تهذيب اللغة كتاب الرَّاء من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف من حرف الرَّاء
رل: مهمل.
(بَاب الرَّاء وَالنُّون)
ر ن
استُعْمِل مِنْهُ: رنّ.
رن: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّنّةُ: الصَّيْحة الحَزِينة؛ يُقال: عَوْدٌ
ذُو رَنّة.
قَالَ: والرَّنين: الصِّياح عِنْد البُكَاء. والإرْنان، الشَّدِيد.
ويُقال: أَرَنّ الحِمَاُر فِي نَهِيقه؛ وأَرَنَّت القوسُ فِي
إنْبَاضِها؛ وأَرَنَّت النّساء فِي مَنَاحتها. وسَحابَةٌ مِرْنَانٌ.
وأَرَنّت المرأَة تُرِن، ورَنَّت تَرِنّ؛ وَقَالَ لَبيد:
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعُوا حامِلَهم
ومُرِنّاتٍ كآرام تُمَل
وَقَالَ العجاج يَصِف قَوْساً:
تُرِن إرْنَاناً إِذا مَا أُنْضِبَا
إرْنَانَ مَحْزُونٍ إِذا تَحَوَّبَا
أَرَادَ: أُنْبِض، فقَلب.
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ، قَالَ: الرَّنّة: صوتٌ فِي فَرَحٍ أَو
حُزْن.
وجَمعها: رَنَّات.
قَالَ: والإرْنان: صوتُ الشّهِيق مَعَ البُكَاء.
عَمرو، عَن أَبِيه: الرُّنَّى: شَهر جُمَادَى.
والرُّنَّى: الخَلْقُ؛ يُقال: مَا فِي الرُّنَّى مِثْلُه.
وَفِي (نَوَادِر الأَعْراب) ، يُقال: أَرَنّ فلانٌ لكذا، وأَرَمّ لَهُ،
ورَنّ لكذا، واسْتَرَنّ لكذا، وأَرْنَاه كَذَا وَكَذَا، أَي أَلْهاه.
(بَاب الرَّاء وَالْفَاء)
ر فّ
رف، فَرّ.
رف: قَالَ اللَّيْثُ: الرَّفّ: رَفّ البَيْت.
والجميع: الرُّفُوف.
قَالَ: والرَّفْرَفة: تَحْريك الطّائر جَنَاحَيْه وَهُوَ فِي الهَواء،
فَلَا يَبْرح مكانَه.
قَالَ: والرَّفِيف، والوَرِيف، لُغتان.
يُقال للنَّبَات الَّذِي يَهْتَزّ خُضْرةً وتَلأْلُؤاً: قد رَفّ
رَفِيفاً.
(15/123)
وَفِي حَدِيث أبي هُريرة أنّه سُئل عَن
القُبلة للصَّائم، فَقَالَ: إنّي لأَرُفّ شَفَتَيْها وأنَا صائِم.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (أَرُفّ) ، الرَّفّ، مثل المصّ والترشُّف
وَنَحْوه.
يُقَال مِنْهُ: رَفَفْت أَرُفّ رَفّاً.
وأمّا رَفَّ يَرِف، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ مِن غَير هَذَا.
يُقَال: رَفّ الشيءُ يَرِفّ رَفّاً ورَفِيفاً، إِذا بَرق لونُه
وتَلأْلأ؛ وَقَالَ الأَعْشى يذكر ثَغْر امْرَأَة:
ومَهاً تَرِفّ غُرُوبُه
تَسْقِي المتيَّمَ ذَا الحَرَارَه
أَبُو حَاتِم، عَن الأَصمعيّ: هُوَ يَحُفّ لَهُ ويَرُفّ: أَي هُوَ
يَقوم لَهُ ويَقْعد، ويَنْصح ويُشْفق، أَرَادَ ب (يَحُفه) ، تَسمع لَهُ
حَفِيفاً.
وشَجَرٌ يَرِفّ: إِذا كَانَ لَهُ كالاهْتزاز من النَّضارة.
وَيُقَال: وَرَف يَرِف وَرِيفاً، لُغتان بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عليّ الْحسن: هُوَ يَحُفّنا ويَرُفّنا، إِذا كَانَ يَطُوف
بِنَا ويُزَيِّن أَمْرنَا.
وَقَالَ ابْن الأَنباري: ذَهب من كَانَ يَحُفّنا ويَرُفّنا، أَي
يُؤْوينا ويُطْعِمنا.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: يُقَالُ: رَفّ يَرِفّ، إِذا أَكل.
ورَفّ يَرِفّ، إِذا بَرَق.
ووَرَف يَرِف، إِذا اتّسع.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّفْراف: الظّلِيم يُرَفْرِفُ بجناحَيْه ثمَّ
يَعْدُو.
والرَّفْرَف: كِسْر الخِبَاء وَنَحْوه.
وَهُوَ أَيْضا خِرْقة تُخاط فِي أَسفل الفُسطاط؛ وَقَالَ الله عزّ
وجَلّ: {تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} (الرحمان:
76) .
قَالَ الْفراء: ذكرُوا أنّها رِياضُ الجنَّة.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ المَجالس.
قَالَ أَبُو عُبيدةَ: الرَّفرف: الفُرش والبُسط.
وجَمْعُه: رَفارِف.
وَقَالَ قَتَادَة: الرفرف: المَجالِس.
وَقيل: هِيَ فُضول الفُرش.
وَقيل: الرَّفْرَف: الوَسَائِد.
وَفِي حَدِيث وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْويه أَنس:
فرُفِعَ الرّفْرَفُ فَرَأَيْنَا وَجْهه كأنّه وَرَقَة تُخَشْخِش.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّفرف، هُنَا: طَرَف الفُسْطاط.
قَالَ: والرفرف، فِي حَدِيث المِعراج: البِساط.
والرَّفرف، فِي غير هَذَا: الرّفُّ يُجْعل عَلَيْهِ طَرَائفُ البَيْت.
قَالَ: والرَّفْرَف: الرَّوْشَن.
قَالَ: والرَّفَّة: الأكْلة المُحْكَمة.
(15/124)
وَقد رَفّ يَرِفّ.
والرَّفّة: الاخْتِلاجة.
يُقَال مِنْهُ: رَفّ يَرفّ، ويَرُف؛ وأَنْشد:
لم أَدْر إلاّ الظَّنّ ظَنّ الغَائِب
أبِك أم بالغَيْبِ رَفُّ حاجِبِي
قَالَ: والرَّفّة: المَصَّة. والرَّفَّة: البَرْقَة.
قَالَ الفَرّاء: هَذَا رَفٌّ مِن النَّاس.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: هَذَا رَفٌّ من الضَّأن، أَي جماعةٌ
مِنْهَا.
ورَفْرفُ الدِّرْع: مَا فَضَل من ذَيْلها.
ورَفْرف الأيكة: مَا تَهدّل من غُصُونها؛ وَقَالَ المُعطَّل الهُذلي
يَصف الأَسَدَ:
لَهُ أَيْكَةٌ لَا يَأْمَن الناسُ غَيْبها
حَمَى رَفْرَفاً مِنْهَا سِبَاطاً وخِرْوَعَا
وَقَالَ اللَّيث: الرَّفْرَفُ: ضَرْبٌ من السَّمك.
وَقَالَ الأَصمعيّ فِي قَوْله: حَمَى رَفْرفاً قَالَ: الرَّفْرف:
شَجَرٌ مُسْتَرْسِلٌ يَنْبُت باليَمن.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الرَّفيف: الرَّوْشَن.
شَمِر: ذكر حَدِيثا، قَالَ: أتيتُ عُثْمَان وَهُوَ نازلٌ بِالْأَبْطح،
فَإِذا فُسْطاطٌ مَضْروبٌ، وإِذا سَيْفٌ مُعَلَّق فِي رَفِيف
الفُسْطاط.
وَقَالَ شَمر، رفيفه: سَقْفُه.
وَقَالَ فِي قَول الأَعشى: بِالشَّام ذَات الرَّفيف، أَراد:
الْبَسَاتِين الَّتِي تَرِفّ بنَضَارتِها واهتزازها.
قيل: ذَات الرَّفيف: سُفُن كَانَ يُعْبَر عَلَيْهَا، وَهُوَ أَن تُشَدّ
سَفِينَتان أَو ثَلَاث لِلْمَلك.
قَالَ: وكُلّ مُسْتَرِقّ من الرَّمل: رَفٌّ.
وَفِي حَدِيث أم زَرْع: زَوْجي إِن أَكَل رَفّ، بالراء فِي بَعض
الرِّوايات.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَحْمد بن عُبَيد: الرَّفّ: الْإِكْثَار من
الأكْل.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: رَفّ يَرِفّ، إِذا أَكَل.
ورَفّ يَرِفّ، إِذا بَرَق.
ووَرَف يَرِف، إِذا اتَّسَع.
فر: قَالَ الفَرّاء: فَرّ فلانٌ يَفِرّ فِرَاراً، إِذا هَرَب.
وأَفْرَرْتُه أُفِرّه إِفْرَاراً، إِذا عَملت مَا يَفِرّ مِنْهُ.
ورَجُلٌ فَرُورٌ، وفَرُورَةٌ، وفَرَّار، غَيرُ كَرَّار.
وَفِي حَدِيث سُراقة بن مَالك حِين نظر إِلَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وإِلى أَبي بكر مهاجِرَيْن إِلَى الْمَدِينَة فمرَّا بِهِ،
فَقَالَ: هَذَا فَرُّ قُريش، أَلا أَرُد على قُريش فَرَّها؟
قَالَ أَبُو عُبيد: قولُه: فَرّ قُرَيْش، يُرِيد: الفارِّين من قُرَيش.
يُقال مِنْهُ: رَجُلٌ فَرٌّ، ورَجُلان فَرٌّ، ورجَال فَرٌّ، لَا
يُثَنّى وَلَا يُجْمع؛ قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فَرمى ليُنْفِذَ فَرَّها فَهَوَى لَهُ
سَهْمٌ فأَنفذ طُرَّتَيْه المِنْزَعُ
(15/125)
يصف صائداً أَرسل على ثَوْر وَحْشيّ
كِلاَبَه، فَحمل الثَّوْرُ عَلَيْهَا ففَرّت مِنْهُ، فَرَمَاهُ الصائدُ
بِسَهْم فأَنْفَذ طُرَّتَي جَنْبَيْه.
وأمّا: فَرّ يَفُرّ، بِالضَّمِّ، فَإِن اللَّيث وَغَيره قَالُوا:
فَرَرْتُ عَن أَسنان الدّابة أفرّ عَنْهَا فَرّاً، إِذا كَشَف عَنْهَا
لِيَنْظُر إِلَيْهَا.
وافْتَرّ عَن ثَغْره، إِذا كَشَرَ ضَاِحكاً.
وَمِنْه الحديثُ فِي صِفة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويَفْتَرّ
عَن مِثل حَبِّ الْغَمَام، أَي يَكْشِر إِذا تَبَسّم من غير قَهْقهة.
وَأَرَادَ بحب الْغَمَام: البَرَدَ، شَبَّه بَيَاض أَسْنانه بِهِ.
ويُقال: فُرَّ فلَانا عمّا فِي نَفْسه، أَي اسْتَنْطِقْه ليدُلّ
بنُطْقه على مَا فِي نَفْسه.
وَمِنْه قَول عُمر لِابْنِ عبّاس: وَقد كَانَ يَبْلُغني عَنْك أَشْيَاء
كرهتُ أَن أَفُرّك عَنْهَا، أَي أَكْشف سِتْرها عَنْك.
وَفِي حَدِيث عديّ بن هَاشم: أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لَهُ: مَا يُفِرّك عَن الْإِسْلَام إِلَّا أَن يُقال: لَا إِلَه
إلاّ الله.
قَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال: أَفْرَرْت الرَّجُل إفْرَاراً، إِذا فَعَلت
بِهِ فِعلاً يَفِرّ مِنْهُ.
وَيُقَال: هُوَ فُرّةً قَومه، أَي خِيَارهم.
وَهَذَا فُرّة مَالِي، أَي خِيرَتُه.
أَبُو عُبيد، عَن اليزيديّ: أَفْرَرْت رَأْسَه بالسَّيّف، وأَفريت،
إِذا شَقَقته.
قَالَه أَبُو زيد، وَقَالَ: أَفْرَرْت رَأْسَه بِالسَّيْفِ، إِذا
فَلَقته.
أَبُو عُبيد: الفَرِير: ولد البَقَرة.
وَيُقَال لَهُ: فُرارٌ.
قَالَ: وَمن أمثالهم: نَزْوُ الفُرار اسْتَجْهل الفُرَارا.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ المؤرِّج: هُوَ وَلَد الْبَقَرَة الوحشيّة،
يُقَال لَهُ: فُرار، وفَرِير، مثل: طُوال وطَوِيل.
فَإِذا شَبّ وَقَوي أَخذ فِي النّزوان. فَمَتَى مَا رَآهُ غيرُه نَزَى
لِنَزْوه. يُضْرب مثلا لمن تُتَّقَى مُصَاحَبَتُه. يَقُول: إِنَّك إِذا
صاحَبته فَعَلت مِثْلَه.
وَقَالَ غيرُه، فَرِير، للْوَاحِد؛ وَجمعه: فُرَار.
ورَوى أَبُو العبّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: إِذا فُطِم الْجمل
وسَمِن قيل لَهُ: فَرِير، وفُرَار، وفُرارة، وفُرْفُر، وفُرْفور،
وفُرافر.
قَالَ: والفُرار، يكون للْجَمَاعَة وَالْوَاحد.
قَالَ: وفَرْفر الرجل، إِذا اسْتعجل بالحَمَاقة.
وفَرْفر، إِذا أَوْقَد بالفَرْفَار.
وَقَالَ: هِيَ شَجرة صَبُور على النّار.
قَالَ: وفَرْفَر، إِذا عَمِل الفَرْفار، وَهُوَ مَرْكب من مَراكب
النِّساء والرِّعاء، شِبْه الحِوَيّة والسَّوِيّة.
(15/126)
قَالَ: وفَرْفر، إِذا شَقَّق الزِّقَاقَ
وَغَيرهَا.
وَفِي حَدِيث عَون أَنه قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا يُفَرْفر الدُّنْيا
فَرْفرة هَذَا الْأَعْرَج. يَعْني أَبَا حَازِم، أَي يذمّها
ويُمَزِّقها بالذَّمّ لَهَا.
والذِّئب يُفَرْفر الشَّاة، أَي يُمَزِّقها.
وأَخبرني المُنذري، عَن الطُّوسيّ، عَن أَحْمد بن الْحَارِث الخَرَّاز،
أَنه قَالَ: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فُرَار، جمع فُرارة، وَهِي
الخِرْفان.
قَالَ: والفَرِير: ولدُ البَقرة.
قَالَ: وأنشدنا:
يَمْشي بَنو عَلْكم جَزْلَى وإخْوَتُهم
عليكُمُ مِثْل فَحْلِ الضَّأْن فُرْفُورُ
قَالَ: أَراد: فُرار، فَقَالَ: فُرفُور.
ابْن بُزُرْجَ: الفُرار: البَهْم الْكِبَار، وَاحِدهَا: فُرْفُور.
شَمِر: قَالَ أَبُو رِبْعيّ، والكِلاَبيّ: يُقَال: هَذَا فُرّ بَنِي
فلَان، وَهُوَ وَجْههم وخيارهم الَّذِي يَفْتَرُّون عَنهُ؛ قَالَ
الكُمَيت:
ويَفْتَرّ مِنْك عَن الوَاضِحَاتِ
إِذا غَيْرُك القَلَحُ الأَثْعَلُ
وَمن أمثالهم: إِن الجَواد عَيْنُه فُرَارُه.
ويُقال: الْخَبِيثُ عَيْنه فُرارُه.
يَقُول: تَعرف الجَودة فِي عَيْنه كَمَا تعرف سنّ الدَّابَّة إِذا
فررتها، وَكَذَلِكَ تَعرف الخُبْث فِي عَيْنه إِذا أَبْصَرْته.
وَقَالَ اللَّيث: الفَرْفَرة: الطَّيْش والخِفّة.
ورَجُلٌ فَرْفَارٌ، وامْرأة فَرْفَارة.
أَبُو عُبيد، عَن الأَصمعي، يُقال: الناسُ فِي أُفُرَّةٍ، يَعْنِي
الاخْتلاط.
وَقَالَ الْفراء: أُفُرَّة الصَّيْف: أَوّله.
وَقَالَ اللَّيث: مَا زَالَ فلَان فِي أُفُرَّة شَرّ مِن فُلان.
الحرّانيّ، عَن ابْن السِّكِّيت، عَن الفَرّاء، يُقَال: أَتَانَا فلانٌ
فِي أُفُرَّة الحَرّ، أَي أَوّله.
ويُقال: بل فِي شِدَّته.
وَمِنْهُم من يَقُول: فِي فُرّة الحَرّ.
وَمِنْهُم من يَقُول: فِي أُفُرّة الحَرّ، بِفَتْح الأَلف.
قَالَ: وَحكى الْكسَائي أَن مِنْهُم من يَجْعَل الْألف عَيْناً
فَيَقُول: فِي عَفُرّة الحَرّ، وعُفُرّة الحَرّ.
قلت: أُفُرّة عِنْدِي من بَاب: أَفَر يَأفِر، وَالْألف أصليّة، على
فُعلة، مثل: الخُضُلّة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَرْفَرة: العَجَلة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفَرِير: الحَمَل.
والفَرِير: أصل مَعْرفة الفَرس.
والفُرَّى: الكَتبية المُنْهَزمة؛ وَكَذَا الفُلَّى.
وَقَالَ ابْن الأَعرابيّ: فر يَفِرّ، إِذا عَقَل بعد اسْتِرخاء.
(15/127)
وفَرّ الدَّابة يَفُرّه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الفُرْفُور، العُصْفُور الصَّغِير؛ وأَنْشد:
حجازيّة لم تَدْر مَا طَعْم فُرْفُرٍ
وَلم تَأتِ يَوْمًا أهْلَها بِتُبُشِّرِ
قَالَ: التُّبُشِّر: الصَّعْوَة.
(بَاب الرَّاء وَالْبَاء)
رب
ربّ، برّ.
رب: الرّبّ، هُوَ الله تبَارك وتَعالى، هُوَ رَبُّ كُلّ شَيْء، أَي
مَالِكه، وَله الرّبُوبيّة على جَميع الخَلْق لَا شَريك لَهُ. 2
ويقالُ: فلانٌ رَبّ هَذَا الشَّيْء، أَي مِلْكه لَهُ.
وَلَا يُقال الرّب بِالْألف وَاللَّام، لغير الله.
وَهُوَ رَبّ الأَرْباب، وَمَالك المُلوك والأمْلاك.
وكُل مَن مَلك شَيْئا فَهُوَ رَبُّه.
{اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ} (يُوسُف: 42) أَي عِنْد مَلِكك.
يُقَال: هُوَ رَبّ الدابّة، ورَبُّ الدّار.
وفلانة رَبّة الْبَيْت.
وهُن ربّات الحِجَال.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: رَبّ فلانٌ نِحْيَه يَرُبّه رَبّاً، إِذا
جَعل فِيهِ الرُّبّ ومَتَّنه بِهِ.
وَهُوَ نِخْيٌ مَرْبُوب.
قَالَ: والعَرب تَقول: لِأَن يَرُبَّني فلانٌ أَحَبّ إليّ من أَن
يَرُبّني فلَان.
يَعْنِي: أَن يَكون رَبّاً فَوقِي وسَيِّداً يَمْلكني.
ورُوي هَذَا عَن صَفوان بن أُمية أَنه قَالَ يَوْم حُنين عِند الجَوْلة
الَّتِي كَانَت بَين المُسلمين، فَقَالَ أَبُو سُفيان: غَلَبت وَالله
هَوازن. فأَجَابه صَفْوان وَقَالَ: بِفِيك الكِثْكِثُ، لأنْ يَرُبّني
رَجُلٌ من قُرَيْش أحَبّ إليّ من أَن يَرُبّني رجُلٌ مِن هَوَازن.
ابْن الأَنباريّ: الرَّبّ: يَنْقسم على ثَلَاثَة أَقْسام: يكون
الرَّبُّ: الْمَالِك؛ وَيكون الرَّبّ: السيِّدُ المُطاع، قَالَ الله
تَعَالَى: {فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا} (يُوسُف: 41) أَي سَيّده؛
وَيكون الرَّبُّ: المُصْلح.
رَبَّ الشيءَ، أَي أَصْلحه؛ وأَنْشد:
يَرُبّ الَّذِي يَأْتِي من العُرْف إنّه
إِذا سُئِل المَعْرُوفَ زَاد وتَمَّمَا
وَقَوله:
سَلاَلها فِي أَدِيمٍ غَيْر مَرْبُوب
أَي غير مُصْلح.
قَالَ: ويُقال: رَبٌّ، مشدَّد، ورَبٌ، مُخَفَّف، وأَنْشد المُفضَّل:
وَقد عَلم الأَقْوامُ أَن لَيس فَوْقه
رَبٌ غَيْرُهُ يُعطي الحُظوظ ويَرْزُقُ
وَقَالَ الأَصمعيّ: رَبّ فلانٌ الصَّنِيعةَ يَرُبّها
(15/128)
رَبّاً، إِذا أَتَمّها وأَصْلحها.
وَيُقَال: فلَان مَرَبٌّ، أَي مَجْمَعٌ يَرُبّ النَّاس، أَي يَجْمَعهم.
ومكانٌ مَرَبٌّ، أَي يَجْمع النَّاس؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
بأوّل مَا هَاجَت لكَ الشَّوْقَ دِمْنَةٌ
بأَجْرَع مِرْباعٍ مَرَبَ مُحَلَّلِ
قَالَ: ومِن ثمَّ قيل للرِّبَابٌ: رِبَابٌ، لأَنهم تَجَمَّعوا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: سُمَّوا رِبَاباً، لأَنهم جاءُوا برُبَ فأَكَلُوا
مِنْهُ وغَمسوا فِيهِ أَيْديهم وتَحالَفوا عَلَيْهِ، وهم: تَيْمٌ،
وعَدِيّ، وعُكْل.
والأَرِبّة: الجَماعاتُ؛ واحدتها: رَبَّةٌ.
وَقَالَ عزّ وجلّ: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قَاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (آل عمرَان: 146) .
قَالَ الفرّاء: الرِّبِّيُّوُن: الأُلوف.
وَقَالَ أَبُو العبّاس أَحْمد بن يَحيى: قَالَ الأَخْفش: الرِّبيون:
مَنْسوبون إِلَى الرَّبّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يَنْبغي أَن تُفتح الرَّاء على قَوْله.
قَالَ: وَهُوَ على قِراءة القُرّاء من الرَّبّةِ، وَهِي الْجَمَاعَة.
وَقَالَ الزّجاج: ربِّيّون، بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا، وهم الجماعةُ
الكَثِيرة.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: الرَّبّة: عَشرة آلَاف.
قَالَ: وَقيل: الرِّبِّيون: العُلماء الأَتْقياء الصُّبُر.
قَالَ: وكلا القَوْلين حَسَنٌ جَميل.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي طَالب، أَنه قَالَ: الرِّبِّيون:
الْجَمَاعَات الْكَثِيرَة؛ الْوَاحِد: رِبِّيٌّ.
قَالَ: والرَّبّاني: العالِم.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: الرّبّانيّ: الْعَالم؛ وَالْجَمَاعَة:
الرّبّانيون.
وَقَالَ: الرّبّانيون: الأُلُوف.
والرّبّانيّون: العُلَماء.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: زادوا ألفا ونُوناً فِي الرّبّاني إِذا أَرَادوا
تَخْصيصاً بِعلْم الرّبّ دون غَيْره، كأنّ مَعْنَاهُ: صاحبُ العِلْم
بالرّبّ دون غَيره من العُلوم.
قَالَ: وَهَذَا كَمَا قَالُوا: رَجُل شَعْرانيّ، ولِحْيانيّ،
ورَقَبانيّ، إِذا خُصّ بكَثرة الشّعر، وطُول اللِّحْية، وغِلظ الرّقبة.
وَإِذا نَسَبوا إِلَى (الشّعْر) قَالُوا: شَعْري، وَإِلَى الرّقبة
قَالُوا: رَقَبيّ.
والرِّبِّي؛ مَنْسوب إِلَى الرّبّ، والرّبّاني، المَوْصوف بعِلْم
الرّبّ.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: الربّانيّ: الْعَالم المُعَلم الَّذِي يَغْذُو
النَّاس بصغار العُلوم
(15/129)
قبل كِبَارها.
قَالَ شَمِر: قَالَ خَالِد بن جَنْبة: الرُّبّة: الخَيْر اللاّزم،
بِمَنْزِلَة الرُّبّ الَّذِي يَليق فَلَا يكَاد يَذْهب.
وَقَالَ: اللَّهم إنِّي أَسأَلك رُبَّة عَيْشٍ مُبَارَكٍ. فقِيل لَهُ:
وَمَا رُبَّةُ عَيْشٍ؟ فَقَالَ: طَثْرَتُه وكَثرته.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: قَرَأَ الحَسن رُبيّون بالضَّم.
قَالَ: وَقَرَأَ بهَا غَيْرُه.
وَقَالَ: الرُّبيون نُسبوا إِلَى الرُّبَّة، والرُّبَّة: عشرَة آلَاف.
قَالَ: وَقَرَأَ ابْن عبّاس: رَبِّيون، بِفَتْح الرَّاء.
قَالَ: وَقَالَ مُحَمَّد بن عليّ بن الْحَنَفِيَّة لمّا مَاتَ عبدُ
الله بن عبّاس: اليومَ مَاتَ رَبّانيّ هَذِه الأُمة.
ورُوي عَن عليَ أَنه قَالَ: النَّاس ثَلَاثَة: عَالم رَبّانيّ،
ومتعلِّم على سَبيل النَّجاة، وهَمَجٌ رَعاع أتْباع كل ناعِق.
قَالَ: والرّبانيّ: العالِي الدّرَجة فِي العِلْم.
قَالَ أَبُو عُبيد: سمعتُ رجلا عَالما بالكتب يَقُول: الرّبّانيّون:
العُلَماء بالحلال وَالْحرَام، والأَمر والنَّهي.
قَالَ: والأَحْبارُ أهلُ المَعْرفة بأَنباء الأُمم وَبِمَا كَانَ
وَيكون، هَذَا الْكَلَام أَو نَحوه.
قَالَ أَبُو عُبيد: وأَحْسب الْكَلِمَة لَيست بعربيَّة إِنَّمَا هِيَ
عبْرانِيَّة أَو سُريانيَّة.
وَذَلِكَ أَن أَبَا عُبيدة زعم أنّ الْعَرَب لَا تعرف الرّبّانيّين.
قَالَ أَبُو عُبيد: وَإِنَّمَا عَرفها الفُقهاء وَأهل العِلْم.
وَكَذَلِكَ قَالَ شَمر.
قَالَ بَعضهم: وَإِنَّمَا قيل للعُلماء ربانيون، لأَنهم يَرُبُّون
العِلم، أَي يَقومون بِهِ؛ وَمِنْه الحَدِيث: (أَلَكَ نِعْمَة
تَرُبُّها) ؟
ويُسمَّى ابْن الْمَرْأَة: رَبيب؛ لِأَنَّهُ يَقوم بأَمْره ويَمْلك
عَلَيْهِ تَدْبِيره.
قَالَ شَمر: وَيُقَال لرئيس المَلاّحِين: رَبّاني؛ وأَنشد:
صَعْلٌ من السّام ورُبّانِيّ
وروَى شُعبة، عَن عَاصِم، عَن زِرّ عَن عبد الله فِي قَوْله تَعَالَى:
{كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ} (آل عمرَان: 79) قَالَ: حُكَماء عُلَماء.
(15/130)
أَبُو عُبيد: الرِّباب: العُشُور؛ وَقَالَ
أَبُو ذُؤَيْب يَذْكر حُمُراً:
تَوَصّل بالرُّكُبان حينا وتُؤْلِف الْ
جِوَار ويُعْطِيها الأَمَانَ رِبَابُها
قَوْله: (تؤلف الجِوار) أَي تجاور فِي مكانَيْن. والرّباب: الْعَهْد
الَّذِي يَأْخذه صاحبُها من النَّاس لإجارتها.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: جَمع الرِّباب من العَهْد: أَرِبَّة؛ وَجمع:
الرَّبّ: رِبَاب.
وَقَالَ شَمر: الرِّباب فِي بَيت أبي ذُؤَيب جمع رَبّ.
وَقَالَ غَيره: يَقُول: إِذا أَجارَ المُجير هَذِه الحُمُر أعْطى
صَاحبهَا قِدْحاً لِيَعْلموا أَنه قد أُجِيرت فَلَا يُتعرض لَهَا،
كَأَنَّهُ ذهب بالرِّباب إِلَى رِبَابة سِهام المَيْسر؛ وَقَالَ أَبُو
ذُؤيب:
فكأنّهن رِبَابَةٌ وكأنَّه
يَسَرٌ يُفِيض على القِدَاح ويَصْدَعُ
قَالَ أَبُو عُبيد: الرِّبابة: جمَاعَة السِّهام.
ويُقال: هِيَ الجِلْدة الَّتِي تُجْمع فِيهَا السِّهام.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نظر فِي اللَّيْلة
الَّتِي أُسْرِي فِيهَا إِلَى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبَابة البَيْضاء.
قَالَ أَبُو عبيد: الرَّبَابة: السَّحابة الَّتِي قد رَكب بَعْضُها
بَعْضًا؛ وَجَمعهَا: رَباب؛ وَبِه سُمّيت المَرأة الرَّبَاب؛ وَقَالَ
الشَّاعِر:
سَقى دَار هِنْدٍ حيثُ حَلَّت بهَا النَّوَى
مُسِفُّ الذُّرَى دانِي الرَّبَاب ثَخِينُ
قَالَ: والرِّبابة: بِكَسْر الرَّاء، شَبيهَة بالكِنانة يكون فِيهَا
السِّهام.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: إِذا ولدت الشَّاة فَهِيَ رُبَّى.
وَإِن ماتَ وَلَدهَا أَيْضا فَهِيَ رُبَّى بَيِّنةُ الرِّباب.
قَالَ: وأَنشدنا مُنْتَجع بن نَبْهان:
حَنِينَ أُمّ البَوِّ فِي رِبَابها
وَقَالَ الأمويّ: ربابها: مَا بَينهَا وَبَين عشْرين يَوْمًا من
وِلادتها وَقيل: شَهْرَيْن.
وَقَالَ أَبُو زيد: الرُّبَّى: من المَعِز؛ وَمثلهَا من الضَّأْن:
الرَّغُوث.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَمع الرُّبّى: رِباب؛ وأَنشد:
خَليل خَوْدٍ غَرّها شَبَابُه
أَعْجبها إذْ كَبِرَتْ رِبَابُه
عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الرُّبّى: أَوّل الشَّبَاب.
يُقَال: أتَيته فِي رُبّى شَبابه، ورُبَاب شَبابه، ورِبَاب شَبابه،
ورِبّان شَبابه، ورُبّان شبابه، وَفِي جُنون شبابه، كلّه بِمَعْنى:
حِدْثان شبابه.
أَبُو عُبيد، عَن الأَصْمعي: الرُّبان من كُل
(15/131)
شَيْء: حِدْثانُه.
ورُبّان الكَوْكَب: مُعْظَمُه.
وَقَالَ أبُو عُبَيْد: الرَّبّان، بِفَتْح الرَّاء: الجماعةُ.
وَقَالَ الأَصْمعيّ: بضَم الرَّاء.
ويُقال: هَذَا مَرَبّ الْإِبِل: أَي حَيْث لَزِمَتْه.
وأَرَبَّت الإبلُ بالمَوْضع: إِذا لَزِمَتْه.
وإبلٌ مَرَابٌّ: لَوازِم.
وأَرَبَّت الجَنُوبُ: إِذا دَامَت.
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: أرَبّ فلَان بِالْمَكَانِ، وأَلَبَّ:
إرْباباً وإلباباً، إِذا أَقَامَ بِهِ فَلم يَبْرَحْه.
الأصمعيّ: رَبَبْتُه فَأَنا أَرُبّه، ورَبَّبتُه فَأَنا أُرَبِّيه،
وارْتَبَبْته فَأَنا أَرْتَبه، كُله بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: الرّبيب: ابْن امْرَأَة الرَّجُل من غَيره؛
وَقَالَ مَعْنُ بن أَوْس يَذكر امْرأَته وذَكر أَرْضاً لَهَا:
فإنّ بهَا جارَيْن لن يَغْدِرَا بهَا
رَبِيبَ النَّبِيّ وابنَ خَيْر الخَلائِف
يَعْنِي عُمر بن أبي سَلمة، وَهُوَ ابْن أُم سَلَمة زوج النبيّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَاصِم بن عمر بن الخطّاب، وَأَبوهُ أَبُو
سَلَمة، وَهُوَ رَبيب النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: والرابّ: زَوْج الأُمِّ.
ورُوي عَن مُجاهد أَنه كَره أَن يَتزوّج الرّجل امْرَأَة رَابّة،
يَعْنِي: امْرَأَة زوج أُمّه.
وَقَالَ اللَّيْث: ربيبة الرَّجل: بنت امْرأته مِن غَيره.
قَالَ: والرَّبيب أَيْضا: يُقال لزَوْج الأُم لَهَا ولدٌ مِن غَيره.
وَيُقَال لامْرَأَة الرجل، إِذا كَانَ لَهُ ولد من غَيرهَا: رَبِيبة.
وَذَلِكَ معنى: رابّة، ورابّ.
ودُهْنٌ مُرَبَّب: إِذا رُبّب الحَبُّ الَّذِي اتّخذ مِنْهُ بالطِّيب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الرّبْرَب: جمَاعَة الْبَقر، وَكَذَلِكَ
الإِبل.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرِّبّة: بَقلة ناعمَة؛ وَجَمعهَا:
رِبَبٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّة يَصِف الثَّوْر الوَحْشِيّ:
أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِمَرْتَعه
مِن ذِي الفَوارِس يَدْعُو أَنْفه الرِّبَبُ
وَقيل: الرِّبّة: اسْم لعدّة من النّبات لَا تَهيج فِي الصَّيف تَبْقى
خُضْرتُها شِتَاءً وصَيْفاً، مِنْهَا الحُلَّب، والرُّخَامَى،
والمَكْر، والعَلَّقى، يُقَال لَهَا كُلها: رِبَّة.
عَمْرو، عَن أَبيه: رَبْرَبَ الرَّجُلُ، إِذا رَبَّى يَتِيماً.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الرَّبُوب، والرَّبِيب:
ابْن امْرَأَة الرَّجُل مِن غَيْره.
(15/132)
وَيُقَال للرَّجل نَفسه: رَابّ.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّحيح؛ وَلَا أَعلم الَّذِي قَالَه اللَّيث
صَحِيحاً.
وَقد قَالَ أَحْمد بن يحيى للْقَوْم الَّذين اسْتُرضع فيهم النبيّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أرِبّاء النّبيّ.
كَأَنَّهُ جمع رَبيب فعيل، بِمَعْنى فَاعل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرُّبَّى: الْحَاجة، يُقَال: لي عِنْد فلانٍ
رُبّى.
قَالَ: الرُّبّى: الرَّابّة. والرُّبّى: العُقْدة المُحْكَمة. وَفِي
مَثَل: إِن كُنْتَ بِي تَشُدّ ظَهْرك فأَرْخِ من رُبّى أَزْرَك.
يَقُول: إِن عَوَّلْت عليّ فَدَعْني أَتْعَب واسْتَرِخ أَنْت
واسْتَرِحْ.
والرُّبَّى: النِّعمة والإحْسان.
وَقَالَ النَّحويون: رُبّ: من حُروف المَعاني، والفَرق بَينهَا وَبَين
(كم) أَن (رب) للتَّقْلِيل و (كم) وُضعت للتَّكْثير إذَا لم يُرَد بهَا
الِاسْتِفْهَام. وَكِلَاهُمَا يَقع على النّكرات فَيخْفِضها.
وَقَالَ الزّجاج: مَن قَالَ إِن (ربّ) يُعنى بهَا التكثير فَهُوَ ضدّ
مَا تَعرفه الْعَرَب.
قَالَ: فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم جَازَت (رب) فِي قَول الله عز وَجل:
(ربَّما يود الَّذين كفرُوا) (الْحجر: 2) هَا هُنَا، وَهِي للتقليل؟
فَالْجَوَاب فِيهِ: أَن الْعَرَب خوطبت بِمَا تعلمه من التهديد،
والرَّجل يَتَهَدَّد الرجل فَيَقُول لَهُ: لعلّك سَتندم على فعلك،
وَهُوَ لَا يشك فِي أَنه يَنْدم.
وَيَقُول لَهُ: ربّما ينْدَم الْإِنْسَان من مثل مَا صَنعت، وَهُوَ
يعلم أَن الْإِنْسَان يَنْدم كثيرا.
ولكنّ مجازه أنّ هَذَا لَو كَانَ مِمَّا يُوَدّ فِي حالٍ وَاحِدَة من
أَحْوَال الْعَذَاب، أَو كَانَ الْإِنْسَان يخَاف أَن يَندم على
الشَّيْء لوَجب عَلَيْهِ اجْتنابه.
والدَّليل على أَنه على معنى التّهدد قَوْله تَعَالَى: {ذَرْهُمْ
يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ} (الْحجر: 3) .
وَالْفرق بَين (رُبمَا) و (رب) أَن (رب) لَا يَلِيهِ غير الِاسْم،
وَأما (رُبمَا) فَإِنَّمَا زيدت (مَا) مَعَ (رب) لِيَلِيها الْفِعْل.
تَقول: رُبّ رجل جَاءَنِي، أَو رُبمَا جَاءَنِي زيد.
وَتقول: رب يَوْم بكرت فِيهِ، ورُبّ خمرة شَرِبْتها.
وَتقول: رُبما جَاءَنِي زيد، وَرُبمَا حضرني زيد.
وَأكْثر مَا يَلِيهِ الْمَاضِي، وَلَا يَلِيهِ من الغابر إِلَّا مَا
كَانَ مُسْتَيْقناً، كَقَوْلِه تَعَالَى: (رُبَّما يود الَّذين كفرُوا)
(الْحجر: 2) .
ووَعْد الله حقٌّ، كَأَنَّهُ قد كَانَ، فَهُوَ فِي مَعنى مَا مَضى،
وَإِن كَانَ لَفظه مُسْتَقبلاً.
وَقد يَلِي (رُبمَا) الْأَسْمَاء، وَكَذَلِكَ: (رُبتما) ؛ وَأنْشد ابْن
الْأَعرَابِي:
(15/133)
ماويّ يَا رُبَّتما غارةٍ
شَعْواءَ كاللَّذْعة بالمِيسَم
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَرَب تزيد فِي (رب) هَاء.
وتَجعل الْهَاء اسْما مَجهولاً لَا يُعرف، ويَبْطل مَعهَا عمل (رُبّ)
فَلَا يُخْفض بهَا مَا بَعد الْهَاء.
قَالَ: وَإِذا فَرقْت بَين (كم) الَّتِي تعْمل عمل (رب) لشَيْء بَطل
عَملها؛ وأَنْشد:
كائِنْ رأيْتُ وهايا صَدْعِ أَعْظُمِه
ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
وَنصب عطباً من أجل الْهَاء المَجْهولة.
أَبُو حَاتِم: من الْخَطَأ قَول العامّة: رُبمَا رأيتُه كثيرا، و
(رُبمَا) إِنَّمَا وُضعت للتَّقْلِيل.
الحَرَّاني، عَن ابْن السِّكيت، يُقَال: رُبّ رجل، ورَبّ رجلٍ، بِفَتْح
الرَّاء ويُخفّف، ورُبّت رجل ورَبّت رجل، بِفَتْح الرَّاء ويخفف،
ورُبَّتما ورَبَّتما، بالتثقيل وَالتَّخْفِيف.
بر: قَالَ اللّيْثُ: البَرُّ: خلاف البَحْر. والبَرِّيّة: الصَّحْراء.
والبَرّ: نَقِيض الكِنّ.
قَالَ: والعَرب تَسْتعمله فِي النَّكرة. تَقُول: جلستُ بَرّاً،
وخَرَجْتُ بَرّاً.
قلت: وَهَذَا مِن كَلَام الموَلَّدين، وَمَا سَمِعْتُه من فُصحاء
العَرب الْبَادِيَة.
ويُقال: أَفْصَح العَرب أَبَرُّهم.
مَعْنَاهُ: أبعدهم فِي البَرّ والبَدْو دَاراً.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ
بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الرّوم: 41) .
قَالَ الّزجّاج: مَعْناه: ظَهر الجَدْبُ فِي البَرّ، والقَحْطُ فِي
البَحْر، أَي فِي مُدُن البَحْر الَّتِي على الأَنْهار.
وَقَالَ شَمِر: البَرِّيّة: الأَرْض المَنْسوبة إِلَى البَرِّ، وَهِي
بُرِّيّة، إِذا كَانَت إِلَى البَرِّ أَقْرَب مِنْهَا إِلَى المَاء.
وَقَالَ مُجاهد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ} (الأَنعام: 59) .
قَالَ: البَرّ: القِفَار. والبَحْر: كُل قَرْية فِيهَا مَاء.
وَقَالَ شمِر فِي تَفْسِير قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عَلَيْكُم
بالصِّدق فإنّه يَهْدي إِلَى البِرّ) .
اخْتلف العُلماء فِي تَفسير البِرّ.
فَقَالَ بَعضهم: البِرّ: الصَّلاَح.
وَقَالَ بعضُهم: البِرّ: الخَيْر.
قَالَ: وَلَا أعلم تَفْسِيراً أجْمع مِنْهُ، لِأَنَّهُ يُحيط بجَميع
مَا قَالُوا.
قَالَ: وجَعل لَبِيدٌ البِرَّ التُّقَى حَيْثُ يَقُول:
وَمَا البِرّ إِلَّا مُضْمَراتٌ من التُّقَى
قَالَ: وأَمّا قَول الشَّاعِر:
تُحزُّ رُؤُوسهم فِي غَيْر بِرّ
فَمَعْنَاه: فِي غير طَاعَة وخَيْر.
وَقَالَ شمر: الحَجّ المَبْرور: الَّذِي لَا
(15/134)
يُخالطه شيءٌ من المآثِم.
والبَيْع المَبْرُور: الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ وَلَا كَذِب وَلَا
خِيَانَة.
قَالَ: ويُقالُ: بَرّ فُلانٌ ذَا قَرابته، يَبَرّ بِرّاً.
وَقد بَرَرْتُه أَبَرّه. وبَرّ حَجُّك يَبُرّ بُرُوراً. وبَرّ الحجَّ
يَبِرّ بِرّاً. وبَرّ الله حَجّه، وأَبرَّه. وبَرّت يَمِينُه تَبَرّ.
وأَبَرَرْتُها. وبَرّ الله حجَّه؛ وبَرَّ حَجُّه.
وَقَول الله تَعَالَى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ
مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمرَان: 92) .
قَالَ الزّجّاج: قَالَ بعضُهم: كُلّ مَا تقرّب بِهِ إِلَى الله عزّ
وجلّ مِن عمل خَير فَهُوَ إنْفاق.
قلت: البِرُّ: خَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَخير الدُّنيا: مَا
يُيَسّره الله تبَارك وَتَعَالَى لِلْعَبد من الهُدى والنِّعمة
والخَيرات؛ وخَيْر الْآخِرَة: الفَوْز بالنَّعيم الدّائم فِي الْجنَّة.
والبَرُّ من صِفات الله: العَطُوف الرَّحيم اللَّطيف الكَريم.
حدّثنا عبد الله وعُرْوة، قَالَا: حدّثنا مُحَمَّد بن مَنْصُور الخراز،
قَالَ: حدّثنا سُفيان، عَن شمر، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُريرة، قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الحَجُّ المَبْرُور لَيْسَ
لَهُ جَزَاء إلاّ الجَنّة) .
وَقَالَ سُفيان: تَفْسِير المبرور: طيبُ الكَلام وإطْعام الطَّعام.
وَقَالَ أَبُو قِلاَبةَ لِرَجُل قَدِم من الحجّ: بُرّ العَمَلُ.
أَرَادَ عَملَ الحجّ. دَعا لَهُ أَن يكون مَبْرُوراً لَا مَأْثَم فِيهِ
فَيَسْتوجب بذلك الخُروجَ من الذُّنوب الَّتِي اقْتَرفها.
حدّثنا عبد الله، قَالَ حدّثنا عبّاد بن الْوَلِيد الغُبَريّ، عَن
حبّان بن هِلَال، عَن أبي مُحَيصن، عَن سُفيان بن حُسين، عَن مُحَمَّد
بن المُنْكدر، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله،
مَا بِرّ الْحَج؟ قَالَ: (إطْعام الطَّعام وَطيب الْكَلَام) .
ويُقال: قد تَبَرَّرْت فِي أمرنَا، أَي تَحَرّجت؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
فقالَت تَبَرَّرْت فِي جَنْبِنا
وَمَا كُنْتَ فِينا حَدِيثاً بِبرْ
أَي تَحَرّجت فِي سَبْينا وقُرْبنا.
أَبُو عُبيد، عَن الأَحمر: بَرَرْت قَسَمِي؛ وبَرَرْتُ والدِي.
قَالَ: وَغَيره لَا يَقول هَذَا.
وأَخبرني المُنذري، عَن أبي الْعَبَّاس فِي كتاب (الفصيح) يُقال:
صَدَقْت وبَرِرْت.
وَكَذَلِكَ: بَرَرْت وَالِدي أَبِرّه.
وَقَالَ أَبُو زيد: بَرَرْت فِي قَسمي.
وأبَرّ الله قَسَمي؛ وَقَالَ الأَعْور الكَلْبيّ:
سَقَيْناهم دِمَاءَهُم فسالَتْ
فأَبْرَرْنا إِلَيْهِ مُقَسّمِينا
وَقَالَ غَيره: أبَرّ فلانٌ قَسم فلانٍ وأَحْنَثه.
(15/135)
فَأَما أبّره فَمَعْنَاه: أَنه أَجَابَهُ
إِلَى مَا أَقْسَم عَلَيْهِ. وأَحْنَثه، إِذا لم يُجِبْه.
أَبُو عُبَيد، عَن الْفراء: بَرّ حَجُّه.
فَإِذا قَالُوا: أَبرّ الله حَجَّه، قَالُوا بالأَلف.
والبِرّ فِي الْيَمين مِثْلُه.
وَقَالَ أَبُو سِعيد: بَرَّت سِلْعَتُه، إِذا نَفَقَت.
قَالَ: والأَصل فِي ذَلِك: أَن تُكافئه السِّلعة بِمَا حَفِظها وَقَامَ
عَلَيْهَا، تُكافئه بالغَلاء فِي الثّمن؛ وَهُوَ مِن قَول الأَعْشى
يَصف خَمْراً:
تَخَيَّرها أَخُو عانَاتَ شَهْراً
ورَجَّى بِرَّها عَاما فعاماً
أَي: رِبْحَها.
قَالَ: وَمن كَلَام سُليمان، مَن أَصْلح جُوَّانيّه أصلح الله
بَرَّانِيّه.
الْمَعْنى: من أصلح سَرِيرته أَصلح الله عَلَانِيَته، أُخذ من الجَوّ
والبَرّ. والجَوّ: كلُّ بَطْنٍ غامِض. والبَرّ: المَتْن الظَّاهِر،
فَجَاءَت هَاتَانِ الكلمتان على النّسبة إِلَيْهِمَا بالأَلف والنُّون.
وَمن كَلَام الْعَرَب: فلانٌ لَا يَعْرف هِرّاً من بِرّ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي، البِرّ، هَا هُنَا: الفَأر.
حَكَاهُ عَنهُ أَبُو العبّاس.
وَقَالَ خَالِد: الهِرّ: السِّنَّوْر، والبِرُّ: الجُرَذ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ: مَا يَعْرف الهَرْهَرة من
البَرْبَرة.
فالهَرْهَرة: صوتُ الضّأن؛ والبَرْبَرة: صَوت المِعْزَى.
قَالَ الفَزَارِيّ: البِرُّ: اللُّطْف؛ والهِرُّ: العُقُوق.
وَقَالَ يُونس: الهِرّ: سَوْقُ الْغنم؛ والبِرّ: دُعاء الْغنم.
أَبُو العبّاس، عَن ابْن الْأَعرَابِي: البِرُّ: فِعْل كُلِّ خَيْر من
أيّ ضَرْبٍ كَانَ.
والبِرّ: دُعاء الغَنَم إِلَى العَلف. والبِرّ: الإكْرام. والهِرُّ:
الخُصومة. قَالَ: والبِرّ: الفُؤاد.
ويُقال: هُوَ مُطْمئِنّ البِرّ؛ وأَنْشد ابْن الأَعْرابي:
أكون مَكانَ البِرّ مِنْهُ ودُونه
وأَجْعَل مَالِي دُونَه وأُؤامِرُه
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَرَابيرُ: أَن يَأتي الرَّاعي إِذا جَاع
إِلَى السُّنْبل فَيَفْرُك مِنْهُ مَا أحَبّ ويَنْزعه من قُنْبُعه،
وَهُوَ قِشْره، ثمَّ يَصُبّ عَلَيْهِ اللبنَ الحَليب ويُغْليه حَتَّى
يَنْضَج ثمَّ يَجْعله فِي إِنَاء واسِع ثمَّ يُسَمِّنه، أَي يُبرِّده،
فَيكون أطيبَ من السّمِيذ.
قَالَ: وَهِي الغَديرة؛ وَقد اغْتدَرْنا.
أَبُو عُبيد، عَن الأَصمعيّ: البَرِيرُ: ثمَر الأَراك؛ والمَرْدُ:
غَضُّه؛ والكَبَاث:
(15/136)
نَضيجُه.
اللَّيْث: البُرّ: الحِنْطة.
والبُرّة، الْوَاحِدَة.
والإبْرار: الغَلبة؛ وَقَالَ طَرَفة:
يَكْشِفُون الضُّرّ عَن ذِي ضُرّهم
ويُبِرُّون على الآبي المُبر
أَي: يَغْلِبون.
يُقال: أبَرّ عَلَيْهِ، أَي غَلَبه.
والمُبِرُّ: الغالِب.
أَخْبرنِي المُنْذِريّ، عَن ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه أَنْشد:
إِذا كُنْتُ مِنْ حِمّانَ فِي قَعْرِ دَارِهمْ
فَلَسْتُ أُبَالِي مَن أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ
قَالَ: (أبر) من قَوْلهم: أَبَرّ عَلَيْهِم شَرّاً.
قَالَ: وأَبَرَّ، وفجَر، وَاحِد، ولكنّه جَمع بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُئل رَجُلٌ من بني أَسد: أتَعْرف الفَرس
الْكَرِيم؟ قَالَ: أعْرف الجوادَ المُبِرّ من البطيء المُقْرِف.
قَالَ: والجواد المُبِرّ، الَّذِي إِذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْر،
ولَهَز لَهْزَ العَيْر، الَّذِي إِذا عَدا اسْلَهَبّ، وَإِذا قيد
اجْلَعَبّ، وَإِذا انْتَصب اتْلأبّ.
ويُقال: أَبَرّه يُبِرّه، إِذا قَهَره بفعال أَو غَيْره.
وبَرَّ يَبَرُّ، إِذا صَلَح.
وبَرَّ فِي يَمِينه يَبَرّ إِذا صَدَقه وَلم يَحْنَثْ.
وبَرَّ رَحِمَه يَبَرّ، إِذا وَصَله.
قَالَ: وبَرّ يَبَرّ، إِذا هُدِي.
سَلَمة، عَن الْفراء، قَالَ: البَرْبَريّ، الكَثير الكَلام بِلَا
مَنْفَعة.
وَقَالَ غَيره: رَجُلٌ بَرْبَارٌ، بِهَذَا الْمَعْنى.
وَقد بَرْبَر فِي كَلَامه بَرْبَرةً، إِذا أَكْثر.
حَدثنَا السَّعدي، عَن عَليّ بن خشرم، عَن عِيسَى، عَن الوَضّاحي، عَن
مُحارب بن دثار، عَن ابْن عمر، قَالَ: إِنَّمَا سَمَّاهم الله
أَبْرَاراً، لأنّهم بَرُّوا الْآبَاء والأَبْنَاء. وَقَالَ: كَمَا أنّ
لَك على وَلدك حَقّاً كَذَلِك لِولدك عَلَيْك حَقّ.
وحدّثني الْحُسَيْن بن إِدْرِيس، عَن سُويد، عَن ابْن الْمُبَارك، عَن
سُفْيَان، قَالَ: كَانَ يُقَال: حَقّ الْوَلَد على وَالِده أَن يُحسن
اسْمه، وَأَن يُزَوِّجه إِذا بلغ، وَأَن يُحِجّه، وَأَن يُحسن أَدَبه.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: البَرْبَرة: الصَّوْت.
وَقَالَ اللَّيث: هُوَ الجَلبة باللِّسان وكَثْرة الْكَلَام.
ورَجُل بَرّبار، إِذا كَانَ كَذَلِك.
وبَرْبَر: جِيل من النَّاس، يُقال: إنّهم من ولد قَيْس عَيْلان.
أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي: البُرْبُور:
(15/137)
الجَشيش من البُرّ.
ويُقال: فلانٌ يَبَرّ رَبَّه: أَي يُطيعه؛ وَمِنْه قولُه:
يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونكا
ورَجُلٌ بَرٌّ بِذِي قَرابته.
وبارٌّ: من قوم بَرَرة، وأبْرَار.
والمَصْدر، البِرّ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ
قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَاكِنَّ الْبِرَّ مَنْءَامَنَ
بِاللَّهِ} (الْبَقَرَة: 176) . فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: ولكنّ ذَا البِرّ من آمَن بِاللَّه.
وَالْقَوْل الآخر: ولكنّ البِرّ بِرّ مَن آمن بِاللَّه؛ كَقَوْلِه:
وَكَيف نُواصِلُ من أصْبَحت
خُلالَتُه كأَبِي مَرْحَب
أَرَادَ: كخُلالة أبي مَرْحب.
وَقَالَ تَعَالَى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} (الْبَقَرَة:
44) .
البِرّ: الاتِّسَاع فِي الْإِحْسَان والزّيادة فِيهِ. وَيُقَال: أَبَرّ
على صَاحبه فِي كَذَا، أَي زَاد عَلَيْهِ.
وسُمِّيت البَرِّيّة لاتِّساعها.
والبِرّ: اسمٌ جامعٌ للخَيْرات كُلّها.
والبِرّ: الصِّلَة.
وَفِي بعض الحَدِيث: وَلَهُم تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرَة.
البربرة: الصّوت؛ والتَّغَذْمُر: أَن يتكلّم بِكَلَام فِيهِ كِبْر.
(بَاب الرَّاء وَالْمِيم)
ر م
مر، رم.
رم: قَالَ اللَّيث: الرَّمُّ: إصْلاح الشَّيْء الَّذِي قد فَسد
بَعْضُه، من نَحْو حَبْل يَبْلَى فَترمّه، أَو دَارٍ تَرُمّ شَأْنَها
مَرَمَّةً.
ورَمُّ الْأَمر: إصْلاحه بعد انْتِشاره.
وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم أَلبانَ البَقر فَإِنَّهَا تَرُمّ من كُلّ
الشَّجَر) .
قَالَ ابْن شُمَيل: الرَّمّ، والارْتِمام: الأكْل.
قَالَ: والرُّمَام من البَقل حِين ترمُّه المَال بأفواهها لَا تنَال
مِنْهُ إِلَّا شَيْئاً قَلِيلاً.
وَيُقَال لليَبيس حِين يَبْقُل: رُمَامٌ أَيْضا.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: والمِرَمّة، بِالْكَسْرِ: شَفة الْبَقَرَة وكل
ذَات ظِلْف، لِأَن بهَا تَأْكُل.
والمَرَمّة: بِالْفَتْح، لُغَة فِيهِ.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي العبَّاس، قَالَ: الشَّفة من
الْإِنْسَان ومِن ذَوَات الظِّلْف: المِرَمّة والمِقَمَّة، وَمن ذَوَات
الخُفّ: المَشْفَر.
وَفِي حَدِيث آخر عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن
الاسْتِنْجاء بالرَّوْث والرِّمّة.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الرِّمة:
(15/138)
العِظام البالية؛ قَالَ لَبيد:
وَالْبَيْت إِن تَعْرَمنّي رِمَّةٌ خَلَقاً
بعد المَمَات فإنّي كنتُ أَتّئِرُ
قَالَ أَبُو عُبيد: والرَّميم، مثل الرِّمّة؛ قَالَ الله تَعَالَى:
{وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ} (يس: 78) .
يُقال مِنْهُ: رَمّ العَظْمُ، وَهُوَ يَرمّ رِمّةً، وَهُوَ رَميم.
وأَخبرني المنذرِيّ، عَن ثَعلب، قَالَ: يُقَال: رَمّت عِظَامُه،
وأَرَمَّت، إِذا بَلِيت.
وَقَالَ غَيره: أَرَمّ العَظْمُ فَهُوَ مُرِمّ، وأَنْقى فَهُوَ مُنْقٍ،
إِذا صَار فِيهِ رِمٌّ، وَهُوَ المُخّ.
والرُّمّة من الحَبل، بِضَم الرَّاء: مَا بَقِي مِنْهُ بعد تَقَطّعه؛
وجَمْعها: رِمَم، وَبِهَذَا سُمِّي غَيْلان العدويّ الشَّاعِر: ذُو
الرُّمّة؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي أُرجوزة لَهُ:
أَشْعث مَضْروب القَفَا مَوْتود
فِيهِ بقايا رُمَّةِ التَّقْلِيدِ
يَعني مَا بَقي فِي رَأس الوَتد من رُمّة الطُّنب المَعْقُود فِيهِ.
وَمن هَذَا يُقال: أعطيتُه الشيءَ بِرُمّته، أَي بجماعته.
وأَصلها: الحَبل يُقاد بِهِ الْبَعِير؛ وَمِنْه قَول الأَعْشى:
فقلتُ لَهُ هَذِه هَاتِهَا
بأَدْماء فِي حَبْل مُقْتَادِها
قَالَ أَبُو بكر، فِي قَوْلهم: أَخذ الشَّيْء برُمّته، قَوْلان:
أحدُهما: أَن الرُّمّة: قِطْعَةُ حَبْل يُشَدّ بهَا الأَسير أَو
الْقَاتِل إِذا قِيد إِلَى القَتْل لِلْقَود، وقولُ عليَ يَدُلّ على
هَذَا حِين سُئل عَن رَجُل ذَكر أَنه رأى رَجلاً مَعَ امْرَأَته
فقتَله، فَقَالَ: إِن أقامَ بَيِّنةً على دَعْواه وَجَاء بأَرْبعَة
يشْهدُونَ وَإِلَّا فَلْيُعْط برُمَّته.
يَقُول: إِن لم يُقم البيّنة قَادَهُ أهلُه بحَبْل فِي عُنقه إِلَى
أَوْلِيَاء القَتيل فيُقْتل بِهِ.
وَالْقَوْل الآخر: أخذتُ الشَّيْء تامّاً كَامِلا لم يُنقص مِنْهُ
شَيْء.
وَأَصله: الْبَعِير يُشَدّ فِي عُنقه حَبْل، فَيُقَال: أَعطاه البعيرَ
برُمّته؛ قَالَ الكُمَيت:
وَصْل خَرْقَاء رُمَّةٌ فِي الرِّمَام
ويُقال: أخذتُ الشَّيء برُمَّته، وبزَغْبره، وبجُمْلته، أَي أَخَذته
كُله لم أَدعْ مِنْهُ شَيْئا.
وَفِي حَدِيث: فأَرَمّ القَوْمُ.
قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَمّ الرَّجُل إرْمَاماً، إِذا سَكَت. فَهُوَ
مُرِمّ.
والإرْمَامُ: السُّكُوت.
وأمّا التّرَمْرُم، فَهُوَ أَن يُحرِّك الرَّجُلُ شَفَتَيْه بالْكلَام.
يُقال: مَا تَرَمْرم فلانٌ بحَرْف، أَي مَا نَطق؛ وأَنْشد:
إِذا تَرَمْرَم أَغْضى كلُّ جَبَّار
(15/139)
وَقَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم: مَا
تَرَمْرم، مَعْناه: مَا تحرّك؛ قَالَ الكُمَيت:
تكَاد الغُلاةُ الجُلْسُ مِنْهُنَّ كُلّما
تَرَمْرم تُلْقِي بالعَسِيب قَذَالهَا
وَيجوز أَن يكون (مَا ترمرم) مبنيّاً من: رام يريم، كَمَا تَقول:
خَضْخضت الْإِنَاء، وَالْأَصْل من: خَاضَ يَخُوض؛ ونَخْنَخت الْبَعِير،
وَالْأَصْل: أَنَاخَ.
والرَّمْرَامة: حِشيشةٌ مَعْروفة فِي الْبَادِيَة؛ والرَّمْرام:
الْكثير مِنْهُ.
وَمن كَلَامهم فِي بَاب النَّفْي: مَا لَهُ عَن ذَلِك الأَمر حَمٌّ
وَلَا رَمٌّ، أَي بُدٌّ، وَقد يُضَمَّان.
قَالَ اللَّيْث: أمّا: حمُ، فَمَعْنَاه: لَيْسَ يَحول دونه قَضَاء.
قَالَ: ورَمّ: صلَة، كَقَوْلِهِم: حَسَن بَسَن.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْفراء: فِي قَوْلهم: مَا لَهُ حُمٌّ وَلَا
سُمٌّ، أَي مَا لَهُ هَمٌّ غَيْرك.
وَمَا لَهُ حُمٌّ وَلَا رُمٌّ، أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء.
وأمّا الرُّمّ فَإِن ابْن السِّكِّيت قَالَ: يُقالُ: مَا لَهُ ثُمٌّ
وَلَا رُمٌّ، وَمَا يَمْلك ثُمّاً وَلَا رُمّاً.
قَالَ: والثُّم: قُماش النَّاس: أَساقيهم وآنِيتهم. والرُّمّ: مَرَمّة
البَيت.
قلت: والكلامُ هُوَ هَذَا، لَا مَا قَالَه اللَّيْث.
وقرأت بِخَط شَمر فِي حَدِيث عُرْوة بن الزُّبَير حِين ذكر أُحيحة بن
الجُلاَح وَقَول أَخْوَاله فِيهِ: كُنّا أَهْل ثُمَّة ورُمَّة.
قَالَ: قَالَ أَبُو عُبيد: هَكَذَا حدّثوه بِضَم الثَّاء وَالرَّاء؛
وَوَجهه عِنْدِي: أَهل ثَمّه ورَمّه، بِالْفَتْح.
قَالَ: والثَّم: إصْلَاح الشَّيْء وإحكامه، والرَّم من (الطّعْم) ،
يُقال: رَمَمت رَمّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الثَّمّ والرَّمّ: إصْلَاح الشَّيْء وإحكامه.
قَالَ شَمر: وَكَانَ هَاشم بن عَبد منَاف تزوّج سَلْمى بنت زيد
النَّجّاريّة بعد أُحَيْحة بن الجُلاح، فَولدت لَهُ شَيبة، وتُوفي
هَاشم وشَبّ الْغُلَام، فَقدم المُطّلب بن عبد منَاف فَرَأى الغُلام
فانتزعه من أُمّه، وأَرْدفه راحِلَته، فلمّا قَدِم مَكَّة قَالَ
النَّاس: أَرْدَف المُطَّلب عَبْده، فسمِّي: عَبْد المُطَّلب.
وَقَالَت أُمه: كنّا ذَوي ثَمّه ورَمّه حَتَّى إِذا قَامَ على ثَمِّه
انْتزعوه عَنوة من أُمّه، وغلَب الأَخْوالَ حقُّ عمِّه.
قلت: وَهَذَا الْحَرْف رَواه الرُّواة هَكَذَا: ذَوي ثُمِّه ورُمِّه.
وَكَذَلِكَ رُوي عَن عُروة، وَقد أَنكره أَبُو عُبيد. والصَّحيح
عِنْدِي مَا جَاءَ فِي الحَديث.
وَالْأَصْل فِيهِ مَا قَالَه ابْن السِّكِّيت: مَا لَهُ ثُمّ وَلَا
رُمّ.
فالثُّمّ: قماش الْبَيْت، والرُّمّ: مَرَمّة الْبَيْت؛
(15/140)
كَأَنَّهَا أَرَادَت: كُنَّا القائمين
بأَمره حِين ولدتُه إِلَى أَن شَب وَقَوي. وَالله أَعلم.
ومِن كَلَامهم السّائر: جَاءَ فلانٌ بالطِّم والرِّمّ.
مَعْنَاهُ: جَاءَ بكُل شَيْء ممّا يكون فِي البَرِّ وَالْبَحْر.
أَرَادَ بالطِّم: البَحْر، وَالْأَصْل فِيهِ الطَّمّ بِفَتْح الطَّاء،
فكُسرت الطَّاء لمعاقبته الرِّم، والرِّمّ: مَا فِي البَرِّ من
النَّبات وغَيره.
وسَمِعْتُ الْعَرَب تَقول للَّذي يَقُش مَا سَقط من الطَّعام وأَرْذَله
ليأكُله وَلَا يتوقَّى قَذَره: فلانٌ رمّام قَشّاش.
وَهُوَ يَتَرَمّم كُلَّ رُمَام، أَي يَأكُله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رَمّ فلانٌ مَا فِي الغَضَارة: إِذا أَكل
كُلَّ مَا فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقال: رَمَاه بالمُرِمّات، إِذا رَماه
بالدَّواهِي.
وَقَالَ أَبُو مَالك: هِيَ المُسْكِتات.
ورَمِيم: اسْم امْرأة.
مر: أَبُو عُبيد، عَن أبي زَيْدٍ، قَالَ: الأَمَرُّ: المَصَارِين،
يَجْتمع فِيهَا الفَرْث؛ وأَنْشد:
وَلَا تُهْدِي الأمَرَّ ومَا يَلِيه
وَلَا تُهْدِنّ مَعْرُوق العِظَامِ
قَالَ: وَقَالَ الكِسَائِيّ: لَقِيتُ مِنْهُ الأَمَرَّيْن والبُرَحَيْن
والأَقْوَرَيْن، أَي لَقِيتُ مِنْهُ الشَّرَّ.
قلت: جَاءَت هَذِه الحُروف على لَفظ الجَماعة بالنُّون عَن الْعَرَب،
كَمَا قَالُوا: مَرَقَة مَرَقَيْن.
وأمّا قَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَاذَا فِي الأَمَرَّين من
الشِّفَاء) ، فإنّه مُثنًّى، وهما الثُّفّاء والصَّبِر، والمَرَارة فِي
الصَّبر دون الثُّفّاء، فغَلَّبه عَلَيْهِ.
وتأنيث (الأَمَرّ) : المُرّى؛ وتَثْنِيتها: المُرَّيَان.
وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود فِي الوصيّة: هما المُرَّيان:
الْإِمْسَاك فِي الْحَيَاة والتَّبْذِير عِنْد الممَات.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: هما المُرَّيان: هما الخَصْلتان
المُرَّتان، الْوَاحِدَة: المُرَّى، مثل الصُّغْرَى، والكُبْرَى،
وتَثْنِيتهما: الصُّغُريان والكُبْريان، نسبهما إِلَى المرارة لِمَا
فيهمَا من مَرارة الْإِثْم.
قَالَ أَبُو عُبيد: والمُمَرّ: الحَبْلُ الَّذِي أُجِيد فَتْلُه.
قلت: وَيُقَال لَهُ: المرَار، والمَر، وَأنْشد ابْن الأَعْرابيّ:
ثمَّ شَدَدْنا فَوْقَه بِمَرّ
بَين خَشَاشَيْ بازلٍ جِوَرّ
وأَمْرَرْتُ الحَبْلَ أُمِرّه، إِذا شَدَدْت فَتْله.
وَقَوله تَعَالَى: {وَيَقُولُواْ سِحْرٌ} (الْقَمَر: 2) ، أَي مُحْكَم
قوِيّ.
قَالَ الفَرّاء: مَعْنَاهُ: سَيَذْهب ويَبْطُل، من
(15/141)
مَرّ يَمُرّ، إِذا ذَهَب.
قَالَ الزّجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {صَرْصَراً فِى يَوْمِ نَحْسٍ}
(الْقَمَر: 19) ، أَي دَائِم الشُّؤْم.
وَقيل: هُوَ القويّ فِي نُحُوسَتِه.
وَقيل: مُسْتَمِرّ، أَي مُرّ.
وَقيل: مُسْتَمِرّ: نافذٌ ماضٍ فِيمَا أُمِر بِهِ وسُخِّر لَهُ.
والمِرّة: القُوّة؛ وَجَمعهَا: المِرَر.
قَالَ الله تَعَالَى: {الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى} (النَّجْم: 6)
.
قَالَ الفَرّاء: ذُو مِرّة: من نَعت قَوْله تَعَالَى: { (يُوحَى
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} {الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}
(النَّجْم: 5 و 6) .
وأَخْبرني المُنْذِريّ، عَن الحَرّاني، عَن ابْن السِّكِّيت، قَالَ:
المِرّة: القُوَّة.
قَالَ: أَصْل المِرّة: إحْكام الفَتْل.
يُقال: أَمَرّ الحَبْلَ إِمْراراً.
قَالَ: وَسمعت أَبَا الهَيْثم يَقُول: مَارَرْتُ الرَّجُل مُمَارَّةً
ومِرَاراً، إِذا عَالجْتَه لِتَصْرَعه، وأَراد ذَلِك مِنْك أَيْضا.
قَالَ: والمُمَرّ: الَّذِي يُدْعى للبَكْرَة الصَّعْبة ليمُرّها قَبْل
الرَّائِضِ.
قَالَ: والمُمَرّ: الَّذِي يَتَعَقَّل البَكْرَةَ الصَّعْبَة
فَيَسْتَمْكن من ذَنَبها ثمَّ يُوَتِّد قَدَميْه فِي الأَرْض كي لَا
تَجُرّه إِذا أَرَادت الإفْلات مِنْهُ.
وأَمَرّها بذَنبها: أَي صَرفها شِقّاً لِشِقَ حتّى يذَلِّلها بذلك،
فَإِذا ذَلّت بالإِمْرار أَرْسلها إِلَى الرَّائض.
وكُلّ قُوّة من قُوى الحَبْل: مِرَّة؛ وجَمعها: مِرَر.
قَالَ الأصمعيّ فِي قَول الأَخْطل:
إِذا المِئُون أمِرّت فَوْقه حَمَلاَ
وَصَف رَجُلاً يتحمّل الحِمَالات والدِّيَات، فيقولُ: إِذا استُوثق
مِنْهُ بِأَن يَحْمل المِئين من الْإِبِل ديات فأُمِرّت فَوق ظَهره،
أَي شُدّت بالمِرار، وَهُوَ الحَبْل، كَمَا يُشَدّ على ظَهر البَعير
حِمْلُه، حَمَلها وأدّاها.
وَمعنى قَوْله: (حَمَلا) ، أَي ضَمِن أَدَاء مَا حَمَل وكَفَل.
وَقَالَ اللِّحْياني: يُقال: أَمْرَرْتُ فُلاناً على الجِسْر أُمِرّه
إِمْرَاراً، إِذا سَلَكْتَ بِهِ عَلَيْهِ.
قَالَ: ويُقال: شَتَمني فلانٌ فَمَا أَمْرَرْتُ وَمَا أَحْلَيْت، أَي
مَا قلت مُرّةً وَلَا حُلْوة.
وَيُقَال: مَرّ هَذَا الطَّعَام فِي فَمِي، أَي صَار مُرّاً.
وَكَذَلِكَ كُل شَيْء يَصِير مُرّاً.
والمَرَارة: الِاسْم.
قَالَ: وَقَالَ بعضُهم: مَرّ الطعّام يَمَرُّ مَرَارةً. وبعضُهم:
يَمُرّ. وَلَقَد مَرِرْت يَا طَعَام. وَأَنت تَمَرّ؛ قَالَ الطِّرمّاح:
(15/142)
لَئِن مَرّ فِي كِرْمان لَيْلِي لربّما
حَلاَ بَين شَطّيْ بابِلٍ فالمُضَيّحِ
قَالَ: وأَنشد الفَرّاء لِبَعض العَرب، وَذكر أنّ المُفضّل أَنشده:
لِيَمْضُغني العِدا فأَمَرّ لَحْمي
فأَشْفَق من حِذاري أَو أَتَاعَا
قَالَ: وأَنْشده بعضُهم (فأفرق) ، ومعناهما: سَلَح. وأتاع، أَي قاء.
قَالَ: وَلم يَعْرف الكسائيّ (مَرّ اللَّحْم) بِغَيْر ألف؛ وأَنشد
الْبَيْت الَّذِي قَبْله:
أَلا تِلْكَ الثَّعالبُ قد توالتَ
عليّ وحالَفت عُرْجاً ضِبَاعَا
لِتَأَكُلني فَمَرّ لهنّ لَحْمي
فأَذْرَق من حِذَارِي أَو أتَاعَا
ثَعلب، عَن ابْن الأَعْرابيّ: مَرّ الطّعَامُ يَمَرّ.
ومَرَّ يَمَرّ من المُرُور.
ويُقال: لقد مَرِرْتُ: من المِرّة، أَمَرّ مَرّاً ومِرّةً، وَهِي
الِاسْم.
وَقَالَ غَيره: اسْتَمَرّت مَرِيرة الرّجُل، إِذا قويت شكِيمته.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله عزّ وجلّ: {يُعْرِضُواْ وَيَقُولُواْ
سِحْرٌ} (الْقَمَر: 2) مَعْنَاهُ: سَيَذْهب ويَبْطُل.
قلت: جعله من (مَرّ يَمُرّ) ، إِذا ذهب.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال معنى قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُواْ سِحْرٌ}
(الْقَمَر: 19) ، أَي دَائِم.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {صَرْصَراً فِى يَوْمِ نَحْسٍ}
(الْقَمَر: 19) قَالَ: معنى نحس: شُؤم. ومُسْتَمِرّ: دَائِم الشُّؤْم.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَرَّتْ بِهِ} (الْأَعْرَاف: 189) ،
مَعْنَاهُ: اسْتَمرّت بِهِ، قعدت وَقَامَت لم يُثْقلها؛ {فَلَمَّآ
أَثْقَلَت} (الْأَعْرَاف: 189) أَي دَنا وِلادُها.
وَقَالَ غَيره: {وَيَقُولُواْ سِحْرٌ} (الْقَمَر: 2) ، أَي قَوِيٌّ.
وَقيل: مُستمر، أَي مُرّ.
يُقَال: مَرّ الشَّيْء، وأَمَرّ، واسْتَمَرّ، من المَرَارة.
وَقَوله تَعَالَى: {مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى} (الْقَمَر: 46)
أَي أشَدّ مَرارة.
وَيُقَال: هَذِه البَقْلة من أَمْرَار البُقول. والمُرّة، للْوَاحِد.
والمُرَارة أَيضاً: بَقلة مُرّة؛ وجَمعها: مُرَار.
قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا أكلت الْإِبِل المُرَارَ قَلصت عَنهُ
مَشافِرُها.
وأنما قيل لحُجْر: آكل المُرار، لأنّ بِنتاً لَهُ كَانَ سَباها مَلِكٌ
من مُلوك سَلِيح، يُقَال لَهُ: ابْن هَبُولة، فَقَالَت بِنْت حُجْر:
كأنّك بأَبِي قد جَاءَ كَأَنَّهُ جَمل آكِلُ مُرَار. يَعْنِي: كاشراً
عَن أَنْيابه.
(15/143)
قَالَ: وَوَاحِد المُرار: مُرارة؛ وَبهَا
سُمِّي الرجُل.
حَكَاهُ أَبُو عُبيد، عَن الأصمعيّ.
والمَرْمَارُ: الرُّمّان الكَثير المَاء الَّذِي لَا شَحْم لَهُ؛
وَقَالَ الراجز:
مَرْمَارَة مِثْل النَّقَا المَرْمُور
والمَرْمَر: نوعٌ من الرُّخَام صُلْب؛ وَقَالَ الأعْشَى:
كدُمْيةٍ صُوِّر مِحْرَابُها
بِمُذْهَبٍ ذِي مَرْمَرٍ مائِرِ
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقال للرجل إِذا اسْتقام أمْرُه بعد فَساد: قد
اسْتَمَرّ.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: أَرْجَى الغِلْمان الَّذِي يبْدَأ بحُمْقٍ ثمَّ
يَسْتمرّ؛ وأَنْشد الأَعْرابيّ يُخاطب امْرَأَته:
يَا خَيْرُ إنِّي قد جَعلتُ أَسْتَمِرّ
أَرْفع مِن بُرْدَيّ مَا كُنتُ أَجُرّ
وَقَالَ اللّيث: كُل شَيْء قد انقادت طُرْقَته، فَهُوَ مُسْتَمِرّ.
ابْن السِّكّيت: يُقَال: فلانٌ يَصنع ذَلِك الأَمْر آونةً، إِذا كَانَ
يَصنعه مِراراً ويدعه مِرَاراً.
ويُقال: فلَان يَصنع ذَلِك تاراتٍ، ويَصنع ذَلِك تِيَراً، ويَصنع ذَلِك
ذاتَ المِرار.
معنى ذَلِك كُله: يَصْنعه مرَارًا ويدعه مرَارًا.
قَالَ: المَرَارة: لكُلِّ حَيَوَان إلاّ للبعير، فَإِنَّهُ لَا مَرارة
لَهُ.
قَالَ: والمرّة: مزاج من أَمْزجة الجَسد.
والمَرِيرة: عِزّة النَّفس.
ومُرارة، من الْأَسْمَاء.
ومُرّة: أَبُو قَبيلَة من قُريش.
وبَطن مُرّ: مَوضِع.
أَبُو عُبيد، عَن الْفراء: فِي الطَّعام زُؤَان، ومُرَيْرَاء،
ورُعَيْداء، وكُلّه مِمَّا يُرْمَى بِهِ ويُخرج مِنْهُ.
والأمْرار: مياه مَعْرُوفَة فِي دِيار بني فَزارة.
وَفِي الحَدِيث إنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَره من الشّاء
سَبْعاً: الدَّم، والمَرَار، والحَياء، والغُدَّة، والذَّكَر،
والأُنْثيين، والمَثانة.
قَالَ القُتيبي: أَرَادَ المُحدثّ أَن يَقُول: (الأَمَرّ) فَقَالَ:
المَرار، والأَمَرّ: المَصارين.
ثَعلب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَرْمَر، إِذا غَضِب.
ورَمْرَم، إِذا أَصْلح شأنَه.
وَقَالَ غَيره: مُرَامِرَات: حروفُ هجاء قَديم لم يَبْق مَعَ النَّاس
مِنْهُ شَيء.
قلت: سَمِعت أعرابيّاً يَقُول فِي كَلَام لَهُم: وَذَلٌ وَذَلٌ،
يُمَرْمِر مِرْوة ويَلُوكها.
يُمَرْمر: أَصله: يُمَرِّر، أَي يَدْحُو لَهَا على وَجْه الأَرْض.
(15/144)
وَقَالَ ابْن السِّكيت: المَرِيرة من
الحبال: مَا لَطُف وَطَالَ واشْتَدّ فَتْله.
وَهِي: المَرَائر.
وَاسْتمرّ مريره، أَي قَوِي بعد ضَعْف.
وَيُقَال: رَعَى بَنو فلَان المُريّان، وهما الآلاء والشِّيح.
وَفِي حَدِيث ابْن الزُّبير، قَالَ: لما قُتل عُثْمَان، قُلت: لَا
أَستقبلها أبَداً، فَلَمَّا مَاتَ أبي انْقَطع بِي ثمَّ اسْتمرّت
مَرِيرتي.
يُقَال: اسْتمرّت مريرة فلَان على كَذَا، إِذا اسْتَحكم أَمْرُه
عَلَيْهِ وقَوِيت شَكِيمته فِيهِ.
وَأَصله من الفَتل أَن يَسْتَقيم للفاتل.
وكل شَيْء انقادت طريقتُه، فَهُوَ مُسْتَمِرّ.
وَقَوله: لَا أستقبلها، أَي لم تُصبْني مُصيبة مثلهَا قَطّ.
وَفِي حَدِيث الْوَحْي: (إِذا نَزل سَمِعت الْمَلَائِكَة صوتَ مَرار
السِّلْسلة على الصَّفا) .
المَرار، أَصله الحَبْل، لِأَنَّهُ يُمَرّ، أَي: يُفْتَل.
وَإِن رُوِي (إمرار السلسلة) فَحسن.
يُقَال: أَمررت الشَّيْء، إِذا جَرَرته؛ قَالَ الحادِرَةُ:
ونَقِي بصَالح مالنا أَحْسَابنا
ونُمر فِي الهَيْجا الرِّمَاحَ ونَدَّعِي
(15/145)
|