصابٌ وبَصْبَاصٌ، كل هَذَا السيرُ الَّذِي لَيست فِيهِ وتيرةٌ، وَهِي الاضطرابُ والفُتُورُ، قلتُ ليلةٌ قَسْقَاسَةٌ: إِذا اشتدَّ السَّيْرُ فِيهَا إِلَى الماءِ، وَلَيْسَت من معنى الظُّلْمةِ فِي شَيْء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَرَبٌ قَسْقَسٌ، وَقد قسقس ليلَهُ أجمعَ إِذا لم يَنَمْ.
وَأنْشد:
إِذا حَدَاهُنَّ النَّجاء القِسْقِيس
وَقَالَ غَيره: القَسْقَاسُ: الجوعُ.
وَأنْشد:
أَتَانَا بِهِ القسقاسُ لَيْلًا ودونَهُ
جراثيمُ رمل بينهُنَّ قفاف
ابْن نجدة عَن أبي زيد يُقَال للعصا هِيَ القَسْقاسةُ والنَّسْناسةُ والقصيدةُ والقريةُ والقَفِيلُ والشَّطْبَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد وَالْكسَائِيّ: العَسُوسُ والقَسُوسُ جَمِيعًا النَّاقة الَّتِي تَرْعَى وَحدهَا، وَقد عَسَّتْ تَعُسُّ وقَسَّتْ تَقُسُّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: ناقةٌ عَسُوسٌ وقَسُوسٌ وضَروسٌ إِذا ضَجِرَتْ وساء خُلُقُها عِنْد الحلبِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَسُّ: صاحبُ الإبِلِ الَّذِي لَا يفارقها، وَأنْشد:
يَتْبَعُها تَرْعِيَّةٌ قَسٌّ ورِعْ
ترى برجليه شُقوقاً فِي كَلَعْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: ظَلَّ يَقُسُّ دَابَّته قساً: أَي يَسُوقُها.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قَسَسْتُ مَا على العظمِ أقُسُّهُ قسّاً إِذا أكلت مَا عَلَيْهِ من اللَّحْم وامْتَخخْتَهُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {ذالِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً} (الْمَائِدَة: 82) ، نزلت فِيمَن أسلم من النَّصَارَى.
وَيُقَال هُوَ: النجاشيُّ وَأَصْحَابه.
وَقَالَ الزَّجّاج: القَسُّ والقِسِّيسُ من رؤساءِ النَّصَارَى، فَأَما القَسُّ فِي اللُّغَة فالنميمةُ ونشرُ الحَدِيث، يُقَال: قسَّ الحديثَ يَقُسُّهُ قسّاً.
وَقَالَ الْفراء فِي كتاب (الجمعِ والتثنيةِ) يُجمعُ القسيسُ قسيسينَ كَمَا قَالَ الله جلّ وَعز، وَلوْ جَمَعْتَهُ قُسُوساً كانَ صَوَابا لِأَنَّهُمَا فِي معنى وَاحِد يَعني القَسَّ والقسيس.

(8/213)


قَالَ: ويُجْمَعُ القِسيسُ قساوِسَةً جمعوهُ على مِثَال مهالبةٍ فكثُرَتِ السِّيناتُ فأبدلوا إحداهُنَّ واواً وَرُبمَا شُدِّدَ الجمعُ وَلم يُشَدَّدْ واحدُه وَقد جَمَعَتِ العربُ الأُتون أتاتين، وَأنْشد لأمية:
لَو كانَ مُنْفَلِتٌ كَانَت قساوِسَةٌ
يُحْيِيهُمُ الله فِي أيديهمُ الزبرُ
قَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أسماءِ السُّيوفِ القُساسيُّ، وَلَا أَدْرِي إلامَ نسب.
وَقَالَ شمر: قُساسٌ يُقَال: إِنَّه معدنُ الْحَدِيد بإِرْمِينِيّةَ نُسِبَ السَّيْفُ إِلَيْهِ، وَيُقَال: تَقَسَّسْتُ أصواتَ الناسِ بالليلِ تَقَسُّساً، أَي: تسمَّعتها.
وَقَالَ اللَّيْث: مصدر القِسِّيس القُسُوسَةُ والقِسِيسِيّةُ.
سُقْ: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السُّقُقُ: المغتابون.
وروى أَبُو عُثْمَان النهديّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يجالسه إِذ سَقْسَقَ على رأسهِ عصفورٌ ثمَّ قَذَفَ خرْءَ بطنِهِ عَلَيْهِ فنكته بيدهِ قولُه: سَقْسَقَ أَي ذرقَ، يُقَال: سَقَّ وزقّ وسَجّ وتَزَّوَهَكَّ إِذا حذف بِهِ.
قَالَ الكاتبُ لَيْسَ قَوْله سَقْسَقَ بِمَعْنى ذَرَقَ عَرَضِيّاً من القولِ، إِنَّمَا سقسق هُوَ حكايةٌ لصوتِ العصفور فَكَأَنَّهُ صوّتَ على رأسهِ ثمَّ ذَرَقَ.
والْحَدِيث يدلُّ عَلَيْهِ وَذَاكَ قَوْله سقسق ثمَّ قذفَ خرءَ بَطْنِهِ، أَلا تراهُ قَالَ ثمَّ قذفَ خرءَ بطنهِ عَلَيْهِ.

(بَاب الْقَاف وَالزَّاي)
ق ز
(قزّ زقّ: مستعملان) .
قَز: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: القَزَزُ الرّجلُ الظريفُ المتوقِّي للعيوب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ قُزّازٌ: مُتَقَزِّزٌ من الْمعاصِي والمعايب لَيْسَ من الْكبر والتِّيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: قَزّ الْإِنْسَان يَقُزُّ قَزّاً إِذا قعد كالمُسْتَوْفِزِ ثمَّ انقبض ووثب.
قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: (إِن إِبْلِيس ليَقُزُّ القَزّةَ من المشرقِ فيبلغُ المغربَ) .
قلت: قَالَ القُتيبيُّ: قَزّ يَقُزُّ إِذا وثب.
وَقَالَ اللَّيْث: القَزُّ مَعْرُوف كلمة معربةٌ قلت: هُوَ الَّذِي يُسوّى مِنْهُ الإبريسم، وَقَالَ التَقَزُّزُ: التّنَطُّسُ.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال مَا فِي طَعَامه قَزٌّ وَلَا قَزازةٌ.
قَالَ: وَحكى أَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسِي: مَا فِي طَعَامه قَزٌّ أَي تَقَزُّزٌ.
وَقَالَ: يُقَال للرجلِ المُتَقَزِّزِ أَنه لَقَزٌّ ولَقِزٌّ قِنْزَهْوٌ ويُثَنَّيان ويُجمعانِ ويؤَنَّثان.
وَقَالَ أَبُو زيد: القَزازَةُ: الْحيَاء، يُقَال: هُوَ رجلٌ قَزٌّ من رجالٍ أقِزّاء.

(8/214)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ قَزٌّ وقُزٌّ وقِزٌّ وقُزَزٌ وَهُوَ المُتَقَزِّز من الْمعاصِي والمعايبِ لَيْسَ من الكبرِ والتِّيهِ.
وَقَالَ الليثُ: القاقُزَّةُ: مشربةٌ دون القَرْقارَةِ، وَيُقَال: إِنَّهَا معرّبةٌ وَلَيْسَ فِي كَلَام العربِ مِمَّا يفصلُ ألِفٌ بَين حرفين مثلين، مِمَّا يرجعُ إِلَى بناءِ قَقَزَ وَنَحْوه، وَأما بابل فَهُوَ اسمُ بلدةٍ، وَهُوَ اسمٌ خاصٌّ لَا يجْرِي مجْرى أسماءِ الْعَوام.
قَالَ: وَقد قَالَ بعضُ العربِ: قَازُوزَةٌ للقَاقُزَّةِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب مَا خالَفَتِ الْعَامَّة فِيهِ لُغاتِ العَرَبِ هِيَ قَاقُوزَةٌ وقازوزةٌ للَّتِي تسمى قَاقُزّةً.
وَقَالَ غَيره: القَاقُزانُ ثَغْرٌ بِقَزْوينٍ تهبُّ فِي ناحيته ريح شديدةٌ.
وَقَالَ الطرماح:
يَفجُّ الريحُ فَجّ القاقزان
زق: قَالَ اللَّيْث: الزَّقُّ مَصدرُ زَقَّ الطائرُ الفرْخَ زَقّاً إِذا غَزَّهُ غَزّاً.
قَالَ: والزُّقَاقُ طريقٌ نافذٌ وغيرُ نافذٍ ضَيِّقٌ دون السِّكَّة، والزَّقَّةُ، طيْرٌ صغيرٌ من طير المَاء يُمْكِن حَتَّى يَكاد يُقبَضُ عَلَيْهِ ثمَّ يغوصُ فيَخرج بَعيدا، والزِّقْزاقُ والزَّقزقةُ تَرْقِيص الصَّبِيّ.
وَقَالَ اللحْياني: كَبْشٌ مَزْقُوقٌ ومُزَقَّقٌ للَّذي يُسْلَخ من رأْسه إِلَى رجله، فإِذا سُلخ من رِجْله إِلَى رأسِه فَهُوَ مَرجولٌ.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الجِلْدُ المُرَجَّلُ الَّذِي يُسْلَخ من رِجْل وَاحِدَة، والْمُزَقَّق الَّذِي يُسلخ من قِبَل رَأسه وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: والزِّقُّ الجِلْدُ الَّذِي يُسَوَّى سِقاءً أَو وَطْباً أَو حَمِيتاً، والزَّقُّ رَمْيُ الطَّائِر بِذَرْقِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزَّقَقَةُ: المائِلُون بِرحماتِهم إِلَى صَنابيرِهم، وهُم الصِّبيان الصِّغار.
قَالَ: والزَّقَقَةُ أَيْضا: الصَّلاصِلُ الَّتِي تزُقُّ زُكَّها أَي فِراخَها، وهيَ الفَوَاخِتُ واحِدُها صُلْصُلٌ.

(بَاب الْقَاف والطاء)
ق ط
(قطّ طق: مستعملان) .
قطّ: قَالَ اللَّيْث: قَطْ، خَفِيفَة بِمَعْنى حَسْبُ، تَقول: قَطْكَ الشَّيْء، أَيْ حَسْبُكَهُ.
قَالَ: ومِثله قَدْ، قَالَ: وهُما لم يتمكّنَا فِي التصريف، فَإِذا أَضَفْتَهُما إِلَى نفْسك قُوِّيَتَا بالنُّون، فقُلت قَدْنِي وقَطْنِي، كَمَا قَوَّوْا عنِّي ومِنِّي ولَدُنِّي بِنونٍ أُخرى.
قَالَ: وَقَالَ أهل الْكُوفَة: معنى قَطْنِي: كفَاني، فالنون فِي مَوضِع نَصب مِثل نون كَفاني، لأنَّكَ تقولُ قطْ عبدَ الله دِرَهَمٌ.
وَقَالَ البصْرِيُّونَ: الصَّوابُ فِيهِ الخفْضُ

(8/215)


على معنى حَسْبُ زَيدٍ، وكَفْيُ زيد دِرهمٌ، وَهَذِه النُّون عِمادٌ، ومنَعهم أَن يَقُولُوا حَسْبُنِي أَنَّ الْبَاء مُتحرِّكةٌ والطَّاء من قَطْ سَاكِنة فكرِهوا تغييرها عَن الإسْكان وجَعلوا النُّون الثَّانِيَة من لدنِّي عِماداً للياءِ.
وَقَالَ اللَّيْث: وأمَّا قَطُّ فَإِنَّهُ هُوَ الأبَدُ الماضِي.
تَقول: مَا رأيتُ مِثْلَهُ قطّ، وَهُوَ رَفْعٌ لِأَنَّهُ غايةٌ مِثل قبلُ وبَعْد.
قَالَ: وأمَّا القَطُّ الَّذِي فِي مَوضع مَا أَعطيته إِلاَّ عِشرين قَطِّ فَإِنَّهُ مَجْرورٌ فَرْقاً بيْن الزَّمَان والعَدد.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: قَالَ الفراءُ: مَا رأيتُه قطُّ يَا هَذَا، وَمَا رأَيتُه قُطُّ يَا هَذَا، وَمَا رأَيتُه قُطّ مَرفوعةٌ خفيفةٌ، إِذا كَانَ بِمَعْنى الدَّهْر فَفِيهَا ثلاثُ لُغات، وَإِذا كَانَت فِي معنى حَسْبُ فَهِيَ مفتوحةٌ مجزومة، قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: أما قولُهم قَطُّ مشدَّدةً فَإِنَّهَا كَانَت قَطُطْ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُسَكَّن فَلَمَّا سُكِّنَ الحرفُ الثَّانِي جُعِل الآخر متحرِّكاً إِلَى إعرابه.
وَلَو قيل فِيهِ بالْخَفض والنَّصب لَكَانَ وَجْهاً فِي العربيَّة.
فأَمَّا الَّذين رَفَعوا أوَّله وآخرَه فَهُوَ كَقَوْلِك مُدُّ يَا هَذَا.
وَأما الَّذين خَفَّفُوا فَإِنَّهُم جَعَلُوهُ أَداةً ثمَّ بَنَوْهُ على أَصله فأَثبَتوا الرَّفْعَة الَّتِي كَانَت فِي قطُّ وَهِي مُشدَّدةٌ، وَكَانَ أجْوَدَ من ذَلِك أَن يَجْزِموا فيقولوا: مَا رأَيتُه قطْ مجزومةً ساكنةَ الطاءِ ووَجهُه رَفْعُه، كَقوْلك: لمْ أره مُذْ يَومان، وَهِي قليلةٌ.
وَأنْشد ابْن السِّكيت فِي قَطْنِي بِمَعْنى حَسْبي:
امْتَلأَ الحَوضُ وَقَالَ قَطْنِي
مَلْأً رُوَيْداً قد ملأُتَ بَطْنِي
وَقَالَ اللَّيْث: القَطُّ: قَطْعُ الشيءِ الصُّلْبِ كالحُقّةِ تُقَطّ عَلَى حَذْوٍ مَسْبُورٍ كَمَا يَقُطُّ الإنسانُ قَصَبَةً عَلَى عَظْمٍ.
والمِقَطَّةُ عُظَيْمٌ يَكون مَعَ الورَّاقِينَ يَقُطُّونَ عَلَيْهِ أَطرافَ الأقلامِ.
قَالَ: والقِطَاطُ: حَرْفُ الجَبَل، وحرْفٌ مِن صَخْرٍ كَأَنَّمَا قُطَّ قَطّاً، والجميعُ الأَقِطَّةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ أَعلى حافَّةِ الكهْف والقِط: الْكتاب، وجمعُه قُطُوطٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القُطوط الصِّكَاكُ.
وَأنْشد قولَ الْأَعْشَى:
وَلَا المَلِكُ النُّعْمانُ يومَ لقيتُه
بِغِبْطَتِه يُعْطِي القُطوطَ ويَأْفِقُ
واحدُها قِطٌّ. وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ} (ص: 16) .
قَالَ أهْلُ التفسيرِ مُجاهدٌ وقتَادةُ والحَسَنُ

(8/216)


قَالُوا: عَجِّلْ لنا قِطّنَا أَي نَصِيبَنا من الْعَذَاب.
وَقَالَ سعيدُ بن جُبَيْرٍ: ذُكِرَتِ الجَنَّةُ فاشْتَهَوْا مَا فِيهَا؛ فَقَالُوا: عَجِّلْ لنا قِطنا نصيبَنا.
وَقَالَ الفرَّاء: القِطُّ الصحيفةُ الْمَكْتُوبَة، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك حِين نزَلَ: {خَافِيَةٌ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ} (الحاقة: 19) ، فاستَهْزَءُوا بذلك، وَقَالُوا: عَجِّلْ لنا هَذَا الْكتاب قبل يومِ الْحساب.
قَالَ: والقِطُّ فِي كَلَام العَرب الصَّكُّ وَهُو الخَطُّ.
قلت: ذهب الفرَّاء إِلَى قَول ابْن الكلبيّ، وَقَالَ الزَّجاجُ: الْقِطُّ: الصَّحِيفةُ، ويوضعُ موضعَ النَّصِيبِ لأنَّ الصحيفةَ تكتبُ للإنسانِ بِصِلَةٍ يُوصلُ بهَا.
وَأنْشد قَوْله:
بِغِبطَتِه يُعْطى القُطُوطَ ويأفِقُ
قَالَ: وأصلُ القِطَّ من قَطَطتُ، وكل نصيب قطعةٌ.
وَرُوِيَ عَن زيد بن ثابتٍ وَابْن عمر أَنَّهُمَا كَانَا لَا يريانِ بِبيع الْقُطوط إِذا خرجتْ بأْساً، وَلَكِن لَا يحلُّ لمن ابتاعها أَن يبيعَها حَتَّى يقبضهَا.
قلت: القُطوطُ هَا هُنَا الجوائزُ والأرْزاقُ سُمِّيتْ قُطوطاً لِأَنَّهَا كَانَت تخرجُ مَكْتُوبَة فِي رقاقٍ وَرِقاع مَقْطُوعةٍ، وبيعُها عِنْد الفقهاءِ غير جائزٍ مَا لم تحصل فِي مِلْكِ من كتبت لَهُ مَعْلُومَة مَقْبوضةً.
وَقَالَ اللَّيْث: القِطّةُ: السِّنَّورةُ نعتٌ لَهَا دونَ الذَّكَرِ، والْقَطَطُ: شعرُ الزّنجيّ، يُقَال: رجلٌ قَطَطٌ، وشعرٌ قَطَطٌ، وامرأةٌ قَطَطٌ، والجميعُ قَطَطُون وقَطَطَاتٌ، قَالَ: وَتجمع الْقِطَّةُ قِطاطاً.
وَقَالَ الأخطل:
أكَلْتَ الْقِطاطَ فأَفنيتهَا
فهلْ فِي الْخَنانيص من مغمزِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: الْقِطقِطُ من الْمَطَر: الصِغارُ كَأَنَّهَا شَذْرَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْقِطقِطُ: المطرُ المتَفَرقُ المتَحَاتنُ المتتَابعُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: القَطِيطَةُ: حَافة أَعلَى الْكَهْف وجمعُها أقِطَّةٌ، وَيُقَال: جاءتِ الخيلُ قَطائط: قَطِيعاً قَطِيعاً.
وَقَالَ هميانُ:
بالخيلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا
وَقَالَ علقمةُ بن عَبدة:
ونحنُ جَلَبنَا من ضريَّةَ خَيْلَنَا
نُكَلّفُهَا حدَّ الإِكامِ قَطَائطا
قَالَ أَبُو عَمْرو: أَي: نُكلّفُهَا أنْ تقطَع حدَّ الإكامِ فَتَقطَعَهَا بحوافر، قَالَ: وواحدُ القَطائط قَطُوطٌ مثلُ جَدُود وَجدَائِدَ.

(8/217)


وَقَالَ غيرُه: قطائطاً: رِعَالاً وجَماعات فِي تَفْرقَةٍ.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: أصغرُ المطرِ الْقِطْقِطُ ثمَّ الرَّذَاذُ قَالَ: وَقَطْقَطَانةُ موضعٌ يقربُ من الكوفةِ، وَيُقَال: تَقَطْقَطَتِ الدَّلو إِلَى الْبِئْر: أَي: انحدَرتْ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف سُفْرَةً دَلاَّها فِي الْبِئْر:
بِمعْقُودَةٍ فِي نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ
إِلَى الماءِ حَتَّى انقدَّ عَنْها طحالِبُهْ
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء: قَطَّ السِّعرُ يَقِطُّ قُطوطاً فَهُوَ قاطٌّ إِذا غَلاَ.
وَقَالَ شمر: قطَّ السّعر إِذا غَلاَ خَطَأٌ عندِي، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى فَتَر، قلت: وهِمَ شمر فِيمَا قَالَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: حَطَّ السّعر حطوطاً وانحطَّ انحطاطاً وكُسِرَ وانكسرَ إِذا فَتَرَ، وَقَالَ: سعرٌ مَقطوطٌ، وَقد قُطَّ وقَطَّ ونَزا إِذا غَلاَ وَقد قَطَّهُ اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القاطِطُ: السعرُ الغالي وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن السكيتِ: وأنشدَ لأبي وجزةَ السعديّ:
أَشْكُو إِلَى الله العزيزِ الجَبار
ثمَّ إليكَ الْيَوْم بعدَ الْمُستار
وحاجةَ الحيِّ وقَطَّ الأسعار
قلت: وَهَذَا يؤيدُ بعضه بَعْضاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأقَطَّ الَّذِي سَقَطَتْ أسْنانهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فِي بطن الفرسِ مَقاطُّهُ ومخِيطهُ فَأَما مِقطهُ فَطَرفهُ فِي القصّ وطرفهُ فِي العانَةِ.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
أطلتُ فِرَاطهمْ حَتَّى إِذا مَا
قتلتُ سَرَاتَهُم كَانَت قَطَاطِ
أَي: قَطْني وحسبي.
طق: قَالَ اللَّيْث: طَقْ حِكايةُ صَوْت حَجَرٍ وَقع على حَجَرٍ، وإنْ ضوعِفَ قيلَ طَقْطَقْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّقْطقَةُ صوتُ قَوَائِم الخيلِ على الأرضِ الصُّلبة.

(بَاب الْقَاف وَالدَّال)
ق د
(قدّ دقّ: مستعملان) .
قد: قَالَ اللَّيْث: قد مثلُ قَط بِمَعْنى حسب، تَقول: قَدِي وقَدْني.
قَالَ النَّابِغَة:
إِلَى حمامَتنَا ونصفهُ فَقَدِ
قَالَ: وَقد حَرْفٌ يوجَبُ بِهِ الشيءُ كَقولكَ: قَدْ كَانَ كَذَا أَو كَذَا، والخيرُ أَن تَقُولَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فأُدخل قَدْ توكيداً

(8/218)


لتصديقِ ذلكَ.
قَالَ: وَتَكون قَدْ فِي موضعٍ تشبهُ رُبمَا، وَعِنْدهَا تميلُ قَدْ إِلَى الشكِّ، وذلكَ إنْ كَانَت مَعَ الياءِ والتَّاءِ وَالنُّون وَالْألف فِي الْفِعْل كَقوْلكَ قَدْ يكونُ الَّذِي تَقول.
وَقَالَ النحويون: الفعلُ الْمَاضِي لَا يكون حَالا إلاَّ بقدْ مُظْهراً أَو مُضْمراً، وَذَلِكَ مثلُ قَول الله جلَّ وعزَّ: {أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (النِّسَاء: 90) ، وَلَا تكونُ حصرتْ حَالا إلاَّ بإضمار قَدْ.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا} (الْبَقَرَة: 28) ، الْمَعْنى: وقَدْ كُنْتُم أَمْوَاتًا، ولَوْلاَ إضمارُ قَدْ لم يجزْ مِثلُهُ فِي الكلامِ، أَلا ترى أنَّ قَوْله فِي سُورَة يوسفَ (27) : {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} ، أنَّ المعنَى فَقَدْ كذَبَتْ.
قلتُ: وأمَّا الحالُ فِي الْمُضَارع فهوَ سائغٌ دونَ قَدْ ظَاهرا وَمضمراً.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الْقَدُّ: جِلْدُ السخلَةِ.
يُقَال فِي مثلٍ: مَا يجعلُ قَدَّك إِلَى أديمكَ، أَي: مَا يجعلُ الشيءَ الصَّغِير إِلَى الْكَبِير قَالَ: والقَدُّ أَيْضا مصدرُ قَدَدْتُ السّير أقُدُّهُ قَدّاً، والقِدُّ الَّذِي تخصفُ بِهِ النّعالُ.
وَقَالَ الله: {ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ} (الْجِنّ: 11) .
قَالَ الْفراء يَقُول حِكَايَة عَن الجنّ: كُنّا فرقا مُخْتلفةً أهْواؤنَا.
وَقَالَ الزجاجُ قَوْله: {رَشَداً وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً} (الْجِنّ: 11) ، قَالَ: قِدَداً: مُتَفرِّقينَ، أَي: كُنَّا جماعاتٍ مُتَفَرّقين مُسلمين وَغير مسلمينَ.
قَالَ: وَقَوله: {رَهَقاً وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَائِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً} (الْجِنّ: 14) ، هَذَا تفسيرُ قولهمْ {ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ} (الْجِنّ: 11) .
وَقَالَ غَيره: قِدَدٌ جَمعُ قِدَّة مثلُ قطعةٍ وَقطع.
وَقَالَ اللَّيْث: القَدُّ قطْعُ الجِلْدِ وشقُّ الثوبِ وَنَحْو ذَلِك، وتقولُ فلانٌ حسنُ القدِّ فِي قَدْرِ خَلْقِه، وشيءٌ حسنُ القدِّ أَي حَسنُ التَّقطيعِ.
قَالَ: والقِدُّ سيرٌ يُقَدُّ من جلدٍ غير مدبوغ، والقِدَّةُ القطعةُ من الشَّيْء، وصارَ القومُ قِدَداً: تَفرَّقتْ أهواؤُهم، والتَّقدِيدُ فعلُ القَدِيدُ، وضَرَبه بالسيفِ فَقدَّهُ بِنِصْفَيْن، والقَيْدُودُ: النَّاقةُ الطَّوِيلَةُ الظهرِ، يقالُ: اشْتِقاقهُ منَ القودِ مثلُ الكينونةِ منْ الْكَوْن كَأَنَّهَا فِي ميزَان فَيعولٍ وهيَ فِي اللَّفظ مثلُ فَعْلولٍ وَإِحْدَى الدّالين من القيدودِ زائدةٌ.
قَالَ: وَقَالَ بعض أَصْحَاب التصريف: إِنَّمَا أرادَ تَثْقيل فَيعُولٍ بِمَنْزِلَة حَيدٍ وَحَيدُودٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بل ترك على لفظ كونونةٍ، فَلَمَّا قَبُحَ دُخولُ الواوينِ والضماتِ حوَّلوا

(8/219)


الْوَاو الأولى يَاء ليُشَبِّهوها بِفَيعُولٍ وَلِأَنَّهُ ليسَ فِي كلامِ العربِ بناءٌ عَلَى فُوْعُول حَتَّى إنهمْ قَالُوا فِي إعرابِ نُورُوز نَيرُوزَ فِراراً من الْوَاو.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: القُدَادُ: وجعٌ فِي البطنِ، وَيَدْعُو الرجلُ على صَاحبه فيقولُ لَهُ حَبَناً وقداداً، والحبنُ: مصدرُ الأحْبنِ، وَهُوَ الَّذِي بِهِ السِّقْيُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقةٌ مُتَقِدّدَةٌ إِذا كَانَت بَين السمنِ والهزالِ وَهِي الَّتِي كانَتْ سَمِينةً فَخفَّتْ أَو كانتْ مهزُولَةً فابتدأَتْ فِي السمنِ.
يُقَال: كَانَت مَهْزُولة فَتقدِّدَتْ أَي: هُزِلت بعضَ الهزال.
وَرُوِيَ عَن الأوزاعيّ أَنه قَالَ: لَا يقسمُ من الغَنيمةِ للعبدِ وَلَا لِلأجيرِ وَلَا للقديديِّينَ والْقَدِيديونَ هم تُبَّاعُ العسكرِ معروفٌ فِي كَلَام أهل الشَّام.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَقْدِيُّ بتَخْفِيف الدّال ضربٌ من الشّرابِ.
قَالَ شمر: سمعته من أبي عبيدٍ بتَخْفِيف الدَّال وَالَّذِي عِنْدِي أنّهُ بتَشْديد الدّالِ.
وَقَالَ عَمْرو بن معدي كرب:
وهم تركُوا ابْن كبشةَ مسلحبّاً
وهم شَغلوهُ عَن شربِ الْمَقَدِّ
قَالَ شمر: وَسمعت رَجَاء بن سلمةَ يَقُول: الْمَقَدِّيُّ: طِلاءٌ منصفٌ مُشَبَّهٌ بِمَا قُدّ بِنِصفين.
وَفِي الحَدِيث: (لَقابُ قَوْسِ أحدكمْ وموضعُ قِدِّهِ منَ الْجَنةِ خيرٌ لَهُ من الدُّنيا وَمَا فِيهَا) أَرَادَ بالقِدِّ السّوْط المتخذَ من الْجلد الَّذِي لم يدبغ.
وَقَالَ يزِيد بن الصَّعق لبني أسدٍ:
فَرغتُم لتمرين السِّياط وكنتمُ
يصبُّ عَلَيْكُم بالقنا كل مربعِ
فَأَجَابَهُ بعض بني أَسد:
أعِبتُم علينا أَن نُمرِّن قِدَّنا
وَمن لَا يُمَرِّن قِدَّه يتقطَّع
نُجنِّبها الجارَ الْكَرِيم ونَمْتَري
بهَا الخيلَ فِي أَطْرَاف سربٍ مُمنَّعِ
وَأما قَول جرير:
إِن الفرزدقَ يَا مقدادُ زائرُكم
يَا ويلَ قَدَ على من تُغلق الدّارُ
قَالُوا: أرادَ بقوله يَا ويل قَدَ: يَا ويل مقدادٍ، فاقتصر على بعض حروفهِ كَمَا قَالَ الحُطيئة:
مِن صُنْعِ سَلاَّمِ
وَإِنَّمَا أَرَادَ سُليمان.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَول الْأَعْشَى:
إلاَّ كخارِجة المُكلِّف نفسهُ
أَرَادَ: كخَيْرَجان ملكِ فَارس فَسَماهُ خارِجة.

(8/220)


أَبُو عبيد: المَقدُّ: الْمَكَان المستوي، وَمثله القرقُ.
دق: قَالَ اللَّيْث: الدّقُّ مصدر قَوْلك دَقَقْتُ الدَّواء أدُقُّهُ دقّاً، وَهُوَ الرَّضُّ، والدَّقاقُ فُتاتُ كل شيءٍ دُقَّ.
قَالَ: والمُدُقُّ حجرٌ يُدَقَّ بِهِ الطِّيب ضم الْمِيم لِأَنَّهُ جُعل اسْما، وَكَذَلِكَ الْمُنْخُلُ، فَإِذا جُعل نعتاً رُدَّ إِلَى مِفعلٍ كَقَوْل رؤبة:
يَرْمِي الجلامِيدَ بِجُلمودٍ مِدَقّ
قلت: مُدُقٌّ ومُسْعُطٌ ومُنْخُلٌ، ومُدْهُنٌ ومُكْحُلَةٌ جَاءَت نَوَادِر بِضَم الْمِيم، وسائرُ كلامِ الْعَرَب جاءَ على مِفعلٍ ومِفعلةٍ فِيمَا يعتملُ بِهِ نَحْو مِخْرَزٍ ومِقْطَعٍ ومِسَلَّةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّقُّ كلُّ شيءٍ دَق وصغُر.
يُقَال: مَا رَزَأتُهُ دِقّاً وَلَا جِلا، والدِّقَّةُ مصدرُ الدّقيق، تَقول: دقّ الشيءُ يَدِقُّ دِقَّةً وَهُوَ على أربعةِ أنحاءٍ فِي الْمَعْنى، فالدقيق الطحين والرجلُ القليلُ الخيرِ هُوَ الدّقيقُ، والدّقيقُ الأمرُ الغامِضُ، والدّقيقُ الشيءُ الَّذِي لَا غلظ لَهُ، والدُّقَّة الْملح المدقوقُ حَتَّى إِنَّهُم يَقُولُونَ مَا لفلانٍ دُقّةٌ وَإِن فلانةَ لقليلة الدُّقّة إِذا لم تكن مليحةً، والدُّقَّةُ والدُّقَقُ مَا تسهكهُ الرّيح من الأَرْض، وَأنْشد:
بساهِكات دُقَقٍ وجَلْجَال
وَقَالَ غَيره: الدُّقَّةُ دقاقُ التُّرَاب.
وَقَالَ رؤبة:
فِي قطعِ الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَق
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للحشْوِ من الْإِبِل الدُّقَّةَ، وأهلُ مَكَّة يُسَمُّون تَوابلَ القِدْرِ مجموعةَ الدُّقَّة، والمُدَاقَّةُ فِعْلٌ بَين اثْنَيْنِ.
يُقَال: إنّه لَيُداقُّهُ الحسابَ، والدَّقْدَقَةُ حكايةُ أصْوَات حوافر الدَّوابّ فِي سُرعة تَرَدُّدها.
والعربُ تَقول: مَا لِفُلانٍ دقيقةٌ وَلَا جَليلةٌ، أَي مَا لَهُ شاءٌ وَلَا إِبلٌ.
وَيُقَال: أتَيْتُهُ فَمَا أجَلَّ وَلَا أدقَّ، أَي: مَا أعطَى شَاة وَلَا بَعِيرًا.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يَهجو قوما:
إِذا اصْطَكَّتِ الحربُ امْرَأَ الْقَيْس أخبَرُوا
عَضارِيطَ إذْ كَانُوا رِعاءَ الدَّقائق
أَرَادَ أَنهم رِعاءُ الشّاءِ والبَهْمِ.
وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الدَّقْدَاقُ صغارُ الأنقَاءِ المتراكِمة.
ثعلبٌ، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّقَقَةُ: المُظْهِرُونَ أَقذَالَ الْمُسلمين أَي: عيوبهم واحدُها قَذَلٌ، قَالَ: ودَقَّ الشيءَ يدُقُّه إِذا أظهَرَه.
وَمِنْه قَول زُهَير:
ودقُّوا بَينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
أَي: أظهَروا العيوبَ والعَدَاواتِ، وَيُقَال فِي التهدُّدِ لأَدقَّنّ شُقُورَكَ أَي: لأظْهرنّ أمورَكَ.

(8/221)


(بَاب الْقَاف وَالتَّاء)
ق ت
قت: قَالَ اللَّيْث: القَتُّ: الفِسْفِسَةُ اليابسةُ.
وَقَالَ غَيره: القَتُّ يكون رَطْباً ويكونُ يَابسا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَتُّ الكذِبُ المهَيَّأ والنَّمِيمَةُ.
وَقَالَ رُؤبَةُ:
قلت وَقَوْلِي عِندهم مَقْتُوتٌ
أَي: كذِبٌ.
وَقَالَ غَيره: مَقْتُوتٌ أَي: مَوْشيٌّ بِهِ منقولٌ، والقَتّاتُ: النَّمَامُ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يدْخل الجنّةَ قَتّاتٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وَأَبُو زيد: القَتّاتُ: النَّمَّامُ وَهُوَ يَقُتُّ الْأَحَادِيث قَتّاً أَي: يَنُمُّهَا نَمّاً.
وَقَالَ خَالِد بن جَنبةَ: القَتّاتُ الَّذِي يتسمع حَدِيث النَّاس فَيُخبِرُ بِهِ أعداءهمْ.
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ادّهَنَ بِزيتٍ غيرِ مُقَتّتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: غيرِ مُقَتَّتٍ يَعْنِي غير مُطَيَّبٍ.
قَالَ: والمُقتَّتُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الرياحينُ يُطْبَخُ بهَا الزّيتُ حَتَّى يطيب ويتعالج بِهِ للرِّياح، فَمَعْنَى الحَدِيث: أنهُ ادّهنَ بالزيتِ بحتاً لَا يخالطهُ طِيبٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هُوَ حَسنُ القَدِّ وحَسنُ الْقَتِّ بِمَعْنى واحدٍ، وَأنْشد:
كأَنَّ ثدييهَا إِذا مَا ابرَنْتَى
حُقانِ من عاجٍ أُجيدَا قَتّا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول رُؤبة: قلت وَقَوْلِي: عِنْدهم مَقْتوتٌ، يُرِيد أَمْرِي عِنْدهم زَرِيٌّ كالنَّمِيمَة وَالْكذب.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ فِي قَوْله: إِذا مَا ابْرَنْتَى أَي: انتصَبَ، جَعله فعلا للثّدي، وَسليمَان بن قَتَّةَ بِالتَّاءِ يروي عَن ابْن عباسٍ.
ق ظ: مهملٌ.

(بَاب الْقَاف والذال)
ق ذ
اسْتعْمل مِنْهُ: قَذَّ.
قذ: قَالَ اللَّيْث: القذُّ: قطعُ أطرافِ الرِّيش عَلَى مِثَال الْحَذْف والتّحذيف، وَكَذَلِكَ كلُّ قَطْعٍ نَحْو: قُذَّةِ الرِّيش، تَقول: أذُنٌ مَقْذوذَةٌ، ورجلٌ مُقَذَّذٌ: مُقَصَّصٌ شعرُهُ حوالي قُصَاصِهِ كلهِ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حينَ ذَكرَ الْخَوَارِج، فَقَالَ: (يمرقونَ من الدّين كَمَا يمرُقُ السّهمُ من الرَّمِيّة ثمَّ نَظرَ فِي قُذَذِ سَهْمِه فَتمارَى أيَرَى شَيْئا أمْ لاَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: القُذَذُ: رِيشُ السَّهم كلُّ وَاحِدَة مِنْهَا قُذَّةٌ أَرَادَ أَنه أنفذَ سهمَهُ فِي

(8/222)


الرَّمِيّةِ حَتَّى خرج مِنْهَا وَلم يعلقْ من دمِها شيءٌ لسرْعة مُروقِهِ.
وَفِي حَدِيث آخر أَنه قَالَ: (أنتُم يَعْنِي أمَّتَه أشْبهُ الْأُمَم ببني إِسْرَائِيل تَتبعون آثَارهم حذْو القُذَّةِ بالقُذَّةِ) يَعْنِي كَمَا تُقَدَّرُ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عَلَى صاحبتها.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنَّ لي قُذَاذَاتٍ وجُذَاذَاتٍ، فَأَما القُذاذاتُ فقِطعٌ صغارٌ تُقطعُ من أطرافِ الذَّهب، والْجُذاذَاتُ من الْفضة.
وَقَالَ غَيره: مَقَذُّ الرَّأْس: مُنْقطعُ الشَّعرِ من مؤخره، يُقَال: هُوَ مَقْذُوذُ الْقَفَا، وَإنَّهُ لَلئيمُ الْمَقذَّين: إِذا كَانَ هجين ذَلِك الْموضع.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْمَقَذُّ مَجْرى الْجَلَم فِي مُؤخر الرَّأْس وَلَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَقَذٌّ واحدٌ، وَهُوَ القُصَاصُ أَيْضا، وَيُقَال للسِّكِين وَمَا قُذَّ بِه الريش مِقَذٌّ بِكَسْر الْمِيم، وَقد يُقَال: إِنَّه لَحَسنُ الْمَقَذَّيْنِ غير أَنه لَا مَقَذَّى لَهُ، إِنَّمَا هُوَ وَاحِد.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْمَقَذُّ: مجْرى الْجَلَم فِي مُؤخر الرَّأْس، وَقَالَ فِي مَوضِع: الْمقَذُّ: مقَصُّ شعرك من خلْفِك وقُدَّامِك.
قَالَ ابْن لَجَأ يصف جَمَلاً:
كأنَّ رُبّاً سائِلاً أوْ دِبْسا
بحيثُ يَحْتَافُ الْمَقَذُّ الرّأسَا
اللحياني عَن الْأَصْمَعِي: رجلٌ مُقَذَّذٌ: أَي: مُزَيَّنٌ، وَقد قُذِّذَ تَقْذِيذاً.
وَقَالَ غَيره: رجل مُقَذَّذٌ: إِذا كَانَ ثوبُه نظيفاً يشبه بعضه بَعْضًا، كلُّ شيءٍ حَسنٌ مِنْهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القُذَذُ: الْبرْغُوث، وجَمْعُهُ قِذَّانٌ وَأنْشد:
أسْهَرَ لَيْلى قُذَذٌ أَسَكُّ
أحُكُّ حَتَّى مِرْفَقي مُنْفَك
وَقَالَ آخر:
يؤرِّقُنِي قِذّانُهَا وبَعُوضُها
وَقَالَ اللَّيْث: الْقِذّةُ: كلِمَةٌ يَقُولهَا صبيانُ الْأَعْرَاب، يقولُون لَعِبْنا شعارير قِذّة، والتَّقَذْقُذُ: أَن يركب الرَّجُلُ رَأسه فِي الأَرْض وَحده أوْ يَقع فِي الرَّكِيةِ، يُقَال: تَقَذْقَذَ فِي مهواةٍ فَهلَك، وتقَطْقَطَ مثله.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَقَذْقَذَ فِي الجبلِ إِذا صعَّدَ فِيهِ. أخْبرني المُنْذِري عَن المبرِّد عَن الرياشي قَالَ: يُقَال: مَا أصبت مِنْك أقذّ وَلَا مريشاً، قَالَ: والأقَذ من السِّهام الَّذِي لَا ريش فِيهِ، والْمَرِيشُ: ذُو الرِّيشِ، قَالَ: وَيُقَال: سهمٌ أفْوَقُ إِذا لم يكنْ لَهُ فُوق فَهَذَا والأقَذُّ من الْمَقْلُوبِ لأنّ الْقُذّةَ الرِّيشُ كَمَا يُقَال لِلْمَلْسُوع سليم.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم يُقَال: مَا نلْت مِنْهُ أقَذّ وَلَا مَرِيشاً: أَي: مَا نلْتُ مِنْهُ شَيْئا، فالأقَذُّ: السَّهْمُ الَّذِي تمرَّطت قُذَذُهُ، وَهِي آذانُهُ،

(8/223)


وكل أُذُنٍ مِنْهُ قُذّةٌ، وللسهم ثَلَاث قُذَذٍ، وَهِي آذانُهُ، وَأنْشد:
مَا ذُو ثَلَاث آذان
يَسْبِقُ الخيْل بالرَّدَيَان
يرادُ بِهِ السهْم، وَيُقَال: مَا وجَدْتُ لَهُ أقَذّ وَلَا مَرِيشاً، فالمريشُ: السهمُ الَّذِي عَلَيْهِ رِيشٌ، والأقَذُّ الَّذِي لَا ريشَ عَلَيْهِ.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا ترك لَهُ أقَذَّ وَلَا مريشاً، فالأقذُّ: المستوِي البَرْيِ الَّذِي لَا زَيغَ فِيهِ وَلَا ميْلَ.
وروى ابنُ هانىءٍ عَن أبي مَالك: مَا أصبْتُ مِنْهُ أفَذ وَلَا مريشاً بِالْفَاءِ منَ الفَذِّ الفردِ، وَيُقَال: قَذَّهُ يقُذُّه إِذا ضربَ مَقَذَّهُ فِي قَفاهُ.
وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
قَامَ إِليها رجلٌ فِيهِ عُنُفْ
فقَذَّها بَين قفاها والكتِفْ

(بَاب الْقَاف والثاء)
ق ث
اسْتعْمل مِنْهُ: (قثّ) .
قث: قَالَ اللَّيْث: القُثاث: المتاعُ، يُقَال: جَاءَ فلانٌ، يَقُثُّ مَالا ويَقُثُّ مَعَه دُنيا عريضة أَي يجُرُّ مَعَه، والمِقَثَّة والمِطثَّة لُغَتَانِ، وهيَ خَشَبةٌ مستديرة عريضةٌ يلعبُ بهَا الصِّبيانُ ينصبونَ شَيْئا ثمَّ يجتَثّونه بهَا عَن موْضعه، تقولُ: قَثَثْناهُ وطَثَثْنَاه قثّاً وطَثّاً.
وَقَالَ غَيره: واقتَثَّ القومَ من أصلهم واجتثّهم إِذا استأصلَهُمْ، واجتثَّ حَجراً من مَكَانَهُ إِذا اقتَلعه.
وَقَالَ شمر: القَثُّ والجَثُّ واحدٌ. وَيُقَال للوَدِيِّ أولَ مَا يُقلَعُ من أمِّه جثيثٌ وقَثِيث.

(بَاب الْقَاف وَالرَّاء)
ق ر
قر رق: مستعملان.
قر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَرُّ: ترديدُك الكلامَ فِي أذن الأبكم حَتَّى يفهَمُهُ.
قَالَ: والقَرُّ: الفَرُّوجُ، والقَرُّ: صبُّ المَاء دَفقةً وَاحِدَة.
قَالَ: وقولهُمْ: قرَّتْ عينُه قَالَ بَعضهم: هُوَ مأخوذٌ من القَرُور وَهُوَ الدمع الباردُ يخرجُ مَعَ الفَرح، وَقيل: هُوَ من الْقَرار، وَهُوَ الهُدُوءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القُرُّ: البردُ، والقِرّة: مَا يصيبُه من القُرِّ، ورجلٌ مقرُورٌ، والنعْتُ ليلةٌ قَرَّةٌ ويوْمٌ قَرٌّ وطعامٌ قارٌّ.
وَفِي أمثالهم: وَلِّ حارَّها مَنْ تَوَلّى قارَّها، والقُرَّةُ: كلُّ شيءٍ قَرَّت بِهِ عينُكَ، والقُرَّة مصدرُ قَرَّتِ العينُ قُرَّةً وقَرَّتْ نقيضُ سَخُنَتْ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب فِي

(8/224)


قَوْلهم: أقرّ اللَّهُ عينَه.
قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: أبردَ اللَّهُ دمعَه لِأَن دمعةَ السرورِ باردةٌ ودمعة الْحزن حارةٌ، وأقرّ مُشتقٌّ من القَرُور، وَهُوَ الماءُ البارِدُ.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: وعُرِضَ هَذَا القولُ على أحمدَ بن يحيى فأنكرَه وقالَ هَذَا خرا.
وَقَالَ أَبُو طَالب: وَقَالَ غيرُ الْأَصْمَعِي: أقَرّ اللَّهُ عينَك أَي: صادَفتَ مَا يُرضيكَ فتقر عينُكَ من النّظر إِلَى غَيره، وَيُقَال للثائر إِذا صادَفَ ثأْرَهُ وقَعْتَ بقُرِّك أَي: صادفَ فؤادُك مَا كانَ مُتطلِّعاً إِلَيْهِ فقَرّ.
وَقَالَ الشماخُ:
كَأَنَّهَا وابْنَ أَيامٍ تُرَبِّبُه
من قُرّة العينِ مجتابا ديابُوذ
أَي: كَأَنَّهُمَا من رِضاهُما بمَرْتعهما وتركِ الِاسْتِبْدَال بِهِ مُجْتابا ثَوْبٍ فاخرٍ، فهما مسرورانِ بِهِ.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: فعُرضَ هَذَا القَوْل على ثَعْلَب فَقَالَ: هَذَا هُوَ الكلامُ أَي سَكَّنَ اللَّهُ عينَك بِالنّظرِ إِلَى مَا تُحِب.
قَالَ أَبُو طَالب: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أقرّ الله عينه: أنامَ الله عينهُ، والمَعْنى: صَادف سُروراً يُذهِبُ سهره فينامُ.
وَأنْشد:
أقرّ بهِ مواليكَ العُيونَا
وَقَالَ الْكسَائي: قَرِرتُ بِهِ عينا أقَرُّ قُرةً وقُروراً، وبعضُهم يَقُول: قرَرْتُ بهِ أقِر.
قَالَ الْكسَائي: وقرَرْتُ بالموضِع أقِر قَراراً، ويُقال من القُرِّ قَرَّ يَقُر.
ابْن السّكيت عَن الْفراء: قرِرتُ بِهِ عينا فَأَنا أقَر وقَررْتُ أَقِر وقرِرْتُ فِي الموْضِع مِثْلُها.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْله جلَّ ثناؤُه: {قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} (الْأَحْزَاب: 33) هوَ من الْوَقار.
قَالَ: وَقَرَأَ عاصمٌ وَأهل الْمَدِينَة {قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} قَالَ: وَلَا يكونُ ذَلِك من الْوَقار ولكنْ ترى أنهمْ أَرَادوا: واقررن فِي بيوتكن، فَحَذَفوا الراءَ الأولى وحُوِّلتْ فَتْحتها فِي الْقَاف كَمَا قَالُوا هلْ أحَسْتَ صاحِبَك وكما قَالَ {فظلتم} (الْوَاقِعَة: 65) يريدُ فظللتم.
قَالَ: وَمن الْعَرَب منْ يَقُول: واقْرِرْنَ فِي بيوتكنَّ، فَإِن قَالَ قائلٌ: وقِرنَ يُرِيد واقررنَ فيُحَول كسْرَةَ الرَّاء إِذا سقطتْ إِلَى القافِ كَانَ وَجها، وَلم نجد ذَلِك فِي الْوَجْهَيْنِ مستعمَلاً فِي كَلَام العربِ إِلَّا فِي فَعَلتُ وفعلتم وفعَلْنَ.
فَأَما فِي الْأَمر والنهيِ والمستقبل فلاَ إِلَّا أنّا جوَّزْنا ذلكَ لِأَن اللامَ فِي النسْوَة ساكنةٌ فِي فَعلنَ ويَفعلْنَ فَجَاز ذَلِك.
وَقد قَالَ أعرابيٌّ من بني نُمَير: يَنْحِطنَ من الجبلِ يُرِيد يَنْحَطِطْنَ فَهَذَا يُقَوِّي ذَلِك.
قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزَّجَّاج فِي جَمِيعِه.

(8/225)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم فِي قَوْله: {قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} (الْأَحْزَاب: 33) عِنْدِي من الْقَرار، وَكَذَلِكَ من قَرَأَ: (قرنَ) فهوَ من الْقَرار، يُقَال: قَرَرتُ بِالْمَكَانِ أقِر وقَرِرت أَقَرُّ.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُرَيرة تَصْغِير القُرّةِ وَهِي ناقَةٌ تؤخذُ منَ المقْسم قبل قِسمَة الغنائمِ فتُنْحَر وتُصلح وتأكلها النَّاس يُقَال لَهَا قُرَّة العَيْنِ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكيتِ قَالَ: القَرُّ: الْيَوْم الْبَارِد، وكل باردٍ قر، يُقَال: يومٌ قر وليلةٌ قرةٌ، والقَرُّ مَصْدَر قَرَّ عَلَيْهِ دَلْوَ مَاء يَقرُّها قَرا، والقَرُّ أَيْضا مركب النساءِ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فإمَّا ترَيني فِي رِحالةِ جابرٍ
عَلَى حَرجٍ كالقَرِّ يحمِل أكفاني
والقر أَيْضا الْيَوْم الثَّانِي بَعدَ يَومِ النَّحر والقُرُّ بالضمِّ البَرْد، وَيُقَال: هَذَا يَومٌ ذُو قر أَي: ذُو بَرد.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً} (مَرْيَم: 26) .
قَالَ الْفراء: جَاءَ فِي التَّفْسِير طيبي نفسا، قَالَ: وَإِنَّمَا نُصِبَت الْعين لِأَن الْفِعْل كَانَ لَهَا فصيرتهُ للمرأةِ، مَعْنَاهُ لتقرَّ عينُك، فَإِذا حوِّل الْفِعْل عَن صاحبهُ نصبَ صَاحب الْفِعْل على التَّفْسِير.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وليلةٌ ذاتُ قِرَّةٍ أَي: ذَات بردٍ وأصابنا قُرٌّ وقِرَّةٌ.
قَالَ: والاقترار: أَن تأكلَ النَّاقة اليَبيس والحِبَّة فتعقدَ عَلَيْهَا الشحمَ فتبولَ فِي رِجْلَيْهَا من خُثُورَة بَوْلها.
يُقَال: تقررت الإبلُ فِي أسوُقِها.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
بِهِ أبلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كليهمَا
فقد مارَ فِيهَا نَسْؤُها واقترارُها
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الاقترار: مَاء الفحلِ فِي الرَّحِمِ، أَن تبول فِي رِجْلَيْهَا وَذَلِكَ من خُثورة البوْلِ بِمَا جَرى فِي لَحمهَا، تَقول: قد اقْتَرَّتْ، وَقد اقترَّ المالُ إِذا شَبِعَ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الشَّيْبَانِيّ: الاقتِرارُ: الشبعُ، اقْتَرَّتْ: شَبِعَتْ.
وَحكي عَن الهذليِّ: أكلَ حَتَّى اقتَرَّ، أَي: شبع، يُقَال ذَلِك فِي النَّاس وَغَيرهم.
الْأَصْمَعِي: القُرارةُ: مَا لَصِقَ بأسفلِ القدرِ من السمنِ وَغَيره.
يُقَال: قد اقترَّتِ القِدْرُ وَقد قَرَّرْتُها إِذا مَا طبخْتُ فِيهَا حَتَّى يلصق بأسفلها، واقْتَرَرْتُها إِذا نَزَعتُ مَا فِيهَا مِمَّا لصق بهَا، هَذَا الحرفُ عَن أبي زيد، أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: يُقَال للَّذي يلتزقُ بأسفلِ الْقدر: القُرارَةُ والقُرُرَةُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَحكى الْفراء عَن الْكسَائي

(8/226)


هُوَ: القُرَرَةُ، وَأما أَنا فحفظي القُرُرَةُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو زيد: قَرَرْتُ القدرَ أقُرُّها إِذا فرَّغْتُ مَا فِيهَا من الطبيخ، ثمَّ صببْتُ فِيهَا مَاء بَارِدًا كي لَا تحترق، واسمُ ذلكَ الماءِ القَرارَةُ والقُرارَةُ.
شمر: قَرَرْتُ الكلامَ فِي أذنهِ أقُرُّهُ، وَهُوَ أَن تضعَ فاكَ على أذنهِ فتجهرَ بكلامِكَ كَمَا يُفعلُ بالأصمِ، والأمرُ قُرَّ.
رُوِيَ ذَلِك عَن أبي زيد، وَقد رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
الأصمعيُّ: وقعَ الأمرُ بِقُرِّهِ، أَي: بمستقرهِ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
لعمركَ مَا قلبِي إِلَى أهلهِ بحُرّ
وَلَا مُقْصِر يَوْمًا فيأتيني بِقُرّ
أَي: بمستقرَ.
أَبُو عبيد فِي بَاب الشِّدّةِ يُقَال: صابَتْ بِقُرَ: إِذا نزلت بهم شدةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مثلٌ، يُقَال: صابَتْ بِقُرَ: إِذا صَار الشيءُ فِي قراره. قَالَ: والقَرَارُ: النَّقَدُ من الشاءِ، وهيَ صغارٌ وأجودُ الصوفِ صوفُ النَّقدِ، وهيَ قِصارُ الأرْجُلِ قباحُ الْوُجُوه.
وَأنْشد لعلقمة بن عَبدة:
والمالُ صوفُ قرارٍ يلعبونَ بِهِ
على نِقَادَتِهِ وافٍ ومَجْلُومُ
أَي: يقلُّ عِنْد ذَا وَيكثر عِنْد ذَا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَرارُ: المستقرُّ من الأرضِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: بطُون الأرضِ قرارُها لِأَن الماءَ يستقرُّ فِيهَا.
وَقَالَ غَيره: القَرارُ مستقرُّ الماءِ فِي الرّوْضَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَرارَةُ: الأرضُ المطمئنة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَقَرّةُ: الحوْضُ الكبيرُ يجمع فِيهِ الماءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: أقْرَرْتُ الشَّيْء فِي مقرِّهِ ليقرّ، وفلانٌ قارٌّ: ساكنٌ وَمَا يتقارُّ فِي مَكَانَهُ، والإقرارُ: الاعترافُ بالشَّيْء، والقَرارَةُ: القاعُ المستديرُ، والقَرْقَرَةُ: الأرضُ الملساءُ لَيست بجدّ واسعةٍ، فَإِذا اتسعت غلبَ عَلَيْهَا اسمُ التَّذْكِير فَقَالُوا قرقرٌ.
وَقَالَ عبيد:
تُزْجَى مرابِعَها فِي قَرْقَرٍ ضاحي
قَالَ: والقَرِقُ مثلُ القَرْقَرِ.
شمر: القرقرُ: المستوي الأملسُ الَّذِي لَا شيءَ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القَرْقرةُ: وسطُ القاعِ ووسطُ الغائِطِ، المكانُ الأجردُ مِنْهُ لَا شجرَ فِيهِ وَلَا دفءَ وَلَا حجارةَ، إِنَّمَا هِيَ طين لَيست بجبلٍ وَلَا قُفَ وعرضها نَحْو من عشرَة أذْرُعٍ أَو أقل، وَكَذَلِكَ طولهَا.

(8/227)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القِرْقُ: الأصلُ، وقاعٌ قَرِق مستو.
وَقَالَ أَيْضا: القِرْقُ: لَعِبُ السُّدَّر، والقِرْقُ: الأصلُ الرّديءُ، والقَرْقُ: صوتُ الدّجاجةِ إِذا حَضنَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: قَرِقَ: إِذا هَذَى وقَرِقَ: إِذا لعبَ بالسُّدَّر.
وَمن كَلَامهم استَوَى القِرْقُ فَقومُوا بِنَا، أَي: استوينا فِي اللعبِ فَلم يقمُرْ واحدٌ منا صَاحبه.
وَقَالَ شمر: القَرْقَرَة: قرقرةُ البطنِ، والقرقرةُ نحوُ القهقهةِ، والقرقرةُ: قرقرةُ الفحلِ: إِذا هَدَرَ، والقرقرةُ: قرقرةُ الحمامِ إِذا هدر، وَهُوَ القَرْقَريرُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القواريرُ شجرٌ يشبهُ الدُّلْبَ تُعْمَلُ مِنْهُ الرِّحالُ والموائد.
قَالَ: والقَرُّ والغَرُّ والمَقَرُّ كسرُ طَيِّ الثَّوْب.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَنْجَشَةَ وَهُوَ يَحْدُو بِالنسَاء: (رِفْقاً بِالْقَوَارِيرِ) أَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَام بِالْقَوَارِيرِ النِّسَاء، شَبّهَهُنّ بالقواريرِ لِضَعْفِ عزائمهنّ وقِلَّةِ دوامهنّ على الْعَهْد، والقواريرُ يُسْرعُ إِلَيْهَا الكسرُ، ثمَّ لَا تقبلُ الْجَبْر، وَكَانَ أنجَشَةُ يَحْدُو بهنّ ويرتجزُ بنسيب الشّعْر فيهنّ، فَلم يأمَنْ أَن يُصيبَهُنّ مَا سمعْنَ من رَقِيق الشِّعْر فنهاهُ النبيُّ عَن حُدائِه حذار صَبْوَتَهُنّ إِلَى مَا يَفْتِنُهُنّ.
وَرُوِيَ عَن الحطيئة، أَنه جاور حَيّاً منَ الْعَرَب، فسمعَ شبابَهُم يَتَغَنَّوْنَ، فَقَالَ: أَغْنوا عنّا أغانيّ شُبّانكم، فَإِن الغِنَاء رُقْيَةُ الزِّنى.
وسمعَ وَسمع سُلَيْمَان بن عبد الْملك غِناء راكبٍ لَيْلًا، وَهُوَ فِي مَضْرِبٍ، فَبعث إِلَيْهِ من يحضرهُ وأمرَ بِخِصَائِهِ. وَقَالَ: مَا تَسْمَعُ أنْثى غِناءَهُ إِلَّا صَبَتْ إِلَيْهِ. قَالَ: وَمَا شَبّهْتُه إِلَّا بالفحل يُرْسَلُ فِي إبِلٍ فيُهَدِّرِ فيهنَّ حَتَّى يَضْبَعَهُنَّ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (الْأَنْعَام: 98) .
قَالَ اللَّيْث: المستقِرُّ: مَا وُلِدَ من الْخلق وَظهر على الأَرْض، والمستودع: مَا كَانَ فِي الْأَرْحَام، وَقد مرّ تفسيرهما.
وَقَالَ اللَّيْث: العربُ تُخْرجُ من آخر حُرُوف من كلمةٍ حرفا مثلهَا، كَمَا قَالُوا: رمادٌ رِمْدَدٌ، ورجلٌ رَعِشٌ رِعْشيش، وَفُلَان دخيلٌ على فلَان ودُخْلُلُهُ، والياءُ فِي رِعْشِش مدّة، فَإِن جعلتَ مَكَانهَا ألِفاً أَو واواً، جَازَ، وَأنْشد:
كأَنَّ صَوت جَرْعِهِنّ المُنْحَدِرْ
صَوت شِقِرّاق إِذ قَالَ قِررْ
يصف إبِلا وشربها.
فأظْهَر حَرْفي التَّضْعِيف، فَإِذا صَرّفوا ذَلِك

(8/228)


فِي الفِعْل، قَالُوا: قرقر فيُظهرون حُروف المضاعف لِظُهور الراءين فِي قَرْقَر، وَلَو حكى صوتهُ وَقَالَ: قَرَّ ومَدَّ الراءَ، لَكَانَ تصريفه: قَرّ يَقِرّ قرِيراً، كَمَا يُقَال: صَرَّ يَصِرُّ صَرِيراً، وَإِذا خَفّفَ وأظهرَ الحرفين جَمِيعًا، تحوَّل الصَّوتُ من المَدِّ إِلَى الترجيع فَضوعِفَ لِأَن الترجيع يُضاعفُ كلُّه فِي تصريف الفِعل إِذا رجَّع الصائتُ، قَالُوا: صَرْصَرَ وصَلْصَلَ، على توهُّم المدّ فِي حَال والترجِيع فِي حالٍ. والقَرْقَارَةُ، سُمِّيَتْ لِقَرْقَرَتها، والقُرْقُورُ من أطول السُّفُن، وَجمعه قَرَاقِيرُ.
قَالَ النَّابِغَةُ:
قَرَاقِيرُ النَّبِيط على التّلال
وقُرَاقِرُ وقَرْقَرَى وقَرَوْرَى وقُرّان وقُرَاقِرِيّ: مواضعُ كلهَا بِأَعْيَانِهَا، وقُرَّانُ: قَرْيَة بِالْيَمَامَةِ ذاتُ نخلٍ وسُيوحٍ جَارِيَة.
وَقَالَ عَلْقَمَة بن عَبدة يصف فرسا:
سُلاَّءة كعصا النَّهْدِيّ غُلّ لَهَا
ذُو فَيْئَة من نَوَى قُرَّان معجوم
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: (قارُّوا الصَّلَاة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ السّكُون وَهُوَ من القَرارِ لَا من الوَقار.
وَفِي حَدِيث آخر: (أفضل الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم النَّحْر ثمَّ يَوْم القَرَّ) . أَرَادَ بِيَوْم القَر: الغَد من يَوْم النَّحْر. سُمي يومَ القَر؛ لِأَن أهل الْمَوْسِم يَوْم التَّرْوية وَيَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحر، فِي تعَب من الحجّ فإِذا كَانَ الغَدُ من يَوْم النَّحر، قَرُّوا بِمِنًى. فسمِّي يَوْم القَرّ.
ابْن السّكيت: يُقَال: فلَان يَأْتِي فلَانا القَرَّتَيْن: أَي: يأْتِيه بِالْغَدَاةِ والعِشِيّ.
وَقَالَ لبيد:
يَعْدُوا عَلَيْهَا القَرَّتَيْنِ غُلاَمُ
وقَرَّرت الناقةُ بِبَوْلها تقريراً: إِذا رمَت بِهِ قُرَّةً بعد قُرّةٍ، أَي: دَفْعَةً بعد دَفْعَة، خاثِراً من أكلِ الجبَّة.
وَقَالَ الراجز:
يُنْشِقْنَهُ فَضْفَاضَ بَوْلٍ كالصَّبر
فِي منْخَريه قُرراً بعد قُرَر
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إِذا لَقِحَتْ النَّاقة فَهِيَ مُقِرٌّ وقارِحٌ، وَامْرَأَة قَرُورٌ، لَا تمنع يدَ لامسٍ، كَأَنَّهَا تَقِرُّ وتَسْكُن، وَلَا تنفر من الرِّيبة. والقِرِّيَّةُ: الحوصلة، يُقَال: ألْقِه فِي قِرِّيّتِك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرُور: المَاء الْبَارِد، يُغتسل بِهِ، وَقد اقْتَرَرْتُ بِهِ، وَهُوَ البرود.
وَقَالَ غَيره: القَرَارِيّ: الحَضَرِي الَّذِي لَا يَنْتَجعُ الكَلأَ يكون من أهل الْأَمْصَار، وَيُقَال: إِن كل صانع عِنْد الْعَرَب قَرَارِيّ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَشَقِّ القَرَارِيّ ثوب الرَّدَن
يُريدُ الْخَيَّاط، قد جعله الرَّاعِي قصّاباً فَقَالَ:

(8/229)


ودَارِيَ سَلَخْتُ الجِلْدَ عَنهُ
كَمَا سَلَخَ القَرَارِيّ الإهابا
وَيُقَال: أقْرَرْتُ الكلامَ لفُلَان، إقْرَاراً أَي: بَيّنْتُه لَهُ حَتَّى عَرفه، والمَقَرُّ: مَوضِع بِكَاظِمَة مَعْرُوف، ورجلٌ قُرَاقِريٌّ: جهيرُ الصَّوْت، وَقَالَ:
قد كَانَ هَدَّاراً قُرَاقِرِيّا
وَجعلُوا حِكَايَة صَوت الرِّيح قَرْقاراً.
قَالَ أَبُو النَّجْم:
قَالَت لَهُ رِيح الصِّبَا قَرْقارِ
والقَرْقَرة: دُعَاء الْإِبِل، والإنقاض: دُعَاء الشَّاء وَالْحمير.
وَقَالَ الراجز:
رُبَّ عَجُوزٍ من نُمَيْرٍ شَهْبَرَه
عَلَّمْتُها الإنقاض بعد القَرْقَرَة
أَي: سَبَبْتُها فحوّلْتُها إِلَى مَا لم تعرفه.
ابْن الْأَعرَابِي: عَلَّمتها الإنقاض بعد القَرْقَرة. الإنقاضُ: زجر القَعُود، والقَرْقَرَةُ: زَجْرُ المُسِنّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: يُقَال للخياط: القَرَارِيُّ والفضُوليُّ، وَهُوَ البيطر والشَّاصر.
رق: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرَّقُّ: مَا يكْتب فِيهِ.
قَالَ الله عزّ وجلّ: {مُّسْطُورٍ فِى رَقٍّ} (الطّور: 3) .
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّقُّ: الصَّحِيفَة الْبَيْضَاء.
وَقَالَ الْفراء: فِي رَقَ منشورٍ، الرَّقُّ: الصحائف الَّتِي تخرج إِلَى بني آدم يَوْم الْقِيَامَة، فآخِذٌ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، وآخِذٌ كِتَابه بِشمَالِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَقَول الْفراء، يدلُّ على أَن الْمَكْتُوب يُسَمَّى رَقاً، وَنَحْو قَوْله قَالَ الزَّجَّاج فِي قَوْله: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ} (الطّور: 2) ، الكِتابُ هَا هُنا، مَا أُثبت على بني آدم من أَعْمَالهم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرِّقُّ من المِلْكَ، يُقَال: عبد مَرْقوق ومُرَقّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّقُّ: العُبودةُ، والرَّقِيق: العَبِيد، وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُ على بِنَاء الِاسْم. وَقد رقَّ فلَان: أَي: صَار عَبداً.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُمِّي العبيدُ رَقِيقاً، لأَنهم يَرِقُّون لمالكهم ويذلُّون ويخضعُون، وسُمّي السوقُ سُوقاً، لِأَن الأشياءَ تساقُ إِلَيْهِم، فالسَّوْقُ مصدر، والسُّوق اسْم. والرَّقّ: من ذَوَات الْمَاشِيَة، التِّمساح، والرِّقَّةُ مصدر الرَّقِيق، عامٌّ فِي كل شَيْء حتَّى يُقَال: فلَان رَقِيقُ الدِّين، والرَّقَاقُ: الأَرْض اللَّيِّنَةُ التُّرَاب.
شمر، قَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّقاقُ: الأرضُ المستويةُ اللَّيِّنَةُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الرَّقَاقُ: الأرضُ اللَّيِّنَةُ من غير رمل، وَأنْشد:

(8/230)


كأَنَّها بَيْنَ الرَّقَاقِ والخَمر
إذَا تبارَيْنَ شَآبيبُ مَطَرْ
وَقَالَ اللَّيْث: والرَّقَّةُ: كلُّ أرْضٍ إِلَى جَانب وَادٍ يَنْبسِطُ عَلَيْهَا المَاء أيامَ المدّ، ثمَّ يَنْحَسِرُ عَنْهَا المَاء فتكونُ مكرَمة للنبات، وَالْجمع الرِّقاق.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: أَخْبرنِي أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَاني: أنَّ الرَّقَّة الأرضُ الَّتِي نضب عَنْهَا المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّقَاقُ من الخُبز، نقيضُ الغَلِيظ.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رَقيقٌ ورُقَاقٌ، وَهَذِه رُقَاقَةٌ واحدةٌ، والرَّقَقُ: ضعفُ العِظام، وَأنْشد:
لمْ تَلْقَ فِي عَظْمِها وَهْناً وَلَا رَقَقَا
وَيُقَال: رَقَّتْ عظامُ فلانٍ، إِذا كبِرَ، وأَرَقَّ فُلانٌ، إِذا رَقَّتْ حالُه وقلَّ مَالُهُ، والرَّقْرَاقُ: تَرَقْرُقُ السَّرَاب، وكل شَيْء لَهُ بَصِيصٌ وتَلأْلُؤٌ فَهُوَ رَقْرَاقٌ.
وَقَول العجاج:
ونَسَجت لوامعُ الحَرُور
برقرقان آلها الْمَسْجُور
والرَّقْرَقان: مَا تَرَقْرَقَ من السَّرَاب، أَي: تحرَّك.
وجاريةٌ رَقْرَاقَةُ البَشَرَة، ورَقْرَقْتُ الثوبَ بالطِّيب، ورَقْرَقْتُ الثّرِيدَةَ بالسمن.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ الشمسَ تَطْلُعُ تَرَقْرَقُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: يَعْنِي تَدور تجيءُ وَتذهب.
أَبُو عَمْرو عَن الأصمعيّ: الرَّقْرَاقَةُ من النِّساء: الَّتِي كأَنَّ المَاء يجْرِي فِي وَجْهها، والمراقُّ: مَا سَفَل من البَطن عِنْد الصِّفَاق أَسفل السُّرَّة، ومَرَاقُّ الْإِبِل: أَرْفَاغُها، ومراقُّ الأُنْثَيينِ والأَرفاغ: مَا رَقَّ مِنْهَا وَمن المذاكير واحدُها مَرَقّ.
وَفِي حَدِيث عائشةَ، أَنَّهَا وصفت اغتسال النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجَنَابَة: وَأَنه بَدَأَ بِيَمِينِه فَغَسَلها، ثمَّ غَسَل مَرَاقَّهُ بِشمَالِهِ ويفيضُ عَلَيْهَا بِيَمينِه، فَإِذا أنقاها أهوَى بِيَدِهِ إِلَى الْحَائِط فَدَلكها ثمَّ أَفَاضَ عَلَيْهَا المَاء، والرَّقَاقُ: السَّيرُ السهل.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
بَاقٍ على الأيْنِ يُعْطِي إنْ رَفَقْتَ بِهِ
مَعْجاً رَقاقاً وإنْ تَخْرُقْ بِهِ يَخِد
وَقَالَ أَبُو عبيد: فرسٌ مُرِقٌّ، إِذا كَانَ حَافِرُهُ رَقِيقاً، وَبِه رَقَقٌ، وحِضْنا الرجل: رَقِيقاهُ.
وَقَالَ مُزَاحم:
أَصَابَ رَقِيقَيْه بِمَهْوٍ كَأَنَّهُ
شُعَاعَةُ قَرْنِ الشَّمْس مُلْتهب النَّصْل
وَقَالَ الأصمعيّ: رَقِيقَا النَّخْرَتَين: ناحِيتَاهُما، وَأنْشد:
سَاطٍ إِذا ابْتَلّ رَقيقاهُ ندى
وندى فِي مَوضِع نصب هَا هُنَا، وَمن

(8/231)


أمثالهم: (عَنْ صَبُوح تُرَقِّقُ) يَقُول: تُرَقِّقُ كلامكَ وتُلَطِّفِهِ لِتُوجِب عَلَيْهِ الصّبُوحَ قَالَه رجلٌ لضيف نزل بِهِ لَيْلاً فَغَبَقَهُ فَرَقَّقَ الضيفُ لَهُ كَلَامه لِيُوجبَ الصّبوح من الغدِ.
وروى هَذَا الْمثل عَن الشعبيّ أَنه قَالَه لرجل سَأَلَهُ عَن رجل قَبّل أمَّ امْرَأَتِه، فَقَالَ: حَرُمتْ عَلَيْهِ امرأَتُه، أَعَنْ صبُوحٍ تُرَقِّق.
قَالَ أَبُو عبيد: كأنهُ اتّهَمَه بِمَا هُوَ أفحشُ من القُبْلَة.
وَيُقَال: رَقَقْتُ لَهُ أَرِقُّ، إِذا رَحِمْتُه، ورَقَّ الشيءُ يَرِقُ، إِذا صارَ رَقِيقاً، وَيُقَال: مالٌ مُتَرَقرقٌ للسمنِ ومُتَرقْرِقٌ للهزَال، ومُتَرَقْرِقٌ لِأَن يرمدَ، أَي: متهيء لَهُ، تراهُ قد قَارب ذَلِك ودَنا لَهُ.

(بَاب الْقَاف وَاللَّام)
ق ل
(قل لق لقلق: مستعملان)
قل: قَالَ اللَّيْث: قَلَّ الشيءُ يقلُّ قِلّةً، فَهُوَ قليلٌ، وقُلالٌ، قَالَ: ورجلٌ قُلٌّ: قَصيرُ الجُثَّة.
وَقَالَ غيرهُ: القلُّ من الرِّجَال: الخسيس الدَّنيءُ.
وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
وَمَا كُنْتُ قُلاً قبلَ ذَلِك أزْيبَا
الأزيبُ: الدّعِيُّ.
وَفِي الحَدِيث: (الرِّبَا وإنْ كَثُر فَهُوَ إِلَى قُلّ) أَي: إِلَى قِلّة.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة، وَأنْشد للبيد:
كلُّ بني حُرَّةٍ مصيرهم
قُلٌّ وإنْ أكْثَرَتْ من العَدَد
قَالَ اللَّيْث: وقُلَّةُ كل شَيْء: رأسُه، وقُلّةُ الجَبَلِ: أَعْلَاهُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا بلغ المَاء قُلّتيْنِ لم يَحْمل خَبَثاً) .
قَالَ أَبُو عبيدٍ فِي قَوْله: قُلتين: يَعْنِي هَذِه الحِبَابَ العِظامَ واحدتها قُلّة، وَهِي مَعْرُوفَة بالحجاز، وَقد تكون بِالشَّام، وَجَمعهَا قِلالٌ. وَقَالَ حسان:
وأَقْفَرَ من حُضَّارِهِ وِرْدُ أهْلِه
وَقد كَانَ يسقَى من قلال وحَنْتَمِ
وَقَالَ الأخطل:
يَمْشُونَ حول مكلَّمٍ قد كدّحت
مَتْنَيْه حملُ حَنَاتمٍ وقِلاَل
وَقَالَ أَبُو مَنْصُور: وَفِي حَدِيث آخر فِي ذِكر الْجنَّة ونبقِها مثلُ قِلال هجر وقِلال هَجَر، والأحْسَاء ونواحيها مَعْرُوفَة، وَقد رأَيتُها بالأحساء، فَالقلّةُ مِنْهَا تأخذُ مَزَادَةً من المَاء، وتملأ الرَّاوية قُلتَيْن، ورأيتهم بالأحساء يسمونها الخرُوس وَاحِدهَا خَرْسٌ، ورَأَيتُهُم يسمونها قِلالاً؛ لِأَنَّهَا

(8/232)


تُقَلُّ: أَي: ترفعُ وتحوَّلُ من مَكَان إِلَى مَكَان، إِذا فرغت من المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أقلَّ الرجل الشيءَ واسْتَقَلَّه، إِذا احْتملَهُ، واستقلّ الطائرُ: إِذا نهضَ للطيرَان، واستقل النَّبَات: أناف، واستقل القومُ: إِذا احتملوا ظاعنين.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً} (الْأَعْرَاف: 57) ، أَي: حملتْ.
وَقَالَ ابْن هانىء عَن أبي زيد يُقَال: مَا كَانَ من ذَلكَ قِلِيلةٌ وَلَا كثيرةٌ، وَمَا أخذتُ مِنْهُ قَليلةً وَلَا كَثِيرَة، فِي معنى لم آخذ مِنْهُ شَيْئا، وَإِنَّمَا تدخل الْهَاء فِي النَّفْي.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} (الْبَقَرَة: 88) ، و: {اللَّهِ قَلِيلاً مَّا} (النَّمْل: 62) ، نصب قَلِيلا فِي الْآيَتَيْنِ بِالْفِعْلِ الْمُؤخر، أَرَادَ يُؤمنُونَ إِيمَانًا قَلِيلا، ويذكرُون تذكُّراً قَلِيلا، وَمَا: صلَة مُؤَكدَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَلَّ إِذا رَفَع، وقَلّ إِذا علا.
وَقَالَ الفراءُ: القَلّةُ: النّهضةُ من عِلّة أَو فقر بفَتح الْقَاف.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القِلُّ: الرعدةُ، يُقَال: أخذهُ قِلٌّ، إِذا أُرعدَ من الغَضَب، وَيُقَال للرجلِ إِذا غضب قد استُقلّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قَبِيعَةُ السَّيْف: قُلَّته، وسيفٌ مقلَّلٌ، إِذا كَانَت لَهُ قبِيعةٌ.
وَقَالَ أَبُو كَبِير الهذليّ، أَو غَيره من شعراء هُذَيْل:
وكُنا إِذا مَا الحربُ ضُرِّس نَابُها
نقوِّمها بالمشْرفيِّ المقَلّلِ
وَقَالَ أَبُو زيد: قاللْتُ لفلانٍ وَذَلِكَ إِذا قَلَّلْتَ مَا أَعْطيته، وتقاللتُ مَا أَعْطَانِي، أَي اسْتَقْللْتُه، وتكاثرته، أَي: استكثرته.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلْقَلَةُ والتّقَلْقُلُ: قلَّة الثُّبُوت فِي الْمَكَان، والمسمار السّلِسُ يتقلقلُ فِي مَوْضِعه، إِذا قلِقَ، وفرسٌ قُلْقُلٌ: جوادٌ سريعٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: رجل قُلْقُلٌ بُلْبُلٌ، إِذا كَانَ زوْلاً خَفِيفا ظريفاً والجميع قلاقلُ وبلابلُ، والقَلْقَلَة: شدّة اضْطِرَاب الشَّيْء فِي تحركه، وَهُوَ يَتَقَلْقَلُ، ويَتَلَقْلَقُ بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد:
إِذا مضتْ فِيهِ السِّياط الْمُشَّقُ
شبهَ الأفاعي خيفةً تلقلقُ
وَقَالَ أَبو عبيد فِي بَاب المقلوب: قلقلْتُ الشيءَ، ولَقْلَقْتُهُ بِمَعْنى وَاحِد.
والقَوْقَلُ: ذكر الحَجَل.
وَقَالَ الراجز:
تمشي بِجَهْم مثل قوقل الحجل
نعم غلاف العائر الضخم المِتَلّ
والنعمان بن قَوْقَلٍ: رجلٌ من الْأَنْصَار،

(8/233)


روى عَنهُ جَابر بن عبد الله حَدِيثا.
وَقَالَ اللَّيْث: القِلْقِلُ لَهُ حب أَسود عِظَام تُؤْكَل.
وَأَنشد:
جُعَارُها فِي الصَّيف حبُّ القِلْقِلِ
وَمن أمثالهم: (دَقّكَ بالمِنْحازحبَّ القِلْقِل) ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه، قَالَ: والقِلْقِلُ: حَبٌّ صلبٌ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: أَنه قَالَ الصَّوَاب: دَقّك بالمنحازِحَبّ الفُلفُل، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ حَبُّ المرَق، وَأما حب القِلقِل، فإنهُ لَا يُدَقّ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: والقُلْقُلانُ والقُلاقِلُ، نبتٌ لثمرهِ أَكْمامٌ، إِذا يَبسَتْ تَقَلقَلَ حَبها فِي جوفها عِنْد تحريكِ الرِّياح إِيَّاهَا.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كأَن صَوت حليها إِذا انْجفل
هَز ريَاح قلقلانا قد ذبل
وَقَالَ اللَّيْث: القلقلانيُّ، كالفَاختة، ورجلٌ قَلْقال: صَاحب أسفار، وتقلقل فِي الْبِلَاد: تقلَّبَ فِيهَا.
القلق ألاّ يستقرّ الشيءُ فِي مكانٍ وَاحِد، وَقد أقلقتهُ فقلقَ، والقلقيُّ ضربٌ من اللُّؤلُؤ، وَقيل: هُوَ من القلائِدِ المنْظُومَةِ باللُّؤْلُؤ.
وَقَالَ عَلْقَمَة:
محَالٌ كأجْوازِ الجَرادِ ولُؤْلؤٌ
من الْقَلَقيِّ والكَبِيسِ الْمُلَوَّب
لق: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: اللَّقَقَة: الحُفَرُ المضَيَّقَةُ الرُّؤوس، واللَّقَقَةُ: الضَّارِبون عُيُون النَّاس براحاتِهمْ.
وَقَالَ غَيره: الخقُّ واللَّقُ: الصَّدعُ فِي الأَرْض، وَكتب بعض الْخُلفَاء إِلَى عاملٍ لَهُ: لَا تَدع فِي ضَيْعَتنَا خَقّاً إِلَّا زرعْتَهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: لَقَقْتُ عينه أَلُقُّها لَقّاً وَهُوَ ضرب العيْنِ بالكفِّ خَاصَّة وَمثله لمقته لمْقاً.
لقلق: قَالَ شمر: اللَّقْلَقَةُ: إعجالُ الْإِنْسَان لِسَانه حَتَّى لَا ينْطق عَلَى وقَارٍ وتَثَبُّتٍ، وَكَذَلِكَ النظرُ إِذا كَانَ سَرِيعا دائِباً، وَمِنْه قَول امرىء القَيْسِ:
وجَلاَّهَا بِطَرْف مُلَقْلَقٍ
أَي: سريع لَا يَفْتُرُ ذكاءً، قَالَ: والحَيَّةُ تُلَقْلِقُ إِذا أدامت تَحْرِيك لَحْيَيْهَا وَإِخْرَاج لِسانها وَأنْشد:
مثلُ الأفاعي خِيفَةً تُلَقْلِقُ
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّقْلاَقُ طائرٌ أعْجمي، واللَّقْلاَقُ: الصَّوْت وَكَذَلِكَ اللَّقْلَقَةُ وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد وَأنْشد:
وكَثُرَ الضّجَاج واللَّقْلاَقُ
قَالَ: واللَّقْلَقُ: اللِّسَان، وروِي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: من وُقِي شَرَّ لَقْلَقِهِ وقَبْقَبِهِ

(8/234)


وذَبْذَبِهِ فقد وُقِيَ، فلَقْلَقُهُ لسانُهُ وقَبْقَبُهُ بطنُهُ وذَبْذَبهُ فَرْجهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ مُلَقْلقٌ: حادٌّ لَا يَقِر فِي مَكَانَهُ، واللَّقْلَقَةُ: تقطيعُ الصوتِ، وَهِي الْوَلْوَلَةُ، وَأنْشد:
إِذا هُنَّ ذُكِّرْنَ الحَيَاءَ معَ التُّقى
وَثَبْنَ مُرِنَّاتٍ لَهُنَّ لَقَالِقُ

(بَاب الْقَاف وَالنُّون)
ق ن
(قنّ نقّ: مستعملان) .
قن: قَالَ اللَّيْث: القِنُّ: العَبْدُ للتَّعْبِيدةِ وَالْجمع الأقْنانُ وَهُوَ إِذا ملَكْتهُ وأبويْهِ، يُقَال مِنْهُ: أمةٌ قِنٌّ وعَبْدٌ قِنٌّ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَان والجميعُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي، قَالَ: العَبْدُ القِنُّ الَّذِي مُلِك هُوَ وَأَبَوَاهُ، وَأَخْبرنِي المُنْذِري عَن أبي طَالب أَنه قَالَ قَوْلهم عَبْدٌ قِنٌّ. قَالَ الْأَصْمَعِي: الْقِنُّ الَّذِي كَانَ أَبوهُ مَمْلُوكا لِمَوالِيهِ، فَإِذا لم يكن كَذَلِك فَهُوَ عَبْدُ مَمْلكَةٍ وكأنَّ الْقِنَّ مأخوذٌ من الْقِنْيةِ وَهِي الْمِلْكُ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَذَلِكَ مثلُ الضِّحِّ وَهُوَ نور الشَّمْس الْمشرق على الأَرْض، وَأَصله ضِحْيٌ، وَقد ضَحِيَ للشمس إِذا بَرَزَ لَهَا وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: عَبْدٌ قِنٌّ، مُلك، هُوَ وأبواهُ من القُنَانِ وَهُوَ الكُمُّ يَقُول كَأَنَّهُ فِي كُمِّهِ هُوَ وأَبَوَيْه، وَقيل: هُوَ من الْقِنْيَةِ إِلَّا أَنه يُبدل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: عبدٌ قِنٌّ: خالِصُ العُبُودَةِ وقِنٌّ بَين القُنونَةِ والقنَانَةِ، وقِنٌّ وقِنَّان وأَقْنَانٌ، وَغَيرهُ لَا يُثنِّيهِ وَلَا يجمعُهُ وَلَا يؤنثُهُ.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء: هُوَ قُنُّ القَمِيصِ وقُنَانُه وَهُوَ الْكُمُّ.
وَقَالَ غَيره: قُنَّةُ الجَبل وَقُلَّتُهُ أعْلاه، والجميع القُنَنُ والقُلَلُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القِنّةُ: القُوَّة من قوى حَبْلِ اللّيفِ، وَجَمعهَا قِنَنٌ.
وَقَالَ: وأنشدنا الْقَعْقَاع اليشكريُّ:
يصْفَحُ لِلقِنّةِ وَجْهاً جَأْباً
صَفْحَ ذِرَاعَيْهِ لِعَظْمٍ كلْبا
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وقَنَانٌ اسمُ جبلٍ بأعْلَى نجدٍ، وَابْن قَنان رجلٌ من الأعْرابِ.
شمرٌ عَن الْأَصْمَعِي: القُنَّةُ هِيَ نَحْو القَارةِ وَجَمعهَا قِنَانٌ، وَيُقَال: القُنّةُ: الأكمَة المُلَمْلَمة الرَّأْس وَهِي القارة لَا تُنْبِتُ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اقتَنَّ الشيءُ إِذا انْتَصَب يَقتَنُّ اقتِناناً، وَأنْشد:
والرَّحْل يَقْتَنُّ اقْتِنانَ الأعْصم
وَيُقَال: اقْتِنَانُ الرّحْلِ لُزُومه ظهر الْبَعِير.
وَقَالَ اللحياني: اقْتَنَنَّا قِنّاً أَي: اتخذنَاهُ

(8/235)


وَإنَّهُ لَقِنٌّ بَين القَنَانَةِ، ابْن الْأَعرَابِي: التّقنِينُ: الضّرْبُ بِالقنِّينِ وَهُوَ الطُّنْبُورُ بالحبشيّةِ والكوبَة الطَّبْلُ وَيُقَال: النَّرْدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِنِّينَة وعاءٌ يُتّخذ من خَيْزُرَان أَو قضبانٍ قد فُصل دَاخلهُ بحواجز بَين مَوَاضِع الآنِيَة عَلَى صِيغة القَشْوةِ، والقِنِّينة من الزّجاج معروفةٌ وجمعُها القنَاني، وَفِي الحَدِيث: (إِن الله حرم الْخمر والكوبة والقنين) ، والقُنانُ: ريحُ الْإِبِط أَشدُّ مَا يكون.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: هُوَ مثل الصُّنان سَوَاء وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القُناقِنُ: البصيرُ باسْتِنباط الْمِيَاه، وَجمعه قَنَاقِنُ وَأنْشد للطرماح يصف الْوَحْش:
يُخَافِتْنَ بعض المضْغِ من خشيَةِ الرّدَى
ويُنْصتْنَ لِلسَّمع انْتصاتَ القَناقِنِ
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ القِنْقِنُ والقُناقِن وَجَاء فِي حَدِيث يرويهِ عبد الله بن عمر: (أَن اللَّهَ حرم الْخمر والكوبةَ والقِنِّينَ) .
قَالَ القتيبيُّ: القِنِّينُ لُعْبَةٌ للرومِ يَتَقامرون بهَا.
نق: قَالَ اللَّيْث: النَّقيقُ والنّقنَقَة من أصوات الضّفادِع يَفصلُ بَينهمَا المدُّ والترجيعُ، قَالَ: والنِّقنِقُ: الطَّائِر، والدَّجاجة تُنَقنِقُ للبيض وَلا تنِقُّ لأنّها تُرجِّع فِي صوْتِها.
وَقَالَ غَيره: نَقَّتْ الدَّجاجة ونَقْنَقَتْ. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: نَقْنَقَتْ عينه نَقْنَقةً إِذا غَارتْ.
قَالَ أَبُو عبيد: والضفَادعُ والعقرَبُ تَنِقُّ. قَالَ جريرٌ:
كأَنَّ نَقِيقَ الحبِّ فِي حاويائهِ
فحيحُ الأفاعِي أَو نقِيقُ العَقَارِب
وَمن أمثالِ العربِ فِي بابِ أفعلَ هُوَ أرْوى من النَّقَّاقَةِ، وَهِي ضفادِعُ المَاء تَنِقُّ فِيهِ.

(بَاب الْقَاف وَالْفَاء)
ق ف
(قفّ فقّ: مستعملان) .
قف: قَالَ اللَّيْث: القُفَّة كهيئةِ القَرْعة تُتخذُ من خُوصٍ.
وَيُقَال: شيخٌ كالْقُفَّةِ، وعَجوزٌ كالْقُفةِ، وَأنْشد:
كل عَجوزٍ رَأسهَا كالقُفَّةِ
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد كالكُفَّةِ.
قَالَ اللَّيْث: واستقَفَّ الشّيخُ إِذا انضمَّ وتَشَنَّجَ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: والقُفَّةُ: شَجرة مُستديرةٌ ترتَفعُ عَن وَجه الأَرْض بِقدر شهرٍ وتَيبَسُ فَشبِّهَ بهَا الشيخُ إِذا عَسَا. وَيُقَال: كأَنه قُفَّةٌ.
القَفُّ بفتحِ القافِ، مَا يَبسَ من البُقولِ البَرِّيَّةِ وتناثر فَالْمَال يرعاه ويَسْمَنُ عَلَيْهِ.
يُقَال لَهُ: القَفُّ والقَفيفُ والقَميمُ.

(8/236)


وَقَالَ أَبُو عبيد: القُفْعَةُ مثل القُفَّةِ من الخُوصِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: لما يَبِسَ من أحْرارِ البُقولِ، وذكورها القَفُّ والقَفيفُ.
وروى أَبُو رَجاءٍ العطارديّ أَنه قَالَ: يَأْتوننِي فَيحملوننِي كأَنني قُفَّةٌ حَتَّى يضعُوني فِي مقَام الإِمَام فَأَقْرَأ بهمُ الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ فِي ركعةٍ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْلهم: كبر حَتَّى صَار كَأَنَّهُ قُفَّةٌ وَهِي الشجرةُ الباليةُ الْيَابِسَة.
قلت: الشجرةُ الْيَابِسَة يُقَال لَهَا القَفَّة بِفَتْح الْقَاف، وأَمَّا القَفّةُ فَهِيَ القَفْعَةُ من الخوص، يضيق رَأسهَا، وَيجْعَل لَهَا عُرى تعلق بهَا فِي آخِرَة الرَّحْل شُبِّه الشَّيْخ الْكَبِير بهَا لاجتماعه أَو تَقَبُّضِه.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَجَائِز أَن يشبَّه الشَّيْخ إِذا اجتمعَ خَلقهُ بِقفَّةِ الخوص وَهِي كالقرعة يجعلُ لَهَا مَعاليقُ تعلق بهَا من رَأس الرحلِ يضع الرَّاكِب فِيهَا زَادَهُ وَتَكون مُقَوَّرَة ضَيِّقَةَ الرَّأسِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أقَفّتِ الدّجاجةُ: إِذا أقْطعَتْ وانقَطعَ بيضُهَا.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: أقَفّتِ الدّجاجَةُ إقْفافاً: إِذا جَمَعَتِ البيضَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَقَفّتْ عَينُ الْمَرِيض إقْفافاً: إِذا ذَهَبَ دَمعها وارْتَفَعَ سَوادُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: القُفُّ: مَا ارتفعَ من مُتُونِ الأَرْض وصَلبتْ حِجارتهُ، والجميع قِفافٌ.
وَقَالَ شمر: القُفُّ: مَا ارْتَفع من الأرضِ وغَلظ وَلم يبلغ أَن يكونَ جَبلاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القُفُّ: حِجارةٌ غاص بَعْضهَا ببعضٍ حمرٌ لَا يخالطها من اللين والسُّهولةِ شَيْء، وَهُوَ جَبلٌ غير أَنه لَيْسَ بطويلٍ فِي السَّمَاء فِيهِ إشْرَافٌ على مَا حوْلَهُ وَمَا أشرفَ مِنْهُ عَلَى الأَرْض حِجارةٌ تحتَ تِلْكَ الْحِجَارَة أَيْضا حجارةٌ قَالَ: وَلَا تلقى قُفّاً إِلَّا وَفِيه حجارةٌ متقلِّعَةٌ عظامٌ مثلُ الْإِبِل البُرُوكِ وَأعظم وصِغارٌ.
قَالَ: ورُب قُفَ حجارتهُ فنادِيرُ أَمْثَال الْبيُوت.
قَالَ: وَيكون فِي القُفِّ رياضٌ وقِيعانٌ والرَّوضَةُ حينئذٍ من القُفِّ الَّذِي هِيَ فِيهِ، وَلَو ذَهَبت تَحفُرُ فِيهَا لغلبَتْك كَثْرَة حجارتها، وَهِي إِذا رَأَيْتهَا رَأَيتها طيناً، وَهِي تنبتُ وتُعْشِبُ، وإنهَا قُف القَفِّ حجارتهُ.
وَقَالَ رُؤبةَ:
وقُفُّ أقْفافٍ ورَمْلٍ بَحوْنٍ
قلت: وقِفافُ الصَّمَّان على هَذِه الصّفة وَهِي بلادٌ عَرِيضةٌ واسعةٌ فِيهَا رياضٌ وقيعانٌ وسُلقان كَثِيرَة وَإِذا أخْصبَتْ رَبّعتِ الْعَرَب جَمِيعًا بِكَثْرَة مرابعها، وَهِي من

(8/237)


حُزونِ نجْدٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: والقُفّةُ: بُنَّة الفأس.
قَالَ: بُنّةُ الفأسِ، أَصْلهَا الَّذِي فِيهِ فُرْتهَا الَّذِي يَجْعَل فِيهِ فعالها.
وَقَالَ اللَّيْث: والقَفْقفةُ: اضْطِرَاب الحنكين واصطكاكُ الْأَسْنَان من بَرْدٍ أَو غَيره.
قَالَ: والقُفَّةُ: الرِّعْدَةُ، والقَفّانُ: الجماعةُ.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن حُذَيْفَة قَالَ لَهُ: إِنَّك تستعين بِالرجلِ الفاجِر فَقَالَ: إِنِّي أسْتعينُ بِقوتِهِ ثمَّ أكون على قَفَّانِهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: قَفَّانُ كل شَيْء جمَاعه واسْتقْصاءُ مَعْرفتهِ، يَقُول: أكون على تَتبُّع أمره حَتَّى أسْتقْصي علمه وأَعرفهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أَحسب هَذِه الْكَلِمَة عَرَبِيَّة، وَإِنَّمَا أَصْلهَا قبَّانٌ، وَمِنْه قَول الْعَامَّة: فلانٌ قبانٌ على فلانٍ إِذا كَانَ بمنزلةِ الْأمين عَلَيْهِ والرئيس الَّذِي يَتتبعُ أمره ويحاسبُهُ، وَلِهَذَا قيل لهَذَا الْمِيزَان الَّذِي يقالُ لهُ القبَّانُ قَبَّانٌ، وقَفْقفَا الطَّائِر جَنَاحاهُ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
يَظَلُّ يَحُفُّهنَّ بِقَفْقَفَيْهِ
ويَلْحَفُهُنَّ هَفْهَافاً ثخينا
يصف ظليماً حَضنَ بيضهُ وقَفقفَ عَلَيْهِ بجناحيهِ عِنْد الحضان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: تَقَفقفَ من الْبرد وتَرَفرف بِمَعْنى واحدٍ.
ابْن شُمَيْل: القفَّة رعدةٌ تَأْخُذ من الْحمى.
أَبُو عبيد يُقَال للجبان إِذا فزع قد قفّ مِنْهُ شعره: إِذا قَامَ من الْفَزع، وَمثله قد اقْشعرتْ مِنْهُ ذوائبه ودوائره.
فق: قَالَ اللَّيْث: الفَقُّ والانْفقاق: الانفراجُ.
يُقَال: انفَقَّتْ عَوَّةُ الْكلبِ إِذا انْفرجتْ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: فقَقْتُ الشيءَ إِذا فَتحته.
وَقَالَ اللَّيْث: الفقفقةُ حِكَايَة عوّاتِ الْكلاب.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجلٌ فَقْفَاقٌ، أَي: مخلَّطٌ.
وَقَالَ شمر: رجلٌ فقاقةٌ، أَي: أَحمَق.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ فقاقةٌ مخفَّفُ الْقَاف، أَي: أَحمَق، قَالَ: والفَقَقَةُ الحَمْقى، قَالَ: وفقفقَ الرجلُ إِذا افتقرَ فقرا مُدْقِعاً.

(بَاب الْقَاف وَالْبَاء)
ق ب
(قبّ بقّ: مستعملان) .
قب: القَبُّ: ضربٌ من اللُّجُمِ أصعَبُها وَأَعْظَمهَا، وَيُقَال لشيخ القومِ قَبُّ الْقَوْم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القَبُّ هُوَ الْخَرْقُ

(8/238)


الَّذِي فِي وسط البَكرَةِ وَله أَسْنَان من خشب. قَالَ: وَتسَمى الْخَشَبَة الَّتِي فَوق أسنانِ المحالة القَبَّ وَهِي البكرة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: عَلَيْك بالقَبِّ الأكبرِ يريدونَ الرأسَ الْأَكْبَر.
ابْن هانىءٍ عَن أبي عُبَيْدَة: قِبُّ الإسْتِ وَهُوَ العُصْعُصُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزق قبك بِالْأَرْضِ، وَقَالَ وقَبُّ الدُّبُر مفرج مَا بَين الألْيَتَيْنِ.
أَبُو عبيد: القَبُّ مَا يُدْخَلُ فِي جيبِ القميصِ من الرّقاع.
وَقَالَ شمر: الرأسُ الأكبرُ يرادُ بهِ الرَّئيسُ، يُقَال: فلانٌ قَبُّ بني فلانٍ، أَي: رئيسهم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَا سمعنَا العامَ قابَّةً يَعْنِي الرعدَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَا أصابتنا العامَ قابَّةٌ، وَيَقُول: هُوَ الرَّعدُ، وَإِنَّمَا هُوَ: مَا وقعتِ العامَ ثَم قابَّةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث مَا قَالَ ابْن السّكيت، وَلكنه قالهُ بِغَيْر حرف الجَحْدِ، وَقَالَ: أَصَابَتْهُم العامَ قابَّةٌ أَي شيءٌ من الْمَطَر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَبَّ التمرُ يَقِبُّ قُبُوباً إِذا يبسَ وَكَذَلِكَ الجرحُ، وقبَّ الأسدُ يَقِبُّ قَبيباً إِذا سَمِعت قَعْقَعَةَ أنيابِه، وَقد اقْتَبَّ فلانٌ يَد فلانٍ اقتِباباً إِذا قطعهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القبقبةُ صوتُ جوفِ الفرسِ وَهُوَ القَبيبُ، وَقيل للبطنِ قَبْقَبٌ لِقَبْقَتِهِ، وَهِي حِكَايَة صوتِ الْبَطن، والأقَبُّ الضامرُ، والمرأةُ قَبَّاء وَالْجمع قُبٌّ.
وَقَالَ أَبُو نصر: سمعتُ الْأَصْمَعِي يَقُول: رُوِي عَن عمر أَنه ضَرَبَ رجلا فَقَالَ: إِذا قَبَّ ظهرهُ فردُّوهُ إليَّ.
قَالَ: وقَبَّ ظهرُهُ يقُبُّ قُبوباً، إِذا ضُرب بالسوْط وَغَيره، فَجَفَّ فَذَلِك القُبُوب.
وقبقبَ الفحلُ: إِذا هدرَ قبقبةً.
وَقَالَ اللَّيْث: قَبَّ اللحمُ يَقِبُّ: إِذا ذهبت نُدُوَّتُهُ وطراوته.
وَقَالَ خَالِد بن صَفْوَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعاتبه: لَا تُفْلِحُ العامَ وَلَا قابِلَ وَلَا قابَّ وَلَا قُباقِب وَلَا مُقَبْقِبَ، وكل كلمةٍ مِنْهَا لسنةٍ بعد سنة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَبْقَابُ: الكذّابُ، قَالَ: والقبقابُ: الخرَزَةُ الَّتِي تُصْقَلُ بهَا الثِّيَاب.
عَمْرو عَن أَبِيه: قَبْقَبَ إِذا حَمُقَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبَبُ: دِقَّةُ الخَصْر.
وَأنْشد فِي وصف فرس:
اليدّ سابحةٌ والرّجْلُ طامحة
والعينُ قارِحةٌ والبطنُ مَقْبُوب
أَي: قُبَّ بطنُه، وَالْفِعْل: قَبَّه يَقُبُّه قَبّاً، وَهُوَ شدَّة الدَّمْج للاستدارة، والنعتُ أقَبّ

(8/239)


ُ وقَبَّاء.
وَيُقَال لِلْبَصْرَةِ: قُبَّة الْإِسْلَام، وَيُقَال: قَبَّبْتُ قُبَّةً أُقَبِّبُها تقبيباً، إِذا بنيتها.
وَقَالَ غَيره: القُباب: ضَرب من السّمك يشبه الكَنْعَد.
وَقَالَ جرير:
لَا تَحْسِبنّ مِراسَ الحربِ إِن خطرت
أكلَ القُباب وأَدْم الرُّغْف بالصير
وَسمعت أَعْرَابِيًا ينشد فِي جاريةٍ تسمى لَعْسَاء:
لَعْساءُ يَا ذاتَ الحِرِ القبقاب
فسألتهُ عَن القبقابِ فَقَالَ: هُوَ الْوَاسِع المسترخي الَّذِي يُقَبْقِبُ عِنْد الْإِيلَاج.
وَقَالَ الفرزدق:
لَكَمْ طَلَّقْت فِي قيس عيلانَ من حِرٍ
وَقد كانَ قَبْقَاباً رِماحُ الأراقِمِ
وَسُئِلَ أَحْمد بن يحيى عَن تَفْسِير حَدِيث رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خيرُ الناسِ القُبِّيّونَ) فَقَالَ: إِن صَحَّ الخبرُ فهُم الَّذين يَسْرُدُونَ الصَّومَ حَتَّى تضمُرُ بطونُهُم.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَبَّ إِذا ضُمِّرَ للسِّباق، وقَبَّ إِذا جفَّ. قَالَ: والقبقبُ: سَيرٌ يدورُ على القَرَبُوسَيْنِ كليهمَا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القَبْقَبُ عِنْد العربِ خشبُ السَّرْجِ وَعند المولدين سيرٌ يعترضُ وَرَاء القَرَبوسِ الْمُؤخر.
وَأنْشد غَيره:
يَزِلَ لِبْدُ القَبْقَب المركاح
عَن مَتنِهِ من زَلَقٍ رَشّاح
فجعلَ السَّرْجَ نفسهُ قبقباً كَمَا يسمونَ النَّبْلَ ضَالًّا والقوسَ شَوْحَطاً.
بق: قَالَ اللَّيْث: البَقّ: عظامُ البعوضِ الْوَاحِدَة بَقَّةٌ.
وَقَالَ رؤبة:
يَمْصَعْنَ بالأذنابِ من لوحٍ وبَقّ
اللَّوْح: الْعَطش هَا هُنَا.
قَالَ: والبَقاقُ إِسْقَاط مَتَاع الْبَيْت، قَالَ: وبلغنا أَن عَالما من علماءِ بني إِسْرَائِيل وضعَ للناسِ سبعين كتابا فِي الأحكامِ وصُنُوفِ الْعلم فأَوحى اللَّهُ إِلَى نبيَ من أَنْبِيَائهمْ أَن قُلْ لفلانٍ إِنك قد ملأتَ الأرضَ بَقاقاً وَإِن اللَّهَ لم يقبل من بَقاقِكَ شَيْئا.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: البقاقُ كثرةُ الْكَلَام.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: بَقَّ الرجلُ وأبَقَّ إِذا كثر كَلَامه.
قَالَ: وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
وَقد أقودُ بالدّوَي المُزَمَّلِ
أخْرَسَ فِي السّفرِ بَقاق الْمنزل
يَقُول: إِذا سَافر فَلَا بَيَان لَهُ وَلَا لِسَان وإِذا أَقَامَ بالمنزل كثر كَلَامه.
فَمَعنى الحَدِيث: أنَّ الله لم يقبل مِمَّا أَكثر

(8/240)


من كَلَامه شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: البَقْبَقَةُ حكايةُ صوْتٍ كَمَا يُبَقْبِقُ الْكوز فِي الماءِ، ويقالُ للرَّجُلِ الْكثير الْكَلَام بَقْبَاقٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أبَقَّ وَلدُ فلَان إبقاقاً إِذا كَثُرُوا، وبَقَّ النَّبْتُ بقوقاً وذَلك حِين يطلعُ، وأبقَّ الْوَادي إِذا طَلعَ نَبَاته.
وَأما قَول الرَّاعِي:
رَعَتْ مِنْ خُفافٍ حينَ بقَّ عِيابهُ
وَحَلَّ الرَّوَايَا كل أَسْحَمَ ماطِرِ
قَالَ بَعضهم: بقَّ عيابهُ أَي: نشرها وبَقَّ فلانٌ مَاله أَي فَرقَهُ.
وَقَالَ الرَّاجزُ:
أمْ كَتَمَ الفَضلَ الَّذِي قد بقَّهُ
فِي المسلمينَ جِلَّهُ وَدِقَّهُ
وَيُقَال: بَقْبَقَ عَلَينَا الكلامَ أيْ فَرَّقَهُ، وبَقَّةُ اسمُ امرأةٍ، وَأنْشد الْأَحْمَر:
يَوْمُ أدِيم بَقةَ الشَّرِيم
أفضلُ مِنْ يَوْم احلقي وقومي
يريدُ بقولهِ: احلقي وقومي الشِّدَّة، وبقَّةُ اسمُ موضعٍ بِعَيْنِه.
وَمِنْه قَوْلهم فِي ترقيص الصَّبِي:
ترقَّ عَيْنَ بقَهْ. . حُزُقَّةً حُزُقَّهْ
قيل: عين بقَّة اسْم قصر أوْ حِصْنٍ، أَرَادَت أَن تَقول لَهُ: إرْقَ عَيْن بقَّه، أَي: اصْعَدْ إِلَى أعْلاها، وَقيل: نَاغَتْهُ بِهَذَا فشبهته بِعَين البقَّة لصِغَر جثته.
وَأما قَول الشَّاعِر:
ألم تَسْمَعَا بالبَقَّتَيْن المناديا
فإنَّهُ أرَادَ بالبقتين الْحصن الْمَعْرُوف فثنّاه.
كَمَا قَالَ:
ومَهْمَهَين قذفين مَرتين
قَطَعْنَهُ بالأمِّ لَا بالسمتَين
وَرُبمَا ثنى فقيلَ البَقّتينِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَقَقَةُ الثّرْثارُونَ.
قَالَ: وكنتُ إِذا أتيتُ العُقيْليَّ لم يتكلمْ بشيءٍ إِلَّا كتبتُهُ.
فَقَالَ: مَا تَرَكَ عِنْدِي قابَّةً إِلَّا اقتبها وَلَا نُقارَةً إِلَّا انْتَقَرَها.

(بَاب الْقَاف وَالْمِيم)
ق م
(قمّ مقّ: مستعملان) .
قُم: قَالَ اللَّيْث: القَمُّ مَا يُقَمُّ من قماماتِ القماش فيجمعُ والمِقَمَّةُ مِرَمَّة الشاةِ تلُفُّ بهَا ماأصابتْ على وَجه الأرضِ تأكلُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: للغَنَمِ مقامُّ واحدتها: مِقَمَّةٌ، وللخيلِ الجحافل، وَهِي الشفَةُ للْإنْسَان.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال: مِقَمّةٌ ومِرَمةٌ لفم الشَّاة.

(8/241)


قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَقُول: مَقمَّةٌ ومَرَمَّةٌ قَالَ: وَهِي مِنَ الكلبِ الزُّلقُومُ ومِنَ السبَاع الخطم، والمقَمّةُ: المكنسةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِمَّة رَأس الْإِنْسَان، وَأنْشد:
ضَخْم الفريسةِ لَو أبصرتَ قِمَّتَهُ
بَين الرِّجَال إِذا شبَّهتهُ الجَبَلا
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القمةُ قمة الرأسِ وَهِي أعلاهُ، وَيُقَال: صَارَ القمرُ على قمة الرَّأس: إِذا صَار على حيالِ وسط الرَّأْس.
قَالَ ذُو الرمة:
وَرَدْتُ اعتسافاً والثُّريا كَأَنَّهَا
على قمةِ الرَّأسِ ابنُ مَاء يحلقُ
وقيلَ: القِمةُ شخص الإنسانِ إِذا كانَ قَائِما يُقَال: إِنَّه لحسنُ القمة على الرحل، وَيُقَال: ألْقى عَلَيْهِ قمتهُ أَي: بدَنه، وَيُقَال: فلانٌ حسنُ القامةِ والقمةِ والقُومية.
قَالَ: وَيُقَال: قَمَّ بَيته وَهُوَ يقمهُ قَمّاً: إِذا كَنَسَهُ، والقمامَة: الكناسة، واقتم مَا على الخوانِ إِذا أكله كلهُ وَيُقَال: ألق قُمامَة بَيْتك على الطَّرِيق: أَي: كناسَة بيتكَ، وَيُقَال لَيبِيسِ البقل القميم.
وَيُقَال: أقمَّ الفحلُ الإبلَ، وَهُوَ يقِمُّها إقماماً إِذا ضَرَبها كلهَا.
قَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي الشَّتم قمقم اللَّهُ عصب فلانٍ أَي: سلط الله عَلَيْهِ القَمقَام.
وَقَالَ غَيره: قمقَم الله عصبه أَي يبسه حَتَّى يزمَنَ.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَمَّ إِذا جمعَ وقمّ إِذا جفَّ.
قَالَ: وَقَوْلهمْ: قمقم اللَّهُ عصبهُ أَي قَمَّمه، أَي: جفّف عَصبَه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القمقام: الْعدَد الْكثير، والقمقم: السَّيِّد من الرِّجَال.
وَقَالَ شمر: وَقع فلَان فِي قمقَامٍ من الأمرِ أَي: وقَع فِي شدَّة أمرٍ عظيمٍ كبيرٍ، والبحرُ القمقام أَيْضا، وَأنْشد:
وغَرِقْت حِين وَقَعت فِي القَمقَام
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القُراد أول مَا يكون وَهُوَ صَغِير لَا يكَاد يرى من صغره، يُقَال لَهُ قمقَامةٌ وَقَول رؤبة:
من خرَّ فِي قمقَامِنا تقَمْقَما
أَرَادَ من خَرَّ فِي عَدَدِنا، غُمرَ وغُلِبَ كَمَا يُغْمرَ الْوَاقِع فِي الْبَحْر الغِمْر.
وَقَول العجاج:
وقَمْقُمَانُ عددٍ قُمْقُم
من الْقَمْقامِ الذِي هوَ معنَى العددِ الكثيرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: سيدٌ قَمْقامٌ وقماقِمٌ، وَذَلِكَ لِكَثْرَة خَيره وسعةِ فضلِه، والقُمقُمُ مَا يستقَى بِهِ من نحاسٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ: الْقُمقُمْ

(8/242)


بالروميةِ.
وَأنْشد لعنترة:
حش الْإِمَاء بِهِ جَوَانِب قُمقُم
عَمْرو عَن أَبِيه: القِمْقِمُ: البُسْرُ اليابسُ، وَيُقَال: تَقَمَّمَ الفحلُ الناقةَ إِذا علاها وهيَ باركة ليضربَهَا وكذلكَ الرجلُ يَعلُو قرنهُ.
وَقَالَ العجاج:
يَقْتسرُ الأقرانَ بِالتَّقَمُّمِ
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال فِي مثل: (أدْرِكني الْقُوَيْمَّةَ لَا تأْكُلُه الهوَيمَّةُ) أرادَ بالْقُويمةِ الصبيَّ الصغيرَ لَا يلفظُ مَا تقعُ عَلَيْهِ يَده وَرُبمَا وقعتْ على هامةٍ من الْهَوَام فَتَلسعُهُ.
مق: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المقَقَة: شراب النبيذِ قَلِيلا قَلِيلا. والمققة: الجداء الرضع، قَالَ: والمقَقَة: الْجُهَّال، قَالَ: ومَقَّقَ الرجلُ على عيالهِ إِذا ضيقَ عَلَيْهِم فقرا أَو بخلا، وَكَذَلِكَ أوَّقَ وقَوَّقَ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: تمقَّقْتُ الشَّرَاب وتَمَزَّزْتُهُ إِذا شربتهُ قَلِيلا قَلِيلا قَالَ: والمقامِقُ الَّذِي يتكلَّم بأقصَى حَلْقِه.
يُقَال مِنْهُ فِيهِ مَقْمَقَمةٌ، قَالَ: وامتقَّ الفصيل مَا فِي ضرعِ أمهِ وامتكَّهُ إِذا شربَ كل مَا فِيهِ من اللَّبن امْتِقاقاً وامْتِكاكاً، وَيُقَال: أصابهُ جرحٌ فَمَا تَمَقَّقَهُ: أَي: لمْ يُبالهِ ولمْ يَضُرَّهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الطولُ الفاحشُ فِي دقةٍ ورجلٌ أمَقُّ وامرأةٌ مَقّاء.
وَقَالَ النضرُ: فخذٌ مَقَّاءُ وَهِي المعرُوقةُ العاريةُ من اللحمِ الطويلةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المقُّ: الشقُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المقَّاءُ من الْخَيل الواسعةُ الأرْفَاغ.
وَأنْشد غيرهُ لِلرَّاعِي يصف نَاقَة:
مَقَّاءُ مُنْفَتقُ الإبطينِ ماهرةٌ
بالسَّوْمِ ناطَ يديهَا حارِكٌ سَنَدُ
وَقَالَ الأصمعيُّ: الفرسُ الأمقُّ: الطويلُ.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
ولي مُسْمِعان وَزَمَّارة
وظلٌّ مديدٌ وحصنٌ أمَقّ
أرادَ بالزَّمارَةِ الغلَّ وبالمُسْمَعيْنِ القَيدَيْنِ، وَهَذَا رجلٌ كَانَ حُبِسَ فِي سجنٍ شيد بِنَاؤُه وَهُوَ مُقَيّد مغلول فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ يُقَال: زَقّ الطائرُ فرخهُ وَمَقَقّهُ وَمَجّهُ وغرَّه.

(8/243)