تهذيب اللغة
بَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الظَّاء
أهملت الظَّاء مَعَ الذَّال والثاء إِلَى آخر الْحُرُوف.
(أَبْوَاب الظَّاء وَالرَّاء)
ظ ر ل: مهمل.
ظ ر ن
اسْتعْمل من وجوهه: (نظر) .
نظر: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: نَظَرَ يَنظُرُ نَظَراً، قَالَ:
وَيجوز تَخْفيف الْمصدر، تَحْمِلُه على لفظِ العَامَّةِ من المصادر،
قَالَ وَتقول: نَظَرتُ إِلَى كَذَا وَكَذَا من نَظَرِ الْعين، ونَظَرِ
الْقلب.
وَيَقُول الْقَائِل للمُؤَمَّل يرجوه: إِنَّمَا أَنْظُر إِلَى الله
ثمَّ إِلَيْك، أَي إِنَّمَا أتوقع فَضْلَ الله ثمَّ فضلك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّظْرَةُ الرحمةُ والنظرةُ
اللَّمْحَةُ بالعَجَلة.
وَمِنْه الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعليّ:
(لَا تُتْبِعُ النظرةَ النظرةَ، فَإِن لَك الأولى ولَيْسَتْ لَك
الْآخِرَة) ، قَالَ: والنَّظْرَةُ الهَيْبَةُ.
قَالَ بعض الْحُكَمَاء: من لم يَعْمَل نَظَرهُ لم يَعْمَل لِسانُه،
وَمَعْنَاهُ: أنَّ النَّظْرةَ إِذا خَرجتْ بإنكار القلبِ عمِلتْ فِي
الْقلب وَإِن خرجتْ بإنكار العَيْن دونَ الْقلب، لم تَعْمل، وَيجوز أَن
يكون مَعْنَاهُ: إِن لم يعْمل فِيهِ نظرك إِلَيْهِ بالكَراهة عِنْد
ذَنْب أذنبه لم يفعل قَوْلك أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل فِيهِ نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ.
وَأنْشد شمر:
وَفِي الْهَام مِنْها نَظْرَةٌ وشُنُوعٌ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النَّظْرَة: الشُّنْعَةُ والقبحُ، يُقَال: إِن
فِي هَذِه الْجَارِيَة لَنَظْرةً إِذا كَانَت قبيحةً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: فِيهِ نَظْرةٌ
ورَدَّةٌ وجَبْلةٌ، إِذا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم: أنَّ أَبَا ليلى
الْأَعرَابِي قَالَ: فِيهِ رَدَّة أَي يَرْتَدُّ البَصَرُ عَنهُ مِن
قُبْحه، وَفِيه نَظْرةٌ أَي قُبْحٌ، وَأنْشد الرياشي:
لَقَدْ رَابَني أَنَّ ابنَ جَعْدَةَ بادِنٌ
وَفِي جِسْمِ لَيْلَى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى جَارِيَة
فَقَالَ: (إِن بهَا نَظْرَة فاسْتَرْقُوا لَهَا) .
قيل: مَعْنَاهُ أَن بهَا إصابةَ عينٍ من نظر
(14/264)
الجِنِّ إِلَيْهَا وَكَذَلِكَ بهَا
سَفْعَة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {طَعَامٍ غَيْرَ} (الْأَحْزَاب: 53) .
قَالَ أهل اللُّغَة: مَعْنَاهُ غير مُنْتَظِرين بلوغَه وإدراكَه،
يُقَال: نظرت فلَانا وانتظرته بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ اللَّيْث: فَإِذا قلت: انتظرت فَلم يُجَاوِزك فِعْلك فَمَعْنَاه:
وقفتَ وتمهلتَ.
وَقَوله تَعَالَى: {ءَامَنُواْ انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن} (الْحَدِيد:
13) قرىء (انظرونا) و (أنظرونا) بِقطع الْألف، فَمن قَرَأَ أُنظُرونا
بِضَم الْألف فَمَعْنَاه انْتظِرونا، وَمن قَرَأَ أَنظِرونا فَمَعْنَاه
أَخِّرُونا.
وَقَالَ الزّجاج: قيل: إِن معنى أَنْظرونا انْتظرونا أَيْضا.
وَمِنْه قَول عَمْرو بن كُلْثُوم:
أَبَا هِنْدٍ فَلا تَعْجَلْ علينا
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا
وَقَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب: أَنْظِرْني: أَي انْتَظِرْني
قَلِيلا.
وَيَقُول الْمُتَكَلّم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أبْتَلعْ ريقي أَي
أَمْهِلْني، وَيُقَال: بِعْتُ فُلاناً شَيْئا فأَنْظَرْتُه، أَي
أَمْهلتُه، وَالِاسْم مِنْهُ النَّظِرةُ.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: اشتريْتُه مِنْهُ بِنَظِرة وبإِنْظار.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (الْبَقَرَة:
280) أَي إنظار، واستنظر فُلانٌ فُلاناً من النَّظِرَة، والتَّنَظُّر
تَوقُّعُ الشَّيْء، والمناظرة أَن تُناظِر أَخَاك فِي أَمر إِذا نظرتما
فِيهِ مَعًا كَيفَ تأتيانه؟ والمَنْظَرَة مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت
إِلَيْهِ فأعجبك أَو ساءك وَتقول: إِنَّه لذُو مَنْظَرةٍ بِلَا
مَخْبَرة.
قَالَ والمنْظَرة مَوْضعٌ فِي رَأس جَبل فِيهِ رَقيبٌ يَنْظُر العَدوَّ
ويحرُسُه، والمنْظَر مصدرُ نَظَر، والمنْظرُ الشيءُ الَّذِي يُعجِبُ
النَّاظر إِذا نظر إِلَيْهِ فَسَرَّهُ.
وَتقول: إِن فلَانا لفي مَنْظَرٍ ومُسْتَمعٍ وَفِي رِيَ وَمَشْبَعٍ أَي
فِيمَا أحَبّ النّظر إِلَيْهِ وَالِاسْتِمَاع.
وَيُقَال: لقد كنتُ عَن هَذَا الْمقَام بِمَنْظرٍ أَي بمَعْزِلٍ فِيمَا
أَحْبَبْت.
وَقَالَ أَبُو زُبيْد يُخَاطب غُلَاما لَهُ قد أَبَق فَقُتِلَ:
لقد كنتَ فِي مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ
عَن نَصْرِ بَهْراءَ غيرَ ذِي فَرَس
وَتقول الْعَرَب: إنَّ فلَانا لشديد النَّاظر إِذا كَانَ بَرِيئًا من
التُّهْمَة، ينظر بملء عَيْنَيْهِ، وشديد الْكَاهِل أَي منيع
الْجَانِب.
قَالَ: ونَظارِ كقوْلِكَ انْتَظِرْ، اسْم وُضع مَوضع الأمْرِ، ونَاظِرُ
الْعين النُّقطةُ السَّوْدَاء الصَّافية الَّتِي فِي وسط سَواد الْعين،
وَبهَا يَرَى النَّاظر مَا يَرَى.
وَقَالَ غَيره: الناظِرُ فِي الْعين كالمِرْآة إِذا استَقْبلتَها
أبصرتَ فِيهَا شَخْصَك.
(14/265)
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ:
النَّاظِران عِرقان مُكْتَنِفا الأنْفِ وَأنْشد:
وأَشْفِي مِن تَخَلُّجِ كلِّ جِنَ
وأَكْوِي النَّاظِرَيْن مِن الخُنَانِ
وَقَالَ الآخر:
وَلَقَد قَطَعْتُ نَواظِراً وحَسَمْتُها
مِمّن تَعَرَّض لِي من الشُّعَراءِ
وَقَالَ أَبُو زيد: هما عِرقان فِي مَجْرى الدَّمع على الأَنف من
جَانِبَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان نظيرُك أَي مِثْلُك لِأَنَّهُ إِذا نَظَرَ
إِلَيْهِمَا الناظرُ رآهما سَوَاء، قَالَ: والتَّأْنِيثُ النَّظِيرةُ،
والجميع النَّظَائِر فِي الْكَلَام والأشياء كلهَا.
قَالَ: ومَنْظُورٌ اسْم رجل، والمنظور الَّذِي يُرْجَى خَيره.
وَيُقَال: مَا كَانَ هَذَا نظيراً لهَذَا، وَلَقَد أنْظَرَ بِهِ وَمَا
كَانَ خَطِيراً، وَلَقَد أَخْطَرَ بِهِ، والمنْظورُ أَيْضا الَّذِي
أَصَابَتْه نَظْرةٌ، ونظيرُك أَيْضا الَّذِي يُناظِرك وتُناظِرهُ.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: لقد عرفتُ النَّظَائِر الَّتِي كَانَ
رَسُول الله يقوم بهَا، عشْرين سُورَة من المفصَّل يَعْنِي سُوَر
المفصَّل، سميت نَظَائِر لاشتِباه بعضِها بِبَعْض فِي الطول، وَقَول
عَدِي: لم تُخطِىء نِظارتي، أَي فِراستي.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {الاَْخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ
إِلَى رَبِّهَا} (الْقِيَامَة: 22، 23) ، الأولى بالضاد والأخيرة
بالظاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَضِرتْ بنعيم الْجنَّة والنَّظر إِلَى ربّها.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {) يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ}
(المطففين: 24) .
قلت: وَمن قَالَ: إنَّ مَعْنى قَوْله: إِلَى ربِّها ناظرة بِمَعْنى
مُنْتظِرة، فقد أَخطَأ لِأَن العربَ لَا تَقول: نظرتُ إِلَى الشَّيْء
بِمَعْنى انْتظرتُه، إِنَّمَا تَقول: نظرتُ فلَانا أَي انتظرته وَمِنْه
قَول الحطيئة:
وَقد نَظَرتكُمُ أَبْنَاءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ طَال بهَا حَوْزِي وتَنْساسِي
فَإِذا قلت: نظرتُ إِلَيْهِ لم يكن إِلَّا بِالْعينِ، وَإِذا قلت:
نظرتُ فِي الْأَمر احْتمل أَن يكون تفكُّراً، وتَدَبُّراً بِالْقَلْبِ.
سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: فلانٌ نَظُورَةُ قومه ونَظِيرةُ قومه،
وَهُوَ الَّذِي يَنْظُر إِلَيْهِ قومه يتَمثَّلون مَا امتثله،
وَكَذَلِكَ هُوَ طرِيقتُهم بِهَذَا الْمَعْنى.
وَيُقَال: نَظِيرةُ القومِ وشَيِّفتُهم: أَي طَلِيعَتُهم، وفَرسٌ نظارٌ
إِذا كَانَ شَهْماً طامحَ الطَّرْف حَديدَ الْقلب.
وَقَالَ الراجز:
نأْيُ المعدَّين وأَيّ نَظَار
قَالَ أَبُو نخيلة:
يتبعن نَظَّارَّيةً لم تُهْجَمِ
نظَّاريَّةٌ: ناقةٌ نجيبةٌ من نِتاج النظَّار وَهُوَ
(14/266)
فَحل مُنْجبٌ من فحول الْعَرَب.
وَقَالَ جرير:
والأرحَبِيُّ وجَدُّها النَّظَّارُ
لم تُهجَمْ: لَم تُحلَبْ.
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَا تُناظِرْ بِكِتَاب الله وَلَا بِكَلَام رسولِ
الله.
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ لَا تجْعَل شَيْئا نَظيراً لِكتاب الله
وَلَا لكَلَام رَسُول الله، يَقُول: لَا تتبَّع قولَ قائلٍ مَنْ كَانَ
وتدعهما لَهُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَيجوز أَيْضا مِن وجهٍ آخر، أَن تجعلهما مَثلاً
لِلشيء يُعرضُ مثل قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن
يذكرُوا الْآيَة عِنْد الشَّيْء يَعْرِض من أَمر الدُّنْيَا.
كَقَوْل الْقَائِل للرجل إِذا جَاءَ فِي الْوَقْت الَّذِي يُرِيد
صَاحبه: جئتَ على قَدَرٍ يَا مُوسَى، هَذَا وَمَا أشبهه من الْكَلَام.
وَحكى ابنُ السّكيت عَن امْرَأَة من الْعَرَب أَنَّهَا قَالَت
لزَوجهَا: مُرَّ بِي على بَنِي نَظَرِي وَلَا تَمُرَّ بِي على بنَاتٍ
نَقَرِي، أيّ مُرَّ بِي على الرِّجَال الَّذين نظرُوا إليَّ لم
يَعيبُوني من وَرائي، وَلَا تَمرَّ بِي على النِّسَاء اللواتي
يُنقِّرْن عَن عُيوب مَن مَرَّ بهنَّ.
وَالْعرب تَقول: دَاري تَنْظُر إِلَى دَار فلَان، ودُورُنا تَناظَرُ،
إِذا كَانَت مُتحاذِيةً، وَيُقَال للسُّلْطَان إِذا بَعَث أَميناً
يَسْتَبْرِىء أمْرَ جماعةِ قريةٍ: بعث نَاظرا.
وَقَالَ الأَصمعيّ: عددتُ إبل فلَان نَظَائِر أَي مَثْنى مَثْنى،
وعددتُها جَماراً إِذا عَدَدْتَها وأنتَ تنظرُ إِلَى جماعتها.
وَقلت: قَوْله تَعَالَى: {فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (الْأَعْرَاف:
129) أَي يرى مَا يكون مِنْكُم فيجازيكم على مَا يَشَاء، هَذِه مِمَّا
قد علم غيبه قبل وُقُوعه، فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون
وَأَنْتُم بُصَرَاء وَلَا عِلّةَ بكم؛ وَقَوله: {إِلاَّ بِأَهْلِهِ
فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ} (فاطر: 43) ، أَي هَل ينتظرون إِلَّا نزُول
الْعَذَاب بهم؛ وقَوله: {انظُرْنَا} (الْبَقَرَة: 104) أَي ارْقُبنا
وانتظِرْ مَا يكون منا.
ظ ر ف
اسْتعْمل من وجوهه: ظفر، ظرف.
(ظرف) : أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
يُقَال إِنَّك لغضيض الطَّرفِ نقي الظَّرف، قَالَ: الظّرْف دعاؤه بقول:
لست بخائن.
قَالَ اللَّيْث: الظرْفُ مَصْدر الظريف وَقد ظَرُفَ يَظْرُف وهم
الظرفاء وَتقول: فِتْيَةٌ ظروف أَي ظرفاء، وَهَذَا فِي الشّعْر يحسُن،
ونِسْوة ظِراف وظَرائف. وهُوَ البراعةُ وذكاءُ الْقلب، وَلَا يُوصف
بِهِ السَّيِّد وَلَا الشَّيْخ إِنَّمَا يُوصف بِهِ الفِتْيانُ
الأَزْوَالُ والفَتَيَات الزَّوْلاتُ وَيجوز فِي الشّعْر فِي مصدره
الظَّرافَة.
أَبُو بكر: قَالَ الْأَصْمَعِي وَابْن الْأَعرَابِي:
(14/267)
الظريف البليغ الْجيد الْكَلَام، وَقَالا:
الظّرْف فِي اللِّسَان واحتجا بقول عمر: إِذا كَانَ اللص ظريفاً لم
يُقْطَعْ مَعْنَاهُ، إِذا كَانَ بليغاً جيد الْكَلَام احتجَّ عَن نَفسه
بِمَا يُسقط عَنهُ الْحَد، وَقَالَ غَيرهمَا: الظريف الْحسن الْوَجْه
والهيئة.
وَقَالَ الْكسَائي: الظّرْف يكون فِي الْوَجْه وَاللِّسَان يُقَال:
لِسَان ظريف وَوجه ظريف، وَأَجَازَ مَا أظْرف لِسانُه، أظرفُ أم
وجْهُهُ؟ فِي الِاسْتِفْهَام.
قَالَ اللَّيْث: والظرف وِعاءُ كل شَيْء حَتَّى إِن الأبريق ظرف لما
فِيهِ، والصفاتُ فِي الْكَلَام الَّتِي تكون مَوَاضِع لغَيْرهَا تسمى
ظروفاً من نَحْو أمامَ وقُدّامُ، وَأَشْبَاه ذَلِك تَقول: خَلْفك زيدٌ،
إِنَّمَا انْتَصَبَ لِأَنَّهُ ظَرْف لما فِيهِ، وَهُوَ مَوضِع لغيره
وَقَالَ غَيْرُه من النَّحْوِيين: الْخَلِيل يُسمِّيها ظُروفاً،
وَالْكسَائِيّ يُسمِّيها المَحَالَّ، والفراءُ يسميها الصِّفات
وَالْمعْنَى وَاحِد، وَروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ: الظّرْفُ فِي اللِّسان والحَلاوة فِي العَيْنَين والمَلاَحَةُ
فِي الفَم، والجمالُ فِي الأَنْف، وَقَالَ مُحمد بن يزِيد: الظريفُ
مُشْتَقٌ من الظّرْف وَهُوَ الوِعاء كَأَنَّهُ جَعَل الظريفَ وِعاء
للأدب ومَكارِم الْأَخْلَاق وَيُقَال: فلَان يَتَظَرَّف وَلَيْسَ
بِظَرِيفٍ.
ظفر: قَالَ اللَّيْث: الظُّفْر ظُفْر الإصبع وظُفْر الطائِر والجميع
الأَظْفار وَجمع الْأَظْفَار أظافير لِأَن أظفار بِوَزْن إِعصار،
تَقول: أظافيرُ وأعاصيرُ قَالَ: وَإِن جاءَ ذَلِك فِي الشّعْر جَازَ
كَقَوْلِه:
حَتَّى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ
أَرَادَ جمَاعَة الأخدار، والأخدار جمَاعَة الخِدْر، وَلَا يُتكلّم
بِهِ بِالْقِيَاسِ فِي كلِّ ذَلِك سَوَاء، غير أَن السّمع آنس فَإِذا
ورد على الْإِنْسَان شيءٌ لم يَسمعه مُستعملاً فِي الْكَلَام استوْحَشَ
مِنْهُ فنفَرَ، وَهُوَ فِي الْأَشْعَار جَيِّد جائِزٌ، وَيُقَال للرجل:
إِنَّه لمَقْلُوم الظُّفْر عَن أَذَى النَّاس، إِذا كَانَ قَليلَ
الأَذِيَّة لَهُم، وَيُقَال للمَهِينِ الضّعيفِ: إِنَّه لَكَلِيلُ
الظُّفرُ لَا يَنْكِي عَدُوّاً، وَقَالَ طَرَفة:
لسْتُ بالفَانِي وَلَا كَلِّ الظُّفُر
وَيُقَال: ظَفَرَ فلانٌ فِي وَجه فلَان إِذا غَرَزَ ظُفْره فِي لَحْمه
فَعَقَره، وَكَذَلِكَ التَّطْفِيرُ فِي القِثَّاء والبِطِّيخ والأشياءِ
كلهَا، والأَظفارُ شَيْء من العِطْر أسودُ شَبيه بظُفْرٍ مُقتَلَفٍ من
أَصله يُجْعل فِي الدُّخْنَة وَلَا يُفْرَدُ مِنْهُ الواحدُ، وَرُبمَا
قَالَ بَعضهم: أَظْفَارةٌ واحدةٌ، وَلَيْسَ بجائزٍ فِي الْقيَاس
ويجمعونها على أَظَافِير، وَهَذَا فِي الطِّيبِ وَإِذا أُفْرِدَ شيءٌ
من نَحْوهَا يَنْبَغِي أَن يكُون ظُفْراً وفُوهاً وهم يَقُولُونَ:
أَظفارٌ وأظافيرٌ وأفواهٌ وأَفاويهُ لهذين العِطرين، والظَّفَرةُ
جُلَيْدة تُغشِّي العينَ تنبُتُ من تِلقاء المأْقِ،
(14/268)
وَرُبمَا قُطِعَتْ، وإنْ تُركتْ غَشِيَتْ
بصرَ الْعين حَتَّى يَكِلَّ وَيُقَال: ظُفِرَ فلانٌ فَهُوَ مَظْفور،
وَعين ظَفِرةٌ وَقد ظفِرتْ عينُه.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ظَفِرت العينُ إِذا كَانَ بهَا ظَفَرَة،
وَهِي الَّتِي يُقَال لَهَا: ظَفَرَةٌ وظُفْرٌ.
ابْن بُزُرْجَ: ظَفِرتْ عينُه وظَفَرتْ سَوَاء وَهِي الظَّفَارَةُ،
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
مَا القولُ فِي عُجَيِّزٍ كالحُمرَة
بِعَيْنِها من البُكاء ظَفَرَة
حَلَّ أبْنُها فِي السِّجْنِ وَسْط الكَفَرَة
شمر عَن الْفراء: الظَّفَرَةُ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ فِي الحَدَقة.
وَقَالَ غَيره: الظّفرة لحم ينْبت فِي بَيَاض الْعين، وَرُبمَا جلّل
الحدقة.
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّفَرُ الفوْزُ بِمَا طلبتَ والفَلَجُ على من
خاصمتَ، وَتقول: ظَفَّرَ اللَّهُ فُلاناً على فلانٍ، وَكَذَلِكَ
أَظْفَرَه اللَّهُ وظَفِرْتُ بِهِ فَأَنا ظافِرٌ بِهِ وَهُوَ مَظْفور
بِهِ.
وَتقول: أظْفَرني الله بِهِ، وَفُلَان مُظَفَّر لَا يَؤُوب إِلَّا
بالظَّفَر فَثُقِّلَ نَعْتُه لَلكثرة والمبالغةِ وَإِن قيل: ظَفَّرَ
اللَّهُ فلَانا أَي جَعَله مُظَفَّراً جَازَ وَحسن أَيْضا، وَتقول:
ظَفَّرَهُ عَلَيْهِ أَي غَلَّبَه عَلَيْهِ وَذَلِكَ إِذا سُئِل أيُّهما
أظْفَرُ فأَخْبَرَ عَن واحدٍ غَلَبَ الآخرَ فقد ظَفَّرهُ.
أَبُو زيد:
يُقَال: مَا ظَفَرَتْك عَيْنِي منذُ حِين أَي مَا رأَتْكَ مُنْذُ حِين،
وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَتْك عَيْني مُنْذُ حِين.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: إِذا طلع النَّبتُ قِيل: قد ظَفَّر
تَظْفيراً، قلت: وَهُوَ مَأْخُوذ من الْأَظْفَار.
ابْن الكسيت يُقَال: جَزْعٌ ظَفَارِيٌّ مَنْسُوب إِلَى ظَفَار، اسْم
مَدِينَة بِالْيمن، وَمِنْه قَوْلهم: من دَخَل ظَفَارِ حَمَّرَ أَي
تَعَلَّم الحِمْيَرِيَّة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: فِي السِّيَةِ الظُّفْرُ وَهُوَ مَا
وَرَاءَ مَعْقِدِ الوَتَر إِلَى طَرَف القَوْس.
وَقَالَ غَيره يُقَال للظُّفْرِ: أُظْفُورٌ وَجمعه أَظافيرُ وَأنْشد
فَقَالَ:
مَا بَيْن لُقْمتها الأُولى إِذا ازْدَرَدَتْ
وبَيْنَ أخْرَى تَليها قِيسُ أُظْفُورِ
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: تظافر القومُ عَلَيْهِ، وتظافروا وتظاهروا
بِمَعْنى وَاحِد، وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ
حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ} (الْأَنْعَام: 146) دخل فِي ذِي الظُّفْر
ذواتُ المناسِم من الْإِبِل والنَّعَم لِأَنَّهَا كلهَا كالأظفار
لَهَا.
ظ ر ب
ظرب، بظر: (مستعملة) .
(ظرب) : فِي حَدِيث الاسْتِسْقَاء: (اللَّهُمَّ على
(14/269)
الآكام والظِّرَابِ وبطون الأودية
والتِّلال) .
أَبُو عبيد قَالَ: الظِّرابُ الروابي الصِّغار، وَاحِدهَا ظَرِب.
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّرِب من الْحِجَارَة مَا كَانَ أَصله نَاتِئاً
فِي جبل أَو أَرض حَزْنة، وَكَانَ طَرَفُه النَّاتِىءُ محدَّداً،
وَإِذا كَانَ خِلْقَةُ الجَبل كَذَلِك سمي ظَرِباً وَقَالَ رؤبة:
شَدّاً يُشَظِّي الجَنْدَلَ المْظَرَّبَا
وَقَالَ الآخر:
إنَّ جَنْبِي عَن الفِراش لنابٍ
كتجافِي الأسَرِّ فَوقَ الظِّرابِ
وَكَانَ عَامر بن الظَّرِب مِن فُرسان بني حِمَّان بن عبد العزَّى.
وَقَالَ الْمفضل: المُظَرَّب الَّذِي قد لَوَّحته الظِّراب.
وَقَالَ غَيره: ظُرِّبَتْ حوافرُ الدَّابَّة تَظْرِيباً فَهِيَ
مُظَرَّبة إِذا صَلُبَتْ واشتدتْ.
وَقَالَ أَبُو مَالك فِي قَول لبيد يصف فرسا:
وَمُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحَالةِ سابِحٍ
بادٍ نَواجِذُه عَن الأظْرَابِ
قَالَ: يُقطِّع حَلَقَ الرِّحالة بوثُوبِه وتبدو نَوَاجذه إِذا وَطِىءَ
على الظراب أَي كَلَح، يَقُول: هُوَ هَكَذا وَهَذِه قوّتُه.
شمر عَن ابْن شُمَيل: الظَّرِبُ أَصْغَر الأكام وأحَدُّه حَجَراً، لَا
يكون حَجَرُه إِلَّا ظُرَراً أبيضُه وأسودُه، وكلُّ لون، وَجمعه
أَظْرابٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الظَّرِبَاءُ مَمْدُود على فَعِلاء دَابَّة
شِبْهُ القِرْد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الظَّرِبَانُ بالنُّون، وَهُوَ على
قَدْرِ الهِرِّ وَنَحْوه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: هِيَ الظَّرِبَى مَقْصُور والظَّرِباء
مَمْدُود لَحْن، وَأنْشد قَول الفرزدق:
فَكَيْفَ تُكَلِّمُ الظَّرِبَى عَلَيْها
فِراءُ اللُّؤْمِ أَرْباباً غِضَابَا
قَالَ: الظَّرِبَى جمعٌ فِي غير معنى التَّوْحيد.
قلت: وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الظِّرِبَى مقصورٌ كَمَا قَالَ أَبُو
الْهَيْثَم، وَهِي الصوابُ.
ورَوَى شمر عَن أبي زيد: هُوَ الظَّرِبانُ وَهِي الظَّرابِيُّ بِغَيْر
نون وَهِي الظِّرْبَى، الظاءُ مكسورةٌ والرَّاءُ جَزْمٌ والبَاءُ
مَفْتُوحةٌ وَكِلَاهُمَا جِمَاعٌ وَهِي دابَّةٌ شَبِيهَةٌ بالقِرْد،
وَأنْشد:
لَو كنت فِي نارِ جَحِيمٍ لأَصْبَحَتْ
ظَرابِيُّ من حِمَّان شَتَّى تُثِيرُها
قَالَ أَبُو زيد: والأُنْثى ظَرِبَانَةٌ.
وَقَالَ البعيث:
سَوَاسِيَةٌ سُودُ الوُجوهِ كَأَنَّهم
ظَرَابِيُّ غِرْبَانٍ بمجْرُودَةٍ مَحْلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: من أمثالهم: هما يَتَمَاشَنَانِ جِلْد
الظَّرِبان، أَي
(14/270)
يتشاتمان، والمَشْنُ مَسْحُ الْيَدَيْن بالشَّيْء الخَشِن.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: سَمِعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: يُقَال: هُوَ
أَفْسَى من الظَّرِبانِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَفْسُو على بَاب جُحْر
الضَّبِ حَتَّى يخرجَ فيصادَ.
وَفِي الحَدِيث: إِذا غَسَقَ الليلُ على الظِّراب، وَاحِدهَا ظَرِب،
وَهُوَ من صِغار الْجبَال، وَإِنَّمَا خصّ الظراب لِقِصَرها، فَأَرَادَ
أَنَّ ظُلمته تقرب من الأَرْض.
بظر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُظْرَةُ نُتُوءٌ فِي
الشَّفَةِ، وتصغيرها بُظَيْرةٌ، قَالَ: والبَظْرة بِسُكُون الظَّاء
حَلْقَةُ الخاتَم بِلَا كُرْسِيَ، وتصْغيرُها بظَيْرةٌ أَيْضا. قَالَ:
والبُظَيْرة تَصْغِير البَظْرَةِ وَهِي الفليلةُ من الشَّعَر فِي
الإبْط يَتَوانى الرجل عَن نَتْفها، فَيُقَال: تَحت إبطه بُظَيْرةٌ
قَالَ: والبَضْرُ بالضاد نَوْفُ الْجَارِيَة قبل أَن تُخْفَض.
وَقَالَ الْمفضل: مِن العربِ مَن يُبدِلُ الظَّاء ضاداً فَيَقُول قد
اشْتَكَى ضَهْري بِمَعْنى ظَهْري، وَمِنْهُم مَن يُبدل الضادَ ظاءً
فَيَقُول: قد عَظَّت الحربُ بني تَمِيم.
اللَّيْث عَن أبي الدقيش: امرأةٌ بِظْرِيرٌ وَهِي الصَّخَّابة الطويلةُ
اللِّسَان، وروى بَعضهم: بطرير لِأَنَّهَا قد بَطِرَتْ وأشِرَت.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو خيرة: امْرَأَة بِظْرِيرٌ: شُبِّه لسانُها
بالبَظْرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: قَول أبي الدقيش:
أَحَبُّ إِلَيْنَا وبَظْرُها مَعْرُوف
وَقَالَ: يُقَال: فلَان يُمِصُّ فلَانا ويُبظِّرُه وَامْرَأَة بَظْراء
والجميع بُظْرٌ والبَظَر الْمصدر من غير أَن يُقَال: بَظِرتْ تَبْظَرُ،
لِأَنَّهُ لَيْسَ بحادث وَلكنه لَازم، وَرجل أَبْظَرُ فِي شَفَته
العُليا طولٌ مَعَ نُتُوء وَسطهَا.
وَرُوِيَ عَن عليّ أَنه أُتِيَ فِي فَرِيضَة وَعِنْده شُرَيْحٌ فَقَالَ
لَهُ عَلِيٌّ: مَا تَقول فِيهَا أيُّها العَبْد الأبْظَرُ؟
وَيُقَال لِلَّتي تخْفض الْجَوَارِي: مُبَظِّرةٌ.
وَقَالَ اللحياني: يُقالُ لِلْبَظْرِ: البُظَارَةُ والبَيْظَرُ
والبُنْظُرُ والكَيْنُ والرَّفْرَفُ والنَّوْفُ.
قَالَ: وَيُقَال للناتىء فِي أَسْفَل حَيَاءِ النَّاقة البُظارة
أَيْضا.
ظ ر م: مهمل. |