تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْقَاف وَالصَّاد)
ق ص س
ق ص د ق ص ز ق ص ط: مهملات.
ق ص د
قصد صدق دصق.
قصد: قَالَ اللَّيْث: الْقَصْد: اسْتقامة الطَّرِيقَة، قَصدَ يَقْصِد قصدا فَهُوَ قاصِدٌ، وَالْقَصْد فِي المعيشةِ ألاَّ يسرِفَ وَلَا يقتِّرَ.
وَفِي الحَدِيث: (مَا عالَ مُقْتصِدٌ وَلَا يَعِيل) ، والقصيد من الشّعْر مَا تمّ شطر أبنيته وَقَالَ غَيره: سميَ قصيداً لِأَن قَائِله احتفل لَهُ فَنَقَّحَه بالْكلَام الجيِّدِ وَالْمعْنَى الْمُخْتَار، وَأَصله من القَصِيدِ وَهُوَ المخُّ السَّمِين الَّذِي يَتَقَصَّد أَي: يَتَكَسَّر إِذا استخرج من قصبه لسمنه وضده الرار وَهُوَ المخُّ السَّائِل الذائب الَّذِي هُوَ كَالْمَاءِ لَا يتقصد، وَالْعرب تستعير السمنَ فِي الْكَلَام فَتَقول: هَذَا كلامٌ سمينٌ أَي جَيِّدٌ وَمعنى

(8/274)


سمين، وَقَالُوا: شِعرٌ قصيدٌ: إِذا كَانَ منقحاً مجوداً.
وَقَالَ آخَرُونَ: سُمِّي الشّعْر التامُّ قَصِيداً لِأَن قَائِله جعله من باله فقصدَ لَهُ قصدا وروَّى فِيهِ ذهنه وَلم يقتضبه اقتضاباً، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنى مفعولٍ من القصدِ، وَهُوَ الأمُّ، وَمِمَّا يُحَقّق هَذَا قَول النَّابِغَة:
وقائلةٍ من أَمَّها واهتدى لَهَا
زيادُ بن عمروٍ أَمَّها واهتدى لَهَا
يَعْنِي قصيدته الَّتِي يَقُول فِيهَا:
يَا دارَ مَيَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ
وأدخلوا الْهَاء فِي القصيدة لأَنهم ذَهَبُوا بهَا مَذْهَب الِاسْم، وَالله أعلم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مُخٌّ قصيد وقَصُودٌ، وَهُوَ دون السمين وَفَوق المهزول، وَمثله رجل صليد، وصَلُودٌ، إِذا كَانَ بَخِيلًا، قَالَه الْكسَائي.
وَقَالَ ابْن بزُرْجَ: أقصدَ الشَّاعِر وأَرْمَل وأهزج وأرْجز، من القَصيد والرَّمَلَ والرَّجَز والهزج.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصِيدُ: اليابسُ من اللَّحْم.
وَقَالَ أَبُو زيد:
وَإِذا القومُ كَانَ زادهُم اللَّحْ
مُ قصيداً مِنْهُ وغيرَقصيدِ
قَالَ: والقصيدُ: الْعَصَا.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر:
فظلُّ نساءُ الحيِّ يحشُون كُرْسُفاً
رُؤُوسَ عِظامٍ أوضحتها القصائدُ
قَالَ: والقصيدةُ: المُخَّةُ إِذا أُخرجت من الْعظم وَإِذا انفصلت من موضعهَا أَو خرجت قيل: قد انْقَصَدَتْ، يُقَال: انقصد الرُّمح إِذا انْكَسَرَ بِنِصْفَيْن حَتَّى يَبِينَ، وكل قِطْعَة قِصْدَةٌ، وَجَمعهَا قِصَدٌ، ورمحٌ قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَدِ، وَإِذا اشتقوا لَهُ فِعلاً قَالُوا انقصدَ وقلَّما يَقُولُونَ قَصِدَ إِلَّا أَن كل نعت على فَعِلٍ لَا يمتنعُ صدوره من انْفَعَلَ.
وَقَالَ قيس بن الخطيم:
ترى قِصَدَ المُرَّان تُلْقَى كَأَنَّهَا
تَذَرُّعُ خُرصان بأيدي الشواطبِ
وَقَالَ آخر:
أقرُو إِلَيْهِم أنابيب القَنا قِصَدَا
يُرِيد: أَمْشِي إِلَيْهِم على كِسَر الرماحِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصَدَ مَشْرَةُ العضاه أَيَّام الخريف تخرج بعد القيظِ الْوَرق فِي العضاه أغصاناً رطبَة غَضَّةً رِخاصاً تُسمى كل وَاحِدَة مِنْهَا قَصْدَةً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الإقصادُ: الْقَتْل على كل حَال.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الْقَتْل على الْمَكَان، وَيُقَال: عضَّته حيَّة فأَقصَدتهُ، ورَمته المَنِيَّة بِسَهمِها فأَقصدته، قَالَ: والمُقَصَّدُ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ بجسيم وَلَا قصير، وَقد يُستعمل هَذَا فِي النَّعْت فِي غير الرِّجَال

(8/275)


أَيْضا.
وَقَالَ غَيره: نَاقَة قَصِيدٌ: سمينةٌ ممتلئة جسيمة، وَقد قَصُدَت قصادةً.
قَالَ الْأَعْشَى:
قطعتُ وصاحبي سُرُح كِناز
كركنِ الرَّعْنِ ذِعْلبَةٌ قَصيدُ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القصود من الْإِبِل الجامِسُ المُخّ، وَاسم المخ: الجامس: قصيد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القَصَدَةُ من كل شَجَرَة ذَات شوكٍ أَن يظْهر نباتها أوَّل مَا ينبتُ. وَقَالَ المثقب الْعَبْدي:
سيُبْلِغُنِي أجلادها وقصيدها
يُرِيد: سنامها.
وَيُقَال: قصد فلَان فِي مَشْيه إِذا مَشى سَوِيّاً، قَالَ الله: {مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لُقْمَان: 19) ، واقتصد فلَان فِي أمره: إِذا استقام.
صدق: أَبُو عبيد فِي بَاب الرماح: الصَّدْقُ: المستوي.
قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّدْقُ: الصُّلْب، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السّكيت.
قَالَ، وَيُقَال: هُوَ صَدْقُ النّظر، وَمِنْه قيل: صدقوهم الْقِتَال، والصِّدْقُ ضدُّ الْكَذِب.
قَالَ أبوالهيثم فِي قَول كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الْحلم إدهانٌ وَفِي الْعَفو دُرسةٌ
وَفِي الصدْق منجاةٌ من الشَّرِّ فاصدق
قَالَ: والصِّدق هَا هُنَا الشجَاعَة والصلابة، يَقُول: إِذا صَلُبْت للحرب وصدقتَ انهزم عَنْك من تصدقه، وَإِن ضعُفْت قوِي عَلَيْك واستمكن مِنْك.
وَقَالَ اللَّيْث: وَيُقَال: صدقتُ الْقَوْم أَي: قلتُ لَهُم صِدقاً، وَكَذَلِكَ من الْوَعيد إِذا وقعتَ بهم قلتَ صدقتُهم، وَمن أمثالهم: الصِّدق يُنبي عَنْك لَا الْوَعيد، وَيُقَال: هَذَا رجلُ صِدقٍ مضافٌ بِكَسْر الصَّاد، مَعْنَاهُ: نِعْمَ الرجل هُوَ، وَامْرَأَة صِدْقٍ كَذَلِك، فَإِن جعلته نَعتاً قلت هُوَ الرجل الصَّدق، وَهِي صَدقةٌ وقومٌ صَدْقون، ونساءٌ صَدْقاتٌ.
وَأنْشد:
(مقذوذة الآذان) صَدْقاتُ الحدقْ

أَي: نافذاتُ الحدقِ. وَقَالَ رؤبة يصف فرسا:
والمرءُ أيُّ الصَّدق يُبلي صَدْقاً
والصَّدقُ: الْكَامِل من كل شَيْء.
قَالَ الله عز وَجل: (وَلَقَد صَدَقَ عَلَيْهِم إِبْلِيس ظنَّه) (سبأ: 20) ، بتَخْفِيف الدَّال وَنصب الظَّن.
قَالَ الْفراء: أَي: صَدَق عَلَيْهِم فِي ظنِّه.

(8/276)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: صَدَقني فلَان أَي: قَالَ لي الصِّدق، وكَذَبني: أَي: قَالَ لي الْكَذِب.
وَمن كَلَام الْعَرَب: صَدَقْتُ الله حَدِيثا إِن لم أفعل كَذَا: يمينٌ، الْمَعْنى: لَا صدقت الله حَدِيثا إِن لم أفعل كَذَا.
وَقَالَ شمر: الصَّيْدَق: الأمِين، وَأنْشد قَول أمَيَّة:
فِيهَا النُّجُوم تطيع غير مُرَاحة
مَا قَالَ صَيْدَقُها الْأمين الأرشد
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصيدق: القطب، وَقيل: الْملك.
وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَءَاتُواْ النِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (النِّسَاء: 4) .
يُقَال: هُوَ صِداقُ الْمَرْأَة وصُدْقَةُ الْمَرْأَة وصَدَاقُ الْمَرْأَة مَفْتُوحًا، وَهُوَ أقلهَا، وَالَّذِي فِي الْقُرْآن جمع صَدُقةٍ، وَمن قَالَ صُدْقَةُ الْمَرْأَة قَالَ صُدُقاتٌ، كَمَا تَقول غُرْفَةُ وغُرُفاتٌ، وَيجوز صُدَقاتِهنَّ بِضَم الصَّاد وَفتح الدَّال وَيجوز صُدُقاتهنَّ، وَلَا يقْرَأ من هَذِه اللُّغَات إِلَّا بِمَا قُرىء بِهِ لِأَن الْقِرَاءَة سُنَّةٌ، وَهَذَا كُله قَول أبي إِسْحَاق النَّحْوِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: كل من صدَّق بِأَمْر الله لَا يتخالجه فِي شَيْء مِنْهُ شكٌّ، وصدَّق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ صِدِّيقٌ، وَهُوَ قَول الله: {هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَآءُ عِندَ} (الْحَدِيد: 19) ، والصداقة مصدر الصَّدِيق، وَالْفِعْل: صادقهُ مصادقة واشتقاقه أَنه صَدَقهُ المودَّة والنصيحة، والصَّدَقَةُ مَا تَصَدَّقت بِهِ على مِسْكين، والمُعطِي مُتَصَدِّقٌ والسائلُ متصَدِّق، هما سواءٌ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وحُذَّاق النَّحْوِيين وأئمة اللُّغَة أَنْكَرُوا أَن يُقَال للسَّائِل مُتَصَدقٌ؛ وَلم يجيزوه، قَالَ ذَلِك الْأَصْمَعِي وَالْفراء: إِنَّمَا يُقَال للمُعطي مُتَصَدِّقٌ.
قَالَ الله عز وَجل: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِى الْمُتَصَدِّقِينَ} (يُوسُف: 88) ، ويقالُ للرجل الَّذِي يَأْخُذ الصدقاتِ ويجمعُها لأهل السُّهمان: مُصدق بتَخْفِيف الصادِ، وأَما المُصَّدِّقُ بتَشْديد الصادِ والدالِ، فَهُوَ المُتَصَدِّقُ وأدغِمَتْ التاءُ فِي الصادِ فَشُدِّدَتْ. قَالَ الله عز وَجل: {تَعْقِلُونَ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} (الْحَدِيد: 18) .
وَأما قَوْله جلَّ وَعز: {قَرِينٌ يَقُولُ أَءِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} { (لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا} (الصافات: 52، 53) ، فالصاد خفيفةٌ والدالُ شديدةٌ، وَهُوَ مِنْ تصديقِك صاحبَكَ إِذا قالَ قولا أوْ حَدَّثَ حَدِيثاً، وَكَذَلِكَ مُصَدِّقُ الصدَقاتِ.
وَأنْشد:
وَدَّ المُصَدِّقُ مِنْ بَني غبرٍ
أنَّ القبائِلَ كلهَا غَنَمُ
وَمن قَرَأَ: {صَبَّارٍ شَكُورٍ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}

(8/277)


(سبأ: 20) ، فَمَعْنَاه: أَنه حققَ ظَنّه حينَ قَالَ: {وَلاَُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ} (النِّسَاء: 119) ، لِأَنَّهُ قَالَ ذَلِك ظَانّا فحقَّقه فِي الضَّالّين، وأصدق الرجلُ الْمَرْأَة حِين تزوّجها، أَي جعل لَهَا صَدَاقاً، ورجلٌ صَدُوق، أبلغ من الصَّادِق، وفلانٌ صديقي، أَي أخَصُّ أصدقائي، والصِّدِّيق: المبالغ فِي الصدْق.
ق ص ت ق ص ظ ق ص ذ
ق ص ث: مهملات.
ق ص ر
قصر قرص صقر صرق رقص رصق.
قصر: قَالَ اللَّيْث: القصْرُ: المِجْدَلُ، وَهُوَ الفَدَنُ الضّخْمُ.
قَالَ: والقَصْرُ: الْغَايَة، وَقَالَهُ أَبُو زيدٍ، وغيرُه.
وَأنْشد:
عِشْ مَا بَدَا لَكَ قصْرُكَ الموْتُ
لَا مَعْقِلٌ مِنْهُ وَلَا فَوْتُ
قَالَ أَبُو زَيد: وَيُقَال: قُصارُك أَن تفعَلَ ذَاك وقَصْرُكَ وقُصاراكَ أَن تفعلَ ذَاك، أَي: جهدُكَ وغايَتُكَ، وَيُقَال: المُتَمنِّي قُصاراهُ الخَيْبَة.
قَالَ اللَّيْث: والقصْرُ: كفُّكَ نفسَكَ عَن شَيْء، وكفكَهَا عنْ أَن يطمَحَ بهَا غربُ الطمَع، وَيُقَال: قصَرْتُ نَفسِي عَن هَذَا الْأَمر أقصُرُها قصراً.
قَالَ أَبُو زيد: قَصِرَ فلانٌ يقصَرُ قَصَراً: إِذا ضمَّ شَيْئا إِلَى أصْله الأول وقصَرَ قيد بعيرِه قَصْراً إِذا ضَيّقه، وقصَرَ فلانٌ صلاتَه يقصُرُها قَصْراً فِي السّفر.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلواةِ} (النِّسَاء: 101) ، وَهُوَ أَن يصلِّيَ الظهرَ ركعتينِ، وكذلكَ العصرُ وعِشاءُ الْآخِرَة. فَأَما المغربُ وصلاةُ الْفجْر فَلَا قصرَ فيهمَا، وفيهَا لُغاتٌ قَصَرَ الصَّلَاة وأقصرَها وقصَّرَها، كلُّ ذَلِك جَائِز.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال قصَرَ عَلَى فرَسِه ثَلَاثًا أَو أَرْبعا منَ الإبلِ: يشرَبُ ألْبانهُنَّ وناقةٌ مقصورَةٌ على العِيال: يشرَبونَ لَبَنهَا.
وَقَالَ أَبُو ذؤيبٍ:
قصرَ الصَّبُوحَ لَهَا فَشَرَّج لحْمَها
بالنِّيِّ فَهْي تَثُوخُ فِيهِ الإصْبَعُ
وَقَالَ غَيره: القصرُ: العَشِيُّ، وَقد أقصرْنا أَي: دخَلْنا فِي العَشي، وجاءَ مُقْصراً أَي: حينَ قصرِ العشيِّ: أَي: كَاد يَدْنو من اللَّيْلِ.
وَقَالَ ابنُ حِلِّزَة:
آنَسَتْ نَبْأَةً وأفْزَعَها القنا
صُ قصراً وقدْ دنَا الإمساءُ
وَهِي المقصَرَةُ وجمعُها المقاصيرُ.

(8/278)


وَأنْشد أَبُو عبيدٍ:
فَبعثتُها تَقِصُ المقاصرَ بَعْدَمَا
كَرَبتْ حياةُ الليْل للمُتَنَوِّر
والقصرُ: الحَبْسُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {تُكَذِّبَانِ حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِى الْخِيَامِ} (الرَّحْمَن: 72) ، أَي: محبوساتٌ فِي خيامٍ منَ الدُّرِّ مخَدَّراتٌ على أزواجهنّ فِي الجنةِ، وامرأةٌ مقصورَةٌ.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْله: {حُورٌ} قصرن على أزواجهنّ أَي: حُبِسنَ فَلَا يُرِدنَ غَيرهم وَلَا يَطْمَحْن إِلَى مَن سواهُم.
قَالَ: والعربُ تسمَّي الحَجَلة المقصورَة، والقَصُورةَ وَتسَمى المقصورَةَ منَ النِّسَاء القصُورَة. وَأنْشد:
لعَمْرِي لقَدْ حبْبْتِ كلَّ قصورة
إليَّ وَمَا تَدْرِي بذاكَ القصائرُ
عنَيتُ قَصُورَات الحجالِ وَلم أرِد
قِصارَ الخطى شرُّ النِّسَاء البَحاترُ
وَقَالَ غَيره: إِذا قَالُوا قصيرةٌ للْمَرْأَة أَرَادوا قِصرَ الْقَامَة ويجمَعْن قِصاراً.
وَأما قَوْله جلّ وَعز: { (وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (ص: 52) ، فَإِن الْفراء وغيرَه قَالُوا: قاصراتُ الطرْفِ حورٌ قد قصرْن طرفهنَّ على أزواجهنَّ لَا ينظرن إِلَى غَيرهم.
وَأنْشد الْفراء:
من القاصرَاتِ الطرْف لَو دَبَّ مُحوِلٌ
منَ الذرِّ فوْق الإتب مِنْهَا لأثرا
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة مقصورةُ الخطو شُبِّهتْ بالمقيد الَّذِي يقصرُ القيدُ خطوَه، وَيُقَال لَهَا قصيرُ الخطى. وَأنْشد:
قصيرُ الخُطى مَا تقربُ الجيرة القُصَى
وَلَا الأنَسَ الأدنين إِلَّا تجشّما
والقصَّارُ: يقصُرُ الثَّوْب قصراً وحرفَتُه القِصارةُ.
قَالَ: وجاءتْ نادرةٌ فِي شِعره الْأَعْشَى، وَذَلِكَ أنهُ جَمَعَ قَصِيرَة عَلَى قِصارَةٍ؛ فَقَالَ:
لَا نَاقصي حَسَبٍ وَلَا
أيْدٍ إِذا مُدَّتْ قِصارهْ
قَالَ الْفراء: والعربُ تُدخِلُ الْهَاء فِي كل جمع على فِعال، يَقُولُونَ: الْجِمالة والحبالة، والذكارة وَالْحِجَارَة، قَالَ الله تَعَالَى: {كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} (المرسلات: 33) .
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أبلغْ هَذَا الْكَلَام بني فلانٍ قَصْرَةً ومَقْصورة، أَي: دون النَّاس.
أَبُو عبيد قَالَ الْكسَائي: هُوَ ابنُ عَمه قُصْرَةً ومقصورَةً إِذا كَانَ ابْن عَمه لَحّاً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (المرسلات: 32) .
قَالَ الْفراء: يُرِيد القصرَ من قصُور مياه الْعَرَب، وتوحيدُه وجمعُه عرَبيان، وَمثله:

(8/279)


{مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: 45) ، مَعْنَاهُ: الأدبارُ.
قَالَ: وَمن قَرَأَ: {بِشَرَرٍ} (المرسلات: 32) فَهِيَ أصولُ النخْلِ.
قَالَ أَبُو منصورٍ: وَهِي قِرَاءَة ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ أَبُو معَاذ النحويّ: قَصَرُ النخلِ الواحدةُ قَصَرةٌ، وَذَلِكَ أَن النَّخْلَة تقطَعُ قدْرَ ذِرَاع يستوقدون بهَا فِي الشتَاء.
قَالَ: وَهُوَ قَوْلك للرجل: إِنَّه لَتامُّ القَصَرَة إِذا كَانَ ضَخْمُ الرَّقبة.
وَقَالَ الضَّحَّاك: القصرُ مِن أصُول الشجَر العِظَام.
وقرأَهُ الحسنُ: (كالقصرِ) مخفّفاً وَفَسرهُ الجِذْلَ من الخشبِ الواحدَة قَصْرَةٌ مِثْل تمرةٍ وتمر.
وَقَالَ قَتَادَة: كالقَصر يَعني أصُول النخْلِ والشجَر.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: يُقَال: قَصِرَ الفَرَس يقصَر قَصراً إِذا أَخذه وجَعٌ فِي عنقِه، وَيُقَال بهِ قَصَرٌ.
وَقَالَ ابْن شميْل: القِصارُ: مِيسمٌ يوسم بهِ قَصَرة العُنق، يُقَال: قَصَرت الجَمل قصراً فَهُوَ مَقْصُور.
قَالَ: وَلَا يُقَال: إبلٌ مقصَّرةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أقصَرَ فلانٌ عَن الشيءِ يُقْصِرُ إقصاراً إِذا كفَّ عَنهُ وانْتهى، وقَصَّرَ فلانٌ فِي الحاجةِ إِذا ونَى فِيهَا وضعُف.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} (الْفَتْح: 27) .
قَالَ: قَصَّرَ من شعره تقصيراً إِذا حذف مِنْهُ شَيْئا وَلم يستأصله.
قَالَ الْفراء: وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول: الْحَلقُ أحَبُّ إليكَ أمِ القِصارُ؟ أَرَادَ التَّقْصِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الإقْصَارُ: الكَفُّ عَن الشيءِ قَالَ: والمُقَصِّرُ الَّذِي يُخِسُّ العَطِيَّةَ ويُقلِّلُها، والقِصَرُ نقيضُ الطولِ، يُقَال: قَصُرَ يَقْصُرُ قِصَراً، وقَصَّرْتُهُ تقصيراً إِذا صيرته قَصِيرا، والقُصْرَى والقُصَيْرَى: الضِّلَعُ الَّتِي تلِي الشّاكلة بَين الجَنْبِ والبطن، وَأنْشد:
نَهْدُ القُصَيْرَى تَزِينُهُ خُصَلُهْ
وَقَالَ أَبُو دَاوُد:
وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا
ءِ نَبَّاحٍ من الشَّعَبِ
قَالَ: والقَصَرُ كعابرُ الزَّرْع الَّذِي يُخلَّصُ من البُرِّ وَفِيه بقيةٌ من الحَبِّ، وَيُقَال لَهُ القَصَرِيُّ.
وروى أَبُو عبيد فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المزارعةِ: أَن أحدهم كَانَ يشترطُ ثلاثةَ جداوِلَ والقُصَارَةَ وَما سَقَى الرّبيع فَنهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد: والقُصارَةُ مَا بقيَ فِي السُّنْبُلِ من الحَبِّ بَعْدَمَا يداسُ.

(8/280)


قَالَ: وَأهل الشامِ يُسَمُّونَهُ القِصْرِي. قَالَ: هَكَذَا أَقْرَأَنِيهِ الرُّواةُ عَن ابْن جَبَلَةَ عَن ابْن عبيد بِكَسْر الْقَاف، وتسكين الصَّاد وكسرِ الرّاء وَتَشْديد الياءِ ورأيتُ من أهل العربيةِ من يقولُ قُصَرَّى على فُعَلَّى.
وَقَالَ اللحياني: نَقَّيْتُ الطعامَ من قَصَرِهِ وقصلِهِ، أَي: من قماشه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَصَرُ والقَصَلُ أصولُ التِّبن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القَصَرَةُ: قِشْرُ الحَبَّةِ إِذا كَانَت فِي السُّنْبُلَةِ وَهِي القُصارةُ، والقَصَرةُ: الكسل.
وَقَالَ اللَّيْث: القَوْصَرةُ: وِعاءٌ من قصبٍ للتَّمْر وَبَعْضهمْ يخففها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العربُ تَكْنِي عَن الْمَرْأَة بالقارورةِ والقَوْصَرةِ، وَأنْشد:
أفلحَ من كَانَت لَهُ قَوْصَرَّهْ
يأكلُ مِنْهَا كلَّ يومٍ مَرّهْ
وَقَالَ غَيره فِي قَول ابْن كُلْثوم:
أباحَ لنا قُصورَ المجدِ دينا
أَرَادَ معاقلَ المجدِ وحصونه.
ابْن السّكيت: أقْصرَتِ العنزُ والنَّعْجةُ إقصاراً إِذا أَسَنَّتا حَتَّى تَقصرَ أطرافُ أسنانِهِما فهما مُقْصرتان.
وَيُقَال: مَا رَضيتُ من فلانٍ بِمِقْصَرٍ وبمقصِرٍ، أَي: بأمرٍ دونٍ وبأمْرٍ يسير.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فلانٌ جارِي مُقاصِري أَي: قَصْرُهُ بحذاءِ قَصْرِي، وَأنْشد:
لِتذهبْ إِلَى أقْصَى مُباعَدَةٍ جَسْرُ
فَمَا بِي إِلَيْهَا من مُقاصَرةٍ فَقْرُ
يَقُول: لَا حاجَةَ لي فِي جِوارِهِم، وجَسْرٌ من مُحارِبٍ.
قَالَ: والتِّقصارُ: القلادة.
وَقَالَ عدي بن زيد:
وَلها ظَبْيٌ يُؤَرِّثها
عاقِدٌ فِي الجِيدِ تِقصارا
وَقَالَ أَبُو وجزة:
وَغدا نوائِحُ مُعْوِلاتٌ بالضُّحَى
وُرْقٌ تَلُوحُ فكلُّهُنَّ قِصارُها
قَالُوا: قِصارُها: أطْوَاقها.
أَبُو مَنْصُور: كأنَّهُ شُبِّهَ بِقِصار الميسَمِ وَهُوَ العلاط.
وَقَالَ ابْن السّكيت: ماءٌ قاصرٌ ومُقصِرٌ إِذا كَانَ مرعاهُ قَرِيبا، وَأنْشد:
كَانَت مياهي نُزُعاً قواصِرا
وَلم أكن أمارِسُ الجَرائِر
النُّزُعُ جمع النَّزوع وَهِي الْبِئْر الَّتِي تنزعُ مِنْهَا باليدِ نزْعاً، وبِئرٌ جَرُورٌ يُسْتَقَى مِنْهَا على بعير.
ابْن شُمَيْل عَن أبي الْخطاب قَالَ: الحَبُّ عَلَيْهِ قِشْرَتانِ فالتي تَلي الحَبَّةَ الحَشَرَةُ، وَالَّتِي تَلي الحَشرَةَ القصرةُ.

(8/281)


وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ قصيرُ النَّسَب إِذا كَانَ أبوهُ مَعْرُوفا إِذا ذكره الابْن كَفاهُ الانتماءَ إِلَى الجدِّ الأبعدِ.
وَقَالَ رؤبة:
قد رفعَ العجّاجُ ذِكرِي فادْعنِي
باسمٍ إِذا الأنْساب طَالَتْ يكْفِني
وَكَانَ لَقِيَ النَّسابَةَ البكريَّ فَقَالَ: من أَنْت، فَقَالَ رؤبة بن العجَّاج، فَقَالَ لَهُ: قصرْتَ وَعرفت.
ابْن السّكيت: أقصرَ عَن الشيءِ إِذا نزع عَنهُ وَهُوَ يقدِر عَلَيْهِ، وَقصر عَنهُ إِذا عجز عَنهُ.
قَالَ: وأقصرَتْ فلانةُ إِذا وَلدَتْ ولدا قِصاراً، وأطالَتْ إِذا ولدتهم طِوالاً، وَيُقَال: إِن الطَّوِيلَة قد تُقْصِر والقصيرة قد تُطيل.
قَالَ: وَيُقَال للجاريةِ المصونةِ الَّتِي لَا بروزَ لَهَا: قَصيرةٌ وقَصُورَةٌ، وَيُقَال للمحبوسةِ من الخيلِ قصيرٌ.
وَقَالَ مَالك بن زُغْبَةَ:
ترَاهَا عِنْد قُبَّتِنَا قَصِيرا
ونَبْذُلُها إِذا باقت بَؤُوقُ
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَقْصُورَة مقَام الإِمَام، وَجَمعهَا مقاصير.
قَالَ: وإِذا كَانَت دَارا وَاسِعَة محصنةَ الحيطانِ فكلُّ نَاحيَة مِنْهَا على حِيالها مقصورةٌ، وَأنْشد:
وَمن دونِ ليلى مصْمَتاتُ المقاصر
والمصمت: الْمُحكم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَصَرُ والقصار الكسل.
وَقَالَ أَعْرَابِي: أردْت أَن آتِيك فَمَنَعَنِي القَصار.
قَالَ: والقُصارُ والقَصار والقصْرى والقَصْر كلُّه أُخْرَى الْأُمُور.
وروى شمر للأصمعي: قَصَّرَ عَن ذَلِك الْأَمر إِذا عجز عَنهُ، وأقصر عَنهُ إِذا تَركه وَهُوَ يقدر عَلَيْهِ، قَالَ: وَرُبمَا جَاءَا بِمَعْنى وَاحِد إِلَّا أَن الأغلبَ عَلَيْهِ هَذَا، وَيُقَال: قَصَرَ بِمَعْنى قَصَّرَ.
قَالَ حميد بن ثورٍ:
فلئن بلغت لأبلُغَنْ متَكلِّفاً
وَلَئِن قَصَرْت لكارِهاً مَا أقصُر
صقر: قَالَ اللَّيْث: الصَّقْر: طائرٌ من الْجَوَارِح، وَالصَّاد فِيهِ أحسن.
قَالَ: والصَّقْر مَا تَحَلَّبَ من العنبِ وَالتَّمْر من غير عصر.
قَالَ: وَمَا مَصَلَ من اللَّبن فامَّازَتْ خُثارَته وصفتْ صَفْوَته فَإِذا حَمضَتْ كَانَت صِباغاً طَيِّباً وَهُوَ بالصَّاد أحسن.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا بَلَغَ اللَّبن من الحَمْضِ مَا ليسَ فَوْقه شيءٌ فَهُوَ الصقْر.

(8/282)


شمر: الصقْر: الحامض الَّذِي ضَرَبَتْه الشَّمس فحمضَ، يُقَال: أَتَانَا بِصقْرَةٍ حامِضة.
قَالَ مكوزة: كَأَن الصقْرَ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن بزرجَ: المصقئرُّ من اللبنِ الَّذِي قد حمضَ وَامْتنع.
أَبُو مَنْصُور: والصَّقْرُ عِنْد البحرانيين مَا سَالَ من جلالِ التمرِ المكنوزة يسدك بَعْضهَا فَوق بعضٍ وتحتها خواب خضرٌ مركبةٌ فِي الأَرْض المصرجةِ فينعَصِرُ مِنْهَا دبسٌ خامٌ كأنَّهُ العسلُ، وَرُبمَا أخذُوا الرطبَ من العِذْقِ ملقُوطاً مُنَقًّى فجعلوهُ فِي بساتيقَ وصبُّوا عَلَيْهِ من ذَلِك الصقرِ فَيُقَال لَهُ: رُطَبٌ مصَقَّرٌ وَيبقى رطبا طَيِّباً لمن أرادهُ من أرْبابِ النخيلِ.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو: الصَّقْرَةُ: شدَّة الْحر.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا ذابتِ الشمسُ اتقَى صَقَراتِها
بأفنانٍ مربوعِ الصَّرِيمةِ مُعْبِلِ
وَقد صَقَرَتْهُ الشَّمْس: إِذا آذاهُ حَرُّهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الصَّقْرانِ دائرتانِ من الشّعْر عندَ مؤخرِ اللِّبدِ من ظهرِ الفَرسِ، قَالَ: وحدُّ الظهرِ إِلَى الصَّقْرَيْن.
وَقَالَ الفراءُ: جَاءَ فلانٌ بالصُّقَر والبُقَرِ والصُّقَارَى والبُقَارى: إِذا جاءَ بالكذبِ الفاحِشِ.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو: الصَّاقُورُ: الفأسُ الْعَظِيمَة الَّتِي لَهَا رأسٌ واحدٌ دقيقٌ يكسرُ بِهِ الحجارةُ وَهُوَ المعولُ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّاقُورُ: باطنُ القِحْفِ المشرف فَوق الدماغِ كأنَّهُ قَعْرُ قَصْعَةٍ، قَالَ: والصَّاقِرَةُ: النَّازِلَةُ الشديدةُ، والصَّوْقَرِيَّة: حِكَايَة صَوت طَائِر يُصَوْقِرُ فِي صياحه تسمعُ فِي صَوته نحوَ هَذِه النغمةِ، قَالَ: والصَّقْرُ: ضربُ الحجارةِ بالمعولِ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّقْرُ: الماءُ الآجِنُ والصَّقْرُ: القيادةُ عَلَى الحُرَمِ، وَمِنْه الصَّقّارُ الَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث.
وروى سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الصَّقَّارُ: اللَّعّانُ لغيرِ الْمُسْتَحقّين، والصَّقّارُ: الكافِرُ، والصَّقّار: الدَّبّاسُ.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: السقَّارُ: الكافرُ بالسّين، وقرأت بِخَط شمر: (ملعونٌ كلٌّ كَافِر صَقَّارٍ) رواهُ أنس، قَالَ: والصَّقّارُ: النمامُ، تَصَقَّرتُ بموضعِ كَذَا وتشكَّلتُ وتَنَكَّفْتُ، بِمَعْنى تلبَّثتُ.
صرق: أهمله اللَّيْث.
وروى أَحْمد بن يحيى عَن عَمْرو عَن أَبِيه وَعَن سَلمَة عَن الْفراء وَعَن ابْن الأعرابيّ أَنهم قَالُوا: الصَّريقة: الرُّقاقَةُ.
قَالَ الْفراء: وتجمعُ على صُرُقٍ وصَرَائق وصريقٍ.

(8/283)


قَالَ ابْن الأعرابيّ: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَأْكُل يومَ الفطرِ قبل أَن يخرج إِلَى المصلّى من طرف الصرِيقَةِ ويقولُ: إنَّهُ سُنَّةٌ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وعوامُّ الناسِ يقولونَ الصَّلائِقُ الرُّقاقُ، والصوابُ من جاءَ عَن هَؤُلَاءِ الأئمةِ، وَتَفْسِير الصّلائِقِ فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كلُّ شَيْء رَقيق فَهُوَ صَرَقٌ.
قرص: قَالَ اللَّيْث: القَرْصُ بِاللِّسَانِ والإصبع، يُقَال: لَا تَقْرُصُني مِنْهُم قارصةٌ أَي كلمةٌ مؤذية.
وَأنْشد هُوَ وَغَيره للفرزدق:
قوارصُ تَأتِينِي وتحتقرونَها
وَقد يملأُ القطرُ الإناءَ فيُفعَمُ
قَالَ: والْقَرْصُ بالأصابع قبضٌ على الْجِلْدِ بأصبعينِ حَتَّى يُؤلم ويوجَع، قَالَ: والقُرصُ من الْخبز وَمَا أشبهه، ويجمعُ القِرَصَةَ، وَقد يقُولونَ للصغيرة جِدّاً قُرْصة واحدةٌ والتذكيرُ أعَمُّ، وَكلما أخذتَ شَيْئا بَين شَيْئَيْنِ أَو قَطعتهُ فقد قَرَّصتهُ وتُسَمَّى عينُ الشَّمْس قُرْصاً عِنْد الغيبوبةِ، وَيُقَال للمرأةِ قرّصي العجينَ أَي سويهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: هوَ القُرَّاصُ للْبَابُونجِ، واحِدها قُرَّاصةٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ وَحده: إِذا حَذَى اللَّبَن اللِّسَان فَهُوَ قَارِصٌ.
وَقَالَ بعض الْعَرَب:
يَا ربَّ شاةٍ شاصِ
فِي رَبرَبٍ خِماصِ
يأكلنَ من قُرَّاصِ
وحَمَصيص آص
كَفِلَقِ الرَّصاصِ
ينظرنَ من خَصاصِ
بأعيُنٍ شَوَاصِ
ينطحْنَ بالصّياصي
عارضها قُنَّاصِي
بأكلبِ ملاصِ
آصٍ متصلٌ مثل واصٍ شَاصٍ منتصب.
رصق: قَالَ بعضهمْ: جَوْزٌ مُرْصَقٌ إِذا تعذَّرَ خُرُوج لُبّهِ مِنْهُ ومُرْتصِقٌ مثله.
والْتَصَقَ الشَّيْء وارْتَصَقَ والْتَزَق بِمَعْنى وَاحِد.
رقص: قَالَ الليثُ: الرَّقْصُ والرَّقَصانُ، وَلَا يُقَال: يَرْقُصُ إلاّ لِلاَّعِب والإبلِ وَمَا سوى ذلكَ فإنهُ يُقَال يَقْفِزُ ويقفُزُ، والسَّراب يَرْقُصُ، والنبيذُ إِذا جاشَ رَقَصَ.
وَقَالَ حسان:
بزجاجةٍ رَقصَتْ بِمَا فِي قَعْرِهَا
رَقْصَ القَلُوصِ براكبٍ مستعجِل
وَقَالَ لبيدٌ فِي السرابِ:
فَبِتلْكَ إذْ رَقَصَ اللوامع بالضحى

(8/284)


وَسمعت الْعَرَب تَقول: رَقصَ البعيرُ رَقَصاً محركَ القافِ إِذا أسرعَ فِي سيرهِ.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
فَمَا أرَدْنَا بهَا منْ خَلّةٍ بَدَلا
وَلَا بهَا رَقَصَ الواشِينَ نستمعُ
أَرَادَ إسراعهم فِي هَتِّ النمائمِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَيُقَال للبعيرِ إِذا رَقَصَ فِي عدوه: قد الْتَبَطَ الْتِباطاً وَمَا أشَدَّ لَبَطَتَهُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّقْصُ مصدرُ رَقَصَ يَرْقُصُ رَقصاً؛ والرَّقَصُ ضربٌ من الْخَبَب وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
ق ص ل
قلص قصل صلق صقل لصق لقص.
قلص: قَالَ اللَّيْث: قَلَصَ الشَّيْء يَقْلِص قلوصاً إِذا انضمّ، وشَفقةٌ قالِصَةٌ، وظلٌّ قالِصٌ قد انضمَّ إِلَى أَصله، وفرسٌ مقلِّصٌ: طويلُ القوائمِ منضم البطنِ، وقميصٌ مقلِّصٌ، قَالَ: وقَلَصَتِ الإبلُ تقليصاً إِذا استمرتْ فِي مُضيها.
وَقَالَ أعرابيٌّ وَهُوَ يَحْدُو بأجماله:
قَلِّصْنَ والْحَقن بدبثا والأَشَلّ
قَالَ: والقَلُوص كل أُنْثَى من الْإِبِل من حِين تُركبُ وَإِن كَانَت بنتَ لَبونٍ أَو حِقّةً إِلَى أَن تَبْزُلَ، سميت قلوصاً لِطُولِ قَوَائِمهَا وَلم تجسم بعد، والقَلُوصُ: الْأُنْثَى من النَّعام، والقَلُوص: الضخمةُ من الحبارَى.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: القَلُوص: الفَتيَّةُ من النُّوق بمنزلةِ الفَتاة من النّساءِ، وَالْعرب تكني عَن النِّسَاء بالقُلُصِ، وَكتب رجل منَ المسلمينَ إِلَى عمر بن الخطابِ فِي شأنِ رجلٍ كَانَ يخالفُ الغزاةَ إِلَى المُغيباتِ من النِّسَاء بِهَذِهِ الأبيات وَكَانَ الرّجل يعرف بجعدة:
أَلا أَبلغْ أَبا حَفْصٍ رَسُولا
فدى لَك من أخي ثقةٍ إزَارِي
قَلائِصَنا هداك الله إنّا
شغلنا عَنْكُم زَمنَ الحصارِ
فَمَا قُلُصٌ وجدْن معقَّلات
قفا سلع بمختلف النجار
يعقّلهنْ جَعْدة من سليم
وَبئسَ معقّل الذود الظؤارِ
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت، يُقَال: قدْ قلصَ الظلُّ يَقلِصَ قلوصاً، وَقد قلصَ ثَوْبه يَقلِصُ، وَقد قَلَصَ الماءُ إِذا ارتفعَ فِي الْبِئْر فَهُوَ ماءٌ قليصٌ وقَلاَّصٌ، وَأنْشد:

(8/285)


يَا ريّهَا من باردٍ قُلاص
قد جمّ حَتَّى همّ بانقياصِ
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
بلائِق حُضْراً ماؤهنّ قَليصُ
قَالَ: وَهُوَ قَلَصة الْبِئْر، وَجَمعهَا قَلَصاتٌ، وَهُوَ المَاء الَّذِي يجمُّ فِيهَا ويرتفع، قَالَ: وأقْلَصَ الْبَعِير إِذا ارتفعَ سنامه.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: إِذا كَانَت النَّاقة تسمن فِي الصيفِ وتهزلُ فِي الشتَاء فَهِيَ مِقلاصٌ، وَقد أقلصتْ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ يسمن فِي الصيفِ مقلاصٌ.
وَقَالَ بعض النَّاس: قَلَصَتِ البئرُ إِذا امْتَلَأت إِلَى أَعْلَاهَا وقَلَصَتْ إِذا نزَحَتْ، وَيُقَال: قَلَصَ القومُ إِذا احتملوا فَسَارُوا.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَقد حانَ مِنَّا رحلةٌ فَقُلُوصُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَلْصُ: كثرةُ الماءِ وقِلَّتُهُ وَهُوَ من الأضداد.
وَقَالَ أعرابيٌّ: أتيْتُ ببنونة فَمَا وجدتُ فِيهَا إِلَّا قَلْصَةً من ماءٍ أَي قَلِيلا.
صلق: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْقُ: الصدمةُ، والصَّلْقُ: صَوت أنيابِ الْبَعِير إِذا صلقها وضَرَبَ بَعْضهَا بِبَعْض وَقد صَلَقَتْ أنيابُه.
وَقَالَ لبيد:
فَصلَقْنا فِي مرادٍ صلقةً
وصُداءً ألْحَقَتْهُمْ بالثَّلَل
وَأنْشد غَيره:
أَصْلقَ ناباه صِياحَ العصفور
وَقَالَ رؤبة:
أصْلقَ نابِي عِزَّةً وصَلْقَما
وَقَالَ اللَّيْث: والحامِلُ إِذا أَخذهَا الطَّلْقُ فألْقَتْ نَفسهَا على جنبيها مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا قيل: تَصَلَّقَتْ تَصَلُّقاً، وَكَذَلِكَ كلُّ ذِي أَلمٍ إِذا تَصَلَّقَ على جَنْبَيْهِ، يُقَال بالصَّاد.
قَالَ: والقاع الصَّلَقُ يُقَال بالصادِ والسِّين، وَهِي المستديرة الملساءُ وشجرها قليلٌ.
وَأنْشد للشماخ:
من الأصالِقِ عاري الشَّوْكِ مجرود
أَبُو مَنْصُور: لم أسمع هَذَا الْحَرْف من العربِ إِلَّا بِالسِّين، وَسَترَاه مشبعاً فِي بَاب السِّين وَالقاف.
وَقال اللَّيْث: الصَّلائق: الخبزُ الرَّقيق.
وَفِي حَدِيث عمر: (لَوْ شِئْتُ لدعوتُ بِصلاءٍ وَصِنابٍ وَصلائقِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَالسَّلائق بِالسِّين كلُّ مَا سُلِقَ من البقولِ وَغيرها.
قَالَ: وَقَالَ غير أبي عمر: الصلائق بالصَّاد: الْخبز الرَّقيق.
وَأنْشد لجرير:

(8/286)


تُكلِّفُني معيشة آل زَيْدِ
وَمن لي بالصَّلائقِ والصِّنابِ
قَالَ أَبُو مَنْصُور: ذكَرْت فِي بَاب الصَّادِ والرَّاءِ قبل هَذَا الْبَاب مَا رُوِي عَن أبي عَمْرو وَالْفراء وَابْن الْأَعرَابِي: أنَّ الصَّرائق بالرَّاءِ: الرقاقُ الوحدةُ صَريقةٌ لم يختَلِفوا فِيهَا فَإِن صَحَّ الصَّلائقُ بالَّلام فَلِقُرْبِ مَخْرجَي الرَّاءِ واللاّم. وَأَبُو عبيد لم يَرْوِ الصَّلائقَ عَن إمامٍ يُعْتَمد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: صَلَقْتُ الشَّاة صَلْقاً إِذا شَويْتُهَا على جَنْبَيْهَا، فجائزٌ أَن يكون عمر أَرَادَ بالصَّلائقِ مَا شُوي من الشَّاء وَغَيرهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: رُوي لَا حَلْقَ وَلَا سَلْقَ وَلَا حَلْقَ وَلَا صَلْق بالسِّين والصَّاد يَعْنِي رفعَ الصَّوْت، وَقد أصْلَقوا إصْلاقاً، وَأما أَبُو عبيد فَرَوَاهُ بِالسِّين. ذهب بِهِ إِلَى قَول الله: {ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم} (الْأَحْزَاب: 19) ، وَقَالَ الفرّاء: جَائِز فِي الْعَرَبيَّة صلقوكم وَالْقِرَاءَة سُنَّة.
وستَرى تفْسِيره فِي موضِعِه.
لصق: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَصِقَ الشَّيءُ بالشيءِ يَلْصَقُ لُصُوقاً وَهِي لُغَةُ تَميمٍ، وقيسٌ تَقول: لَسِقَ، وربيعةُ تَقول: لَزِقَ وَهِي أقْبَحُهَا إِلَّا فِي أشياءَ نصفُهَا فِي حُدُودهَا.
قَالَ: والْمُلْصَقُ: الدَّعِيُّ.
وَقَالَ غَيره: اللَّصُوقُ: دَوَاءٌ يُلْصقُ بالْجُرْح قَالَه الشافعيُّ. وَيُقَال: ألْصَقَ فلَان بِعُرْقوب بَعِيرهِ إِذا عَقَرَهُ وَرُبمَا قَالُوا ألْصَقَ بساقِهِ، وَقيل لبَعض الْعَرب: كَيفَ أَنْت عِنْد القِرى، فَقَالَ: أُلْصِقُ وَالله بالنَّاب الْفَانيةِ والْبَكْرِ والضرْع، وَقَالَ الرَّاعِي:
فَقُلْتُ لَهُ ألْصِقْ بأيْبَسِ سَاقهَا
فَإِن نُحِرَ الْعرقوب لَا يَرْقأ النَّسَا
أَرَادَ: ألْصِقِ السَّيف بساقهَا واعْقِرها، والملْصَقَةُ من النِّساء الضَّيِّقة المتلاحِمَة.
قصل: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الْقَصْلُ: قطعُ الشيءِ من وَسطه أَو أَسْفَل من ذَلِك قَطْعاً وَحِيّاً، وَسُمِّي القَصيلُ الَّذِي تُعْلف الدَّواب قَصيلاً لِسُرْعةِ اقْتصاله من رَخاصَتِهِ، وَسَيْفٌ قَصَّالٌ قطَّاعٌ، وَقَالَ الراجزُ:
مَعَ اقْتصَال الْقصَرِ الْعَرَادِمِ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: فِي الطَّعَام قَصَلٌ وَزُؤانٌ وغَفاً، وكل هَذَا مِمَّا يخْرَجُ مِنْهُ فيُرْمى بهِ، قَالَ: وَالْقِصْلُ: الأحْمَقُ وَالْمَرْأَة قِصلَة.
وَقَالَ اللَّيْث: وَالْقِصْلُ: الضعيفُ الْفَسْلُ، والقُصالَةُ: مَا يُعْزَلُ من البُرِّ إِذا نُقِّي ثمَّ يُدَاس الثَّانيةَ.
صقل: قَالَ اللَّيْث: الصُّقْلان: القُرْبان من كلِّ دابَّةٍ.
والصَّقْلُ: الْجلاء، والمِصقلة، الَّتِي يصقل

(8/287)


الصيْقَلُ بهَا سَيْفا وَنَحْوه، وَيُقَال: جعل فلَان فرسه فِي الصِّقَال، أَي: فِي الصوانِ والصنعة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: فرَسٌ صَقِلٌ: إِذا طالتْ صُقْلَتُه وقَصُرَ جَنْبَاه، وَأنْشد:
ليسَ بأسْنَى وَلَا أقْنَى وَلَا صَقِلْ
وَرَوَاهُ غَيره: وَلَا سَغِل، قَالَ: والأنْثَى صَقِلَةٌ، وَالْجمع صِقَالٌ، وفَرَسٌ طَوِيل الصُّقْلَةِ وَهِي الطِّفْطِفَةُ، قَالَ: وَمَا طالتْ صُقْلَةُ فَرَسٍ إِلَّا قَصُرَ جَنْبَاه، وَذَلِكَ عَيْبٌ، وَيُقَال: حمارٌ لاحِقُ الصُّقْليْنِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمةِ:
خَلَّى لَهَا سِرْب أولاهَا وَهَيَّجَها
من خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْليْنِ همهيمُ
وَالْعرب تُسمي اللّبن الَّذِي قد عَلَتْهُ دُوَايَةٌ رقيقةٌ مَصقول الْكِساء، يَقُول أحدهم لصاحِبه إِذا عَرَض عَلَيْهِ لَبناً مُدَوِّياً: هَل لَك فِي مَصقولِ الْكِسَاء، وَقَالَ:
فَهُوَ إِذا مَا اهْتَاف أَو تَهَيَّفَا
يَنْفِي الدُّوَايَات إِذا تَرَشَّفا
من كل مَصقول الْكِساء قد صَفَا
اهْتَاف جاعَ وعطِشَ، وَقَالَ آخر:
فبَات لهُ دون الصَّبَا وهيَ قَرَّة
لِحافٌ ومَصقولُ الْكِسَاء رَقيقُ
أَي: باتَ لَهُ لباسٌ وَطعامٌ، وَهَذَا قَول الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ بمِصقولِ الْكِساء مِلْحَفةً تَحت الْكِساء حَمْراءَ فَقيل لَهُ إِن الْأَصْمَعِي يَقُول: أَرَادَ بِهِ رغْوَةَ اللّبن، فَقَالَ: إِنَّه لمَّا قَالَه اسْتَحْيا أَن يرجِعَ عَنهُ.
وروى ابْن الْفرج للفراء: فلانٌ فِي صُقْعٍ خالٍ وصُقْلٍ خالٍ: أَي: ناحِيةٍ خاليةٍ.
قَالَ: وسمعْتُ شُجاعاً يَقُول: صَقَعَهُ بالْعَصَا وَصَقلَهُ، وصَقَعَ بِهِ الأرْض وصَقَلَ بِهِ الأرْض أيْ ضربِ بِهِ.
وَجمع الصيْقل: صياقل وصياقلِه.
ق ص ن
نقص قنص صنق قصن: (مستعملة) .
نقص: قَالَ اللَّيْث: النقصُ: الْخُسْرانُ فِي الحظِّ والنُّقصَانُ يكونُ مَصْدَراً وَيكون قدْر الشَّيْء الذَّاهِب من المنقوصِ تَقول: نَقَصَ الشيءُ يَنْقُص نَقْصاً ونُقْصاناً، فَهُوَ مصدرٌ، وَتقول نُقصَانه كذَا وكَذَا وَهَذَا قدر الذَّاهبِ.
أَبُو عبيد فِي بابِ فَعلَ وفعلتهُ نَقصَ الشيءُ ونقصتُهُ أَنا، اسْتَوَى فِيهِ الفعلُ اللازمُ والمجاوِزُ، والنَّقِيصَةُ: الوقِيعَة فِي النَّاس وَالْفِعْل الانتقاصُ، وَكَذَلِكَ انتقاصُ الحقِّ وَأنْشد:
وذَا الرَّحْم لَا تنتقصْ حَقّهُ
فإنَّ القطيعةَ فِي نَقْصِهِ
وجاءَ فِي السُّنَّةِ: انتقَاصُ المَاء، وَهُوَ

(8/288)


الانتِضاحُ بِالْمَاءِ بعد التَّطْهير رَدٌّ للوَسْواسِ، اللحْياني فِي بابِ الإتباعِ إنهُ لَطَيبٌ نقيصٌ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سمعتُ خُزَاعِيّاً يَقُول لِلطيبِ إِذا كَانَت لَهُ رائحةٌ طيِّبةٌ إِنَّه لنقيصٌ.
وَقَالَ امرُؤ القَيْس:
كلونِ السَّيالِ وَهُوَ عَذْبٌ نَقيص
قنص: قَالَ اللَّيْث: القَنَصُ والقَنيصُ: الصَّيْد، والقانصُ والقَنَّاصُ: الصَّيادُ، وقَنَصْتُ واقْتَنَصْتُ كقولكَ: صِدْتُ واصطدْتُ، والقانصةُ هَنَةٌ كأنَّها حُجيْرٌ فِي بَطنِ الطائرِ. وَيُقَال بالسِّين والصَّادُ أَحْسنُ.
وقَنَصُ بن معدِّ بْنِ عَدْنانَ أَخُو نِزارٍ.
وَجَاء فِي الحديثِ: أنَّ النُّعْمانَ بن المُنْذِرِ كَانَ من أشلاءِ قَنَصَ بن مَعَدَ.
صنق: أهمله اللَّيْث.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصُّنُقُ: الأَصِنَّةُ.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (نوادِرهِ) : أصْنَقَ الرَّجُل فِي مالهِ إصناقاً: إِذا أحْسَنَ القيَامَ عَليهِ، ورجلٌ مِصناقٌ ومِيصَابٌ إِذا لزم مَاله وأَحْسنَ القيامَ عَلَيْهِ.
وَفِي (النَّوادِرِ) : جَمَلٌ صَنقَةٌ وصنَخَةٌ وقَبْصاة وقَبْصة إِذا كانَ ضَخْماً كَبِيرا، وَهَذِه صَنَقةٌ من الحَرَّة، وصَمَقَةٌ وصَمَغَةٌ وَهُوَ مَا غَلُظَ.
قصن: أنْشد ابْن السّكيت:
يَا رِيَّهَا اليومَ عَلَى مُبِينِ
عَلَى مُبينٍ جَرِدِ القَصينِ
أرادَ بهِ القصيمَ فأبْدلَ الْمِيم نُوناً.
ق ص ف
قصف صفق فَقص قفص صقف.
قصف: روى أَبُو دَاوُد عَن النضرِ بن شُمَيْل أَنه روى حَدِيثا بِإِسْنَاد لَهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ يَوْمًا على صَعْدَةٍ يتبعَها حذاقى عَلَيْهَا قَوْصفٌ لم يَبقَ مِنْهَا إِلَّا قَرْقَرُهَا.
قَالَ النَّضرُ: الصّعْدَةُ: الأَتانُ، والحذاقيُّ: الْجَحْشُ، والقَوْصفُ: القَطِيفَةُ وقَرْقَرُها ظَهْرُهَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَصْفُ مَصدَرُ قَصَفْتُ العودَ أقْصفُهُ قَصْفاً إِذا كَسرْتُهُ.
قَالَ: والقَصْفُ من الهديرِ.
وَيُقَال: عُودٌ قَصِفٌ بَين القصَفِ إِذا كَانَ خَواراً، ورجلٌ قَصفٌ.

(8/289)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَجلٌ قَصفُ البَطْنِ وَهُوَ الَّذِي إِذا جَاعَ فَتَرَ واسْتَرْخَى وَلم يحْتَمل الجُوعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصْفُ كَسْرُ القناةِ ونحوهَا نِصْفَيْنِ.
يُقَال: قَصِفَتِ القنَاةُ قَصَفاً إِذا انْكسرتْ وَلم تَبِنْ، فَإِذا بانَتْ قِيلَ انقصقَتْ، وَأنْشد:
وأسْمرٌ غير مَجْلوزٍ عَلَى قَصف
ورجلٌ قَصفٌ: سريع الانكسارِ عَن النَّجْدَةِ.
وَيُقَال للْقَوْم: إِذا خَلَوْا عَن شيءٍ فَتْرَةً وخِذْلاناً: قد انقصَفُوا عَنهُ، والأقْصفُ الَّذِي انْكَسرتْ ثنيتُهُ من النِّصْف وثنيةٌ قَصْفاءُ. قلت: وَالَّذِي سَمِعناه وحفِظْناهُ لأهل اللُّغةِ الأقْصمُ بِالْمِيم للَّذي انْكسَرَتْ ثنّيتهُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن الْفراء قَالَ: قَالَ بعض الأعرابِ لرجل أَقْصمِ الثَّنية: قد جاءَتكم القَصْماءُ ذَهَبَ إِلَى سِنِّهِ فأنَّثهَا.
والقاصف: الرّيح الشَّدِيدَة الَّتِي تقصف الشَّجرَةَ.
رُوِيَ عَن نابغةِ بني جَعْدةَ أَنه سَمِعَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (فأَنَا والنَّبيّون فُرّاطُ القاصفينَ) مَعْنَاهُ: أَن النبيينَ يَتَقدّمون أمَمهمْ إِلَى الجنَّةِ، وهم على أَثرهمْ يبادِرونَ إِلَى الجنَّةِ فَيَزْدَحِمونَ حَتَّى يَقْصِفَ بَعضُهمْ بَعْضاً بِدَاراً إِلَيْهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القُصوفُ: الْإِقَامَة فِي الْأكل والشربِ.
قَالَ: والصُّقوف: المظَالُّ، قلت: الأَصْل فِيهِ السُّقُوفُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصْفُ: اللعِب واللَّهْو وَسمعت قَصْفةَ القومِ أيْ دَفعتهمْ فِي تَزاحمهمْ.
وَقَالَ العجاج:
كقصفةِ النَّاس من المُحْرَنْجمِ
وَفِي حَدِيث آخر: عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنهُ قَالَ: (لما يهُمُّني من انْقِصَافِهِمْ على بَاب الجنَّةِ أهمُّ عِنْدِي منْ تَمامِ شَفَاعَتِي) وقَصَفَ الْفَحْلُ يقْصِفُ قَصْفاً وقُصُوفاً وقَصِيفاً إِذا هَدَرَ فِي الشِّقْشِقَةِ، ويقالُ: قصِف النَّبْتُ يقْصَفُ قصَفاً فَهُوَ قصِفٌ: إِذا طَال حَتَّى انْحَنَى مِنْ طُولِهِ، وَقَالَ لبِيد:
حَتَّى تَزَيَّنَتِ الْجِوَاءُ بِفاخِرٍ
قَصِفٍ كألْوانِ الرِّجالِ عَمِيم
أيْ: بِنَبْتٍ فاخِرٍ.
وَقَالَ ابْن شُميل: الْقَصَافُ المرْأة الضَّخْمَةُ ورعْدٌ قاصِفٌ إِذا اشْتَدَّ صوتُهُ.
صفق: أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: صَفَقْتُ الْبَاب وأصْفَقْتُهُ وبلقْتُهُ وأبلَقْتُهُ بِمَعْناهُ، وَقَالَ الأصمعيُّ: صفقْتُ البابَ أَصْفِقُه

(8/290)


ُ صَفْقاً، ولمْ يَذْكُرْ أصْفَقْتُهُ، أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سفقتُ الْبَاب وأسْفقتهُ: إِذا ردَدْته، أَبُو مَنْصُور: وَهَذَا ضدُّ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لِأَن بلقْتُه بمعْنَى فَتحته لَا غيرُ.
وَقَالَ ابْن شُميلٍ: سَفَقْتُ الْبَاب وصفقْتُهُ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: صفقْتُ الْبَاب أصفِقهُ صَفقاً أَي: فتحتُهُ، وتركتُ بابَهُ مَصْفوقاً أَي: مفْتُوحاً قَالَ: وَالنَّاس يقُولونَ صَفقْتُ الْبَاب وأصفقتُه إِذا رَدَدْتَهُ، وَقَالَ أَبُو الخَطَّاب: يقالُ هَذَا كُلُّهُ، قَالَ: وبابٌ مبلُوقٌ أَي مفتُوحٌ.
وروى ابْن الْفرج عَن أعرابيَ أنَّهُ قَالَ: أصفقْتُ الْبَاب وأصمَقْتُه بمعْنى أغلقْتُه.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الإجافة دون الإغلاقِ، وَقَالَ الأصمعيُّ: ثوبٌ سفيقٌ وصفيقٌ: مُحْكَمُ الصنْعة، وَأَعْطَاهُ سفقْة يَمِينه وصفقة يمينِه إِذا بايَعُه، قَالَ: وَيُقَال: أصفقوا على ذَلِك الْأَمر إصْفاقاً إِذا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ، وَيُقَال: اصْفِقْهُمْ عَنْك، أَي: اصْرِفهُم عَنْكَ وأنشدَ قَول رؤبةَ:
فَما اشْتلاها صَفْقَة فِي الْمُنصفَقْ
حَتَّى تردَّى أرْبَعٌ فِي الْمُنْعَفَقْ
قَالَ: وَيُقَال: صفَّقَ بيديْهِ وصفحَ سَواءٌ، وَفِي الحَدِيث: (التَّسْبيحُ للرِّجال والتَّصفيقُ للنِّساءِ) الْمَعْنى: أنهُ إِذا نابَ الْمُصلي شَيْءٌ فِي صلاتِهِ فَأَرَادَ تَنْبيهَ من بحذائهِ صفقت الْمَرْأَة بيديْهَا وسبَّحَ الرَّجل بِلِسَانِهِ، وَقَالَ الأصمعيُّ: صَفقَ فلانٌ عيْن فلَان يصفِقُها إِذا ضربهَا وَيُقَال: وردنا مَاء كَأَنَّهُ صفَقٌ، وَهُوَ أول مَا يُصبُّ فِي القربةَ الجديدةِ فيخْرجُ المَاء أصفر، وَيُقَال: صفَّق الخمْر إِذا حوَّلَهَا من إناءٍ إِلَى إِنَاء فهيَ مُصفقَةٌ ويقالُ: أصفقتْ يَده بِكَذَا وَكَذَا إِذا صادفته ووافقته.
وَقَالَ النَّمر بن تَوْلَب يصفُ جزّاراً:
حَتَّى إِذا طُرِحَ النَّصيبُ وَأصْفَقت
يَدُهُ بجلْدَة ضَرْعِها وحُوارِها
وَقَالَ أَبُو كَبِير الهذَليّ:
أخلاد إِن يُصْفِق لأهْلِ حَظِيرَة
فِيهَا المجهجة والمنارة يُرْزِم
إِن يُصْفق أَي يقدر ويُتَاحُ، يقالُ: أُصْفِقَ لَهُ، أَي: أتيح، يَقُول: إنْ قُدِّرَ لأهل حَظِيرَة متحرّزين الأسَد، كَانَ المقْدُورُ كائِناً، وَقَوله: والمنارة يُرْزِمُ، أرَادَ: تَوَقدَ عَيْني الْأسد كالنار.
وَفِي الحَدِيث: (صفْقتان فِي صَفْقَة رِباً) ، مَعْنَاهُ: بَيْعَتان فِي بَيعةٍ واحدةٍ رِباً، وَهُوَ على وجْهين: أحدُهما: أَن يَقُول البائعُ للمُشتري: بعتُك عَبدِي هَذَا بمائةِ دِرْهمٍ على أنْ تَشْتَري مِنّي هَذَا الثَّوْبَ بِعشْرَة دَرَاهِم. والوجهُ الثَّانِي: أَن تَقُول لَهُ بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْب بعشْرينَ درهما عَلَى أنْ تبيعَني متاعك بعشرةِ دَرَاهِم، وَإِنَّمَا قيل للبيعةِ صفقةٌ لِضرب الْيَد على الْيَد عِنْد عقد

(8/291)


البيع، وصفقَا الْعُنُق وَغَيره ناحيتاهُ، وجاءَ أهل ذَلِك الصفق أَي: أهل ذَلِك الْجَانِب.
وَفِي حَدِيث لُقْمانَ بن عادٍ حِين وصف إخوتهُ، فَلَمَّا بلغ صفةَ ذِي العفاق قَالَ: خذِي منّي أخي، ذَا العِفاق صَفّاق أفَّاقٌ.
قالَ القتيبي: قَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّفّاق الَّذِي يصفِق على الْأَمر الْعَظِيم، والأفَّاق الَّذِي يتَصَرَّف وَيَأْتِي الآفاقَ. قَالَ القتيبي: روى هَذَا أَبُو سُفْيَان عَن الأصمعيّ.
أَبُو مَنصور: وَالَّذِي أرَاهُ فِي تفْسير الصفاق غيرُ هَذَا القوْل، والصَّفّاق عِنْدِي الرَّجل الكثيرُ الْأَسْفَار وَالتَّصَرُّف فِي البلادِ والتجارات، والصَّفْق والأفْقُ قريبان مِنَ السّواءِ، وكذلِك الصَّفّاقُ والأفاق، ويقالُ: انصفَقَ القوْمُ عَن جهتهمْ أَي: انصرَفوا عَنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يقالُ للثَّوْبِ المعَلق تصفِّقُه الرياحُ كل مصفَّقٍ وتصفِقُه بِمَعْنَاهُ.
وَأنْشد:
وأخرَى تصفِّقها كلُّ رِيح
سَريع لدَى الجوْر إرغانُها
وَيُقَال: اصطفَقتِ المزاهرُ إِذا أجابَ بَعْضهَا بَعْضًا، وصِفاقُ الْبَطن: الجلدُ الباطنُ الَّذِي يَلِي سوادَ الْبَطن.
قَالَ: وبعضٌ يَقُول جلدُ البَطن كلُّه صِفاقٌ.
شمرٌ عَن ابْن شُمَيْل: الصِّفاقُ مَا بَين الْجلد والمَصْرَان، ومرَاقُّ البَطن صِفاقٌ أجمَعُ مَا تحتَ الجلدِ مِنْهُ إِلَى سَواد الْبَطن.
قَالَ: ومرَاقُّ البَطن كلُّ مَا لم ينحنِ عَلَيْهِ عَظْمٌ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصِّفاقُ: الجلدُ الأسفلُ الَّذِي دُون الجلدِ الَّذِي يُنسلخُ، فَإِذا سُلِخَ المَسْكُ بَقِي ذلكَ يُمْسِكُ البطنَ، وَهُوَ الذِي إِذا انشقَّ كَانَ مِنْهُ الفَتْقُ.
أَبُو عبيدٍ عَن الْأمَوِي: أصْفقْتُ الغنمَ: إِذا لم تَحْلُبْها فِي الْيَوْم إِلَّا مرّة.
وأنشدنا:
أَوْدَى بنُو غنْمٍ بألْبانِ العُصُم
بالمُصْفَقاتِ وَرَضُوعاتِ الْبَهَمْ
وَقَالَ غَيره: الْمُصافِقُ منَ الْإِبِل الَّذِي يَنامُ عَلَى جَنْبِه مرَّة وعَلى الآخَرِ مرّة، وَإِذا مَخَضَتِ الناقةُ صافَقَتْ.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف دجَاجَة وبيضتها:
وحاملةٍ حَيّاً وليْسَتْ بحيَّةٍ
إِذا مَخضَتْ يَوْمًا بهِ لم تُصافقِ
وَيُقَال: صَفَقَه بالسَّيْفِ إِذا ضَرَبَه.
وَقَالَ الراجزُ:
كَأَنَّهَا بَصْرِيّةٌ صوَافِقُ
وَمِصْرَاعَا البَابِ صَفْقَاهُ، وَيُقَال: صفَّقَ الخمرَ إِذا مَزَجها بالماءِ.

(8/292)


وَقَالَ الْأَعْشَى:
وشمولٍ تحْسَبُ العينُ إِذا
صُفِّقَتْ وَرْدَتهَا نَوْرَ الذُّبَحْ
وَقَالَ ابْن شميلٍ: يُقَال: إِنَّه لمُبَارَك الصفْقَة أَي: لَا يشتَرِي شَيْئا إِلَّا رَبحَ فِيهِ، وَقد اشتريتُ اليومَ صَفْقَة صَالِحَة، والصفقةُ تكون للْبَائِع والمشتَرِي، وَيُقَال لحوادِثِ الخُطوبِ وصوارفها: صوافقُ وصفائقُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
أَخ لكَ مَأْمُون السَّجيَّات خِضْرم
إِذا صَفَقَتْه فِي الحرُوبِ الصوافق
وَقَالَ كثيِّرٌ فِي الصَّفائق:
وأنْتِ المُنى يَا أمَّ عمرٍ لَو أننا
نَنالُكِ أَو تُدْني نواكِ الصفائقُ
الواحدَةُ: صفِيقةٌ بِمَعْنى صافِقة.
سَلمَة عَن الْفراء: صفَقْتُ القَدَحَ وصفَّقْته وأصفقته إِذا ملأته، والتصفيقُ أَن ينويَ نيَّةً ثمّ يرُدَّها، وَمِنْه:
وزلَل النِّيّة والتصفِيق
قفص: قَالَ اللَّيْث: والقفصُ: شيءٌ يُتخذُ من قصبٍ أوْ خَشَبٍ للطير.
وَأَخْبرنِي المنذرِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَوْنٍ الحرمازيّ إِن الرجل إِذا أكل التمرَ وشرِبَ المَاء عَلَيْهِ قَفِصَ، وَهُوَ أنْ يُصيبه القَفَصُ وَهُوَ حرارةٌ فِي حلقه وحموضةٌ فِي معدته.
وروى سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: قَالَت الدُّبيريَّةُ: قفِصَ وقبِصَ بالفاءِ وَالْبَاء إِذا عرِبَتْ معدتهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: القَبْصُ: الخفَّةُ والنشاط، وَقد قبَصَ يقبِصُ، والقُفصُ نَحوه.
أَبُو عبيد: القفِصُ: النشيطُ، والقفْصُ: الوَثْبُ، وَقد قَفصَ يقفِصُ وقفَّصتُ الظبْيَ: إِذا شددْتُ قوائمَه وجمعْتُها.
وَقَالَ الأصمعيُّ: أصبحَ الجرادُ قَفِصاً إِذا أَصَابَهُ البردُ فَلم يستطعْ أنْ يطير، وفرَسٌ قفِصٌ وَهُوَ المتَقَبِّضُ الَّذِي لَا يُخرجُ مَا عِنْده كلَّه، يُقَال: جرَى قفِصاً.
وَقَالَ ابنُ مُقبل:
جرَى قفِصاً وارْتدّ من أصل صُلبِه
إِلَى موضعٍ منْ سَرْجه غير أحْدب
أَي: يرجعُ بعضُه إِلَى بعضٍ لقَفَصِه وَلَيْسَ منَ الحدب.
اللحياني: قفِصَ يقْفَصُ قَفصَاً: إِذا تشنَّج من البرْد، والقفْصُ: حَبُّ، والقُفص: جيلٌ متلصِّصُون فِي جبَل لَهُم بَين جبالِ فارسَ وتخُوم بلادِ السِّندِ.
فَقص: قَالَ اللحياني: فقَسْتُ البَيضةَ أفْقِسُها فقْساً، وفقَصْتُها فقصاً إِذا فضَخْتُها.

(8/293)


ق ص ب
قصب قبص صقب بَصق.
قصب: قَالَ اللَّيْث: القَصَبُ: ثيابٌ تُتخذُ من كتَّانٍ ناعمةٌ رقاقٌ والواحدُ مِنْهَا قصَيٌّ.
قَالَ: وكلُّ نبْتٍ كَانَ سَاقه أنابيب وكعوباً فَهُوَ قَصَبٌ، وَيُقَال للزَّرْع: قدْ قصَّب تقصيباً والقَصَبةُ جوْفُ القصْر وجوْفُ الحِصْن يُبْنى فِيهِ بناءٌ وَهُوَ أوسطه، والقصبة فِي الْأنف عظمه، وكل عَظْم كَانَ مستديراً أجْوَفَ فَهُوَ قصبٌ، وَكَذَلِكَ مَا اتّخِذَ مِن فِضّةٍ أوْ غيرِها، والقصْبَاءُ هوَ القصبُ النَّابتُ الْكثير فِي مقصبتِه، والقصب مِنَ الجوهرِ مَا كَانَ مُستَطيلاً أجْوَف.
وَفِي الحَدِيث: أَن جِبْرِيل قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بَشِّرْ خديجةَ ببيْتٍ فِي الجنَّة من قصبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصبَ) .
قَالَ أهل العِلم واللغة: القصَبُ فِي هَذَا الحَدِيث لؤلؤٌ مُجَوَّفٌ واسِع كالقصْر المُنِيفِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القصَب: مَجاري مَاء الْبِئْر مِن العُيون، والقصَبُ: كل عَظمٍ فِيهِ مُخٌّ الْوَاحِدَة قَصَبة، والقصَبُ: العُروق الَّتِي فِي الرِّئةِ، وقصَبَة القريَةِ وسَطها، وقَصَبَهُ يَقصِبُه قصْباً إِذا عابه ووقَع فِيهِ، وقَصَّبَ شَعْره إِذا جَعَّدَه، وَيُقَال: لَهَا قُصّابَتَان أيْ غَدِيرَتانِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَصْبة: خصْلَة من الشَّعر تَلْتَوي، فإنْ أنتَ قَصَّبْتَها كانتْ تقْصيبة، والجميعُ التَّقاصِيبُ، وتقْصيبكَ إيَّاها ليُّكَ الخُصلةَ إِلَى أسْفلِها تضمُّها وتشدُّها فتصبحُ وقَدْ صارتْ تقاصِيب كأَنها بَلابلُ جارِيَة.
قَالَ: والقصْبُ: القطْعُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: القصائِبُ: الشَّعر المُقصَّبُ، واحدتها قصيبَةٌ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: الأقصاب: الأمعاءُ، وَاحِدهَا قُصْبٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث: أَن عَمْرو بنَ لُحَيَ، أَوَّل مَن بَدَّل دينَ إِسْمَاعِيل. قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (فرأَيْته يجر قُصْبَه فِي النَّار) .
وَقَالَ غَيره: سُمِّيَ القصابُ قصاباً لِتَنقيَته أقْصابَ البطْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القاصِب: الزَّامِر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَوْله:
وشاهِدنا الجُل والْياسمين
والمسْمِعات بِقُصّابها
قَالَ: القُصَّابُ: المزاميرُ، واحدتها قُصّابةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَخذ الرَّجلُ الرَّجلَ فَقَصَّبَهُ، والتَّقْصِيبُ أَن يَشُدَّ يديهِ إِلَى عنقِه، والقَصَّابُ سُمِّيَ قَصَّاباً لذَلِك، ورجلٌ

(8/294)


قَصَّابةٌ للناسِ إِذا كَانَ وقّاعاً فيهم، وقصَّبَ بِنَا الطَّرِيق: إِذا امْتَلَأَ، وطريقٌ مُقَصِّبٌ.
وَحدثنَا أَبُو زيد عَن عبد الْجَبَّار عَن سُفْيَان بن عَمْرو عَن مُحَمَّد بن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ: أَن سعيد بن الْعَاصِ سَبَّقَ بَين الخيلِ فِي الكوفةِ فَجَعلهَا مائَة قَصَبةٍ وجعلَ لأخيرها قَصَبةً ألفَ دِرْهم. قَالَ: أَرَادَ أَنه ذَرَعَ الغايَةَ بالقصبِ فَجَعلهَا مائةَ قصبةٍ.
وَقَوْلهمْ: حازَ فلانٌ قَصَبةَ السَّبْقِ إِذا سَبَقَ إِلَى أقصَى القصبةِ فِي الغايةِ، وقيلَ: إِن تِلْكَ القصبة الَّتِي تُذْرَعُ بهَا الغايةُ تُرْكَزُ عِنْد أقصاها، فَمن سبقَ إِلَيْهَا أَخذهَا واستحقَّ الخطرَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَصَّابُ: الزَّمّارُ.
وَقَالَ رؤبة يصفُ الْحمار:
فِي جوفهِ وحْيٌ كَوَحْيِ القَصّاب
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ الْأَعْشَى بالقُصَّابِ الأوتارَ الَّتِي سُوِّيَتْ من الأمعاء، وَقَول أبي عَمْرو أصوب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قَصَبَ البعيرُ فهوقاصِبٌ إِذا أبَى أَن يشربَ، والقومُ مُقْصِبونَ إِذا لم تشرب إبلهم، وفَرَسٌ مُقَصِّبٌ: سابقٌ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
ذِمارَ العَتِيكِ بالجوادِ المُقَصِّب
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: فِي بَاب السَّحابِ الَّذِي فِيهِ رعدٌ: وَمِنْه المُجَلْجِلُ والقاصِبُ بالباءِ والمُدَوِّي والمُرْتَجِسُ.
أَبُو مَنْصُور: شَبَّهَ صوتَ رعْدِهِ بالقاصب أَي: الزّامرِ.
وسألَ أَحْمد بن يحيى ابْن الْأَعرَابِي عَن قَوْله: (بَشِّرْ خَدِيجَةِ بِبَيْتٍ مِنْ قَصبٍ) فَقَالَ: القصبُ هَا هُنَا الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزّبَرْجَدُ الرَّطْبُ المُرَصَّعُ بالياقوت.
قَالَ: وَالْبَيْت هَا هُنَا بِمَعْنى القَصْرِ والدَّار كَقَوْلِك: بيتُ الملكِ أَي: قصره.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَصَبةُ البلادِ مدينتُها، ودِرَّةٌ قاصِبَةٌ إِذا خرجتْ سهلةً كَأَنَّهَا قضيبُ فِضَّةٍ.
صقب: قَالَ اللَّيْث: الصقْبُ والسَّقْبُ لُغتانِ: الطويلُ من كلِّ شيءٍ، وَيُقَال للغصْنِ الريّانِ الغليظ الطويلِ سَقْبٌ.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
سَقْبانِ لم يَتَقَشَّر عَنْهُمَا النَّجَبُ
قَالَ: وسألتُ أَبَا الدُّقَيْشِ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي قد امْتَلأَ وتمّ، عامٌّ فِي كل شيءٍ من نَحوه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّقُوبُ: العَمَدُ الَّتِي يُعْمَدُ بهَا البيتُ وَاحِدهَا صَقْبٌ، كَذَا رَوَاهُ بالصَّاد.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الجارُ أحَقُّ بِصقَبِه) .
قَالَ أَبُو عبيد: قولُهُ: أحَقُّ بصقبِهِ يَعْنِي القُرْبَ.

(8/295)


وَمِنْه حَدِيث عليَ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه كَانَ إِذا أُتِيَ بالقتيل قد وُجِدَ بَين القريتين حَمَلَهُ عَلَى أصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الرُّقيَّات:
كُوفِيَّةٌ نازِحٌ محلَّتُها
لَا أمَمٌ دارُها وَلَا صَقَبُ
قَالَ: وَمعنى الحَدِيث: أَن الجارَ أحقُّ بالشفعةِ من غَيره.
وَقَالَ اللحياني: أَصْقَبَتِ الدارُ وأَسْقَبَتْ أَي: قَرُبَتْ، وداري من دارِهِ بِسَقَبٍ وصَقبٍ وزَمَمٍ وأمَمٍ وصَدَدٍ، أَي: قريبٌ، وَيُقَال هُوَ جاري مُصاقِبي ومُطانِبي ومُؤاصِري.
أَي: صقب دَاره وإصاره وطُنُبه بحذاء صَقب بَيْتِي وإصاره.
وَقد أصقبَكَ الصّيْدُ فارْمِهِ، أَي دَنا مِنْك وأمكنك رميُهُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: لَقيته صِقاباً وصِفاحاً مثل الصِّرَاحِ أَي مُوَاجهَة.
قبص: قَالَ اللَّيْث: القبْصُ: التَّناولُ بأطرافِ الْأَصَابِع.
قَالَ الله عز وَجل: (فقبصت قبصة من أثر الرَّسُول) ، هَكَذَا قرأهُ الحسنُ بالصَّاد، وقرأه العامّة {فَقَبَضْتُ.
وَقَالَ الْفراء: القبْضَةُ بالكفِّ كلهَا، والقبْصَةُ بأطراف الْأَصَابِع، وَقَالَ: والقَبْصَةُ والقُبْصَةُ: اسْم مَا تَناوَلْتَهُ بِعَيْنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: والفرسُ القَبوصُ الَّذِي إِذا جَرَى لم يصبِ الأرضَ إِلَّا أطرافُ سنابكه من قُدُمٍ، وَأنْشد:
سَلِيمُ الرّجْعِ طهطاهٌ قَبوصُ
وَقَالَ ذُو الرُّمّة يَصِفُ ركاباً:
فَيَقبِصْنَ من عادٍ وسادٍ وواخِدٍ
كَمَا انْصَاع بالسِّيِّ النَّعامُ النَّوافِرُ
يقبصْن: يَنْزُونَ، يُقَال: قَبَصَ الْفرس: إِذا نزا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القبَصُ: الخِفَّةُ والنشاط، وَقد قَبِصَ يَقبَصُ والقفَصُ نَحوه.
وَفِي الحَدِيث: أَن عمر أتَى النَّبِي وَعِنْده قِبْصٌ من النَّاس.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُمُ العددُ الْكثير، وَأنْشد:
لكم مسجدَا اللَّهِ المَزُوران والحَصَى
لكم قِبْصُهُ من بَين أثْرَى وأقْتَرَا
أَي: من بَين مُثْرٍ ومُقِلَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِبْصُ: مجتمعُ النَّمْل الْكثير، وَيُقَال: إِنَّهُم لفِي قِبْصِ الحَصَا، أَي: فِي كثرتها، لَا يُسْتطاع عَدُّهُ من كثْرَتِهِ، والقبَصُ فِي الرَّأْس ارتفاعٌ فِيهِ وعظمٌ، وَأنْشد فِي صفةِ هامةِ الْبَعِير:
قَبْصَاء لم تُفْطَح وَلم تُكَتَّلِ

(8/296)


وَقَالَ ابْن السّكيت: القَبْصُ: وجَعٌ يصيبُ الكَبِد من أكل التَّمْر على الرِّيق ثمَّ يشربُ عَلَيْهِ المَاء، وَأنْشد:
أَرُفْقَةٌ تَشْكُو الجُحافَ والقبَصْ
جُلودهم أَلْيَنُ من مَسِّ القُمصْ
المِقبَصُ: المِقوَسُ، وَهُوَ الحبلُ الَّذِي ترسل مِنْهُ الخيلُ فِي السِّباق.
بَصق: قَالَ اللَّيْث: بَصَق لغةٌ فِي بَسَق وبَزَقَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والبَصْقةُ: حَرّةٌ فِيهَا ارتفاعٌ وَجَمعهَا بِصاقٌ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: بُصاقَةُ القمَرِ وبُصاقه حَجَرٌ أبيضُ يتلألْا.
ق ص م
صمق قمص قَصم صقم.
صمق: أهمله اللَّيْث.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: مَا زالَ فلانٌ صامِقاً مُنْذُ اليومِ وصامِياً وصابِياً أَي عطشان أَو جائِعاً.
قَالَ: وَهَذِه صَمَقةٌ من الحَرّةِ: أَي غليظةٌ، قَالُوا: وأَصْمَقْت الْبَاب وَأَصْفَقته، أَي: أَغلقته، قَالَه السُّلميُّ.
قَصم: قَالَ اللَّيْث: القَصْمُ: دقُّ الشَّيْء، وَيُقَال للظالم: قَصَمَ الله ظَهره، ورجلٌ قَصِمٌ، أَي: هارٍ ضَعِيف سريع الانكسار، وقناةٌ قَصِيمةٌ أَي منكسرة، والأقْصَمُ أعمُّ وَأعرف من الأقصَفِ وَهُوَ الَّذِي انقصمت ثنيَّتُه من النّصْف والقَصِيمَةُ من الرَّمل مَا أنبت الغَضى، وَهِي القصائم.
وَفِي حَدِيث النَّبِي: (ويُرفعُ أهل الغُرفِ إِلَى غُرفهم فِي دُرَّة بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا قَصْمٌ وَلَا فَصْمٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: القصم بِالْقَافِ هُوَ أَن ينكسر الشَّيْء فَيَبينَ، يُقَال مِنْهُ: قصمتُ الشَّيْء: إِذا كَسرته حَتَّى يَبِينَ، وَمِنْه قيل: فلانٌ أقْصَمُ الثَّنِيَّةِ إِذا كَانَ منكسِرها.
وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (استغنوا عَن النَّاس وَلَو عَن قِصْمَةِ السِّواك) يَعْنِي مَا انْكَسَرَ مِنْهُ إِذا اسْتِيكَ بِهِ.
قَالَ: وَأما الفَصْمُ بِالْفَاءِ فَهُوَ أَن ينصدع الشَّيْء من غير أَن يَبِينَ.
أَبُو عبيد: القَصائمُ من الرِّمال مَا ينْبت العِضاه.
أَبُو مَنْصُور: وَقَول اللَّيْث فِي القَصِيمَةِ: مَا ينْبت الغَضى هُوَ الصَّوَاب، كَذَلِك حفظته عَن الْعَرَب، والقَصيمُ مَوضِع مَعْرُوف يشقُّه طَرِيق بطن فلجٍ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
يَا ريّها الْيَوْم على مُبين
على مُبين جرد القصيم
وإياه عَنى الراجز:

(8/297)


أفرِغْ لشولٍ وعشارٍ كُومِ
باتت تُعَشَّى اللَّيْل بالقَصيم
وَقَالَ آخر يصف صياداً:
وأشعثَ أَعلَى مالهِ كِفَفٌ لهُ
بفرشِ فلاةٍ بينهنَّ قَصيمُ
والفرش: منابتُ العُرْفُطِ.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: فرشٌ من عُرْفُطٍ وقصيمةٌ من غَضىً، وأيكةٌ من أثْلٍ، وغالٌ من سَلَمٍ وسليلٌ من سمرٍ.
وَفِي الحَدِيث: (تطلعُ الشَّمْس من جَهَنَّم بَين قَرْني شَيْطَان فَمَا ترْتَفع فِي السَّمَاء من قَصْمَةٍ إِلَّا فُتح لَهَا بَاب من النَّار فَإِذا اشتدت الظهيرة فُتحت الْأَبْوَاب كلهَا) ، القصْمةُ: مرقاةُ الدرجَة سميت قَصْمةً لِأَنَّهَا كِسرةٌ، وكل شَيْء كَسرته فقد قصمتهُ.
قمص: قَالَ اللَّيْث: القِماصُ أَلا يسْتَقرّ فِي مَوضِع ترَاهُ يَقْمِصُ فيثبُ من مَكَانَهُ من غير صَبر، يُقَال للقلِقِ قد أَخذه القِماصُ.
قَالَ: والقَمَصُ: ذُبَاب صغَار يكون فَوق المَاء، والواحدة قَمَصَة، وَالْجَرَاد أول مَا يخرج من بيضه يُسمى قَمَصاً، والقَمِيصُ مَعْرُوف يذكَّر، وأنَّثه جريرٌ حِين أَرَادَ بِهِ الدِّرع فَقَالَ:
يَدْعُو هوازِنَ والقميصُ مُفاضةٌ
تَحت النِّطاق تُشَدُّ بالأزرارِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رُوِي عَن عُثْمَان أَن النَّبِي قَالَ لَهُ: (إِن الله سَيُقَمِّصُكَ قَمِيصًا وَإنَّك لتُلاَصُ على خلعه فإياك وخلعه) ، قَالَ: القميصُ: الْخلَافَة، والقميصُ: غلاف الْقلب، والقميصُ: البِزْذَوْنُ الْكثير القُماص والقِماصِ، والضمُّ أفْصح.
صقم: أهمله اللَّيْث.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّيْقَمُ: المُنْتِنُ الرَّائِحَة.

(بَاب الْقَاف وَالسِّين)
ق س ز مهمل.
ق س ط
(قسط) سقط طسق: مستعملة.
قسط: قَالَ اللَّيْث: القُسْطُ: عودٌ يجاء بِهِ من الْهِنْد يَجْعَل فِي البخور والدواء.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لهَذَا البخور قُسْطٌ وكُسْطٌ وكشْطٌ.
قَالَ: والقِسْطُ بِكَسْر الْقَاف: الْعدْل وَالْفِعْل مِنْهُ أقسط بِالْألف.
قَالَ: والقَسْطُ بِفَتْح الْقَاف: الجورُ، يُقَال مِنْهُ قسطَ يقسِطُ قَسْطاً وقسوطاً، والقَسطُ: طول الرِّجل وسَعَتها.
قَالَ: والقِسْط: النَّصِيب، والقُسطانة: قَوس قزَح، والقُسْطُناس: الصَّلاءةُ.
وَقَالَ الله: (رَشَداً وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً} (الْجِنّ: 15) .

(8/298)


قَالَ الْفراء: هم الجائرون الْكفَّار، قَالَ: والمُقْسِطُون: الْعَادِلُونَ الْمُسلمُونَ.
قَالَ الله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الْمَائِدَة: 42) .
وَقَالَ اللَّيْث: القُسوط: المَيْلُ عَن الْحق، وَأنْشد:
يَشْفِي من الضِّغْنِ قُسوط القاسطِ
قَالَ: والرِّجل القَسطاءُ يكون فِي سَاقهَا اعوجاج حَتَّى تَتَنَحَّى القدمانِ وتنضمَّ الساقان والقسَطُ خلاف الْحَنَفَ.
قَالَ: والإقْساطُ الْعدْل فِي الْقِسْمَة وَالْحكم، يُقَال: أقْسَطْتُ بَينهم وأقْسَطْتُ إِلَيْهِم، وَقد أخذَ كلُّ واحدٍ مِنْهُم قِسْطَهُ أَي: حِصَّتَهُ، وَقد تَقَسَّطُوا الشَّيْء بَينهم أَي اقْتَسَمُوهُ على السواءِ والعدلِ، وكلُّ مقدارٍ فَهُوَ قِسْطٌ فِي المَاء وغيرهِ.
وَقَالَ الله: {وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (الْإِسْرَاء: 35) .
يُقَال: هُوَ أقْوَمُ الْموازينِ، وَبَعْضهمْ يقولُ هُوَ: الشاهِينُ، يُقَال: قُسطاسٌ وقِسْطاسٌ.
أَبُو سعيدٍ: يُقَال لقوس الله الْقُسْطانيُّ.
وَقَالَ الطرماح:
وَأُديرَتْ حَفَفٌ تحتهَا
مثلُ قُسْطانيّ دجنِ الْغَمَامِ
أَبُو عَمْرو: الْقُسطانُ قَوْسُ قزَح وَنهى عَن تَسْمِيَته قَوس قزَح.
وَقَول امرىء الْقَيْس:
إذْ هُنَّ أقْساطٌ كَرِجْلِ الدَّبَى
أوْ كَقَطَا كاظِمَةَ النَّاهِلِ
أَرَادَ أَنَّهَا جماعاتٌ فِي تفرقةٍ.
أَبُو عبيد عَن العدَبَّسِ قَالَ: إِذا كَانَ البعيرُ يَابِس الرّجْلَيْنِ من خلقةٍ فَهُوَ أقْسَطُ وَقد قَسِطَ قَسَطاً.
وَقَالَ غيرهُ: وَقد يكون الْقَسَطُ يُبْساً فِي العنقِ.
وَقَالَ رؤبة:
وضَرْبُ أعناقِهم القِساط
قَالَ أَبُو عَمْرو: قَسِطَتْ عظامهُ قُسوطاً إِذا يَبِسَتْ من الهُزالِ، وَأنْشد:
أعطاهُ عَوداً قاسِطاً عِظامهُ
وَهُوَ يُبَكِّي أَسَفاً وينتَحِب
وَيُقَال: قَسَّطَ على عِيَاله النَّفَقَةَ تَقْسِيطاً أَي: قَتَّرها.
وَقَالَ الطرماح:
كَفَّاهُ كَفٌّ لَا يرى سَيْبُهَا
مُقَسَّطاً رهبةَ إعدامها
ابْن الأعرابيّ والأصمعيُّ: فِي رِجْلِه قَسَطٌ وَهُوَ أَن تكون الرّجلُ مَلْساء الأسفلِ كأنَّها مالجٌ.
أَبُو عمرٍ و: القَسْطانُ والكَسْطانُ: الغبارُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن المبردِ أَنه قَالَ: القِسْطُ: أربعمائةٍ واحدٌ وثمانونَ درهما.

(8/299)


قَالَ أَبُو عبيد: القِسْطُ: نصفُ الصَّاع، والفَرَقُ ستةُ أقساطٍ.
سقط: قَالَ اللَّيْث: السَّقْطُ والسُّقط لُغتانِ لِلولدِ المُسْقَطِ، فَأَما مَا سَقَطَ من النَّارِ حينَ تُقدحُ فَهُوَ السِقطُ مكسورٌ، قَالَ: والسَّقْطُ والسُّقطُ فِي الولدِ، الذكرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سواءٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: هُوَ سُقْطُ الرَّمل وسِقطه وسَقْطُهُ يَعْنِي منقطعهُ، وَكَذَلِكَ سُقطُ المرأةِ فِيهِ ثلاثُ لُغات.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ، يُقَال: البصرةُ مَسْقطُ رَأْسِي بِفَتح الْقَاف، ومَسْقِط الرَّملِ بالكسرِ مُنْقَطَعُهُ.
وَيُقَال للولدِ: سَقْطٌ وسُقْطٌ وسِقْطٌ، وَقد أسقَطَت المرأةُ إسْقاطاً، قَالَ: وسِقْطُ الزَّنْدِ مَا وَقع من النَّارِ حينَ تُقْدَحُ، قَالَ: وسَقْطُ الرَّمْلَةِ مُنقَطَعها مَنْصُوبَة السِّين، وَهَذَا كُله قَول الأصمعيِّ.
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا مَسْقِطُ الرَّملِ حَيْثُ انقطعَ، وَهَذَا مَسقِطُ رَأسه حَيْثُ وُلدَ، وَهَذَا مَسقِطُ السَّوْطِ حَيْثُ سَقَطَ، ومَسقِطُ النَّجْمِ.
وَيُقَال: أتانَا فِي مَسْقِط النَّجْم: أَي: حينَ سَقَطَ.
وَيُقَال: هَذَا الفعلُ مَسْقَطَةٌ للرجل من عُيُون النَّاس، وَهُوَ أَن يَأْتِي مَا لَا يَنْبَغِي.
وَيُقَال: فلانٌ قليلُ السِّقاطِ إِذا كانَ قليلَ العِثَار، وأُسْقط فلانٌ من الْحساب إِذا ألْقى منَ الحسابِ، وَقد سَقَطَ من يَدي.
وَقَالَ اللحيانيُّ: يُقَال سَقَطَ فِي كَلَامه وبكلامه، وَمَا أسْقَطَ حَرْفاً.
قَالَ الأصمعيُّ: وَيُقَال: سَقَطَ العَشاء بِهِ على سرحان، يُضْرَبُ مَثَلاً للرجلِ يَبغي البُغيةَ فيقَعُ فِي أمرٍ يُهْلكه، وأُسقِط فلَان من الدِّيوَان.
وَقَالَ لِخُرْثِيِّ المتاعِ سَقَطٌ، وَيُقَال: سيفٌ سَقَّاطٌ وَرَاء ضريبته إِذا جازَ ضريبته، والسَّقِيطُ: الثَّلج. يُقَال: أَصبَحت الأرضُ مبيضَّةً منَ السقِيطِ، يُرِيد من الثلجِ.
وَأنْشد أعرابيٌّ:
وليلةٍ يَا ميَّ ذاتِ طَلِّ ذاتِ سَقِيطٍ وندًى مُخْضَلِّ طعمُ السُّرى فِيهَا كطعمِ الخلِّ وَيُقَال: رفعَ الطائرُ سِقْطيه: يَعْنِي جناحيه.
وَقَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى إِذا مَا أضاءَ الصبحُ وانبعثتْ
عَنهُ نعامةُ ذِي سِقطين معتكر
أَرَادَ نعامةَ ليل ذِي سِقطين، وسِقطَا اللَّيْل: ناحيتا ظلامهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: جمعُ سَقَطِ الْبَيْت أسْقاطهُ نَحْو الإبرة والفأس والقِدْرِ وَنَحْوهَا، والسَّقَطُ من البيعِ نَحْو السكر والتوابل وَنَحْوهَا، وبيَّاعُهُ سَقَّاطٌ، وَأنْكرهُ بَعضهم فَقَالَ لَا يُقَال سَقَّاطٌ، وَلَكِن يُقَال صاحبُ

(8/300)


سَقَطِ، والسَّقطُ: الْخَطَأ فِي الْكِتَابَة والحسابِ، والسَّقَطُ من الْأَشْيَاء مَا تسقطهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ من الْجند وَالْقَوْم ونحوهِ، والسَّاقطةُ: اللَّئيمُ فِي حَسبه وَنَفسه، وَهُوَ السّاقِط أَيْضا، والجميع السواقِط وَأنْشد:
نحنُ الصميمُ وهم السّواقِط
وَيُقَال للمرأَةِ الدّنيئةِ الحمقاء: سَقيطةٌ، والسُّقاطَاتُ من الأشياءِ مَا يُتَهَاونُ بِهِ من رُذالةِ الطَّعامِ وَالثيَاب وَنَحْوهَا.
وَيُقَال: سَقَطَ الولدُ من بطنِ أمهِ، وَلَا يُقَال وقعَ حينَ يولدُ، وفلانٌ يحنُّ إِلَى مسقِطِهِ أَي: حَيْثُ ولد، وكل من وقعَ فِي مهواةٍ، يُقَال: وقعَ وسقطَ، وَكَذَلِكَ إِذا وقعَ اسْمه من الدِّيوَان. يُقَال: وقعَ وسقَطَ، ومسقِطُ الرَّملِ حَيْثُ يَنْتَهِي إِلَيْهِ طرفهُ، والسِّقاطُ فِي الفرسِ أَن لَا يزَال منكوباً، وكذلكَ إِذا جَاءَ مسترخيَ الْمَشْي والعدو.
يُقَال: يُساقِط العدْوَ سِقاطاً، وَإِذا لم يلحقِ الإنسانُ مَلحقَ الكرامِ، يُقَال: سَاقِط، وَأنْشد:
كَيفَ يرجونَ سِقَاطِي بعدَما
لفَّعَ الرأسَ مشيبٌ وصلعْ
قَالَ: وسُقْط السحَاب يرَى طرفٌ منهُ كَأَنَّهُ ساقِطٌ على الأَرْض فِي ناحيةِ الأفقِ.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للفرسِ إِنَّه ليساقط الشَّيْء أَي: يَجِيء مِنْهُ شيءٌ بعد شيءٍ.
وَأنْشد قَوْله:
بِذِي مَيْعةٍ كأنّ أدنَى سِقاطهِ
وتقريبه الْأَعْلَى ذآليلُ ثعلبِ
وَقَالَ الله جلَّ وَعز: {وَلَمَّا سُقِطَ فَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَيْدِيهِمْ} (الْأَعْرَاف: 149) .
قَالَ الْفراء: يُقَال: سُقِطَ فِي يَده وأُسْقطَ من الندامة، وسُقِط أَكثر وأجود.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: يُقَال: تكلم فَمَا أسقطَ كلمة وَمَا سقط فِي كلمةٍ، وخُبِّرَ فلانٌ خَبرا فسُقِطَ فِي يَده.
وَقَالَ الزّجّاج: يقالُ للرَّجل النَّادم على مَا فرَط مِنْهُ قد سُقِط فِي يدِه وأُسْقِط.
قَالَ: وَقد رُوي سَقَطَ فِي الْقِرَاءَة، والمَعنى: لمَّا سقط النَّدَم فِي أَيْديهم كَمَا تَقول للَّذي يَحصُل على شَيْء وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يكون فِي الْيَد قد حصَل فِي يَده من هَذَا مَكْرُوهٌ، فشبَّهَ مَا يَحصُل فِي الْقلب وَفِي النَّفس بِمَا يَحصل فِي الْيَد ويُرَى بالعَين.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَإِنَّمَا حَسَّنَ قولَهم: سُقِطَ فِي يَده بضمِّ السِّين غيرَ مسمًّى فاعِلُه الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ فِي يَده.
ومِثله قولُه:
فَدَعْ عَنْك نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِ
وَلَكِن حَدِيثا مَا حديثُ الرَّوَاحِل

(8/301)


أيْ: صاحَ المنْتَهِبُ فِي حَجَراتِه، وَكَذَلِكَ المرادُ سَقط الندمُ فِي يدِه.
وَأما قولُ الله: {وَهُزِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ} (مَرْيَم: 25) .
فقرأَ حمزةُ (تَسَاقط) مفتوحةَ التاءِ مُخَفَّفَةً.
وقرأَ حَفْصٌ عَن عاصمٍ {تُسَاقِطْ} مضمومةَ التاءِ مكسورةَ القَافِ خَفيفةً.
وَقَرَأَ يَعْقُوب الحَضْرَمِيُّ (تَسَّاقطْ) مَفْتُوحَة مُشدَّدَةَ السِّينِ.
وقرأَ ابنُ كثيرٍ وَأَبُو عَمْرو وَنَافِع وابنُ عَامر والكسائيُّ (يَسَّاقطْ) بِفَتْح الياءِ وَالْقَاف وتَشْديد السِّين.
ورُوِيَتْ عَن البرَاءِ بنِ عازبٍ ومَسْرُوق وَمعنى يَسَّاقَط وتَسَّاقَطْ أنَّ الْيَاء للجِذْع والتاءَ للنَّخْلة، ونُصِب قولُه رُطباً على التَّفْسِير المُحوَّل أَراد يَسَّاقط رُطَب الجِذع، فَلَمَّا حُوِّل الْفِعْل إِلَى الجِذْع خرج الرُّطب مفسِّراً، وَهَذَا قَول الفرَّاء.
قَالَ: وَلَو قرأَ قارىءٌ: تُسْقِطْ عليكِ رُطباً يَذهبُ إِلَى النَّخْلَة، أَو قَالَ يُسْقط عَلَيْك: يَذهب إِلَى الجِذْع كَانَ صَوَابا.
وَقَالَ ابنُ الفرَج: سَمِعت أَبَا المِقدامِ السُّلَميَّ يَقُول: تَسَقَّطْتُ الخَبرَ وتَبَقَّطْتُه إِذا أَخذتُه شَيْئا بعد شيءٍ قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال: تكلّمَ بكلامٍ فَمَا سَقط بحرفٍ وَمَا أَسْقطَ حرفا، وَهُوَ كَمَا تَقول: دخلْتُ بِهِ وأَدْخلْته وخرجْت بِهِ وأَخْرجتُه.
وَتقول: سُؤْتُ بِهِ ظنّاً وأَسَأتُ بِهِ الظنَّ، وتقولُ: جَنَّ عَلَيْهِ الليلُ بِإِسْقَاط الألِف مَعَ الصِّفة، وَأَجَنَّه اللَّيْل، وجنَّه يَجُنُّه جنوناً.
طسق: قَالَ اللَّيْث: الطَّسْقُ: مِكْيالٌ.
قَالَ أَبُو منصورٍ: الطَّسْقُ شِبْهُ ضريبةٍ مَعْلُومَة وَلَيْسَ بعَرَبيَ صَحِيح.
وَقد جَاءَ فِي بعض الْأَخْبَار.
ق س د
قسد قدس سقد سدق دقس دسق.
قسد: قَالَ اللَّيْث: القِسْوَدُّ: الغليظُ الرَّقبةِ القويّ.
وَأنْشد:
ضَخْمَ الذَّفارَى قاسياً قِسْوِدّاً
وَقَالَ غَيره: الْقِسْوَدُّ: دُوَيْبَّةٌ.

(8/302)


سقد: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه قَالَ: السُّقْدُدُ: الفرسُ المُضَمَّرُ، وَقد أَسْقدَ فرسهُ وسَقَّده إِذا ضمَّرَه.
وَفِي حَدِيث أبي وَائلٍ عَن ابْن مُعَيْزٍ السَّعديِّ: (خرجْتُ بالسحَر أُسَقِّدُ فَرساً) ، أَي: أَرَادَ أَنه خرج بفرَسه يُضَمِّرُه.
دقس: قَالَ اللَّيْث: الدَّقْسُ لَيْسَ بعربي، وَلكنه اسمُ الملِك الَّذِي بَنى المسجدِ على أَصْحَاب الْكَهْف دَقْيُوسُ.
أَبُو منصورٍ: كأَنّه روميٌّ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : مَا أَدْرِي أَيْن دَقَس وَلَا أيْنَ دُقِسَ بِهِ وَلَا أَيْن طَهَسَ وطُهِسَ بِهِ، أَي: أينَ ذُهِب بِهِ.
دسق: قَالَ اللَّيْث: الدَّسَقُ: امتلاءُ الحَوض حَتَّى يَفِيضَ.
يَقُول: أَدْسَقْتُ الحَوْضَ حَتَّى دَسِق.
وَأنْشد قولَ رؤبة:
يَرِدْنَ تحتَ الأَثْلِ سَيّاح الدَّسَق
قَالَ: والدَّيْسَقُ: اسْم الحَوض المَلآن مَاء.
قَالَ: والسّرابُ يُسمَّى دَيْسقاً إِذا اشتدَّ جَرْيُه.
وَقَالَ رؤبةُ أَيْضا:
هابِي العَشِيِّ دَيْسَقٌ ضُحاؤُه
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: دَيْسق أَبيض وَقْتَ الهاجِرةِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْسق: الممتَلِىءُ يَعْنِي السَّراب.
وَأما قَول الْأَعْشَى:
وقِدْرٌ وطبّاخٌ وكأْسٌ ودَيْسق
فإنَّ أَبَا الْهَيْثَم قَالَ: الدَّيسق: الطُّشْتَخَانُ وَهُوَ الفاثور، قَالَ: وَيُقَال لكلِّ شيءٍ يُنيرُ ويضيء دَيْسَق، وَيَوْم دَيسقة يومٌ من أيّامِ العرَب معروفٌ، وكأَنّه اسمُ مَوضِع.
قَالَ الجَعْدِيُّ:
نحنُ الْفَوارِس يَوْمَ دَيْسَقَةَ الْ
مُغْشُو الكُمَاةِ غَوَارِبَ الأَكَمِ
عمرٌ وَعَن أَبِيه: الدَّيْسَق: الصّحْراءُ الواسعةُ.
قدس: قَالَ الله عز وَجل: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} (الْبَقَرَة: 30) ، أَي: نُطَهِّرُ أَنْفُسنَا لَك، وَكَذَلِكَ نفعلُ بمنْ أطاعَكَ، نقدِّسهُ أَي: نطهِّرُهُ وَمن هَذَا قيل للسَّطْلِ القَدَسُ لأنَّهُ يُتَقَدَّسُ مِنْهُ: أَي: يتطهرُ، وَمن هَذَا بَيت الْمُقَدّس أَي: البيتُ المطهر الَّذِي يُتَطَهَّرِ بِهِ مِن الذُّنوبِ.
وَقَوله: {هُوَ الْمَلِكُ} (الْحَشْر: 23) .
قَالَ: القدوس: الطَّاهِر: وَهُوَ من أَسمَاء الله، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأخفشُ: وَقد قيلَ قَدُّوسٌ بفتحِ

(8/303)


القافِ، فَأَما القِراءة فبضم القافِ.
وَجَاء فِي التَّفْسِير: أنَّ القدوس المباركُ، وَيُقَال: أرضٌ مقدسةٌ أيْ مباركَةٌ.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: القوادسُ: السُّفنُ الكبارُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القادِسُ: السَّفينةُ العَظِيمَةُ، وَأنْشد:
وتَهْفو بهَادٍ لَهَا ميلعٍ
كَما أقحَمَ القادِسَ الأَرْدَمُونا
قَالَ: تهفو: تَميلُ يَعْنِي النَّاقَةَ، والميلعُ: الَّذِي يتحرَّكُ هكَذا وَهَكَذَا، والأردمُ: المَلاَّحُ الحاذِقُ.
قَالَ: والقَدَّاسُ: الحجَرُ ينصبُ على مصبِّ المَاء فِي الحوضِ.
وَقَالَ غَيره: القَدّاسُ: حجَرٌ يكون فِي وسطِ الحوضِ إِذا غمرَهُ الماءُ رَويَتِ الإبلُ. وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
لَا ريْ حَتَّى يَتَوارَى قَدَّاسْ
ذَاكَ الحُجَيْرُ بالإزَاءِ الخنَّاسْ
وَأنْشد غَيره:
نَئِفَتْ بِهِ وَلقدْ أرَى قَدَّاسَهُ
مَا إنْ يوارَى ثمَّ جَاءَ الهيثمُ
قَالَ: نئفَ إِذا ارتوى.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يَصِفُ الثوْر وَالْكلاب:
فأدْرَكْنَهُ يأَخُذْنَ بالساقِ والنَّسا
كَمَا شَبْرَقَ الولدَانُ ثوبَ المُقدِّس
قَالَ شمر: أرادَ بالمقدسِ الراهِبَ، وصبيانُ النَّصَارَى يتبَرّكونَ بِهِ ويمسحونَ ثيابهُ ويأخذُونَ خيوطَهُ حَتَّى يتمزَّق عَنهُ ثَوْبه.
وَقَالَ اللَّيْث: القُدْسُ: تنزيهُ اللَّهِ، وَهُوَ القدُّوسُ المقَدَّسُ المتقدِّسُ.
قلت: لم يجىء فِي صفة الله غير القدُّوس، وَلَا أعرف المتقدس فِي صِفَاته.
قَالَ: والقُداسُ: الجمانُ من فضةٍ، وَأنْشد:
كنظمِ قُدَاسٍ سِلكهُ متقطعُ
وقُدْسٌ: جَبَلٌ، وَقيل: جبل عَظِيم فِي نجد، والقادسية: قريةٌ بينَ الكوفَةِ وعُذَيب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَدّاس: الحجرُ الَّذِي يلقى فِي البئرِ ليعلم قدر مَائِهَا، وهُوَ الْمِرجاسُ.
ق س ت
ستق قست: (مستعملة) .
ستق: قَالَ الفراءُ وَغَيره: دِرهمٌ سُتُّوقٌ لَا خير فِيهِ، وَهُوَ معربٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المساتِقُ: فراءٌ طوالُ الأكمام واحدتُها مُسْتقة، وَأَصلهَا بالفارِسيةِ مُشْتَهْ فعُرِّبتْ وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث: قست: مهمل.

(8/304)


(ق س ظ) : مهمل.
ق س ذ
اسْتعْمل: سذق.
سذق: السذَقُ: من أعياد العجمِ مَعْرُوف وَهُوَ معرّبٌ، أَصله شذه.
أَبُو العباسِ عَن عَمْرو عَن أَبِيه: السَّوذَقُ: الشَّاهينُ.
قَالَ: والسوْذَقُ: السِّوارُ، وَأنْشد:
ترى السَّوْذَقَ الوضّاحَ مِنْهَا بمعصم
نبيلٍ ويأبى الحجلُ أَن يَتقدما
أيْ: لَا يتقدمُ خلْخَالهَا لخدالة سَاقهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السوذقيُّ: النشيط الحذِر المحتالُ، وَيُقَال للصقرِ سَوْذَقٌ وسَوذَنيقٌ وسوذانقٌ.
قَالَ لبيد:
وَكَأَني ملجمٌ سوذَانقا
أَجْدَلِيّاً كَرُّهُ غَيْر وكَلْ
(ق س ث: مهمل) (1) .
ق س ر
قسر قرس سرق سقر: مستعملة.
قسر: قَالَ اللَّيْث: القسر: القهْرُ على الكره.
يُقَال: قسَرته قسْراً واقتسرته أعمُّ، قَالَ: والقسْوَر: الرَّامِي والصيادُ، وَأنْشد:
وشَرشَرٍ وقسور نضرى
قَالَ: الشَّرَشِر: الكلبُ، والقسورُ: الصيادُ، والجميعُ قُسورةٌ.
وَقَالَ الله: { (مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} (المدثر: 51) ، همُ الرُّمَاة.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَخطَأ اللَّيْث فِي تَفْسِير الشَّرَشِر والقسور مَعًا، وَأَخْطَأ فِي القسورةِ أَنه جمع القسور، والشرشر والقَسور نبتانِ معروفانِ وَقد رأيتهما مَعًا فِي البادِيةِ، وذَكرهما الْأَصْمَعِي وَابْن الْأَعرَابِي وَغَيرهمَا، والنَّضْرى: الناضر الأخضرُ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لِجُبَيْهاء فِي صفة مِعْزَى بحسْن القَبول وسرعةِ السِّمَن عَلَى أَوفَى المَرَاتِعِ:
فلوْ أَنَّهَا طَافَتْ بطُنْبٍ مُعَجّم
نفَى الريّ عَنهُ جَدْبُه فَهُوَ كالِحُ
أجاءَتْ كأَنّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّهَا
عساليجُه والثَّامِرُ المتناوِحُ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: ووَاحدةُ القَسْوَر قَسْوَرةٌ.
وَأما قَول الله عزّ وجلّ: { (مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} (المدثر: 51) فقد اختَلف أهلُ التَّفْسِير فِيهِ، فرَوى سَلمَة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: القَسوَرة: الرُّماةُ.
قَالَ: وَقَالَ الكلبيُّ بإسنادِهِ هُوَ الأسدُ.

(8/305)


قَالَ: وحَدثني أَبُو الْأَحْوَص عَن سعيد بن مَسْرُوق عَن عِكْرِمَة قَالَ: قيل لَهُ: الْأسد القسْوَرَةُ بِلِسَان الْحَبَشَة، فَقَالَ: القسْوَرَةُ: الرُّماةُ، والأسد بِلِسَان الْحَبَشَة عَنْبَسَةٌ.
وَقَالَ ابْن عُيينة كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: القسْوَرَةُ: رِكز النَّاس، يُرِيد حِسَّهَمْ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: القسْوَرَةُ: الشجاع، والقسْوَرَةُ: ظلمَة أول اللَّيْل، فَهَذَا جَمِيع مَا حصلناه فِي تَفْسِير القسْوَرَةِ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء، قَالَ: القياسِرَة: الْإِبِل الْعِظَام.
وَقَالَ اللَّيْث: القَيسريُّ: الضخم الشَّديد المنيع.
قرس: قَالَ اللَّيْث: القَرِسُ أَكثر الصقيع وأبْردُه، وَأنْشد بَيت العجاج:
تقذُفنا بالقرْسِ بعد القرْسِ
دون ظهارِ اللِّبْسِ بعد اللِّبْسِ
قَالَ: وَقد قَرِسَ المقرورُ إِذا لم يَسْتَطِيع عملا بِيَدِهِ من شدَّة الْحَصَرِ.
وَأنْشد:
فقد تصلَّيتُ حرَّ حربِهم
كَمَا تصلَّى المقرور من قَرَسِ
وَقد أقْرَسَه الْبرد، قَالَ: وَإِنَّمَا سمي القَرِيس قَرِيساً لِأَنَّهُ يجمدُ فَيصير لَيْسَ بالجامسِ وَلَا الذَّائب، تَقول: قَرَسْنا قَرِيساً وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى أقْرَسَه الْبرد، وَتقول: أقْرَسَ العودُ إِذا جمسَ فِيهِ مَاؤُهُ.
وَفِي الحَدِيث: أَن قوما مروا بشجرةٍ فَأَكَلُوا مِنْهَا فَكَأَنَّمَا مرَّت بهم رِيحٌ فأخْمدَتهم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَرِّسوا المَاء فِي الشِّنان فصُبُّوه عَلَيْهِم فِيمَا بَين الأذانين) .
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: قَرِّسوا يَعْنِي برِّدوا، وَفِيه لُغَتَانِ القَرَسُ بِفَتْح الرَّاء والقَرْسُ بسكونها قَالَ: وَهَذَا بِالسِّين.
وَأما الحَدِيث الآخر: (أَن امْرَأَة سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن دم الْمَحِيض يُصيبُ الثوبَ فَقَالَ: قرِّصيه بالماءِ) ، فإِنّ هَذَا بالصَّاد، يَقُول قطِّعيهِ، وكل مقطع فهوَ مقرَّصٌ، وَمِنْه تقريصُ الْعَجِين إِذا قطِّعَ لينبسطَ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: القَرسُ: الجامد من كل شَيْء والقِرْسُ بِكَسْر الْقَاف هُوَ: القرقسُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القِرْقِسُ الَّذِي يُقَال لَهُ الجِرْجِسُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أصبحَ الماءُ قَرِيساً، أَي: جَامِدا، وَمِنْه سُمِّيَ قَرِيسُ السّمك، وَإِن لَيْلتنا لَقَارِسةٌ، وَإِن يَوْمنَا لَقارسٌ.
قَالَ: وآلُ قَراسٍ: هضابٌ بناحيةِ السّرَاةِ وكأنَّهُنَّ سُمِّينَ آل قراسٍ لبَرْدِها.
أَبُو مَنْصُور، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو حاتمٍ آل

(8/306)


قَراسٍ بِفَتْح الْقَاف وَتَخْفِيف الرّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: القراسَيةُ: الْجمل الضخم، تَقول هَذَا جملٌ قُراسِيَةٌ، وَيُقَال للناقةِ أَيْضا قُرَاسِيَةٌ، وَهُوَ فِي الفحول أعَمُّ، وَلَيْسَت القراسية نِسْبَة إِنَّمَا هن على بِناءِ رباعِيَةٍ وَهَذِه ياءات تزاد.
وَأنْشد لجرير:
يَكْفِي بني سعدٍ إِذا مَا حارَبوا
عِزٌّ قراسيةٌ وجَدٌّ مِدْفَعُ
سرق: فِي حَدِيث ابْن عمر: أَن سَائِلًا سَأَلَهُ عَن بيعِ سَرَقِ الْحَرِير فَقَالَ: (هَلاَّ قلْتَ شُققَ الْحَرِير) .
قَالَ أَبُو عبيد: سَرَقُ الحريرِ هِيَ الشقَقُ أَيْضا إِلَّا أَنها البيضُ خَاصَّة.
وَقَالَ العجاج:
ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرورِ
سَبَائِباً كسَرَقِ الحَرِيرِ
الْوَاحِد مِنْهَا سرقةٌ، قَالَ: وأَحسب الْكَلِمَة فارسيةً أَصْلهَا سَرَهْ، وَهُوَ الجيِّدُ فَعُرِّبَ فَقيل سَرَقٌ، كَمَا قَالُوا للخروفِ بَرَقٌ وَأَصله بَرَهْ، وَقيل للقباءِ يَلْمَقٌ وأَصله يَلْمَهْ والاسْتَبْرَق أَصله اسْتَبْرَهْ، وَهُوَ الغَليظ من الدِّيباج.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّرَق: شِقاق الْحَرِير.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّرَق مصدر فعل السّارق، تَقول: بَرِئْت إِلَيْك من الإباقِ والسَّرقِ فِي بَيْعِ العبيدِ، والسّرِقَة الِاسْم والاستراق الختْلُ سرّاً كَالَّذي يَسْتَرِقُ السمْع، والكتبةُ يسترِقونَ من بعض الحسابات.
قَالَ: والانسراقُ أَن يَخْنِسَ إنسانٌ عَن قومٍ ليذْهب، وَأما قولُ الْأَعْشَى يصفُ ظبْية:
فَهِيَ تَتْلو رَخْصَ الظَّلوفِ ضَيئلاً
فاتِرَ الطَّرْفِ فِي قواهُ انْسِرَاق
فالانْسراقُ: الْفُتور والضعفُ هَا هُنا.
وَقَول الْأَعْشَى:
فيهنَّ مَحْرُوفُ النَّواصِفَ مَسرو
قُ البُغامِ شادِنٌ أَكْحَل
أَرَادَ أنَّ فِي بُغامِهِ غُنَّة فكأنَّ صوْتَهُ مسروقٌ، وسُرَّقُ إحْدى كُوَرِ الأهْوازِ وهنّ سبع.
وَيُقَال: سَرَّقْتُ الرجل إِذا نَسَبْتُهُ إِلَى السرقةِ، وفُلانٌ يُسارِق فُلانة النَّظر إِذا تغفَّلها فَنظر إليْهَا وَهِي لاهيةٌ عنهُ، وسُراقةُ ابْن مَالك اسمُ رجُلِ من بَنِي مُدْلِجٍ، وأخْبَرني أَبُو بكرٍ عَن شمر قَالَ: قَالَ خَالِد بن جنبة: سَرَق الْحَرِير جَيَّده، وَقد رُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي أَيْضا، وَقَالَ إِنَّمَا هُوَ بالفارسِيَّةِ سَرهْ، وَقَالَ النَّضرُ: صَرَق بالصَّادِ.
سقر: قَالَ النَّحْوِيُّونَ: سَقَرُ اسمٌ معروفٌ لِجَهَنَّم نعوذُ بِاللَّه من سَقَر وَهَكَذَا قُرِىء: (مَا سلككم فِي صقر) غير منصرف، لِأَنَّهُ

(8/307)


معرفَة، وَكَذَلِكَ لظى وجهنم.
قَالَ الله تَعَالَى: {سَقَرَ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِى} (المدثر: 27، 28) ، وَقَالَ أَبُو الْهيْثم: السقَّارُ: الكافِرُ.
ق س ل
قلس سلق لسق لقس سقل: مستعملة.
سلق: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَالَ: (ليْسَ مِنَّا من سَلَق أوْ حَلَق) قَالَ أَبُو عبيد: سَلَق أَي: رَفعَ صوْته عنْد المُصِيبة، ومنْهُ خطِيب مِسْلق ومِسلاق، وسَلاّقٌ، والسينُ فيهِ أكثرُ من الصّادِ وأنْشد الأصمعيُّ:
فِيهم الخِصْبُ والسَّماحَةُ والنَّجْ
دةُ فيهمْ والخاطِبُ السَّلاق
ويُرْوى المسلاق.
أَبُو مَنصور: وَفِي سلق حديثٌ آخر حدَّثَنا مُحمد بن إِسْحَاق عَن حَمْرٍ عَن إِسْمَاعِيل عَن عَلِيَ عَن عبد الله عَن ابْن جُرَيْحٍ أنَّهُ قالَ فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَيْسَ منَّا من سلق أَو حَلَق) .
قَالَ: أمَّا حَلَق، فالْمَرأَةُ تَحْلق الْقرن من رأسهَا، وَقَوله من خرق فَهُوَ أَن يشق درعها، قَالَ: وَأما قَوْله أَو سَلَق فهُو أَن تَمْرُسَ المرأةُ وَجههَا وتصُكَّهُ، وَقَالَ بعض الْعَرَب: سلقهُ بالسوْطِ وملقهُ: أَي نَزعَ جلدهُ، وقالَ الليثُ: ركبتُ دابَّة فسلقْتني: أَي سَحَجَتْ جِلْدِي.
أَبُو منصورٍ، وَقَول ابْن جُريجٍ فِي السلْق أعْجبُ إِلَيّ مِنْ قَول أبي عبيد، وروى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: السلائقُ: الشَّرائحُ مَا بَين الْجَنْبَيْنِ، الواحدةُ سليقةٌ، ويُقال: سَلَقْتُ اللَّحْمَ عَن العظْمِ إِذا التحيْتُهُ عَنهُ وَمِنْه قيلَ لِلذّئْبَةِ سِلْقةٌ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ. قَالَ: يُقَال: سلق الشِّظَاظَ فِي عُرْوَتَي العِدْلَيْنِ وأَسْلقهُ، قَالَ: وأسْلَق إِذا صادَ سِلْقَةً، وأسْلق إِذا ابْيَضَّ ظَهْرُ بَعِيرِه بَعْدَ بُرئِه من الدَّبَرِ، وَيُقَال: مَا أبين سَلْقهُ يعْني ذَلِك البياضَ.
وَقَالَ الله جَلَّ وعَزَّ: {ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم} (الْأَحْزَاب: 19) .
قَالَ الفرَّاءُ: مَعناه: عَضُّوكُمْ بألسنَةٍ، يَقُول: آذوْكمْ بالكلامِ فِي الْأَمر بِألسنةٍ سَلِيطةٍ ذَرِبَةٍ، قَالَ: ويقالُ صلقوكمْ بالصَّادِ أَيْضا، وَلَا يجوزُ فِي القراءَةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: سَلقتُه باللِّسانِ أَي أسْمَعْتُه مَا كَرِهَ فأكْثَرْتُ، ولسانٌ مِسلَق: حَدِيدٌ ذَلق، وأخْبَرَني المنْذِريُّ عَن اليَزيديّ عَن أبي زَيد قالَ: يُقَال: فُلانٌ يقرأَ بالسليقةِ أيْ بالْفَصاحَةِ من قَوْله سلقوكمْ بألسنة.
وَقَالَ غَيره: فلَان يقْرَأ بالسليقيّة، أَي: يقرَأ بطبعه الَّذِي نَشأ عَلَيْهِ ولغته.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي زَيدٍ: إِنَّه للئِيمُ الطَّبيعةِ والسلِيقة، وَقَالَ أَبُو عبيد فِي

(8/308)


السليقة مثله، قَالَ وَمِنْه قيل: فلَان يقْرَأ بالسليقيَّةِ أَي بطبِيعتِه لَيْسَ بتعليمٍ.
أَبُو مَنْصُور: الْمَعْنى: أَن القراءَةَ مَأْثورةٌ لَا يَجُوز تَعدِّيها، فَإِذا قَرَأَ البدويُّ بِطبْعه وَلُغَتِهِ وَلم يتَّبِع سُنةَ القراءَةِ قِيل هُوَ يقْرَأ بالسلِيقة.
ثَعْلب عَن ابْن الأعرابيِّ قَالَ: السليقةُ: المحَجَّة الظاهِرة، والسلِيقة: طبع الرَّجلِ، قَالَ: والسَّليق الْواسع من الطُّرقات، والسلق أثر الدَّبَرِ إِذا بَرِىءَ وابيض، وَقَالَ غَيره: يُقَال: لأثَرِ الأنساعِ فِي بَطْنِ البَعِير يَنْحَصُّ عَنهُ الوبَر سلائِق، شُبِّهَتْ بسلائِق الطرقات.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّلِيقِيُّ من الكلامِ مَا لَا يُتعاهدُ إعرابُهُ، وَهو فِي ذَلِك فَصيحٌ بليغٌ فِي السمْعِ عَثُورٌ فِي النَّحْو. وَقَالَ غَيره: السَّلِيقِيُّ من الْكَلَام: مَا تكلّم بِهِ البدَوِيُّ بِطَبْعهِ ولغته، وإنْ كَانَ غَيره من الْكَلَام آثر وأحْسن. قَالَ: والسليقة: مَخْرجُ النِّسْعِ فِي دَفِّ البَعيرِ، وأنْشَد:
تَبْرق فِي دَفِّهَا سلائِقُها
قَالَ: واشتق ذَلِك من قَوْلك: سَلقتُ شَيْئا بِالْمَاءِ الحارِّ، وَهُوَ أَن يذهب الوبرُ وَيبقى أَثره، فَلَمَّا أحْرقَتْهُ الحبال شُبِّهَ بذلك فَسُمِّيتْ سَلائقَ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: السَّلائقُ بالسّين مَا سُلقَ من البُقُولِ.
أَبُو مَنْصُور: وَمعنى قولهِ مَا سُلق من البقولِ: أَي طبخَ بالماءِ من بقول الرّبيع وأُكلَ فِي المجاعةِ وَغَيرهَا، وكلُّ شيءٍ طَبَختهُ بالماءِ بحتاً فقد سَلَقتَهُ، وَكَذَلِكَ الْبيض يطْبخ فِي المَاء بقشره الأعْلَى كَذَلِك سَمعته من الْعَرَب.
وَقَالَ شمر: السَّلوقيَّةُ من الدُّروعِ مَنْسوبةٌ إِلَى سَلوقَ قَرْيةٍ باليمنِ.
وَقَالَ النابغةُ:
تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضَاعَف نَسْجُهُ
ويوقدنَ بالصَّفَّاحِ نَار الحُبَاحِب
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: السَّلْقُ: إدْخَالُ الشظاظ مرّة وَاحِدَة فِي عُروتي الجوالقَيْنِ عِنْد العكمِ، فَإِذا ثَنيتهُ فَهُوَ القطْب، وَأنْشد:
أَقُول قَطْباً ونِعمّاً إنْ سَلقْ
لِحَوْقلٍ ذِرَاعهُ قد امَّلَقْ
قَالَ اللَّيْث: السَّلوقيُّ من الكلابِ والدُّروعِ أجْودُهَا، والتَّسَلُّقُ الصعودِ على حَائِطٍ أمْلَسَ.
وَقَالَ غَيره: باتَ فلانٌ يَتَسلّقُ عَلَى فِرَاشهِ إِذا لم يَطمئِنَّ عَلَيْهِ من هم أَو وجعٍ أقْلَقَهُ، والصَّادُ فِي هَذَا أكثرُ.
وَفِي حَدِيث جِبريلَ حينَ أخَذَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غُلامٌ صغيرٌ، قَالَ: (فَسَلَقني لِحَلاوَةِ القَفَا) أَي: ألْقاني على الْقَفَا، وَقد سَلْقَيْتهُ على تَقْدِير فَعْلَيْتُهُ مأخُوذٌ من السَّلْقِ وَهُوَ

(8/309)


الإلقاءُ على القَفَا.
قَالَ شمر: وَقَالَ الفراءُ: أخذَهُ الطبيبُ فَسلقاهُ عَلَى ظَهره، وَقد اسْتلقى عَلَى قَفاهُ.
وَيُقَال: سَلَقَ جاريتهُ إِذا ألْقاهَا عَلَى ظَهْرهَا ليُباضعهَا، وَمن العربِ من يَقُول: سَلقاهَا فاسْلَنْقَتْ على حلاوة قَفَاها.
وَقَالَ ابْن شُميل: السِّلْقُ: الجكَنْدَرُ. وَقَالَ اللَّيْث: السِّلقُ: نَبْت.
قلت: السلق: لَهُ ورق طوال وَأَصله ذَاهِب فِي الأَرْض وورقه رخص يطْبخ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السليقةُ: الذّرة تُدَقُّ وتُصلَحُ وتطبخُ باللَّبَنِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّلَقُ: المستوي اللَّينُ وجَمْعُه سُلقانٌ والفَلَقُ المطْمَئِن بَين الرِّبْوَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّلَقُ: القاعُ الأمْلسُ المستوي الَّذِي لَا شَجَرَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّلِيقُ: اليابسُ مِنَ الشَّجَرِ.
أَبُو مَنْصُور: ورأيتُ رِياضَ الصِّمانِ وقِيعانها وسُلْقانها.
فالسَّلَق مَا اسْتوى من الأَرْض فِي ذُرَى قِفافِهَا ونجادِها، وَأما القِيعانُ فَمَا اسْتوى بَين ظَهْراني النِّجادِ، والقِيعانُ تُنْبِتُ السِّدْرَ، والسُّلْقانُ لَا تُنْبِتُهَا، والقِيعانُ أوسعُ وَأعْرَضُ وكلّهَا رِياضٌ لاسْتِراضةِ ماءِ السّماءِ فِيها.
وواحِدُ السُّلْقانِ سَلَق، وتجمعُ أسلاقاً، ثمَّ تجمعُ أسالق.
وَقد يُقَال لما يَلِي اللَّهواتِ من الفمِ أسالق.
وَقَالَ جندل:
إِنِّي امْرُؤٌ أُحْسنَ غمْزَ الْفَائِق
بَين اللَّهَا الوَالِج والأُسالق
وناقَةٌ سَيْلقٌ: مَاضِيةٌ فِي سَيْرِهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَسَيْرِي مَعَ الرُّكْبَانِ كلَّ عَشِيَّةٍ
أبارِي مَطَايَاهمْ بِأَدْماءَ سَيْلَقِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّلِيق: الشَّجَرُ الَّذِي أَحْرَقَهُ حَرٌّ أَو بَرْدٌ.
لسق: قَالَ اللَّيْث: اللَّسَق: أَن تلتزِق الرئةُ بَالجنْبِ من شِدَّةِ العَطْش، وَأنْشد:
وبَلَّ بَرْدُ الماءِ أعْضادَ اللَّسَق
أَي: نواحيه.
قَالَ: واللَّسُوق دَواءٌ كاللَّزوق.
أَبُو مَنْصُور: واللسق عِنْد الْعَرَب هُوَ الطَّنَى، سُمِّيَ لَسقاً للزوق الرِّئَة بالجنب، وَأَصله اللزق.
لزق ولسق ولَصِق قَريب بَعْضهَا من بَعْضٍ.
سقل: قَالَ اللَّيْث: السُّقْلُ: لُغةٌ فِي الصُّقل، وَهُوَ الخصْرُ.

(8/310)


وَقَالَ الْيَزيدي: هُوَ السَّيْقل والصَّيْقَلُ، وسَيْفٌ سَقيلٌ وَصَقيلٌ. قلت: وَالصَّاد فِي جَمِيع ذَلِك أَفْصَح.
لقس: قَالَ اللَّيْث: اللقِس: الشره النَّفس الْحَرِيص على كل شَيْء.
يُقَال: لَقِسَتْ نَفسه إِلَى الشيءِ إِذا نازَعَتْه إِلَيْهِ وحَرَصَتْ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَمِنْه الحَدِيث: (لَا يقولَنَّ أحدكُم خَبُثَتْ نَفسِي وَلَكِن لِيَقلْ لَقِسَتْ نَفسِي) .
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: لقِسَتْ نَفسِي لَقساً وتَمقسَتْ تمقُّساً كِلاهُما بِمَعْنى غَثَتْ غَثَياناً.
شمر عَن أبي عَمْرو: اللَّقيس الَّذِي لَا يستقيمُ عَلَى وجهٍ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجلٌ لَقِسٌ: سيءُ الخُلُق خَبيثُ النَّفس فحاشٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: لَقِسْتُ الناسَ ألْقَسُهُمْ ونَقِسْتُهُمْ أنقَسهم، وَهُوَ الْإِفْسَاد بَينهم، وَأَن تَسْخَرَ مِنْهُم وتُلَقِّبهُمْ الألقابَ.
أَبُو مَنْصُور: جعل اللَّيْث اللقَس الْحِرْص والشره، وجَعله غَيره الغثيان وخبث النَّفس وَهُوَ الصَّوَاب.
قلس: قَالَ اللَّيْث: القَلْس: حَبْلٌ ضَخْمٌ من ليفٍ أَو خُوصٍ.
قَالَ: والقَلْسُ مَا خرج منَ الْحلق مِلءَ الْفَم أَو دُونه وَلَيْسَ بقيْءٍ، فَإِذا غلبَ فَهُوَ القيْءُ، يقالُ: قَلَسَ الرّجلُ يقلِسُ قَلْساً وَهُوَ خُرُوج القلْسِ من حلْقه.
قَالَ: والسحابة تَقْلِسُ النَّدى إِذا رَمَتْ بِهِ من غير مطرٍ شَدِيد.
وَأنْشد:
نَدَى الرَّملِ مَجَّتْهُ
الْعِهادُ القَوالسُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَلْسُ: الشرْبُ الكثيرُ من النَّبيذ، والقلْسُ: الغناءُ الجيدُ، والقلسُ: الرَّقصُ فِي غِناءٍ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: المُقَلِّسُ الَّذِي يلْعَب بَين يدَيِ الْأَمِير إِذا دخل المصْرَ.
وَقَالَ الكميتُ:
غنّى المقَلِّسُ بِطْرِيقاً بأُسوارِ
أَرَادَ مَعَ أسوارٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّقْليسُ: وضع اليديْنِ على الصَّدْر خُضوعاً كَمَا يفعل النَّصَارَى قبْلَ أَن يُكفِّروا أَي: قبل أَن يَسْجُدوا.
قَالَ: وَجَاء فِي خَبرٍ: (لمّا رأَوْه قلَّسُوا لَهُ ثمَّ كفَّرُوا) أَي: سجَدُوا، قَالَ: والتَّقلُّسُ لُبْسُ الْقَلَنْسوةِ، وصاحبها قَلاَّسٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القُلَيْسِيَةُ وَجَمعهَا قَلاسٍ، وَقد تَقلْسَيْتُ، قَالَ: والقلَنْسِيةُ وجمها قَلانِسُ، وَقد تقلْنَسْتُ، وَأنْشد:
إِذا مَا القَلاَسِي والعمائِمُ أُخْنِسَتْ
ففيهنَّ عَن صُلع الرِّجال حُسور

(8/311)


قَالَ: وَيُقَال: قَلَنْسوَةٌ وقَلانِس.
وَقَالَ اللَّيْث: وتجمعُ على القَلَنْسى، وَأنْشد:
أهلَ الرِّياط الْبيض والقَلَنْسِي
شمر عَن أبي زيد: قَلَسَ الرجل قَلْساً، وَهُوَ مَا خرج من الْبَطن من الطّعام أَو الشَّرابِ إِلَى الْفَم أَعَادَهُ صَاحبه أَو ألقَاهُ.
قَالَ: وقَلَسَ الإناءُ وقلَصَ إِذا فاضَ.
وَقَالَ عمر بن لجَأ:
وامْتَلأَ الصَّمَّانُ مَاء قَلْسَاً
يَمْعَسُ بالماءِ الجِواءَ مَعْسَا
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القُلَّيْسُ بِيعةٌ كَانَت بصنعاءَ للْحَبَشةِ هَدَمتها حِمْيرٌ.
قَالَ: وَأما القَلْسُ فِي الْحَبل فَلَا أَدْرِي مَا صحتُه.
ق س ن
قنس قسن سنق نقس نسق سقن: مستعملة.
قسن: يُقَال: حَسَنٌ بَسَنٌ قَسَنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: القِسْيَنُّ: الشّيخُ الْقَدِيم، وَأنْشد:
وهمْ كَمِثْل البازِلِ القِسْينِّ
فَإِذا اشْتَقوا مِنْهُ فعلا همزوا فَقَالُوا: اقْسَأَنَّ، قَالَ: واقْسأَنَّ اللَّيْل: إِذا اشتدت ظُلمتُه، وَأنْشد:
بِتُّ لَهَا يَقْظَان واقْسَأَنَّتِ
أَبُو مَنْصُور: هَذِه همزَةٌ تُجْتَلَبُ كراهةَ جمعٍ بَين ساكنَيْنِ وَكَانَ فِي الأَصْل اقْسانّ يَقْسَانُّ، وَأنْشد الْمُنْذِرِيّ فِيمَا يروي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ:
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّد منِّي
إنْ تَكُ لَدْناً لَيِّناً فإنِّي
مَا شئْتَ من أشْمَط مُقْسَئنّ أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: القُسَأْنينةُ من اقْسأَنَّ العودُ إِذا اشْتَدَّ وعَسَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أقْسَنَ إِذا صلُبَ بَدَنه على الْعَمَل والسَّقْيِ، قَالَ: والمقْسئنُّ الَّذِي قد انْتهى فِي سنِّه فليسَ بِهِ ضعْفُ كِبَرٍ وَلَا قُوَّة شبابٍ.
نقس: قَالَ اللَّيْث: النِّقْسُ: الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، والجميعُ الأَنقَاسُ، والنَّقْسُ: ضربُ النَّاقوس: وَهُوَ الخشَبَة الطَّوِيلَة، والْوَبيل: الخشبةُ القصيرة، يُقَال: نَقَسَ بالْوَبيل الناقُوس نَقْساً، وَيُقَال: شرابٌ نَاقِسٌ إِذا حَمُض، وَقد نَقَسَ يَنْقُسُ نُقوساً، وَقَالَ الْجَعْدِي:
جَوْنٌ كَجَوْن الخَمَّار حَرَّدُه الْ
خَرّاسُ لَا نَاقِسٌ وَلَا هَزِمُ
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: اللَّقْسُ والنَّقْسُ والنَّقْزُ والهمْزُ واللَّمْزُ كُله العَيْبُ، وَكَذَلِكَ الفذْل.
الْأَصْمَعِي: النَّقسُ والْوَقْسُ: الجرَبُ.

(8/312)


قنس: قَالَ اللَّيْث: القَنْسُ تُسَمِّيه الفُرْسُ الراسَن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: القِنْسُ: الأصلُ، يُقَال: إِنَّه لكريم القنْس، أَي: كريم الأصْل.
وَقَالَ اللَّيْث: قونس الْفرس مَا بَين أُذُنَيْهِ من الرَّأْس وَمثله قونس الْبَيْضَة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القوْنَسُ: مُقدّم البَيْضَةِ، قَالَ: وَإِنَّمَا قَالُوا قونَسُ الفَرَسِ لمقدّم رَأسه.
وَقَالَ النَّضْرُ: القَوْنَسُ فِي البَيْضةِ سُنْبكها الَّذِي فَوق جُمْجمَتها وَهِي الحديدة الطَّوِيلَة فِي أعلاهَا، والجُمجمَة ظهر البَيْضةِ، والبَيْضة الَّتِي لَا جُمْجمة لَهَا يُقالُ لَهَا الموَأَّمَة.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
نَعْلُو القوانِسَ بالسُّيوفِ ونَعْتَزِي
وَالْخَيْلُ مشْعَرة النّحورِ من الدَّم
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَنَسُ: الطُّلَعَاءُ، أَي: القَيْءُ الْقَلِيل.
سنق: قَالَ اللَّيْث: سَنِقَ الْحِمارُ وكلُّ دابَّةٍ سَنَقاً إِذا أكلَ من الرُّطْبِ حَتَّى أَصَابَهُ كالبَشَمِ، وَهُوَ الأجَمُ بعَيْنِهِ إِلَّا أَن الأجَمَ يُستَعْملُ فِي النَّاسِ، والفَصِيلِ إِذا أَكثر من اللَّبَنِ حَتَّى كادَ يمرض، وَأنْشد للأعْشى:
وَيَأْمرُ لِلْيحْموم كلَّ عَشِيَّة
بِقتَ وتعْليقٍ فقد كادَ يَسْنقُ
أَبُو عبيد: السنِقُ: الشّبْعان كالمتَّخم.
وَقَالَ غَيره: أسْنَق فلَانا النّعِيمُ إِذا قَرَّفه، وَقد سَنِقَ، وقالَ لَبِيدٌ:
فهوَ سَحَّاجٌ مُدِلٌّ سَنِق
لاحِق البَطْن إِذا يَعْدو زَملْ
وسُنَّيْقُ اسْم أكَمَةٍ معروفةٍ فِي بِلَاد الْعَرَب ذكرهَا امرؤُ القيْسِ فَقَالَ:
وَسنَ كسُنّيْقٍ سناءً وسُنّماً
وَقَالَ شمر: سُنَّيْقٌ جَمْعه سُنّيْقاتٌ وسَنَانيقُ، وَهِي الآكام.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَا أَدْرِي مَا سنّيْقٌ.
أَبُو مَنْصُور: جعل شمرٌ سُنَّيْقاً اسْما للأكمَةِ وَلم يجعلْه اسمَ أكمَةٍ بِعَينهَا وكأنَّ الَّذِي قَالَه صوابٌ.
والسِّن: الثور الوحشيُّ.
نسق: قَالَ اللَّيْث: النَّسَق: منْ كل شَيْء مَا كَانَ على طَريقَة نظامٍ واحدٍ، عامٌّ فِي الْأَشْيَاء، وَقد نَسَّقْتُه تنسيقاً، ويخفَّفُ فيقالُ نسقتُه نسقاً، ويقالُ انتسقتْ هَذِه الأشياءُ بَعْضهَا إِلَى بعض أَي تنسَّقتْ، وحرُوفُ العطفِ يسمِّيها النحويونَ حرُوفَ النسَق لِأَن الشَّيْء إِذا عطَفْتَه على شَيْء صارَ نظاماً وَاحِدًا.
أَبُو منصورٍ: وسمعتُ غير واحدٍ من

(8/313)


العربِ، يقولُ لطَوارِ الجبَل إِذا امتدَّ مُسْتوياً كالجدار نَسَقٌ، وَلذَلِك قيل للْكَلَام الَّذِي سُجِعَتْ فواصِله، لَهُ نسق حَسَنٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنْسق الرجُل إِذا تكلمَ سَجْعاً.
قَالَ: والنسق: كواكبُ مُصْطَفَّة خلفَ الثريَّا يُقَال لَهَا الفُرُودُ.
وَفِي (النوادِر) : فلانٌ يتنَسَّق إِلَى فُلَانَة الوصلَ: يُرِيغُ مِنْهَا الوصْل.
سقن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أسْقنَ إِذا تمَّمَ جلاء سَيفِه.
قَالَ: والأسقانُ: الخواصرُ الضامِرة.
ق س ف
قفس سقف فسق سفق: (مستعملة) .
قفس: قَالَ اللَّيْث: القفْسُ: جِيلٌ بكرْمانَ فِي جِبَالِها كالأكراد.
وَأنْشد:
وَكم قطعْنَا مِنْ عدُوَ شُرْسِ
زُطَ وأكرادٍ وقُفسٍ قُفْسِ
قَالَ: وأمَةٌ قفساءُ، وَهِي اللئيمَةُ الرديئةُ وَلَا تُنعَتُ بهَا الحُرَّةُ.
قَالَ: والأقْفَسُ من الرجالِ المُقرِفُ ابنُ الأَمةِ، ويقالُ للمَيِّتِ فَجْأَة قفَسَ يَقْفِسُ قُفُوساً.
هَكَذَا أَخْبرنِي أَبُو الدُّقَيشِ، وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي: قفَسَ وطفَس إِذا ماتَ، وفقَسَ مِثْله، وطفسَ وفَطَسَ مثل جَذَبَ وجَبَذ.
وَقَالَ اللحيانيُّ: قفَس فلانٌ فلَانا يقْفِسُه قفساً إِذا جَذبه بشَعره سُفلاً، ويقالُ: تَركهمَا يتَقَافسانِ بشعُورهما.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أمةٌ قفساء وقفاسِ، وعَبْدٌ أقفَسُ، إِذا كَانَا لئيمين.
فقس: قَالَ ابنُ شُمَيْل: يُقَال لِلْعُودِ المنْحَنِي فِي الفَخِّ الَّذِي ينقلِبُ على الطيرِ فيفسخُ عُنُقَه ويَعْتفِرُه: المِفقاسُ، يُقَال: فَقسه الفخ.
وَقَالَ اللَّيْث نَحوه فِي المِفْقاسِ.
وَقَالَ اللحياني: فقسْتُ البَيْضة أفقسها وأفقِصُها إِذا فضَخْتها.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ والأموي: فقسَ الرجلُ فُقوساً إِذا مَاتَ.
سقف: قَالَ اللَّيْث: السقفُ: غِماءُ البيتِ، وَالسَّمَاء سَقفٌ فَوق الأَرْض، وَلذَلِك ذُكِّرَ.
قَالَ الله عز وَجل: {شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً} (المزمل: 18) ، { (الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} (الطّور: 5) .
قَالَ: والسقيفةُ: كلُّ بناءٍ سُقفتْ بِهِ صُفَّةٌ أوْ شِبه صُفة مِمَّا يكون بارزاً، ألزمَ هَذَا الِاسْم لتفرقة مَا بَين الْأَشْيَاء، والسقيفةُ كل خَشَبةٍ عريضَةٍ كاللَّوْح أوْ حَجرٍ عريضٍ

(8/314)


يستطاعُ أنْ يُسقفَ بِهِ قُترةٌ أوْ غيرُها.
وَقَالَ أوْسُ بنُ حَجَرٍ:
لنَامُوسِه مِنَ الصَّفيح سقائفُ
قَالَ: والصادُ لغةٌ فِيهَا، وأضلاعُ الْبَعِير تسمَّى سَقائفَ جَنْبَيه، كل واحدَةٍ مِنْهَا سقيفَةٌ.
والأسْقُفُّ: رأسٌ مِنْ رُؤوس النَّصَارَى والجميعُ الأساقِفة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأسْقَف الطَّوِيل.
وَقَالَ الأسْقَف المنْحني:
وَجعل ابْن حِلِّزة النعاسة سقفاء
وَقَالَ الله: {بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن} (الزخرف: 33) .
قَالَ الْفراء: إنْ شِئتَ جعلتَ واحدَها سَقيفةً، وَإِن شئتَ جَعلتَها جمعَ الْجمع كأنكَ قلت: سَقْفٌ وسقوفٌ، ثمَّ سُقُفٌ كَمَا قَالَ:
حَتَّى إِذا بُلَّتْ حلاقِيم الْحُلُقْ
والسقائِفُ: عِيدان المُجبِّرِ.
فسق: قَالَ اللَّيْث: الفِسق: التَّرْك لأمر الله، وَقد فسق يَفسُق فِسقاً وفسوقاً.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الميْل عَن الطاعةِ إِلَى المعْصية كَمَا فسق إِبْلِيس عنْ أَمر ربه.
وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْله: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (الْكَهْف: 50) ، خرجَ عَن طاعةِ ربِّه.
قَالَ: والعربُ تَقول: فَسَقتِ الرُّطبة مِن قشرِها لخروجها مِنْهُ، وكأنَّ الفأْرَةَ سمِّيَتْ فُوَيْسِقَةً لخروجها من جُحرها على النَّاس.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} قَالَ: عَن ردِّه أمْرَ ربه، نحوُ قَول الْعَرَب: اتَّخَمَ عَن الطَّعَام، أَي: عَن أكلِه الطَّعَام، ولمَّا رَدَّ هَذَا الأمرَ فسقَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى هَذَا لأنَّ الفسوقَ مَعْنَاهُ الخروجُ: فَسَق عَن أَمْرِ ربِّهِ، أَي خرَج.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ، أَي: جَار ومالَ عَن طاعتِه.
وَأنْشد:
فواسِقاً عَن قَصْدِه جوائرا
وَقَالَ اللَّيْث: رجُلٌ فُسَق وفِسِّيق.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: فَسق أَي خرج.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الفُسوق يَكون الشِّرْكَ ويَكون الإثمَ.
سفق: قَالَ اللَّيْث: السَّفْق لغةٌ فِي الصَّفْق.
وَيقال: سفُق الثوبُ يَسفُق سَفاقةً إِذا لمْ يَكن سخيفاً وَكَانَ سفِيقاً، ورَجلٌ سَفِيق الوجْه: قليلُ الحياءِ، والسفيق خلافُ السخِيف فِي النَّسَج وَنَحْوه.
أَبُو زيدٍ: سَفَقْتُ البابَ وأسفقْتُه إِذا رددْتُه.

(8/315)


ق س ب
قسب قبس سبق سقب بسق: مستعملة.
قسب: قَالَ اللَّيْث: القَسْبُ: تَمْرٌ يابِسٌ يَتَفتَّتُ فِي الْفَم، ومَن قَالَه بالصَّاد فقد أَخْطأَ.
قَالَ: والقَسْبُ: الصُّلْبُ الشَّديد، يُقَال: إنّه لَقَسْبُ العِلْبَاءِ صُلْبُ العَقَبِ والعَصَب، وَقَالَ رؤبةُ:
قَسْبُ العَلاَبيِّ جُرازُ الألْغَادْ
والفعلُ قَسُبَ قُسوبةً.
وَقَالَ ابنُ السّكيت: سَمِعْتُ قَسِيبَ الماءِ وخَرِيرَه أَي: صوْتَهُ.
وَقَالَ الليثُ: القَسِيبُ: صوتُ المَاء تَحت وَرَقٍ أَو قماشٍ.
وَقَالَ عبيد:
أَو جَدْوَلٍ فِي ظِلاَلِ نخْلٍ
للْمَاء مِن تَحْتَهُ قَسِيبُ
قَالَ ابْن السّكيت: سَمِعت قسيب الماءِ وخريره وأَلِيلَهُ، أَي: صَوته.
أَبُو عبيدٍ، عَن الأمويّ: القِسْيَبُّ: الطويلُ من الرِّجَال.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القِسْيَبُّ الطويلُ من كل شيءٍ الشديدُ.
وَأنْشد:
أَلاَ أَراكَ يَا ابْنَ بِشْرٍ خِبّا تخْتِلُها خَتْلَ الْوَلِيد الضَّبَّا حَتَّى سَلَكْتَ عَرْدَكَ القِسْيَبَّا فِي صَدْعِها ثمَّ نَخَبْتَ نَخْبَا ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَسُّوبُ: الخُفُّ وَهُوَ القَفْشُ، قَالَ: والقاسبُ: الغُرْمُول المُتَمَهِل، ونوَى القسْب أَصْلَب النَّوَى.
سقب: قَالَ اللَّيْث: السّقْبُ والسَّقِيبَةُ: عمودُ الخِبَاءِ.
وَقَالَ ذُو الرمَّة:
سَقْبَان لمْ يَتَقشّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
أَي: طويلان، وَيُقَال صَقْبان، وسَقْبُ النَّاقة بِالسِّين لَا غير.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصُّقُوبُ: عُمُد الخِباء، واحدُها صَقْبٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: أَسْقَبت الناقةُ إِذا وَضَعَت أكثرَ مَا تضعُ الذُّكورَ وأَجْسمَت وأَنْبلَتْ فَهِيَ مِسقابٌ.
وَأنْشد.
غَرَّاء مِسقاباً لفَحْلٍ أَسْقَبا
يريدُ بقوله أَسْقبَ فعلا، وَلم يجعلْهُ نعتاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا وَضَعَت الناقةُ فولدُها ساعةَ تضعُه سَلِيلٌ قبْل أَن يُعْلَمَ أَذَكَرٌ هُوَ أم أُنثى؛ فَإِذا عُلم فَإِن كَانَ ذكرا فَهُوَ سَقْبٌ، وأُمُّه مُسقِبٌ.
وَقَالَت الخنْسَاء:

(8/316)


لمّا اسْتبانت أَنَّ صَاحبهَا ثَوَى
حَلَقَتْ وعلّتْ رأْسها بِسِقابِ
كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا مَاتَ زَوجهَا حَلقتْ رَأسهَا وخَمَشَت وَجْهها وحمَّرَتْ قطنةً من دَمِ نَفسهَا ووَضَعتْها على رَأسهَا وأخرجَت قطنَها مِنْ خَرْق قناعها لتُعْلِم النَّاس أَنَّهَا مصابة ويسمَّى ذَلِك السِّقاب.
سبق: قَالَ اللَّيْث: السَّبْق: القُدْمَةُ فِي الجَري وَفِي كلِّ أَمْر، تقولُ لَهُ: فِي هَذَا الْأَمر سُبْقةٌ وسابقةٌ وسَبْق، والجميع الأسباق، والسوابق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السَبْق: مصدرُ سَبَقَ سَبْقاً، والسبَق بِفَتْح الْبَاء: الخَطَر الَّذِي يوضع فِي النِّضال والرِّهان فِي الْخَيْل فَمن سَبق أَخَذه.
قَالَ: وَيُقَال: سبَّق إِذا أَخذ السبَق، وسبَّق إِذا أَعطى السَّبَق، وَهَذَا من الأَضْداد.
وَقَالَ مُحَمَّد بن سلاّم: العربُ تَقول للَّذي يَسْبِق من الْخَيل سَابق وسَبُوق، وَإِذا كَانَ يُسْبَق فَهُوَ مُسَبَّق.
وَقَالَ الفرزدق:
مِن المحْرِزينَ المَجْدَ يومَ رِهانِه
سَبُوق إِلى الغايات غيرُ مُسَبَّق
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا سَبَق إِلا فِي خُفَ أَو حافِرٍ أَو نَصْلٍ) ، فالْخُفُّ: الْإِبِل، والحافرُ: الْخَيْلُ، والنَّصْلُ: الرَّمْيُ.
وَفِي حَدِيث آخر: (مَنْ أدْخَلَ فَرَساً بَيْن فرسين فإنْ كانَ يُؤْمَنُ أنْ يُسْبَقَ فَلا خَيْرَ فيهِ وإنْ كانَ لَا يُؤْمَنُ أَن يسبقَ فَلَا بأسَ بهِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: والأصلُ فيهِ أَن يسْبق الرجُلُ صَاحبه بشيءٍ مُسمًّى على أَنه إِن سبق فَلَا شَيءَ لَهُ، وَإِن سبقهُ صَاحبه أخذَ الرَّهنَ، فَهَذَا هُوَ الحلالُ لأنَّ الرَّهنَ مِن أحدِهمَا دون الآخر، فَإِن جعل كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا لصاحبهِ رَهناً أَيهمَا سبق أخذَهُ فَهَذَا القمارُ المنهيُّ عنهُ، فَإِن أَرَادَا تحليلَ ذَلكَ جعلاَ معهمَا فَرَساً ثَالِثا لِرَجُلٍ سواهُمَا، وَيكون فَرَسُهُ كفئاً لفَرَسيْهِما، وَيُسمى الْمُحَلّل والدَّخيلَ، فيضعُ الرَّجُلانِ الْأَوَّلَانِ رهنين منْهُمَا، وَلَا يضعُ الثَّالثُ شَيْئا، ثمَّ يُرسلونَ الأفراسَ الثلاثَةَ فإنْ سبق أحدُ الْأَوَّلين أخَذَ رَهنهُ وَرهن صَاحبه فكانَ طيبا لهُ، وإنْ سبق الدخيلُ أخذَ الرَّهنينِ جَمِيعًا وَإِن سُبِق لم يغرم شَيْئا، فَهَذَا معنى الحَدِيث.
أَبُو مَنْصُور: وَقد جاءَ الاسْتِبَاق فِي كتابِ اللَّهِ فِي ثَلاثَةِ مواضعَ بمعاني مُخْتلفةٍ مِنْهَا قولهُ عزَّ وجلَّ: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ} (يُوسُف: 17) .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمَعْنى: ذَهَبْنَا ننْتَضِلُ فِي الرَّمي.
وَقَالَ: {وَاسُتَبَقَا الْبَابَ} (يُوسُف: 25) ، مَعْنَاهُ: تبادَرا إِلَى البابِ، تبادَرَ كلُّ وَاحِد

(8/317)


مِنْهُمَا إِلَى الْبَاب، فَإِن سبقها يوسفُ فتحَ البابَ وخرجَ وَإِن سبقتهُ زُليْخَا أغْلَقَتْهُ لِئَلَّا يخرجَ ولِتُراوده عَن نَفسه.
والثالثُ قولهُ: {كَانُواْ يَكْسِبُونَ وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُواْ الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} (يس: 66) ، معنى استباقهمُ الصراطَ مُجاوَزَتهُمْ إياهُ حَتَّى يضلُّوا وَلَا يهتدوا، والاستباق فِي هَذَا الْموضع من وَاحِد، وَهُوَ فِي الِاثْنَيْنِ الأوَّلين من اثْنَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: السباقانِ فِي رِجلِ الطَّائرِ الْجَارِح قَيداهُ من سير أَو خيط، وسَبَّقْتُ الْبَازِي إِذا جعلت السِّباقَان فِي رجلَيْهِ، وسبَّقْتُ بَين الخَيلِ إِذا سابقتُ بَينهَا والمصدرُ التسبيق.
بسق: قَالَ الله عز وَجل: {للهالْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ} (ق: 10) .
قَالَ الفراءُ: باسقات: طِوالاً.
يُقَال: بسق طولا، فَهُوَ باسق، فهن طوال النّخل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إذَا أشْرَق ضرْعُ النّاقَةِ وَوَقع فِيهِ اللبنُ فَهِيَ مُضْرِعٌ فَإِذا وَقع فِيهِ اللِّبأُ قبلَ النِّتاج فَهِيَ مبسق، فَإِذا دنا نتاجُها فَهِيَ مُدْنيةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: أبسقَتِ الشاةُ فَهِيَ مُبسق إِذا أنزلتِ اللَّبن قبل الولاد بشهرٍ أَو أكثرَ فتحلَبُ.
قَالَ: وَرُبمَا أبسقَتْ وليستْ بحامِل فأنزلتِ اللَّبن، فهِيَ بَسُوق ومُبسق ومِبساق.
قَالَ: وسمعتُ أنّ الجارِيةَ تُبسق وَهِي بكرٌ، يصيرُ فِي ثدْيها لبنٌ، وبسق وبصق وبزق واحِدٌ، وبُساق جبلٌ بالحجازِ.
وَقَالَ اليزيديُّ: أبزَقَتِ الناقَةُ وأبسقت إِذا أنزَلتِ اللبنَ.
قبس: قَالَ اللَّيْث: القَبَسُ: شُعْلةٌ من النارِ يقتبسُهَا أيْ: يأخذُها مِنْ مُعظم النارِ.
قَالَ: وقَبستُ الْعلم واقتبستُهُ، وأقبستُهُ فلَانا وأقبستُ فلَانا نَارا أَو خبْزًا، وَأنْشد:
لَا تُقبِسَنَّ العِلْمَ إِلَّا امْرءاً
أعَانَ باللُّبِّ عَلَى قَبْسِهِ
أَبُو عبيد عَنْ أبي زَيد: أقبستُ الرجلَ علما بالألفِ، وقبستُهُ نَارا أقبِسه إذَا جئتَهُ بهَا، فإنْ كانَ طلبَهَا لَهُ، قَالَ: أقبسْتُهُ بِالْألف.
أَبُو عبيد عنْ الْكسَائي: أقبستُهُ نَارا وعلماً سَواء، وَقد يجوزُ طرح الألفِ مِنْهُمَا.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: قبسني نَارا ومالاً وأقبسني عِلماً.
وَقد يُقَال بِغَيْر ألِفٍ، والقَوابِسُ: الذِينَ يقبسون الناسَ الخيرَ.
ابْن شُمَيْل عَن يُونُس: أَتَانَا فُلاَنٌ يقتبسُ العِلْمَ فأقبسناهُ أَي عَلمناهُ، واقتبسْنا فلَانا فَأبى أَن يقبِسنا أَي يُعْطِينَا نَارا، وَقد اقتبسني إذَا قَالَ: أَعْطِنِي نَارا.

(8/318)


أَبُو عبيد: مِنْ أمثالِهِمْ فِي الرجُلين يَجْتَمِعَانِ فيتفقانِ: (أُمٌّ لِقْوةٌ وأَبٌ قبيسٌ) فاللقوةُ مِنَ الإناثِ السريعةُ التلقِّي لماء الفَحْلِ.
قلت أَنا: وَسمعت امْرَأَة من الْعَرَب تَقول: أَنا امْرَأَة مقباس أَرَادَت أَنَّهَا تحمل سَرِيعا إِذا ألمّ بهَا الرجل، وَكَانَت تستوصف دَوَاء إِذا شربته لم تحمل، والْقَبيسُ من الفحول: السريعُ الإلقاحِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القابوسُ: الرجلُ الجميلُ الوجهِ الحسنُ اللونِ، وَأَبُو قَابُوس كنيةُ النُّعمان بن الْمُنْذر، وَأَبُو قُبَيْسٍ جَبَلٌ بِمَكَّة مَعْرُوف.
ق س م
قسم قمس سقم سمق مقس: مستعملة.
قسم: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: القَسْمُ مصدرُ قَسَمْت قَسْماً، والقِسْمُ: الحظُّ والنصيب، يُقَال: هَذَا قِسْمُكَ وَهَذَا قسمي.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: قَسَمْتُ الشيءَ بَينهم قَسماً وقِسْمَةً.
قَالَ: والقَسيمَةُ: مصدرُ الاقتسام، والقَسَمُ: الْيَمين.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: أقسمتُ إقساماً وقسماً، فالإقْسامُ مصدرٌ حقيقيٌّ، والقسمُ اسمٌ أُقِيمَ مقامَ المصدرِ، وقَسِيمُكَ الَّذِي يُقاسِمُكَ أَرضًا ومالاً بَيْنك وَبَينه، وَيُقَال: هَذِه الأرضُ قسيمَةُ هَذِه الأَرْض، أَي: عُزِلَتْ عَنْهَا، والقَسَّامُ الَّذِي يَقسمُ الدُّورَ وَالْأَرضين بَين الشُّرَكَاء.
وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذاَلِكُمْ فِسْقٌ} (الْمَائِدَة: 3) .
قَالَ الزّجّاج: موضعُ أنْ رفعٌ، وَالْمعْنَى: حُرّمَ عَلَيْكُم الاستِقسامُ بالأزْلام، والأزْلامُ سِهامٌ كَانَت للجاهليةِ مكتوبٌ على بَعْضهَا أمَرَني رَبِّي وعَلى بعِضها نهاني رَبِّي، فَإِذا أرادَ الرجلُ سَفراً أَو أمرا ضربَ تِلْكَ القِداحَ فَإِن خرجَ السهْم الَّذِي عليهِ أَمرنِي رَبِّي مضى لحاجتهِ، وإنْ خرجَ الَّذِي عليهِ نهاني رَبِّي لمْ يمضِ فِي أمرِهِ فَأعْلم اللَّهُ أَن ذَلِك حرامٌ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وقولُهُ: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ} مَعْنَاهُ: تَطْلُبُوا من جهةِ الأزْلام وَمَا كُتِبَ عَلَيْهَا مَا قُسِمَ لكم من الْأَمريْنِ.
وَمِمَّا يبين لَك أَن الأَزْلاَمَ الَّتِي كَانُوا يَسْتَقْسِمون بهَا غير قداح الميسر. مَا حَدثنَا بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق السعديّ، عَن الرّمادي عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: حدّثني عبد الرَّحْمَن بن مَالك المدلجيِّ، وَهُوَ ابْن أخي سُراقة بن جشعم (جعْشم) أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع سُراقة يَقُول: جاءتنا رُسُل كفار قُرَيْش، يجْعَلُونَ لنا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر،

(8/319)


دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمن قَتلهمَا أَو أسرهما. قَالَ: فَبينا أَنا جَالس فِي مجْلِس قومِي بني مُدْلج، أقبل مِنْهُم رجل، فَقَامَ على رؤُوسنا، فَقَالَ: يَا سُرَاقة إِنِّي رَأَيْت آنِفا أسْوِدة بالسَّاحل، لَا أُراها إِلَّا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا، انطَلقوا بغاةً. قَالَ: ثمَّ لبِثْت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت بَيْتِي، وَأمرت جاريتي أَن تخرج لي فرسي وتحبسها من وَرَاء أكلمة.
قَالَ: ثمَّ أخذت رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت فخفضت عالية الرمْح، وحططت رُمْحِي فِي الأَرْض، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها ورفعتها تُقرّبُ بِي حَتَّى رَأَيْت أسودتهما، فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُم حَيْثُ يُسمعهم الصَّوْت، عثرت بِي فرسي فَخَرَرْت عَنْهَا وأهويت بيَدي إِلَى كِنَانَتِي وأخرجت مِنْهَا الأزلام فاسْتقسمْتُ بهَا، أأضيرهم أم لَا، فَخرج الَّذِي أكره، أَن لَا أضيرهم، فعصيت الأزلام وَركبت فرسي، فرفَّعْتُها تُقَرّبُ، حَتَّى إِذا دَنَوْت مِنْهُم، عثرت فرسي، وخَرَرْتُ مِنْهَا. قَالَ: فَفعلت ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، إِلَى أَن ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ.
فِي حَدِيث فِيهِ طول، قلت: وَهَذَا الحَدِيث يبين لَك، أَن الأزلام، قِداح الْأَمر وَالنَّهْي، لَا قِدَاح الميسر.
وَقد قَالَ المؤرّج، وَجَمَاعَة من أهل اللُّغَة: إنّ الأزلام قداح الميسر وَهُوَ وَهم.
وَقَالَ ابْن السّكيت، يُقَال: هُوَ يَقسِمُ أمرهُ قَسْماً، أَي: يُقَدِّرُهُ، ينظرُ كَيفَ يعملُ فيهِ.
وَأنْشد للبيد:
فقولاَ لَهُ إِن كَانَ يقسِمُ أمرَهُ
ألَمَّا يَعِظْكَ الدهرُ أُمُّكَ هابِلُ
وَيُقَال: قَسَمَ فلانٌ أَمْرَهُ أَي: مَيَّلَ فِيهِ، أَيفعلُ أَم لَا يفعل.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: القَسِمَةُ: الوجهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا بَين الْعَينَيْنِ قَسِمةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القسمةُ: أعالي الْوَجْه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبَرِّد قَالَ: زَعَمَ أَبو عُبَيْدَة أَن القسِماتِ مَجارِي الدُّموعِ واحدتها قَسِمَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: من هَذَا رجلٌ قسيمٌ ومقسَّم وأَنشد:
كأنَّ دَنانيراً على قَسِماتهم
وَإِن كانَ قد شفَّ الْوُجُوه لقاءُ
أَبُو عبيد: القَسامُ: الحسْنُ، وَكَذَلِكَ القَسامَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: القسيمةُ: المرأةُ الجميلةُ.
وَقَالَ عنترة:

(8/320)


وكأنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقسيمةٍ
سَبقتْ عوارضها إِلَيْك من الفمِ
أَرَادَ بقوله بقسيمة، أَي: بِفَم امرأَة قسيمة وَهِي الحسناءُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القَسامِيُّ الَّذِي يَطْوِي الثيابَ أَوَّلَ طَيِّها حَتَّى تتكسَّرَ على طيِّهِ، وَأنْشد:
طَيَّ القسامِيِّ بُرُودَ العصّاب
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِذا قرِحَ الفرسُ من جَانب، وَهُوَ من جانبِ رباعٍ فَهُوَ قسامِيٌّ.
وَقَالَ الْجَعْدِي يَصِفُ فرسا:
أشَق قَسامِيّاً رَباعِيَ جانِب
وقارحَ جَنْبٍ سُلّ أقرَحَ أشقرا
قَالَ: القَسامِيُّ الَّذِي يكونُ بينَ شَيْئَيْنِ، والقَسامِيُّ: الحسَنُ من القسامَةِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: القَسامَةُ: الهدنةُ بَين العدوِّ وَبَين الْمُسلمين، وَجَمعهَا قساماتٌ، والقسامَةُ الَّذين يحلفُونَ على حَقهم ويأخُذُونَ، والقسامَةُ: الحسنُ التَّامُّ وجمعُها قَساماتٌ.
وَقَالَ غَيره: القَسامُ: وَقت الهاجِرَةِ فِي قَول النَّابِغَة:
تَشفُّ بريرَهُ وتَرُودُ فِيهِ
إِلَى دُبرِ النَّهَار من القسام
وَقَالَ أَبُو زيد: جاءتْ قَسامةُ الرَّجل سمُّوا بِالْمَصْدَرِ، وَقتل فلانٌ فلَانا بالقَسامة: بِالْيَمِينِ، وجاءتْ قسامةُ الرجل وَأَصله الْيَمين، ثمَّ جُعل قوما، والمُقْسَمُ القَسَم والمُقْسَمُ: الموضعُ يُحلف فِيهِ، والمُقْسِمُ: الرَّجل الْحَالِف.
أَبُو مَنْصُور: القَسامةُ فِي الدّم أَن يُقتل رجل لَا يُشهد على قتل الْقَاتِل إيَّاه بِبَيِّنَة عادلة فَيَجِيء أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فيدَّعوا على رجل بعينهِ أَنه قتلهُ ويدلُو بلوثٍ من بيِّنة مثل أَن يجدوه مُلَطَّخًا بِدَم الْقَتِيل أَو يشْهد رجلٌ وَاحِد أَو امْرَأَة وَاحِدَة كل مِنْهُمَا عدلٌ، أَو يُوجد الْمَقْتُول فِي دَار رجلٍ بَينه وَبَين الْقَتِيل عداوةٌ ظَاهِرَة، فإِذا حصلت دلالةٌ من هَذِه الدَّلالات استُحلف أولياءُ الْقَتْل وورثة دَمه فإِن حلفوا خمسين يَمِينا استحقوا دِيَة قتيلهم، وَإِن نكلوا عَن الْيَمين حلف المدَّعى عَلَيْهِ وبرىء، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي وَأَصْحَابه.
والقَسامةُ: اسْم من الإقسام وضع مَوضِع الْمصدر ثمَّ قيل للَّذين يُقْسِمُون قسامةٌ أَيْضا، وَإِذا ادّعى الْوَرَثَة قِبَل رجل أَنه قتل صَاحبهمْ وَلَا لوث وَلَا بيِّنة استُحلف المدَّعى عَلَيْهِ خمسين يَمِينا أَنه مَا قَتله فإِن حلفَ برىء وَإِن نكلَ حلفَ الْوَرَثَة خمسين يَمِينا، ثمَّ يكونُونَ بالخيارِ فِي قتلهِ أَو أَخذ الدِّية مِنْهُ إِذا كَانَ الْقَتْل عمدا.
قَالَ اللَّيْث: وحصاةُ القَسْم أَنهم كَانُوا إِذا قلَّ المَاء عِنْدهم لِلشُّقَّةِ فِي الفَلوات عَمدُوا إِلَى قعبٍ فَألْقوا تِلْكَ الْحَصَاة فِيهِ، ثمَّ

(8/321)


صبُّوا عَلَيْهَا المَاء قدر مَا يغمرها وقُسِمَ المَاء بَينهم على ذَلِك، وَتسَمى تِلْكَ الْحَصَاة المَقْلَةَ.
قَالَ: والأقاسيمُ: الحُظوظُ المقسومة بَين الْعباد، والواحدة أُقْسُومَةٌ مثل: أُظفور وأظافيرَ، وَقيل: إِن الأقاسيم جمع أقسامٍ، والأقسامُ جمع قِسمٍ، ووجهٌ مُقَسَّمٌ: أَي: حسنٌ.
وَقَالَ العجاج:
وربِّ هَذَا الْأَثر المُقَسَّم
أَي: المُحَسَّنِ، يَعْنِي مقَام إِبْرَاهِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمبرد أَن الرياشي أنْشدهُ:
وَيَوْما تُوافينا بوجهٍ مُقَسَّمٍ
كَأَن ظبيةٌ تَعْطُو إِلَى ناضر السَّلم
قَالَ الرياشي: سَمِعت أَبَا زيد يَقُول: سَمِعت الْعَرَب تنشده: كَأَن ظَبْيَة وَكَأن ظبيةٍ وَكَأن ظبيةٌ، فَمن نصب خفَّف كَأَن وأعملها، وَمن كسراد أَرَادَ كظبيةٍ، وَمن رفع أَرَادَ كَأَنَّهَا ظبيةٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضريرُ، يُقَال: تركت فلَانا يَسْتَقْسِمُ أَي: يفكِّرُ ويروي بَين أَمريْن وَهَذَا حُجَّة لما فسَّرته فِي الأزلامِ والاستِقسام بهَا، وَيُقَال: فلَان جيد القَسْمِ أَي: جيد الرَّأْي.
سقم: قَالَ اللَّيْث: السُّقْمُ والسَّقَمُ والسَّقامُ لُغاتٌ، وَقد سَقُمَ الرجل يَسْقُمُ فَهُوَ سقيمٌ وَرجل مِسقامٌ، إِذا كَانَ يَعْتَرِيه السَقمُ كثيرا وَيُقَال: أسْقَمَهُ الداءُ فَسقُمَ.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: سَقِمَ يَسْقَمُ سقَماً فَهُوَ سقيمٌ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَا أخبر الله عَنهُ: {النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ} (الصافات: 89) .
قَالَ بعض الْمُفَسّرين: أَرَادَ أَنه طعينٌ أَي: أَصَابَهُ الطَّاعُون، وَقيل مَعْنَاهُ: أَن سَيسْقمُ فِيمَا يسْتَقْبل إِذا نزل بِهِ الْمَوْت، فأَوهمهم بمعارض الْكَلَام أَنه فِي تِلْكَ الْحَال سقيم.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {للهيَعْلَمُونَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ} (الزمر: 30) ، مَعْنَاهُ: أَنَّك سَتَمُوتُ وَأَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: السَّوْقَمُ: شجر يُشبه الْخلاف.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سقامٌ: وادٍ بالحجاز.
مقس: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تمَقَّسَتْ نَفسِي ولقِسَتْ بِمَعْنى غَثَتْ غَثَياناً.
وَأنْشد:
نفْسي تمَقَّسُ من سُماني الأقْبرُ
وَقَالَ الْفراء نَحوه.
وَقَالَ أَبُو سعيد وَغَيره: مَقسْتُهُ فِي المَاء مَقساً وقمسْتُهُ فِيهِ قَمْساً إِذا غططته، وَقد انقمسَ فِي المَاء انقماساً.

(8/322)


وروى ابْن الْفرج لأبي عَمْرو: يُقَال: مَقِسَتْ نَفسه تمقَسُ فَهِيَ ماقسة إِذا أنِفَتْ وَقَالَ مرّة خَبُثَتْ وَهِي بِمَعْنى لَقِسَتْ.
قمس: قَالَ اللَّيْث: كل شَيْء يَنْغَطُّ فِي المَاء ثمَّ يرْتَفع فقد قَمَسَ، وَكَذَلِكَ القنانُ والأكامُ إِذا اضْطربَ السراب حولهَا، قيلَ: قَمَسَتْ: أَي: بَدَت بَعْدَمَا تخفي، وَالْولد إِذا اضْطربَ فِي سُخدِ السَّلى قيل: قَمَسَ.
وَقَالَ رؤبة:
وقامِسٍ فِي آله مُكَفَّنِ
يَنْزُونَ نَزْو اللاعبين الزُّفَّنِ
وَمن أمثالهم: قَالَ فلَان قولا بلغ بِهِ قَامُوس الْبَحْر، أَي: قَعْره الْأَقْصَى.
وَقَالَ أَبُو عبيد الله: القاموسُ: أبعد مَوضِع غوراً فِي الْبَحْر.
قَالَ: وأصل القمْسِ: الغوصُ، وَأنْشد لذِي الرُّمة يصف غيثاً:
أصَاب الأَرْض مُنْقمَسَ الثُّرَيَّا
بساحيةٍ وأتبعها طِلالاٍ
أَرَادَ أَن الْمَطَر كَانَ عِنْد نوءِ الثُّريا وَهُوَ منقسمها لغزارة ذَلِك النَّوءِ.
سمق: قَالَ اللَّيْث: السَّمْقُ سَمْق النَّبَات إِذا طَال، وَكَذَلِكَ الشّجر.
يُقَال: نخلةٌ سامقة طَوِيلَة جدا، والسَّميقان والجميع الأسمقةُ، وَهِي خشبات يُدخَلْنَ فِي الْآلَة الَّتِي ينْقل عَلَيها اللبِنُ، والسَّميقان فِي النِّير عُودان قد لُوقيَ بَين طرفَيهما تحتَ غَبغَبِ الثَّوْرِ وأسِرَا بخيطٍ.
أَبُو مَنْصُور: وَذكر اللَّيْث فِي كتاب (العيْن) هاتَين الخَشبَتينِ أَنَّهُمَا السَّمِيعان بِالْعينِ وجعلَهما هَا هُنَا بِالْقَافِ، وَالصَّوَاب مَا قَالَ فِي كِتاب (الْعين) .
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمْسَق: الياسمين.
وَقَالَ أَبُو زيد: كذِب سُماقٌ وحَلِفٌ سُماق: أَي: بحْتٌ خالِصٌ، وَيُقَال: أحبكَ حُبّاً سُماقاً أَي: خَالِصا، وَالْمِيم خَفِيفَة فِي هَذَا، فأَما الحَبُّ الَّذِي يُقَال لَهُ: السَّماق الحامِض فَهُوَ بتَشْديد الْمِيم، وقِدْرٌ سُمَّاقيَّة، وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا: العَبْرَبية والعَرَبْرَبية.

(بَاب الْقَاف وَالزَّاي)
ق ز ط: أهملت وجوهه.
ق ز د
أهمله اللَّيْث.
زدق قزد: (مستعملة) .
زدق: وَقَالَ أَبُو زيد: من العربِ من يَقُول: الزِّدْق بِمَعْنى الصدْق، وَهُوَ أَزْدَق مِنْهُ،

(8/323)


أَي: أصدق مِنْهُ.
قزد: ويقولونَ: القزْدُ فِي مَوضِع الْقَصْد.
وروى ابْن شُمَيْل عَن أَعْرَابِي أَنه قَالَ: خيرُ القَوْل أزْدَقه.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي لمزاحم الْعقيلِيّ:
فَلاَةُ فَلاً لمَّاعة من يجز بهَا
عَنِ القزْدِ تَجْحَفْهُ المنايا الجواحِفُ
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو حاتمٍ.
ق زت ق زظ ق ز ذ ق ز ث: أهملت وجوهها.
ق ز ر
اسْتعْمل من وجوهه: زرق رزق (زقر قرز رقز) .
زقر قرز: أما زقر وقرز فَإِن اللَّيْث أهملهما.
وَقَالَ ابْن دُريد: الزَّقْرُ: لُغةٌ فِي الصقْر لبَعض الْعَرَب وَقَالَهُ غَيره.
قَالَ: والقَرْزُ: قبضكَ الترابَ وغيرهُ بأطرافِ أصابِعِكَ نَحْو القبصِ.
قلتُ: كأنَّ القرزَ بمنزلهِ القرصِ.
رقز: والعربُ تقولُ: رَقَزَ ورَقَصَ وَهُوَ رَقّازٌ ورَقّاصٌ.
زرق: قَالَ اللَّيْث: الزَّرْقةُ فِي الْعين، تَقول: زَرِقتْ عينهُ تَزْرَق زَرَقاً وزُرْقة وازْراقتِ ازْريقاقاً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً} (طه: 102) ، قيل فِي التَّفْسِير: عُمْياً، وقيلَ: عِطاشاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يخرجونَ من قُبُورهم بُصَرَاءَ كَمَا خُلِقوا أوَّلَ مرةٍ ويعْمَوْنَ فِي المحشرِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا قيل للعُمْيِ زُرْق لِأَن السَّوَادَ يَزْرَقُّ إِذا ذَهَبَتْ نواظرهم.
قَالَ: وَمن قَالَ عِطَاشاً فَجَيِّدٌ أَيْضا لأَنهم من شِدَّةِ العطشِ يتغيَّرُ سوادُ أَعينهم حَتَّى يَزْرَق.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للمياهِ الصافيةِ: زُرْق.
وَقَالَ زُهَيْر:
فَلَمَّا وردن المَاء زُرقاً جِمَامُهُ
وَالْمَاء يكونُ أزرَق ويكونُ أسْجَرَ، وَيكون أبيَضَ ويكونُ أخضرَ ويكونُ أسْوَدَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، يُقَال: زَرَق الطَّائِرُ يَزرُق ويَزْرِقُ إِذا حذفَ بزرقِهِ حَذْفاً.
وَقَالَ غَيره: الثريدةُ: الزُّرَيقاء الَّتِي تعْمل بلبنٍ وزَيتٍ، والزُّرَّق: طائِرٌ مِن الجوارِحِ بَين البازِي والباشَق.
وَيُقَال: زَرَقه بالمزرَاق زَرْقاً إِذا رَمَاه بِهِ فَطَعنه.
وَيُقَال للأسنةِ: زرْق لبصيصِ لونِهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال: زَرَقه ببصره.

(8/324)


قَالَ: وانزَرقَ الرجلُ انزِرَاقاً إِذا اسْتلْقى على ظهرِه.
وَقَالَ الراجز:
يزعُمُ زَيْدٌ أنَّ رَحْلي مُنزَرِق
يكفِيكه الله وحَبْلٌ فِي العُنُق
قَالَ: والمنزرِق: المُسْتلقي وراءَه، والبازي يكونُ أَزْرَق وَهِي الزُّرق. للبُزاة، وَقَالَ ذُو الرمة:
منَ الزُّرْق أَوْ صقع كأنَّ رؤوسها
منَ الِقهزِ والقُوهيِّ بيضُ المقانع
وَقَالَ أَبُو عبيد: الزَّرَق تحجيلٌ يكون دُون الأشاعر.
قَالَ: وَقَالَ آخر: الزَّرَق: بياضٌ لَا يُطيف بالعَظمِ كلِّه، وَلكنه وضَحٌ فِي بعضه.
وَقَالَ جرير:
تزَوْرَقْتَ يَا ابنَ الْقَينِ مِنْ أكلِ فيرَةٍ
وأكلِ عويثٍ حينَ أسْهَلَكَ البَطْنُ
يُقَال: تزَوْرَق الرّجُل إِذا رمى مَا فِي بَطْنه، والزّوْرق مأخوذٌ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الزَّرقاء: الْخمر، وَسمعت العَرب تَقول للبعير الَّذِي يُؤخِّر حمله فَلَا يَسْتَقِيم على ظَهره جملٌ مِزراق ورأيتُ جملا من جمَالهمْ اسمُه مِزراق وَكَانَ يَرْمِي بِحمْلِهِ إِلَى مُؤخَّرِه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً} (طه: 102) .
قَالَ: عُمياناً، وَيُقَال: عِطاشاً، وَيُقَال: طامعينَ فِيمَا لَا ينالونه.
رزق: قَالَ اللَّيْث: الرزق مَعْرُوف، ورَزَق الْأَمِير جُندهُ فارتزقُوا ارتزاقاً.
وَقَالَ غَيره: الرّازق والرّزّاق من صفة الله جلّ وَعز لِأَنَّهُ يرْزق الخلقَ أَجْمَعِينَ.
قَالَ الله عزّ وجلّ: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الاَْرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (هود: 6) .
وأرزاق بني آدم مَكْتُوبَة مقدّرة لَهُم، وَهِي واصلة إِلَيْهِم، جَدُّوا فِي طلبَهَا أَو قَصَّرُوا.
وَقَالَ جلَّ وعزّ: {تُبْصِرُونَ وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا} (الذاريات: 22) .
وَقَالَ: { (يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (الذاريات: 58) .
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الله تَعَالَى يبعثُ الْملك إِلَى كلِّ من اشْتَمَلتْ عَلَيْهِ رَحِمُ أُمِّه فَيَقُول لهُ اكتُبْ رِزْقه وأَجَلهُ وعملهُ وشقيٌّ أوْ سعيدٌ فيُخْتَمُ لَهُ عَلى ذَلِك) .
وَقَالَ مجاهدٌ فِي قَوْله: {تُبْصِرُونَ وَفِى السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا} . قَالَ الْمَطَر: وَقَالَ فِي قَوْله: { (لِيَعْبُدُونِ مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ} (الذاريات: 57) .
يَقُول: بل أنَا أرزقُهم وَمَا خلقتهمْ إلاّ ليعبُدون.
يَقُول: مَا خلقتهمْ إِلَّا لآمرهم بعبادتي.

(8/325)


وَقَالَ فِي قَوْله: {وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا} (آل عمرَان: 37) : عنباً فِي غير حِينه.
وَيُقَال: رزق الله الْخلق رِزقاً ورَزقاً، فالرزق اسمٌ والرزق مصدر، وَقد يوضعُ الاسمُ موضعَ الْمصدر.
وَيُقَال: رُزق الجُنْد رَزقةً وَاحِدَة، ورُزقوا رزقتين أيْ مرّتين.
وَقَوله: {مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} (الْوَاقِعَة: 82) مَعْنَاهُ: تَجْعَلُونَ شكر رزقكم التَّكْذِيب، فَيَقُولُونَ: مُطِرنا بِنَوْء الثريَّا.
وارتزق القومُ: إِذا أخَذوا أَرْزَاقهم.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرازقية: ثيابُ كَتانٍ بيضٌ.
وَقَالَ غَيره: الرّازقي من الأعنابِ هُوَ المُلاَحِيُّ.
ق ز ل
قزل قلز زلق لقز زقل لزق.
لزق: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: لَزِق الشيءُ بالشَّيْء يلزَق لُزُوقاً، والتزَق التزَاقاً.
قَالَ: واللزَق هُوَ اللَّوَى تلتزِق الرِّئة بالجنب، وَيُقَال: هَذِه الدارُ لزيقة هَذِه، وهذِه بِلْزِق هذِه، واللَّزُوق واللازُوق دواءٌ يُسَوَّى للقرحة يلْزمهَا حَتَّى تَبرأ بِإِذن الله.
أَبُو مَنْصُور: وَيُقَال لَهُ: اللَّصُوق واللَّسوق وَقد لزِق ولَصِق ولَسِق بِمَعْنى وَاحِد، والعربُ تُكنى باللِّزاق عَن الجِمَاع.
وَأنْشد بَعضهم:
دَلْوٌ فَرَتْها لكَ مِن عَناق
لمّا رَأَت أَنَّكَ بئس الساقي
وجَرّبت ضعفكَ فِي اللِّزاق أرادَ فِي مجامعته إِيَّاهَا.
يَقُول: لمّا رأَتْكَ ضَعِيفا خرزت لَك دَلْواً صَغِيرَة من جِلدِ عَنَاق.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم، قَالَ الْأَصْمَعِي: الإلْزَاق أَن يكبَرَ الرجُلُ فَيَلْزَق ذَكرُه ببَيضَته، يُقَال: ألزق الرجُلُ وأقزَن إِذا صارَ إِلَى هَذِه الحالَةِ.
لقز: قَالَ ابْن دُريد: يُقَال: لقزَه ووكزه بِمَعْنى وَاحِد.
زلق: قَالَ اللَّيْث: الزَّلَقُ: المكانُ الْمَزْلَقَةُ، والزلق: العَجُز من كلِّ دَابَّة.
وَقَالَ رؤبة:
كأنهَا حَقْباءُ بَلقاءُ الزّلق
قَالَ: وأزلقتِ الفرَسُ إِذا ألْقتْ ولدَها تامّاً فَهِيَ مُزلق، وفرَسٌ مِزلاق إِذا كثر ذَلِك مِنْهَا.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ألْقتِ الناقةُ ولدَها قبْل أَن يَسْتبين خلقه وَقبل الوقتِ قيلَ أزلقت وأجهضت، وهيَ مُزلق ومُجْهضٌ.
أَبُو مَنْصُور: وَهَذَا هُوَ الصوابُ لَا مَا قَالَ

(8/326)


اللَّيْث، إِذْ لَا يكون الإزلاق إِلَّا قبل التَّمامِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ زُلوق زُلوجٌ: أَي: سريعةٌ.
قَالَ: والتَّزَلُّقُ: صَبْغُكَ البَدن بالأدهان وَنَحْوهَا، والتّزْليق: تَمليسُكَ الموضعَ حَتَّى يَصيرَ كالمَزْلقة، وَإِن لم يَكن فِيهِ ماءٌ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ} (الْقَلَم: 51) .
قرأَهَا نافعٌ: لَيزْلِقونَكَ مِن زَلَقْتُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ: العربُ تقولُ للَّذي يحلِق الرّأس قد زَلَقه وأزْلقهُ.
قَالَ: وَمعنى قَوْله {كَفَرُواْ} : أَي: ليَرْمُون بك ويُزِيلونكَ عَن موضعك بأَبصارهم كَمَا تقولُ: كَاد يَصرعُني شدَّةُ نظره، وَهُوَ بَيِّنٌ من كَلَام الْعَرَب كثيرٌ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مذهبُ أهل اللُّغَة فِي مثل هَذَا أنَّ الكفّارَ من شدَّة إبْغَاضهم لكَ وعَداوَتهم يكادون بنظرهم إليكَ نظرَ البَغْضاء أَن يَصْرَعوك. يُقَال: نظر فلانٌ إليَّ نظرا كَاد يأْكلني وَكَاد يَصرَعُنِي.
وَقَالَ القُتيبيُّ: أَرَادَ أَنهم ينظرُونَ إِلَيْك إِذا قَرَأت الْقُرْآن نظرا شَدِيدا بالْعداوَةِ والبَغْضَاء يكَاد يُسْقِطُكَ.
وَأنْشد:
يَتَقَارَضُون إِذا الْتقوْا فِي مَوْطِنٍ
نظَراً يُزيل مَواطِىءَ الأَقدامِ
أَبُو منصورٍ: وَقد قَالَ بعضُ أهلِ التَّفْسِير فِي قَوْله {كَفَرُواْ} أَي: يُصِيبُونَك بعُيونهم كَمَا يصيبُ العائنُ مَعِينَه.
وَقَالَ الفرَّاء: كَانَت العربُ إِذا أَرَادَ أحدهم أَن يَعتَانَ مالَ رجلٍ بعيْنه تَجوَّعَ ثَلَاثًا ثمَّ تعرَّض لذَلِك المَال، فَقَالَ: تاللَّهِ مَا رأيتُ مَالا أَكثر وَلَا أَحسن فيتساقطُ فأَرادوا برَسُول الله مِثلَ ذَلِك، فَقَالُوا: مَا رأيْنا مثل حُجَجِه ونظروا إِلَيْهِ ليَعينوه.
قَالَ الله جلَّ وعزّ: {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} (الْكَهْف: 40) .
قَالَ الفرَّاء: زَلَقاً لَا نباتَ فِيهِ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: لَا يَثبُت عَلَيْهِ القدمان، وَالْعرب تَقول: رجلٌ زَلِق وزُمَّلِق، وَهُوَ الشَّكّاز الَّذِي يُنْزِلُ إِذا حدَّثَ الْمَرْأَة من غير جِمَاع.
وَأنْشد الفرَّاء:
إنّ الجُلَيْدَ زَلِق وزُمَّلِقْ
جاءتْ بِهِ عَنْسٌ من الشَّام تَلِقْ
وَيُقَال: زلَق رأسَه وأَزْلقه وزلّقه إِذا حَلقه، ثلاثُ لُغاتٍ.
وَفي حَدِيث عليَ عَلَيْهِ السَّلَام: أنّه رأَى رجلَيْنِ خرجا من الحمَّام مُتَزلِّقين؛ فَقَالَ: مَن أنتُما، قَالَا: من الْمُهَاجِرين، قَالَ: كذَبتُما، ولكنكما من المُفَاخِرين.

(8/327)


يُقَال: تَزلق فلانٌ وتَزيَّق إِذا تنعَّم حَتَّى يَكونَ للونِه بَصِيصٌ ولبَشَرته بَرِيق.
وَيُقَال للمصْنَعة: زلَقةٌ وزَلفَةٌ بِالْقَافِ والفَاء.
قلز: قَالَ اللَّيْث: القَلْزُ: ضرْبٌ من الشُّرْب.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القلْزُ: قَلْزُ الغُراب والعُصفور فِي مِشيَتِه.
قَالَ: وكلُّ مَا لَا يَمشي مشياً فَهُوَ يَقلِزُ.
قَالَ: وَمِنْه قولُ الشُّطَّار: قَلز فِي الشَّرَاب أَي قذف بيدِه النَّبيذَ فِي فمِه كَمَا يَقلِزُ الْعُصفور. وَأنْشد:
يَحْجُلُ فِيهَا مَقلز الحُجُولِ نَعْباً عَلَى شِقَّيْهِ كالمشْكُولِ يَخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصولِ زقل: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ ابنُ دُريد: الزَّقْلُ مِنْهُ اشتِقاق الزّوَاقيلِ، وهم قومٌ بناحيةِ الْجزيرة وَمَا حولهَا، وزَوْقلَ فلانٌ عِمامتَه إِذا أَرْخَى لَهَا طرَفيْن من ناحَيَتَيْ رَأسه.
قزل: أَبُو عبيد. عَن أبي عَمْرو: قزَل الرجلُ يَقزِلُ: إِذا مشَى مِشية الْمَقْطُوع الرِّجْل.
قَالَ: والْقزَلُ: أسْوَأُ الْعَرَج.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأقزَلُ: الدّقيق السَّاق الأعرَج، لَا يَكونُ أَقزَلَ حَتَّى يجمَعَهما وَقد قزِلَ يَقزَلُ قزَلاً فَهُوَ أقزَل.
ق ز ن
قنز نقز نزق زنق زقن قزن: أهمل اللَّيْث: زقن وقنز. وهما معروفان فِي كَلَام الْعَرَب.
زقن: فَأَما زقن فَإِن أَبَا عبيد روى عَن الْأمَوِي أَنه قَالَ: زَقنْتُ الحِمْلَ أَزْقُنه: حَمَلْتُه، وأَزْقَنْتُ الرّجُل: أَعَنتُه عَلَى الحِمْل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَزْقنَ زيدٌ عمْراً إِذا أَعَانَهُ على حِمْلهِ ليَنْهض، ومِثله: أَبْطَغَهُ وأبْدَغَه وعدّلَه وأَوّنه وأَسْمَغه وأَنّاهُ، وبَوّاه وحَوّله، كلُّه بِمَعْنى وَاحِد.
قنز: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَقنزَ الرجلُ إِذا شربَ بالإقنِيزِ طَرَباً، وَهُوَ الدَّنّ الصَّغِير، قَالَ: وَجِلْفَةُ الإقنِيزِ طِينَتُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الْقِنْزُ: الرَّاقودُ الصغيرُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الْقَنَزُ لُغَة فِي الْقنص.
وَأنْشد فِي صَيْدِ الصَّيَّاد للضّبِّ:
ثمَّ اعتَمَدْتُ فَجَبَذْتُ جَبْذَةً
خَرَرْتُ مِنْهَا لِقفَايَ أَرْتَمِزْ
فقلتُ حَقًا صَادِقا أقولُه
هَذَا لعَمْرُ اللَّهِ من شرِّ الْقَنَزْ
قَالَ: وَيُقَال للقانصِ وَالقنَّاص قانزٌ وقنّاز.
قزن: أهمل اللَّيْث قزن.
وَقد روى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي

(8/328)


أَنه قَالَ: أقْزَنَ زيدٌ ساقَ غلامهِ إِذا كسرهَا.
نقز: قَالَ اللَّيْث: النَّقَزُ والنَّقَزَانُ كالْوَثَبانِ صُعُداً فِي مكانٍ وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وقعَ فِي الغَنَمِ نُزَاءٌ ونُقَازٌ، وهما جَمِيعًا داءٌ يَأْخُذهَا فَتَنْزُو مِنْهُ وتنقُزُ حَتَّى تموتَ.
وَقَالَ شمر: تَنْقُزُ.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّقّازُ الصغيرُ من العصافير، والنَّقَزُ من النَّاس صغارهم ورُذَالتهُمْ.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنْقَزَ الرجلُ إِذا دامَ على شُرْبِ النَّقِزِ، ونَقِزُ الماءِ: العذبُ الصافي، وأنقَزَ إِذا وقعَ فِي إبلهِ النُّقَازُ، وَهُوَ داءٌ، وأنقَزَ عَدُوَّهُ إِذا قتلهُ قتلا وحِيّاً، وأَنقَزَ إِذا اقتنى النَّقَزَ من رَدِيء المالِ، وَمثله أقْمَزَ وأغْمَزَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: انْتَقَزَ لهُ شرَّ الإبلِ، أَي اخْتَار لَهُ شَرَّها، وعطاءٌ ناقِزٌ وَذُو ناقِزٍ: إِذا كَانَ خسيساً، وَأنْشد:
لَا شَرَطٌ فِيهَا وَلَا ذُو نَاقِزِ
قاظَ القَرِيَّاتِ إِلَى العجالِزِ
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: النَّقَزُ: اللَّقبُ، والنَّقِزُ: الماءُ الصافي.
زنق: قَالَ اللَّيْث: الزَّنَقَة: مَيلٌ فِي جدارٍ أَو فِي سِكَّةٍ أَو فِي ناحِيةٍ من الدَّار أَو فِي عُرْقُوبٍ من الْوَادي يكونُ فِيهِ التواءٌ كالمدخل، والالتواءُ اسمٌ كَذَلِك بِلَا فعلٍ.
قَالَ: والزِّناقةُ: حلقةٌ تُجعَلُ فِي الْجُلَيْدَةِ تحتَ الحنكِ الْأَسْفَل، ثمَّ يجعلُ فِيهَا خَيْطٌ يُشَدُّ فِي رأسِ البغلِ الجموح.
قَالَ: وكلُّ رباطِ تَحت الحنكِ فِي الجلدِ فَهُوَ زناقٌ، وَمَا كَانَ فِي الْأنف مثقوباً فَهُوَ عِرانٌ، وبَغْلٌ مَزْنُوق، وَقد زَنَقْتُهُ زنقاً، وَأنْشد:
فإِن يظهرْ حديثُكَ يُؤْتِ عَدْواً
برأسِكَ فِي زِناق أَو عِرانِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي الزِّناق مثله، وَيُقَال: أمْرٌ زَنِيقٌ أَي مُحكم مُسْتَوْثَقٌ مِنْهُ، ورأْيٌ زَنِيقٌ رصين مُحكم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أزْنَق وزَنَق وزَنَّق وزهَدَ وزهَّدَ وأزْهَدَ وقاتَ وقَوَّتَ وأقْوَتَ، كلُّهُ إِذا ضَيَّق على عيالهِ فقرا أَو بخلا.
قَالَ: والزُّنُقُ: العُقولُ التّامّةُ.
قَالَ: وَقيل لعاقلٍ: مَا علامَةُ العاقِلِ، فَقَالَ: تمييزُهُ بَين الْحق والباطِلِ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: زَنَقْتُ الفَرَسَ أزْنقُهُ زنقاً إِذا شَكَّلْتُهُ فِي أربعِ قوائمِهِ، وَبِذَلِك سُمِّيَ زِناق المرأةِ، وَهُوَ ضربٌ من حُلِيِّها.
نزق: قَالَ اللَّيْث: النَّزَق: خِفّةٌ فِي كلِّ أمرٍ وعجلةٌ فِي جهلٍ وحُمْق، ورجلٌ نَزِق وامرأةٌ نَزِقَةٌ، وَالْفِعْل نَزِق يَنْزَق نزَقاً.

(8/329)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنْزَق الرجلُ: إِذا سَفِهَ بعدَ حلمٍ، وأنْزَق إِذا نَزَّق فَرَسَهُ حَتَّى يَثِبَ نهْزاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: نَزِق الإنسانُ وغيرهُ يَنْزَق إِذا نزا.
وَمِنْه قيل: نزَّقْتُ الفرسَ إِذا ضربتهُ حَتَّى ينزُو.
قَالَ: ونَزِق الرجلُ يَنْزَق من الطَّيْشِ والخِفّةِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: النَّزْقُ أَن تملأ الإناءَ إِلَى رأسهِ، وَيُقَال: مُطِرَ مكانُ كَذَا وَكَذَا حَتَّى نَزِقَتْ نهاؤُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أنْزَق الرجلُ فِي ضحكهِ وأَهْزَق إِذا أفْرَطَ فِيهِ.
ق ز ف
قفز زقف: (مستعملة) .
زقف: أهمله اللَّيْث.
وَهُوَ عربيٌّ صحيحٌ، قرأتُ بِخَط شمر فِيمَا ألّف من غَرِيب الحَدِيث فَقَالَ: بَلَغَ عمرَ ابْن الْخطاب أَن مُعَاوِيَة قَالَ: لَو بلغَ هَذَا الْأَمر إِلَيْنَا بني عبد منافٍ، يَعْنِي الخلافةَ تَزَقَفْنَاهُ تَزَقُّفَ الأُكْرَةِ.
قَالَ شمر: التَّزَقفُ كالتّلَقُّفِ، يُقَال: تَزَقفْتُ الكُرَة وتَلَقَّفْتُها بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ أخذُها بِالْيَدِ أَو بالفم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
قَالَ، وَفِي حَدِيث ابْن الزبير قَالَ: لما اصْطَفَّ الصَّفّانِ يومَ الجَمَلِ كَانَ الأشترُ زَقَفنِي مِنْهُم فاتَخَذْنا فوقعنا إِلَى الأَرْض، فقلتُ اقتلوني ومالكاً.
قَالَ شمر: الكُرَةُ أعْرَبُ، وَقد جَاءَ الأُكْرةُ فِي الشِّعْرِ، وَأنْشد:
تَبِيتُ الفِراخُ بأكنافِها
كأَنَّ حواصِلَهُنَّ الأُكر
وَقَالَ مزاحمٌ العقَيلي:
ويضرِبُ إضرابَ الشُّجَاعِ وَعِنْده
إِذا مَا التَقَى الزَّحْفانِ خَطفٌ مُزاقَف
قفز: قَالَ اللَّيْث: القَفْزُ والقَفَزَانُ وَيُقَال لِلأَمَةِ قَفَّازَةٌ لقلَّة استقرارها، والقَفِيزُ: مكيالٌ، وَهُوَ أَيْضا مقدارٌ من مساحة الأَرْض، والقُفَّاز: لِبَاس الْكَفّ، وَيُقَال للخيل السِّراع الَّتِي تثبُ فِي عدوها قافزةٌ وقوافزُ.
وَأنْشد:
بِقَافِزاتٍ تحتَ قافِزينا
وَقَالَ شمر فِي حَدِيث رَوَاهُ عَن عَائِشَة: أَنَّهَا رخَّصت لِلمُحْرمةِ فِي القُفَّازَين.
قَالَ شمر: القُفَّازَانِ شَيْء تلبسه نسَاء الْأَعْرَاب فِي أيديهنَّ يُغَطِّي أصابعها ويدها مَعَ الْكَفّ.
وَقَالَ خَالِد بن جنبة: القُفَّازَان تُقَفِّزهُما الْمَرْأَة إِلَى كعوب الْمرْفقين، فَهُوَ ستْرَة لَهَا وَإِذا لبست برقُعها وقُفَّازها وخُفَّيْها فقد

(8/330)


تكَنَّنَتْ، والقفَّازُ: يُتَّخَذ من الْقطن فيُحشى بطانةً وظهارةً وَمن اللُّبود والجلود.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القُفَّازُ: ضربٌ من الحُلِيّ تتخذه الْمَرْأَة ليديها ورجليها وَمن ذَلِك يُقَال: تَقَفَّزَتْ بالحِناء إِذا نَقشَتْ بِهِ يَديهَا ورجليها.
وَأنْشد:
قُولاَ لذاتِ القُلْبِ والقفَّازِ
أما لِمَوْعُودِكِ من نجازِ
عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أَبِيه فِي (شِيات الْخَيل) قَالَ: إِذا كَانَ الْبيَاض فِي يَدَيْهِ فَهُوَ مُقفَّزٌ، وَإِذا ارْتَفع إِلَى رُكبتيه فَهُوَ مُجَبَّبٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ الْبيَاض فِي يَدَيْهِ إِلَى مرفقيه دون الرِّجلين، فَهُوَ أقْفَز.
أَبُو مَنْصُور: والقُفَّيْزَى من لِعَبِ صبيان الْعَرَب ينصبون خَشبة ثمَّ يَتَقَافزون عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: قَفِيزُ الطحّان منهيٌّ عَنهُ، وَهُوَ أَن يَقُول: أطحنُ بِكَذَا وَكَذَا وَزِيَادَة قَفِيزٍ من نفس الطَّحين.
ق ز ب
قبز زقب زبق بزق قزب.
أهمل اللَّيْث: قزب قبز وزبق وَهِي مستعملة.
زبق: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: زَبَقَ شعره إِذا نتفه يَزْبِقُه زَبْقاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: زَبَقْتُهُ فِي السِّجن أَي حبستهُ. والزَّابوقةُ: دَغَلٌ فِي بَيت أَو بِنَاء تكون زواياها مُعْوَجَّةً.
وَقَالَ ابْن بزرج: زَبَقتْ الْمَرْأَة بِوَلَدِهَا إِذا رمت بِهِ.
وَقَالَ الْفراء: انْزَبقَ فِي الْبَيْت، إِذا انْكَرَسَ فِيهِ.
وَقَالَ رؤبة:
وَقد بَنَى بَيْتا خفيّ المُنْزَبَقْ
قبز: عَمْرو عَن أَبِيه: القِبْزُ: الرَّجل الْقصير النحيل.
قزب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: القازِبُ: التاجرُ الْحَرِيص مرّة فِي البرِّ وَمرَّة فِي الْبَحْر. والقِزْبُ: اللقب، قَالَه اللحياني.
زقب: قَالَ اللَّيْث: زَقَبَهُ فِي جُحْره فانزقبَ فِيهِ، قَالَ: والزَّقَبُ: مَطْرَبةٌ ضيّقةٌ، والواحدة زَقَبَةٌ.
وَأنْشد أَبُو عبيد لأبي ذُؤَيْب فِي الزَّقَبِ وَهِي الطُّرق الضيِّقة:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْق الرأْس تخلِجُه
مطاربٌ زَقَبٌ أميالُها فِيحُ
قَالَ أَبُو عبيد: المطاربُ طرق ضيِّقة، واحدتها مَطربةٌ، قَالَ: والزَّقبُ: الضيِّقة.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: انزقبَ فِي الْبَيْت إِذا دخل فِيهِ وانزلق مثله.
وَقَالَ أَبُو زيد، يُقَال: زَقَّبَ المكّاءُ تزقيباً إِذا صَاح. وَأنْشد:

(8/331)


وَمَا زَقَّبَ المُكَّاء فِي سُورَة الضُّحَى
بنورٍ من الوَسْمِيِّ يَهْتَزُّ مائد
وَقَالَ آخر:
إِذا زَقَّبَ المُكّاءُ فِي غير روضةٍ
فَوَيلٌ لأهل الشاءِ والحمراتِ
بزق: قَالَ اللَّيْث: بَزَق وبصق وَاحِد، وَهُوَ البُزاق والبصاق، قَالَ: ولُغة لأهل الْيمن: بَزَقوا أَرضهم إِذا بذروها، وَقد قَالَه ابْن شُمَيْل.
ق ز م
زمق قزم قمز زقم مزق.
قمز: أهمل الليثُ: قَمَزَ.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: رَأَيْت الكَلأ فِي أَرض بني فلَان قُمزاً قُمزاً، وَذَلِكَ إِذا لم يتوافر (وَلكنه نبت متفرِّقاً) وَكَانَت هَا هُنَا لُمعَةٌ (وَهَا هُنَا لمْعَة) (1) ثمَّ تَنْقَطِع ثمَّ ترى لُمعةٌ أُخْرَى، وَكَذَلِكَ الْحَصَى إِذا اجْتمع مِنْهَا فِي مَكَان صُوبة فَهِيَ قُمزَةٌ أَيْضا (وَجَمعهَا: قمزٌ، وَقَالَ ابنُ مُقبل:
يَرْمي النَّجادَ بِحَيْدارِ الحصَا قُمَزا
فِي مشيةٍ سُرُح خلط أفانينا) (1)

قزم: قَالَ اللَّيْث: القزَمُ: اللَّئِيم الدَّنيءُ الصَّغِير الحبَّةِ.
تَقول الْعَرَب: رجل قزَمٌ وَامْرَأَة قزَمٌ وَهُوَ ذُو قزَمٍ، ولُغة أُخْرَى: رجل قَزَمٌ، ورجلان قَزَمَانِ وَرِجَال أقْزَامٌ وَامْرَأَة قَزَمَةٌ، وَامْرَأَتَانِ قزَمَتانِ ونساءٌ قزَماتٌ، وَرِجَال قزَمُون، وَيُقَال للِرُّذَالةِ من الْأَشْيَاء قَزَمٌ (والجميع: قُزمُ) (1) .
وَأنْشد:
لَا بخل خالطهُ وَلَا قزَم
وَقَالَ غَيره: غَنَمٌ قزَمٌ أَي رُذالٌ لَا خير فِيهَا، وَإِن شِئْت: غنمٌ أقْزَامٌ، وَكَذَلِكَ الرُّذالة من الْإِبِل قزَمٌ.
زقم: قَالَ ابْن دُرَيْد: الزَّقم: شُرْبُ اللبنِ والإفراطُ فِيهِ.
وَيُقَال: باتَ يَتزَقَّمُ اللبنَ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {)) ) الرَّحِيمُ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الاَْثِيمِ} (الدُّخان: 43، 44) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {) (فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ} (الصافات: 64، 65) ، وَذكر هَذِه الشَّجَرَة فِي مَوضِع آخر، فَقَالَ: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى القُرْءَانِ} (الْإِسْرَاء: 60) ، وَهِي هِيَ.
وافتتنَ بهَا المشرِكون. فَقَالَ اللعين أَبُو جهل: مَا نعرفُ الزَّقوم إِلَّا أكل التَّمر بالزُّبد فتزَقموا (وَقَالَ لجاريته: زقّمينا) (1) .

(8/332)


وَقَالَ بعض الْمُشْركين: النارُ تأكلُ الشجرَ فَكيف ينْبت فِيهَا الشجرُ.
وَلذَلِك قَالَ الله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى القُرْءَانِ} (الْإِسْرَاء: 60) ، وَمَا جعلنَا هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا فتْنَة للكفارِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الزقَمُ: الفعلُ من أكلِ الزَّقُّومِ، والازدِقامُ كالابتلاَعِ.
قَالَ: وَلما نَزَلتْ آيَة الزقُّوم لم تعْرِفهُ قُريشٌ فَقدم رجلٌ من إفريقِيَّةَ وسُئلَ عَن الزقُّوم. فَقَالَ الإفريقيُّ: الزقوم بِلُغَةِ إفريقية الزّبد بِالتَّمْرِ. فَقَالَ أَبُو جهل: هَاتِي يَا جاريةُ زبداً وَتَمْرًا نزدَقمه فَجعلُوا يَأْكُلُون مِنْهُ ويتزقمون وَيَقُولُونَ: أفبهذا تُخَوِّفُنا يَا مُحَمَّدُ. فَأنْزل الله: {) فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ} (الصافات: 64) .
وَقَالَ الْكسَائي وَأَبُو عَمْرو: الزقْمُ واللقمُ واحدٌ، وَالْفِعْل زقَمَ يزقُمُ ولقِمَ يلقَمُ حكى ذَلِك عَنْهُمَا إسحاقُ بن الْفرج.
مزق: قَالَ اللَّيْث: المزق: شقّ الثِّيابِ.
وَيُقَال: صَار الثوبُ مزقاً أَي: قطعا وَلَا يكادونَ يقولونَ مِزقةً للقطعةِ وَكَذَلِكَ مِزَقُ السَّحابِ قطعهُ.
وَيُقَال: ثَوْبٌ مَزِيقٌ مَمْزوقٌ مُتَمزِّق مُمَزَّق، ومَزْقُ العِرضِ شَتمه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مزَق الطائرُ وذَرَق يمزق ويذرُق إِذا رمى بِهِ.
قَالَ اللَّيْث: ناقَةٌ مِزاقٌ: سَرِيعة جدّاً يكادُ جلدُها يتمزّق مِنْ سرعتها، وَأنْشد:
فَجاءَ بِشَوْشَاةٍ مِزَاق ترى بهَا
نُدُوباً مِنَ الأَنْسَاع فذّاً وتَوْأَمَا
أَبُو عبيد: ناقَةٌ شَوْشاةٌ: مِزاقٌ سريعةٌ، وَجعل ذُو الرُّمَّةِ الفرَسَ مِزاقاً أَي سرِيعةً خَفِيفَة فَقَالَ:
أفاؤُوا كلَّ شاذبة مِزَاق
بَرَاها القَوْدُ واكْتَسَتِ اقورارا
وَفِي (النوادِرِ) : مازَقْتُ فلَانا ونازَقتهُ منازَقَةً وممازقة: أَي: سابقته فِي العَدوِ، ومُزيقياءُ لقب عَمْرو بن عَامر جدّ الأنصارِ.
وَقيل: إنهُ لُقبَ بمزيقياء لِأَنَّهُ كانَ يلبسُ كلَّ يومٍ ثوبا فَإِذا أمْسَى مزَّقه عَنهُ ووهبه وَهُوَ الْقَائِل:
أنَا ابنُ مُزَيقيا عَمْرو وجَدِّي
أَبوهُ عامرٌ ماءُ السَّماءِ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: المزقَةُ: طائرٌ صغيرٌ وَلَيْسَ بثبت.
وَقَالَ: مَزَقَ لِحْيته وزَبقها إِذا نتفَها.
زمق: قَالَ ابْن دُرَيْد: زمق لحيتهُ وزبقها إِذا نتفها.

(8/333)


(أَبْوَاب بَاب الْقَاف والطاء)
ق ط د ق ط ت ق ط ظ.
ق ط ذ
أهملها اللَّيْث كلهَا.
وَقد اسْتعْمل من جَمِيع وجوهها: (ذقط) .
ذقط: قَالَ أَبُو عُبيد: وَنَم الذُّبَابُ وذَقَطَ: بمَعْنى واحدٍ. (قالَ: وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: ذَقَط الطّائِرُ يَذْقُطُ ذَقْطاً، إذَا نَزَا. وَأنْشد:
لَقدّ وَنَم الذُّبَابُ عَلَيهِ حَتّى
كَأَنَّ وَنِيْمَهُ نُقَطُ المِسدَادِ
ثعلبٌ عَن ابنِ الأَعرابيِّ: الذَّاقِطُ: الذُّبَابُ الكَثِيرُ السّفَادِ.
وَقَالَ غيرُه: الذُّقَطُ: ذُبابٌ صَغِيرٌ، يدخُلُ فِي عُيُونِ النّاسِ، وجمعُهُ: ذُقْطَانٌ.
وقالَ الطّائِفِيُّون: من ضُرُوبِ الذُّبَابِ: الذُّقَطُ، وَهُوَ الّذي يَكُونُ فِي البُيُوتِ.
وَحَكَى أَبُو تُرابٍ عَنْ بَعْضِ بَنِي سُلَيمٍ يُقَالُ: تَذَقَّطْتُ الشَّيءَ تَذَقُّطاً، وَتَبقَّطْتُهُ تَبَقُّطاً، إِذا أَخَذْتَهُ قَلِيلاً قَلِيلاً، ذَكَرَهُ فِي بابِ: اعْتِقَابِ الباءِ والذَّالِ.
(ق ط ث: مهمل) .
ق ط ر
قطر قرط طرق رقط: مستعملة.
قطر: قَالَ الليثُ: قَطَرَ الماءُ قَطْراً وَقَطَرَاناً. قالَ: وجَمْعُ القَطرِ، قِطَارٌ والقِطَارُ: أَن تقْطُرَ الإبلَ بعضَها إِلَى بَعْضِ عَلَى نَسَقٍ واحِدٍ، والمِقْطَرَة اشْتُقَّتْ اسْماً مِنْهُ؛ لأنَّ مَنْ حُبِسَ فِيهَا كانُوا عَلَى قِطارٍ واحِدٍ، مَضْمُومٌ بعضهُم إِلَى بَعْضٍ أرجُلُهُمْ فِي خُرُوقٍ خَشَبَةٍ مَفْلُوقَةٍ كلُّ خَرْقٍ عَلَى قَدْرِ سعَةِ السَّاقِ.
أَبُو عُبيد عَن الكِسائيِّ: قَطَرَ الرَّجُلُ

(9/5)


فِي الأرْضِ قُطُوراً، ومَطَرَ مُطُوراً، إذَا ذَهَب فِيها.
وَقَالَ شَمِر: يُقالُ: تَقَطَّر عَنِّي، أيْ: تَخَلَّفَ عنِّي، وَأنْشد:
إنِّي عَلَى مَا كانَ مِنْ تَقَطُّرِي
عَنْكَ ومَا بِي عَنْكَ مِنْ تَأَسُّرِي
ويُقَالُ: تَقَطَّرَ فلانٌ لِلقتَالِ تَقَطُّراً، وتَقَتَّرَ وتَشَذَّرَ، إذَا تَهَيَّأَ لَهُ، وتَحَرّفَ لِذلِكَ.
قالَ ذلكَ أَبُو عُبَيدٍ: (قالَ ابنُ الأَعرابيِّ: تَشَذَّرَ فُلانٌ وتَقَتّرَ وتَقَطَّر وتَشَزَّنَ إِذا تَهَيَّأ للحَمْلَةِ.
وَرَوى ابنُ شُمَيل عَن هِشَامٍ عَن ابنِ سِيرِينَ: أنَّهُ كانَ يَكرَهُ القَطَر. قالَ: والْقَطَرُ أَنْ يَزِنَ جُلّةً مِنْ تَمْرٍ، أَو عِدْلاً من المَتَاعِ والحَبِّ ويَأْخُذَ مَا بَقِيَ عَلى حِسَابِ ذلِكَ، وَلَا يِزِنُ.
وقالَ أَبُو مَعَاذٍ: القَطَرُ: هُوَ البَيْعُ نَفْسُهُ.
وقالَ أَبُو العَبَّاسِ: قَالَ ابنُ الأعرابيِّ: المُقَاطرَةُ: أَن يَأْتِيَ الرَّجُلُ إِلَى رَجُلٍ فَيَقُولَ لَهُ: بِعْنِي مَا لَكَ فِي هَذَا البَيْتِ من التّمرِ جُرافاً بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ فَيَبِيعَهُ.
وَأَخْبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن الصَّيْدَاوِيّ عَنِ الرَّياشِيِّ، قالَ: يُقالُ: أكْرَيْتُهُ مُقَاطرةً إِذا أكراهُ ذَاهِباً وجَائِياً، وأكْريتُهُ وُضْعَةً و (تَوْضِعَةً) إذَا أَكْراهُ دَفعَةً.
وقالَ الله جلّ وعزّ: {سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ} (إِبْرَاهِيم: 50) . قِيلَ، وَالله أعْلَمُ: إنَّهَا جُعِلَتْ مِنَ القَطِرَانِ؛ لأنهُ يُبالغُ فِي اشْتِعَالِ النَّارِ فِي الجُلُودِ.
وَقَرأهَا ابنُ عَبَّاسٍ: مِنْ قِطْرٍ آنٍ. والقِطْرُ: النُّحاسُ، والآني الَّذي قَدِ انْتَهى حَرّهُ.
وَقالَ الليثُ: القَطِرَانُ والقِطْرَانُ: لُغَتَانِ، وَهُوَ يَتَحَلَّبُ من شَجَرِ الأَبْهُلِ، يُطْبَخُ، فَيتَحلَّبُ مِنْهُ.
وقولُه جلّ وعزّ: {تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ} (الرحمان: 33) . أقْطَارُهَا: نَواحِيْهَا، واحِدُها: قُطْرٌ. وَكَذَلِكَ أَقْتَارُها، واحدُها: قُتْرٌ.
وَقالَ ابنُ مَسْعُودٍ: لَا يُعْجِبَنَّكَ مَا تَرى من المَرْء حَتَّى تَنْظُر عَلَى أَيِّ قُطْرَيْهِ يَقَعُ. أَيْ: عَلَى أيِّ. شِقَّيْهِ يَقع فِي خَاتمه عمله؟ أَعلى شقّ الْإِسْلَام أَو غَيره؟ .
وأقْطارُ الفَرسِ: مَا أشْرَفَ منهُ: وَهُوَ كَاثِبَتُهُ، وعَجُزُهُ. وكَذلِكَ أَقْطارُ الجَبَل والجَمَلِ:
مَا أشْرَفَ من أعاليهِ.
الْأَصْمَعِي: طَعَنَه فَقَطَّرهُ، إِذا ألْقَاهُ عَلَى أحَدِ قُطْرَيْهِ وَصَرَعَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث إِذا صَرَعْتَ الرَّجُلَ صَرْعَةً شَدِيدةً قُلْتَ: قَطَّرْتُهُ، وأَنشَدَ:
قَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى وَجَاراتُهَا
مَا قَطَّرَ الفَارِسَ إِلَّا أنَا

(9/6)


وبَعِيْرٌ قاطِر، وَهُوَ الَّذِي لَا يَزالُ يَقْطُرُ بَوْلُهُ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: إِذا تَهَيّأ النَّبْتُ لِليُبْسِ، قيلَ: قد أقْطَارَّ أَقْطِيراراً، وَهُوَ أَن يَنْثَني ويَعْوَجَّ، ثمَّ يَهِيج يَعْني: النَّباتَ، وقالَ أَبُو عُبَيدٍ: القَطَرُ: العُودُ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ، والمِجْمَرَةُ: مِقْطَرَةٌ. وَقَالَ امرؤُ القَيْسِ:
كَأَن المُدامَ وصَوْبَ الْغَمَامِ
وريحَ الخُزَامى ونَشْرَ الْقَطَرْ
أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و، قالَ: الْقَطر: نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ، وأنشَدَ:
كَسَاكَ الْحَنْظَليُّ كِسَاءَ صُوْفٍ
وقِطْريِّاً فأَنْتَ بهِ تَفِيْدُ
شمر عَن الْبَكْراوي، قالَ: الْبُرودُ الْقِطْريّةُ حُمرٌ لهَا أعْلاَمٌ، فِيهَا بَعْضُ الْخُشُونَة. وقالَ خَالِدُ بنُ جَنْبَةَ: هِيَ حُلَلُ تُعْمَلُ بِمكَانٍ لَا أدْري أينَ هُوَ؟ وَهِي جِيَادٌ وَقد رأَيْتُها، وَهِي حُمر تأتِي من قِبَلِ البَحْرينِ.
قُلْتُ فِي أَعراضِ الْبَحْرينِ عَلَى سَيْفِ الْبَحْرِ بَين عُمَانَ والعُقَيرِ: مدينةٌ يُقَال لَهَا: قَطَر، وأَحْسِبُهُمْ نَسَبُوا هذِهِ الثِّيابَ إِلَيْهَا، فَخَفَّفُوا، وَقَالُوا. قِطْريُّ وَالْأَصْل. قَطَرِيّ. كَمَا قَالُوا: فَخْذٌ للفَخِذِ.
وَقَالَ جرير:
لَدَى قَطَرِيَّاتٍ إذَا مَا تَغَوَّلَتْ
بِها البِيْدُ غَاوَلْنَ الحُزُومَ الفَيَافِيَا
أرادَ بالقَطَرّياتِ: نَجَائِبَ نَسَبهَا إِلَى قَطَرَ، لأنّه كانَ بِها سُوقٌ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ.
وقالَ الرّاعِي فَجعل النَّعامَ قَطَرِيةً:
الأَوبُ أوبُ نَعَائِم قَطَرِيّةٍ
والآلُ آلُ نَحَائِصٍ حُقْبِ
نَسَبَ النّعائِمَ إِلَى قَطَر، لاتّصالِها بِالبَرّ ومُحَاذَاتِهَا رِمَالَ يَبْرِيْنَ (وَالله أعلم) .
(فالنَّعَائِمُ تَبيضُ فِيهَا فَتُصادُ وتُحْمَلُ إِلَى قَطَر) . ويُقَالُ: آقطَرّتِ النّاقَةُ اقْطِراراً، فَهِيَ مُقْطَرَّةٌ، وَذَلِكَ إِذا القِحَتْ فَشَالَتْ بِذَنَبِها، وشَمَخَتْ بِرأسِها.
قلتُ: وَسَماعي من العَرب بِهَذَا المَعْنى: أقمَطَرَّتْ فهيَ مُقْمَطِرَّةُ (وكأنّ المِيْمَ زائِدَةٌ فِيهَا) : (وَلَسْتُ من: أَقْطَرَّتْ عَلَى ثِقَةٍ) .
وَقَالَ الليثُ: قَطُوراءُ مَمْدود اسمُ نَبْتٍ: وهيَ سَوادِيةٌ. سلمةُ عَن الفَرّاء: القُطاريّ: الحَيَّةُ مأخوذٌ من القُطارِ، وَهُوَ سَمُّهُ الّذي يَقْطُرُ من كَثْرَتِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍ و: القُطَارية: الحَيَّةُ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ قَالَ: قَطَرْتُ الثَّوْبَ، وَلَقَطْتُهُ ونَقَلْتُهُ ولهَطْتُهُ ونَصَحْتُهُ بِمعْنى واحِدٍ.
قَالَ: والقُطَيْرَةُ: تَصْغِيرُ القُطْرَةِ، وَهُوَ الشّيءُ التّافِهُ الخَسِيسُ، (وَمِنْه قَولُه: يَا قُطَيْرُ بْنَ القُطَيْرَةْ) .
رقط: يقالُ: تَرَقَّطَ ثوبُه تَرقُّطاً، إِذا تَرشَّشَ عَلَيه مِدَادٌ أَو غَيرُهُ، فَصَارَ فِيهِ نُقَطٌ.

(9/7)


وَدَجَاجَةٌ رَقْطاءُ، إِذا كَانَ فِيهَا لُمَعٌ بِيْضٌ وسُوْدٌ، وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: (تكُونُ فيكُم اربَعُ فتَنٍ: الرَّقْطاءُ والمُظْلِمَةُ وَكَذَا وَكَذَا) .
أَبُو عُبيد عَن أبي زَيْدٍ: نَعْجَةٌ رَقْطَاءُ: هِيَ الَّتِي فِيهَا سَوادٌ وبَيَاض.
قرط: قَالَ الليثُ: القُرْطُ: مَعْروفُ يكونُ فِي شَحْمَةِ الأُذُنِ، وجَمْعُهُ: قِرَطَةٌ.
وجَاريةُ مُقَرَّطَةٌ.
قالَ: والقِرَاطُ شُعْلَةُ السِّراجِ. وقالَ ساعدةُ الهُذَلِيُّ، يصف نصالاً) :
مُسَالاَتُ الأغِرَّةِ كالقِرَاظِ
مُسالاتُ: جَمْعُ المُسَالَةِ وَهِي: المحَدَّدَةُ، والأَغِرَّةُ: جَمْعُ الغِرارِ، وَهُوَ الحَدُّ.
والقُراطَةُ: مَا يُقْطَعُ من أَنْفِ السِّراجِ، إِذا غَشِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيَّ، قَالَ: القِراطُ: السِّراجُ وَهُوَ: الهِزلِقُ. وأَخبرني المُنْذِريُّ عَن أبي الهَيْثمَ، أنَّه قالَ: القِيْراطُ فِي الوَزْنِ، أَصْلُهُ: قِرَّاطٌ وجمعُه: قَرارِيطُ، كَمَا قَالُوا: دِيْباجٌ، وَجمعه: دَبَابِيْجُ، (وَدِينار، وجَمْعُهُ: دَنَانِيرُ) .
وَقَالَ ابْن دُرَيد: أصل القِيراطِ من قَوْلهم: قَرَّطَ عَلَيهِ، إذَا أعْطاهُ قَليلاً قَليلاً.
(وَيُقَالُ للدرّة تُعَلَّقُ فِي الأُذُنِ: قُرْطُ، وللتُّومَةِ فِي الفِضّةِ قُرْط، وَللمَعَاليق من الذَّهَبِ: قُرْطٌ، والجَمْع فِي ذَلِك كُله: قِرَطه) .
وَقَالَ الليثُ: القَرَطُ: شِيَةٌ حَسَنَةٌ فِي المِعْزَى، وَهُوَ أَن يكونَ لَهَا زَنَمتان مُعَلَّقَتَانِ من أُذُنَيها، فَهِيَ قَرْطاءَ، والذَّكَر: أقْرَطُ و (مُقَرَّطٌ) .
ويستَحَبُّ فِي التَّيْسِ، لأنّه يكونُ مِئْناثاً. والفِعْل قَرِطَ قَرَطاً.
أَبُو عَمْرو: القِرْطِيْطُ: الدّاهِيَةُ، وَأنْشد:
سَأَلْنَاهُمْ أَنْ يُرْفِدُونا فَأَحْبَلُوا
وجاءَتْ بِقِرْطِيطٍ مِنَ الأمْر زَيْنَبُ
وَقَوله:
وقَرَّطُوا الخَيْلَ مِنْ فَلْجٍ أَعِنَّتها
مُسْتَمْسِكٌ بِهَوَاديهَا ومَصْرُوع
وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بنِ مُقَرِّنٍ: أنَّه أَوْصَى أصْحَابهُ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ فَقَالَ: (إِذا هَزَزْتُ اللِّوَاءَ فَلْيَثِبْ الرِّجالُ إِلَى خُيُولهَا فَيُقَرِّطُوهَا أعِنَّتِهَا) ، كأنَّهُ أمَرَهُمْ بإلْجَامِهَا (قالَ بعضُهُمْ: تَقْريطُها إلجامها) .
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: تَقرِيطُ الفَرَسِ، لَهُ مَوْضِعَانِ، أحُدُهُمَا: تَرْكُ اللِّجامِ فِي رَأْسِ الفَرَسِ. وَالثَّانِي؛ إِذا مَدَّ الفارِسُ يَدَهُ حَتَّى يَجْعَلَهَا عَلَى قَذَالِ فَرَسِهِ، وَهْيَ تَحْضُرُ. وقيلَ: تَقْرِيطُها: حَمْلها على أشَدِّ الحُضْرِ، وذَلِكَ أنَّها إِذا اشْتَدَّ حُضْرُها، امتَدَّ الْعِنَانُ على أُذُنيْها، فَصارَ كالْقُرْطِ.
وروى ابنُ دُريد، لِيُونُسَ أنَّهُ قالَ: القِرْطِيُّ: الصَّرْعُ على القَفَا. (أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصمعيُّ: مِنْ مَتَاعِ الرَّجُل: البَرْذَعَةُ،

(9/8)


وَهُوَ الْحِلْسُ للبَعير، وَهُوَ لِذَواتِ الحافرِ: قِرطَاطٌ، وقرطان قالَ: والطِّنْفَسَةُ الَّتي تُلْقى فَوْقَ الرَّحْلِ تُسَمَّى: النُّمْرُقَةَ) .
ابنُ دُرَيْدٍ: القِرْطانُ، والقِرْطَالُ، والقِرطَاطُ: شِبْهُ الوَلْيَةِ للرَّحْلِ والسَّرْجِ. ويقالُ: مَا جَادَ لنا بِقِرْطِيطٍ، أيْ: بِشَيءٍ يَسِيرٍ.
قلتُ: ولَيْسَ فِي كلامِ العَرَبِ: (فِعْلِيل) .
طرق: فِي حديثِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الطِّيْرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ) .
قالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الطَّرْقُ: الضَّرْبُ بالحصَا. ومنهُ قَوْلُ لَبيْدٍ:
لَعَمْرُكَ مَا تَدْرِي الطَّوَارِقُ بالْحَصَا
وَلَا زَاجِراتُ الطُيْرِ، مَا اللَّهُ صانعُ
قَالَ الزَّجَاجُ: والطَّرْقُ: الخَطّ، وَهُوَ الزجْرُ والكهَانَةَ. والّذِينَ يَفْعَلُونَ ذلِكَ: طُرَّاقٌ، والنِّسَاءُ طَوَارِقُ، وأنشدَ بَيْتَ لَبِيدٍ.
قالَ: وأصلُ الطّرْقِ: الضَّرْبُ. ومنْهُ سُمِّيَتْ مِطرَقَةَ الصَّائِغِ والحَدّادِ؛ لأَنّهُ يَطرُق بهَا، أيْ: يَضْرِبُ بهَا وكذلكَ، عَصَا النّجّاد الذِي يضْرِبَ بهَا الصُّوْفَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: والطرْق فِي غَيْرِ هَذَا: الماءُ الذِي قَدْ خَوَّضَتْهُ الإبلُ، وَبَوَّلَتْ فِيهِ، فَهُوَ طَرْق ومَطرُوق، ومنْهُ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ فِي الوضُوء بالماءِ الطرْق أحبُّ إليَّ من التَّيَمُّمِ) .
وَمن أمثالِ العَرَب المضْرُوبَةِ لِلّذي يُخَلِّطُ فِي كلامِهِ ويَتَفَنّنُ فِيهِ، قَوْلهم: (أَطرُقِي ومِيشى) . فالطَّرْق: ضَرْبُ الصُّوفِ بالعَصَا، والْمَيْشُ: خَلْطُ الصُّوفِ بالشّعرِ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: الطَّرْقُ: أَن يَخُطَّ الرَّجُلُ فِي الأَرضِ بإِصْبَعَيْن ثمَّ بأُصْبَعٍ، ويقولُ: (ابنَيْ عِيَانٍ أسَرِعَا البَيَانَ) ، قالَ: وهُو ضَرْبٌ من الكَهَانَةِ.
قالَ: والطرْق: أَن يَخْلِطَ الكاهِنُ الْقُطْنَ بالصُّوفِ، فَيَتكَهَّنَ.
قلتُ: وتَفْسِيرُ الطرْق الَّذِي جَاء فِي الحَدِيثِ مَا فَسّرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وقولُ الله جلّ وعزّ {} {وَالطَّارِقِ وَمَآ أَدْرَاكَ} (الطارق: 1، 2) ؟ .
قالَ الفَرَّاءُ: الطارِق: النّجْمُ: لأنَّهُ يَطْلُعُ بالليلِ، ومَا أتاكَ لَيلاً فَهُوَ طَارِق، وَقَدْ فَسَّرَهُ، فقَالَ: {الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ} (الطارق: 3) .
وَقد طَرَق يَطرُقُ طُرُوقاً.
ويروي عَن هِنْدٌ بنتِ عُتْبَةُ، أَنَّهَا قَالَتْ يَوْمَ أُحُدٍ وَهِيَ تَحُضُّ الْمُشركِينَ عَلَى الْحَرْبِ، (وتَضْرِبُ بالدُّفِّ مِنْ ورائهِمْ، وتَقُولُ) .
نَحْنُ بَنَاتُ طارِقِ
لَا نَنْثَني لِوامِقِ
إنْ تَقْبِلوا نُعانِق
أَو تُدْبروا نُفَارِق
(فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقِ)

(9/9)


أَرَادَت نحنُ: بناتُ ذِي الشَّرَفِ فِي النَّاسِ، كأنَّهُ النَّجْمُ الوَقَّادُ (باللَّيْلِ) فِي عُلُوِّ قَدْرِهِ.
وَقَالَ الفَرّاءُ فِي قَوْلِ الله جلّ وعزّ: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (طه: 63) .
قَالَ: الطَّريقَةُ: الرِّجَالُ الأَشْرافُ، يُقالُ: هَؤُلَاءِ طَرِيقَةُ قَوْمِهِمْ، وطَرائِق قَوْمِهِمْ.
قالَ: وقولُه جلّ وعزّ {كُنَّا طَرَآئِقَ} (الْجِنّ: 11) من ذَلِك (وَقَالَ الزّجَاج: {ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ} أيْ: جَمَاعاتٍ مُخْتَلفةً.
وَقَالَ الأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ جلّ وعزّ: {بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} ، أَي: بِسُنَّتِكُمْ ودِينكُمْ، وَمَا أَنْتُمْ عَلَيْه.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَوْله: كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدَاً) أَي: كُنَّا فِرَقاً مُخْتَلِفَة أهواؤُنا. والطَّرِيقَةُ: طريقَةُ الرَّجُلِ. وَقَالَ أَبُو إسْحَاقَ. فِي قَوْله تَعَالَى: {حَطَباً وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ عَلَى الطَّرِيقَةِ لاََسْقَيْنَاهُم} (الْجِنّ: 16) أرادَ: لَو اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الهُدَى. وَقَدْ قِيْلَ: عَلَى طَرِيقَةِ الكُفْرِ.
وَقَالَ غيْرُهُ: فلانٌ حَسَنُ الطَّرِيقَةِ، أيْ: حَسَنُ الخَلِيْقَةِ. وكلُّ لَحْمَةِ مُسْتطِيْلَةٍ، فَهْي طَرِيقَةٌ ويقالُ للخَطِّ الذِي يَمْتَدُّ عَلَى ظَهْرِ الْحِمَارِ: طَرِيقَةٌ.
وَقَالَ الليثُ: كلُّ أخْدُودٍ من الأَرْضِ، أَو صَنِفَةِ ثَوَبٍ، أَو شَيْءٍ مُلْصَقٍ بعضُهُ بِبَعْضٍ، فَهُوَ طَريقَةٌ، وَكَذَلِكَ من الأَلْوَان.
قَالَ: وَالسَّمَاوَات السَّبع والأرضون السَّبع طرائق بَعْضهَا فَوق بعض والطَّرِيقَةُ: الحَالُ. يُقَالَ: هُوَ عَلى طَرِيقَةِ حَسَنَةٍ، وطَريقَةٍ سَيِّئَةٍ.
وَقَالَ الفَراءُ فِي قولِ الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 17) ، يَعْني: السَّمَاوَات السَّبع، كلُّ سَمَاء طَرِيقَهُ.
أَبُو عُبَيْدٍ: الإطْرَاقُ: يكونُ من السُّكُوتِ، وَيكون أَيْضا اسْتِرْخَاء فِي الجُفُونِ. وَأنْشد:
وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَن تَكُونَ وفاتُه
بكَفْي سَبَنْتَى أَزرقِ العَيْنِ مُطرِق
قَالَ: وقَالَ الأَصْمَعيُّ: رجُلٌ مَطروقٌ، أيْ: ضَعِيفٌ.
وَقَالَ ابنُ أحْمَرَ:
وَلَا تَحْلَىْ بِمَطروقٍ إذَا مَا
سَرَى فِي القَوْمِ أصْبَحَ مُسْتَكِيْنَا
يُخاطِبُ امرأتَهُ.
وامرأةٌ مطروقَةٌ: ضَعِيْفةٌ ليسَتْ بِمُذَكَّرَةٍ.
وَيُقالُ: بَعِيْرٌ أَطْرَقُ، ونَاقَةٌ طَرْقَاءُ بَيْنَهُ الطرَقِ، إِذا كانَ فِي يَدَيْهِ لِينٌ.
ويُقالُ: فِي الرَّجُل: طرِّيقَةٌ، أيْ: استِرْخَاءٌ.
وَيُقَالُ: إنْ تَحْتَ طرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأَوةً، أيْ: إنْ تَحْتَ سُكُونِكَ لَنَزْوةً وطِمَاحاً.
وقَال الليثُ: أمُّ طريقٍ هِيَ الضَّبُعُ، إِذا

(9/10)


دَخَلَ الرَّجُلُ عَلَيُها، وجَاءَها قَالَ: أطْرقِي أُمَّ طرِّيقِ لَيْسَتِ الضَّبُعُ هَاهُنا.
قَالَ: وَرَجُلٌ طرِّيقٌ: إذَا كانَ كَثيرَ الإطْرَاقِ (فَرَقَا) قَالَ: والكَرَوَانُ الذَّكَرُ: اسمُهُ طِرِّيقٌ؛ لأنَّهُ، إذَا رأى الرِّجُلَ سَقَطَ وأطْرَقَ.
وزَعَم أَبُو خَيْرةَ: أَنهم إِذا صَادُوهُ فَرَأَوْهُ من بَعِيدٍ أَطَافُوا بِهِ، وَيقُولُ أحدُهُمْ: أطْرِقْ كَرى، إنَّكَ لَا تُرَى) حتّى يَتَمكَّنَ منْهُ، فَيُلْقِيَ عَلَيه ثَوْباً، ويأخذُهُ.
وَفِي حَديثِ فَرائِضِ صَدَقاتِ الإِبِلِ: (فَإذَا بَلَغَتِ الإِبِلُ كَذَا، فَفِيها حِقّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْلِ) . الْمَعْنى: فِيها نَاقَةٌ حِقَّةٌ، يَطْرُقُ الفَحْلُ مِثْلَها، أَيْ: يِضْرِبُها.
وَقَالَ الليثُ: كلُّ امرأَةٍ طَرُوقَةُ بَعْلِها وكلُّ نَاقَةٍ طَرُوقَةُ فَحْلِها، نَعْتٌ لَهَا من غيرِ فِعْلٍ لَهَا.
قالَ: ويُقَالُ للقَلُوصِ الَّتِي بَلَغَتْ الضّرابَ وأَربَّتْ بالفَحْلِ فاخْتَارَها من الشَّوْلِ: هِيَ طَرُوقَتُهُ.
ويُقالُ للمُتَزَوجِ: كيفَ وَجَدْتَ طَروقَتَكَ؟
قلتُ: فَطروقَةٌ بِمَعْنى: مَطْروقَةٍ: كَمَا يُقَال: جَلُوبَةٌ بِمَعْنى: مَجْلوبَةٍ، وركوبةٌ بِمَعْنى: مَرْكوبَةٍ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يَقُولُ الرجلُ. للرجلِ: اعِرْني طَرْقَ فَحْلِكَ العَامَ، أَي: ماءَهُ وضِرَابَه. وَمِنْه يُقالُ: جَاءَ فُلانٌ يَسْتَطْرِقُ: فأُطْرِقَ. وَفِي حَدِيثَ عَمْرٍ وبنِ العَاصِ: أَنه قَدِمَ على عُمَرَ من مِصْرَ، فَجَرَى بَيْنَهُما كَلامٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: (إنّ الدَّجَاجَةَ لتَفْحَصُ فِي الرّمادِ، فَتَضَعُ لِغَيْرِ الفَحْلِ. والبَيْضَةُ مَنسْوبَةٌ إِلَيّ طَرْقِها فَقَامَ عَمْروٌ، مُتَربّدَ الوَجْهِ) .
قولُهُ: مَنْسُوبةٌ إِلَى طَرْقِها، أيْ: فَحْلِهَا.
وأَصْلُ الطَّرْقِ: الضْرابُ، ثمَّ يُقَالُ للضّارِبِ: طَرْقٌ بالمَصْدَرِ والمَعْنى: أَنَّه ذُو طَرْقٍ، وقالَ الرّاعي يَصِفْ إبِلاً:
كانَتْ هَجَائِنُ مُنْذِرٍ ومُحَرِّقِ
أُمّاتِهِنَّ وطرقُهُنَّ فَحِيْلاً
أَي: وَكَانَ ذُو طَرْقِهِنَّ فَحْلاً فَحيلاً، أَي منجبا.
أَبُو عُبَيدٍ عَن الأصْمَعيّ: طَارَقَ الرَّجُلُ نَعْلَيْهِ، إِذا أَطْبقَ نَعْلاً على نَعْلٍ فَخُرِزَتَا وطارَق الرّجُلُ بَيْنَ ثَوَبَيْنِ، إِذا لَبِسَ ثَوْباً على ثَوْبٍ، وَهُوَ الطِّرَاقُ، وقدْ اطَّرَقَ جَناحا الطّائِر، إِذا لَبِسَ الرّيشُ الأَعْلى الأسَفَلَ، ومنهُ قولُ ذِي الرُّمَّةِ:
طِرَاقُ الخَوَافي واقِعُ فَوْق رِيْعَةٍ
نَدَى لَيْلِهِ فِي رِيْشِهِ يَتَرقْرَقُ
ويقالُ: اطَّرَقَتِ الأرْضُ، إِذا رَكِبَ التُّرابُ بعضهُ بَعضاً. ويُقالُ: فِي ريشِهِ طَرَق، أيْ: تَرَاكُبٌ، وأَنشدَ الأصمعيُّ (فِي نعتِ قَطأةٍ) .

(9/11)


سَكَّاءُ مَخْطومَةٌ فِي رِيشها طَرَقٌ
سُوْدٌ قَوادِمُها صُهْبٌ خُوافِيهَا
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للطّائِرِ، إِذا كَانَ فِي ريشِهِ فَتخٌ، وَهُوَ اللين:، فِيهِ طَرَقٌ. ويقَالُ: جاءتِ الإبِلُ مَطَارِيْقَ، ياهذا، إِذا جَاءَ بعضُها فِي أثَرِ بَعْضٍ، وَالْوَاحد: مِطْراقٌ.
ويُقالُ: هَذَا مِطْراقُ هَذَا، أَي: مِثْلُه وشِبْهه.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
فاتَ البُغَاةَ أَبُو البَيْداءِ مُحْتَزِماً
وَلم يُغَادِرْ لَهُ فِي النّاسِ مِطْراقَا
ويُقَالُ: هَذَا بعيرٌ مَا بِهِ طِرْقٌ، أيْ (سِمَنٌ وشَحْمٌ) .
أَبُو عُبَيدٍ عَن الأصمعيّ: طَرَّقَتِ القَطَاةُ إِذا حَانَ خُروجُ بَيْضِها، وَلَا يُقَالُ ذلكَ فِي غَيْرِ القَطَاةِ.
قالَ: وأنشدَ أَبُو عمرٍ وبنُ الْعَلَاء:
وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلي لَدَى جَنْبِ غَرْزِهَا
نَسِيفاً كأفْحُوصِ القَطَاةِ المُطَرّقِ
قالَ: وَضَربَهُ حتّى طَرَّقَ بِجَعْرِهِ
وقَالَ أَبُو زيد: طَرَّقْتُ الإبلَ تَطْرِيقاً، إِذا مَنَعْتَهَا عنْ كَلإ وغيرِهِ. (وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ خَرَجَ القَوْمُ مَطَارِيقَ، إِذا خرَجُوا مُشاةً على أقدامِهِمْ بِلاَ دَوَابَّ. وَقَالَ شمرُ: لَا أعْرِفُ مَا قالَ أَبُو زَيْدٍ فِي: (طَرَّقْتُ) بالقافِ، وقَدْ قَالَ ابنُ الأعرابيّ. (طَرَّفَهُ) بالْفاء إِذا طرَدَهُ.
الأصمعيّ: اخْتَضَبَتِ الْمَرْأَةُ طرْقاً أَو طَرْقَيْنِ، أَي: مَرَّةً أَو مَرّتَيْنِ وَقَالَ الليثُ: الطرْقُ: كلُّ صَوْتٍ مِنَ الْعُوْدِ، ونَحْوِهِ: طَرْقٌ على حِدةٍ. يَقُولُ: تَضْرِبُ هَذِه الجَارِيَةُ: كَذَا وكَذا طَرْقاً.
قالَ: والطرْقُ حِبَالَةٌ يُصَادُ بهَا الْوَحْشُ تُتَّخَذُ كالْفَخِّ.
ثعلبٌ عَن ابنِ الأعرابيِّ: الطّرق: الفَخُّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أنَا آتِي فُلاَناً بالنّهَارِ طرْقَةً أَو طرْقَتَيْنِ، أيْ: مَرّةً أَو مَرْتينِ، وأنشدَ شمر قولَ لبيد:
فإنْ يُسْهِلُوا فالسَّهْلُ حَظِّي وطرقَتِي
وإنْ يُحْزِنُوا أرْكَبْ بِهِم كلّ مَرْكِبِ
قَالَ: طُرْقَتي: عادَتي.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: فِي فلانٍ طُرْقَةٌ وحِلَّةٌ وتَوْضِيْعٌ، إِذا كانَ فِيهِ تَخْنِيثٌ.
أَبُو مَالك: طرَّقَ فُلانٌ بالحَقِّ تَطْريقاً. إِذا كَانَ يَجْحَدُ بِهِ، ثمْ أقرّ بَعْدَ ذلِكَ. ونحوَ ذلكَ قَالَ أَبُو زَيْدٍ.
شمر عَن ابنِ الْأَعرَابِي: طارَق فلَان بينَ ثَوْبينِ وصافقَ وطَابقَ: بِمَعْنى واحدٍ، قَال: وأطرَقْتُ نَعْلِي وطرقْتُهَا، قالَ: والجِلْدُ الّذي تَضْرِبُها بِهِ: الطِّراق. وَقَالَ ابْن حِلِّزَةَ:
وطرَاق مِنْ خَلْفِهِنّ طرَاق
ساقطاتٌ تُلْوَى بِها الصّحْراءُ

(9/12)


يَعْنِي: نِعَالَ الإبِلِ.
قَالَ: وطراق بَيْضَةِ الرّأس طَبَقَاتٌ، بَعْضُها فَوْق بَعْضٍ والمَجَانُّ المُطرّقَةُ: مَا يكونُ من جِلْدَينِ، أحدُهُما فَوْق الآخرِ. والّذِي جَاءَ فِي الحَدِيثِ (كأنّ وجُوهَهُمُ المجَانُّ المُطرّقَةُ) . أرادَ: أنهُمْ عِراضُ الوُجُوهِ غِلاَظُهَا، (وهُمْ التُّرْكُ) .
وتطَارَق القَوْمُ، إِذا تَبِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً (وأقْبَلَتْ الإبُل مَطَاريقَ) .
وَقَالَ الليثُ: الطِّراق: الحَدِيدُ الّذِي يُعرّضُ ثمَّ يُدَارُ فَيُجْعَلُ بَيْضةً، أَو ساعِداً، ونَحْوَهُ. فكلُّ طبقةٍ على حِدَةٍ: طِرَاق. وجِلْدُ النّعْلِ: طِراقُها.
وروى ابْن الفَرَج، لِبَعْضِ بَني كِلاَبٍ: أَنه قالَ: مَرَرْتُ عَلى عَرَقَةِ الإبِلِ وَطَرَقَتِها، أَي: على أَثَرِها.
وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: هِيَ الطَّرَقَةُ والعَرَقَةُ: للصَّفِ والزرْدَقِ. وَطَرَقَتْنَا طارِقَةٌ من خيرٍ وشَرَ. ويُقَالُ: اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ مِنْ طَوارِقِ السُّوء.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زَيْدٍ والكِسَائي: قومٌ مَطارِيقُ، أيْ: رَجَّالَةٌ، واحِدُهُمْ: مُطْرِقٌ، وَهُوَ الراجِلُ.
قالَ الليثُ: الطَّريقُ مَعْروفٌ تُؤَنِّثُهُ العَرَبُ. الحَرّاني عَن ابنِ السِّكيت: الطَّرِيقُ يُذَكَّر ويؤنَّثُ يُقالُ: الطريقُ الأَعْظَمُ: وَالطريقُ العُظْمَى، وَكَذَلِكَ السَّبيلُ.
قَالَ: والطرِيقَةُ: أطولُ مَا يكونُ من النَّخْلِ بِلُغَةِ أهْل اليَمامَةِ.
والجمعُ: طَرِيقٌ، قالَ الأعشَى:
طَريقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُهُ
عَلَيْهِ أبابِيلٌ مِنَ الطيْرِ تَنعَبُ
والطويلُ، من النَّخْلِ يُسَمّى: طَرْقاً، وجمعُهُ: طُرُوقٌ، وَقَالَ:
كَأَنَّهُ لَمَّا بَدَا مُخَايِلا
طَرْقٌ تَفُوتُ السُّحْقَ الأَطاوِلاَ
قلتُ: وَطَرَقَاتُ الطرِيقِ: شِراكُها، كلُّ شَرَكةٍ مِنْهَا طَرَقةٌ.
وَقَالَ الليثُ: الطارِقيَّةُ: ضرْبٌ من القَلائِدِ. قالَ: والطرْقُ خَطٌّ بالأَصابِعِ فِي الكَهَانَةِ قَالَ والطرْقُ أنْ يَخْلِطَ الكاهِنُ القطنَ بالصُّوفِ، فيتَكَهَّنَ.
قلتُ هَذَا باطِلٌ، وَقد تَقَدَّم تفسيرُ الطرْقِ فِي أوّلِ البابِ: أنّه الضَّربُ بالحَصَا، وشاهدُهُ قولُ لبيدٍ. .
وقالَ الليثُ: الطرَقُ من منافِعِ الْمِياهِ يكونُ فِي نَحائِزِ الأَرْضِ. وَقَالَ رُؤْبَةُ:
للعِدِّ إذْ أخْلَفَهُ ماءُ الطرَقْ
قلتُ: ونَحْو ذلِكَ قالَ ابنُ شُمَيلٍ. وَأما الطرقُ بِسُكُونِ الراءِ فَهُوَ: الماءُ المَطروقُ الذِي قد خاضَتْهُ الإِبِلُ فكَدَّرَتْهُ. . (قالَ: وقالَ بعضُهُمْ: هُوَ موضِعٌ) .
وَقَالَ الليثُ: طَرَّقتِ المَرْأةُ، وكلُّ حامِلٍ تُطرقُ، إِذا خَرَجَ مِنَ الولدِ نِصْفُهُ، ثمَّ

(9/13)


نَشِبَ، فيقالُ طَرقَتْ، ثمَّ خَلَصتْ.
قلتُ: وغيرُهُ يَجْعَل التَّطريقَ للقَطَاةِ، إذَا فَحَصَتْ للبَيْضِ كأنّها تَجْعَلُ لَه طَريقاً، قالُه أَبُو الهَيْثَم، وجائزُ أَن يُسْتَعَارَ فيُجعَلَ لغَيرِ القطَاةِ.
وَمِنْه قولُه:
قَدْ طَرَّقَتْ بِبِكْرِها أُمُّ طَبَقْ
يَعْني: الدّاهِيَةَ.
الحَرّاني عَن ابنِ السّكيتِ: الطَّرِيقَةُ، وجمعُها: طَرائِقُ: نسيجَةٌ تُنْسَجُ من صُوْفٍ أَو شَعَرٍ، عَرْضُها عُظْمُ الذّراعِ أَو أقلُّ وطولُها أربعُ أَو ثمَاني أَذْرُعٍ، على قَدرٍ عِظَمِ البَيْتِ، وصِغَرِهِ، فَتُخَيَّطُ فِي عَرْضِ الشَّقَاقِ مِنَ الْكِسْرِ إلَى الْكِسْرِ، وفِيهَا تَكُونُ رُؤوسُ الْعَمَدِ، وبَيْنَها وبَيْنَ الطِّرائِقِ أَلْبادٌ، تكونُ فِيهَا أُنُوفُ العَمَدِ، لِئَلاّ تَخْرِقَ الطّرائِقَ.
قُلْتُ: وَهكَذا رأيتُ العَرَبَ يُسَمُّونَهَا وَيَجْعَلُونَها. أَبُو عَمْرٍ و: أَطرَقَتِ الإبِلُ إطِرَاقاً إِذا تَبِعَ بعضُها بَعْضاً، وَأنْشد:
جَاءَتْ مَعاً وأطْرَقَتْ شَتِيتَا ...
واطَّرَقَ الحَوْضُ على (افْتَعَل) : إِذا وَقَع فيهِ الدِّمْنُ. فَتَلبَّدَ فيهِ.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الفَرّاءِ: أَطْراقُ القِرْبَةِ: أثْنَاؤُهَا، إِذا انْخَنَثَتْ وتَثَنَّتْ، واحدُها: طَرَقٌ. ثَعْلبُ عَن ابنِ الأعرابيّ: أَطْرَقَ الرّجُلُ للصَّيْدِ، إذَا نَصَبَ لَهُ حِبَالَةً. وأطْرَقَ فُلانٌ لِفُلاَنٍ، إِذا مَحَل بِه، ليُوقِعَهُ فِي وَرْطَةٍ، أُخِذَ مِنَ الطَّرْق، وَهُوَ الفَخُّ، وَمن ذلكَ قِيلَ للعَدُوِّ: مُطْرِقٌ وللسّاكِتِ: مُطْرِق.
قالَ: وطارِقَةُ الرَّجُلِ: عَشِيرَتُهُ؛ وَقَالَ ابنُ أحْمَرَ:
شَكَوْتٌ ذَهَابَ طَارِقَتي إِلَيْهِ
وطَارِقتي بأكْنَافِ الدُّرُوبِ
وكَلأٌ مطروقٌ: وَهُوَ الَّذِي ضَرَبه المَطَرُ بَعْدَ يُبْسِهِ.
وَقَالَ اللْحيانيّ ثَوْبٌ طَرائِق وَرَعابِيْلُ، بِمَعْنى واحدٍ. قالَ: وَإِذا وُصِفَتِ القَنَاةُ بالذُّبُولِ، قِيلَ: قَنَاةٌ ذَاتُ طَرائِق. وكذلكَ القَصَبةُ إِذا قُطِعَتْ رَطْبَةً، فأَخَذَتْ تَيْبَسُ، رَأَيْتَ فِيهَا طَرَائِق، قد اصْفَرَّتْ حِين أَخَذَتْ فِي اليُبْسِ، وَمَا لَمْ تَيْبَسْ، فَهِيَ على لَوْنِ الخُضْرَةِ، وإنْ كانَ فِي القَنَا، فَهُو عَلَى لَوْنِ القَنَا. . قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ قَناةً:
حَتّى يِئِضْنَ كأمْثَالِ القَنَا ذَبَلَتْ
مِنْها طَرَائِقُ لَدْناتٌ عَلَى أَوَدِ
وَقَالَ الأصمعيّ: سمعتُ أَبَا عَمْرٍ وَيَقُول: (كانَ ثلاثَةُ نَفَرٍ) (بأطْرِقا) ، وَهُوَ مَوْضِعٌ فَسَمِعُوا صَوْتاً: فَقَالَ أَحدُهُم لصاحِبَيْهِ: أَطْرِقَا، أَيْ: اسكُتَا فَسُمِي المَكَانُ (أطْرِقا) بذلك. وَفِيه يَقُولُ أَبُو ذُؤيبٍ:

(9/14)


عَلَى أَطْرِقَا باليَاتُ الخِيَا
مِ إلاّ الثُّمامَ وإلاّ العِصِيّ
وَقالَ غيرُهُ: الطُّرْقَةُ: الرجل الأَحْمقُ. يُقَالُ: (إنهُ لطُرْقَةٌ مَا يُحْسِنُ، يَطَّافُ مِنْ حُمْقِهِ) .
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: ناقَةٌ مِطْرَاقٌ: قَرِيبَةُ العَهْدِ بِطَرْقِ
الفَحْلِ إيّاها.
ورُوي عَن ابنِ عُمَر: أَنهُ قَالَ: (مَا شَيءٌ أفْضَلُ مِنَ الطَّرْقِ) . . الرَّجُلُ يُطْرِقُ عَلَى الفَحْلِ فَيَذْهَبُ حَيْريَّ دَهْرٍ.
قالَ شمر: يُطرِقُ. أَيْ: يُعِيرُ فَحْلَهُ، فَيَضْرِبُ طرُوقَهُ الَّذِي يَسْتطْرِقُهُ.
قالَ: ويُقَالُ: لَا أَطْرَقَ الله عَلَيْكَ) . أَي: لَا صَيَّر الله لَكَ مَا تَنْكحُهُ.
قالَ ذَلِك كلّه أَبُو عبيدَةَ.
قالَ: والطرْقُ أَيْضا الفَحْلُ، وجَمْعُهُ: طُروقٌ وطرّاقٌ، وأنْشَدَ للطرمَاحِ، يَصِفُ نَاقَةً:
مُخْلِفِ الطُّرّاقِ مَجْهُولَةٍ
مُحْدِثٍ بَعْدَ طِرَاقِ اللُّؤَامْ
قَالَ أَبُو عَمْرٍ و: مُخْلف: لَمْ تَلْقَحْ، والطرّاقُ: الفُحُولُ، مَجْهولةٍ: مُحَرَّمَة الظُّهُورِ، لم تُرْكَبْ، وَلم تُحْلَبْ، مُحْدَثٍ: أُحْدِثَتْ لَقَاحاً. والطِرَاقُ: الضِّرَابُ، واللُّؤَام: الَّذِي يُلائِمُها.
قَالَ شمرٌ: ويُقالُ للفَحْلِ: مُطْرِقٌ أيْضاً وأنْشَد:
يَهَبُ النَّجَيبَةَ والنَّجِيْبَ إذَا شَتَا
والبازِلَ الكَوْمَاءَ مِثْلَ المطْرِقِ
وَقَالَ مُتَمِّم:
فَهَلْ تُبْلِغَنِّي حيثُ كانَتْ ديارُهَا
جُمَالِيَّةٌ كالْفَحْلِ وجْنَاءُ مُطْرِقُ
قالَ: ويكونُ المطْرِقُ مِنَ الإطْرَاقِ.
أيْ: لَا تَرغُو، وَلَا تَضِجُّ.
وقالَ خالدٌ بنُ جَنْبَةَ: مُطْرِقٌ من الطرْقِ وَهُوَ سُرْعَةُ المَشْي.
وقَال: العَنِيقُ: جُهْدُ الطَّرْقِ. (قلتُ: وَقَدْ قِيلَ للراجِلِ: مُطرِقٌ وجمعُهُ مَطارِيقُ. وقالَ. النَّضْرُ: نَعْجَةٌ مَطْروقَةٌ، وهيَ الَّتِي تُوْسَمُ بالنّارِ على وَسَط أذنِها من ظاهِر، فَذَانِكَ الطِّراقَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَطٌّ أبيضُ بنارِ، كَأَنَّمَا هُوَ جادَّةٌ. وَقد طَرَقْناها نَطْرُقُها طَرْقاً.
والمِيْسَمُ الَّذِي فِي موضِعِ الطِّراقِ لَهُ حُروفٌ صِغَارٌ.
فَأَما الطَّابَعُ فَهُوَ مِيْسَمُ الفَرائضِ، يُقَالُ: طَبَع الشَّاةَ. (وَفَرسٌ أطْرَقُ: بَيَّنُ الطَّرَقِ، وَهُوَ اسْتِرْخاءُ فِي عَصَبِ الرّجلِ، وَالْأُنْثَى: طَرْقَاءُ) .
ق ط ل
قلط، قطل، لقط، طلق: مستعملة.
قلط: قَالَ الليثُ والقَلَطِيُّ: القَصِيرُ جِدّاً،

(9/15)


والقِلّوْطُ: يُقَالُ وَالله أعْلمُ إنهُ من أولادِ الجِنِّ والشّياطِينِ.
عَمْرو عَن أبيهِ: القِيْلِيْطُ: الآدَرُ، وَهي القِيْلَةُ. (وَقَالَ بعضُهُم: القَلَطِيُّ: الخَبِيثُ المارِدُ من الرّجالِ) .
وَقال ابنُ الأعرابيِّ: القَلْطُ: الدَّمامَةُ.
قطل: (قَالَ ابنُ دُريدٍ: القَاطُولُ: موضعٌ يمكنُ أَن يَكُونَ عَرَبيَاً، (فَاعُولاً) من القَطْلِ، وَهُوَ القَطْعُ. قالَ: والمِقطَلَةُ: حَديدةٌ تَقْطَعُ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمَعيِّ: القُطُل المَقطوعُ من الشَّجَر، وأنشَد (هُوَ أَو غيْرُهُ:
مُجَدَّلٌ يَتكَسّى جِلْدُه دَمَهُ
كَمَا تَقَطرَ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ
وَقد قَطَلْتُه، أَي: قطعته. وَقَالَ الهُذَليّ:
إِذَا مَا زَارَ مُجْنَأَةً عَلَيْهَا
ثِقالُ الصخر، والخشب القُطُلُ.
أَرَادَ بالقَطيلِ: المَقْطول وَهُوَ الْمَقْطُوع. وَقد قَطلْتُه أَي: قَطَعْتُهُ.
وقَالَ اللِّحْيانيُّ: قَطَلَ عُنُقه وقَصَلها أَي ضرب عُنُقه.
ثَعْلَب عنِ ابنِ الأعرابيّ: القَطَل الطول، والقطل القِصَر، والقَطَل اللَّيِّنُ، والقَطْلُ: الخَشِنُ.
(لقط) : قَالَ الليثُ: يُقالُ: (لَقَطه يَلْقُطه لَقْطاً والتقَطَه: أَخذه) من الأرْضِ. قالَ: واللُّقْطَةُ بِتَسْكين الْقَاف، اسْم الشَّيْء الَّذِي تجِدهُ مُلقىً فَتَأْخُذُهُ. وَكَذَلِكَ المنبوذُ من الصّبيان لُقطةٌ.
وَأما اللُّقَطَةُ: فَهُوَ الرَّجُل اللَّقَّاطُ يتتبع اللُّقْطَاتِ. يَلْتَقِطُها. قلتُ: وَكلامُ العَرَبِ الفُصحَاءِ (على) غير مَا قَالَ اللَّيْث فِي اللُّقْطَة واللُّقَطة.
أَبُو عُبيد عَنِ الأصمعيّ وَالأحمر قَالَا: اللُّقَطَةُ وَالقُصَعَةُ والنُّفَقَةُ مُثَقَّلاتٌ كلّها. (لِما يُلْتَقَطُ من الشَّيءِ السّاقِطِ) .
وَهَذَا قَوْلُ حُذْاقِ النَّحْوِيينَ وَلم أَسْمَعْ لُقْطَةً، لغيرِ الليثِ. وَإن كانَ مَا قَالَهُ قِياساً، وَهَكَذَا رَواهُ المُحَدِّثُونَ.
حَدَّثَنِي عبدُا الله بنُ هَاجَكَ عَن ابنِ جَبَلَة عَن أبي عُبيد، (وحَدَّثَنِيه أَبُو الحُسَين الْمُزنِيّ عَن عليّ بنِ عَبْدِ العزيزِ عَن أبي عبيد) : أنَّه قالَ فِي حَدِيثِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهُ سُئِل عَن اللُّقَطَةِ؟ فَقَالَ: إحْفَظْ عِفَاصَها وَوِكَاءَهَا) .
وَأما الصبيُّ المنبوذُ يَجِدُهُ إنْسَانٌ، فَهو اللَّقِيطُ عندَ العَرَبِ، فَعِيل، بِمَعْنى مفْعُول.
والّذي يأخُذُ اللّقِيطَ أَو الشَّيْء السّاقِطَ، فَإِنَّهُ يقالُ لَهُ: المُلتَقِطُ، ويُقالُ للّذي يَلْقُطُ السَّنَابِلَ، إِذا حُصِدَ الزَّرُعُ وَوَخِزَ الرُّطَبُ

(9/16)


من العِذْقِ: لاقِطٌ ولقّاطٌ وَلَقّاطَةٌ.
وَأَما اللُّقَاطَةُ: فَهُوَ مَا كانَ ساقِطاً من الشَّيْء التافِه الَّذِي لَا يقيمةَ لهُ، وَمن شَاءَ أخَذَهُ. (وقرأتُ فِي كِتَابِ (المَصَادِرِ) للفَرّاء: اللُّقْطَة، لما يُلْتَقَطُ، والصّوابُ مَا قَالَهُ الأَحْمَرُ، لأَنَّهُ صحَّ فِي الحَدِيثِ) .
وَقَالَ الليْثُ: اللَّقَاطُ: السُّنْبُلُ الَّذِي تُخْطِئُه المَنَاجِلُ، يَتَلَقَّطُهُ الناسُ.
وَاللِّقَاطُ: اسمٌ لذلكَ الفعلِ كالحَصَادِ وَالحِصاد (قلت: الحَصَاد والحِصَاد بِمَعْنى واحدٍ، وَمثله: الجِزَازُ وَالجِزَازُ، والصِّرامُ والصَّرَامُ والجِدَاد والجَدَادُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قالَ: اللاّقِطُ: الرّفَاءُ، واللاّقِطُ: العَبْدُ المُعْتَقُ قالَ: والماقِطُ عبد اللاّقِطِ، والسّاقِطُ عبد الماقِطِ. قالَ: وَمن أمثالِهِمْ: (أَصِيْدَ القُنْفذُ، أم لُقَطَةٌ؟) . يُضْرَبُ مَثَلاً للرَّجُلِ الفَقِيرِ يَسْتَغْني فِي ساعةٍ.
وَقَالَ الليثُ: اللّقَطُ: قِطَع ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَمْثَالُ الشّذْرِ وأَعظَمُ فِي المَعَادِنِ، وَهُوَ أجوَدُهُ، ويُقَالُ: ذَهَبٌ لَقَطٌ.
أَبُو عُبيدٍ عَنِ الأَصْمَعي: ورَدْتُ المَاء التِقَاطاً: وذلكَ إِذا هَجَمْتَ عَلَيْهِ، ولَمْ تَحْتَسِبْهُ، وأنْشَدَ:
وَمَنْهَلٍ وَرَدْتُهُ التِقَاطَا
لَمْ أَلْقَ مذ وَرَدْتُهُ فَرَّاطاً
إِلَّا الحَمامَ الوُرْقَ والغَطَاطا
وَقَالَ الليثُ: اللّقِيطَةُ: الرَّجُلُ المَهِينُ الرَّذْلُ، والمرأَةُ كذلكَ. . تَقُولُ: إنّه لَسَقِيطٌ لَقِيطٌ، وإِنّه لساقِطٌ لاقِطٌ، وإنّهَا لسَقِيطَةٌ لَقيطَةٌ، وَإذا أفْرَدُوا الرّجلَ، قَالُوا: إِنّه لِلَقَيْطَةٌ. قالَ: وتَقُولُ: يَا مَلْقَطَانُ، تعنِي بِهِ الفِسْلَ الأحمَقَ، والأُنثى: مَلْقَطَانةٌ.
والُّقَيْطَى: شِبْهُ حكايةٍ إِذا رأيتَهُ كثيرَ الالْتِقَاطِ لِلُّقَاطَاتِ، تُعَيِّرُهُ بذلِكَ.
وأخبرنِي المُنْذريّ عَن ثَعْلبٍ عَن ابنِ الأعرابيِّ قالَ. من كلامِهِمْ: (إنَّ عِنْدَكَ ديكاً، يَلْتَقِطُ الحَصَا) . قالَ: وَيقالُ هَذَا للرجلِ النّمّامِ.
وَقَالَ الليثُ: إِذا التَقَطَ الكلامَ لِنَمِيمَةٍ، قلتَ: لُقَّيطي خُلَّيْطى حِكَايَة لفِعْلِهِ.
اللحياني: دارِي بِلقاطِ دارِ فُلانٍ وطَوَارِهِ، أيْ: بِحِذَائِها.
وقالَ: أَبُو عبيدٍ: المُلاقَطَةُ فِي سيرِ الفَرَسِ: أَن يأخُذَ التَّقريبُ بقوائِمِه جَميعاً.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَصْبَحَتْ مَراعِينا مَلاَقِطَ من الجَدْبِ، إِذا كانَتْ يابسةً لَا كلأ فِيهَا. وَأنْشد:
نُمْسِي وَجُلُّ المُرْتَعَى مَلاقِطُ
وَالدِّنْدِنُ البَالي وحَمْضٌ حَانِطٌ
شِمْرٌ عَن الفَراء: اللَّقْطُ: الرَّفْوُ المُقَارِبُ يُقَالُ: ثَوْبُ لَقِيطٌ. وَيُقَال: القُطْ ثوبَكَ، أَي: ارفأْهُ، وكذلكَ: نَمِّلْ ثَوْبَكَ.

(9/17)


قَالَ شَمِر: وَسَمِعْتُ حِمْيَرِيَّةٌ تقولُ لِكَلِمَةٍ أَعَدْتُها عَلَيْها: قَدْ لَقَطْتَها بالمِلْقَاطِ، أيْ: كتْبتَها بالقَلَمِ.
أَبُو عبيدٍ عَن الكسائِي: لَقَطْتُ الثَّوْبَ لَقْطاً.
وَقَالَ أَبُو مالكٍ: اللَّقَطَةُ واللَّقَطُ للجَمْعِ، وهيَ بَقْلَةٌ تَتْبَعُها الدَّوابُّ؛ لِطيْبهَا، فَنَأكلها، وَرُبمَا انْتَتَفَها الرَّجُلُ فَنَاوَلَها بَعِيْرَه، وَهِي بُقُولٌ كَثِيرَةٌ، يَجْمَعُها: اللّقَط.
(ولُقَاطُ النَخْلِ: مَا لُقِطَ، والمِلْقَطُ: مَا لُقِطَ فيهِ.
ولُقَاطَةُ الزَّرْعِ مَا لُقِطَ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ حَصَادِهِ. وَمن أمثالهم: لِكُلّ ساقِطَةٍ لاقطةٌ ...
وقالَ غَيْرهُ: اللاقِطَةُ: هِيَ ذاتُ الأَطْباقِ الّتي يُقَالُ لَهَا: الفَحِثُ) .
طلق: اللَّيْث: الطّلْقُ: طَلْقُ المَخَاضِ عِنْدَ الوِلاَدَةِ (طَلْقاً) ، وَقَدْ طُلِقَتْ فَهِيَ مَطْلوقَةٌ، وضَرَبَها الطّلْقُ. .
أَبُو عُبيد عَن الكِسَائي: طُلِقَتِ المَرْأَةُ عِنْدَ طَلْقِ الوِلاَدَةِ طَلْقاً.
قالَ أَبُو عُبَيدٍ: وقالَ أَبُو عَمْرٍ و: طُلِّقَتْ مِنَ الطَّلاقِ، فَطَلُقَتْ بَضَم اللاّمِ.
وأُطْلِقَتِ النَّاقَةُ مِنَ العِقَالِ، فَطَلَقتْ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيِّ: طَلُقَتْ مِنَ الطَّلاقِ؛ أَجْوَدُ.
وطَلَقَتْ بفتحِ اللاَّمِ جائزٌ وَمِنَ الطَّلقِ: طُلِقَتْ. وكلُّهم يَقُولُ: إِمْرأَةٌ طالِقٌ، بِغَيْرِ (هَاءٍ) .
وَأما قَول الْأَعْشَى:
أيا جارتا بِيني فإِنك طالِقَة
فَإِن اللَّيث قَالَ: أَرَادَ طالِقَة غَدا. وَقَالَ غَيره: قَالَ: طالِقَة على الْفِعْل لِأَنَّهَا يُقَال لهاقد طَلَقَت، فَبنِي النَّعتَ عَلَى الفِعْلِ.
وقالَ اللّيث: وَرجل مِطلاق ومِطْليقٌ أَي كثير التَّطْليق للنِّسَاء.
واطلقت النَّاقة من العِقال فَطَلَقَت. والطالِق من الإِبِلِ الَّتي قد طَلقَتْ فِي المرعى.
وَقَالَ أَبُو نصر: الطالق الَّتِي تَنطَلِق إِلَى المَاء وَيُقَال للَّتِي لَا قيد عَلَيْهَا، وَهِي طُلق وطالِق أَيْضا وطُلُق أكثَرُ؛ وَأنْشد:
مُعَقَّلات العيس أَو طوالِقِ
أَي قد طَلَقَت عَن العقال فَهِيَ طالِق لَا تحبَس عَن الْإِبِل) .
وَقَالَ أَبو عَمْرو الشّيباني. الطالِقُ مِنَ النُّوقِ. الْتي تَتْرُكها بِصَرارِهَا، وأَنشَدَ للحُطيئة:
أَقِيمُوا عَلَى المِعزَى بِدَارِ أبِيكُمُ
تَسُوف الشِّمالُ بَيْنَ صَبْحَي وطالِقِ

(9/18)


قَالَ: الصَّبْحَى: الَّتِي يحلُبُها فِي مَبْرَكِها، يَصْطَبِحُها، والطّالِقُ: الّتي يَتْرُكها بِصَرارِهَا فَلَا يَحْلُبُها فِي مَبْرَكهَا.
وقالَ: اللّيْثُ. الطَّالِقُ من الإبِل. ناقَةٌ تُرْسَلُ فِي الحَيِّ، وَتَرْعَى من جَنَابِهِمْ، حَيْثُ شَاءَتْ، لَا تُعْقَلُ إِذا راحَتْ، وَلَا تُنَحَّى فِي المَسْرَحِ.
وقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
غَدَتْ وَهْيَ مَحْشُوكَةُ طَالِقُ. .

قالَ: الجَميع: المَطالِيق، والأَطْلاَقُ.
وَقَدْ أُطْلِقَتِ النّاقَةُ فَطلَقتْ، أيْ: حُلَّ عِقَالُها:
وَقَالَ شمرٌ: سَأَلْتُ ابنَ الأعْرابيّ عَن قولِهِ:
سَاهِمُ الوَجْهِ مِنْ جَدِيلَةَ أَو نَبْ
هَانَ أَفْنَى ضِرَاءَهُ الإِطْلاَقُ
قالَ: هَذا يكونُ بمَعْنى: الحَلِّ والإِرْسَالِ.
قالَ: وإطلاقُهُ إيّاهَا. إرْسالُها عَلَى الصَّيْدِ، أفْنَاهَا. أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيد رجُلٌ طَليقُ الوجْهِ. ذُو بِشْرٍ حَسَن وطلقُ اليدَيْنِ، إِذا كانَ سخِياً، وَمِثْلُهُ. بعيرٌ طَلْقُ اليديْنِ، أيْ غيرُ مُقَيَّدٍ، وَجمعه: أطْلاقٌ، وَيقالُ. حَبَسُوهُ فِي السِّجْنِ طُلُقاً بغيرِ قَيْدٍ.
(أَبُو العَبَّاسِ: طَلَقَتِ المَرْأَةُ، وَطَلُقَتْ، وَطُلِّقَتْ عندَ الوِلادَةِ، وَطَلُقَ وجهُهُ طَلاَقَةً. ورجلٌ طَلْقُ الوَجْهِ وَطَلِقُ الوجْهِ، ويومٌ طَلْقٌ، وليلةٌ طَلْقَةٌ: لَا قُرَّ فِيهَا، وَلَا أَذَى) . ويقالُ: هَذَا لَكَ طِلْقٌ أَي: حَلاَلٌ.
الكِسائي: رجلٌ طُلْقٌ: وَهُوَ الَّذي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، ولَهُ لِسَانٌ طُلَقٌ ذُلَقٌ، وَهُوَ طَلِيقُ اللِّسَانِ، وطِلْقٌ وَطَلْقٌ.
وَيقَالُ: هُوَ طَلِيقُ الوجْهِ، وطَلْقُ الوجْهِ.
شَمِر عَن ابنِ الأعرابيِّ: لِسَانٌ طُلُقٌ ذُلُقٌ، وطلِيقٌ ذَلِيقٌ، وَلَا تَقُلْ: طُلَقٌ ذلَقٌ، وَالْكسَائِيّ يقولُهُمَا. وَهُوَ طَلْقُ الكَفِّ وطَلِيقُ الكَفِّ قَرِيبتَانِ مِنَ السَّوَاء.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو حاتمٍ: شَكَّ الأصمعيُّ فِي: طُلُقٍ أَو طُلَقٍ، فقالَ: لَا أدْري. لِسَان طُلُقٌ، أَو طُلَقٌ.
وَقَالَ شَمِر: يقالُ طَلُقَتْ يَدُهُ ولسانُه طُلوقَةً وطُلُوقاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: هُوَ طَلِيقٌ وطُلُقٌ وطَالِقٌ ومُطْلَق إِذا خُلِّي عَنْهُ. قالَ: والتَّطْلِيقُ. التَّخْلِيَةُ والإرْسَالُ، وحلّ العَقْدِ ويكونُ الإطْلاقُ بمعْنَى التَّرْكِ والإرْسَالِ. وطَلَّقْتُ البِلاَدَ. فَارَقْتُهَا. وطَلَّقْتُ القَوْمَ. تركْتُهُمْ.
وَقَالَ ابنُ أَحْمَرَ:
غَطَارِفَةٌ يَرَوْنَ المَجْدَ غُنْماً
إِذا مَا طَلَّقَ البَرِمُ العِيالا
أيْ: تَرَكَهُمْ، كَمَا يترُكُ الرجلُ المرأةَ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أطْلَقتُ الإبلَ إِلَى المَاء، حتَّى طَلَقَتْ طَلْقاً وطُلُوقاً، والاسمُ

(9/19)


الطّلَق بفَتح اللَّام.
وَقَالَ الأصْمعي طَلَقَتِ الإبلُ، فَهِيَ تَطْلُق طَلَقا، وَذَلِكَ إِذا كَانَ بَينهَا وبيْنَ الماءِ يومانِ، فاليومُ الأول: الطَّلَقُ، وَالثَّانِي: القَرَبُ، وَقد أطْلَقَها صاحِبُها إطْلاقَاً.
وروى أَبُو عبيدٍ عَنهُ، قالَ: إِذا خَلَّى وُجُوهَ الإبلِ إِلَى الماءِ وتَرَكَها فِي ذلِكَ تَرْعى لَيْلَتَئِذٍ فهيَ ليلةُ الطّلْقِ، فَإنْ كانَتْ الليلةُ الثانِيَةُ، فَهِيَ لَيْلَةُ القرَبِ، وَهِي السَّوْقُ الشديدُ.
أَبُو نصرٍ عَن الأصمعيّ. يقالُ لِضَرْبٍ من الدّوَاءِ، أَو نَبْتٍ، طَلَقٌ مُتَحرِّك ويقالُ للإنْسَانِ، إِذا عَتَقَ. طَلِيقٌ، أيْ إِذا صَار حُرّاً، وَيُقَال للسَّليمِ، إِذا لُدِغَ. قد طُلّقَ، وذلكَ حينَ ترْجعُ إليْهِ نفسُهُ، وَأنشد:
كَمَا تَعْتَري الأَهْوالُ رأسَ المُطَلّقِ
وَقَالَ النَّابِغَة (يَذْكُرُ حَيَّةً) :
تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ من سُوْءِ سُمِّها
تُطَلِّقُهُ حِيْناً، وحِيْناً تُرَاجِعُ
قالَ: والطَّلَقُ مُتَحَرِّك قَيْدٌ من جُلُودٍ، وجَمْعهُ. الأطْلاَقُ وبَعِيرٌ طُلُقٌ، لَا قَيْدَ عَلَيْهِ والجميعُ. أطْلاقُ، وَأنْشد:
تَقَاذَفْنَ أطلاقاً وَقارَبَ خَطْوَهُ
عَنِ الذَّوْدِ تَقْرِيبٌ وَهُنَّ حَبَائِبُهُ
أَبُو عُبَيْدٍ عَن أبي عَمْروٍ. لَيْلَة طَلْقٌ، وَهِي الَّتِي لَا بَرْدَ فِيهَا، وأنْشَدَ لأوس بن حَجَر:
خُذِلْتُ عَلَى لَيْلَةٍ سَاهِرَهْ
فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا سَاكِرَهْ
وأخْبَرَني الإياديّ عَن شمر: يومٌ طَلْقٌ ولَيْلَةٌ طَلْقَةٌ لَا حَرَّ فِيهَا وَلَا بَرْدَ، وَلَا مَطَرٌ، وليالٍ طَلْقاتٌ، وطَوَالِقُ.
وقالَ أَبُو الدُّقَيْشِ. إِنَّها لطَلْقَةُ السَّاعَةَ، وَقَالَ الرّاعي:
فَلَمَّا عَلَتْهُ الشَّمْسُ فِي يَوْمِ طَلْقَةٍ
يريدُ: يومَ لَيْلَةٍ طَلْقَةٍ، ليسَ فِيهَا قُرٌّ وَلَا رِيْحٌ. يُرِيدُ يَوْمَها الَّذي بَعْدَها، والعَرَبُ تبدأ باللَّيْلِ قَبْلَ اليَوْمِ. وَقَالَ أَبُو الهيْثَم وأَخْبَرَني عَنهُ المُنْذِري، فِي قولِ الرَّاعي، وَفِي بَيت آخَرَ أنشَدَه لذِي الرُّمَّة:
لَهَا سُنَّةٌ كالشَّمْسِ فِي يَوْمِ طَلْقَةٍ
قالَ: العَرَبُ تُضِيفُ الإسمَ إِلَى نَعْتِهِ.
قالَ: وَزَادُوا فِي الطَّلْق. الهاءَ، للمُبَالَغَةِ فِي الوصْف، كَمَا قَالُوا. رَجُلٌ دَاهِيَةٌ. قالَ ويقالُ: لَيْلَةٌ طلْقٌ بِغَيْر هَاء وَأنْشَدَ بَيْتَ لَبِيدٍ:
بَلْ أَنْتِ لَا تَدْرِيْنَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ
طَلْقٍ لَذِيْذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَالُ: يَوْمٌ طَلْقٌ، ولَيْلَةٌ، أيْ: سَهْلَة، طَيِّبَة، لَا بَرْدَ فِيهَا، قَالَ: ويُقَالُ: لَيْلَةٌ طُلْقٌ بِغَيْر هَاء وأَنْشَدَ بَيْتَ لَبِيدٍ:
بَلْ أَنتِ لَا تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ
طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامها

(9/20)


قالَ: ويقالُ: عَدَا طَلقاً أَو طَلَقَيْنِ، أَيْ. شَوْطاً أَو شَوْطَيْنِ، ويقالُ: أنْتَ طِلْقٌ مِنْ هَذَا الأمْرِ، أيْ. خَارِجٌ.
ثعلبٌ عَن ابْنِ الأعرابيِّ. قالَ: المُطَلَّقُ. المُلَقَّحُ من النَّخْلِ، وَقَدْ أطْلَقَ نَخْلَهُ وطَلَّقَها، إِذا كانَتْ طِوالاً فألْقَحَها، قالَ، وأطْلق خَيْلَهُ فِي الحَلَبَةِ، وأطْلَقَ عَدُوَّهُ، إِذا سَقَاهُ سُمّاً. قالَ: وطَلَقَ، إِذا أعْطى، وطَلِقَ: إِذا تَبَاعَدَ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الطَّلَقَةُ: النُّوقُ الَّتِي تُحْلَبُ فِي المَرْعى، وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي. الطّالِقُ. النَّاقَةُ الّتي تُرْسَل فِي الرَّعْي.
ويقالُ: طَلَقَ يَدَهُ وأَطْلَقَها فِي المالِ، بِمَعْنى واحدٍ ويدُهُ مَطْلُوقَةٌ ومُطْلَقَةٌ، والطَّليقُ: الأَسِيرُ، يُطْلَقُ، فَعِيلٌ بِمَعْنى: مَفْعولٍ. وقالَ ذُو الرُّمَّة:
وَتَبْسِمُ عَنْ نُورِ الأقاحِيّ أقْفَرَتْ
بِوَعْثاءَ مَعْروفٍ تُغَامُ وتُطْلَقُ
تُغَامُ مَرَّةً بالغَيْمِ، أَي تُسْتَرُ، وتُطْلَقُ. إِذا انْجَلى عَنْهَا الغَيْمُ. يَعْني. الأقاحِي إِذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيها فَقَد طَلَقَتْ.
وقالَ الليثُ: رجلُ مطْلِيقٌ ومِطْلاَقٌ. كثيرُ الطَّلاقِ للنِّسَاءِ. والطَّلِيقُ: الأسِيْرُ، يُطْلَقُ عَنْهُ. وَإِذا خَلّى الرَّجُلُ عَن نَاقَتِهِ، قيل طَلَّقَها، قَالَ: والعَيْرُ، إِذا جَاز عَانَتَهُ، ثمَّ خَلى عَنْها قِيلَ طَلَّقَها. وَإِذا اسْتَعْصَتِ العَانَةُ عَلَيهِ، ثمَّ انقَدْنَ لَهُ، قِيلَ. طَلَّقَتْهُ. وأنْشَدَ قَوْلَ رُؤبَةَ:
طَلَّقْتَهُ فاسْتَوْرَدَ العَدامِلاً ...
قالَ: والظَّبيُ، إِذا خَلَى عَن قَوَائِمِه، فَمَضَى لَا يَلْوِي على شَيْء، قيل. تَطَلَّقَ.
قَالَ. والانْطِلاقُ. سُرْعَةُ الذهابِ فِي أصلِ المِحْنَةِ. قَالَ: واستَطْلَقَ بطنُهُ وأطْلَقَهُ الدّواءُ. ويُقَالُ: مَا تَطَلَّقُ نَفسِي لهَذَا الأَمْرِ أيْ: لَا تَنْشَرِحُ وَلَا تَسْتَمِرُّ.
ويقالُ. تَطَلقَتِ الخَيْلُ، إِذا مَضَتْ طَلَقاً، لم تَحْتَبِسْ إِلَى الغَايَةِ. قَالَ. والطلَقُ. الشَّوْطُ الواحِدُ فِي جَرْي الخَيْلِ.
وقالَ، أَبُو عُبَيْدَة فِي الْبَطن أطْلاق، واحدُها. طَلَقٌ مُتَحَرّك، وَهِي طَرائقُ البَطْنِ، ويُقالُ. لَقِيْتُه مُنْطَلِقَ الوَجْهِ إِذا أسْفَر، وَأنْشد:
يَرْعَيْن وَسْمِيَّاً وصَى نَبْتُهُ
فانْطَلَق الوَجْهُ ودَقَّ الكُشُوحْ
قَالَ والتَّطَلقُ: أَن تبول الفَرَسُ بعدَ الجَرْي، وَمِنْه قولهُ:
فصادَ ثَلاثاً كجزْعِ النظامِ
وَلم يَتَطَلقْ وَلم يُغْسِلِ
لم يُغْسل، أيْ. لم يُعْرق.
أَبُو عُبَيد. طَلَقَ يَدَهُ بالخَيْرِ، وأطْلَقَها فِي المالِ، بمعْنًى واحدٍ ويَدُهُ مَطْلُوقَةٌ، رواهُ عَن الكِسَائي فِي بَاب. (فَعَلَتْ وأَفْعَلْتُ) .
أنْشَدَ ثعلبٌ. أطْلِقْ يَدَيْكَ تَنْفَعَاكَ يَا رجلْ.
ويجوزُ. أطلُقْ يَديك) .

(9/21)


ق ط ن
قطن قنط نطق نقط: مستعملة.
قطن: أَخْبرنِي المُنْذري عَن أبي العباسِ أنّه قَالَ: القُطْنِيَّةُ: الثِّيَاب، والقطنية: الحُبُوبُ الَّتي تَخْرُجُ من الأرْض.
ويقالُ: لهَا: قِطْنِيّةٌ، مثلُ: لُجِّيَ ولجِّي، قالَ وَإِنَّمَا سُمِيْتِ الحبُوبُ: قطْنيةً: لِأَنَّهَا تُزْرَعُ فِي الصْيفِ، وتُدْرَكُ فِي آخرِ وَقتِ الحَرِّ.
وقيلَ: سُمِّيَتْ: قُطْنيةٌ: لأنَّ مَخَارِجَها من الأَرْضِ، مثلُ مخارجِ الثيابِ القُطْنيةِ.
وَقَالَ أَبُو معاذٍ. القَطَانِيُّ: الْخِلْفُ وَخُضَرُ الصَّيْفِ. وقالَ شَمِرٌ: القُطْنِيَةُ: اسمٌ لهذِه الحُبوبِ الَّتِي تُطْبَخُ.
قَالَ الأزهريُّ: هِيَ مثلُ العَدَسِ والخُلَّرِ: وَهُوَ الماشُ والفولُ والدَّجْرِ: وَهُوَ اللّوبِياءُ، والحِمَّص وَمَا شَاكَلَها مِمَّا (يُختَبَزُ) ، وَيُقتَاتُ، سَمّاهَا الشَّافِعيّ كلهَا: قِطنِيّةَ، فِيمَا أَخْبرنِي عبدُ الملكِ عنِ الرّبيع عَنْهُ، وَهُوَ قولُ مالِكٍ بنِ أنسٍ (قَالَ الشافعيُّ: تُؤْخَذُ الزكاةُ من الحِنْطَةِ والشّعير والدُّخَّنِ وَالسُّلْتِ، والقِطْنية كلّها، حِمَّصِها وعَدَسِها وَفُولها ودَجْرِها، لأنّ هَذَا كلَّه يُؤْكلُ مَسْلوقاً وطَبيخاً وَيَزْرَعُهُ الآدَمِيُّونَ.
(قَالَ ابنُ الأنباريّ: من العَرَبِ من يَقُولُ: (قَطْنَ عبدَ اللَّهِ دِرْهَمٌ) ، و (قَطْن عَبْدِ اللَّهِ دِرْهَمٌ) ، فيزيدُ (نُوناً) على: قَطْ عَبْدَ الله دِرْهَمٌ وينصِبُ بهَا وَيَخْفِضُ ويُضيفُ إِلَى نفسِهِ، فيقولُ (قَطْنِي) ، وَلم يُحْكَ ذلكَ فِي (قَدْ) ، والقياسُ فيهمَا واحِدٌ.
قالَ: وقولهُمْ: لَا تَقُلْ إلاَّ كَذَا وَكَذَا قَطْ، مَعْنَاهُ: حَسْبُ. وطاؤُها ساكِنَةٌ: لأنّها بمنْزِلِةِ: (هَلْ وَبَلْ وَأَجَلْ) وكذلِكَ قَدْ يُقَالُ (قَدْ عبدَ اللَّهِ دِرْهَمٌ) . وَمَعْنَاهُ: (قَطْ عَبْدَ اللهاِ دِرْهَمٌ) . أَي يَكْفِي عبدَ اللهاِ دِرْهَمٌ.
أَبُو عُبَيْدٍ عَن الْأَصْمَعِي: قَطَنُ الطائِرِ، أصلُ ذَنَبِهِ.
وَفِي الحَدِيث: (أَنَّ آمِنَةَ لمّا حَمَلَتْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَتْ: مَا وَجَدْته فِي القَطَنِ والثُّنَّةِ، ولكنّى كنتُ أجدُهُ فِي كَبِدي) . فالقَطَنُ: أَسْفَلُ الظَّهْرِ وَالثَّنَّةُ: أسْفَلُ البَطْنِ.
وَقَالَ الليثُ: القَطَنُ: الموضِعُ العَرِيضُ بَيْنَ الثَّبَجِ والعَجُزِ.
قَالَ رُؤْبَة:
فَلَا وَرَبِّ الفَاطِناتِ القُطّنِ
وَقد قَطَن يقطُنُ قُطوناً.
وَقَالَ الليثُ: القَطِينُ كَالخَلِيطِ، لَفْظُ الواحِدِ والجَمِيعُ فيهِ: سَواءٌ.
قالَ. والقطينُ. تُبَّاعُ المَلِكِ، وَمَمَالِيكُهُ.
عَمْرو عَن أبيهِ: القَطِينُ: أَهل الدَّارِ، والقَطِينُ: الحَشَمُ الأَحرارُ، والقَطينُ: الحَشَم المَمَالِيكُ. والقَطِينُ: المُقِيمُونَ فِي الموضِعِ، لَا يكادُونَ يَبْرَحُونَهُ.

(9/22)


وقالَ ابنُ دُريدِ: قَطِينُ الرُّجلِ: حَشمُه وخَدَمُهُ، وَإِذا قالَ الشاعِرُ: (خَفَّ القَطِينُ. .)
فهمُ القَوْمُ القَاطِنُونَ، أَيْ: المُقِيمُونَ. .
وروُي عَن سلمانَ الْفَارِسِي رَحِمَهُ الله أَنه قالَ: (كُنْتُ رَجلاً من المَجُوسِ. وكُنْتُ قَطِنَ النارِ الَّذي يُوقِدُهَا) .
قَالَ شَمر: قَطِن النَّار: خادِمُها، وخازِنُها: وَيجوز أَنه كانَ مُقيماً عَلَيها، رواهُ (قَطِنَ. .) بكسرِ الطَّاء. قالَ: وقَطَن يقطُنُ، إِذا خَدَم: قَالَ جرير:
لَو شِئْتُ ساقَكُم إليَّ قَطيناً
ابنُ السِّكيتِ: القَطِينُ: الإماءُ. والقَطِينُ: السُّكّانُ فِي الدَّارِ. والقَاطِنُ: المُقيمُ بالمكانِ، وجمعُهُ القُطّانُ. قَالَ: والقَطِنَةُ: هِيَ ذاتُ الأطباقِ الَّتي تَكونُ مَعَ الكَرِشِ، وهيَ ذاتُ الأطْباقِ الَّتِي تَكُونُ مَعَ الكَرِشِ، وَهِي الفَحِثُ أيْضاً.
قَالَ ابنُ السّكّيتِ: الْقطن: مَا بَيْنَ الوَرِكَيْنِ، وَالقَطْنُ: فِي معنى (حَسْبُ) يُقَالُ: قطْنِي مِنْ كَذَا وكَذَا، وَأنْشد:
امْتَلَأَ الحَوْضُ وَقَالَ: قَطْنِي
سَلاَّ رُوَيْداً قَدْ مَلأَتَ بَطْني
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ أَبُو الدُّقَيش: القِطَانُ: شِجَارُ الهَوْدَجِ، وجمعُه: قُطُنٌ، قَالَ لبيد:
فَتَكَنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِبَامُهَا
قلتُ: وقالَ غيرُه فِي قولِهِ: (قُطناً) . أيْ: ثِيابَ قُطْن. يُقالُ: قُطْنٌ وقُطُنٌ وقُطُنٌّ. وأنْشَدَني الإياديّ:
جَارِيَةٌ لَيْسَتْ مِنْ الوَحْشَنِّ
وَلاَ مِنَ السُّودِ القِصَارِ الجنِّ
قُطُنّةٌ مِنْ أَحْسَنِ القُطُنِّ
الليثُ يُقالُ للكَرْمِ، إِذا بَدَتْ زمعاتُهُ: قَدْ عَطَّبَ وقَطَّنَ. قالَ: والقَيْطُونُ، هُوَ المَخْدَعُ بلغَة أَهْلِ مِصْرَ وَبَرْبَرَ قالَ: وَحَبَّةٌ يَسْتَشْفى بِها، يُسَمِّيها أهلُ العِراقِ: (بَزْرَقَطُونَا) .
قلتُ: وَسَأَلْتُ عَنْها البَحْرانِيّينَ؟ فَقَالُوا: هِيَ عِنْدَنا، تُسَمّى: (حبَّ الذرّقَةِ) ، (وَهِي الاسْفِيُوشْ) مُعَرَّبٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: القُطُونُ: الإقَامَةُ.
ومُجاوِرُو مَكَّةَ: قُطّانُها، وحَمَامُ مَكَّةَ، يُقَالُ لَهَا: قُواطِنُ مَكَّة. واليَقْطِينُ: شَجَرةُ القَرْعِ، قالَ الله تَعَالى: {) وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً} (الصافات: 146) .
قالَ الفَرَّاءُ: قِيلَ، عِنْدَ ابنِ عَباسٍ: هُوَ وَرَقَ القَرْعِ، فَقالَ: وَمَا جَعَلَ القَرْعَ، مِنْ بَيْنِ الشَّجَرِ يَقْطِينَا؟ كلُّ وَرَقَةٍ اتّسَعَتْ وَسَتَرَتْ فَهِيَ يَقْطِينٌ.
وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: هُو القرْعُ.
وَقَالَ مُجَاهِدُ كلُّ شَيْء ذَهَبَ بسْطَاً فِي الأرْضِ: يَقْطِينُ، ونَحْوَ ذلكَ قَالَ الكَلِبيُّ، قالَ: ومنهُ القَرعُ والبِّطِّيخُ والقِثّاءُ والشِّرْيانُ.

(9/23)


قَالَ سَعِيدٌ بنُ جُبَيْرٍ: كلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ ثمَّ يَمُوتُ عَنْ عامِهِ، فَهُوَ يَقْطِينُ:
قَالَ ابنُ السِّكِّيتِ هِيَ القَطِنَةُ: الَّتي تكونُ مَعَ الكَرِشِ، فهيَ ذَواتُ الأَطْبَاقِ. قَالَ: وَهِي النَّقِمَةُ والمَعِدَةُ والكَلِمَةُ والسَّفِلَةُ.
قَالَ أَبُو العَبّاسِ: القَطِنَةُ: وَهِي الرُّمانَةُ فِي جَوْفِ البَقَرةِ. .
قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: قَطِنَةُ البَعِيرِ، الَّتِي يُسَمِّيها العَامَّةُ: الرُّمَّانَةَ وَهِي أَيْضا لَقَّاطَةُ الحَصَا.
نطق: قَالَ اللَّيْث: يُقَالُ: نَطَقَ النّاطِق يَنْطِقُ نُطْقاً، وَإِنّه لمِنْطِيقٌ بَلِيغٌ، قالَ: وَكتابٌ ناطِقٌ بَيِّنٌ وقالَ لبيد:
أَوْ مُذْهَبٌ جُدَدٌ عَلَى أَلواحِهِ
النَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
قَالَ: وكلامُ كُلِّ شَيْءٍ مَنْطِقُهُ، وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ} (النَّمْل: 16) .
قَالَ: والمِنْطقُ: كلُّ شَيءٍ شَدَدْتَ بهِ وَسَطكَ.
والمِنْطَقَةُ: اسْم خَاصٌّ.
والنِّطاقُ شِبْهُ إِزَارٍ، فِيهِ تِكَّةٌ، كانَتِ المَرْأَةُ تَنْتَطِقُ بِهِ.
وَإِذا بَلغَ المَاءُ النِصْفَ منَ الشجَرَةِ، والأكَمَةِ، يقالُ، نَطَّقَها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيادٍ الكِلابيّ، قالَ: النِطاقُ أَنْ تَأخُذُ المَرأةُ ثوبا فَتَلْبسَه ثُمَّ تشد وسَطَها بِحَبْلٍ، ثمَّ تُرْسِل الأَعلَى على الأسْفَلِ.
وقالتْ عائِشَةُ فِي نِساء الأنْصَار: فعَمَدْنَ إِلَى حُجَزِ، أَو حُجُوزِ مَنَاطِقِهنَّ، فَشَقَقْنَها وَسَوَّيْنَ مِنْهَا خُمُراً، حينَ أَنْزَلَ الله جلّ وعزّ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (النُّور: 31) .
المَناطِقُ: واحدُها مِنْطَقٌ، وَهُوَ النِّطاقُ الَّذِي وَصَفَهُ أَبُو زِيادٍ الكِلابيّ.
يقالُ، مِنْطَقٌ ونِطاقُ، كَمَا يُقالُ، مِئْزَرٌ وإِزَارٌ ومِلْحَفُ ولِحَافٌ وَمِسْرَدٌ وَسِرَادٌ، وَقَدْ تَنَطَّقَتِ المَرْأَةُ: إِذا شَدَّتْ نِطَاقَها عَلَى وَسَطِهَا، وَأَنَشدَ ابنُ الأعرابيّ يصف امْرَأَة) :
تَغْتَالُ عَرْضَ النُّقْبَةِ المُذَالَةْ
وَلم تَنَطَّقْهَا عَلَى غِلاَلَهْ
وَقَالَ شمر، فِي قولِ جَرِيرٍ:
والتَّغْلِبيونَ بِئْس الفَحْلُ قَحْلُهُمُ
قِدْماً وأُمُّهُمُ زَلاَّءُ مِنْطِيْقُ
تَحْتَ المَناطِقِ أَسْتاهٌ مُصَلّبَةٌ
مِثْلَ الدَّوَا مَسَّها الأقلاَمُ واللِّيْقُ
قَالَ شعر، مِنْطيقٌ: تأتزر بِحَشِيَّةِ تُعَظِمُ بِهَا عَجِيزَتَها.
قالَ، وقالَ بعضُهُم، النِّطاقُ، الإزَارُ الَّذي يُثْنى والمِنْطَق، مَا جُعِلَ فيهِ من خَيْطٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَنشَدَ:

(9/24)


تَنْبو المَنَاطِقُ عَنْ جُنُوبِهِمُ
وَأَسِنَّةُ الخَطِّي مَا تَنْبُو
وَصَفَ قَوْماً بِعِظَمِ البُطُونِ والجنوب والرَّخَاوةِ قالَ: وقَدْ يكونُ النِّطاقُ والمِنْطَقُ، بِمَعْنى واحدٍ مثلَ، الإزَارِ والمِئْزَرِ.
وسُمِّيَتْ أَسماءُ بنتُ أبي بَكْرِ رَضِيَ الله عَنْهمُا ذاتَ النِّطَاقَيْنِ لأنَّهَا كَانَتْ تُطَارِقُ نِطَاقاً عَلَى نِطَاقٍ، وَقيل: إنَّهُ كَانَ لهَا نِطَاقَانِ تَلْبَسُ أحدَهُما وَتَحْمِلُ فِي الآخَرِ الزَّادَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ وهما فِي الغارِ، وَهَذَا أصحُّ القَوْلَينِ.
وروَى الزُّهري عَن عُرْوَةَ عَن عائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خَرَجَ مَعَ أبي بَكْرٍ مُهَاجِرَيْنِ؛ صَنَعْنا لَهُما سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعتْ أسماءُ بنتُ أبي بَكْرٍ من نِطاقِها، وأوْكَت بهِ الجِرَابَ؛ فلذلكَ كَانَتْ تُسَمى: ذاتَ النِّطاقَيْنِ.
حَدَّثَنَا السَّعْدِي عَنِ الرَّمادِيّ عَن عبدِ الرّزاقِ عنَ مَعْمَرٍ عنِ الزُّهْري وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
ويُقَالُ، تَنَطَّقَ بالمِنْطَقَةِ، وانْتَطَقَ بِها، ومنْهُ قولُ خداشٍ بنِ زهيرٍ:
وأَبْرَحُ مَا أَدَامَ الله قَوْمِي
بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْتَطقاً مُجِيداً
فِي قولهِ: مُنْتَطِقَاً؛ قَوْلاَنِ:
أحدُهُما، مُجْتَنِباً إليَّ فَرَساً. والآخَرُ، شَادّاً إليَّ إزَارِي إِلَى دِرْعِي. ويُقالُ: انْتَطَق فُلانٌ فَرَسَهُ: إِذا قادَهُ، قَالَهُ المَازِنُّي.
ثعلبٌ عنِ ابْنِ الأَعْرابيِّ فِي قَوْلِهِمْ (مالَهُمْ صَامِت وَلَا نَاطِقٌ) .
فالصّامِت، الذَّهَب والفِضَّةُ والجَوْهَرُ، والنّاطِقُ: الحَيَوانُ. وقالَ الأصمَعيُّ: النَّاطقُ: الحَيَوانُ مِنَ الرَّقيقِ وَغَيره سمي نَاطِقاً؛ لِصَوْتِهِ وَصَوْتُ كلّ شَيْءٍ مَنْطِقُهُ وَنُطْقُهُ.
قنط: قالَ الله تَعَالَى: (قَالَ وَمَن يَقْنِطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) وَقُرِىء؛ {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ} فَمن قَرَأَ (يَقْنِطُ) قَالَ: قَنَطَ فِي الْمَاضِي، وَمن قَرأَ، {يَقْنَطُ} قالَ: قَنِط.
قالَ الأزْهَريّ، وهما لُغَتَانِ جَيّدَتَانِ، قَنِطَ يقْنَط، وقَنَط، يَقْنِطُ قنُوطاً، فِي اللُّغَتَينِ، قالَ ذَلِك أَبُو عَمْرٍ وبن العَلاَء.
قَالَ اللَّيْث: القُنُوطُ: الإيَاسُ من الُخَيْرِ، ويُقالُ: شَرُّ النَّاسِ الَّذين يَقَنِّطُون الناسَ من رحمةِ الله، أَي: يُؤَيِّسُونَهُم.
نقط: قَالَ اللَّيْث: يُقالُ: نَقَطَ النَّاقِطُ الكِتَابَ: يَنْقُطُهُ نَقْطاً
والنُّقْطةُ: الإسْمُ.
والنَّقْطَةُ: فَعْلَة واحِدَة.
وَيُقالُ: نَقَّطَ ثوبَهُ بالمِدادِ والزَّعْفَرانِ، تَنْقِيطاً
ثعلبُ عنِ ابْن الأعْرابي، قالَ: مَا بَقِي من أموالِهم إِلَّا النُّقْطَةُ، وَهِي قِطْعَة من نَخْلٍ

(9/25)


هَاهُنا وَقطعَة من زَرْغٍ هَاهُنا.
ق ط ف
قطف قفط طفق: مستعملة.
قطف: قالَ اللَّيْث وغيرُهُ: القَطْف: قَطْعُكَ العِنَبَ وغَيْرَهُ وكلُّ شَيْءٍ تقطَعُه، فقد قَطَفْتَهُ، حتَّى الجرادُ تُقْطَفُ رؤوسُها.
قالَ: والقِطْفُ: اسمٌ للثِمارِ المقْطُوفَةِ، وجَمْعُها: قُطُوف.
قالَ: الله تَعَالَى: {عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} (الحاقة: 23) أَي: ثِمَارُها قَريْبَة المُتَناوَلِ، يَقطِفُها القَاعِدُ والقَائِمُ.
قالَ: والقطافُ: اسمُ وَقْتِ القطْفِ، قالَ الحَجَّاجُ على المِنْبَرِ: (أَرَى رُؤوساً قَدْ أيْنَعَت وَحَانَ قِطَافُهَا) .
قُلتُ: والقطَاف بالفَتْح جَائِز، عندَ الكِسائيِّ، أَيْضا.
وقالَ الليثُ: والقَطَفُ: نَبَات رَخْص عريضُ الوَرَقِ يُطبَخُ، الواحدةُ: قَطَفَة.
والقِطافُ مَصْدرُ القَطُوفِ مِنَ الدّوابِّ، وَهْوَ المُقارِبُ الخَطْوِ، البَطِيءُ وأقْطَفَ الرَّجُلُ، إِذا كانَتْ دابَّتُهُ قَطُوفاً، وَقَد قَطَف الدّابَّةُ يَقْطِفُ قُطُوفاً، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يذكُر جَراداً:
كأنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطَفٍ عَجِلِ
إذَا تَجَاوَب من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
أَبُو عُبيدٍ عَن الأحْمَرِ: أَقْطَفَ القَوْمُ: إِذا حَانَ قِطَافُ كُرومِهِمْ، وأَجْزَزُوا من الجِزَازِ فِي النَّخْلِ، إِذا أَصْرَمَوا. وأقْطَفَ الكَرْمُ، إِذا أَتى قِطافُه. والقَطْفُ: الخَدشُ، وَأنْشد:
وَهُنَّ إذَا أَبْصَرْنَهُ مُتُبَذِّلاً
خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ
أيْ لم تُخَدَّشْ.
ابْن السّكّيت، عَن أبي عمرٍ و: القُطُوفُ: الخُدُشُ، واحدُها: قَطْفٌ، وَقد قطَفَهُ يقطِفُهُ، إِذا خَدَشَهُ، وأنشَدَ لحاتِمَ:
ولكِنْ وَجْهَ مَوْلاكَ تَقْطِفُ
قلتُ: والقَطِيفَةُ: ثوبٌ ذُو خَمَلٍ تُفْتَرَشُ، وجمعُهُ: قُطُفٌ وهيَ: القَراطِفُ، وَمِنْه قَوْله:
بأنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
وقيلَ للطْعام الّذي سُمِّيَ: (القَطَائِف) ؛ لأنَّ لَهَا مِثْلَ خَمَلِ: القَطَائِفِ.
روى سَعيدُ بنُ أبي عُروبَةَ عَن أنَسِ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءَ عَلَى فَرَسٍ، لأبي طَلْحَةَ يَقطِفُ.
قلتُ: القَطْفُ مُقَارَبَةُ الخَطْو، وذلكَ من فعلِ الهَمَالِيجِ. والقَطِيفةُ والقَرْطَفَةُ، وجمعُها: القطائِفُ، والقراطفُ: فُرُشٌ مَخْمَلَةٌ.
والقَطائِفُ: طَعَامٌ يُسَوّى من الدَّقيقِ المُرَقِّ بالماءِ شُبِّهَتْ بخَمل القطائفِ الّتي تُفْتَرشُ، الْوَاحِدَة: قَطِيْفَةٌ.

(9/26)


قفط: أَبُو عُبَيْدٍ عَن الأصْمعِيّ: قَفط الطّائِرُ أُنْثَاهُ وقَمَطَها، يَقْفِطُها ويَقمِطُها، ويَقْفُطُها. قالَ: وَقَالَ أَبُو زيدٍ: ذَقَطَ الطّائرُ يَذْقُطُ ذَقْطاً. فَأَما القَّفْطُ، فَلِذَواتِ الظِّلف.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: القَفْطُ: شِدّةُ لِحَاقِ الرَّجُلِ المَرْأةَ، أيْ: شِدَّة احْتِفازِهِ.
قالَ. والذَّقْطُ: غَمْسُهُ فِيهَا، والمَقْط: نَحْوُهُ، يقالُ: مَقَطَها، ونَخَسَها، ودَاسَها يُدوسُها، قالَ: والدَّوْسُ: النَّيْكُ.
وقالَ الليثُ: يُقالُ للعَنْزِ إِذا حَرَصَتْ عَلَى التَّيْس فَمَدَّتْ مُؤَخَّرَها إلَيْهِ، قَدِ أقْفَاطَّت أقْفِيطَاطاً، والتَّيْسُ يَقْتَفِطُ إلَيْها، إِذا ضَمَّ مُؤَخَّرَهُ إلَيْها، وَقَد تَقَافطا، إِذا تَعَاوَنا عَلَى ذلِكَ.
وقالَ الليثُ: رُقْيَةٌ للعَقْرَبِ، قِيْلَ: (شَجَّةٌ قَرَنيَّة مِلْحَة بَحْري قَفَطى) ، يُقْرأُ هَذَا سبعَ مراتِ، و: {} (الْإِخْلَاص: 1) : سَبْعَ مَرّاتٍ.
طفق: قَالَ الليثُ: طَفِقَ: بِمَعْنى: عَلِقَ يَفْعَلُ كِذا، وَهُوَ يَجْمَعُ: مَعْنى: ظَلَّ وَبَاتْ.
قالَ: وَلُغَةٌ رَدِيئَة: طَفَقَ. وقالَ أَبُو سَعِيدٍ: الأَعْرابُ يَقُولُونَ: طِفِقَ فلَان بِمَا أَرَادَ، أيْ: ظَفِرَ بِهِ، وأطْفَقَهُ الله بِهِ إطْفَاقاً، إِذا أَظْفَرَه بهِ، ولئِنْ أَطْفَقَني اللَّهُ بِفُلانٍ، لأَفْعَلَنَّ بِهِ، (ولأَفْعَلَنْ) .
وقالَ أَبُو الهيثَم: طفِقَ وَعَلِقَ، وجَعَلَ وَكَادَ، وكَرَبَ لَا بُدَّ لَهُنَّ من صاحِبٍ يَصْحَبُهُنَّ، يُوصَفُ بِهِنَّ، فَيَرْتَفِعُ. وَيَطْلُبْنَ الْفِعْلَ المسْتَقْبَلَ خَاصَّة، كقولِكَ: (كادَ زيدٌ يقولُ ذَاكَ) .
فَإِن كَنَّيْتَ عَن الاسْمِ قُلْتَ: (كادَ يقولُ ذَاكَ) ومنْهُ قولُه جلّ وعزّ {عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحاً} (ص: 33) أرادَ؛ طَفِقَ يَمْسَحُ مَسْحاً (بالسَّوقِ والأَعْنَاقِ) وهذِهِ تُسَمى حُروفَ المُقَارَبَةِ) 1) .
ق ط ب
قطب، قبط، طبق، بقط، بطق: مستعملة.
قطب: قَالَ اللَّيْث: القطب: نَبَات. قلت: القطْبة: هَنَة من الشّوك كأنّها حَسَكة مثلّثة، وَجَمعهَا قطَبٌ، وورق أَصْلهَا يشبه ورق النّفَل والذُّرَق؛ والقطْب ثمرُها.
وَقَالَ اللَّيْث: القطوب: تزوِّي مَا بَين الْعَينَيْنِ عِنْد العبوس. يُقَال: رَأَيْته غضبانَ قاطباً، وَهُوَ يَقطِب مَا بَين عَيْنَيْهِ قطباً وقطوباً، ويقطّب مَا بَين عَيْنَيْهِ تقطيباً.
قَالَ: والقطْب: كَوْكَب بَين الجدي والفرقدَين، وَهُوَ صَغِير أَبيض لَا يبرح مكانَه أبدا؛ وَإِنَّمَا شبِّه بقطب الرّحى، وَهُوَ الحديدة الَّتِي فِي الطَّبَق الْأَسْفَل من

(9/27)


الرّحَيَين يَدُور عَلَيْهَا الطبَق الْأَعْلَى، ويدور الْكَوَاكِب على هَذَا الْكَوْكَب الَّذِي يُقَال لَهُ القطب.
أَبُو عَمْرو: شمِر عَن أبي عدنان: القطب أبدا وسطَ الْأَرْبَع من بَنَات نعش، وَهُوَ كوبٌ صَغِير لَا يَزُول الدَّهرَ، والجدي والفرقدان تَدور عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: القطبة من نصال الأهداف.
وَقَالَ اللَّيْث: القطْبة: نصل صَغِير قصير مربّع فِي السّهم يُرمَى بِهِ الْأَغْرَاض.
وَقَالَ النّضر: القطبة لَا تعدُّ سَهْما.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: السّلْق: إِدْخَال الشِّظاظ مرّةً فِي عُرى الجوالق عِنْد العَكْم، فَإِذا ثنيتَه فَهُوَ القطْب. قَالَ: وَمِنْه يُقَال: قطب الرجلُ، إِذا أثنَى جلدةَ مَا بَين عَيْنَيْهِ.
قَالَ: والقطْب: المزْج أَيْضا، وَذَلِكَ لِلخَلْط. وَكَذَلِكَ إِذا اجْتمع القومُ وَكَانُوا أصنافاً فاختلطوا قيل: قطَبوا فهم قاطبون. وَمن هَذَا يُقَال: جَاءَ القومُ قاطبةً، أَي: جَمِيعًا مختلطاً بعضُهم بِبَعْض.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: قَطبت الشّرابَ وأَقطبته، أَي: مزجته.
قَالَ ابْن مُقبِل:
يقطِّبُه بالعنبرِ الوَردِ مقطِبُ
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: القطب: الْقَائِم الَّذِي تَدور عَلَيْهِ الرّحى. وَفِيه ثَلَاث لُغَات: قُطْب، وقَطْب، وقُطُب.
وَقَالَ شمِر: وقِطْبٌ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: قاطبة: اسمٌ يجمع كلّ جيلٍ من النَّاس، كَقَوْلِك: جَاءَت الْعَرَب قاطبة.
قَالَ: والقطاب: المِزاج الَّذِي يُشرَب وَلَا يشرب، كَقَوْل الطائفيّة فِي صفة غِسْلة.
قَالَ أَبُو فَرْوَة: قدم فَرِيغونُ بجاريةٍ قد اشْتَرَاهَا من الطَّائِف فصيحة.
قَالَ: فَدخلت عَلَيْهَا وَهِي تعالج شَيْئا.
فَقلت: مَا هَذَا؟ .
فَقَالَت: هَذِه غِسْلة.
فَقلت: وَمَا أخلاطها؟ .
فَقَالَت: آخُذ الزَّبِيب الجيّد فأُلقي لَزِجَه وأُلَجِّنُه وأَعبِثُه بالوخِيف، وأقطّبه.
وَأنْشد غيرُه:
يَشرَب الطِّرْم والصَريفَ قطابَا
قَالَ: الطِّرْم: العَسَل. والصَّريف: اللَّبن الحارّ. قِطاباً، أَي: مِزاجاً.
ابْن السّكيت عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القطيبة: أَلْبان الْإِبِل والغَنم يُخلَطان.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: القطيبة: اللَّبن الحليب والحقين يُخلط بالإهالة. وَقد قطبتُ لَهُ قطيبةً فشربَها.
وَقَالَ أَبُو زيد: القطِيبة: أَن يخلط لبن الضَّأْن والمِعزَى، وَهِي النَّخيسة. وكل

(9/28)


ُّ ممزوج قطيبةٌ. والقطاب: المزاج. قطّبَ بَين عَيْنَيْهِ، أَي: جمعَ الغضون.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: القطيبة: الرثيئة.
أَبُو زيد: فِي الجبينِ المقطَّبُ، وَهُوَ مَا بَين الحاجبَين.
وقُطَيبَ: من أَسمَاء الْعَرَب، تَصْغِير قطب.
طبق: قَالَ اللَّيْث: الطَّبقُ: عُظَيم رَقِيق يفصل بَين الفَقَارين.
وَقَالَ غَيره: الطَبَق: فَقار الصلب أجمع. وكلّ فَقارة طبَقة.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: (وَتبقى أصلابُ الْمُنَافِقين طَبقاً وَاحِدًا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الطَبَق: فَقَار الظّهْر، واحدتُه طَبقة.
يَقُول: فَصَارَ فقارهم كلّه فَقَارةً وَاحِدَة، فَلَا يقدرُونَ على السُّجود.
وَيُقَال: يَد فلانٍ طبقةٌ وَاحِدَة، إِذا لم تَكن منبسطةً ذاتَ مفاصل.
والطبقة من الأَرْض: شبه المشَارة، والجميع الطَّبَقَات.
ثَعْلَب عَن سَلمة عَن الْفراء، يُقَال: لقِيت مِنْهُ بناتِ طبَقٍ، وَهِي الداهية.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال: جَاءَ بِإِحْدَى بناتِ طَبَق، قَالَ: وَأَصلهَا من الحيّات. ولمّا نُعي المنصورُ إِلَى خلفٍ الأخمر أنشأ يَقُول:
قد طرَّقتْ ببِكرِها أمَّ طبَقْ
فَذَمَّروها وَهْمةً ضخمَ العُنُق
موت الإِمَام فِلقةٌ من الفِلَق
وَقَالَ غَيره: قيل للحَية أم طبق وَبنت طَبَق لَتَرحِّيها وتَحوِّيها. وَأكْثر الترحّي للأفعى.
وَقَالَ غَيره: قيل للحيّات بناتُ طبق لإطباقها على مَن تَلسعه. وَقيل: إنَّما قيل لَهَا بناتُ طَبَق لأنّ الْحواء يُمسكها تَحت أطباق الأسفاط المجلّدة.
وَيُقَال: مضى طَبقٌ من النَّهَار، أَي: سَاعَة. ومِثله مَضَت طَائِفَة من اللَّيْل.
وطِباق الأَرْض وطِلاعُها سَوَاء، مَعْنَاهُمَا مِلْؤها.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: هَذَا الشَّيْء وَفْق هَذَا ووِفاقُه، وطِبْقُه وطَبقه، وطَابَقُه، وطَبيقُه ومُطبَقُه، وقالَبُه وقَالِبُه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَمِنْه قَوْلهم: (وافَق شنٌّ طَبقة) .
أَبُو عبيد: شنٌّ وطبق: حيّانِ من الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن السكّيت: طَبق: حيّ مِن إياد، وشَنّ: ابْن أفْصَى بن عبد الْقَيْس، وَكَانَت شَنٌّ لَا يُقَام لَهَا، فواقعتْها طَبق فانتصفتْ مِنْهَا فَقيل:
وافَق شَنٌ طبَقة وافَقه فاعتَنَقهُ
وَأنْشد:

(9/29)


لَقيتْ شَنٌّ إياداً بالقَنا
طَبقاً وافَق شَنٌّ طَبقه
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي هَذَا المَثل:
الشّنُّ: الوِعاء الْمَعْمُول من الأدَم، فَإِذا يبس فَهُوَ شَنٌّ، فَكَانَ قوم لَهُم مِثلُه فتَشَنَنَ، فَجعلُوا لَهُ غِطاءً، فوافَقه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: المطابَقة المشيُ فِي الْقَيْد. وَهُوَ الرَّسْف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْمُطَابقَة أَن يضع الفرسُ رجلَه فِي مَوضِع يدِه؛ وَهُوَ الأحَق من الْخَيل.
وَيُقَال: طابَق فلَان لي بحَقي وأَذْعَن، إِذا أقَرّ وبَخَع.
وَقَالَ الجعديّ:
وخَيلٍ تُطابِق بالدَّارعين
طِباقَ الْكلاب يَطأن الهَرَاسا
وَيُقَال: طابَق فلَان فلَانا، إِذا وافَقه وعاوَنَه.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحرّاني قَالَ التطبيق فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن يضع كفّه الْيُمْنَى على الْيُسْرَى. يُقَال: طابقت وطبّقت.
قَالَ: وَقَوْلهمْ: (رَحْمَة الله طِباقُ الأَرْض) ، أَي: تغشَى الأَرْض كلّها.
وَفِي حَدِيث عمرَان بن حُصين أنَّ غُلَاما لَهُ أبَق فَقَالَ: لَئِن قدَرتُ عَلَيْهِ لأقطعنّ مِنْهُ طابقاً، قَالَ: يُرِيد عُضواً.
والتطبيق فِي الرُّكُوع كَانَ مِن فِعل الْمُسلمين أوّل مَا أُمِروا بِالصَّلَاةِ، وَهُوَ مُطابَقة الكفَّين مبسوطتين بَين الرُّكبتين فِي الرُّكُوع. ثمَّ أمروا بإِلقام الكفيْن داغِصَتَيِ الرُّكْبَتين، كَمَا يَفعل النَّاس الْيَوْم.
وَكَانَ ابنُ مسعودٍ استمرَّ على التطبيق لأنّه لم يكن سَمِع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَمر الآخَر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التطبيق أَن يثب البعيرُ فتقعَ قوائمُه بِالْأَرْضِ مَعًا.
وَقَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
حتّى إِذا مَا اسْتَوَى طَبَّقت
كَمَا طبّق المِسحَلُ الأغبرُ
يَقُول: لمّا اسْتَوَى الراكبُ عَلَيْهَا طبَّقت.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَأحسن الرَّاعِي فِي قَوْله:
وَهِي إِذا قَامَ فِي غَرزِها
كمِثلِ السَّفينة أَو أوْقَرُ
لأنَّ هَذَا من صفة النجائب، ثمَّ أَسَاءَ فِي قَوْله: (لأنَّ النجيبة يُستحبّ لَهَا أَن تُقدِّم يدا ثمَّ تقدِّم الْأُخْرَى، فَإِذا طبَّقتْ لم تُحْمد. قَالَ: وَهُوَ مثل قَوْله:
حَتَّى إِذا مَا اسْتَوَى فِي غَرْزِها تَثِبُ
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة عَن امرأةٍ غير مَدْخُول بهَا طُلقت ثَلَاثًا؛ فَقَالَ: لَا تَحلّ لَهُ حتّى تنْكح زوجا غَيره.
فَقَالَ ابْن عبّاس: (طبَّقَت) . قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: طبّقت أَرَادَ أصبْتَ وَجهَ الفُتْيا وأصلُه إِصَابَة المفْصِل، وَلِهَذَا قيل لأعضاء

(9/30)


الشَّاة طوابق، وَاحِدهَا طابَق، فَإِذا فصَّلها الرجل فلَم يخطىء المفاصل قيل: قد طبَّق.
وَقَالَ الشَّاعِر:
يصمّم أَحْيَانًا وحِيناً يُطبِّق
يصف السَّيْف: فالتصميم أَن يَمضي فِي العَظْم. والتطبيق: إِصَابَة المَفصِل.
قَالَ الرَّاعِي يصف إبِلا:
وطبّقن عَرْضَ القُفِّ لمّا عَلَوْنَه
كَمَا طبّقتْ فِي العَظْم مُدْيةُ جازِرِ
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
لقد خَطَّ رُومِيٌّ وَلَا زَعَماتِهِ
لعُتبة خَطّاً لم تُطبَّق مَفاصِلُهْ
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {اتَّسَقَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن} (الانشقاق: 19) .
حَدثنِي ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (لتركَبَنّ) .
وفسّر: لتصيرنّ الأمورُ حَالا بعد حَال للشدّة.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: وَقع فلانٌ فِي بَنَات طَبَق إِذا وقعَ فِي الْأَمر الشَّديد.
وَقَالَ ابْن مَسْعُود: لَتركَبنَّ السماءُ حَالا بعد حَال.
وَقَرَأَ أهل الْمَدِينَة: (لَتَرَكَبُنَّ طَبقاً) يَعْنِي الناسَ عَامَّة.
وَالتَّفْسِير الشِّدّة.
وَقَالَ الزّجاج: لتركبنَّ حَالا بعد حَال حَتَّى تصيروا إِلَى الله من إحْيَاء وإماتة وبَعْث.
قَالَ: ومَن قَرَأَ: (لتركبَنّ) أَرَادَ لتركبَنّ يَا محمدُ طبَقاً عَن طبق من أطباق السَّمَاء وقرئت: (ليركَبَنَّ طبقًا عَن طبق) .
وَفِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء: (أسقِنا غيثاً مُغِيثاً طبقًا) .
يُقَال: هَذَا غيثٌ طَبق الأرضِ إِذا طبّقها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
طَبق الأرضِ تحرَّى وتدُرَّ
وَمن نَصَب طَبَق أَرَادَ: تحرَّى طَبَق الأرضِ، وَهُوَ وَجههَا.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرَّاني عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي فِي قَوْله: (غَيثاً طَبَقاً) ، الْغَيْث: الطَبَق: العامّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي حَدِيث رَوَاهُ: (قريشٌ الكَتَبَةُ الحَسَبة، مِلحُ هَذِه الأمّة، عِلم عالِمِهم طِباق الأَرْض) كَأَنَّهُ يُعمّ الأرضَ فَيكون طبقًا لَهَا.
وَأما قَول الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فِي امتداحِه رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِذا مضى عالمٌ بدا طَبَق
فَمَعْنَاه: إِذا مضَى قَرْن ظهر قَرْن آخر.
وإنّما قيل للقَرْن طَبَق لأَنهم طَبَق للْأَرْض ثمَّ ينقرضون وَيَأْتِي طبق للْأَرْض آخرُ.

(9/31)


وَكَذَلِكَ طَبَقَات النَّاس كلُّ طبقةٍ طَبّقت زمانَها.
وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ أَنه وصف مَن يَلِي الْأَمر بعد السُّفيانيّ فَقَالَ: (يكون بَين شَثَ وطُبّاق) .
والشث الطبّاق: شجرتان معروفتان بِنَاحِيَة تِهامة، وَقد ذكرهمَا تأبّط شرا فَقَالَ:
كَأَنَّمَا حَثحَثوا حُصّاً قَوَادِمُه
أَو أُمَّ خِشفٍ بِذِي شَثَ وطُبّاق
وَيُقَال: طبّقت النجومُ: إِذا ظَهرت كلُّها.
وَفُلَان يَرعَى طَبَق النُّجُوم.
وَقَالَ الرَّاعِي:
أَرَى إبلِي تَكالأ راعياها
مَخافةَ جارِها طَبَق النُّجُوم
وَفِي حَدِيث أمّ زرع، أَن إِحْدَى النِّسَاء وصفتْ زوجَها فَقَالَت: (زَوجي عَياياء طَبَاقاء، كلُّ داءٍ لَهُ دَاء) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الطَّباقاء: الأحمق الفَدْم.
وَقَالَ جَمِيل:
طَباقاء لم يَشهد خُصوماً وَلم يَقُد
رِكاباً إِلَى أكوارِها حِين تُعكَف
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الْمَرْأَة: (زَوجي عَيَاياء طباقاء) .
قَالَ: هُوَ المطبَق عَلَيْهِ حُمْقاً.
ابْن شُمَيْل: يُقَال: تجَلّبوا على ذَلِك الْإِنْسَان طَباقاءَ بالمدّ، أَي: تَجمّعوا كلُّهم عَلَيْهِ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: { (أَطْوَاراً أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ} (نوح: 15) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى طباقاً مطبَق بَعْضهَا على بعض.
قَالَ: وطِباقاً مصدر طُوبقت طِباقاً.
قَالَ: وَنصب طباقاً على وَجْهَيْن: أَحدهمَا مُطَابقَة طباقاً.
وَالْآخر من نعت سَبْع، أَي: خلق سبعا ذَات طِباق.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمَوَات طباق بَعْضهَا على بعض، وكلّ وَاحِد من الطباق طَبقة، وَيذكر فَيُقَال: طَبَق.
قَالَ: والطبَقة: الْحَال.
يُقَال: كَانَ فلانٌ من الدُّنْيَا على طَبَقَات شتّى، أَي: حالات.
والطَبَق: جماعةٌ من النَّاس يَعْدِلُون جمَاعَة مِثلَهم.
قَالَ: وأطبق القومُ على الْأَمر، إِذا أجمَعوا عَلَيْهِ.
وطابَقتِ الْمَرْأَة زوجَها، إِذا واتَتْه.
وَيُقَال: طابَقتُ بَين شَيْئَيْنِ، إِذا جعلتَهما على حَذْوٍ وَاحِد.
قَالَ: والمطبّق: شبه اللُّؤْلُؤ إِذا قُشِر اللُّؤْلُؤ أخِذ قِشره ذَلِك فألزق بالغراء بعض بِبَعْض فَيصير لؤلؤاً وشِبهه.

(9/32)


الانطباق: مطاوعة مَا أطبقتَ.
وَفِي الحَدِيث: (لله مائَة رحْمة، كل رَحْمَة مِنْهَا كطباق الأَرْض) ، أَي: تَغْشَى الأرضَ كلّها.
وَقيل: طِباق الأَرْض مِلْؤها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطَبَق: الْحَال على اختلافها.
والطَبَق: الأُمّة بعد الأمّة.
والطبَق: سَدُّ الْجَرَاد عَينَ الشّمس.
والطَبَق: انطباق الْغَيْم فِي الْهَوَاء.
والطَبَق: الدَّرَك من أَدْرَاك جهنّم.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال للبليغ من الرِّجَال: قد طبّق المفصِل، ورَدَّ قالَب الْكَلَام، وَوضع الهِناء مَوضع النُّقب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطِّبْق: الدِّبق، والطَّبْق بِفَتْح الطَّاء. الظُّلم بِالْبَاطِلِ. والطِّبْق: الخَلْق الْكثير.
وَقَالَ الأصمعيّ: الطِّبق الْجَمَاعَة من النَّاس. وكلُّ مفصل طِبق وَجمعه أطباق. وَلذَلِك قيل للَّذي يُصِيب الْمفصل مطبَّق. وَقَالَ:
ويحميك باللين الحسامُ المطبِّق
قَالَ: وَجَاء فلَان مقتعطاً، إِذا جَاءَ متعمّماً طابقيّاً، وَقد نهى عَنْهَا.
وأخبِرَ الحسنُ بِأَمْر فَقَالَ: إِحْدَى المُطْبقات.
قَالَ أَبُو عَمْرو: يُرِيد إِحْدَى الدَّوَاهِي والشدائد الَّتِي تُطْبِق عَلَيْهِم. وَيُقَال للسّنة الشَّدِيدَة: المُطبقة.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وَأهل السَّماحةِ فِي المُطْبِقات
وَأهل السكينَة فِي المَحفِلِ
قَالَ: وَيكون المطبِّق بِمَعْنى المُطبِق.
وطبَّق فلانٌ، إِذا أصَاب فَصّ الحَدِيث. وطبَّق السيفُ، إِذا وَقع بَين عَظْمَين.
بطق: يرْوى عَن عبد الله بن عَمرٍ وأنّه قَالَ: يُؤْتى برجلٍ يَوْم الْقِيَامَة وتُخرَج لَهُ تسعةٌ وَتسْعُونَ سجلاً فِيهَا خطاياه، وتُخرَج لَهُ بطاقة فِيهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إلاّ الله فتَرَجح بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البطاقة: الورقة. وَقَالَ غَيره: البطاقةُ رقْعَة صغيرةٌ، وَهِي كلمة مبتذلة بِمصْر وَمَا والاها، يَدْعُون الرُّقعة الَّتِي تكون فِي الثَّوْب وفيهَا رَفْم ثمنِه بِطاقة. وَكَأَنَّهَا سمِّيت بطاقةً لأنّها تشدّ بِطاقةٍ من الثَّوب. رَوَاهَا بَعضهم: (نِطاقة) وَمَعْنَاهَا الرُّقعة أَيْضا.
قبط: قَالَ اللَّيْث: القبْط هم أهل مصرَ بُنْكُهَا. وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم قِبْطيّ.
قَالَ: والقُبطيَّة، وَجَمعهَا القَباطيّ، وَهِي ثيابٌ بيض مِن كتَّان تُعمل بِمصْر. فلمَّا ألزمتْ هَذَا الاسمَ غيَّروا اللَّفْظ، فالإنسان قِبطيّ وَالثَّوْب قُبْطيّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال للناطف القُبَّيطَى

(9/33)


مَقْصُورَة، والقُبَيطاء مَمْدُود، إِذا قصرت شدّدت الْبَاء، وَإِذا مددت خفَّفتها.
وَقَالَ شمر: القَباطيّ: ثيابٌ إِلَى الرقَّة والدقَّة وَالْبَيَاض.
وَقَالَ الْكُمَيْت يصف ثوراً:
لياحٌ كأنْ بالأتحميّة مُسبِغٌ
إزاراً وَفِي قُبْطِيَّةٍ متجلبِبُ
بقط: البُقَّاط: ثُفْل الهبيد وقِشْره.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا لَم يَنَلْ مِنْهُنَّ شَيْئا فقَصْرُه
لدَى حِفْشِه من الهبيدِ جَريمُ
ترَى حولَه البُقّاط مُلْقى كَأَنَّهُ
غَرانيقُ نخل يَعْتَلِين جُثُومُ
يصف القانِصَ وكِلابَه ومَطعَمه من الهبيد إِذا لم يَنَل صَيْداً.
وروى شمرٌ بإسنادٍ لَهُ عَن ابْن المسيّب أَنه قَالَ: (لَا يَصلح بَقْطُ الجِنَان) .
قَالَ شمر: سَمِعت أَبَا محمدٍ يروي عَن ابْن المظفر أَنه قَالَ: البَقْط أَن تُعطَى الجِنانُ على الثُّلث وَالرّبع.
قَالَ: وبلغنا عَن أبي مُعاذٍ النَّحْوِيّ أَنه قَالَ: البَقْط مَا يسقُط من التَّمْر إِذا قطِعَ يخطئه المِخلَب.
قَالَ: وبقَطُ الْبَيْت قُماشُه، ومِن أمثالهم: (بقِّطيه بطِبِّك) يُقَال: ذَلِك للرجل يُؤمر بإحكام الْعَمَل بعِلمه ومعرفته، وَأَصله أنّ رجلا أَتَى امْرَأَة فِي بَيتهَا فأخَذَه بطنُه فأحدَثَ فَقَالَ لَهَا: (بَقَّطيه بطبّك) ، أَي: فرِّقيه برفْقِكَ لَا يُفْطَن لَهُ، وَكَانَ الرجل أحمَق.
وَأنْشد بَعضهم:
رَأَيْت تميماً قد أضاعت أمورَها
فَهمْ بَقَطٌ فِي الأَرْض فرْثٌ طوائف
فَأَما بَنو سعد فبالخَطِّ دارُها
فبابانُ مِنْهَا مألفٌ فالمَزَالفُ
(فهم بَقط) ، أَي: فِرَق.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: بقَّط متاعَه: إِذْ فرَّقه.
عَمْرو عَن أَبِيه: بقَّط فِي الجَبل وبَرْقط وتقَذْقذ فِي الْجَبَل، إِذا صَعَّد.
أَبُو سعيد، قَالَ بعض بني سُليم: تبقّطتُ الْخَبَر وتسقطتُه وتذَقَّطته، إِذا أخذتَه شَيْئا بعد شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَبط: الْجمع، والبَقط: التَّفرقة.
قَالَ: وَفِي حَدِيث عليّ أَنه حَمَل على عَسْكَر الْمُشْركين، فَمَا زَالُوا يُبقِّطون، أَي: يتعادَون إِلَى الْجبَال.
وَقَالَ شمر: روى بعضُ الروَاة حديثَ عَائِشَة، فواللَّهِ مَا اخْتلفُوا فِي بُقْطةٍ إِلَّا طارَ أبي بحَظِّها.
قَالَ: البقْطة: البقْعة من بقاع الأَرْض. تَقول: مَا اخْتلفُوا فِي بُقعة من الْبِقَاع.
يُقَال: أَمْسينا فِي بُقطةٍ مُعشِبة، أَي: فِي

(9/34)


رُقعة من كَلأٍ.
قَالَ: وَيَقَع قَول عَائِشَة على البُقطة من النَّاس، وعَلى البُقطة من الأَرْض: والبقطة من النَّاس: الفِرقة.
ق ط م
قطم، قمط، مقط، مطق: مستعملة.
قطم: قَالَ اللَّيْث: فَحل قَطِم. وَقد قَطِمَ يقطَمُ قَطَماً، وَهُوَ شدَّة اغتلامه، والجميع: قُطْم.
قَالَ: والقطِم والقطِيم: الْفَحْل الصَّؤُل.
وَأنْشد:
يَسُوق فحلاً قَطِماً قِطْيَمَّا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القطِم: الْفَحْل الهائج من الْإِبِل.
قَالَ: وَيُقَال: قَطَاميّ وقُطَاميّ للصقر، وَهُوَ مَأْخُوذ من القَطِم، وَهُوَ المشتهي للحم وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: القُطاميُّ من أَسمَاء الشاهين.
قَالَ: وقَطامِ: من أَسمَاء النِّسَاء.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: قَطَمْتُ الشَّيْء بأطراف أسناني أقطِمُ قَطْماً، إِذا تناولتَه.
وَقَالَ غَيره: قَطَمَ يقطِمُ، إِذا عَضَّ بمقدَّم الْأَسْنَان.
وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
وخائفٍ لَحْمًا شاكاً براثنُه
كَأَنَّهُ قاطمٌ وقْفَينِ من عاجِ
ابْن السّكيت: القطْم: العَضّ بمقدَّم الْأَسْنَان. يُقَال: اقطِمْ هَذَا العودَ فَانْظُر مَا طعمُه.
وَأنْشد:
وَإِذا قَطمتهمُ قَطَمْتَ علاقِماً
وقواضيَ الذِّيفانِ فِيمَا تَقْطِمُ
قَالَ: والقطم: شَهْوَة الْفَحْل للضِّراب، جَمَل قَطِمٌ بيِّن القَطم.
وَقَالَ اللَّيْث: مِقطم الْبَازِي: مِخْلبه. والقطم: تَناول الْحَشِيش بِأَدْنَى الْفَم.
مقط: قَالَ اللَّيْث: المِقاط: حَبلٌ صَغِير يكَاد يقوم من شدّة إغارته، والجميع المَقط:
من البياضِ مُدَّ بالمِقاطِ
يصف الصُّبْح.
قَالَ: والمقَّاط: أجِير الكَرِيّ، والماقِط: مولَى الموَالِي. والمقط: الضَّرْب بالحبيل الصَّغِير.
شمر: المقَّاط: الْحَامِل من قَرْيَة إِلَى قَرْيَة أُخْرَى. حَكَاهُ عَن ابْن شميلٍ أَبُو عَمْرو فِيمَا روى عَنهُ.
أَبُو عبيد: المِقَاط: الحَبل، وجمعُه مُقُط.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الماقط: الْبَعِير الَّذِي لَا يَتَحَرَّك هُزالاً، وَقد مَقط يَمقط مُقوطاً، وَهُوَ الرازمُ أَيْضا.
أَبُو زيد: مَقطتُ صَاحِبي أمقطه مَقطاً، إِذا

(9/35)


بلغتَ إِلَيْهِ فِي الغيظ. وَمقطْتُ عنقَه بالعصا ومَقرْته، إِذا ضربتَه بهَا حَتَّى ينكسر عَظم العُنق والجلدُ صحيحٌ.
وَقَالَ أَبُو جُنْدُب الْهُذلِيّ:
أَيْن الْفَتى أُسَامَة بن لُعْطِ
هلاّ تقوم أَنْت أَو ذُو الإبطِ
لَو أَنه ذُو عِزّةٍ ومَقطِ
لمنعَ الجيرانَ بعض الهمط
قيل: المقط: الضَّرب. يُقَال: مقطه بالسَّوط.
قيل: والمقط: الشدَّة، وَهُوَ ماقِط: شَدِيد. والهمط: الظُّلم.
وَقَالَ اللَّيْث: المقط: الضَّرْب بالحُبَيل الصَّغِير المغار.
وَقَالَ غَيره: امتقط فلانٌ عَينين مثلَ جمرتين، أَي: استخرجهما.
قمط: قَالَ اللَّيْث: القَمط: شَدٌّ كشَدّ الصَّبِي فِي المهد وَفِي غير المهد، إِذا ضُمّ أعضاؤه إِلَى جسده ثمَّ لُفّ عَلَيْهِ القِماط، والقماط هِيَ الْخِرْقَة العريضة الَّتِي تُلفّ على الصبيّ إِذا قُمط، وَلَا يكون القَمط إِلَّا شدّ الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ مَعًا.
قَالَ: وسِفاد الطّير كُله قِماط.
الحرَّاني عَن ثَابت بن أبي ثَابت قَالَ: قفَط التّيسُ يقفِطه، إِذا نزا، وقمط الطَّائِر يقمط.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: قمطها وقفَطها.
وَفِي حَدِيث شُرَيْح: أَنه قَضى بالخصّ للَّذي يَلِيهِ القُمط، وَذَلِكَ أَنه احتكمَ إِلَيْهِ رجلانِ فِي خُصَ ادَّعياه مَعًا، وشُرّطه الَّتِي يوثق بهَا من لِيف كَانَت أَو من خُوص هِيَ القُمُط، فَقضى بِهِ للَّذي تليه المعَاقِد دون من لَا تليه مَعاقِد القُمط.
وَقَالَ اللَّيْث: القُمَّاط: اللُّصُوص، وَيُقَال: وقعتُ على قِماطِ فلَان، أَو على بُنوده، وجمعُه القُمط.
مطق: أَبُو عبيد: التمطق والتلمظ: التذوّق. وَقد يُقَال فِي التلمظ إِنَّه تَحْرِيك اللِّسَان فِي الْفَم بعد الْأكل كَأَنَّهُ يتتبَّعُ بَقِيَّة من الطَّعَام بَين أَسْنَانه. والتمطق بالشفتين أَن تُضم إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى مَعَ صَوت يكون مِنْهُمَا.
وَأنْشد:
ترَاهُ إِذا مَا ذاقها يتمطقُ

(أَبْوَاب) الْقَاف وَالدَّال)
ق د ت
قتد تقد: (مستعملان) .
قتد: قَالَ اللَّيْث: القَتَدُ: من أَدَوات الرَّحْل والجميع القُتود والأقتاد.
قلت: وَالقَتادُ: شجرٌ ذُو شوك لَا تَأْكُله الْإِبِل إِلَّا فِي عَام جِدْبٍ، فَيَجِيء الرجل ويُضرِم فِيهِ النارَ حَتَّى يَحْتَرِق شوكُه، ثمَّ يُرعيه إِبلَه، ويُسَمّى ذَلِك التَّقتيد. وَقد قتّدَ القَتَادَ، إِذا لَوّح أَطْرَافه بالنَّار.

(9/36)


وَقَالَ الشَّاعِر يصف إبِله وسقيَه أَلْبانَها الناسَ فِي سنة الْمَحْل:
وتَرَى لَهَا زمنَ القتاد على الثّرى
رَخَماً وَلَا يَحيا لَهَا فُصُلُ
وَقَوله: ترى لَهَا (رَخَماً على الثَّرَى) يَعْنِي الرّغّوة شَبّهها فِي بياضها بالرّخَم، وَهِي طير بِيض.
وَقَوله: (وَلَا يَحيا لَهَا فُصُلٌ، لأنّه يؤثِر بأَلْبانها أَضيافَه ويَنحَرُ فُصْلانها وَلَا يقتنيها إِلَى أَن يُحيِيَ الناسَ.
وقُتَائِدَةُ جبَل وتَقْتُدُ: اسْم رَكيّة بِعَينهَا، وَمِنْه قَول الراجز:
وذكرَتْ تَقْتُدَ بَرْدَ مَائِهَا
نصب بَرَدَ، لأنّه جعله بَدَلا من تَقْتُد.
تقتد: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِقْدة: الكُزبرة، وَالنِقْدة بالنُّون: الكَرَوْيا.
ق د ظ ق د ذ
أهملت وجوهها.
ق د ث
قثد ثدق دثق: مستعملة.
قثد: قَالَ اللَّيْث: القَثَد: خِيَار باذْرَنْق.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القَثَد: القِثاء المدوَّر.
قَالَ حُصيب الْهذَلي:
تُدعى خُثيم بن عمرٍ وَفِي طوائفها
فِي كل وَجهٍ رَعيلٌ ثمَّ يُقتثَدُ
أَي: يقطع.
ثدق: أهمله اللَّيْث وَهو مُسْتَعْمل.
ثادق: اسمُ موضعٍ ذكره لبيدٌ فَقَالَ:
فأجمادَ ذِي رَقْد فأكنافَ ثادقٍ
فصارةَ يُوفي فوقَها والأصائلا
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الثَّدْقّ والثادِقّ: النَّدَى الظَّاهِر.
يُقَال: تباعَدَ فِي الثادقّ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سألتُ الرياشيّ وَأَبا حاتمٍ عَن اشتقاق ثادق فَلم يَعرِفاه، فَسَأَلت أَبَا عُثْمَان الأشْناندانيّ عَنهُ فَقَالَ: ثَدَق المطرُ من السَّحَاب، إِذا خرَج خُرُوجًا سَرِيعا.
دثق: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الدَّثْقّ: صَبُّ المَاء بالعَجَلة.
قلتُ: هُوَ مِثل الدَّفْق سَوَاء.
ق د ر
قدر، قرد، دقر، درق، رقد، ردق: مستعملة.
قدر: قَالَ اللَّيْث: القَدَر: الْقَضَاء الموفَّق، يُقَال: قدّر الله هَذَا تَقْديرا، قَالَ: وَإِذا وافَقَ الشيءُ الشيءَ، قلت: جَاءَ قَدَرُه.
والقَدَرية: قوم يُنسَبون إِلَى التَّكْذِيب بِمَا قَدَّر الله من الْأَشْيَاء.
وَقَالَ بعض متكلّميهم: لَا يَلزمنا هَذَا النبز، لأنّا نَنفِي القَدَر عَن الله، وَمن أَثبتَه فَهُوَ أولى بِهِ. وَهَذَا تمويهٌ مِنْهُم، لأَنهم

(9/37)


يتبينون أنَّ القَدَر لأَنْفُسِهِمْ، وَلذَلِك سُمُّوا قَدَريَّة.
وقولُ أهل السّنّة: أنّ علم الله قد سَبقّ فِي البَشر وغيرِهم، فعلِمَ كُفرَ من كَفَر مِنْهُم، كَمَا عَلم إيمانَ مَن آمن، فأثبتَ عِلمَه السَّابِق فِي الْخَلق وكتَبَه، وكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِق لَهُ وكُتِب عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المِقدار اسْم القَدَرِ، إِذا بلغ العبدُ المقدارَ مَاتَ، وَأنْشد:
لَو كَانَ خَلفَك أَو أمامَكَ هائباً
بَشَراً سِواكَ لَهابكَ المِقدارُ
يَعْنِي الْمَوْت.
وَيُقَال: إنَّما الْأَشْيَاء مقَاديرُ، لكلِّ شيءٍ مقدارٌ وَأجل.
والمقدار: هُوَ الهِنْداز.
تَقول: يَنْزل الْمَطَر بمقدارٍ، أَي: بقَدَر وقَدْر، وَهُوَ مبلغ الشَّيْء.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ} (الْبَقَرَة: 236) ، وقرىء قدَرُه وقَدْرُه بِالرَّفْع، وَلَو نصبَ كَانَ صَوَابا على تَكْرِير الْفِعْل فِي النيّة، أَي: ليُعْط الموسعُ قَدَرَه والمُقْتِرُ قَدَرَه.
وَقَالَ الْأَخْفَش: على الموسع قَدَرُه، أَي: طاقته.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس فِي قَوْله: (على المقتر قدَرُه) و (قَدْرُه) .
قَالَ: الثقيل أَعلَى اللغتين وَأكْثر، وَلذَلِك اختير. قَالَ: وَاخْتَارَ الْأَخْفَش التسكين، وإنّما اخترنا التثقيل لأنّه اسْم.
وَقَالَ الكسائيّ: يقْرَأ بِالتَّخْفِيفِ والتثقيل، وكلٌّ صَوَاب، قَالَ: قَدَر يَقدِر مقدِرة ومَقدَرةً ومَقدُرة وقَدَراناً وقِداراً وقُدرةً، كلُّ هَذَا سمعناه من الْعَرَب.
قَالَ: ويَقْدُر لُغَة أُخْرَى لقوم يضمّون الدَّال فِيهَا. فأمَّا قدرتُ الشيءَ فَأَنا أقدِره خَفِيف فَلم أسمعهُ إلاّ مكسوراً.
قَالَ: وَقَوله: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} (الْحَج 74) خَفِيف، وَلَو ثُقِّل كَانَ صَوَابا، وَقَوله: {) سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (الْقَمَر: 49) مثقَل، وَقَوله: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} (الرَّعْد: 17) مثقَّل وَلَو خفّف كَانَ صَوَابا، وَأنْشد:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حديدِ مُجاشِعٍ
مَعَ القَدْر إلاّ حاجةٌ لي أُريدُها
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ، أَي: مَا وصفوه حقَّ وَصفه.
وَقَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير: مَا عظموه حقَّ عَظمته. قَالَ: والقَدْر والقَدَر هَا هُنَا بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} (الْأَنْبِيَاء: 87) .
قَالَ: الْمَعْنى: فظنَّ أَن لن نقدر عَلَيْهِ من

(9/38)


الْعقُوبَة مَا قَدَرْناه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: رُوِي أنَّه ذهب مغاضباً لِقَوْمِهِ، ورُوي أنَّه ذهب مغاضباً لرَبه، فأمَّا من اعْتقد أنّ يونُس ظن أَن لن يَقدِر الله عَلَيْهِ فَهُوَ كَافِر، لأنّ من ظنّ ذَلِك غيرُ مُؤمن، وَيُونُس رسولٌ لَا يجوز ذَلِك الظنُّ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَالْمعْنَى: فظنّ أَن لن نَقدِر عَلَيْهِ العقوبةَ.
قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون تَفْسِيره فظنَّ أَن لن نضيّق عَلَيْهِ من قَوْله جلّ وعزّ: {سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ} (الطَّلَاق: 7) ، أَي: من ضيِّق عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَهَانَنِ} (الْفجْر: 16) ، معنى: فَقدر: فضيَّقَ عَلَيْهِ، وَقد ضَيق الله جلّ وعزّ على يُونُس أشدّ التَّضْيِيق على معذَّبٍ فِي الدُّنْيَا، لأنَّه سَجَنه فِي بطن الْحُوت فَصَارَ مكظوماً، أُخِذ فِي بَطْنه بكظمه.
وسمعتُ الْمُنْذِرِيّ يَقُول: أفادني ابنُ اليزيدي عَن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} ، أَي: لن نضيّق عَلَيْهِ.
قَالَ: وَلم يدر الأخفشُ مَا معنى (نقدَر) ، وَذهب إِلَى مَوضِع القُدرة، إِلَى معنى فظنّ أَن يفوَّتنا وَلم يَعلَم كلامَ الْعَرَب حتَّى قَالَ: إنَّ بعض الْمُفَسّرين قَالَ: أَرَادَ الِاسْتِفْهَام أفظَنَّ أَن لن نقدر عَلَيْهِ، وَلَو علم أنّ معنى نَقْدِرُ: نُضيِّق، لم يَخْبِط هَذَا الخَبْط وَلم يكن عَالما بِكَلَام الْعَرَب، وَكَانَ عَالما بِقِيَاس النحوَ.
قَالَ: وَقَوله: {سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ} (الطَّلَاق: 7) ، أَي: ضيِّق عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَوْله: {أَكْرَمَنِ وَأَمَّآ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَهَانَنِ} (الْفجْر: 16) ، أَي: ضيَّق.
وَأما قَوْله جلّ وَعز: {مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} (المرسلات: 23) .
فإنّ الْفراء قَالَ: قَرَأَهَا على (فقدَّرنا) وخففها عَاصِم، وَلَا تُبعدنَّ أَن يكون الْمَعْنى فِي التَّخْفِيف وَالتَّشْدِيد وَاحِدًا، لأنَّ الْعَرَب تَقول: قُدِّر عَلَيْهِ الْمَوْت وقُدر عَلَيْهِ الموتُ، وقُدِّرَ عَلَيْهِ رزقُه وقدِر.
قَالَ: واحتجّ الَّذين خفّفوا فَقَالُوا: لَو كَانَت كَذَلِك لقَالَ: (فَنعم المقدّرون) . وَقد تجمع الْعَرَب بَين اللغتين.
قَالَ الله جلّ وَعز: {كَيْداً فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} (الطارق: 17) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} (الْأَنْبِيَاء: 87) ، أَي: ظَنّ أنْ لن نقدِّر عَلَيْهِ مَا قَدرنَا من كَونه فِي بطن الْحُوت.
قَالَ: ونقدِر بِمَعْنى نقدِّر. وَقد جَاءَ هَذَا التَّفْسِير.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو إِسْحَاق صَحِيح، وَالْمعْنَى: مَا قدّره الله عَلَيْهِ من التَّضْيِيق فِي بطن الْحُوت، وَيكون الْمَعْنى:

(9/39)


مَا قدّره الله عَلَيْهِ من التَّضْيِيق، كَأَنَّهُ قَالَ: ظنّ أَن لن نضيّق عَلَيْهِ، وكلّ ذَلِك شَائِع فِي اللُّغَة، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ، فَأَما أَن يكون قَوْله: {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} فِي الْقُدْرَة فَلَا يجوز، لأنَّ مَن ظنّ هَذَا كَفَر، والظنّ شكّ، والشكّ فِي قدرَة الله كفرٌ. وَقد عصم الله أنبياءه عَن مثل مَا ذهب إِلَيْهِ هَذَا المتأوّل. وَلَا يتَأَوَّل مثله إِلَّا الجاهلُ بِكَلَام الْعَرَب ولغاتها.
والقَدِير والقادر من صِفَات الله جلّ وَعز، يكونَانِ فِي القُدرة، ويكونان من التَّقْدِير.
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ} (الْبَقَرَة: 20) فِي الْقُدْرَة لَا غير، كَقَوْلِه: {عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقْتَدِرًا} (الْكَهْف: 45) ، وَالله مقدِّر مَا هُوَ كَائِن وقاضيه.
وَفِي الحَدِيث: (إِن الله قَدَّر الْمَقَادِير قبل أَن يخلق السَّمَوَات والأرَضينَ بِخَمْسِينَ ألف عَام) .
وَقَالَ اللَّيْث: الْقُدْرَة: مصدرُ قَدَرَ على الشَّيْء قُدرة، أَي: مَلَكه فَهُوَ قادرٌ قدير.
واقتَدَر الشيءَ: جَعَلَه قَدْراً، وكلُّ شَيْء مقتَدِر فَهُوَ الوَسَط، تَقول: رجل مقْتَدِر الطول لَيْسَ بجد طَوِيل.
وَقَوله جلّ وعزّ: {صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ} (الْقَمَر: 55) ، أَي: قَادر.
قَالَ: والقَدْرُ من الرّحال والسُّروج وَنَحْوهَا الوَسَطَ، تَقول: هَذَا سَرْج قَدْر وقَدَرٌ مخفّف ويثقل.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صُومُوا لرُؤيته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن غُمّ عَلَيْكُم فاقدرُوا لَهُ) .
وَفِي حَدِيث آخر: (فإنْ غُمَّ عَلَيْكُم فأكملوا العدّة) .
وَقَوله: فاقدروا لَهُ، أَي قَدِّروا عددَ الشَّهر وأكْملوه ثَلَاثِينَ يَوْمًا، واللفظان وَإِن اختَلَفَا يرجعان إِلَى معنى وَاحِد.
ورُوي عَن أبي الْعَبَّاس بن سُرَيج أَنه قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله: (فاقدرُوا لَهُ) أَي: قدّروا لَهُ مَنازلَ الْقَمَر، فإنّها تُبيِّن لكم أنّ الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ أَو ثَلَاثُونَ.
قَالَ: وَهَذَا خطابٌ لمن تخصّص بِهَذَا العِلم من أهل الْحساب.
قَالَ: وَقَوله: (فأكملوا العِدّة) هُوَ خطابٌ لعوامِّ النَّاس الَّذين لَا يُحسنون تَقْدِير منازلَ الْقَمَر.
قَالَ: وَهَذَا نَظِير الْمَسْأَلَة المشكِلةَ تنزل بالعالِم الَّذِي أعطيَ آلةَ الِاجْتِهَاد، فَلهم تقليدُ أهل الْعلم.
وَالْقَوْل الأول عِنْدِي أصح وأوضح، وَأَرْجُو أَن يكون قَول أبي الْعَبَّاس غير خطأ. وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: القِدْر مَعْرُوفَة وَهِي مُؤَنّثَة وتصغيرها قُديْر بِلَا هَاء.
قلت: القِدْر مؤنّثة عِنْد جَمِيع الْعَرَب بِلَا هَاء، وَإِذا حُقِّرتْ قيل لَهَا: قُدَيرة وقديرٌ

(9/40)


بِالْهَاءِ وَغير الْهَاء لم يخْتَلف النحويُون فِي ذَلِك.
أَبُو عبيد عَن أبي زِيَاد الْكلابِي: قَدَرْت الْقدر أقدُرها قَدْراً: إِذا طبخت قِدراً.
وَقَالَ اللَّيْث: القَدير: مَا طُبخ من اللَّحْم بتوابل، فَإِن لم يكن ذَا تَوابل فَهُوَ طبيخ. قَالَ: ومَرَقٌ مَقدُور وقدير، أَي: مطبوخ.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: القُدَار: الجزار، والقُدَار: الْغُلَام الْخَفِيف الرّوح الثَّقِف اللّقِف. قَالَ: والقُدَار: الحيّة، كل ذَلِك بتَخْفِيف الدَّال.
وَقَالَ اللَّيْث: القُدار: الجزّار الَّذِي يَلِي جَزْرَ الجَزور وطبْخه.
قلت: وَجَاء فِي بعض الْأَخْبَار أَن عَاقِر نَاقَة ثَمُود كَانَ اسْمه قداراً، وأنَّ الْعَرَب قَالَت للجَزّار: قُدار تَشْبِيها بِهِ.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
إِنَّا لنَضرب بالصَّوارم هامَهُمْ
ضَرْبَ القُدار نَقيعةَ القُدّام
وَقَالَ اللَّيْث: قدّرتُ الشيءَ، أَي: هيَّأته.
قَالَ: والأقدر من الرِّجَال: الْقصير العُنُق. والقُدار: الثُّعبان الْعَظِيم.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الأقدر: الْقصير، وَأنْشد:
رأَوك أَقَيْدرَ حِنْزقْرَه
وَقَالَ غَيره: قادرتُ الرجلَ مقادرَة، أَي: قايسته وفعلتُ مثلَ فِعله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عَمْرو يَقُول: الأقدر من الْخَيل: الَّذِي إِذا سَار وَقعت رِجلاه مواقع يَدَيْهِ، وَأنْشد:
وأقدَرُ مُشرف الصّهَوات ساطٍ
كُمَيتٌ لَا أَحقُّ وَلَا شَئيتُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأقدر الَّذِي يُجاوز مَواقع حافري رجلَيْهِ مواقع حافري يَدَيْهِ.
وَقَالَ غَيره: سرجٌ قَادر وقاتر، وَهُوَ الواقي الَّذِي لَا يعقِر. وَقيل: هُوَ بَين الصَّغِير وَالْكَبِير.
وَالتَّقْدِير على وُجُوه من الْمعَانِي: أحدُهما: التروِيَة والتفكير فِي تَسْوِيَة أمرٍ وتهيئته. وَالثَّانِي: تَقْدِيره بعلاماتٍ تقطِّعه عَلَيْهَا. وَالثَّالِث: أَن تنويَ أمرا بعَقدك تَقول: قدّرتُ أمرَ كَذَا وَكَذَا، أَي: نويته وعقدتُ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: قَدّرْتُ لأمر كَذَا وَكَذَا أقدُرُ لَهُ وأقدِرُ لَهُ قَدْراً، إِذا نظرتَ فِيهِ ودبَّرتَه، وقايَستَه.
وَمِنْه قَول عَائِشَة: فاقدِروا قدرَ الجاريةِ الحديثة السِّنّ المشتهيةِ للنَّظَر) ، أَي: قدّروا وقايسوا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَدَر: القارورة الصَّغِيرَة، وَقَالَ: القُدار: الرَّبْعة من النَّاس.
وَقَالَ شمِر: يُقَال: قدَرتُ، أَي: هيّأت، وقدرتُ، أَي: أطقْتُ، وقَدَّرْتُ، أَي:

(9/41)


وقَّتُّ وقدَرتُ: ملكْتُ.
قَالَ لبيد:
فَقَدَرْتُ للوِرْد المُغلِّس غُدوَةً
فوردتُ قبلَ تَبيُّن الألوانِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: قَدَرْتُ وقّتّ وهيَّأت.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فاقدِرْ بذَرْعِك بَيْننا
إِن كنتَ بوأْتَ القَدارهْ
بوأت: هيَّأت.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اقدِرْ بذرعك، أَي: أَبْصِر واعرِف قَدرَك.
وَتَقْدِير الله الخَلْق: تيسيره كلاًّ مِنْهُم لمّا علم أنَّهم صائرون إِلَيْهِ من سَعادة أوْ شَقاوة كُتبتْ لَهُم، وَذَلِكَ أَنه علم ذَلِك مِنْهُم قبلَ خَلْقِه إيّاهم، وحينَ أمرَ بنفخ الرُّوح فيهم، فَكتب عِلْمَه الأزَليَّ السَّابِق فيهم وقدَّره تَقْديرا. وَمِقْدَار الْإِنْسَان: قدرُ عمره وحياتُه.
دقر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدّوْقَرة: بُقْعةٌ تكون بَين الْجبَال المحيطة بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ بُقعةٌ تكون بَين الْجبَال فِي الغِيطان انحسرتْ عَنْهَا الشَّجر وَهِي بيضاءُ صُلْبة لَا نَبَات فِيهَا. وَيُقَال: إِنَّهَا مَنازل الجنّ، ويُكره النزولُ بهَا.
قَالَ: وَيُقَال للكذب المستشنَع والأباطيل مَا جئتَ إِلَّا بالدّقارِير. قَالَ: والدِقْرار: التُّبَّان، وجمعُه الدقارير.
أَبُو عبيد: رجل دِقْرارة، وَهُوَ النمّام، وَجمعه دَقارِير، وَيُقَال: الدِقْرار. التُّبَّان: وجمعهُ الدَقارير.
وَقَالَ أَوْس بن حَجَر:
يَعْلون بالقَلَع الهِنديّ هامَهُمُ
ويَخرج الفَسْوُ من تَحت الدَّقارِير
وَقَالَ شمر: الدَّقارير: الدَّوَاهِي والنمائم.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
على دَقاريرَ أحْكيها وأفْتَعِلُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدِقْرارة: التُّبّان. والدِقْرارة: الْقصير من الرِّجَال. والدِّقرارة: النمّام. والدِقْرارة: الداهية من الدَّوَاهِي. والدِّقْرارة: العَوْمرة، وَهِي الْخُصُومَة المتبعة. والدِقْرارة: الحَدِيث المفتَعَل. والدِقْرارة: المخالَفة.
وَمِنْه حَدِيث عمر: (أَنه أَمر رجلا بِشَيْء فعارَضَه، فَقَالَ لَهُ: قد جئتَني بدِقْرارةِ قَوْمك) ، أَي بمخالفتهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّقْران: الخُشُب الَّتِي تُنصَب فِي الأَرْض يُعرَّش عَلَيْهَا العِنَب، الْوَاحِدَة دُقْرانة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّقْر: الرَّوْضَة الحَسناء، وَهِي الدَّقْرى.
وَأنْشد:
وَكَأَنَّهَا دَقَرى تَحَيَّلُ، نبتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضّالَ نبتُ بِحارها

(9/42)


وَقَالَ غَيره: دَقَرى اسْم رَوْضَة بِعَينهَا. وَقَوله: (تَخيَّلُ، أَي: تَلوَّنُ فتريك رُؤيا تخيّل إِلَيْك أنَّها لونٌ ثمَّ ترَاهَا لوناً آخر، ثمَّ قطعَ الكلامَ الأوّل، وابتدأ فَقَالَ: (نبتُها أُنُف) .
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الدَّقَرى والدِّقْرة والدَّقيرة والوَدَفة والوَدِيفة والرَّقَّة والرّقْمة والمُزْدَجّة للروضة.
قرد: قَالَ اللَّيْث: القِرد مَعْرُوف، وَالْأُنْثَى قردة، وثلاثه أقرُد وقُرود وقِرَدة كَثِيرَة.
وأقرَد الرَجُل: إِذا ذَلّ.
وَأنْشد الْفراء:
يَقُول إِذا اقلَوْلَى عَلَيْهَا وأَقَرَدَتْ
أَلا هَل أَخُو عيشٍ لذيذٍ بدائم
والقُراد مَعْرُوف، وَثَلَاثَة أقرِدة، وقِرْدَانٌ كَثِيرَة.
والقَرْد: لُغَة فِي الكَرْد، وَهُوَ العُنُق، وَهُوَ مجثِم الهامَة على سلِفَة العُنُق.
وَأنْشد:
فجلَّله عَضْب الضَّرِيبةِ صارِماً
فطبَّقَ مَا بَين الذُّؤابَة والقرْدِ
وَقَالَ: والقَرِد من السَّحَاب الَّذِي ترَاهُ فِي وَجهه شبه انعقادٍ فِي الْوَهم، يشبَّه بالوَبَر القَرِد. وَالشعر القَرِد: الَّذِي انعقدتْ أطرافُه.
وَإِذا فَسدتْ مَمْضَغَة العِلْك قيل: قد قَرِد.
وقُرْدُودة الظّهْر: مَا ارْتَفع من ثَبَجه.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: قَالَ: السِّيساء: قردودة الظّهْر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيباني: السِّيساء من الفَرَس: الحارِك، ومِن الحِمار الظَّهر.
وَقَالَ اللَّيْث: القَردد من الأَرْض: قُرنةٌ إِلَى جنب وهدة. وَأنْشد:
مَتى مَا تزرنا آخر الدَّهرِ تلقَنا
بقرقرةٍ ملساءَ لَيست بقردد
وَقَالَ شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: القردد: نحوُ القُفّ.
قَالَ ابْن شُمَيْل: القُرْدودة: مَا أشرفَ مِنْهَا وغَلُظ، وقلَّما تكون القراديد إلاَّ فِي بَسْطَة من الأَرْض وَفِيمَا اتَّسع مِنْهَا، فتَرَى لَهَا مَتْناً مُشرِفاً عَلَيْهَا غليظاً لَا يُنبت إِلَّا قَلِيلا. قَالَ: وَيكون ظَهْرُها سَعَته دَعْوَةً. قَالَ: وبُعْدُها فِي الأَرْض عُقْبَتَيْن وأقلُّ وَأكْثر، وكلُّ شيءٍ مِنْهَا جَدْب ظَهْرُها وأسنادُها.
وَقَالَ شمر: يُقَال القَرْدودة: طريقةٌ منقادة كقُردودة الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَرْدَدُ: مَا ارْتَفع من الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو سعيد: القِرْديدة: صُلْب الْكَلَام.
وحُكي عَن أعرابيَ أَنه قَالَ: استَوْقَح الكلامُ فَلم يَسْهُلْ لي، فأخذتُ قِرْديدةً مِنْهُ فركبتُه وَلم أَزُغ عَنهُ يَمِينا وَلَا شمالاً.
وَيُقَال لَحلَمة الثّدي قُراد: يُقَال للرجل إنّه

(9/43)


لحَسن قرادَيِ الصّدْر.
وَقَالَ ابْن ميادة يمدح بعض الْخُلَفَاء:
كأنّ قُرادَى زَوْرِه طَبعتْهُما
بطِين مِن الجَوْلان كُتَّابُ أعْجما
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: القرادان من الرجل: أَسْفَل الثندوة. يَقُول: فهُما مِنْهُ لطيفان كَأَنَّهُمَا فِي صَدره أثر طين خَاتم خَتمه بعض كتاب الْعَجم. وخصّهم لأَنهم كَانُوا أهلَ دواوين وَكتاب.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: قردت فِي السقاء قرداً: جمعت السمنَ فِيهِ.
وَقَالَ شمر: لَا أعرفهُ وَلم أسمعهُ إلاّ لأبي عبيد.
وَسمعت ابْن الْأَعرَابِي: قلدت فِي السقاء وقريت فِيهِ. والقلْد: جمعك الشَّيْء على الشَّيْء من لبن وَغَيره.
وَفرس قَرِدُ الْخَصيل: إِذا لم يكن مسترخياً، وَأنْشد:
قَرِدُ الخَصِيل وَفِي الْعِظَام بقيَّة
وَيُقَال: فلَان يقرِّد فلَانا: إِذا خَادَعَه متلطِّفاً، وَأَصله الرجل يَجِيء إِلَى الْإِبِل لَيْلًا لَيركبَ مِنْهَا بَعِيرًا فيخاف أَن يَرْغُوَ، فينْزِع منهُ القُرادَ حَتَّى يسْتَأْنس إِلَيْهِ ثمَّ يَخطِمه.
وَقَالَ الأخطل:
لَعَمركَ مَا قُراد بني نُميرِ
إِذا نُزِع القُراد بمستطاع
قَالَ ذَلِك كلَّه الأصمعيُّ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عبيدٍ: وَإِنَّمَا قيل لمن ذَلَّ قد أقرَد، لأنّه شبّه بالبعير يقرّد أَي: يُنزع مِنْهُ القُراد فيُقْرِد لخاطمه وَلَا يستصعب عَلَيْهِ.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: أقرد الرجل: إِذا سكتَ ذُلاًّ، وأخْرَدَ: إِذا سكتَ حَيَاء.
وَيُقَال: جَاءَ الحَدِيث على قَرْدَدِه وعَلى قَنَنِه وعَلى سَمِّه، إِذا جَاءَ بِهِ على وَجهه.
وَقَالَ أَبُو زيد: القِرْديدة الخطّ الَّذِي وسط الظّهْر.
وَقَالَ أَبُو مَالك: القُرْدودة هِيَ الفَقَارة نفسُها.
وَيُقَال: تُمضي قُرْدودة الشتَاء عنّا، وَهِي حَدْبَتُه وشِدّته.
وأمّ القِرْدان فِي فِرْسِن الْبَعِير: بَين السُّلامَيات.
وَأنْشد شمرٌ فِي القَرْد الْقصير:
أَو هِقْلةً مِن نَعام الجَوّ عارَضَها
قَرْدُ العَفَاءِ وَفِي يافوخة صَقَعَ
قَالَ: الصَقَع: القَرَع، والعَفَاء: الريش. والقَرْد: القَصِير.
رقد: قَالَ اللَّيْث: الرُّقود: النّوم بِاللَّيْلِ، والرُّقاد: النّوم.
قلت: الرُّقاد والرُّقود يكونَانِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار عِنْد الْعَرَب.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُواْ ياوَيْلَنَا مَن

(9/44)


بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ} (يس: 52) ، هَذَا قَول الْكفَّار إِذا بُعثوا يومَ الْقِيَامَة. وَانْقطع الْكَلَام عِنْد قَوْله: {مَن بَعَثَنَا} ثمَّ قَالَت لَهُم الْمَلَائِكَة: {مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمانُ} (يس: 52) . وَيجوز أَن يكون هَذَا من صفة المرقد وَتقول الْمَلَائِكَة: حقّ مَا وعد الرحمان.
والرقْدة: هَمْدةُ مَا بَين الدُّنيا وَالْآخِرَة. وَيحْتَمل أَن يكون المرقد مصدرا، وَيحْتَمل أَن يكون موضعا وَهُوَ الْقَبْر. وَالنَّوْم أَخُو الْمَوْت.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاقُود: دَنٌّ كَهَيئَةِ إِردبَّة يُسيَّع باطنُه بالقار. وجمعُه الرواقيد. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي الراقُود نَحوه.
أَبُو عبيد: الارقداد والارمداد: السُّرعة، وَكَذَلِكَ الإغذاذ.
وَمِنْه قَوْله:
فظلّ يرقَدُّ من النَّشاطِ
وَقَالَ: الارقداد: عَدْوُ النافر، كَأَنَّهُ قد نَفَر من شَيْء فَهُوَ يَرْقَدُّ. يُقَال: أتيتُك مُرْقَدّاً.
ورَقْد: اسْم جَبَلٍ أَو وادٍ فِي بِلَاد قيس.
وَأنْشد ابْن السكّيت:
كأرحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المناقِرُ
زلَّمَتْها، أَي: سَوّتْها.
المنذريّ عَن ابْن الأعرابيّ: أرقدَ الرجلُ بِأَرْض كَذَا إرقاداً، إِذا أقامَ بهَا.
ردق: قَالَ اللَّيْث: الرَّدَق لُغَة فِي الرَّدَج، وَهُوَ عِقْي الجَدْي، كَمَا أنَّ الشَيْرق لغةٌ فِي الشَّيْرج.
درق: قَالَ اللَّيْث: الدَرَق: ضَربٌ مِن التِّرسة، الْوَاحِدَة دَرَقة، وتُجمَع على الأدراق تُتَّخذ من جُلُود.
والدَوْرَق: مِكيالٌ لما يُشرب، وَهُوَ مُعَرَّب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّرْق: الصُّلْب من كلّ شَيْء.
وَقَالَ مُدرِك السُلَمي فِيمَا روى ابْن الفَرَج عَنهُ: مَلَسَني الرجلُ بِلِسَانِهِ ومَلَقَني ودَرَقَني، أَي: ليّنني وَأصْلح منّي، يَدْرُقني ويملُسُني ويَمْلُقُني.
والدَّرْدَق: صغَار الإبلِ وَالنَّاس، ويُجمع دَرادِق.
والدَّرْدَاق: دَكٌّ صَغِير مُتَلبِّد، فَإِذا حُفِرَ حُفِرَ عَن رَمْل.
ق د ل
دلق، دقل، قلد، لقد: (مستعملة) .
دلق: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يُؤْتى بِالرجلِ يومَ الْقِيَامَة فيُلقى فِي النَّار فتندلق أقتاب بَطْنه) .

(9/45)


قَالَ أَبُو عبيد: الاندلاق: خُرُوج الشَّيْء مِن مَكَانَهُ، وكلُّ شيءٍ نَدَر خَارِجا فقد اندلق.
وَمِنْه قيل للسيف: قد اندَلَق مِن جَفْنِه، إِذا شقَّه حَتَّى يخرج مِنْهُ.
وَيُقَال للخيل: قد اندلقَتْ، إِذا خرجتْ فأسرعَتِ السَّيْرَ.
وَقَالَ طرفَة يصف خيلاً:
دُلُقٌ فِي غارةِ مسنوحة
كرِعال الطيرِ أسراباً تَمُرّ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّلْق مجزوم: خُرُوج الشَّيْء عَن مَخرجه سَرِيعا.
وَيُقَال: دَلَق السيفُ من غِمْدِه، إِذا سَقَط وخَرَج من غير أَن يُسَلّ، وَأنْشد:
كالسَّيف من جَفْن السِّلاح الدالِقِ
ابْن السّكيت: سيفٌ دَلُوق ودالق، إِذا كَانَ يخرج من غمدِه مِن غير سَلَ؛ قَالَ: وَهُوَ أَجود السيوف وأخلَصُها. وكلُّ سابقٍ متقدِّم فَهُوَ دالِق.
قَالَ: ودَلَقّ الْغَارة: إِذا قَدّمها وبَثَّها. قَالَ: وَيُقَال: بَينا هم آمنون إذْ دَلق عَلَيْهِم السَّيْل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: غارةٌ دُلُقٌ: سريعة الدَّفْعة. والغارة: الْخَيل الْمُغيرَة.
وَيُقَال: أدلقت المُخّة من قَصب العَظْم فاندَلَقَتْ.
وَقَالَ غَيره: دلقَتِ الخيلُ دُلوقاً: إِذا خرجتْ متتابعة فَهِيَ خيل دُلُق، وَاحِدهَا دالق ودَلُوق.
وَيُقَال: دَلق الْبَعِير شقْشِقَته يَدْلِقها دَلْقاً، إِذا أخرجَها فاندلقت.
وَقَالَ الراجز يصف جَمَلاً:
يَدْلِق مِثلَ الحَرَميّ الوافرِ
مِن شَدْقَمِيّ سبِطِ المَشافِرِ
أَي: يخرج شِقْشِقةً مثل الحَرَميّ، وَهُوَ دَلوقٌ فُرِيَ من أَدمَ الْحَرَمُ.
وَقد دَلَقُوا عَلَيْهِم الْغَارة، أَي: شَنُّوها.
والدَّلُوق والدِلْقِم: النَّاقة الَّتِي تكسَّر أسنانُها هَرَماً فَهِيَ تمجّ المَاء.
دقل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدّقْل: ضَعْفُ جِسم الرجل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الدّقَل من النّخل يُقَال لَهَا الألوان، وَاحِدهَا لَوْن.
قلت: وتَمر الدّقَل مِن أردأ التَّمْر، إلاَّ أنَّ الدَقَلة تكون من مَواقير النّخل، وَمن الدّقَل مَا يكون تمره أَحْمَر، وَمِنْه مَا يكون أسودَ وجِرم تَمرِه صغيرٌ ونواه كبيرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدّقَل: خَشَبَة طويلةٌ تُشَدّ فِي وسط السّفينة يُمدُّ عَلَيْهَا الشراع. قَالَ: والدّوْقَلة: الكَمَرة، يُقَال: كَمَرة دَوْقَلة: ضخمة. والدّوْقَلة: الْأكل. وأخْذُ الشَّيْء اختصاصاً يُدوقِلهُ لنَفسِهِ.
وَقَالَ غَيره: دَوقلَ فلانٌ جاريتَه دوقلةً: إِذا أولَجَ فِيهَا كَمَرَتَه فأَوْعَبها.

(9/46)


وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: دَوْقَلَتْ خُصْيا الرجل: إِذا خرجتا مِن خَلفه فضَرَبَتا أدبارَ فَخذيهِ واسترخَتا. ودَوْقَلْتُ الْجرَّة: نَوَّطْتُها بيَدي.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ مبتكراً السُّلَميَّ يَقُول: دَقل فلانٌ لَحْيَ الرجل ودَقَمَه: إِذا ضَرب فَمه وَأنفه. والدقْل: لَا يكون إِلَّا فِي اللَّحْي والقَفا. والدَقْم فِي الْأنف والفمّ.
قلد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ الْهَدْىَ وَلاَ الْقَلَائِدَ} (الْمَائِدَة: 2) .
قَالَ الزّجّاج: كَانُوا يقلدون الإبِل بلِحاء شجر الحَرَم، ويعتصمون بذلك من أَعْدائهم، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَفعلون ذَلِك، فأُمر الْمُسلمُونَ بأَن لَا يُحِلُّوا هَذِه الأشياءَ الَّتِي يتقرَّب بهَا الْمُشْركُونَ إِلَى الله، ثمَّ نُسِخَ ذَلِك وَمَا ذُكِر فِي الْآيَة بقوله جلّ وعزَّ: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} (التَّوْبَة: 5) .
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِئَايَاتِ اللَّهِ أُوْلَائِكَ} (الزمر: 63) .
مَعْنَاهُ: لَهُ مفاتيحُ السمواتِ وَالْأَرْض. وتفسيرُه: أَنَّ كلّ شيءٍ من السَّمَوَات وَالْأَرْض فاللَّهُ خالقُه وفاتحُ بَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: المِقْلاَدُ: الخِزانة. والمقَاليد: الخَزائن.
قَالَ: والْقِلادة مَا جُعل فِي العُنُق، جامعٌ للْإنْسَان والبَدَنة والكلْب.
وتقليدُ البَدَنة: أَنْ يُعَلَّق فِي عُنُقهَا عُروَةُ مَزادةٍ أَو خَلَقُ نعْلٍ فيُعْلَمَ أَنَّهَا هَدْيٌ.
وتقَلَّدْتُ السَّيْفَ، وتَقلَّدْتُ الأمْر، وقلّدَ فلانٌ فلَانا عَملاً تقليداً.
قَالَ: والإقليدُ: الْمِفْتَاح بلغَة أَهل الْيمن.
وَقَالَ تُبَّع حِين قَصَد الْبَيْت:
وأَقمْنا بِهِ من الدّهْر سَبْتاً
وجَعَلْنا لبابه إقليدا
وَقَالَ غَيره: الإقليد مُعرب، وَأَصله كَلِيذ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قيل لأعرابيَ مَا تَقول فِي نساءِ بني فلَان؟ فَقَالَ: قلائد الْخيل، أَي: هنَّ كِرامٌ، لَا يُقلَّد من الْخَيل إلاّ سابقٌ كريم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للشَّيْخ إِذا أَفْنَدَ: قد قُلِّدَ حَبْله، فَلَا يُلتَفَتُ إِلى رأْيه.
وَقَالَ اللَّيْث: القلدُ: إدارتُكَ قُلباً على قُلب من الحُليّ، وَكَذَلِكَ ليُّ الحديدة الدقيقة على مثلهَا قَلْد.
قَالَ: والبُرَةُ الَّتِي يُشَدّ فِيهَا زمامُ النَّاقة لَهَا إقليد، وَهُوَ طرفها يُثنَى على الطّرف الآخر ويُلوَى ليّاً حَتَّى يسْتَمْسك. وسِوار مَقْلُود، وَهُوَ ذُو قُلْبَيْن مَلوِيَّيْنِ.
قَالَ: وأقْلَدَ الْبَحْر على خَلْقٍ كثير، أَي: ضَمَّ عَلَيْهِ وأحْضَنه فِي جَوْفه.
وَقَالَ أميّة:

(9/47)


يُسَبِّحه الحِيتانُ وَالْبَحْر زاخِراً
وَمَا ضَمَّ من شيءٍ وَمَا هُوَ مُقْلِدُ
سَلمة عَن الفرَّاء يُقَال: سَقَى إبلَه قَلْداً، وَهُوَ السّقْي كلَّ يَوْم، بِمَنْزِلَة الظَّاهِرَة.
قَالَ: وَيُقَال: قلدتْه الحمّى: إِذا أخذَته كلّ يَوْم، تقلِده قَلْداً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القِلد: يومَ يأْتي المحمومَ الرِّبْعُ.
والمِقْلَد: المِنجَل يُقطع بِهِ القَتّ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يَقُتُّ لَهَا طوراً وطوراً بمِقلِدِ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: المِقلد عَصا فِي رَأسهَا اعوجاج يُقْلَد بهَا الكَلأ كَمَا يُقلَد القُتّ.
المنذريّ عَن الْحسن عَن أبي الْهَيْثَم: الإقليد: الْمِفْتَاح، وَهُوَ الْمِقليد. والإقليد: شريط يُشَدُّ بِهِ رأسَ الجُلّة. والإقليد: شيءٌ يُطَوّل مثل الْخَيط من الصُّفر يُقَلّد على البُرَة وخَرق القُرْط. وَبَعْضهمْ يَقُول: القِلادُ، يُقْلَد، أَي: يُعْوَى.
والقلْدُ: ليُّ الشَّيْء على الشَّيْء. والقلد: جمع المَاء فِي الشَّيْء يُقَال: قلدت أَقلِد قلْداً، أَي: جمعتُ مَاء إِلَى ماءٍ.
عَمْرو عَن أَبِيه: هُم يتقالدون المَاء، ويَتَفارَطون، ويترافصون، ويتهاجرون، ويتفارصون، أَي: يتناوَبون.
وَفِي حَدِيث عبد الله بنِ عمرٍ وَأَنه قَالَ لقَيِّمِه على الوهْط: (إِذا أَقمتَ قِلْدك من المَاء فاسقِ الأقربَ فَالْأَقْرَب) . أَرَادَ بقِلْدِه يومَ سَقيِه مالَه.
وَيُقَال: كَيفَ قِلْد نَخْل بني فلَان؟ فَيُقَال: تَشرب فِي كلِّ عشرٍ مرّةً. والقِلد: يومُ السّقي، وَمَا بَين القِلْدَين ظِمْءٌ. وَكَذَلِكَ يَوْم وِرْد الحمّى.
وَفِي حَدِيث عمر أنّه استسقى، قَالَ: (فقَلَّدَتْنا السماءُ قَلْداً كلّ خمس عشرَة لَيْلَة) .
قلت: القَلْد: المَصْدر. والقِلْد: الِاسْم.
اقلوَّده النعاسُ: إِذا غشيه وغَلبَه.
وَقَالَ الراجز:
وَالْقَوْم صَرعَى من كَرى مُقْلوِّدِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: يُقَال لثُفْل السّمن: القلْدة والقِشْدة والكُدَادَة.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: قلَدت اللبنَ فِي السِّقاءَ وقريتُه: جمعته فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: قلدت الماءَ فِي الْحَوْض، وقلدت اللَّبن فِي السقاء، أقلِدُه قَلْداً، إِذا قَدَحْتَ بقَدَحِك من المَاء ثمَّ صببْتَه فِي الْحَوْض أَو فِي السقاء. وقَلَد من الشَّرَاب فِي جَوْفه إِذا شرب.
لقد: وَأما (لَقَد) فأصلُه (قَدْ) ثمَّ أدخلتْ عَلَيْهَا اللَّام توكيداً.
قَالَ الفَرَّاء: وَظن بعضُ الْعَرَب أنَّ اللَّام أصليّة فَأدْخل عَلَيْهَا لاماً أُخْرَى فَقَالَ:

(9/48)


للَقَدْ كَانُوا لَدَى أزماننا
لصَنِيعَيْن لِبأْسٍ وتقَاءِ
ق د ن
دنق، قند، قدن، نقد: مستعملة.
دنق: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دانِق ودانق، وَجمع دانِق دَوَانق، وَجمع دانَق دوانيق.
وَقَالَ غَيره: يجوز فِي جَمعهمَا مَعًا دوانق ودوانيق. وَكَذَلِكَ كلُّ جمع على فواعل ومفاعل فَإِنَّهُ يجوز مدُّه بياء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي المكارم قَالَ: الدّنيق والكِيص والصُّوص الَّذِي ينزل وحدَه وَيَأْكُل وحدَه بِالنَّهَارِ، فَإِذا كَانَ الليلُ أكلَ فِي ضوء الْقَمَر لئلاَّ يرَاهُ الضَّيْف.
وَقَالَ: يُقَال للأحمق: دائِق ودانق، ووادق، وهِرْط.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مريضٌ دانق: إِذا كَانَ مُدْنَفاً مُحْرَضاً. وَأنْشد:
إنَّ ذواتِ الدَّلِّ والبَخَانق
يقتُلن كلَّ وابِقٍ وعاشقِ
حتَّى ترَاهُ كالسليم الدانقِ
وَقَالَ اللَّيْث: دَنَّقَ وَجْهُ الرجل تدنيقاً: إِذا رأيتَ فِيهِ ضُمْراً؛ لهزاله من مرض أَو نَصَب.
أَبُو عبيد: دَنَّقَت الشَّمْس تدنيقاً: إِذا دنَتْ للغروب، حَكَاهُ عَن الْأَحْمَر.
وَقَالَ غَيره: دنقَتِ العَينُ تدنيقاً: إِذا غارت. ودَنق للْمَوْت تدنيقاً: إِذا دنَا مِنْهُ.
وَقيل: لَا بَأْس للأسير إِذا خَافَ أَن يمثل بِهِ أَن يدنِّق للْمَوْت.
وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ: فلَان مدنِّق: إِذا كَانَ يُدَاقُّ النظرَ فِي معاملاته ونفقاته ويَستعصِي فِيهَا.
قلت: والتدنيق والمُدَاقَّة وَالِاسْتِقْصَاء: كناياتٌ عَن البُخل والشحّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدُّنقُ: المقترون على عِيَالهمْ وأنفسهم. وَكَانَ يُقَال: (من لم يُدَنق زَرْنق) . قَالَ: والزَرْنقة: العِينة.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الْعُيُون الجاحظة وَالظَّاهِرَة والمدنقة، وهنَّ سَوَاء، وَهُوَ خُرُوج الْعين وظُهورُها.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقَوله أصحُّ مِمَّن جعل تدنيق الْعين غُؤُوراً.
قند: قَالَ اللَّيْث: القَنْد: عُصارة قصبِ السكّر إِذا جَمَد؛ قَالَ: وَمِنْه يتَّخذ الفَانيذ. وسَوِيق مقنودٌ مقنَّدٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القِندَدُ: حالُ الرجل حَسَنَة كَانَت أَو قبيحة.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ القِنْديدُ والطَّابة، والطَّلَّة، والكَسيس، والفَقْد، وأمّ زَنْبقٍ وأمُّ لَيْلَى والزرقاء، للخمر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَناديد: الخُمور، والقَناديد: الْحَالَات، الْوَاحِد مِنْهَا قِنْديد.

(9/49)


وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الْكسَائي يَقُول: رجل قِنْدأوة وسِنْدَأْة وَهُوَ الْخَفِيف: وَقَالَ الفرّاء: هِيَ من النُّوق الجريئة.
وَقَالَ شمر: قِندأوةُ تُهمز وَلَا تُهمز.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قِنْدَأَوة: فِنْعالة؛ وَكَذَلِكَ سِنْداوة وعِنداوة.
وَقَالَ اللَّيْث: القِنْدَأوُ: السيِّىء الخُلُق والغِذاء وَأنْشد:
فجَاء بِهِ يسوِّقُه ورُحْنا
بِهِ فِي البَهْم قِنْدَأْواً بَطينا
أَبُو سعيد: فأسٌ قِندَأوة وقنداوة، أَي: حَدِيدَة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: قَدومٌ قِندأوة: حادّة.
نقد: قَالَ اللَّيْث: النّقْد: تَمْيِيز الدَّرَاهِم. وإعطاؤها إنْسَانا وأخْذُها. الانتقادُ والنَقدُ: ضَرْبَة الصبيّ جَوزَةً بإصبعه إِذا ضَرَب.
المنقَدة: حُزَيفَة تُنْقَد عَلَيْهَا الجَوْزة.
وَيُقَال: نَقدَ أرنَبَتَه بإِصبعه: إِذا ضَرَبها، وَقَالَ خلف الْأَحْمَر:
وأرنَبةٌ لَك محمَرّةٌ
تَكاد تفطِّرها نَقدَه
أَي: تشقّها عَن دَمهَا.
والطائر ينْقد الفَخّ، أَي: يَنقُره بمنقاره.
وَالْإِنْسَان يَنقد الشَّيْء بِعَيْنِه، وَهُوَ مُخَالفَة النَّظر لئلاَّ يُفطَن لَهُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: النقْد: مصدر نَقدته الدراهمَ.
والنَقَد: غَنَمٌ صغَار.
يُقَال: (هُوَ أذلّ من النَقَد) وَأنْشد:
رُبَّ عَديمٍ أعزُّ من أسَدِ
وَرب مُثْرٍ أَذَلُّ من نَقَد
والنَّقَد: أكل الضِّرْس، وَيكون فِي القَرْن أَيْضا وَأنْشد:
عاضها الله غُلَاما بَعدما
شابت الأصداغُ والضِّرْسُ نَقِدْ
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
تَيْس تُيوسٍ إِذا يناطحها
يألم قَرْنانُ أَرومُه نَقدُ
أَي: أَصله مؤتكل، ويُجمع نَقَد الْغنم نِقاداً ونقادة، وَمِنْه قَول عَلْقَمَة:
وَالْمَال صُوفُ قَرارٍ يَلعَبون بِهِ
على نقادَتهِ وافٍ ومجلومُ
يَقُول: المَال يَقلُّ عِنْد قوم وَيكثر عِنْد آخَرين، كَمَا أَن من الْغنم مَا يكثر صوفُه، وَمِنْه مَا يَزْمَر صوفه، أَي: يقلُّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: النُّقْد والنُّعْض: شجر، واحدته نُقْدة ونُعْضة.
وَقَالَ اللحياني: نُقْدة ونُقْد، وَهِي شجرةٌ.
وَبَعْضهمْ يَقُول: نَقَدَة ونَقَد.
قلت: وَلم أسمعهُ من الْعَرَب إلاّ نَقداً محرّك الْقَاف، وَله نَوْر أصفرَ ينْبت فِي القيعان.

(9/50)


وَفِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أَنه قَالَ: (إِن نقدت النَّاس نقدوك، وَإِن تَركتهم لم يتركوك) ، معنى نقدتهم، أَي: عبتَهم واغْتبتَهم.
وَهُوَ من قَوْلك: نقدت رَأسه بإِصبعي، أَي: ضَربته.
والطائر ينْقد الفخَّ، أَي: ينقره بمنقاره.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأنقد والأنقذ، بِالدَّال والذال: القُنفُذ. وَمن أمثالهم: (بَات فلَان بليلة أنقد) : إِذا بَات ساهراً يسرى؛ وَذَلِكَ أَن الْقُنْفُذ يَسرِي ليله أجمع.
يُقَال: (فلانٌ أسْرَى مِن أنقدَ) معرفَة لَا ينْصَرف.
وَقَالَ اللَّيْث: الإنقدَانُ: السُّلَحفاة الذّكر.
قَالَ: والنَّقد: ثمرُ نبت يشبه البَهْرَمان. وَأنْشد:
يَمُدَّانِ أشداقاً إِلَيْهَا كَأَنَّهَا
تَفَرَّقُ عَن نُوّارِ نُقد مثقبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَقد: السِّفَل من النَّاس.
والنّقدة: الكَرْوْيا.
قدن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القدْن: الكفايةُ والحَسْب.
قلت: جَعَل القَدْنَ اسْما؛ وَأَصله من قَوْلهم: قَدْني كَذَا وَكَذَا، أَي: حسبي.
وَمِنْهُم من يحذف النُّون فَيَقُول: قَدِي، وَكَذَلِكَ قَطْني وقَطِي.
ق د ف
قفد، قدف، فقد، دفق، دقف: (مستعملة) .
قدف: قَالَ اللَّيْث: القَدْف بلغَة عُمانَ: غَرْفُ المَاء من الحَوْض أَو من شيءٍ تَصبّه بكفّك.
قَالَ: وَقَالَت العُمانيّة بنت جُلَنْدى، حِين أَلبَستِ السّلحفاةَ حُليَّها: (فغاصت فَأَقْبَلت تغترف من الْبَحْر بكفّها وتصبّن على السَّاحِل وَهِي تنادي القَوَم: نَزافِ نَزافِ، لَم يَبق فِي الْبَحْر غير قُدَاف) ، أَي: غير حَفْنة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد وَذكر قصَّة هَذِه الحَمُقاء ثمَّ قَالَ: القُداف: جَرّة من فَخّار.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَدْفُ: الصبّ. والقَدْف: النَّزْح.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القَدْف: الكَرَب الَّذِي يُقَال لَهُ الرَّفّوج، من جريد النّخل، لُغَة أزْديّة.
دقف: أهمله اللَّيْث.
روى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدَّقْف: هَيجان الدُّقْفانة، وَهُوَ المخنَّث. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الدُّقوف: هَيَجان الخَيُعامة، وكلُّه وَاحِد.

(9/51)


دفق: قَالَ الله جلّ وعزّ: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطارق: 6) .
قَالَ الْفراء: معنى دافق: مدفوق. قَالَ: وَأهل الحجار. أفعَلُ لهَذَا من غَيرهم: أَن يجْعَلُوا الْمَفْعُول فَاعِلا إِذا كَانَ فِي مذهبِ نَعْتٍ، كَقَوْل الْعَرَب: هَذَا سرٌّ كاتم، وهَمٌّ ناصب ولَيْلٌ نَائِم. قَالَ: وأعانَ على ذَلِك أنَّها وافقتْ رُؤُوس الْآيَات الَّتِي هِيَ معهنّ.
وَقَالَ الزّجاج: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} مَعْنَاهُ: من ماءٍ ذِي دَفْق، وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل. وَكَذَلِكَ سرٌّ كاتم: ذُو كتمان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم نَحوا مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَفَق المَاء دُفوقاً ودَفْقاً: إِذا انصبَّ بمرَّة. واندفَقَ الكُوز: إِذا دَفَقَ مَاؤُهُ. فَيُقَال فِي الطّيَرة عِنْد انصباب الكُوز ونحوِه: (دافِقُ خَيُر) . وَقد أدفقْتُ الكُوزَ: إِذا كَدَرت مَا فِيهِ بمرّة.
قلت: الدَفْق فِي كَلَام الْعَرَب صَبُّ المَاء، وَهُوَ مجاوِزٌ، يُقَال: دفقتُ الكُوزَ فاندفق، وَهُوَ مدفوق. وَلم أسمَعْ دفقْتُ الماءَ فدَفق لغير اللَّيْث، وَأَحْسبهُ ذهب إِلَى قَول الله: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ} (الطارق: 6) .
وَهَذَا جائزٌ فِي النعوت: وَمعنى دافق ذِي دفْق، كَمَا قَالَ الْخَلِيل وسيبويه.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَة دِفاقٌ، وَهِي المتدفِّقة فِي سَيرها مُسْرِعة؛ وَقد يُقَال: جَمَلٌ دِفَاق، وناقة دَفْقاء وجَمل أدفَق، وَهُوَ شدّة بينونة المِرفَق عَن الجَنْبين وَأنْشد:
بعَنْتَريسٍ نَرَى فِي زَوْرِها دَسَعاً
وَفِي المَرافق عَن حَيْزُومها دَفَقا
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: يُقَال: دَفَق الله رُوحَه: إِذا دَعَا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ.
وَسَار القومُ سيراً أدفَقَ، أَي: سَرِيعا.
وَيُقَال: فلَان يتدفَق فِي الْبَاطِل تدفُّقاً: إِذا كَانَ يسارِع إِلَيْهِ، قَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا أَنا عَمَّا تَصنَعون بغافلٍ
وَلَا بسفِيهٍ حِلْمُه يتدفّقُ
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: هُوَ يمشي الدِفِقىَّ، وَهِي مشْيَة يتدفق فِيهَا ويسرع. وَأنْشد:
يمشي العُجَيْلَى من مخافةِ شدقمٍ
يمشي الدِّفقيِّ والخنِيفَ ويصبرُ
وَيُقَال: هلالٌ أدفقُ: إِذا رَأَيْته مرقوناً أعقَفَ وَلَا تَراه مُسْتَلْقِيا قد ارتفعَ طرفاه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجل أدفَقُ: إِذا انحنى صُلبه من كِبرٍ أَو غَمّ. وَأنْشد المفضَّل:
وَابْن مِلاطٍ متجافٍ أدفَقُ
وَقَالَ أَبُو مَالك: هِلَال أدفَقُ خيرٌ من هلالٍ حاقن.
قَالَ: والأدفَق: الأعوج. والحاقن: الَّذِي يرتفعَ طرفَاه ويستلقي ظهرُه.
وَفِي (النَّوَادِر) : هلالٌ أدفق، أَي: مستوٍ أَبيض لَيْسَ بمنتكِثٍ على أحد طَرفَيْهِ.

(9/52)


وَرجل أدفَق فِي نبتةِ أسنانِه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَرَب تَستحِبُّ أَن يُهَلَّ الهلالُ أدفَق، ويكرهون أَن يكون مُسْتَلْقِيا قد ارْتَفع طَرَفَاه.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءُوا دُفْقَةً وَاحِدَة: إِذا جَاءُوا دُفعةً وَاحِدَة.
قفد: قَالَ اللَّيْث: القَفْد: صَفْع الرَّأْس ببُسْطِ الكفّ من قِبَل القَفَا تَقول: قفَدْتُه قَفْداً.
قَالَ: والقَفَدانة: غِلاف المُكحُلة يتَّخذ من مشاوب، وَرُبمَا اتُّخِذ من أَدِيم.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القَفَذان: خريطة العطّار.
وَقَالَ اللَّيْث: الأقفد: الَّذِي فِي عَقِبه استرخاءٌ من النَّاس، والظليم أقْفَد، وأَمَةٌ قَفْداءُ.
وَقَالَ غَيره: الأقفد من الرِّجَال الضَّعِيف الرِّخو المَفاصل. وقَفِدَتْ أعضاؤه قَفَداً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: القَفَد مِن عُيُوب الْخَيل: انتصاب الرُّسْغ وإقبالٌ على الْحَافِر، وَلَا يكون القَفَد إلاّ فِي الرِّجْل.
والعِمَّة القَفْداء مَعْرُوفَة، وَهِي غيرُ الميْلاء.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: القَفَد: يُبْسٌ فِي رُسْغ الفَرَس كأنّه يطَأ على مقدم سُنْبُكه.
قَالَ عَمْرو: كَانَ مُصعب بن الزُّبير يعتمُّ القَفْداء. وَكَانَ مُحَمَّد بن أبي وَقاص الَّذِي قَتله الحجّاج يعتمُّ الميلاء.
فقد: اللَّيْث: الفَقد الفِقدان، وَيُقَال امرأةٌ فَاقِد: قد مَاتَ ولداها أَو حَميمُها.
أَبُو عبيد: امْرَأَة فَاقِد، وَهِي الثَّكُولُ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعِيُّ: الفاقد من النِّساء الَّتِي يَمُوت زوجُها.
وَأنْشد اللَّيْث:
كأنّها فاقِدٌ شمْطاءُ مُعْوِلة
ناصت وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكيلُ
قَالَ: وبَقرة فاقدة: أكلَ السِباعُ ولَدَها.
وَيُقَال: أنقدَه اللَّهُ كلَّ حميم.
وَيُقَال: مَاتَ فلَان غيرَ حميد وَلَا فَقيد، أَي: غير مكتَرَثٍ لفِقدانه.
قَالَ: والتفقّد: تطلُّب مَا غَابَ عَنْك من الشَّيْء ورُوِي عَن أبي الدَّرْدَاء أنّه قَالَ: (مَن يَتفقّد يَفقِد، وَمن لَا يُعِدَّ الصَّبْر لفواجع الْأُمُور يَعْجِز) ، فالتفقّد: تطلَّب مَا فقدْتَه، وَمِنْه قَول الله عز وَجل: {الصَّالِحِينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَآئِبِينَ} (النَّمْل: 20) .
وَمعنى قَول أبي الدَّرْدَاء: إنَّ مَن يتفقّد الخيرَ ويطلبه فِي النَّاس لَا يجدُه لعِزّه فِي النَّاس، وَذَلِكَ أنّه رأى الخيرَ والزُّهد فِي الدُّنْيَا عَزِيزًا غيرَ قاشٍ؛ لأنَّه فِي النَّادِر من النَّاس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَقَدة الكُشُوث.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَقَد: شرابٌ يُتَّخذ من الزَّبيب والعَسل.
وَيُقَال: إنّ الْعَسَل يُنبَّذ ثمَّ يُلقَى فِيهِ الفَقَد

(9/53)


فيشُدُّه. قَالَ: وَهُوَ نَبتٌ يشبه الكُشوثُ فيشَدِّدُه.
ق د ب
اسْتعْمل من وجوهه: (دبق) .
دبق: قَالَ اللَّيْث: الدِّبق: حَمْل شجرٍ فِي جَوْفه غِراء لازقٌ يَلزق بجناح الطَّائِر دَبْقاً. قَالَ: ودبّقتُها تدبيقاً: إِذا صِدتَها بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو والأمويّ: الدَّبُوقاء: العَذِرة.
قَالَ رؤبة:
لَوْلَا دَبُوقاءُ استِهِ لم يَبطغِ
وَقَالَ غَيره: الدَّبِيقيّ مِن دِقّ ثِيَاب مِصْر مَعْرُوفَة، تُنسب إِلَى دَبيق اسْم مَوضِع. ودابق: اسْم مَوضِع آخر.
والدَّبُّوق: لُعبةٌ مَعْرُوفَة.
ق د م
قدم، قمد، دمق، دقم، مقد: مستعملة.
قمد: قَالَ اللَّيْث: القَمُدّ: القويّ الشَّديد؛ يُقَال: إنّه لقُمُدّ قُمْدُد، وَامْرَأَة قُمُدَّة. والقُمود شِبْه العُسُوّ مِن شِدَّة الإباء.
يُقَال: قَمَد يَقْمدُ قَمْداً وقُموداً: جامَعَ فِي كلِّ شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَمْد: الْإِقَامَة فِي خَيرٍ أَو شرّ. قَالَ: والقُمُدّ: الغليظ من الرِّجَال؛ وَيُقَال: رجل قُمُدّانيّ أَيْضا.
وَقَالَ غَيره: رجلٌ أقْمَدُ: إِذا كَانَ ضخمَ العُنُق طويلها؛ وَامْرَأَة قَمْداء.
قَالَ رؤبة:
وَنحن إِن نُهِنه ذَوْدُ الذُّوّادْ
سَواعِدُ القَومِ وقُمْدُ الأقمادْ
أَي: نَحن غُلْبُ الرّقاب أقوياء.
مقد: قَالَ اللَّيْث: المَقَدِّيّ من نَعْت الْخمر، منسوبةٌ إِلَى قَرْيَة بِالشَّام.
وَأنْشد فِي تَخْفيف الدَّال:
مَقَدِياً أحَلّه الله للنا
س شرابًا وَمَا تَحِلُّ الشَّمولُ
وَقَالَ شمر: أسمعتُ أَبَا عبيدٍ يروي عَن أبي عمرِو المَقَدِيّ: ضربٌ من الشَّراب، بتَخْفِيف الدَّال.
قَالَ: وَالصَّحِيح عِنْدِي أنّ الدَّال مشدّدة.
قَالَ: وَسمعت رجاءَ بن سَلَمة يَقُول: المَقَدِّي بتَشْديد الدَّال. الطَّلاء المنصَّف، مُشبَّهٌ بِمَا قُدّ بنصفين. ويصدِّقه قَول عَمْرو بن معديكرب:
وهم تَركوا ابنَ كَبْشةَ مُسْلَحِبّاً
وهمْ شَغَلوهُ عَن شُرْب المَقَدِّي
حَدثنَا السعديّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير عَن الْأَعْمَش عَن منذرٍ الثّوري قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّد بن عليّ يشرب الطِّلاء المقدّيّ الْأَصْفَر، كَانَ يرزُقه إِيَّاه عبد الْملك. وَكَانَ فِي ضيافَتِه يرزقه الطِّلاءَ وأرطالاً من لحم.

(9/54)


دقم: قَالَ اللَّيْث: الدَّقْم: دَفْعَك الشَّيْء مفاجأةً تَقول: دقمتُه عَلَيْهِم، وَقد اندقمَتْ عَلَيْهِم الرِّيَاح وَالْخَيْل.
وَقَالَ رؤبة:
مَرّاً جَنُوباً وشَمَالاً تندقمْ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: دَقُمْتُ فَاه ودمَقْته دَقْماً ودَمْقاً، إِذا كسرتَ أسنانَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّقْم: الغَمّ الشَّديد مِن الدَّيْن وَغَيره.
دمق: قَالَ اللَّيْث: الدَّمَق: ثلْجٌ ورِيحٌ مِن كلِّ أوْب حَتَّى يكَاد يَقْتُل من يُصيبه.
قَالَ: والاندماق: الانخراط، يُقَال: اندَمَق عَلَيْهِم بَغْتَة، واندمَق الصّيَّاد فِي قُترته، واندمق مِنْهَا: إِذا خرج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اندَمَق: إِذا دخل؛ وأدمقْتُه إدماقاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّمْق: السَّرِقة.
وروى شمر بإسنادٍ لَهُ أنّ خَالِدا كتب إِلَى عُمر: (أنَّ النَّاس قد دَمَقوا فِي الْخمر وتَزاهدوا فِي الحَدّ) .
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: دَمَق الرجل على الْقَوْم ودَمَر: إِذا دخل بِغَيْر إِذن. قَالَ: وَمعنى قَوْله: دمقوا فِي الْخمر: دخَلوا واتَّسَعوا.
وَقَالَ رؤبة يصف الصَّائِد ودخوله فِي قُترته:
لمّا تَسَوَّى فِي خَفيِّ المُنْدَمَقْ
قَالَ: مُندمَقُه: مَدخله.
وَقَالَ غَيره: المندَمق: المتَّسَع.
أَبُو عدنان عَن الأصمعيّ: دَمَقَ فمَه ودَقَمَه: إِذا دَقّه حَتَّى دخل. وَيُقَال: أَخذ فلانٌ مِن المَال حَتَّى دَقِم وحتَّى فَقِم، أَي: حَتَّى احتَشى.
قدم: الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: القَدَم والرِّجل أنثيان، وتصغيرهما قُدَيمة ورُجَيلة، ويُجمعان أرجلاً وأقداماً.
وَقَالَ اللَّيْث: القَدَم مِن لَدُن الرُّسْغ: مَا يطَأ عَلَيْهِ الْإِنْسَان.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق النحويّ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} (يُونُس: 2) ، قَالَ: قَدَم الصِّدق: المنزِلة الرفيعة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: القَدَم السَّابِقَة.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث، قَالَ: وَكَذَلِكَ القُدْمة. قَالَ: وَالْمعْنَى: أنّه قد سَبق لَهُم عِنْد الله خير. قَالَ: وللكافرين قَدَم شَرّ.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَأَنت امرؤٌ من أهل بيتِ ذؤابةٍ
لهمْ قَدَمٌ معروفةٌ ومفاخرُ
قَالُوا: القَدَم والسّابقة مَا تقدَّموا فِيهِ غيرَهم.
وَفِي الحَدِيث: أنّ جهنّم تمتلىء حتّى يضع الله فِيهَا قَدَمه.

(9/55)


رُوي عَن الْحسن أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ حتّى يَجْعَل الله فِيهَا الَّذين قدّمهم من شرار خَلْقه إِلَيْهَا، فهم قَدَمُ اللَّهِ للنار، كَمَا أنّ الْمُسلمين قَدَمُه للجنّة.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق السعديّ عَن الْعَبَّاس الدُّورِيّ أَنه سَأَلَ أَبَا عبيدٍ عَن تَفْسِيره وَتَفْسِير غَيره من حَدِيث النُّزُول والرؤية فَقَالَ: هَذِه أحاديثُ رَوَاهَا لنا الثِّقاتُ عَن الثّقات حَتَّى رفعوها إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام؛ وَمَا رَأينَا أحدا يفسِّرها، فَنحْن نؤمن بهَا على مَا جَاءَت وَلَا نفسِّرها. أَرَادَ أَنَّهَا تُترك على ظَاهرهَا كَمَا جَاءَت.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى أنّه قَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} قَالَ: القَدَم: كلُّ مَا قدّمتَ من خير، قَالَ: وتقدّمَتْ فِيهِ لفُلان قَدَمٌ، أَي: تقدمٌ فِي الْخَيْر.
وَقَالَ القُتيبيّ: مَعْنَاهُ: أنّ لَهُم عملا صَالحا قدَّموه.
وَقَالَ أَبُو زيد: رجل قَدَم وامرأةٌ قَدَم، مِن رجال وَنسَاء قَدم، وهم ذَوو القَدَم.
وَجَاء فِي التَّفْسِير فِي قَوْله: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} : شَفَاعَة للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجل قَدَم، وامرأةٌ قَدَم: إِذا كَانَا جَريئين.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: القِدَم: العِتْق، مَصدر القَديم. وَقد قدُم يَقدُم. قَالَ: والقدُوم: الإياب مِن السفَر. وَقد قَدِم يَقدمَ قُدوماً.
قَالَ: والقُدْم: المضِيّ، وَهُوَ الْإِقْدَام. يُقَال: أقدَمَ فلانٌ على قِرْنِه إقداماً وقُدْماً ومُقْدَماً: إِذا تَقدّم عَلَيْهِ بجرأة صَدْرِه. وضِدُّه الإحجام.
وَقَالَ اللَّيْث: قُدَّام: خلاف وَرَاء. وَتقول: هَذِه قُدّام، وَهَذِه وَرَاء، تصغيرهما قُديديمة ووُرَيِّئة. تَقول: لَقيتُه قُدَيْديمة ووُرَيِّئة ذَاك. وَأما قَول مُهلهِل:
ضَرْبَ القُدارِ نَقيعَةَ القُدّامِ
فَإِن الْفراء قَالَ: القُدّام: جمع قادم.
وَيُقَال: القُدّام: الْملك.
شمر عَن أبي حسّان عَن أبي عَمْرو.
وَقَالَ: القُدّام والقِدِّيم الَّذِي يتقدَّم النَّاس بالشرف.
وَيُقَال: القُدّام: رَئِيس الْجَيْش.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَدْم: الشّرف الْقَدِيم على مِثَال فَعْل.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل لفُلَان عِنْد فلَان قَدَمٌ، أَي: يَدٌ ومعروف وصَنِيعَة.
وَقَالَ الْفراء: هِيَ القَدُوم الَّتِي يُنحَتُ بهَا، وجمعُها قُدُم. وَأنْشد:
فقلتُ أعِيرانِي القدُوم لعلّني
أَخُطّ بهَا قَبراً لأبيَضَ ماجِدِ
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي جمع القَدوم:

(9/56)


أقامَ بِهِ شاهبورُ الجنو
دَ حَولينِ يضْرب فِيهَا القُدُمْ
وَقَالَ اللَّيْث: القُدُم: ضدُّ أُخُر، بِمَنْزِلَة قُبُل ودُبُر.
وَرجل قُدُم، وَهُوَ المقتحم على الْأَشْيَاء يتقدَّم النَّاس ويَمضي فِي الحروب قُدُماً.
وَقَالَ غَيره: مقدِّمة الْجَيْش بِكَسْر الدَّال: الَّذين يتقدَّمون الْجَيْش.
ومُقْدِم العَين مَا يَلِي الْأنف، ومُؤخرها: مَا يَلِي الصّدْغ.
وَيُقَال: ضَرَب مقدَّم رَأسه ومُؤخَّره.
وَقَالَ اللَّيْث: المقدِّمة: الناصية، والمقدِّمة: مَا استقبلك من الجبْهة والجبين.
وَيُقَال: ضربتُه فَركِب مَقاديمه، أَي: وَقع على وَجهه، وَاحِدهَا مُقْدِم.
وَيُقَال: مَشَطَتها الْمُقدمَة لَا غير.
وَقَالَ اللَّيْث: قادمة الرّحْل من أَمَام: الواسط بِالْهَاءِ.
قلت: الْعَرَب تَقول: آخِرة الرحل وواسِطه. وَلَا يُقَال: قادمة الرحل.
وللناقة قادِمان وآخران، الْوَاحِد قادِم وآخِر.
وَكَذَلِكَ للبقرة قادِماها: خلْفاها اللَّذَان يَليان السُّرَّة، وآخِراها: الخِلْفان اللَّذَان يليان مؤخّرها.
وقَوَادِم رِيش الطَّائِر: ضدّ خَوافِيها، الْوَاحِدَة قادمة وخافية.
وَمن أمثالهم: (مَا جَعَل القوادمَ كالخوافي؟) .
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قُدَامَي الريش: المقَدَّم.
وَقَالَ رؤبة:
خلِقتُ من جَناحك الغُدافِ
من القدامَى لَا من الخوافي
قَالَ: والقدامَى: القدماء.
قَالَ الْقطَامِي:
وَقد علمت شيوخُهم القدامى
إِذا قعدوا كَأَنَّهُمْ النِّسارُ
جمع النِّسر.
وَرَوَاهُ الْمُنْذِرِيّ لنا عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت كَمَا قَالَ ابْن الأنباريّ.
وَقَالَ اللَّيْث: قَيْدوم الرجل: قادِمَته.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: مَشى فلَان القدَميّة واليَقْدُميّة: إِذا تقدّم فِي الشّرف وَالْفضل وَلم يتأخّر عَن غَيره فِي الإفضال على النَّاس.
وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: (إِن ابْن أبي العَاصِي مَشَى القُدَميّة، وإنَّ ابْن الزُّبير لَوَى ذَنَبَه) ، أَرَادَ أنَّ أَحدهمَا سَمَا إِلَى معالي الْأُمُور فحازَها، وأنّ الآخر عَمِيَ عَمَّا سَمَا لهُ مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: ومشَى القدميّة.

(9/57)


قَالَ أَبُو عَمْرو: مَعْنَاهُ: التَّبختُر.
أَبُو عبيد: فإِنما هُوَ مثلٌ، وَلم يُرد المشْيَ بِعَيْنِه، وَلكنه أَرَادَ أنّه يحبُّ معالي الْأُمُور.
وَيُقَال: قَدِم فلانٌ من سَفَره يَقدَم قُدوماً، وقَدِم فلَان على الْأَمر: إِذا أقدَمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فكم مَا ترينَ أمرا راشداً
تَبيَّنَ ثمَّ انْتهى أَو قَدِمْ
وقَدِم فلانٌ إِلَى أَمر كَذَا وَكَذَا، أَي: قَصَد لَهُ، وَمِنْه قَوْله: {وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ} (الْفرْقَان: 23) .
قَالَ الْفراء والزجاج: قَدِمْنا: عَمَدْنا وقَصَدْنا.
قَالَ الزّجاج هُوَ كَمَا تَقول: قَامَ فلانٌ يَشتم فلَانا، تُرِيدُ: قَصَد إِلَى شَتْم فلَان، وَلَا تُرِيدُ بقامَ القيامَ على الرجلَيْن.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القدْم، بِالْقَافِ: ضربٌ من الثِّيَاب حُمْرٌ.
وأقرأني بَيت عنترة:
وبكلِّ مرهفة لَهَا هيف
تَحت الضلوع كطُرَّة القدْمِ
لَا يرويهِ إِلَّا القدْمِ.
قَالَ: والفدم بِالْفَاءِ. هَذَا على مَا جَاءَ وَذَاكَ على مَا جَاءَ.
وَيُقَال: قَدَم فلانٌ فلَانا يقْدُمُه: إِذا تقدّمه وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (هود: 98) ، أَي: يتقدَّمهم إِلَى النَّار. ومَصدَرُه القَدْم.
وَيُقَال: قَدّم فلانٌ يقدّم، وتَقدّم يتقدّم، وأقدَم يُقْدِمُ، واستَقْدَمَ يَستقدم، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {} (الحجرات: 1) ، مَعْنَاهُ: لَا تتقدّموا، وقرىء: (لَا تَقَدَّمُوا) .
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ: إِذا أمرْتم بأمرٍ فَلَا تَفعلوه قبلَ الْوَقْت الَّذِي أمرْتم أَن تفعلوه فِيهِ.
وَجَاء فِي التَّفْسِير: (أنَّ رجلا ذبح يَوْم النَّحْر قبلَ الصَّلَاة، فتقدَّمَ قبل الْوَقْت، فَأنْزل الله الْآيَة وأعلمَ أنّ ذَلِك غير جَائِز) .
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئْخِرِينَ} (الْحجر: 24) ، قيل: المستَقْدمين ممّن خُلِق، والمستأخرين ممّن يُحدَث من الخلْق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقيل: الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم فِي طَاعَة الله والمستأخرين فِيهَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أوّل من اختَتَن إِبْرَاهِيم بالقَدوم) . قَالَ: قَطَعه بهَا. فَقيل لَهُ: يَقُولُونَ: قَدوم: قَرْيَة بِالشَّام؛ فَلم يعرفهُ، وثبتَ على قَوْله.
قَالَ: وَيُقَال: قَدِمَةٌ مِن الحَرّة وقَدِمٌ، وصَدِمةٌ وصَدِم: مَا غَلظ مِن الحرّة.
وَرجل مِقْدَام فِي الْحَرْب: جريء؛ وَرِجَال

(9/58)


مَقاديم. والإقدام: ضدّ الإحجام.

(أَبْوَاب) الْقَاف وَالتَّاء)
ق ت ظ، ق ت ذ، ق ت ث:
أهملت وجوهها.
ق ت ر
قتر، قرت، رتق، ترق: مستعملة.
قتر: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ} (الْفرْقَان: 67) ، قرىء (لم يَقْتِروا) و (لم يَقْتُروا) . وقرىء: (وَلم يُقتِروا) .
وَقَالَ الْفراء: لم يَقتروا: لم يقصِّروا عَمَّا يجب عَلَيْهِم من النَّفَقَة، وَيُقَال: قَتَر وأَقتَر بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: القَتْرُ: الرُّمْقة فِي النَّفقة، وَيُقَال: فلَان لَا يُنفق على عِيَاله إلاّ رُمْقةً، أَي: يُمسِك الرّمَق. وَيُقَال: إنّه لَقتورٌ مقتر. قَالَ: وأقتَر الرجل: إِذا أَقَلّ، فَهُوَ مُقْتِرٌ. قَالَ: والمقتِّر عقيبُ المكثِّر، والمُقْتِر عقيبُ المكْثِر.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: قتَّرت للأسد: إِذا وضَعْتَ لَهُ لحْماً يَجِدُ قُتارَه.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: القُتار: ريح القِدْر.
وَقَالَ اللَّيْث: القُتار رِيح اللَّحْم المشويّ وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: والقتار أَيْضا ريح العُود الَّذِي يُحرَق فيذكَّى بِهِ.
وَقَالَ الفرّاء: هُوَ آخر رَائِحَة الْعود إِذا بخّر بِهِ. (قَالَه) فِي كتاب (المصادر) .
قلت: هَذَا التَّفْسِير للقُتار من أباطيل اللَّيْث. والقُتار عِنْد الْعَرَب: رِيحُ الشِّواء إِذا ضُهِّب على الْجَمْر. وَأما رَائِحَة الْعود إِذا أُلقي على النَّار فإنَّه لَا يُقَال لَهُ قُتار، ولكنّ الْعَرَب تصف استطابةَ القَرِمين إِلَى اللَّحْم ورائحة شِوائه، فشبَّهتها برائحة الْعود إِذا أُحْرِق.
وَمِنْه قَول طرفَة:
أقُتارٌ ذَاك أم رِيحُ قُطُرْ
والقُطُر: العُود الَّذِي يُتبخَّر بِهِ. وَنَحْو ذَلِك قَول الْأَعْشَى:
وَإِذا مَا الدُّخان شُبّه بالآ
نُف يَوْمًا، بشَتْوةٍ، أهضاما
والأهضام: الْعود الَّذِي يُوَقَّص ليُستَجمَر بِهِ.
وَقَالَ لبيدٌ فِي مثله:
وَلَا أضِنُّ بمعْبوط السَّنَام إِذا
كَانَ القُتار كَمَا يُستَروَح القُطُر

(9/59)


أخبر أنَّه يجود بإطعام الطَّعَام إِذا عزَّ اللَّحْم، وَكَانَ ريح قُتار اللَّحْم عِنْد القَرِمِين إِلَيْهِ كرائحة الْعود الَّذِي يُتبخَّر بِهِ.
وَيُقَال: لحمٌ قاتر: إِذا كَانَ لَهُ قُتارٌ لدَسَمِه، وَقد قتَر اللحمُ يَقْتِر. وَرُبمَا جَعلتِ الْعَرَب الشَّحم والدَّسَم قُتاراً.
وَمِنْه قَول الفرزدق:
إِلَيْك تَعَرَّقْنا الذُّرى برِحالنا
وكلّ قُتار فِي سُلامَى وَفِي صُلْبِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: القُتْرة: الْبِئْر يحتفرها الصَّائِد يَكمنُ فِيهَا، وجمعُها قُتَر.
وَقَالَ اللَّيْث: القُتْرة: كُثْبة من بَعْرٍ أَو حَصًى تكون قُتَراً قُتَراً.
قلت: أَخَاف أَن يكون قَوْله قُتَراً قُتَراً تصحيفاً، وَصَوَابه قُمَزاً قُمَزاً، والقُمْزة: الصُّوبة من الحَصَى وَغَيره، وَجَمعهَا القُمَز.
والقَتَرَة: غَبَرة يعلوها سَواد كالدخان.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لله) مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ} {) غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} (عبس: 40، 41) .
وَكَذَلِكَ القَتَر بِلَا هَاء.
أَبُو عبيد: القاتر من الرِّجَال: الجيِّد الوُقوع على ظهر الْبَعِير.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذِي لَا يَستقدم وَلَا يسْتَأْخر.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: القِتْر: نِصال الأهداف.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الأقتار، وَهِي سهامٌ صغَار.
يُقَال: أُغالِيكَ إِلَى عشرٍ أَو أقلّ، فَذَلِك القِتْر بلغَة هُذَيل، يُقَال: كم جَعلتُم قِتْركم.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
كسهم الغِلاءِ مستدرّاً صيابُها
وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: أهْدى يكسوم ابْن أخي الأشرم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِلاحاً فِيهِ سهمٌ لَغْبٌ قد ركبت مِعبلةٌ فِي رُعْظِه، فقوَّم فُوقَه وَقَالَ: هُوَ مستحكم الرِّصاف، وَسَماهُ: (قِتْر الغِلاء) .
وروى حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أنَّ أَبَا طَلْحَة كَانَ يَرمي وَالنَّبِيّ يُقتّر بَين يَدَيْهِ، وَكَانَ رامياً وَكَانَ أَبُو طَلْحَة يَشُور نفسَه وَيَقُول لَهُ إِذا رَفَع شخصه: نحري دونَ نحرِك يَا رَسُول الله.
قَالَ غَيره: هِيَ والأقتار والأقطارُ: النواحي، وَاحِدهَا قُتْر وقُطْر.
وَقد تَقتَّر فلانٌ عنّا وتقطّر: إِذا تنحّى.
وَقَالَ الفرزدق:
وكُنّا بِهِ مستأنسين كَأَنَّهُ
أَخٌ أَو خَليطٌ عَن خليطِ تَقتَّرا
وَقَالَ أَبُو عبيد: تَقطَّر فلَان وتَقتَّر وتَشذَّر، كلُّه تهيّأ لِلْقِتَالِ وتحرَّف لذَلِك.
وَقَالَ الفرزدق أَيْضا:
لطيف إِذا مَا انغَلَّ أَدْرك مَا ابْتغى
إِذا هُوَ للمُطنِي المَخُوفِ تَقتّرا

(9/60)


وَقَالَ شمر: ابْن قتْرةَ: حيَّة صَغِيرَة تنطوي ثمَّ تَنْزُو فِي الرَّأْس، والجميع بَنَات قتْرة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ أُغَيبراللَّون صغيرٌ أرقط ينطوي ثمَّ ينقُز ذِرَاعا أَو نحوَها. وَهُوَ لَا يُجرَى؛ يُقَال: هَذَا ابْن قتْرَةَ. وَأنْشد:
لَهُ مَنزِلٌ أنفُ ابنِ قتْرةَ يَقتري
بِهِ السمَّ لم يَطعَم نُقَاخاً وَلَا بَرْدا
وَقَالَ الفرّاء: سمّيَ ابْن قترة بِالسَّهْمِ الَّذِي لَا حديدةَ فِيهِ، يُقَال لَهُ قترةٌ، وَيجمع القِتَرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَتير أنْ تدنيَ متاعك بعضَه من بعض، أَو بعض ركابك إِلَى بعض، تَقول: قتِّر بَينهَا، أَي: قارِبْ.
أَبُو عبيد: القَتير: الشَّيب.
وَقَالَ غَيره: القَتير: مَسامِير حَلَق الدُّروع تَراها لائحةً، يشبَّه بهَا الشيب إِذا ثقَّب بَين الشّعْر الْأسود.
قرت: قَالَ اللَّيْث: قرَتَ الدمُ يَقرُت قروتاً. وَدمٌ قارت: قد يَبِسَ بَين الجِلد وَاللَّحم، وَمِسْك قارتٌ وَهُوَ أجفُّه وَأجوَده، وَأنشد:
يُعَلُّ بقرّاتٍ من المِسْك قاتِنِ
رتق: قَالَ اللَّيْث: الرَّتْق: إلحام الفَتْق وَإصلاحُه، يُقَال: رتَقنا فَتْقهم حَتَّى ارتَتَقَ.
قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} (الْأَنْبِيَاء: 30) .
حَدثنَا عبد الْملك عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق عَن عَاصِم عَن سُفْيَان عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، أَنه سُئِلَ: آلليل كانَ قبلُ أم النَّهَار؟ فَتلا: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} .
قَالَ: والرَّتْق: الظُّلمة.
وروى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوريّ عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عبّاس قَالَ: خلق الله الليلَ قبلَ النَّهَار، ثمَّ قَرَأَ: {كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} ، قَالَ: هَل كَانَ إلاّ ظُلَّة أَو ظلمَة؟ .
قَالَ الْفراء: فتِقت السَّماء بالقطر، والأرضُ بالنبت.
قَالَ: وَقَالَ: كَانَتَا رَتقاً، وَلم يقل رَتْقَين لِأَنَّهُ أخِذ من الْفِعْل.
وَقَالَ الزّجاج: قيل: رَتقاً لأنّ الرَّتق مصدرٌ، الْمَعْنى: كَانَتَا ذَواتَيْ رَتْق فجعِلتا ذواتي فَتق.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أخبر المنذريُّ عَنهُ: الرَّتْقاء: الْمَرْأَة المنضمةُ الفَرْج الَّتِي لَا يكَاد الذكَر يجوز فَرْجها، لشدَّة انضمامه.
ترق: قَالَ اللَّيْث: التّرْقُوَةُ على تَقْدِير فَعْلُوَة، وَهُوَ وصلُ عَظْمٍ بَين ثُغْرة النّحر والعاتق فِي الْجَانِبَيْنِ.
قلت: وَجَمعهَا التراقي، وَقد تَرْقَيتُ فلَانا: إِذا أصبت ترقوتَه.
وَقَالَ: الترياق: لغةٌ فِي الدّرْياق، فِيهِ شِفاء للسمّ.

(9/61)


ق ت ل
قتل، قلت، تِقِلق: (مستعملة) .
قتل: قَالَ اللَّيْث: الْقَتْل مَعْرُوف، يُقَال: قتَله: إِذا أَمَاتَهُ بضربٍ أَو حجر أَو سمّ أَو علّة. والمنيّة قاتلة.
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (التَّوْبَة: 30) ، لعنهم الله أنّى يصرفون، وَلَيْسَ هَذَا من الْقِتَال الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْمُقَاتلَة والمحاربة بَين اثْنَيْنِ؛ لأنَّ قَوْلهم: قَاتله الله بِمَعْنى لَعَنه الله، من واحدٍ؛ فَإِذا قلتَ: قَاتل فلانٌ فلَانا فَإِنَّهُ لَا يكون إلاّ بَين اثْنَيْنِ. 9
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: معنى: قَاتل الله فلَانا قَتله.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَوْله: {بَرَرَةٍ قُتِلَ الإِنسَانُ} (عبس: 17) ، مَعْنَاهُ: لُعن الْإِنْسَان. وقاتله الله: لعَنه.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَاتل الله فلَانا، أَي: عَادَاهُ.
أَبُو عبيد: القَتَال: بقيَّة النَّفس.
وَقَالَ ذُو الرمة:
مهاوٍ يَدَعْن الجَلْسَ نَحلاً قَتالُها
قَالَ: وَقَالَ الْفراء عَن الكسائيّ: إِذا قتل الرجلَ عشِق النِّسَاء أَو قَتله الجنّ فَلَيْسَ يُقَال فِي هذَيْن إلاّ اقتُتل فلانٌ.
وَأنْشد:
إِذا مَا امْرُؤ حاولْن أَن يَقَتِتلْنَه
بِلَا إضةٍ بَين النُّفُوس وَلَا ذَحْلِ
قَالَه أَبُو عبيد. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الأقتال: الْأَعْدَاء، واحدهم قِتْل، وهم الأقران.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المجرَّذ، والمجرَّس والمُقَتَّل، كلُّه الَّذِي قد جَرَّب الْأُمُور وعَرَفها.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: وَمن أمثالهم فِي المعرِفة وحمدِهم إِيَّاهَا قولُهم: (قَتَّلَ أَرضًا عالمُها وقَتَلَتْ أرضٌ جاهلَها) .
قَالَ: قتَّل: ذلّلَ، من قَوْلهم: فلَان مُقَتّل ومضرَّس.
وَقَالَ اللَّيْث: المقتَّل من الدَّوابّ الَّذِي ذلَّ ومَرَن على الْعَمَل. وقَلْبٌ مقَتَّل، وَهُوَ الَّذِي قُتل عشقاً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَول امرىء الْقَيْس:
بسهْمَيْكِ فِي أعْشار قَلبٍ مقتَّل
قَالَ: المقتَّل: المُعَوَّدُ الْمُضَرَّى بذلك الفِعل، كالناقة المقتَّلَة المذَلَّلة لعملٍ من الْأَعْمَال. وَقد ريضتْ وذُلِّلَتْ وعُوِّدَت.
قَالَ: وَمن ذَلِك قيل للخمر مقتولة، إِذا مُزِجَت بالماءِ حَتَّى ذهبت شدَّتها فَصَارَ رياضةً لَهَا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (النِّسَاء: 157، 158) .

(9/62)


قَالَ: الْهَاء هَا هُنَا للْعلم، كَمَا تَقول قتلته عِلْماً وقتلتُه يَقِينا، للرأي والْحَدِيث.
وَأما الْهَاء فِي قَوْله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} (النِّسَاء: 157) فَهِيَ هَا هُنَا لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج: مَا قَتلوا عِلمَهم يَقِينا، كَمَا تَقول: أَنا أَقتُل الشَّيْء عِلْماً، تَأْوِيله إنِّي أَعلمه عِلماً تامّاً.
وَقَالَ غَيره: قَتل فلانٌ فلَانا: إِذا أماتَه. وأقتَله: إِذا عرَّضَه للقَتْل.
وَقَالَ مَالك بنُ نُوَيرة لامْرَأَته يومَ قتَلهُ خالدُ بن الْوَلِيد: أَقَتَلتِني أَي: عرَّضتني بحُسْن وَجهك للقتْل. فقَتله خالدٌ وتزوَّجها، وَأنكر فِعْلَه عبدُ الله بن عمر.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: هُوَ قاتلُ الشَّتَوَاتِ، أَي: يُطعِم فِيهَا ويُدفىء النَّاس.
وَالْعرب تَقول للرجل الَّذِي جرّب الْأُمُور: هُوَ مُعاودُ السَّقي سقى صيِّباً.
وَقَالَ اللَّيْث: تقتّلَت الجاريةُ للفتى: يُوصف بِهِ العِشق.
وَأنْشد:
تقتّلْتِ لي حَتَّى إِذا مَا قَتَلَتِنِي
تنَسَّكتِ مَا هَذَا بفِعل النّواسك
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال للْمَرْأَة: هِيَ تَقَتَّل فِي مِشيتها، وتَهالَكُ فِي مِشيتِها.
قلت: وَمعنى تقتُّلها وتدلُّلها واختيالها.
وَقَالَ أَبُو زيد: اقتُتل الرَّجل: إِذا جُنّ واقتتلَتْهُ الجنّ، أَي: خَبَلوه.
ورَوى سَلمة عَن الْفراء: اقتُتِلَ الرجُل: إِذا عَشق عِشقاً مبرِّحاً. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
وَمن أمثالهم: (مَقْتَل الرَّجُل بَين فكَّيه) ، أَي: سببُ قَتْلِه بَين لَحْييه، يَعْنِي لِسَانه الَّذِي يَنال بِهِ مِن أَعْراض النَّاس؛ فيُقتل بِهَذَا السَّبَب.
قلت: قَالَ اللَّيْث: ناقةٌ بهَا قَلَتٌ، أَي: هِيَ مِقلاتٌ، وَقد أَقْلَتَتْ، وَهُوَ أَن تضع وَاحِدًا ثمَّ يَقلَتُ رَحِمُها فَلَا تَحمل.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
لنا أُمٌّ بهَا قَلَتٌ ونَذْرٌ
كأُمِّ الأُسْد كاتمة الشَّكاةِ
قَالَ: وامرأةٌ مِقلاتٌ، وَهِي الَّتِي لَيْسَ لَهَا إلاَّ وَلدٌ واحدٌ، وَأنْشد:
وَجْدِي بهَا وجْدُ مِقلاتٍ بواحدِها
وَلَيْسَ يَقوَى مُحِبٌّ فَوق مَا أجِدُ
وأَقلتَت المرأةُ إقلاتاً: إِذا لمْ يَبقَ لَهَا وَلدٌ.
أَبُو عبيد: المِقلات من النِّسَاء الَّتِي لم يَبقَ لَهَا وَلد.

(9/63)


وَقَالَ أَبُو زيدٍ: القَلَت: الْهَلَاك؛ وَقد قَلِتَ الرجُل يَقْلَتُ قلْتاً. وأَقْلته فلانٌ: إِذا أَهلَكه. وأَقلتَت المرأةُ: إِذا هَلك ولدُها، وامرأةٌ مِقلاتٌ، وَهِي الَّتِي لَا يعيشُ ولدُها.
قلت: وَالْقَوْل فِي المِقْلات مَا قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عبيد، لَا مَا قَالَه اللَّيْث.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القَلْتُ: كالنُّقْرة تكون فِي الجَبَل يَسْتَنقِعُ فِيهَا المَاء. والوَقْب نحوٌ مِنْهُ.
قلت: وقِلات الصَّمَّان نُقَرٌ فِي رُؤُوس قِفَافها يملؤها ماءُ السَّمَاء فِي الشتَاء. وَقد وَردتُها مرَّةً وَهِي مُفعَمة فوجدتُ القَلْتَ مِنْهَا يَأْخُذ ملْء مائَة راوية وأقلّ وأكبر؛ وَهِي حُفرٌ خَلقها الله فِي الصُّخور الصُّمّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: القَلت: المطمئِنّ فِي الخاصرة. وَالقَلْتُ: مَا بَين التُّرقوة والعُنُق. والقَلتُ: عَيْنُ الرُّكْبَة. والقَلت: مَا بَين الْإِبْهَام والسَّبّابة.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلْت: حُفرةٌ يَحفِرها ماءٌ واشِلٌ يَقْطر من سَقف كَهْف على حَجَر أير فيوقبُ فِيهِ على مَرِّ الأحقاب، وقْبَةً مستديرة، وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فِي الأَرْض الصُّلبة فَهُوَ قلتٌ كقَلْت العَيْن وَهُوَ وقْبتُها، قَالَ: وقلتُ الثّريدةِ: أُنقوعَتها.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَلَت: الْهَلَاك.
قَالَ: وَحكى الأصمعيُّ عَن بعض الْعَرَب: (إنَّ المسافِر وَمتاعَه لَعَلى قَلَتٍ إلاّ مَا وقَى الله) ، والمَقلَتَة: الْمهْلكَة. وَامْرَأَة مِقلات: لَا يَعِيش لَهَا ولد، وَيُقَال: انقَلتُوا وَلَكِن قَلَتوا.
اللحياني: أمسَى فلانٌ على قَلت؛ أَي: خَوْف.
وَرجل قَلِت وقَلْت، أَي: قَلِيل اللَّحْم. والقَلت مؤنّثة تُصغَّر قُلَيْتة؛ وإنّ فلَانا بمقلَتةٍ، أَي: بمَكَان مخوف.
قلق (تقلق) : قَالَ اللَّيْث: تِقلِق: مِنْ طير المَاء.
ق ت ن
قتن، قنت، تقن، نتق، نقت: (مستعملة) .
قتن: قَالَ اللَّيْث: القتين: الْقَلِيل اللّحم والطُّعم.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي امْرَأَة: (إنّها وضيئة قَتين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: القتين هِيَ القليلة الطّعْم، يُقَال: مِنْهُ امْرَأَة تقين بيِّنة القَتانة والقَتَن.
قَالَ أَبُو زيد: وَكَذَلِكَ الرجل، وَقد قَتَن قَتانة.

(9/64)


وَقَالَ الشماخ فِي نَاقَته:
وَقد عَرِقَتْ مغابنها وجادت
بدِرَّتها قِرَى جَحِنٍ قَتينِ
ابْن جبلة عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَتين والقَنيت وَاحِد، وَهِي القليلة الطَّعم النحيفة. والقُراد قَتين، وسِنانٌ قَتين، أَي: دَقِيق.
ابْن السّكيت: دم قاتن وقاتم، وَذَلِكَ إِذا يَبِس واسودّ. قَالَ الطِّرِمَّاح:
كطَوْفِ مُتَلِّي حَجَّة بَين غَبْغَب
وقُرّةِ مُسْوَدَ من النُّسْكِ قاتنِ
وَقَالَ ابْن المظفّر: مِسكٌ قاتن، وَقد قَتَن قُتوناً، وَهُوَ الْيَابِس الَّذِي لَا نُدوَّة فِيهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: القَتين: القُراد، والقَتين: الرُّمْح.
نقت: أهمله اللَّيْث.
وروى أَبُو ترابٍ عَن أبي العميثل، يُقَال: نُقِت العَظْمُ ونُكِتَ إِذا أُخرج مُخُّه.
وَأنْشد:
وَكَأَنَّهَا فِي السِّبّ مُخّةُ آدبٍ
بيضَاء أُدِّبَ بَدْؤُها المَنْقُوتُ
قنت: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} (الْبَقَرَة: 238) .
قَالَ زيد بن أَرقم: كنَّا نتكلم فِي الصّلاة حتّى نزلت: {وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأُمِرنا بالسُّكوت ونُهينا عَن الْكَلَام. فالقُنوت هَا هُنَا: الْإِمْسَاك عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَنَت شهرا فِي صَلَاة الصُّبح بعد الرُّكُوع يَدْعُو على رِعْلٍ وذَكْوان.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القُنوت فِي أَشْيَاء: فَمِنْهَا الْقيام، وَبِهَذَا جَاءَت الْأَحَادِيث فِي قنوت الصَّلَاة لأنَّه إِنَّمَا يَدْعُو قَائِما. وَمن أبيَنِ ذَلِك حديثُ جابرٍ أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل: أيُّ الصَّلَاة أفضلُ؟ قَالَ: (طولُ القُنوت) ، يُرِيد: طُولَ الْقيام. والقنوت أَيْضا: الطَّاعَة.
وَقَالَ عِكرِمة فِي قَوْله: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} (الْبَقَرَة: 116) ، قيل: القانت: الْمُطِيع.
وَقَالَ الزَّجاج: القانت: الْمُطِيع. قَالَ: وَالْقَانِت: الذاكرِ لله كَمَا قَالَ: {النَّارِ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌءَانَآءَ الَّيْلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الاَْخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الاَْلْبَابِ} (الزمر: 9) ، وَقيل: القانت: العابد. وَقيل فِي قَوْله: {وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ} (التَّحْرِيم: 12) ، أَي: مِن العابدين.
قَالَ: وَالْمَشْهُور فِي اللُّغة أَن الْقُنُوت الدُّعاء. وَحَقِيقَة القانت أنَّه الْقَائِم بِأَمْر الله، فالداعي إِذا كَانَ قَائِما خُصَّ بِأَن يُقَال

(9/65)


لَهُ قَانِت، لأنَّه ذاكرٌ لله وَهُوَ قَائِم على رجلَيْهِ. فحقيقة الْقُنُوت العبادةُ وَالدُّعَاء لله فِي حَال الْقيام وَيجوز أَن يَقع فِي سَائِر الطَّاعَة لأنَّه إِن لم يكن قيامٌ بالرِّجْلين فَهُوَ قيامٌ بالشَّيْء بالنِّية. وَيُقَال للمصلِّي قَانِت.
وَفِي الحَدِيث: (مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل القانت الصَّائِم) ، أَي: المصلّي.
تقن: قَالَ اللَّيْث: التِّقْن: رُسَابة الماءِ فِي الرّبيع، وَهُوَ الَّذِي يَجِيء بِهِ المَاء من الْخُثورة؛ يُقَال: تقَّنوا أَرضَهم، أَي: أرْسلُوا فِيهَا المَاء الخاثر لتَجود. قَالَ: والإتقان: الإحكام للأشياء.
أَبُو عبيد: يُقَال: رجلٌ تِقْنٌ، وَهُوَ الْحَاضِر الْمنطق وَالْجَوَاب.
وَقَالَ الْفراء: رجلٌ تِقْنٌ حاذقٌ بالأشياء، وَيُقَال: الفصاحة من تِقْنه، أَي: من سُوسِه.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: ابْن تِقْنٍ: رجل من عَاد، وَلم يكن يَسْقُط لَهُ سَهْم.
وَأنْشد:
لأكلةٌ من أَقِطٍ وسَمْن
أليَنُ مَسّاً فِي حَوايا البَطْنِ
من يَثْرِبيّاتٍ قِذاذٍ خُشْنِ
يَرمِي بهَا أَرْمَى مِن ابنِ تِقْنِ
قلت: الأَصْل فِي التِّقْن ابْن تِقْنٍ هَذَا، ثمَّ قيل لكلِّ حاذقٍ فِي عملٍ يعمَلُه عَالم بأَمْره تَقْن، وَمِنْه يُقَال: أتقنَ فلانٌ أمره: إِذا أحكَمه.
أنْشد شمِر لِسُلَيْمَان بن ربيعَة بن ريَّان بن عَامر بن ثَعْلَبَة بن السيِّد:
أهلكن طسماً وبعدهم
غذِيّ بهم وَذَا جُدونِ
وَأهل جاش ومأْرب
وحيّ لُقْمَان والتُّقون
واليسر كالعُسر والغنى كال
عُدم والحياة كالمنون
التُّقون، من بني تِقن بن عَاد، مِنْهُم عَمْرو بن تِقن، وَكَعب بن تِقن، وَبِه ضُرب المثلُ فَقيل: (أرمَى من ابْن تِقْن) .
نتق: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ: (عَلَيْكُم بالأبكار من النِّساء فإنهنَّ أعذبُ أفواهاً وأنتق أرحاماً) ، مَعْنَاهُ: أنَّهن أَكثر أَوْلَادًا. يُقَال: امرأةٌ ناتق ومنتاق: إِذا كَانَت كثيرةَ الْوَلَد.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ} (الْأَعْرَاف: 171) ، قَالَ: رُفع الجبلُ على عساكرهم فرسخاً فِي فرسَخ. ونتَقْنا: رَفَعْنا.
وَقَالَ غَيره: نتقْنا الجبلَ فَوْقهم، أَي: زعزعناه وَرَفَعْنَاهُ. وَيُقَال: نتقْتُ السِقاء: إِذا نفضْتُه لِتقلَعَ مِنْهُ زُبْدَته. قَالَ: وَكَانَ نتْق الْجَبَل أنَّه قُطِع مِنْهُ شيءٌ على قدر عَسْكَر مُوسَى فأظلَّ عَلَيْهِم، قَالَ لَهُم مُوسَى: إمَّا

(9/66)


أَن تَقبلوا التوراةَ وإمَّا أَن يَسقُط عَلَيْكُم.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: نَتَق جِرابَه: إِذا صَبَّ مَا فِيهِ. وامرأةٌ مِنْتاق: كَثِيرَة الوَلَد. قَالَ: والناتق: الرافع. والناتق: الفاتق.
وَقَالَت أعرابية لأُخرى: انتُقِي جِرابَكِ فإِنه قد سوَّس. والناتق: الباسط، انتُقْ لَوْطَكَ فِي الغَزالةِ حَتَّى يَجف. والناتق: الْمَرْأَة الْكَثِيرَة الْأَوْلَاد.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّتْق: الجَذْب. ونتَقْتُ الغَرْبَ من الْبِئْر: إِذا جذبته بمرَّة. قَالَ: وَالْبَعِير إِذا تزعزعَ بحملِه نَتَق عُرَى حِباله، وَذَلِكَ إِذا جَذَبها فاسترخت عُقَدها وعُراها فانتتقتْ، وَأنْشد:
ينتقن أَقتاد النُّسوع الأطَّطِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنتَقَ: إِذا أشالَ حَجر الْأَشِدَّاء. وأَنتَقَ: عمل مظلّةً فِي الشَّمْس وأنتَقَ إِذا بَنى دارَه نِتاقَ دارٍ أَي حِيالَهَا. وأَنتقَ صامَ ناتقاً، وَهُوَ شهر رَمَضَان. وأنتقَ: فَتَق جِرابَه ليُصلحه من السُّوسِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: سَمِنَ حَتَّى نَتَق نُتوقاً، وَذَلِكَ أنْ يمتلىء جلدُه شحْماً وَلَحْمًا.
وَقَالَ أَبُو مَالك: نتقتُ الشيءَ: إِذا حركته حتَّى يَسْفُل مَا فِيهِ.
ق ت ف
اسْتعْمل من وجوهه: فتق.
فتق: قَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} (الْأَنْبِيَاء: 30) ، قَالَ: فُتِقت السماءُ بالقطْر والأرضُ بالنبات.
وَقَالَ الزّجاج: كَانَتَا رتقاً ففتقناهما، قَالَ: الْمَعْنى أَن السَّمَوَات كَانَت سَمَاء وَاحِدَة مرتتقة لَيْسَ فِيهَا مَاء فَجَعلهَا غير وَاحِدَة؛ ففتق الله السماءَ فَجَعلهَا سبعا، وَجعل الأَرْض سبع أرَضِينَ. وَيدل على أَنه يُرَاد بفتقِها كونُ المطرِ قولُه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ} (الْأَنْبِيَاء: 30) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: أفتق قَرنُ الشَّمْس: إِذا أصَاب فَتقاً من السَّحاب فَبَدَا مِنْهُ. وَقد أفتقنا: إِذا صادفْنا فَتقاً من السَّحاب فَبَدَا مِنْهُ. وَقد افْتقْنا: إِذا صادفنا فَتقاً، وَهُوَ الْموضع الَّذِي لم يُمطر وَقد مُطِر مَا حولَه.
وَأنْشد:
إنَّ لَهَا فِي الْعَام ذِي الفُتوق
وزَلَلِ النّية والتصفيق
وَقد فتقَ الطّيبَ يُفتِقُه فَتْقاً، وفَتَق الْخياطَة يفتِقُها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: الفَتْقاء من النِّسَاء: الَّتِي صَار مَسلكاها وَاحِدًا، وَهِي الأَتُوم. والفِتاق: انفتاق الغَيْم عَن الشَّمْس فِي قَوْله:
وفتاةٍ بيضاءَ ناعمةِ الجِس
مِ لعوبٍ ووجهُها كالفِتاقِ

(9/67)


وَقيل: الفِتاق: أصل اللِّيف الْأَبْيَض، يشبَّه بِهِ الْوَجْه لنقائه وصفائه.
والفَتْق: انفلاق الصُّبْح.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَقد لَاحَ للسارِي الَّذِي كمَّل السُّرَى
على أُخْرياتِ اللَّيل فَتْقٌ مُشَهَّرُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: عَام الفَتْق: عَام الخِصْب، وَقد أفتَقَ الْقَوْم إفتاقاً: إِذا سَمِنَتْ دوابُّهم ففتَقت.
والفَتْق: أَن تنشَقَّ الْجلْدَة الَّتِي بَين الخُصيَة وأسفل الْبَطن فَتَقَع الأمعاءُ فِي الخُصية.
وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: انفتقت النَّاقة انفتاقاً، وَهُوَ الفَتَق، وَهُوَ داءٌ يَأْخُذهَا مَا بَين ضَرعها وسُرَّتها فربَّما أفْرقَتْ وربَّما مَاتَت، وَذَلِكَ من السّمَن. وتفتَّقتْ خواصر الغَنم من البَقْل: إِذا اتّسَعتْ من كَثْرَة الرَّعْي.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي زيد: الفَتيق اللِّسانِ: الحُذاقيّ الفصيح اللِّسَان. والفيتَقُ: الحدّاد، وَيُقَال: النَّجَّار.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَمَا سَلَكَ السَّكِّيَّ فِي الْبَاب فَيْتَقُ
وَيُقَال للملِك فَيْتَق.
وَقَالَ الآخر:
رأيتُ المنايا لَا يغادِرْن ذَا غِنًى
لمالٍ وَلَا ينجو مِن الْمَوْت فَيْتَقُ
وَقَالَ اللَّيْث: الفِتاق: خَمِيرة ضخمة لَا تلبثُ العَجين إِذا جُعلتْ فِيهِ أَن يُدرك. فتقتُ العجينَ، إِذا جعلتَ فِيهِ فِتاقاً. قَالَ: والفِتاق: أدويةٌ مدقوقة تُفْتَق، أَي: تُخلط بدُهن الزَّنبق كي يفوح ريحُه.
ونصلٌ فتيق الشَّفرتين: إِذا جُعل لَهُ شُعبتان فكأنّ إِحْدَاهمَا فُتقت من الْأُخْرَى، وَأنْشد:
فَتيقُ الغِرارين حَشْراً سَنِينا
وَقَالَ غَيره: سيف فَتيق، أَي: محدَّد الحَدِّ.
وَمِنْه قَوْله:
كنصل الزَّاعبيّ فتيقُ
قَالَ: والفَتق يُصِيب الْإِنْسَان فِي مَراقّ بَطْنه، ينفتقُ الصِّفاق الداخلُ.
وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت أنَّه قَالَ فِي الفَتْق الدّية، أَخْبرنِي بذلك المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ، قَالَ إِبْرَاهِيم: والفَتقُ هُوَ انفتاق المثانة.
قَالَ: وَقَالَ زيدٌ فِيهِ الدِّيَة.
وَقَالَ شُريح والشعبيّ: فِيهِ ثُلث الدِّيَة.
وَقَالَ مَالك وسُفْيَان: فِيهِ الِاجْتِهَاد من الْحَاكِم.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَتق: شَقُّ عَصا الْمُسلمين بعد اجْتِمَاع الْكَلِمَة مِن قبلِ حَرْبٍ فِي ثغر أَو غير ذَلِك. وَأنْشد:
وَلَا أرى فَتْقَهمْ فِي الدّين يرتَتِقُ

(9/68)


وَقَالَ ابْن السكّيت فِي قَول الراجز:
لم تَرْجُ رِسْلاً بعدَ أعوامِ الفَتَقْ
أَي: بعد أَعْوَام الخِصب.
يُقَال: بعير فَتيق وناقة فتيق، أَي: تفتّقتْ فِي الخِصب، وَقد فتِقَت تفتق فَتقاً.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: أفْتَقَ الْقَمَر: إِذا بَرَز بَين سَحابتين سَوْداوَيْن.
وأفتَقَ الرجلُ: إِذا ألحَّتْ عَلَيْهِ الفُتوق، وَهِي الْآفَات من جوع وفَقر ودَين، وأفتقَ: إِذا استَاكَ بالفِتاق، وَهُوَ عُرجون الكَبَاثِ. وَيُقَال: فَتَق فلانٌ الكلامَ وبَجَّه: إِذا قوّمه ونَقَّحه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: امْرَأَة فُتُقٌ مُنفتِقة بالْكلَام.
ق ت ب
اسْتعْمل من جَمِيع وجوهه: (قتب) .
قتب: فِي الحَدِيث: (فتندلِق أقتابُ بَطْنه) ، وَقد مرّ تَفْسِير الاندلاق، وَأما الأقتاب فَهِيَ الأمعاء وَاحِدهَا قِتْب.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة أنّه قَالَ: القِتب: مَا تَحوّى من الْبَطن، يَعْنِي اسْتَدَارَ، من الحوايا وَجمعه أقتاب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وَاحِدهَا قتْبة، وَبهَا سمِّي الرجل قُتيبة، وَهُوَ تصغيرها.
وَقَالَ اللَّيْث: القَتَب: إكاف الجَمَل، وَقد يؤنّث، والتذكير أعَمّ، وَلذَلِك أنَّثوا التصغير فَقَالُوا: قُتَيْبَة.
قلت: ذهب اللَّيْث إِلَى أنَّ قُتَيْبَة مَأْخُوذ من القَتَب.
وقرأت فِي (فتوح خُراسان) ، أنَّ قُتَيْبَة بن مسلمٍ لما أوقع بِأَهْل خَوَارزم وأحاط بهم أَتَاهُ رسولُهم فَسَأَلَهُ عَن اسْمه، فَقَالَ: قُتَيْبَة. فَقَالَ: لست بِفَتْحِهَا إنَّما يَفتَحها رجلٌ اسْمه إكاف، فَقَالَ قُتَيْبَة: فَلَا يفتحها غَيْرِي، وإسمي إكاف. وَهَذَا يُوَافق مَا قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ اللَّيْث: قَتَب الْبَعِير مذكّر وَلَا يؤنّث، وَيُقَال لَهُ القِتب، وإنَّما يكون للسّانية.
وَمِنْه قَول لبيد:
وأُلقي قِتبُها المحزومُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: القَتوبة من الْإِبِل: الَّتِي تُقْتَب بالقَتَب إقتاباً.
وَقَالَ غَيره: أقتبْتُ زيدا يَمِينا إقتاباً: إِذا غَلَّظتَ عَلَيْهِ الْيَمين فَهُوَ مُقْتَب عَلَيْهِ.
وَيُقَال: ارفُقْ بِهِ وَلَا تُقْتِب عَلَيْهِ فِي الْيَمين، وَأنْشد:
إِلَيْك أَشْكُو ثِقْلَ ديْنٍ أقْتَبا
ظَهْري بأقتابٍ تركن جُلَبا
وأقبلتُ الْبَعِير: إِذا شددتَ عَلَيْهِ القتَب.
ق ت م
قتم، مقت: (مستعملة) .

(9/69)


قتم: قَالَ اللَّيْث: الأقتم: الَّذِي يعلوه سوادٌ لَيْسَ بالشَّديد، وَلكنه كسوادِ ظهرٍ الْبَازِي. وَأنْشد:
كَمَا انقضَّ بازٍ أقتم اللَّوْن كاسرُه
والمصدر المُقْتمة والقَتَم: ريحٌ ذَات غُبار كريهة.
قَالَ: والقَتمة: رَائِحَة كريهة، وَهِي ضدُّ الخمطة، والخَمطة تُسْتَحبّ، والقَتَمة تُكره.
قلت: أرَى الَّذِي أَرَادَهُ ابْن المظفَّر القَنَمة بالنُّون، يُقَال: قَنِم السقاء يَقْنم: إِذا أَرْوَح. وأمّا القَتَمة بِالتَّاءِ فَهِيَ اللَّون الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد والقَنَمة بالنُّون الرَّائِحَة الكريهة، وَيُقَال: أسود قاتم وقاتن.
وَقَالَ اللَّيْث: القَتَام: الغُبار. وَقد قَتم يَقْتِم قُتوماً: إِذا ضرب إِلَى السوَاد.
وَأنْشد:
وقاتمِ الأعماق خاوِي المخثرقْ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَت فِيهِ غبرة وَحُمرَة فَهُوَ قاتم وَفِيه قُتْمة، جَاءَ بِهِ فِي الثِّيَاب وألوانها.
مقت: قَالَ الله جلّ وَعز: {يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ} (غَافِر: 10) .
قَالَ قَتَادَة: يَقُول: لمَقتُ الله إيَّاكُمْ حِين دُعيتم إِلَى الْإِيمَان فَلم تؤمنوا أكبر من مقتكم أنفسَكم حِين رَأَيْتُمْ الْعَذَاب.
وَقَالَ الليثُ: المَقْتُ: بُغضٌ من أمرٍ قَبِيح رَكِبه، فَهُوَ مَقيت. وَقد مَقُتَ إِلَى النَّاس مَقاتةً، ومَقَتَه الناسُ مَقْتاً فَهُوَ ممقوت.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَءَابَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً} (النِّسَاء: 22) .
قَالَ: المقت أشدُّ البغض. وَالْمعْنَى: أَنهم علمُوا أنَّ ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ يُقَال لَهُ: مَقْت، وَكَانَ الْمَوْلُود عَلَيْهِ يُقَال لَهُ: المَقْتيّ، فأُعلِموا أنّ هَذَا الَّذِي حُرم عَلَيْهِم من نِكَاح امْرَأَة الْأَب لم يزلْ مُنْكرا فِي قُلُوبهم، ممقوتاً عِنْدهم.
وَقَالَ اللَّيْث: المُقيت: الْحَافِظ.
قلت: الْمِيم فِي المُقيت مَضْمُومَة، وَلَيْسَت بأصلية، وَهُوَ من بَاب المعتلّ.