تهذيب اللغة أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الذَّال [/
كت]
(بَاب الذَّال وَالرَّاء)
ذ ر (وايء)
ذَرأ ذرا ذأر وذر ذير روذ رذي.
ذَرأ: قَالَ اللَّيْثُ: يُقال: ذَرأَ اللَّهُ الخَلْق يَذْرَؤُهم
ذَرْءاً.
ومِن صِفات الله: الذَّارِىءُ، وَهُوَ الَّذِي ذَرَأ الخَلْق، أَي
خَلَقهم، وَكَذَلِكَ البارِىءُ.
وَقَالَ الله تعالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ
الْجِنِّ وَالإِنْسِ} (الْأَعْرَاف: 178) أَي خَلَقْنا.
وَقَالَ عزّ وجلّ: {جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ
الاَْنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ} (الشورى: 11) .
قَالَ أَبُو إسْحَاق: المَعْنَى: يَذْرَؤكم بِهِ، أَي يُكَثّركم،
يَجْعله مِنْكُم وَمن الأَنْعام أَزْوَاجاً، ولذلكَ ذكر الْهَاء فِي
{فِيهِ} ؛ وأَنْشد الفَرّاء فِيمَن جَعَلَ (فِي) بمَعْنى الْبَاء:
وأَرْغَبُ فِيهَا عَن لَقِيطٍ ورَهْطِه
ولكنَّني عَن سِنْبِسٍ لستُ أَرْغَبُ
أَي أَرْغب بهَا.
قلتُ: وَقَالَ الفَرّاءُ فِي تَفسير الآيةِ نَحوا مِمَّا قَالَ
الزجَّاج، وَهُوَ صَحِيح.
أَبُو عُبَيد، عَن الأَحْمر: أَذْرأَنِي فلانٌ وأَشْكَعني، أَي
أَغْضَبني.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: أَذْرَأْتُ الرَّجُل بصَاحِبه إذْرَاءً، إِذا
حَرَّشْتَه عَلَيْهِ وأَوْلَعْتَه بِهِ.
(15/5)
وَقَالَ اللَّيْثُ: ذَرَأْتُ الأَرْضَ، أَي
بَذَرْتها.
وزَرْعٌ ذَرِيءٌ.
قَالَ: والذَّرْءُ: عَدَدُ الذُّرِّيّة، تَقول: أَنْمَى الله ذَرْءَك
وذَرْوَكَ، أَي ذُرِّيّتَك.
والذُّرِّيَة تَقَع على الآبَاء والأبْناء والأوْلاد والنِّساء.
قَالَ الله جَلّ وعزّ: {) فَلَكٍ يَسْبَحُونَ وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا
حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (يس: 41) أَرَاد
آبَاءَهم الَّذين حُمِلوا مَعَ نُوح فِي السَّفِينة.
وَقَالَ عُمر: حُجُّوا بالذُّرِّيَّة لَا تَأْكُلوا أرْزَاقها
وتَذَرُوا أَرْبَاقها فِي أَعْناقِها.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أَراد بالذّريةَ هَا هُنَا النِّساء، واسْتَدلّ
بِحَدِيث مَرْفوع: كُنّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
غَزاة فَرَأى امْرأة مَقْتولةً، فَقَالَ: (مَا كَانَت هَذِه لتُقاتِلَ)
. ثمَّ قَالَ لرَجُلٍ: (الْحَقْ خَالِدا فقُل لَهُ: لَا تَقْتُلنّ
ذُرِّيةً وَلَا عَسِيفاً) .
وذَهب جمَاعَة مِن أهل العَربيّة إِلَى أنّ (ذُرّية) أَصْلها الهَمز.
رَوى ذَلِك أبُو عُبَيد عَن أَصْحابه، مِنْهُم: أَبُو عُبَيْدة ويونُس
وَغَيرهمَا من البَصْرِيِّين.
وذَهب غيرُهم إِلَى أَن أصل (الذُّرّية) فُعْلِيّة، من الذَّرّ، وَقد
مَرَّ تَفْسِيرُها فِي أَوَّل كتاب الذَّال.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا
وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} ثمَّ
قَالَ: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} (آل عمرَان: 34) .
قَالَ أَبُو إسْحاق: نَصَب {ذُرِّيَّة على البَدَل. المَعْنَى: أنّ
الله اصْطَفى ذُرِّية بعضُها مِن بَعْض.
قلتُ: فقد دَخل فِيهَا الآبَاء والأبْنَاء.
قَالَ أَبُو إسْحاق: وجائزٌ أنْ تُنْصَب ذُرِّيَّةٌ} على الْحَال،
المَعْنى: اصْطفاهم فِي حَال كَون بَعْضهم مِن بَعْض.
وقولُه عزّ وجلّ: {بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ} (الطّور: 21) يُريد:
أَوْلاَدَهم الصِّغار.
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي هَذَا الْبَاب: يُقَال: ذَرَاتُ الوَضِينَ، إِذا
بَسَطتَه على الأرْض.
قلتُ: هَذَا تَصْحيف مُنكر، والصَّواب: ذرَأْتُ وضِينَ البَعِير: إِذا
بَسَطْتَه ثمَّ أَنَخْته لتَشُدّ الرَّحْل عَلَيْهِ، وَقد مَرَّ
تَفْسيره فِي كتاب (الذَّال) .
وَمن قَالَ: (ذرأت) بِهَذَا المَعنى فقد أَخطأ وصَحَّف.
الأصْمعيّ: ذَرِىء رَأْسُ فلانٍ، فَهُوَ يَذْرَأ ذَرَءاً، إِذا
ابْيَضّ؛ وَقد عَلَتْه ذُرأَةٌ، أَي شَيْبٌ؛ وأَنشد:
وَقد عَلَتْني ذُرأَةٌ بَادِي بَدِي
ورَئْيَةٌ تَنْهَضُ فِي تَشَدُّدِي
قَالَ: وَمِنْه يُقَال: جَدْيٌ أَذْرَأُ، وعَنَاقٌ
(15/6)
ذَرْآء، إِذا كَانَ فِي رَأْسِها بَيَاضٌ.
ومِلْحٌ ذَرْآنِيٌّ وذَرَآنيٌّ: مُخَفَّفاً، والتَّثْقِيل أَجْود، أَي
شَدِيد البَياض.
وَقَالَ النَّضْر: الزَّرْع أوّل مَا تَزْرعه تُسَمِّيه: الذَّرِيء.
وَقد ذَرَأْنَا أَرْضاً، أَي بَذَرْناها.
وبَلَغني عَن فُلانٍ ذَرْءٌ مِن قَوْل، إِذا بَلَغك طَرَفٌ مِنْهُ وَلم
يَتَكامَلْ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: هُوَ الشَّيء اليَسِير مِن القَوْل.
وَقَالَ صَخْر بن حَبْنَاء:
أَتانِي عَن مُغِيرةَ ذَرْءُ قَوْلٍ
وَعَن عِيسَى فقلتُ لَهُ كذاكا
ذرا: قَالَ اللَّيْثُ: يُقال: ذَرَت الرّيح التُّرابَ تَذْرُوه
ذَرْواً، إِذا حَمَلَتْه فأَثَارَتْه.
ويُقال: ذَرْيتَ الطَّعام، وذَرَوْته، تَذْرِيةً وذَرْواً.
والخَشَبة الَّتِي تُذَرِّي بهَا الطَّعَامَ يُقال لَهَا: المِذْرَاة.
قَالَ: والذَّرى: اسْم لما تَذْرُوه، مِثلَ النَّفَض، اسْمٌ لما
تَنْفُضه.
قَالَ رُؤْبة:
كالطِّحْنِ أَو أَذْرَت ذَرًى لم يُطْحَنِ
يَعْني: ذَرْوَ الرِّيح: دُقَاق التُّرَاب.
قَالَ: والذَّرَى: مَا كَنّك من الرّيح الْبَارِدَة، مِن حَائِط أَو
شَجر، يُقال: تَذَرَّ مِن الشَّمال بذَرًى.
ويُقال: سَوُّوا للشَّوْل ذَرًى مِن البَرْد، وَهُوَ أَن يُقْلَع
الشَّجَرُ مِن العَرْفج وَغَيره فيُوضَع بعضُه فَوق بَعْض مِمَّا يَلِي
مَهَبّ الشَّمال، يُحْظَر بِهِ على الْإِبِل فِي مَأْوَاها.
والذَّرَى: مَا انْصَبّ مِن الدَّمع، وَقد أَذْرت العَيْنُ الدَّمْع،
تُذْرِيه إذْرَاءً وذَرًى.
شَمِرٌ، عَن ابْن الأعْرابيّ وَابْن شُمَيل: ذَرَت الرّيحُ التُّرَابَ،
وأَذْرَتْه.
قَالَ شَمِرٌ: ومَعنى (أَذْرَته) : قَلَعَته ورَمَتْ بِهِ.
قَالَ: وهما لُغتان: ذَرَت الرّيحُ التُّرابَ تَذْرُوه وتَذْرِيه.
وَقَالَ أبُو الهَيْثم: ذَرَت الرّيح التُّراب: طَيَّرته، وأَنكر
(أذْرَته) ، بمَعْنَى: طَيَّرته.
وَقَالَ: إِنَّمَا يُقال: أذْرَيْت الشَّيْء عَن الشَّيْء: إِذا
ألقَيته، قَالَ امْرُؤُ القَيْس:
فتُذْرِيك من أُخْرى القَطَاة فتَزْلَقِ
وَقَالَ: ومَعْناه: تسْقط وتَطْرح.
قَالَ: والمُنْخُل لَا يَرفع شَيْئاً إِنَّمَا يُسْقِط مَا دَقّ
ويُمْسك مَا جَلّ.
قَالَ: والقُرآن وكلامُ العَرب على هَذَا، قَالَ الله تَعالى: {}
(الذاريات: 1) يَعْني: الرِّياح.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {تَذْرُوهُ الرِّياحُ} (الْكَهْف: 46) .
(15/7)
قلتُ: وأَخْبرني المُنذريّ عَن أبي
عَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: ذَرَّت الرّيح وأَذْرت، إِذا
ذَرَت التُّراب.
قَالَ: ويُقال: ذَرَوْتُ الحِنْطَة أَذْرُوها ذَرْواً.
قلت: وَهَذَا يُوافق مَا رَواه شَمِرٌ عَن ابْنِ الأعْرابيّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الإذْرَاءُ: ضَرْبُك الشيءَ تَرْمِي بِهِ، تَقول:
ضَرَبْتُه بالسَّيف فأَذْرَيْتُ رَأْسَه، وطَعَنْتُه فأَذْرَيْتُه عَن
فَرسه، أَي صَرَعْتُه.
والسَّيْفُ يُذْرِي ضَرِيبَته، أَي يَرْمِي بهَا.
وَقَالَ الأصْمَعيّ: ذَرا فُلانٌ يَذْرُو، أَي مَرَّ مَرّاً سَرِيعاً.
قَالَ العَجَّاج:
إِذا مُقْرَمٌ مِنّا ذَرَا حَدُّ نابِه
تَخَمَّط فِينَا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ
قَالَ: وريحٌ ذارِيةٌ: تَذْرُو التُّرَابَ، ومِن هَذَا: تَذْرِية
النَّاسِ الحِنْطة.
قَالَ: وأَذْرَيْتُ الشيءَ: إِذا مَا أَلْقيته، مِثل إلْقائك الحبّ
للزَّرْع.
قَالَ: ويُقال للَّذي تُحمل بِهِ الحِنْطة لتُذَرَّى: المِذْرَى.
وفلانٌ يذَرِّي فلَانا، وَهُوَ أَن يَرفع من أَمره ويَمْدحَه، وأَنْشد:
عَمْداً أُذَرِّي حَسبِي أَن يُشْتَما
بهدر هَدَّارٍ يَمُجّ البَلْغَما
ويُقال: فلانٌ فِي ذَرَى فُلانٍ، أَي فِي ظِلّه.
ويُقال: استَذْر بِهَذِهِ الشَّجرة، أَي كُن فِي دِفْئها.
أَبُو عُبَيد: المِذْرَى: طَرَفُ الألْيَة؛ والرَّانِفَةُ: ناصِيَتُها،
وأَنْشد:
أحَوْلي تَنْفُضُ آسْتُك مِذْرَوَيْها
لِتَقْتُلني فها أَنذا عُمَارَا
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غيرُه: المِذْرَوان: طَرَف الأَلْيَتين؛
وَلَيْسَ لَهما واحِدٌ. قَالَ: وَهَذَا أَجود القَوْلين؛ لِأَنَّهُ لَو
كَانَ لَهما واحِدٌ فقِيل: (مِذّرَى) لقِيل فِي التثْنية: مِذْرَيان.
وَقَالَ الأَصْمَعيّ: المِذْرَوان من القَوْس أَيضاً: المَوْضِعان
اللّذان يَقَع عَلَيْهِمَا الْوَترُ من أَسْفل وأَعْلَى، وأَنشد بيتَ
الهُذليّ:
على عَجْسِ هَتَّافة المِذْرَوَيْ
ن زَوْراء مُضْجَعةِ فِي الشّمَالِ
وَقَالَ الْحَسنُ البَصْريّ: مَا نشَاء أَنْ تَرى أَحَدهم يَنْفُضُ
مِذْرَوَيْه؟ يَقُول: هأنذا فَاعْرِفُوني.
قَالَ أَبُو عُبَيد: المِذْرَوان كَأَنَّهُمَا فَرْعَا الأَلْيَتَين،
وَأنْشد بَيت عَنْترة.
(15/8)
وَقَالَ غيرُه: المِذْرَوان: طَرَفُ كلِّ
شَيْء. وَأَرَادَ الْحسن بهما فَرْعَي المَنْكِبَين، يُقال ذَلِك
للرَّجُل إِذا جَاءَ بَاغِيا يتهدّد. هَكَذَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زَيْد: تَذَرَّيْتُ بني فلانٍ وتَنَصَّيْتُهم،
إِذا تَزَوَّجت مِنْهُم فِي الذِّرْوَة والنَّاصِية، أيْ فِي أهل
الشَّرف والعُلاَ.
يُقال: نَعْجَةٌ مُذَرَّاةٌ، وكَبْشٌ مُذَرًّى، إِذْ أُخِّر بَين
الكَتِفين فيهمَا صُوفة لم تُجَزَّ، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذليّ:
وَلَا صُوارٌ مُذَرَّاةٌ مَنَاسِجُها
مِثْلُ الفَرِيد الَّذِي يَجْرِي مِن النُّظُمِ
وذِرْوَةُ كلِّ شيءٍ: أَعْلاه؛ وَالْجمع: الذُّرَى.
وذِرْوَة: اسْم أَرْضٍ بالبادية.
وذَروة: اسْم رَجُلٍ.
وذِرْوَةُ الصُّمَّان: عَالِيَتُها.
أَبُو زَيد: إنّ فلَانا لكريمُ الذَّرَى، أَي كَرِيم الطَّبيعة.
وَقَالَ غيرُه: الذّرَة: حَبٌّ يُقَال للواحدة: ذُرَةٌ؛ ويُقال لَهُ:
أَرْزَن.
وَفِي حَديث أبي بكر: ولَتألَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوف الأذْرِيّ
كَمَا يألم أحدُكم النَّوْمَ على حَسَك السَّعْدان.
قَالَ المُبرّد: الأذْرِي، مَنْسوب إِلَى أَذْرَبيجان. وَكَذَلِكَ
تَقُول العربُ، قَالَ الشَّمّاخ:
تَذَكَّرتُهَا وَهْناً وَقد حَال دُونَها
قُرَى أَذْرَبِيجان المَسالِحُ والجَالُ
قَالَ العُتبي: المِذْرَوَان: الجانبان مِن كُلّ شَيء، تَقول العربُ:
جَاءَ فلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه، ويَهُزّ عِطْفَيْه، ويَنْفُضُ
مِذْرَوَيْه، وهمَا مَنْكِباه.
ويُقال: قَنَّع الشَّيْبُ مِذْرَوَيْه، يُريد جَانِبي رَأْسِه، وهما
فَوْداه، سُمِّيا مِذْرَوَيْن، لِأَنَّهُمَا يَذْرِيان، أَي
يَشِيبَانِ. والذرَى، هُوَ الشَّيْبُ. وَقد ذَرِيت لِحْيَتُه، ثمَّ
اسْتُعير للمنْكِبين والأَلْيَتين والطَّرَفين؛ قَالَ الهُذْليّ:
على عَجْسِ هَتّافة المِذْرَوَيْ
ن زَوْراء مُضْجَعة فِي الشَّمَالِ
ذأر: رُوي فِي الحَديث أنّه قِيل: إنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لمّا نَهى عَن ضَرْب النِّساء ذَئِرْن على أَزْواجهنّ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمَعِيّ: أَي نَفَرْنَ ونَشَزْنَ
واجْتَرَأن، يُقال مِنْهُ: امْرأةٌ ذَئِر، على مِثَال فَعِل، وَقَالَ
عبِيدُ بن الأبْرص:
لمّا أَتَانِي عَن تَمِيم أنَّهم
ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامِرٍ وَتَغضَّبُوا
يَعني: نَفَروا مِن ذَلِك وأَنْكروه. ويُقال: أَنِفُوا مِن ذَلِك.
ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الذّائِر:
(15/9)
الغَضْبان. والذَّائر: النَّفُور.
والذَّائِرُ: الأنِف.
أَبُو عُبَيد: ذاءَرَت الناقةُ، على فاعلت، فَهِيَ مُذَائِر، إِذا
سَاءَ خُلُقها، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة إِذا نَشَزَت، قَالَ الحُطَيْئة:
(ذارَت بأَنْفها) من هَذَا مُخَفَّفة.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: ناقةٌ مُذَائِر، وَهِي الَّتِي تَرأَم
بأَنْفها وَلَا يَصْدُق حُبُّها.
وَقَالَ اللَّيْثُ: ذَئِر، إِذا اغْتاظ على عَدوّه واسْتَعَدّ
لمُواثَبته.
قَالَ: وأَذأَرْتُه، أَي أَلْجأتُه.
وَقَالَ غيرُه: أَذأَرتُ الرجل بفلان، إِذا حرَّشته وأَوْلَعْتَه بِهِ،
فذَئِر بِهِ.
ذير: قلت: والذِّيَارُ، غَير مَهْموز، هُوَ البَعَر الرَّطْب الَّذِي
تُضمَّدُ بِهِ أَخْلاَفُ النَّاقة ذاتِ اللَّبن، إِذا أَرادُوا صَرَّها
لئلاّ يؤَثِّر فِيهَا الصِّرار.
وَقد ذَيَّرَ الرَّاعِي أَخْلافها، إِذا لَطَّخها بالذِّيار.
وَقَالَ أَبو صَفْوان الأسَديّ يَهْجُو ابْن مَيّادة، ومَيّادة كَانَت
أُمّه:
لَهْفِي عَلَيْكَ يابْن مَيّادَة الّتي
يكونُ ذِياراً لَا يُحَتّ خِضَابُها
إِذا زَبَنتْ عَنْهَا الفَصيلَ برِجْلِها
بَدَا من فُروج الشَّمْلَتيْن عُنَابُها
أَراد بعُنَابها: بَظْرَها.
وَقَالَ اللَّيْثُ: السِّرقين الَّذِي يُخْلَط بالتُّراب يُسمَّى قَبل
الخَلْطِ خُثّةً، فإِذا خُلِط فَهُوَ ذِيرَةٌ، فَإِذا طُلِي على أَطباء
الناقةِ لِكَيْلا يَرْضَعَها الفَصيلُ فَهُوَ ذِيَار، وأَنشد:
غَدَتْ وَهِي مَحْشُوكةٌ حافِلٌ
فَرَاخَ الذِّيَار عَلَيْهَا صَخِيمَا
وذر: فِي حَديث عُثمان رَحمه الله أَنّه رُفع إِلَيْهِ رَجُل قَالَ
لآخَر: يَا بْنَ شامّة الوَذْرِ، فحَدَّه.
قَالَ أَبو عُبَيد: هِيَ كلمةٌ مَعْناها القَذْف.
قَالَ: والوَذْرَة: القِطْعَةُ من اللَّحم، مثل الفِدْرة. وإنّما
أَراد: يَابْنَ شامّة المَذَاكير، فكَنّى عَنهُ، وَكَانَت العربُ
تُسَابّ بهَا. وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لَهُ: يَا بن ذَات الرَّاية،
وَيَا بن مُلْقَى أَرْحُل الرُّكْبَان.
وَقَالَ أَبو زَيد: فِي قَوْلهم: يَا بن شامّة الوَذْر، أَرادوا بهَا
القُلَف.
قَالَ: والوَذْرُ: بَضْع اللَّحْم.
وَقد وَذَرْتُ الوَذْرَةَ أَذِرُها وَذْراً، إِذا بَضَعتها بَضْعاً.
أَبو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَذَفة والوَذَرة: بُظَارة
المَرْأَة.
وأَخْبرني المُنذريّ، عَن الحَرَاني، عَن ابْن السّكيت: قَالَ: يُقال:
ذَرْذَا، ودَعْ ذَا، وَلَا يُقال: وذَرْتُه، وَلَا وَدَعْتَه. وأَمّا
فِي الْحَاضِر فيُقال: يَذَرُه ويَدَعُه. وَلَا يُقال:
(15/10)
وَاذرٌ، وَلَا وَادِعٌ، وَلَكِن يُقال:
تَرَكْتُه فأَنا تَارِكٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: العربُ قد أَماتت المَصْدر من (يَذر) والفِعْل
الْمَاضِي، واسْتَعْملته فِي الْحَاضِر والأمْر، فإِذا أَرَادُوا
المَصْدر قَالُوا: ذَرْه تَرْكاً.
وثَريدة كَثِيرَة الوَذْرِ، أَي كَثيرة قِطع اللَّحم.
وَقَوله: {يَسِيرٍ ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (المدثر: 11) أَي
كِلْه إليَّ فإنِّي أُجَازِيه وأَكفيك أَمْره.
وَفِي حَديث أُمِّ زَرْع: إنّي أَخاف أَنْ لَا أَذَره.
قَالَ أَبو بكر: قَالَ ابْن السِّكّيت: مَعْنَاهُ: إنّي أَخاف أَن لَا
أَذَر صِفَته وَلَا أَقْطَعها من طُولها.
قَالَ أَحمد بن عُبَيد: مَعْناه: أَخاف أَلاّ أَقْدر على فِراقه لأنَّ
أَوْلادي مِنْهُ والأسْباب الَّتِي بَينِي وبَيْنه.
روذ: أَبو العبَّاس، عَن ابْن الأعْرابيّ: الرَّوْذَةُ: الذَّهَابُ
والمَجيء.
قلت: هَكَذَا قيْد الْحَرْف فِي نُسْخَة مقيّدة بِالذَّالِ. وَأَنا
فِيهَا وَاقِف. ولعلّها: رَوْدَة، من: رَادَ، يَرُود.
رذي: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّذِيّ: المَترُوك الهالِكُ من الإبِل
الَّذِي لَا يَسْتطيع بَرَاحاً؛ والأُنْثَى رَذِيّة، والفِعْلُ رَذِيَ
يَرْذَى رَذَاوَةً، وَقد أَرْذَيْتُه.
وَفِي حَديث يُونُس: فَقَاءه الحُوتُ رَذِيَّا.
ثَعْلب، عَن ابْن الأَعرابيّ: الرَّذِيّ: الضَّعِيفُ مِن كُلّ شَيءٍ؛
قَالَ لَبِيد:
يَأْوي إِلَى الأَطْناب كُلُّ رَذِيَّةٍ
مِثْلُ البَلِيَّة قالِصاً أَهْدَامُها
أَراد: كُلَّ امرأَة أَرْذاها الجُوع تَتَعرَّض سائِلةً. ورَذِية،
فعيلة بِمَعْنى مفعولة.
والمُرْذَاةُ: الَّتِي قد هَزَلها الجُوع والسُّلال. والسُّلاَلُ: داءٌ
باطِنٌ مُلازِمٌ للجَسد لَا يَزَال يَسُلّه فيُذِيبُه.
(بَاب الذَّال وَاللَّام)
ذ ل (وايء)
ذلا (اذلولى) ، ذال، ذأل، وذل، لَاذَ.
ذلا (اذلولى) : أَبو العبّاس، عَن ابنِ الأعرابيّ: اذَلَوْلَى، إِذا
أَسْرع مخافَة أَن يَفُوتَه شَيءٌ.
واذْلَوْلَيْت، أَي انْكَسر قَلْبِي.
أَبو عُبَيد، عَن أَبي زَيد: يُقال: اذلَوْلَيْت اذْلِيلاَءً،
وتَذَعْلَبْتُ تَذَعْلُباً، وهما انْطِلاقٌ فِي اسْتِخْفَاء.
وَقَالَ أَبو مالكٍ عَمْرو بنُ كِرْكرَة: اذْلَوْلَى ذَكَرُه، إِذا
قَام مُسْتَرْخياً.
واذْلَوْلَى فَذَهب: إِذا وَلَّى مُتقَاذِفاً.
(15/11)
ورِشَاءٌ مُذْلُول، إِذا كانَ يَضْطَرِب.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: تَذَلَّى فلانٌ، إِذا تَوَاضَع.
قلتُ: وأَصْله: تَذَلّل، فكثُرت اللاَّمات، فقُلبت أخْراهن يَاء، كَمَا
قالُوا: تَظَنَّى، وأَصله تَظَنَّن.
أَخبرني المُنذرِيّ عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أَنشده لشُقْران
السُّلامِيّ، من قُضاعة:
ارْكَبْ مِن الأمْر قَرَادِيدَه
بالحَزْمِ والقُوَّةِ أَو صَانِعِ
حَتَّى تَرى الأخْدَعَ مُذْلَوْلِياً
يَلْتَمِس الفَضْلَ إِلَى الخادِعِ
قَالَ: قَراديدُ الأَرْض: غِلَظُها. والمُذْلَولى: الَّذِي قد ذلّ
وانْقاد. يَقُول: اخْدَعْه بالحقِّ حَتَّى يَذِلّ، ارْكَب بِهِ الأمْرَ
الصَّعْبَ.
ذيل: يُقال: ذالت الجارِيةُ فِي مِشْيَتها تَذِيلُ ذَيْلاً، إِذا
ماسَتْ وجَرَّت أَذْيالها على الأرْض.
وذَالَت النَّاقةُ بذَنَبِها، إِذا نَشَرَتْه على فَخِذَيْها؛ وَقَالَ
طَرَفةُ يَصِفُ ناقَةً:
فذَالَت كَمَا ذَالَت وَلِيدةُ مَحْبِسٍ
تُرِي رَبَّها أَذْيَالَ سَحْلٍ مُعَضَّد
وذَيَّل فُلانٌ ثَوْبَه تَذْيِيلاً، إِذا طَوَّله.
وثَوْبٌ مُذَيَّلٌ؛ وأَنشَد:
عَذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاَءٍ مُذَيَّلِ
وَيُقَال: أَذَال فلانٌ ثَوْبَه أَيضاً، إِذا أَطَال ذَيْلَه؛ قَالَ
كُثَيِّر:
على ابْن أَبي العَاصِي دِلاصٌ حَصِينَةٌ
أَجَادَ المُسَدِّي سَرْدَها فأَذَالها
أَبو عُبَيد: المُذَال: المُهان.
وَقد أَذال فلانٌ فَرَسه، إِذا أَهَانه.
ويُقال للأمَة المُهانة: مُذَالة.
أَبو عُبَيد: فرسٌ ذَيَّالٌ، إِذا كَانَ طَويلاً طَوِيلَ الذَّنَب،
فَإِن كَانَ الفَرَسُ قَصِيراً وَذَنَبه طَويلا قَالُوا: ذائِل،
والأُنثى: ذَائِلة.
وَقَالُوا: ذَيَّال الذَّنب، فيذكُرون الذَّنَب.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الذَّيْل: ذَيْلُ الإزَارِ مِن الردَاء، وَهُوَ مَا
أُسْبِل مِنْهُ فأَصَاب الأرْضَ.
وذَيْل المَرْأَة، لكُلّ ثَوْبٍ تَلْبَسه إِذا جَرّتْه على الأرْض مِن
خَلْفها.
وذَيْلُ الرِّيح: مَا جَرّته على وَجْه الأرْض من التُّرَاب والقَتَام.
والجَمْعُ فِي ذَلِك كُلِّه: ذُيُول، وربَّما قَالُوا: أَذْيَال.
ويُقال لذَنب الفَرَس إِذا طَال: ذَيْلٌ أَيضاً.
وشَمِرٌ، عَن خَالِد بن جَنْبَة، قَالَ: ذَيْلُ المَرْأَة: مَا وَقع
على الأَرْض مِن ثَوْبها مِن نَواحِيه كُلِّها.
قَالَ: وَلَا نَدْعُو للرَّجُل ذَيْلاً، فإنْ كَانَ طويلَ الثَّوب،
فَذَلِك الإرْقَال فِي القَمِيص
(15/12)
والجُبَّة، والذَّيل فِي دِرْع المَرْأَة
أَو قِنَاعها، إِذا أَرْخَتْه.
ذأَل: أَبو عُبَيد، عَن الأصْمَعيّ: الذأَلاَن مِن الْمَشْي:
الخَفِيفُ، وَبِه سُمِّي الذِّئْبُ: ذُؤَالة.
ويُقال مِنْهُ: ذَأَلْت، فأَنا أَذْأَل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الذَّأَلاَن: عَدْوٌ مُتَقَارِبٌ.
والذَّأَلان: السُّرْعَة.
ورَوَى أَبو العبَّاس الثُّمالِيّ عَن الزِّيادِيّ أَنه قَالَ:
الذَّؤُول: السَّرِيعُ من كُلّ شَيء.
وَقَالَ الأصمعيّ: الذَّأَلان: مَشْي الَّذِي كأَنَّه يَبْغي فِي
مَشْيِه، مِن النَّشَاط.
وَقَالَ اللَّيْثُ: ذُؤَالة، اسمٌ مَعْرِفة: الذِّئْبُ، لَا يَنْصَرِف.
قَالَ: وَقد سَمَّت العَرَبُ عامَّة السِّبَاع بأَسماء معارِفَ،
يُجْرُونها مُجْرى أَسمَاء الرِّجَال والنِّسَاء.
قَالَ: والذَأْلاَن، بِهَمْزَة وَاحِدَة، يُقال هُوَ ابْن آوَى.
قَالَ: وجَمْع ذُؤَالة: ذِئْلاَن. ويُقال: ذُؤْلاَن.
قَالَ: والذَّال: حَرْف هِجَاء، وتَصْغيرها: ذُوَيْلة. وَقد ذَوَّلْتُ
ذالاً.
وذل: أَبو الهَيْثم: قَالَ ابْن بُزُرْجَ: الوَذَلَة: الخَفِيفَةُ من
النَّاس وَالْإِبِل وغَيْرها؛ يُقال: خادِمٌ وَذَلَةٌ.
قَالَ أَبو زَيْد: الوَذَلَةُ مِن النِّسَاء: النَّشِيطةُ الرَّشِيقة.
أَبو عُبَيْد: الوَذِيلة: قِطْعَةٌ مِن الفِضَّة، وجَمْعُها: وَذيل.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الوَذِيلة: قِطْعةٌ مِن شَحم السَّنَام
والأَلْية، وأَنشد:
هَلْ فِي دَجُوب الحُرَّة المَخِيطِ
وَذِيْلةٌ تَشْفِي مِن الأطِيطِ
قَالَ: والوَذِيلة: السَّبِيكةِ مِن الفِضَّةِ، عَن أَبي عَمْرو.
والدجُوب: الجُوالِق.
وقِي حَديث عَمْرو: فَمَا زِلْت أَرُمّ أَمْرَك بِوَذَائِله، وأَصله
بوَصَائِله.
يَعْني بالوَذَائل: سَبائك الفِضَّة.
وَقَالَ أَبو زَيد: يُقال لِلمرْآة: الوَذِيلَةُ، فِي لُغة طَيِّىء.
لوذ: وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال: لاَذ بِهِ يَلُوذ لَوْذاً وليَاذاً.
قَالَ: وأَمّا اللِّوَاذ فَهُوَ مَصْدر (لاَوَذَ) ، فَهُوَ مُلاَوِذ.
وَقَالَ الفَرَّاء فِي قَول الله عزّ وجلّ: {يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ
لِوَاذاً} (النُّور: 63) : يَلُوذ هَذَا بذا، ويَسْتَتر ذَا بذَا،
وَمِنْه الحديثُ: (يَلُوذ بِهِ الهُلاّك) ، أَي يَسْتَتِر بِهِ
الهالِكون. وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {لِوَاذاً} لأنَّها مصدر
(لاوَذْت) . وَلَو كَانَت مصدرا ل (لُذْت) لقُلت: لذتُ بهِ لِيَاذاً،
كَمَا تَقول: قُمت
(15/13)
إِلَيْهِ قِيَاماً، وقاومْتُك قِوَاماً
طَوِيلاً.
وَقَالَ الزّجّاج: مَعْنى (اللِّواذ) : الخِلاَف، أَي يُخالفون
خِلاَفاً.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: خَيْرُ بَني فُلاَنٍ مُلاَوِذٌ، أَي لَا
يَجيء إلاّ بَعد كَدّ، وأَنْشَد للقُطَامِيّ:
وَمَا ضَرَّها أَنْ لم تَكُنْ رَعَتِ الحِمَى
وَلم تَطْلُب الخَيْرَ المُلاَوِذَ من بِشْرِ
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
يُلاَوِذُ مِن حَرَ كأَنّ أُوَارَه
يُذِيبُ دِماغَ الضَّبِّ وَهُوَ جَدُوعُ
يُلاوذ، يَعْني بَقَر الوَحْش، أَي تَلجأَ إِلَى كُنَّسِها.
أَبو زَيْد: يُقال: لي عِشْرون مِن الإبِل أَو لِوَاذُها. يُريد: أَو
قُرَابَتُها.
ويُقال: أَلاَذ الطَّرِيقُ بالدِّيار إلاَذَةً، والطَّرِيقُ: يُلِيذ
بالدَّار، إِذا أَحَاط بهَا.
وأَلاذت الدّارُ بالطَّريق، إِذا أَحاطَتْ بِهِ.
ولُذْتُ بالقَوْمِ، وأَلَذْتُ بهم، وَهِي، المُدَاورة من حَيْثما
كَانَ.
أَبو عُبَيد، عَن الأصْمَعيّ: الألوَاذُ، واحدُها: لَوْذٌ، وَهُوَ
حِضْن الجَبَل وَمَا يُطِيف بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: اللاذة، واللاَّذ: ثِيابٌ من حَرِيرٍ يُنْسَج
بالصِّين، تُسَمِّيه العربُ والعَجَمُ: اللاَّذَة.
ويُقال: هُوَ بِلَوْذ كَذَا، وبِلَوْذانِ كَذَا، أَي بِناحِية كَذَا.
قَالَ ابْنُ أَحْمَر:
كأَنّ وَقْعَتَه لَوْذَانَ مِرْفَقِها
صَلْقُ الصَّفَا بأَدِيمٍ وَقْعُه تِيَرُ
(بَاب الذَّال وَالنُّون)
ذ ن (وايء)
أذن، ذان، ذأن: (مستعملة) .
أَذن: قَالَ الفَرَّاء وغَيْرُه: الأُذُن، مُثقّلة مُؤَنَّثة،
وجَمْعُها: آذَان.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: رَجُلٌ أُذَانِيّ: عَظِيم الأُذُنَين.
ويُقال: نَعْجة أَذْناء، مَمْدُود، وكَبْشٌ آذَنُ.
وأَذَنْتُ فلَانا أَذْناً، فَهُوَ مَأذُون، إِذا ضَرَبْت أُذُنَه.
وأُذَيْنَة: اسْم مَلِك من مُلُوك اليَمن.
وَقَالَ الزَّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ
قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} (التَّوْبَة: 62) : أكْثَرُ القُرَّاء
يَقْرَؤُون: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} . وتفسيرُه: أنّ مِن
المُنَافِقين مَن كَانَ يَعِيبُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَيَقُول: مَتى بَلغه شَيءٌ حَلَفْتُ لَهُ فيَقْبَل منِّي، لأنّه
أَذُنٌ. فأَعْلَم الله تَعَالَى أنّه أُذُن خَيْرٍ لَا أُذُن شَرَ،
ثمَّ بَيَّن فَقَالَ: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}
(التَّوْبَة: 62) أَي مَا يَسمع يُنزّله الله عَلَيْهِ
(15/14)
ويُصَدِّق بِهِ ويُصدِّق الْمُؤمنِينَ
فِيمَا يُخبرونه بِهِ.
وَفِي الحَدِيث: (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشايْءٍ كأَذَنهِ لِنَبِيَ
يَتَغَنَّى بالقُرْآن) .
قَالَ أَبو عُبَيد: يَعْني: مَا اسْتمع الله لشَيْء كَاسْتماعه لنبيَ
يَتَغَنَّى بالقُرآن.
يُقَال: أَذِنْتُ للشّيء آذَنُ لَهُ، إِذا اسْتَمَعْتَ لَهُ؛ قَالَ
عَدِيّ:
أَيُّها القَلْب تَعَلَّلَ بِدَدَنْ
إنَّ هَمِّي فِي سَمَاع وأَذَنْ
وَيُقَال: أَذِنْتُ لفلانٍ فِي أَمْر كَذَا وَكَذَا إذْناً، بِكَسْر
الهَمْزَة وجَزْم الذَّال.
واستأْذنْتُ فلَانا اسْتِئْذَاناً.
وأَما قولُه تَعَالَى: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ} (الْبَقَرَة: 279) . وقُرىء (فآذِنوا) . فَمن قرأَ
(فآذِنوا) كَانَ مَعناه: فَأَعْلِمُوا كلَّ مَنْ لم يَتْرُك الرِّبا
أَنّه حَرْبٌ.
يُقال: قد آذَنْتُه بِكَذَا وَكَذَا، أُوذِنه إِيذَانًا، إِذا
أَعْلَمْته؛ وَقد أَذِنَ بِهِ يَأْذَن، إِذا عَلِم.
ومَن قرأَ {فَأْذَنُواْ} فَالمَعْنَى: فَأَنْصِتُوا.
وقولُه عَزّ وجَلّ: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
النَّاسِ} (التَّوْبَة: 3) أَي إِعْلامٌ.
يُقال: آذَنْتُه أُوذِنه إِيذَانًا وأَذاناً. فالأذان: اسْمٌ يَقوم
مُقام الإيذان، وَهُوَ المَصْدر الحقيقيّ.
وَقَالَ عزَّ وجلّ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ} (إِبْرَاهِيم: 7) . مَعْنَاهُ: وَإِذ عَلِمَ
رَبُّكُمْ.
والأذانُ للصَّلاةِ: إعْلاَمٌ بهَا وبِوَقْتِها.
والأَذِين: مثل الْأَذَان أَيضاً.
وَقَوله: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ
اللَّهِ} (الْبَقَرَة: 102) مَعناه: بِعِلم الله، والإذْنُ هَا هُنَا
لَا يكون إِلَّا من الله عَزَّ وجَلَّ، لِأَن الله لَا يَأْمر بالفحشاء
مِن السِّحر وَمَا شاكلَه.
وآذانُ الكِيزَان: عُرَاها؛ وَاحِدهَا: أُذُن.
ويُقال: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا بإِذْنه، أَي فعلْتُه بِعلْمه. وَيكون
بِإِذْنِهِ، أَي بأَمْرِه.
وأَخبرني المُنْذريّ: عَن أَبي الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ:
أَذَّنْتُ فلَانا تأَذيناً، أَي رَدَدْتُه.
قَالَ: وَهَذَا حَرف غَريب.
قَالَ: والأَذَنُ: التِّبْنُ، واحدته: أَذَنَةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: هَذِه بَقلة تَجد بهَا الإبِلُ أَذَنَةً
شَدِيدَةً، أَي شَهْوَةً شَدِيدَةً. وأَذَّنَ بِإِرسال إبِله، أَي
تَكَلَّمَ بِهِ.
وأَذِّنُوا عنِّي أَوَّلَها: أَي أَرْسِلُوا أَوَّلَها.
والْمِئْذَنةُ: الموْضِعُ الَّذِي يُؤذَّن عَلَيْهِ للصّلاة.
وَقَالَ اللَّيْثُ: تأَذَّنْتُ لأفْعَلَنّ كَذا وَكَذَا، يُرادُ بِهِ
إِيجاب الفِعْل.
(15/15)
وَقَالَ أَبو زَيد: يُقال للمنَارة:
الْمِئْذَنة، والْمُؤْذَنَة.
ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ، يُقال: جَاءَ فلانٌ ناشراً أُذُنَيْهِ، أَي
طامعاً.
ووجدتُ فلَانا لابِساً أُذُنَيْهِ، أَي مُتَغَافِلاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأَذنَةُ: صِغار الْإِبِل والغَنَم.
ووَرق الشَّجر، يُقَال لَهُ: أَذَنَة، لصغَره.
قَالَ ابْن شُمَيل: أَذِنْتُ لِحديث فلانٍ، أَي اشْتَهَيْتُه.
وأَذِنْتُ لرائحة الطَّعام، أَي اشْتَهَيْتُه.
وَهَذَا طعامٌ لَا أَذَنَةٌ لَهُ، أَي لَا شَهْوَةَ لِرِيحِه.
وَقَوله: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ} (الْبَقَرَة: 279) ،
أَي فَاعْلَمُوا: أَذِنَ يَأْذن، إِذا عَلِم.
وَمن قَرأَ: (فآذِنُوا) أَراد: أَعْلِموا مَنْ وَراءَكم بالحَرب.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {شُرَكَآئِى قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْءَاذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن} (السَّجْدَة: 47) ، أَي
أَعْلَمْنَاك.
{فَقُلْءَاذَنتُكُمْ عَلَى سَوَآءٍ} (الْأَنْبِيَاء: 109) ، أَي
أَعْلمْتُكُم مَا يَنْزِلُ عَلَيّ من الوَحْي.
{وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (التَّوْبَة: 3) ، أَي إعْلاَم،
وَهُوَ الإيذان.
والإيذان: الأذِين؛ قَالَ جَرير:
هَل تَمْلِكون مِن المَشَاعر مَشْعَراً
أَو تَشْهدُون لَدَى الْأَذَان أَذِينا
الْمُؤَذِّنُ: الْمُعْلِم بأَوْقات الصّلاة.
{وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ}
(الْبَقَرَة: 102) ، أَي بعِلْمه.
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} (يُونُس:
100) ، أَي بِعلْمه.
ويُقال: بِتَوْفِيق اللَّهِ.
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ} (الْأَعْرَاف: 166) ، أَي أَعْلَم، وَهُوَ
وَاقع مثل تَوَعّد. وَيجوز أَن يكون (تَفَعّلْ) من قَوْلك (تأَذن) ،
كَمَا يُقال: تعلّم، بمَعْنى اعْلَمْ.
{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} (يُوسُف: 70) أَي نادَى مُنَادٍ.
وَقَوله: {هُوَ أُذُنٌ} (التَّوْبَة: 62) أَي يَأْذَن لما يُقال لَهُ،
أَي يَسْتَمع فيَقْبَل.
قلتُ: قَوْله {هُوَ أُذُنٌ} أَرَادوا أَنه مَتَى بَلَغه عنّا أَنا
تناولناهُ بسُوء أَنْكَرْنا ذَلِك وحَلَفنا عَلَيْهِ، فَيقْبل ذَلِك
لأنّه أُذُن.
ويُقال: السُّلْطان أُذُن.
{انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} (الإنشقاق: 2) ، أَي
سَمِعت سَمْع طاعةٍ وقَبُول، وَبِه سُمِّي الإذْنُ إذْناً.
ذين: ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: ذَامَه وذَانَه وذَابَه، أَي عابَه.
(15/16)
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيت: سَمِعْتُ أَبَا
عَمْرٍ وَيَقُول: هُوَ الذَّيْم والذَّام والذَّان والذَّابُ، بمَعْنًى
وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ قيسُ بن الخطَيم الأنْصاريّ:
رَدَدْنَا الكَتِيبةَ مَفْلُولةً
بهَا أَفْنُها وَبهَا ذَانُها
وَقَالَ كِنَازٌ الجَرْمِيّ:
بهَا أَفْنُها وَبهَا ذابُها
ذأَن: ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: الذُّؤْنُون: أَسمر اللَّون
مُدَمْلَكٌ، لَهُ وَرَق لازِق بِهِ، وَهُوَ طويلٌ مثل الطُّرْثُوث،
تَمِهٌ لَا طَعْمَ لَهُ، لَيْسَ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ، لَا يَأْكُله
إِلَّا الْغنم، يَنْبُت فِي سُهول الأرْض.
والعربُ تَقول: ذُؤْنُون لَا رِمْثَ لَهُ، وطُرْثُوث لَا أَرْطَاة.
يُقال هَذَا للْقَوْم إِذا كَانَت لَهُم نَجْدة وفَضْل فهلكوا وتغيَّرت
حالُهم، فيُقال: ذَآنِين لَا رِمْثَ لَهَا، وطَراثيث لَا أَرْطَى، أَي
قد اسْتُؤْصِلوا فَلم تَبْقَ لَهُم بَقِيّة.
وَفِي حَديث حُذَيفة، قيل لَهُ: كَيفَ تَصْنع إِذا أَتاك من النَّاس
مِثْل الوَتدِ أَو مِثْل الذُّؤْنُون يَقُول: اتَّبِعْني وَلَا
أَتَّبِعك؟ .
الذُّؤْنُون: نَبْتٌ طويلٌ ضَعِيفٌ لَهُ رأْس مُدَوَّر، ربّما تأْكله
الْأَعْرَاب. شَبَّهه بالذُّؤْنُون لِصِغَره وحَدَاثة سنه، وَهُوَ
يَدْعُو الْمَشَايِخ إِلَى اتِّباعه.
(بَاب الذَّال وَالْفَاء)
ذ ف (وايء)
ذأف، وذف: (مستعملان) .
ذاف: قَالَ اللَّيْثُ: الذِّئْفَانُ: السمُّ الَّذِي يَذْأَف ذَأْفاً.
والذَّأْفُ: سُرْعةُ الْمَوْت، الْألف هَمزة سَاكِنة.
أَبو عُبَيد: الذّيْفان، بِكَسْر الذَّال وَفتحهَا، والذُّؤَاف، كلّه
السّمّ.
ابْن السِّكِّيت: يُقال: ذَافَ يَذُوف، وَهِي مِشْيَةٌ فِي تقارُبٍ
وتَفَحُّجٍ؛ وأَنْشد:
وذافُوا كَمَا كانُوا يذوفُون من قَبْل
ويُقال: مَوْتٌ ذُؤَافٌ، إِذا كَانَ مُجْهِزاً بسُرْعة.
وذف: ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الوَذَفَةُ، والوَذَرَةُ: بُظَارَةُ
المَرْأَة.
ورُوِي أَن الحجّاج قَامَ يَتَوَذَّفُ بمكّة فِي سِبْتَيْن لَهُ بعد
قَتْله ابْنَ الزُّبَيْر حَتَّى دَخل على أَسْماء.
قَالَ أَبو عُبَيدة: قَالَ أَبو عَمْرو: التَّوَذُّف: التَّبخْتُر.
وَكَانَ أَبو عُبَيدة يَقُول: التّوذّف: الْإِسْرَاع؛ وَقَالَ بِشْرُ
بنُ أَبي خازم:
يُعْطِي النَّجائِبَ بالرِّحالِ كأَنّها
بَقَرُ الصَّرائِم والجِيادَ تَوَذّفُ
أَراد: يُعْطِي الجِيَادَ.
(15/17)
(بَاب الذَّال وَالْبَاء)
ذ ب (وايء)
ذبي ذاب ذأَب ذيب بذأ باذ.
ذبى: أَمّا (ذَبى) فَمَا عَلِمْتُنِي سَمِعْت فِيهِ شَيْئا من ثِقَةٍ
غير هَذِه القَبِيلة الَّتِي يُقال لَهَا: ذُبْيان.
قَالَ أَبو عُبَيدة: قَالَ ابْنُ الكَلْبِيّ: كَانَ أَبي يَقُول:
ذِبْيَان، بِالْكَسْرِ.
قَالَ: وغيرُه يَقُول: ذُبْيان.
وَذكر لي بعضُ المَشايخ أَنه يُقال: ذَبَّ الغَدِيرُ، وذَبَى؛ وذَبَتْ
شَفَتُه، وذَبَّت، وَلَا أَدري مَا صِحّته.
ذوب: قَالَ اللَّيْثُ: الذَّوْبُ: العَسَلُ الَّذِي خلِّص مِن شَمْعه.
والذَّوَبَان: مَصْدر: ذَابَ يَذُوب.
سَلمة، عَن الفَرّاء: ذابَ عَلَيْهِ المالُ، أَي حَصَل.
وذاب الرَّجُلُ، إِذا حَمُق بعد عَقل.
وظَهَرت فِيهِ ذَوْبَةٌ، أَي حَمْقَةٌ.
وذابَ: إِذا دَامَ على أَكْل الذَّوْب، وَهُوَ العَسَل.
وَقَالَ أَبو الهَيْثم فِي قَول بِشْر بنِ أَبي خازم:
وكُنتم كذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذْ غَلَتْ
أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها
قَالَ: تُذِيبها، أَي تُبْقيها، من قَوْلك: مَا ذاب فِي يَدِي، أَي مَا
بَقِي.
وَقَالَ غيرُه: تُذِيبها: تُنْهِبُها.
وذابَت الشَّمْسُ، إِذا اشْتَدَّ حَرُّها؛ وَقَالَ الراجز:
وذابَ للشّمْس لُعَابٌ فَنَزلْ
وَقَالَ:
إِذا ذابَت الشَّمْس اتَّقَى صَقَرَاتِها
بأَفْنان مَرْبُوعِ الصَّريمة مُعْبِلِ
أَبو عُبَيد: عَن أَبي زَيد، قَالَ: الزَّبْدُ حِين يُجعل فِي البُرْمة
لِيُطْبَخ سَمْناً فَهُوَ الإذْوَابُ والإذْوَابة، فَإِذا خَلص اللَّبن
من الثُّفْل فَذَلِك اللَّبن الإثْر. والثفل: الَّذِي يكون أَسْفَلَ
اللَّبن هُوَ الخُلُوص. وَإِن اخْتلط اللَّبَنُ قِيل: ارْتَجَن.
ويُقال: ذابَت حَدَقَةُ فلانٍ، إِذا سَالَتْ.
ويُقال: هاجِرَةٌ ذَوَّابَةٌ: شَدِيدَةُ الحَرِّ؛ وَقَالَ الشّاعر:
وظَلْماءَ مِنْ جَرَّى نَوَارٍ سَرَيْتُها
وهَاجِرَةٍ ذَوَّابَةٍ لَا أَقِيلُهَا
وناقَةٌ ذَؤُوبٌ: سَمِينَةٌ ولَيْست فِي غَايَة السِّمَن.
أَبو عَمرو، عَن أَبيه: ذابَ، إِذا سَال؛ وبَاذ، إِذا تَوَاضَع.
أَبو عُبَيد، عَن الفَرّاء، قَالَ: الذّئْبَانُ: بَقِيَّةُ الوَبَر.
(15/18)
قَالَ أَبو عَمْرو: الذِّئبَانُ: الشَّعَر
على عُنُق البَعِير ومِشْفَره.
قَالَ شَمِرٌ: لَا أَعرِف الذِّئْبَانَ إِلَّا فِي بَيْتٍ لكُثَيِّر:
عَسُوفٌ بأَجْواز الفَلاَ حِمْيَرِيَّة
مَرِيش بذِيبَانِ الشَّليل تَلِيلُها
ويُرْوى: السَّبيب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ وَاحِد.
وَقَالَ أَبو وَجْزَة:
تَرَبَّع أَنْهِيَ الرَّنْقَاءِ حتّى
نَفَى وَنَفَيْنَ ذِئْبَانِ الشِّتَاءِ
ذأَب: الذِّئْب، مَهْموز فِي الأَصْل؛ وَالْجمع أَذْؤُب، وذِئَاب،
وذُؤْبَان.
أَبو عُبَيد، عَن أَبي عَمْرو: أَذْأَب الرَّجُلُ، فَهُوَ مُذْئِبٌ،
إِذا فَزِع.
وَقَالَ غَيْرُه: ذَأَبْتُ فُلاناً ذَأْباً، وذَأَمْتُه ذَأْماً، إِذا
حَقَّرْتَه؛ وَمِنْه قولُ الله عزّ وجلّ: {مَذْءُومًا مَّدْحُورًا}
(الْأَعْرَاف: 18) .
وأَخْبرني الْمُنْذِريّ، عَن الحَرّانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت، قَالَ:
ذَأَمْتُه وذَأَبْتُه، إِذا طَرَدْتَه وحَقَّرْتَه.
قَالَ: وسَمِعْتُ أَبا العَباس يَقُول: ذَأَمْتُه: عِبْتُه، وَهُوَ
أَكثر من (ذَمَمْته) .
أَبو عُبَيد، عَن الأصمعِيّ، يُقال: غَرْبٌ ذَأْبٌ، على مِثَال فَعْل،
وَلَا أُراه أُخذ إِلَّا من تَذَؤُّب الرِّيح، وَهُوَ اخْتلافها،
فشَبَّه اخْتِلاف البَعِير فِي المَنْحَاةِ بهَا.
أَبو عُبَيد: المُتذَئِّبة، والمُتَذَائِبة، بِوَزْن مُتَفَعِّلة
ومُتَفاعلة، من الرِّياح: الَّتِي تَجِيء من هَا هنَا مَرَّةً وَمن هَا
هُنَا مَرَّةً؛ قَالَ ذُو الرُّمّة يَذْكُر ثَوْراً وَحْشِيّاً:
فَبَاتَ يُشْئِزُه ثَأْدٌ ويُسْهِرُه
تَذَؤبُ الرِّيح والوَسْوَاسُ والهِضَبُ
أَبو عُبَيد، عَن أَبي زَيد: تَذَأب، النَّاقةَ، وتَذَاَّب لَهَا،
وَهُوَ أَن يَسْتَخْفِيَ لَهَا إِذا عَطَفَها على غير وَلدها،
مُتَشَبِّهاً لَهَا بالسَّبُع لتَكون أَرأَمَ عَلَيْهِ مِن ولَده
الَّذِي تَعْطف عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الذِّئْبَة: فرْجةُ مَا بَين دَفَّتَي
الرَّحْل والسَّرْج والغَبِيط، أَيّ ذَلِك كَانَ.
وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ، وغَبِيطٌ مُذَأَّبٌ، إِذا جُعِل لَهُ فُرْجَةٌ؛
قَالَ امْرُؤ القَيس:
لَهُ كَفَلٌ كالدِّعْصِ لَبَّدَهُ النّدَى
إِلَى حَارِكٍ مِثل الغَبِيطِ المُذَأَّبِ
وَقَالَ غيرُه: من أَدْوَاءِ الْخَيل: الذِّئْبَةُ.
وَقد ذُئِبَ الفَرَسُ، فَهُوَ مَذْءُوبٌ، إِذا أَصابه هَذَا الدّاء،
ويُنْقَبُ عَنهُ بحَديدة فِي أَصْل أُذُنه فيُسْتَخْرَج مِنْهُ غُدَدٌ
صِغارٌ بِيضٌ أَصْغر من لُبِّ الجَاوَرْس.
وَقَالَ أَبو زَيْد: ذُؤَابةُ الرَّأْس، هِيَ الَّتِي أَحاطت
بالدّوَّارة من الشَّعَر.
(15/19)
وغُلاَمٌ مُذَأَّبٌ: لَهُ ذؤَابةٌ.
قَالَ: وذُؤْبانُ العَرب: الَّذِي يَتَصَعْلَكون ويَتلصَّصُون.
وَيُقَال: هم ذُؤَابةُ قومِهم، أَي أَشْرَافُهم.
وذُؤابةُ النَّعل: المُتعلِّق من القَبال.
وذُؤابةُ السّيف: عِلاقةُ قائمه.
وذَؤُب الرَّجُلُ يَذْؤُب: إِذا خَبُث، كأَنّه صَار ذِئْباً.
واسْتَذْأَب النَّقَدُ: صَار كالذِّئْب، يُضْرب مثلا للذُّلاَّن، إِذا
عَلَوا الأَعِزّةَ.
وأَرْض مَذْأَبَةٌ: كَثِيرةُ الذِّئاب، كَقَوْلِهِم: أَرْض مَأْسَدَةٌ،
من الأَسَد.
وَقَالَ اللَّيْثُ: بِرْذَوْنٌ مَذْءُوبٌ: أَخَذَتْه الذِّئْبة.
قَالَ: المَذْءُوب: الرَّجُل الَّذِي وَقَع الذِّئْبُ فِي غَنمه.
والمَذْءُوب: الفَزِع.
وَيُقَال للمَرْأَة الَّتِي تُسَوِّي مَرْكَبها: مَا أَحْسَن مَا
ذَأَبْتَه.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
كُلُّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه
ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ مِن جُذَامْ
ويُقال للَّذي أَفْزَعَتْه الجِنّ: تَذَأَّبَتْه، وتَذَعَّبَتْه.
اللَّيْثُ: الذُّؤَابة: الشَّعَر المَضْفُور، من شَعر الرَّأْس.
وذُؤَابة كُلِّ شَيْء: أَعْلاه، وَكَذَلِكَ ذُؤابة العِز والشَّرف.
وجَمْعها: الذَّوائب. وَالْقِيَاس: الذَّآئِب، مِثل دُعابة ودَعائب،
ولكنّه لمّا الْتَقت هَمْزَتان بَينهمَا أَلف ليّنة لَيَّنوا الْهمزَة
الأولى فقَلبوها واواً استثقالاً لالتقاء هَمزتين فِي كلمة وَاحِدَة.
ابْنُ بُزُرْجَ: ذُئِب الرَّجُل، إِذا أَصَابه الذِّئْبُ.
وذَأَبْتُ الشيءَ: جَمَعْتُه.
ذيب: والأذْيب: الماءُ الكَثِير.
أَبو عُبَيد، عَن الأصْمعي: مَرَّ فلانٌ وَله أَذْيَبُ. قَالَ:
وأَحْسِبه يُقال بالزَّاي: أَزْيب، يَعْني النَّشَاط.
بذأَ: أَبو عُبَيدة، عَن أَبي عَمْرو: بَذَأَ الأرْضَ: ذَمَّ
مَرْعَاهَا.
وَهِي أَرْضٌ بَذِيئةٌ، مِثَال فعيلة، لَا مَرْعَى فِيهَا.
أَبو زَيْد: بَذَأْتُ الرَّجُلَ أَبْذَؤُه بَذْءاً، إِذا ذَمَمْتَه.
وباذأَتُ الرَّجُلَ، إِذا خاصَمْتَه.
وَقَالَ شَمِرٌ فِي تَفْسير قَوْله: (إِنَّك مَا عَلِمْت لَبَذِيءٌ
مُغْرِقٌ) . قَالَ: البَذِيء: الفاحِش السَّيِّىء القَوْل.
ورَجُلٌ بَذِيءٌ، من قَوْم أَبْذِيَاء.
وَقد بَذُؤ يَبْذُؤ بَذَاءً. وبعضُهم يَقُول: بَذِىء يَبْذَأ بَذْءاً.
(15/20)
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
فاليَوْمُ يَوْمُ تفاضُلٍ وبَذَاء
وَقَالَ اللَّيْثُ: بُذِىء الرَّجُل، إِذا ازْدُرِي.
وامْرأَة بَذيئة، ورَجُل بَذِيٌ: بَيِّن البَذَاءة؛ وأَنشد:
هَذْرَ البَذيئةِ لَيْلَها لم تَهْجَع
ويُقال: بَذَأَتْ عَيْني فلَانا تَبْذؤُه بذَاءة، إِذا لم تَقْبَله
ورأَت مِنْهُ حَالا كَرِهَتْها.
وَقَالَ الشَّعْبِي: إِذا عَظُمت الحَلْقَةُ فإنّما هِيَ بِذَاء
ونِجَاء.
وَقيل: البِذَاء: المُبَاذاة، وَهِي المُفَاحشة.
يُقَال: باذَأْتُه بِذَاءً ومُباذأَة. والنِّجَاء: المُنَاجاة.
أَبو زَيد: بَذَأْتُه عَيْني بَذْءاً، إِذا أُطرِيَ لَك وعِندك الشّيء
ثمَّ لم تره كَذَلِك، فَإِذا رأَيْتَه كَمَا وُصف لَك، قُلْتَ: مَا
تَبْذَؤُه العَيْن.
بوذ: سَلمة، عَن الفَرّاء: باذ الرَّجُلُ، إِذا افْتَقَر، وبَذُؤ، إِذا
سَاءَ خُلُقه.
ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: باذ يَبُوذ بَوْذاً، إِذا تَعَدَّى على
النَّاس.
(بَاب الذَّال وَالْمِيم)
ذ م (وايء)
ذام، ذأَم، ذمى، وذم، مذي، ومذ، موذ، ميذ.
ذيم: أَبو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: ذامَه يَذِيمه ذَيْماً، إِذا
عابَه.
ذأَم: قَالَ أَبو عُبَيد: ذَأَمْت الرّجُلَ: جَزَيْتُه.
وَقَالَ ثَعلب: ذَأَمْته: عِبْتُه، وذَأَمْته، أَكثر من ذَممته.
الأصْمعِي: ذَأَمْته، ودأَمته، إِذا حَقّرته وخَزَيته.
أَبو زَيْد: ذَأَمتُه أَذْأَمه، إِذا حَقّرتَه وذَمَمْته.
اللِّحياني: ذَأَمتُه وذَأَيْته، إِذا طَرَدتَه؛ قَالَ الله تَعَالَى:
{اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا} (الْأَعْرَاف: 17) قَالَ:
مَنْفِيّاً.
ومَدْحُوراً: مَطْرُوداً.
ذمى: أَبو عُبَيد: الذَّمَاء: بَقِيَّة النّفْس؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيب:
فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنّ فهاربٌ
بذَمَائه أَو بارِكٌ مُتَجَعْجِعُ
قَالَ: ويُقال مِن الذّمَاء: قد ذَمِي يَذْمَى، إِذا تَحَرَّك.
والذَّمَاء: الحَركة.
وَقَالَ شَمِرٌ: يُقال: الضَّبُّ أَطْوَلُ شَيْءٍ ذَمَاءً.
أَبو نَضْر، عَن الأصْمعيّ: ذَمَى العَلِيلُ يَذْمِي ذَمْياً، إِذا
أَخذه النَّزْعُ فطال عَلَيْهِ عَلَزُ المَوْت، فيُقال: مَا أَطْوَلَ
ذَمَاءَه.
قَالَ: وذَمَى الحَبَشِيُّ فِي أَنْف الرَّجُل بصُنَانِه يَذْمِي
ذَمْياً، إِذا آذَاه بذلك؛ وأَنشد أَبو زيد:
(15/21)
يَا رِيحَ بَيْنُونَةَ لَا تَذْمِيناَ
جِئْتِ بأَرْوَاحِ المُصَفَّرِينَا
قَالَ أَبُو زَيد: ذَمَتْه الرِّيحُ تَذْمِيه ذَمْياً، إِذا قَتَلَتْه.
وَقَالَ أَبُو مَالك: ذَمَت فِي أَنْفِه الرِّيحُ، إِذا طارت إِلَى
رأْسِه، وأَنكر قولَ أَبي زَيْدٍ.
قَالَ: ويُقال: ضَرَبه ضَرْبةً فَأَذْماه، إِذا أَوْقذَه وتَركه
برَمَقِه.
ويُقال: أَذْمَى الرّامِي رَمِيَّته، إِذا لم يُصِب المَقْتَلَ
فَيُعَجِّلَ قَتْلَه؛ وَقَالَ أُسامةُ الهُذَليّ:
أَنابَ وَقد أَمْسَى على المَاءِ قَبْله
أُقَيْدِرُ لَا يُذْمِي الرّمِيَّةَ راصد
أَنابَ، يَعني الحِمار أَتى الماءَ.
وَقَالَ آخَرُ:
وأَفْلَتَ زيدُ الخيلِ مِنّا بِطَعْنةٍ
وَقد كَانَ أَذْماه فَتى غيرُ قُعْدُدِ
أَبو عُبَيد، عَن الفَرّاء، قَالَ: الذَّميَان، والقَدَيَان: الإسراعُ؛
يُقَال: قَدَى يَقْدِي، وَذَمَى يَذْمِي.
وَقَالَ ابْنُ الأنْبَاريّ: الذَّمَى: الرِّيحُ المُنْتِنَة، مَقْصُورٌ
يُكْتَبُ بِالْيَاءِ.
وَذَمَتْهُ ريحُ الجِيفَةِ، تَذْمِيه ذَمْياً.
قَالَ: والذَّمَاءُ: ضَرْبٌ من المشْيِ، أَو السّيْرِ.
يُقال: ذَمَى يَذْمِي ذَماءً، مَمْدُود.
قَالَ خِدَاش بنُ زُهَير:
سيُخْبِرُ أَهلُ وَجَ مَن كَتَمْتُم
وتَذْمِي مَن أَلَمّ بهَا القُبُورُ
هَذَا مِن ذَمَاء رِيح الجِيفة، إِذا أَخَذَت بِنَفَسه.
وَقَالَ البَعِيثُ:
إِذا البيضُ سافَتْه ذَمَى فِي أُنُونها
صُنَانٌ ورِيحٌ من رُغَاوَة مُخْشِمِ
قَوْله: ذَمَى، أَي بَقي فِي أُنُوفها. ومُخْشِم: مُنْتِن.
وذم: أَبو عُبَيْد، عَن الأصْمعيّ: يُقال للسُّيُور الَّتِي بَين آذان
الدِّلاَء والعَرَاقِيّ: وَذَم.
قَالَ: وَقَالَ الكِسَائيّ: وَذَمْتُ الدَّلْوَ، إِذا شَدَدْتَ
وَذَمَها.
ابْن بُزُرْجَ: دَلْوٌ مَوْذُومَةٌ: ذاتُ وَذَم.
وسَمِعْتُ العَرب تَقول للدَّلْو إِذا انْقَطعَ سُيور آذانها: قد
وَذِمَت الدَّلْو تَوْذَم؛ فَإِذا شَدُّوها إِلَيْهَا قَالُوا:
أَوْذَمْتُها.
وَفِي حَديث عليّ عَلَيْهِ السَّلام: لَئِن وَلِيت بني أُمَيَّة
لأنْفَضَنَّهم نَفْضَ القَصّاب الوِذَامَ التَّربَة.
قَالَ: والوِذَام، واحدتها وَذَمَة، وَهِي الحُزَّة مِن الكَرِشِ أَو
الكَبِد.
قَالَ: وَمن هَذَا قِيل لسُيور الدِّلاء: وَذَم؛ لأَنها مُقَدَّدة
طِوَال.
قَالَ: والتَّرِبَة: الَّتِي سَقَطت فِي التُّراب فَتَتَرَّبت،
فالقَصّاب يَنْفُضها.
(15/22)
قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيدة نَحْو ذَلِك،
قَالَ: وَاحِدَة الوِذَام: وَذَمة، وَهِي الكَرِش، لِأَنَّهَا
مُعَلَّقة.
ويُقال: هِيَ غَيْرُ الكَرِش أَيضاً مِن البُطون.
وَقَالَ الأصمعيّ: الموَذّمة من النُّوق: الَّتِي يَخرج فِي حَيائها
لَحْمٌ مِثْل الثآلِيل فَيُقطع ذَاك مِنْهَا، فَيُقَال: وَذّمْتُها.
قُلت: وسَمِعْتُ العَرب تَقول لأشيَاء مِثل الثآليل تَخْرُج فِي حَياء
النَّاقة فَلَا تَلْقَح مَعَها إِذا ضَربها الفَحْل: الوَذَم، فَيعْمد
رَجُلٌ رفيقٌ ويأَخذ مِبْضَعاً لَطِيفاً ويُدْخِل يَدَه فِي حَيَائها
فيَقْطع الوَذَم، فَيُقَال: قد وَذّمها. وَالَّذِي يفعل ذَلِك
مُوَذِّم، ثمَّ يَضربها الفَحْل بعد التّوْذيمِ فتَلْقَح.
وَقَالَ شَمِرٌ: يُقال للدَّلْو: قد وَذِمَتْ، إِذا انْقَطع وَذَمُها؛
وأَنْشد:
أَخَذِمَتْ أَمْ وَذِمَتْ أَم مَالهَا
أَم غالَها فِي بِئْرها مَا غالَها
قَالَ: وامْرأَةٌ وَذْماء، وفَرَسٌ وذَمْاء، وَهِي العاقِر.
وَقَالَ أَبُو زَيْد، وأَبُو عُبَيدة: الوَذَمة: قُرْنة الكَرِش، وَهِي
زاويةُ الكَرِش شِبْه الخَريطة.
قَالَ: وقُرْنَةُ الرّحِم: المَكان الَّذِي يَنْتهي إِلَيْهِ الماءُ
فِي الرَّحِم.
قَالَ: ويُقال فِي قَوله: (نَفْض القَصّاب التُّراب) : إنَّ أَصْل
التُّراب ذِراع الشَّاة.
وأَراد بالقَصّاب السَّبُع. والسّبُع إِذا أَخذ شَاة قَبض على ذَلِك
الْمَكَان فَنَفض الشَّاة.
قَالَ: والوَذَمَة فِي حَيَاء النَّاقة: زيادةٌ فِي اللَّحم تَنْبُت
فِي أَعلى الْحَيَاء عِنْد قَرْء النَّاقة، فَلَا تَلْقح إِذا ضَرَبها
الفَحْل.
وَيُقَال للمَصِير أَيضاً: وَذَم.
قَالَ: وَقَالَ أَبو سعيد: الكُروش كُلُّها تُسَمَّى تَرِبة.
لِأَنَّهَا يَحْصُلُ فِيهَا التُّراب مِن المَرْتع.
والوَذَمة: الَّتِي أُخمل باطنُها، والكُروش وَذَمةٌ لِأَنَّهَا
مُخْمَلة. ويُقال لِخَمْلِها: الوَذَم. فَيَقُول: لَئن ولِيتُهُم
لأطهِّرنَّهم من الدَّنَس ولاطَيِّبنَّهم بعد الْخَبَث.
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرَابيّ: أَوْذَمْتُ يَمِيناً، أَو أَبْدَعْتُها،
أَي أَوْجَبْتُها؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
لَا هُمّ إنْ عامِرَ بنَ جَهْمِ
أَوْذَمَ حَجّاً فِي ثِيَابٍ دُسْمِ
يَعْنِي أَنه أَحرم بالحجّ وَهُوَ مُدَنَّسٌ بالذُّنُوب.
عمرٌ و، عَن أبيهِ: الوَذيمة: الهَدْي؛ وجَمْعُها: وذَائِم.
وَقد أَوْذَم الهَدْيَ، إِذا عَلَّق عَلَيْهِ سَيْراً أَو شَيْئا
يُعْلِمه بِهِ فَيُعْلَم أنّه هَدْيٌ فَلَا يُعْرَض لَهُ.
ورُوِي عَن أَبي هُرَيرة أنّه سُئل عَن صَيْد الكَلْب فَقَالَ: إِذا
وَذَّمْتَه أَرْسَلْتَه وذَكَرْت
(15/23)
اسْم الله عَلَيْهِ فكُلْ مَا أَمْسك
عَلَيْك.
وتَوْذِيم الكَلْب أَن يُشَدّ فِي عُنُقه سَيْرٌ يُعْلَم بِهِ أنّه
معلَّم مُؤدَّب.
وَقيل: أَرَادَ بتَوْذِيمه أنْ لَا يَطْلب الصَّيْدَ بِغَيْر إرْسَال
وَلَا تَسْمِية، وَهُوَ مَأْخُوذ من الوَذَم، وَهِي السُّيُور الَّتِي
تُقَدّ طُولاً.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: وَذَّمْتُ على الخَمسين، وأوْذَمَت
عَلَيْهَا، إِذا زِدْتَ عَلَيْهَا.
مذي: فِي حَدِيث النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(الغَيْرةُ من الْإِيمَان والمِذَاء من النِّفَاق) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدة: المِذَاء: أَن يُدْخِل الرَّجُلُ الرِّجالَ على
أَهله، وَهُوَ مَأخُوذ من المَذْي.
يَعْنِي يَجْمع بَين الرِّجَال والنِّساء ثمَّ يخَلِّيهم يُماذِي
بعضُهم بَعْضًا مِذَاءً.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: أمْذَيْتُ فرسِي، إِذا أَرْسَلْتَه يَرْعَى،
وَيُقَال: مَذَيْتُه.
ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: أَمْذى الرَّجُل، إِذا قاد على أَهْلِه.
وأمْذَى، إِذا أَشْهد.
وَهُوَ المَذْي، والمَذَى، مثل العَمَى.
يُقَال: مَذَى، وأمذَى، ومذَّى، وَالْأول أَفْصحها؛ وَمِنْه حديثُ عليّ
رَضِي الله عَنهُ: كُنت رَجُلاً مَذَّاءً فاستَحَيْتُ أَن أسأَل
النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمرتُ المِقدادَ فَسَأَلَهُ.
فَقَالَ: (فيهِ الوُضُوء) .
والمَذَّاء، فَعَّال، من مَذَى يَمْذِي، لَا من أَمذَى، وَهُوَ الَّذِي
يَكْثُر مَذْيُه.
قَالَ أَبُو سَعِيد فِيمَا جَاءَ فِي الحَدِيث: هُوَ المَذَاء بِفَتْح
الْمِيم. قَالَ والمَذَاء: الدِّيَاثة. والدَّيُّوث: الَّذِي يُدَيِّث
نَفسه على أَهله فَلَا يُبالي مَا يُنال مِنْهُم؛ يُقَال: داث يَدِيث،
إِذا فَعل ذَلِك، يُقَال: إِنَّه لدَيُّوث بَيّن المَذَاء. قَالَ:
وَلَيْسَ من المَذْي الَّذِي يَخْرُج من الذَّكَر عِنْد الشَّهوة.
قلت: كَأَنَّهُ من: مَذَيْت فرسي، وأَمْذَيته، إِذا أَرْسلته يَرْعَى.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأمَوِي: مَذيت وأمذيتُ، وَهُوَ المَذِيّ، مشدّد،
وَغَيره يُخَفِّف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: المَنيِّ، وَحْدَه مُشدَّد؛ والمَذْي والوَدْي،
مُخَفَّفان.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: هُوَ الوَذِيّ والوَدِيّ، وَقد وَذى
وأَوْذَى ووَذَّى، وَهُوَ المَنَيّ والمَنْي.
قَالَ: والمِذَى: المَرَايَا؛ واحدتُها مَذْيَةٌ؛ وتُجْمَع: مَذْياً،
ومَذَيات، ومِذًى، ومِذَاء.
وَقَالَ أَبُو كَبِير الهُذليّ فِي (المَذِيّة) ، فَجعلها على فَعِيلة:
وبَياضُ وَجْهِك لم تَحُلْ أَسْرَارُه
مِثْلُ المَذِيّة أَو كشَنْفِ الأنْضَرِ
وَقَالَ فِي تَفسيره: المَذِيّة: المِرْآة.
(15/24)
ويُرْوَى: مِثل الوَذِيلة.
شَمِرٌ: قَالَ أَبُو عَمْرو: الماذيّة من الدُّرُوع: البَيْضاء؛
وَمِنْه قيل: عَسَلٌ ماذِيّ، إِذا كَانَ ليِّناً، وسُمِّيت الخَمْرُ
سُخَاميَّة، لِلِينها أَيْضا.
وَيُقَال: شَعَرٌ سُخَامٌ، إِذا كَانَ ليِّناً.
وَقَالَ ابْن شُمَيل وَأَبُو خَيْرة: الماذِيّ: الحَدِيدُ كُلُّه:
الدِّرْع والمِغْفَر والسِّلاح أَجْمَع، مَا كَانَ مِن حَديد فَهُوَ
ماذيّ؛ (دِرْعٌ ماذِيَّة) .
وَقَالَ عَنْتَرَة:
يَمْشُون والماذِيّ فَوْق رُؤُوسِهم
يَتَوَقَّدون تَوَقُّد النَّجْمِ
ويُقال: الماذِيّ: خالصُ الحَدِيد وجَيِّده.
وَقَالَ اللَّيْثُ: المَذْيُ: أَرَقُّ مَا يَكون من النُّطْفَة.
ومذ: ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمْذَة: البَياضُ النَّقِيّ.
موذ: وماذ، إِذا كَذَب.
والمائذُ: الكَذَّاب.
قَالَ: والماذُ: الحَسنُ الخُلُقِ الفَكِه النّفْس الطَّيّب الكَلاَم.
قَالَ: والمادُ، بِالدَّال: الذَّاهب والجائي فِي خِفّة.
ميذ: وَقَالَ اللَّيْثُ: المِيذُ: جِيلٌ من الهِنْدِ، بِمَنْزِلَة
التُّرْكِ يَغْزُون المُسْلِمين فِي البَحْر.
(15/25)
بَاب لفيف حرف الذَّال
ذَا، ذأي، وَذَا، ذوى، ذيت، و (ذية) ، وذذ، (أَذَى، ذيا، وذأ، ذأذأ،
أذي) .
ذَا: قَالَ أَبُو العبّاس أَحْمد بن يَحيى، وَمُحَمّد بن يَزيد: ذَا،
يكون بمَعْنى: هَذَا؛ وَمِنْه قَوْله تعالَى: {مَن ذَا الَّذِى
يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} (الْبَقَرَة: 255) .
وَيكون بمعْنى (الّذي) .
قَالَا: ويُقَال: هَذَا ذُو صَلاح، ورَأيتُ هَذَا ذَا صَلَاح، ومَرَرْت
بِهَذَا ذِي صَلاح؛ ومَعْناه كلّه: صَاحب صَلاَح.
وأَخْبرني المُنْذِريّ عَن أبي الهَيْثَمِ أَنه قَالَ: ذَا، اسْم كُلِّ
مُشارٍ إِلَيْهِ مُعَايَنٍ يَراه المُتكلِّم والمُخاطَب.
قَالَ: وَالِاسْم مِنها (الذَّال) وَحْدَها، مَفْتوحة.
وَقَالُوا: الذَّال وَحدهَا هُوَ الِاسْم المُشار إِلَيْهِ، وَهُوَ
اسْم مُبْهم لَا يُعْرف مَا هُوَ حَتَّى يُفَسَّر بِمَا بَعده؛
كَقَوْلِك: ذَا الرَّجُل، ذَا الفَرس، فَهَذَا تفْسير (ذَا) . ونَصْبه
ورَفْعه وخَفْضه سَوَاء.
قَالَ: وَجعلُوا فَتْحة الذَّال فَرْقاً بَين التَّذكير والتأنيث،
كَمَا قَالُوا: ذَا أَخُوك.
وَقَالُوا للْأُنْثَى: ذِي أختك، فكسروا الذَّال فِي الْأُنْثَى.
وزادُوا مَعَ فَتْحة الذالِ فِي المذكَّر ألفا، وَمَعَ كَسرتها
للْأُنْثَى يَاء، كَمَا قَالُوا: أنتَ وأنتِ.
وأفادني غيرُه عَن أبي حَاتِم عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: العربُ تَقول:
لَا أُكلِّمك فِي ذِي السَّنة، وَفِي هذي السّنة. وَلَا يُقال: فِي ذَا
السَّنَة، وَهُوَ خطأ، إِنَّمَا يُقَال: فِي هَذِه السَّنةِ، وَفِي هذي
السّنة، وَفِي ذِي السَّنة. وَكَذَلِكَ لَا يُقال: أدْخُل ذَا الدَّار،
وَلَا ألبس ذَا الجُبة، إِنَّمَا الصَّوَاب: أَدخل ذِي الدَّار، وأَلبس
ذِي الجُبّة.
وَلَا يكون (ذَا) إِلَّا لمذكَّر؛ يُقَال: هَذِه الدَّار، وَذي
الْمَرْأَة.
وَيُقَال: دَخَلْت تِلْكَ الدَّار، وتيك الدَّار؛ وَلَا يُقَال: ذيك
الدَّار.
وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب (ذيك) ألبتّة. والعامة تُخطىء فِيهِ
فَتَقول: كَيفَ ذيك الْمَرْأَة؟ وَالصَّوَاب: كَيفَ تيك الْمَرْأَة؛
وأَنْشد المُبرِّد:
أمِن زَيْنبَ ذِي النّارُ
قُبَيل الصُّبْح مَا تَخْبُو
إِذا مَا خَمَدت يُلقَى
عَلَيْهَا المَنْدَلُ الرّطْبُ
(15/26)
قَالَ أَبُو العبّاس: ذِي، مَعْنَاهُ: ذه؛
يُقال: ذَا عبد الله، وَذي أَمَة الله، وذه أَمَة الله، وته أَمَة
الله؛ وتا أَمَة الله.
قَالَ: وَيُقَال: هذي هِنْد، وهاته هِنْد، وهاتا هِنْد، على زِيَادَة
(هَا) التَّنبيه.
قَالَ: وَإِذا صَغّرت (ذه) قلت: تيّا، تَصْغير (ته) أَو (تا) ؛ وَلَا
تُصَغر (ذه) على لَفظهَا، لِأَنَّك إِذا صَغّرت (ذَا) قلت (ذيّا) وَلَو
صغَّرت (ذه) لَقلت (ذيّا) ، فالْتَبس المذكّر، فصغروا مَا يُخَالف
فِيهِ المؤنَّثُ المذكَّرَ.
قَالَ: والمبهمات يُخالف تصغيرها تصغيرَ سَائِر الأسْماء.
تَفْسِير ذَاك، وَذَلِكَ
قَالَ أَبُو الهَيْثم فِيمَا أَخْبرني عَنهُ المُنْذريّ: إِذا بَعد
المُشار إِلَيْهِ من المُخاطب، وَكَانَ المُخاطب بَعيدا ممّن يُشير
إِلَيْهِ، زادوا كافاً، فَقَالُوا: ذَاك أَخُوك. وَهَذِه الْكَاف لَيست
فِي مَوضِع خَفْض وَلَا نَصْب، إِنَّمَا أشبهت كَاف قَوْلك (أَخَاك) و
(عصاك) فتوهّم السامعون أَن قَول الْقَائِل: ذَاك أَخُوك، كأنّها فِي
مَوضع خَفْض لإشْباهها كَاف (أَخَاك) . وَلَيْسَ ذَلِك كَذَلِك،
إِنَّمَا تِلْكَ كَاف ضُمّت إِلَى (ذَا) لبُعد (ذَا) من المُخاطب،
فلمّا دخل فِيهَا هَذَا اللَّبس زادوا فِيهَا لاماً، فَقَالُوا: ذَلِك
أَخُوك؛ وَفِي الْجَمَاعَة: أُولَئِكَ إخْوَتك. فَإِن اللَّام إِذا
دخلت ذهبت بمَعْنى الْإِضَافَة.
ويُقال: هَذَا أَخُوك، وَهَذَا أَخ لَك، وَهَذَا لَك أَخ، فَإِذا
أُدخلت اللَّام فَلَا إِضَافَة.
قَالَ أَبُو الهَيْثم: وَقد أعلمتك أَن الرّفْع والنَّصب والخفض فِي
قَوْله: (ذَا) سَوَاء، تَقول: مَرَرْت بذا، وَرَأَيْت ذَا، وَقَامَ
ذَا، فَلَا يكون فِيهَا عَلامَة رَفْع الْإِعْرَاب وَلَا خَفضه وَلَا
نَصبه، لِأَنَّهُ غير متمكِّن، فَلَمَّا ثَنَّوا زادوا فِي التَّثْنية
نوناً فأبقوا الْألف، فَقَالُوا، ذان أَخَوَاك، وذانك أَخَوَاك؛ قَالَ
الله تَعَالَى: {مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} (النِّسَاء:
173) .
وَمن الْعَرَب من يُشَدِّد هَذِه النُّون فَيَقُول: ذانِّك أَخَوَاك.
وهم الّذين يَزيدون اللَّام فِي (ذَاك) فَيَقُولُونَ: ذَلِك، فَجعلُوا
هَذِه التشديدة بدل اللَّام.
وأَخْبرني المُنْذريّ، عَن أبي العبّاس، قَالَ: قَالَ الأخْفَش فِي
قَوْله تَعَالَى: {مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} (النِّسَاء:
173) قَالَ: وَقَرَأَ بَعضهم (فذانِّك برهانان) ، قَالَ: وهم الَّذين
قَالُوا: ذَلِك، أدخلُوا التثقيل للتَّأْكِيد، كَمَا أدخلُوا اللَّام
فِي (ذَلِك) .
قَالَ أَبُو العبّاس: وَقَالَ الفَرّاء: وشدّدوا هَذِه النّون ليُفْرق
بَينهَا وَبَين النُّون الَّتِي تَسْقط للإِضافة، لأنّ (هَذَانِ) و
(هَاتَانِ) لَا تُضاف.
وَقَالَ الكِسائيّ: هِيَ من لُغَة من قَالَ: هَذَا
(15/27)
أقَال ذَلِك، فزادوا على الْألف ألفا،
كَمَا زادوا على النُّون نوناً، ليفصل بَينهَا وَبَين الْأَسْمَاء
المتمكِّنة.
وَقَالَ الفرّاء: اجْتمع القُرّاء على تَخْفيف النُّون من (ذَانك) ،
وَكثير من الْعَرَب يَقُول: فذانك قائمان، وَهَذَانِ قائمان، واللَّذان
قَالَا ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فذانك، تَثْنِيَة (ذَاك) ، وذانَّك، تَثْنِيَة
ذَلِك، يكون بدل اللَّام فِي ذَلِك تَشْدِيد النُّون فِي (ذَانك) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الِاسْم من (ذَلِك) : ذَا، و (الْكَاف) زيد
للمخاطبة، فَلَا حظّ لَهَا فِي الْإِعْرَاب.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَو كَانَ لَهَا حظٌّ فِي الْإِعْرَاب لَقلت: ذَلِك
نَفْسك زيد، وَهَذَا خطأ.
وَلَا يجوز إِلَّا: ذَلِك نَفسه زيد، وَكَذَلِكَ ذَانك، يشْهد أَن
الْكَاف لَا مَوضِع لَهَا، وَلَو كَانَ لَهَا مَوضِع لَكَانَ جرّاً
بِالْإِضَافَة، وَالنُّون لَا تدخل مَعَ الْإِضَافَة، وَاللَّام زيدت
مَعَ ذَلِك للتوكيد، تَقول: ذَلِك الْحق، وهذاك الْحق. ويقبح: هذالك
الْحق؛ لِأَن اللَّام قد أكدت مَعَ الْإِشَارَة وكُسرت لالتقاء
الساكنين، أَعنِي الْألف من (ذَا) ، وَاللَّام الَّتِي بعْدهَا كَانَ
يَنْبَغِي أَن تكون اللَّام سَاكِنة، وَلكنهَا كُسرت لما قُلْنَا.
تَفْسِير هَذَا
أَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي الهَيْثم أَنه سَمِعه يقُول: هَا، أَلا،
حرفان يُفتتح بهما الْكَلَام لَا مَعنى لَهما إِلَّا افْتِتَاح
الْكَلَام بهما، تَقول: هَذَا أَخُوك، فها، تَنْبِيه، وَذَا، اسْم
الْمشَار إِلَيْهِ، وأخوك هُوَ الْخَبَر.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: (هَا) ، تَنْبِيه تفتح الْعَرَب الْكَلَام
بِهِ، بِلَا مَعنى سوى الِافْتِتَاح، هَا إِن ذَا أَخُوك، وَألا إِن
ذَا أَخُوك.
قَالَ: وَإِذا ثَنّوا الِاسْم الْمُبْهم قَالُوا: تان أختاك،
وَهَاتَانِ أختاك، فَرَجَعُوا إِلَى (تا) . فَلَمَّا جمعُوا قَالُوا:
أولاء إخْوَتك، وأولاء أخواتك، وَلم يفرقُوا بَين الْأُنْثَى وَالذكر
بعلامة.
قَالَ: وأولاء، ممدودة مَقْصُورَة: اسْم لجماعه: ذَا، وذه، ثمَّ زادوا
(هَا) مَعَ أولاء، فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ إخْوَتك.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {هَآأَنتُمْ أُوْلا صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ تُحِبُّونَهُمْ} (آل عمرَان: 119) : العَربُ إِذا جَاءَت
إِلَى اسْم مَكنيّ قد وُصف بِهَذَا وَهَذَانِ وَهَؤُلَاء، فَرّقوا بَين
(هَا) ، وَبَين (ذَا) وَجعلُوا المكنيّ بَينهمَا، وَذَلِكَ فِي جِهَة
التَّقْريب لَا فِي غَيرهَا، ويقُولون: أَيْن أَنْت؟ فَيَقُول
الْقَائِل: هَا أَنا ذَا. فَلَا يكادون يَقُولُونَ: هَا أَنا،
وَكَذَلِكَ التَّنْبيه فِي الْجمع.
وَمِنْه قَوْله عزّ وجَلّ: {هَآأَنتُمْ أُوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ تُحِبُّونَهُمْ}
(15/28)
(آل عمرَان: 119) ، وَرُبمَا أعادوها
فوصلوها ب: ذَا، وَهَذَا، وَهَؤُلَاء، فَيَقُولُونَ: هَا أَنْت ذَا
قَائِما، وَهَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ.
قَالَ الله تَعَالَى فِي سُورَة النِّساء: {هَاأَنْتُمْ هَاؤُلا صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا} (108) .
قَالَ: فَإِذا كَانَ الْكَلَام على غير التَّقريب، أَو كَانَ مَعَ اسْم
ظَاهر، جَعلوها مَوْصولةً ب (ذَا) ، فَيَقُولُونَ: هَا هُوَ، وَهَذَانِ
هما، إِذا كَانَ على خبر يَكْتفي كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ
بِلَا فِعل، والتَّقْريب لَا بُدّ مِنْهُ من فِعل لنُقْصانه، وأَحَبّوا
أَن يُفرّقوا بذلك بَين التَّقريب وَبَين مَعْنى الِاسْم الصَّحيح.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَنو عُقيل يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ مَمْدُود مُنوَّن
مَهْموز قَوْمك، وَذهب أمسٍ بِمَا فِيهِ، بتنوين.
وَتَمِيم تَقول: هَؤُلَاءِ قومُك، ساكِن.
وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ قَوْمك، مَمدود مَهْموز مَخْفوض.
قَالَ: وَقَالُوا: كِلْتَاتَيْن، وهاتَين، بمَعْنى وَاحِد.
وَأما تَأْنِيث (هَذَا) فإنّ أَبَا الْهَيْثَم قَالَ: يُقال فِي
تَأْنِيث (هَذَا) هَذِه، مُنطلقة، فَيصلون يَاء بِالْهَاءِ.
وَقَالَ بعضُهم: هذي، مُنطلقة، وتِي، مُنْطلقة، وتا، مُنْطلقة.
وَقَالَ كَعب الغَنَوِيّ:
وأنْبَأْتُمانِي أنّما الموتُ بالقُرَى
فَكيف وهاتَا رَوْضةٌ وكَثِيبٌ
يُريد: فَكيف وَهَذِه؟
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة فِي (هَذَا) و (هَذِه) :
فهذي طَواها بُعْد هَذِي وَهَذِه
طَواها لهَذِي وَخْدُها وانْسِلاَلُها
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: (هذاتُ) ، مُنطلقة، وَهِي شاذّة مَرْغوب
عَنْهَا.
قَالَ: وَقَالُوا: تيك، وَتلك، وتالك، مُنطلقة؛ وَقَالَ القُطاميّ:
تعَلّم أنّ بعد الغَيّ رُشْداً
وأنّ لتالك الغُمرَ انْقِشَاعا
فصيّرها (تالك) ، وَهِي مقُولة.
وَإِذا ثَنّيت (تا) ، قلت: تانِك فَعَلَتا ذَلِك، وتانِّك فَعَلتا
ذَاك، بالتَّشديد.
وَقَالُوا فِي تَثنية (الَّذِي) : اللّذانِ واللّذانّ، واللّتانِ
واللتانّ.
وَأما الْجمع فَيُقَال: أُولَئِكَ فَعلوا ذَلِك، بالمدّ، وأولاك،
بالقَصْر، وَالْوَاو سَاكِنة فيهمَا.
تَصْغير ذَا، وتا، وجمعهما
أَهْل الْكُوفَة يُسمُّون: ذَا، وتا، وَتلك وَذَلِكَ، وَهَذَا،
وَهَذِه، وَهَؤُلَاء، والّذي وَالَّذين، وَالَّتِي، واللاتي: حُروفَ
المُثُل.
وأَهْلُ البَصرة: يُسمّونها حُروفَ الإِشارة،
(15/29)
والأَسْماء المُبْهمة.
فَقَالُوا فِي تَصْغير (هَذَا) : ذَيّا، مثل تَصْغِير (ذَا) ، لِأَن
(هَا) تَنبيه، و (ذَا) إِشَارَة وصفةٌ ومِثالٌ لاسم مَن تُشير
إِلَيْهِ.
فَقَالُوا: وتصغير (ذَلِك) : ذيّا، وَإِن شِئْت: ذيّالك. فَمن قَالَ:
(ذيّا) زعم أَن اللَّام لَيست بأصلية، لِأَن معنى (ذَلِك) : ذَاك،
وَالْكَاف كَاف المُخاطب. وَمن قَالَ: ذيّالك، صَغَّر على اللَّفْظ.
وتَصغير (تِلْكَ) : تيّا، وتَيّالك.
وتصغير (هَذِه) : تَيّا.
وتصغير (أُولَئِكَ) : أُوليّا.
وتصغير (هَؤُلَاءِ) : هؤليّا.
قَالَ: وتصغير (اللَّاتِي) مثل تَصْغِير (الَّتِي) ، وَهِي:
اللّتَيَّا.
وتصغير (اللَّاتِي) : اللّوَيّا.
وتصغير (الَّذِي) : اللّذَيّا؛ و (الَّذين) : اللّذَيُّون.
وَقَالَ أَبُو العبّاس أحمدُ بنُ يحيى: يُقال للْجَمَاعَة الَّتِي
واحدتها مؤنّثة: اللَّاتِي، واللائي، وَالْجَمَاعَة الَّتِي وَاحِدهَا
مذكّر: اللائي، وَلَا يُقال: (الّلاتي) إِلَّا للَّتِي واحدتها
مُؤَنّثَة؛ يُقَال: هُنّ الّلاتي فَعَلْن كَذَا وَكَذَا، والّلائي فعلن
كَذَا؛ وهم الرِّجَال الّلائي والّلاءُون فَعَلوا كَذَا وَكَذَا،
وأَنشد الفَرّاء:
همُ الّلاءُون فَكَّوا الغُلَّ عنِّي
بِمَرْو الشّاهِجانِ وهُمْ جَنَاحِي
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَاللَاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن
نِّسَآئِكُمْ} (النِّسَاء: 15) .
وَقَالَ فِي مَوضع آخر: {أَشْهُرٍ وَاللَّاتِي لَمْ} (الطَّلَاق: 4) .
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر:
من الّلائي لم يَحْجُجْنَ يَبْغِين حِسْبَةً
ولكنْ ليَقْتُلْنَ البَرِيء الْمُغَفَّلاَ
وَقَالَ العجَّاج:
بَعْدَ اللّتَيَا واللَّتّيّا والّتي
إِذا عَلتْهَا أَنْفُسٌ تَرَدَّتِ
يُقال: إِذا لَقِيَ مِنْهُ الجَهد والشِّدة. أَرَادَ: بعد عَقَبة من
عِقاب الْمَوْت مُنْكرة، إِذا أَشْرَفت عَلَيْهَا النَّفس تردَّت، أَي
هَلكت. وقَبْله:
إِلَى أَمَارٍ وأَمَارِ مُدَّتي
دافَع عنِّي بنَقير مَوْتتِي
بَعد اللتيّا واللَّتّيّا وَالَّتِي
إِذا عَلَتْها أَنْفُسٌ تَردَّتِ
فارتاح ربِّي وَأَرَادَ رَحْمتي
ونِعمةً أتمّها فتمَّتِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: (الَّذِي) تَعْرِيف (لذْ) و (لِذَى) فَلَمَّا
قصُرَت قَوّوا الّلام بلامٍ أُخرى.
وَمن العَرب مَن يحذف الْيَاء فَيَقُول: هَذَا اللَّذْ فَعل كَذَا،
بتسكين الذَّال؛ وأَنشد:
(15/30)
كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيَةً فاصْطِيدا
والاثنين: هَذَانِ اللَّذَان، وللجميع: هَؤُلَاءِ الَّذين.
قَالَ: وَمِنْهُم من يقُول: هَذَانِ اللّذا.
فَأَما الَّذين أَسكنوا الذَّال وحذفوا الْيَاء الَّتِي بعْدهَا فإنّهم
لما أَدخلوا فِي الِاسْم لَام المَعرفة طَرحوا الزّيادة الَّتِي بعد
الذَّال وأُسكنت الذَّال، فَلَمَّا ثَنَّوْا حذفوا النُّون فأدخلوا على
الِاثْنَيْنِ لحذف النُّون مَا أَدخلوا على الْوَاحِد بِإِسْكَان
(الذَّال) ، وَكَذَلِكَ الْجَمِيع.
فَإِن قَالَ قائلٌ: أَلا قَالُوا: اللَّذُو، فِي الْجمع بِالْوَاو؟
فقُل: الصَّوَاب فِي الْقيَاس ذَلِك، وَلَكِن الْعَرَب اجْتمعت على
(الَّذِي) بِالْيَاءِ، والجر وَالنّصب وَالرَّفْع سَوَاء.
وَأنْشد:
إنّ الَّذِي حانتْ بفَلْجٍ دِماؤُهم
همُ القومُ كلُّ الْقَوْم يَا أمَّ خالدِ
وَقَالَ الأخْطل:
أَبَنِي كُلَيْبٍ إِن عَمَّيَّ اللّذا
قتَلا الملوكَ وفكّكَا الأغْلاَلاَ
وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: اللّتا، وَالَّتِي. وَأنْشد:
هما اللّتا أَقْصَدني سَهْماهُما
وَقَالَ الخليلُ وسِيبَويه، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق لَهما:
إنَّهُمَا قَالَا: (الَّذين) لَا يَظهر فِيهَا الْإِعْرَاب، تَقول فِي
النَّصب وَالرَّفْع والجر: أَتَانِي الَّذين فِي الدَّار، وَرَأَيْت
الَّذين فِي الدَّار، ومررت بالذين فِي الدَّار، وَكَذَلِكَ: الَّذِي
فِي الدَّار.
قَالَا: وإنّما مُنِعا الْإِعْرَاب لأنّ الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون فِي
أَوَاخِر الْأَسْمَاء، و (الَّذِي) و (الَّذين) مُبهمان لَا يَتِمّان
إِلَّا بصِلاتهما، فَلذَلِك مُنِعا الْإِعْرَاب. وأصل (الَّذِي) : (لذ)
فَاعْلَم على وزن (عَم) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا بالك تَقول: أَتَانِي اللَّذَان فِي
الدَّار، وَرَأَيْت الَّذين فِي الدَّار؛ فتُعرب مَا لَا يُعْرب فِي
الْوَاحِد فِي تَثْنِيَته، نَحْو: هَذَانِ، وهذين؛ وَأَنت لَا تُعربُ
(هَذَا) و (لَا هَؤُلَاءِ) ؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك أَن جَمِيع مَا لَا يُعْرب فِي الْوَاحِد
مُشَبَّه بالحرف الَّذِي جَاءَ لِمَعْنى، فَإِن ثَنَّيْته فقد بَطَل
شَبَهُ الحَرْف الَّذِي جَاءَ لِمَعْنى، لأنّ حُرُوف الْمعَانِي لَا
تُثَنّى.
فَإِن قَالَ قائلٌ: فلِمَ مَنَعتْه الْإِعْرَاب فِي الْجمع؟ .
قلتُ: لأنّ الجَمْع لَيْسَ على حدّ التَّثْنية كالواحد، أَلا تَرى أنّك
تَقُول فِي جَمْع (هَذَا) : هَؤُلَاءِ يَا فَتى، فَجَعَلته اسْما
للْجمع، فَتبْنيه كَمَا بَنَيْتَ الْوَاحِد.
ومَن جَمع (الَّذين) على حد التَّثْنية قَالَ: جَاءَنِي الَّذُون فِي
الدَّار، ورأيتُ الّذين فِي الدّار. وَهَذَا لَا يَنبغي أَن يَقع؛ لأنّ
الجَمع يُسْتَثنى فِيهِ عَن حدّ التَّثْنية، والتَّثْنية
(15/31)
لَيْسَ لَهَا إِلَّا ضَرْبٌ وَاحِد.
ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الأُلَى: فِي معنى (الَّذين) ؛ وأَنشد:
فَإِن الأُلَى بالطَّفّ مِن آلِ هاشِمِ
قَالَ ابنُ الأنباريّ: قَالَ ابْن قُتَيْبة فِي قَوْله عَزّ وجلّ:
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً} (الْبَقَرَة: 17)
مَعْناه: كَمثل الّذين اسْتَوْقَدُوا نَارا؛ ف (الَّذِي) قد يَأْتِي
مُؤدِّياً عَن الْجَميع فِي بعض الْمَوَاضِع؛ واحْتَجّ بقوله:
إنّ الَّذِي حانَتْ بفَلْج دِماؤهم
قَالَ أَبُو بَكر: احْتجاجُه على الْآيَة بِهَذَا الْبَيْت غَلَطٌ؛
لِأَن (الَّذِي) فِي القُرآن اسمٌ وَاحِد رُبمَا أَدَّى عَن الجَمع
فَلَا واحدَ لَهُ، و (الَّذِي) فِي الْبَيْت جَمْعٌ واحدُه (اللَّذ)
وتَثْنيته (اللذا) وَجمعه (الَّذِي) .
وَالْعرب تَقول: جَاءَنِي الّذي تكلَّموا. وَوَاحِد (الَّذِي) :
اللَّذ؛ وأَنْشد:
يَا ربّ عَبْس لَا تُبارِكْ فِي أَحَدْ
فِي قائمٍ مِنْهُم وَلَا فِيمَن قَعَدْ
إلاّ الَّذِي قامُوا بأَطْراف المَسَدْ
أَرَادَ: الّذين.
قَالَ أَبُو بكر: و (الّذي) فِي الْقُرْآن وَاحِد لَيْسَ لَهُ وَاحِد:
و (الَّذِي) فِي الْبَيْت جَمعٌ لَهُ وَاحِد؛ وَأنْشد الفَراء:
فكنتُ والأمْر الّذي قد كِيدَا
كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيةً فاصْطِيدَا
وَقَالَ الأخْطل:
أَبني كُلَيب إنّ عَمَّيّ اللَّذا
قَتَلاَ المُلُوكَ وفَكَّكَا الأَغْلاَلاَ
قَالَ: و (الَّذِي) يكون مؤدِّياً عَن الْجمع. وَهُوَ وَاحِد لَا
وَاحِد لَهُ فِي مثل قَوْل النَّاس: أُوصي بِمَالي للَّذي غَزَا وحَجّ.
مَعْنَاهُ: للغازين والحجّاج.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا
عَلَى الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَحْسَنَ} (الْأَنْعَام: 154) .
قَالَ الفَرّاء: مَعْناه: تَمامًا للمُحْسنين، أَي تَمامًا للّذين
أَحْسنوا. يَعْني أنّه تمَّمَ كتُبَهم بكتابه.
وَيجوز أنْ يكون المَعنى: تَمامًا على مَا أَحْسن، أَي تَمامًا للَّذي
أَحْسَنه مِن العِلْم وكُتُب الله الْقَدِيمَة.
قَالَ: ومَعْنى قَوْله تعالَى: {كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً}
(الْبَقَرَة: 17) أَي مَثَلُ هَؤُلَاءِ المُنافقين كَمثل رَجُلٍ كَانَ
فِي ظُلْمة لَا يُبْصر من أَجلها مَا عَن يَمينه وشِماله وورائه وبَين
يَدَيه، وأَوْقد نَارا فأَبْصر بهَا مَا حَوله من قذًى وأذًى، فَبينا
هُوَ كَذَلِك طَفِئت نارُه فرجَع إِلَى ظُلْمته الأُولى، فَكَذَلِك
المُنافقون كانُوا فِي ظُلمة الشِّرْك ثمَّ أَسْلموا فعرَفوا الخَيْر
والشَّرَّ بِالْإِسْلَامِ، كَمَا عَرف المُستوقد لما طفِئت نارُه ورَجع
إِلَى أَمْره الأَوّل.
(15/32)
تَفْسِير ذُو، وَذَات
قَالَ: اللَّيْثُ: (ذُو) اسْم نَاقص: وتَفسيره: صَاحب ذَلِك،
كَقَوْلِك: فلانٌ ذُو مَال، أَي صَاحب مَال، والتَّثْنية: ذَوَان،
وَالْجمع: ذَوُون.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب شيءٌ يكون إعرابُه على حَرْفين
غير سَبع كَلِمَات، وهنّ: ذُو، وفو، وأخو، وَأَبُو، وحمو، وامرؤ،
وابنم.
فَأَما (فو) فَإنَّك تَقول: رَأَيْت فَا زَيْدٍ، وَهَذَا فُو زَيْدٍ.
وَمِنْهُم مَن يَنْصب (الْفَا) فِي كُلّ وَجْه، قَالَ العجّاجَ يَصف
الخَمر:
خالَط مِن سَلْمَى خَياشِيمَ وفَا
وَقَالَ الأصمعيّ: قَالَ بِشْر بن عُمر: قلتُ لذِي الرُّمَّة:
أَرَأَيْت قَوْلَه:
خالَط مِن سَلْمَى خياشِيمَ وفَا
قَالَ: إنّا لنقولها فِي كلامنا: قبح الله ذافَا
قَالَ أَبُو مَنْصور: وكلامُ الْعَرَب هُوَ الأوّل، وَذَا نادِرٌ.
قَالَ اللَّيْثُ: وَتقول فِي تَأْنِيث (ذُو) : ذَات، تَقول: هِيَ ذَات
مالٍ؛ فَإِذا وقفت فَمنهمْ مَن يَدع التَّاء على حَالهَا ظاهرَة فِي
الوقُوف، لِكَثْرَة مَا جَرَت على اللِّسان؛ وَمِنْهُم من يَرُدّ
الْفَاء إِلَى هَاء التَّأْنِيث، وَهُوَ الْقيَاس.
وَتقول: هِيَ ذاتُ مالٍ، وهما ذواتا مالٍ، وَيجوز فِي الشِّعر: ذاتا
مالٍ، والتَّمام أحسن؛ قَالَ الله تَعَالَى: {) تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَآ
أَفْنَانٍ} (الرحمان: 48) . وَتقول فِي الْجمع: الذّوُون.
قَالَ اللَّيْثُ: وهم الأدْنَون والأوْلَوْن؛ وَأنْشد للكُمَيت:
وَقد عَرَفت مَواليها الذّوِينَا
أَي الأخَصِّين، وَإِنَّمَا جَاءَت النُّون لِذهاب الْإِضَافَة.
وَتقول فِي جمع (ذُو) : هُم ذَوُو مالٍ، وهُنّ ذَوَات مَال، وَمثله:
أُولو مَال، وَهن أُلاَت مالٍ.
وَتقول العربُ: لقيتُه ذَا صباحٍ؛ وَلَو قيل: ذاتَ صَباح، مِثْلَ: ذاتَ
يومٍ، لَحَسُن، لأنَّ (ذَا) و (ذَات) يُراد بهما وَقت مُضاف إِلَى
الْيَوْم والصَّباح.
وَأما قولُ الله تَعَالَى: {فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ
بِيْنِكُمْ} (الْأَنْفَال: 1) ، فإنّ أَبَا العبّاس أَحْمد بن يحيى
قَالَ: أَرَادَ الْحَالة الَّتِي للبَيْن، وَكَذَلِكَ أتيتُك ذاتَ
العِشاء، أَرَادَ السَّاعَة الَّتِي فِيهَا العِشاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنى {ذَاتَ بِيْنِكُمْ} : حَقِيقَة
وَصْلكم، أَي اتّقوا الله وكونُوا مُجْتَمعين على أَمر الله وَرَسُوله.
وَكَذَلِكَ معنى: اللَّهُمَّ أصلح ذاتَ البَين، أَي أَصلح الْحَال
الَّتِي يَجْتمع بهَا المُسلمون.
(15/33)
أَبُو عُبَيد، عَن الفَرّاء: يُقَال:
لَقِيتُه ذاتَ يَوْمٍ، وذاتَ لَيْلة، وَذَات العُوَيْم، وَذَات
الزُّمَيْن، ولقيتُه ذَا غَبُوق، بِغَيْر تَاء، وَذَا صَبُوح.
ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: تَقول: أتيتُه ذَات الصَّبُوح، وذاتَ
الغَبُوق، إِذا أَتَيته غُدْوَةً وعَشِيَّة، وأتيته ذَا صباح وَذَا
مَساء.
قَالَ: وأتيتُهم ذَات الزُّمَيْن، وَذَات العُوَيم، أَي مذ ثَلَاثَة
أزمان وأَعْوام.
وَذَات الشَّيْء: حقيقتُه وخاصته.
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال: قلّت ذاتُ يدِه.
قَالَ: و (ذَات) هَا هُنَا: اسمٌ لما مَلَكت يَدَاهُ، كأنّها تَقع على
الأَموال.
وَكَذَلِكَ: عَرَفه من ذَات نَفْسه: كَأَنَّهُ يَعْني سَرِيرتَه
المُضْمَرة.
قَالَ: و (ذَات) ناقصةٌ، تمامُها: ذواتٌ، مثل: نَواة، فحذفوا مِنْهَا
الْوَاو، فَإِذا ثَنَّوا أَتَمُّوا فَقَالُوا: ذواتان، كَقَوْلِك:
نواتان، وَإِذا ثلّثوا رَجَعوا إِلَى (ذَات) فَقَالُوا: ذَوَات، وَلَو
جَمعوا على التّمام لقالوا: ذَوَيَات، كَقَوْلِك: نَوَيات، وتصغيرها:
ذُوَيّة.
وَقَالَ ابْن الأَنباريّ فِي قَوْله عَزّ وجَلّ: {إِنَّهُ عَلِيمٌ
بِذَاتِ الصُّدُورِ} (الْمَائِدَة: 8) مَعْناه: بحَقيقة القُلوب من
المُضْمرات، فتَأنيث (ذَات) لهَذَا المَعْنى، كَمَا قَالَ:
{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}
(الْأَنْفَال: 7) فأنَّث على مَعْنى (الطَّائِفَة) كَمَا يُقال: ذاتَ
يَوْم، فيُؤنِّثون لأنّ مَقْصدهم: لَقيته مَرَّةً فِي يَوْم.
وَقَوله تَعَالَى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن
كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ
الشِّمَالِ} (الْكَهْف: 17) ، أُريد (بِذَات) : الْجِهَة، فَلذَلِك
أنّثها؛ أَراد: جِهة ذَات يَمِين الكَهْف وَذَات شِماله.
بَاب: ذُو وذوى
مضافين إِلَى الْأَفْعَال
قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الفَرّاء: سمعتُ أعرابيّاً يَقُول: بالفَضْل ذُو
فَضَّلكم الله، والكَرامة ذاتُ أكْرمكُم الله بهَا. فيَجْعلون مَكَان
(الَّذِي) : ذُو، وَمَكَان (الَّتِي) : ذَات، ويرفعون التَّاء على كُلّ
حَال.
قَالَ: ويَخْلطون فِي الِاثْنَيْنِ وَالْجمع، وَرُبمَا قَالُوا: هَذَا
ذُو يَعْرِفُ، وَفِي التَّثْنِيَة: هَاتَانِ ذوَا يَعْرِف، وهَذان ذَوا
تَعْرف؛ وأَنشد الفرّاء:
وإنّ الماءَ ماءُ أَبِي وجَدِّي
وبِئْرِي ذُو حَفَرْت وَذُو طوَيْتُ
قَالَ الفَرّاء: وَمِنْهُم من يُثنِّي ويَجمع ويؤنّث، فَيَقُول:
هَذَانِ ذَوا قَالَا ذَلِك، وَهَؤُلَاء ذوُو قَالُوا ذَلِك، وَهَذِه
ذَات قَالَت؛ وأَنشد الفَرّاء:
جَمَعْتُها من أَيْنُق سَوابِقِ
ذواتُ يَنْهَضْنَ بغَيْرِ سائِقِ
(15/34)
وأَخبرني المُنْذريّ، عَن الحَرَّانيّ، عَن
ابْن السِّكِّيت: الْعَرَب تقولُ: لَا بِذِي تَسْلَمُ مَا كَانَ كَذَا
وَكَذَا، وللاثنين: لَا بِذِي تَسْلمان، وللجماعة: لَا بِذِي تَسْلمون،
وللمؤنث لَا بِذِي تَسْلَمين، وللجماعة: لَا بِذِي تَسْلَمْنَ.
والتأويل: لَا وَالله يُسَلِّمك مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، لَا
وَسَلامتك مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس المُبَرِّد: ممَّا يُضاف إِلَى الْفِعْل (ذُو)
فِي قَوْلك: افْعَل كَذَا بِذِي تَسْلَم؛ وافْعَلاَه بِذِي تَسْلمان.
مَعْنَاهُ: بِالَّذِي يُسلِّمك.
ورَوَى أَبُو حَاتِم، عَن الْأَصْمَعِي: تَقول العَرب: وَالله مَا
أَحْسَنْت بِذِي تَسْلَم.
قَالَ: مَعْنَاهُ: وَالله الَّذِي يُسلِّمك من المَرْهوب.
قَالَ: وَلَا يَقُول أحد: بِالَّذِي تَسلم.
قَالَ: وأمَّا قَوْل الشَّاعِر:
فإنّ بَيْت تَمِيم ذُو سَمِعْتَ بِهِ
فإنَّ (ذُو) هَا هُنَا بِمَعْنى: الَّذِي، وَلَا تكون فِي الرَّفع
والنَّصب والجرّ إِلَّا على لَفْظٍ وَاحِد. وَلَيْسَت بالصِّفة الَّتِي
تُعرب، نَحْو قَوْلك: مَرَرْت برَجُل ذِي مَال، وَهُوَ ذُو مَال،
وَرَأَيْت رجلا ذَا مَال.
قَالَ: وَتقول: رَأَيْت ذُو جَاءَك، وَذُو جاآك، وَذُو جاءُوك، وَذُو
جاءتْك، وَذُو جِئْنك، بِلَفْظ وَاحِد للمذكَّر والمؤنّث.
قَالَ: وَمَثَلٌ للْعَرَب: أتَى عَلَيْهِ ذُو أَتَى على النَّاس، أَي
الَّذِي أَتَى.
قلتُ: وَهِي لُغة طيِّىء، و (ذُو) بِمَعْنى: الَّذِي.
وَقَالَ اللَّيْثُ: تَقول: مَاذَا صَنَعْتَ؟ فَيَقُول: خيرٌ، وَخيرا،
الرّفْع على معنى: الَّذِي صَنَعْتَ خَيْرٌ، وَكَذَلِكَ رَفع قَول الله
عزَّ وجلّ: {وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}
(الْبَقَرَة: 217) ، أَي الّذي تُنْفِقُون هُوَ العَفو من أَمْوالكم،
فإيّاه فأَنْفِقوا؛ والنَّصْب للفِعْل.
وَقَالَ أَبو إسْحاق: مَعنى قَوْله: {مَاذَا يُنفِقُونَ} على ضَرْبين:
أَحدهمَا أَن يكون (ذَا) فِي معنى (الَّذِي) ، وَيكون (يُنْفقون) من
صفته. الْمَعْنى: يسْأَلُون أَي شَيْء يُنْفِقون؟ كَأَنَّهُ بَيَّن
وَجْه الَّذِي يُنْفِقون، لأنَّهم يَعلمون مَا المُنْفَق، ولكنَّهم
أَرَادوا عِلْم وَجْهه.
وَمثل جَعْلهم (ذَا) فِي معنى (الَّذِي) قولُ الشَّاعِر:
عَدَسْ مَا لِعَبَّاد عَلَيْكِ إمارةٌ
نَجَوْت وَهَذَا تَحْمِلين طَليقُ
الْمَعْنى: وَالَّذِي تحملين طَلِيق، فَيكون (مَا) رَفْعاً
بِالِابْتِدَاءِ، وَيكون (ذَا) خَبَرهَا.
قَالَ: وَجَائِز أَن يكون (مَا) مَعَ (ذَا) بِمَنْزِلَة اسمٍ وَاحِد،
وَيكون الْموضع نصبا ب (يُنْفقُونَ) . الْمَعْنى: يَسْأَلُونَك أَي
شَيْء
(15/35)
يُنفقون؟ .
قَالَ: وَهَذَا إِجْمَاع النَّحويين، وَكَذَلِكَ الأوَّل إجماعٌ
أَيْضا.
وَمثل: جَعْلهم (مَا) و (ذَا) بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد، قولُ
الشَّاعِر:
دَعِي مَاذَا عَلِمْتُ سأتّقيه
ولكنْ بالمُغَيَّبَ نَبِّئِينِي
كأنّه بِمَعْنى: دَعِي الَّذِي عَلِمت.
أَبُو زَيد: جَاءَ الْقَوْم من ذِي أَنْفُسهم، وَمن ذَات أَنفُسهم؛
وَجَاءَت المرأةُ من ذِي نَفْسها، وَمن ذَات نَفسهَا، إِذا جاءَا
طائعَيْن.
وَقَالَ غيرُه: جَاءَ فلانٌ من أيّة نَفسه، بِهَذَا الْمَعْنى.
والعربُ تَقول: لَاها الله ذَا، بِغَيْر ألف فِي الْقسم. والعامة
تَقول: لَا الله إِذا. وَإِنَّمَا الْمَعْنى: لَا وَالله هَذَا مَا
أُقسم بِهِ، فأَدخل اسْم الله بَين (هَا) و (ذَا) .
وَتقول الْعَرَب: وضعتِ المرأةُ ذَات بَطنها، إِذا ولدت؛ والذّئْب
مَغْبوط بِذِي بَطْنه: أَي بِجَعْوِه؛ وأَلْقى الرّجُلُ ذَا بَطْنه،
إِذا أَحْدَث.
وَيُقَال: أَتَيْنَا ذَا يَمن، أَي أَتينا اليَمَن.
وسَمِعْتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب يَقُول: كُنّا بِموضع كَذَا وَكَذَا
مَعَ ذِي عَمْرٍ و، وَكَانَ ذُو عَمْرٍ وبالصَّمَّان، أَي كنّا مَعَ
عَمْرو، ومعنا عَمْرو. و (ذُو) كالصّلة عِنْدهم، وَكَذَلِكَ (ذوى) .
قَالَ: وَهُوَ كَثير فِي كَلَام قَيْس ومَن جاوَرَهم.
و (ذَا) يُوصل بِهِ الْكَلَام؛ وَقَالَ:
تَمَنى شَبِيبٌ مِيتَةً سَفَلَتْ بِهِ
وَذَا قَطَرِيَ لَفَّه مِنْهُ وائلُ
يُريد: قطريّاً. و (ذَا) صلَة.
وَقَالَ الكُميت:
إِلَيْكُم ذَوِي آل النبيّ تَطَلَّعت
نوازِعُ من قلْبي ظِمَاءٌ وأَلْبُبُ
أَرَادَ: بَنَات الْقلب وهُمومه.
وَقَالَ آخر:
إِذا مَا كُنتُ مِثْلَ ذَوي عُوَيْفٍ
ودِينارٍ فَقَامَ عَلَيّ ناعِي
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال: مَا كلّمت فلَانا ذاتَ شَفة، وَلَا ذَات
فَمٍ، أَي لم أُكلّمه كلمة.
وَيُقَال: لَا ذَا جَرَمَ، وَلَا عَن ذَا جَرمَ، أَي لَا أعلم ذَاك هَا
هُنَا، كَقَوْلِهِم: لَاها الله ذَا، أَي لَا أَفعل ذَلِك.
وَتقول: لَا والّذي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَإِنَّهَا تملأ الفَمَ
وتَقطع الدَّم لأفعلنّ ذَلِك.
وَتقول: لَا وَعَهد الله وعَقْده لَا أَفعل ذَلِك.
تَفْسِير إِذْ وَإِذا وَإِذن
قَالَ اللَّيْثُ: تَقول العربُ: (إِذْ) لما
(15/36)
مَضى، و (إِذا) لما يسْتَقْبل الوَقْتين من
الزَّمَان.
قَالَ: و (إِذا) جَوَاب تَأكيد للشّرط، ينوّن فِي الِاتِّصَال، ويُسكن
فِي الْوَقْف.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَضع (إِذْ) للمُستقبل، و (إِذا) للماضي.
قَالَ الله عَزّ وجَلّ: {سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ
فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} (سبأ: 51) ،
مَعْنَاهُ: وَلَو تَرَى إِذْ يَفْزعون يومَ الْقِيَامَة.
وَقَالَ الفَرّاء: إِنَّمَا جَازَ ذَلِك لأنّه كالواجب، إِذْ كَانَ لَا
يُشك فِي مَجيئه، وَالْوَجْه فِيهِ (إِذا) ، كَمَا قَالَ عَزّ وَجل: {}
(الانشقاق: 1) {} (التكوير: 1) .
وَتَأْتِي (إِذا) بِمَعْنى: (إِن) الشّرطِيَّة، كَقَوْلِك: أُكْرمك
إِذا أَكْرَمَتْني، مَعْنَاهُ: إِن أَكْرمتني.
وَأما (إِذا) المَوْصولة بالأَوقات، فَإِن الْعَرَب تصلها فِي
الْكِتَابَة بهَا فِي أَوْقَات مَعْدودة، فِي: حِينَئِذٍ، ويَومئذ،
ولَيلَتئذ، وغَدَاتئذ، وعَشِيَّتَئذ، وساعَتئذ، وعامَئذ. وَلم يقُولوا:
الآنئذِ، لأنّ (الْآن) أقْرب مَا يكون فِي الْحَال، فَلَمَّا لم يتحوّل
هَذَا الِاسْم عَن وَقت الْحَال، وَلم يتباعد عَن ساعَتِك الَّتِي
أَنْت فِيهَا لم يتمكّن، وَلذَلِك نُصبَ فِي كُلّ وَجه.
ولمّا أَرَادوا أَن يُباعدوها ويُحولّوها من حَال إِلَى حَال وَلم
تَنْقدْ، كَقَوْلِك: أَن تقولُوا الآنئذ، عَكسوا ليُعْرَف بهَا وقتُ
مَا تَبَاعد من الْحَال، فقالُوا: حِينَئِذٍ، وَقَالُوا: الآنَ، لساعتك
فِي التَّقْرِيب؛ وَفِي الْبعد: حِينَئِذٍ، ونُزِّل بمنزلتها الساعةُ،
وساعتئذ، وَصَارَ فِي حدّهما: الْيَوْم، ويومئذ.
والحُروف الَّتِي وَصفناها على ميزَان ذَلِك مَخْصوصةٌ بتوقيت لم
يُخَصّ بِهِ سَائِر أزمان الْأَزْمِنَة، نَحْو: لَقيته سنةَ خَرج
زَيْدٌ، ورأيته شَهْرَ تَقَدَّم الحَجّاجُ، وَكَقَوْلِه:
فِي شَهْر يَصْطَادُ الغُلامُ الدُّخَّلاَ
فَمن نَصب (شهرا) فَإِنَّهُ يَجْعَل الْإِضَافَة إِلَى هَذَا الْكَلَام
أجمع، كَمَا قَالُوا: زمَنَ الْحجَّاج أَمِيرٌ.
قَالَ اللَّيْثُ: فَإِن وَصَلت (إِذا) بِكَلَام يكون صلَة أَخْرجتها
مِن حَدّ الْإِضَافَة، وَصَارَت الْإِضَافَة إِلَى قَوْلك: إِذْ تَقول،
وَلَا تكون خَبرا كَقَوْلِه:
عَشِيّة إِذْ تَقُول يُنَوِّلُونِي
كَمَا كَانَت فِي الأَصْل، حَيْثُ جَعَلْتَ (تَقول) صلَة أَخْرجتها مِن
حَدّ الْإِضَافَة وَصَارَت الْإِضَافَة (إِذْ تَقول) جُملة.
قَالَ الفَرّاء: وَمن العَرب من يَقُول: كَانَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ
إِذْ صَبِيٌّ، أَي هُوَ إِذْ ذَاك صَبِيّ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
(15/37)
نَهَيْتُك عَن طِلاَبك أُمَّ عَمْرٍ
وبعافِيةٍ وَأَنت إذٍ صَحِيحُ
قَالَ: وَقد جَاءَ: أَوَانئذ، فِي كَلَام هُذَيل؛ وأَنشد:
دلَفْتُ لَهَا أَوَانئِذٍ بسَهْمٍ
نَحِيضٍ لم تُخَوِّنْه الشُّرُوجُ
قَالَ ابْن الأَنْبَاِريّ فِي (إِذْ) و (إِذا) : إِنَّمَا جَازَ للماضي
أَن يكون بِمَعْنى المُستقبل إِذا وَقع الْمَاضِي صِلَةً لمُبْهم غير
مُؤَقت، فجرَى مَجْرَى قَوْله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ
وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} (الْحَج: 25) مَعْنَاهُ: إنّ
الَّذين يكْفُرون ويَصُدّون عَن سَبِيل الله؛ وَكَذَلِكَ قَوْله:
{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ}
(الْمَائِدَة: 34) مَعْنَاهُ: إلاّ الَّذين يَتُوبون.
قَالَ: ويُقال: لَا تَضْرب إِلَّا الَّذِي ضَرَبك إِذا سَلّمت
عَلَيْهِ، فتَجيء (إِذا) ، لِأَن (الَّذِي) غير مُؤقَّت، فَلَو وَقّتَه
فَقَالَ: اضْرب هَذَا الَّذِي ضَرَبك إِذا سَلّمت عَلَيْهِ، لم يجز فِي
هَذَا اللَّفْظ؛ لأنّ تَوْقِيت (الَّذِي) أَبطل أَن يكون الْمَاضِي فِي
مَعْنى المُستقبل.
وَتقول العربُ: مَا هَلك امْرؤٌ عَرَف قَدْرَه، فَإِذا جاءُوا ب (إِذا)
قَالُوا: مَا هلك امرؤٌ إِذا عَرَف قَدْرَه؛ لأنّ الفِعل حَدَثٌ عَن
مَنكور يُراد بِهِ الجِنْس؛ كأنّ المتكلمِ يُريد: لَا يَهلك كُلُّ
امْرىء إِذا عَرف قَدْرَه، وَمَتى عَرَف قدره؛ وَلَو قَالَ: إِذا عَرَف
قدره، لَوَجب تَوْقيت الْخَبَر عَنهُ، وَأَن يُقال: مَا هَلك امْرؤٌ
إِذا عَرف قدره؛ وَلذَلِك يُقال: قد كنتُ صَابِرًا إِذا ضربْت، وَقد
كنت صَابِرًا إِذْ ضربت، تذْهب ب (إِذا) إِلَى ترديد الْفِعْل، تُريد:
قد كنت صَابِرًا كُلّما ضَرَبت. وَالَّذِي يَقُول: إِذْ ضربت، يذهب
إِلَى وَقت وَاحِد وَإِلَى ضَرْب مَعْلوم مَعْروف.
وَقَالَ غَيره: (إِذْ) إِذا ولي فِعْلاً أَو اسْماً لَيْسَ فِيهِ ألف
وَلَام، إِن كَانَ الفِعل مَاضِيا أَو حرفا مُتحرِّكاً فالذال مِنْهَا
سَاكِنة، فَإِذا وليت اسْما بِالْألف وَاللَّام جُرّت الذَّال،
كَقَوْلِك: إِذْ القومُ كَانُوا نازِلين بكاظِمَة، وَإِذ النَّاس مَن
عَزَّ بَزَّ.
وَأما (إِذا) فَإِنَّهَا إِذا اتَّصلت باسم مُعَرَّف بِالْألف
وَاللَّام، فَإِن ذالها تُفْتح إِذا كَانَ مُسْتَقْبلاً، كَقَوْل الله
عَزَّ وجَلّ: {} {كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ} (التكوير:
1، 2) لِأَن مَعْناها: إِذا.
قَالَ ابْن الأَنْباري: {} (الانشقاق: 1) بِفَتْح الذَّال وَمَا
أَشْبَهها، أَي تَنْشَق، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهها، وَإِذا انْكَسَرت
الذَّال فَمَعْناها: (إِذْ) الَّتِي للماضي؛ غير أَن (إِذْ) تُوقع
مَوْقع (إِذا) و (إِذا) موقع (إِذْ) .
قَالَ الله تعالَى: {وَلَوْ تَرَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِذِ الظَّالِمُون
(15/38)
َ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} (الْأَنْعَام:
93) مَعْنَاهُ: إِذا الظَّالِمُونَ، لِأَن هَذَا الْأَمر مُنْتظر لم
يَقَع؛ وَقَالَ أَوْسٌ فِي (إِذا) بِمَعْنى (إِذْ) :
الحافظُو الناسِ فِي تَحُوطَ إِذا
لم يُرسِلُوا تَحْتَ عائذٍ رُبَعا
أَي إِذْ لم يُرْسِلوا؛ وَقَالَ على إثره:
وَهبَّت الشاملُ البَلِيلُ وإذْ
باتَ كَميعُ الفَتاة مُلْتَفِعَا
وَقَالَ آخر:
ثمَّ جَزاه الله عنّا إِذْ جَزَى
جَنَّاتِ عَدْنٍ والعَلالِيّ العُلاَ
أَراد: إِذا جزَى.
ورَوى الفَرّاء عَن الكِسائيّ أنّه إِذا قَالَ: (إِذا) مُنوَّنة، إِذا
خلت بِالْفِعْلِ الَّذِي فِي أَوله أَحد حُرُوف الِاسْتِقْبَال
نَصَبَتْه، تَقول مِن ذَلِك: إِذا أُكْرِمَك، فَإِذا حُلْتَ بَينهَا
وَبَينه بِحرف رَفَعْت ونَصَبت، فقُلْت: فَإِذا لَا أُكْرِمُك، وَلَا
أكْرِمَك؛ فَمن رفع فِيهَا لحائل، وَمن نَصب فعلَى تَقْدير أَن يكون
مُقدَّماً، كَأَنَّك قلت: فَلَا إِذا أكْرِمَك، وَقد خَلت بِالْفِعْلِ
بِلَا مَانع.
قَالَ أَبُو العبّاس أَحمد بن يحيى: وَهَكَذَا يَجُوز أَن يُقرأ:
{فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} (النِّسَاء: 52) بالرَّفع
والنَّصْب.
قَالَ: وَإِذا حُلْت بَينهَا وَبَين الْفِعْل باسمٍ فارْفَعه: تَقول:
إِذا أَخُوك يُكْرِمُك، فَإِن جَعلت مَكَان الِاسْم قَسَماً نَصَبْتَ،
فَقلت: إِذا وَالله تنامَ، فَإِن أَدخلت اللَّام على الفِعل مَعَ
القَسم رَفَعْت، فَقلت: إِذا وَالله لتَنْدَمُ.
وَقَالَ سِيبويه: والّذي نَذهب إِلَيْهِ ونَحكيه عَنهُ أنَّ (إِذا)
نَفْسها الناصبة، وَذَلِكَ لِأَن (إِذا) لما يُسْتقبل لَا غَير فِي
حَال النَّصْب، فَجَعلهَا بِمَنْزِلَة (أنْ) فِي الْعَمَل كَمَا جُعلت
(لَكِن) نظيرة (أنّ) فِي العَمل فِي الأَسْماء.
قَالَ: وكِلاَ القَوْلَيْن حسَنٌ جَميل.
وَقَالَ الزّجّاج: الْعَامِل عِندي النَّصْب فِي سَائِر الْأَفْعَال
(أنْ) ، إمّا أَن تقع ظَاهِرَة أَو مُضْمَرة.
قَالَ أَبُو العبّاس: يُكتب، كَذَى وكذَى، بِالْيَاءِ، مثل. زَكَى
وخَسى.
وَقَالَ المُبَرّد: كَذَا وَكَذَا، يكْتب بِالْألف؛ لِأَنَّهُ إِذا
أُضيف قيل: كَذَاك.
فأُخْبر ثعلبٌ بقوله، فَقَالَ: فَتى، يكْتب بِالْيَاءِ، ويضاف فيُقال:
فَتَاك.
وأَجمع القُرّاء على تَفْخِيم: ذَا، وَهَذِه، وَذَاكَ، وَذَلِكَ،
وَكَذَا، وَكَذَلِكَ؛ لم يُمِيلُوا شَيْئاً من ذَلِك.
أَذَى: قَالَ اللَّيْثُ: الأذَى: كُلُّ مَا تَأَذَّيْتَ بِهِ.
ورَجُلٌ أَذِيٌّ، إِذا كَانَ شَديدَ التأَذِّي، فِعْلٌ لَهُ لازِمٌ.
وقولُه: {لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالاَْذَى}
(الْبَقَرَة: 264) الأذَى، هُوَ مَا تَسْمعه من
(15/39)
المَكروه.
وَمِنْه {الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} (الْأَحْزَاب: 48) أَي دَع
أَذَى المُنافِقِين لَا تُجازِهِم عَلَيْهِ إِلَى أَنْ تُؤْمَر فيهم
بأَمْر.
وَفِي الحَدِيث: (أَميطوا عَنهُ الأذَى) ، يَعْني الشَّعَر الَّذِي
يَكون على رَأس المَولود حِين يُولَد.
أَبُو عُبَيدة، عَن الأمويّ: بَعِيرٌ أَذٍ، وناقةٌ أَذِيةٌ، إِذا
كَانَا لَا يَقَرّان فِي مَكَان وَاحِد، عَن غَير وجع ولكنْ خِلْقةً.
ويُقال: آذَيْتُه إِيذَاء وأَذِيَّة.
وَقد تأَذَّيت بِهِ تأَذِّياً.
وأَذِيت آذَى أَذَى.
ذأى: قَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: ذأَى يَذأَى ويَذْءُو، ذَأْياً
وذَأْواً، وَهُوَ ضَرْبٌ من عَدْو الْإِبِل.
وحمار مِذْأًى، مَقْصور بهَمْزة.
أَبُو عُبَيد، عَن الفَرّاء: الذَأْوُ: سَيْرٌ عَنِيف؛ يُقال: ذَأى
الإبلَ يَذْآها ويَذْؤُوها، ذَأْياً وذَأْواً.
وَقَالَ غيرُه: حِمَارٌ مِذْأًى: طَرَّادٌ لأتُنه؛ وَقَالَ أَوْسُ بنُ
حَجَر:
فَذَأوْنَه شَرَفاً وكُنَّ لَهُ
حتّى تَفَاضَلَ بَينها جَلَبَا
وَقد ذَآها يَذْآها، ذَأْياً وذَأْواً، إِذا طَرَدها.
ذيا: قَالَ أبُو زَيْدٍ: ذَيَّأتُ اللَّحْمَ، إِذا أَنْضَجْتَه حَتَّى
يَسْقُط عَن عَظْمه.
وَقد تَذَيّأ اللَّحْمُ تَذَيُّؤاً، إِذا انْفَصل عَن العَظْمِ
بِفَسَادٍ أَو طَبْخٍ.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمَعيّ: إِذا فَسَدَت القُرْحَةُ وتَقَطَّعت،
قيل: قد تَذَيأَت تَذَيُّؤاً، وتَهَذأَت تَهَذُّؤاً؛ وَأنْشد شَمِرٌ:
تَذَيَّأ مِنْهَا الرَأْسُ حتّى كأنّه
مِن الحَرِّ فِي نَارٍ يَبِضُّ مَلِيلُها
وذأ: فِي حَديث عُثْمان، رَحمه الله: أنّه بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُب ذاتَ
يَوْمٍ فَقَامَ رَجُلٌ فنالَ مِنْهُ، فَوَذَأه ابْنُ سَلاَم فاتَّذَأ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا يَمْنَعنك مكانُ ابْن سَلاَم أنْ تَسُبّه
فإنّه مِن شِيعَته.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأمَوِيّ: يُقال: وَذَأْتُ الرَّجلَ، إِذا
زَجَرْتَه، فاتَّذَأ، أَي انْزَجر.
وَقَالَ أَبُو زَيد: وَذَأت الرُّجل أذؤُه وَذْءاً، إِذا أَنْت
حَقَرْته.
وَقَالَ أَبُو مَالك: مَا بِهِ وَذْأةٌ وَلَا ظَبْظَابٌ، أَي لَا عِلّة
بِهِ، بالهَمْز.
وَذَا: رَوى أَبُو عُبَيد، عَن الأصمَعيّ: مَا بِهِ وَذْيَة.
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: مَا بِهِ وَذْيَة، وَهُوَ
مثل حَزّة.
وَقيل: مَا بِهِ وَذْيَةٌ، أَي مَا بِهِ عِلّةٌ.
وَقَالَ: الوُذِيُّ: هِيَ الْخُدُوش.
ابْن السِّكّيت: قَالَت العامِرِيّة: مَا بِهِ وَذْيَةٌ، أَي لَيْسَ
بِهِ جِرَاح.
(15/40)
وَقَالَ الكِلابيّ: يُقال للرّجُل إِذا
برأَ مِن مَرضه: مَا بِهِ وَذْيَةٌ، وَمَا بِهِ عِلّة.
وَفِي الحَدِيث: أوحى الله إِلَى مُوسَى: أمِن أجل دُنيا دَنيّة وشهوة
وَذِيّة؟ .
قَوْله: وَذِيّة، أَي حَقِيرة.
ذوى: يُقَال: ذَوَى العُودُ يَذْوِي ذَيّاً، وَهُوَ ألاّ يُصِيبَه
رِيُّه، أَو يَضْرِبه الحَرّ، فَيَذْبُلَ ويَضْعُف.
وَقَالَ اللَّيْثُ: لُغة أهل بيشة: ذَأى العُودُ.
وَقَالَ أبُو عُبَيْدة: قَالَ بَعْضُ العَرب: ذَوِي العُودُ يَذْوى،
وَهِي لُغة رَدِيئَة.
وَقَالَ ابْن السِّكيت والفَرّاء: ذَوَى العودُ يَذْوِي.
ورَوى ثعلبٌ، عَن ابْن الأعرابيّ: الذَّوَى: قُشُور العِنَب.
والذِّوَى: النِّعَاج الضِّعَافُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الذَّوَاة: قِشْرة الحِنْطة والعِنَبة
والبِطِّيخة.
ذيا: قَالَ الكلابيّ: يَقول الرَّجُلُ لصَاحبه: هَذَا يومُ قُرَ.
فيقُول الآخَرُ: وَالله مَا أَصْبَحَتْ بِها ذِيَّةٌ، أَي لَا قُرَّ
بهَا.
ذيت و (ذية) : أَبُو حَاتِم، عَن الأصمَعيّ: اللُّغة الكثِيرةُ: كَانَ
من الْأَمر كَيْتَ وكَيْتَ، بِغَيْر تَنْوين، وذَيْتَ وذَيْتَ، كَذَلِك
بالتَّخْفيف.
وَقد ثَقَّل قومٌ فَقَالُوا: ذَيَّتَ وذَيَّتَ، فَإِذا وقفُوا قَالُوا:
ذَيَّه، بِالْهَاءِ.
وروى ابْن نَجْدة، عَن أبي زيد، قَالَ: العربُ تَقول: قَالَ فلَان:
ذَيْتَ وذَيْتَ، وعَمل كَيْتَ وكَيْتَ، لَا يُقال غَيره.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقَال كَانَ من الْأَمر كيتَ وكيتَ، وكيتِ
وكيتِ، وذيتَ وذيتَ، وذيتِ وذيتِ.
وروى ابْن شُمَيل، عَن يُونس: ذيَّةُ وكيّةُ: مُشدَّدة مَرْفوعة.
ذأذأ: عمرٌ و، عَن أَبِيه: الذَأْذَاءُ: زَجْر الحَليم السَّفِيهَ.
يُقال: ذَأْذَأْتُه ذَأْذأَةً: زَجَرْتُه.
وذذ: عَمرو، عَن أَبِيه، قَالَ: وَذْوَذُ المَرْأة: بُظارَتُها إِذا
طالَتْ؛ وَقَالَ الشاعرُ:
من الّلائِي اسْتَفاد بَنُو قُصَيَ
فجَاء بهَا وَوَذْوَذُها يَنُوس
أذي: قَالَ ابْن شُمَيْل: آذِيُّ الماءِ: الأَطْبَاقُ الَّتِي ترَاهَا
تَرْفعها من مَتْنِه الرِّيحُ دُون المَوْج.
وَقَالَ غيرُه: الآذِيّ: المَوْجُ؛ وَقَالَ المغُيرة بن حَبْناء:
إِذا رَمى آذيُّه بالطِّمِّ
تَرى الرِّجَالَ حوله كالصُّمِّ
مِن مُطْرِقٍ ومُنِصْتٍ مُرِمِّ
(15/41)
بَاب الرباعي من الذَّال
برذن: قَالَ اللَّيْثُ: البِرْذَوْنُ، مَعْرُوف؛ وسَيْرَتُه:
البَرْذَنَة.
والأُنثى: بِرْذَوْنَة.
وَإِذا مَشى الفَرَسُ مَشْيَ البِرْذَوْن قيل: بَرْذَن الفَرَسُ.
وحُكي عَن المُؤَرِّج أنّه قَالَ: سألتُ فلَانا عَن كَذَا وَكَذَا
فَبرْذَن لي، أَي أَعْيا وَلم يُجِب.
وَجمع (البِرْذَوْن) : بَرَاذِين.
والبَراذِين مِن الخَيْل: مَا كَانَ مِن غير نِتَاج العِرَاب.
والأُنْثى: بِرْذَوْنة.
ذرمل: أَبُو العبَّاس، عَن ابْن الأَعْرابيّ: ذَرْمَلَ الرَّجُلُ، إِذا
أَخْرَج خُبْزَته مُرَمَّدةً ليُعَجِّلها على الضَّيْف.
وَقَالَ ابْن السِّكيِّت: ذَرْمَل ذَرْمَلةً، إِذا سَلَح؛ وأَنْشد:
لَعْواً مَتى رأَيْتَه تَقَهَّلا
وَإِن حَطَأْت كَتِفَيه ذَرْمَلاَ
تمّ كتاب الذَّال
والمنّة لله وَحده
(15/42)
|