تهذيب اللغة أَبْوَاب الثلاثي المعتل من الثَّاء
(بَاب الثَّاء وَالرَّاء)
ث ر (وايء)
ثرى، وثر، ورث، أرث، رثأ، راث، رثى، أثر، ثأر، ثار.
ثَوْر ثير: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعْرابيّ: الثائِر: الغَضْبان.
يُقَال: ثَار ثائرُه، وفار فائرُه، إِذا غَضِبَ.
الأصْمعيّ: رأيتُ فلَانا ثائرَ الرَأْس، إِذا رأيتَه قد اشْعَانّ
شَعَرُه، أَي انْتَشر وتَفَرَّق.
ويُقال: ثارت نَفْسُه، إِذا جَشَأت، أَي ارْتَفَعت وجاشَت، أَي فارَتْ.
وَيُقَال: مَرَرْتُ بأَرَانِب فأَثَرْتُها.
وأثار التُّراب إثارةً، إِذا بَحثَه بقَوائِمه؛ وأَنشد أَبُو عَمْرو بن
العَلاَء:
يُثير ويُذْرِي تُرْبَها ويُهِيلُه
إثارَةَ نَبَّاث الهَواجِر مُخْمس
قَالَ الأصْمعي: أَرَادَ بقوله: (نباث الهواجر) يَعْني الرَّجُل
الَّذِي إِذا اشتدّ عَلَيْهِ الحرُّ يُثِير التُّراب لِيَصل إِلَى
بَرْده، وَكَذَلِكَ يَفعل الثَّوْرُ الوَحْشِيّ فِي شدّة الْحر.
وَفِي حَدِيث عبد الله: أَثِيرُوا القُرْآن فإِنّ فِيهِ خَبَر
الأوَّلين والآخِرين.
وَفِي حَدِيث آخر: مَن أَرَادَ العِلْم فَلْيُثَوِّر القُرْآن.
قَالَ شَمِرٌ: تَثْوِير القرْآن: قِراءته ومُفاتشة العُلَماء بِهِ فِي
تَفْسيره ومَعَانيه.
وَقَالَ أَبُو عَدْنان: قَالَ لي محاربٌ صاحبَ الْخَلِيل: لَا
تَقْطَعنا فإِنّك إِذا جِئْت أَثَرت العَربيّة؛ وَمِنْه قولُه:
يُثَوِّرها العَيْنان زَيْدٌ ودَغْفَلُ
ويُقال: مَرَرْتُ بِثَيَرَةٍ، لجَماعَة الثوْر.
ويُقال: هَذِه ثِيَرَة مُثِيرة، أَي تُثير الأَرْض.
وَقَالَ الله تَعَالَى فِي صفَة بقرة بني إِسْرَائِيل: {تُثِيرُ
الاَْرْضَ وَلاَ تَسْقِى الْحَرْثَ} (الْبَقَرَة: 71) .
أَرْض مُثارة، إِذا أُثيرت بالسّنّ، وَهِي الحَديدةُ الَّتِي تَحْرُث
بهَا الأَرْض.
ابْن نَجْدة، عَن أبي زَيْد، قَالَ: ثَوْرٌ أَطْحل: جَبَلٌ بِنَاحِيَة
الحِجَاز.
قَالَ: والثَّوْرُ: القِطْعة من الأَقِط.
والثَّوْر: ثَوَرَانُ الحَصْبة.
وكل مَا ظَهر، فقد: ثار يَثُور ثَوْراً وثَوَرَاناً.
ويُقال: ثَوَّر فلانٌ عَلَيْهِم شَرّاً، أَي هَيَّجه.
(15/80)
وثاوَر فلانٌ فلَانا، إِذا ساوَره
ووَاثَبه.
ويُقال: كَيفَ الدَّبَى؟ فيُقال: ثائِرٌ وناقِرٌ.
فالثائِر: ساعَة مَا يَخْرُج من التُّرَاب. والناقر، حِين يَنْقُر، أَي
يَثِب من الأَرض.
ويُقال: أَعطاه ثَوْرةً من الأقط، جَمع (ثَوْر) .
وَقَالَ أَبُو زَيد: الثَّوْر: الأَحْمق.
والثَّوْر: الطُّحْلُب وَمَا أَشْبهه على رَأس المَاء؛ وفَسَّر قولَ
الأعْشى:
لكالثَّوْر والجِنِّيُّ يَضْرِبُ ظَهْرَه
وَمَا ذَنْبُه أَن عافتِ الماءَ مَشْربا
أَرَادَ ب (الجني) اسْمَ راعٍ، وأَراد ب (الثور) هَا هُنَا: مَا علاَ
الماءَ من القُمَاش يَضْربه الرّاعي لِيَصْفُو الماءُ لِلْبَقر.
قلتُ: وغيرُه يَقُول: ثَوْرُ البَقر أَجْرأ فيُقدَّم للشُّربِ
لِتَتْبَعه إناثُ البَقر؛ وأَنْشد:
أَبَصَّرْتَنِي بأَطِيرِ الرِّجَالْ
وكَلَّفْتَنِي مَا يَقُول البَشَرْ
كَمَا الثَّوْر يَضْرِبُه الرَّاعِيَانْ
وَمَا ذَنْبُه أَن تَعَافَ البَقَرْ
وَقَالَ أَبُو زَيد: الثَّوْر: السَّيد، وَبِه كُنِّيَ عَمْرو بن
مَعْديكرب: أَبَا ثَوْر.
وَقَالَ الله عزّ وجلّ: {مِنْهُمْ قُوَّةً} (الرّوم: 9) أَي حَرَثوها
وزَرَعُوها واسْتَخْرجوا مِنْهَا بَرَكاتِها وأَنْزَالَ زَرْعها.
وأَثَرْت البَعير أُثيره إثارةً، فثار يَثُور. وتَثَوَّر تَثَوُّراً،
إِذا كَانَ باركاً وبَعَثه فانْبَعث.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّوْرُ: بُرْجٌ من بُرُوج السَّماء.
ويُقال للرجل البَلِيد القَليل الفَهْم: مَا هُوَ إِلَّا ثَوْرٌ.
وثَوْر: أبُو حَيَ من أَحيَاء الْعَرَب، وهم مِن الرَّبَاب. وإليهم
نُسِب سُفْيان الثَّوْرِيّ.
وثار الغُبَارُ، وثَار بِهِ الدَّمُ، وثَار القَطَا مِن مَجْثَمه، وثار
الدُّخان.
وَفِي الحَدِيث: (تَوَضَّأوا ممّا غيرت النَّار وَلَو مِن ثَوْر أَقِط)
.
قلتُ: وَكَانَ هَذَا فِي أوّل الْإِسْلَام ثمَّ نُسخ بترك الوُضوء ممّا
مَسَّت النارُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الثَّوْر: القِطْعة من الأقِط؛ وجَمْعُه:
أَثْوار.
وَقَالَ: وَفِي الحَدِيث: (صلاةُ العِشاء الْآخِرَة إِذا سقط ثَوْرُ
الشَّفَق) . وَهُوَ انْتشار الشَّفَق. وثَوَرانُه: حُمْرَتُه.
يُقال: قد ثار يَثُور ثَوْراً وثَوَرَاناً، إِذا انْتَشر فِي الأُفق
وارْتفع، فَإِذا غَابَ حَلّت صلاةُ الْعشَاء الْآخِرَة.
قَالَ: وثَوْر: جبلٌ بمكّة.
ورُوي عَن عَمْرو بن معديكرب أَنه قَالَ: أَتَيْت بني فلانٍ فأَتَوْني
بثَوْرٍ وقَوْسٍ وكَعْب.
فالثّوْر: القِطعة من الأقِط. والقَوْس:
(15/81)
البَقيّة من التَّمْر تَبْقى فِي أَسفل
الجُلّة. والكَعْب: الكُتْلة من السَّمن الحامِس.
وَيُقَال: ثَوَّرْتُ كُدُورةَ المَاء، فثَار.
وأَثَرْت السَّبُعَ والصَّيْدَ، إِذا هِجْتَهُ.
وأَثَرْت فلَانا: إِذا هَيَّجته لأمْرٍ.
واسْتَثَرْت الصَّيْدَ، إِذا أَثَرْته أَيْضا.
وأَثَرْت البَعِيرَ، إِذا كَانَ باركاً فَبَعَثَتْه.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقال: ثَوْرةٌ مِن رِجال، وثورةٌ من مالٍ،
للكثير.
وَيُقَال: ثروَةٌ مِن رِجالٍ، وثروَةٌ من مَال، بِهَذَا الْمَعْنى؛
قَالَ ابنُ مقُبْل:
وثورةٍ مِن رِجالٍ لوْ رأَيتَهُمُ
لقُلْتَ إِحْدَى حِراجِ الجَرِّ مِن أُقُرِ
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيِّ: يُقَال: ثورةٌ من رجالٍ، وثروَةٌ، يَعني
عددا كثيرا، وثرْوَةٌ من مالٍ، لَا غير.
وَمن مهموزه
ثأر: قَالَ الأَصمعي: أَدْرَك فلانٌ ثَؤْرتَه، إِذا أدْرَكَ مَن يطلُب
ثَأْرَه.
ويُقال: ثأَرْت فلَانا، وثأَرْت بِهِ، إِذا طَلَبْت قاتِلَه.
والثَّائرُ: الطَّالبُ، والثَّائرُ: المَطْلوبُ، ويَجْمَعُ: الآثْآر،
والثُّؤْرَة، المَصْدَر.
وَقَالَ أَبُو زَيد: ثأَرْتُ القَوْمَ، إِذا طَلَبْت بِثَأرهم.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقال: ثأَرْت فُلاَناً، وثأَرْت بفُلان،
إِذا قَتَلْت قاتِلَه.
وثَأرُك: الرَّجُلُ الّذي أصَاب حَمِيمَك.
والمَصدر، الثُّؤْرَة؛ وأَنشد:
طَعَنْتُ ابْنَ عَبْد القَيْس طَعْنَة ثَائِرٍ
لَهَا نَفَدٌ لَوْلاَ الشُّعَاعُ أَضَاءَها
وأَنشد أَيْضا:
قَتَلْت بِهِ ثَأْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرِتي
وَقَالَ آخر:
حَلَفْتُ فَلم تَأْثم يَمِينِي لأَثأَرَنْ
عَدِيّاً ونُعْمانَ بن قَيْلٍ وأَيْهَمَا
وَهَؤُلَاء قومٌ مِن بني يَرْبوع قَتلهم بَنُو شَيبان يَوْم مُلَيحة،
فَحلف أَن يَطْلُب بثأرهم.
والمثْؤُور: المَقْتُول.
وَتقول: يَا ثَارَاتِ فلانٍ، أَي يَا قَتَلَة فلانٍ؛ وَقَالَ حسّان:
لتَسْمَعن وَشِيكاً فِي دِيارهُمُ
الله أكْبَر يَا ثاراتِ عُثْمانَا
ويُقال: أثأر فلانٌ من فلانٍ، إِذا أَدْرك ثَأْره مِنْهُ، وَكَذَلِكَ
إِذا قَتل قاتِلَ وَليّه، وَقَالَ لَبِيد:
والنِّيبُ إِن تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً
بَعد المَمَاتِ فإنِّي كنْتُ أثَّئِرُ
أَي كنت أنحرها للضِّيفان، فقد أدركتُ مِنْهَا ثَأْرِي فِي حَياتِي
مجازاة لتَقضُّمها عِظامِي النَّخِرة بعد مَماتي، وَذَلِكَ أنّ
الْإِبِل إِذا لم تَجِدْ حَمْضاً ارْتمَّت عِظَام
(15/82)
الْمَوْتَى وعِظَام الإبِل تُحْمِض بهَا.
واثَّأر، كَانَ فِي الأَصْل (اتْثأر) فأُدغمت التَّاء فِي الثَّاء
وشُدّدت، وَهُوَ افتعال من (ثأر) .
وَقَالَ أَبُو زيد: اسْتَثأر فلانٌ، فَهُوَ مُسْتثئر، إِذا اسْتغاث.
قلت: كأنّه مُسْتغيث بِمن يُنجده على ثَأْره.
والثَأْرُ المُنِيم: الَّذِي يكون كُفْئاً لِدَم ولِيّك.
ثرى: أَبُو عُبَيد، عَن الأَصْمعي: ثرَا القَوْمُ يَثْرُون ثَرَاءً،
إِذا كَثروا وَنَموْا.
وأَثْرَوا يثرُون، إِذا كَثرت أَمْوالُهم.
وَثَرَا المالُ نَفسهُ، يَثْرُو، إِذا كَثر.
وثَرَوْنا القَوْمَ، أَي كنّا أكْثر مِنْهُم.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو، وأَبو زيد مِثلَه.
وَقَالَ الأصمعيّ يُقَال: مَا بَيْني وَبَين فلانٍ مُثرٍ، أَي إنّه لم
يَنْقَطع. وأَصْل ذَلِك أَن يَقُول: لم يَيْبَس الثَّرَى بَيْني
وبَيْنه.
والمالُ الثَّرِي، مثل: عَمٍ، خَفِيف: الْكثير.
وَمِنْه سُمّي الرّجُل: ثَرْوان.
والمَرْأة ثُرَيّا، وَهُوَ تَصْغِير: ثَرْوَى.
وثَرَّيْت التُّرْبَةَ، أَي بَلَلْتها.
وثَرّيت الإقِط: صَبَبْت عَلَيْهِ مَاء ثمَّ لَثَثْتُه بِهِ.
وَقد بَدا ثَرَى المَاء من الفَرس، وَهُوَ حينَ يَنْدَى بعَرقه؛ قَالَ
طُفَيْل الغَنَوِيّ:
يَذُدْن ذيَادَ الحامِسات وَقد بَدَا
ثَرَى الماءِ من أعطافِها المُتَحلِّبِ
وَيُقَال: الْتقى الثّرَيَان، وَذَلِكَ أَن يَجيء المَطَرُ فَيرشح فِي
الأَرض حَتَّى يَلْتقي هُوَ ونَدَى الأَرض.
ويُقال: أرضٌ ثَرْيا، أَي ذَات نَدًى.
ورَوى الكسائيّ: ثَرِيت بفُلان، فَأَنا ثَرٍ بِهِ، أَي غَنِيّ عَن
النَّاس.
أَبُو عَمرو: وثَرّى الله الْقَوْم، أَي كَثَّرهم.
وَقَالَ: ثَرِيَ الرَّجُلُ يَثْرَى ثَراً وثَراءً، مَمْدُود، وَهُوَ
ثَرِيّ، إِذا كَثُر مالُه.
وَكَذَلِكَ، أَثْرى، فَهُوَ مُثْرٍ.
ورُوي عَن جَرير أَنه قَالَ: إِنِّي أَدَع الزَّجر مخافةَ أَن
يَسْتَفْرغني. وإنِّي لأراه كآثار الْخَيل فِي الْيَوْم التّرِيّ.
ابْن السِّكّيت: يُقال إِنَّه لذُو ثَراء وثَرْوة، يُراد أَنه لذُو
عَدد وكَثْرة مَال.
وَقَالَ: أَثْرى الرَّجُل، وَهُوَ فَوق الاسْتِغنَاء.
وَقَالَ اللّيث: الثَّرى: كُلُّ تُراب لَا يَصير طِيناً لازِباً إِذا
بُلّ.
أَبُو العبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: إِن فلَانا لقَرِيبُ الثَّرى
يَعِيد النَّبط، لِلَّذي يَعِد وَلَا وَفاء لَهُ.
أَبُو عُبيد: الثُّريَاء، على فَعْلاء: الثَّرَى؛
(15/83)
وَأنْشد:
وَلم يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ من تَرْيائِه
غَيْرَ أَثافِيه وأَرْمِدَائِه
يُقَال: إنِّي لأرى ثرَى الغَضب فِي وَجه فلَان، أَي أَثره؛ وَقَالَ
الشَّاعِر:
وإنّي لتَرَّاك الضَّغِينة قد أَرَى
ثَراها مِن المَوْلى وَلَا أَسْتَثيرُها
وَأما حَدِيث ابْن عُمر أَنه كَانَ يُقْعِي ويُثرِّي فِي الصَّلَاة،
فَمَعْنَاه: أَنه كَانَ يضع يَده بِالْأَرْضِ بَين السَّجْدَتين فَلَا
يُفارقان الأَرْض حَتَّى يُعيد السُّجود الثَّانِي. وَهَكَذَا يَفعل من
أَقْعى.
قلت: وَكَانَ ابْن عمر يَفعل هَذَا حِين كَبِرت سِنُّه فِي تطوّعه.
والسُّنة رَفْع اليَدَين عَن الأَرْض بَين السَّجْدتين.
وَيُقَال: ثَرِيتُ بك، أَي فَرِحتُ بك.
وثَرِيت بك، أَي كَثُرت بك؛ وَقَالَ كُثَيِّر:
وإنّي لأكْمِي الناسَ مَا تَعدِينني
من البُخْلِ أَن يَثْرَى بذلك كاشِحُ
أَي يَفرح بذلك ويشْمت.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ثَرَّى فلانُ التُّرَاب والسَّويق، إِذا بَلَّه.
وَيُقَال: ثَرِّ هَذَا الْمَكَان ثمَّ قِفْ عَلَيْهِ، أَي بُلَّه.
وأَرْضٌ مُثْرِية، إِذا لم يَجِفّ ثَرَاها.
وثر: اللّيْث: الوَثِير: الفِراش الوَطِيء.
وكُلَّ شَيْء جَلست عَلَيْهِ أَو نِمت عَلَيْهِ، فوجدتَه وَطِيئاً،
فَهُوَ وَثِير.
وَقد وَثُر وثارَةً.
ويُقال للْمَرْأَة السَّمينة المُوافقة للمُضاجَعة: إنّها لوَثِيرة.
فَإِذا كَانَت ضَخْمة العَجز، فَهِيَ الوَثيرة العَجُز.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَثْرُ: نُقْبَةٌ من أَدَم تُقَدّ
سُيُوراً، عَرْض السّير أَربع أَصابع أَو شِبْر، تلبسها الْجَارِيَة
الصَّغيرة قبل أَن تُدْرك، وتَلْبسها وَهِي حائِض؛ وَأنْشد أَبُو
زِيَاد لبَعض الْأَعْرَاب:
عَلقْتُها وَهِي عَليها وَثْرْ
حَتَّى إِذا مَا جُعِلت فِي الخِدْر
وأَتْلَعت بِمثل جِيدِ الوَبْر
قَالَ: وَهُوَ الرَّيْط أَيْضا.
وَقَالَ غَيره: المِيثرة: مِيثرة السَّرج والرَّحْل يُوطَّآن بهَا.
وجَمعها: مَوَاثِر.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: المَسْطُ: أَن يُدْخل الرَّجُل اليَدَ فِي
رحم النَّاقة بعد ضِرَاب الفَحْل إيّاها فيَسْتخرج وَثْرَها، وَهُوَ
مَاء الْفَحْل يَجتمع فِي رَحِمها ثمَّ لَا تَلْقح مِنْهُ.
يُقَال مِنْهُ: وَثرها الْفَحْل يثرها وَثْراً، إِذا أَكثر ضِرابَها
وَلم تَلْقَح.
(15/84)
وَقَالَ النّضْر: الوَثْر: أَن يَضْرِبها
على غير ضَبْعة.
قَالَ: والمَوْثُورة: تُضْرب فِي الْيَوْم الْوَاحِد مِرَاراً فَلَا
تَلْقَح.
وَقَالَ بعضُ الْعَرَب: أَعْجب الْأَشْيَاء وَثْر على وِثْر، أَي نكاحٌ
على فِراش وَثِير وَطيء.
ثَعْلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: التّواثِير: الشُّرَط، وهم العَتَلة،
والفَرَعة، والأَمَلة؛ واحدهم: آمِل، مثل: كافِر وكَفَرة.
ورث: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الوِرْث، والوَرْث،
والإِرْث، والإراث، والوِرَاث، والتّراث: وَاحِد.
قَالَ أَبُو زيد: وَرِث فلانٌ أَباه، فَهُوَ يَرِثه وِرَاثةً
ومِيرَاثاً.
وأَوْرَث الرَّجُلُ وَلده مَالا إيرَاثاً حَسَناً.
وَورَّث الرَّجُل بَني فلَان مالَه تَوْرِيثاً، وَذَلِكَ إِذا أَدْخل
على وَلده ووَرَثته فِي مَاله ومَن لَيْسَ مِنْهُم يَجْعل لَهُ
نَصِيبا.
وَالْوَارِث: صفة مِن صِفَات الله عزّ وجلّ، وَهُوَ الباقِي الدّائم.
وَيُقَال: وَرِثْت فلَانا مَالا، أَرِثه وِرْثاً ووَرْثاً، إِذا مَاتَ
مُوَرِّثك فَصَارَ ميراثُه لَك.
قَالَ الله تَعَالَى إِخْبَارًا عَن زكريّا ودعائه إيّاه: {فَهَبْ لِى
مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً} {يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْءَالِ يَعْقُوبَ
وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} (مَرْيَم: 5، 6) أَي يَبقى بَعدي فيَصير
لَهُ ميراثي. وَالله عزّ وجلّ يَرث الأَرْض ومَن عَلَيْهَا، وَهُوَ خير
الْوَارِثين. أَي يَبقى ويَفْنى مَن سواهُ فَيرجع مَا كَانَ ملك
الْعباد إِلَيْهِ وَحْده لَا شريك لَهُ.
ويُقال: وَرَّثت فلَانا من فلَان، أَي جَعلْت مِيرَاثه لَهُ.
وأَوْرَث المَيْتُ وارِثَه مالَه، أَي تَركه لَهُ.
وَفِي دُعَاء النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اللَّهُمَّ
أَمْتِعْني بسَمْعي وبَصري واجْعلهما الوارثَ منّي) .
قَالَ ابْن شُمَيل: أَي أَبقْهما معي حَتَّى أَمُوت.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ بالسَّمع وَعْي مَا يَسْمع والعَمَل بِهِ؛
وبالبَصَر: الاعْتبار بِمَا يرى ونُور الْقلب الَّذِي يُخْرج بِهِ من
الحَيْرة والظُّلْمة إِلَى الهُدَى.
أرث: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (بَعَث
ابنُ مِرْبع الأنصاريّ إِلَى أهل عَرفة فَقَالَ: اثْبُتوا على مَشاعركم
هَذِه فَإِنَّكُم على إرْث من إرْث إِبْرَاهِيم) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الإرْث، أصلُه من (الْمِيرَاث) إِنَّمَا هُوَ
(وِرْثٌ) فقُلبت الْوَاو ألفا مَكْسُورَة، لكسرة الْوَاو؛ كَمَا
قَالُوا للوِسادة: إسادة؛ وللوِكاف: إكاف.
فَكَانَ معنى الحَدِيث: إِنَّكُم على بقيَّة من وِرْث إِبْرَاهِيم
الَّذِي تَرك النَّاس عَلَيْهِ بعد
(15/85)
مَوته، وَهُوَ الْإِرْث؛ وَأنْشد:
فَإِن تكُ ذَا عِزَ حَديثٍ فإنّهم
لَهُم إرْثُ مَجْدٍ لم تَخُنْهُ زَوَافِرُه
وَيُقَال: أَرّث فلانٌ بَينهم الشرَّ والحَربَ تَأْريثاً، وأَرَّج
تَأْريجاً، إِذا أَغْرَى بعضَهم بِبَعْض. وَأَصله من: تَأريث النَّار،
وَهُوَ إيقادُها؛ وَأنْشد أَبُو عُبَيْد لعديّ بن زيد:
وَلها ظَبيٌ يُؤَرِّثها
عاقدٌ فِي الجِيد تِقْصَارا
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: نعجةٌ أرْثاء، وَهِي الرّقطاء فِيهَا سوادٌ
وبَياض.
وَقَالَ اللِّحياني: الأُرَثُ والأُرَفُ: الحدودُ بَين الأرَضين؛
واحدتُها: أُرْثَة وأُرْفَة.
والإرَاث: النَّار، وَقَالَ الشَّاعِر:
مُحَجَّل رِجلين طَلْق اليَديْن
لَهُ غُرَّةٌ مِثلُ ضَوءِ الإراثِ
عَمرو، عَن أَبِيه: الأُرْثة: الأكَمةُ الْحَمْرَاء.
والأُرْثة: عُودٌ أَو سِرْجين يُدْفن فِي الرَّماد ليَكون ثَقُوباً
للنّار إِذا احْتِيج إِلَيْهَا. ووَرْثَان: اسمُ مَوضِع؛ قَالَ
الرّاعي:
وغَدا من الأَرْض الَّتِي لم يَرْضَها
واختَارَ وَرْثاناً عَلَيْهَا مَنْزِلا
أثر: وَقَالَ الله عزّ وجلّ: {هَاذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن
كُنتُمْ} (الْأَحْقَاف: 4) .
رَوَى سَلمة عَن الفرّاء، قَالَ: قَرَأَهَا الفرّاء {هَاذَآ أَوْ} .
وَقَرَأَ بعضُهم: (أَو أَثْرة) خَفيفة.
وَقد ذُكر عَن بعض القُرّاء: (أَو أثَرة مِن عِلْمِ) .
قَالَ الفرّاء: وَالْمعْنَى فِي (أثارة) أَو (أثَرة) بقيَّة من عِلم.
وَيُقَال: أَو شَيْء مأثور من كُتب الْأَوَّلين.
فَمن قَرَأَ (أثَارة) فَهُوَ المَصدر، مثل: السَّماحة والشَّجاعة. وَمن
قرأَ (أَثَرة) فإنَّه بناه على (الْأَثر) كَمَا قيل: قتَرَة.
وَمن قَرَأَ (أَثْرة) فَكَأَنَّهُ أَرَادَ مثل (الخطْفَة) و
(الرَّجْعة) .
وَقَالَ الزجَّاج: من قَرَأَ (أَثارة) فَمَعْنَاه: عَلامة.
قَالَ: وَيكون على مَعْنى: بقيَّة من عِلم.
ويُقال: سَمِنَت الناقةُ على أَثارة، أَي على عَتيق شَحْم كَانَ قَبل
ذَلِك.
حَكى ذَلِك أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيْد.
قلتُ: فَيحْتَمل أَن يكون قَول الله تَعالى {هَاذَآ أَوْ أَثَارَةٍ
مِّنْ} (الْأَحْقَاف: 4) من هَذَا؛ لأنّها سَمِنت على بَقيّة من شَحم
كَانَت عَليها، فَكَأَنَّهَا حَملت شحماً على بقيّة شَحْمها.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاس: {هَاذَآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ} إِنَّه عِلْم
الخَطّ الَّذِي كَانَ أُوتِي بعضَ الْأَنْبِيَاء.
وسُئِل النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الخَط فَقَالَ: (قد كَانَ
(15/86)
نبِيّ يَخُط فمَن وافَق خَطّه عَلِم) ، أَي
من وَافق خطّه من الخطّاطين خطَّ ذَلِك النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام
عَلِم عِلْمَه.
حدّثنا أَبُو الفَضل بن جَعفر، قَالَ: حدّثنا أَبُو جَعفر مُحَمَّد بن
غَالب، عَن أبي نُعَيم، قَالَ: حدّثنا سُفيان، عَن صَفوان بن سُلَيم،
عَن أبي سَلَمة، عَن ابْن عبّاس فِي قَول الله: {هَاذَآ أَوْ أَثَارَةٍ
مِّنْ} (الْأَحْقَاف: 4) قَالَ: هُوَ الخَطّ.
وحدّثنا حَمْزة، عَن عَبد الرزّاق، عَن ابْن عُيَيْنة، عَن صَفْوَان بن
سُليم، عَن أبي سَلمَة، عَن ابْن عبّاس: نَحْوَه.
وَفِي حَدِيث عُمر أنّه حَلف بِأَبِيهِ فنَهاه النبيّ عَلَيْهِ الصلاةُ
وَالسَّلَام عَن ذَلِك. قَالَ عُمَر: فَمَا حلفتُ بِهِ ذَاكِرًا وَلَا
آثِراً.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أمّا قولُه: (ذَاكِرًا) فَلَيْسَ من الذِّكر بعد
النِّسْيان، إِنَّمَا أَرَادَ: متكلِّماً بِهِ، كَقَوْلِك: ذكرَ فلانٌ
حَدِيث كَذَا وَكَذَا؛ وَقَوله: (وَلَا آثراً) يُريد: مُخْبِراً عَن
غَيْرِي أنّه حَلَف. يَقُول: لَا أَقُول: إنّ فلَانا قَالَ: وأَبِي لَا
أفعل كَذَا وَكَذَا؛ ومِن هَذَا قيل: حديثٌ مأثُورٌ، أَي يُخبر الناسُ
بِهِ بعضُهم بَعْضًا.
يُقال مِنْهُ: أَثَرْت الحديثَ يأثِرُه أَثْراً، فَهُوَ مأْثُور:
وَأَنا آثِر؛ قَالَ الْأَعْشَى:
إنّ الَّذِي فِيهِ تمارَيْتما
بُيِّن للسَّامِع والآثِر
ويُقال: إِن المَأْثُرَة. مَفْعلة من هَذَا، يَعْنِي: المَكْرُمة،
وَإِنَّمَا أُخذت من هَذَا لأنّها يأثُرها قَرْنٌ عَن قَرْن، أَي
يَتَحدّثون بهَا.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقال: مَأْثُرة ومَأْثَرة، وَهِي القِدَم فِي
الحَسَب.
والإثَار: شِبْه الشِّمَال يُشَدّ على ضَرْعِ العَنْز، شِبْه كيس،
لئلاّ تُعَان.
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: الأَثْر: خُلاصة السَّمْن إِذا سُلىء،
وَهُوَ الخَلاَص والخِلاَص.
وَأَخْبرنِي الإياديّ، عَن أبي الهَيْثم، أَنه كَانَ يَقُول: الإثر،
بِكَسْر الْهمزَة: خُلاصة السَّمن.
وَهَكَذَا أخْبرني المُنذريّ، عَن الحرّاني، عَن ابْن السِّكيت، أَنه
قَالَ: الإثر: خُلاصة السَّمن.
وَأما فِرِنْد السَّيْف، فكلُّهم يَقول: أَثْر.
وَقَالَ الأصْمعيّ: أَنشدني عِيسَى بن عُمَر لحِفَاف بن نُدْبة:
جَلاَها الصَّيْقَلُون فأَخْلَصُوها
خِفَافاً كلُّها يَتْقِي بأَثرِ
أَي كُل سَيْف مِنْهَا يَسْتَقْبلك بفِرنْده.
ابْن بُزُرْجَ: جَاءَ فلانٌ على إثْري وأَثَرِي.
وَقَالُوا: أُثْر السَّيف، مضموم: جُرْحُه.
قَالَ: وأَثْرُه، مَفْتُوح: رَوْنقه الَّذِي فِيهِ.
(15/87)
وأُثر الْبَعِير فِي ظَهْره، مَضموم.
وافْعل ذَلِك آثِراً مَا، وأَثِراً مَا.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقال خَرجت فِي أَثَره وإِثْره.
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: أَثَر السَّيف: ضَرْبته.
وَفِي وَجْهه أُثْر وأَثْر.
وَجَاء فِي أَثَره وإِثْره.
وَقَالَ أَبُو زَيد: أَثْرُ السَّيْف: تَسَلْسُله، أَو ديباجَتُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: الأُثْر، بِضَم الْهمزَة، من الجُرح وَغَيره فِي
الْجَسَد، يَبْرأُ ويَبْقى أَثَره.
وَقَالَ شمرٌ: يُقال فِي هَذَا أَثْرٌ وأُثْرٌ؛ وَالْجمع: آثَار.
وبوجهه إِثار، بِكَسْر الْألف.
وَلَو قلت: أُثُوراً، كنت مُصِيباً.
قَالَ: وأَثْر السَّيْف: فِرنْدُه؛ وَجمعه: الأُثُور.
قَالَ: ويُقال فِي السَّيف أُثْر، وأُثُر، على فُعُل؛ وَهُوَ وَاحِد
لَيْسَ بِجمع؛ وأَنْشد:
كَأَنَّهُمْ أَسْيُفٌ بيضٌ يمانِيَةٌ
عَضْبٌ مضارِبُها باقٍ بهَا الأُثُرُ
أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ: المِئْثرة: حَدِيدَة يُؤْثَر بهَا خُفّ
البَعِير لِيُعْرف أَثَرُه فِي الأَرض، يُقَال مِنْهُ: أثَرْت
البَعِير، فَهُوَ مَأثُور.
وَرَأَيْت أُثْرته وثُؤْثُورَه.
قَالَ: وسَيْف مأثُور، وَهُوَ الَّذِي يُقال إِنَّه يَعمله الجنّ،
وَلَيْسَ من الأثْر: الفِرِنْد.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الْمَأْثُور: الَّذِي فِي مَتْنه أُثْرٌ.
سَلمة، عَن الْفراء: ابدأ بِهَذَا آثِراً مَا، وآثِر ذِي أَثِير،
وأَثِير ذِي أَثير، أَي ابْدأ بِهِ أولَ كُلّ شَيْء؛ قَالَ:
وأَنْشدونا:
وَقَالُوا مَا تُريد فقلتُ أَلْهو
إِلَى الإصْباح آثر ذِي أَثِير
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن المبرّد، أَنه قَالَ: فِي قَوْلهم: خُذ
هَذَا آثراً مَا، قَالَ: كأَنّه يُرِيد أَن يَأْخُذ مِنْهُ وَاحِدًا
وَهُوَ يُسام على آخر، فَيَقُول: خُذ هَذَا الْوَاحِد آثراً، أَي قد
آثرتُك بِهِ. و (مَا) فِيهِ حَشْو، ثمَّ سَلْ آخر.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: افْعَل هَذَا آثراً مَا، وآثراً،
بِلَا (مَا) .
وَفِي (نَوَادِر الْعَرَب) : يُقال: أَثِر فلانٌ يَقُول كَذَا، وطَبِن،
وطَبِق، ودَبِق، ولَفِق، وفَطِن، وَذَلِكَ إِذا أبْصر الشَّيْء وضَرِيَ
بمعرفته وحَذِقه.
أَبُو حَاتِم، عَن أبي زَيد، يُقال: قد آثرت أَن أَقُول ذَاك، أُؤَاثِر
أَثْراً.
(15/88)
وَقَالَ ابْن شُمَيل: إِن آثَرت أَن
تَأْتِينَا فَأْتِنَا يَوْم كَذَا.
ويُقال: قد أَثِر أَن يَفْعل ذَلِك الْأَمر، أَي فرغ لَهُ وعَزم
عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّيث: قد أثِرْت بِأَن أفعل كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ هَمٌّ فِي
عَزم.
قَالَ: ويُقال: افْعَل هَذَا يَا فلَان آثراً مَا، أَي إِن اخْترت
ذَلِك الفِعْل فافعل هَذَا إمّا لَا.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الأثِيرة من الدوابّ العَظيمة الْأَثر فِي
الأَرْض بخُفّها، أَو حافِرها.
ورَجُل أَثْرٌ، مِثَال فَعْل، وَهُوَ الَّذِي يَسْتأثر على أَصْحَابه،
مُخَفّف.
الأصمعيّ: آثرتك إيثاراً، أَي فضَّلتك.
وَفُلَان أثِيرُ عِنْد فلَان، وَذُو أُثْرة، إِذا كَانَ خَاصّا بِهِ.
وَيُقَال: قد أَخذه بِلَا أَثَرَة، وَبلا إِثْرَةٍ، وَبلا اسْتِئْثار،
أَي لم يستأثر على غَيره وَلم يَأْخُذ الأجود؛ وَقَالَ الحطيئة يَمدح
عُمرَ رَضِي الله عَنهُ:
مَا آثَرُوك بهَا إِذْ قدَّمُوك لَهَا
لكنْ لأنْفُسهم كَانَت بهَا الإِثَرُ
أَي الخِيرة والإيثار؛ كأَن (الإثَرَ) جمع الإثْرَة، وَهِي الأَثَرَة.
ويُقال: أَثّر بوَجْهه وبجَبِينه السُّجودُ، وأَثر فِيهِ السَّيْفُ
والضَّرْبة.
وَيُقَال: آثرَ كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا، أَي أَتْبَعه إيّاه؛
وَمِنْه قَول مُتّمم بِهِ نُوَيرة يَصِف الغَيْث:
فآثر سَيْل الوادَيْين بديمةٍ
ترشِّحُ وسميّاً من النّبْت خِرْوعَا
أَي أَتبع مَطراً تقدّم بديمَةٍ بَعْدها.
وَقَالَ الأَعْرَجُ الطّائيّ:
أُراني إِذا أَمرٌ أَتى فَقَضَيْتُه
فَزِعْتُ إِلَى أمرٍ عليّ أَثِير
قَالَ: يُريد: الْمَأْثُور الَّذِي أَخذ فِيهِ.
قَالَ المازنيّ: وَهُوَ قَولهم: خُذ هَذَا آثراً مَا.
آثَرك الله علينا، أَي فَضَّلك.
يُقال: لَهُ عَليّ أَثْرٌ، أَي فَضْل.
وَفِي الحَدِيث: (إِنَّكُم سَتَلْقون بَعْدي أَثَرَةً) ، أَي يُستأثر
عَلَيْكُم فيفضِّل غَيْركُمْ نَفسه عَلَيْكُم فِي الْفَيْء.
وَقَوله: اسْتَأثرَ الله بالبَقاء، أَي انْفرد بالبَقاء.
{فَقَالَ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ} (المدثر: 24) أَي يَرويه واحدٌ
عَن وَاحِد.
وحديثٌ مأثور: يَأْثُره عَدْلٌ عَن عَدْل.
وَفِي الحَدِيث: (من سَرّه أَن يبسط الله فِي رِزْقه ويَنْسأ فِي
أَثَره فَلْيصل رَحمَه) ، أَي فِي أَجله.
(15/89)
وسُمي الْأَجَل أَثَراً، لِأَنَّهُ يتْبع
العُمْر؛ قَالَ زُهير:
والمرءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ
لَا يَنتَهِي العُمرُ حتَّى يَنتَهِي الأثرُ
أَي الْأَجَل.
وَقَوله: {نُحْىِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَاَ} (يس: 12) .
أَي مَا قدّموه من الْأَعْمَال وسَنّوه من سُنن يُعْمَل بهَا.
رثى: أَبُو العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: رَثَت المرأةُ زَوجها
تَرْثِيه وتَرثُوه.
وَقَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: رَثت رِثَاية.
وَقَالَ اللَّيث: رَثى فلانٌ فلَانا يَرثيه رَثْياً ومَرْثِيةً، إِذا
بكاه بَعد مَوْته، فَإِن مَدحه بعد مَوته، قيل: رَثَّاهُ يُرَثِّيه
تَرْثِيَةً.
وَيُقَال: مَا يَرثي فلانٌ لي، أَي مَا يتوجَّع وَلَا يُبالِي.
وإنِّي لأَرثي لَهُ مَرْثاةً وَرَثْياً.
وَامْرَأَة رثَّاءة، ورَثَّاية، إِذا كَانَت تَنُوحُ نوحًا ونياحةً.
اللحياني: رَثَوتُ عَنهُ حَدِيثا، ورَثَيْتُه، أَي حَفِظْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَثَيْتُ عَنهُ حَدِيثا أَرْثِي رِثايةً، إِذا
ذكَرتَه عَنهُ.
وحُكي عَن العُقيلي: رَثونا بَيْننَا حَدِيثا، ورَثَيْنَاه،
وتنَاثَيْناه، مِثْله.
وَمن مهموزه
رثأ: أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: الرَّثيئة، مَهْموز: أَن يُصَبّ
لَبَنٌ حَليب على حامض.
قلت: وسَمِعْت أعرابيّاً من بني مُضَرِّس يَقُول لخادِم لَهُ: ارْثَأْ
لي لُبَيْنَةً أَشْرَبُها.
وَقد ارْتَثَأْتُ أَنا رَثيئة، إِذا شَرِبْتَها.
سَلَمة، عَن الفَرّاء، عَن امْرَأَة من الْعَرَب، أنّها قَالَت:
رَثَأْتُ زَوْجي بأَبْيات، أَرادت: رَثَيْته.
قَالَ الفَرّاء: وَهَذَا مِنْهَا على التَّوهُّم لِأَنَّهَا رأتهم
يقُولون: رثأت اللَّبن فَظَنَّت أَن المَرْثِية مِنْهَا.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: ارْتَثأ عَلَيْهِم أَمْرُهم، أَي اخْتَلط.
وهم يَرْتَثئون أَمْرهم.
أُخذ من (الرّثيئة) ، وَهِي اللَّبن المُخْتَلط.
وأمّا (الرّثْية) فَهُوَ داءٌ يَعْترض فِي المَفاصل، وَلَا همز فِيهَا،
وَجَمعهَا: رَثَيَات؛ وأنْشَد شَمِرٌ:
ولِلْكَبير رَثَيَاتٌ أَرْبَعُ
الرُّكْبتَان والنَّسَا والأَخْدَع
وَلَا يَزال رَأْسُه يَصّدَّعُ
وكلّ شيْء بَعد ذَاك يَبْجَعُ
ريث رَوْث: قَالَ اللَّيْث: الرَّيْثُ: الإِبْطَاء.
يُقال: راث عَلينا فلانٌ يَرِيثُ رَيْثاً. ورَاث
(15/90)
علينا خَبَرُه.
واسْتَرَثْت فلَانا، أَي اسْتَبْطأتُه.
وتَريّث فُلان علينا، أَي أَبْطأ.
ويُقال: إِنَّه لرَيِّثٌ، أَي بَطِيء.
ويُقال: مَا قَعد فلانٌ عندنَا إلاّ رَيْثَ أنْ حَدَّثنا بحديثٍ ثمَّ
مَرّ، أَي مَا قَعد إلاّ قَدْر ذَلِك؛ قَالَ الشَّاعِر يُعاتب فِعْلَ
نَفْسه:
لَا تَرعَوي الدهرَ إِلَّا ريْثَ أُنكرها
أَنْثُو بِذَاكَ عَلَيْهَا لَا أُحاشيها
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال لكُل ذِي حافِرٍ: راث يَرُوث
رَوْثاً. وخَوْرانُ الفَرَس: مَرَاثُه. ورَوْثة الأنْف: طَرَفُه. قَالَ
ذَلِك أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ اللَّيث: الرَّوْثة: طرفُ الأنْف حَيْثُ يَقْطر الرُّعاف؛
وَقَالَ أَبُو كَبِير الهُذليّ يذكُر عُقاباً:
حَتَّى انتهيتُ إِلَى فِراش غَريرةٍ
سَوْداءَ رَوْثَةُ أَنْفها كالمِخْصَفِ
ورُوَيْثة: اسمُ مَنْهَلة مِن المَناهل الَّتِي بَين المَسْجدَيْن.
(بَاب الثَّاء وَاللَّام)
ث ل (وايء)
ثول، ولث، وثل، لثى، أثل، لَيْث، لوث، ثلا.
ثول: أَبُو عُبَيد: سَمِعْتُ الأصمعيّ يَقُول: الجماعةُ من النّحْل
يُقال لَهَا: الثَّوْلُ، والدّبْر؛ وَلَا وَاحِد لشَيْء من هَذَا،
وَكَذَلِكَ الخَشْرم.
قَالَ: الثَّوَّالةُ: الْكثير من الْجَرَاد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: الثَّوْل: النَّخْل.
والثَّوْل: الجُنون.
والثوّالة: الجماعةُ من النّاس والجَرَاد.
قَالَ: ويُقال: ثال فلانٌ يَثول ثَوْلاً. إِذا بَدا فِيهِ الجُنون وَلم
يَسْتحكم، فَإِذا اسْتَحكم قيل: ثَوِلَ يَثْوَل ثَوَلاً.
وَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الْحَيَوَان.
وَقَالَ اللَّيثُ: الثَّوْل: الذَّكر من النّحل.
قلتُ: والصَّواب فِي (الثَّوْل) مَا قَالَ الأصمعيّ.
وَقَالَ اللَّيث: الثَّوَل: شِبْه جُنون فِي الشّاء.
يُقَال للذّكر: أَثْول؛ وللأُنثى: ثَولاء.
قَالَ: والثُّؤْلُول: خُرَاج.
يُقَال: ثُؤْلِل الرَّجُلُ.
وَقد تَثَأْلَلَ جَسَدُه بالثَّآلِيل.
ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: يُقال للرَّجُل: ثلْ، إِذا أَمرته أَن
يَحْمَق وَلَا يَجْهل.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّيْل: جِرابُ قُنْب البَعِير.
ويُقال: بل هُوَ قَضِيبه.
وَلَا يُقال: قُنْبٌ إِلَّا للفَرس.
(15/91)
قَالَ: والثِّيل: نَبَات يَشتبك فِي
الأرْض.
وَقَالَ شَمِر: الثِّيل: شُجَيْرَة خَضْراء كأنّها أول بَذْر الحبّ
حِين تَخْرُج صِغاراً.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الثِّيل: ضربٌ مِن النّبات يُقال إِنَّه
لِحْية التَّيْس.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الأثْيل: الجَمل الْعَظِيم الثّيل، وَهُوَ
وِعاء قَضِيبه.
وثل: ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: الوَثل: وَسخ الأَديم الَّذِي يُلْقى
مِنْهُ. وَهُوَ، الحَمُّ، والتِّحْلِىء.
قَالَ أَبُو عُبيد: الوَثَل: اللِّيف نَفسُه.
والحَبل من اللّيف يُقَال لَهُ: الوَثِيل.
وَقَالَ غيرُه: وَاثِلَة، من الْأَسْمَاء، مَأْخُوذ من (الوثيل) .
لَيْث: ثَعلب، عَن ابْن الأعرابيّ: الألْيثُ: الشُّجَاع، وَجمعه:
لِيثٌ.
واللَّيثُ: الأسَدُ؛ وَجمعه: لُيُوث.
وَبَنُو لَيْث: حيّ من كِنانة.
وَتَليَّث فلانٌ، إِذا صَار لَيْثِيّ الهوَى.
وَكَذَلِكَ: لَيّث. قَالَه ابنُ المُظَفَّر؛ وَأنْشد قَول رُؤْبة:
دُونك مَدْحاً مِن أخٍ مُلَيَّثِ
عَنْك بِمَا أَوْلَيت فِي تأَنُّثِ
قَالَ: ويُقال: لاَيَثْتُ فلَانا، إِذا زاوَلْته مُزاولة اللَّيث؛
وأَنْشد:
شَكِسٌ إِذا لايَثْتَه لَيثيّ
أَبُو عُبيد، عَن العَدَويّ: اللَّيث هُوَ الَّذِي يَأْخُذ الذّباب،
وَهُوَ أَصْغَر من العَنْكَبُوت.
وأمّا (لَيث عِفِرِّين) فقد مَرّ تَفسِيرُه.
ويُقال: يجمع (اللَّيثَ) : مَلْيَثة، مِثل: مَسْيفة ومَشيخة؛ وَقَالَ
الهُذَليّ:
وأدْرَكتْ من خُثيْم ثَمَّ مَلْيثةٌ
مِثلُ الأُسُود على أكتافها اللِّبَدُ
وَقيل: اللَّيث، فِي لُغَة هُذَيْل: اللَّسِنُ الجَدِل.
وَقَالَ عَمرو بن بَحر: الليثُ: ضَربٌ مِن العَناكب.
قَالَ: وَلَيْسَ شيءٌ من الدوابّ مثله فِي الحِذقْ والخَتْل وصَواب
الوَثْبة والتَّسْديد وسُرعة الخَطْف والمُدَاراة، لَا الكَلب وَلَا
عَنَاق الأَرْض وَلَا الفَهْد وَلَا شَيء من ذَوَات الأَرْبع، وَإِذا
عاين الذُّبابَ سَاقِطا لَطَأ بِالْأَرْضِ وسَكّن جوارحَه ثمَّ جَمع
نَفسه وأَخَّر الوَثْب إِلَى وَقت الغِرّة، وَترى مِنْهُ شَيْئا لم
تَره فِي فَهْد، وَإِن كَانَ مَوْصُوفا بالخَتل للصَّيْد.
لوث: ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوْثُ: الطَّيُّ، واللوْث:
الليّ، واللَّوْث: الشَّرّ، واللَّوْثُ: الجِراحَات، واللَّوْث:
المُطَالباتُ بالأحْقَاد، واللَّوْث: تَمْريغ اللُّقمة فِي الإهَالة.
سَلمة، عَن الفَرّاء، قَالَ: اللُّوَاثُ: الدَّقيق الَّذِي يُذَرّ على
الخِوان لئلاّ يَلْصَق بِهِ
(15/92)
العَجِينُ.
قلت: واللَّوْث، عِنْد الشَّافِعِي: شبه الدَّلالة، وَلَا يكون بَيِّنة
تامّة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوث: جمع الأَلْوث، وَهُوَ
الأَحْمق الجَبان.
أَبُو نصر، عَن الأَصْمعيِّ: اللَّوْثَة: الحَمْقة.
واللّوْثة: العزْمة بالعَقْل.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: اللَّوْثة، واللّوْثَة: بِمَعْنى الحَمقة،
فَإِذا أَردت عَزيمة العَقْل قلت: فِي فُلان لَوْثٌ، أَي حَزْم وقُوّة.
اللّيث: ناقةٌ ذَات لَوْث، وَهِي الضّخمة، وَلَا يَمْنَعها ذَلِك من
السُّرْعة.
وَقَالَ غَيره: سَحابةٌ لَوْثَاء: فِيهَا بُطْء.
ورَجُلٌ فِيهِ لُوثة: أَي استرخاء وحُمْق؛ وَهُوَ رَجُلٌ أَلْوث.
وَإِذا كَانَ السّحاب بَطِيئاً كَانَ أَدوَم لِمَطَره؛ وأَنْشد:
من لَفْح ساريةٍ لَوْثَاء تَهْميم
وَقَالَ اللّيث: اللَّوْثاء: الَّتِي تُلوِّث النَّبَات بَعضه على بعض،
كَمَا يلوّث التِّبن بالقَتّ؛ وَكَذَلِكَ التّلوّث بالأَمر.
قلت: والسَّحابة اللَّوْثاء: البطيئة.
وَالَّذِي قَالَه اللّيث فِي (اللّوْثاء) لَيْسَ بِصَحيح.
أنْشد المازنيّ:
فالْتَاث مِن بعد البُزول عامَين
فاشْتَدّ ناباه وغَيْر النَّابَيْن
قَالَ: (التاث) افتعل، من (اللوث) وَهُوَ القُوّة.
رَجُلٌ ذُو لَوْثٍ، أَي ذُو قُوّة.
ورَجُلَ فِيهِ لُوثة، إِذا كَانَ فِيهِ اسْترخاء؛ وَقَالَ العَجّاج
يَصف شَاعِرًا غالَبه فَغَلَبه:
وَقد أرى دُونِيَ من تَجَهُّمي
أُمّ الرُّبَيقِ والأرَيْقِ المُزْنَمِ
فَلم يُلث شَيْطانهُ تَنَهُّمِي
يَقُول: رأى من تجهّمي دونه مَا لَا يَسْتَطِيع أَن يصل إليّ، أَي رأى
دوني داهية فَلم يُلث شيطانُه، أَي لم يلبث تنهمّي إِيَّاه، أَي
انْتهاري.
وَفِي (النّوادر) : رَأَيْت لُواثة ولَوِيثَة من النّاس، وهُوَاشة، أَي
جَماعة.
وَقَالَ اللّيث: يُقال: التاث فلانٌ فِي عَمَله، أَي أَبْطأ.
قَالَ: واللاَّئث من الشّجر والنبات: مَا قد الْتَبس بعضُه على بَعض.
يَقول الْعَرَب: نَبات لاثث، ولاثٍ؛ على الْقلب؛ وَقَالَ العجّاج:
لاث بِهِ الأَشاءُ والعُبْريّ
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: مثل: لاثٍ بِهِ، لاثث بِهِ، فِي بَاب
المقلوب؛ وَقَالَ عديّ:
(15/93)
ويَأْكُلْن مَا أَغْنى الوليُّ وَلم يُلِث
كَأَن بحَافاتِ النِّهاءِ مَزارِعَا
أَي لم يَجعله لائثا.
وَيُقَال: لم يُلث، أَي لم يُلث بَعضه على بعض، من (اللوث) وَهُوَ
(الليّ) .
وَقَالَ التّوزيّ: لم يلتث: لم يُبطىء؛ وَقَالَ ثُمَامَة بن الْمخبر
السَّدوسيّ:
أَلا رُبّ مُلْتاثٍ يَجُرّ كِسَاءَه
نَفى عَنْه وُجْدَانَ الرَّقِين القَرَائِمَا
يَقُول: رُبّ أَحمق نَفى كثرةُ مَاله أَن يُحَمَّق، أَرَادَ أَنه
أَحمَق قد زَيّنه مَاله وجَعله عِنْد عوامّ النَّاس عَاقِلا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَلْوث: الأَحمق.
أَبُو عُبيد: لاثٍ، بِمَعْنى: لائِث، وَهُوَ الَّذِي بَعضه فَوق بَعض.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فَلَا يَلوث بِي، أَي يَلُوذ بِي.
وَجَاء رجل إِلَى أبي بَكْر الصّدّيق فَوقف عَلَيْهِ ولاث لَوْثاً من
كَلَام. فَسَأَلَهُ عُمر، فَذكر أَن ضَيْفاً نزل بِهِ فزَنى بابْنَته.
وَمعنى: لاث، أَي لَوى كَلامه وَلم يُبيِّنه.
وَيُقَال: لاث بالشَّيْء يَلُوث، إِذا طَاف بِهِ.
ولاث فلانٌ عَن حَاجَتي، أَي أبْطأ عَنْهَا.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: يُقال للسَّيِّد الشريف: مَلاَثٌ،
ومَلْوَثٌ؛ وَجمعه: مَلاَوث؛ وَأنْشد:
هلاّ بكَيتَ مَلاَوِثاً
من آل عَبْدِ مَنَافِ
ولث: ثَعلب، عَن ابْن الأَعرابيّ: الوَلْث: بقيّة العَجِين فِي
الدَّسِيعة، وبَقِيّة المَاء فِي المُشَقّر؛ والفَضْلة من النَّبِيذ
تَبْقى فِي الْإِنَاء؛ وَهُوَ البَسيل أَيْضا.
والوَلْثُ: بقيّة العَهْد؛ وَفِي الحَدِيث: (لَوْلَا وَلْث عَهْدٍ
لَهُم لفعلتُ بهم كَذَا) .
شَمِرٌ فِيمَا قَرَأت بخطّه قَالَ: قَالَ أَبُو مُرّة القُشيري:
الوَلْث من الضّرب، الَّذِي لَيس فِيهِ جِرَاحة، فَوق الثّياب.
قَالَ: وطَرق رَجُلٌ قَوماً يَطْلُب امْرأةً وَعَدَتْه فَوَقع على
رَجُل، فصَاح بِهِ، فاجْتمع الحيُّ عَلَيْهِ فوَلثوه، ثمَّ أُفْلِت.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُميل: يُقال دَبَّرْتُ مَمْلُوكي، إِذا قُلتَ
هُوَ حُرٌّ بعد مَوْتِي، إِذا وَلَثْتَ لَهُ عِتْقاً فِي حياتك.
قَالَ: والوَلْث: التَّوْجيه، إِذا قُلت: هُوَ حُرٌّ بَعْدي، فَهُوَ
الوَلْث.
وَقد وَلَث فلانٌ لنا من أَمْرنا وَلْثاً، أَي وَجَّه؛ وَقَالَ رُؤبة:
وقلتُ إِذا أَغْبَط دَيْنٌ والِثُ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَي دَائِم، كَمَا يَلِثُونه بالضَّرْب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو والأصمعيّ: وَلَثه، أَي ضَربه ضَرْباً قَلِيلا.
وَقَالَ أَبُو نَصر: الوَلْث: القلِيلُ مِن
(15/94)
الْمَطَر.
يُقال: وَلْثٌ مِن عَهْد، أَي شَيءٌ قَلِيل.
والوَلْث: عقد لَيْسَ بمُحْكم، وَهُوَ الضَّعِيف.
وَيُقَال: وَلَثْتُ لَك أَلِثَ وَلْثاً، أَي وَعَدْتك عِدَةً ضَعِيفة.
وَيُقَال: لَهُم وَلْثٌ ضَعِيف؛ وَقَالَ المُسَيّب بن عَلَس فِي
(الولْث المحْكَم) :
كَمَا امْتَنَعت أولادُ يَقْدُمَ مِنْكُمُ
وَكَانَ لَهَا وَلْثٌ من العَقْدِ مُحْكَمُ
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله:
إِذا أغبط دَيْنٌ والِثُ
أَسَاءَ رُؤبة فِي هَذَا، لِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَن يُؤَكد أَمْر
الدَّين.
وَقَالَ غَيره: يُقال: دَيْن والثٌ، أَي يتقلّده كَمَا يتقلّد العَهد.
أثل: ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعرابي: الأُثَيْل: مَنْبت الأَرَاك.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي وصيّ
اليَتيم: (إِنَّه يَأْكُل مِن مَاله غَير مُتأثِّل مَالا) .
قَالَ: المتأثّل: الْجَامِع.
وكل شَيء لَهُ أصل قديم، أَو جُمع حَتَّى يَصير لَهُ أصل، فَهُوَ
مُؤَثَّل؛ قَالَ لَبيد:
لله نَافِلَة الأجلّ الأفْضل
وَله العُلا وأَثيث كُلّ مُؤَثَّل
قَالَ: وأَثْلة الشّيء: أصْلُه؛ وَأنْشد للأعشى:
أَلَسْتَ مُنْتَهِياً عَن نَحْت أَثْلِتنَا
ولَسْتَ ضائِرَها مَا أَطَّتِ الإبِلُ
شمر، عَن ابْن الأَعرابيّ: المُؤثَّل: الدَّائِم.
وأَثَّلْت الشيءَ: أَدَمْتُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مُؤَثَّل: مُهَيَّأ.
قَالَ: وتَأْثيل الْمجد: بناؤُه.
وتأثّل فلانٌ مَالا، أَي اتّخذه وثَمَّره.
وَقَالَ ابْن شُميل فِي قَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَلمن
وَلِيها أَن يَأْكُل ويُؤَكِّل صديقا غيرَ مُتأَثِّل مَالا) .
قَالَ: وَيَقُولُونَ: هم يَتأثّلون النَّاس، أَي يَأْخذون مِنْهُم
أَثالاً. والأَثال: المَال.
وَيُقَال: تأثّل فلانٌ بِئْراً، إِذا احْتفَرها لنَفسِهِ؛ وَمِنْه قَول
أبي ذُؤيب يصف قوما حَفَروا قَبْراً شَبّهه بالبِئر:
وَقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتأثّلُوا
قَلِيباً سَفَاهاً كالإماء القواعِدِ
أَرَادَ أنّهم حَفروا لَهُ قبراً يُدْفَن فِيهِ، فسمّاه قَلِيباً على
التّشْبيه.
وَيُقَال: أَثّل الله مُلْكاً آثِلاً، أَي ثَبّته؛ وَقَالَ رُؤبة:
أثّل مُلْكاً خِنْدِفاً فدعَمَا
وَقَالَ أَيْضا:
(15/95)
رِبَابَةً رُبَّتْ ومُلْكاً آثِلاَ
أَي مُلكاً ذَا أَثْلة.
والأَثْل: شَجر يُشبه الطّرْفاء إلاّ أَنه أكْرم مِنْهَا، تُسوَّى
مِنْهُ الأَقْداح الصُّفْر الجِياد، وَمِنْه اتُّخذ مِنبَر النبيّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
وللأَثل أُصول غَلِيظَة تُسَوَّى مِنْهَا الْأَبْوَاب وَغَيرهَا،
وَوَرَقُه عَبْلٌ كورق الطّرفاء.
أَبُو عبيد، عَن أبي عَمْرو: والأَثال: المَجْدُ، وَبِه سُمِّي
الرَّجُل.
وأُثال: اسْم جَبَل.
لثي: قَالَ اللّيث: اللّثَى: مَا سَال من الشّجر من سَاقهَا خاثِراً.
وَقَالَ ابْن السِّكّيت: اللَّثَى: شيءٌ يَنْضَحه الثُّمَامُ حُلوٌ،
فَمَا سَقَط مِنْهُ على الأَرض أُخذ وجُعل فِي ثوبٍ وصُبّ عَلَيْهِ
الماءُ، فإِذا سَالَ من الثَّوْب شُرب حُلْواً وربّما أَعْقَد.
قلت: اللثَى: يَسيل من الثُّمام وَغَيره، وَفِي جبال هَراة شَجر يُقَال
لَهُ: (سِير) وَله لَثىً حُلْوٌ يُداوى بِهِ المَصْدور، وَهُوَ جَيّد
للسُّعال الْيَابِس.
وللعُرْفُط لَثىً حُلْوٌ يُقَال لَهُ: المغَافِير.
وأَخبرني المُنذريّ، عَن أبي طَالب، عَن سَلمة، عَن الفرّاء، أَنه
قَالَ: اللّثأ، بِالْهَمْز: لِمَا يَسيل من الشَّجَر.
قَالَ: واللَّثة: تُجمع: لِثات، ولِثِين، ولِثًى، ولَثًى.
وَقَالَ أَبُو بكر: اللَّثَى: شَبِيه بالنَّدى.
يُقَال: قد أَلْثتِ الشَّجَرَة مَا حولهَا لَثًى شَدِيدا: نَدَّتْه.
قَالَ: واللَّثَى: الصَّمْغ.
ابْنُ السِّكِّيت: هَذَا ثوبٌ لثٍ، إِذا ابْتَلَّ من العَرَق والوسَخ.
وَيُقَال: لَثِيَتْ رِجْلِي من الطِّين تَلْثَى لثًى، إِذا تلطَّخَت
بِهِ.
وامرأةٌ لَثِيَةٌ، إِذا كَانَت رطْبَة الْمَكَان.
وَنسَاء الْعَرَب يتسابَبْنَ بذلك.
وَإِذا كَانَت يابسة الْمَكَان فَهِيَ الرّشُوف، ويُحْمد ذَلِك
مِنْهَا.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: لَثَا، إِذا
شَرِبَ الماءَ قَليلاً.
ولَثَا أَيْضا: إِذا لَحِسَ القِدْرَ.
وَقَالَ: اللّثِيُّ: المُولع بأَكْل الصَّمغ.
وَقَالَ غيرُه: ألْثَت الشَّجرة تُلْثِي، إِذا سَالَ مِنْهَا اللّثى.
وحَكى سَلمة، عَن الفرّاء، عَن الدُّبَيْرِية، قَالَت: لثا الكَلْب،
ولَجذَ، ولَجَن، واحْتَفَى، إِذا وَلغ فِي الْإِنَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللِّثة: مَراكز الأَسْنان.
وَفِي اللَّثة: الدُّرْدُرُ، وَهُوَ مَخارج الأَسْنان، وفيهَا العُمور،
وَهُوَ مَا تَصَعَّد بَين الأسْنان من اللِّثة.
(15/96)
قلت: وأصل اللّثة: اللِّثْيَة، فنُقص.
والظاء والذال والثاء لثويّة، لِأَن مبدأها من اللّثة.
ثلا: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ثَلاَ، إِذا سَافر.
قَالَ: والثَّلِيّ: الكَثير المَال.
(بَاب الثَّاء وَالنُّون)
ث ن (وايء)
ثنى، نَثَا، أنث، أثن، وثن، ثأن.
ثنى: قَالَ الله عزّ وجلّ: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}
(هود: 5) .
قَالَ الفرّاء: نزَلت فِي بعض مَن جَاءَ يَلْقَى النبيَّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يُحب ويَنطوي لَهُ على الْعَدَاوَة والبُغض،
فَذَلِك هُوَ الثَّنْيُ: الإِخفاء.
وَقَالَ الزّجّاج: يَثْنُونَ صُدورهم، أَي يُجِتون ويَطوون مَا فِيهَا
ويسترونه استخفاء بذلك من الله.
ورُوي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: (أَلا إِنَّهُم يثنَوْنِي
صُدُورهمْ) (هود: 5) .
قَالَ الفَرّاء: وَهُوَ فِي العربيّة: بِمَنْزِلَة (تَنْثَنِي) وَهُوَ
من الفِعل: افْعَوْعلت.
قلت: وَأَصله من: ثَنَيْت الشَّيء، إِذا حَنَيْته وعَطَفته وطَوَيْته.
واثْنَوْنى صَدْرُه على البَغضاء، أَي انْحنَى وانطوى.
وكُلّ شَيْء عَطَفْته، فقد ثَنَيْته.
وسَمعت أَعرابيّاً يَقُول لراعي إبل أَوْردها الماءَ جُمْلةً: ألاَ
واثْنِ وُجُوهَها عَن المَاء ثمَّ أَرْسِل مِنْهَا رِسْلاً رِسْلاً،
أَي قطيعاً قطيعاً. أَرَادَ بقوله: اثن وجوهها، أَي اصرف وجُوهها عَن
المَاء لِئَلَّا تَزْدَحم عَلَى الْحَوْض فتَهْدِمه.
ويُقال للفارس إِذا ثَنَى عُنُقَ دابّته عِنْد حُضْرِه: جَاءَ ثَانِيَ
العِنان.
ويُقال للْفرس نَفسه: جاءَ سَابِقًا ثَانِيًا، إِذا جَاءَ وَقد ثَنَى
عُنُقه نشاطاً، لِأَنَّهُ إِذا أَعْيا مدّ عُنُقه؛ وَإِذا لم يَجىء
وَلم يَجْهَد وَجَاء سيرُه عَفْواً غير مجهود ثَنى عُنُقه؛ وَمِنْه
قَوْله:
ومَن يَفْخَرْ بِمثل أَبِي وَجَدِّي
يَجِىءْ قَبل السَّوابق وَهُوَ ثانِي
أَي يجىء كالفرس السّابق الَّذِي قد ثَنى عُنُقه.
وَيجوز أَن يَجعله كالفارس الَّذِي سَبق فرسُه الخَيْلَ، وَهُوَ مَعَ
ذَلِك قد ثَنى من عُنُقه.
وَفِي حَدِيث عَمرو بن دِينار، قَالَ: رأيتُ ابْن عُمر يَنْحر بَدَنته
وَهِي باركةٌ مَثْنِيّة بِثنَايَيْن، غير مَهْمُوز؛ وَذَلِكَ أَن
يَعْقل يدَيْه جَمِيعًا بعقالَيْن.
ويُسمى ذَلِك الحَبْل: الثِّنَاية.
وَقَالَ اللّيث: عقلت البَعير بِثِنَاييْن.
(15/97)
يُظهرون الْيَاء بعد الْألف، وَهِي المَدّة
الَّتِي كَانَت فِيهَا. وَإِن مَدّ مادٌّ لَكَانَ صَوَابا، كَقَوْلِك:
كسَاء، وكساوان، وكساآن.
قَالَ: وَوَاحِد (الثنايَيْن) : ثِناء، مثل: كِساء، مَمْدُود.
قلت: أغفل اللَّيث العلَّة فِي (الثنَايَيْن) وَأَجَازَ مَا لم يُجزه
النّحْويون.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: سَأَلت الخليلَ عَن قَوْلهم: عَقله بِثنايَيْن،
لِمَ لَمْ يَهْمز؟
فَقَالَ: تَركوا ذَلِك حِين لم يُفْرِدُوا الْوَاحِد.
قلت: وَهَذَا خِلاف مَا ذكره اللّيْث فِي كِتَابه، لِأَنَّهُ أجَاز أَن
يُقال لوَاحِد (الثِّنَايَيْن) : ثِناء.
والخَلْيل يَقُول: لم يَهمزوا (ثنايَيْن) لأَنهم لَا يُفردون الْوَاحِد
مِنْهُمَا.
رَوى هَذَا شَمر عَن سِيبويه.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: يُقال: عقلت الْبَعِير بثنايَيْن، إِذا
عَقلت يدَيْه بطَرفي حَبْل.
قَالَ: وعقلته بثِنْيَيْن، إِذا عَقَلْت يدا وَاحِدَة بعُقدَتَيْن.
قَالَ شَمر: وَقَالَ الفَرّاء: لم يهمزوا (ثنايين) لأنّ واحده لَا
يُفرد.
قلت: والبَصْريون والكُوفيّون اتّفقوا على ترك الْهمزَة فِي (الثنايين)
وعَلى ألاّ يُفْرد الْوَاحِد.
قلت: والحَبل يُقَال لَهُ: الثِّناية.
وَإِنَّمَا قَالُوا: ثِنَايَين، وَلم يَقُولُوا: ثنايَتَين، لِأَنَّهُ
حَبل وَاحِد تُشدّ بِأحد طَرفَيْهِ يَدُ الْبَعِير، وبالطَّرف الآخر
اليَد الْأُخْرَى، فَيُقَال: ثَنَيْت البَعير بثنايَين، كأنّ
(الثنايَين) كالواحد، وَإِن جَاءَ بِلَفْظ اثْنَيْنِ، وَلَا يُفرد لَهُ
وَاحِد؛ وَمثله: المِذْروان: طَرفا الألْيَتين، جعل وَاحِدًا، وَلَو
كَانَا اثْنَيْنِ لقيل: مِذْريان. وأمّا العِقال الْوَاحِد فإِنّه لَا
يُقالَ لَهُ: ثناية، إِنَّمَا (الثناية) : الحبلُ الطَّوِيل؛ وَمِنْه
قولُ زُهير يَصف السّانية وشَدّ قِتْبها عَلَيْهَا:
تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْري فِي ثِنَايَتها
مِن المَحالة قَبّاً زَائِدا قَلِقَا
فالثِّناية، هَا هُنَا: حَبل يُشد طرفاه فِي قِتْب السَّانية ويُشد
طَرف الرِّشاء فِي مَثْنَاته، وَكَذَلِكَ الْحَبل إِذا عُقل بطَرفيه
يدُ الْبَعِير: ثِنايةٌ أَيْضا.
وَيُقَال: فلانٌ ثَانِي اثْنَيْنِ، أَي هُوَ أَحدهمَا، مُضاف.
وَلَا يُقَال: هُوَ ثانٍ اثْنَيْنِ، بالتَّنوين.
وَقد مَرّ تَفسيره مُشْبعاً فِي بَاب (الثّلاث) .
وثِنْيَا الحَبْل: طَرفاه؛ واحدهما: ثنْيٌ؛ وَقَالَ طَرَفة:
لَعَمْرك إنّ الموتَ مَا أَخْطَأ الفَتَى
لكالطِّوَلِ المرْخَى وثِنْيَاه بالْيَدِ
يَقُول: إنّ الْمَوْت وَإِن أَخطَأ الْفَتى فإِنَّ
(15/98)
مَصيره إِلَيْهِ، كَمَا أنّ الْفرس وَإِن
أُرْخي لَهُ طِوَلُه فإنَّ مَصيره إِلَى أَن يَثْنيه صاحبُه، إِذْ
طَرَفه بِيَدِه.
وَيُقَال: رَبَّق فلانٌ أَثناء الحَبْل، إِذا جَعل وَسَطه أَرْباقاً،
أَي نُشَقاً للشاء يُنْشَق فِي أَعْناق البَهْم.
وأَثناء الحَيّة: مَطاوِيها إِذا تَحوَّت.
وأَثناء الوِشَاح: مَا انْثَنى مِنْهُ؛ وَمِنْه قَوْله:
تَعَرُّض أَثناء الوِشَاح المُفَصَّل
أَبُو عُبيد: يُقَال للَّذي يَجِيء ثَانِيًا فِي السُّؤدد وَلَا يَجِيء
أَولا: ثِنًى، مَقصور، وثُنْيَان، وثِنْي، كل ذَلِك يُقَال: قَالَ
أَوْس ابْن مَغْراء:
تَرى ثِنَانَا إِذا مَا جَاءَ بَدأَهمُ
وبَدْؤُهم إِن أَتَانَا كَانَ ثُنْيَانَا
يَقُول: الثَّانِي منّا فِي الرّياسة يكون فِي غَيرنَا سَابِقًا فِي
السُّؤدد، والكامل فِي السُّؤدد من غَيرنَا ثِني فِي السّؤدد عندنَا،
لفَضْلنا على غَيرنَا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (لَا ثِنًى
فِي الصّدقة) ، مَقصورٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: يَعْنِي أَنه لَا تُؤْخَذ الصَّدقة فِي السّنة
مرّتين.
قَالَه الْأَصْمَعِي والكسائيّ؛ وَأنْشد أَحدهمَا:
أفِي جَنْبِ بكْرٍ قَطَّعَتْني مَلاَمَةً
لَعَمْرِي لقد كَانَت مَلاَمتُها ثِنَى
أَي لَيْسَ هَذَا بِأول لومها، قد فَعَلَتْهُ قبل هَذَا، وَهَذَا ثِنًى
بعده.
قَالَ أَبُو سَعيد: لسنا نُنكر أنَّ (الثِّنى) إِعَادَة الشَّيْء مرّةً
بعد مرّة، وَلكنه لَيْسَ وَجه الْكَلَام وَلَا معنى الحَدِيث،
وَمَعْنَاهُ: أَن يتصدّق الرّجل على آخر بصدَقة ثمَّ يَبدو لَهُ فيُريد
أَن يسترِدَّها، فَيُقَال: لَا ثِنًى فِي الصَّدقة، أَي لَا رُجُوع
فِيهَا، فَيَقُول المتصدَّق عَلَيْهِ: لَيْسَ لَك عليَّ عُصْرَةُ
الْوَالِد، أَي لَيْسَ لَك رُجوع كرجوع الْوَالِد فِيمَا يُعْطي
وَلَده.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَصْمَعِي: ناقةٌ ثِنْيٌ، إِذا وَلَدَت بَطنا
وَاحِدًا.
وَيُقَال فِيهِ أَيْضا: إِذا وَلدت بطَنين؛ قَالَ لَبيد:
ليَالِي تَحت الخِدْر ثِنْيُ مُصِيفة
من الأُدْمِ تَرْتَادُ الشُّرُوجَ القَوابِلا
قَالَ: ولدُهما الثَّانِي: ثِنْيُها.
قلت: وَالَّذِي سمعتُه من الْعَرَب: يَقُولُونَ للناقة إِذا وَلَدت
أوّل وَلد تَلده، فَهِيَ بِكْر؛ وَوَلدهَا أَيْضا بِكرها. فَإِذا وَلدت
الْوَلَد الثَّانِي، فَهُوَ ثِنْيٌ؛ ووَلدُها الثَّانِي ثِنْيُها.
وَهَذَا هُوَ الصّحيح.
وأخبَرني المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم، قَالَ:
(15/99)
المُصيفة: الَّتِي تَلد وَلداً وَقد
أَسَنَّت؛ والرّجل كَذَلِك مُصيف، وولدُه صَيْفِيّ؛ وأَرْبع الرّجُل،
وولدُه رِبْعِيُّون.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثِّنْي من الْجَبَل والوادي: مُنْقَطعه.
قَالَ: ومَثْنَى الأيادي أَن يُعيد مَعْروفَه مرّتين أَو ثَلَاثًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: مَثنى الأيادي: هِيَ الْأَنْصِبَاء الَّتِي
كَانَت تُفْصَل من جَزُور المَيْسر، فَكَانَ الرجلُ الْجواد يَشْرِيها
فيُطعِمُها الأَبْرام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَثنى الأيادي: أَن يَأْخُذ القِسْمَ مَرَّة بعد
مَرَّة.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله عزّ وجلّ: {مُّبِينٍ اللَّهُ نَزَّلَ
أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ
مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ
جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الزمر: 23) أَي
مكرراً، كُرِّر فِيهِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب.
وَقَالَ الزّجاج: فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَاكَ سَبْعًا
مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ} (الْحجر: 87) قيل: إِن
السَّبع من المثاني: فَاتِحَة الْكتاب، وَهِي سَبع آيَات، قيل لَهَا:
مثاني، لِأَنَّهُ يُثْنَى بهَا فِي كُل رَكعة من رَكْعَات الصَّلاة.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون وَالله أعلم من المثاني: أَي مِمَّا أُثْني
بِهِ على الله، لِأَن فِيهَا حَمْد الله وتوحيده وَذكر مَا لَه يَوْم
الدِّين.
الْمَعْنى: وَلَقَد آتيناك سبع آيَات من جُملة الْآيَات الَّتِي
يُثّنَى بهَا على الله، وأتيناك الْقُرْآن الْعَظِيم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ
الْمَثَانِي} (الْحجر: 87) : يَعْنِي: فَاتِحَة الْكتاب، وَهِي سبع
آيَات.
قَالَ: وسُمّيت (المثاني) لِأَنَّهَا تُعاد فِي كلّ رُكعة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سُمّيت آيَات الْحَمد: مثاني، واحدتها:
مَثناة، وَهِي سَبع آيَات، لِأَنَّهَا تثنى فِي كُلّ رَكْعَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: (المثاني) من كتاب الله: ثَلَاثَة أَشْيَاء،
سَمّى الله عزَّ وجلّ الْقُرْآن كُلَّه (مثاني) فِي قَوْله تَعَالَى:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} (الزمر:
23) ، وسَمّى فَاتِحَة الْكتاب (مثاني) فِي قَوْله: {وَلَقَدْ
ءاتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي} (الْحجر: 87) ، وسَمّى
الْقُرْآن (مثاني) لِأَن الأنباء والقصص ثُنِّيت فِيهِ.
وقرأت بِخَط شَمِر، قَالَ: رَوى مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مُصَرّف عَن
أَصْحَاب عبد الله: أَن (المثاني) سِتّ وَعِشْرُونَ سُورَة، وَهِي:
سُورَة الْحَج، والقَصَص، والنَّمْل، والنُّور، والأنفال، وَمَرْيَم،
وَالْعَنْكَبُوت، وَيس، وَالْفرْقَان، وَالْحجر، والرعد،
(15/100)
وسبأ، وَالْمَلَائِكَة، وَإِبْرَاهِيم، وص،
وَمُحَمّد، ولقمان، والغُرف، وَالْمُؤمن، والزخرف، والسجدة، والأحقاف،
والجاثية، وَالدُّخَان.
فَهَذِهِ هِيَ المثاني عِنْد أَصْحَاب عبد الله.
قلت: وَهَكَذَا وَجدتهَا فِي النُّسخ الَّتِي نَقَلْت مِنْهَا خَمْسَة
وَعشْرين، وَالظَّاهِر أَن السَّادِسَة وَالْعِشْرين، هِيَ سُورَة
الْفَاتِحَة؛ فإمَّا أَن يكون أسقطها النُّساخ؛ وَإِمَّا أَن يكون
غَنِي عَن ذكرهَا بِمَا قدمه من ذَلِك؛ وَإِمَّا أَن يكون غير ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو الهَيثم: المثاني من سُور الْقُرْآن، كل سُورة دُون
الطُّوَل وَدون المئين، وَفَوق المفصَّل.
رُوي ذَلِك عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ عَن ابْن
مَسْعُود، وَعُثْمَان، وَابْن عَبَّاس، قَالَ: والمفصَّل يَلِي
المَثاني، والمثاني مَا دُون المئين.
وَأما قَول عبد الله بن عَمْرو: من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يُقرأ
فِيهَا بالمَثْناة على رُؤُوس النَّاس لَيْسَ أحدٌ يُغيِّرها.
قيل: وَمَا المَثناة؟ قَالَ: مَا استُكتب من غَير كتاب الله.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: وَسَأَلت رجلا من أهل العِلْم بالكتُب الأولى، قد
عَرفها وَقرأَهَا، عَن (المَثْناة) فَقَالَ: إِن الْأَحْبَار
والرُّهبان مِن بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى وضعُوا كتابا فِيمَا بَينهم
على مَا أَرَادوا من غير كتاب الله، فَهُوَ المَثْناة.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَإِنَّمَا كره عبدُ الله الْأَخْذ عَن أهل
الْكتاب، وَقد كَانَت عِنْده كُتب وَقعت إِلَيْهِ يَوْم اليَرْموك
مِنْهُم، فأظنه قَالَ هَذَا لمعرفته بِمَا فِيهَا، وَلم يُرد النّهي
عَن حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسُنته، وَكَيف ينْهَى
عَن ذَلِك وَهُوَ من أكبر الصَّحَابَة حَدِيثا عَنهُ.
وَقيل لِمَا وَلِي المِئين من السُّور: مثان، لِأَن المئين كَأَنَّهَا
مبادىء وَهَذِه مثانٍ.
ومَثَاني الوادِي ومَحَانِيه: معاطِفُه.
ومَثَاني الدابّة: رُكبتاه ومِرْفَقاه؛ قَالَ امْرُؤ القَيس:
ويَخْدِي على صُمَ صِلاَبٍ مَلاَطِسٍ
شَدِيداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثَاني
أَي لَيست بجاسِيَةٍ.
وثنَايا الْإِنْسَان فِي فَمِه: الأَرْبَعُ الَّتِي فِي مُقدّمٍ فِيهِ:
ثِنْتان من فَوْق، وثِنْتان من أَسْفل.
الْبَعِير إِذا اسْتكْمل الْخَامِسَة وطَعن فِي السَّادِسَة فَهُوَ
ثَنِيُّ، والأُنثى: ثَنِيّة، وَهُوَ أَدنى مَا يَجوز من سِنّ الْإِبِل
فِي
(15/101)
الْأَضَاحِي، وَكَذَلِكَ من الْبَقر
والمِعْزَى؛ فَأَما الضَّأْن فَيجوز مِنْهَا الجَذَع فِي الأَضَاحِي.
وَإِنَّمَا سُمي الْبَعِير ثَنِيّاً، لِأَنَّهُ أَلْقى ثَنِيَّته.
وَقَالَ ابْن الأَعرابيّ فِي الْفرس إِذا اسْتَتَم الثالثةَ ودَخل فِي
الرَّابِعَة: ثَنِيّ، فَإِذا أَثْنى أَلْقى رَوَاضِعه، فَيُقَال:
أَثْنى وأَدْرم للإثْناء.
قَالَ: وَإِذا أَثنى سَقَطت رواضعُه وثَبتت مَكَانهَا سِنٌّ: فنبَاتُ
تِلْكَ السِّن هُوَ الإثناء، ثمَّ تسْقط الَّتِي تَليها عِنْد إرباعه.
والثّنِيّ من الْغنم: الَّذِي اسْتكْمل الثانيةَ وَدخل فِي
الثَّالِثَة.
والأُثنى: ثَنِيّة.
ووَلد الْبَقَرَة أول سنَة: تَبيع، ثمَّ هُوَ جَذع فِي السّنة
الثَّانِيَة، مثل (الشَّاة) سَواء.
أَبُو عُبَيْدَة، عَن أبي عَمْرو: الثّنايا، هِيَ العِقاب.
قلت: والعِقاب: جِبال طِوال بِعَرْض الطَّرِيق، فالطريق تَأْخذ فِيهَا.
وكل عَقَبة مَسْلُوكة: ثَنِيَّة؛ وجمعُها: ثنَايا، وَهِي المَدارج
أَيْضا.
وَمِنْه قَول عبد الله ذُو البجادَيْن المُزَني:
تَعرّضي مَدَارِجاً وسُومِي
تَعَرُّضَ الجَوْزاء للنُّجُوم
يُخاطِب نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ دليلَه
برُكوبه، والتعرُّض فِيهَا أَن يَتَيامَن السّاندُ فِيهَا مرّةً
ويَتياسر أُخرى ليَكُون أَيْسَرَ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: حَلَفَ فلانٌ يَمِينا لَيْسَ فِيهَا ثُنْيا، وَلَا ثَنْوَى،
وَلَا ثَنِيَّة، وَلَا مَثنَوِيّة، وَلَا اسْتِثْنَاء، كُله وَاحِد.
وأصل هَذَا كلِّه من (الثَّنْى) وَهُوَ الكَفّ والردّ؛ لِأَن الْحَالِف
إِذا قَالَ: وَالله لَا أفعل كَذَا وَكَذَا إِلَّا أَن يَشَاء الله
غَيْرَه، فقد رَدّ مَا قَالَه، بمَشيئة الله غَيره.
ورُوي عَن كَعْب أَنه قَالَ: الشُّهداء ثَنِيَّة الله فِي الأَرْض.
تأوّل قَول الله تَعَالَى: {يُشْرِكُونَ وَنُفِخَ فِى الصُّورِ
فَصَعِقَ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَمَن فِى الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ
اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ} (الزمر: 68) . فَالَّذِينَ استثناهم عِنْد
كَعب من الصَّعق الشُّهداء، لأَنهم عِنْد ربّهم أَحيَاء يُرْزقون
فرِحين بِمَا أَتَاهُم الله من فَضْله، فَإِذا صُعق الْخلق عِنْد
النّفخة الأولى لم يُصْعقوا. وَهَذَا معنى كَلَام كَعب.
والثُّنْيا، المَنهيّ عَنْهَا فِي البيع: أَن يُسْتَثنى مِنْهُ شَيْء
مَجهول فيَفْسد البيع؛ وَكَذَلِكَ إِذا باعَ جزوراً بِثمن مَعْلُوم
واسْتثنى رَأسه وأطرافه، فإنّ البيع فَاسد.
والثُّنْيا من الجَزور: الرَّأْس والقوائم، وسُمِّيت ثُنْيا، لِأَن
البَائِع فِي الجاهلّية كَانَ يَسْتثنيها إِذا بَاعَ الْجَزُور،
فسُمِّيت للاستثناء: الثُّنْيا؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
(15/102)
جماليّة الثُّنْيا مسانَدة القَرَى
غُذافرة تَخْتَبّ ثمَّ تُنِيبُ
وَرَوَاهُ بَعضهم (مُذكَّرة الثّنْيا) . يَصف النَّاقة أَنَّهَا
غَلِيظَة القوائم كَأَنَّهَا قَوَائِم الْجمل لِغِلَظها.
ورَوى شَمر فِي كِتَابه حَدِيثا بِإِسْنَاد لَهُ يبلغ بِهِ عوفَ بن
مَالك أَنه سَأَلَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن (الْإِمَارَة)
فَقَالَ: (أوّلها مَلامة، وثِناؤها نَدَامَة، وثِلاَثُها عذابٌ يومَ
الْقِيَامَة، إلاّ مَن عَدل) .
قَالَ شمر: قَوْله: ثناؤها، أَي ثَانِيهَا؛ وثِلاثها: ثالثُها.
قَالَ: وأمّا: ثُناء وثُلاث، فمصروفان عَن: ثَلَاثَة ثَلَاثَة، واثنين
واثنين؛ وَكَذَلِكَ رُباع ومَثْنى؛ وَأنْشد:
وَلَقَد قتلتُكم ثُناءً ومَوْحَداً
وتركتُ مُرَّةَ مثلَ أَمْسٍ الدَّابرِ
وَقَالَ آخَر:
أُحاد ومَثْنى أَضْعفتْها صَواهِلُه
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أَرَادَ الرجل وَجهاً فصرفْته عَن وَجهه، قلت:
ثَنيته ثَنْياً.
وَيُقَال. فلَان لَا يُثْنَى عَن قِرنه، وَلَا عَن وَجْهه.
قَالَ: وَإِذا فَعل الرَّجلُ أمرا ثمَّ ضمّ إِلَيْهِ أمرا آخر؛ قيل:
ثَنّى بِالْأَمر الثَّانِي يُثَنّي تَثْنِيةً.
ويُقال للرَّجُل إِذا نزل مِن دابّته: ثَنَى وَرِكه فنزَل.
ويُقال للرَّجُل الَّذِي يُبدأ بِذكرِهِ فِي مَسعاة أَو مَحْمدة أَو
عِلم: فلَان بِهِ تُثْنَى الخناصر، أَي تُحْنى فِي أول من يُعدّ
وَيذكر.
وَقَالَ اللَّيْث: الِاثْنَان: اسمان قَرينان لَا يُفْرَدان، لَا يُقال
لأَحَدهمَا: اثنٌ، كَمَا أنّ (الثَّلَاثَة) أَسمَاء مقترنة لَا تُفرق.
وَيُقَال فِي التَّأْنِيث: اثْنَتَانِ، وَلَا تُفْردان.
وَالْألف فِي (اثْنَيْنِ) و (اثْنَتَيْنِ) ألف وصل، لَا تظهر فِي
اللَّفْظ.
وَالْأَصْل فيهمَا: ثَنَيٌ.
وَرُبمَا قَالُوا للاثنين: الثّنتان، كَمَا قَالُوا: هِيَ ابْنة فلَان،
وَهِي بنته، وَالْألف فِي (الِابْنَة) ألف وصل أَيْضا.
فَإِن جَاءَت هَذِه الْألف مَقْطُوعَة فِي الشّعر فَهُوَ شَاذ؛ كَمَا
قَالَ قَيس بن الخَطيم:
إِذا جَاوز الإِثْنين سِرٌّ فإنّه
بِنَثَ وتَكْثِير الوُشاة قمينُ
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّنْي: ضَمُّ واحدٍ إِلَى وَاحِد. والثِّنْي،
الِاسْم.
وَيُقَال، ثِنْي الثَّوْب: لما كُفّ من أَطْرافه. وأَصل (الثَّني) :
الكَفّ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت فِي قَول زُهَيْر يَصف السانية:
تَمْطُو الرِّشاءَ وتَجْري فِي ثِنَايَتها
مِن المَحَالة قَبّاً زائِداً قَلقَا
(15/103)
قَالَ: فِي ثنايتها، أَي فِي صلبها؛
مَعْنَاهُ: وَعَلَيْهَا ثِنَايتها.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الثّناية: عُود يُجمع بِهِ طرفا المِيلَيْن من
فَوق المَحالة، ومِن تَحتها أُخرى مثلهَا.
قَالَ: والمحالة والبكرة تَدُور بَين الثّنايَتيْن.
نَثَا: ابْن السّكيت، عَن أبي عُبيدة: نَثَوت الحَدِيث: ونَثَيْته.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّثا، مَقْصُور: مَا أَخبرت عَن الرجل من صَالح
فِعْله أَو سُوء فِعله.
يُقال: فلَان حَسن النّثا، وقَبيح النّثا.
قَالَ: وَلَا يُشتق من (النّثا) فِعل.
قلت: الَّذِي قَالَ إِنَّه لَا يُشتق من (النثا) فِعل، فَإِنَّهُ لم
يَعْرفه.
وَفِي حَدِيث أبي هَالة فِي صفة مجْلِس النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَلَا تُنثَى فَلَتاتُه.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: لَا يُتَحدَّث بِتِلْكَ الفَلَتات.
يُقال مِنْهُ: نَثَوْت أَنْثُو نَثْواً.
وَالِاسْم مِنْهُ: النَّثَا.
وَقَالَ أَحْمد بن جَبَلة، فِيمَا أخبر عَنهُ ابْن هَاجَك: مَعْنَاهُ:
أنّه لم يكن لمجلسه فَلَتات فتُنْثَى.
قَالَ: والفَلَتات: السَّقطات والزَّلاّت.
(وَقَالَ ابْن المُظفّر: الثَّناء، مَمْدُود: تَعمُّدك لِتُثْني على
إِنْسَان بحَسَن أَو قَبيح.
وَقد طَار ثَناء فلانٍ، أَي ذَهب فِي النَّاس.
والفِعل: أَثْنى فلَان على الله تَعَالَى، ثمَّ على الْمَخْلُوق،
يُثْنى إثْناءً، أَو ثَناء، يُستعمل فِي القَبِيح من الذِّكر فِي
المَخلوقين وضدّه.
ورَوى أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: أَثْنى، إِذا
قَالَ خيرا أَو شَرّاً.
قَالَ: وأَنْثنى؛ إِذا اغْتاب) .
قَالَ: وأَنْثى الرجل، إِذا أَنِف من الشَّيْء، إنْثَاءً.
قَالَ ابْن الأَنباريّ: سمعتُ أَبَا العبّاس يَقُول: النَّثَا: يكون
للخَير والشّر.
يُقال: هُوَ يَنْثو عَلَيْهِ ذُنُوبَه. ويُكتب بِالْألف؛ وأَنشد:
فاضِلٌ كامِلٌ جمِيلٌ نَثاه
أَرْيَحِيٌّ مُهَذَّبٌ مَنصُورُ
قَالَ شمِر: يُقال: مَا أَقبح نثاه فِي النَّاس وَمَا أَحْسَن نثاه
وَقَالَ ذَلِك ابْن الأعرابيّ.
ويُقال: هم يَتناثَوْن الْأَخْبَار، أَي يُشيعونها
(15/104)
ويَذْكرونها.
والنُّثوّة: الوقيعة فِي النَّاس.
ويُقال: الْقَوْم يَتَناثون أيّامهم الْمَاضِيَة، أَي يذكرونها.
وتناثى القومُ قَبائحهم: تَذاكرُوها؛ وَقَالَ الفرزدق:
بِمَا قد أرى لَيْلَى ولَيْلَى مُقِيمةٌ
بِهِ فِي جَمِيعٍ لَا تُنَاثَى جَرائِرُهْ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الناثي: المُغْتَاب. وَقد: نثَا، يَنْثو.
اثن وثن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ
إِنَاثاً} (النِّسَاء: 117) .
قَالَ الفَراء: يَقول العربُ: اللات والعزى وأشباهها من الْآلهَة،
مؤنّثة.
قَالَ: وَقَرَأَ ابْن عبّاس: (إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُثْناً)
(النِّسَاء: 117) .
قَالَ الْفراء: هُوَ جمع (الوَثن) ، فضم الْوَاو وهمزها، كَمَا قَالَ:
{نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) .
وقُرئت: (إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُنُثاً) (النِّسَاء: 117) .
قَالَ الْفراء: وَهُوَ جمع: إناث، مثل: ثِمار.
وَقَالَ شَمر فِيمَا قَرَأت بخطّه: أصل الْأَوْثَان عِنْد الْعَرَب:
كُلّ تِمْثَال من خشب أَو حِجَارَة أَو ذهب أَو فضَّة أَو نُحَاس
وَنَحْوهَا، وَكَانَت الْعَرَب تَنْصبها وتَعْبدها. وَكَانَت
النَّصَارَى تَنصب الصَّلِيب، وَهُوَ كالتمثال، تعظمه وتعبده، وَلذَلِك
سمّاه الْأَعْشَى وَثَناً، فَقَالَ:
تَطُوف العُفاة بأَبْوابه
كطَوْفِ النَّصَارى ببَيْت الوَثَن
أَرَادَ ب (الوثن) : الصَّليب.
قَالَ: وَقَالَ عَدِيّ بن حَاتِم: قدمتُ على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَفِي عُنقي صَلِيب من ذَهب، فَقَالَ لي: أَلْقِ هَذَا الوَثن
عَنْك. أَرَادَ بِهِ الصَّليب، كَمَا سَمّاه الْأَعْشَى وَثَناً.
وَأَخْبرنِي الإياديّ، عَن شَمِر، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ:
يُقال: عِيصٌ من سِدْر، وأُثْنةٌ من طَلْح، وسَلِيل من سَمُر.
وَيُقَال للشَّيْء الْأَصِيل: أَثِين.
وَقَالَ اللّيث: الوَاثِن والواتن، لغتانِ، وَهُوَ الشيءُ المُقيم
الرَّاكد فِي مَكَانَهُ؛ قَالَ رُؤبة:
على أخِلاّء الصَّفاء الوُتَّنِ
قَالَ اللَّيْثُ: يُروى بالثاء وَالتَّاء، ومعناهما: الدَّوم على
العَهْد.
وَقد وَثن ووتن، بِمَعْنى وَاحِد.
قلت: الْمَعْرُوف: وَتَن يَتِن وُتوناً، بِالتَّاءِ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي واللِّحياني: والوَتين، مِنْهُ مَأْخُوذ.
(15/105)
والمُواتنة: المُلازمة.
وَلم أسمع (وثن) بِهَذَا الْمَعْنى لغير اللَّيث، وَلَا أَدْرِي
أَحفِظه عَن الْعَرَب أم لَا؟
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الوَتنة،
بِالتَّاءِ: المُخالفة. والوَتْنة: مُلَازمَة الغَرِيم، هَاتَانِ
بِالتَّاءِ.
قَالَ: والوَثْنة، بالثاء: الكَفْرة.
قَالَ: والمَوثونة، بالثاء: الْمَرْأَة الذَّليلة.
قَالَ: وَامْرَأَة موثونة، بالثاء، إِذا كَانَت أديبة، وَإِن لم تكن
حَسْناء.
وأَخبرني المُنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي،
قَالَ: أَرض مَضْبُوطة: مَمْطورة؛ وَقد ضُبِطت ووُثِنت، بالثاء،
ونُصرت، أَي مُطِرت.
أنث: قَالَ اللّيث: الأُنْثى: خلاف الذَّكر من كُلّ شَيْء.
والأُنْثيان: الخُصْيتَان.
والمُؤَنّث: ذَكَرٌ فِي خَلْق الأنْثى.
وَالْإِنَاث: جمَاعَة الأُنْثى؛ وَيَجِيء فِي الشِّعْر: أَنَاثَى.
وَإِذا قلت للشَّيْء تُؤنّثه فالنَّعت بِالْهَاءِ، مثل الْمَرْأَة.
فَإِذا قلت يُؤنث، فالنعت مثل الرجل بِغَيْر هَاء، كَقَوْلِك: مؤنّثة
ومؤنّث.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للرجل: أَنَّثت فِي أَمرك تَأنيثاً، أَي لِنْت
لَهُ وَلم تتشدّد.
وَبَعْضهمْ يَقُول: تأنّث فِي أَمْره وتَخَنَّث.
وَسيف أنِيث: وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بقطّاع.
وَقَالَ صَخر الغيّ:
فيُخبره بِأَن العَقْل عِنْدِي
جُرازٌ لَا أفلُّ وَلَا أَنِيثُ
أَي لَا أُعطيه إلاّ السّيف الْقَاطِع وَلَا أُعطيه الدِّية.
أَبُو عُبيد، عَن الأَصْمعي: المذكَّر من السُّيوف شَفرته حَدِيد ذَكر
ومَتْنه أَنيث. يَقُول النَّاس: إنّها من عَمل الجِنّ.
وَقَالَ اللّحياني: {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً}
(النِّسَاء: 117) .
قيل فِي التَّفْسير: أَرَادَ مَواتاً مثل الحَجر والخَشب والشَّجر.
وَقَالَ الْفراء: وَإِنَّمَا سمّوا (الْأَوْثَان) (إِنَاثًا) ،
لقَولهم: اللَّاتِي والعُزّى ومَناة. وأَشباهها.
وَقَالَ الْحسن: كَانُوا يَقُولُونَ للصّنم: أُنثى بني فلَان.
وَيُقَال: هَذِه امْرَأَة أُنثى، إِذا مُدحت بِأَنَّهَا كَامِلَة من
النِّساء؛ كَمَا يُقَال: رجل ذَكَر، إِذا وُصف بالكَمال.
وَمَكَان أنيث، إِذا أسْرع نباتُه وكثُر؛ قَالَ
(15/106)
امْرُؤ الْقَيْس:
بمَيْثٍ أَنيثٍ فِي رِيَاضٍ دَمِيثَةٍ
يُحيل سَوافِيها بِمَاء فَضيض
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الأُنثيان: الأذُنان؛ وَقَالَ ذُو الرمّة:
وكنّا إِذا القَيْسيّ نَبّ عَتُودُه
ضَرَبْناه فَوق الأُنثيين على الكَرْدِ
والأُنْثيَان، من أَحيَاء الْعَرَب: بَجِيلة وقُضاعة.
وَقَالَ الكُميت:
فيا عجبا للأُنْثيين تَهادَتا
أَذاتِيَ إبْراقَ البغايَا إِلَى الشَّرْب
ورُوي عَن إِبْرَاهِيم، أَنه قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ المؤَنّث مِن
الطّيب وَلَا يَرَوْن بذُكورته بَأْساً.
قَالَ شَمر: أَرَادَ بالمؤنّث: طِيبَ النِّساء. مثل الخَلوق
والزَّعفران وَمَا يُلَوِّن الثِّيَابَ؛ وأمّا ذُكورة الطِّيب فَمَا
لَا لونَ لَهُ، مثل: الغالية والكافور والمِسك وَالْعود والعَنبر،
وَنَحْوهَا من الأدهان الَّتِي لَا تؤثِّر.
وَقَالَ ابْن شُميل: أَرض مِئْناث: سهلة خَلِيقَة بالنبات لَيست
بغَلِيظة.
شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرض أَنيثة، أَي سهلة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَنيث: الَّذِي يُنْبت النَّبت.
قَالَ: الأنيث من الرّجال: المخنَّث، شبه الْمَرْأَة.
وَقَالَ الْكُمَيْت فِي الرجل الأَنيث:
وشَذَّيْت عَنْهُم شَوك كُلِّ قَتَادَةٍ
بفارسَ يَخشاه الأنيثُ المُغَمَّزُ
قَالَ ابْن السِّكيت: يُقَال: هَذَا طَائِر وأنثاه؛ وَلَا يُقَال:
وأُنثاتُه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَنيث، اللّين السَّهل.
وسُميت الْمَرْأَة: أُنْثَى، لِأَنَّهَا أَلْين من الرّجُل.
قَالَ: وَسيف أنيث، إِذا لم يكن حديده جيدا وَلم يقطع.
قَالَ: وَالْأُنْثَى، سميت أُنثى، لِلينِها.
وَأنْشد أَبُو الهَيْثم:
كَأَن حَصَاناً فَصُّها التِّين حُرّةً
على حَيْثُ تَدْمَى بالفِناء حَصيرُها
يَقُوله الشّماخ. قَالَ: والحصان، هَا هُنَا: الدُّرة الَّتِي لم
تُثقب، شُبّهت بالحصان من النِّسَاء الَّتِي لم تُمَسّ. وَالشَّيْء
الَّذِي يُستخرج من الدُّرة من الْبَحْر من صَدفتها يُدعى: التّين.
والحَصير: مَوضِع الحَصِير الَّذِي يجلس عَلَيْهِ. شَبّه الْجَارِيَة
بالدُّرة.
ثأن: التَّثاؤن: الاحتيال والخَدِيعة.
يُقال: تثاءَن للصَّيْد تَثاؤُناً، إِذا خادعه وجاءه عَن يَمينه مَرّة
وَعَن شِماله مَرّة.
(15/107)
ويُقال: تثاءَنْتُ لأَصرفه عَن رَأْيه، أَي
خادعتُه واحتلت لَهُ؛ وأَنشد:
تَثاءن لِي فِي الأَمْر من كُلّ جانِبٍ
لِيَصْرفَني عمّا أُريد كَنُودُ
(بَاب الثَّاء وَالْفَاء)
ث ف (وايء)
ثفا، فثأ، أثف، يفث.
ثفا أثف: أَبُو عُبيد: المُثَفّاة: المَرأةُ الَّتِي يَمُوت لَهَا
الْأزْوَاج كثيرا.
وَكَذَلِكَ الرَّجُل المُثفَّى.
أَبُو العبّاس: عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: المُثفَّاة من النّساء:
الَّتِي دَفْنت ثلاثةَ أَزْواج.
وَقَالَ غَيره: المُثفَّاة من النِّساء: الَّتِي لِزَوْجِها
امْرَأَتَانِ سواهَا، وَهِي ثالثتهما؛ شُبِّهت بأَثافيّ القِدْر.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم فِي رَمي الرَّجُل صاحِبَه
بالمُعْضلات: رَماه بثالثة الأثَافِي.
قَالَ أَبُو عُبيدة: وثالثة الأثافي: القِطْعة من الجَبل يُجعل إِلَى
جنبها اثْنَتَانِ فَتكون الْقطعَة مُتَّصلة بِالْجَبَلِ؛ وَقَالَ خُفاف
بن نُدْبة:
وإنّ قصِيدةً شَنْعاء منِّي
إِذا حَضَرت كثالثة الأثافِي
وَقَالَ أَبُو سَعيد: فِي قَوْلهم: (رَماه بثالثة الأثافي) مَعْنَاهُ:
أَنه رَماه بالشّر كُلّه، فَجعله أثْفِية بعد أُثْفِية، حَتَّى إِذا
رَمَاه بالثالثة لم يَتْرك مِنْهَا غَايَة؛ وَالدَّلِيل على ذَلِك قولُ
عَلْقمة:
بل كُلّ قَوْمٍ وَإِن عَزُّوا وَإِن كَرُموا
عَرِيفُهم بأثافِي الشَّرّ مَرْجُومُ
أَلا ترَاهُ قد جَمعها لَهُ.
قلت: والأثْقية، عِنْد الْعَرَب: حَجَر مثل رَأس الْإِنْسَان.
وَجَمعهَا: أثافيّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَيجوز التَّخْفِيف.
وتُنصب القُدور عَلَيْهَا.
وَمَا كَانَ من حَدِيد ذِي قَوَائِم ثَلَاث فَإِنَّهُ يُسمَّى:
المِنْصَب، وَلَا يُسمَّى: أُثفية.
وَيُقَال: أَثْفيت القِدر وثَفَّيتها، إِذا وَضَعْتها على الأَثافيّ.
والأُثفية، أفعولة، من (ثَفيت) ، كَمَا يُقَال: أدحية، لمَبِيض
النَّعام، من (دحيْت) .
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: الأثفية، فُعلوية، من (أثَّفْت) .
قَالَ: ومَن جعلهَا كَذَلِك، قَالَ: أَثَّفت القِدْر، فَهِيَ
مُؤَثَّفة؛ وَقَالَ النَّابِغَة:
لَا تَقْذِفَنِّي برُكنٍ لَا كِفَاء لَهُ
وَلَو تأَثَّفك الأَعْداء بالرِّفَدِ
وَقَوله: وَلَو تأثفك الأَعداءُ، أَي ترافدوا حولك مُتضافرين عليّ
وَأَنت النَّار بَينهم.
(15/108)
وَقَالَ النَّحويون: قِدْرُ مُثْفاة، من:
(أثفيت) .
وَقَالَ حُطام المُجاشعيّ:
لم يَبْقَ من آيٍ بهَا يُحَلَّينْ
غيرَ خِطام ورَمَادٍ كِنْفَيْن
وصَالِياتٍ ككما يُؤَثْفَيْن
فَلَمَّا اضطره بِنَاء الشّعْر ردّه إِلَى الأَصل، فَقَالَ: يؤثفين،
لِأَنَّك إِذا قلت: أَفعل يُفْعل، علمت أَنه كَانَ فِي الأَصل (يُؤفعل)
، فحذفت الْهمزَة لثقلها، كَمَا حذفوا ألف (رَأَيْت) من (أرى) ،
وَكَانَ فِي الأَصل (أرأى) . وَكَذَلِكَ من: يرى، وَترى، ونرى؛ إِذْ
الأَصل فِيهَا: يرأى، وترأى، ونرأى، فَإِذا جَازَ طرح همزتها، وَهِي
أَصْلِيَّة، كَانَت همزَة (يؤفعل) أولى بِجَوَاز الطرح؛ لِأَنَّهَا
لَيست من بِنَاء الْكَلِمَة فِي الأَصل؛ وَمثله قَوْله:
كُرَات غُلامٍ من كساءٍ مُؤَرْنَبِ
وَوجه الْكَلَام: مُرنب، فردّه إِلَى الأَصل، وَقَالُوا: رجل مُؤَنمل،
إِذا كَانَ غَلِيظ الأَنامل.
وَإِنَّمَا أَجمعُوا على حذف همزَة (يؤفعل) استثقالا للهمزة،
لِأَنَّهَا كالتقيؤ؛ لِأَن فِي ضمة الْيَاء بَيَانا وفَضلاً بَين غابر
فِعْل (فَعَل) ، و (أفعل) فالياء من غابر (فَعَل) مَفْتُوحَة. وَهِي من
غابر (أفعل) مَضْمُومَة، فأَمِنوا اللَّبس. واستحسنوا ترك الْهَمْز
إِلَّا فِي ضَرُورَة شِعر أَو كَلَام نَادِر.
قلت: وَأما قَول النَّابِغَة:
وَلَو تأَثَّفك الأَعداء بالرِّفد
فَإِنَّهُ عِنْدِي لَيْسَ من (الأثفية) فِي شَيْء، وَإِنَّمَا هُوَ من
قَوْلك: أثَفْت الرَّجُلَ آثِفُه أَثَفاً، إِذا تَبِعْتَه.
والآثِف: التَّابِع.
حكى ذَلِك أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي، فِي (بَاب النَّوَادِر) .
وَقَالَ أَبُو زيد: تأَثَّفنا الْمَكَان تأَثُّفاً، ألِفْناه فَلم
نَبْرحه.
وَمعنى قَوْله: وَلَو تأَثفك الأَعداء، أَي اتبعوك وألحوا عَلَيْك وَلم
يزَالوا بك يُغْرونك.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: خامر الرّجُل بِالْمَكَانِ، إِذا لم
يَبْرحه، وَكَذَلِكَ: تأثّفه تأثُّفاً.
ورُوي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَاذَا فِي
الأمَرَّين من الشِّفا والثُّفاء) .
قَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال: إِن الثُّفَّاء، هُوَ الحُرْف.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثُّفاء: الْخَرْدَل، بلغَة أهل الغَور.
الْوَاحِد: ثُفَّاءة.
قَالَ: وَيُقَال: هُوَ الخَرْدل المُعالج بالصِّباغ.
(15/109)
والمدة فِيهِ هَمزة أصليّة.
أَبُو عُبَيد، عَن الفَرّاء: ثَفَوتُه، أَي كنت مَعَه على أَثره.
فثأ: أَبُو حَاتِم: من اللَّبن الفاثىء، وَهُوَ الَّذِي يُغْلَى حَتَّى
يَرْتفع لَهُ زُبْد ويَتَقطَّع من التغيُّر.
وَقد فَثأَ يَفْثَأ فَثْئاً.
أَبُو زيد: فَثَأْت المَاء فَثْئاً، إِذا مَا سَخَّنته، وَكَذَلِكَ كلّ
مَا سَخَّنته.
وَيُقَال: فثأت عنِّي فلَانا فَثْئاً، إِذا كَسَرْته عَنْك بقَوْل
وغَيره.
قلت: وَيُقَال: فثأت القِدْر فَثْئاً، وَذَلِكَ إِذا كَسرت غَلَيانها
بِمَاء بَارِد أَوْ قَدْحٍ بالمِقْدحة؛ وَقَالَ الكُمَيت:
تَفُور علينا قِدْرهم فنُدِيمها
ونَفْثَؤها عَنَّا إِذا حَمْيُها غَلاَ
يفث: يافِث: هُوَ اسْم أحد بني نُوح، عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقيل: مِن نَسله التُّرك، ويأجوج، وَمَأْجُوج، وهم إخْوة بني سَام
وَحَام، فِيمَا زَعم النسَّابون.
(بَاب الثَّاء وَالْبَاء)
ث ب (وايء)
ثاب، (ثبى) ، باث، بثا، وثب، أبث.
ثوب ثيب: قَالَ الله عزّ وَجل: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً
لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} (الْبَقَرَة: 125) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: مثابة: يَثُوبون إِلَيْهِ.
قَالَ: والمَثابة والمَثَاب، وَاحِد.
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء. وَأنْشد الشَّافِعِي بَيت أبي طَالب:
مَثاباً لأَفثاء القَبائل كلّها
تَخُبُّ إِلَيْهِ اليَعْمُلاتُ الذَّوامِلُ
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والأَصل فِي (مثابة) : مَثْوبة، وَلَكِن حَرَكَة
الْوَاو نُقلت إِلَى الثَّاء وتَبعت الواوُ الحركةَ فَانْقَلَبت ألفا.
قَالَ: وَهَذَا إعلال بإتباع، تبع (مثابة) بَاب (ثاب) . وأصل (ثاب)
ثَوَب. وَلَكِن الْوَاو قُلبت ألفا لتحرِّكها وانفتاح مَا قبلهَا، لَا
اخْتِلَاف بَين النَّحْوِيين فِي ذَلِك.
قَالَ ثَعْلَب: (البيتُ مَثابةٌ) .
وَقَالَ بَعضهم: (مَثُوبة) ، وَلم يُقرأ بهَا.
وبئر ذَات ثَيِّب وغَيِّب، إِذا استُقي مِنْهَا عَاد مكانَه ماءٌ آخر.
و (ثَيِّب) كَانَ فِي الأَصل (ثَيوب) .
قَالَ: وَلَا يكون الثَّؤُب أَول شَيْء حَتَّى يعود مرّة بعد أُخرى.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المثاب: مقَام الساقي فَوق عُروش الْبِئْر.
وَقَالَ القُطاميّ يَصف البِئر:
وَمَا لِمثابات العُروش بقيّة
إِذا اسْتُلَّ من تَحت العُروش الدَّعَائم
(15/110)
وَسمعت العَرب تَقول: الكَلأ بِموضع كَذَا
وَكَذَا مثل ثائب البَحر.
يَعْنون أَنه غَضّ رَطْب كَأَنَّهُ مَاء الْبَحْر إِذا فاض بعد مَا
جَذَر.
وثاب؛ أَي عَاد وَرجع إِلَى مَوْضِعه الَّذِي كَانَ أَفضى إِلَيْهِ.
ويُقال: ثاب ماءُ الْبِئْر، إِذا عَادَتْ جُمَّتها.
وَمَا أَسْرَع ثابتَها
ورُوي عَن عُمر أَنه قَالَ: لَا أَعْرِفَنّ أحَداً انْتَقص من سُبُل
النَّاس إِلَى مَثَابَاتِهم شَيْئاً.
قَالَ شَمِرٌ: قَالَ ابنُ شَميل: إِلَى مَثاباتهم، أَي إِلَى مَنازلهم؛
الْوَاحِدَة: مَثَابَة.
قَالَ: والمَثابة: المَرْجِع.
والمَثابة: المجْتَمع.
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ ابْن الأَعْرابيّ: المَثَابُ: طَيّ الحِجَارة
يَثُوب بعضُها على بَعض مِن أَعْلاه إِلَى أَسْفَله.
وَقَالَ أَبُو نصر: المَثاب: الموضعُ الَّذِي يَثُوب مِنْهُ الماءُ.
وَمِنْه: بئرٌ مَا لَهَا ثائِبٌ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثَّيِّبُ مِن النِّساء: الَّتِي قد تَزَوَّجت
وَفَارَقت زَوْجَها بِأَيّ وَجه كَانَ بعد أَن مَسَّها.
وَلَا يُوصف بِهِ الرَّجُلُ، إِلَّا أَن يُقَال: وَلد الثَّيِّبَيْن،
وَولد البِكرَين.
وَجَاء فِي الخَبْر: (الثّيِّبان يُرْجَمان، والبِكْران يُجلَدان
ويُغَرَّبان) .
وَيُقَال: ثُبِّبَت الْمَرْأَة تَثْبِيباً، إِذا صَارَت ثَيِّباً.
وَجمع (الثَّيِّب) من النِّساء: الثَّيِّبات؛ قَالَ الله تَعَالَى:
{سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ} (التَّحْرِيم: 5) .
وَيُقَال: ثَوّب الدَّاعِي تَثْويباً، إِذا دَعا مَرَّة بعد أُخرى.
وَمِنْه: تَثْويب المُؤذِّنُ، إِذا نَادَى بالأَذان النَّاس إِلَى
الصَّلَاة ثمَّ نَادَى بعد التّأْذين، فَقَالَ: الصَّلَاة رَحمكم الله،
الصَّلَاة؛ يَدْعُو إِلَيْهَا عَوْداً بعد بَدْء.
والتّثْويب فِي أَذان الْفجْر: أَن يَقُول المؤذِّن بعد قَوْله: (حَيّ
على الصَّلَاة حَيّ على الفَلاح) : الصَّلاة خيرٌ من النّوم. يَقُولهَا
مَرَّتين كَمَا يُثَوِّب بَين الأَذان: الصلاةَ رحمكم الله، الصلاةَ.
وأصل هَذَا كُله من: تَثْويب الدّعاء مرّة بعد أُخرى.
ونحوَ ذَلِك رَوى شَمِرٌ عَن ابْن الأَعْرابيّ.
وحُكي عَن يُونس وَغَيره: قَالُوا: التَّثْويب: الصلاةُ بعد الفَريضة.
يُقَال: تَثَوَّبْت، أَي تَطَوَّعت بعد المَكْتُوبة. وَلَا يكون
التّثْويب إِلَّا بعد المَكْتُوبة، وَهُوَ العَوْد للصّلاة بعد
الصّلاة.
وَفِي حَديث أُمّ سَلَمة أنّها قَالَت لعَائِشَة حِين أَرادت الخُروج
إِلَى البَصْرة: إنّ عَمود الدِّين لَا يُثَابُ بالنِّساء إنْ مالَ.
(15/111)
أَي لَا يُعاد إِلَى استوائه.
ويُقال ذهب مالُ فلَان فاسْتَثاب مَالا، أَي اسْترْجع مَالا؛ قَالَ
الكمَيت:
إنّ الْعَشِيرَة تَسْتَثيب بِمَالِه
فتُغِير وَهُوَ مُوَفِّر أموالَها
وَيُقَال: ثاب فلَان إِلَى الله، وَتَابَ، بالثاء وَالتَّاء، أَي عَاد
ورَجع إِلَى طَاعَته.
وَكَذَلِكَ: أثاب، بِمَعْنَاهُ.
وَرَجُلٌ تَوَّابٌ أَوَّابُ ثَوَّابٌ مُنِيب، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَجُلٌ ثَوَّابٌ: للَّذي يَبِيع الثِّيَابِ.
وَيُقَال: ثاب إِلَى العَلِيل جِسْمُه، إِذا حَسُنت حالُه بعد
تَحَوُّله ورَجَعت إِلَيْهِ صِحَّتُه.
وَقَول الله جَلَّ وعَزَّ: {) فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}
(المدثر: 4) .
قَالَ ابْنُ عبَّاس: يَقُول: لَا تَلْبس ثِيَابَك على مَعْصِيةٍ وَلَا
على فُجورِ كُفْر؛ واحتجَّ بقول الشَّاعِر:
إِنِّي بِحمد الله لَا ثَوْبَ غادِر
لَبِسْتُ وَلَا من خَزْيَةٍ أَتقَنَّعُ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الثِّياب: اللِّباس.
ويُقال: القَلْب.
وَقَالَ الْفراء: فِي قَوْله: {) فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أَي
لَا تكن غادراً فتُدَنِّس ثِيابَك، فإنّ الغادِر دَنِسُ الثِّيَاب.
قَالَ: ويُقال فِي قَوْله: {) فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}
يَقُول: عَملَك فأَصْلح.
وَقَالَ بَعضهم: {) فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أَي قَصِّر،
فَإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ.
وَقيل: نَفْسَك فَطَهِّر: وَالْعرب تَكني بالثِّياب عَن النّفس؛
وَقَالَ:
فسُلِّي ثِيابي من ثِيابك تَنْسَل
وفلانٌ دَنِس الثِّياب، إِذا كَانَ خَبيث الفِعْل والمَذْهب خَبِيث
العِرْض.
وَقَالَ امْرؤ القَيْس:
ثِيَابُ بني عَوْف طَهَارَى نَقِيَّة
وأَوْجُههم بِيضُ المَسافر غُرَّانُ
وَقَالَ الشَّمَّاخ:
رَمَوْهَا بأثْوَابٍ خفافٍ وَلَا تَرَى
لَهَا شَبَهاً إلاَّ النَّعامَ المُنَفَّرا
رَمَوها، يَعْنِي: الرّكَاب بأَبْدانهم.
وَمثله قولُ الرّاعي:
فقامَ إِلَيْهَا حَبْتَرٌ بسِلاحه
وَللَّه ثَوْباً حَبْترٍ أيّما فَتَى
يُريد: مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ ثوبا حَبْتر من بَدنه.
والثَّواب: الجَزاء.
قد أثابه الله ثَواباً، وثَوَّبه تَثْويباً، مِثله.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ}
(المطففين: 36) .
وَالِاسْم: الثّواب، والمَثوبة؛ وَقَالَ
(15/112)
الله تَعَالَى: {لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ
اللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} (الْبَقَرَة: 103) .
وَقَالَ أَبُو زيد: قَالَ التّميميّ: هِيَ المَثْوَبة، بِفَتْح
الْوَاو.
وَقد أثْوبه الله مَثْوبة حَسنة، فأَظهر الْوَاو على الأَصل.
وَقَالَ الكلابيّون: لَا نَعْرف (المَثوَبة) وَلَكِن (المَثابة) :
وَقيل: المَثوبة، وَالثَّوَاب: مَا جُوزي بِهِ الْإِنْسَان على فِعله
من خَيْر أَو شَرّ.
يُقَال: ثاب يثوب، إِذا رَجع.
وَالثَّوَاب: هُوَ مَا يرجع على المحْسن من إحسانه، وعَلى المُسيء من
إساءته.
وَمِنْه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ}
(الْبَقَرَة: 125) أَي معَاذًا يَصْدُرون عَنهُ ويثُوبون إِلَيْهِ.
وَإِن فلَانا لمَثَابة، أَي يَأْتِيهِ النَّاس للرّغبة ويَرجعون
إِلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى.
والثّيِّبِ، سُمِّيت (ثَيِّباً) ؛ لِأَنَّهَا تُوطأ وَطْئاً بعد وَطْء.
وَأما الثُّبَة، فَهِيَ الْجَمَاعَة من النَّاس، وتُجمع: ثُبات،
وَثُبىً وثُبين.
وَقد اخْتلف أهل اللّغة، فَقَالَ بَعضهم: هِيَ مَأْخُوذَة من (ثاب) ،
أَي عَاد ورَجع، وَكَانَ أَصْلهَا (ثُوَبة) فَلَمَّا ضُمّت الثَّاء
حذفت الْوَاو؛ وتَصغيرها: ثُوَيْبة.
وَمن هَذَا أُخذ: ثُبة الحَوض، وَهُوَ وَسطه الَّذِي يَثُوب إِلَيْهِ
بَقِيَّة المَاء.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ
جَمِيعاً} (النِّسَاء: 71) . قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ: فانفروا
عُصَباً، إِذا دُعيتم إِلَى السَّرايا أَو دعيتم لتنفروا جَمِيعًا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ، عَن الْحُسَيْن، عَن مُحَمَّد بن سَلام،
أَنه سَأَلَ يُونُس عَن قَوْله: {فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُواْ
جَمِيعاً} (النِّسَاء: 71) فَقَالَ: ثُبَة وثُبات، أَي فرقة وفِرَق؛
قَالَ زُهير:
وَقد أَغدوا عَلَى ثُبَةٍ كِرامٍ
نَشَاوَى وَاجِدِينَ لما نَشَاءُ
قلت: والثباتُ: جماعاتٌ فِي تَفْرِقة: وكلَّ فِرقة: ثُبَة.
فَهَذَا من (ثاب) .
وَقيل: {فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ} (النِّسَاء: 71) أَي انْفروا فِي
السّرايا فِرَقاً؛ الْوَاحِد: ثُبَة.
وَقد ثَبَّيْتُ الْجَيْش، إِذا جَعَلته ثُبةً ثبةً.
وَقَالَ آخَرُونَ: الثُّبَة: من الأَسماء النَّاقِصَة، وَفِي الأَصل:
(ثُبَيَةٌ) فالساقط هُوَ لَام الْفِعْل فِي هَذَا القَوْل، وَأما فِي
القَوْل الأَول فالسَّاقط عَيْن الفِعْل.
ومَن جَعل الأَصل ثُبَيَة، فَهُوَ من ثَبَّيْتَ على الرّجُل، إِذا
أَثْنَيْتَ عَلَيْهِ فِي حَيَاته؛ وتأويلُه: جَمع محاسنه.
(15/113)
وَإِنَّمَا (الثُّبة) : الْجَمَاعَة.
وَقَالَ لَبيد:
يُثَبِّي ثَنَاء من كَرِيمٍ وقولُه
أَلا انْعمْ عَلَى حُسْنِ التَّحِيَّةِ وَاشْرَبِ
وَقَالَ شَمِرٌ: التَّثْبِيَة: إصْلَاح الشَّيْء والزِّيادة عَلَيْهِ.
وَقَالَ الجَعديّ:
يُثَبُّونَ أَرْحاماً وَمَا يَجْفلونها
وأَخْلاَقَ وُدَ ذَهَّبَتْها المذاهِبُ
قَالَ: يُثبُّونَ: يُعظِّمون، يجعلونها ثُبَّةً.
يُقَال: ثبِّ مَعْروفك، أَي أَتِمَّه وزِدْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: فِي التَّثْبية: لُزومك طَرِيق أبيكَ؛
وَأنْشد قَول لَبِيد:
أُثَبِّي فِي البلادِ بذِكْر قيْسٍ
ووَدُّوا لَو تَسُوخ بِنَا البِلادُ
وَقَالَ الأَصمعيُّ: التّثْبيَةُ: الدِّرايةُ على الشَّيْء.
وَقَالَ غيرُه: أَنا أَعْرِفه تَثْبِية، أَي أَعْرفه معرفَة أُعجمها
وَلَا أَسْتَيْقنها.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الثُّبة: مَا اجْتَمع إِلَيْهِ الماءُ فِي
الوادِي أَو فِي الْغَائِط؛ وإنَّما سُمِّيَتْ (ثُبة) لأنَّ الماءَ
يثُوبُ إِلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو خيْرَة: ثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُباً، إِذا
امتلأَ، أَو كَاد يمتلىء.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: يُقالُ لأَساسِ الْبَيْت: مَثابات.
قَالَ: وَيُقَال لتراب الأَساس: النَّثيل.
قَالَ: وثابَ، إِذا انْتبه؛ وآبَ، إِذا رجَع؛ وتابَ، إِذا أَقْلَعَ.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَثَبْتُ الثَّوْبَ إثابةً، إِذا كَفَفْتَ
مَخَايِطَه؛ ومَلَلتُه: خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بِغَيْر كَفّ.
أَبُو عُبيد، عَن الأَصمعي: (الثُّؤباء) من: التَّثاؤُب؛ مثل:
المُطَواء، من (التَّمطِّي) .
وَقَالَ اللَّيْثُ: الثُّؤَباء، بِالْهَمْزَةِ: اسمٌ اشْتُقَّ مِنْهُ:
التَّثَاؤُبُ، بِالْهَمْز، عندَ التَّمَطِّي والفَتْرَة؛ وَأنْشد فِي
صِفَةِ مُهْر:
فافْتَرَّ عَنْ قَارِحِه تَثَاؤُبُه
والتّثاؤُب: أَنْ يَأكلَ الإنسانُ شَيْئا أَو يَشْرَبَ شَيْئاً تَغْشاه
لَهُ فتْرَةٌ كَثقْلة النُّعَاس من غير غَشْيٍ عَلَيْهِ.
يُقَال: ثُئِبَ فلانٌ.
وَقَالَ أَبُو زَيدٍ: تَثَأَّبَ يَتَثَأَّبُ تَثَؤُّباً، من:
(الثُّؤَباء) فِي كتاب الْهَمْز.
أَبُو عُبيد: الأَثأَب، واحدَتُها: أَثأَبَة: شَجَرة.
وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ شجرةٌ تَنْبتُ فِي أَوْدِية الْبَادِيَة،
شَبيهةٌ بشَجَرة تُسَمِّيها العجَمُ:
(15/114)
النَّشْك؛ وَأنْشد:
فِي سَلَم أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَد
وَقَالَ اللَّيْثُ: وَجمع الثَّوْب: أَثْوَاب، وثِيَاب، وَثَلَاثَة
أَثْوُب، بِغَيْر همز.
وأمّا: الأَسْؤُق والأدْؤُر، فمهموزان؛ لِأَن (أدْؤُر) على (دَار) ؛
وَكَذَلِكَ (أَسْؤُقٍ) على (سَاق) . و (الأَثْوُب) حُمل الصَّرف فِيهَا
على الْوَاو الَّتِي فِي (الثَّوب) نَفسهَا، وَالْوَاو تحْتَمل الصَّرف
من غير انْهِماز.
قَالَ: وَلَو طُرح الهَمز من (أدؤر) و (أسؤق) لجَاز على أَن تُرَد
تِلْكَ الأَلف إِلَى أَصْلهَا، وَكَانَ أَصْلهَا الْوَاو، كَمَا
قَالُوا فِي جمَاعَة (النّاب) من الْإِنْسَان: أَنْيُب؛ همزوا لِأَن؛
أصل الأَلف فِي (الناب) يَاء.
وتَصْغير: نَاب: نُيَيْب؛ ويُجمع: أَنْيَاباً.
ابْن السِّكّيت: يُقَال: تَثَاءَبْت، وَلَا يُقَال: تَثَاوَبْت.
وثب: قَالَ اللَّيْثُ: يُقال: وَثَب وَثْباً، ووَثَبَاناً، ووُثُوباً،
ووِثَاباً، ووَثِيباً.
ووَثَب وَثْبَة وَاحِدَة.
وَفِي لُغة حمير: ثِبْ، مَعْنَاهُ: اقْعُد.
والوِثَاب: الفِرَاش، بلُغتهم.
ويُقالُ: وَثّبْتُه وِثَاباً، أَي فَرَشْت لَهُ فِرَاشاً.
والمُوثَبَانُ، بلغتهم: المَلِك الَّذِي لاَ يَغْزُو.
وقَدم عامرُ بن الطُّفيل على النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوثَّب
لَهُ وِسَادَةً، أَي أَقْعَده عَلَيْهَا وأَلْقاها لَهُ.
والمِيثب: الأَرْض السَّهْلة؛ وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يَصف نَعامة:
قَرِيرةُ عَيْن حِين فَضَّت بخَطْمها
خَرَاشيَّ قَيْضٍ بَين قَوْزٍ ومِيثَبِ
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: ويُقال: المِيثَب: الجالِسُ؛ والمِيَثب:
القافِز.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والمِيثَب: الجَدْوَل.
وَفِي (نَوَادِر الأَعْراب) : المِيثَب: مَا ارْتَفع من الأَرْض.
بوث: يُقَال: باثَ التُّرابَ يَبُوثُه بَوْثاً، إِذا فَرَّقه.
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: يُقَال: تركتُهم حاثِ باثِ، إِذا
تَفَرَّقُوا.
أَبُو عُبيد، عَن أبي الجرّاح: الاسْتِبَاثة: اسْتخراج النَّبِيثة من
البِئْر؛ وأَنْشد للهُذليّ:
لَحَقُّ بَنِي شِعَارَةَ أنْ يَقُولُوا
لِصَخْر الغَيِّ مَاذَا تَسْتَبِيثُ
وَقَالَ غيرُه: باث، وأَباث، واسْتَباث، ونَبَث، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الأَعْرابيّ: بَاث مَتَاعَه يَبُوثُه بَوْثاً، إِذا
بَدَّدَ متَاعَه ومالَه.
بثا: قَالَ ابْن الأَعْرابيّ: والبَثِيّ: الكَثِير الحَشَم.
(15/115)
والبَثِيّ: الكَثِير المَدْح للنَّاسِ.
وروى أَبُو العبّاس، عَن سَلَمة، عَن الْفراء، قَالَ: بَثَا: إِذا
عَرِق، الْبَاء قبل الثَّاء.
قلت: وَرَأَيْت فِي دِيار بني سَعْد بالسِّتَارَيْن عَيْن ماءٍ تَسْقِي
نخلا رَيْناً يُقال لَهُ: بَثَاء، فتوهّمت أَنه سُمِّي بِهَذَا
الِاسْم، لِأَنَّهُ قَلِيل رَشْح، فَكَأَنَّهُ عَرَق يَسِيل.
قَالَ أَبُو بكر: البَثَاء: أرْضٌ سَهلة؛ واحدتها: بَثَاءة؛ وأَنْشد:
لِمَيْثٍ بَثَاءٍ تَبَطَّنْثُه
دَمِيثٍ بِهِ الرِّمْثُ والْحَيْهَلُ
قَالَ: والحَيهل، جَمْع: حَيْهلة، وَهُوَ نَبْت.
قلت: أُرى بَثَاء المَاء الَّذِي فِي دِيار بني سَعْد أُخذ من هَذَا،
وَهُوَ عينٌ تَسْقي نخلا رَيْناً فِي بلد سَهل طيِّبٍ غَذَاةٍ.
قَالَ شَمِرٌ: البِثَى، بِكَسْر الْبَاء: الرّماد؛ واحدتها: بِثَة،
مثل: عِزَة وعِزًى.
وَقَالَ الطِّرمّاح:
خَلاَ أنّ كُلْفاً بتَخْريجها
سَفاسِقَ حَوْلَ بِثًى جانِحَهْ
أَرَادَ بالكُلْف: الأَثافي المسوّدة، وتَخْريجها، اختلافُ ألوانها.
وَقَوله: (حَول بثًى) أَرَادَ: حول رَمَاد.
ورَوى سَلمة، عَن الْفراء، أَنه قَالَ: هُوَ الرَّمْدد.
و (البِثَى) يكْتب بِالْيَاءِ. والصِّنَى، والصِّنَاء، والضِّبح،
والأُسّ: بقيّته وأثَرُه.
أبث: أَبُو العبّاس: عَن ابْن الأَعْرابيّ: الأبْث: الفَقْر.
وَقد أبَثَ يأبِثَ أَبْثاً.
(بَاب الثَّاء وَالْمِيم)
ث م (وايء)
أَثم، ثمأ، ميث، وَثمّ، ثوم، ثمَّة.
أَثم: قَالَ اللَّيْثُ: يُقَال: أَثِم فلانٌ يأثَم إثْماً، أَي وَقَع
فِي الإِثم.
وتأثَّم، أَي تَحرَّج من الإِثم وكَفّ عَنهُ.
وأَخبرني المُنْذِريّ، عَن ابْن فَهم، عَن مُحَمَّد بن سَلام، أَنه
سَأَلَ يُونس عَن قَوْله جَلّ وعَزّ: {وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ
أَثَاماً} (الْفرْقَان: 68) فَقَالَ: عُقُوبَة؛ وأَنشد قَول بِشْر:
وَكَانَ مُقامنا نَدْعُو عَلَيْهِم
بأَبْطَح ذِي المَجاز لَهُ أثامُ
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: تَأْوِيل (الأَثامُ) : المُجازَاة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيباني: يُقالُ: لَقِي فلانٌ أَثام
ذَلِك، أَي جَزاء ذَلِك.
قَالَ: فالخليل وسيبويه يَذهبان إِلَى أَن مَعْنَاهُ: يلْق جَزاء
الأَثام.
(15/116)
وَقَالَ الفَراء: أَثمَه الله يَأْثِمه
إِثْمًا وأثاماً، أَي جازاه جَزَاء الْإِثْم.
وَالْعَبْد مَأثوم، أَي مَجْزِيّ جَزاء إِثمه.
وَأنْشد الْفراء:
وَهل يَأْثِمني الله فِي أَن ذَكَرْتُها
وعَلَّلْتُ أَصْحابِي بهَا لَيْلَةَ النَّفْرِ
مَعْنَاهُ: هَل يَجْزيني الله جَزَاء الْإِثْم بِأَن ذكرتُ هَذِه
الْمَرْأَة فِي غِنائي.
وَقَول الشَّاعِر:
جَزى الله ابْنَ عُرْوة حَيث أَمْسَى
عُقُوقاً والعُقُوق لَهُ أَثَامُ
أَي عُقوبةَ مُجازاةِ العُقُوق، وَهِي قَطيعَة الرَّحِم.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الأَثام فِي جُملة التَّفْسير: عُقوبة الإثْم.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله تَعَالَى: {) الرَّحِيمُ إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ} {)) الزَّقُّومِ طَعَامُ الاَْثِيمِ} (الدُّخان: 43 و 44)
: الأَثِيم: الفاجِر.
قلتُ: الأَثيم فِي هَذِه الْآيَة بِمَعْنى: الآثم.
قَالَ أَبُو بكر: الْإِثْم: من أَسمَاء الْخمر، واحْتَجّ بقول
الشَّاعِر:
شَرِبْتُ الإثْم حتّى ضَلّ عَقْلِي
كَذَاك الإثْمُ تَذْهب بالعُقُولِ
قَالَ: وأَنشدنا رَجُلٌ فِي مَجلس أبي العبّاس:
نَشْرب الإثْمَ بالصُّوَاعِ جِهاراً
وتَرى المُتْك بَيْننا مُسْتَعَارَا
المُتْك: الأُتْرُجّ، أَي نتعاوره بأَيدينا نَشمّه.
قَالَ: والصُّواع: الطِّرْجِهَالة.
وَيُقَال: هُوَ المَكُّوك الفارسيّ الَّذِي يَلْتقي طَرَفاه.
وَيُقَال: هُوَ إناءٌ كَانَ يشرب فِيهِ الْملك.
قَالَ أَبُو بكر: وَلَيْسَ (الْإِثْم) فِي أَسمَاء الْخمر بِمَعْرُوف،
وَلم يَصحّ فِيهِ بيتٌ صَحيح.
ثمَّة: قَالَ أَبُو الهَيثم: تَقول العربُ فِي التَّشْبيه. هُوَ أَبُوه
على طَرف الثُّمَّة، إِذا كَانَ يُشْبِهه.
وبعضُهم يَقُول (الثَّمَّة) مَفْتُوحَة.
قَالَ: والثُّمة، والثَّمَّة: الثُّمَامُ إِذْ نُزع فجُعل تَحت
الأَساقِي.
يُقَال: ثممْت السِّقاء أَثمّه، إِذا جَعَلْت تَحْتَهُ الثّمّة.
وَثمّ: أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: الوَثْم: الضَّرْب، وَأنْشد قولَ
طَرفة:
فَسَقى بِلادَكَ غَيْر مُفْسِدها
صَوْبُ الرَّبِيع ودِيمَةٌ تَثِمُ
أَي تُؤَثِّر فِي الأَرض.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: قَالَ المُزَنيّ: وَجَدْت كَلأً كَثِيفاً
وَثِيمةً.
(15/117)
قَالَ: الوَثيمة: جمَاعَة من الحَشِيش أَو
الطَّعَام.
يُقَال: ثِمْ لَهَا، أَي اجْمَعْ لَهَا.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَثِيم: المُكْتَنِزِ لَحْماً؛ والفِعْل: وَثُم
يَوْثُم وَثامَةً.
ويُقال: وَثَمَ الفَرَسُ الحِجارَة بحافره يَثِمُها وَثْماً، إِذا
كَسَرها.
قَالَ. والمُوَاثمة فِي العَدْو: المُضابرة، كَأَنَّهُ يَرْمي
بِنَفْسه؛ وأَنشد:
وَفِي الدَّهَاس مِضْبَرٌ مُوَاثِمُ
ثوم: سَلمة، عَن الْفراء: الفُوم والثُّوم: الحِنْطَة.
ثمأ: قَالَ اللَّيْثُ: الثَّمء: طَرْحُك الكَمْأة فِي السَّمْن وَنَحْو
ذَلِك.
يُقَال: ثَمَأت الكَمْأة أَثْمَؤُها ثَمْئاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: ثَمَأت رَأس الرَّجل بِالْحجرِ والعَصا، فَأَنا
أَثْمؤه ثَمْئاً، إِذا مَا شَدَخْته.
وَيُقَال: ثَمأْت الْخبز ثَمْئاً، إِذا مَا ثَرَدْته.
أَبُو عُبَيد، عَن الْكسَائي: ثمأت الْقَوْم، إِذا مَا أَطعَمْتهم
الدَّسَم.
ماث: قَالَ اللَّيْثُ: ماثَ يَميت مَيثاً، إِذا أذاب الْملح فِي المَاء
حَتَّى امّاث امِّيَاثاً.
قَالَ: والمَيثاء: الرّملة اللّيّنة؛ وَجَمعهَا: مِيثٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: المَيثاء؛ الأَرض اللّيّنة مِن غير رَمل؛
وَكَذَلِكَ الدّمِثة.
وَقَالَ غيرُه: كل شَيْء مَرَسْته فِي المَاء فذَاب فِيهِ من زَعفران
وتمر وزَبيب وأَقِط، فقد مِثْنه، ومَيَّثنه.
وأَماث الرجُل لنَفسه أَقِطاً، إِذا مَرَسه فِي المَاء وشربه؛ وَقَالَ
رُؤبة:
فقُلْت إِذا أَعْيا امْتياثاً مائِثُ
وطاحت الأَلْبان والعبَائثُ
يَقُول: لَو أَعياه المَريس من التَّمر والأَقط فَلم يَجِد شَيْئاً
يَمْتاثه وَيشْرب مَاءَهُ فَيَتبلّغ بِهِ لقلّة الشَّيْء وعَوَز
الْمَأْكُول.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: ماث الشيءَ يَمُوثه، ويَمِيثه، لُغَة، إِذا
دافَه.
عَمرو، عَن أَبِيه: يُقَال لِقرْقىء البَيض: المُسْتميث.
(15/118)
بَاب اللفيف من حرف الثَّاء
ثأى، وثأ، أثأ، أثث، ثأثأ، ثوى.
ثأى: أَبُو عُبيد: أَثأَيْت الخَرزَ، إِذا خَرَمْتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَثأَيتُ الخَرز إثْئَاءً: خَرَمْتُه.
وَقد ثِئَىَ الخَرز يثأًى ثأَى شَديداً.
قَالَ: وأَثأَيْت فِي الْقَوْم إثْئَاءً، إِذا جَرَحْت فيهم.
وَهُوَ الثأَى.
وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا وَقْع بَين القومِ جِرَاحات قِيل: قد عَظُم
الثأَى بَيْنهم.
قَالَ: ويَجوز للشاعر أَن يَقْلب مَدّ (الثأَى) حَتَّى تَصير الْهمزَة
بعد الأَلف، كَقَوْلِه:
إِذا مَا كانَ ثاءَ فِي مَعَدَ
قَالَ: ومثلُه: رأه وَراءه، بِوَزْن: رعاه وراعه؛ ونأى وناء؛ ومثلُه:
نِعم أخُو الهَيْجاء فِي اليَوْمِ اليَمِي
أَرَادَ أَن يَقُول: اليَومِ، فَقَلَب.
قَالَ: والثأوَة: بقيةُ قليلٍ من كثير.
قَالَ: والثَّأْوة: المَهْزولة من الغَنم.
ابْن الأَنباري: الثأَى: الأَمرُ العَظيم يَقَع بَين الْقَوْم.
قَالَ: وَأَصله من: أَثأَيْت الخَرز؛ وأَنشد:
ورَأْب الثأَى والصَّبْر عِنْد المَوَاطِن
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الثّأية: أَن يَجمع بَين رُؤوس ثَلَاث
شَجرات، أَو شجرتين، ثمَّ يُلْقي عَلَيْهَا ثوب فيُسْتَظلّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الثاية، غير مَهْمُوز: مَأْوى الْغنم.
حَكَاهُ أَبُو عُبيد عَنهُ؛ قَالَ: والثَّوِيَّة، مثلهَا.
قالَ: والثَّاية أَيْضا: حِجَارَة ترفع فَتكون عَلماً لِلرَّاعِي إِذا
رَجَع إِلَى الغَنم.
وَقَالَ اللّحياني: رأيتُ بهَا أُثْئِيّة من النَّاس، بِوَزْن (أفعولة)
، أَي جَماعة.
وَأنْشد غَيره فِي الثّأوة، وَهِي الشَّاة المَهزولة.
تُغَذْرِمُها فِي ثَأْوَةٍ من شِيَاهِه
فَلَا بُوركَتْ تِلْكَ الشِّياه القَلاَئِلُ
الْهَاء فِي قَوْله (تُغذرمها) للْيَمِين الَّتِي كَانَ أقسم بهَا،
وَمعنى (تُغذرمها) أَي حَلف بهَا مجازفاً غير مُسْتَثْبت فِيهَا.
والغُذَارِم: مَا أَخَذْت من المَال جِزَافاً.
وثأ: قَالَ أَبُو زيد: وَثَأْتُ يَدَا الرّجُل وَثْئاً.
وَهِي يَدٌ مَوْثُوءَةٌ.
قلت: الوَثْء: شِبْه الفَسْخ فِي المَفْصِل،
(15/119)
وَيكون فِي اللّحم كالكَسْر فِي العَظْم.
وَأَخْبرنِي المُنذرِيّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: من
دُعائهم: اللَّهُمَّ ثَأْ يَدَه.
قَالَ: والوَثْء: كَسْر اللَّحم لَا كَسْر العَظْم.
وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصاب العَظْم وَصْمٌ لَا يَبلُغ الكَسْر،
قيل: أَصابه وَثْءٌ ووَثأَةٌ.
أثا: الحرّانيُّ، عَن ابْن السِّكيت: أَثوْت بفُلانٍ، وأَثَيتُ،
إثَاوةً وإثايةً، إِذا وَشَيْت بِهِ إِلَى السُّلطان.
شَمِرٌ، عَن أبي عَدْنان، عَن أبي زيد، يُقَال: أثَيته بسَهْمٍ، أَي
رَمَيْتُه، وَهُوَ حرف غَرِيب.
أثث: قَالَ الله عزّ وجَلّ: {أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً} (مَرْيَم:
74) .
قَالَ الفَرّاء: الأَثاث: المتَاع. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو زَيد.
قَالَ: واحدتها: أَثاثة.
قَالَ: والأَثاث: المَال أَجْمع، الْإِبِل والغَنَم والعَبِيد
والمتَاع.
وَقَالَ الفَراء: الأَثاث، لَا وَاحِد لَهَا، كَمَا أَن (الْمَتَاع)
لَا واحدَ لَهُ.
قَالَ: وَلَو جَمعت (الأَثاث) لقُلت: ثَلَاثَة أثةٍ، وأثُث كَثِيرَة.
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال: أثّ الثَّبَات يَئِثّ أَثاثة، فَهُوَ
أَثِيث.
ويُوصف بِهِ الشّعَر الكَثِير، والنَّبَات المُلْتَفّ؛ وَقَالَ:
أثيث كقِنْو النَّخلة المُتَعَثْكِل
وَقَالَ: الأَثاث: أَنْوَاع المَتاع، من مَتاع البَيت وَنَحْوه.
ثأثأ: قَالَ اللَّيْثُ: ثَأْثأَتُ الإبلَ، أَي سَقَيْتُها حَتَّى
يَذْهب عَطَشُها وَلم أُرْوِها.
أَبُو عُبيد، عَن الأُمويّ: ثَأْثَأت الإبلَ: رَوَيْتها، وأَنْشد
المُفَضّل:
إنّك لن تُثَأْثِىء النِّهَالاَ
بمثْلِ أَن تُدارِكَ السِّجَالاَ
ويُقال: ثَأْثِىء عنِّي الرَّجُلَ، أَي احْبِسه.
والثَّأْثأة: الحَبْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَثَأْثَأْتُ تَثَأثُؤاً، إِذا أرَدْتَ سَفَراً
ثمَّ بَدا لَك المُقَامُ.
ثوى: قَالَ اللَّيْثُ: الثَّوَاء: طُول المُقام.
والفِعل: ثَوَى يَثْوِي ثَوَاءً.
وَيُقَال لِلمَقْتُول: قد ثَوَى.
والغَريبُ إِذا أَقَامَ ببلدة، فَهُوَ ثاوٍ.
والمَثْوَى: الْموضع الَّذِي يقامُ بِهِ؛ وجَمعه: المَثَاوِي.
ويُقال: أَنْزلني فلانٌ، وأَثْواني ثَوَاءً حَسَناً.
ورَبُّ البَيْت: أبُو مَثْواه.
وربة البَيت: أُم مَثْواه.
قَالَ: والثَّوِيّ: بَيْتٌ فِي جَوْف بَيْت.
وَقَالَ آخر: الثَّوِيّ: البيتُ المُهَيّأ للضَّيْف.
(15/120)
والثّوِيّ: الضَّيْف نَفْسُه.
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الثَّوِيّ: الضَّيْف.
والثَّوِيّ: المُجاورة فِي الحَرَمَيْن.
والثَّوِيّ: الصَّبُور فِي المغَازي المُحَجَّر، وَهُوَ المَحْبُوس.
أَبُو عُبيد، عَن أبي عُبيدة أَنه أنْشدهُ قولَ الأَعشى:
أَثْوَى وقَصَّر لَيْلَه لِيُزَوّدَا
فمَضى وأَخْلفَ من قُتَيْلة مَوْعِدَا
قَالَ شَمِرٌ: أَثْوَى، على غير اسْتِفْهَام، وَإِنَّمَا يُريد الخَبر.
قَالَ: وَرَوَاهُ ابْن الأَعْرابيّ: أَثَوَى، على الِاسْتِفْهَام.
قلت: والرّوايتان تدُلاّن على أَن (ثوى) و (أثوى) مَعْنَاهُمَا:
أَقَامَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: الثَّوَى: قُماش الْبَيْت؛ واحدتها:
ثُوَّة، مثل: صُوَّة وصُوًى، وهُوَّة وهُوًى.
عَمْرو، عَن أَبِيه: يُقال لِلْخِرقة الَّتِي تبَلّ ويُجعل عَلَيْهَا
السِّقاء إِذا مُخِض لئلاّ ينْقطع: الثُّوَّة.
ومَثْوى الرَّجُل: مَنْزله؛ وَجمعه: المَثَاوِي.
والمَثْوى، مصدر: ثوَيت أَثْوِي ثَوَاءً ومَثْوًى.
(15/121)
الرباعي من حرف الثَّاء
ثرمل، ثرمد، البرثن، البينيث.
ثرمل: أَبُو عُبيد، عَن الأَصمعي: الأُنْثى من الثعالب: ثُرْمُلة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: ثَرْمل الرَّجُل، إِذا لم يُنْضِج
طعامَه تَعْجِيلاً للقِرَى.
قَالَ: وثَرمل، إِذا أَخْرج خُبزته مُرَمَّدة ليعجّلها على الضّيف.
وَقَالَ اللَّيْثُ: ثَرمل القَوْمُ من الطَّعام والشَّراب مَا شَاءُوا،
أَي أكَلُوا.
وَقَالَ غَيره: بَقِيت ثُرْمُلة فِي الْإِنَاء، أَي بَقيّة من بُرّ أَو
شَعِير أَو تَمْر.
ابْن السِّكيت: ثَرْمَل الطَّعَامَ، إِذا لم يُنْضجه صانعُه وَلم
يَنْفُضْه مِن الرَّماد حينَ يَمُلّه.
قَالَ: ويُعْتذر إِلَى الضَّيف فيُقال: قد ثَرْمَلْنا لَك الْعَمَل،
أَي لم نَتَنَوَّق فِيهِ، وَلم نُطَيِّبه لَك، لِمَكَان العَجَلة.
ثرمد: وَقَالَ فِي هَذَا الْبَاب: ثَرْمَد اللَّحْم، إِذا أَسَاء
عَمَلَه.
وأَتانا بشِوَاءٍ قد ثَرْمَدَه بالرَّمَاد.
قلت: وثَرْمَدَاء: ماءٌ لِبَني سَعْد فِي وَادي السِّتَارَيْن، قد
وَرَدْتُه، يُسْتَقى مِنْهُ بالعِقال لقُرْب قَعْره.
وَقيل: الثَّرْمَد، من الحَمْض: ضَرْبٌ مِنْهُ.
برثن: أَبُو زَيد: البُرْثُن: مثل الإِصْبع؛ والمِخْلَبُ: ظُفر
البُرْثُن.
والبَراثن، للسِّباع كُلّها.
وَقَالَ اللَّيْثُ: البَراثن: أظفار مَخالب الأَسد؛ يُقَال: كأنّ
بَراثِنَه الأَشَافِي.
بينث: ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ، قَالَ: البَينيث: ضَرْبٌ من سَمك
البَحْر.
قلتُ: البَيْنِيث، بِوَزْن (فَيْعيل) ، فَإِن كَانَ ياءاه زائدَتَيْن
فَهُوَ من الثلاثيّ، وَكَلَام الْعَرَب يَجيء على (فيعول) و (فيعال) ،
وَلم أسمع حرفا جَاءَ على (فَيْعيل) غير: (اليَنبيثُ) ، وَلَا أَدري
أعربيّ هُوَ، أمْ دَخِيل؟
(15/122)
|