تهذيب اللغة

 (أَبْوَاب) الثلاثي الصَّحِيح من حرف الثَّاء

(أَبْوَاب الثَّاء وَالرَّاء)
ث ر ل
أُهملت وجوهه.
ث ر ن
رثن، ثرن، نثر: (مستعملة) .
رثن: قَالَ بعضُ من لَا أَعْتَمِده: تَرَثَّنَت المرأةُ، إِذا طَلَت وَجْههَا بغُمْرَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِيمَا رَوَى عَنهُ ابنُ هانىء: الرَّثَانُ من الأمطار: القِطار المُتَتابعة يَفْصل بينهنّ سَاعَات، أقلّ مَا بينهنّ سَاعَة، وَأكْثر مَا بينهنّ يومٌ وَلَيْلَة. وأَرْضٌ مُرَثَّنَة. وَقد رُثِّنَت تَرْثيناً.
وَفِي (نَوادر الأعْراب) : أَرضٌ مَرْثُونَةٌ: أصَابَتْها رَثْنةٌ، أَي مَرْكُوكة.
وأَصابها رَثانٌ، ورِثَامٌ.
وَأَرْض مُرَثَّنة، ومُرَثَّمة، ومُثَرَّدَة، كُلّ ذَلِك أَصَابَهَا مَطَرٌ ضَعِيف.
ثرن: أَبُو العبّاس: عَن ابْن الأعْرابيّ: ثَرِن الرَّجُل، إِذا آذَى صَدِيقَه أَو جارَه.
نثر: أَبُو العبّاس: عَن ابنْ الأعْرابيّ أَنه قَالَ: النَّثْرَةُ: طَرَف الأنْف؛ وَمِنْه قولُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الطَّهارة: اسْتَنْثِرْ.
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: اسْتَنْشِق وحَرِّك النّثرة فِي الطَّهَارة.
وقلتُ: ورُوي لنا هَذَا الْحَرْف عَن ابْن جَبلة عَن أبي عُبيدة أنّه قَالَ فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا توضّأت فأَنْثِر، بِأَلف مَقْطُوعَة، وَلم يُفَسِّره.
أَبُو عُبيد: قلت: وَأهل اللُّغة لَا يُجيزون، (أَنْثر) من (الإنثار) . إِنَّمَا يُقال: نَثَر يَنْثِر، وانْتَثر يَنْتَثر، واسْتَنْثَر يَسْتَنْثر.
ورَوى أبُو الزِّنادِ: عَن الأعْرج: عَن أبي هُريرة: عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا تَوَضَّأ أحدُكم فَلْيَجعل المَاء فِي أَنفه ثمَّ لِينْثِر هَكَذَا) .
رَواه أهلُ الضّبط لألفاظ الحَدِيث، وَهُوَ الصَّحيح عِنْدِي.
وَقد فَسَّر الفرّاء قَوْله: لينثِر، وليَسْتَنثِر، على غير مَا فَسَّره الفرّاء وَابْن الأعْرابيّ.
قَالَ بعضُ أهل العِلْم: مَعْنى الاسْتِنْثار، والنثر: أَن يَسْتنشق المَاء ثمَّ يَستخرج مَا فِيهِ من أَذًى أَو مُخاط.
وممّا يَدُل على هَذَا الحَدِيث الآخَر أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَسْتَنْشق ثَلَاثًا، فِي كُلّ مرّة يَسْتَنْثر، فَجعل الاسْتِنْثار غير الاسْتِنْشاق.

(15/55)


يُقال مِنْهُ: نَثَر يَنْثِر، بِكَسْر الثَّاء.
ونَثَر السُّكَّرَ يَنْثُره، بِالضَّمِّ لَا غير.
وَأما قَول ابْن الأعرابيّ: النَّثْرة: طَرَف الْأنف، فَهُوَ صَحيح.
وَبِه سُمِّي النَّجْم الَّذِي يُقال لَهُ: نَثْرة الْأسد، كَأَنَّهَا جُعلت طرَف أَنْفه.
وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّثْر: نَثْرك الشَّيء بِيَدِك تَرْمي بِهِ مُتَفَرِّقاً، مثل نَثْر الجَوز واللّوز والسُّكّر، وَكَذَلِكَ نَثْر الحبّ إِذا بُذِر.
وَهُوَ النِّثَار؛ يُقال: شَهِدْت نِثَارَ فُلان.
قَالَ: والنَّثُور من النِّساء: الكثيرةُ الوَلَد.
وَقد نَثَرت ذَا بَطْنها، وَقد نَثَرت بَطْنها.
قَالَ: والنُّثَّارُ: فُتات مَا يَتَناثر حوالَي الخِوان من الخُبز وَنَحْو ذَلِك من كُلّ شَيْء.
وَفِي الحَدِيث: (من تَوَضَّأ فَلْيَنْثِر) ، بِكَسْر الثَّاء.
ويُقال: نَثَرَ الدُّرّ، والجَوْز، يَنْثُره نَثْراً، بِضَم الثَّاء.
ونَثَر من أَنْفه يَنْثِر نَثِيراً، بِكَسْر الثَّاء لَا غير.
ونَثِير الدَّوَابّ: شبه العُطاس للنَّاس، إِلَّا أَنه لَيْسَ بغالب لَهُ، ولكنّه شَيْء يَفْعله هُوَ بأَنفه، يُقَال: نَثَر الحِمَارُ، وَهُوَ يَنْثِر نَثِيراً.
وَالْإِنْسَان يَستنثر: إِذا استنشق المَاء ثمَّ اسْتَخرج نَثِيرَه بنَفَس الأنْف.
قَالَ: والنَّثْرة أَيْضا: الفُرْجة الَّتِي بيْن الشاربَين حِيال وَتَرة الْأنف.
وَكَذَلِكَ هِيَ من الأسَد.
قَالَ: والنَّثرة: كَوكبٌ فِي السَّمَاء كَأَنَّهُ لَطْخُ سَحَاب حِيال كوكبين صغيرين، تُسَمِّيه العربُ: نَثْرَة الْأسد، وَهِي من منَازِل الْقَمَر.
قَالَ: وَهُوَ فِي عِلْم النُّجوم من بُرج السَّرَطان.
أَخْبرنِي الْمنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: النثرة: هِيَ أنف الْأسد ومِنخَراه، وَهِي ثَلَاثَة كواكب خفيّة مُتَقَارِبَة، والطَّرف عَينا الْأسد كوكبان، الْجَبْهَة أمامها وَهِي أَرْبَعَة كواكب.
وَقَالَ شمر فِي كِتَابه فِي (السِّلاح) : النّثْرة من الدُّروع السّابغة.
وَقد نثرَها عَلَيْهِ فملأَت بَدنه.
وَقَالَ غيرُه: النّثرةُ، والنَّثْلةُ: اسمٌ من أسمائها.
وَقَالَ: هِيَ المَنْثُولة، وأَنشد:
وضاعفَ من فوقِها نَثرةً
تَرُدُّ القَواضِبَ عَنْهَا فُلُولاَ
وَقَالَ ابْن شُميل: النّثْل: الادِّراع.
يُقَال: نَثَلَها عَلَيْهِ، ونثَلَها عَنهُ، أَي خَلَعها.
ونَثَلها عَلَيْهِ: إِذا لبِسها.

(15/56)


وَفِي الحَدِيث: (إنّ الجَراد نَثْرةُ الحُوت) ، أَي عَطْسَتُه.
ث ر ف
ثفر، رفث، فرث، فثر.
ثفر: أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: يُقَال لِحَياءِ السِّباع كلِّها: الثَّفْرُ، بِسُكُون الْفَاء.
قَالَ: وَمِنْه قولُ الأخطل:
جَزَى اللَّهُ فِيهَا الأعورَين مَلامةً
وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتضَاجِمِ
قَالَ: إنّما هُوَ شيءٌ استعاره فأَدخله فِي غير مَوضعه، كَقَوْلِهِم: مَشافر الحَبَش، وَإِنَّمَا المِشْفَر للإِبل.
وثَفَر الْبَعِير والحِمار والدابّة: مُثَقَّل؛ قَالَ امْرُؤ القَيس:
لَا حِمْيَرِيٌّ وَنَى وَلَا عَدَسٌ
وَلَا اسْتُ عَيرٍ يحُكُّها ثَفَرُهْ
وَفِي الحَدِيث: إِن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَر المُسْتحَاضةَ أَن تَسْتَثْفِرَ وتُلْجِمَ إِذا غلَبها سيَلان الدَّم. وَهُوَ أَن تَشُدَّ فرجهَا بِخرقَة أَو قُطنةٍ تَحتَشي بهَا ثمَّ تَربِط بعد ذَلِك رِبَاطًا تشدُّ طرفَيه إِلَى حَقَب تشدُّه عَلَى وَسطها فتمنع الدّم، وَذَلِكَ بعد أَن تَطهر حِين تُرِيدُ الصَّلَاة.
ويُحتمل أَن يكون الاستِثْفَارُ مأخوذاً من ثَفَر الدابّة، أَي تشدُّه كَمَا يُشَدُّ الثّفَر تَحت ذَنب الدَّابَّة.
ويُحتمل أَن يكون مأخوذاً مِن الثّفْر، أريدَ بِهِ فَرْجها، وَإِن كَانَ فِي الأَصْل للسِّباع. فاسْتُعير للْمَرْأَة كَمَا استعاره الأَخطل للظِّلْف، وَإِن كَانَ فِي الأَصْل للسِّباع.
وَقَالَ اللَّيْثُ: المِشْفارُ من الدوابِّ الَّتِي تَرمي بسَرْجها إِلَى مُؤَخّرها.
قَالَ: والاسْتِثَفْارُ للكلْب إِدْخَاله ذَنَبه بَين فَخِذَيه حَتَّى يُلزقَه ببطنه؛ وَقَالَ النابغةُ:
تَعْدُو الذِّئاب عَلَى مَن لَا كِلاَبَ لَهُ
وتَتّقِي مَرْبِضَ المُسْتَثفر الحامِي
والرّجُل يَسْتَتفِر بإِزاره عِنْد الصِّراع، إِذا هُوَ لَوَاه على فخذَيه ثمَّ أَخرجه بَين فَخِذَيه فشَدَّ طرفَيه فِي حُجْزَتِه.
أَبُو العبّاس: عَن ابْن الأعرابيّ: رجُلٌ مِثْفَرٌ، ومِتْفَارٌ، وَهُوَ نَعْتُ سَوءٍ.
فثر: قَالَ اللَّيْثُ: الفاثُورُ، عِنْد العامَّة: هُوَ الطّسْتُ خَان.
قَالَ: وأَهل الشَّام يتّخذُون صِواناً مِن رُخامٍ يسمُّونه الفَاثُور، وَأنْشد:
والأكْلُ فِي الفاثُورِ بالظّهَائر
أَرَادَ: على الفاثُورِ: فأقامَ (فِي) مُقام (عَلَى) .
وفاثُور: اسْم مَوْضِع فِي قَوْلِ لَبِيد:
بَين فاثُور أُفَاقٍ فالدَّحَلْ
وَأما قَول لَبيد فِي قصيدة أُخْرى:
حقائبُهم رَاحٌ عَتِيقٌ ودَرْمَكٌ
ورَيْطٌ وفاثُوريَّةٌ وسُلاَسِلُ

(15/57)


فالفاثُورِيّة، هَا هُنَا: أَخْونةٌ وجَامَاتٌ.
ورُوي عَن عَمرو: عَن أَبِيه: قَالَ: الفاثُور: المِصْحاةُ، وَهِي النّاجُود والباطِيَةُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي كَلاَمٍ ذَكره لِبَعْضهم: وأَهل الشَّام والجزيرة على فاثُور واحدٍ، كَأَنَّهُ عَنَى: على بسَاطٍ واحدٍ.
وَفِي الحَدِيث: تكون الأَرْض يومَ الْقِيَامَة كفاثُور الفِضّة.
قيل: إِنَّه خِوانٌ من فِضّة. وَقيل: جامٌ مِنْ فِضّة.
رفث: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّفَثُ: الجِمَاع، وأَصْلُه، قَوْلُ الفُحْش، قَالَ الله تعالَى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} (الْبَقَرَة: 197) .
وَقَالَ الزجَّاج: أَي لَا جِمَاعَ وَلَا كَلمةً مِن أَسباب الجِماع؛ وَأنْشد:
عَن اللَّغَا ورَفَث التَّكلُّم
قَالَ: والرَّفَثُ: كَلمةٌ جَامِعَة لكُلّ مَا يُريده الرجُلُ مِن أَهْلِه.
ورُوي عَن ابْن عَبّاس أنَّه كَانَ مُحْرِماً فأَخذ بذَنب ناقةٍ من الرِّكَاب وَهُوَ يَقُول:
وهُنّ يَمْشِين بِنَا هَمِيسَا
إِن تَصْدُق الطَّيْرُ نَنِك لَمِيسَا
فَقيل لَهُ: يَا أَبَا العبّاس، أَتَقول الرَّفَث وَأَنت مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا الرَّفَثُ مَا رُوجِع بِهِ النّساء.
فَرَأى ابْن عبَّاس (الرَّفَثَ) الَّذِي نَهى الله عَنهُ مَا خُوطبت بِهِ المَرأة، فَأَما أَن يَرفُثَ فِي كَلَامه وَلَا تَسمع امْرَأَة رَفَثَه، فغَيْرُ داخلٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلاَ رَفَثَ} (الْبَقَرَة: 197) .
يُقَال: رَفَثَ يَرفُث، وأَرْفَث يُرفِث، إِذا أفحش فِي شأْن النِّسَاء.
فرث: ابْن السِّكّيت، عَن أَبي عَمْرو: يُقال للْمَرْأَة: إِنَّهَا مُتَفَرِّثَةٌ، وَذَلِكَ فِي أَوّل حَمْلها، وَهُوَ أَن تَخْبُثَ نَفْسها فِي أَوّل حَمْلها فيَكْثُر نَفْثُها للخَرَاشِيّ الَّتِي على رَأس مَعِدَتها.
قلتُ: لَا أَدْرِي: مُنْفَرِثة، أَو مُتَفَرِّثة؟
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: فَرَثْتُ الجُلَّة أفْرِثها فَرْثاً، إِذا مَزَّقتها ونَثَرت جَمِيع مَا فِيهَا.
وفَرَثت كَبِدَه، إِذا ضَرَبْته حَتَّى تَنْفَرِثَ كَبِدُه.
وأَفْرَثْتُ الرَّجُلَ إفْرَاثاً، إِذا وَقَعْتَ فِيهِ.
وأَفْرَثْتُ الكَرِشَ، إِذا شَقَقْتَها ونَثَرت مَا فِيهَا.
وَقَالَ غيرُه: الفَرْثُ: السِّرْجين.
ورَوى غيرُه: عَن أبي زَيد: أفْرث الرَّجُلُ أصْحَابَه إفْرَاثاً، إِذا عَرَّضهم للسُّلْطان، أَو لِلائمَة النّاس.

(15/58)


ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: الفَرْثُ: غَثَيانُ الحبْلَى.
قَالَ: والفَرْثُ: الرَّكْوةُ الصَّغِيرة.
ث ر ب
ثرب، ثبر، بثر، ربث، برث.
ثرب: قَالَ الله عزَّ وجلّ: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} (الْإِسْرَاء: 102) .
قَالَ الزّجّاج: مَعْناه: لَا إفْسَاد عَليكم.
وَقيل: لَا تَعْدَاد للذُّنوب عَلَيْكُم وَلَا تَوْبِيخ.
ثَرَّب فلانٌ على فلانٍ: إِذا بَكَّته وعَدَّد عَلَيْهِ ذُنُوبَه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الثارِبُ: المُوَبِّخُ.
يُقَال: ثَرَب، وثَرَّب، وأَثْرَب، إِذا وَبّخ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا زَنت أَمَةُ أحدكُم فليَضْربْها الحَدَّ وَلَا تَثْريبَ) .
قلت: مَعْنَاهُ: أَنه لَا يُبكِّتها وَلَا يُقَرِّعها بعد الضَّرْب.
قَالَ شَمِرٌ: التَّثْرِيب: الإفْساد والتَّخْلِيط.
يُقال: ثَرَبَ يَثْرِب، وثَرَّب يُثَرِّب، وأَثْرب يُثرب؛ قَالَ نُصَيب:
إنّي لأكْره مَا كَرِهْت مِن الّذِي
يُؤْذِيكَ سُوءَ ثَنائهِ لم يَثْرِبِ
وَقَالَ فِي (أثرب) :
أَلا لَا يَغُرّنّ امْرءاً مِن تِلادَه
سَوَامُ أَخ دانِي الوَسِيطة مُثْرِبِ
قَالَ: مُثْرب: قليلُ العَطاء، وَهُوَ الَّذِي يَمُنّ بِمَا أَعْطى.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهى أَن يُقال للمَدِينة (يَثرب) ، وسمّاها: طِيبة، كَأَنَّهُ كَرِه ذِكر الثَّرْب.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثَّرْبُ: شَحْم رَقيقٌ يُغَشِّي الكَرِشَ والأَمْعاء؛ وجَمْعُه: ثُرُوب.
ثبر: قَالَ اللَّيْثُ: الثّبْرة: أرضٌ حجارتُها كحجارة الحَرَّة إلاّ أَنَّهَا بِيض.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الثّبْرة: حُفْرة.
قلت: ورأيتُ فِي الْبَادِيَة رَكيّة غيرَ مَطْوِيّة يُقَال لَهَا: ثَبْرة، وَكَانَت وَاسِعَة كثيرةَ المَاء.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله عَزّ وجَلّ: {وَإِنِّى لأَظُنُّكَ يافِرْعَونُ مَثْبُورًا} (الْإِسْرَاء: 102) قَالَ: مَغْلوباً مَمْنوعاً مِن الْخَيْر.
وَالْعرب تَقول: مَا ثَبَرك عَن هَذَا؟ أَي مَا مَنَعك مِنْهُ وَمَا صَرَفك عَنهُ؟ .
وَعَن مُجاهد فِي قَوْله: {مَثْبُورًا} قَالَ: هالِك.
وَقَالَ قَتادة فِي قَوْله تَعَالَى: {دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً} (الْفرْقَان: 13) قَالَ: ويلاً وهَلاَكاً.
وَقَالَ شَمِرٌ: وَمَثَلٌ للعَرب: إِلَى أُمّه يأوي مَن ثُبِر، أَي مَن أُهلِك.

(15/59)


والثُّبُور: الهَلاَك.
وَقَالَ الفَرّاء: الثُّبُور: الْمصدر، وَلذَلِك قَالُوا: ثُبوراً كثيرا، لِأَن المصادر لَا تُجمع، أَلا تَرى أنّك تَقول: قعدت قُعوداً طَويلا، وضَرَبت ضربا كثيرا.
قَالَ: وَكَأَنَّهُم دَعَوا بِمَا فعلوا، كَمَا يَقُول الرجل: وانَدَمَتَاه
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً} (الْفرْقَان: 13) بِمَعْنى (هَلَاكًا) ، ونَصبه على الْمصدر، كَأَنَّهُمْ قالُوا: ثَبرنا ثُبُورا، ثمَّ قيل لَهُم: {) لاَّ تَدْعُواْ الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً} (الْفرْقَان: 14) ، أَي هلاككم أَكثر من أَن تدعوا مرّة وَاحِدَة، لِأَن (ثُبورا) مصدر، فَهُوَ للقليل وَالْكثير على لفظ وَاحِد.
وَفِي حَدِيث مُعاوية أَن أَبَا بُردة قَالَ: دخلتُ عَلَيْهِ حِين أَصَابَته قُرحة فَقَالَ: هَلُمّ يَابْنَ أخي فَانْظُر، فتحوّلت فإِذا هِيَ قد ثَبِرَت. فَقلت: لَيْسَ عَلَيْك بأسٌ يَا أَمِير المُؤمنين.
قَالَ القُتيبي: ثَبِرَت، أَي انفتحت.
والثّبْرةُ: النُّقْرة فِي الشَّيْء والهَزْمَةُ، وَمِنْه قيل للنُّقْرة فِي الجَبل يكون فِيهَا الماءُ: ثَبْرة.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ على صِيرِ أمْرٍ، وثِبَار أمْرٍ، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيد: ثَبَرْت فلَانا عَن الشَّيْء أثْبُره: رَدَدْتُه عَنهُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: مَا ثَبَرك عَن كَذَا؟ أَي مَا مَنَعك؟
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: المَثْبِرُ: المَوضع الَّذِي تَلد فِيهِ المرأةُ من الأَرْض، وَكَذَلِكَ حَيْثُ تَضع فِيهِ الناقةُ.
وَقَالَ نُصَير: مَثْبِرُ النَّاقة أَيْضا: حَيْثُ تُعَضَّى وتُنْحَر.
قلت: وَهَذَا صَحِيح، وَمن الْعَرَب مَسْمُوع.
غيرُه: ثابرَ فلانٌ على الأمْر مُثَابَرة، وحارَضَ مُحَارضَةً، إِذا واظَب عَلَيْهِ.
وأمّا قولُه:
فَثَجَّ بهَا ثَبَراثِ الرِّصا
فِ حتّى تَزَيَّلَ رَنْقُ الكَدَرْ
فَهُوَ قَول أبي ذُؤيْب، أَرَادَ بالثَّبَراتِ: نِقَاراً يَجْتمع فِيهَا مَاء السَّماء ويَصفو فِيهَا؛ وَاحِدهَا: ثَبَرة.
وثَبِير: اسمُ جَبَل بمكّة.
عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: المَثْبُور: المَلْعُون المَطْرود المُعذَّب.
والمثبور: الْمَمْنُوع من الْخَيْر.
بثر: أَبُو عُبَيد، عَن أبي عُبَيْدة: البَئْرُ: الْقَلِيل؛ والبَثْرُ: الْكثير؛ أَعطاه عَطاء بَثْراً. وَأنْشد غيرُه بَيت أبي ذُؤيب:

(15/60)


فافْتَنَّهُنّ من السَّوَاء وماؤُه
بَثْرٌ وعانَدَه طَريقٌ مَهْيَعُ
وَقَالَ الكسائيّ: هَذَا شَيْء كثيرٌ بَثيرٌ بَذِيرٌ، وبَحِيرٌ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْثُ: المَاء البَثْر فِي الغَدِير إِذا ذَهب وَبَقِي على وَجه الأَرْض مِنْهُ شَيْء قليلٌ ثمَّ نَشّ وغَشَّى وَجه الأَرْض مِنْهُ شِبْه عِرْمِض، يُقال: صَار مَاء الغَدِير بَثْراً.
أَبُو عُبَيد، عَن الكسائيّ: بَثِرَ وَجْهُه يَبْثَر بَثَراً. وَهُوَ وَجْه بَثِر، من البَثَر. وبَثَر يَبْثُر بَثْراً، وبَثرُ يَبْثُر بُثُوراً.
قلت: البُثُور: مِثل الجُدَرِيّ على الوَجْه وَغَيره مِن بَدَن الْإِنْسَان؛ وَاحِدهَا: بَثْرٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: البَثْرة، تَصْغيرها: البُثَيِّرة. وَهِي النِّعمةُ التامّة.
ويُقال: ماءٌ باثِرٌ، إِذا كَانَ بادياً من غير حَفْر. وَكَذَلِكَ مَاء نابِعٌ ونَبَعٌ.
قَالَ: والباثِرُ: الحَسُود. والبَثْرُ والمَبْثُور: المَحْسُود. والمَبثُور: الغَنِيّ التامّ الغِنَى.
ربث: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّبْثُ: حَبْسُك الإنسانَ عَن حاجَته وأَمْره بِعِلَلٍ.
تَقول: رَبثَه عَن أَمْره.
وَالِاسْم من ذَلِك: الرَّبِيثة.
وَفِي بعض الْأَخْبَار: إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة بعث إبليسُ شياطينه إِلَى النَّاس فأخَذُوا عَلَيْهِم الرَّبائثَ، أَي ذكَّروهم بالحوَائج ليُرَبِّثوهم بهَا عَن الجُمعة. وَيُقَال:
جَرْيَ كَرِيثٍ أَمْرُه رَبِيثُ
الكَرِيثُ: المكْرُوث.
أَبُو عُبَيد، عَن الكسائيّ: الرِّبِيثَى، من قَوْلك: رَبثْتُ الرَّجُلَ أرْبُثُه رَبْثاً، وَهُوَ أَن تُثَبِّطه وتُبْطىء بِهِ؛ وَأنْشد غيرُه:
بَينا تَرَى المَرْءَ فِي بُلَهْنِيةٍ
يَرْبُثُه من حِذارِه أمَلهُ
قَالَ شَمِرٌ: رَبثه عَن حَاجته، أَي حَبَسه، فَرَبِثَ؛ وَهُوَ رابِثٌ: إِذا أَبْطَأَ؛ وَأنْشد لنُميْر بن جَرّاح:
تَقول ابنةُ البَكْريّ مَا ليَ لَا أرَى
صَدِيقك إلاّ رابثاً عَنْك وافِدُهْ
أَي بَطيئاً.
وَيُقَال: دنا فلانٌ ثمَّ ارْبأَثَّ، أَي احْتَبس؛ وارْبأْثثْتُ.
وأرْبث القومُ: تَفرَّقُوا.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو: أرْبثَ أمْرُ بني فلانٍ إرْبَاثاً، إِذا انْتشر وتفرَّق وَلم يلْتئم؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيب:
رَمَيْناهُم حَتَّى إِذا ارْبثّ أمْرُهمْ
وَصَارَ الرَّصيعُ نُهْبَةً للمُقاتِل
قَالَ الأصمعيّ: مَعناه: دَهِشُوا فقَلَبُوا قِسِيَّهم. والرَّصِيع: سَيْرٌ يُرْصَع ويُضفر. والرُّصُوع: المَصْدر.
وَقَالَ ابْن السِّكّيت: إِنَّمَا قُلتُ ذَلِك رَبِيثةً

(15/61)


منِّي، أَي خَدِيعة.
وَقد رَبَثْتُه أَرْبُثه رَبْثاً.
برث: ثَعلب، عَن ابْن الأعْرابيّ: البُرْث: الرَّجُلُ الدَّليلُ الحاذق. جَاءَ فِي بَاء التَّاء.
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَبُو عَمْرو: والبَرْثُ: الأرْضُ السَّهْلة.
قَالَ: وسَمِعْتُ ابْن الفَقْعَسِيّ يَقُول وَسَأَلته عَن نَجْد، فَقَالَ: إِذا جاوَزْت الرَّمْلَ فصِرْتَ إِلَى تِلْكَ البِرَاثِ كأَنها السَّنام المُشَقَّق.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ وَابْن الأعرابيّ: البَرْثُ: الأَرْض اللَّيّنة المُستوية تُنْبِتُ الشَّعَر؛ قَالَ رُؤْبة:
مِن أَهْلها فالبُرَقُ البَرَارِث
كَانَ يَنْبغي أَن يَقُول (بِرَاث) ، فَقَالَ: بَرَارِث.
ث ر م
ثَمَر، ثرم، رثم، مرث، رمث: مستعملات.
مثر: (مهمل) .
ثَمَر: قَالَ اللَّيْثُ: الثَّمَرُ: حَمْل الشَّجَرِ. والوَالدُ: ثَمَرَةُ القَلْبِ. والثَّمَر: أنْواع المَالِ.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: أَثْمر الشَّجَرُ: خَرج ثَمَرُه. وأَثْمر الزُّبْدُ: اجْتَمع.
وأَثْمَر الرَّجُلُ: كَثُر مالُه.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَثْمر الشَّجَرُ، إِذا طَلَع ثَمَرُه قبل أَن يَنْضَج؛ فَهُوَ مُثْمِر. والثامِرُ: مَا نَضَج. وَقد ثَمَر الثَّمَرُ يَثْمُر، فَهُوَ ثامِر.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً} {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} (الْكَهْف: 33، 34) .
قَالَ الفَرّاء: حَدَّثني يَعْلَى، عَن ابْن نُجَيح، عَن مُجاهد، قَالَ: مَا كَانَ فِي القُرآن من (ثُمُرٍ) فَهُوَ مَال: وَمَا كَانَ من (ثَمَر) فَهُوَ الثِّمَار.
وأَخبرني المُنْذرِيّ، عَن الحُسين بن فَهم، عَن مُحَمَّد بن سَلام. قَالَ: قَالَ سَلام أَبُو المُنْذِر القارىء فِي قَوْله {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} (الْكَهْف: 35) مَفْتُوح: جمع: ثَمرَة، وَمن قَرَأَ (ثُمُر) قَالَ: من كُل المَال. فَأخْبرت بذلك يونُسَ فَلم يَقْبله، كَأَنَّهُمَا كَانَا عِنْده سَوَاء.
قَالَ: وَسمعت أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: ثَمرَة، ثمَّ ثَمرَ، ثمَّ ثُمُر، جَمْع الْجمع.
وَقَالَ: وبعضُهم يَقُول: ثمَرَة، ثمَّ ثمَرَ، ثمَّ ثِمَار، ثمَّ ثُمُر.
وَقَالَ اللَّيْثُ: العَقل المُثْمر: عَقْل المُسْلم؛ والعَقْل العَقِيم: عَقْل الْكَافِر.

(15/62)


وَيُقَال: ثَمّر الله مالَك.
والثَّامِرُ: نَوْر الحُمّاضِ، وَهُوَ أَحْمر؛ وَقَالَ الرّاجز:
مِن عَلَقٍ كثامِرِ الحُمَّاضِ
ويُقال: هُوَ اسْمٌ لِثَمرِه وحَمْله.
قلت: أَرَادَ بِهِ حُمْرَةَ ثمره عِنْد إيناعِه؛ كَمَا قَالَ:
كأنّما عُلِّقَ بالأَسْدانِ
يانعُ حُمَّاضٍ وأُرْجُوانِ
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا أَدْرك اللَّبن لِيُمْخَض فظهَر عَلَيْهِ تَحَبُّبٌ وزُبْدٌ، فَهُوَ المُثْمِر.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: هُوَ الثَّمير، وَذَلِكَ إِذا مُخض فرُئي على أَمْثَال الحَصَف فِي الجِلْد، ثمَّ يجْتَمع فَيصير زبْداً. وَمَا دَامَت صِغاراً، فَهُوَ ثَمِير. وَقد ثمَّر السِّقاء، وأَثْمر، وإنّ لَبَنك لَحَسن الثَّمر، وَقد أَثْمَر مِخَاضُك.
قلت: وَهِي ثَميرة اللَّبن أَيْضا.
ورُوي عَن ابْن عبّاس أَنه أَخذ بِثَمرة لِسانه وَقَالَ: قُل خَيْراً تَغْنَم، أَو أَمْسك عَن سُوء تَسْلَم.
قَالَ شَمِرٌ: يُريد أَنه أَخذ بِطرف لِسَانه.
وَكَذَلِكَ ثَمَرَة السَّوْط: طَرَفه.
وَفِي حَدِيث عُمر أَنه دَقّ ثَمَرَة السَّوْط حَتَّى آضت لَهُ مِخْفَقةً.
والثَّمراء: جَمع (الثَّمرة) ، مثل: الشجراء، جمع (الشّجرة) ؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف النّخْل:
تَظَلُّ على الثَّمراء مِنْهَا جَوارسٌ
مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيش زُغْبٌ رقَابُها
وَقيل: (الثمراء) فِي بَيت أبي ذُؤَيب: اسْم جَبَل. وَقيل: شَجَرة بعَيْنها ثمرَ الثّمَرُ، إِذا نَضجَ. وأَثْمَر الشّجر؛ إِذا طَلع ثمَرُه.
فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} (الْكَهْف: 43) قَالَ ابْن عَرفة: أَي مَا ثُمِّر من مالٍ؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} (الْكَهْف: 35) .
فالثَّمَر: مَا أَخْرجه الشجرُ.
والثُّمُرُ: المالُ.
ثرم: أَبُو زَيْد: أَثْرمْت الرَّجُلَ إثْرَاماً، حَتَّى ثَرِمَ، إِذا كسرت بَعض ثَنِيَّتِه.
وَمثله: أَنْثَرتُ الكَبْشَ إنثاراً حَتَّى نَثِر، وأَعْوَرْتُ عَيْنه؛ وأَعْضَبت الكَبْش حَتَّى عَضب، إِذا كسَرْت قَرْنَه.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثّرْم: مَصدر (الْأَثْرَم) .
وَقد ثَرَمْت الرَّجُل فَثرم.
وَقد ثَرَّمْتُ ثَنِيَّته، فانْثَرَمَتْ.
رثم: قَالَ اللَّيْثُ: تَقول العَرَبُ: رَثَمْت فَاه رَثْماً، إِذا كَسره حَتَّى تَقَطَّر مِنْهُ الدَّمُ.
والرَّثْمَ: بياضٌ على أنْف الفَرَس، وَهُوَ أَرْثَم، وَقد رَثِمَ.

(15/63)


قَالَ: والرَّثْمُ: تَخْديشٌ وشَقٌّ من طرَف الأَنف حَتَّى يَخْرج الدَّم فيَقْطر.
قَالَ الرَّثْمُ: كَسْرٌ من طَرف مَنْسِم البَعير؛ يُقَال: رَثِم مَنْسِمُه، إِذا دَمى وسال مِنْهُ الدَّم؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة يَصف امْرأة:
ثَثْني النِّقابَ على عِرْنين أَرْنَبة
شَمَّاءَ مارِنُها بالمِسْك مَرْثُوم
وَقَالَ الأصمعيّ: الرَّثْم، أَصله: الكَسر، فشَبّه أَنْفها مُلَغَّماً بالطِّيب بأنفٍ مَكْسور مُتَلطِّخ بالدَّم.
وَقَالَ لَبِيد فِي المَنْسِم:
بِرَثِيمٍ مَعِرٍ دامِي الأظَلّ
مَنْسِم رَثِيم: أَدْمَتْه الْحِجَارَة. وحصًى رَثِيم ورَثمٌ، إِذا انْكَسَرَ؛ قَالَ الطِّرِمّاح:
رَثيم الحَصَى مِن مَلْكِها المُتَوَضِّح
وَقَالَ أَبُو عُبيد، فِي شِيَاتِ الفَرس: إِذا كَان بجَحْفلة الفَرس العُلْيا بَيَاضٌ فَهُوَ أرْثَم، وَإِن كَانَ بالسُّفلى بَيَاض فَهُوَ ألْمظ، وَهِي الرُّثْمة، واللُّمْظة.
وقلتُ: وكُل كَسْر: ثَرْمٌ، ورَثْمٌ، ورَتْمٌ؛ وَقَالَ:
لأَصْبَح رَثْماً دُقَاق الحَصَى
مَكَان النبيّ من الكاتِبِ
مرث: قَالَ اللَّيْثُ: المَرْثُ: مَرْسُك الشَّيء ثَمرتُه فِي ماءٍ وغَيره حَتَّى يَتَفَرَّق فِيهِ.
ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرْثُ: المَصُّ.
قَالَ: والمَرْثةُ: مَصَّة الصَّبيّ ثدي أُمِّه مَصَّةً واحِدة.
وَقد: مَرَث يَمْرُث مَرْثاً، إِذا مَصّ.
وَقيل فِي حَدِيث الزُّبَير: فكأنهم صِبْيانٌ يَمْرُثون سُخُبَهم، مَرْتَ الصَّبيّ إِذا عَضَّ بدُرْدُرِه.
وَفِي حديثٍ يُروى عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَتى السِّقاية فَقَالَ: اسْقوني؛ فَقَالَ العبّاس: إِنَّهُم قد مَرَّثوه وأفْسَدُوه.
قَالَ شَمِرٌ: معنى: (مَرَّثوه) أَي وَضَّروه بأَيديهم الوَضِرة.
قَالَ: ومَرَّثه، ووضَّره، وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ لي ابْن جُعَيل الكَلْبيّ: يُقَال للصبيّ إِذا أَخذ ولد الشَّاة: لَا تَمْرثه بِيَدِك فَلَا تُرْضِعَه أُمُّه. أَي لَا توضِّره بلَطْخ يدك، وَذَلِكَ أَن أُمّه إِذا شَمَّت رَائِحَة الوَضَر نَفَرت مِنْهُ.
وَقَالَ المُفَضَّل الضَّبِّي: يُقال: أَدْرِك عَنَاقَك لَا يُمَرِّثُوها.
قَالَ: والتَّمْريث: أَن يَمْسحها القومُ بأَيديهم وفيهَا غَمَرٌ فَلَا تَرأَمها أُمها من رِيح الغَمَر.
ومرَّثْتُه تَمْرِيثاً، إِذا فَتَّتَّه؛ وأَنْشد:
قَرَاطِفُ اليُمْنَة لم تُمَرَّثِ
ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: المَرْث:

(15/64)


الحِلْمُ.
ورَجُل مِمْرَثٌ: حَلِيم وَقور.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي، فِي بَاب المُبدل: مَرَث فلانٌ الْخبز فِي المَاء، وَمَرَذَه.
وَهَكَذَا رَوَاهُ لنا أَبُو بكر عَن شَمِر، بِالتَّاءِ والذّال.
رمث: الرِّمْثُ، واحدتها: رِمْثَة، شَجَرةٌ مِن الحَمْض يَنْبَسطِ وَرَقُها مثل الأُشنان، والإبلُ تُحَمِّض بهَا إِذا شَبِعت مِن الخَلّة ومَلَّتْها.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زَيد: رَمِثَت الإبلُ تَرْمَثُ رَمَثاً، إِذا أكلت الرِّمْث فاشْتكت بُطُونَها.
وَقَالَ الكِسائيّ: يُقال: نَاقَة رَمِثة، وإبلٌ رَماثَى.
والعَرب تَقُول: مَا شجرةٌ أَعلَمَ لجَبَلٍ، وَلَا أَضيْعَ لِسَابلة، وَلَا أَبدنَ وَلَا أَرتَع مِن الرِّمْثَة.
قلت: وَذَلِكَ أنّ الْإِبِل إِذا مَلّت الخَلّة اشْتهت الحَمْضَ، فَإِن أَصَابَت طَيِّب المَرْعَى، مثل الرُّغْل والرِّمْث، مَشَقت مِنْهَا حاجَتها، ثمَّ عَادَتْ إِلَى الخَلّة فَحَسُن رَتعها واستَمرأَت رَعْيها، وَإِن فَقدت الحَمْض سَاءَ رَعيُها وهُزِلت.
وَفِي الحَدِيث أَن رجلا أتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إنّا نَركب أَرماثاً لنا فِي الْبَحْر وَلَا ماءَ مَعنا، أفَنَتوضّأ بِمَاء الْبَحْر؟ فَقَالَ: (هُوَ الطّهُور ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصْمعِيّ: الأرْماث: خَشَبٌ يُضَم بعضه إِلَى بَعْض ويُشَدّ ثمَّ يُركب عَلَيْهِ؛ يُقَال وَاحِدهَا: رَمَث؛ وأَنشد لأبي صَخر الهُذليّ:
تمَنَّيْتُ من حُبِّي عُلَيّة أَنَّنا
على رَمَثٍ فِي الشَّرْمِ لَيس لنا وَفْر
أَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي الحَسن الطُّوسيّ، عَن الخَرّاز، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الرَّمَثُ: الحَبْل المُنْتَكِثُ.
والرَّمَثُ: الحَلَبُ.
يُقال: رَمِّثَ ناقَتك، أَي أَبْقِ فِي ضَرْعها شَيْئاً.
والرَّمَث: الطَّوْف، وَهُوَ هَذَا الْخشب.
ورَوى سَلمة عَن الفَرّاء، قَالَ: الرَّمْثُ: السَّرِقَة.
يُقال: رَمَث يَرْمِثُ: ورَمَث يَرْمُث رَمْثاً، فيهمَا، إِذا سَرَق.
قَالَ: والرَّمَث: الطّوْف.
والرَّمَثُ: مَا يَبْقى فِي الضَّرْع من اللّبن.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : لفُلَان على فلانٍ رَمَثٌ، أَي مَزِيّة؛ وَكَذَلِكَ: لَهُ عَلَيْهِ فَوْرٌ، ومُهْلةٌ، ونَفَلٌ.
ويُقال: رَمَّث فلانٌ على الأَرْبعين، أَي زَاد: / /

(15/65)


(بَاب الثَّاء وَاللَّام)
ث ل ن
نثل، لثن.
نثل: قَالَ اللَّيْثُ: يُقال للدِّرْع السَّابغة: نَثْلة، ونَثْرة.
وَقد نَثلها عَلَيْهِ، أَي صَبَّها.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَحْمَر: يُقال للحافر: ثَلَّ، ونَثَل؛ وأَنْشد:
مِثَلٌّ على آرِيِّه الرَّوْثَ مِنْثَلُ
يَصف بِرْذَوناً.
قلت: أَرَادَ بِالحافِر كُلَّ دابّة ذَات حافرٍ مِن الخَيل والبِغال والحَمِير.
وَقَوله: ثَلّ، ونَثل، أَي راثَ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زَيد: نَثَلْت البِئر أَنْثِلُها نَثْلاً، إِذا أَخْرَجْتَ تُرابَها.
وَاسم ذَلِك التّراب: النَّثِيلة، والنُّثالة أَيْضا.
قَالَ أَبُو الجَرّاح: هِيَ ثَلّة البِئر ونَبِيثُها.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول ابْن مُقْبل يَصف نَاقَة:
مسامِيةً خَوْصَاءَ ذَات نَثِيلةٍ
إِذا كَانَ قَيْدامُ المَجَرّة أَقْوَدَا
قَالَ: مُسامية: تُسامي خطامَها الطَّرِيقَ تنظرُ إِلَيْهِ. وذاتُ نَثيلة، أَي ذَات بَقيّة من شِدَّة. وقَيْدام المَجرّة: أوّلُها وَمَا تقدّم مِنْهَا. والأقود: المُسْتَطيل.
وَفِي الحَدِيث: (أيُحب أحدكُم أَن تُؤْتى مَشْرُبَتُه فيُنْتَثَل مَا فِيها) ؟
النَّثْل: نَثْرك الشَّيْء بمرّة وَاحِدَة.
يُقال: نَثَل مَا فِي كِنَانته، إِذا صَبَّها ونَثَرها.
لثن: أَخْبرنِي محمّد بن إِسْحَاق السّعْديّ، عَن عليّ بن حَرْب المَوْصِلِيّ أَنه قَالَ: لَثِنٌ، أَي حُلْو، بلغَة أهل الْيمن.
وَقد جَاءَ فِي المَبْعَث فِي شِعْر:
بُغْضُكُمُ عِندنا مُرٌّ مَذَاقَتُه
وبُغْضُنا عِنْدكم يَا قَوْمنا لَثِنُ
قَالَ عليّ بن حَرب، وَكَانَ مُعْرِباً: لَثِنٌ، أَي حُلْو، بلغَة أهل الْيمن.
قلتُ: وَلم أسْمعه لِغَيره، وَهُوَ ثَبْت.
ث ل ف
اسْتُعمل من وجوهه: ثفل.
ثفل: قَالَ اللَّيْثُ: الثَّفْل: نَثْرَك الشَّيْء كُلّه بمَرّة.
والثُّفْلُ: مَا رَسَب خُثارته وعَلا صَفْوه من الأشْياء كُلّها.
ثُفْل القِدْر؛ وثُفْل الْحَبّ، وَنَحْوه.
قلت: وَأهل البَدو إِذا أَصَابُوا من اللَّبن مَا يَكْفيهم لقُوتهم فهم مُخْصبون لَا يختارون عَلَيْهِ غِذَاء مِن تَمر وزَبيب أَو حَبّ؛ فَإِذا أَعوزهم اللّبَنُ وَأَصَابُوا من الحَبّ والتَّمر مَا يَتَبَلّغون بِهِ فهم مُثافلون. ويُسمون كُل

(15/66)


َّ مَا يُؤْكل من لَحم أَو خُبز أَو تمر ثُفْلاً.
ويُقال: بَنُو فلَان مُثافلون، وَذَلِكَ أشَدّ مَا تكون حالُ البدويّ.
أَبُو عُبَيد: وَغَيره: الثِّفَال: الجِلْد الَّذِي يُبْسط تَحت رَحَا اليَد لِيَقيَ الطَّحِينَ من التُّراب؛ وَمِنْه قولُ زُهير يَصف الْحَرب:
فَتَعْرككم عَرْكَ الرَّحَا بثِفَالِها
وتَلْقَح كِشَافاً ثمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِم
أَبُو عُبيد: سَمِعْتُ الكِسائي يَقُول: بعير ثَفَالٌ: أَي بَطِيء.
قلت: وَفِي حَديث حُذيفة أَنه ذكر فتْنَة فَقَالَ: تكون فِيهَا مِثل الجَمل الثَّفَال الَّذِي لَا يَنْبَعث إِلَّا كَرْهاً.
وَفِي حَدِيث ابْن عُمر: أَنه أَكل الدَّجْرَ، وَهُوَ اللُّوبِياء. ثمَّ غَسَل يَده بالثِّفَال.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الثِّفَال: الإبْريق.
أَبُو تُراب، عَن بعض بني سُليم: فِي الغِرارة ثُفْلة من تَمْر، وثُمْلة مِن تَمْر، أَي بقيَّة مِنْهُ.
ث ل ب
ثلب، ثبل، (بثل) ، لبث.
ثلب: قَالَ اللَّيْثُ: الثِّلْب البَعيرُ الهَرِم.
والثِّلْب: الشَّيخ، بلغَة هُذَيل.
أَبُو عُبيد: الأَثْلب: الْحَجر.
وَقَالَ شَمِرٌ: الأَثْلبُ، بلغَة أهل الْحجاز: الْحجر؛ وبلُغة بني تَمِيم: التّراب.
وَقَالَ الفرَّاء: يُقال: بفِيه الإثْلبُ.
والكلامُ الْكثير: الأَثْلب، وَهُوَ التُّرَاب وَالْحِجَارَة؛ قَالَ رُؤبة:
وَإِن تُنَاهبه تَجدْه مِنْهَبا
تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأثْلَبا
وَهُوَ التُّراب تَرْمي بِهِ قوائمُها على حاجبَيْه.
أَبُو عُبيد، عَن الفَرّاء: ثَلَبْتُه أَثْلِبه ثَلْباً، إِذا عِبْتَه وقُلتَ فِيهِ.
وَقَالَ غَيره: المثَالِبُ، مِنْهُ.
ويُقال: مَثالِبُ الأمِير وَالْقَاضِي: معايِبُه.
ويُقال: ثَلَبْت الرَّجُل، أَي طَرَدْتُه.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثّلْب: شِدَّة اللّوْم والأخْذ باللِّسان.
وَهُوَ المِثْلَب يَجْري فِي العُقُوبات وَنَحْوهَا.
سَلَمة، عَن الفَرَّاء: ثَلِب جِلْدُه ثَلَباً، ورَدِن يَرْدَن رَدَناً، إِذا تَقَبَّض ولانَ؛ وقَفَل يَقْفُل، إِذا يَبِس.
أَبُو عُبَيد: الثَّلِبُ: الرُّمْح المُتَثلِّم؛ وَقَالَ أَبُو العِيَال:
ومُطَّرِدٌ مِن الخَطِّ
يّ لَا عارٍ وَلَا ثَلِبُ
ثبل بثل: أهملهما اللَّيْثُ.
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعْرابي أَنه قَالَ: الثُّبْلَة: البَقِيَّة؛ والبُثْلة: الشُّهْرة.

(15/67)


قلت: وهما حَرفان عربيَّان، جعل الثَّبلة بِمَنْزِلَة (الثُّملة) .
لبث: قَالَ اللَّيْثُ: اللَّبْثُ: المُكث.
والفِعل: لَبِث، قَالَ الله تَعَالَى: {مَئَاباً لَّابِثِينَ فِيهَآ} (النبأ: 23) .
سَلَمة، عَن الفَرَّاء: والناسُ يَقْرَؤون {مَئَاباً} .
ورُوي عَن عَلْقمة أَنه قَرَأَهَا (لَبِثين) .
قَالَ: وأجود الوَجْهين {مَئَاباً} لِأَن {مَئَاباً} إِذا كَانَت فِي مَوضِع تقع فتَنْصب كَانَت بِالْألف، مثل: الطامع والباخِل.
قَالَ: واللَّبِث: البَطيء.
وَهُوَ جَائِز، كَمَا يُقَال: رجُلٌ طامِعٌ وطَمِع، بِمَعْنى وَاحِد؛ وَلَو قلت: هُوَ طَمِع فِيمَا قِبَلَك، كَانَ جَائِزا.
قلت: يُقال: لَبث لُبْثاً ولَبْثاً ولُبَاثاً، كل ذَلِك جَائِز، وتَلَبَّث تَلَبُّثاً، فَهُوَ مُتَلَبِّث.
ث ل م
ثلم، ثمل، مثل، ملث، لثم.
ثلم: الحرّاني، عَن ابْن السِّكِّيت: فِي الْإِنَاء ثَلْمٌ، إِذا انْكسر مِن شَفَته شَيءٌ.
وَفِي السَّيْف ثَلْمٌ.
قَالَ: والثَّلَمُ: ثَلْم الوادِي، وَهُوَ أَن يَنْثَلم جُرْفُه.
قلتُ: ورأَيتُ بِنَاحِيَة الصّمَّان موضعا يُقَال لَهُ: الثّلَم؛ وأَنشدني أَعْرابيٌّ:
تَرَبَّعَتْ جوَّ خُوَيَ فالثَّلَم
والثَّلْمَةُ: الموضعُ الَّذِي قد انْثَلَم؛ وجَمْعها: ثُلَم. وَقد انْثَلم الْحَائِط، وتَثَلَّم.
وَقَالَ عَنْترة:
بالحَزْن فالصَّمَّان فالمُتَثَلَّم
ويُقال: ثَلَمْتُ الْحَائِط أَثْلِمه ثَلْماً، فَهُوَ مَثْلُوم.
ثمل: أَبُو عُبيد، عَن أَصحابه: الثَّميلةُ: البَقِيَّة من الطَّعام أَو الشَّراب تَبْقَى فِي البَطْن؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يَصِف عَيْراً وأُتُنَه:
وأَدْرَك المُتَبَقَّى من ثَمِيلته
وَمن ثَمَائِلها واسْتُنْشِىءَ الغَرَبُ
يَعْنِي: مَا بَقي فِي أَمْعَائها وأَعْضائها من الرُّطْب والعَلَف.
وَكَذَلِكَ يُقال لِبَقيَّة المَاء فِي الغِدْران والحَفِير: ثَمِيلة، وثَمِيل؛ قَالَ الأَعْشى:
بِعَيْرانةٍ كأَتَان الثَّمِيل
تُوافِي السُّرى بعد أَيْنٍ عَسِيرَا
تُوافي السُّرَى: أَي تُوفِّيها.
أَبُو عُبيد: الثُّمْلَةُ: الحَبُّ والسَّوِيق والتَّمْر فِي الْوِعَاء، يكون نِصْفَه فَمَا دُونَه.
قَالَ: والثُّمْلَة: أَيْضا: مَا أَخْرجت مِن أسفَل الرّكِيّة من الطِّين.
قالهما أَبُو زَيد.
والمِيم فِي هذَيْن الحَرْفَين سَاكِنة والثاء مَضْمومة.

(15/68)


وَأما الثَّمَلَة، بتحريك الْمِيم، فَهِيَ الصُّوفة الَّتِي يُهْنأ بهَا الجَرَب؛ وَأنْشد:
مَمْفُوثَة أَعْراضُهم مُمَرْطَله
كَمَا تُلاث بالهَناء الثّمَلَهْ
أَبُو عُبَيد: الثُّمالة: بقيَّة المَاء وغَيْره.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: تَقول العَربُ فِي كَلَامهَا: قَالَت اليَنَمة: أَنا اليَنَمة، أَغْبُق الصَّبِيَّ قبل العَتَمة، وأَكُبّ الثُّمالَ فَوق الأكَمَة.
أَرَادَ بالثُّمَال: جمع الثُّمَالة، وَهِي الرَّغوة. واليَنَمة: بَقْلَةٌ طَيِّبة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الثَّمَالُ: السُّمّ المُنْقَع، وَهُوَ المُثَمّل.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: ثَمَلْت القَوْمَ، وَأَنا أَثْمِلُهم، وأَثْمُلهم.
قلت: مَعْناه أَن يكون ثِمَالاً لَهُم، أَي غِيَاثاً يَفْزَعون إِليه.
ابْن السِّكّيت، عَن يُونس، يُقَال: مَا ثَمَلْتُ شَرابي بشيءٍ من طَعام.
وَمَعْنَاهُ: مَا أَكَلْت قبل أنْ أَشْرَبَ طَعَاما.
وَذَلِكَ يُسَمَّى: الثَّمِيلة.
الأصْمعي: ثَمِل الرّجُلُ يَثْمَل ثَمَلاً، إِذا سَكِر. فَهُوَ: ثَمِلٌ.
ويُقال: سَقَاه المُثَمَّلَ، أَي سَقاه السُّمّ.
ونُرَى أَنه الَّذِي أُنْقِع فَبَقِي وثَبَتَ.
قَالَ: والثّمَل: المُقَام والخَفْضُ.
يُقَال: ثَملَ فلانٌ فَمَا يَبْرح.
وَاخْتَارَ فلانٌ دارَ الثَّمَل، أَي دَار الخَفْض والمُقَام.
وَيُقَال: فلانٌ ثِمالٌ لبني فلانٍ، إِذا كَانَ لَهُم غياثاً وقواماً يَقُوم بأمْرهم.
يُقَال: هُوَ يَثْمِلُهم.
وَقَالَ أَبُو طَالب يَمدح النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثِمَال اليتَامى عِصْمة للأرَامل
وَيُقَال: أَثلَمت الْمَاشِيَة من الْكلأ مَا يَثْمل مَا فِي أَجوافها من المَاء، أَي يكون سَوَاء لما شَرِبَت من المَاء.
وَيُقَال: مَا ثَمَلْت طَعامي بِشَيْء من شراب، أَي مَا شرِبت بعد الطَّعَام شَراباً.
وَقَول ابْن مُقْبِل:
لمن الدّيارُ عَرَفتُها بالسّاحِل
وكأنّها ألواحُ سَيْفٍ شامِلِ
قَالَ الأصمعيّ: الثامل: الْقَدِيم العَهد بالصِّقال، كَأَنَّهُ بَقِي فِي أَيدي أَصْحَابه زَمَانا؛ من قَوْلهم: ارْتحل بَنو فلَان.
وثَملَ فلانٌ فِي دارِهم، أَي بقِي.
والثَّمْلُ: المُكْثُ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: المُثمَّلُ: السُّمّ المُقَوَّى بالسَّلَع، وَهُوَ شجرٌ مُرٌّ.
والمَثْمَلُ: أَفْضل الْعَشِيرَة.
شَمِرٌ: المُثَمَّلُ من السُّمّ: المُثَمَّنُ الْمَجْمُوع، وكل شَيْء جمعته، فقد ثمَّلْته

(15/69)


وثمَّنْته. وثمَلْتُ الطعامَ: أَصْلَحْتُه. وثمَلْته: سَترتُه وغَيَّبْته.
وثُمالة: بَطن من الأزد، وإليهم يُنسَب المبَرّد.
وَفِي حَدِيث عبد الْملك أَنه كتب إِلَى الْحجَّاج: أمّا بعد: فقد وَلّيتُك العِراقَيْن صَدْمَةً فسِرْ إِلَيْهَا مُنطوي الثميلة خَفيف الخَصيلة.
الثميلة، أصلُها: مَا يَبقى من العَلف فِي بَطن الدَّابَّة. أَرَادَ: سِرْ إِلَيْهَا مُخِفّا. والخَصيلة: لَحمة السَّاق. أَرَادَ: سِرْ إِلَيْهَا نجيب السّاق.
مثل: قَالَ اللَّيْثُ: المثَلُ: الشّيْءُ الَّذِي يُضرب مَثلاً فيُجْعل مِثْلَه.
والمثَلُ: الحديثُ نَفْسُه.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (الرَّعْد: 37) .
قَالَ: مَثَلُها، هُوَ الخبَرُ عَنْهَا.
أَبُو عُبيد، عَن الفرّاء: يُقَال: مَثَلٌ ومِثْل، وشَبَه وشِبه، بِمَعْنى وَاحِد.
وَأَخْبرنِي المُنذرِيّ عَن ابْن فَهم، عَن ابْن سَلام، قَالَ: أَخْبرنِي عُمر ابْن أبي خَليفَة، قَالَ: سَمِعت مُقاتل صَاحب التَّفْسِير يسْأَل أَبَا عَمْرو بن العَلاء عَن قَول الله تَعَالَى: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (الرَّعْد: 35) : مَا مَثلها؟ قَالَ: فِيهَا أنهارٌ من مَاء غير آسِن. قَالَ: مَا مثَلها؟ فسكَت أَبُو عَمْرو. قَالَ: فَسَأَلت يُونُس عَنْهَا، فَقَالَ: مَثَلُها صِفَتُها.
قَالَ محمّد بن سَلام: وَمثل ذَلِك قولُه تَعَالَى: {السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِى} (الْفَتْح: 29) أَي صِفتهم.
قلت: ونَحو ذَلِك رُوي عَن ابْن عبّاس.
وَأما جَواب أبي عمرٍ ولمُقاتل حِين سأَله: مَا مثلهَا؟ فَقَالَ: {فِيهَا أَنهَار. ثمَّ تَكريره السُّؤال: مَا مَثَلُها؟ وسُكوت أبي عَمْرو عَنهُ. فإنّ أَبَا عَمْرو أَجَابَهُ جَوَابا مُقْنِعاً، وَلما رأى نَبْوة فَهم مُقاتِل عَمَّا أَجَابَهُ سَكت عَنهُ، لما وقف عَلَيْهِ من غِلَظ فَهْمه، وَذَلِكَ أنّ قَول الله عزّ وجلّ: مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (الرَّعْد: 37) تَفْسِير لقَوْله عزّ وجلّ: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ} (الْحَج: 14) ففسّر جلّ وعزّ تِلْكَ الْأَنْهَار فَقَالَ: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} مِمَّا قد عرفتموه فِي الدُّنيا مِن جَنّاتها وأَنهارها جَنَة فِيهَا أَنهَار من ماءٍ غير آسن وأنهار من كَذَا.
وَلما قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ} (الْحَج: 14) وصَف تِلْكَ الجنات فَقَالَ: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ} (الرَّعْد: 37) أَي صفتَها.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى

(15/70)


التَّوْرَاة} (الْفَتْح: 29) أَي ذَلِك صِفة محمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة. ثمَّ أَعْلم أنّ صِفتهم فِي الْإِنْجِيل كزَرْع.
قلتُ وللنّحْوييّن فِي قَوْله تَعَالَى: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (الرَّعْد: 37) قولٌ آخر قَالَه محمّد بن يَزيد الثُّماليّ فِي كتاب (المُقتضب) ، قَالَ: التَّقْدِير: فِيمَا يُتْلى عَلَيْكُم مَثَلُ الجَنة، ثمَّ فِيهَا وفيهَا.
قَالَ: وَمن قَالَ: إنّ مَعناه: صِفة الجَنّة. فقد أَخطأَ، لِأَن (مَثَل) لَا يُوضع فِي مَوضِع صِفَة، إِنَّمَا يُقال: صِفة زَيد أنّه ظريف، وَأَنه عَاقل، ويُقال: مَثَلُ فلانٍ: المثَلُ مَأْخُوذ من: الْمِثَال والحذو، وَالصّفة تَحْلِيةٌ ونَعْتٌ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ياأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ} (الْحَج: 73) وَذَلِكَ أَنهم عَبَدُوا مِن دُون الله مَا لَا يَسْمع وَلَا يُبْصر وَمَا لم تَنْزل بِهِ حُجَّة، فأَعلمهم الله الجوابَ مِمَّا جَعلوه لله مَثَلاً ونِدّاً، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً} (الْحَج: 73) .
يَقُول: كَيفَ تكون هَذِه الْأَصْنَام أَنْدَاداً وأمثالاً لله، وَهِي لَا تَخْلق أَضْعف شَيْء ممّا خلق الله. وَلَو اجْتمعوا كُلّهم لَهُ، وَإِن يَسْلُبهم الذُّبَاب الضعيفُ شَيْئا لم يُخلِّصوا المَسْلُوب مِنْهُ.
ثمَّ قَالَ: {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (الْحَج: 73) .
وَقد يكون (المَثَل) بِمَعْنى: العِبْرة: وَمِنْه قولُ الله تَعَالَى: { (أَجْمَعِينَ فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلاَْخِرِينَ} (الزخرف: 56) فَمَعْنَى (السّلف) أنّا جعلناهم مُتَقَدِّمين يَتَّعِظُ بهم الغابرُون. وَمعنى قَوْله تَعَالَى: {سَلَفاً} ، أَي عِبْرة يَعْتبر بهم المُتأَخِّرون.
وَيكون (الْمثل) بِمَعْنى: الْآيَة، قَالَ الله تَعَالَى فِي صفة عِيسى: {عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (الزخرف: 59) أَي آيَة تدلُّهم على نُبُوّته.
وأمّا قَوْله تَعَالَى: { (لِّلاَْخِرِينَ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ} (الزخرف: 57) جَاءَ فِي التّفسير: أنّ كفَّار قُرَيْش خَاصَمت النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قيل لَهُم: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (الْأَنْبِيَاء: 98) قَالُوا: قد رَضِينا أَن تكون آلِهَتنَا بِمَنْزِلَة عِيسَى ابنِ مَرْيَم وَالْمَلَائِكَة الَّذين عُبِدوا مِن دُون الله.
فَهَذَا معنى ضَرب المَثل بِعِيسَى.
ويُقال: تمثَّل فلَان، إِذا ضَرَب مَثَلاً.
والمِثَالُ مَا جعل مِثْلُه.
حَدّثنا عبدُ الرحمان بن عَليّ، قَالَ: حدّثنا مُحَمَّد بن حُميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مُغيرة، عَن أُمّ مُوسى أُمّ ولد الحُسين بن عَليّ، قَالَت: زَوّح عليُّ بن أبي طَالب

(15/71)


رَضي الله عَنهُ شابّين وَابْني مِنْهُم، فَاشْترى لكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مِثَالَيْن.
قَالَ جريرٌ: قلتُ للمُغيرة: مَا مِثالان؟ قَالَ: نَمطَان.
والنمط: مَا يُفترش مِن مَفارِش الصُّوف الملوَّنة.
وَقَالَ الإياديّ: سُئِل أبُو الهَيْثم عَن مَلِك قَالَ لِرَجُل: ائتِني بقومك؛ فَقَالَ: إنَّ قومِي مُثُلٌ.
قَالَ أَبُو الهَيْثم: يُريد أنّهم ساداتٌ لَيْسَ فَوْقهم أَحَد.
والمِثال: الفِراش، وجَمْعها: مُثُل؛ وَمِنْه قَوْله: وَفِي البَيت مِثَالٌ رَثٌّ، أَي فِرَاشٌ خَلَق؛ وَقَالَ الأعْشى:
بكُلّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ كأَنَّما
يَرى بسُرَى اللَّيْل المِثَالَ المُمَهّدَا
والتّمثال: اسْم للشَّيْء المَصْنوع مُشَبَّهاً بِخَلْقٍ مِن خَلْق الله؛ وَجمعه: التّماثِيل.
وَأَصله من: مَثَّلت الشيءَ بالشَّيْء، إِذا قَدَّرْتَه على قَدْره.
وَيكون تَمثيل الشَّيْء بالشَّيء تَشْبِيهاً لَهُ.
وَاسم ذَلِك المُمثَّل: تِمْثَال.
وأمّا التَّمْثَال، بِفَتْح التَّاء: فَهُوَ مَصْدر: مَثَّلْت تَمْثِيلاً، وَتَمْثَالاً.
ويُقال: فلَان أمْثل من فلَان، أَي أَفْضَل مِن فُلانٍ.
وَقَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن فِرْعون إِنَّه قَالَ: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (طه: 63) .
قَالَ الأخْفش: المُثْلَى، تَأْنيث: الأمْثل.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى (الأمثل) : ذُو الفَضل الَّذِي يَسْتحق أَن يُقال لَهُ، هُوَ أَمْثَلُ قومه.
وَقَالَ الفَرّاء: المُثْلى، فِي هَذِه الْآيَة، بِمَنْزِلَة: الْأَسْمَاء الحُسْنى، وَهُوَ نَعت للطَّريقة، وهم الرّجال الْأَشْرَاف: جُعلت (المثلى) مُؤَنّثَة لتأنيث (الطَّرِيقَة) .
وَقَالَ ابْن شُميل: قَالَ الخَلِيل: يُقال: هَذَا عبد الله مِثْلك، وَهَذَا رَجُلٌ مِثْلك؛ لأنّك تَقول: أَخُوك الَّذِي رَأَيْته بالْأَمْس، وَلَا يكون ذَلِك فِي (مَثَل) .
ويُقال: امْتثلت مِثَال فلَان، أَي احتذيت حَذْوَه وسَلَكْت طَرِيقته.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} (الرَّعْد: 6) يَقُول: يَسْتَعْجلونك بالعَذاب الَّذِي لم أُعاجِلْهم بِهِ، وَقد عَلِموا مَا نزَل من عقوبتنا بالأمم الخالية، فَلم يعتبروا بهم.
والعَرب تَقول للعُقوبة: مَثُلة، ومُثْلَة.
فَمن قَالَ: (مَثُلة) جمعَها على: مَثُلات، وَمن قَالَ (مُثْلَة) جمعَها على: مُثُلات، ومُثَلات: ومُثْلات، بإِسكان الثَّاء.
يَقُول: يَسْتَعجلونك بالعَذاب، أَي يطْلبُونَ

(15/72)


العَذاب فِي قَوْلهم: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ} (الْأَنْفَال: 32) . وَقد تقدّم مِن الْعَذَاب مَا هُوَ مُثْلة وَمَا فِيهِ نَكَال لَهُم، لَو اتَّعطوا.
وَيُقَال: مَثَل بِهِ يَمْثُل مَثْلاً.
والمُثْلَة، الاسْم.
وكأنّ (المَثْلَ) مَأْخُوذ من (المَثَل) ، لِأَنَّهُ إِذا شَنَّع فِي عُقوبته جعله مَثَلاً، أَي عَلَماً.
وَيُقَال: امْتثل فلانٌ من قوم أماثِلَهم، إِذا اخْتَار فاضِلَهم.
وَالْوَاحد: أَمْثل.
يُقَال: هُوَ أَمْثل الْقَوْم، وهَؤلاء مُثل الْقَوْم. وأَماثلهم، يكون جمع (أَمْثَال) ، وَيكون جمع (الأمْثل) .
وَفِي الحَدِيث: نَهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُمثَّل بالدّوابّ وَأَن تُؤْكل المَمْثُول بهَا، وَهُوَ أَن تُنْصب فتُرْمَى.
ويُقال: امْتثلتُ مِن فلَان امْتثالاً، أَي اقْتَصَصْت مِنْهُ، وَمِنْه قولُ ذِي الرُّمّة:
رَبَاعٍ لَهَا مُذْ أَوْرَق العُودُ عِنْده
خُمَاشاتُ ذَحْلٍ مَا يُراد امْتِثالُها
أَي مَا إِن يُقْتصّ مِنْهَا، هِيَ أذلّ من ذَلِك، أَو هِي أَعزّ عَلَيْهِ من ذَلِك.
وَيَقُول الرّجُل للْحَاكِم: أَمْثِلْني من فلانٍ، أَي أَقِصَّني مِنْهُ.
وَقد أَمْثله الْحَاكِم مِنْهُ.
قَالَ أَبُو زَيد: والمِثَالُ: القِصَاص.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عَمرو: والماثِلُ: الْقَائِم. والماثل: اللاطىء بالأرْض.
قَالَ: وسمعتُه يَقُول: كَانَ فلانٌ عندنَا ثمَّ مَثَل، أَي ذَهَب.
وَقَالَ لَبِيد فِي (الماثل) بِمَعْنى الْقَائِم المُنتصب:
ثمَّ أَصْدَرْناهما فِي وارِدٍ
صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاه كالمَثَلْ
أَي انْتَصب.
والماثِل: الدّارِس. وَقد مَثَل مُثُولاً.
وَقيل: إِن قولَهم: تماثَل المَريض، من: المُثُول والانتصاب، كَأَنَّهُ هَمّ بالنُّهوض والانتصاب.
وَيُقَال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ، أَي أَحْسن مُثولاً وانتصاباً. ثمَّ جُعل صفة للإقْبال.
قلتُ: معنى قَوْلهم: المريضُ الْيَوْم أَمْثل: أَي أَفْضل حَالا من حالةٍ كَانَت قَبلها، وَهُوَ من قَوْلهم: هُوَ أَمْثل قَوْمه، أَي أَفْضَل قومه.
والأمْثال: أَرَضون ذاتُ جِبَال يُشْبه بعضُها بَعْضًا، وَلذَلِك سُمِّيت أمْثالاً، وَهِي من البَصرة على لَيْلتين.
وَقَوله تَعَالَى: {) الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} (يس: 42) . قَالَ قَتادة: السُّفن.
وَقَالَ الحَسن: هِيَ الْإِبِل، فكأنّهم قَالُوا

(15/73)


للإِبل سُفُن البَرّ، من هَا هُنا.
وَقَوله تَعَالَى: {فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ} (الشورى: 11) أَي لَيْسَ مِثْله شَيْء، وَالْكَاف مؤكّدة.
ملث: ابْن السّكيت: المَلْثُ: أَن يَعِد الرَّجُلُ الرَّجُلَ عِدَةً لَا يُريد أَن يَفِيَ بهَا.
وَقد مَلَثه يَمْلُثه مَلْثاً، ومَلَذَه يَمْلُذه مَلْذاً، مثله، إِذا طَيَّبه بكَلاَمٍ لَا وَفَاءَ لَهُ.
أَبُو عَمْرو: أتَيْتُه مَلَثَ الظَّلام، ومَلَسَ الظلام، وَهُوَ اخْتِلاَطُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الجَرْميّ، عَن أبي زَيد: مَلْث الظلام: اخْتِلاط الضَّوْء بالظُّلْمة، وَهُوَ عِنْد العِشاء، وَعند طُلُوع الْفجْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَلْثَة، والمَلْث: أوّل سَواد اللَّيل.
والمَلْث: وَقت العِشاء الْآخِرَة.
قَالَ: فَقَوْلهم: اخْتلط المَلس بالمَلث. فالمَلث: أوّل سَوادِ المَغرب. فإِذا اشتدّ حَتَّى يَأْتِي وَقت الْعشَاء الْأَخِيرَة فَهُوَ المَلَس فَلَا يُميّز هَذَا من هَذَا، لِأَنَّهُ قد دَخل المَلث فِي المَلس.
وَمثله: اخْتلط الزُّبَاد بالخائِر.
لثم: أَبُو عُبَيد، عَن أبي زَيْد، قَالَ: تَميم تَقُول: تَلَثَّمْتُ على الفَم؛ وَغَيرهم يَقُول: تَلَفَّمْتُ.
وَقَالَ الفَرّاء: إِذا كَانَ على الفَم فَهُوَ اللِّثام، وَإِذا كَانَ على الْأنف فَهُوَ اللِّفَام.
قَالَ: ويُقال من اللِّثام: لَثَمْت أَلْثِمُ.
فَإِذا أردْت التَّقْبِيل قلت: لَثِمْت أَلْثَمُ.
وأَنشد غيرُه:
فَلثِمْتُ فاهَا آخِذاً بقُرونِها
ولَثِمْتُ مِن شَفَتَيْه أَطْيَبَ مَلثَمِ

(بَاب الثَّاء وَالنُّون)
ث ن ف
ثفن، نفث.
ثفن: الثَّفِنَاتُ من البَعير: مَا وَلِي الأرْضَ مِنْهُ عِنْد بُرُوكه.
والكِركرة: إِحدى الثَّفنات، وَهِي خَمْسٌ بهَا، وَقَالَ الشَّاعِر يَصف نَاقَة:
ذَات انتِباذٍ عَن الحادِي إِذا بَركت
خوَّت على ثَفِناتٍ مُحْزئِلاّتِ
وَقَالَ عُمر بن أبي رَبيعة يَصف أَرْبع رَواحِلَ وبُرُوكَها:
على قَلْوصَيْن مِن رِكَابِهمُ
وعَنْتَرِيسَيْن فيهمَا شَجَعُ
كأَنَّما غادرت كَلاَكِلُهَا
والثَّفناتُ الخِفافُ إِذْ وَقَعُوا
مَوْقِعَ عِشْرينَ مِن قَطاً زُمَرٍ
وَقَعْنَ خمْسا خمْسا مَعًا شِبَعُ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: الثّفِنة: مَوْصِل الفَخِذ فِي السّاق مِن باطِن، وموصلُ الوَظيف فِي

(15/74)


الذِّراع، فشبّه آثارَ كراكرها وثَفِناتها بمَجاثم القَطَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ خِفّة برُوكهنّ.
وَقَالَ العجّاج:
خَوَى على مُسْتَوياتٍ خَمْسِ
كِرْكرةٍ وثَفِنَاتٍ مُلْسِ
وَقَالَ ذُو الرّمّة، فَجعل الكِرْكِرة من الثَّفنَات:
كأنّ مُخَوّاها على ثَفِنَاتِها
مُعَرّسُ خَمْسٍ مِن قَطاً مُتَجَاور
وَقَعْن اثْنَتَيْن واثْنَتَيْن وفرْدَةً
جريداً هِيَ الوُسْطى لتَغْليس حائر
وَيُقَال: ثافنتُ فلَانا أُثافنه مُثافَنة، إِذا جاثَيْتَه تُحادثه وتُلازمه وتكلِّمه.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المُثَافِن والمُثَابر، والمُواظِب، واحِدٌ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعرابيّ: الثَّفَنُ: الثِّقَل.
وَقَالَ غَيره: الثَّفْن: الدّفْع.
وَقد ثَفَنه ثَفْناً، إِذا دَفَعه.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: ثَفَنْت الرَّجُل أَثْفُنه، إِذا أَتَيْته من خَلْفه.
وَقَالَ أَبُو زيد: ثافَنْت الرَّجُل مُثافنة، أَي صاحَبْتُه حَتَّى لَا يَخْفَى عليّ شيءٌ من أَمْره، وَذَلِكَ أَن تَصْحبه حَتَّى تَعلمَ أَمْره.
نفث: رُوي عَن النَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إنّ رُوح القُدس نَفَث فِي رُوعي) وَقَالَ: (إنّ نَفْساً لن تَمُوت حَتَّى تَسْتَوْفي رِزْقها، فاتقُوا الله وأَجْمِلوا فِي الطَّلَب) .
قَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ كالنَّفْث بالفم، شبيهٌ بالنّفْخ.
وَأما التَّفْل، فَلَا يكون إلاّ ومَعه شيءٌ من الرِّيق.
وأمّا الحَدِيث الآخر فِي افْتِتَاح الصَّلاة: (اللَّهُمَّ إنّي أعُوذ بك من الشَّيْطان الرَّجيم من هَمْزه ونَفْثه ونَفْخه) .
فقد مَرَّ تَفْسِير الهَمْز والنّفْخ فِي مَوْضعهما من الْكتاب.
وأمّا (النّفْث) فتفسيرُه فِي الحَدِيث: أَنه الشِّعْر.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَإِنَّمَا سُمِّي الشِّعْر نَفْثاً، لِأَنَّهُ كالشَّيء يَنْفُثه الْإِنْسَان من فِيه مثل الرّقية. وَقَوله عزّ وجلّ: {) وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ} (الفلق: 4) هن السواحر.
ونُفاثةُ السِّواك: مَا يَتَشَظَّى مِنْهُ فَيَبْقَى فِي الأسْنان فيَنْفُثه صاحبُه.
وَقيل: مَعْنَى قَوْله: (نَفَث فِي رُوعي) ، أَي أَوْحَى إليّ.
ث ن ب
ثبن، بنث، بثن.
ثبن: فِي حَدِيث عُمر: أَنه قَالَ: إِذا مَرّ أحدُكم بحائط فَلْيَأْكُل مِنْهُ وَلَا يَتَّخِذْ ثُبَاناً.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: والثُّبَان:

(15/75)


الوِعَاءُ الَّذِي يُحْمَل فِيهِ الشَّيْءُ، فإِن حَمَلْته بَين يَدَيك، فَهُوَ ثُبَانٌ. وَقد ثَبَنْت ثُبَاناً. فإِن جَعَلْته فِي حِضْنك، فَهُوَ خُبْنَة.
يَعني بالحَديث: المُضْطَرّ الجائع يَمُرّ بحائط رَجُلٍ فيأكُل من ثَمَر نَخْله مَا يَرُدّ جَوْعَته.
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ ابْن الأَعْرابي وأبُو زَيد: الثُّبَان: واحدُها: ثُبْنَة، وَهِي الحُجْزة تُحْمل فِيهَا الفاكهةُ وغيرُها؛ وَقَالَ الفَرَزْدق:
وَلَا نثَر الجانِي ثُباناً أمامها
وَلَا انتَقَلَتْ مِن رَهْبَةِ سَيْلٍ مِذْنَبِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو سعيد: لَيْسَ الثُّبَان بالوعاء، وَلَكِن مَا جُعل فِيهِ من التَّمْر فاحتُمل فِي وعاءٍ أَو غَيره، فَهُوَ ثُبان، وَقد يَحْمل الرجل فِي كُمِّه فَيكون ثُبانَه.
وَيُقَال: قدم فلانٌ بثُبَانٍ فِي ثَوْبه.
وَمَا أَدْري مَا هُوَ؟
وثَبَنه فِي ثَوبه.
وَلَا تكون ثُبْنة إِلَّا مَا حَمَل قُدَّامه وَكَانَ قَلِيلا. فَإِذا عَظُم فقد خَرج مِن حدِّ الثُّبان.
بنث: ثعلبَ: عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: البَيْنِيث: ضربٌ من سَمَك الْبَحْر.
نبث: أَبُو عُبَيد: هِيَ ثَلّة الْبِئْر ونَبِيثها، وَهِي مَا يُسْتَخرَج من تُراب الْبِئْر إِذا حُفِرت؛ وَقد نُبِثَت نَبْثاً.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: مَا رأيتُ لَهُ عيْناً وَلَا نَبْثاً، كَقَوْلِك: مَا رأيتُ لَهُ عَيناً وَلَا أثَراً؛ وَقَالَ الراجز:
فَلَا تَرى عيْناً وَلَا أَنْباثاً
إِلَّا مَعَاث الذِّئْب حِين عاثا
فالأنْباث: جمع نَبَث: وَهُوَ مَا أُثِير وحُفِرَ واسْتنْبِث.
وَقَالَ زُهير يَصف عَيْراً وأُتُنَه:
يَخِرُّ نَبِيثُها عَن جانبيه
فَلَيْسَ لوَجْهه مِنْهَا وِقاءُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَبِيثها: مَا نُبِث بأَيديها، أَي حَفرت من التُّرَاب.
قَالَ: وَهُوَ النَّبيثُ، والنَّبيذ، والنَّحيتُ، كلُّه وَاحِد.
بثن: فِي حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد: أنّه خَطب فَقَالَ: إنَّ عُمَرَ اسْتَعملَنِي عَلَى الشَّام وَهُوَ لَهُ مُهِمٌّ، فَلَمَّا أَلْقَى الشامُ بَوانِيَه وَصَارَ بَثَنِيَّةً وعَسَلاً عَزلني واستَعمل غَيْرِي.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قولُه: صَار بَثَنِيَّةً وعَسلاً، فِيهِ قَولَانِ:
يُقَال: البَثِنيّةُ: حِنْطةٌ منْسُوبة إِلَى بَلْدَة مَعْرُوفَة بِالشَّام، من أَرض دِمَشق يُقَال لَهَا البَثَنِيَّة.
وَالْقَوْل الآخر: أنّ البَثنيّة: الرّمْلة اللَّيِّنة، وَذَلِكَ أنّ الرّمْلة اللّيّنة يُقَال لَهَا: بَثْنَة، وتصغيرُها: بُثَيْنَة.

(15/76)


وَأَرَادَ خَالِد أنَّ الشّام لمّا سَكن وذهَبت شَوْكته وَصَارَ ليِّناً لَا مَكْرُوه فِيهِ خِصْباً كالحِنطة والعَسَل عَزَلني.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: البَثْنَة: الزُّبْدة، والبَثْنة: النَّعْمَة فِي النِّعمة، والبَثْنة: الرَّمْلة اللَّيِّنة، والبَثْنة: الْمَرْأَة الحَسْناء البَضَّة الناعمة.
قَالَ: وَمعنى قَول خَالِد: أَنَّهَا صَارَت كأنّها زُبْدة ناعمة.
وقرأت بِخَط شَمِر وتَقييده، قَالَ: البِثْنة، بِكَسْر الْبَاء: الأَرض اللَّيّنة، وَجَمعهَا: بُثُن.
ويُقال: هِيَ الأَرْض الطَّيِّبة.
وَقيل: البُثُن: الرِّيَاضُ؛ وأَنشد قولَ الكُمَيْت:
مَباؤُكَ فِي البُثُن النَّاعِما
تِ عَيْناً إِذا رَوَّحَ المُؤْصِلُ
يَقُول: رِياضُكَ تَنْعَم أَعْينَ النَّاس، أَي تُقِرّ عُيونهم إِذا أَراح الرَّاعي نَعمه أصِيلاً. والمَبَاءُ، والمَباءة: المَنْزِل.
قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الغَنَوِيّ: بَثَنِيّة الشَّام: حِنْطَةٌ أَو حَبَّة مُدَحْرَجَة.
قَالَ: وَلم أجد حَبَّةً أَفضل مِنْهَا، وَقَالَ ابنُ رُوَيْشد الثَّقَفِيّ:
فأدْخَلْتُها لَا حِنْطَةً بثَنِيَّةً
تُقَابِلُ أَطْرَافَ البُيُوتِ وَلَا حُرْفا
وَقَالَ: بَثَنِيَّة: مَنْسُوبة إِلَى قَرْيَة بِالشَّام بَين دِمَشق وأَذْرِعات.
ث ن م
ثمن، مثن، نثم.
ثمن: أَبُو عُبَيد، عَن الأَصْمعِيّ: الثّمانِي: نَبْتٌ، والأَفانِي: نَبْتٌ، واحدته: أَفَانِيَة.
وَقَالَ الكسائيّ: أَثْمَنْت الرَّجُلَ متاعَه، وأَثَمَنْت لَهُ، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبَيد: الثُّمْنُ والثَّمِينُ: وَاحِد؛ وأَنْشَد أَبُو الجَرّاح:
وألْقَيْتُ سَهْمِي وَسْطَهم حِين أَوْخَشُوا
فَمَا صَار لِي فِي القَسْمِ إِلَّا ثَمِينُها
وَقَالَ اللّيْث: ثمَنُ كُلِّ شيءٍ: قِيمَتُه.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله عزّ وجلّ: {وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً} (الْبَقَرَة: 41) : كلّ مَا كَانَ فِي القُرآن من هَذَا الَّذِي قد نُصِب فِيهِ (الثّمن) وأُدْخلت الْيَاء فِي المَبيع أَو المُشْتَرى، فإنّ ذَلِك أَكثر مَا يَأْتِي فِي الشَّيْئين لَا يكونَانِ ثَمَناً مَعْلوماً، مثل الدّنانير والدَّراهم؛ فَمن ذَلِك: اشترَيْت ثوبا بكساء، أيّهما شِئْت تَجعله ثمنا لصَاحبه، لِأَنَّهُ لَيْسَ من الْأَثْمَان. وَمَا كَانَ لَيْسَ من الْأَثْمَان مثل الرَّقيق والدُّور وجَميع العرُوض، فَهُوَ على هَذَا، فَإِذا جِئت إِلَى الدّراهم، وَالدَّنَانِير وَضَعْت الْبَاء فِي الثّمن، كَمَا قَالَ فِي سُورة يُوسف:

(15/77)


{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} (يُوسُف: 20) ، لأنّ الدّراهم ثمنٌ أبدا، وَالْبَاء إِنَّمَا تَدْخل فِي الأَثمان.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {اشْتَرَوْاْ بِئَايَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً} (التَّوْبَة: 10) أَي اشْتَروا الْحَيَاة الدّنيا بِالآخِرَة والعَذاب بالمغفرة، فأَدْخل الْبَاء، فِي أَي هذَيْن شِئْتَ حَتَّى تصير إِلَى الدَّراهم وَالدَّنَانِير، فإِنك تُدْخل الْبَاء فِيهِنَّ مَعَ العُروض، فَإِذا اشْتريت أحَد هذَيْن، يَعْنِي الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم، بِصَاحِبِهِ أَدخلت الْبَاء فِي أيّهما شِئْت، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي هَذَا الْموضع مَبيع وثمَن، فَإِن أحْبَبَت أَن تعرف فَرْق مَا بَين العُروض وَالدَّرَاهِم، فَإنَّك تعلم أنّ من اشْترى عبدا بِأَلف دِرْهم مَعْلُومة، ثمَّ وَجد بِهِ عَيْباً فردّه، لم يكن على المُشْتري أَن يَأْخُذ ألْفَه بِعَينهَا وَلَكِن ألفا، وَلَو اشْترى عبدا بِجَارِيَة ثمَّ وَجَد بهَا عَيْبا لم يَرْجع بِجَارِيَة أُخرى مِثلها، فَذَلِك دليلٌ على أنّ الْعرُوض لَيست بأثْمَانٍ.
أَبُو حَاتِم، عَن الأصْمعي، يُقَال: ثَمَانِيَة رجال، وثماني نِسوة، وَلَا يُقَال: ثمانُ؛ وَأنْشد الأصمعيُّ:
لَهَا ثنايا أَرْبعٌ حِسانُ
وأربعٌ فثَغْرُها ثمانُ
وَقَالَ: هَذَا خطأ.
وَقَالَ: هنَّ ثمانيَ عَشْرة امْرَأَة، مَفْتُوحَة الْيَاء، هُما اسمان جُعلا اسْما وَاحِدًا ففُتحت أواخرها.
وَكَذَلِكَ: رَأَيْت ثمانيَ عشْرة امْرَأَة، ومررتُ بثمانيَ عَشْرة امْرَأَة.
قلت: وقولُه:
فَلَقَد شَرِبْتُ ثمانياً وثمانِياً
وثمانِي عَشْرةَ واثْنَتين وأَرْبَعا
فوجهُ الْكَلَام: ثمانِ عشرَة، بِكَسْر النُّون لتدُلّ الكسرةُ على الْيَاء وتدل فَتْحة الْيَاء على لُغة من يَقُول: رَأَيْت القَاضِي، كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
كأنّ أَيديهنَّ بالقاع القَرِق
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْمِثْمنَة: المِخْلاة؛ والمِثْملة: خِرْقة يهنأ بهَا البَعير؛ والمِنْثَلة: الزَّنْبِيل.
وَقَالَ شمر: ثمَّنت الشيءَ: إِذا جمعتَه، فَهُوَ مُثَمَّن.
وكِساء ذُو ثمانٍ: عُمِلَ من ثَمَانِي جِزَاتٍ؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
سيَكْفيكِ المُرَحَّلُ ذُو ثمانٍ
خَصِيفٌ تُبْرِمين لَهُ جُفَالا
نثم: قَالَ أَبُو زَيد، فِيمَا عُزي إِلَى ابْن السّكيت، وَلَا أَدْرِي مَا صحَّته: أنشدَني أَبُو عَمرٍ ولمنْظُور الْأَسدي:

(15/78)


قد انْتَثَمت عَلَيَّ بقول سَوْءٍ
بُهَيْصِلَةٌ لَهَا وَجهٌ دَميمُ
حَليلةُ فاحِشٍ وانٍ لَثيم
مُزَوْزِكةٌ لَهَا حَسبٌ ذَمِيم
قَالَ: انتَثَمت: انفرجَت بالْقَوْل القَبيح.
قلت: كأنّه افْتعل من (نثم) ، كَمَا يُقَال من (نثر) : انتَثر، على (افْتَعَل) .
مثن: قَالَ اللَّيْث: المَثَانةُ، معروفةٌ.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد، قَالَ: الأمثَن، الَّذِي لَا يَسْتَمْسك بَوْلُه فِي مثانتِه.
والمرأةُ: مَثْنَاء، مَمْدُود.
وَفِي حَدِيث عمّار بن ياسِر أَنه صلَّى فِي تُبّان، وَقَالَ: إِنِّي مَمثُون.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الكِسَائيّ: المَمْثُون: الَّذِي يَشْتَكِي مَثَانَته.
يُقَال مِنْهُ: رَجُلٌ مَثِنٌ ومَمْنُون.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَكَذَلِكَ إِذا ضَرَبْته على مَثَانته قُلْت: مَثَنْته أَمْثُنه وأَمْثِنه مَثْناً، فَهُوَ مَمْثُون.
أَبُو عُبَيد، عَن الأُمويّ: مَثَنْتُه بالأَمر مَثْناً، إِذا غَتَتَّه بِهِ غَتّاً.
وأَخبرني الإياديّ عَن شَمِر أَنه قَالَ: لم أَسْمع، مَثَنْته، بِهَذَا المَعْنى إلاّ هُنا.
قلت: أَحْسبه: مَتَنْته، بِالتَّاءِ، من: المُمَاتنة فِي الأمْرِ.
ورَوى ابْن هانىء، عَن أبي زَيد: مَثِنَ الرَّجُلُ يَمْثَن مَثَناً، وَهُوَ رَجُل أَمْثن، إِذا اسْتَمسك بولُه فِي مثانته؛ وامْرأة مَثْناء.
قلتُ: وَهَذَا خلافُ مَا رَواه أَبُو عُبَيد عَنه.
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقال لمِهْبِل الْمَرْأَة: المَحْمل والمُسْتَوْدع، وَهُوَ المثانة أَيْضا؛ وأَنشد:
وحاملةٍ مَحْمُولةٍ مُسْتَكِنَّةٍ
لَهَا كُلُّ حافٍ فِي البلادِ وناعِلِ
يَعني: المثانة، الَّتِي هِيَ المُسْتَودَع.
هَذَا لَفْظه.
قلت: والمَثَانة عِنْد عَوَامّ النَّاس موضعُ البَوْل، وَهِي عِنْده مَوْضع الوَلد من الأُنْثى.
أَبُو بكر، عَن شَمِر: المَثِن، والمَمْثُون: الَّذِي يَشْتَكي مَثَانته.
قَالَ: وَمثله: طَحِل ومَطحُول.
وَقَالَ بعضُهم: المَثِن: الَّذِي يَحْبِس بَوْلَه.
وَقَالَت امْرَأَة لِزَوْجها من العَرب: إنّك لَمِثنٌ خَبِيث.
قيل لَهَا: وَمَا المَثِن؟ قَالَت: الَّذِي يُجامع عِنْد السَّحَر عِنْد اجْتِمَاع البَول فِي مَثانته.
قَالَ: والأَمْثن، مثل (المَثن) فِي حَبْس البَوْل.
ث ف ب
مهمل.
ث ف م
مهمل.

(15/79)