تهذيب اللغة

كتاب اللَّام من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف مِنْهُ

(بَاب اللَّام وَالنُّون)
ل ن
لن، نل.
نل: أَهمله اللَّيْث.
ابْن الْأَعرَابِي: النُّلْنُل: الشَّيخ الضَّعِيف.
لن: قَالَ النّحويون: (لن) تَنْصب المُسْتقبل، وَاخْتلفُوا فِي علّة نَصْبها إيّاه.
فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: رُوي عَن الْخَلِيل فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنَّهَا نَصبت كَمَا نصبت (أَن) ، وَلَيْسَ (مَا) بعْدهَا بصلَة، لأنّ (لَن تفعل) نَفْيُ (سيفعل) ، فيقدّم مَا بعْدهَا عَلَيْهَا، نَحْو قَوْلك: زيدا لن أضْرب، كَمَا تَقول: زيدا لم أَضْرب.
ورَوى سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل: الأَصل فِي (لن) : (لَا أَن) ، ولكنّ الحَذف وَقع اسّتخفافاً.
قَالَ: وزَعم سِيبَوَيْهٍ أنّ هَذَا لَيْسَ بجيّد، وَلَو كَانَ كَذَلِك لم يَجز: زيدا لن أَضرب، وَهُوَ جَائِز على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل وَجَمِيع النَّحْوِيين البَصْريين.
وَحكى هِشام عَن الْكسَائي مِثْلَ هَذَا القَوْل الشاذّ عَن الْخَلِيل، وَلم يَأْخُذ بِهِ سِيبَوَيْهٍ وَلَا أصحابُه.
اللَّيْث، عَن الْخَلِيل فِي (لن) أَنه (لَا أَن) فوُصلت لكثرتها فِي الْكَلَام، أَلا تَرى أَنَّهَا تُشبه فِي المَعْنى (لَا) وَلكنهَا أَوْكد، تَقول: لن يُكرمَك زيدٌ. مَعْنَاهُ: كَأَنَّهُ كَانَ يَطمع فِي إكرامه، فَنَفَيْت ذَاك ووكَّدت النَّفْي ب (لن) فَكَانَت أوجب من (لَا) .

(بَاب اللَّام وَالْفَاء)
ل ف
لف، فل.
لف: اللَّيث: اللَّفَف: كثرةُ لحم الخَدَّين والفَخِذَين.
وَهُوَ فِي النّساء نَعت، وَفِي الرِّجال عَيْب.
تَقول: رَجُلٌ ألفّ: ثَقيل.
واللَّفيف: مَا اجْتمع من النَّاس من قبائل

(15/239)


شتَّى لَيْسَ أَصْلُهم وَاحِدًا.
يُقَال: جَاءُوا بلَفّهم ولَفِيفهم.
عَمْرو، عَن أَبِيه: اللَّفيف: الْجمع الْعَظِيم من أَخْلاط شَتّى، فَمنهمْ الشَّريف والدَّنيء، والمُطِيع، والعاصي، والقويّ والضَّعيف.
اللَّيْث: اللَّفيف من الْكَلَام: كُل كلمة فِيهَا مُعتلاّن، أَو مُعتلّ ومُضاعف.
قَالَ: واللَّفَف مَا لفّفوا من هَا هُنَا وَهَا هُنَا، كَمَا يُلفّف الرجلُ شهادةَ الزُّور.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن الْأَخْفَش، فِي قَوْله جلّ وعزَّ: {وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} (النبأ: 16) وَاحِدهَا: لفّة.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: لم نَسمع شَجَرَة لَفَّة، وَلَكِن وَاحِدهَا: لَفَّاء، وَجَمعهَا: لُفٌ، وَجمع لُفّ: أَلْفاف.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق (ألفافاً) أَي: وبساتين مُلْتَفّة.
ابْن الْأَعرَابِي: عَن المفضَّل: اللفّ: الصِّنْف من النَّاس، من خَير أَو شَر.
واللَّفّ: الأَكْل.
واللَّفّ: الشَّوابل من الْجَوَارِي، وَهن السِّمَان الطِّوال.
وَفِي حَدِيث أُمّ زرع: إِن أكل لَفَّ.
قَالَ أَبُو عُبيد: اللَّف فِي المَطعم: الْإِكْثَار مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيط من صُنوفه، لَا يُبقي مِنْهَا شَيْئا.
ابْن الْأَعرَابِي: اللَّفَف: أَن يَلْتوي عِرْقٌ فِي ساعد الْعَامِل فيُعَطِّله عَن العَمل.
غَيره: الألفّ: عِرقٌ يكون بَين وَظيف اليَد وَبَين العُجاية فِي بَاطِن الوَظيف؛ وأَنشد:
يَا رَيَّها إنْ لم تَخُنِّي كَفِّي
أَو يَنْقطع عِرْقٌ من الألَفّ
ابْن الْأَعرَابِي: لَفْلَف الرَّجُلُ، إِذا اضْطربَ ساعدُه من الْتواء عِرْق فِيهِ.
وَهُوَ اللَّفَف؛ وأَنشد:
الدَّلْو دَلْوِي إنْ نجت من اللَّجَفْ
وَإِن نجا صاحبُها من اللَّفَفْ
أَبُو عُبيد، عَن أبي زيد: الألَفّ: العَيِيّ.
قَالَ الأصمعيّ: هُوَ الثقيل اللِّسان.
المبرّد: اللَّفيف: إِدْخَال حَرف فِي حَرف.
اللَّيْث: ألَفّ الرجلُ رَأسَه، إِذا جَعله تَحت ثَوبه.
وألَفّ الطَّائِر رأسَه، إِذا جعله تَحت جنَاحه.
وَقَالَ أُميّة بن أبي الصَّلْت:
وَمِنْهُم مُلِفٌّ رأسَه فِي جَناحه
يكَاد لذِكْرَى ربِّه يَتَفَصَّدُ
ابْن الْأَعرَابِي: لَفْلَف الرَّجُل، إِذا اسْتَقْصى الْأكل والعَلْف.
قَالَ: ولَفْلَف: موضعٌ.
وَيُقَال: تلفّف الرَّجُل بثَوْبه، والتَفَّ بِهِ.

(15/240)


وَمِنْه: لِفافة الرَّجُل.
وَقيل فِي قَوْله جلّ وعزّ: {الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} (الْقِيَامَة: 29) : إنّه لَفُّ ساقَي الْمَيِّت فِي كَفنه.
وَقيل: إِنَّه اتِّصَال شدّة الدُّنيا بشدّة الْآخِرَة.
وَالْمَيِّت يُلَفّ فِي كَفنه لفّاً، إِذا أُدْرج فِيهِ إدراجاً.
واللَّفيفة: لحم المَتْن الَّذِي تَحْتَهُ العَقب من الْبَعِير.
فل: اللَّيْث: الفَلّ: المُنْهزمُون.
والجميع: الفُلاَّل.
قَالَ: والتَّفليل: تفلُّل فِي حدّ السّيف، أَو فِي غُروب الأَسنان وَنَحْو ذَلِك.
وَفِي سَيفه فُلول؛ وَقَالَ النَّابِغَة يصف السُّيوف:
بِهن فُلولٌ من قِرَاع الكتائِبِ
وَقوم فُلُول: مُنْهزمون.
قَالَ: والاسْتفلال: أَن يُصيب من الْموضع العَسِر شَيْئا قَلِيلا من مَوضِع طَلب حَقّ أَو صِلَة، فَلَا يَسْتَفِلّ إِلَّا شَيْئا يَسِيرا.
ابْن السِّكيت: الفَلّ: الثّلْم فِي السّيف.
وَجمعه: فُلُول.
والفَلّ: الْقَوْم المُنْهزمون، وأَصله من الكَسر، وانفلّ سِنُّه؛ وأَنشد:
عُجَيِّز عارضُها مُنْفَلُّ
قَالَ: والفِلُّ: الأرْضُ الَّتِي لم يُصِبْها مَطَرٌ.
وَجمعه: أَفْلال.
وَقد أَفْلَلنا، إِذا وَطئنا أَرضًا فِلاًّ؛ وَقَالَ ابْن رَواحة:
شَهِدْتُ ولَم أكذبْ بأنّ مُحَمَّدًا
رسولُ الَّذِي فَوق السَّموات من عَلُ
وأنّ الَّتِي بالجِزْع من بَطن نَخْلة
ومَن دانهَا فِلٌّ من الخَيرَ مَعْزِلُ
وَقَالَ الراجز:
حَرَّقها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ
وغَتْم نَجْمٍ غيرُ مُسْتَقِلّ
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: أرضٌ فِلٌّ: لَا شيءَ بهَا.
والفَلاة، مِنْهُ.
شَمر، عَن ابْن شُميل: الفَلاَليّ، واحدتها: فَلِيّةٌ: الأَرْض الَّتِي لم يُصبها مطرٌ عامَها حَتَّى يُصيبها المطرُ من الْعَام المُقبل.
ويُقال: أَرض أَفْلال؛ وَقَالَ الراجز:
مَرْت الصَّحارِي ذُو سُهُوبٍ أَفْلاَلْ
الْفراء: أَفَلّ الرَّجلُ: صَار فِي أَرض فِلّ لم يُصِبْه مطرٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
أَفَلّ وأَقْوى فَهُوَ طاوٍ كَأَنَّمَا
يُجَاوب أَعلَى صَوْته صوتُ مِعْوَلِ
عَمْرو، عَن أَبِيه: الفُلّى، والفُرّى: الكتيبة

(15/241)


المُنْهزمة.
وسيفٌ أفلّ: ذُو فُلُول.
وقَفر مُفَلّل، أَي مُؤَشَّر.
أَبُو عبيد، عَن عَمْرو: الفَلِيلة: الشَّعَر المُجتمع؛ قَالَ الكُميت:
ومُطَّردِ الدِّماء وَحَيْثُ يُلْقَى
من الشَّعَر المُضَفّر كالفَلِيل
قَالَ: وأفَلّ الرجل: ذَهب مَاله، مَأْخُوذ من (أَرض فِلّ) .
النَّضر: جَاءَ فلَان يَتَفَلْفَل، أَي يُقَارب بَين خَطوه.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي، جَاءَ مُتَفلفلاً، أَي جَاءَ يَشُوص فَاه بالسِّواك.
وثوبٌ مُفَلْفَل، إِذا كَانَت داراتُ وَشْيه تحكي استدارة الفُلْفل وصِغَره.
وفَلْفل، إِذا اسْتاك.
وفَلفل، إِذا تبختر.
وخَمْر مُفَلْفل: أُلقي فِيهِ الفُلْفل، فَهُوَ يَحْذي اللِّسان.
والفُلْفل: الْخَادِم الكَيِّس.
وشَعر مُفَلْفل، إِذا اشتدت جُعودتُه.

(بَاب اللَّام وَالْبَاء)
ل ب
لب، بل.
لب: سمعتُ المُنذريّ يَقُول: عُرض على أبي العبّاس مَا سمعتُ من أبي طَالب فِي قَوْلهم: لَبَّيْك.
قَالَ: قَالَ الفَرء: مَعْنَاهُ: إِجَابَة لَك بعد إِجَابَة، ونَصْبه على المَصْدر.
وَقَالَ الْأَحْمَر: هومأخوذ من: لبَّ بِالْمَكَانِ، وألَبَّ بِهِ، إِذا أَقَامَ، وَأنْشد:
لَبّ بأَرْض مَا تَخَطَّاها الغَتَمْ
قَالَ: وَمِنْه قَول طُفيل:
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيِّ ورَهْطِه
وتَيْمٌ تُلَبِّي فِي العُروج وتَحْلُبُ
قَالَ: كَانَ أصل لَبّ بك: لَبَّب بك، فاستثقلوا ثَلَاث باآت، فقلبوا إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا: تَظنَّيْت، من الظنّ.
أَبُو عُبيد، عَن الْخَلِيل: أَصله من أَلْبَبْت بِالْمَكَانِ، فَإِذا دَعَا الرجُل صاحِبَه، أَجَابَهُ: لَبَّيك، أَي أَنا مُقيم عنْدك، ثمَّ وَكّد ذَلِك بلبَّيك، أَي إِقَامَة بعد إِقَامَة.
وحُكي عَن الْخَلِيل أَنه مَأْخُوذ من قَوْلهم: أمٌّ لَبَّةٌ، أَي مُقيمة عاطفة.
فَإِن كَانَ كَذَلِك فَمَعْنَاه: إقبالاً إِلَيْك، ومحبة لَك؛ وأَنْشَد:
وكنتم كأُمَ لَبَّةٍ ظَعن ابنُها
إِلَيْهَا فَمَا دَرَّت عَلَيْهِ بسَاعِدِ
قَالَ: ويُقال: إِنَّه مَأْخُوذ من قَوْلهم: دَارِي تَلُبّ دارَك، فَيكون مَعْنَاهُ: اتّجاهي إِلَيْك وإقبالي على أَمرك.

(15/242)


المُنذري، عَن أبي العبّاس: لَبَّيك، من: لَبّ بِالْمَكَانِ، وأَلبّ بِهِ، أَي أَقَامَ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأَعرابي: اللَّبّ: الطَّاعَة، وَأَصله من الْإِقَامَة.
وَقَوْلهمْ: لَبَّيك، اللَّب: وَاحِد، فَإِذا ثَنَّيت قلت فِي الرَّفع: لَبّان، وَفِي النّصْب والخَفض: لَبَّيْن. وَكَانَ فِي الأَصْل لَبَّينِك، أَي أطعتك مَرَّتين، ثمَّ حُذفت النُّون للإضافة، أَي أطيعك طاعتين مُقيماً عنْدك إِقَامَة بعد إِقَامَة.
اللَّيْث: لُبّ كل شَيْء من الثّمار: دَاخله الَّذِي يُطرح خَارجه، نَحْو: لُبّ الجَوز واللّوز.
ولُب الرجل: مَا جُعل فِي قلبه من العَقل.
قَالَ: ولُباب الْقَمْح، ولُباب الفُسْتق.
ولُباب الْإِبِل: خيارُها.
ولُباب الحَسَب: مَحْضُه.
واللُّباب: الْخَالِص من كُل شَيْء؛ وَقَالَ ذُو الرُّمّةَ يصف فَحْلاً مِئْنَاثاً:
سِبَحْلاً أبَا شِرْخَيْن أَحْيَا بَناتِه
مَقاليتُها فَهِيَ اللُّبابُ الحَبائسُ
وَقَالَ أَبُو الْحسن فِي الفالوذج: لُبابُ القَمْح بلُباب النَّحْل.
اللَّيْث: اللَّبَابة، مَصدر اللَّبِيب، وَقد لَبُبْتُ.
ورجُلٌ مَلْبوبٌ، إِذا وُصف باللَّبابة؛ وَقَالَ حَسّان:
وجاريةٍ مَلْبُوبة ومُنَجَّسٍ
وطارقةٍ فِي طَرْقِها لم تُشَدِّدِ
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنّ الله مَنع مِنّي بَني مُدْلج لصلتهم الرَّحِم وطَعْنهم فِي أَلباب الْإِبِل.
ورُوي: فِي لَبّات الْإِبِل.
قَالَ أَبُو عُبيد: من رَوَاهُ فِي أَلْباب الْإِبِل فَلهُ مَعْنيان:
أَحدهمَا: أَن يكون أَرَادَ: جَمْع اللُّب، ولُبّ كل شَيْء: خالصه، كَأَنَّهُ أَرَادَ: خَالص إبلهم وكرائمها.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: أَنه أَرَادَ جمع اللّبَب وَهُوَ مَوَاضِع المَنْحر من كُلّ شَيْء.
ونَرى أَن لَبَب الْفرس سُمِّي بِهِ، وَلِهَذَا قيل: لَبَّبْت فلَانا، إِذا جمعت ثيابَه عِنْد صَدره ونَحره ثمَّ جَرَرْته.
وَإِن كَانَ الْمَحْفُوظ اللّبّات فَهِيَ جمع اللّبّة، وَهِي مَوضِع النَّحر.
قَالَ: واللّبَب من الرَّمل: مَا كَانَ قَرِيبا من حَبْل الرّمْل.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى فِي ثوب وَاحِد مُتَلَبِّباً بِهِ، أَي تحزّم بِثَوْبِهِ عِنْد صَدْره.
وكُل من جَمع ثَوْبه متحزّماً، فقد تلبَّب بِهِ؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

(15/243)


وتَمِيمةٍ من قانص مُتلبِّب
فِي كَفّه جَشْءٌ أَجَشٌّ وأَقْطَعُ
وَمن هَذَا قيل للَّذي لَبِس السِّلاح وتَشَمَّر لِلْقِتَالِ: مُتَلَبِّب؛ وَمِنْه قَول المُنَتَخِّل:
واسْتلأمُوا وتلبَّبُوا
إنّ التلبُّب للمُغِيرْ
ويُقال: أَخذ فلانٌ بِتَلْبيب فلانٍ، إِذا جَمع عَلَيْهِ ثوبَه الَّذِي هُوَ لابسُه عِنْد صَدْره وقَبض عَلَيْهِ يَجُرّه.
اللَّيْث: الصَّريخُ إِذا أَنذر القومَ واستصرخَ: لبَّب، وَذَلِكَ أَن يَجعل كنانَته وقوسَه فِي عُنقه ثمَّ يَقْبض على تَلْبِيب نَفْسه؛ وأَنْشد:
إنّا إِذا الدَّاعي اعْتَزى ولَبَّبَا
وَيُقَال: تَلْبيبه: تردُّده.
أَبُو عُبيد: اللّبْلَبة: الشَّفقة على الْإِنْسَان؛ وَقَالَ الكُميت:
ومنَّا إِذا حَزَبَتْك الأُمور
عَلَيْك المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ
اللّيث: اللّبْلبة: فعل الشَّاة بِوَلَدِهَا إِذا لَحَسَتْه بشَفَتَيْها.
واللَّبْلاب: بَقْلة مَعْرُوفَة يُتداوى بهَا.
قَالَ: ويقالُ: فلانُ فِي بالٍ رَخِيّ ولَبَبٍ، أَي فِي سَعة وخِصْب وأَمْن.
وَحكى يُونس: تَقول الْعَرَب للرَّجُل تَعطف عَلَيْهِ: لَبَابِ لَبَاب، مثل حَذَامِ، وقَطام.
ويُقال للْمَاء الْكثير يَحمل مِنْهُ المِفْتَح مَا يَسَعه فَيضيق صُنْبوره عَنهُ من كثرته فَيَستدير المَاء عِنْد فَمه وَيصير كَأَنَّهُ بُلْبُل آنِيةٍ: لَوْلَب.
قلت: لَا أَدْرِي أعربي أم معرَّب، غير أَن أهل العِراق أُولعوا بِاسْتِعْمَالِهِ.
عَمْرو، عَن أَبِيه: اللَّبْلَبة: التَّفرُّق.
بل: أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي: بَللْتُ من مرضِي، وأَبللت: بَرَأْت.
وبَلِلْت بفلانٍ بَلَلاً، إِذا مُنيت بِهِ وعلِقْته؛ عَنْهُمَا.
وبلْلتُ بِهِ، أَي ظَفرت بِهِ. قَالَه شَمِر وَابْن الأعرابيّ.
الأصمعيّ: بَلِلْت أَبَلّ: ظَفِرت بِهِ.
وَيُقَال: بَلّك الله بابْنٍ، أَي رَزقَك الله ابْناً.
عَمْرو، عَن أَبِيه: بَلّ يَبِلّ، ويَبَلّ، إِذا لزم إنْسَانا ودام على صُحْبته؛ وَمِنْه قولُ ابْن أَحْمَر:
فَبَلِّي إِن بَلِلْتِ بأَرْيَحِيَ
من الفِتْيَان لَا يَمْشي بَطِيئاً
شَمر: من أمثالهم: مَا بلِلْتُ من فلانٍ بأَفْوقَ ناصِل، أَي مَا ظفَرتُ بسَهم انْكَسَرَ فَوْقه وَسقط نَصْلُه.
يُضرب مثَلاً للرَّجل المُجزىء الْكَافِي، أَي ظَفِرتُ برَجُلٍ كامِل غير مُضيع وَلَا ناقِص.

(15/244)


الْأَصْمَعِي: يُقال لَا تَبُلّك عِنْدِي بالّة وبَلاَلِ، أَي لَا يُصيبك منّي خَيرٌ وَلَا أنْفعك ولاأَصْدُقك.
وَيُقَال: لَا تُبَلّ عِنْدي لفلانٍ بالّة وبَلاَلٍ، مَصْرُوف عَن بالّة، أَي نَدًى وخَيْر؛ وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
فَلَا وأَبيك يَابْنَ أبي عَقِيل
تَبُلَّك بعْدهَا فِينَا بَلاَلِ
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بُلُّوا أرْحَامكم وَلَو بالسَّلام) .
أَبُو عُبيد، عَن أبي عَمْرو وَغَيره: بَلَلتُ رَحمي أبُلّها بَلاًّ وبِلاَلاً، إِذا وصَلْتها ونَدَّيتها؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
إمّا لطَالب نِعْمةٍ تَمَّمْتها
ووصالِ رَحْمٍ قد بَرَدْت بِلاَلَها
قَالَ: والبَلِيل: الرّيح الْبَارِدَة مَعَ نَدًى.
أَبُو عَمْرو: البَلِيلة: الرِّيح المُمْغِرة، وَهِي الَّتِي تَمْزُجها المَغْرة، وَهِي المَطْرةُ الضَّعِيفة.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُلْبُلة: المَشْجرة، وَهِي الهَوْدج للحرائِر.
قَالَ: والبُلْبُل: العَنْدليب.
أَبُو عُبيد، عَن الْكسَائي: انْصَرف القومُ بِبَلَلتهم، أَي بحالٍ صالحةٍ وخَيْر.
وَمِنْه: بِلاَل الرَّحم.
وبَلَلْتُه: أَعطيته.
أَبُو عُبَيد: المُبِلُّ: الَّذِي يُعييك أَن يُتابعك على مَا تُريده؛ وَأنْشد:
أَبَلّ فَمَا يَزداد إلاّ حَماقةً
ونوْكاً وإنت كَانَت كثيرا مَخارِجه
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: الأبلّ: الرجل الشَّديد الْخُصومة.
شَمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأبَلُّ: الرَّجُل المَطُول الَّذِي يَمنع بالحَلِف مَا عِنْده من حُقوق النَّاس؛ وأَقرأَنا للمَرّار بن سعيد الْأَسدي:
ذَكَرْنا الدُّيونَ فجَادَلْتنا
جِدالَك فِي الدَّين بَلاًّ حَلُوفَا
الْأَصْمَعِي: أَبَلّ، إِذا امْتَنَع وغَلب.
قَالَ: وَإِذا كَانَ الرَّجُل حَلاَّفاً قيل: أبَلّ؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
أَلا تَتَّقُون الله يَا آل عامِرٍ
وَهل يَتَّقِي الله الأَبَلُّ المُصَمِّمُ
وَيُقَال: مَا فِي سقائه بِلاَل، أَي مَاء.
وَمَا فِي الرّكيَّة بِلاَل.
وَيُقَال: اطْوِ السِّقاء على بُلُلَته، أَي اطْوه وَهُوَ نَديّ قبل أَن يتكَسَّر.
وَيُقَال: ألم أَطوك على بُلُلَتك وبَلّتك، أَي على مَا فِيك من عَيب كَمَا يُطْوى السِّقاء على عَيْبه؛ وأَنْشَدَ:

(15/245)


وأَلْبس المرءَ أَسْتَبْقي بلُولَته
طَيَّ الرِّداء على أَثنائه الخَرِقِ
قَالَ: وَتَمِيم تَقول: البلُولة، من بِلّة الثَّرى.
وَأسد تَقول: البَلَلَة.
اللَّيْثُ: البَلَل، والبِلّة، الدُّون.
وبِلّةُ اللّسان: وُقُوعه على مَوَاضِع الحُروف واستمرارُه على المنْطق؛ تَقول: مَا أَحْسن بِلّة لِسَانه وَمَا يَقَع لِسَانه إلاّ على بِلَّته.
الْأَصْمَعِي: ذَهبت بُلّة الأَوابل، إِذا مَا ذهب ابتلالُ الرُّطْب؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا أهْرَأْنَ بالأَصائل
وفارقَتْها بُلّةُ الأَوَابِلِ
سَلمَة، عَن الْفراء: البُلّة: بقيّة الكَلأ.
والبَلّة: الغِنَى بعد الفَقر.
والبِلّة: العافِية.
اللَّيْث وَغَيره: بَلّ فلانٌ من مَرضه، وأَبَلّ، واسْتَبَلّ، إِذا برأَ.
وَيُقَال للإِنسان إِذا حَسُنت حالُه بعد الهُزال: قد ابْتَلّ، وتَبَلّل.
والبُلبلة: ضَرب من الكِيزان فِي جَنبه بُلْبل يَنصبّ مِنْهُ المَاء.
قَالَ: والبَلْبلة: وسواس الهُموم فِي الصَّدر.
وَهُوَ: البَلْبال، وَجمعه: البَلابل.
ابْن الْأَعرَابِي: بَلْبل متاعَه، إِذا فَرّقه وبَدَّده.
قَالَ: والمُبَلِّل: الطاوُوس الصَّرّاخ.
قَالَ: والبُلبُل: الكُعَيْت.
سَلمَة، عَن الْفراء: البَلْبلة: تَفريق الآراء.
أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ لي أَبُو ليلى الأعرابيّ: أَنْت قُلْقل بُلْبُل، أَي أَنْت ظريف خَفِيف.
ويُقال: بلَّت مَطِيّتُه على وَجْهها، إِذا هَمَتْ ضالّة؛ وَقَالَ كُثيِّر:
فَليْت قَلُوصي عِنْد عَزّةَ قُيِّدَت
بحَبْلٍ ضَعِيفٍ غُرَّ مِنْهَا فضَلَّت
فأَصبح فِي الْقَوْم المُقيمين رَحْلُها
وَكَانَ لَهَا باغٍ سوايَ فَبَلَّت
عَن النَّضر: البَذْر والبُلَل، وَاحِد.
يُقَال: بَلّوا الأَرْض، إِذا بذروها بالبُلَل.
ابنُ السِّكيت: لَهُ أَليل وبَليل، وَهُوَ الأنِين مَعَ الصَّوت؛ وَقَالَ المَرّار:
إِذا مِلْنا على الأكوار أَلْقَت
بأَلْحَتها لأجْرُنها بَلِيلُ
أَرَادَ: إِذا مِلْنا عَنْهَا نازلين إِلَى الأَرْض مدّت جُرُنَها على الأَرْض من التَّعب.
ابْن السِّكيت: البَلّ، مصدر: بَلَلت الشَّيْء أَبُلّه.
والبِلّ: المُبَاح.
وَقَالَ عبّاس بن عبد الْمطلب فِي زَمْزم: لَسْت أُحلها لمُغتسل وَهِي لشراب حِلٌّ وبِلّ.

(15/246)


أَبُو عُبيد، عَن الْأَصْمَعِي، عَن مَعمر: بِلٌّ، هُوَ مُباح، بلغَة حِمْير.
قَالَ: وَيُقَال: بِلّ: شِفاء، من قَوْلهم: بَلّ فلَان من مَرضه، وأبلّ، إِذا برأَ.
ابْن السِّكيت، وَأَبُو عُبيد: لَا يكون بِل إِتباع ل (حِلّ) لمَكَان الْوَاو. (
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: رَجُلٌ أَبلّ، وَامْرَأَة بَلاّء: وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرك مَا عِنْده من اللُّؤْم.
ورَجُلٌ بُلاَبِلٌ: خَفِيفُ اليَدين لَا يَخفى عَلَيْهِ شَيْء.
أَبُو تُرَاب، عَن زَائِدَة: مَا فِيهِ بُلالة وَلَا عُلالة، أَي مَا فِيهِ بَقِيَّة.
اللَّيْث: البَلْبَلة: بَلْبلة الألسُن.
وَقيل: سُمّيت أَرض بابِل: بابِل، لِأَن الله تَعَالَى حِين أَرَادَ أَن يُخالف بَين أَلسنة بني آدم بَعث رِيحاً فحشرتهم من كل أفق إِلَى بابل، فبلبل الله بهَا ألسنتهم، ثمَّ فرَّقتْهم تِلْكَ الريحُ فِي الْبِلَاد.
أَبُو زيد: البَلّة والفَتْلة: نَوْرةُ بَرَمة السَّمُر.
قَالَ: وَأول مَا يخرج البَرَمة، ثمَّ أول مَا يخرج من بَدْو الحُبْلة كُعْبورٌ نَحْو بَدْو البُسْرة، فتيكَ البَرَمة، ثمَّ يَنْبت فِيهَا زَغَب بِيضٌ، هُوَ نَوْرتها، فَإِذا أَخرجت تِيكَ سُمِّيت البَلّة والفَتْلة، فَإِذا سقطن عَن طَرف العُود الَّذِي يَنْبُتن فِيهِ نَبَتت فِيهِ الخُلْبة فِي طَرف عُودهن وسَقطن.
والخُلْبة: وعاءُ الْحَب، كَأَنَّهَا وعَاء الباقلاَّء. وَلَا تكون الخُلْبة إِلَّا للسّلَم والسَّمُر، وفيهَا الحبّ، وهنّ عِراض كأنهن نِصال ثَمَر الطلح، فَإِن وعَاء ثَمَرَته للغُلْف، وَهِي سنفة عِرَاض.

(بَاب اللَّام وَالْمِيم)
ل م
لم، مل.
لم: اللّيث: اللَّمّ: الْجَمع الكثيرُ الشَّدِيد.
تَقول: كَتِيبَة مَلْمُومة، وحَجر مَلْمُوم، وطِين مَلْمُوم؛ وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
مَلْمُومة لمًّا كَظَهْر الجُنْبُلِ
وصَف هَامة جَمل.
قَالَ: والآكل يَلُمّ الثّريد فَيَجْعَلهُ لُقَماً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً} (الْفجْر: 19) أَي أكلا شَدِيداً.
وَقَالَ الزّجّاج: أَي تَأْكُلُونَ تراث اليتَامَى لمّاً، أَي تُلمّون بِجَمِيعِهِ.
قَالَ الْفراء: لمّاً، أَي شَدِيدا.
ورُوي عَن الزّهري أَنه قَرَأَ: {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} (هود: 111) ، أَي: جَمْعاً؛ لِأَن معنى اللّم: الجَمع.
تَقول: لَممت الشيءَ أَلُمّه لَمّاً، إِذا جَمعتَه.
فَأَما قَوْلهم: لمّ الله شَعثك، فتأويله: جمع

(15/247)


الله لَك مَا يُذْهِب شَعَثك.
وَأما (لمّا) مُرسلة الْألف مشدّدة الْمِيم غير مُنَوَّنة، فلهَا معانٍ فِي كَلَام الْعَرَب:
أَحدهَا: أنَّها تكون بِمَعْنى الْحِين إِذا ابتدىء بهَا، أَو كَانَت مَعطوفة بواو أَو فَاء، وأُجيبت بِفعل يكون جوابها، كَقَوْلِك: لما جَاءَ الْقَوْم قاتلناهم، أَي حِين جَاءُوا.
وَمِنْه قَول الله عزّ وجلّ: {سَوَآءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} (الْقَصَص: 23) .
وَقَوله تَعَالَى: {بِغُلَامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ} (الصافات: 102) .
مَعْنَاهُ كُله: حِين.
وَقد يُقدّم الْجَواب عَلَيْهَا، فيُقال: استعدّ الْقَوْم لقِتَال العدوّ لما أحسّوا بهم، أَي حِين أحسّوا بهم.
وَتَكون (لما) بِمَعْنى (لم) الجازمة؛ قَالَ الله تَعَالَى: {ذِكْرِى بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ} (ص: 8) . أَي: لم يذوقوه.
وَتَكون بِمَعْنى إلاّ، تَقول: سَأَلتك لَمّا فَعلت، بِمَعْنى: إلاّ فَعلْت.
وَهِي فِي لُغة هُذيل بِمَعْنى (إِلَّا) إِذا أُجيب بهَا (إِن) الَّتِي هِيَ للجحد؛ كَقَوْل الله تَعَالَى: {) الثَّاقِبُ إِن كُلُّ} (الطارق: 4) مَعْنَاهُ: مَا كل نفس إلاّ عَلَيْهَا حَافظ.
وَمثله قولُه تَعَالَى: {لاَ يَرْجِعُونَ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} (يس: 32) .
شدّدها عَاصِم، وَالْمعْنَى: مَا كُلُّ إلاّ جميعٌ لَدينا.
وَقَالَ الفَرّاء: (لما) إِذا وضعت فِي معنى إِلَّا فَكَأَنَّهَا (لَمْ) ضُمّت إِلَيْهَا (مَا) فصارا جَمِيعًا بِمَعْنى (إِن) الَّتِي تكون جحداً، فضمّوا إِلَيْهَا (لَا) فصارا جَمِيعًا حرفا وَاحِدًا وخرجا من حَدّ الْجحْد.
وَكَذَلِكَ (لمّا) .
قَالَ: وَمثل ذَلِك قولهُم: لَوْلَا، إِنَّمَا هِيَ (لَو) و (لَا) جُمعتا فَخرجت (لَو) من حدّها و (لَا) من الْجحْد، إِذا جُمعتا فصيِّرتا حَرْفاً.
قَالَ: وَكَانَ الْكسَائي يَقُول: لَا أَعرف وَجه (لمّا) بالتّشديد.
قلت: وممّا يدُلك على أَن (لما) يكون بِمَعْنى (إِلَّا) مَعَ (أَن) الَّتِي تكون جَحداً، قولُ الله عزّ وجلّ: {الاَْحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرٌّ سُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (ص: 14) ، وَهِي قِرَاءَة قُرّاء الأمْصار.
وَقَالَ الْفراء: وَهِي فِي قِرَاءَة عبد الله: {الاَْحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرٌّ سُلَ فَحَقَّ عِقَابِ} (ص: 14) .
وَالْمعْنَى وَاحِد، والأولَى قِرَاءَة الفَرّاء.
وَقَالَ الخليلُ: (لمّا) تكون انتظاراً لشَيْء مُتَوقَّع.
وَقد تكون انْقِطَاعًا لشَيْء، قد مَضى.

(15/248)


قلت: وَهُوَ كَقَوْلِك: لمّا غَاب قُمْت.
الْكسَائي: (لما) تكون جحداً فِي مَكَان، وَتَكون انتظاراً لشَيْء متوقَّع فِي مَكَان، وَتَكون بِمَعْنى (إِلَّا) فِي مَكَان.
تَقول: بِاللَّه لمّا قُمْت عنَّا، بِمَعْنى: إلاّ قُمْت عنَّا.
وَأما قَول الله عزّ وجلّ: {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} (هود: 111) . فَإِنَّهُ قُرئت مخفّفة ومُشدَّدة.
فَمن خَففها جَعل (مَا) صلَة، الْمَعْنى: وَإِن كُلاًّ ليوفينّهم ربّك أعمالَهم.
وَاللَّام فِي (لما) لَام (أَن) و (مَا) زَائِدَة مُؤَكدَة، لم تُغَيِّرالمعنى وَلَا العَمل.
وَقَالَ الْفراء فِي (لما) هَا هُنَا بِالتَّخْفِيفِ قولا آخر، جعل (مَا) اسْما للنَّاس، كَمَا جَازَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ} (النِّسَاء: 3) . وَالْمعْنَى: من طَابَ لكم. وَالْمعْنَى: وَإِن كلاّ لما، أَي لمن ليوفِّينهم.
وأمّا اللَّام الَّتِي فِي قَوْله: (ليوفِّينهم) فَإِنَّهَا لامٌ دَخَلت على نِيَّة يَمينٍ فِيمَا بَين (مَا) وَبَين صلتها، كَمَا تَقول:
هَذَا مَن لَيَذْهَبنّ، وَعِنْدِي مَن لَغَيْرُه خَيْرٌ مِنْهُ.
وَمثله قَوْله عز وَجل: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ} (النِّسَاء: 72) .
وَأما من شدّد (لمّا) فِي قَوْله: {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} (هود: 111) .
فَإِن الزّجاج جعل (لمّا) بِمَعْنى (إلاّ) .
وَأما الْفراء فَإِنَّهُ زعم أَن مَعْنَاهُ: لمَنْ مَا، ثمَّ قُلبت النُّون ميماً، فاجْتمعت ثَلَاث ميمات، فَحُذفت إِحْدَاهُنَّ، وَهِي الْوُسْطَى، فَبَقيت (لما) .
قَالَ: وَهَذَا القَوْل لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن (من) لَا يجوز حذفهَا، لِأَنَّهَا اسمٌ على حَرْفين.
قَالَ: وَزعم الْمَازِني أَن (لمّا) أَصْلهَا (لما) خَفِيفَة ثمَّ شدِّدت الْمِيم.
قَالَ الزّجاج: وَهَذَا القَوْل لَيْسَ بِشَيْء أَيْضا، لِأَن الْحُرُوف نَحْو (ربّ) وَمَا أَشْبهها يُخفّف، وَلَا يُثقَّل مَا كَانَ خَفِيفا، فَهَذَا منتقض.
قَالَ: وَهَذَا جَمِيع مَا قيل فِي (لمّا) مشدّدة.
وَأما (لم) فَإِنَّهُ لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل الغابر، وَهِي تجزمه، كَقَوْلِك: لم يَسْمَع.
اللَّيْث: (لم) عَزِيمَة فِعْل قد مَضى، فَلَمَّا جُعل الفِعل مَعهَا على جِهَة الفِعل الغابر جُزم، وَذَلِكَ قَوْلك: لم يَخْرج زيدٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَا خَرج زيدٌ، فاستقبحوا هَذَا اللّفظ فِي الْكَلَام، فحملوا الْفِعْل على بِنَاء الغابر، فَإِذا أُعيدت (لَا) و (لَا) مَرَّتين أَو أَكثر حَسُن حِينَئِذٍ، لقَوْل الله عز وجلّ: {الْمَسَاقُ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى} (الْقِيَامَة: 31) أَي: لم يُصدق وَلم يُصَلِّ.

(15/249)


قَالَ: وَإِذا لم يُعِد (لَا) فَهُوَ فِي المَنطق قَبِيح، وَقد جَاءَ؛ قَالَ أُمَيّة:
إِن تَغْفِر اللَّهُمَّ تَغْفر جَمّا
وأيّ عَبْدٍ لَك لَا أَلَمّا
أَي: لم يُلم.
وَأما (ألم) فَالْأَصْل فِيهَا (لم) أُدخل فِيهَا ألف اسْتفهام.
وَأما (لِمَ) فَإِنَّهَا (مَا) الَّتِي تكون استفهاماً وُصلت بلام.
ابْن السِّكيت: اللّمّ، مصدر: لمَمت الشَّيْء، وَهُوَ جمعك الشَّيْء وإصلاحكه.
وَمِنْه يُقَال: لَمَّ الله شَعَثك، يَلُمّه.
قَالَ: واللّمَم: الجُنون.
واللَّمم: دون الكَبِيرة من الذّنوب؛ قَالَ الله تَعَالَى: {بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ} (النَّجْم: 32) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل: اللَّمم: نَحْو القُبلة، والنَّظرة، وَمَا أَشْبه ذَلِك.
وَقيل، (إِلَّا اللمم) : إِلَّا أَن يكون العَبد أَلَمّ بِفَاحِشَة ثمَّ تَابَ.
قَالَ: وَيدل قولُه: {اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ} (النَّجْم: 32) على أَن اللَّمم أَن يكون الْإِنْسَان قد أَلَمّ بالمَعْصية وَلم يُصرّ عَلَيْهَا.
وَإِنَّمَا الْإِلْمَام فِي اللُّغَة يُوجب أَنَّك تَأتي فِي الْوَقْت وَلَا تُقيم على الشَّيْء، فَهَذَا معنى اللَّمَم.
قلت: وَيدل على صِحَة قَوْله قولُ الْعَرَب: أَلممْت بفلان إلماماً، وَمَا تَزُورنا إلاّ لِمَاماً.
قَالَ أَبُو عُبيد، مَعْنَاهُ: الأحيانَ على غير مُواظبة وَلَا وقتٍ مَعْلوم.
وَقَالَ الْفراء: فِي قَوْله: إِلَّا اللمم يَقُول: إِلَّا المُتقارب من الذُّنوب الصَّغيرة.
قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: ضَربته مَا لَمَمُ القَتل. يُريدون: ضربَا مُتقارباً للْقَتْل.
قَالَ: وَسمعت آخر يَقُول: ألمَّ يفعل كَذَا، فِي معنى: كادَ يَفعل.
قَالَ: وَذكر الْكَلْبِيّ: إِنَّهَا النَّظرة على غير تَعمُّد، فَهِيَ لَمَمٌ، وَهِي مَغْفورة، فَإِن أعَاد النّظر فَلَيْسَ بلَمَم، وَهُوَ ذَنب.
أَخْبرنِي المُنذري، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّمَم من الذُّنوب: مَا دون الْفَاحِشَة.
أَبُو زيد: كَانَ ذَلِك مُنذ شهر أَو لَمَمِه، ومنذ شَهرين أَو لَمَمِهما.
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: رَجُلٌ مَلْمُوم ومَمْسوس، أَي بِهِ لَمَمٌ ومَسٌّ من الجُنون.
وَفِي الحَدِيث: (وإنّ مِمَّا يُنْبت الرَّبيع مَا يَقتل حَبَطاً أَو يُلِمّ) .
قَالَ: مَعْنَاهُ: يَقْرُب.
وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (فلولا أَنه شيءٌ قَضَاهُ الله لأَلمَّ أَنْ يَذْهب بَصَرُه) .

(15/250)


يَعْنِي، لِما يرى فِيهَا، أَي لَقَرُب أَن يَذْهب بَصره.
أَبُو زيد: فِي أَرض فلَان من الشّجر المُلِمّ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ الَّذِي قَارب أَن يَحْمل.
وجَيْشٌ لَمْلَمٌ: كثيرٌ مُجْتمع.
وحَيٌّ لَمْلَمٌ، كَذَلِك؛ وَقَالَ ابْن أَحمر:
مِن دونهم إِن جِئْتهم سَمَراً
حيٌّ حِلاَلٌ لَمْلَمٌ عَسْكَرُ
ويَلَمْلَم، وأَلَمْلَم: مِيقات أهل الْيمن للإِحرام بِالْحَجِّ، موضعٌ بِعَيْنِه.
ورجلٌ مِلَمٌ مِعَمٌّ، إِذا كَانَ يُصلح النَّاس ويَعُمّهم معروفُه.
اللَّيْث: الإلْمام: الزّيارة غِبّاً.
والفِعل: أَلْممت بِهِ، وَعَلِيهِ.
قَالَ: والمُلِمّة: النَّازِلَة الشَّدِيدَة، من شَدَائِد الدَّهر.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه عَوّذ ابْنَيه من كُلّ عين لاَمَّة.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ: لامّة وَلم يقل مُلِمة، وَأَصلهَا من: أَلممْت بالشَّيْء، تأَتيه وتُلم بِهِ، لِأَنَّهُ لم يُرَد طَرِيق الْفِعْل، وَلَكِن يُراد أَنَّهَا ذَات لَمَم، فَقيل على هَذَا: لامّة؛ كَمَا قَالَ النَّابِغَة:
كِليني لهمَ يَا أُمَيْمة ناصِب
أَرَادَ: لهمَ ذِي نَصب، وَلَو أَرَادَ الْفِعْل لقَالَ: مُنْصب.
قَالَ اللَّيْث: هِيَ الْعين الَّتِي تُصيب الْإِنْسَان.
وَلَا يَقُولُونَ: لَمَّته الْعين، وَلَكِن حُمل على النَّسب بِذِي وَذَات.
قَالَ: وحَجَرٌ مُلَمْلَمٌ: مُسْتَدير.
قَالَ: واللِّمّة: شَعر الرَّأْس إِذا كَانَ فَوق الوَفْرة.
قَالَ: ولِمَّة الوَتِد: مَا تشعَّث من رَأسه المَوْتُود بالفِهْر.
شمر، عَن ابْن شُمَيْل: نَاقَة مُلَمْلَمة، وَهِي المُدارة الغليظة الْكَثِيرَة اللَّحْم المُعتدلة الخَلق.
الْأَصْمَعِي: رجُل مُلَمْلَمٌ: مَجموعٌ بعضُه إِلَى بعض.
شمر، عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِلَمُّ من الرِّجَال: الَّذِي جَمع بَين أَهل بَيته يَلُمّهم.
ولَمّ الله شَعَثك، أَي قَارب بَين شَتيت أَمرك؛ قَالَ رؤبة:
فابْسُط علينا كَنَفَي مِلَمِّ
أَي مُجمِّع لشَملنا، أَي يَلُمّ أَمْرنا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان: اللَّمَمُ: طَرَفٌ من الجُنون يُلِمّ بالإنسان، وَهَكَذَا كُل مَا أَلَمّ بالإنسان طرفٌ مِنْهُ؛ وَقَالَ عُجير السَّلُولِيّ:
وخالَط مِثل اللَّحْم واحْتَلّ قَيْده
بِحَيْثُ تَلاقَى عامِرٌ وسَلُولُ
وإِذا قيل: بفلانٍ لَمّة، فَمَعْنَاه: أَن الْجِنّ

(15/251)


تلمّ بِهِ الأحيانَ.
وَفِي الحَدِيث: إِن امْرَأَة شكت إِلَى النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَماً بابنتها.
قَالَ: وَقَوله: للشَّيْطَان لَمّة، أَي دُنُوٌّ، وَكَذَا للمَلِك لَمّة.
ابْن شُميل: لُمّة الرَّجُل: أصحابُه، إِذا أَرَادَ سَفَراً فَأصَاب من يَصْحَبهُ فقد أصَاب لُمّةً. وَالْوَاحد: لُمّة. وَالْجَمَاعَة: لمّة.
وكل من لَقِي فِي سَفَره مِمَّن يُؤنسه أَو يُرْفده: لُمّة.
وأمّا لُمَةُ الرَّجُل: مِثْلُه، فَهُوَ مُخَفّف.
وَقَالَ الزّجاج: (لما) جوابٌ لقَوْل الْقَائِل: قد فعل فلانٌ، فجوابُه: لمّا يَفْعل.
وَإِذا قَالَ: فعل، فجوابُه: لم يَفْعل.
وَإِذا قَالَ: لقد فعل، فَجَوَابه: مَا فعل، كَأَنَّهُ قَالَ: وَالله لقد فَعل، فَقَالَ المُجيب: وَالله مَا فَعل.
وإِذا قَالَ: هُوَ يَفعل، يُرِيد مَا يَسْتقبل، فَجَوَابه: لن يَفعل، وَلَا يَفْعل.
وَهَذَا من كَلَام سِيبَوَيْهٍ.
مل: قَالَ اللّيث: المَلَّة: الرمَاد، والجَمْر.
يُقَال: مَلَلْتُ الخُبْزَةَ فِي المَلَّة.
فَهِيَ مَمْلُولة.
وَكَذَلِكَ: كُلّ مَشْويّ فِي المَلَّة من قَرِيس وغَيْره.
وطريقٌ مُمَلّ: قد سُلِك حَتَّى صَار مُعْلَماً؛ وَقَالَ أَبُو دُوَاد:
رَفَعْناها ذَمِيلاً فِي
مُمَلَ مُعْمَلٍ لَحْبِ
قَالَ: والمَلَل: المَلال، وَهُوَ أَن تَمَلّ شَيْئا وتُعرِض عَنهُ.
ورَجُلٌ مَلُولة؛ وأَنْشد:
وأُقْسم مَا بِي من حَفاءٍ وَلَا مَلَل
وَقد يُقال: مَلِلْتُه مَلاَلةً.
ورَجُلٌ مَلَّة، إِذا كَانَ يَملّ إخوانَه سَرِيعا.
ومَلَل: اسمُ مَوضِع فِي طَرِيق مَكَّة، بَين الحَرَمَيْن.
والمُلْمُول: المِكْحال.
أَبُو حَاتِم: هُوَ المُلْمُول الَّذِي يُكحل بِهِ وتُسْبَر بِهِ الجِراح.
وَلَا يُقَال: المِيل، إِنَّمَا الْميل: القِطعة من الأَرْض.
وَقَول الله تَعَالَى: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (الْبَقَرَة: 120) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: المِلّةَ، فِي اللُّغَة: سُنّتهم وطريقتهم.
وَمن هَذَا أَخذ (المَلَّة) ، أَي الْموضع الَّذِي يُخْتبز فِيهِ، لِأَنَّهُ يؤثّر فِي مَكَانهَا كَمَا يؤثَّر فِي الطَّريق.
قَالَ: وَكَلَام الْعَرَب إِذا اتّفق لَفظه فأكثره مشتقٌّ بعضُه من بعض.
قلت: وَمِمَّا يُؤَيّد قولَه قولُهم: طَرِيق

(15/252)


مُمَلٌّ، مَسْلوك مَعلوم.
وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم: المِلّة: الدِّية.
والمِلَل: الدِّيات؛ وأَنْشد:
غنائِم الفِتْيان فِي يَوْم الوَهَل
ومِن عَطايا الرُّؤَساء فِي المِلَل
وَفِي حَدِيث عُمر: لَيْسَ على عربيّ مِلَل، ولَسْنا بنازِعين من يَد رَجُلٍ شَيْئا أَسْلَم عَلَيْهِ، ولكنّا نُقوِّمهم المِلَّة على آبَائِهِم خمْسا من الْإِبِل.
قلت: أَرَادَ نقوّمهم كَمَا تُقوم أَرْش الدّيات ونَذَر الْجراح، وَجعل لكل رَأس مِنْهُم خمْسا من الْإِبِل تضمنها عَشَائِرهمْ، أَو يضمنونها للَّذين مَلَكوهم.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَلَّ يَمِلّ، إِذا أَخذ المِلّة، وَهِي الدِّية.
ومَلّ يَمُلّ المَلَّة، إِذا خَبز؛ وأَنْشد:
جَاءَت بِهِ مُرَمَّداً مَا مُلاّ
مَا فِيّ آلُ خَمَّ حِين أَلَّى
قَالَ: مَا مُلاَّ، (مَا) جَحْد. وَمَا فِي،، (مَا) صلَة. والآل: شخصه. وخَم: تَغَيَّرت ريحُه. وأَلّى: أَبطأ. ومُلّ، أَي أنضج.
الْأَصْمَعِي: مرّ فلَان يَمْتَلّ امتِلالاً، إِذا مَرّ مَرّاً سَريعاً.
ومَلّ ثوبَه يَمُلّه، إِذا خاطه الْخياطَة الأولى قبل الكفّ.
وَيُقَال: هَذَا خُبز مَلّة.
وَلَا يُقال للخُبز: مَلّة، إِنَّمَا المَلّة: الرَّماد الحارّ.
والخُبْز يُسَمَّى: المَلِيل، والمَمْلُول؛ وأَنْشد أَبُو عُبيد لجرير:
تُرَى التَّيْمِيّ يَزْحف كالْقَرَنْبَى
إِلَى تَيْمِيّةٍ كَعَصَا المَلِيل
ويُقال: بِهِ مَلِيلة ومُلاَل، وَذَلِكَ حرارة يجدهَا، وَأَصله من المَلّة.
وَمِنْه قيل: فلانٌ يَتَمَلْمَل على فِراشه.
أَبُو زيد: أمَلّ فلانٌ على فلانٍ، إِذا شَقّ عَلَيْهِ وأَكثر فِي الطَّلب.
يُقَال: أَمْلَلت عليّ؛ وَقَالَ ابْن مُقبل الإياديّ:
أَلا يَا دِيَارَ الحيّ بالسَّبُعان
أملّ عَلَيْهَا بالبِلاَ المَلَوَانِ
قَالَ شَمر: أَلْقى عَلَيْهَا.
وَقَالَ غَيره: ألَحّ عَلَيْهَا حَتَّى أثّر فِيهَا.
وبَعِيرٌ مُمَلٌّ: أَكثر رُكُوبه حَتَّى أَدبر ظَهره؛ وَقَالَ العجّاج:
تَشْكو الوَجَى من أَظْلَل وأَظلَل
من طُول إمْلاَل وظَهْر مُمْلَل
أَرَادَ: تَشكو نَاقَته وَجَى أَظَلَّيْها، وهما باطِنا مَنْسِمَيها، وتشكو ظهرَها الَّذِي أَمَلّه الرّكُوب، أَي أَدبره وحَسر وَبره.

(15/253)


وَقَالَ الفَرّاء: أمللت عَلَيْهِ، لُغَة أهل الْحجاز وَبني أَسَد.
وأَمْلَيْت، لُغَة تَمِيم وقَيْس.
ويُقال: أمَلّ عَلَيْهِ شَيْئا يَكْتُبهُ، وأَمَلى عَلَيْهِ، وَنزل القُرآن باللُّغتين، قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ} (الْبَقَرَة: 282) .
وَقَالَ: {تُمْلَى عَلَيْهِ} (الْفرْقَان: 5) .
وَقَالَ اللَّيْث: بعيرٌ مُلامِلٌ، أَي سَريع.
وَقَالَ فِي قَوْله:
كَأَنَّهُ فِي مِلّة مَملول
المَملول: من المِلة أَرَادَ كَأَنَّهُ مِثَال مُمَثَّل مِمَّا يعبد فِي مِلَل المُشْركين.
غَيره: نَاقَة مَلْمَلى، على فَعْلَلى، إِذا كَانَت سريعة؛ وأَنْشد:
يَا ناقَتا مَا لَكِ تَدْأَلَينا
ألم تَكُونِي مَلْمَلَى دَفُونَا
ابْن بُزُرْجَ: إِنَّه لمالُولة، ومَلُولة.
أَبُو عُبيد: رجل مَلُولة من المَلاَلة.
وَقَول الشَّاعِر:
على صَرْماء فِيهَا أَصْرَماها
وخِرِّيتُ الفَلاة بهَا مَلِيلُ
أَي نضجته الشَّمس ولَوّحته فَكَأَنَّهُ مَمْلول فِي المَلّة.
الْأَصْمَعِي: مَلّ يَمُلّ مَلاًّ، مَرْ مَرّاً سَرِيعا.
أَبُو تُراب، عَن مُصعب: امْتَلّ واسْتلّ، وانْمَلّ وانْسَلّ، بِمَعْنى وَاحِد.
شَمر: إِذا نبا بالرَّجُل مَضجعه من غَمَ أَو وَصب، فقد تَمَلْمَل، وَهُوَ تقلبه على فرَاشه.
قَالَ: وتململُه وَهُوَ جَالس، أَن يتَوَكَّأ مَرَّة على ذَا الشِّقّ، وَمرَّة على ذَا، ويجثو على رُكْبَتيه.
وَأَتَاهُ خَبَرٌ فمَلْمَلَه.
والحِرباء تَتَمَلْمَل من الحرّ، تصعد رَأس الشَّجرة مرّة، وتبطن فِيهَا مرّة. وَتظهر فِيهَا أُخرى.

(15/254)