تهذيب اللغة

كتاب الثَّاء من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف مِنْهُ

(بَاب الثَّاء وَالرَّاء)
ث ر
ثر رث: مستعملان.
ثر: قَالَ اللَّيْثُ: يُقال لِلْعَيْن الغَزيرة المَاء: عَيْنٌ ثَرَّةٌ.
وَقد ثَرَّت تَثُرّ ثَرَارَة.
وطَعْنَةٌ ثَرَّةٌ، أَي واسِعة.
وَكَذَلِكَ عَيْنُ السَّحَاب.
وكُلُّ نعت فِي حَدّ المُدْغَم إِذا كَانَ على تَقْدير (فَعَل) فأَكْثره على تَقْدِير (يَفْعِل) ، نَحْو: طَبّ يطِبّ، وثَرّ يثِرّ.
وَقد يَختلف فِي نَحْو: خبَّ يَخُبّ، فَهُوَ خَبٌّ.
قَالَ: وكلّ شَيْء فِي بَاب التَّضْعِيف فِعْله من (يفعل) مَفْتوح: فَهُوَ فِي (فَعِيل) مكسور فِي كُلّ شَيْء، نَحْو، شَحّ يَشِحّ، وضَنَّ يَضِنّ، فَهُوَ شَحِيح وضَنين.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: شَحّ يَشُحّ، وضَنّ يضُنّ.
وَمَا كَانَ من أفعل وفَعْلاء من ذَوَات التَّضْعِيف، فإنّ (فَعِلْت) مِنْهُ مكسورالعين و (يفعل) مَفْتُوح، نَحْو: أصمّ وصمّاء. وَأَشَمَّ وشمّاء؛ تَقول: صَمِمْت يَا رجل تَصمّ. وجَمِمْت يَا كبْشُ تَجَمٌ.
وَمَا كَانَ على (فَعَلْت) من ذَوَات التَّضْعيف غير وَاقع، فإنّ (يفْعِل) مِنْهُ مكسور الْعين، نَحْو: عَفَّ يَعِفّ، وخَفَّ يَخِفّ.
وَمَا كَانَ مِنْهُ وَاقعا نَحْو: رَدَّ يرُدّ، ومَدَّ يَمُدّ، فإنّ (يَفْعُل) مِنْهُ مضموم، إِلَّا أَحْرُفاً جَاءَت نادرة، وَهِي: شدَّه يَشُدّه. ويَشِدّه، وعَلّه يَعُلّه ويعِلُّه، ونَمّ الحَدِيث يَنُمَّه ويَنِمَّه، وهَرَّ الشيءَ إِذا كرهه يَهُره ويَهِرّه.
قَالَ: هَذَا كُله قولُ الفَرَّاءِ وغيرِه من النَّحْويين.
وَقَالَ اللَّيْثُ: تَقول نَاقَة ثَرَّةٌ وثَرُور، إِذا كَانَت كَثِيرَة اللّبن إِذا حُلِبت.
والثَّرْثَرة فِي الْكَلَام: الكَثْرة؛ وَفِي الْأكل: الْإِكْثَار فِي تَخْليط، تَقول: رَجُلٌ ثَرْثَارٌ، وامرأةٌ ثَرْثارة، وقومٌ ثَرْثَارُون.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنْ أَبْغضكم إليّ الثّرْثارون المُتَفَيْهِقون) .
وبناحية الجزيرة عينٌ غَزِيرة المَاء يُقَال

(15/43)


لَهَا: الثّرْثارُ.
وسحابة ثَرّة: كثيرةُ المَاء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثَرّ يَثِرُّ. إِذا اتّسَعَ؛ وثَرّ يَثُرّ، إِذا بَلّ سَويقاً أَو غَيْرَه.
وَفِي حَدِيث خُزَيمة: ونَقصت لَهَا الثّرَّةُ، هِيَ الكَثْرة.
يُقَال: مالٌ ثَرٌّ، إِذا كَانَ كثيرا.
قَالَ ابْن السِّكّيت: الثّرُورُ: الواسِعة، الإحْلِيل، وَهِي الفَتُوح، وَقد فَتَحت وأَفْتَحَت. فإِذا كَانَت ضَيِّقة الإحْليل فَهي حَصُور، وَقد حَصَرت وأَحْصَرت. فَإِذا كَانَ أحد خِلْفيها أَعظم فَهِيَ حَضُون، وَإِذا ذَهَب أحَدُ خِلْفَيْها فَهِيَ شَطُور.
رث: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّثُّ: الخَلَقُ الْبَالِي.
يُقَال: حَبْلٌ رَثُّ، وثَوْبٌ رثٌّ.
ورَجُلٌ رَثُّ الهَيْئة فِي لُبْسه.
والفِعْل: رَثَّ يَرِثّ، وَيَرُثّ، رَثَاثةً ورُثُوثَةً.
أَبُو عُبيد: الرِّثّة والرَّثّ، جَمِيعًا: رَدِيء المَتَاع.
وَقد ارْتثَثْنا رِثّة الْقَوْم، إِذا جَمَعْناها.
وَقَالَ غَيره: تُجْمَع (الرِّثّة) : رِثَاث.
ويُقال للرّجل إِذا ضرب فِي الْحَرْب فأُثْخن وحُمِل وَبِه رَمَقٌ ثمَّ مَاتَ: قد ارْتُثّ فلانٌ، وَمِنْه قولُ الخنساء حِين خَطَبها دُرَيْدُ بنُ الصّمّة على كِبَر سِنّه: أَتَرَوْنني تاركةً بَني عَمِّي كَأَنَّهُمْ عَوالي الرِّماح ومُرتَثّة شَيْخَ بني جُشَم.
أَرَادَت أَنه أسَنّ وقَرُب من الْمَوْت وضَعُف، فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَن حُمِل من المَعركة وَقد أَثْبتته الجراحُ لِضَعْفه.
والرِّثّة: خُشارة النَّاس وضُعَفاؤهم، شُبِّهوا بالمَتاع الرَّدِيء. قَالَ ذَلِك أَبُو زَيد.
وَمِنْه حَدِيث النّعمان بن مُقَرِّن يَوْم نَهَاوَنْد: إِن هَؤُلَاءِ قد أَخْطَرُوا لكم رِثّةً وأَخْطَرتُم لَهُم الإسْلاَم.
وَفِي الحَدِيث: (فَجَمَعْتُ الرِّثاث إِلَى السَّائِب) ، يَعْنِي: القماش ورَدِيء المَتاع.
حدّثنا أَبُو يزِيد، قَالَ: حدّثنا عبد الْجَبَّار. عَن سُفيان، قَالَ: سمِعتُ أَبَا إِسْحَاق الشَّيْبانيّ يُخبر عَن عَرْفجة، عَن أَبِيه، قَالَ: عَرَّف عليٌّ رِثّة أَهْل النَّهْر، قَالَ: فَكَانَ آخِر مَا بَقي قِدْرٌ. قَالَ: فَلَقَد رأيتُها فِي الرَّحبة وَمَا يَغْتَرِفُها أحَدٌ.
قَالَ: والرِّثة: المَتاع وخُلْقان الثِّياب.

(بَاب الثَّاء وَاللَّام)
ث ل
لث، ثلث: (مستعملان) .
لث: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعْرابيّ: اللَّثّ: الإقامَةُ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: أَلْثَثْت بِالْمَكَانِ إلْثَاثاً، وأَرْبَبْتُ إرْبَاباً، إِذا أَقَمْتَ بِهِ وَلم

(15/44)


تَبْرَحْه.
قَالَ: وَقَالَ الأصْمعيّ: أَلَثّ المَطَرُ إلْثَاثاً، إِذا ذام أيَّاماً لَا يُقْلع.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: تَلَثْلَثْتُ: تَرَدَّدْتُ فِي الأمْر وتَمَرَّغت.
وَقَالَ الكُمَيْت:
لطالَما لثْلَثَتْ رَحْلي مطِيَّتُه
فِي دِمْنةٍ وسَرَتْ صَفْواً بأَكْدَاِر
قَالَ: لَثْلَثْت: مَرّغت؛ وَقَالَ:
تَلَثْلَثْتُ فِيهَا أَحْسَب الجَوْرَ أَقْصَدَا
وَقَالَ اللَّيْثُ: لَثْلَث السَّحابُ إِذا تَردَّد فِي مكانٍ، كُلّما ظَنَنْت أنّه ذَهب جَاءَ.
والرَّجُل اللَّثْلاَثَةُ: البَطِيء فِي كُلّ أَمْر، كُلَّما ظَنَنْت أَنه قد أَجَابك إِلَى الْقيام فِي حاجَتك تقاعَس؛ وَأنْشد لرُؤبة:
لَا خَيْر فِي وُدِّ امْرِىء مُلَثْلِثِ
ثلث: قَالَ اللَّيْثُ: والثَّلاثةُ، من العَدَد.
تَقول: ثلَثْتُ القَوْمَ أَثْلِثهُم ثَلْثاً، إِذا أَخَذت ثُلث أَمْوَالهم؛ وَأنْشد ابْن الأعْرابيّ:
فإنْ تَثْلِثُوا فنَرْبَعْ وَإِن يَكُ خامِسٌ
يَكُنْ سادسٌ حَتَّى يُبِيرَكُمُ القَتْلُ
أَرَادَ بقوله: تَثْلِثُوا، أَي تَقْتُلوا ثَالِثا.
وَيُقَال: فلانٌ ثالثُ ثَلَاثَة، مُضَاف؛ قَالَ الله تعالَى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} (الْمَائِدَة: 76) .
قَالَ الفَرَّاء: لَا يكُون إِلَّا مُضافاً، وَلَا يجوز التَّنْوين فِي (ثَالِث) فتنصب (الثَّلَاثَة) وَكَذَلِكَ قَوْله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} (التَّوْبَة: 41) لَا يكون إلاّ مُضَافا، لِأَنَّهُ فِي مَذْهب الِاسْم، كَأَنَّك قلت: وَاحِد من اثْنين، وَوَاحِد من ثَلَاثَة، أَلا ترى أَنه لَا يكون ثَانِيًا لنَفسِهِ وَلَا ثَالِثا لنَفسِهِ، وَلَو قلت: أَنْت ثالثُ اثْنين، جَازَ أَن يُقَال: ثالثُ اثْنين، بِالْإِضَافَة والتنوين ونَصْب الِاثْنَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَو قلت: أَنْت رابعُ ثَلَاثَة، ورابعٌ ثَلَاثَة. جَازَ ذَلِك، لِأَنَّهُ فِعْل وَاقع.
وأَخبرني المُنْذري، عَن أبي العبّاس، عَن سَلَمة، عَن الفَرّاء، قَالَ: قَالُوا: كَانُوا اثْنَين فَثَلثتُهما، وَهَذَا مِمَّا كَانَ النّحويُّون يَختارونه.
وَكَانُوا أحد عشر فَثَنَيْتُهم، وَمَعِي عشرَة فأَحِّدْهن لِيَهْ، واثْنيهنّ، واثْلِثْهُن، هَذَا فِيمَا بَين اثْني عشر إِلَى الْعشْرين.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله عزّ وجلّ: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} (النِّسَاء: 3) مَعْنَاهُ: اثْنتين اثْنَتَيْنِ، وثَلاثاً ثَلَاثًا، إِلَّا أَنه لم ينْصَرف لجهتين، وَذَلِكَ أَنه اجْتمع عِلّتان: إِحْدَاهمَا أَنه مَعْدول عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وثَلاث ثَلاث، وَالثَّانيَِة أَنه عُدل عَن تَأنيث.
الحرّاني، عَن ابْن السِّكيت: هُوَ ثالثُ ثَلَاثَة، وَهِي ثالثةُ ثَلاث، فَإِذا كَانَ فِيهِ مُذَكّر، قلت: هِيَ ثَالِث ثَلَاثَة؛ فيَغْلب

(15/45)


المذكَّرُ المؤنَّث.
وَتقول: هُوَ ثالثُ ثلاثةَ عشرَ، تَعني هُوَ أحدهم. وَفِي المؤنّث: هُوَ ثالثُ ثلاثَ عشرةَ، لَا غَير الرَّفع فِي الأول.
وَتقول: هُوَ ثالثُ عَشَرَ، وثالثَ عشَرَ، بالرَّفْع والنَّصْب إِلَى تِسْعة عشَر.
فَمن رَفَع قَالَ: أَرَدْتُ: ثالثٌ ثلاثةَ عَشر، فحذفتَ (الثَّلَاثَة) وتركتَ (ثَالِثا) على إعرابه.
وَمن نَصب قَالَ: أردْت: ثالثٌ ثلاثةَ عَشر، فَلَمَّا أَسْقطت مِنْهَا الثَّلَاثَة أَلْزمت إعرابها الأول ليعلم أَن هَا هُنَا شَيْئا محذوفاً.
وروى شَمِر، عَن البَكْراويّ، عَن أبي عَوانة، عَن عَاصِم، عَن زِيَاد بن قيس، عَن كَعب أَنه قَالَ لِعُمر: أَنْبِئْني مَا المُثْلِث؟ فَقَالَ عمر: وَمَا المُثْلِث لَا أَبَا لَك؟ فَقَالَ: هُوَ الرَّجل يَمْحَل بأَخِيه إِلَى إِمَامه فَيبْدَأ بِنَفسِهِ فيُعنتها ثمَّ بأَخيه ثمَّ بإمامه، فَذَلِك المُثْلث، وَهُوَ شَرُّ النَّاس.
قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا رَواه البَكْراوِيّ، عَن أبي عوَانَة، بالتَّخفيف (مُثْلِث) وَإِعْرَابه بالتَّشديد (مُثَلِّث) من تَثْليث الشَّيْء.
ومَزَادَةٌ مَثْلُوثَةٌ، من ثَلَاثَة آدِمَة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: إِذا مَلَأت الناقةُ ثَلَاثَة آنِية، فَهِيَ ثَلُوث.
ويُقال للناقة الَّتِي صُرّ خِلْف من أخَلافها وتُحْتلب من ثَلَاثَة أَخْلاف: ثَلُوث أَيْضا؛ وأَنْشد الهُذليّ:
ألاَ قُولاَ لِعَبْد الجَهْل إنّ الصْ
صَحيحةَ لَا تحالِبُها الثَّلُوثُ
وناقةٌ مُثَلَّثَةٌ: لَهَا ثَلَاثَة أَخلاف؛ وأَنشد:
فتَقْنَع بالقَليل تَراه غُنماً
وَتكْفِيك المُثَلَّثَةُ الرَّغُوبُ
الفَرّاء: كِسَاءٌ مَثْلُوثٌ: مَنْسوجٌ من صُوف ووَبَر وشَعَر؛ وأَنشد:
مَدْرَعةٌ كِساؤُها مَثْلُوث
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زَيد، قَالَ: الناقةُ إِذا يَبس ثلاثةُ أَخْلاَفٍ مِنْهَا، فَهِيَ ثَلُوث.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الثّليث، بِمَعْنى الثّلُث، وَلم يَعْرفه أَبُو زيد؛ وَأنْشد شَمِرٌ:
تُوفي الثّليث إِذا مَا كَانَ فِي رَجَبٍ
والحقُّ فِي خاثر مِنْهَا وإيقاعِ
وَيُقَال: مَثْلَثَ مَثْلَثَ، ومَوْحدَ مَوْحدَ، ومَثْنَى مَثْنَى، مثل ثُلاَثَ ثُلاَثَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: المُثَلَّث: مَا كَانَ من الْأَشْيَاء على ثَلَاثَة أَثناء.
والمَثْلُوث من الحبال: مَا فُتل على ثَلَاث قُوًى، وَكَذَلِكَ مَا يُنْسج أَو يُضْفَر.
قَالَ: والثُّلاثاء، لمّا جُعل اسْما جُعلت الْهَاء الَّتِي كَانَت فِي العَددَ مَدَّة، فرقا بَين الْحَالين، وَكَذَلِكَ الأرْبعاء من الأرْبعة، فَهَذِهِ الْأَسْمَاء جُعلت بالمدّ توكيداً للاسم،

(15/46)


كَمَا قَالُوا: حَسَنَة وحَسْناء، وقصَبَة وقَصْباء، حَيْثُ ألزموا النَّعْت إِلْزَام الِاسْم، وَكَذَلِكَ الشَّجْراء والطَّرفاء، وَالْوَاحد من كل ذَلِك بِوَزْن (فَعْلَة) .
وَالثُّلَاثَاء: اسْم مؤنث مَمْدُود، وعلامة التَّأْنِيث المدّة المجهولة.
والتَّثْنية: الثُّلاَثَاوان.
وَالْجمع: الثُّلاثَاواث، والأَثالث، فِي الْكثير.
وَيُقَال: مَضَت الثُّلاثاء بِمَا فِيهَا، وَمضى الثُّلَاثَاء بِمَا فِيهِ، ومَضَت أَيْضا الثُّلَاثَاء بِمَا فِيهِنَّ، مرّة تَرجع إِلَى اللَّفْظ وَمرَّة إِلَى المَعنى.
وَيُقَال: الْيَوْم الثُّلَاثَاء، وَالْيَوْم يَوْم الثُّلَاثَاء، وَهَذَانِ يَوْمًا الثُّلَاثَاء، وَهَؤُلَاء أيّام الثُّلَاثَاء. وَإِن شِئْت: هَذِه أَيَّام الثُّلَاثَاء.
ويُقالُ: رَمَيناهم بثالثة الأثافي، إِذا رُمي القَوْمُ بأَمْر عَظيم. وثالثةُ الأَثافي: رُكْن الْجَبل تُركَّب القِدْر على ذَلِك الرُّكن وعَلى إثفيّتين.
وَيُقَال لِوَضِين البَعير: ذُو ثُلاَثٍ، قَالَ:
وَقد ضُمِّرت حَتَّى انْطَوى ذُو ثُلاَثِها
إِلَى أَبْهَرَيْ دَرْمَاءِ شَعْبِ السَّناسِنِ
وَيُقَال: ذُو ثُلاثها: بَطْنها والجِلدتان، العُلْيا والجِلدة الَّتِي تُقْشَر بعد السَّلْخ.
وأخبَرَني المُنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أَنْشد بَيت الْهُذلِيّ وَقَالَ: (الصَّحيحة) : الَّتِي لهَا أَرْبَعَة أَخلاف، و (الثَّلوث) : الَّتِي لَهَا ثَلَاثَة أخلاف.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرّاني، عَن ابْن السِّكّيت، قَالَ: نَاقَة ثَلُوث، إِذا أصَاب أحدُ أَخلافها شَيْء فَيَبِس، وأَنشد الْبَيْت.
ويَثْلَث: اسْم مَوْضِع.
وتثليث: اسْم مَوْضِع آخر.
وَأَرْض مُثلَّثة: لَهَا ثَلَاثَة أَطْرَاف، فَمِنْهَا المثلَّث الحادّ، وَمِنْهَا المثلّث الْقَائِم.
وَإِذا أَرْسلت الْخَيل فِي الرِّهان فَالْأول السَّابِق، وَالثَّانِي المُصَلّي، ثمَّ يُقَال بعد ذَلِك: ثَلّثَ ورَبّع وخَمّس.
وَقَالَ عليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه: سَبَق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وثَنَّى أَبُو بكر وثَلَّث عُمر وخبَطَتْنا فِتنةٌ ممّا شَاءَ الله.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَلم أَسمع فِي سَوابق الخَيْل ممّن يوثَق بعِلْمه اسْما لشَيْء مِنْهَا إِلَّا الثَّاني والعاشر، فَإِن الثَّانِي اسْمه (المصلِّي) والعاشر، السِّكِّيت، وَمَا سوى ذَيْنك، إِنَّمَا يُقال: الثَّالِث وَالرَّابِع، وَكَذَا إِلَى التَّاسِع.
وَقَالَ غيرهُ: أَسمَاء السُّبَّق من الخَيْل:

(15/47)


المُجلِّي، والمُصلِّي، والمُسَلِّي، والتَّالي، والْحَظِيّ، والمُؤمِّل، والمُرْتاح، والعاطِف، واللّطِيم، والسِّكّيت.
قلت: وَلم أحفظها عَن ثِقة، وَقد ذكرهَا ابْن الأَنْباري وَلم يَنْسُبها إِلَى أحد، فَلَا أَدْرِي أَحَفظها لثِقة أم لَا؟ .
والثُّلاثيّ، مَا يُنسب إِلَى ثَلَاثَة أَشْيَاء، أَو كَانَ طولُه ثَلَاثَة أَذْرع؛ ثوبٌ ثُلاَثيّ ورُبَاعيّ.
وَكَذَلِكَ الغُلام، يُقال: غُلَام خُماسيّ، وَلَا يُقَال: سُداسي، لِأَنَّهُ إِذا تمَّت لَهُ خَمْسٌ صارَ رَجُلاً.
والحروف الثُّلاثيّة، الَّتِي اجْتمع فِيهَا ثَلَاثَة أَحْرُف.
ثل: قَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: ثُلّ عَرْشُ الرَّجُل، إِذا زَالَ قِوَامُ أَمْره. وأَثَلّه الله.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: الثّلَلُ: الهَلاَكُ.
يُقال مِنْهُ: ثَلَلْتُ الرَّجُل أَثُلّه ثَلاًّ وثَلَلاً.
وَفِي الحدِيث أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا حِمَى إلاّ فِي ثَلَاث: ثَلّة البِئْر، وطِوَل الفَرَس، وحَلْقة القَوْم) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: أَرَادَ بثَلَّة البِئر أَن يَحْتَفِر الرَّجُلُ بِئْراً فِي مَوْضع لَيْسَ بمِلْك لأحد فَيكون لَهُ من حوالَي البِئر من الأَرْض مَا يكون مُلْقًى لِثلّة الْبِئْر، وَهُوَ مَا يخرج من تُرابها لَا يَدْخل فِيهَا أحد عَلَيْهِ حريماً للبئر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الثّلّة: التُّراب الَّذِي يَخْرُج من البِئْر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: والثّلّة أَيضاً: جماعةُ الغَنم وأَصْوافها.
وَكَذَلِكَ الوَبر أَيْضا: ثَلّة؛ وَمِنْه حَدِيث الْحَسن: إِذا كَانَت للْيَتِيم ماشيةٌ فلِلْوَصِيّ أَن يُصيب من ثَلّتها ورِسْلها، أَي من صُوفها ولَبَنها.
ابْن السِّكِّيت: يُقال للضأن الكَثيرة: ثَلّة، وَلَا يُقَال للمِعْزَى الكَثيرة: ثَلّة، وَلَكِن حَيْلة. فَإِذا اجْتمعت الضأنُ والمِعْزَى فكَثُرتا قِيل لَهما: ثَلّة.
قَالَ: والثّلّة: الصُّوف.
يُقال: كِساءٌ جَيِّد الثَّلّة، أَي الصُّوف.
وَلَا يُقال للشَّعر: ثَلّة: وَلَا للوبر: ثَلّة، فَإِذا اجْتمع الصُّوف والوَبر قيل: عِنْد فلانٍ ثَلّة كَثيرة.
أَبُو عُبَيد: جَمْع الثّلّة من الْغنم: ثِلَل.
فأمّا الثُّلة: بِضَم الثَّاء، فالجماعةُ من النَّاس، قَالَ الله تَعَالَى: {النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الاَْوَّلِينَ} {لله) الاَْوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِّنَ الاَْخِرِينَ} (الْوَاقِعَة: 39 و 40) .
قَالَ الْفراء نزل فِي أول السُّورَة: {النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الاَْوَّلِينَ} {) الاَْوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الاَْخِرِينَ} (الْوَاقِعَة: 13 و 14) فشَقّ عَلَيْهِم قولُه: {) الاَْوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الاَْخِرِينَ} (الْوَاقِعَة: 14) فَأنْزل الله فِي أَصْحَاب الْيَمين أنّهم ثلّثان: ثُلّة من هَؤُلَاءِ

(15/48)


وثُلّة من هَؤُلَاءِ، وَالْمعْنَى: هم فرقتان: فِرْقةٌ من هَؤُلَاءِ وفرقةٌ مِن هَؤُلَاءِ.
الحرّاني، عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: أَثْلَلْتَ الشّيء، إِذا أَمَرتَ بإِصْلاحه.
وَقد ثَلَلْتُه، إِذا هَدَمته وكَسَرْته.
وَيُقَال للْقَوْم إِذا ذهب عِزّهم: قد ثُلّ عَرْشُهم.
وَفِي حَدِيث عُمر: رُئي فِي الْمَنَام فسُئِل عَن حَاله، فَقَالَ: كَاد يُثَلّ عَرْشِي.
هَذَا مثلٌ يُضْرب للرّجُل إِذا ذلَّ وهَلَك.
يُقال: ثلَلْت الشّيءَ، إِذا هَدَمتَه وكَسَرْتَه.
وأَثْلَلْتُه، إِذا أَمَرتَ بإِصْلاحه.
قَالَ القُتَيبيّ: وللعَرْش مَعْنيَان، أَحدهمَا: السَّرير، والأسِرّة للمُلوك، فَإِذا هُدِم عَرْشُ المَلِك فقد ذَهب عِزُّه؛ وَالثَّانِي: الْبَيْت يُنْصب بالعِيدان ويُظَلَّل، فَإِذا كُسِر عَرْشُ الرَّجُل فقد هَلَك وذَلّ.
قَالَ الفَرّاء: الثُّلَّة: الفِئة.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة: الثُّلَّة: الْجَمَاعَة.
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال للعَرِيش الَّذِي يُتَّخذ شِبْه مظلّة إِذا انْهَدم: قد ثُلّ.
ورُوي لِلَبِيد:
وصُدَاءٍ أَلْحَقْنهم بالثِّلَل
مَعنى: بثِلاَل، أَي أَغْنام يَرعَونها، فقَصَر.
وَمن رَوَاه بالثَّلَل، فمعْناه: الْهَلَاك.
ويُقال: ثَللْت التُّرابَ فِي الْقَبْر والبئر، أَثُلّه ثَلاًّ، إِذا أَعَدْتَه فِيهِ بَعْدَمَا تَحْفِره.
وثَلَّ فلانُ الدَّرَاهِمَ يثُلُّها ثَلاًّ، إِذا صَبَّها كَذَلِك.
قَالَ ابْن الأَعْرابيّ: وَقد ثُلّ، إِذا هَلَك؛ وثُلّ، إِذا اسْتَغْنى.
قَالَ: والثُّلْثُل: الهَدْم، بِضَم الثاءَيْن.
والثّلثُل أيْضاً: مِكْيَالٌ صَغِير.

(بَاب الثَّاء وَالنُّون)
ث ن
ثن، نث: (مستعملان) .
ثن: أَبُو عُبَيد، عَن الأَصْمعي: إِذا انْكَسر اليَبَس فَهُوَ حُطَام، فَإِذا ارْتكب بَعْضُه على بَعْض فَهُوَ الثِّنّ، فَإِذا اسْوَدّ من القِدَم فَهُوَ الدِّنْدِنُ؛ وأَنْشد الباهليّ:
تَكْفِي اللَّقُوحَ أَكْلَةٌ من ثِنّ
أَبُو عُبيدة، عَن أبي الجَرّاح: الثُّنّةُ مِن الفَرس: مُؤَخَّرُ الرُّسْغ.
قلتُ: وجَعل امْرؤ القَيس الثُّنَن: الشَّعَر النَّابِت فِي ذَلِك المَوْضع، فَقَالَ:
لَهَا ثُنَنٌ كخَوَافِي العُقَا
بِ سُودٌ يَفين إِذا تَزْبَئِرّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: فِي وَظِيفَي الفَرس ثُنَّتان، وَهُوَ الشَعَرُ الَّذِي يكون على مُؤَخَّر الرُّسْغ، فإِن لم يكن ثَمَّ شَعَر فَهُوَ: أَمْرد، وأَمْرَط.
شَمِرٌ، عَن ابْن الأَعْرابي، قَالَ: الثُّنَّة من

(15/49)


الْإِنْسَان: مَا دُون السُّرّة فَوق العانَة أَسْفَلَ الْبَطن.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ شَعَرُ العانَة.
وَفِي الحَديث: إِن آمِنة قالتْ لما حَملت النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا وجدتُه فِي قَطَن وَلَا ثُنّة، وَمَا وجدتُه إلاّ على ظَهر كَبِدي.
القَطَن: أَسْفل الظَهر؛ والثُّنّة أسْفَل البَطْن.
وَفِي حَديث حَمزة سَيِّد الشُّهداء أنّ وَحْشِياً قَالَ: سَدَّدْتُ حَرْبتي يَوْم أُحُد لثُنَّته فَمَا أَخْطأتُها.
وَهَذَانِ الحديثان يقوِّيان قَول اللَّيْث فِي (الثُّنَّة) .
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: الثِّنَانُ: النَّبَاتُ الكَثِير الملتف.
نث: فِي حَدِيث عُمر: أنّ رَجُلاً أَتَاهُ يَسأَله فَقَالَ: هَلَكْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: اسْكُتْ، أَهَلَكْتَ وأَنْت تَنِثّ نَثيثَ الحَمِيت.
قَالَ أَبُو عُبيد: النَّثِيث: أَن يَعْرَق ويَرْشَح مِن عِظَمِه وكَثْرة لَحْمه.
يُقال مِنْهُ: نَثّ الرَّجُلُ يَنِثّ نَثِيثاً.
وَقَالَ غيرُه: نَثَّ الحَمِيتُ ومَثّ، بالنُّون وَالْمِيم، إِذا رَشَح بِمَا فِيهِ من السِّمن. يَنِثّ ويَمِثّ، نَثّاً ونَثِيثاً، ومَثّاً ومَثِيثاً.
وَالْإِنْسَان يَنثّ ويَمِثّ، إِذا عَرِق مِن سِمَنِهِ.
وأمّا قولُك: نَثّ فلانٌ الحَدِيثَ يَنُثّه نَثّاً، فَهُوَ بِضَم النّون لَا غَير، وَذَلِكَ إِذا أذَاعَه.
عَمرو، عَن أَبيه: النُّثَّاث: المُغْتابون للمُسْلِمين.
ثَعْلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: ثَنْثن، إِذا رَعَى الثِّنَّ.
ونَثْنَثَ؛ إِذا عَرِق عَرَقاً كَثِيراً.

(بَاب الثَّاء وَالْفَاء)
ث ف
فث، ثف: (مستعملان) .
فث: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الفَثّ: حَبٌّ يُشْبه الجاوَرْسَ يُختَبَز ويُؤْكل.
قلتُ: هُوَ حَبٌّ بَرِّيٌّ يَأْخذه الأعرابُ فِي المَجاعات فيدُقّونه ويَخْتبزونه، وَهُوَ غِذَاءٌ رَدِيء، وَرُبمَا تبلّغوا بِهِ أيّاماً؛ قَالَ الطِّرمّاح:
لم تَأكُل الفَثَّ والدُّعَاعَ وَلم
تَجْنِ هَبِيداً يَجْنِيه مُهْتَبِدُهْ
اللِّحياني: تَمْرٌ فَثٌّ، وفَذٌّ، وبَذٌّ، وَهُوَ المُتَفرِّق الَّذِي لَا يَلْزق بعضُه بِبَعْض.
وَقَالَ الأعرابيّ: تَمْرٌ فَضٌّ، مثلُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: فَثَّ جُلَّته فَثّاً، إِذا نَثَرَ تَمْرَها.
وَمَا رأينَا جُلَّةً أَكثر مَفَثَّةً مِنْهَا، أَي أَكثر نَزَلاً.
ويُقال: وُجد لِبَنِي فلانٍ مَفَثَّةٌ، إِذا عُدُّوا

(15/50)


فوُجِد لَهُم كَثْرة.
ويُقال: انْفَثّ الرّجُلُ من هَمَ أَصَابه انْفِثَاثاً، أَي انْكَسَرَ؛ وأَنْشَد:
وإنْ يُذَكَّر بالإله يَنْحَنِثْ
وتَنْهَشِم مَرْوَتُه فتَنْفَثِثْ
أَي تَنْكسر.

(بَاب الثَّاء وَالْبَاء)
ث ب
بَث، ثب: (مستعملان) .
بَث: قَالَ اللَّيْثُ: بَثَّ يَبُثُ بَثّاً، وَهُوَ تَفْرِيقُك الأَشْياء.
وَكَذَلِكَ: بَثُّوا الخَيْلَ فِي الْغَارة، وبَثّ الصّيّاد كِلاَبَه.
وَخَلَق الله الخَلْق فبَثَّهَم فِي الأرْض.
وبُثّتِ البُسُط، إِذا بُسطت؛ قَالَ الله تَعَالَى: {مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} (الغاشية: 16) .
قَالَ الفَرّاء: مَبْثُوثة: كَثِيرة.
وَقيل: مَبْثُوثة، أَي مُفَرَّقة فِي مَجالِسهم.
{وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ} (الْبَقَرَة: 164) ، أَي فَرَّق.
وقولُه عزّ وجلّ: {بَسّاً فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً} (الْوَاقِعَة: 6) أَي غُباراً مُنْتَشِراً.
والبثّ: الحُزْن الَّذِي تُفْضِي بِهِ إِلَى صَاحبك.
يُقال: أَبْثَثْت فلَانا سِرِّي، بِالْألف، إبْثَاثاً، أَي أَطْلَعْتُه عَلَيْهِ.
وبثَثْتُ الشيءَ أَبُثّه: إِذا فَرَّقتَه.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} (النِّسَاء: 1) أَي نَشَر وكَثّر.
وبَثْبَثْتُ الأمْر، إِذا فَتَّشْتَ عَنهُ، وتخبَّرته.
وَفِي بَعض الحَدِيث: فَلَمَّا حَضر اليَهُودِيَّ الموتُ قَالَ: بَثْبِثُوه، أَي كَشِّفوه. وَهُوَ من بثثت الْأَمر، إِذا أَظْهَرته، وَالْأَصْل فِيهِ (بثثوه) فأبدلوا من الثَّاء الوُسْطى بَاء اسْتثقالاً لِاجْتِمَاع ثَلَاث ثاءات، كَمَا قَالُوا فِي (حَثَّثْت) : حَثْحَثْت.
وَفِي حَديث أم زَرْع: لَا يُولج الكَفّ لِيَعْلَم البَثَّ.
قَالَ أَبُو عُبيد: أرى أَنه كَانَ بجَسدها عَيْبٌ. أَي لَا يُدْخل يَدَه ليمسّ ذَلِك العَيْب. تصفه بالكَرم.
وَقَالَ غيرُه وَهُوَ ابْن الأعرابيّ: هَذَا ذمٌّ لزَوْجها، إِنَّمَا أَرَادَت إِذا رَقد التفَّ فِي نَاحيَة وَلم يُضاجعني فيَعْلم مَا عِنْدِي من محبّتي لقُرْبه.
قَالَ: وَلَا بَثّ هُنَاكَ إِلَّا محبّتها الدُّنُوّ من زَوجهَا، فسمَّت ذَلِك بَثّاً، لِأَن البَثّ مِن جِهَته يكون.
وَقَالَ أَحْمد بن عُبيد: أَرَادَت أَنه لَا يتَفقَّد

(15/51)


أُموري ومصالح أَسْبابي، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: مَا أُدْخل يَدِي فِي هَذَا الْأَمر، أَي لَا أَتفقَّده.
ثب: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: الثِّبَابُ: الجلُوس.
وثَبّ، إِذا جلس جُلوساً متمكِّناً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ثَبْثَب، إِذا جَلَس مُتمكِّناً.

(بَاب الثَّاء وَالْمِيم)
ث م
ثمَّ، مث.
ثمَّ: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعْرابيّ: ثُمّ: إِذا حُشِي؛ وثُمَّ: إِذا أُصْلِح.
قَالَ: والثَّمْثمُ: كَلْبُ الصَّيْد.
ورَوى عُرْوة بن الزُّبير أَنه ذكر أُحَيْحة بن الجُلاح وقَوْلَ أَخْوَاله فِيهِ: كُنَّا أَهْل ثُمَّةٍ ورُمَّة حَتَّى اسْتَوى على عُمَمه وعَمَمه.
قَالَ أَبُو عُبيد: المُحدِّثون هَكَذَا يَرْوُونه بالضَّم، ووَجْهُه عِنْدِي بِالْفَتْح.
قَالَ: والثَّمُّ: إصْلَاح الشّيء وإحكامُه.
يُقال مِنْهُ: ثَمَمْت أَثُمّ ثَمّاً؛ وَقَالَ هِمْيَانُ ابْن قُحافة يَذْكُر الْإِبِل وأَلْبانها:
حَتَّى إِذا مَا قَضَت الحَوائِجا
ومَلأَت حُلاَّبُها الخَلاَنِجَا
مِنْهَا وثَمُّوا الأوْطُب النَّواشِجَا
قَالَ: أَرَادَ أنّهم شَدّوها وأَحْكموها. قَالَ: والنَّواشِجُ: الممْتلئة.
قلتُ: مَعْنَى قَوْله: (ثَمّوا الأوْطُب النواشج) أَي فَرَشوا لَهَا الثُّمام وظَلَّلوها بِهِ. هَكَذَا سَمِعْتُ العربَ تَقول: ثَمَمْت السِّقاء، إِذا فَرشت لَهُ الثُّمَام وَجَعَلته فَوْقه لئلاّ تُصيبه الشَّمسُ فيتَقَطَّع لَبَنُه.
والثُّمَام: نَبْتٌ مَعْروف، وَلَا تجْهدَه النّعَمُ إِلَّا فِي الجُدُوبة.
وَهُوَ الثُّمَّة أَيْضا، وَرُبمَا خُفف، فَقيل: الثُّمَّة، والثُّمَّة: الثُّمَام.
قلتُ: والثُّمّ والرُّمُّ، صَحِيحٌ من كَلَام العَرب.
رَوى الْحَرَّانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت أنّه قَالَ: يُقَال: مَا لَهُ ثُمٌّ وَلَا رُمٌّ، وَمَا يملك ثُماً وَلَا رُماً.
قَالَ: والثُّمّ: قُماش النَّاس: أساقيهم وآنِيتهم. والرُّمُّ: مَرَمَّة البَيْت.
أَبُو عُبيد، عَن الأموِيّ: الثَّمُوم مِن الغَنم: الَّتِي تَقْلَع الشيءَ بفِيها.
يُقال مِنْهُ: ثَمَمْتُ أَثُمّ.
والعربُ تَقول للشَّيْء الَّذِي لَا يَعْسُر تناولُه: هُوَ على طَرَف الثُّمَام، وَذَلِكَ أَن الثُّمَام لَا يَطُول فَيَشُقّ تناولُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الثُّمُّ: الرُّمّ؛ وأَنْشد:

(15/52)


ثَمَمْت حوائِجي وَوَذَأْتُ عَمْراً
فبِئْس مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغَابِ
وَقَالَ ابْن شُميل: المِثَمَّ: الَّذِي يَرْعَى على من لَا رَاعِيَ لَهُ، ويُفْقِر مَن لَا ظَهْرَ لَهُ، ويَثُمّ مَا عَجز عَنهُ الحيُّ من أَمرهم.
وَإِذا كَانَ الرَّجُل شدِيداً يَأْتِي مِن وَرَاء الصَّاغية، ويَحْمِل الزِّيَادَة ويَرُدّ الرِّكاب، قيل لَهُ: مِثَمٌّ. وَإنَّهُ لمِثَمٌّ لأسافل الْأَشْيَاء.
أَبُو عُبيد، عَن الْأمَوِي: يُقال للشَّيخ إِذا كَبِر وهَرِم: انْثَمَّ انْثِماماً.
ويُقال: هَذَا سَيْفٌ لَا يُثَمْثَم نَصْلُه، أَي لَا يُثْنَى إِذا ضُرِب بِهِ، وَلَا يَرْتَدّ؛ قَالَ ساعِدةُ:
مُسْتَرْدِفاً من السَّنَام الأسْنَم
حَشاً طويلَ الفَرْع لم يُثَمْثَمِ
أَي لم يُكْسر وَلم يُشْدخ بالحِمْل يَعْنِي سَنَامه وَلم يُصِبْه عَمَدٌ فَيَنْهَشم. العَمَدُ: أَن يَنْشدخ السَّنامُ فَيَنْغمز.
وثمْثَم قِرْنَه، إِذا قَهَره؛ قَالَ:
فَهُوَ لحولانِ القِلاَص ثَمْثَامْ
وَقَالَ اللَّيْثُ: ثُمَّ، حَرف من حُروف النّسق لَا يُشَرّك بعْدهَا بِمَا قبلهَا، إِلَّا أَنَّهَا تبيِّن الآخر من الأول.
وأمَّا قَول الله عزّ وجلَّ: {الْغَفَّارُ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الاَْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى} (الزمر: 6) فَإِن الْفراء قَالَ: يَقُول الْقَائِل: كَيفَ قَالَ: {خَلَقَكُمْ} لبني آدم ثمَّ قَالَ: {وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا} وَالزَّوْج مخلوقٌ قبل الْوَلَد؟ .
فَالْمَعْنى: أَن يُجعل خَلْقُه الزَّوْج مَرْدُوداً على واحدةٍ؛ الْمَعْنى: خلَقها وَاحِدَة ثمَّ جَعل مِنْهَا زَوجهَا، أَي خلق مِنْهَا زَوجهَا قَبْلكم.
قَالَ: و (ثَمّ) لَا تكون فِي العطوف إِلَّا لشَيْء بعد شَيْء. وَأما (ثَمّ) بِفَتْح الثَّاء، فَإِنَّهُ إشارةٌ إِلَى الْمَكَان؛ قَالَ تعالَى: {مَّنثُوراً وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً} (الْإِنْسَان: 20) .
قَالَ الزَّجاج: ثَمَّ، عُني بِهِ الجنَّة. وَالْعَامِل فِي (ثَم) معنى (رَأَيْت) . الْمَعْنى وَإِذا رَمَيْت ببصرك ثَمّ.
وَقَالَ الفَرَاء: الْمَعْنى: إِذا رَأَيْت مَا ثمّ رَأَيْت نَعِيماً.
قَالَ الزجَّاج: وَهَذَا غَلَط، لأنّ (مَا) مَوْصُولَة بقوله: (ثَمّ) على هَذَا التَّقْدِير. وَلَا يجوز إِسْقَاط الْمَوْصُول وتَرْك الصِّلة، وَلَكِن (رَأَيْت) مُتَعَدَ فِي الْمَعْنى إِلَى (ثَمّ) .
وَأما قَول الله عزّ وجَلّ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (الْبَقَرَة: 115) فإنّ الزجّاج قَالَ أَيْضا: ثمّ، مَوْضِعُه مَوْضع نَصْب، وَلكنه بُنِي على الْفَتْح لالْتقاء الساكنين. و (ثمَّ) فِي الْمَكَان، إِشَارَة إِلَى مَكَان مُنْزَاحٍ عَنْك.
وَإِنَّمَا مُنعت (ثَمّ) من الْإِعْرَاب لإبهامها.
قَالَ: وَلَا أعلم أحدا يَشرح (ثَمّ) هَذَا الشَّرْح.

(15/53)


وَأما (هُنَا) فَهُوَ إِشَارَة إِلَى الْمَكَان الْقَرِيب مِنْك، و (ثُمّ) بِمَعْنى: هُنَاكَ، وَهُوَ للتبعيد بِمَنْزِلَة (هُنَا) للتقريب.
وَالْعرب تزيد فِي (ثُمّ) تاءاً، تَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا ثُمَّت فعلت كَذَا؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
ثُمَّت يَنْبَاعُ انْبيَاعَ الشّجَاعْ
الفَرّاء: الثّمِيمة: التامُورة المَشْدودة على الرَّأْس، وَهِي الثِّفَالُ، وَهُوَ الإبْرِيق.
مث: قَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعْتُ أَبَا مِحْجَن الضَّبَابيِّ يَقُول: مُثَّ الجُرْح ومُشَّه، أَي أنْفِ عَنهُ غَثِيثَته.
وَقَالَ اللَّيْثُ: مَثَثْتُ يَدي بالمِنْديل ومَشَشْتُها، أَي مَسَحْتُها؛ وَقَالَ امْرؤ القَيْس:
نَمُثّ بأَعْراف الجِيَادِ أكُفَّنَا
إِذا نَحن قُمْنا عَن شِوَاءٍ مُضَهَّبِ
وَرَوَاهُ غَيره: نَمُشّ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: مَثّ فلانٌ شارِبَه يَمُثّه مَثّاً، إِذا أَصابه دَسَمٌ فَمَسحه بِيَدِهِ، ويُرَى أثَرُ الدَّسَم عَلَيْهِ.
ويُقال: مَثّ الحَمِيتُ يَمُثّ، إِذا رَشَحَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعرابي: ثَمْثَم الرَّجُل، إِذا غَطَّى رَأس إناثه؛ ومَثْمَث، إِذا أشْبَع الفَتِيلَةَ من الدُّهْن.
قَالَ أَبُو تُراب: وسمعتُ وَاقعا يَقُول: مَثَّ الجُرْحَ ونَثَّه، إِذا دَهَنه.
وَقَالَ ذَلِك عَرام.
ويُقال: مَثْمِثُوا بِنَا سَاعَة: وثَمْثِمُوا بِنَا سَاعَة، ولَثْلِثُوا بِنَا سَاعَة، وجَفْجِفُوا بِنَا سَاعَة، أَي رَوِّحُوا بِنَا قَلِيلا.

(15/54)