تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْقَاف وَالرَّاء)
ق ر ل
(قرل) ، رقل، قرقل: (مستعملة) .
قرل: قَالَ: القِرِلّى: طَائِر.
وَمن الْأَمْثَال: (أحزم من قِرِلِّي) و (أخطَفُ من قِرِلّى) ، و (أحذر
من قِرِلّى) .
يُقَال: إِن قِرِلَّى طير من بَنَات المَاء صَغِير الجِرم، سَريع
الغَوص، حَدِيد الاختطاف، لَا يُرَى إلاّ مرفرفاً على وَجه المَاء على
جَانب فِيهِ، يهوي بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ إِلَى قَعْر المَاء طَمَعا،
وَيرْفَع الْأُخْرَى فِي الْهَوَاء حذرا.
ورُوي فِي أسجاع ابْنة الخُسّ: (كُن حذِراً كالقِرِلّى، إِن رأى خيرا
تدلَّى، وَإِن رأى شرّاً تولّى) .
وَقَالَ الْأَزْهَرِي: مَا أرى قِرِلَّى عربيّاً.
قرقل: أَبُو عبيدٍ عَن الأمويّ: هُوَ القَرْقَل بِاللَّامِ لِقَرقَل
الْمَرْأَة.
قلتُ: وَنسَاء أهل الْعرَاق يَقُولُونَ: قَرْقَر، وَهُوَ خطأ؛ وَكَلَام
الْعَرَب القَرْقَل بِاللَّامِ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْفراء والأصمعيّ.
رقل: قَالَ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الإرقال، والإجذام، والإجمار:
سُرْعة سَيْر الْإِبِل.
ابْن المظفر: أرقَلَت النَّاقة إرقالاً: إِذا أَسرعتْ. وأَرقَلَ القومُ
إِلَى الحَرْب إِرقالاً.
وَقَالَ النَّابِغَة:
إِذا استُنْزِلوا للطَّعن عنهنّ أرقَلوا
إِلَى الْمَوْت إِرقالَ الجِمالِ المَصاعِبِ
قَالَ: وأرقَلْنا المَغازَةَ إرقالاً: قَطعْنَاهَا.
وَقَالَ العجّاج:
لَا همّ ربَّ الْبَيْت والمشرَّقِ
والمُرْقِلاتِ كلَّ سَهْبٍ سَمْلَقِ
قلت: إرقال الْمَفَازَة: قطعُها خطأ وَلَيْسَ بشيءٍ. وَمعنى قَوْله:
(والمُرقِلات كلّ سَهْب) ، مَعْنَاهُ: ورَبَّ المرقِلات، وَهِي
الْإِبِل المسرِعة. ونَصَب كلَّ لأنَّه جعَلَه
(9/83)
مَحَلاًّ وظَرْفاً أَرَادَ: ورَبَّ
المرقِلات فِي كلِّ سَهْب. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا فَاتَت النَّخْلَة يدَ المتناولِ
فَهِيَ جَبَّارة، فَإِذا ارتفعَتْ عَمَّن ذَلِك فَهِيَ الرَّقْلَة،
وجمعُها رَقْل ورِقال.
وَقَالَ كُثيِّرٌ:
حُزِيتْ لي بحَزْمِ فَيدَةَ تُحْدَى
كاليَهوديّ مِن نَطَاةَ الرِّقالِ
أَرَادَ كنخل اليهوديّ الرِّقال من نخيل نَطَاة، وهيَ عينٌ بخَيْبر.
ق ر ن
قرن، قنر، رقن، رنق، نقر: مستعملة.
قرن: أَبُو دَاوُد عَن ابْن شُميل قَالَ: أهل الْحجاز يسمُّون القارورة
القَرَّان، الرَّاء شَدِيدَة. وَأهل الْيَمَامَة يسمُّونها الحُنْجورة.
الحَرّاني عَن ابْن السكّيت، قَالَ: القَرْن: الجُبيلِ الصَّغِير.
والقَرْن: قَرْن الشَّاة وَالْبَقر وَغَيرهمَا. والقَرْن من النَّاس.
قَالَ الله جلّ وعزَّ: {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن
قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ} (الْأَنْعَام: 6) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل: القَرْن ثَمَانُون سنة، وَقيل: سَبْعُونَ.
قَالَ: وَالَّذِي يَقع عِنْدِي وَالله أعلم أنَّ القَرْن أهلُ كلِّ
مدّة كَانَ فِيهَا نَبِيٌّ أَو كَانَ فِيهَا طبقةٌ مِن أهل العِلم
قَلَّت السِّنُونَ أَو كثرت. وَالدَّلِيل على هَذَا قولُ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم (خيرُكم قَرْني بِمَعْنى أَصْحَابِي ثمَّ الَّذين
يَلُونَهُمْ يَعْنِي التَّابِعين ثمَّ الَّذين يَلُونَهم) يَعْنِي
الَّذين أخذُوا عَن التَّابِعين. قَالَ: وَجَائِز أَن يكون القَرْن
لجملة الْأمة، وَهَؤُلَاء قُرونٌ فِيهَا. وَإِنَّمَا اشتقاق القَرْن
مِن الاقتران، فتأويله أنَّ القَرْن: الَّذين كَانُوا مقتَرِنين فِي
ذَلِك الْوَقْت، وَالَّذين يأْتونَ مِن بَعدهم ذَوُو اقترانٍ آخر.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال هُوَ على قَرْنه، أَي: على سِنِّه.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ قَرْنُه فِي السِّنّ بِالْفَتْح، وَهُوَ قِرْنه
بكسرٍ، إِذا كَانَ مثله فِي الشدّة والشجاعة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرْن كالعَفَلة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ فِي الْمَرْأَة كالأدْرَة فِي الرجل.
وَقَالَ: هِيَ العَفَلة الصَّغِيرَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرْنُ: الدُّفْعة مِن العَرَق، يُقَال:
عَصرْنا الفَرَسَ قَرْناً أَو قرنين.
أَبُو عبيد عَن ابْن عمرٍ و، قَالَ: القُرون: العَرَق. قلتُ: كَأَنَّهُ
جمعُ قَرْن. قَالَ: والقَرُون: الفَرس الَّذِي يَعرَق سَرِيعا: إِذا
جَرَى.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرْن: الخُصلة من الشّعْر، وَجمعه قُرون.
قَالَ الأخطل يصف النِّسَاء:
(9/84)
وإِذا نصَبنَ قُرونهنَّ لغَدرةٍ
فَكَأَنَّمَا حلّتْ لَهُنَّ نُذورُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْقُرُون هَا هُنَا: حبائل الصَّياد
يَجْعَل فِيهَا قُرون يَصطاد بهَا، وَهِي هَذِه الفخوخ الَّتِي يصطاد
بهَا الصِّعاءُ وَالْحمام. يَقُول: فَهَؤُلَاءِ النِّسَاء إِذا صرنا
فِي قرونهنَّ فاصطدنَا فكأَنهنّ كَانَت عليهنّ نذور أَن يقتلننا فحلّت.
وَقَالَ الأصمعيّ: القَرْن: جَمْعُك بَين دابَّتين فِي حَبْل. والحَبْل
الَّذِي يُلَزّان بِهِ يُدعَى قَرَناً.
قَالَ: وقَرْنا الْبِئْر، هما مَا بُنِي فعُرِّض، فيُجعَل عَلَيْهِ
خَشبٌ تُعَلَّق البكرة مِنْهُ.
وَقَالَ الراجز:
تَبَيَّن القَرْنين فَانْظُر مَا هما
أمَدَراً أم حَجَراً تراهما
وَقَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب حِين رأَى
الْمُسلمين وطاعتهم لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتِّباعَهم
إيّاه حينَ صلَّى بهم: (مَا رأيتُ كَالْيَوْمِ طاعةَ قَوْم، وَلَا
فارسَ الأكارِم، وَلَا الرُّوم ذاتَ القُرون) . قيل فِي تَفْسِيره:
إنَّهم قيل لَهُم ذَات الْقُرُون لتَوارثهم المُلْكَ قَرْناً بعد
قَرْن؛ وَقيل: سُمُّوا بذلك لقُرون شُعُورهمْ وتوفيرِهم إيَّاها،
وأنَّهم لَا يَجُزّونها.
وَقَالَ المرقَش:
لاتَ هَنَّا وليتَني طَرَفَ الزُّ
جِّ وأهلِي بالشامِ ذاتِ القُرون
أَرَادَ الرومَ، وَكَانُوا ينزلون الشَّام.
وَمن أَمْثَال العَرَب: (تَرَحك فلانٌ فلَانا على مثْل مَقَصِّ قَرْن)
، و (مَقَطّ قَرْن) .
قَالَ الأصمعيّ: القَرْن: جبلٌ مُطِلّ على عَرفات. وَأنْشد:
وأصبَحَ عَهدُه كَمَقصِّ قَرْنٍ
فَلَا عَيْنٌ تُحَسّ وَلَا أثَارُ
وَيُقَال: القَرْن هَا هُنَا الحَجَر الأملس النقيُّ الَّذِي لَا أثَرَ
فِيهِ. يُضرب هَذَا المَثل لمن يستأصل ويُصْطَلَم. والقَرْن: إِذا
قُصَّ أَو قُطُّ بَقيَ ذَلِك الموضعُ أَملَسَ.
وَفِي الحَدِيث: (الشَّمْس تَطلُع بَين قَرنَيْ شَيْطَان، فَإِذا
طلَعَتْ قارنَها، فَإِذا ارتفعَتْ فارقَها) .
ونَهَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي هَذَا
الْوَقْت. وَقيل: قَرْنا الشَّيْطَان: ناحيتا رَأسه، وَقيل: قَرْناه:
جَمعاه اللَّذَان يُغْريهما بالبَشَر ويفرِّقهما فيهم مُضِلِّين.
وَيُقَال: إِن الأشعّة الَّتِي تتقَضَّب عِنْد طُلوع الشَّمْس وتتراءى
لمن استَقبَلها أنَّها تُشرق عَلَيْهِمَا، وَمِنْه قَوْله:
فصبّحتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ
عَيْناً بَغَضْيانَ ثجوجِ العُنْبُبِ
وَيُقَال: إنّ الشيطانَ وقرنيه مَدْحُورون ليلةَ القَدْر عَن مَراتبهم،
مُزالون عَنْ مَقاماتهم،
(9/85)
مُراعِين طُلوعَ الشَّمْس، وَلذَلِك تَطلعُ
الشمسُ لَا شُعاع لَهَا مِن غَدِ تِلْكَ اللَّيْلَة، وَهَذَا بيِّنٌ
فِي حَدِيث أُبيّ بن كَعْب وذكرِه الْآيَة لَيْلَة الْقدر.
وَفِي حَدِيث آخر: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعليّ:
(إنَّ لَك بَيْتا فِي الْجنَّة، وإنَّك لذُو قَرنَيها) .
قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ بعض أهل العِلم يتأوَّل هَذَا الحَدِيث أنَّه
ذُو قَرْنَي الجنَّة، أَي: ذُو طَرَفَيها.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أحسِبه أَرَادَ هَذَا، وَلكنه أَرَادَ بقوله:
ذُو قَرنَيْها، أَي: ذُو قَرْنَيْ هَذِه الأمّة، فأَضمَرَ الأمّة،
وكنَى عَن غيرِ مذكورٍ، كَمَا قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {رَبِى حَتَّى
تَوَارَتْ} (ص: 32) أَرَادَ الشمسَ وَلَا ذِكر لَهَا.
وَقَالَ حَاتِم:
أماويَّ مَا يُغْنِي الثَّراء عَن الْفَتى
إِذا حشرَجَتْ يَوْمًا وضاقَ بهَا الصَّدْرُ
يَعْنِي: النَّفس، وَلم يذكرهَا.
قَالَ: وَمِمَّا يحقّق مَا قُلْنَا أنَّه عَنى الأُمّةَ حديثٌ يُرْوَى
عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، أنَّه ذَكَر ذَا القَرْنين، فَقَالَ:
(دَعَا قومَه إِلَى عبَادَة الله فضَرَبوه على قَرْنَيه ضربتين،
وَفِيكُمْ مِثلُه) فنُرَى أَنه إنَّما عَنى نَفسه، يَعْنِي أَدْعُو
إِلَى الحقِّ حتَّى أُضْرَب على رَأْسِي ضربتين يكون فيهمَا قَتْلي.
وروَى أَبُو عُمَر عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ فِي قَول النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعليّ: (وإنَّك لَذو قَرْنَيْها) : يَعْنِي
جَبَلَيها وهما الْحَسن والحسَين. وَأنْشد:
أثَوْرَ مَا أَصِيدُكم أم ثوررَيْن
أم هَذِه الجَمّاءَ ذاتَ القرنينْ
قَالَ: قَرناها هَا هُنَا فزّاها، وَكَانَا قد شَدَنا فإِذا آذاها شيءٌ
دَفَعا عَنْهَا.
قَالَ: وَقَالَ المبرّد فِي قَوْله الجمّاء: ذَات القرنين؛ قَالَ:
كَانَ قرناها صغيرين فشبَّهها بالجُمِّ.
وَمعنى قَوْله: (إِنَّك لذُو قرنيها) ، أَي: إِنَّك ذُو قرنَيْ أمّتي
كَمَا أنَّ ذَا القرنين الَّذِي ذكره الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن كانَ
ذَا قرنَيْ أمَّته الَّتِي كَانَ فيهم.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَا أَدْرِي ذُو القرنين
كَانَ نبيّاً أم لَا؟) .
وأمَّا القَرَن فإِنّ الحرانيّ رَوَى عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ:
القَرَن: السّيف والنَبْل؛ يُقَال: رجل قارِنٌ: إِذا كَانَ مَعَه سيف
ونَبْل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: القَرَن: جعْبة من جُلُود تكون
مشقوقةً ثمَّ تُخرَزُ، وَإِنَّمَا تُشَقّ كي تَصِل الرِيحُ إِلَى الريش
فَلَا يَفْسُد.
وَقَالَ ابْن شُميل: القَرَن من خَشَب وَعَلِيهِ أديمٌ قد غُرِّيَ
بِهِ، وَفِي أَعْلَاهُ وعُرْض مقدَّمه فَرْجٌ فِيهِ وشجٌ قد وُشِجَ
بَينه قِلاتٌ،
(9/86)
وَهِي خَشَبات معروضات على فَم الْجَفير
جُعِلن قِواماً لَهُ أَن يَرْتَطِم، يُشرَج ويُفتَح.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرَن: الجَعْبة، وَأنْشد:
يابنَ هِشامِ أهلَكَ الناسَ اللبَن
فكلّهم يَسعَى بقَوْسٍ وقَرَنْ
قَالَ: والقَرَن: الحبْل يُقرَن فِيهِ البعيران؛ والأقران: الحبال.
قَالَ: والقَرَن أَيْضا: الجَمَل المَقْرون بآخر.
وَقَالَ جريرُ بنُ الخَطَفَى:
وَلَو عندَ غَسّانَ السَّليطيّ عَرّسَتْ
رَغا قَرَنٌ مِنْهَا وكاسَ عقيرُ
وَقَالَ أَبُو نصر: القَرْن: حَبْل يُفتل من لحاء الشَّجَر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَرَن: مصدر كبشٍ أقرَن بيِّن القرَن.
والقرَن: أَن يلتقي طرفُ الحاجبين، يُقَال: رجلٌ أقرنُ ومقرون
الحاجبين.
الْأَصْمَعِي: القَرون: النَّاقة الَّتِي تجمع بَين مِحلبين. والقَرون:
النَّاقة الَّتِي تُدانِي بَين رُكْبتيها إِذا بَرَكتْ. والقَرون:
الَّتِي تضع خُفَّ رِجليها على خُفّ يَدِها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: سامحَتْ قَرُونُه، وَهِي النَّفس.
وَقَالَ غَيره: سامحت قَرونُه وقَرونته وقَرينته، كلُّه وَاحِد،
وَذَلِكَ إِذا ذَلَّت نفسُه وتابَعْته؛ وَقَالَ أوْس:
فلافَى امْرأ مِنْ مَيْدعانَ وأسمحَتْ
قَرونَته باليأس مِنْهَا فَعجَّلا
أَي: طابت نفسُه بِتَرْكِهَا.
ودُورٌ قَرائن: إِذا كَانَت يَسْتقبِل بعضُها بَعْضًا.
والقَرون: الفَرَس الَّذِي يَعْرق سَرِيعا.
أَبُو يزِيد: أقرنَت السماءُ أَيَّامًا تُمطِر وَلَا تُقْلع، وأغضَنَتْ
وأَغينَتْ بِمَعْنى وَاحِد، وَكَذَلِكَ بَجَّدَتْ ورَيَّمَتْ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أقرَنَ الرجل: إِذا أطاقَ أَمر
ضَيْعَته، وأقْرَن: إِذا لم يُطِقْ أمرَ ضَيْعيه من الأضداد.
قَالَ: وأَقْرَنَ: إِذا ضَيَّقَ على غَرِيمه.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {هَاذَا وَمَا كُنَّا لَهُ} (الزخرف: 13) ،
أَي: مَا كُنَّا لَهُ مُطيقين، واشتقاقه من قَوْلك: أَنا لفلانٍ
مُقْرِن، أَي: مُطيق، أَي: قد صِرْت لَهُ قِرْناً.
وَقَالَ ابْن هانىء: المُقرِن: المطيق، والمقرن: الضَّعِيف، وَأنْشد:
وداهيةٍ دَاهَى بهَا القومَ مَفْلِقُ
بصيرٌ بعَوْرات الْخُصُوم لَزومُها
أَصَخْتُ لَهَا حتّى إِذا مَا وَعيتُها
رُميتُ بِأُخْرَى يَستديمُ خَصِيمُها
(9/87)
تَرَى القَوم مِنْهَا مُقرِنين كَأَنَّمَا
تَساقَوا عُقاراً لَا يُبِلّ نَديمُها
فَلم تلْغِني فَهًّا وَلم تُلفِ حجتي
ملجلَجةً أَبغِي لَهَا مَنْ يُقيمها
وَقَالَ أَبُو الْأَحْوَص الرياحيّ:
وَلَو أَدْرَكته الخيلُ تدَّعى
بِذِي نَجَبٍ مَا أقرنت وأجلّتِ
أَي: مَا ضَعفَتْ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الإقران: رَفْع الرجُل رَأس رُمْحِه يُصِيب مَن
قُدَّامه، يُقَال: أقرِن رُمْحَك. والإقران: قُوَّة الرجل على الرجل،
يُقَال: أَقرَنَ لَهُ: إِذا قَوِي عَلَيْهِ.
وَقَالَ غَيره: المُقرِن: الَّذِي قد غَلبتْه ضَيعتُه، يكون لَهُ إبلٌ
أَو غَنَم وَلَا مُعينَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا مُذِيد لَهَا يذودُها
يومَ ورْدِها، فَهُوَ رجل مُقْرِن.
الْأَصْمَعِي: الْقرَان: النبل المستوية مِن عملِ رجلٍ وَاحِد.
وَيُقَال للْقَوْم: إِذا تَناضَلُوا: اذْكروا القِران، أَي: وَالُوا
بِسَهْمين سَهْمَيْنِ.
وَقَالَ ابْن المظفّر: القِران: الحبْل الَّذِي يُقرَن بِهِ البعيران،
وَهُوَ القَرَن أَيْضا.
قلت: الْحَبل الَّذِي يُقرَن بِهِ بعيران يُقَال لَهُ القَرَن، وَأما
القِرن، وَأما القِران فَهُوَ حَبلٌ يُقلَّده البعيرُ ويقادُ بِهِ.
ورُوِي أَن ابْن قَتَادَة صَاحب الْحمالَة تحمّل بحمالة، فطافَ فِي
الْعَرَب يَسأل فِيهَا، فَانْتهى إِلَى أَعْرَابِي قد أورَدَ إبِله،
فَسَأَلَهُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: أمعَك قُرُنٌ. قَالَ: نعم، قَالَ:
ناولني قِراناً، فقَرَن لَهُ بَعِيرًا، ثمَّ قَالَ لَهُ: ناولني
قِراناً؛ فقَرَن لَهُ بَعِيرًا آخر، حتّى قَرَن لَهُ سبعين بَعِيرًا.
ثمَّ قَالَ: هَات قِراناً؛ قَالَ: لَيْسَ معي؛ قَالَ: أولى لَو كَانَت
مَعَك قُرُنٌ لقَرَنْتُ لَك مِنْهَا حَتَّى لَا يَبقَى مِنْهَا بعير.
وَهُوَ إِيَاس بن قَتَادَة.
والقِران: أَن يَجمَع الرجل بَين الحجّ والعُمْرة. وَجَاء فلَان
قارِناً.
والقَرْناء من النِّسَاء: الَّتِي فِي فَرْجها مَانع يمْنَع مِن سُلوك
الذَكَر فِيهِ، إمّا غُدَّة غَلِيظَة، أَو لحمةٌ مُرْتَتِقة، أَو
عَظْم، يُقَال لذَلِك كُله القرَن. وَكَانَ عمرُ يَجْعَل للرجل إِذا
وجد امْرَأَته قرناء؛ الْخِيَار فِي مفارقتها من غير أَن يُوجب
عَلَيْهِ مهْراً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القرنتان: شُعبتا الرَحِم كلُّ وَاحِدَة مِنْهَا
قَرْنة. والقرنة: حد السكين وَالرمْح والسَّهم؛ وجمعُ القرنة قُرَن.
وَقَالَ اللَّيْث: القَرْن: حدُّ رابيةٍ مشرفة على وهدة صَغِيرَة.
والقُرانى: تَثْنِيَة فُرادى، يُقَال: جَاءُوا قرانى وَجَاءُوا
فُرَادَى.
(9/88)
وَفِي الحَدِيث فِي أكل التَّمْر: (لَا
قِرَانَ وَلَا تفتيش) ، أَي: لَا يقرن بَين تمرتين بأكلهما مَعًا.
والقرون: النَّاقة الَّتِي إِذا بَعَرتْ قارنَتْ بعرها. والقرين:
صَاحبك الَّذِي يُقارنُك، وَقَالَ ابْن كُلْثُوم:
مَتى نعقِد قَرينتنا بحبلٍ
نجذُّ الْحَبل أَو نَقِصُ القرينا
قرنيته: نَفسه هَا هُنَا. يَقُول: إِذا أقرَنَّا القِرن غلبناه.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: قرينَة الرجل: امْرَأَته.
وَقَالَ اللَّيْث: القرنانُ: نعتُ سَوءٍ فِي الرجل الَّذِي لَا غيرَة
لَهُ.
قلت: هَذَا من كَلَام حَاضِرَة أهل الْعرَاق ولَم أَر البوادِيَ
لفَظُوا بِهِ وَلَا عرفوه.
وَقَارُون: كَانَ رجلا من قوم مُوسَى فبغَى على قومه، فَخسفَ الله بِهِ
وَبِدَارِهِ الأرضَ.
والقَيُّرَوان مُعرب، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كاروان وَقد تَكَلَّمت
بِهِ الْعَرَب قَدِيما، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وغارةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ
كأنّ أسرابها الرعالُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القَرنُوَة: نبت.
قلت: ورأيتُ الْعَرَب يدبغون بورقه الأُهُبَ، يُقَال: إهابٌ مُقرنى
بِغَيْر همز وَقد هَمَزَه ابنُ الْأَعرَابِي.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سقاء قرنَوِي: دبغ بالقَرْنُوَة.
وَيُقَال: مَا جعلتُ فِي عَيْني قَرْناً من كُحْل، أَي: ميلًا
وَاحِدًا، من قَوْلهم: أتيتُه قَرناً أَو قَرنين، أَي: مرّة أَو
مرّتين.
والمقَرَّنة: الْجبَال الصغار يَدْنو بعضُها من بعض، سُمِّيَتْ بذلك
لتَقارُنِها.
قَالَ الهُذَلِيّ:
وَلَجِيءٍ إِذا مَا الليلُ جَنّ
على المقرَّنة الحَباحِبْ
وَقَالَ أَبُو سعيد: استَقرَن فلانٌ لفلانٍ: إِذا عازَّه وَصَارَ عِنْد
نفسِه من أقرانه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: أقرَنَ الدُّمَّل: إِذا حانَ أَن يتَفَقَّأ.
وأَقرَنَ الدَّمُ واستقرَن، أَي: كثر. وإِبلٌ قُرانَى، أَي: قَرائن.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وشِعْبٍ أبَى أَن يَسلُكَ الغُفْرَ بينَه
سَلَكْتُ قَرانَى من قيَاسِرَةٍ سُمْرَا
قيل: أَرَادَ بالشِّعب شِعَب الجبَل.
وَقيل: أَرَادَ بالشِّعب فُوقَ السَّهْم. وبالقُرانَى وَتَراً فَتِل
مِن جِلْد إبلٍ قَياسرة.
والقَرينة: اسْم رَوْضَة بالصَّمّان.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
جَرَى الرِّمْثُ فِي ماءِ القَرينة والسّدْرُ
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يَذكر شَعْرَه حِين صَلِع:
(9/89)
أفناه قولُ الله للشمسِ اطلُعي
قرْناً أَشِيبيهِ وقرْناً فانزِعي
أَي: أفنَى شَعرِي غروبُ الشَّمْس وطلوعُها وَهُوَ مَرُّ الدَّهْر.
قَالَ: والقَرَن: تَباعُد مَا بَين رأسَيِ الثَّنِيَّتَيْنِ وَإِن
تدانت أصولهما.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَرْن: الْوَقْت من الزَّمَان،
فَقَالَ قومٌ: هُوَ أَرْبَعُونَ سنة، وَقَالُوا: ثَمَانُون سنة،
وَقَالُوا: مائَة سنة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهُوَ الِاخْتِيَار، لأنَّه جَاءَ فِي
الْخَبَر أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسَح رأْسَ غُلَام.
وَقَالَ: (عِشْ قَرْناً) فَعَاشَ مائَة سنة.
عَمْرو عَن أَبِيه: القَرين: الْأَسير. والقَرين: العَيْن الكَحِيلُ.
شمر عَن الْأَصْمَعِي: القَرناء: الحيَّة، لأنَّ لَهَا قَرْناً.
وَقَالَ ذُو الرمّة يصف الصَّائِد وقُتْرَتَه:
يُبايتُه فِيهَا أحَمُّ كَأَنَّهُ
إباضُ قَلوصٍ أسلمتْها حِبالُها
وقرْناءُ يَدْعُو باسمها وَهُوَ مُظْلمٌ
لَهُ صوتُها إرْنانُها وزَمالُها
يَقُول: يُبيِّن لهَذَا الصَّائِد صوتُها أنَّها أفْعَى، ويُبيّن لَهَا
مَشْيُها وَهُوَ زَمالُها أَنَّهَا أفْعَى، وَهُوَ مُظلم، يَعْنِي
الصَّائِد أنّه فِي ظُلمة القُتْرَة.
ابْن شُمَيْل: قرَنْتُ بَين البعيرين وقَرَنتهما: إِذا جمعتَ بَينهمَا
فِي حَبْل قَرْناً. والحَبْل الَّذِي يُقْرَن بِهِ بَينهمَا قَرَن.
رقن: قَالَ اللَّيْث: الترْقِين: ترقين الْكِتَابَة وَهُوَ تزيينها،
وَكَذَلِكَ تَزْيِين الثَّوْب بالزَّعفران أَو الوَرْس.
وَقَالَ رؤبة:
دارٌ كرَقْم الْكَاتِب الْمُرَقِّنِ
قَالَ: والراقنة: الحَسنة اللَّوْن.
وَأنْشد:
صفراءُ راقنةٌ كأنَّ سَمُوطَها
يَجرِي بهنّ إِذا سَلِسْن جَديلُ
أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء قَالَ: الرَّقُون والرِّقان كلُّه اسمٌ
للحِنّاء. وَقد رَقَّنَ رَأسه وأَرْقَنَه: إِذا خَضَبه بالحنّاء.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
غِياثُ إِن مُتُّ وعِشتَ بعدِي
وأشرفتْ أمُّك للتصدِّي
وارتقنتْ بالزَّعفران الوَرْدِ
فَاضْرب، فِداكَ والِدِي وجَدّي
بَين الرِّعاثِ وقناطِ العِقْدِ
ضَرْبة لَا وانٍ وَلَا ابنِ عبدِ
رنق: قَالَ اللَّيْث: الرَّنَق: تُرَاب فِي المَاء مِن القَذَى ونحوِه،
ماءٌ رَنْق ورَنَق، وَقد أرنَقْتُه ورنَّقتُه إرْناقاً وترنيقاً.
وَسُئِلَ الحَسَن: أينفُخ الْإِنْسَان فِي المَاء؟
(9/90)
فَقَالَ: إِن كَانَ مِن رَنَق فَلَا بَأْس.
وَيُقَال: مَا فِي عيشِه رَنق، أَي: كدَر.
قَالَ زُهَيْر:
مِن ماءٍ لينةَ لَا طَرْقاً وَلَا رَنَقاً
قَالَ: والترنيق: كسْر جَناح الطَّائِر برَميةٍ أَو داءٍ يُصِيبهُ
حَتَّى يسْقط وَهُوَ ميِّت مُرَنَّق الْجنَاح.
وَأنْشد:
فيَهوِي صَحِيحا أَو يرنَّقُ طائرُه
قلت: ترنيق الطَّائِر على وجهينِ: أَحدهمَا: صَفُّ جناحيه فِي
الْهَوَاء لَا يحرِّكهما، وَالْآخر خَفْقُه بجناحيه.
وَمِنْه قَول ذِي الرّمة:
إِذا ضرَبتْنا الريحَ رَنَّقَ فَوْقنا
على حَدِّ قَوْسَيْنا كَمَا خَفَقَ النَّسرُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَرْنَق الرجل: إِذا حَرَّك لواءَه
للحمْلَة.
قَالَ: وأرنَقَ اللواءُ نفْسُه ورنَّق فِي الْوَجْهَيْنِ مِثله.
وَأنْشد:
نَضْربهمْ إِذا اللِّواءُ رَنَّقَا
والترنيق: الِانْتِظَار للشَّيْء. وَالْعرب تَقول:
رمّدت المِعْزَى فرَنِّق رَنِّق
رَمَّدَت الضَّانُ فربّق ربّق
وترميدُها: أَن تَرِم ضُروعُها ويَظهر حَمْلُها.
والمِعْزَى إِذا رمَّدَت تأَخَّرَ وِلادُها. والضَّأْنُ إِذا رَمَّدَتْ
أَسرَع وِلادُها على أثر ترميدِها. والتربيق: إعداد الأرباق للسِّخال.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الترنيق يكون تكديراً، وَيكون
تصفية. قَالَ: وَهُوَ من الأضداد، يُقَال: رَنق اللَّهُ قَذَاتَك، أَي:
صَفَّاها.
وتَرنوق المسيل والنَّهر: مَا يرسُب فِيهِ من طينٍ وَغَيره. يُقَال:
تَرنوقٌ وتُرنوق.
نقر: قَالَ اللَّيْث: النَقْر: صَوتٌ للسان، وَهُوَ إلْزَاق طرَفه
بمَخرج النُّون، ثمَّ يصوِّت بِهِ فيَنْقُر بالدابةِ ليسيره.
وَأنْشد:
وخانِق ذِي غُصّة جِرياضِ
راخَيْتُ يومَ النّقْرِ والإنقاضِ
وأنشده ابْن الْأَعرَابِي:
وخانِقَيْ ذِي غُصّة جَرَّاض
وَقَالَ: أَرَادَ بقوله: خانِقَيْ: هَمَّيْن خَنَقَا هَذَا الرجل:
راخيت، أَي: فرّجْتُ.
والنَقْر: أَن يَضع لسانَه فوقَ ثناياه مِمَّا يَلِي الحَنَك ثمَّ
يَنقُر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {فَاصْبِرْ فَإِذَا
نُقِرَ} (المدثر: 8) .
قَالَ أهل التَّفْسِير: الناقور: الصُّورُ الَّذِي يُنفَخ فِيهِ
للحَشر.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {فَاصْبِرْ
فَإِذَا نُقِرَ} قَالَ: الناقُور: القَلْب.
(9/91)
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: إنَّها أول
النَّفْختين.
وَقَالَ مُجَاهِد وقَتادة: الناقور: الصُّور.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت فِي قَول الله:
{وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (النِّسَاء: 124) ، قَالَ: النَقِير
النُّكتَة الَّتِي فِي ظَهر النَّواة.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: النَقير: نُقْرة فِي ظهر
النَّواة مِنْهَا تنبتُ النَّخْلَة، قَالَ: والنَّقير: الصَّوْت.
والنّقير: الأَصْل، وَيُقَال: أنْقَر الرجل بالدابة يُنقِر بهَا
إنقاراً ونقراً.
وَأنْشد:
طِلْحٌ كأنَّ بطنَه جشيرُ
إِذا مَشَى لكَعْبه نَقِيرُ
أَي: صَوْت، قَالَ: والنَّقير: أصل النَّخْلَة يُنقَر فيُنبذ فِيهِ.
ونهَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدُّبّاء والحَنْتَم
والنَّقير.
قَالَ أَبُو عبيد: أمَّا النَقير فإنّ أهل الْيَمَامَة كَانُوا
يَنقُرون أصل النَّخْلَة ثمَّ يَشْدَخون فِيهَا الرُّطب والبُسْر ثمَّ
يَدَعُونه حتَّى يَهْدِر، ثمَّ يَمُوت.
وَقَالَ اللَّيْث: النّقْر: ضربُ الرحَى والحَجر وَغَيره بالمِنقار.
والمِنقار: حديدةٌ كالفأس مسلَّكة مستديرة لَهَا خلْفٌ وَاحِد يُقطع
بِهِ الْحِجَارَة والأرضُ الصُّلبَة.
والنَّقّار: الَّذِي يَنقُر الرّكُب واللُّجُم وَنَحْوهَا، وَكَذَلِكَ
الَّذِي ينقر الرَّحَى، ورجُل نَقّار: منقِّر عَن الْأُمُور
وَالْأَخْبَار.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (مَتَى مَا يَكثر حَمَلة الْقُرْآن يُنقِّروا
ومَتَى مَا يُنَقَّروا يَخْتَلِفُوا) .
والمُناقَرة: مُراجعة الْكَلَام بَين اثْنَيْنِ وبثُّهما أحاديثَهما
وأمورهما.
والنُّقْرة: قطعةُ فضّة مُذابة. والنُقْرة: حُفْرة من الأَرْض لَيست
بكبيرة. ونُقْرة الْقَفَا مَعْرُوفَة.
والنُّقرة: ضَمُّك الإبهامَ إِلَى طَرف الوسْطَى، ثمَّ تَنقُر فيَسمع
صاحبُك صوتَ ذَلِك وَكَذَلِكَ بِاللِّسَانِ. وَالرجل يَنْقُر باسمِ
رجلٍ من جماعةٍ، يخصُّه لِيَدْعُوهُ، يُقَال: نَقَر باسمِه: إِذا
سمَّاه من بَينهم. وَإِذا ضَرَبَ الرجلُ رأسَ رجل قلت: نَقَر رَأسه.
أَبُو عبيد: يُقَال: دعوتُهم النّقَرَى، وَهُوَ أَن يدعوَ بَعْضًا دون
بعض، يَنْقُر باسم الْوَاحِد بعد الْوَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: فَإِذا دَعَا جماعتَهم، قَالَ: دعوتُهم
الجَفَلى.
وَقَالَ طرَفَة:
نحنُ فِي المشْتاة ندعُو الجَفَلى
لَا ترى الآدِب فِينَا يَنتَقِرْ
قَالَ شمِر: المناقرة: الْمُنَازعَة، وَقد ناقره،
(9/92)
أَي: نازعَه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النواقر: المقرطِسَات.
وَقَالَ الشماخ يصف صائداً وسَيره:
يشفى نفسَه بالنواقرِ
والنواقر: الحُجج المصيباتُ كالنَّبل الْمُصِيبَة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إِنَّه لَمُنقَّر الْعين، أَي: غائر الْعين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: التنقُر: الدُّعاء على الْأَهْل وَالْمَال:
أراحَنِي الله مِنْكُم. ذهب الله بِمَالِه.
وَقَالَ سَاعِدَة:
وَفِي قوائمه نَقْر من القسَم
كَأَنَّهُ الضَّرَبان.
وَقَالَ ابْن بزرج: قَالَت أعرابيّةٌ لصاحبةٍ لَهَا: مُرِّي على
النّظَري، وَلَا تَمُرّي بِي على النَقَرَي، أَي: مُرِّي بِي على من
يَنظر إليّ وَلَا ينقِّر. وَيُقَال: إنَّ الرِّجَال بَنو النَّظري،
وإنّ النِّسَاء بَنو النَّقَرَي.
وَقَالَ ابْن السّكيت نَحوا من ذَلِك، قَالَ: وَيُقَال: مَقَره
يَنْقُره: إِذا عابه ووَقَع فِيهِ، وَيُقَال: مَا أَنقَرَ عَنهُ حتّى
قَتَله، أَي: مَا أَقْلع عَنهُ.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أنّه قَالَ: مَا كَانَ الله ليُنقِرَ عَن
قَاتل الْمُؤمن، أَي: مَا كَانَ ليُقلع.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
وَمَا أَنا عَن أعداءِ قَومِي بمُنْقِرِ
وَقَالَ اللَّيْث: المِنْقَر: بِئْر كَثِيرَة الماءِ بعيدةُ القَعْر.
وَأنْشد:
أصدَرَها عَن مِنْقَر السَّنابِرِ
نَقْدُ الدَّنَانِير وَشرب الحازِرِ
واللَّقْمُ فِي الفاثُور بالظَّهائر
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المُنْقُر وجمعُها مَناقِر، وَهِي آبارٌ
صغارٌ ضيَّقة الرؤوس تكون فِي نَجَفة صُلْبة لِئَلَّا تَهشَّم.
قلت: وَالْقِيَاس مِنْقَر كَمَا قَالَ اللَّيْث، والأصمعي لَا يَروِي
عَن الْعَرَب إلاّ مَا سمِعَه وأَتقنَه.
وَبَنُو مِنْقَر: حَيٌّ مِن بني سعد بن زيد مَناة.
وَقَالَ اللَّيْث: انتقرتِ الخيلُ بحوافرها نقراً، أَي: احتَفَرتْ
بهَا، وَإِذا جَرَت السُيُول على الأَرْض انتَقَرَتْ نُقَراً يَحْتبِس
فِيهَا شَيْء من المَاء.
وَقَالَ ابْن السكّيت: النُّقْرةُ: دَاء يَأْخُذ المِعْزَى فِي
خَواصرها وَفِي أفخاذها فيُلتَمسُ فِي مَوْضِعه فيُرَى كأنَّه وَرَم
فيُكوى، يُقَال بهَا: نُقرة وعَنْز نَقرة.
وَقَالَ المرّار:
وحَشوتُ الغَيظَ فِي أضلاعِه
فَهُوَ يَمشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: هُوَ نَقِر عَلَيْك،
(9/93)
أَي: غَضْبَان.
المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مَا لفلانٍ بِموضع
كَذَا وَكَذَا نَقِرٌ بالراء غير مُعْجمَة وَلَا مَلْك وَلَا مُلْك
ومِلْك ومَلَك يُرِيد بِئْرا أَو مَاء.
قَالَ: وَمَا أغْنى عَنّي زَبَلة وَلَا نَقْرة وَلَا فَتْلةً وَلَا
زِبالاً.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: هُوَ نقِر عَلَيْك، أَي: غَضْبَان.
وَقَالَ غَيره: رَمَى الرَّامِي الغَرَضَ فنَقَرهُ، أَي: أَصَابَهُ
وَلم يُنْفِذْه، وَهِي سِهامٌ نواقر. وَيُقَال للرجل إِذا لم يستقرّ
على الصَّوَاب: أَخطأَتْ نواقِرُه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
وأَهتَضَم الخالَ العزيزَ وأَنتَحِي
عَلَيْهِ إِذا ضَلَّ الطّريق نَواقره
وَتقول: نَعُوذ بِاللَّه من العَقَر والنّقر. فالعَقَر: الزَّمانة فِي
الجسَد. والنَّقَر: ذَهاب المَال.
والنّقيرة: رَكِية مَعْرُوفَة مَاؤُهَا رَوَاءٌ بَين ثاج وكاظمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: كلُّ أَرض مُتَصوِّبة فِي هَبْطة فَهِيَ
النّقرة وَبهَا سمِّيت نَقِرةُ طريقِ مَكَّة الَّتِي يُقَال لَهَا:
مَعدِن النّقرة.
قنر: أَبُو عبيد: رجل قَنَوَّر، شَدِيد. قَالَ: وكلُّ فظَ غليظٍ
قَنَوّر، وَأنْشد:
حَمّال أثقال بهَا قَنَوَّرُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أرسلَ فِيهَا سيطاً لم يقفرِ
قَنَورّاً زادَ على القَنَوّرِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَحْمد بن يحيى فِي بَاب فعوّل:
القِنَّوْر: الطَّوِيل. والقِنَّوْر: العَبْد. قَالَه ابْن الأعرابيّ.
قَالَ: وأنشدنا أَبُو المكارم:
أضحتْ حلائلُ قِنَّورٍ مجدّعةً
بمَصرَع العَبْد قِنّور بن قِنَّوْرِ
قلت: وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة ملاحةً تُدْعى قَنُّور بِوَزْن
سَفُّود، وملحها من أَجود الْملح.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجل مُقَّنْوِر ومُقَنِّر، ورجلٌ
مُكَنْوِرٍ ومُكنِّر: إِذا كَانَ ضخماً سمِجاً، أَو مُعْتمّاً عِمةً
جافية.
وَقَالَ اللَّيْث: القَنَوَّر: الشَّديد الرَّأْس الضَّخْمُ من كل
شَيْء.
ق ر ف
قرف، قفر، رقف، رفق، فرق، فقر: مستعملات.
(9/94)
قرف: الحرانيّ عَن ابْن السّكيت قَالَ:
القَرْف: مصدَرُ قَرَفْت القَرْحة أقرِفها قَرْفاً، إِذا نَكَأْتَها.
أَبُو عبيد يُقَال للجُرح إِذا تقشَّر قد تَقرَّف وَاسم الْجلْدَة
القِرْفة، وَأنْشد:
عُلالَتُنا فِي كلِّ يومِ كريهةٍ
بأَسيافنا والقَرْحُ لم يتقرّفِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَرَفتُ الرجلَ بالذنب قَرْفاً: إِذا رميتَه
بِهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: قَرَف عَلَيْهِ يَقْرف قَرْفاً: إِذا
بَغى عَلَيْهِ. وقَرَفَ فلانٌ فلَانا: إِذا وَقع فِيهِ. وأصل القرف:
القَشْر. والقِرْف: القِشْر.
يُقَال: صَبَغَ ثَوْبه بقِرْف السِّدْر، أَي: بقِشره.
ابْن السّكيت: القَرْفُ: شيءٌ من جُلود يُعمَل فِيهِ الخَلْع.
والخَلْع: أَن يُؤْخَذ لحمُ جَزورٍ وَيُطبخ بشحمه ويُجعل فِيهِ توابل،
ثمَّ يفرَّغ فِي هَذَا الْجِلد.
قَالَ معقِّر البارقيّ:
وذُبانِيَّةٍ وَصَّتْ بنيها
بأنْ كذَبَ القَراطِفُ وَالقُرُوف
قَالَ: وَقِرْف كل شَجَرَة قِشرها.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ فِي قَوْله:
بأَنْ كَذبَ القراطف وَالقُرُوفُ
قَالَ: القَرْف: الْأَدِيم الْأَحْمَر.
وَروى أَبُو ترابٍ عَن أبي عَمْرو: القُرُوف: الأُدْم الحُمْر
الْوَاحِد قَرْف.
قَالَ: والقُرُوف والظروف بِمَعْنى وَاحِد.
وَقال اللِّحيانيّ: يُقَال: أحمرُ قَرف، وَبعضهم يَقُول: أحمرُ
كالقَرف. والقَرْف: الْأَدِيم الْأَحْمَر، وَأنْشد:
أَحمرُ كالقَرْف وَأَحْوَى أَدعَجُ
الْأَصْمَعِي يُقَال: تركتُهم على مِثل مَقْرِف الصَّمْغَة، أَي:
مَقْشِر الصَّمغة. وَيُقَال: اقتَرَف، أَي: اكتسَبَ، وبعيرٌ مُقتَرفٌ،
وَهُوَ الَّذِي اشتُرِيَ حَدِيثا.
وَيُقَال: مَا أَقْرَفَتْ يَدي شَيْئا مِمَّا تكره، أَي: مَا دَانَتْ
وَمَا قارَبتْ. وَالمُقْرِف من الْخَيل الَّذِي دانَى الهُجْنة من
قِبَل أَبِيه.
وَيُقَال: إنِّي لأخشَى عَلَى فلانٍ القَرَف، أَي: مداناة المَرَض.
ابْن السّكيت: يُقَال: قَرَفَ فلانٌ فلَانا، إِذا اتهمهُ بِسَرِقَة أَو
غَيرهَا.
وَيُقَال: هُوَ قَرَفٌ من ثوبي أَو بَعِيري، وَهُوَ قِرْفتي: إِذا
اتهمَه.
اللَّيْث: القِرْفة دَوَاء مَعْرُوف. وَفُلَان يُقْرَف بِسوء، أَي:
يُرقى بِهِ، واقتَرَف ذَنْباً، أَي: أَتَاهُ وفَعَله.
وَقَالَت عَائِشَة: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصبح
جُنباً مِن قرافٍ غير احْتِلَام) ، أَي: مِن جماع وخِلاط.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَرَف: الوباء، يُقَال: احذَر القَرَفَ فِي
غَنَمكَ، وَقد اقتَرَف فلانٌ
(9/95)
من مَرَضَى آل فلَان، وَقد أقرفوه إقرافاً،
وَهُوَ أَن يَأْتِيهم وهمْ مَرْضى فَيُصِيبهُ ذَلِك.
أَبُو سعيد: إنَّه لقَرَفٌ أَن يَفعل ذَاك، مِثل قَمَن وخَليق.
وَقَالَ ابْن الزُّبير: (مَا على أحدِكم إِذا أَتَى المسجدَ أَن يُخرج
قِرْفةَ أنفِه) ، أَي: ينقي أَنفه مِمَّا يَبِس فِيهِ من المُخاط
ولَزِق بداخله.
وَيُقَال: معنى قَوْلهم: إنّه لأحمرُ قَرْف: إِذا كَانَ شَدِيد
الْحمرَة، كَأَنَّهُ قُرِف، أَي: قُشِر من شدَّة حُمرته.
فرق: قَالَ اللَّيْث: الفَرْق: مَوضِع المفْرِق من الرَّأْس. والفَرْق:
تَفْرِيق بَين الشَّيْئَيْنِ حتَّى ينفرق.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت قَالَ: الفَرْق مصدر فَرَقتُ الشّعْر.
والفِرْق: القَطيع مِن الغَنَم الْعَظِيم.
قَالَ الرَّاعِي:
ولكنّما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّه
بِفِرْق يُخَشِّيهِ بِهَجْهَجَ ناعِقُهْ
وَفِي حَدِيث ابْن أبي هَالة فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِن انفَرَقتْ عَقيصتُه فَرَقَ، وإلاَّ فَلَا يبلغُ شَعْرُه شحمة
أُذُنه إِذا هُوَ وفَّره) ، ويُروَى: (عَقِيقته) أَرَادَ أنَّه كَانَ
لَا يَفرِقُ شعرَه إلاَّ أَن ينْفرِق هُوَ، وَكَانَ هَذَا فِي أوّل
الْإِسْلَام ثمَّ فرق بعدُ.
والفَريقة: الْقطعَة من الْغنم، وَيُقَال: هِيَ الغَنَم الضَّالة.
وأفرَقَ فلانٌ غَنَمه: إِذا أضلَّها وأضاعها.
وَقَالَ كثير:
وذِفْرَى ككاهلِ ذِيخِ الخَلِيفِ
أصابَ فَريقةَ لَيْلٍ فعاثا
وَقَالَ ابْن السكّيت: الفَريقة: التَّمْر والحُلْبَة تُجعَل
للنُفَساء.
وَقَالَ أَبُو كَبِير:
وَلَقَد وردتُ الماءَ لَونُ جِمامِه
لون الفريقة صُفِّيتْ للمدنَفِ
قَالَ: والفَريقة: فريقة الغَنَم، أَن تَنْفرِق مِنْهَا قِطعةٌ أَو
شاةٌ أَو شَاتَان أَو ثَلَاث شِيَاه فتذهَب عَن جمَاعَة الْغنم تَحت
اللَّيْل.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ}
(الْبَقَرَة: 50) ، معنى فرقنا بكم البحرَ جَاءَ تَفْسِيره فِي آيَة
أُخْرَى وَهُوَ قَوْله: {فَأَوْحَيْنَآ إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب
بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ
الْعَظِيمِ} (الشُّعَرَاء: 63) ، أَرَادَ فانفَرَق الْبَحْر فَصَارَ
كالجبال الْعِظَام وصاروا فِي قَراره.
وَقَوله: {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ}
(الْإِسْرَاء: 106) ، وقرىء: (فَرَّقْناه) : أنزَل الله جلّ وعزّ
الْقُرْآن جملَة إِلَى سَماء الدُّنيا، ثمَّ نَزَل على النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عشْرين سنة. فرَّقه الله فِي التَّنْزِيل
ليَفهمَه النَّاس.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: (وقرآناً فَرَقناه) مَعْنَاهُ
(9/96)
أحكمناه، كَقَوْلِه: {) مُنذِرِينَ فِيهَا
يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (الدُّخان: 4) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ} قَرَأَهُ
أَصْحَاب عبد الله مخفّفة، وَالْمعْنَى: أحكمناه وفصَّلناه، كَمَا
قَالَ الله فِيهَا: {) مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ
حَكِيمٍ} ، أَي: يفصَّل.
قَالَ: وَرُوِيَ عَن ابْن عبّاس: (فَرّقناه) بالتثقيل، يَقُول: لم ينزل
فِي يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ، نزل متفرّقاً.
قَالَ: وحدّثنيه الحكم بن ظهير عَن السّدّيّ عَن أبي مَالك عَن ابْن
عَبَّاس: (فرقناه) مُخَفّفَة.
وَقَوله جلّ وعزّ: { (وَإِذْءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ
وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (الْبَقَرَة: 53) ، يجوز أَن
يكون الْفرْقَان الكتابَ بِعَيْنِه، وهما مَعًا التَّوْرَاة، إلاّ أنّه
أُعِيد ذِكره باسمٍ غير الأوّل. وعنى بِهِ أنّه يفرّق بَين الْحق
وَالْبَاطِل. وَقد ذكر الله الفرقانَ لمُوسَى فِي غير هَذَا الْموضع
فَقَالَ: {وَلَقَدْءَاتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ
وَضِيَآءً} (الْأَنْبِيَاء: 48) ، أَرَادَ التَّوْرَاة، فسمَّى الله
جلّ وعزّ الكتابَ المنزَل على محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فُرقاناً،
وسَمَّى الكتابَ المنزَل على مُوسَى فُرقاناً. وَالْمعْنَى: أَنه جلّ
وعزّ فَرّق بكلِّ واحدٍ مِنْهُمَا بَين الحقّ وَالْبَاطِل.
وَقَالَ الفرّاء: الْمَعْنى: آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وأتينا
مُحَمَّدًا الْفرْقَان، وَالْقَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ قبله واحتججنا
لَهُ من الْكتاب بِمَا احتججنا، هُوَ القَوْل، وَالله أعلم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفِرق: الجَبَل. والفِرق: الهضبة.
رَوَاهُ أَبُو عَمْرو.
والفِرْق: المَوْجَة. والفِرْق: الجَبل. والفِرْق: الهَضْبة. قَالَ
ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: وَيُقَال: فرقتُ أفرُقُ بَين الْكَلَام. وفرَّقتُ بَين
الْأَجْسَام.
قَالَ: وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (البَيِّعان
بِالْخِيَارِ مَا لم يتفرَّقا) ، بالأبدان لِأَنَّهُ يُقَال: فرّقتُ
بَينهمَا فتَفرَّقا.
أَبُو عبيدٍ عَن الكسائيّ: الأفرق من الرِّجَال: الَّذِي ناصيتُه
كأنَّها مفروقة.
وَمِنْه قيل: دِيك أفرَق، وَهُوَ الَّذِي لَهُ عُرْفانِ. والأفرق من
الْخَيل: النَّاقِص إِحْدَى الوَرِكَين.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأفرق من الْخَيل: الَّذِي نَقَصَتْ
إِحْدَى فَخذيهِ عَن الْأُخْرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الأفرق شِبه الأفلج، إلاَّ أَن الأفلج زَعَمُوا مَا
يُفلَّج. والأفرق: خِلْقة.
قَالَ: والفَرْقاء من الشَّاء: الْبعيد مَا بَين الخُصْيَتَين.
قَالَ: والأفرق مِن الدوابّ: الَّذِي إِحْدَى حَرْقَفَتيْه شاخصةٌ،
وَالْأُخْرَى مطمئنّة.
قَالَ: وَيُقَال للماشطة: تمشِّط كَذَا وَكَذَا فَرْقاً، أَي: كَذَا
وَكَذَا ضَرْباً.
والفِرْق: طائفةٌ من النَّاس.
(9/97)
قَالَ: وَقَالَ أَعرابيٌّ لصبيان رَآهُمْ
هؤلاءِ فِرْقُ سوء.
قَالَ: والفَريق: الطَّائِفَة من النَّاس، وَهم أَكثر من الفِرْق.
وَالفُرقة: مصدر الِافْتِرَاق.
قلت: الفُرْقة: اسْم يوضع مَوضِع الْمصدر الْحَقِيقِيّ من
الِافْتِرَاق.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ
الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} (الْأَنْفَال: 41) .
قَالَ أَبو إِسْحَاق: يَوْم الفُرقان هُوَ يومُ بَدْر، لأنَّ الله جلَّ
وعَزّ أَظهرَ فِيهِ مِن نَصْره مَا كَانَ فِيهِ فُرقانٌ بَين الْحق
وَالباطل. وَنحو ذَلِك قَالَه اللَّيْث.
قَالَ: وَسمَّى الله عُمر الفاروقَ لِأَنَّهُ ضرب بِالْحَقِّ على
لِسَانه فِي حَدِيث ذكره.
حدّثنا عُثْمَان عَن جرير عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إَن
تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} (الْأَنْفَال: 29) .
قَالَ عُثْمَان: وَحدثنا يحيى بن يمَان عَن سُفْيَان عَن أَبِيه عَن
مُنْذر الثَّوْريّ عَن الرّبيع بن خَيْثَم: {إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ
يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا} ، قَالَ: من كل أَمرٍ ضاقَ على النَّاس.
وَحدثنا الْحسن عَن عُثْمَان عَن ابْن نمير عَن وَرقاء عَن ابْن أَبي
نجيح عَن مُجَاهِد: (يَوْم الْفرْقَان) ، قَالَ: يَوْم بدر، فرق فِيهِ
بَين الْحق وَالباطل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَالْكسَائِيّ قَالَ: إِذا أَخذ الناقةَ
المخاضُ فندَّت فِي الأَرْض فَهِيَ فَارق، وَجمعها فُرق، وَقد فرقت
تفرق فروقاً وَنحو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
قَالَ: وَكذلك السحابة المنفردة لَا تخلِف، وَربما كَانَ قبلَها رَعْدٌ
وَبَرَق.
وَقال ذُو الرّمة:
أَو مُزنةٌ فارقٌ يجلو غواربَها
تَبَوُّجُ الْبَرْق والظّلماءُ علجومُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَفْرقْنا إبلَنا العامَ، إِذا
حَلَّوها فِي المَرعَى والكَلأ لم ينتجوها وَلم يُلقِحوها.
وَقَالَ اللَّيْث: والمطعون إِذا برأَ قيل: أفرَقَ يُفْرِق إفراقاً.
قلت: وَكَذَلِكَ كلُّ عليل أَفَاق من علّته فقد أفرَقَ.
وانفَرَقَ الْبَحْر وانفَلق واحدٌ.
قَالَ: وَهُوَ الغَرَقَ والفَلَق للفجر.
وأَنشد:
حتَّى إِذا انشقَّ عَن إنسانه فَرَقٌ
هادِيه فِي أخريات اللَّيْل منتصبُ
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ
يتَوَضَّأ بالمُدّ ويَغْتسل بالصَّاع.
وَقَالَت عَائِشَة: (كنت أَغْتَسِل مَعَه عَلَيْهِ السَّلَام من إناءٍ
يُقَال لَهُ: الفَرَق) .
(9/98)
قَالَت: والمحدِّثون يَقُولُونَ الفَرْق.
وَكَلَام الْعَرَب الفَرَق. قَالَ ذَلِك أَحْمد بن يحيى وخَالِد بن
يزِيد، وَهُوَ إناءٌ يَأْخُذ ستّةَ عشر مُدّاً، وَذَلِكَ ثَلَاثَة
آصُع.
والفَرَق أَيْضا: الخَوف؛ وَقد فَرِق يَفرَق فَرَقاً.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمِر أَنه قَالَ: رجلٌ فَروقة وفَرُّوقة
وفاروقة. وَهُوَ الفَزِع الشَّديد الفَرَق.
قَالَ: وبلَغني أَن الفَرُوقة: الْحُرْمَة.
وَأنْشد:
مَا زَالَ عَنهُ حُمقُه ومُوقُهُ
واللّؤم حَتَّى انتُهِكتْ فَرُوقُه
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الفَروقة: شَحْم الكليتين.
وأنشدنا:
فبِتْنا وباتت قِدْرُهم ذَات هِزَّةٍ
تضيء لنا شَحْم الفروقة والكُلَى
وَقَالَ غَيره: أَرض فَرِقة: فِي نبتها فَرَق: إِذا لم تكن واصيةً
متّصلة النَّبَات.
وَأنكر شمر الفَروقة بِمَعْنى شَحم الكليتين فِيمَا أَخْبرنِي الإياديّ
عَنهُ.
وَيُقَال: وقفتُ فلَانا على مَفارق الحَدِيث، أَي: على وجوهه. وَقد
فارقْتُ فلَانا مِنْ حسابي على كَذَا وَكَذَا: إِذا قطعتَ الْأَمر
بَيْنك وبينَه على أمرٍ وَقَع عَلَيْهِ اتّفاقُكما. وَكَذَلِكَ
صادَرْتُه على كَذَا وَكَذَا.
وَيُقَال: فَرَق لي هَذَا الأمرُ يَفرُق فُروقاً: إِذا تبيَّنَ ووضَح.
وفُرُوق: موضعٌ أَو ماءٌ فِي ديار بني سعد.
وأنشدني رجلٌ مِنْهُم:
لَا باركَ اللَّهُ على الفُروقِ
وَلَا سَقاها صائبُ البُروق
وَقَالَ أَبُو زيد: الفُرْقانُ والفرْق: إِنَاء، وَأنْشد:
وهيَ إِذا أَدَرَّها العَبْدان
وسطَعتْ بمشرفٍ شَيْحانِ
ترفِد بعد الصَّفِّ فِي الفُرْقانِ أَرَادَ بالصفّ قِدحين قد صُفَا.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الصفّ: أَن تصفّ بَين القدحين فتملأهما.
والفَرقانِ: قدحان مفترقان.
وَقَوله: (بمشرِف شيحان) ، أَي: بعُنُق طَوِيل.
قَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الراجز:
يرفد بعد الصَّفّ فِي فُرقانِ
قَالَ: الفُرْقان: جمع الفرْق، والفرْق: أَرْبَعَة أَربَاع. والصف: أَن
يصفّ بَين مِحلبين أَو ثَلَاثَة من اللَّبن.
رفق: أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الرَّفاقة
والرُّفْقة وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّفْقة يسمَّون رُفْقة مَا داموا منضمِّين فِي
مجْلِس وَاحِد ومسيرٍ وَاحِد،
(9/99)
فَإِذا تفرَّقوا ذهبت عَنْهُم اسمُ
الرُّفْقة.
قلت: وجمعُ الرفْقة رُفَق ورِفَاق.
والرُّفقة: الْقَوْم ينهضون فِي سَفَرٍ يَسِيرُونَ مَعًا، وينزلون
مَعًا وَلَا يفترقون، وَأكْثر مَا يسمَّون رُفقةً: إِذا نهضوا
مُيَّاراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّفق: لين الْجَانِب ولَطافة الفِعل، وصاحبُه
رَفِيق، وَقد رفَقَ يَرْفُق. وَإِذا أمرتَ قلتَ: رفقا، وَمَعْنَاهُ:
رُفق رِفقاً. وَيُقَال: رَفُقَ يرفُق أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد والأصمعي: رفقتُ بِهِ وأرفقْتُه.
شمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: رفَقَ: انتظَر، ورَفُق: إِذا كَانَ
رَقِيقا بِالْعَمَلِ.
قَالَ شمر: وَيُقَال: رَفَق بِهِ ورَفُقَ بِهِ، ورَفِيق بِهِ، وهما
رفيقانِ وهم رُفقاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: رفَق الله بك ورَفَق عَلَيْك رِفقاً ومَرْفِقاً،
وأَرْفَقك الله إرفاقاً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} (النِّسَاء:
69) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يَعْنِي النبيَّين عَلَيْهِم السَّلَام،
لِأَنَّهُ قَالَ: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَائِكَ}
يَعْنِي المطيعين، {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} يَعْنِي الْأَنْبِيَاء وَمن مَعَهم.
قَالَ: ورفيقاً مَنْصُوب على التَّمْيِيز يَنُوب عَن رُفقاء.
وَقَالَ الْفراء: لَا يجوز أَن يَنُوب الْوَاحِد عَن الْجَمِيع إِلَّا
أَن يكون من أَسمَاء الفاعلين، لَا يجوز حسن أُولَئِكَ رجلا.
وَأَجَازَهُ الزّجاج. وَقَالَ: وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خُيِّر عِنْد مَوته
بَين الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا وَنَعِيمهَا وَبَين مَا عِنْد الله
مَقْبُوضا إِلَيْهِ، فَاخْتَارَ مَا عندَ الله.
وَقَالَ: (بل أختارُ أَن أكون مَعَ الرفيق الْأَعْلَى) أَرَادَ بالرفيق
الأعْلى جمع النبيِّين، وَهُوَ قَوْله عز وَجل: {وَحَسُنَ أُولَائِكَ
رَفِيقاً} . وَلما كَانَ الرفيق مشتقاً مِن فِعلٍ جَازَ أَن يَنُوب عَن
الرفَقاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُجمع الرفيق: رُفقاء.
قَالَ: ورفيقك: الَّذِي يرافِقك فِي السّفر، يجمعُك وإياه رُفقةٌ
وَاحِدَة، وَقد ترافَقوا وارتفَقوا، وَالْوَاحد مِنْهُم رَفيق، والجميع
أَيْضا رَفِيق.
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا الْأَمر بك رَفيق ورافق عَلَيْك.
وَقَالَ شمر فِي حَدِيث عَائِشَة: (فوجدتُ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَثقُل فِي حِجري) .
قَالَت: (فذهبتُ أنظرُ فِي وَجهه فَإِذا بَصَرُه قد شَخص وَهُوَ
يَقُول: بل الرفيق الْأَعْلَى من الجَنَّة. وقُبض) .
حدَّثنا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا ابْن عَفَّان عَن ابْن نمير عَن
الْأَعْمَش عَن مُسلم بن صُبيح
(9/100)
عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة: كَانَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ثقل إِنْسَان من أَهله مَسحه
بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثمَّ يَقُول: (أذهِب الباس ربَّ النَّاس، واشف
وَأَنت الشافي لَا شافيَ إلاّ شِفاك، شِفَاء لَا يُغَادر سُقماً) .
قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا ثقُل أخذتُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَجعلت
أمسحه وأقولهنّ، فَانْتزع يدَه مني وَقَالَ: (اللهمّ اغْفِر لي،
واجعلني من الرَّفيق) .
وَقَوله: (من الرفيق) يدلّ على أنّ المُرَاد بالرفيق جماعةُ
الْأَنْبِيَاء.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: قَوْله: (اللهمَّ ألْحِقْني بالرَّفيق
الْأَعْلَى) .
سَمِعت أَبَا الفهد الباهليَّ يَقُول: إنّه تبَارك وَتَعَالَى رَفيق
وَفيق، فَكَانَ مَعْنَاهُ: أَلْحِقني بالرفيق، أَي: بِاللَّه.
قلت: والعلماءُ على أنَّ مَعْنَاهُ: أَلْحِقْني بِجَمَاعَة
الْأَنْبِيَاء، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ.
وَيُقَال للمتطبِّب: مترفِّق ورَفيق. وكُره أَن يُقال طبِيب، فِي خبرٍ
وَرَد عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ناقةٌ رَفْقاء، وَهُوَ أَن يَستَدَّ إحْليلُ
خِلْفها.
وَقَالَ شمر: قَالَ زَيد بن كُثْوَة: إِذا انسدَّ أحاليلُ النَّاقة
قيل: بهَا رَفَق، وناقة رَفيقة، وَهُوَ حرفٌ غَرِيب.
وَقَالَ اللَّيْث: المِرفاق من الْإِبِل: الَّتِي إِذا صُرَّتْ
أوجَعَها الصِّرار، فَإِذا حُلِبَتْ خرج مِنْهَا دمٌ وَهِي الرَّفِقَة.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ
مِّرْفَقًا} (الْكَهْف: 16) ، كَسره الْأَعْمَش وَالْحسن، يَعْنِي
الْمِيم من مِرْفق.
قَالَ: ونَصَبَها أهلُ الْمَدِينَة وَعَاصِم؛ فكأَنَّ الَّذين فتحُوا
الْمِيم وكسروا الْفَاء أَرَادوا أنْ يفرقُوا بَين المَرْفَق من
الْأَمر وَبَين المِرْفَق من الْإِنْسَان.
قَالَ: وَأكْثر الْعَرَب على كسر الْمِيم من الْأَمر ومِن مِرفق
الْإِنْسَان. وَالْعرب أَيْضا تفتح الْمِيم من مَرْفِق الْإِنْسَان
لُغَتَانِ فِي هَذَا. وَفِي هَذَا.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ
مِّرْفَقًا} ، وَهُوَ مَا ارْتفَقْتَ بِهِ.
وَيُقَال: مَرْفِق الْإِنْسَان.
وَقَالَ يونسُ: الَّذِي أخْتَار المِرْفَق فِي الْأَمر، والمِرْفق فِي
الْيَد.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً}
(الْكَهْف: 31) .
قَالَ الْفراء: أنّث الْفِعْل على معنى الْجنَّة، وَلَو ذكّر كَانَ
صَوَابا.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحَرَّاني عَن ابْن
(9/101)
السّكيت قَالَ: مرتَفَقاً، أَي: متّكئاً.
يُقَال: قد ارتَفَق: إِذا اتَّكأ عَلَى مِرْفَقه.
وَقَالَ اللَّيْث: المِرفق مكسورٌ من كلِّ شَيْء، من المتَّكَأِ، وَمن
الْيَد، وَمن الْأَمر.
قَالَ: والْمِرفق من مَرافق الدَّار، من المغتسَل والكنيف وَنَحْوه.
قَالَ: والرَّفق: انفتال المِرفق عَن الجَنْب، ناقةٌ رَفْقاء وجَمَل
أَرْفق.
قلتُ: الَّذِي حفِظتُه وسمعتُه بِهَذَا الْمَعْنى ناقةٌ دَفْقاء
وَجَمَلٌ أَدفق: إِذا انفتَق مِرفَقُه عَن جَنبه، وَقد ذكرته فِيمَا
تقدَّم.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرفاق: أَن يشدّ حَبْلٌ من عُنق الْبَعِير
إِلَى رُسْغِه. يُقَال: رَفِقْتُ البَعيرَ أَرفُقُه رَفْقاً.
وَمِنْه قَول بشر:
وإنِّي والشَّكاةَ مِن آلِ لأمٍ
كذاتِ الضِّغْنِ تمشي فِي الرِّفاق
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الرُّفاقُ: أَنْ يُخشَى على الناقةِ أَن
تَنزِعَ إِلَى وطَنها فيشدَّ عضُدها شدّاً شَدِيدا، لتُخْبَلَ عَن أَن
تُسْرِع.
وَقد يكونُ الرِّفاقُ أَيْضا أنْ تَظْلعَ من إِحْدَى يَديهَا فيخشَون
أَنْ تُبْطر اليدُ الصحيحةُ السقيمةَ ذَرْعَها فيصيرَ الظَّلْع
كَسْراً، فيُحَزّ عضُد الْيَد الصَّحِيحَة لكَي تَضْعُف فَيكون
سَدْوُهُما وَاحداً.
وَقَالَ غَيره: جَمَلٌ مِرْفاقٌ: إِذا كَانَ مِرفقُه يُصِيب جَنْبَه.
وَقَالَ شمر: سمعتَ ابْن الأعرابيّ ينشد بيتَ عَبِيد:
مِن بينِ مُرتفِق مِنْهَا ومُنصاحِ
وفسَّر المُنصَاحَ: الفَائضَ الجاريَ على وَجْه الأَرْض. والمرتفِق:
الممتلىء الْوَاقِف الثَّابِت الدَّائِم كَرَب أَن يمتلىء أَو
امْتَلَأَ.
قَالَ: والرفَق: المَاء الْقصير الرِّشاء.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: تطلَّبتُ حَاجَة فَوَجَدتهَا رَفَق البِغية:
إِذا كَانَت سَهْلةً.
ورَوى أَبُو عُبَيْدَة بَيت عَبِيد:
مِن بينِ مُرتَفِق مِنْهَا ومُنصَاحِ
قَالَ: المُنصاح: المنشق.
فقر: قَالَ اللَّيْث: الفَقْر: الْحَاجة، وفِعْلُه الافتقار، والنعت
فَقير. وَقد أفقره الله، والفُقْر: لُغة رَدِيئَة.
وأَغنَى اللَّهُ مفاقِرَه، أَي: وُجُوه فقرِه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ
وَالْمَسَاكِينِ} (التَّوْبَة: 60) ، فسمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ
أَبَا الْعَبَّاس وسُئل عَن تَفْسِير الفقيرِ والمسكين؟ فَقَالَ: قَالَ
أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء فِيمَا يَروي عَنهُ الْأَصْمَعِي: الْفَقِير
الَّذِي لَهُ مَا يَأْكُل.
قَالَ: والمسكين الَّذِي لَا شَيْء لَهُ.
وَقَالَ الرَّاعِي:
(9/102)
أمَّا الفقيرُ الَّذِي كَانَت حَلُوبَتُه
وَفْق العِيالِ فَلم يُترَك لَهُ سَبَدُ
قَالَ المنذرِيُّ: وأخبَرني ابنُ فَهْمٍ عَن مُحَمَّد بن سلاّم عَن
يُونُس قَالَ: الْفَقِير يكون لَهُ بعضُ مَا يقيمه. والمسكين: الَّذِي
لَا شَيْء لَهُ.
قَالَ: وَقلت لأعرابي مرَّةً: أَفَقِيرٌ أَنت؟ قَالَ: لَا وَالله، بل:
مِسْكين.
قَالَ: فالمسكين أَسْوَأ حَالا من الْفَقِير. وَالْفَقِير: الَّذِي
لَهُ بُلْغَةٌ من الْعَيْش.
وَقَالَ أَبُو بكر: يرْوى عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: المسكينُ
أحسَنُ حَالا من الْفَقِير.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمد بن عبيد، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيح
عندنَا، لأنَّ الله قَالَ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ
لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ} (الْكَهْف: 79) ، وَهِي
تَسَاوِي جملَة.
قَالَ: وَالَّذِي احتجَّ بِهِ يُونُس أَنه قَالَ لأعرابي: أفقيرٌ
أَنْت؟ قَالَ: لَا وَالله بل مِسْكين يجوز أَن يكون أَرَادَ لَا وَالله
بل أَنا أحسن حَالا من الْفَقِير.
قَالَ: وَالْبَيْت الَّذِي احْتج بِهِ لَيْسَ فِيهِ حجَّة لِأَن
الْمَعْنى كَانَت لهَذَا الْفَقِير حلوبة فِيمَا مضى وَلَيْسَت لَهُ
فِي هَذِه الْحَالة حلوبة.
قَالَ: وَالْفَقِير مَعْنَاهُ المفقور الَّذِي نُزِعَت فِقرة من ظَهره
فَانْقَطع صُلبه من شدَّةِ الْفقر، فَلَا حَال هِيَ أوْكد من هَذِه.
وَأنْشد:
رفع القوادمَ كالفَقِير الأعزلِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن خَالِد بن يزِيد أَنه قَالَ: كأنَّ الفقيرَ
إِنَّمَا سُمِّي فَقِيرا لزمانة تصيبُه مَعَ حَاجَة شَدِيدَة تَمنعهُ
الزمانة من التصرُّف فِي الْكسْب على نَفسه، فَهَذَا هُوَ الْفَقِير.
وَيقال: أَصَابَته فاقرة، وَهِي الَّتِي فَقَرَت فَقارَه، أَي: خَرَزَ
ظهرِه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه
أنْشدهُ للبيد:
لمّا رأى لُبَدُ النُّسُورَ تطايرتْ
رَفَعَ القوادمَ كالفَقير الأعزَلِ
وَقَالَ: الْفَقِير: المكسور الفَقار، يُضرب مثلا لكلِّ ضَعِيف لَا
ينفُذُ فِي الْأُمُور، قَالَ: وأقلّ فِقَر الْبَعِير ثَمَانِي عشرَة،
وأكثرها إِحْدَى وَعِشْرُونَ، إِلَى ثَلَاث وَعشْرين، وَيُقَال:
فِقْرةٌ وثلاثُ فِقَر وفَقارة، وتُجمع فِقَاراً.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ
وَالْمَسَاكِينِ} (التَّوْبَة: 60) .
قَالَ: الْفُقَرَاء: هم أهلُ صُفَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كَانُوا لَا عشائرَ لَهُم، فَكَانُوا يَلْتَمِسُونَ الفَضْل
بالنَّهار، ويأوْون إِلَى الْمَسْجِد. قَالَ: وَالْمَسَاكِين
الطوَّافون على الْأَبْوَاب.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أنّه قَالَ:
الْفُقَرَاء: الزَّمْنَى الضِّعاف الَّذين لَا حِرْفة لَهُم، وَأهل
(9/103)
الحِرْفة الضّعيفةِ الَّتِي لَا تَقع
حِرْفتُهم مِن حَاجتهم مَوقِعاً. وَالْمَسَاكِين: السُّؤَّال ممّن لَا
حرفةَ لَهُم تقع موقعاً وَلَا تغنيه وعيالَه.
قلت: فالفقير أشدُّهما حَالا عِنْد الشَّافِعِي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: للْإنْسَان
أربعٌ وَعِشْرُونَ فَقَارةً وأربعٌ وَعِشْرُونَ ضِلَعاً، ستُّ فَقارات
فِي العُنق وستّ فقَاراتٍ فِي الْكَاهِل، والكاهل بَين الْكَتِفَيْنِ،
وَبَين كلِّ ضِلعين من أضلاع الصّدر فَقارة من فقارات الْكَاهِل الستّ،
ثمَّ سِتّ فقارات، أسفلَ مِن فَقارات الْكَاهِل، وَهِي فَقارات الظَّهر
الَّتِي بحذاء الْبَطن بَين ضِلَعين من أضلاع الجنبين فَقارةٌ مِنْهَا،
ثمَّ يُقَال لفَقارةٍ واحدةٍ تَفرُق بَين فَقار الظّهْر والعَجز:
القَطاة، ويلي القَطاة رَأْسا الوَرِكَين، وَيُقَال لَهما: الغُرابان،
وبَعدها تمامُ فَقار العَجُز، وَهِي سِتّ فَقارات آخرُها القُحْقُح،
والذَّنَبُ متّصل بهَا، وَعَن يَمِينهَا ويسارها الجاعِرَتان؛ وهما
رَأْسا الورِكين اللَّذَان يَليانِ آخرَ فَقَارةٍ من فَقارات العَجُز،
قَالَ: والفَهقَة: فَقارةٌ فِي أصل العُنُق دَاخِلَة فِي كُوَّة
الدماغِ الَّتِي إِذا فُصِلتْ أدخَلَ الرّجلُ يدَه فِي مَغْرِزها
فَيخرج الدِّمَاغ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: { (بَاسِرَةٌ تَظُنُّ
أَن يُفْعَلَ} (الْقِيَامَة: 25) ، الْمَعْنى: توقِن أَن يفعل بهَا
داهية من الْعَذَاب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء.
قَالَ: وَقد جَاءَت أسماءُ الْقِيَامَة وَالْعَذَاب بِمَعْنى الدَّواهي
وأسمائها.
وَقَالَ اللَّيْث: الفاقرة: داهية تكسر الظَّهر.
قَالَ: والفاقرة: الداهية، وَهُوَ الوَسْم الَّذِي يُفْقَر بِهِ
الْأنف.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفَقْر: أَن يُحَزَّ أنفُ الْبَعِير
حتَّى يَخْلُص إِلَى العَظْم أَو قريبٍ مِنْهُ، ثمَّ يُلوَى عَلَيْهِ
جَرير، يُذَلَّل بذلك الصَّعْبُ.
وَمِنْه قيل: عُملتْ بِهِ الفاقرة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوديَّةُ إِذا غُرست حُفِرَ لَهَا بِئْر
فغُرِستْ، ثمَّ كُبس حَولَها بتُرْنُوق المَسِيل والدّمْن، فَتلك
الْبِئْر هِيَ الْفَقِير. يُقَال: فَقَّرْنا للوَدِية تفقيراً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ أَبُو زِيَاد: تكون الجرفة فِي
اللهزمة، وَقد يفقر الصعب من الْإِبِل ثَلَاثَة أفقُر فِي خطمه، فَإِذا
أَرَادَ صاحبُه أَن يذلّه ويمنعه من مرحه جعل الْجَرِير الَّذِي على
فقره الَّذِي يَلِي مشفره فَمَلكه كَيفَ شَاءَ. وَإِن كَانَ بَين
الصَّعب والذّلول جعل على فقره الْأَوْسَط فتزيد فِي مَشْيه واتَّسع،
فَإِذا أَرَادَ أَن ينبسط وَيذْهب بِلَا مؤونة على صَاحبه جعل
الْجَرِير على فقره الْأَعْلَى فَذهب كَيفَ شَاءَ، قَالَ: وَإِذا حزّ
الْأنف حزّاً فَذَلِك الفَقْر، وبعير مفقِر.
شمر عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الْفَقِير لَهُ ثَلَاثَة مَوَاضِع،
يُقَال: نَزلْنا نَاحيَة فَقير بني فلَان،
(9/104)
يكون المَاء فِيهِ هَا هُنَا ركيَّتان
لقومٍ، فهُمْ عَلَيْهِ؛ وَهَا هُنَا ثَلَاث، وَهَا هُنَا أَكثر،
فَيُقَال: فقيرُ بني فلَان، أَي: حِصَّتُهم مِنْهَا، كَقَوْلِه:
تَوزَّعْنا فقيرَ مياهِ أُقْرٍ
لكلِّ بني أبٍ مِنها فقيرُ
فحِصّة بعضِنا خَمسٌ وسِتٌّ
وحصّة بَعْضنَا مِنهنَّ بِيرُ
وَالثَّانِي: أَفْوَاه سُقُف القُنِيّ.
وَأنْشد:
فوَرَدتْ والليلُ لمّا ينجلي
فقيرَ أفواهٍ ركيات القُنِي
وَالثَّالِث: تُحفَر حفرةٌ ثمَّ تُغرَس فِيهَا الفسيلة، فَهِيَ فَقير
كَقَوْلِه:
احفِرْ لكلّ نخلةٍ فَقِيرا
وَقَالَ اللَّيْث: يَقُولُونَ فِي النِّضال: أراميكَ مِن أدنى فُقْرة،
وَمن أبعَد فُقْرة، أَي: مِن أَبعَد مَعْلم يتعلّمونه مِن حُفْرة أَو
من هَدَفٍ أَو نحوِه.
قَالَ: والفُقْرة: حُفْرة فِي الأَرْض، وأرضٌ منْفِقَرة: فِيهَا فُقَر
كَثِيرَة.
وحَدثني مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي الْهَيْثَم عَن إِبْرَاهِيم بن
مُوسَى عَن ابْن أبي زَائِدَة عَن مُجالد عَن عَامر، فِي قَول الله
جلَّ وعزّ: {وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ
وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} (مَرْيَم: 33) .
قَالَ: فُقَراتُ ابْن آدم ثَلَاث: يَوْم وُلِد، وَيَوْم يَمُوت،
وَيَوْم يُبعث حيّاً؛ هِيَ الَّتِي ذَكَر عِيسَى.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: قَال أَبُو الْهَيْثَم: الفُقَرات: هِيَ
الْأُمُور الْعِظَام.
كَمَا قيل فِي قتل عُثْمَان: (أَن استَحلُّوا الْفقر الثَّلَاث:
حُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام، وَحُرْمَة الْبَلَد، وَحُرْمَة
الْخَلِيفَة) .
قلت: ورَوَى القُتيبيُّ قَول عَائِشَة فِي عُثْمَان: (المركوبُ مِنْهُ
الفِقَر الْأَرْبَع) ، بِكَسْر الْفَاء.
وَقَالَ: الفِقَر: خَرَزات الظّهْر؛ الْوَاحِدَة فِقْرة.
قَالَ: وضربَتْ فَقار الظَّهر مثلا لما ارتُكِب مِنْهُ، لِأَنَّهَا
مَوضِع الرّكُوب. وأرادت أنّه رُكب مِنْهُ أَربع حُرَم عِظَام تَجِب
لَهُ بهَا الْحُقُوق، فَلم يَرعوْها وانتهكوها، وَهِي حُرمته
بِصُحْبَتِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصهرِه، وحُرمة
الْبَلَد، وَحُرْمَة الْخلَافَة، وَحُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام.
قلت: وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة: (الفقَر الثَّلَاث) بِضَم الْفَاء على
مَا فسّره ابْن الْأَعرَابِي وَأَبُو الْهَيْثَم، وَيُؤَيّد قولَهما
مَا قَالَه الشعبيّ فِي تَفْسِير الْآيَة وَقَوله: (فُقرات ابْن آدم
ثَلَاث) .
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: البعيرُ
يقرَم أنفُه، وَتلك القُرْمة يُقَال لَهَا: الفُقْرة، فَإِن لم
يَسْكُنْ قُرِم أُخْرَى ثمَّ
(9/105)
ثَالِثَة.
قَالَ: وَمِنْه قَول عَائِشَة فِي عُثْمَان: (بَلَغتمْ مِنْهُ الفُقَر
الثَّلَاث) .
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زِيَاد: يُفقَر الصَّعبُ من الْإِبِل ثَلَاثَة
أفقُرٍ فِي خَطْمه، فَإِذا أَرَادَ صَاحبه أَن يُذلّه ويَمنعَه مِن
مرَحِه جعلَ الْجَرِير على فقره الَّذِي يَلِي مشفَره، فملكه كَيفَ
شَاءَ، وَإِن كَانَ بَين الصَّعب والذَّلُول جعلَ الجريرَ على فقْره
الْأَوْسَط فتزيدَ فِي مَشْيه واتَّسَع، فَإِن أَراد أَلا يكون
عَلَيْهِ مِنْهُ مَؤونة جعل الجَرير على فَقره الْأَعْلَى فَذهب كَيفَ
شَاءَ.
فَهَذِهِ الْأَقَاوِيل أولَى بِنَا فِي تَفْسِيره الفُقَر ممَّا فسّره
القُتيبي.
وَقَالَ شمِر: الْفَقِير: اسْم بئرٍ بِعَينهَا.
وَأنْشد:
مَا ليلةُ الْفَقِير إلاَّ شَيْطانْ
مجنونةٌ تُودِي برُوحِ الْإِنْسَان
لأنَّ السَّيْر إِلَيْهَا مُتْعِب.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الْفَقِير وجمعُها فُقُر، وَهِي رَكايا يَنْفُذُ
بعضُها إِلَى بعض. قَالَ: وفقَّرتُ الْخَرَزَ، إِذا ثَقَّبته.
وَأنْشد:
شَذْراً مُفقَّراً
قلت: وأصل هَذَا مَأْخُوذ من الفَقار.
وَقَالَ ابْن المظفّر فِي هَذَا الْبَاب: التفقير فِي رجل الدوابّ:
بياضٌ يخالط الأسوُقَ إِلَى الرُكَب. شاةٌ مُفقَّرة وَفرس مفقَّر.
قلت: هَذَا تصحيفٌ عِنْدِي، وَالصَّوَاب بِهَذَا الْمَعْنى التقفيز
بالزاي وَالْقَاف قبل الْفَاء.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ الْبيَاض فِي يدَي الْفرس إِلَى
مرفقيه دون الرِّجلين فَهُوَ أقفز.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عمرٍ وَعَن أَبِيه قَالَ: إِذا كَانَ
الْبيَاض فِي يدَي الْفرس فَهُوَ مقفَّز، فَإِذا ارْتَفع إِلَى رُكبتيه
فَهُوَ مجبَّب وَهُوَ مَأْخُوذ من القفَّازين.
وَذكر أَبُو عبيدٍ وُجوه العَوارِي فَقَالَ: أمَّا الإفقار فَأن يُعطيَ
الرجلُ الرجلَ دابَّته فَيركبهَا مَا أحبَّ فِي سَفر أَو حَضر ثمَّ
يردّها عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: أركب المهرُ، أَي: حانَ لَهُ أَن يركب.
وأفقرَ ظهرُه بِمَعْنَاهُ. قَالَ: وأفقرك الرَّمي وأكثَبكَ: أمكنك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أفقرتُ فلَانا بَعِيرًا: إِذا أعرتَه بَعِيرًا
يَركب ظهرَه فِي سَفَر ثمَّ يَردُّه، وَهِي الفُقْرى. وَيُقَال: قد
أفْقَرك الصَّيدُ: إِذا قَرُب منكَ أَو أمكنك مِن رَمْيه. وَقد
فَقَرْتُ أنفَ الْبَعِير أفقِرُه: إِذا حززتَه بحديدة، ثمَّ وضعْتَ على
مَوضِع الحزِّ مِنْهُ جَرِيرًا وَعَلِيهِ وتَرٌ مَلْوِيّ لتُذِلّه.
وَمِنْه قَوْلهم: عَمِلتُ بِهِ الغاقرة.
(9/106)
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: فُقُور النَّفس
وشُقُورُها هَمُّها، وَوَاحِد الفُقور فَقْرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل مُفْقَر، أَي: قوي.
وَقَالَ ابْن شُميل: إنَّه لَمُفْقَر لذاك الأمرِ، أَي: مُقْرِن لَهُ
ضَابِط مُفْقِر لهَذَا الغُرم وَهَذَا القِرْن ومؤْدٍ سواءٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُفَقَّر مِن السيوف الَّذِي فِيهِ
حُزوز مطمئنّة عَن مَتنه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُمِّي سيفُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم ذَا الفَقَار لِأَنَّهُ كَانَت فِيهِ حُفَر صغارٌ حِسَان،
وَيُقَال للحُفْرة فُقْرة، وجمعُها فُقَر، وللبئر العتيقةَ فَقِير،
وجمعُه فُقُر. ولأمور النَّاس فُقورٌ وفَقُور.
قفر: قَالَ اللَّيْث: القَفْر: الْمَكَان الخَلاء مِن النَّاس،
وَرُبمَا كَانَ بِهِ كلأ قَلِيل. وَقد أقْفَرَت الأرضُ من الكَلأَ
وَالنَّاس، وأقفرت الدارُ مِن أَهلهَا. وَتقول: أرضٌ قَفْر ودارٌ
قَفْر، وأرضٌ قِفار ودارٌ قِفار، تُجمَع لسَعَتها على توهُّم
الْمَوَاضِع كل مَوضِع على حِياله قَفْر فَإِذا سمَّيْتَ أَرضًا
بِهَذَا الِاسْم أنَّثْتَ. وَيُقَال: أقْفر فلانٌ من أَهله: إِذا
انفردَ عَنْهُم وبقيَ وحْدَه. وَأنْشد لعَبِيد:
أقْفَر مِن أهلِه عَبيدُ
فاليومَ لَا يُبدي وَلَا يُعِيدُ
وَيُقَال: أفْقَر حسدُه مِن اللَّحم، وأقفَر رأسُه من الشّعْر، وَأَنه
لَقَفِر الرَّأْس، أَي: لَا شَعر عَلَيْهِ، وَإنَّهُ لقَفِر الْجِسْم
من اللَّحْم.
وَقَالَ العجاج:
لَا قَفِراً عَشّاً وَلَا مُهبَّجا
أَبُو عبيد: القَفِرة من النِّسَاء: القليلة اللَّحْم.
وَالْعرب تَقول: نزلنَا ببني فلانٍ فبتْنا القَفْر: إِذا لم يُقْرَوْا.
وَفِي الحَدِيث: (مَا أقفَرَ بيتٌ فِيهِ خَلٌّ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد وَغَيره: هُوَ مَأْخُوذ من
القَفَار، وَهُوَ كلُّ طَعَام يُؤْكَل بِلَا أُدْم.
يُقَال: أكلتُ اليومَ طَعَاما قَفَاراً: إِذا أكَلَه غير مأدوم، وَلَا
أرى أَصله مأخوذاً إلاّ مِن القَفر، مِن الْبَلَد الَّذِي لَا شيءَ
بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَفُّورُ: شَيْء مِن أفاوِيه الطِّيب. وَأنْشد:
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطورِ
أَهضامِها والمسكِ والقَفُّورِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكافور: وِعاءُ الطَلْع، وَيُقَال لَهُ
أَيْضا: قَفُّور.
قلت: وَكَذَلِكَ الكافور الطِّيبُ يُقَال لَهُ: قَفُّور.
وَقَالَ شمِر: القَفّور فِي بَيت ابْن أَحْمَر: نبت، وَهُوَ قَوْله:
(9/107)
تَرعَى القَطاةُ الخِمسَ قَفُّورَها
ثمَّ تَعُرُّ الماءَ فِيمَن يَعُرُّ
ابْن السّكيت: أقفرَ فلانٌ إقفاراً، إِذا لم يكن لَهُ أدْم. وَيُقَال:
أكَل خُبْزَه قَفاراً: بِغَيْر أُدْم.
أَبُو الْهَيْثَم: القَفار والقَفير: الطَّعَام إِذا كَانَ غير مأدومٍ.
وَمِنْه: مَا أقفَرَ بيتٌ فِيهِ خلٌّ، أَي: لم يَخْلُ من الأُدْم.
وَيُقَال: أقْفَرْنا، أَي: صِرْنا إِلَى القَفْر. وَيُقَال: قَفَر
أثرَه يَقفِر قَفْراً، وتقفّره تقفُّراً، واقتَفَره اقتفاراً: إِذا
تتبَّعَهُ.
وَأنْشد:
وَلَا يزالُ أمامَ الْقَوْم يَقتَفِر
رَوَاهُ الْمبرد: (وَلَا ترَاهُ أمامَ الْقَوْم يقتفر) وفسّره، قَالَ:
يَقُول: لَا يسبقهم إِلَى شَيْء من الزّاد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نبتٌ قِفرٌ: لَا صَيُّورَ لَهُ فِي
الْبَطن.
قَالَ: وَسُئِلَ أعرابيٌّ عَن الوشيح، وَهُوَ اسْم بقلة، فَقَالَ: قذر
قَفير، أَي: لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ ابْن دُريد: القَفير: الزَّبيل؛ لُغَة يَمَانِية.
ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: القَفير، والقَلِيف، والبَحْوَنة:
الجُلَّة الْعَظِيمَة البَحرانية الَّتِي يُحمَل فِيهَا القُبَاب،
وَهُوَ الكَنْعَد المالِح.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القَفَر: الشَّعَر، وَأنْشد:
قد عَلمتْ خودٌ بساقيها القَفَر
قلت: الَّذِي عَرفْنَاهُ بِهَذَا الْمَعْنى الغَفَر بالغين، وَلَا
أعرفُ القَفَر.
وَقَالَ اللَّيْث: قُفَيرة: اسْم أمّ الفرزدق.
قلت: كأنَّه تَصْغِير القَفيرةِ من النِّسَاء، وَقد مرّ تَفْسِيره.
وَقَالَ أَبُو زيد: قَفِر مالُ فلَان وزَمِرَ يَقْفَر ويَذْمَرُ قَفراً
وزَمَراً: إِذا قَلَّ مالُه، وَهُوَ قَفِر المَال زَمرُه.
رقف: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرُّقوف: الرُّفوف.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رَأَيْته يُرقَف من الْبرد، أَي:
يُرعَد.
ترقف: اسْم بلد أَو امْرَأَة، مِنْهُ الْعَبَّاس بن الْوَلِيد الترقفي.
وَقَالَ أَبُو مَالك: أُرقفَ إرقافاً، وقَفَّ قفوفاً، وَهِي القشعريرة.
قَالَ الْأَزْهَرِي: والقرقفة: الرعدة، مَأْخُوذ من الإرقاف، كررت
الْقَاف فِي أَولهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القرقف: اسْم للخمر، وَأنكر قَول من قَالَ
إِنَّهَا تقرقف، يَعْنِي ترْعد النَّاس.
ق ر ب
قرب، قبر، رقب، ربق، برق، بقر: مستعملات.
(9/108)
قرب: قَالَ اللَّيْث: القَربُ: أَن يَرعَى
القومُ بَينهم وَبَين المَورِد، وَفِي ذَلِك يَسِيرُونَ بعضَ السّير،
حَتَّى إِذا كَانَ بَينهم وَبَين المَاء ليلةٌ أَو عشيةٌ عجَّلوا
فقَربوا يَقربُون قُرْباً، وَقد أقرَبوا إبلَهم، وقَرَبَت الْإِبِل.
قَالَ: والحِمارُ القارب والناقة القوارب، وَهِي الَّتِي تَقرُب، أَي:
تعجّل ليلةَ الوُرود. قَالَ: والقارب الَّذِي يَطلب المَاء.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يَقُول الرجل لصَاحبه إِذا استحثَّه: تقرَّبْ،
يَقُول: اعجلْ، سمعتُه من أَفْوَاههم.
وَأنْشد:
يَا صاحبَيّ تَرحَّلاَ وتَقَرَّبا
فَلَقَد أَنى لمسافِرٍ أَن يَطْرَبا
أَبُو عبيد: إِذا خَلَّى الرَّاعِي إبِله إِلَى المَاء وَتركهَا فِي
ذَلِك ترعَى ليلتئذٍ فَهِيَ لَيْلَة الطَّلَق، فَإِن كَانَت الليلةَ
الثَّانِيَة فَهِيَ لَيْلَة القَرَب، هُوَ السوْق الشَّديد.
وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا كَانَت إبلهم طَوَالِق قيل: أطلَقَ القومُ فهم
مُطْلِقون، وَإِذا كَانَت إبلُهم قَوارب، قَالُوا: هم قاربون، وَلَا
يقالُ مُقْرِبون، وَهَذَا الْحَرْف شاذّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أقربتُها حَتَّى قَرِبتْ تَقربُ.
وَقَالَ لبيد:
إِحْدَى بني جعفرٍ بأرضهِم
لم تُمْسِ مِنّي نَوْباً وَلَا قَرَبا
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: القَرَب والقَرْب وَاحِد فِي بَيت لبيد.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَرَب فِي ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَكثر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: مَا لَه هاربٌ وَلَا قاربٌ،
أَي: مَا لَهُ واردٌ يَرِدُ المَاء وَلَا صادرٌ يصدُر عَنهُ.
اللَّيْث: القارِب: سفينة صَغِيرَة تكون مَعَ أَصْحَاب السُفن
البَحْرية تستخفّ لحوائجهم والجميع القَوارب. والقِراب للسَّيف
والسكِّين. والفِعل أَن تَقول: قَربْتُ قِراباً، ولغة أقربتْ إقراباً.
قلت: قِراب السَّيْف شِبه جراب من أَدَم يَضَع الرَّاكِب فِيهِ سَيْفه
بجفْنِه، وسَوْطه، وَعَصَاهُ، وأداةً إِن كَانَت مَعَه.
وَقَالَ شمر: أقربتُ السيفَ: جعلتُ لَهُ قراباً، وقَرَبْتُه: جعلتُه
فِي القراب.
وَقَالَ اللَّيْث: القراب: مقاربة الشَّيْء، تَقول: مَعَه ألفُ درهمٍ
أَو قِرابُه، وَمَعَهُ مِلءُ قَدَح ماءٍ أَو قِرابه.
وَتقول: أتيتُه قرابَ العَشيّ أَو قِراب اللَّيل.
وَتقول: هَذَا قَدحٌ قَربانُ مَاء، وَهُوَ الَّذِي قد قَاربَ الامتلاء.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الكسائيُّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو عبيد.
اللَّيْث: القُرَب: نَقيض البُعْد. والتقرب:
(9/109)
التدني إِلَى شَيْء، والتوصل إِلَى إنسانٍ
بقُرْبةٍ أَو بحقَ. والاقتراب: الدُنُوّ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَىْءْادَمَ
بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ} (الْمَائِدَة: 27) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ
نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ
النَّارُ} (آل عمرَان: 183) .
وَكَانَ الرجلُ إِذا قرّب قرباناً سَجَد لله، وتنزل النَّار فتأكل
قُربانه، فَذَلِك علامةُ قَبول القُرْبان، وَهِي ذَبَائِح كَانُوا
يذبحونها.
وَقَالَ اللَّيْث: القُرْبان: مَا قربتَ إِلَى الله تبتغي بذلك قُربة
ووسيلة.
أَبُو الْعَبَّاس: قربت مِنْك أقرب قرباً؛ وَمَا قربتُكَ؛ وَلَا أقرَبك
قُرباناً. وقرِبت الماءُ أقرَبه قَرَباً، أَي: طلبته؛ وَذَلِكَ إِذا
كَانَ بَيْنك وَبَين المَاء مسيرَة يَوْم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي قَالَ: القرابين: جُلساء الْمُلُوك وخاصّتُه،
واحدهم قُربان.
وَقَالَ اللَّيْث: قرابين المِلك: وزراؤه.
قَالَ: وَيُقَال: قرِبَ فلانٌ أهلَه قُرباناً: إِذا غشيها، وَمَا
قَرِبت هَذَا الأمرَ وَلَا قَرَبته.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبَا هَاذِهِ الشَّجَرَةَ}
(الْبَقَرَة: 35) .
وَقَالَ: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} (الْإِسْرَاء: 32) ، كلّ ذَلِك
من قَرِبْتُ أقرَبُ.
وَيُقَال: فلَان يَقْرُب أمرا، أَي: يغزوه، وَذَلِكَ إِذا فَعَل شَيْئا
وَقَالَ قولا يَقْرُب بِهِ أمرا يغزُوه. وَتقول: لقد قَرَبْتُ أمرا مَا
أَدْرِي مَا هُوَ؟ .
قَالَ: والقُرْب: من لَدُن الشاكلة إِلَى مراقّ الْبَطن، وَكَذَلِكَ من
لَدُن الرُّفْغ إِلَى الْإِبِط قُرْبٌ مِنْ كل جَانب. وفرسٌ لَاحق
الأقراب، يجمعونه وإنَّما قُرْبان لسعته، كَمَا يُقَال: شاةٌ ضَخمة
الخَواصر، وَإِنَّمَا لَهَا خاصرتان.
قَالَ: والقريبُ والقَريبة ذُو القَرابة، والجميع من النِّسَاء قرائب،
وَمن الرِّجَال أقَارِب. وَلَو قيل: قُرْبَى لجَاز.
قلت: الْأَقَارِب: جمع الْأَقْرَب، والقُرْبى: تَأْنِيث الْأَقْرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: القَريب: نقيض الْبعيد، يكون تحويلاً فيستوي فِي
الذّكر وَالْأُنْثَى والفردِ والجميع، كَقَوْلِك: هُوَ قريبٌ، وَهِي
قريب، وهم قريب وهنّ قريب.
قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه فِي الْقَرِيب النَّسَب، والقريب
وَالْمَكَان قولُ الْفراء.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ
الْمُحْسِنِينَ} (الْأَعْرَاف: 56) .
وَقَالَ الزّجاج: إِنَّمَا قيل قريبٌ لِأَن الرَّحْمَة والعَفو
والغفران فِي معنى وَاحِد، وَكَذَلِكَ كل تأنيثٍ لَيْسَ بحقيقيّ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَخْفَش: جَائِز أَن تكون
(9/110)
الرَّحْمَة هَا هُنَا بِمَعْنى المَطَر.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: هَذَا ذُكِّر ليُفصَل بَين الْقَرِيب من
القُرْب والقريبِ من الْقَرَابَة، وَهَذَا غلطٌ، كلُّ مَا قَرُب فِي
مكانٍ أَو نَسَب فَهُوَ جارٍ على مَا يصيبُه من التّذكير والتأنيث.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ:
تَقول الْعَرَب: هُوَ قريبٌ مني، وهما قريبٌ مني، وهم قريبٌ مني،
وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّث هِيَ قريبٌ منّي وَهِي بَعيدٌ مني وهما بعيدٌ
وهم بَعيد، فتوحِّد قَرِيبا وتُذَكره، لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ مَرْفُوعا
فَإِنَّهُ فِي تأويلِ هُوَ فِي مكانٍ قريبٍ مني.
قَالَ الله جلّ وَعز: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ
الْمُحْسِنِينَ} (الْأَعْرَاف: 56) . وَقد يجوز قريبَة وبعيدة
بِالْهَاءِ، تبنيها على قرُبت وبَعُدَتْ. فَمن أنثها فِي الْمُؤَنَّث
ثَنَّى وجَمَع.
وَأنْشد:
لياليَ لَا عَفْراء مِنْك بعيدةٌ
فتسلو وَلَا عَفْراءُ مِنك قريبُ
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الخيْل المُقْرَبة: الَّتِي تكون قَرِيبا
مُعَدَّةً، وَيُقَال: هِيَ الَّتِي تُدْنى وتُقَرَّب وتكرَّم.
وَقَالَ شمر: الْإِبِل المُقْرَبة الَّتِي حُزِمَتْ للرُّكُوب،
قَالَهَا أعرابيّ مِن غَنِيّ.
قَالَ: والمُقْرَبات من الْخَيل: الَّتِي قد ضُمِّرَت للرُّكُوب.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الْإِبِل المُقْرَبة: الَّتِي عَلَيْهَا رِحلٌ
مُقْرَبة بالأدَم، وهيَ مَراكبُ المُلوك.
قَالَ: وَأنكر الْأَعرَابِي هَذَا التَّفْسِير.
وَقَالَ اللَّيْث: أقرَبتِ الشاةُ والأتَانُ فَهِيَ مُقْرِب، وَلَا
يُقَال للنَّاقة إلاّ إِذا أَدْنَتْ فَهِيَ مُدْنٍ.
أَبُو عبيد عَن العَدَبَّس الكنانيّ: جَمِيع المُقْرب من الشاءِ
مَقاريب، وَكَذَلِكَ هِيَ مُحدِث وجمعُها مَحاديث. والقِريب: السّمَك
المملَّح مَا دَامَ فِي طَراءته.
وَيُقَال: قد حَيّا وقَرَّب: إِذا قَالَ حيَّاك الله وَقرب دَارك.
وَفِي أَحَادِيث المَبعث: خرج عبد الله بن عبد الْمطلب ذَات يومٍ
متقرباً متخصّراً بالبَطْحاء فبَصُرتْ بِهِ لَيلى العَدَوِية) .
وَقَوله: متقرباً، أَي: وَاضِعا يدَه على قُربه وَهُوَ يَمشي.
وَفِي حَدِيث آخر: (ثلاثٌ لَعِيناتٌ: رجلٌ عَوّرَ الماءَ المَعِين
المُنْسَاب، وَرجل عَوّر طريقَ المَقْربة، وَرجل تَغَوَّط تَحت
شَجَرَة) .
قَالَ أَبُو عَمْرو: المَقربة: الْمنزل، وأصلُه من القَرب وَهُوَ
السّير.
وَقَالَ الرَّاعِي:
فِي كلّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْن رَعِيلا
وجمعُها مَقارب. والقَرب: سَير اللَّيْل.
(9/111)
وَقَالَ طفيلٌ يصف الْخَيل:
مُعرَّقة الألحِي تَلوحُ مُتونُها
تُثير القَطَا فِي مَنهل بعد مَقربِ
سَلمَة عَن الْفراء: جَاءَ فِي الْخَبَر: (اتَّقوا قُرابَ الْمُؤمن
وقُرابتَه أَي فِراسَتَه فإِنه يَنظُر بِنور الله) .
قَالَ: والقُراب: الْقَرِيب. والقَرب: الْبِئْر الْقَرِيبَة المَاء،
فَإِذا كَانَت بعيدَة المَاء فَهِيَ النَّجاء.
وَأنْشد:
ينهضنَ بالقوم عليهنّ الصُّلُبْ
مُوكَّلاتٍ بالنَّجاء والقَربْ
يَعْنِي الدلاء، وَالْعرب تَقول: تقاربتْ إبلُ فلَان، أَي: أدبرتْ،
وَقلت: وَقَالَ حَندلٌ الطُّهوي:
غَركِ أَن تقاربتْ أباعِري
وَأَن رأيتِ الدَّهْر ذَا الدَّوَائِر
والقِربة وَجَمعهَا قِرب من الأساقيّ.
وَمن أمثالهم: (الفِرار بقُرابٍ أَكيس) يَقُول: الْفِرَار قبل أَن
يُحاط بك أَكيس لَك.
وَيُقَال: لَو أنّ فِي قُرابِ هَذَا ذَهَبا؛ أَي: مَا يُقَارب مِلأه.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تقَارب الزمانُ لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب) .
معنى تقَارب الزَّمَان: اقتراب السَّاعَة. يُقَال للشَّيْء إِذا ولّى
وَأدبر قد تقَارب. وتقارب الزَّرْع: إِذا دنا إِدْرَاكه. وَيُقَال
للرجل الْقصير: مُتَقَارب ومتآزف.
الْأَصْمَعِي: إِذا رفعَ الفرسُ يَدَيْهِ مَعًا وَوَضعهمَا مَعًا
فَذَلِك التَّقْرِيب.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا رجَمَ الأرضَ رَجماً فَهُوَ التَّقْرِيب،
يُقَال: جَاءَنَا تُقرب بِهِ فرسُه.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ
أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى} (الشورى: 23) ، أَي: إِلَّا أنْ
تَوَدني فِي قَرَابَتي، أَي: فِي قَرَابَتي مِنْكُم، وَيُقَال: فلانٌ
ذَا قَرابتي وَذُو قَرابةٍ مني، وَذُو مَقربة وَذُو قُربى مني.
قَالَ الله جلّ وَعز: { (مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ}
(الْبَلَد: 15) ، وَجَائِز أَن تَقول: فلانٌ قَرابتي بِهَذَا الْمَعْنى
وَالْأول أَكثر.
قَالَ: والقرقَبَة: صَوت البَطْن. والمقَارب: الطُّرق.
رقب: قَالَ اللَّيْث: رَقَبَ الإنسانَ يرقَبُ رِقْبَةً ورِقْباناً،
وَهُوَ أَن يَنتظره. ورقيب الْقَوْم: حارِسهم، وَهُوَ الَّذِي يُشرف
على مَرقَبةٍ ليحرسهم. ورقيب الميسر: الموكَّل بالضَّرِيب. وَيُقَال:
الرَّقِيب اسْم السهْم الثَّالِث.
وَقَالَ أَبُو دُوَادٍ الإياديّ:
كمقَاعد الرُّقَباءِ للضُ
رَباءِ أَيْديهم نواهِدْ
وَقَول الله جلّ وَعز: {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى} (طه: 94) ،
مَعْنَاهُ: لم تنْتَظر قولي.
(9/112)
قَالَ: والترقُّب: تَنظر شَيْء وتوقُّعُه.
قَالَ: والرقيب: الحفيظ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا
تَعُدّون فِيكُم الرَّقوب؟) قَالُوا: الَّذِي لَا يَبْقى لَهُ ولد.
قَالَ: بل الرّقُوب الَّذِي لم يقدِّم من وَلَده شَيْئا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي كَلَامهم إِنَّمَا هُوَ
على فَقْد الْأَوْلَاد.
وَقَالَ صخرُ الغَيّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ رَقُوبٍ
بواحِدِها إِذا يَغْزُو تضِيفُ
قَالَ أَبُو عبيد: فَكَانَ مذْهبه عِنْدهم على مصائب الدُّنْيَا
فجَعَلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَقْدِهم فِي
الْآخِرَة، وَلَيْسَ هَذَا بخلافِ ذَاك فِي الْمَعْنى، ولكنّه تَحْويل
الْموضع إِلَى غَيره نَحْو حَدِيثه الآخر: (إِن المحْرُوبَ مِنْ حُرِبَ
دينَه) . وَلَيْسَ هَذَا أَن يكون مَن سُلِب مَاله لَيْسَ بمحروب.
وَقيل: الرّقوب: النَّاقة الَّتِي لَا تَدْنُو إِلَى الْحَوْض مَعَ
الزِّحام، وَذَلِكَ لكرمها. حَكَاهُ أَبُو عبيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّقَبة: مؤخّر أصل العُنُق. والأرقَب
الرَّقَبانيّ: الغليظ الرقَبة.
وَيُقَال للأَمة الرَّقَبانيّة رَقْباء، لَا تُنعَت بِهِ الحُرّة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: يُقَال: رجل رَقَبانٌ ورقبانيّ أَيْضا، وَلَا
يُقَال للْمَرْأَة رَقَبانيّة.
وَقَالَ الله فِي آيَة الصَّدَقات: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَفِى الرِّقَابِ} (التَّوْبَة: 60) .
قَالَ المفسّرون: (وَفِي الرّقاب) هم المكاتَبون وَلَا يُبتدأ مِنْهُ
مَمْلوك فيُعتَق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أعتَقَ اللَّهُ رقبتَه، وَلَا يُقَال:
أعتَقَ اللَّهُ عُنقَه.
والرَّقيب: ضَرْبٌ مِن الحيّات خَبِيث والجمْع الرَّقيبات والرُّقُب.
وَقَالَ شمر: المَرْقَبة هِيَ المَنظرة فِي رَأس جَبَل أَو حِصْن،
وَجمعه مراقب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المَراقب: مَا ارْتَفع من الأَرْض.
وَأنْشد:
ومَرْقبَةٍ كالزُّجّ أشرفْتُ رأسَها
أُقَلِّبُ طرفِي فِي فضاءِ عريضِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي العُمْرَى
والرُّقْبَى: (إِنَّهَا لمن أُعمِرَها ولِمن أُرقِبَها ولوَرثتهما من
بعدهمَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: حدّثني ابْن عُلَيَّة عَن حجّاج أَنه سَأَلَ أَبَا
الزبير عَن الرُّقْبى فَقَالَ: هُوَ أَن يَقُول الرجل للرجُل وقذ وَهَب
لَهُ دَارا: إِن متَّ قَبْلي، رجعَتْ إليّ، وإنْ متُّ قبلَك فَهِيَ
لَك.
قَالَ أَبُو عبيد: وأصل الرُّقْبى من المراقبة، كأنَّ كلَّ وَاحِد
مِنْهُمَا إِنَّمَا يَرْقُب موت صاحبِه. أَلا ترى أَنه يَقُول: إنْ
مُتَّ قَبْلي
(9/113)
رجعَتْ إليّ، وإنْ مُتُّ قبلَك فَهِيَ لَك،
فَهَذَا ينبئك عَن المراقبة.
قَالَ: وَالَّذِي كَانُوا يُرِيدُونَ من هَذَا أَن يتفضَّل عَن صَاحبه
بالشَّيْء فيستمتع بِهِ مَا دَامَ حيّاً، فَإِذا مَاتَ الموهوبُ لم
يَصِل إِلَى ورثته مِنْهُ شَيْء، فَجَاءَت سنّةُ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بنَقْضِ ذَلِك، أَنه من ملك شَيْئا حياتَه فَهُوَ
لوَرثَته من بعد مَوته.
قَالَ: وَجَاءَت فِي هَذَا الْبَاب آثارٌ كَثِيرَة وَهِي أصلٌ لكلِّ من
وَهَب هِبَةً وَاشْترط فِيهَا شرطا، أنَّ الْهِبَة جَائِزَة، وَأَن
الشَّرْط بَاطِل.
وَيُقَال: أرقبتُ فلَانا دَارا، وأعمَرْتُه دَارا: إِذا أعطيتَه إيّاها
بِهَذَا الشَّرْط فَهُوَ مرقَب وَأَنا مُرْقِب.
وَيُقَال: ورِثَ فلانٌ مَالا عَن رِقْبَةٍ، أَي: عَن كلالَةٍ، لم
يَرِثه عَن آبَائِهِ. ووَرِثَ مجداً عَن رِقْبَة: إِذا لم يكن آباؤه
أمجاداً.
وَقَالَ الكُميْت:
كانَ السَّدَى والنَّدَى مجداً ومكرمةً
تِلْكَ المَكارِمُ لم يُورَثْن عَن رِقَبِ
أَي: وَرِثَها عَن دُنًى فدُنًى مِن آبَائِهِ، وَلم يَرثْها من وراءُ
وراءُ.
ورَقيبُ الثريّا: رأسُ الإكليل.
وَأنْشد الْفراء:
أحقّاً عبادَ الله أنْ لست لاقياً
بُثينَةَ أَو يَلقَى الثُّريّا رَقيبُها
وَسمعت المنذريّ يَقُول: سمعتُ أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: الإكليل: رَأس
الْعَقْرَب.
وَيُقَال: إنَّ رَقِيب الثُّريّا من الأنواء الإكليل، لِأَنَّهُ لَا
يَطلُع أبدا حَتَّى تغيب، كَمَا أَن الغَفْر رقيبُ الشَّرَطَين لَا
يَطلع الغَفْر حَتَّى يغيبَ الشَّرَطان، وكما أَن الزُّبانَيَيْن رقيبُ
البُطَين لَا يَطلُع أَحدهمَا أبدا إلاّ بِسُقُوط صَاحبه وغَيْبوبته
فَلَا يلقى أحدُهما صاحبَه. وَكَذَلِكَ الشَّوْلَة رقيبُ الهَقْعة،
والنَّعائم رقيبُ الهَنْعة. والبَلْدة رَقِيب الذِّراع.
وَقَالَ اللَّيْث: المُراقَبة فِي أَجزَاء الشّعْر عِنْد التجزئة بَين
حرفين، هُوَ أَن يَسقُط أحدُهما ويَثبُت الآخر، وَلَا يَسقُطان
جَمِيعًا وَلَا يَثبُتان جَمِيعًا، وَهُوَ فِي مَفاعيلُن الَّتِي
للمضارع لَا يجوز أَن يتمّ، وَإِنَّمَا هُوَ مفاعيلُ أَو مَفَاعِلُنْ.
قَالَ: ورقيبُ الْجَيْش: طليعتهم. ورقيب الرجل: خَلَفُه مِن وَلَدِه
أَو عشيرته.
ورقيب كلِّ شَيْء: آخِره، حَتَّى قَالُوا: رَقِيب الغُبار.
قَالَ عديّ بن زيد يصف فرسا اتبع غبارَ الْجَيْش:
كأنَّ ريِّقَهُ شؤبوبُ غادية
لما تقفّى رَقِيب النَّقع مُسطارا
أَي: تبع آخر النَّقْع.
برق: قَالَ اللَّيْث: البَرَق: دخيلٌ فِي الْعَرَبيَّة،
(9/114)
وَقد استعملوه، وجمعُه البِرْقان.
الأصمعيّ: بَرَقتِ السماءُ ورَعَدتْ، وبَرَقَ الرجلُ يَبرقُ ورَعَد
يَرْعُد: إِذا تَهَدَّدَ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
مَا جَلّ مَا بَعُدتْ عليكَ بلادُنا
وطِلابُنا فابرُق بأرضِك وارعُدِ
قَالَ أَبُو نصر: وسمعتُ من غير الأصمعيّ أبْرَقَ وأرْعَدَ، أَي:
تهدَّد.
قلت: وَهَذَا قَول أبي عُبَيْدَة، وَكَانَ الأصمعِيّ يُنكره وَيَقُول:
بَرَق ورَعَد. واحتجّ أَبُو عُبَيْدَة بقول الْكُمَيْت:
أبرِقْ وأرْعِدْ يَا يزي
دُ فَمَا وَعيدُك لي بضائرْ
وكلُّهم يَقُول: أَرْعدنا وأَبْرَقْنا بمَكَان كَذَا وَكَذَا، أَي:
رَأينَا البرقَ والرَّعدَ. وأبرقَ الرجلُ بِسَيْفِهِ يُبرِق: إِذا لمعَ
بِهِ.
وَيُقَال للناقة إِذا تلقَّحَتْ وليستْ بِلاقح: قد أبرقتْ، وناقةٌ
مُبْرِق، ونوقٌ مَباريق.
وَيُقَال أَيْضا: ناقةٌ بَروق: إِذا شالت بذَنَبها.
وَيُقَال للسلاح إِذا رأيتَ بَريقَه: رأيتُ البارقة.
وَيُقَال: مَا فعلتِ البارقةُ الَّتِي رأيتَهَا البارحة؟ يَعْنِي
السحابةَ الَّتِي يكون فِيهَا بَرْق.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الْقِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ}
(الْقِيَامَة: 7) .
قَالَ الْفراء: قَرَأَ عاصمٌ وَأهل الْمَدِينَة بَرِق بِكَسْر الرَّاء،
وَقرأَهَا نافعٌ وحدَه: (فَإِذا بَرَقَ) بِفَتْح الرَّاء من البَرِيق،
أَي: شَخَصَ، وَمن قرأَ برِق فَمَعْنَاه فزع. وَقَالَ طرَفة:
فنفْسك فانْعَ وَلَا تَنْعَنِي
وداوِ الكُلُوم وَلَا تَبرق
يَقُول: لَا تفزعْ من هَول الْجراح الَّتِي بك.
قَالَ: وَمن قرأَ برقَ يَقُول: فتَح عَيْنَيْهِ من الفَزَع. وبرقَ
بصَرُه أَيْضا كَذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: بَرِقَ السِقاءَ يَبْرق برَقاً، وَذَلِكَ إِذا
أَصَابَهُ الحرُّ فيذوبُ زُبْدُه ويتقطَّع فَلَا يجْتَمع، يُقَال:
سِقاءٌ بَرِق.
وَقَالَ اللِّحياني: حبْلٌ أبرق لسوادٍ فِيهِ وَبَيَاض.
وَيُقَال للجبَل أبرقُ، لبُرْقة الرمل الَّذِي تَحْتَهُ.
وَقَالَ الأصمعيُّ: الأبرق والبرقاء: حجارةُ رملٍ مختلطة. وَكَذَلِكَ
البُرْقَةُ.
وَقَالَ غَيره: جمعُ البُرقة بُرَق، وجمعُ الأبرَق أبارِق، وجمعُ
البرقاء بَرْقاوَات، وتُجمع البُرْقة بِراقاً أَيْضا.
شمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأبرق: الجَبل مخلوطاً برَمْل، وَهِي
البُرْقة، وكلُّ شَيْئَيْنِ خلطا من لونين فقد بُرِقا. وبرَّقْتُ رأسَه
بالدُّهْن.
قَالَ شمر: وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: البُرْقة ذاتُ حجارَةٍ وتراب،
وحجارتُها الْغَالِب عَلَيْهَا
(9/115)
الْبيَاض، وفيهَا حجارةٌ حُمْرٌ وسود،
والتُّراب أبيضُ أعْفَر، وَهُوَ يَبرُق لَك بلونِ حجارتها وتُرابها،
وَإِنَّمَا برَّقَها اخْتلافُ ألوانها، وتُنبِتُ أسنادُها وظهرُها
البقْلَ والشجَر نباتاً كثيرا، يكون إِلَى جَنبها الروضُ أَحياناً.
اللحياني: يُقَال: من الغنَم أبرَق وبَرقاء للْأُنْثَى، وَمن الدوابّ
أَبلَق وبلْقَاء للأُنثى، وَمن الْكلاب أَبقَع وبَقْعاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا أَدَمْتَ الطعامَ بدَسَمٍ قليلٍ قلتَ:
برقْتُه أبرُقُه بَرقاً.
وَقَالَ اللِّحياني مثلَه. وَقَالَ: البُرْقة: قلَّة الدَّسم فِي
الطَّعَام.
قَالَ: وَيُقَال: أَبرَقَ الرجل: إِذا أَمَّ البرقَ أَي قَصَده.
ومرَّتْ بِنَا اللَّيْلَة سحابةٌ برّاقةٌ وبارِقة.
وَقَالَ اللَّيْث: برَّق فلَان بِعَيْنيهِ تبريقاً، إِذا لأْلأ بهما من
شدّة النّظر.
وَأنْشد:
وطفِقَت بعينِها تَبْريقا
نحوَ الأميرِ تبتغِي تطليقا
والبُرَاقُ: دابّة الْأَنْبِيَاء.
وَقَالَ اللِّحياني: إبريقٌ: إِذا كَانَت برَّاقة.
قَالَ: وأبرقت الْمَرْأَة وبرّقَت: إِذا تحسَّنَتْ وتعرّضت.
وَأما قَول ابْن أَحْمَر:
تعلَّقْتَ إبْرِيقاً وعَلَّقْتَ جَعْبَة
لتَملِك حَيّاً ذَا زُهاءٍ وجامِلِ
فإنَّ بَعضهم قَالَ: الإبريقِ السَّيْف هَا هُنَا، سمِّي بِهِ لبَريقه.
وَقيل: الإبريق هَا هُنَا قَوسٌ فِيهَا تَلاَمِيعُ.
والإبريق أَيْضا إِنَاء، وجمعُه أَباريق.
والبَرْوَق: نبت مَعْرُوف، تَقول الْعَرَب: أشْكَرُ من بَرْوَق)
وَذَلِكَ أنَّه يخضرّ بِأَدْنَى النَّدَى يَقع من السَّمَاء.
وَيُقَال للعين بَرْقاء لسواد الحَدقة مَعَ بَيَاض الشَّحْمة.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: قَالَ أَبُو صاعد: البَرِيقة، وجمعُها برائِقُ،
وَهِي اللَّبَنُ يُصَبُّ عَلَيْهِ إهالةٌ وسمنٌ.
وَيُقَال: ابرقُوا الماءَ بزَيت، أَي: صُبُّوا عَلَيْهِ زَيْتاً
قَلِيلا. وَقد برَقوا لنا طَعَاما بزيتٍ وسمنٍ، وَهِي التباريق.
وَيُقَال للجراد إِذا كَانَ فِيهِ بياضٌ وَسَوَاد بُرْقان.
وَقَالَ المُؤرِّج: بَرَّق فلَان تبريقاً: إِذا سَافر سفرا بَعيدا،
وبرَّق مَنزله، أَي: زيَّنه وزَوَّقه. وبرَّق فلانٌ فِي الْمعاصِي:
إِذا لَجَّ فِيهَا. وبرَّق بِي الأمرُ، أَي: أعيا عليَّ.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: عمِل
رجلٌ عملا فَقَالَ لَهُ بعضُ أَصْحَابه: برّقتَ وعرَّقتَ: قَالَ معنى
برَّقتَ: لوّحت بشيءٍ لَيْسَ لَهُ مِصْداق.
(9/116)
وعرْقتَ: أقللتَ. وَأنْشد:
لَا تملأ الدَّلوَ وعرِّق فِيهَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُرْق: الضِّباب. والبُرْق: الْعين
المُنْفَتِحَة.
وَيُقَال: (لكلِّ دَاخل بُرقة) ، أَي: دَهْشَة. والبَرْق: الدَّهَش.
ربق: قَالَ اللَّيْث: الرِّبْق: الْخَيط، الْوَاحِدَة رِبْقَة.
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ فعل كَذَا فقد خَلع رِبقةَ الْإِسْلَام من
عُنقه) .
وشاةٌ مَرْبوقةٌ وشاةٌ مُرَبَّقَةٌ.
ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفراءِ يُقَال: (لقِيت مِنْهُ أُمَّ
الرُّبَيْق على وُرَيْقٍ) . وَيُقَال: أريَق، وَهِي الداهية.
وَقَالَ اللَّيْث: أُمُّ الرُّبَيْق من أَسماء الحَرب والشدائد.
وَقَالَ الراجز:
أُمُّ الرُّبَيق والوُرَيق الأزنَم
وَقال غَيره: تُجمَع الربْقَة رِبَقاً.
وَرُوِيَ عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: (من فَارق الْجَمَاعَة قِيد شِبْر
فقد خلع رِبْقَةَ الْإِسْلَام من عُنُقه) .
قَالَ شمر: قَالَ يحيى بن آدم: أرادَ برِبْقة الْإِسْلَام عَقْدَ
الْإِسْلَام.
قَالَ: وَمعنى مفارقةَ الْجَمَاعَة: تركُ السُّنَّة واتِّباع
الْبِدْعَة.
قَالَ: والرِّبقَةُ: نَسْجٌ من الصُّوف الْأسود عرضُه مثل عَرض
التِّكَّةَ وَفِيه طريقةٌ حمراءُ من عِهْنٍ تُعَقَّد أطرافُها، ثمَّ
تعلّق فِي عُنق الصبيّ وتُخْرج إِحْدَى يَدَيْهِ مِنْهَا كَمَا يُخْرِج
الرجُل إِحْدَى يَدَيْهِ من حَمائل السَّيْف. وَإِنَّمَا يعلِّق
الرِّبقَ الأعرابُ فِي أَعْنَاق صبيانهم من الْعين.
والرِّبْق أَيْضا مَا يُربَّق بِهِ الشاةُ، وَهُوَ خَيْطٌ يثنى
حَلْقَةً ثمَّ يُجعَل رأسُ الشَّاة فِيهِ، ثمَّ يشدُّ، سمعتُ ذَلِك مِن
أَعْرَاب بني تَمِيم.
وَيُقَال: رَبَّق الرجُل أثناءُ حَبْلِه، ورَبَّق أرباقةً، إِذا
هَيَّأَها للبَهْم.
وَمِنْه قَوْلهم:
رَمَّدَت المِعْزَى فرَبِّق رَبِّق
وَقد جَعل زُهيرٌ الجوامِعَ رِبَقاً، فَقَالَ يَمدح رجُلاً:
أشمُّ أَبيَضُ فيّاضٌ يفكِّكُ عَن
أَيدي العُناةِ وَعَن أَعْناقها الرِّبقا
بقر: رَوَى الْأَعْمَش عَن المِنهال بن عَمْرو، عَن سعيد بن جُبَير،
عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: بَيْنَمَا سليمانُ فِي فلاةٍ إِذْ احْتَاجَ
إِلَى المَاء، فَدَعَا الْهُدْهُد فبَقَر الأرضَ، فأَصابَ الماءَ،
فَدَعَا الشياطينَ فسَلخُوا مواضعَ المَاء، كَمَا يُسْلخُ الإهاب؛
فَخرج المَاء.
قَالَ شمِر فِيمَا قرأْتُ بخطِّه: معنى بقَر: نظَر مَوضِع المَاء،
فَرَأى المَاء تَحت الأَرْض، فأَعلم سُلَيْمَان حَتَّى أَمر بحَفره.
(9/117)
وَقَوله: فسَلخوا، أَي: حَفَروا حَتَّى
وَجَدوا الماءَ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان عَن أبي نُباتَة: المُبَقِّر: الَّذِي
يَخُطُّ فِي الأَرْض دَائِرَة قَدْرَ حافر الفَرس، وتُدْعى تِلْكَ
الدائرة البَقرة.
وَأنْشد غَيره:
بهَا مِثل آثارِ المُبَقِّر ملعبُ
وَقَالَ الأصمعيّ: بقَّر القومُ مَا حَولهمْ، أَي: حَفَروا واتَّخذوا
الرَّكايا. وبقَّر الصِّبيان يبقِّرون: إِذا لَعِبوا البُقَّيْرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: البُقَّار: تُرَاب يجمعونه بِأَيْدِيهِم ثمَّ
يجْعَلونه قُمَزاً قُمَزاً، والقُمز كَأَنَّهَا صوامعُ، وَهِي
البُقّيْرَى.
وَأنْشد:
نِيطَ بحَقْوَيْها خَمِيسٌ أقمرُ
جَهْمٌ كبُقَّار الْوَلِيد أَشعَرُ
وَكَانَ يُقَال لمُحَمد بن عليِّ بن الْحُسَيْن: (الباقر) لأنَّه بَقَر
العِلْم وعرَفَ أصلَه واستنبطَ فَرعَه، وأصل البَقْر الشّقُّ
وَالْفَتْح، أظنّه مأخوذاً من بقر الهدهد لِسُلَيْمَان من تَحت
الأَرْض.
وَيُقَال لَهُ الباقر والقُناقِن والعرَّاف.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه (نَهَى عَن
التَبقُّر فِي الْأَهْل وَالْمَال) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُرِيد الكثْرة والسَّعَة.
قَالَ: وأصل التَّبقُّر التوسّع والتفتّح، وَمِنْه قيل: بَقَرْتُ
بطنَه، إنّما هُوَ شققته وفتحتُه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمن هَذَا حَدِيث أبي مُوسَى حِين أَقبلت الفِتنةُ
بعد مَقْتَل عثمانَ، فَقَالَ: (إنّ هَذِه الفتنةَ باقرةٌ كداءِ البَطْن
لَا يُدْرَى أنَّى يُؤتَى لَهُ) ، إِنَّمَا أَرَادَ أنّها مُفْسِدَةٌ
للدِّين، مفرِّقة بَين النَّاس ومشتّتَة أَمرهم.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: بَقِر الرجُل يَبقر بقرًا وبقْراً، وَهُوَ
أَن يَحْسَر فَلَا يكادُ يُبصر.
قلت: وَقد أنكر أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ المنذريّ
قَوْله: (بَقْراً) بِسُكُون الْقَاف. وَقَالَ: الْقيَاس بَقَراً على
فعلا، لأنّه لَازم غير وَاقع.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: البَقيرة أَن يُؤخَذ بُرْد فيُشقّ،
ثمَّ تُلقيه الْمَرْأَة فِي عُنُقها من غير كُمين وَلَا جَيْب.
وَقَالَ أَبُو نصر: قَالَ الْأَصْمَعِي: رَأَيْت فلَان بَقَرا وبقِيرا
وباقُورة وباقِراً وبواقِر، كلّه جمعُ الْبَقر.
وأنشدني ابْن أبي طرفَة:
فسكّنتهُمْ بالقَول حتَّى كَأَنَّهُمْ
بواقرُ جُلْحٌ أسكَنتها المراتعُ
وَقَالَ غَيره: يُقَال لجَماعَة البَقَر بَيْقورٌ أَيْضا. وَأنْشد:
سَلَعٌ مَا مِثلُه عشرٌ مَا
عائلٌ مَا وعالت البَيْقورا
وَيُقَال: جَاءَ فلانٌ يجرّ بَقرةً، أَي: عيالاً.
(9/118)
وَقَالَ اللَّيْث: الباقر: جمَاعَة البَقَر
مَعَ راعيها، وَكَذَلِكَ الجامل جماعَةُ الْجمال مَعَ راعيها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: بَيْقَر الرجل: إِذا هَاجر من أرضٍ إِلَى
أَرض.
وَأنْشد:
بأنَّ امْرأ الْقَيْس بن تملكَ بَيْقرا
قَالَ: وَيُقَال: بَيْقر: إِذا أَعْيا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: بَيْقَر: إِذا تحير. وبَيْقر: خَرج من بلد
إِلَى بَلَد. وبَيقر: إِذا شَكَّ. وبَيقَر: إِذا حَرَص على جَمْع
المَال والحشَم. وَمِنْه التبقُّر الَّذِي جَاءَ فِي الْخَبَر، وَهُوَ
الحِرص على جمع المَال. ومَنعه. وبيْقر: إِذا مَاتَ.
وروى شمر عَنهُ أنّه قَالَ: البَيْقَرة: الْفساد. قَالَ: وبيقَر الرجلُ
فِي مالِه: إِذا أسرَع فِيهِ.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: البَيْقَرةُ: كَثْرَة المَال وَالْمَتَاع.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بَيْقَر الرجل فِي العَدْوِ: إِذا اعتَمَد
فِيهِ. وبَيْقر الدّارَ: إِذا نزلها واتخذها مَنزِلاً. وبيْقَرَ فِي
مالِه: إِذا أفسَدَه.
أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وَقد كَانَ زيدٌ والقعودُ بأرضه
كراعي أناسٍ أَرْسلُوهُ فبيقرا
قَالَ: البيقرة: الْفساد. وَقَوله: (كراعي أنَاس) ، أَي: ضيّع غَنَمه
للذئب.
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: بَيْقر الفرسُ: إِذا خامَ بيَدِه، كَمَا
يَصْفِن برجْله.
قبر: قَالَ اللَّيْث: القبْر: مَدْفن الْإِنْسَان. والمقبَر: المصدَر
والمقبَرةُ: الْموضع. والمقبرُ أَيْضا: مَوضِع القبْر.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر يُقَال: مَقبرَة ومَقبُرة.
وَقَالَ ابْن السكّيت مثله. وَهُوَ المقبريّ والمقْبُري.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله: {يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ
فَأَقْبَرَهُ} (عبس: 21) ، أَي: جَعَله مقبوراً وَلم يَجعله ممّن يُلقى
للطير وَالسِّبَاع، وَلَا مِمَّن يُلقى فِي النَّواويس، كأنَّ الْقَبْر
مِمَّا أكرِم بِهِ الْمُسلم.
قَالَ: وَلم يَقُلْ فقَبَره، لِأَن القابرَ هُوَ الدافن بيَدِه،
والمقبِر هُوَ الله، لِأَنَّهُ صَيّره ذَا قَبْر، وَلَيْسَ فعلُه كَفعل
الآدميّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: قَبَره: إِذا دَفَنه. وأقبَرَه:
إِذا أَمر إنْسَانا بحَفَر قَبْر.
وَقَالَ الزّجاج: أقبَرَه: جَعل لَهُ قَبراً يُوارَى فِيهِ. وقَبَره:
دفَنَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الإقبال: أَن يهيىء لَهُ قَبْراً وينزله منزله.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أقبرتُه، أَي: صيّرْتُ لَهُ قبراً يدفَن فِيهِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَت بَنو تميمٍ للحجّاج، وَكَانَ
قَتَل صَالحا وصَلَبَه (أقبِرنا
(9/119)
صَالحا) وَقد قبرته: إِذا دَفَنته.
عَمْرو عَن أَبِيه: جَاءَ فلَان رامعاً قبرَّاه ورامعاً أنفَه: إِذا
جاءَ مُغضَباً وَمثله: جَاءَنَا فخا قِبراهُ؛ ووارِماً خَوْرَمتَه.
وَأنْشد:
لما أَتَانَا رامعاً قِبِرّاه
لَا يعرِف الحقَّ وَلَيْسَ يهْواهْ
ورُوي عَن ابْن عبّاس أنَّه قَالَ: (إنَّ الدَّجّال وُلد مَقبوراً) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: معنى قَوْله: وُلد مقبوراً لِأَن أمّه وضعتْه
وَعَلِيهِ جِلْدة مُصْمَتة لَيْسَ فِيهَا شَقٌّ وَلَا ثَقب؛ فَقَالَت
قابلتُه؛ هَذِه سِلْعَةٌ وَلَيْسَ وَلَداً، فَقَالَت أمّه: بل فِيهَا
ولد، وَهُوَ مَقبور فِيهَا، فشقُّوا عَنهُ، فاستهلّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القَبيرة: تَصْغِير القِبرة، وَهِي
رَأس القَنْفاء. والقِبّراة أَيْضا: طَرَف الْأنف، تُصغَّر قُبَيْرة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: نخلةٌ قَبور وكَبوس، وَهِي الَّتِي يكون حَملها
فِي سَعَفها. وأرضٌ قبورٌ: غامضة.
وَيُقَال: للقنْبُرة قُبُّرَة وقُبَّرٌ.
ق ر م
قمر، قرم، رقم، رَمق، مرق، مقرّ: مستعملات.
قرم: الحرّاني عَن ابْن السّكيت يُقَال: قَرَم يَقرِم قَرْماً: إِذا
أكل أكلا ضَعِيفا. وَيُقَال: هُوَ يتقرَّم تقرُّمَ البهمة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال للصبيّ أول مَا يَأْكُل: قد قَرَم يقرِم
قَرْماً وقُروماً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَرِمتُ إِلَى اللَّحْم أقرَم قَرَماً.
وقَرَمت البَهْمةُ: إِذا تناوَلتْ.
وَقَالَ الفرّاء: السَّخْلة تقرِم قَرْماً: إِذا تعلمت الأكلَ.
وَقَالَ عديّ:
سكَبَتْ فِي كلِّ عامٍ ودقَها
فَظِباءُ الرّوض يَقْرمِن الثمرْ
ابْن السكّيت: أقرمْتُ الفحلَ فَهُوَ مُقرم، وَهُوَ أَن يوَدِّع
للفِحْلة من الْحمل والرُّكوب. وَهُوَ القَرْم أَيْضا.
وَفِي حديثٍ رَوَاهُ دُكين بن سَعِيد قَالَ: أمرَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عُمر أَن يزوِّد النعمانَ بن مقرِّن المزنيّ
وَأَصْحَابه، ففَتَح غرْفَةً لَهُ فِيهَا تمرٌ كالبعير الأقرم.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: لَا أعرف الأقرَم وَلَكِنِّي
أعرف المقرَم، وَهُوَ الْبَعِير المكرَّم الَّذِي لَا يُحمل عَلَيْهِ
وَلَا يذلَّل، وَلَكِن يكون للفحلة.
قَالَ: وَإِنَّمَا سمِّي السيِّد الرئيس من الرِّجَال المقرَم
لِأَنَّهُ شبِّه بالمقرَم من الْإِبِل لعظم شَأْنه وَكَرمه عِنْدهم.
وَقَالَ أَوْس بن حجر:
إِذا مقْرَم منا ذرا حدُّ نابه
تخمَّط فِينَا نَاب آخر مُقرَم
قَالَ: وَأما المقروم من الْإِبِل فَهُوَ الَّذِي بِهِ
(9/120)
قُرمة، وَهِي سِمَةٌ تكون فَوق الْأنف تسلخ
مِنْهَا جلدَة، ثمَّ تجمع فَوق أنفِه، فَتلك القُرْمة، يُقَال مِنْهُ:
قرمتُ البعيرَ أَقرِمُه.
قَالَ: وَيُقَال للقُرْمة أَيْضا القِرام. وَمثله فِي الْجَسَد
الجُرفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ القُرمة والقَرْمة لُغَتَانِ، وَتلك القِطعة
الَّتِي قطعتها هِيَ القُرامة.
قَالَ: وَرُبمَا قرموا من كِركِرَته وأذنِه قُرامات يُتبلَّغ بهَا فِي
القَحْطِ.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب (المَمْدود والمقصور) : جَاءَ على
فَعَلاء: يُقَال لَهُ سَحَناء، أَي: هَيْئَة. وَله ثأداء، أَي: أمَة.
قَالَ: وقَرَماء: اسْم أَرض.
وَأنْشد:
على قَرَماءَ عاليةٍ شَواه
كأنَّ بَيَاض غُرّته خِمارُ
كُتب عَنهُ بِالْقَافِ. وَكَانَ عندنَا فرماء بِمصْر فَلَا أَدري قرماء
أَرض بِنَجْد وفرماء بِمصْر.
المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فِي السِّمات القرمة،
وَهِي سمة على الْأنف لَيست بحزّ ولكنّها جرفة للجلد ثمَّ يتْرك
كالبعرة، فَإِذا حُزّ الْأنف حزّاً فَذَلِك الْفقر.
يُقَال: بعير مفقور ومقروم ومجدوف. وَمِنْه ابْن مقروم الشَّاعِر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلَ
عَلَيْهَا وعَلى الْبَاب قِرامُ سِتْر.
قَالَ أَبُو عبيد: القِرام: السِّتْر الرَّقِيق، فإِذا خِيط فصارَ
كالبيْت فَهُوَ كلّة.
وَأنْشد بَيت لبيد يصف الهودَج:
مِن كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوجٌ عَلَيْهِ كِلّةٌ وقِرامُها
وَقَالَ اللَّيْث: القِرام: ثوبٌ من صوفٍ فِيهِ ألوانٌ من العِهْن،
وَهُوَ صَفيق يُتَّخذ سِتراً.
قَالَ: وأمَّا المِقْرَمَة فَهِيَ المِحْبَس نفسُه يُقْرم بِهِ
الفِراش.
أَبُو عبيد عَن أَبي زيد، مَا فِي حَسَب فلَان قُرامة وَلَا وصْم،
وَهُوَ العَيْب.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: القُرامة: مَا التَزَقَ مِن الْخُبز
بالتَّنُّور. وكلُّ مَا فسرْتَه عَن الْخُبز فَهُوَ القُرامة.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: المُقَرقَم: البطيء الشَّباب.
وَقَالَ الراجز:
أَشْكو إِلَى الله عِيالاً دَرْدَقا
مُقَرقَمِينَ وعجوزاً سَمْلَقا
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي تَفْسِير قَوْله:
عَلَيْهِ كِلةٌ وقِرَامُها
قَالَ: القِرام: ثوبٌ من صُوف غليظ جدّاً يُفْرش فِي الهَوْدَج ثمَّ
يُجعل فِي قَوَاعِد الهَوْدَج أَو الغَبيط.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: القَرم: الجِداء الصِّغار.
والقَرم: صغَار الْإِبِل. والقَزَم بالزاي: صغَار الغَنَم، وَهِي
(9/121)
الحَذَف.
رقم: قَالَ اللَّيْث: الرَّقْم والترقيم: تعجيم الْكتاب: {سِجِّينٌ
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (المطففين: 9) ، أَي: قد بُيّنَتْ حُروفه
بعلاماتها من التنقيط.
قَالَ: والتاجر يَرْقُم ثَوبَه بسِمَته.
والمرقوم من الدوابّ: الَّذِي يكون على أَوظفته كَيَّاتٌ صغَار، فكلّ
واحدةٍ مِنْهَا رَقْمة، ويُنْعَت بهَا الْحمار الوحشيُّ لسوادٍ على
قوائمه.
والرَّقَم: خَزٌّ موشَّى، يُقَال: خَزُّ رَقْم، كَمَا يُقَال
بُرْدُوشى.
والرقمتان: شِبه ظُفْرين فِي قَوَائِم الدابَّة مُتَقَابلين.
والرَّقَمة: نبتٌ مَعْرُوف يُشبه الكَرِش.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الأرقَمُ حيَّةٌ بَين الحيّتين مُرقَّمٌ بحُمرة
وَسَوَاد وكُدْرة وبُغْثة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الأرقم من الحيّات الَّذِي فِيهِ سوادٌ وَبَيَاض.
وَقَالَ رجل لعمر: (مَثَلي كَمثل الأرقم، إِن تقتُله ينقِم، وَإِن
تتركه يَلْقَم) .
وَقَالَ شمر: الأرقم من الحيّات: الَّذِي يشبه الجانَّ فِي اتِّقاءِ
النَّاس من قَتْله، وَهُوَ مَعَ ذَلِك من أَضْعَف الحيّات وأقلّها
غَضبا، لأنَّ الأرقم والجانّ يُتَّقى فِي قَتلهمَا من عُقوبة الجِنّ
لمن قَتلهمَا، وَهُوَ قَوْله: (إِن يُقتل ينقِم) ، أَي يثأر بِهِ.
وَقَالَ ابْن حبيب: الأرقم أَخبث الحيّات وأطلبها للنَّاس.
وَقَالَ ابْن المظفَّر: يُقَال للذّكر (من الحيّات) أَرقم، وَلَا
يُقَال للْأُنْثَى رَقْماء، وَلكنهَا رَقْشاء.
قَالَ: والأرقم: إِذا جعلتَه نَعْتاً. قلتَ أَرقَش، وَإِنَّمَا الأرقم
اسمُه.
والأراقم: قومٌ من ربيعَة، سُمُّو الأراقم تَشْبِيها لعيونهم بعيون
الأراقم من الحيّات.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرقيم من كَلَام ديوَان أهل الخَراج.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جاءَ فلانٌ بالرَقِم الرَّقْماء،
كَقَوْلِهِم: بالداهية الدَهْياء.
وَأنْشد:
تمرّسَ بِي من حَيْنِهِ وأنَّا الرقِمْ
يُرِيد الداهية.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ} (الْكَهْف: 9) .
قَالَ: هُوَ لوحُ رَصَاصٍ كُتبت فِيهِ أنسابُهم وأسماؤهم ودِينُهم
ومِمَّ هَرَبوا؟ . وَقيل: الرَّقيم: اسمُ الْقرْيَة الَّتِي كَانُوا
فِيهَا. وَقيل: إِنَّه اسْم الْجَبَل الَّذِي فِيهِ الْكَهْف.
حدّثنا ابْن هاجك عَن عَليّ بن جُحرِ عَن شريك عَن سماك بن حَرْب عَن
عِكرمة، قَالَ: سَأَلَ ابْن عباسٍ كَعْبًا عَن الرّقيم، قَالَ: هِيَ
الْقرْيَة خَرجُوا مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله جلّ وعزّ:
(9/122)
{سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (المطففين:
9) وَمَعْنَاهُ: كتابٌ مَكْتُوب.
وَأما الْمُؤمن فإنَّ كِتَابه يَجْعَل فِي عِلِّيِّين فِي السَّماء
السَّابِعَة. وأَمّا الْكَافِر فَيجْعَل كتابُه فِي السِّجِّين وأَسفلِ
الأَرْض السَّابِعَة. وأَنشد:
سأرقُمُ فِي الماءِ القَراحِ إِلَيْكُم
على بُعدِكم إِن كَانَ للْمَاء راقمُ
أَي: سأكتب.
سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الرَّقيمة: المرأَة الْعَاقِلَة البَرْزَة
الفَطِنة.
وَيُقَال: فلانٌ يَرْقُمُ فِي المَاء يضْرب مَثَلاً للرجل الفَطِن
الْعَاقِل. والمُرقِّم والمرقِّن: الْكَاتِب، وَقَالَ:
دارٌ كرَقْم الكاتبِ المرقِّن
والرقمُ: الْكِتَابَة. وَقيل: المرقِّن الَّذِي يحلِّق حَلَقاً بَين
السطُّور، كترقين الخِضاب.
وَيُقَال للرجل: إِذا أسرفَ فِي غَضبه وَلم يقتصد: طَمَا مِرقَمُك،
وجاشَ مَرقَمُك، وغَلا وطَفَح وفاضَ وارتفَع، وقَذَف مِرقَمُك.
وَيُقَال للنُّكتتين السّودَاوَين على عَجُزَي الْحمار: الرَّقْمتان،
وهما الجاعِرَتان. والرَّقْمتان: رَوْضتان بِنَاحِيَة الصَّمان،
ذكرهمَا زُهير فَقَالَ:
ودارٌ لَهَا بالرّقْمَتين كَأَنَّهَا
مَراجِيعُ وَشْمٍ فِي نواشِرِ مِعصمِ
وَقيل: رَقمةُ الْوَادي: مجتَمع مَائه فِيهِ.
قَالَ الْفراء: عَلَيْك بالرَّقمة ودَع الضَّفّة. ورقمةُ الْوَادي:
حَيْثُ المَاء. وضَفَّتَاه: ناحيتاه.
مرق: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أمرقتُ القِدْر فَأَنا أُمرقُها إمراقاً:
إِذا أكثرتَ مَرقَها.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: مَرقْتُها أمرُقها: إِذا أكثَرتَ مَرقَها.
سَلمَة عَن الْفراء: سَمِعت بعض الْعَرَب يَقُول: أطعَمنا فلانٌ مَرقةَ
مَرقين يُرِيد اللحمَ إِذا طُبخ، ثمَّ طُبخ لحمٌ آخر بذلك المَاء.
وَهَكَذَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: المَرق: جمع المَرقة.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذكر الْخَوَارِج
فَقَالَ: (يَمْرُقُونَ من الدِّين كَمَا يَمرُق السهْم من الرميَّة) .
قَالَ اللَّيْث: المروق: الْخُرُوج من شيءٍ من غير مَدخله.
والمارقة: الَّذين مَرقوا من الدِّين لغلوِّهم فِيهِ. وَقد مَرقَ
السهمُ مِن الرَّميَّة، وأمرقْتُه أَنا إمراقاً.
وَيُقَال للَّذي يُبدِي عَورتَه: امَّرق يَمرَّق وَقد مَرِقَت
الْبَيْضَة مَرقاً، ومَذِرت مَذَراً: إِذا فسدتْ فَصَارَت مَاء.
قَالَ: والامتراق: سرعَة المروق وَقد امترقَت الحمامةُ من الوَكْر.
(9/123)
قَالَ: والمريق: شحمُ العُصفر.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: هِيَ عربيّة مَحْضَة. وبعضٌ يَقُول: لَيست
بعربيّة.
وَأنْشد الباهليّ:
يَا لَيْتَني لكِ مِئزَرٌ متمرق
بالزّعفرانِ لبسته أيّاما
وَقَالَ الْمَازِني: متمرق مصبوغ بالزعفران. ومتمرق: مصبوغ بالمريق
وَهُوَ العُصفر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المرق: الطعْن بالعَجلة.
والمرق: الذِّئاب الممعَّطة؛ والمِرق: الصُّوف المنفش؛ يُقَال:
أَعْطِنِي مِرقةً، أَي: صوفة. والمَرَق: الإهاب الَّذِي عُطِن فِي
الدِّباغ وَتُرِك حَتَّى أنتن وتمرط.
وَمِنْه قَوْله:
ساكناتُ العَقيقِ أشهى إِلَى النَّف
س من السّاكناتِ دونَ دِمشقِ
يتضوّعْن لَو تضمّخن بالمِسْ
ك صُماحاً كَأَنَّهُ رِيحُ مرقِ
وَقد مَرَقْت الإهابَ مَرْقاً فامَّرق امِّراقاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُراقة: مَا انتتف من الجِلد
المَعْطُوف، وَهُوَ الَّذِي يُدفَن ليسترخي.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المُراقة والمُراطة: مَا سَقط من الشَّعر.
أَبُو عبيد قَالَ الْفراء: الممرق من الغِناء: الَّذِي يغنّيه
السَّفِلة وَالْإِمَاء. وَيُقَال: للمغنِّي نفسِه: الممرِّق.
وَقَالَ شمر: المُرُوق: سرعَة الْخُرُوج من الشَّيْء، مَرَق الرجلُ مِن
دِينه، ومَرَق من بَيته. وامتَرَقَ وامَّرَق من بطن أمّه. والمارِق:
العِلم النَّافِذ فِي كل شَيْء لَا يتعوَّج فِيهِ.
رَمق: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَق: بقيّة الْحَيَاة. وَيُقَال: رَمَّقوه
وهم يُرمّقونه بشيءٌ، أَي: قَدْرَ مَا يمْسِك رَمَقه وَيُقَال: مَا
عَيشُه إِلاّ رُمْقَةٌ ورِماق.
وَقَالَ رؤبة:
مَا وَجْزُ معروفِك بالرِّماقِ
وَمَا مُواخاتَك بالمِذاق
أَي: الَّذِي لَيْسَ بمحضِ خَالص. والرِماق: الْقَلِيل.
والترميق: العَمَلُ يعمله الرجل لَا يحسِنُه، وَقد يتبلَّغ بِهِ.
وَيُقَال: رَمِّقْ على مَزادتيك، أَي: رُمَّهما مَرَمّة تتبلّغ بهما.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُرْمَقُّ من العَين: الدُّون
(9/124)
الْيَسِير.
وَقَالَ الْكُمَيْت بن زيد يذكرهُ:
تُعالج مُرْمَقّاً مِن العَيش فانِياً
لَهُ حارِكٌ لَا يَحمِل العِبْءَ أجزَلُ
أَنْشدني المنذريّ لأوس بن حجر:
صبوتَ وَهل تصبو ورأسُك أشيَبُ
وفاتتك بِالرَّهْنِ المرامِق زينبُ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرَّهْن المرامَق ويروى: المُرامِق، وَهُوَ
الرَّهن الَّذِي لَيْسَ بموثوق بِهِ. وَهُوَ قلب أَوْس.
والمرامَق: الَّذِي بآخر رمَق. وفلانٌ يرامقُ عيشَه، أَي: يُداريه.
فارقته زَيْنَب وَقَلبه عِنْدهَا فأوسٌ يرامقه، أَي: يداريه.
وَيُقَال: رقمتُه ببصري ورامقْته: إِذا أتبعْتَه بصرَك تتعمّده وَتنظر
إِلَيْهِ وتَرقُبه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرمَق والرامَج هُوَ المِلواح الَّذِي يُصاد بِهِ
الْبَازِي والصَّقر؛ وَهُوَ أَن يؤتَى ببُومة فيُشَدّ فِي رِجْلها
شَيْء أسوَد، ويخاط عَيناهَا ويُشَدّ فِي سِبَاقَيْها خيطٌ طَوِيل،
فَإِذا وَقع عَلَيْهَا الْبَازِي صَاده الصيّاد مِن قُترته.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ارْمَقَّ الإهابُ ارمِقاقاً: إِذا رَقَّ؛
وَمِنْه ارمِقاق العَيش.
وَأنْشد غَيره:
وَلم يَدبُغُونا على تِحْلِىء
فيرْمَقُّ عيشٌ ولَم يُغْمِلوا
المُرْمَقُّ: الْفَاسِد من كل شَيْء. والرُّمَّق: الضَّعيف من
الرِّجَال.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: حَبْلٌ مُرْماقٌ: ضَعِيف.
قَالَ: والرُّمُق: الحَسَدة، واحدهم رامِق ورَمُق. والرُّمُق:
الْفُقَرَاء الَّذين يتبلّغون بالرِّماق، وَهُوَ القَليل من الْعَيْش.
قمر: قَالَ اللَّيْث: القَمَر: الَّذِي فِي السَّمَاء، وضوءُه
القَمْراء، وليلةٌ مقمِرة.
وَيُقَال: أقمَرَ التَّمرُ: إِذا لم ينضَجْ حتَّى يُصِيبهُ البَرْد،
فتَذهب حلاوته وطعمُه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: قَمِر
المَاء والكَلأ: إِذا كَثُر.
وقَمِر الرجل: أرِقَ فِي القَمَر فَلم يَنَم. وقَمِر الرجل أَيْضا:
إِذا حارَ بصرُهُ فِي الثَّلج فَلم يُبصِر. وقَمرتِ الْإِبِل: إِذا
تَأَخّر عَشاؤها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي قمِرتِ القِربة تَقْمَر قَمراً: إِذا دخل المَاء
بَين الأدَمة والبَشَرة فأصابها قضاءٌ وَفَسَاد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للَّذي قَلَصَتْ قُلْفَته حَتَّى
بدا رأسُ ذَكَرِه عضَّه القَمَر.
وَأنْشد:
فذاكَ نِكْسٌ لَا يَبِضُّ حَجَرُه
مُخرَّق العِرْض جديدٌ مِمطرُه
فِي ليل كانونٍ شَدِيد خَصَرُه
عَضَّ بأطراف الزُّبانَى قَمَرُه
(9/125)
قَالَ: يَقُول: هُوَ أقلف لَيْسَ بمختون
إلاّ مَا نَقص مِنْهُ الْقَمَر وسبّه قُلفته بالزُّبانَى وَقيل
مَعْنَاهُ: أنّه ولد وَالْقَمَر فِي الْعَقْرَب، فَهُوَ مشؤوم.
والعَرَب تَقول: استرعيتُ مالِيَ القَمر: إِذا تركتَه هَمَلاً لَيْلاً
بِلَا راعٍ يحفظه. واسترعيتُه الشَّمسَ: إِذا أهملتَه نَهَارا.
وَقَالَ طَرْفة:
وَكَانَ لَهَا جارانِ قابُوسُ مِنْهُمَا
وبِشْر وَلم أستَرعِها الشمسَ والقَمرْ
أَي: لم أُهمِلْها.
قَالَ: وَأَرَادَ البَعيث هَذَا الْمَعْنى بقوله:
بحَبْل أَمِير الْمُؤمنِينَ سَرَحْتُها
وَمَا غَرّني مِنْهَا الْكَوَاكِب والقَمر
وأمَّا قَول الْأَعْشَى:
تَقَمَّرها شَيْخ عِشاءً فأصبحتْ
قُضاعيّةٌ تَأتي الكَواهِن ناشِصا
قَالَ أَبُو عَمْرو: تَقَمَّرها: أَتَاهَا فِي القَمْراء.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابنُ الأعرابيّ: تقمرها: تزوّجَها وذهبَ بهَا
وَكَانَ قلبُها مَعَ الْأَعْشَى فَأَصْبَحت تَأتي الكواهنَ
تَسْأَلهُمْ: مَتى النجاةُ مِمَّا وَقعت فِيهِ وَمَتى الالتقاء.
وَقَالَ الأصمعيّ: تَقَمَّرَها: طَلَب غِرَّتَها وخَدَعها؛ وأصلُه من
تَقمُّر الصّياد الظبَاءَ والطّيرَ بِاللَّيْلِ: إِذا صادها فِي ضَوء
النَّار فتَقمَرُ أَبصارُها فتُصاد.
وَقَالَ أَبُو زُبَيدٍ يصف الأسَدَ:
وراحَ على آثارهمْ يتقمَّرُ
أَي: يتَعَاهَد غِرَّتهم.
وكأَنَّ القِمار مَأْخُوذ من الخِداع.
يُقَال: قامَرَه بالخِداع فقَمَره.
وَقَالَ اللَّيْث: القُمْرة: لَوْن الْحمار الوحْشي، وَهُوَ لونٌ يَضرب
إِلَى خُضْرة.
قَالَ: والقَمْراءَ: دُخَّلةٌ من الدُّخَّل. والقُمْرِيّ: طَائِر يشبه
الْحمام والقُمْرُ البِيض. وسحابٌ أقمَر.
وَأنْشد:
سَقَى دَارَها جَوْنُ الرَّبابةِ مُخْضِلٌ
يَسُحُّ فَضِيضَ الماءِ مِن قَلَعٍ قُمْرِ
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: يسمَّى القَمَر
لليلتين من أوّل الشَّهْر هلالاً، ولليلَتين من آخِره ليلةَ سِتّ وَسبع
وَعشْرين هِلالاً، ويسمَّى مَا بَين ذَلِك قَمَراً.
وَفِي الحَدِيث أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الدّجّال
فَقَالَ: (هِجانٌ أقْمَر) .
قَالَ القُتيبيّ: الْأَقْمَر: الْأَبْيَض الشَّديد الْبيَاض.
وَيُقَال للسحاب الَّذِي يشْتَد ضوءُه لِكَثْرَة مَائه: أقمر. وأَتانٌ
قَمْرَاء، أَي: بَيْضَاء.
وَيُقَال: إِذا رأيتَ السحابةَ كأَنها بطنُ أتان قَمْرَاءَ فَذَلِك
الجَوْد.
أَبُو زيد: يُقَال فِي مَثَل: (وضعتُ يَدِي بَين
(9/126)
إِحْدَى مقمورتَين، أَي: بَين إِحْدَى
شَرَّتين.
مقرّ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المَقِر: الصَّبِر نفسُه.
وَكَذَلِكَ الأمويّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المَقِر: هُوَ شجر مُرٌّ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْحسن الأعرابيُّ: المُمْقِر: الحامض، وَهُوَ
المقِر أَيْضا بيِّن المقَر.
وَقَالَ اللَّيْث: المَقْر: إنْقاع السّمَك المالِح فِي المَاء، تَقول:
مَقَرْتُه فَهُوَ مَمْقُور.
وَقَالَ ابْن السكّيت: أمْقَر الشيءُ فَهُوَ مُمْقِر: إِذا كَانَ
مُرّاً.
وَيُقَال: للصَبِر المَقِر.
وَقَالَ لبيد:
مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعدائه
وعَلى الأدنَينَ حُلوٌ كالعَسَلْ
وَيُقَال: مَقَرَ عنقَه فَهُوَ يَمقُرُها: إِذا دقّها.
وَيُقَال: سَمَك ممقور، وَلَا تقل منقور.
قلت: والسَّمَك الممقور: الَّذِي يُنقَع فِي الخلّ والمِلح، فَيَجِيء
مِنْهُ صِباغٌ يؤتدم بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المُمْقِر من الرَّكايا: القليلة المَاء.
قلت: هَذَا تَصْحِيف، وَالصَّوَاب المُنْقُر بِضَم الْمِيم وَالْقَاف،
وَقد مرّ تَفْسِيره فِي بَابه.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُزّ والمُمْقِر: اللَّبن الحامض الشَّديد
الحُموضة.
وَقد أمقرَ إمقاراً.
وَقَالَ أَبُو مَالك: المزّ: الْقَلِيل الحُموضة وَهُوَ أطيب مَا يكون.
المُمْقِر: الشَّديد المرارة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: سَمَك مَمْقور، أَي: حامض.
وَيُقَال: سَمَك مَلِيح ومملوح ومالح لُغَة أَيْضا.
قَالَ: والمُمْقَرُّ: الرجل الناتىء العِرْق.
وَأنْشد:
نَكَحتْ أُميمةُ عَاجِزا ترِعِيّةً
مُشَّقِّقَ الرجْلين مُمْقَرَّ النَّسَا
(بَاب الْقَاف وَاللَّام)
ق ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لقن، نقل، قُلْنَ، (قالون) .
لقن: قَالَ اللَّيْث: اللَّقَن: إِعْرَاب لَكِن، وَهُوَ شبِيه طَسْت من
الصُّفْر.
قَالَ: واللَّقَن: مصدَرُ لَقِنْتُ الشيءَ، أَي: فَهمتُه ألقَنُه
لَقَناً.
وَقد لقّنني فلانٌ كلَاما تلقيناً، أَي: فهَّمني
(9/127)
مِنْهُ مَا لم أفهَم، وَقد لقِنْتُه
وتلقّنتُه.
اللحيانيّ: هِيَ اللَّقانة واللَّقَانِيَة، واللَّحانة واللّحانِيَة،
والتَّبانَةُ والتَّبانِيَةُ، والطَّبانَةُ والطَبانِيَة، معنى هَذِه
الْحُرُوف وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: مَلْقَن: اسْم مَوضِع.
نقل: قَالَ اللَّيْث: النَّقْل: تَحْويل شيءٍ من مَوضِع إِلَى مَوضِع.
والنُّقلْة: انْتِقَال الْقَوْم من مَوضِع إِلَى مَوضِع.
قَالَ: والنَّقَل مَا بَقي من الْحِجَارَة إِذا قُلِع جَبَلٌ وَنَحْوه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: النّقَل: الْحِجَارَة كالأثافِيّ
والأفهار.
والفَرَس يناقِلُ فِي جَرْيه: إِذا اتَّقى فِي عَدْوِه الْحِجَارَة.
وَقَالَ جرير بن الخَطَفَي:
من كلّ مشترِفٍ وإنْ بَعُد المدَى
ضَرِمِ الرِّقاقِ مُناقل الأجرالِ
وَأَرْض جَرِلة: ذَات جَراول وغلَظ وحجارة.
وَقَالَ اللَّيْث: المَنْقل: طَرِيق مُخْتَصر. والمَنْقَلة: مَرْحلة
مِن مَنازل السَّفَر. والمناقل: المراحل.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: (مَا من مصلَّى لامرأةٍ أفضلُ من أشدِّ
مكانٍ فِي بَيتهَا ظلْمة، إلاَّ امْرَأَة قد يئستْ من البُعولة، فِي
مَنْقَليْها) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأمويّ: المنْقَل: الخُفّ، وَأنْشد
لِلكمَيْت:
وَكَانَ الأباطحُ مِثل الإرِينَ
وشُبّه بالحِفْوة المنْقَل
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَوْلَا أنَّ الرِّوَايَة وَالشعر اتَّفقا على فتح
الْمِيم مَا كَانَ وجهُ الْكَلَام فِي المنْقل إلاَّ كسر الْمِيم.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: المنقَل فِي شعر لبيد: الثنيّة. قَالَ: وكلُّ
طَرِيق مَنْقَل. وَأنْشد:
كلاَ ولاَ ثمَّ انتعلنا المَنْقَلا
قِتْلَين مِنْهَا نَاقَة وجَمَلا
عَيْرانةً وَمَا طِلِيّاً أفْتَلاَ
قَالَ: وَيُقَال للخُفّين المنْقَلان، وللنَّعلين: المنْقَلان.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للخُفِّ
المِنْدَل والمِنْقل بِكَسْر الْمِيم فِيهَا.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: أرضٌ نقِلة: فِيهَا حِجَارَة، وَالْحِجَارَة
الَّتِي تنقلها قَوَائِم الدَّابَّة من مَوضِع إِلَى مَوضِع نقِيل.
قَالَ جرير:
يُناقلنَ النَّقيلَ وهُنَّ خوصٌ
بِغُبْر البيدِ خاشعة الجروم
وَقَالَ غَيره: يَنقُلن نقيلهنّ، أَي: نعالهنّ.
(9/128)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المناقلة هِيَ
الثَّعلبية، وَهِي التقريبُ الْأَدْنَى، وَذَلِكَ حِين تَجْتَمِع
يَدَاهُ وَرجلَاهُ.
قَالَ: وللمناقلة مَوضِع آخر، أَن يفعل مَا يفعل الآخر يناقله.
وَقَالَ حميد يذكر عيرًا وعانته:
ضرائرٌ لَيْسَ لهنّ مَهرُ
تأنيفُهن نَقَلٌ وأَفْرُ
والنَّقْل: عَدْوُ ذوِي الِاجْتِهَاد.
سَلمَة عَن الْفراء: نَعْلٌ مُنْقَلةٌ مُطرَقة؛ فالمُنقَلة: المرقوعة،
والمطرَقة: الَّتِي أُطبق عَلَيْهَا أُخْرَى.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أنْقلْتُ الخُفّ ونقّلتُه: إِذا أصلحتَه.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: النَّقائل واحدتها نَقِيلة، وَهِي رقاع النِعال،
وَهِي نَعْلٌ منْقلة.
وَقَالَ الأصمعيّ: فإِن كَانَت النَعْل خَلَقاً قيل: نِقْل وجمعهُ
أنقال.
وَقَالَ شمر: يُقَال: نَقْل ونِقْل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: نَعْل نَقْل. قَالَ: وسمعتُ نُصَيراً يَقُول
لأعرابيّ: ارفَعْ نَقْلَيْك، أَي: نَعْلَيْك.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أنّه قَالَ: النّقْل: الَّذِي
يُتنقَّل بِهِ على الشَّرَاب، لَا يُقَال إِلَّا بِفَتْح النُّون.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: النِقال: نِصالٌ من نِصال السِّهَام،
الْوَاحِدَة نَقْلة. ورجلٌ نَقِيل: إِذا كَانَ فِي قومٍ لَيْسَ
مِنْهُم. قَالَ: ونواقل الْعَرَب: من انْتقل من قبيلته إِلَى قَبيلَة
أُخْرَى فانتمى إِلَيْهَا، وَقَالَ الْأَعْشَى:
غدَوْتُ عَلَيْهَا قُبَيل الشروق
إِمَّا نِقالاً وَإِمَّا اغْتمارا
قَالَ بَعضهم: النِقال: مُناقَلة الأقداح، يُقَال: شَهِدْتُ نِقال بني
فلَان، أَي: مجلسَ شرابهم، وناقلتُ فلَانا، أَي: نازَعتُه الشَّرَاب.
والنَّقَل مِن ريشات السِّهام: مَا كَانَ على سهمٍ ثمَّ نُقِل إِلَى
سهمٍ آخر. يُقَال: لَا تَرِشْ سهمِي. بنقَلٍ بِفَتْح الْقَاف.
وَقَالَ الْكُمَيْت يصف صائداً وأَسْهُمَه:
وَأقدُحٍ كالظُّباتِ أنصُلُها
لَا نَقَلٌ رِيشُها وَلَا لَغَبُ
أَبُو عبيد: النّقَل: المُناقَلة فِي الْمنطق. رجلٌ نَقِل، وَهُوَ
الْحَاضِر الْمنطق وَالْجَوَاب.
وَأنْشد للبيد:
وَلَقَد يَعلمُ صَحْبي كلُّهم
بَعِدَانِ السَّيف صَبرِي ونَقَلْ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُنَقَّلة من الشِجاج وَهِي الَّتِي
يَخرج مِنْهَا فَراشُ الْعِظَام، وَهِي قشرة تكون على الْعظم دون
اللَّحْم.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: شَجّةٌ مُنَقَّلةٌ بيِّنة
(9/129)
التنقيل، وَهِي الَّتِي يخرج مِنْهَا كِسرُ
العِظام.
وَقَالَ عبد الْوَهَّاب بن جَنْبة: المنقّلة الَّتِي تُوضح العَظمَ من
أحد الْجَانِبَيْنِ وَلَا تُوضِحه من الْجَانِب الآخر. قَالَ: وسمِّيت
منقَّلة لِأَنَّهَا يُنقل جانبُها الَّتِي أوضحَتْ عظمَه بالمِرْوَد.
والتّنقيل أَن يُنقل بالمروَد ليَسمَع صوتُ العَظْم لأنَّه خفيّ،
فَإِذا سُمِع صوتُ العَظْم كَانَ أَكثر لنَذْرِها. النّذْر: الْأَرْش،
وَكَانَت مثل نِصف الموضِحة.
قلت: وَكَلَام الْفُقَهَاء على مَا حكى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ،
وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: النّقَل: سرعةُ نَقْل القوائم وفرسٌ مِنْقَل، أَي:
ذُو نَقَل وَذُو نِقال. وفَرَس نَقَّال: سريع النّقْل للقوائم.
والتنقيل مثل النَّقَل. وَقَالَ كَعْب:
لهنَّ من بَعدُ إرقالٌ وتنقيلُ
والناقلة من نواقل الدَّهْر الَّتِي تَنقُل قوما من حَال إِلَى حَال.
والنواقل من الْخراج: مَا يُنقل من خراج قَرْيَة أَو كُورة إِلَى
كُورة.
وَيُقَال: سمعتُ نَقَلةَ الْوَادي، وَهُوَ صوتُ السّيْل. قَالَه أَبُو
زيد وَغَيره.
ابْن السّكيت: النَقيلة: الرقْعة يُرْقَع بهَا خُفّ الْبَعِير ويُرقَع
النّعْل.
وَيُقَال للرجل: إنَّه ابنُ نَقيلة لَيست من الْقَوْم، أَي: غَرِيبَة.
(قُلْنَ) قالون: رُوِي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ شريحاً
عَن امْرَأَة طُلِّقَتْ، فذكرتْ أنَّها حَاضَت ثَلَاث حَيضاتٍ فِي شهر
وَاحِد. فَقَالَ شُريح: إِن شَهِدَ ثلاثُ نسوَةٍ من بطانة أَهلهَا
أنَّها كَانَت تحيض قبل أَن طُلقت فِي كلِّ شهرٍ كَذَلِك فالقولُ
قَوْلهَا. فَقَالَ عَليّ كرم الله وَجهه: (قالون) .
قَالَ غير واحدٍ من أهل الْعلم: قالون بالرومية: أصبْتَ.
ق ل ف
قلف، قفل، لقف، لفق، فلق، فَقل: مستعملات.
قلف: قَالَ اللَّيْث: القَلَف: مصدر الأقلف. والقَليفة: الجُلَيْدة.
والقَلْف: جَزْم اقتلاع الظُفْر من أَصله، واقتطاع القلْفة من
أَصْلهَا، وَأنْشد:
يقتلف الْأَظْفَار عَن بَنانِه
وَقَالَ أَبُو مَالك: القِلَّف والقِنَّف وَاحد، وَهُوَ الغِرْيَن
والتِّقْن: إِذا يَبِسَ. وَيُقَال لَهُ: غِرينٌ: إِذا كَانَ رَطْباً.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء: ومثلهُ حِمَّص وقِنَّب، وَرجل خِنّب:
طَوِيل.
وَقَالَ النَّضر: القَلْف: الْجلَال المملوءة تَمْراً، كل جُلَّة
مِنْهَا قَلْفة، وَهِي المقلُوفة أَيْضا، وثلاثُ مَقْلوفات، كلُّ جُلّة
مَقْلوفة، وَهِي الجِلال البَحْرانية. قَالَ: واقتلفْتُ من فلانٍ أَربع
قَلَفَات وأربعَ مقلُوفات، وَهُوَ أَن تَأتي الجُلَّة عِنْد الرجل
فيأخذها بقولِه
(9/130)
مِنْهُ وَلَا تكيلها.
لقف: اللَّيْث: اللَّقْف: تَناوُل الشَّيْء يُرمَى بِهِ إِلَيْك.
تَقول: لقَّفَني تلقيفاً فلقِفْتُه والتقَفْتُه. ورجلٌ لَقْف ثَقْف،
أَي: سريع الفَهم لما يُرمَى إِلَيْهِ من كلامِ بِاللِّسَانِ، وسريعُ
الْأَخْذ لما يُرمَى إِلَيْهِ بِالْيَدِ.
وَقَالَ العجاج:
مِن الشمالِيلِ وَمَا تَلَقَّفا
يصف ثوراً وحشيّاً وحَفْرَه كِناساً تَحت الأرطاة وتلقَّفَه مَا ينهار
عَلَيْهِ ورَمْيهُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي بَاب فَعْل وفَعَل باخْتلَاف الْمَعْنى:
اللَّقفِ، مصدرُ لقِفْتُ الشيءَ أَلقَفُه لَقْفاً: إِذا أَخذتَه
فأكلتَه أَو ابتلعته. وَيُقَال: رجل ثَقْف لَقْفِ: إِذا كَانَ ضابطاً
لما يحويه قَائِما بِهِ.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: إنّه لثَقْف لَقْف، وثَقِف لَقِف،
وَثَقِيف لَقيف، بيِّن الثَّقافة واللَّقافة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}
(الْأَعْرَاف: 117) ، وقرىء: (فَإِذا هِيَ تَلَقَّف) .
قَالَ الفرّاء: لقِفْتُ الشيءَ أَلقَفُه لَقْفاً ولَقَفاناً، قَالَ:
وَهِي فِي التَّفْسِير تبتلع.
أَبُو عبيد: الحوضُ اللقِّيف: الملآن.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبو عَمْرو الشيبانيّ: اللقيف: الْحَوْض الَّذِي
لم يُمْدَر وَلم يُطيَّن، فالماء ينْفجِر من جوانبه.
وَقَالَ الأصمعيُّ: هُوَ الَّذِي يتلجّف من أَسفله فيَنهار وتَلجُّفه:
أَكلُ المَاء نواحيَه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: اللقيف من الملآن أشبهُ مِنْهُ بالحوض
الَّذِي لم يُمْدَر يُقَال: لقِفْتُ الشيءَ ألقَفُه لَقْفاً فَأَنا
لاقِف ولَقيف، فالحَوْض لَقِفَ المَاء فَهُوَ لاقف ولَقيف.
قَالَ: وَإِن جعلتَه بِمَعْنى مَا قَالَ الْأَصْمَعِي أنَّه تلجَّف
وتَوَسّع ألجافُه حَتَّى صَار المَاء مجتمعاً إِلَيْهِ فامتلأت ألجافُه
كَانَ حَسَناً.
وَقَالَ اللَّيْث فِي اللقيف مثل قَول أبي عَمْرو.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
كَمَا يتهدمُ الحوضُ اللَّقِيفُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: التلقيف: أَن يخبط الفرسُ بيدَيْهِ فِي
اشتقاقه لَا يقلُّهما نحوَ بَطْنه.
قَالَ: والكَرْوُ مثل التلقيف.
وَقَالَ أَبُو خرَاش:
كَأبي الرَّماد عظيمُ القِدْر جفنَته
عِنْد الشّتاء كَحوض المنْهِل اللقفِ
هُوَ مثل اللَّقيف.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَة:
قد شاع فِي النَّاس فِيمَا يذكران بِهِ
وَهِي الْأَدِيم وأنَّ الحوضَ قد لقفا
شمر عَن ابْن شُمَيْل: إِنَّهُم ليُلقِّفونَ الطعامَ، أَي:
يَأْكُلُونَهُ، وَلَا تَقول يتلقّفونه. وَأنْشد:
(9/131)
إِذا مَا دعيتم للطعام فلقِّفوا
كَمَا لقفَتْ زُبٌّ شآميَّةٌ حُرْدُ
والتلقيف: شدَّة رفعِها يدَها كَأَنَّهَا تمدُّ يَداً، وَيُقَال:
تلقيفُها: ضربُها بأيديها لبّاتِها، يَعْنِي الجِمالَ فِي سَيرهَا.
فلق: قَالَ الله جلّ وعزّ: {} (الفلق: 1) .
قَالَ الْفراء: الفَلَق: الصُّبح، يُقَال: هُوَ أبيَنُ من فَلق
الصُّبْح وفَرَق الصُّبْح.
وَقَالَ الزجَّاج: الفَلق: بَيَان الصُّبح.
قَالَ: وَقيل: الفَلق: الخَلْقُ.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} (الْأَنْعَام: 95)
، وكَذلك فَلقَ الأرضَ بالنّبات، والسَّحاب بالمطر، وَإِذا قلتَ
الخَلْقَ تَبيّنَ لَك أَن أَكْثَره عَن انفلاق، فالفَلق: جميعُ
الْمَخْلُوقَات. وفَلقُ الصُّبح من ذَلِك.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفَلق: جهنّم، والفَلق:
الصُّبْح. والفَلق: بَيَان الحقّ بعد إِشْكَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: الفَلق: المطمئنُّ من الأَرْض بَين المرتفعين.
وَأنْشد:
وبالأُدم تُحدى عَلَيْهَا الرحالُ
وبالشَّوْل فِي الفَلق العاشبِ
والفَلق: المِقْطرة أَيْضا.
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: الفَلْق: مصدَرُ فلقتُ أفلِقُ
فَلْقاً. وسمعتُ ذَاك مِن فَلْق فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفُلوق: الشُّقوق، وَاحِدهَا فلَق
محرّك.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَاحِدهَا فَلْق، وَهُوَ أصوَبُ مِن فَلق.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفِلق: الداهية. وَأنْشد:
إِذا عَرَضَتْ داوِيَّةً مُدْلهمّةٌ
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بهَا فِلقا
أَي: عَمِلن بهَا داهيةً مِن شدّة سَيرهَا.
ابْن الْأَنْبَارِي: أَرَادَ عمِلن بهَا سيراً عَجَباً. والفِلق:
العجَب.
قَالَ: والفِلق: الْقَضِيب يُشَق فيُعمل مِنْهُ قَوْسان، فَيُقَال
لكلِّ وَاحِدَة فِلق.
أَبُو نصر، يُقَال: كَانَ ذَلِك بفالق كَذَا وَكَذَا، للمنحدِر بَين
رَبْوَتين. وَيُقَال: مَرَّ يَفتَلِق بالعَجَب، أَي: يَأْتِي بالعَجَب.
وَيُقَال: أفلَق فلانٌ الْيَوْم وَهُوَ يُفلِق: إِذا جَاءَ بعَجَب.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: جَاءَنَا بعُلَق فُلق، وَقد أعلقْتَ
وأَفلقْتَ، وَهِي الداهية أَيْضا.
وَقَالَ غَيره: أعطِني فِلقةَ الجَفْنة وفِلق الجَفْنة، وَهُوَ أحد
شِقَّيها إِذا انفلقَتْ.
وفالق: اسْم مَوضِع.
(9/132)
وَقَالَ اللَّيْث: فَلقتُ الفُسْتُقة
وغيرَها فانفَلقَتْ. والفِلقة: كِسْرة مِن خبز وشاعر مُفْلِق: يَجِيء
بالعجائب فِي شِعره. وَرجل مِفلاق دنيٌّ رذلٌ قَلِيل الشَّيْء.
والفَليق: عِرْق فِي العَضُد.
وَقَالَ غَيره: الفَليق: مَا بَين العِلْباوين، وَهُوَ أَن ينفلق
الوَتر بَين العِلباوَين، وَلَا يُقَال فِي الْإِنْسَان.
وَأنْشد:
فَلِيقُها أجرَدُ كالرمْحِ الضلِعْ
وَقيل: الفَليق: هُوَ المطمئنُّ فِي بَاطِن عُنُق الْبَعِير.
والفَيْلَق: الْجَيْش الْعَظِيم.
قَالَ الكُميت:
فِي حَوْمَة الفَيْلق الجأواءِ إِذْ نزلَتْ
قسْرٌ وهيضَلُها الخشخاشُ إِذْ نزلُوا
وَقَالَ النَّضر: الفَلقة فِي عَدو الْبَعِير مثل الرّبَعة، يُقَال:
افتلق الْجمل فَلقةً. وَيُقَال: يَا للفليقة وَيَا لللأفيكة إِذا جاءَ
بِشَيْء مُنكر.
اللحياني: كلّمني فلَان من فَلق فِيهِ وفِلق فِيهِ، وَالْفَتْح أَكثر.
قَالَ: وَيُقَال: خلّيتُه بفالق الوَرْكاء، وَهِي رملةٌ، وَيُقَال:
كَأَنَّهُ فلاقَة آجُرَّة، أَي: قِطْعَة. وَيُقَال: فَلقَتِ النَّخلة:
إِذا انشقت عَن الكافور، وَهُوَ الطَّلْع، وَهِي نخلةٌ فالق ونخْلٌ
فُلَّق، وَيُقَال: قُتِل فلَان أفلق قِتْلة، أَي: أشدَّ قِتلة. وَمَا
رأيتُ سيراً أفلق مِن هَذَا، أَي: أَبعَدَ. وفُلاق الْبَيْضَة: مَا
تَفَلّق مِنْهَا.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول للبنٍ كَانَ محقوناً فِي السِّقاء، فضرَبه
حرُّ الشمسِ فتقطَّع: إِنَّه للبنٌ متفلِّق ومُمْذَقِرٌّ، وَهُوَ أَن
يصير اللبنُ نَاحيَة وَالْمَاء نَاحيَة، ورأيتُهم يَكرهون شُرب اللَّبن
المتفلّق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَ فلَان بالفُلقانِ، أَي: بالكَذِب
الصُّراح، وَجَاء بالسُّماق مِثله.
وَفِي (النَّوَادِر) : تَفَيْلَم الْغُلَام، وتَفَيْلق، وتَفَلق،
وخَنْزَرَ: إِذا ضَخُم وسَمِن.
وَفِي حَدِيث الدجّال وَصفته: (رجل فَيلَق) هَكَذَا رَوَاهُ القتَيبيّ
فِي (كِتَابه) بِالْقَافِ. وَقَالَ: لَا أعرف الفَيلق إلاّ الكتيبةَ
الْعَظِيمَة.
قَالَ: فإنْ جَعَله فيْلَقاً لِعظمه فَهُوَ وجهٌ إنْ كَانَ مَحْفُوظًا،
وإلاّ فَهُوَ الفيْلَم بِالْمِيم بِمَعْنى الْعَظِيم.
قلت: والفَيْلم والفيْلق: الْعَظِيم من الرِّجَال. وَمِنْه يُقَال:
تَفيْلق الْغُلَام وتَفيْلم بِمَعْنى وَاحِد.
لفق: قَالَ: اللّفق: خياطةُ شُقتَين تَلفِق إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى
لَفقاً. والتلفيق: أعمّ، وَكِلَاهُمَا لِفقان مَا داما منضمَّين،
فَإِذا تباينا بعد التلفيق قيل: قد انفتق لفقهما.
(9/133)
وَلَا يلزمُه اسمُ اللفق قبلَ الْخياطَة.
وَقَالَ غَيره: اللفَاق جمَاعَة اللفق.
وَأنْشد:
وَيَا رُبَّ ناعمةٍ مِنْهُم
تشُدُّ اللفَاقَ عَلَيْهَا إزارا
وَقَالَ المؤرج: يُقَال للرجلين لَا يفترقان: هما لفِقان.
وَفِي (النَّوَادِر) : تأفّقْتُ بِكَذَا وتلفّقْتُ بِهِ، أَي:
لَحِقْتُه.
قَالَ شمِر فِي قَول لُقْمَان: (صَفّاق أفَّاق) ، قَالَ: رَوَاهُ
بَعضهم: (لفّاق) .
قَالَ: واللفّاق: الَّذِي لَا يدْرك مَا يُطَالب. يُقَال: لفق فلانٌ،
أَي: طلب أمرا فَلم يُدْرِكهُ.
قَالَ: وَيفْعل ذَلِك الصَّقر إِذا كَانَ على يدَي رجلٍ فاشتهى أَن
يُرسله على الطير، ضربَ بجناحيه، فَإِذا أرْسلهُ فسبقه الطيرُ فَلم
يُدْرِكهُ فقد لفق.
قَالَ: والدِّيك الصفّاق: الَّذِي يضْرب بجناحيه إِذا صوَّت.
قفل: قَالَ اللَّيْث: القفل مَعْرُوف، وفِعله الإقفال وَقد أقفلتُه
فاقتفل. والمقتَفِل من النَّاس: الَّذِي لَا يُخرج من بَين يَدَيْهِ
خيرا، وَامْرَأَة مقتفِلة.
والقَفلة: إعطاؤك إنْسَانا الشيءَ بمرّة؛ أعطيتُه ألفا قَفلة.
وَقَالَ ابْن دُريد: درهمٌ قَفلةٌ، أَي: وازن، الْهَاء أصليّة.
قلت: وَهَذَا مِن كَلَام أهل الْيمن.
والقفلةُ: شَجَرَة مَعْرُوفَة. وجمعُها قفل نبت فِي نجود الأَرْض وتيبس
فِي أول الهيج.
وَقَالَ معقِّر بن حمارٍ البارقيّ لبنتٍ لَهُ بَعْدَمَا كفّ بَصَره
وَقد سمع صَوت راعدةٍ: (وائلِي بِي إِلَى جَانب قفلة؛ فَإِنَّهَا لَا
تنْبت إِلا بمَنجاة من السَّيْل) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال لما يبس من الشّجر: القفل؛ وَكَذَلِكَ
قَالَ أَبُو عبيد.
وَأنْشد:
فخرّت كَمَا تتابعُ الريحُ بالقفلِ
قَالَ: القَفْل: جمع قفلة، وَهِي شجرةٌ بِعَينهَا تهيج فِي وَغْرة
الصَّيف، فَإِذا هبت البوارحُ بهَا قلعْتها وصيرتها فِي الجوّ.
وَقَالَ اللَّيْث: القفول: رُجُوع الْجند بعد الْغَزْو، وَقد قَفَلوا
يقفلُون قفولاً، وهم القَفل بِمَنْزِلَة القَعَد، اسمٌ يَلزمهم،
والقَفْل أَيْضا: القُفول، واشتُقَّ اسمُ الْقَافِلَة من ذَلِك، لأَنهم
يقفُلون.
قلت: سُمِّيت الْقَافِلَة وَإِن كَانَت مبتدئةَ السّفَر قافلةً تفاؤلاً
بقَفُولها عَن سَفَرها، وظَنَّ القتيبيّ أنّ عَوامّ النَّاس يَغلَطون
فِي
(9/134)
تسميتهم المنشِئين سفرا قافلةً.
وَقَالَ: لَا تسمَّى قافلةً إلاَّ منصرفةً إِلَى وطنها. وَهُوَ عِنْدِي
غلطٌ، لأنَّ الْعَرَب لم تزلْ تسمِّي المنشئة للسَّفَر قافلةً على
سَبِيل التفاؤل، وَهُوَ سائغٌ فِي كَلَام فُصَحائهم إِلَى الْيَوْم.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: أقفلتُ البابَ فَهُوَ مُقفَل،
وَلَا يُقَال: مقفول. وأقفلتُ الجندُ مِن غزوهم. وَقد قَفلوهم يقفلُون
قَفولاً وقَفلاً. وَقد أقفَله الصَّوْمُ: إِذْ أيبسه. وأقفلتُ الجِلْد:
إِذا أيبستَه. وخيلٌ قوافلٌ ضوامر. واستقفل فلانٌ: إِذا بخل فَهُوَ
متقفلٌ. والقفيل: السَّوط المفتول.
وَقَالَ:
قُمْت إِلَيْهِ بالقفيل ضربا
وَقَالَ أَبُو زيد: كم تقفل هَذَا، أَي: كم تحزُره، وَهُوَ القَفْل
وَكم تثقُله مثله.
وَيُقَال للْفرس إِذا ضَمَر: قَفَل يقفُل قُفولاً، وَهُوَ القافل
والشازِب والشاسِب.
وَقَالَ ابْن شُميل: قَفَل القومُ الطعامَ وهم يقفُلون، ومكَر القومُ:
إِذا احتَكَروا ويمكرون. رَوَاهُ المصاحفي عَنهُ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أقفلتُ القومَ فِي الطرِيق.
قَالَ: وقفلتُهم بعيني قَفَلاً: أتبعتهم بَصري، وَكَذَلِكَ قذَذْتهم.
وَقَالُوا فِي موضعٍ: أقفلتُهم على كَذَا، أَي: جمعتهم.
فَقل: قَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الزَّرْع) : الفَقْل: التذرية
بلغَة أهل الْيمن. يُقَال: فَقَلوا مَا دِيسَ مِنْ كُدْسِهم، وَهُوَ
رَفْع الدقّ بالمفقَلة، وَهِي الحِفراة، ثمَّ نثره.
قَالَ: وَيُقَال: كَانَت أَرضهم العامَ كَثِيرَة الفَقْل، أَي:
كَثِيرَة الرَّيْع، وَقد أَفْقَلْت أَرضهم إفْقالاً.
والدّقّ: مَا دِيسَ وَلم يذَرّ. وَلَا أحفَظُ الفَقْل لغير ابْن
شُمَيل.
ابْن الأعرابيّ: المقفال من النخيل: الَّتِي تحاتَّ مَا عَلَيْهَا من
الْحمل.
قلف: يُقَال: قلبٌ أقلفُ: إِذا لم يَع خيرا، كأنّه مُغَشى مُغَطًّى لَا
يدخُله وعظ. وَهِي القُلْفة والقلفة. وقلفت الجُلّةَ: إِذا قشرتَها
عَمَّا فِيهَا من تمر مكنوز وَهُوَ القليف.
ق ل ب
قبل. قلب. لقب. لبق. بقل. بلق: مستعملات.
قبل: قَالَ ابْن المظفر: قَبْل: عقيب بَعْد، وَإِذا أفردوا قَالُوا
هُوَ مِن قبلُ ومِن بَعدُ.
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: قبلُ وبعدُ رُفِعا رفْعاً بِلَا تَنْوِين
لِأَنَّهُمَا غايتان، وهما مثلُ قَوْلك: مَا رأيتُ مثله قطّ فَإِذا
أصفتَه إِلَى شَيْء نصبتَه إِذا وقعَ موقعَ الصّفة، كَقَوْلِك:
جَاءَنَا قبلَ عبد الله، وَهُوَ قبلَ زيدٍ قادمٌ. فَإِذا وقعتَ
عَلَيْهِ مِنْ صَار فِي حدّ
(9/135)
الْأَسْمَاء، كَقَوْلِك من قبلِ زيد
فَصَارَت مِن صِفةً وخفض قبلُ، لِأَن مِن من حُرُوف الْخَفْض،
وَإِنَّمَا صَار قبلُ منقاداً لِمن وتحوّل من وصفّيته إِلَى الإسميّة،
لأنّه لَا يجْتَمع صفتان. وغلَبَه منْ لأنّ مِنْ صَار فِي صدر
الْكَلَام فغَلب.
قلت: وَقد مرتْ عِلَلُ قبلُ وبعدُ فِيمَا مَرَّ مِن الْكتاب، فكرهتُ
إِعَادَتهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: القُبْل خلاف الدُّبْر. وقُبل الْمَرْأَة: فَرْجُها.
قَالَ: والقُبل: إقبالك على الْإِنْسَان كأنّك لَا تُرِيدُ غَيره.
تَقول: كَيفَ أَنْت لَو أقبلتُ قُبْلَك.
وَجَاء رجلٌ إِلَى الْخَلِيل فَسَأَلَهُ عَن قولِ الْعَرَب: كَيفَ
أَنْت لَو أُقبِلَ قبلُك؟ فَقَالَ: أُراه مَرْفُوعا لأنّه اسمٌ
وَلَيْسَ بمصدر كالقَصْد والنحو، إنَّما هُوَ كَيفَ لَو استُقبل وجهُك
بِمَا تكره.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ
حَسَنٍ} (آل عمرَان: 37) ، أَي: بتقبل حسن وَلَكِن قبولٌ مَحْمُول على
قَوْله: قَبِلها قَبولاً حَسَناً، يُقَال: قَبلتُ الشيءَ قَبولاً: إِذا
رضيتَه.
وَقبلت الرِّيحُ تَقْبلُ، وَهِي ريحٌ قَبولٌ. وقَبَلْتُ بِالرجلِ أقبُل
بِهِ قَبالةً، أَي: كفلْتُ بِهِ. وَقد رُوي قَبِلت بِهِ فِي معنى
كَفِلْت على مِثَال فَعِلت.
وَيُقَال: سَقَى فلانٌ إِبِلَه قَبَلاً: إِذا صَبَّ المَاء فِي
الْحَوْض وَهِي تَشرب مِنْهُ فأصابها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القَبل: أَن يورِد الرجل إِبِلَه فيستقي على
أفواهها وَلم يكن هيَّأَ لَهَا قبل ذَلِك شَيْئا.
وَقَالَ الزّجاج: كلُّ مَا عاينْتَه قلتَ فِيهِ أَتَانِي قِبَلاً، أَي:
مُعَايَنَةً، وكلُّ مَا استقبلك فَهُوَ قَبَل، وَتقول: لَا أكلّمك
إِلَى عَشْرٍ مِن ذَلِك قِبل وقَبَل، فَمَعْنَى قِبَلٍ إِلَى عشر
مِمَّا يُشاهده من الْأَيَّام، وَمعنى قبَلٍ إِلَى عَشْر تستقبِلُنا.
وَيُقَال: قَبِلَت العينُ قَبَلاً: إِذا كَانَ فِيهَا إقبال منطر على
الْأنف.
وَقَالَ أَبُو نصر: قَبِلَت العينُ قَبَلاً، إِذا كَانَ فِيهَا مَيَل
كالحَوَل.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأقبل: الَّذِي أقبلتْ حَدَقتاه على أَنفه. قَالَ:
والأحول الَّذِي حولتْ عَيناهُ جَمِيعًا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبل فِي العَين: إقبال السوادِ على المَحْجِر.
وَيُقَال: بل إِذا أقبَلَ سوادُه على الْأنف فَهُوَ أَقبلَ، وَإِذا
أَقبل على الصُدْغين فَهُوَ أخرَز.
عَمْرو عَن أَبِيه: القَبَل شبيهٌ بالحَوَلِ، والقَبل: صَدَدُ الجَبَل.
والقَبل: المحَجَّة
(9/136)
الْوَاضِحَة. والقَبل: لطُف الْقَابِلَة
لإِخْرَاج الْوَلَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي قَدَميه قَبل، ثمَّ حَنَف ثمَّ
فَحَجٌ.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
فأمَّا أُميَّة من وائلٍ
فمستدبر الْمجد مُستقبلُ
مَعْنَاهُ: أنّه كريم الْقَدِيم والْحَدِيث.
قَالَ أَبُو سعيد: قَالَ أعرابيّ: وعليّ فروٌ لي قَبَلٌ، أَي: جَدِيد؛
كأنَّه أوّل مَا لبسه.
وَيُقَال: أقبلته مرّة وأدبرته، أَي: جعلته أَمَامِي ومرَّة ورائي
يَعْنِي فِي الْمَشْي. وقلبتُه الجبلَ مرّة ودبرتُه أُخْرَى.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً}
(الْكَهْف: 55) ، و (قِبَلاً) و (قَبَلاً) كلٌّ جَائِز.
قَالَ الزّجاج: فَمن قَالَ (قُبُلاً) فَهُوَ جمع قَبيل، الْمَعْنى:
ويأتيهم الْعَذَاب ضُروباً. ومَن قَرَأَ (قِبَلاً) فَالْمَعْنى أَو
يَأْتِيهم الْعَذَاب معَاينَةً. وَمن قَرَأَ (قَبَلاً) فَالْمَعْنى أَو
يَأْتِيهم مقابِلاً.
وَقَوله جلّ وعزّ: {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَىْءٍ قُبُلاً}
(الْأَنْعَام: 111) ، الْمَعْنى: وحشرنا عَلَيْهِم كلَّ شَيْء قبِيلاً
قَبيلاً. وَيجوز أَن يكون قبُل جمع قبيل، وَمَعْنَاهُ: الكَفِيل فَيكون
الْمَعْنى لَو حُشِر عَلَيْهِم كلُّ شَيْء فكَفَل لَهُم بصحّة مَا
يَقُول مَا كَانُوا ليؤمنوا وَيجوز أَن يكون قبلا فِي معنى مَا
يُقابِلهم، أَي: لَو حشَرْنا عَلَيْهِم كل شَيْء فقابَلهم، وَيجوز
وحشَرْنا عَلَيْهِم كل شَيْء قِبلاً بِكَسْر الْقَاف، أَي: عِياناً
وَيجوز قُبْلاً على تَخْفيف قُبُلاً.
وَقَوله جلّ وعزّ: {بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ} (النَّمْل: 37) ،
مَعْنَاهُ: لَا طاقةَ لَهُم بهَا.
وَيُقَال: أصابني هَذَا مِن قِبَله، أَي: من تِلقائه: مِن لدُنْه،
لَيْسَ من تِلقاء الملاقاة، لكنْ على معنى مِن عِنْده. قَالَه
اللَّيْث.
قَالَ: وكلُّ جِيل من الجِنّ وَالنَّاس قَبِيل.
وَقَوله: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} (الْأَعْرَاف: 27) ،
أَي: هُوَ ومَن كَانَ مِن نَسْله. فَأَما القَبيلة فَمن قبائل العَرَب
وسائرهم من النَّاس.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: القَبيل: الْجَمَاعَة يكونُونَ من الثَّلَاثَة
فَصَاعِدا من قومٍ شتّى؛ وجمعُه قُبُل. والقَبيلة: بَنو أبٍ وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: الشَّعْب أَكثر من الْقَبِيلَة، ثمَّ
الْقَبِيلَة، ثمَّ العِمارة، ثمَّ الْبَطن، ثمَّ الفَخِذ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: أُخذت قبائل
الْعَرَب من قبائل الرَّأْس، لاجتماعها.
قَالَ: وجماعتُها الشَّعْب. والقبائل دونهَا.
قَالَ الْفراء فِي كتاب (المصادر) : حَدثنِي منْدَل قَالَ: قَالَ سِنان
بن ضرار الشَّيْبَانِيّ
(9/137)
عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ:
أتيتُه وعليَّ فروٌ لي قَبَل، يُرِيد كَبَل. فَقَالَ: يَا ضرار، قلبٌ
نقيٌّ فِي ثيابٍ دنَسة خير من قلب دنسٍ فِي ثِيَاب نقية.
وَقَالَ اللَّيْث: قَبيلَة الرَّأْس كلُّ فِلْقَة قد قوبلت
بِالْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ قبائل بعض الْغُرُوب، وَالْكَثْرَة لَهَا
قبائل.
وَقَالَ أَبُو نصْر: قبائل الرَّأْس: قَطعُه المشعوب بَعْضهَا إِلَى
بعض.
قَالَ: والقَبَل: النَّشَز من الأَرْض يستقبِلُك.
يُقَال: رأيتُ شخصا بذلك القَبَل.
وَأنْشد للجعديّ:
خشيةُ الله وأنى رَجُلٌ
إِنما ذِكري كنارٍ بقَبَلْ
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن عُميرة الْأَسدي عَن الرياشي عَن
الْأَصْمَعِي، قَالَ: الأقبال: مَا استقبلك من مُشرف، الْوَاحِد قَبَل.
قَالَ: والقَبَل: أَن يُرَى الهلالُ أوّلَ مَا يُرى وَلم يُرَ قبل
ذَلِك.
يُقَال: رَأَيْت الْهلَال قَبَلاً. والقَبَل: أَن يتكلّم الرجلُ
بالْكلَام وَلم يستعدَّ لَهُ.
يُقَال: تَكلّم فلَان قَبَلاً فأجادَ.
وَيُقَال: أفْعلُ ذَلِك مِن ذِي قَبَل، أَي: فِيمَا يُسْتقبَل.
وَيُقَال: اقتَبَل أمرَه: إِذا استأنَفَه. وَهُوَ مُقْتبِل الشّباب،
أَي: مستقبَل الشَّبَاب.
قَالَ أَبُو كَبِير الهذليّ:
ولرُبّ مَن طأطأتَه لِحَفِيرَةٍ
كالرُّمْحِ مُقتبِل الشَّبَاب محَبَّرِ
سَلَمة عَن الفرّاء: اقتَبل الرجلُ: إِذا كاسَ بعدَ حَماقة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رَجَزْتُه قَبَلاً: أنشدتُه رَجَزاً لم
أكن أعدَدْتُه.
وَيُقَال: اقتَبَل فلانٌ الْخطْبَة اقتبالاً: إِذا تكلّم بهَا وَلم يكن
أَعدّها.
ابْن بزرج قَالُوا: أقبلوها الرِّيحَ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وقابلوها الرّيح بِمَعْنَاهُ. فَإِذا قَالُوا:
استقبلوها الرّيح كَانَ أَكثر كَلَامهم: استقبلوا الرّيح واستقبلت أَنا
الرّيح.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وقابلها الرِّيحَ فِي دنّها
وصلّى على دنِّها وارتسمْ
أَي: أقبلها الرِّيح.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَبَلتُ الشَّيْء ودبرته: إِذا استقبلته أَو
استدبرته. وقابل عَام ودابر عَام. فالدَّابر: المولّي الَّذِي لَا
يرجع. والقابل: الْمُسْتَقْبل. والدابر من السِّهَام: الَّذِي خرج من
الرَّمية. وعام قَابل، أَي: مقبل.
وقَبِلت الْمَرْأَة القابلةُ تَقْبَلها قِبالة. وَكَذَلِكَ قَبِل الرجل
الغَرْبَ من المُسْتَقى، وَهُوَ الْقَابِل، وقَبِلتُ الهديَّة
قَبُولاً.
(9/138)
وَيُقَال: عَلَيْهِ قَبولٌ، ذَلِك إِذا
كَانَت العَين تَقبَله.
أَبُو نصر: يُقَال رجل مَا لَه قِبْلة: إِذا لم تكن لَهُ جِهة.
وَيُقَال: أَيْن قبْلتُك؟ أَي: أَيْن جِهَتُك.
وَيُقَال: قَبَل بِهِ يقبُل بِهِ قَبالةً: إِذا كَفَل بِهِ.
وَأنْشد:
إنّ كفّي لَك رَهْنٌ بِالرِّضَا
فاقبُلي يَا هِندُ قَالَت قد وجَبْ
اقبُلي مَعْنَاهُ: كوني أنتِ قَبيلاً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَقبلتُ إبلِي أَفواهَ الْوَادي، وَكَذَلِكَ
أَقبَلْنا الرِّماحَ نحوَ الْقَوْم.
وَيُقَال: قابِلْ نَعْلَك، أَي: اجْعَل لَهَا قِبالَين.
قَالَ: وَقَالَ اليزيديّ: أَقبلتُ النعلَ: إِذا جَعلتَ لَهَا قِبالاً؛
فَإِن شدَدْتَ، قلتَ: قَبَلتُها مخفّفةً.
قَالَ أَبُو عبيد: والقِبال: مِثْل الزِّمام بَين الإصبع الْوُسْطَى
وَالَّتِي تَلِيهَا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ لنَعْلِه
قِبالان، أَي: زِمامان.
وَقَالَ أَبو نصر: أَقبَلَ نَعلَه وقابَلها: إِذا جَعَل لَهَا قِبالين.
وَيُقَال: انزِلْ بقَبَل هَذَا الجَبَل، أَي: بسَفْحِهِ. ووَقعَ السهمُ
بقُبْل هَذَا الهَدَف وبدُبْره، وَكَانَ ذَلِك فِي قُبْلٍ من شبابه.
وَكَانَ ذَلِك فِي قُبْل الشتَاء وَفِي قُبْل الصَّيف، أَي: فِي أَوّله
وَوَجهه.
عَمْرو عَن أَبيه فِي قَوْلهم: (فلانٌ لَا يَعرِف قَبيلاً مِن دَبير) .
قَالَ: القَبيل: طَاعَة الرّب. الدَبير: معصيتُه.
أَبو نصر عَن الْأَصْمَعِي: القَبيل: مَا أَقبَلَ بِهِ الفاتل إِلَى
حَقْوه. والدَّبير: مَا أَدبَرَ بِهِ الفاتل إِلَى رُكْبَتِه.
وَقَالَ المفضّل: القَبيل: فوزُ القِدْح فِي الْقمَار. والدَبيرُ: خيبة
القِدْح.
وَقَالَ جمَاعَة من الْأَعْرَاب: القَبيل أَن يكون رأسُ ضمن النَعْل
إِلَى الْإِبْهَام. والدَّبيرُ: أَن يكون رأسُ الضِمْنِ إِلَى
الخِنْصِر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَول الْأَعْشَى:
أَخُو الحَرْبِ لَا ضَرَعٌ واهِنٌ
وَلم ينتَعِلْ بقِبالٍ خَذِمْ
قَالَ: القِبال: الزِّمَام. قَالَ: وَهَذَا كَمَا تَقول: هُوَ ثَابت
الغَدَر عِنْد الجَدَل والحُجج وَالْكَلَام والقتال، أَي: لَيْسَ
بضعيف.
وَقَالَ اللَّيْث: القِبال: شِبه فَحَجٍ وتَبَاعُدٍ بَين الرِجلين.
وَأنْشد:
حَنْكَلَةٌ فِيهَا قِبالٌ وفَجَا
وَيُقَال: فلانٌ قُبالتي، أَي: مستقبِلي.
(9/139)
وَيُقَال: هُوَ جاري مُقابِلي ومُدَابري.
وَأنْشد:
حَمَتْك نفسِي ومَعي جاراتي
مُقابِلاتي ومُدابِراتي
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهَى أَن يضحّى
بشَرْقاء أَو خَرْقاء، أَو مُقابلة أَو مُدابرة) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المقابَلة أَن يُقطَع مِن طرف
أُذنها شيءٌ ثمَّ يتْرك معلَّقاً لَا يَبين كَأَنَّهُ زَنَمَة.
والمُدابَرةُ: أَن يُفعل ذَلِك بمؤخّر الأُذُن من الشَّاة.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَكَذَلِكَ إنْ بَان ذَلِك من الأُذُن أَيضاً
فَهِيَ مُقابَلة ومُدابَرة بعد أَن يكون قد قُطع.
وَيُقَال: رجلٌ مُقابَل ومُدابَرٌ: إِذا كَانَ كريمَ الطَّرَفين من
قِبَل أَبيه وأمِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا ضمَمْتَ شَيْئا إِلَى شيءٍ قلت: قابلتُه بِهِ.
والقابلةُ: الليلةُ المقْبِلة، وَكَذَلِكَ العامُ الْقَابِل، وَلَا
يَقُولُونَ فَعَل يَفعُل.
وَقَالَ العجّاج يصف قطاً:
ومهمهٍ يُمسي قطاه نُسَّسا
روابعاً وَبعد ربع خُمَّسا
وإنْ تَوَلَّى ركضُه أَو عرّسا
أَمْسَى من القابلتين سُدَّسا
قَوْله: من القابلتين: يَعْنِي اللَّيْلَة الَّتِي لم تأتِ بعد
فَقَالَ:
روابعاً وَبعد ربع خمْسا
فَإِن بنى على الْخمس فالقابلتان السَّادِسَة وَالسَّابِعَة، وَإِن بنى
على الرِّبع فالقابلتان الْخَامِسَة وَالسَّادِسَة. وَإِنَّمَا
الْقَابِلَة وَاحِدَة، فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي هُوَ فِيهَا
وَالَّتِي لم تأت بعد غلّب الِاسْم الأشنع فَقَالَ القابلتين، كَمَا
قَالَ:
لنا قمراها والنجوم الطوالع
فغلّب الْقَمَر على الشَّمس
قَالَ: وَالْقَبُول من الرِّيَاح: الصَّبَا لِأَنَّهَا تَستقبل
الدَّبُور.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ: الرِّيَاح معظمها الْأَرْبَع:
الجَنوب وَالشمَال، والدَّبُور والصَّبَا. فالدَّبور: الَّتِي تهبّ من
دُبْر الْكَعْبَة، والقَبُول من تلقائها وَهِي الصَّبَا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبُول: أَن تَقبَل العَفْوَ والعافية وَغير
ذَلِك، وَهُوَ اسْم للمصدر وأميت الفِعل مِنْهُ.
قَالَ: والقُبلة مَعْرُوفَة وجمعُها القُبَل، وفِعلُها التَّقْبِيل.
أَبُو عُبيدٍ عَن أبي زيد: قَبَلَت الْمَاشِيَة الْوَادي تقبُله،
وَأَنا أقبلتُها إِيَّاه.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول: انزِلْ بقابِل هَذَا الْجَبَل، أَي: بِمَا
استَقْبَلَك من أقباله وقوابِلِه.
اللِّحيانيّ: قَبِلتُ هديَّتَه أقبَلُها قَبولاً
(9/140)
وقُبولاً، وعَلى فلَان قَبول، أَي: تَقبَله
العَيْن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال:
قَبِلتُه قَبولاً وقُبولاً، وعَلى وَجهه قَبول لَا غير.
وَقَالَ اللحيانيّ: قَبلتْ عينُه، وعَيْنٌ قَبْلاء، وَهِي الَّتِي
أقبلتْ على الْحَاجِب. وَرجل أقبَلُ وَامْرَأَة قَبْلاء.
وَيُقَال: قد قَبَلَني هَذَا الجَبَل ثمَّ دبرَني، وَكَذَلِكَ قيل:
عامٌ قابِل.
وَيُقَال: قبَّلتُ الْعَامِل تقبيلاً، وَالِاسْم القَبَالة. وتقبَّلَه
العامِلُ تَقبُّلاً.
قَالَ: والقَبَلة: حَجَر أبيضُ عَظِيم، تجْعَل فِي عُنُق الفَرَس.
يُقَال: قَلَّدها بقَبَلَة. والقَبَل والقَبَلة من أَسمَاء خَرَزِ
الْأَعْرَاب.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ رجلٌ من
بني ربيعةَ بن مَالك: (إنّ الحقّ بِقَبَل، فَمن تعدّاه ظَلَم، ومَن
قصَّر عَنهُ عَجَز: ومَن انْتهى إِلَيْهِ اكْتفى) .
قَالَ: بِقَبَل، أَي: يَضِحُ لَك حَيْثُ، وَهُوَ مِثل قَوْلهم: إِن
الْحق عارٍ.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: لقيتُه مِن ذِي قِبَل وقَبَل، ومِن ذِي
عِوَض وعَوَض، وَمن ذِي أُنُف، أَي: فِيمَا يُستقبَل.
غيرُه: اذهبْ فأَقْبِله الطَّرِيق، أَي: دُلَّه عَلَيْهِ. وأقبلْتُ
المِكْواة الداءَ. وأقْبلتُ زيدا مَرّةً وأدبَرْتُه أُخْرَى، أَي:
جعلتُه مرّةً أَمَامِي ومرّةً خَلْفِي فِي المَشيِ. وقَبَلْتُ الجبلَ
مرّةً ودبرْتُه أُخْرَى.
وَالْعرب تَقول: (مَا أنتَ لَهُم فِي قِبال وَلَا دِبار) ، أَي: لَا
يَكترثون لَك.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَمَا أنتَ إنْ غَضبتْ عامِرٌ
لَهَا فِي قِبالٍ وَلَا فِي دِبارِ
وَيُقَال: أَتَانَا فِي ثوبٍ لَهُ قبائل، وَهِي الرِّقاع.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا رُقِّع الثوبُ
فَهُوَ المقبَّل والمقْبول والمُرَدَّم، والمُلَبَّد والمَلْبودُ.
وقبائلا اللجام: سُيورُه، الْوَاحِدَة قَبيلَة.
وَقَالَ ابْن مقبل:
تُرْخِي العِذارَ وَإِن طَالَتْ قبائلُهُ
عَن حَشْرة مِثلِ سِنْفِ المَرْخةِ الصَّفِرِ
وَيُقَال: رَأَيْت قبائل من الطَّيْر، أَي: أصنافاً؛ وكلُّ صنفٍ
مِنْهَا قَبيلة. فالغِربان قَبيلة، وَالْحمام قَبيلَة.
وَقَالَ الرَّاعِي:
رأيتُ رُدَافَى فوقَها مِن قَبيلةٍ
مِن الطَّير يَدْعوها أَحَمُّ شَحوجُ
يَعْنِي الغِرْبان فَوق النَّاقة.
وَقَالَ شمر فِي كِتَابه فِي (الحيّات) : قُصَيْرَى قِبالٍ: حَيّة
سمّاها أَبُو خَيْرة:
(9/141)
قُصَيْرى، وسمّاها أَبُو الدُّقَيش
قُصَيْرى قِبال، وَهِي من الأفاعي غير أنَّها أَصْغَر جِسماً، تَقتُل
على الْمَكَان.
قَالَ: وأَزَمَتْ بفرْسِنِ بعيرٍ فَمَاتَ مكانَه.
عَمْرو عَن أَبيه، يُقَال للخِرْقة الَّتِي يُرَقَّع بهَا قَبّ
الْقَمِيص: القَبيلة، وَالَّتِي يُرقَّع بهَا صَدْرُ الْقَمِيص
اللِّبْدة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القَبيلة:
صَخْرَة على رَأس الْبِئْر. والعُقابان: دِعامَتا القَبيلة مِن ناحيتها
جَمِيعًا. وَهِي القَبيلة والمنزَعة.
قَالَ: وعُقاب الْبِئْر: حَيْثُ يقوم الساقي.
أَبو عبيد عَن أَبي زيد يُقَال لأحناء الرَّحْل: الْقَبَائِل، واحدتُها
قَبيلَة.
بقل: قَالَ اللَّيْث: البقْل من النَّبَات: مَا لَيْسَ بشجَرٍ دِقَ
وَلَا جِلّ، وفَرْقُ مَا بَين البَقْل ودِقّ الشّجر أَنَّ البقل إِذا
رُعِيَ لم يَبقَ لَهُ ساقٌ، وَالشَّجر تَبقى لَهُ سُوق وَإِن دَقّت.
وابتَقَل القومُ: إِذا رَعَوُا البقلَ. وَالْإِبِل تُبتَقل وتتبقّل.
والباقِل: مَا يَخرج فِي أَعْرَاض الشّجر إِذا مَا دنَتْ أيامُ الرّبيع
وجَرَى فِيهَا المَاء فرأيتَ فِي أعراضه شِبْهَ أَعيُن الجَراد قبل أَن
يستبِين وَرقُه، فَذَلِك الباقل، وَقد أَبقَلَ الشجرُ.
وَيُقَال عِنْد ذَلِك: صارَ الشجرُ بَقْلةً وَاحِدَة. وأبقَلتِ الأَرْض
فَهِيَ مُبْقلة، والمَبْقَلة: ذَات البَقْل.
أَبو عبيد عَن الأَصمعي: أَبقَل الْمَكَان فَهُوَ بَاقِل مِن نَبَات
البَقْل، وأَورَسَ الشّجر فَهُوَ وارِسٌ: إِذا أَوْرَقَ، وَهُوَ
بِالْألف.
وَقَالَ اللَّيْث: وَيُقَال للأمرد إِذا خرج وجهُه: قد بَقَل. وبقَل
نابُ الْجمل أَوّلَ مَا يطلع. وجَمَلٌ باقِلُ الناب.
قَالَ: والباقِليّ من نَبَات البَقْل: اسمٌ سوادِيّ، وَهُوَ الفُول،
وحَمَلُه الجِرجِر.
وَقَالَ أَبو عبيد: الباقِليّ: إِذا شدّدْت اللَّام فَصَرْت، وَإِذا
خفّفتَ مدَدْتَ فَقلت: الباقلاء.
أَبو عبيد عَن الْأمَوِي قَالَ: مِن أَمثالهم فِي بَاب التَّشْبِيه:
(إِنَّه لأعْيَا من بَاقِل) .
قَالَ: وَهُوَ رجل مِن رَبيعةَ، وَكَانَ عَيِيّاً فَدْماً.
قَالَ: وإياه عَنَى الأرَيْقِطُ فِي وصف رجلٍ مَلأ بطنَه حَتَّى عَيَّ
بالْكلَام فَقَالَ:
أَتانا وَمَا داناه سَحْبانُ وَائِل
بَيَانا وعِلْماً للَّذي هُوَ قائلُ
فَمَا زَالَ عَنهُ اللَّقْمُ حَتَّى كَأَنَّهُ
مِن العِيّ لمّا أَن تَكلّمَ بَاقِل
قَالَ: وسحبان هُوَ من ربيعَة أَيْضا من بكْر، كَانَ لسناً بليغاً.
قَالَ اللَّيْث: بَلَغ مِن عيّ بَاقِل أَنه سُئِلَ: بكم اشتريتَ
الظبيَ؟ فَأخْرج أصابعَ يَدَيْهِ ولسانَه، أيْ: بأحدَ عشر، فأفلتَ
الظبيُ
(9/142)
وَذهب.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُوقالة: الطَّرْجَهارة.
قلب: قَالَ اللَّيْث: القَلْب: مضغةٌ مِن الْفُؤَاد معلَّقة بالنِّياط.
وَقَالَ الله: {مَّحِيصٍ إِنَّ فِى ذَالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ
قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق: 37) .
قَالَ الْفراء: يَقُول: لمن كَانَ لَهُ عَقْل. قَالَ: هَذَا جَائِز فِي
الْعَرَبيَّة، أَن تَقول مالَك قَلْب وَمَا قَلْبك مَعَك، تَقول: مَا
عَقلُك مَعَك فَأَيْنَ ذهبَ قَلْبُك، أَي: أَيْن ذهب عَقْلك؟ .
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ} ، أَي: تفهُّم
وَاعْتِبَار.
وَفِي الحَدِيث: أَن مُوسَى لما أجَر نَفسه من شُعيب، قَالَ شُعَيْب:
لَك من غنمي مَا جَاءَت بِهِ قالبَ لون. فَجَاءَت بِهِ كُله قالب لون
غير وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ. قالب لون، تَفْسِيره فِي الحَدِيث:
أَنَّهَا جَاءَت بهَا على غير ألوان أمّهاتها.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَتَاكُم
أهل اليَمن، هم أَرَقُّ قلوباً وأليَنُ أَفْئِدَة) ، فوصَفَ الْقُلُوب
بالرّقة والأفئدة باللين. وَكَأن القلْبَ أخَصُّ من الْفُؤَاد فِي
الِاسْتِعْمَال. وَلذَلِك قَالُوا: أصبت حَبَّة قلبه وسُويداءَ قلبه.
وَأنْشد بَعضهم:
ليتَ الغرابَ رمى حماطة قلبه
عمروٌ بأسهمه الَّتِي لم تُلغَبِ
وَقيل: الْقُلُوب والأفئدة قريبان من السواءِ، وكُرِّر ذكرهمَا
لاخْتِلَاف لفظيهما تَأْكِيدًا.
وَقَالَ بعضُهم: سمِّي الْقلب قلباً لتقلبه، وَسمي فؤاداً لتحرقه على
من يشفق عَلَيْهِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
مَا سمِّيَ القلبُ إلاّ من تقلُّبِه
والرأيُ يصرِف بالإنسان أَطوارا
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (سُبْحَانَ
مُقَلِّب الْقُلُوب والأبصار) .
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ}
(الْأَنْعَام: 110) .
وَرَأَيْت من الْعَرَب من يُسمِّي لحمةَ الْقلب بشحمها وحِجابها
قَلباً، وَرَأَيْت بَعضهم يسمُّونه فؤاداً، وَلَا أنكر أَن يكون
القَلْب هِيَ العَلَقة السَّوْدَاء فِي جَوْفه، وَالله أعلم، لأنَّ
قَلْب كل شَيْء لُبه وخالصه.
وَقَالَ اللَّيْث: جئتُك بِهَذَا الْأَمر قَلباً، أَي: مَحْضا لَا
يشُوبُه شَيْء.
وَفِي الحَدِيث: (إنَّ لكلِّ شيءٍ قلباً، وَقلب الْقُرْآن ياسين) .
وَفِي حَدِيث يحيى بن زَكَرِيَّاء: (أَنه كَانَ يَأْكُل الْجَرَاد
وقُلوب الشجرِ) ، يَعْنِي مَا رَخُص فَكَانَ رَخْصاً مِن البُقول
الرَطْبَة.
وقَلْبُ النَّخْلَة: جُمّارُها وَهِي شَطْبَةٌ بَيْضَاء
(9/143)
رَخْصةٌ فِي وَسَطها عِنْد أَعْلَاهَا
كأنَّها قُلْب فضّةٍ رَخْصٌ طيّبٌ يسمَّى قَلْباً لبياضه.
والقُلْب من الأسوِرَة: مَا كَانَ قَلْداً وَاحِدًا.
وَيَقُولُونَ: سِوارٌ قُلْب. وَيُقَال للجبّة البيضاءِ قُلْب تَشْبِيها
بِهِ.
وَقَالَ شمر: يُقَال: قَلْب وقُلْب لقَلب النَّخْلَة، ويُجمَع قِلَبة.
وَقَالَ غَيره: القُلْب بِالضَّمِّ: السَّقف الَّذِي يَطلِعُ من
القَلْب. والقُلْب هُوَ الجُمّار.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلْب: تحويلُك الشيءَ عَن وجهِه. وكلامٌ مقلوب،
وَقد قلبتُه فانقلَب، وقلّبتُه فتقلّب. والقَلْبُ: صَرْفُك الرجلَ عَن
جهةٍ يريدُها. والمُنْقَلب: مَصيرُ الْعباد فِي الْآخِرَة.
والقُلَّب الحُوَّل: الَّذِي يقلّب الأمورَ ويصرِّفُها ويحتال
لاتِّساقها.
ورُوي عَن مُعَاوِيَة أنَّه كَانَ يقلَّب على فرَاشه فِي مَرَضه
الَّذِي مَاتَ فِيهِ.
فَقَالَ: (إنّكم لتُقلّبون حُوَّلاً قُلّباً إنْ وُقِيَ هَوْلَ
المُطّلَع) .
وَقَالَ اللَّيْث: القَليب: الْبِئْر قَبل أَن تُطْوَى، فَإِذا طُويتْ
فَهِيَ الطَوِيّ، وَجمعه القُلَب.
وَقَالَ ابْن شُميل: القَليب: اسمٌ مِن أَسمَاء الرَّكيّ مطويّةً أَو
غير مطويّة، ذَات مَاء أَو غير ذَات مَاء جَفْراً أَو غيرَ جَفْر؛
والجميع القُلب.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقَالَ غَيره: الْبِئْر العادية: الْقَدِيمَة،
مطويّةً كَانَت أَو غير مطويّة. ذَات مَاء أَو غير ذَات مَاء، جفر أَو
غير جفر.
وَقَالَ شمر: القَليب: اسمٌ مِن أَسمَاء الْبِئْر البَدِيء والعاديّة،
وَلَا يُخَصّ بهَا العاديّة. قَالَ: وسمِّيت قليباً لأنّ حافرَها قَلَب
تُرابها.
وَقَالَ اللَّيْث: القِلِّيب والقِلَّوْب: الذِّئبُ بلُغة أهل اليَمَن.
وَبَعْضهمْ يَقُول: قِلاَّب. وَمِنْه قولُه:
أَيا جَحْمَتَا بكيِّ على أمّ واهِبِ
قتيلة قَلِّوْب بِإِحْدَى الذنائبِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي القِلّيب والقِلَّوْب نَحوا مِنْهُ.
والقَلَب: انقلاب فِي الشَفَة، فَهِيَ قَلْباء وصاحبُها أَقْلَب.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المفضّل بن سَلَمة فِي قَوْلهم: مَا
بِهِ قَلَبة.
قَالَ الأصمعيّ: أَي مَا بِهِ دَاء، وَهُوَ القُلاَب، داءٌ يَأْخُذ
الْإِبِل فِي رؤوسها فيَقلِبُها إِلَى فَوق.
(9/144)
قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: مَا
بِهِ عِلّةٌ يُخْشى عَلَيْهِ مِنْهَا؛ وَهُوَ مَأْخُوذ من قَوْلهم.
قُلِب الرجل: إِذا أَصَابَهُ وجعٌ فِي قَلْبه وَلَيْسَ يكَاد يُفْلِتُ
مِنْهُ.
قَالَ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أصل ذَلِك فِي الدوابّ. أَي: مَا بِهِ
داءٌ يقلَّب مِنْهُ حَافره.
وَأنْشد:
وَلم يُقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ
وَلَا لِحَبْلَيه بهَا حَبَارُ
قَالَ: وَقَالَ الطائيّ: مَعْنَاهُ: مَا بِهِ شَيْء يُقْلقُه فيتقلَّب
مِن أجلِه على فراشِه.
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيُ: إِذا عاجَلَت الغُدَّة البعيرَ فَهُوَ
مَقْلوب. وَقد قُلِب قُلاَباً.
وَقَالَ اللَّيْث: مَا بِهِ قَلَبَةٌ، أَي: لَا دَاء وَلَا غائلة.
وَيُقَال: قَلَب عينَه وحِمْلاقَه عِنْد الوَعيد وَالْغَضَب.
وَأنْشد:
قالبَ حملاَقَيْهِ قد كَاد يُجَنْ
قَالَ: والقالَب دَخيل. وَمِنْهُم من يَقُول: قالِب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: القُلْبَة: الحُجْرة.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ فِي لغةِ بلحارث بن كَعْب: القالِب: البُسْر
الْأَحْمَر يُقَال مِنْهُ: قَلَبتِ الْبسْرة تَقْلِبُ إِذا احمرّت.
أَبُو عبيد: هُوَ عَرَبيٌّ قَلْب، وَامْرَأَة عربيَة قَلْبَةٌ وقَلْب،
وَكَذَلِكَ هُوَ عَرَبيٌّ مَحْض.
وَقَالَ أَبُو وَجْزة يصف امْرَأَة:
قَلَبٌ عَقيلةُ أقوامٍ ذَوي حَسَب
يَرمِي المقانبُ عَنْهَا والأراجيلُ
وَقَالَ أَبُو زيد: قلبتُ فلَانا: إِذا أصبتَ قَلْبَه، فَهُوَ مَقْلوب.
وقَلَبتُ المملوكَ عِنْد الشِّرَى أَقلِبه قَلْباً: إِذا كشفْتَه
لتَنظُر إِلَى عيوبه.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: أقْلَبَت الخُبزةُ: حانَ لَهَا أَن تُقْلَب.
وَقَالَ غَيره: قَلَب المعلِّم الصِّبيانَ قَلْباً: إِذا رَجَعُهم إِلى
مَنَازِلهمْ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للبليغ من الرِّجَال: قد رَدَّ: قالَبَ
الْكَلَام، وَقد طَبَّق المَفْصِل، ووَضَع الهِناءَ مَوَاضِع
النُّقْبِ.
لقب: قَالَ اللَّيْث: اللَّقَب: النّبَز، اسْم غير الَّذِي سُمِّي
بِهِ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ} (الحجرات: 11)
.
يَقُول: لَا تَدْعُوا الرجلَ إلاَّ بأحبّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ} يَقُول:
لَا يَقُول الْمُسلم لمن كَانَ يهوديّاً أَو نَصْرَانِيّا فَأسلم: يَا
يهوديُّ يَا نصرانيُّ، وَقد آمن.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لقّبتُ فلَانا تلقيباً. ولَقَّبْتُ الاسمَ
بالفِعل تَلْقيباً: إِذا جعلتَ لَهُ
(9/145)
مِثالاً مِن الفِعْل، كَقَوْلِك للجَوْرَب:
فَوْعَل.
بلق: قَالَ اللَّيْث: البَلَق والبُلْقَة: مصدر الأبلق.
يُقَال للدابة أَبْلَق وبَلْقاء، والفِعلَ بَلِقَ يَبْلَق.
وَالْعرب تَقول: دابّةٌ أبلَق. وجَبَل أبْرَق. وجَعل رُؤبة الجبالَ
بُلْقاً فَقَالَ:
بَادَرْنَ رِيحَ مَطَرٍ وبَرْقاً
وظُلمةَ الليلِ نِعافاً بُلْقَا
وَيُقَال: ابلَقَّ الدابَّةُ يَبْلَقُّ ابلِقاقاً، وابلاَقَّ
ابلِيقاقاً، وابلَوْلَقَ ابليلاقاً فَهُوَ مبلَقٌّ ومبلاقٌ وأبلق.
وقلَّما تراهم يَقُولُونَ: بَلِقَ يَبْلَق، كَمَا أنَّهم لَا
يَقُولُونَ: دَهِمَ يَدْهَم وَلَا كَمِتَ يَكْمَتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البَلُّوقة وَالْجمع البَلاليق، وَهِي مَوَاضِع لَا
يَنْبُت فِيهَا الشّجر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: السبارِيتُ الأَرَضون الَّتِي لَا شَيْء فِيهَا،
وَكَذَلِكَ البَلاليق والمَوَامِي.
وَقَالَ اللَّيْث: بَلَقْتُ البابَ فانبَلَقَ: إِذا فتحتَه كلَّه وَفِي
لُغَة أَبلقْتَ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: بَلَقْتُ البابَ وأبلَقْتُه بِمَعْنى
وَاحِد، أَي: فَتحته.
عَمْرو عَن أَبِيه: البَلْق: فتح كَعْبة الْجَارِيَة.
وَأنْشد لفتًى من الحيّ:
رَكَبٌ تَمَّ وتَمَّت رَبَّتُه
قد كَانَ مَخْتُومًا ففُضّتْ كُعْبتُه
قَالَ: والبَلَق: الحُمقُ الَّذِي لَيْسَ بمُحْكَم بَعْدُ.
وَقَالَ أَبُو نصر: البَلَق: بَلَقُ الدَّابَّة. قَالَ: والبَلَق:
الفِسْطاط.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
فليأت وسط قبابِه بَلَقِي
وليأت وَسطَ حمِيهِ رَحْلي
وَقَالَ أَبُو خَيرة: البَلُّوقة: مكانٌ صُلْب بَين الرِمال كَأَنَّهُ
مَكْنوس، وَيَزْعُم الْأَعْرَاب أنَّه مِن مسَاكِن الجنّ.
شمر عَن الفرّاء: البَلُّوقة: أرضٌ وَاسِعَة مُخْصِبة لَا يشارِكُك
فِيهَا أحد، وجمعُها بَلاليق.
يُقَال: تركتُهمْ فِي بَلُّوقة مِن الأَرْض.
قَالَ: وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: البَلُّوقة: مَكَان فسيحٌ من
الأرضِ، بسيطةٌ تنْبت الرُّخامَى لَا غَيرهَا.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ المؤرِّج.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف الثور:
يَرُودُ الرُّخامَى لَا تَرَى مُسْتَرادَه
ببَلُّوقةٍ إلاّ كثير المَحافِرِ
أَرَادَ أَنه يَستثير الرُّخامى.
لبق: قَالَ أَبُو بكر: اللَّبِق: الحلو الليِّن الْأَخْلَاق.
قَالَ: وَهَذَا قَول ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: وَمن ذَلِك الملبّقة، إِنَّمَا سمِّيت ملبَّقة
(9/146)
للينها وحلاوتها.
وَقَالَ قوم: مَعْنَاهُ: الرفيق اللَّطِيف الْعَمَل.
قَالَ رؤبة:
قبّاضة بَين العنيف واللَّبِق
أَبُو زيد: اللَّبِقة من النِّسَاء: الْحَسَنَة الدل اللبيبة الصناع.
وَقَالَ الْفراء: اللبِقة: الَّتِي يشاكلها كلُّ لباسٍ وطِيب.
قَالَ اللَّيْث: رجل لَبِق وَيُقَال: لَبيق، وَهُوَ الرفيق بكلِّ عمل،
وَامْرَأَة لَبيقة: لَطِيفَة رقيقَة ظريفة، ويَلْبَقُ بهَا كلّ ثوب.
وَهَذَا الْأَمر يَلبَق بك، أَي: يَزْكو بك ويوافقك. والثريد
المُلَبَّق: الشَّديد التثْريد.
وَفِي الحَدِيث: أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (دَعَا بثريدةٍ
ثمَّ لَبَّقَها) .
قَالَ أَبُو عبيد: أَي جمَعَها بالمِقْدحة.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن المظفَّر: لُبِّقت الثريدةُ: إِذا لم تكن
بِلَحْم.
وَقيل: ثريدة ملبَّقةٌ: خُلِطَتْ خَلْطاً شَدِيدا.
ق ل م
قلم، قمل، لمق، لقم، ملق، مقل: مستعملات.
لمق: قَالَ اللَّيْث: اللَّمَقُ: لَمَقُ الطَّرِيق، وَهُوَ قلب لَقَّم.
وَقَالَ رؤبة:
ساوَى بأيديهنّ مِن قَصْد اللَّمَقْ
اللِّحيانيّ: خَلِّ عَن لَمَقِ الطَّرِيق ولَقَمه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نمقته أنمِقه نمقاً، ولمقته ألمقه لمقاً:
كتبته.
شمر: لمقت من الأضداد، بَنو عقيل يَقُولُونَ: لمقت كتبت.
وَسَائِر قيس يَقُولُونَ: لمقت: محوت.
الْفراء: لمقتُ عينَ الرجل لَمْقاً: إِذا رميتَها فأصَبْتَها.
أَبُو عبيد عَنهُ قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا ذُقْتُ لمَاقاً وَلَا
لمَاجاً.
قَالَ: واللَّمَاق يُصلح فِي الْأكل وَالشرب. وأنشدنا لنهشَل بن
حَرِّيّ:
كبرقٍ لَاحَ يُعجِب مَن رَآهُ
وَلَا يَشفي الحَوائم مِنْ لماقِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّمْق: اللّطْم.
يُقَال: لمقْتُه لَمْقاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللُّمُق: جمعُ لامِق، وَهُوَ الَّذِي
يَبدأ فِي شَرِّه يَصْفِقُ الحَدَقَة.
يُقَال: لمق عينَه: إِذا عَوَّرَها.
لقم: أَبُو عبيد عَن الْفراء: لقمتُ الطَّرِيق وَغير الطَّرِيق ألقُمه
لَقْماً: سَدَدْتُ فمَه. واللقَم محرَّك: معظَم الطَّرِيق. غَيره:
لقمتُ اللقْمة ألقَمها لَقْماً: إِذا أخذْتَها بفيك. وألقمتُ غَيْرِي
لُقْمة فلقمِها، والتقمْتُ لُقْمةً ألتَقِمها الْتِقاماً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَلقَمَ البعيرُ عَدْواً: بَيْنَمَا
(9/147)
هُوَ يَمشي إذْ عَدا، فَذَلِك الإلقام.
وَقد ألقمَ عَدْواً وألقمتُ عدوا.
وَقَالَ اللَّيْث: لقمُ الطّريقِ: منفرَجُه، تَقول: عَلَيْكَ بلَقَم
الطّريق فالزَمْه.
واللُّقمة: اسمٌ لما يهيّئُه الْإِنْسَان للالتقام.
واللَّقمة: أكلُها بمَرّة. تَقول: أكلت لُقمةً بلَقمتيْن، وأكلتُ
لُقمتين بلقْمة. وأَلقمتُ فلَانا حَجَراً.
قلم: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذْ يُلْقُون أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ
يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (آل عمرَان: 44) .
قَالَ الزّجاج: الأقلام: هَا هُنَا القِداح، قَالَ: هِيَ قِداحٌ جعلُوا
عَلَيْهَا علاماتٍ يَعرفون بهَا مَن يكفُل مَرْيَم على جِهَة القُرَعة.
قَالَ: وَإِنَّمَا قيل للسَهْم قَلَم لأنّه يُقلَم، أَي: يُبْرَى.
وكلُّ مَا قطعتَ مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء فقد قلَمته من ذَلِك القَلَم
الَّذِي يُكتَب بِهِ، وإنّما سمّي قَلَماً لأنّه قُلِم مَرّةً بعد
مرّة. ومِن هَذَا قيل: قلّمت أظفاري.
سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال للمقراض المقلام والقلمان والجلمان وَنَحْو
ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: قلمت الشَّيْء: بريته.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَلَمة: العُزّاب من الرِّجَال،
الْوَاحِد قَالم، وَنسَاء مقلَّمات.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَلَم: طول أيْمَةِ الْمَرْأَة،
وَامْرَأَة مقلَّمة، أَي: أيِّمٌ.
قَالَ: وَنظر أعرابيٌّ إِلَى نسَاء فَقَالَ: إنِّي أظنّكنّ مقلَّمات
بِغَيْر أَزوَاج.
شمر: المِقْلم: طرف قضيب الْبَعِير وَفِي طَرَفه حُجْنة، فَتلك
الحُجْنة المقْلَم. وجمعُه مَقالم.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلْم: قطع الظُّفر بالقلَمين وبالقَلَم، وَهُوَ
واحدٌ كلّه.
قَالَ: والقُلاَمة هِيَ المقلومة عَن طَرَف الظُّفر.
وَأنْشد:
لما أَبَيْتُم فَلم تَنْجُوا بمظلِمة
قِيسَ القُلامةِ مِمَّا جَزَّهُ الجَلَمُ
والقُلاَّم: القاقُلَّى.
وَقَالَ لبيد:
مسجورةً متجاوِراً قُلاَّمُها
قلتُ: والقُلاّم من الحَمْض لَا ساقَ لَهُ.
والإقليم: وَاحِد الأقاليم، وَأَحْسبهُ عربيّاً. وَأهل الْحساب
يَزْعمُونَ أنَّ الدُّنْيَا سَبْعَة أقاليم كلّ إقليمٍ مَعْلُوم.
وقَول الفرزدق:
رَأَتْ قريشٌ أَبَا العَاصِي أحقَّهمُ
بِاثْنَيْنِ: بالخاتم الميمون والقلمِ
قيل: أَرَادَ بالقلم الْقَضِيب الَّذِي يختصر بِهِ، سمِّي قَلما
لِأَنَّهُ يُقلم، أَي: يقطع من شَجَرَة وينقّح للاختصار بِهِ. والقلْم:
الْقطع. وَقيل: أَرَادَ بالقلم الْخلَافَة. وَذُو القلمين كَانَ وزيراً
لبَعض الْخُلَفَاء. كأنَّه
(9/148)
سمِّي إقليماً لأنَّه مقلومٌ من الإقليم
الَّذِي يُتاخمه، أَي: مَقْطُوع عَنهُ.
ملق: قَالَ اللَّيْث: المَلَق: الوُدُّ واللُّطْف الشَّديد.
قَالَ العجّاج:
إيّاك أَدْعو فتَقبَّل مَلَقي
قَالَ: يَعْنِي دُعائي وتضرُّعي.
وَيُقَال: إنّه لمَلاّق متملِّق ذُو مَلق، وَلَا يُقَال مِنْهُ فَعَل
يَفعَل، إلاّ على يتملَّق.
الحَرّانيُّ عَن ابْن السّكيت: المَلْق: الرّضعُ.
يُقَال: مَلَقَ الجَدْيُ أُمَّه يَملقُها: إِذا رضعَها. والمَلْقُ
أَيْضا: المرُّ الْخَفِيف.
يُقَال: مرَّ يَملُق الأَرْض مَلْقاً، وَيُقَال: مَلَقه مَلقاتٍ: إِذا
ضرَبه. والمَلق من التملّق، وَأَصله من التليين.
وَيُقَال للصَّفاة الملساء اللَّينة مَلَقة، وَجَمعهَا مَلَقات.
قَالَ الهُذَلي:
أتيحَ لَهَا أقَيْدِرُ ذُو حَشِيفٍ
إِذا سامَتْ عَلَى المَلقات ساما
وَقَالَ الراجز:
وحَوْفل ساعِدُهُ قد امَّلقْ
أَي: لانَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإملاق: كَثْرَة إِنْفَاق المَال وتبذيرُه حتَّى
يُورِّث حَاجَة.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ امْرَأَة سَأَلت ابنَ عَبَّاس: أَأُنفق مِن
مَالِي مَا شئتُ؟ قَالَ: نعم أمْلِقِي من مَالك مَا شِئْت.
قَالَ الله: {خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} (الْإِسْرَاء: 31) ، مَعْنَاهُ خشيَة
الْفقر وَالْحَاجة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: إنّه لمُملِق، أَي: مُفْسِد. والإملاق:
الْإِفْسَاد.
وَقَالَ شمِر: أَمْلق لَازم ومُتعدّ، يُقَال: أَمْلق الرجُل فَهُوَ
مُملق: إِذا افتقَر فَهَذَا لازمٌ. وأَمْلق الدَّهرُ مَا بِيَدِهِ.
وَقَالَ أَوْس بن حَجَر:
لما رأيتُ العُدْمَ قَيّدَ نَائِلي
وأَمْلَق مَا عِنْدِي خُطوبٌ تَنَبَّلُ
وَقَالَ اللَّيْث: المالَق: الَّذِي يملِّسُ بِهِ الحارثُ الأرضَ
المُثَارَةَ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال لمالج الطيان مالق ومِمْلَق.
وَقَالَ النَّضر: قَالَ الجَعْديّ: المالق: خشبةٌ عريضةٌ تُشَدُّ
بالحبال إِلَى ثَوْرَيْن يقوم عَلَيْهَا رجلٌ ويجرُّها الثوران فتعفِّي
آثَار السِّنّ.
وَقد مَلَّقوا الأَرْض تمليقاً: إِذا فعلوا ذَلِك بهَا.
قلتُ: مَلَّقُوا وملَّسُوا وَاحِد، وَهِي تمليس الأَرْض، فكأَنّه جعل
المالق عربيّاً.
وَقَالَ غَيره: مَلَق الرجُلُ جاريتَه ومَلَجَها:
(9/149)
إِذا نَكَحَهَا كَمَا يَمْلُق الجَدْي
أُمَّه: إِذا رَضَعها.
أَبُو عبيد: مَلَقْتُ الثَّوْبَ أملُقُه مَلقاً: إِذا غَسَلْتَه.
وَقَالَ خَالِد بن كُلْثُوم: الملِق من الْخَيل: الَّذِي لَا يوثق
بجَرْيه، أُخِذَ من مَلق الْإِنْسَان الَّذِي لَا يَصْدُق فِي مودَّته.
وَقَالَ الجعديّ:
وَلَا مَلِق يَنْزُو ويُنْدِرُ رَوْثَه
أحادَ إِذا فأسُ اللِّجام تَصَلصَلاَ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الملق: الضَّعِيف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ مَلِقٌ وَالْأُنْثَى ملقة، والمَصْدَر
الملَق، وَهُوَ أَلْطَفُ الحُضْر وأسرعُه.
وَأنْشد بَيت الجَعْدِيّ.
وَيُقَال: وَلَدَتْ الناقةُ فَخرج الْجَنين مَلِيقاً من بَطنهَا، أَي:
لَا شَعَرَ عَليه. والملَق: المُلوسَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الْجَنين مَليط بِالطَّاءِ بِهَذَا الْمَعْنى.
عَمْرو عَن أَبِيه: الملَق: الليِّنُ من الْحَيَوَان والكلامِ
والصُّخُور.
وَفِي حديثِ عَبيدةَ السَّلْمانيّ: أنَّ ابنَ سِيرِين قَالَ لَهُ: مَا
يُوجب الْجَنابة؟ قَالَ: (الرَّفُّ والاستملاق) . الرفّ: المصُّ.
والاستملاق مَنْ مَلق الجديُ أمّه إِذا رضَعَها. وَأَرَادَ أنَّ
الَّذِي يُوجب الغُسل امتصاصُ فمِ رحم الْمَرْأَة ماءَ الرجل: إِذا
خالطها، كَمَا يَرضَع الرضيعُ إِذا لَقِمَ حَلمةَ الثدي.
مقل: قَالَ اللَّيْث: مُقلةُ العَين: سوادُها وبياضُها الَّذِي يَدُور
كُله فِي الْعين، يُقَال: مَقَلْتُه بعيني ومَا مقَلَتْ عينايَ مِثله،
أَي: مَا أبصرَتْ.
ابْن الأنباريّ قَوْلهم: مَا مقَلتْ عَيْني مثله، أَي: مَا رَأَتْ
وَلَا نظرت، وَهُوَ فعلت من المُقْلة، وَهِي الشحمة الَّتِي تجمع سوادَ
الْعين وبياضَها.
والحدَقة: السوَاد دون الْبيَاض.
وَقَالَ: سَمِعت بالغَرَّاف يَقُولُونَ: سَخِّن جبينك بالمقْلة. شبه
عينَ الشَّمْس بالمقلة.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُقْلة: العَين كلهَا،
وَإِنَّمَا سميت مقلة لِأَنَّهَا ترمي بالنَّظر. والمَقْل: الرَّمْي.
وَقَالَ غَيره: المقلة: تجمع سَواد الْعين وَالْبَيَاض تَحت الجفن.
والحدقة: السوَاد لَا غير. وَفِي الحدقة الإنسانُ، وَفِي الْإِنْسَان
الناظرُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المَقْلة: الحصاةُ الَّتِي يُقسم عَلَيْهَا
المَاء فِي السَّفَر إِذا قَلَّ، فتُلقَى فِي قَدَح ويُصَبُّ عَلَيْهَا
من المَاء مَا يَغمرُها.
وَأنْشد ليزِيد بن طُعْمة الخطمِيُّ:
(9/150)
قَذَفوا سَيِّدَهم فِي وَرْطَةٍ
قَذْفَكَ المَقْلَةَ وَسْطَ المعتَرَكْ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا وَقَع الذُّبابُ
فِي إِنَاء أحدكُم فامْقُلوه، فَإِن فِي أحد جناحَيْه سَمّاً وَفِي
الآخر شِفاء وَإنَّهُ يؤخِّر الشِّفَاء ويقدِّم السُّمّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله فامقُلوه، يَعْنِي فاغمسوه فِي الطَّعَام أَو
الشَّرَاب ليُخرج الشفاءَ كَمَا يُخرجُ الدَّاء.
والمَقْل: الغَمْس: وَيُقَال للرجُلين إِذا تفاطَّا فِي المَاء، هما
يتماقلان.
قَالَ: والمَقْل فِي غير هَذَا النَّظر.
رُوِيَ فِي الحَدِيث: أَن ابْن لُقْمَان الْحَكِيم قَالَ لِأَبِيهِ:
أَرَأَيْت الْحبَّة الَّتِي تكون فِي مَقْل الْبَحْر؟ أَي: فِي مَغاص
الْبَحْر. يُقَال: مقل يمقُل: إِذا غاص وَيُقَال: نَزَحت الْبِئْر
حَتَّى بلغت مقلها، أَي: قعرها.
وَقَالَ اللَّيْث: المقْلُ: ضَرْبٌ من الرَّضَاع.
وَأنْشد فِي وصف الثَّدى:
كثَديِ كَعابٍ لم يُمَرَّثَ بالمَقلِ
قَالَ: نَصَب الثَّاء على طلب النُّون.
قلت: وكأنَّ المقْل مقلوبٌ من المَلْق، وَهُوَ الرَّضاع.
قَالَ؛ والمُقْل: حَمْلُ الدَّوْم. والدوْمُ: شجرةٌ تشبه النَّخلة فِي
حالاتها.
قَالَ: والمُقْل: الكُنْدُر الَّذِي تتدخِّن بِهِ الْيَهُود، ويُجعَل
فِي الدَّوَاء.
وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: لَا نَعرف المقْل المغْمس، ولكنَّ المقْل
أَن يُمقَل الفَصيلُ الماءَ إِذا آذاه حَرُّ اللَّبن فيؤجر المَاء
فَيكون لَهُ دَوَاء، وَالرجل يَمرَض وَلَا يسمع شَيْئا فَيُقَال:
امقلوه الماءَ واللبنَ وشيئاً من الدَّوَاء، فَهَذَا المقْل الصَّحِيح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا لم يَرضع الفَصيل أُخِذ لسانُه ثمَّ
صُبَّ الماءُ فِي حَلْقِه وَهُوَ الْمقل. وَقد مَقَلْتُه مَقْلاً.
قَالَ: وربَّما خرج على لِسَانه قُروحٌ فَلَا يَقدِر على الرَّضَاع
حَتَّى يُمقَل.
وَأنْشد:
إِذا استَحَرَّ فامْقُلوه مَقْلا فِي الحَلْق واللَّهاةِ صُبُّوا
الرِّسْلا وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي مسح الْحَصَى فِي الصَّلَاة
قَالَ: مرّة، وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة لمقْلة.
قَالَ أَبُو عبيد: المقلة هِيَ الْعين. يَقُول: تَركهَا خير من مائَة
نَاقَة يختارها الرجل على عينه وَنَظره كَمَا يُرِيد.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: مَعْنَاهُ: أَنه ينفقها فِي
سَبِيل الله.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ كَمَا قَالَ الأوزاعيّ، وَلَا يُرِيد أَنه
يقتنيها.
وَقَالَ: أمقلته، أَي: أغضبته، وَيُقَال: أسمعته ذَا مَقَل، أَي: مَا
أغضبهُ.
(9/151)
وَقَالَ أَبُو وجزة:
فاسمع وَلَا تسمع لشيءٍ ذِي مَقَلْ
قمل: قَالَ اللَّيْث: القَمْل مَعْرُوف.
وَفِي الحَدِيث: (مِن النِّسَاء غُلٌّ قَمِل يقذِفها الله فِي عُنُق من
يَشَاء ثمَّ لَا يُخرجهَا إِلَّا هُوَ وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَغُلون
الْأَسير بالقدْ فيقمَل القِدّ فِي عُنقه.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: القَمَليّ من الرِّجَال: الحقير الصَّغِير
الشَّأْن.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رجلٌ قَمليّ: إِذا كَانَ بَدَوِيّاً
فَصَارَ سَوادِياً.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ
وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} (الْأَعْرَاف: 133) .
قَالَ الْفراء: القُمَّل: الدَّبى الَّذِي لَا أجنحةَ لَهُ.
قلت: وَهَذَا يُروَى عَن ابْن عَبَّاس مِن رِوَايَة ابْن الكلبيّ.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَالَ عِكْرِمَة فِي قَول الله:
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ} .
قَالَ: القُمل: الجنادب، وَهِي الصغار من الْجَرَاد، واحدتها قُمَّلة.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: يجوز أَن يكون وَاحِد القمَّل قاملاً، مثل:
رَاكِع وركّع، وصائم وصُيّم.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ:
القُمل: شيءٌ يَقع فِي الزَّرْع لَيْسَ بجراد فيأكل السُّنبلةَ وَهِي
غَضَّة قبل أَن تخرج فَيطول الزرعُ وَلَا سُنبلَ لَهُ.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيدةَ: القُمَّل عِنْد الْعَرَب: الحَمْنان.
أَبُو عبيدٍ عَن أبي الْحسن العَدَوِيّ: القُمّل دوابُّ صِغارٌ من جنس
القِرْدان إِلَّا أَنَّهَا أَصْغَر مِنْهَا؛ واحدتها قُمَّلة.
وَقَالَ اللَّيْث: القُمَّل: دَوابُّ صغارٌ من جنس القِرْدان إِلَّا
أَنَّهَا أَصْغَر مِنْهَا، واحدتها قُمَّلة.
وَقَالَ اللَّيْث: القُمَّل: الذَّر الصغار، وَيُقَال: هُوَ شَيْء
أَصْغَر من الطَّير الصَّغِير، لَهُ جَناح أَحْمَر أكدَر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَمِل الْقَوْم: كَثُرُوا.
وقَمِل الرجل بعد هزال: إِذا سمن. وقمل رَأس الرجل.
وَأنْشد:
حَتَّى إِذا قملت بطونكُمُ
ورأيتم أبناءكم شبُّوا
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة قَمَليّة: قَصِيرَة جدّاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: قَمِل العَرْفَج قَمَلاً: إِذا اسوَدَّ
شَيْئا بعد مطر أصابَه فلانَ عودُه. شُبِّه مَا خرج مِنْهُ بالقمَّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِقْمَل: الَّذِي استَغنى بعد
فَقْر.
(9/152)
|