غريب الحديث لابن قتيبة - حَدِيث عمار بن يَاسر
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عمار رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ:
الْجنَّة تَحت البارقة.
يرويهِ يحيى بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن أبجر عَن أَبِيه عَن سَلمَة بن
كهيل عَن أَبى صَادِق عَن ربيعَة عَن عمار.
البارقة: السيوف تَقول: رَأَيْت بارقة الْقُوَّة اذا رَأَيْت بريق
سيوفهم. وَيُقَال: أبرق فلَان بِسَيْفِهِ يَبْرق اذا لمع بِسَيْفِهِ.
قَالَ الْأَعْشَى لامْرَأَته: من الطَّوِيل ... وبيني فان الْبَين خير
من العصى ... والا تزالي فَوق رَأسك بارقة ...
يُرِيد: سَيْفا يَبْرق وَهَذَا كَقَوْلِهِم: الْجنَّة تَحت ظلال
(2/204)
السيوف. يُرَاد فِي الْجِهَاد. والبارقة
فِي غير هَذَا السحابة يكون فِيهَا برق.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله فِي حَدِيث عمار رَضِي الله عَنهُ
انه قَالَ: لَا يَلِي الامر بعد فلَان الا كل أصعر أَبتر.
الأصعر المعرض بِوَجْهِهِ. وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {وَلَا تصعر
خدك للنَّاس} والأبتر: النَّاقِص وَهُوَ من قَوْلك: بترت الشىء اذا
قطعته وَمِنْه قيل لما لَا ذَنْب لَهُ: أَبتر كَأَنَّهُ بتر أَي: قطع.
وَأَرَادَ عمار: أَنه لَا يَلِيهِ ال كل معرض عَن الْحق نَاقص.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عمار رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا وشى
بِهِ الى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ عمار: اللَّهُمَّ ان
كَانَ كذب عَليّ فاجعله موطأ الْعقب.
وَقَوله: موطأ الْعقب أَي: كثير الأتباع كَأَنَّهُ دَعَا عَلَيْهِ
بِأَن يكون
(2/205)
سُلْطَانا يطَأ النَّاس عقبه أَي: يتبعونه
ويمشون وَرَاءه أَو بِأَن يكون ذَا مَال فيتبعه النَّاس لمَاله وَمن
هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر: من الرجز. ... عهدي بقيس وَهِي من خير
الْأُمَم ... لايطأون قدما على قدم ...
يُرِيد: عهدي بهم وهم قادة يتبعهُم النَّاس وَلَيْسوا أتباعا يطأون
بأقدامهم على أَقْدَام قوم تقدموهم. وَيُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى: هم
يخصفون أَقْدَامهم بأقدامهم أَي: يطبقونها عَلَيْهَا وَذكر أَعْرَابِي
قوما أَغَارُوا عَلَيْهِم فَقَالَ: احتثوا كل جمالية عيرانة فَمَا
زَالُوا يخصفون أَخْفَاف المطىء بحوافر الْخَيل حَتَّى أَدْركُوهُم بعد
ثَالِثَة فَجعلُوا المران أرشية الْمَوْت فاستقوا بهَا أَرْوَاحهم.
قَوْلهم: يخصفون أَخْفَاف الْمطِي بحوافر الْخَيل يُرِيد: انهم قد
ركبُوا الابل وجنبوا الْخَيل وارءهم. فالخيل تخصف أَخْفَاف الابل
بحوافرها أَي تطبقها عَلَيْهَا. وَمِنْه يُقَال: خصفت نَعْلي اذا أطبقت
عَلَيْهَا رقْعَة.
والمران: الرماح وتقديرها: فعال من المرانة وَهِي اللين.
(2/206)
وَقَالَ ابو مُحَمَّد فِي حَدِيث عمار
رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ لقوم: جروا الخطير مَا انجز لكم.
الخطير زِمَام النَّاقة وَالْمعْنَى: امضوا على أَمركُم مَا أمكنكم
وَمَا تابعكم.
آخر حَدِيث عمار رَضِي الله عَنهُ.
(2/207)
- حَدِيث زيد بن ثَابت
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: فِي الوترة ثلث الدِّيَة. وَفِي حَدِيث آخر فاذا استوعب جدع
مارنه فَفِيهِ الدِّيَة كَامِلَة.
يرْوى الأول يزِيد عَن حجاج عَن مَكْحُول عَن زيد.
الوترة الحاجز بَين المنخرين وَهُوَ ايضا الوتيرة ووتيرة الْيَد مَا
بَين الْأَصَابِع والمارن هُوَ مَا لَان مِمَّا انحدر عَن قَصَبَة
الْأنف. والقصبة: عظم الْأنف.
وَقَوله: استوعب جدعه أَي: استقصي. يُقَال: أوعب فلَان أنف فلَان اذا
قطعه أجمع وقطعه قطعا موعبا اذا قطعه أجمع.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث زيد انه كَانَ لَا يرى بِبيع القطوط
اذا خرجت بَأْسا.
يرويهِ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ.
(2/208)
القطوط: الأرزاق وَاحِدهَا قطّ. قَالَ
الْأَعْشَى: من الطَّوِيل ... وَلَا الْملك النُّعْمَان يَوْم لَقيته
... بامته يُعْطي القطوط وبأفق ...
بأفق: يفضل وأصل القط الْكتاب وانما سمي الرزق قطا كَانَ لِأَنَّهُ
يكْتب بِهِ الى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا حق السُّلْطَان من
الطَّعَام فَسُمي باسم الْكتاب وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله
جلّ وَعز: {عجل لنا قطنا} . القط: الْحساب. وَلَا أرَاهُ سمي قطا الا
لِأَنَّهُ يكون بالكتب الَّتِي أحصيت فِيهَا أَعمال بني آدم. وَقَالَ
المتلمس حِين نظر فِي الصَّحِيفَة وَعرف مَا فِيهَا وَأَلْقَاهَا فِي
المَاء: من الطَّوِيل ... ألقيتها بالثني من جنب كَافِر ... كَذَلِك
أقنو كل قطّ مضلل ...
أقنو: أجزى وَقَالَ أَبُو وجزة وَكتب لَهُ رجل سِتِّينَ.
(2/209)
وسْقا من طَعَام فَحمل الْكتاب فِي حقيبته:
من الْبَسِيط ... راحت بستين وسْقا فِي حقيبتها ... مَا كلفت مثله
الْأَدْنَى وَلَا البعدا
وَلَا رَأَيْت قلوصا قبلهَا حملت ... سِتِّينَ وسْقا وَلَا جابت بِهِ
بَلَدا ...
وَفِي الحَدِيث من الْفِقْه أَنه رخص فِي بيع مَا لم يقبض وَلم يَأْتِ
هَذَا الا فِي الرزق خَاصَّة. فَأَما غَيره مِمَّا يُكَال أَو يُوزن
فَلَا يُبَاع حَتَّى يقبض.
وحَدثني أَبى قَالَ حَدثنِي أَبُو وَائِل عَن المومل عَن الثورى انه
قَالَ: لَا تبع شَيْئا من الْبيُوع وَلَا توله وَلَا تشارك فِيهَا
كَائِنا مَا كَانَ حَتَّى تقبضه وَقَالَ لنا اسحق: لَا بَأْس بِبيع
مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن قبل الْقَبْض وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَة
فان التَّوْلِيَة بيع.
آخر حَدِيث زيد رَحْمَة الله عَلَيْهِ.
(2/210)
- حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث خَالِد رَضِي الله عَنهُ انه لما
انْتهى الى الْعُزَّى ليقطعها قَالَ لَهُ السادن: يَا خَالِد انها
قاتلتك انها مكنعتك.
يرويهِ الحكم بن عبد الْملك عَن قَتَادَة.
قَوْله: مكنعتك أَي: مقبضة جسمك ويديك والتكنع فِي الْيَدَيْنِ: تقفع
الْأَصَابِع ويبسها يُقَال: قد اكتنغ الشَّيْخ اذا أَصَابَهُ ذَلِك من
الْهَرم وتكنعت أَصَابِع الشَّيْخ اذا تقبضت. ذكر أَبُو الْيَقظَان
سحيم بن حَفْص بن قادم العجيفي أَن أَبَا فوران الهُجَيْمِي شهد يَوْم
الْجمل فكنعت يَدَاهُ فَمر بِهِ الْأَحْنَف فَقَالَ لَهُ أَبُو فوران
يَا منخذل فَقَالَ لَهُ الْأَحْنَف: أما وَالله وَالله لَو أطعتنى
لأكلت بيمينك وامتسحت بشمالك وَمَا كنعت يداك.
وَمِنْه حَدِيث رَوَاهُ ابْن ابى الزِّنَاد عَن ابيه عَن عبيد الله بن
عبد الله بن
(2/211)
عتبَة فِي غَزْوَة أحد: ان الْمُشْركين لما
قربوا من الْمَدِينَة كنعوا عَنْهَا أَي: قصروا وانقبضوا عَن الاقتراب
مِنْهَا. وَيُقَال: قد اكتنع الْمَوْت اذا قرب واذا حضر واكتنع
اللَّيْل حضر وَقرب. قَالَ يزِيد بن مُعَاوِيَة: من المديد ... آب
هَذَا اللَّيْل فاكتنعا ... وَأمر النّوم فامتنعا ...
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَكَذَلِكَ الكانع وَهُوَ الْحَاضِر أَيْضا.
وَقَالَ النَّابِغَة: من الطَّوِيل ... وتسقي اذا مَا شِئْت غير مصرد
... بزوراء فِي أكنافها الْمسك كانع ...
يجوز أَن يكون كانع بِمَعْنى حَاضر وَيجوز ان يكون قد انْضَمَّ
وَتَلَبَّدَ بعضه على بعض. وَيُقَال: زوراء دَار بِالْحيرَةِ للنعمان.
وَيُقَال: بل هُوَ اناء من فضَّة يشرب فِيهِ. غير مصرد غير مَقْطُوع
الرّيّ.
وَأما قَوْلهم فِي الدُّعَاء: اللَّهُمَّ انى أعوذ بك من الكنوع
والخضوع فان الكنوع المذلة. وانما قيل لَهَا ذَلِك لِأَن الذَّلِيل
(2/212)
ينصاغر وينضم بعضه الى بعض.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث خَالِد رَضِي الله عَنهُ ان عَمْرو
بن الْعَاصِ انْصَرف من بِلَاد الْحَبَشَة يُرِيد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لسلم فَلَقِيَهُ خَالِد وَهُوَ مقبل من مَكَّة فَقَالَ:
أَيْن يَا أَبَا سُلَيْمَان فَقَالَ: وَالله لقد استقام المنسم وان
الرجل لنَبِيّ اذْهَبْ فَأسلم.
يرويهِ ابْن اسحق عَن يزِيد بن أَبى حبيب عَن رَاشد مولى ابْن أَبى
أَوْس الثَّقَفِيّ عَن حبيب بن أَوْس قَالَ: حَدثنِي عَمْرو بن
الْعَاصِ بذلك فِي حَدِيث فِيهِ طول. قَالَ الْأَصْمَعِي: رَأَيْت
منسما من الْأَمر أعرفهُ أَي عَلامَة وَقَالَ أَوْس بن حجر: من
الطَّوِيل ... لعمري لقد بيّنت يَوْم سويقة ... لمن كَانَ ذَا لب بوجهة
منسم ...
أَي: استبان مِنْك الصرم بِأَمْر بَيَان. ويروي: وَجه مقسم. أَي: حسن
من قَوْلك: رجل قسم وسم. أَي: جميل. وَأَرَادَ
(2/213)
خَالِد ان الْأَمر قد وضح وَتبين.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث خَالِد رَضِي الله عَنهُ انه لما
أَخذ الرَّايَة يَوْم مُؤْتَة دَافع بِالنَّاسِ وخاشى بهم.
يرويهِ مُحَمَّد بن اسحق عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير عَن
عُرْوَة ابْن الزبير.
خاشى بهم من خشيت أَي: اتَّقى عَلَيْهِم وحذر فانحاز
تَقول: خاشيت فلَانا اذا تاركته. آخر حَدِيث خَالِد رَحمَه الله.
(2/214)
- حَدِيث عبد الله ابْن انيس
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله بن أنيس رَضِي الله عَنهُ
أَنه ذكر قَتله ابْن أبي الْحقيق قَالَ: فقدمنا خَيْبَر فدخلناها
لَيْلًا فَجعلنَا نغلق أَبْوَابهَا من خَارج على أَهلهَا ثمَّ جَمعنَا
المفاتح فطرحناها فِي فَقير من النّخل وَذكر دُخُول ابْن أَبى عتِيك
عَلَيْهِ قَالَ: فَذَهَبت لأَضْرِبهُ بِالسَّيْفِ وَلَا أَسْتَطِيع
مَعَ صغر الْمشْربَة فوجرته بِالسَّيْفِ وجرا ثمَّ دخلت انا فذففت
عَلَيْهِ.
يرويهِ على بن مُجَاهِد عَن اسماعيل بن ابراهيم بن اسماعيل بن مجمع عَن
ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كَعْب عَن أَبِيه عَن أم أَبِيه
وَهِي بنت عبد الله بن أنيس عَن أَبِيهَا.
الْفَقِير: بِئْر تحفر فِي أصل الفسيلة اذا حولت ويلقى
(2/215)
فِيهَا البعر والسرجين. يُقَال: فقرنا
للودية تفقيرا.
وَقَوله: وجرته بِالسَّيْفِ يُرِيد: طعنته بِهِ طَعنا. وَيُقَال:
أوجرته الرمْح بِالْألف وَلم أسمع بوجرته الا فِي هَذَا الحَدِيث.
فَأَما من وجود الدَّوَاء فانه يُقَال: أوجرته الدَّوَاء ووجرته
جَمِيعًا.
والمشربة: الغرفة. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ لما اعتزل
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ دخلت الْمَسْجِد واذا
النَّاس ينكتون بالحصى وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ. فَقلت: لأعلمن ذَلِك الْيَوْم. قَالَ:
فَدخلت فاذا أَنا برباح غُلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَاعِدا على بَاب الْمشْربَة مدليا رجلَيْهِ على نقير من خشب.
فَأَما المسربة بِالسِّين غير مُعْجمَة فَهِيَ كالصفة تكون بَين يَدي
الغرفة وفيهَا لُغَة أُخْرَى: مسربة كَمَا يُقَال: مأدبة ومأدبة.
وَقَوله: ينكتون بالحصى أَي: ينكتون بِهِ الأَرْض. وَذَلِكَ يكون من
المفكر فِي الشَّيْء.
وَفِي حَدِيث للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخر: انه بَينا هُوَ
(2/216)
ينكت اذ انتبه فَقَالَ: مَا من نفس الا قد
كتب لَهَا ماهي فِيهِ. أَرَادَ: يفكر وَيحدث نَفسه وينكت فِي الأَرْض.
وَنَحْو من هَذَا وَصفهم المهموم بلقط الْحَصَى والتخطيط فِي الأَرْض.
قَالَ ذُو الرمة: من الطَّوِيل {عَشِيَّة مَالِي حِيلَة غير أنني ...
بلقط الْحَصَى والخط فِي الدَّار مولع ...
وَقَالَ النَّابِغَة وَذكر نسَاء سبين: من الطَّوِيل ... يخططن
بالعيدان فِي كل مقْعد ... ويخبأن رمان الثدي النواهد ...
والنقير: جذع ينقر وَيجْعَل فِيهِ كالمراقي ويصعد عَلَيْهِ الى الغرف.
وَفِي حَدِيث آخر فِي قتل ابْن أبي الْحقيق رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن
معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن كَعْب بن مَالك: انهم خَرجُوا حَتَّى
جاؤوا خَيْبَر فَدَخَلُوا الْحصن ثمَّ اسندوا اليه فِي مشربَة لَهُ فِي
عجلة من نخل قَالَ: فوَاللَّه مَا دلنا عَلَيْهِ الا بياضه على الْفراش
فِي سَواد اللَّيْل كَأَنَّهُ قبطية. وتحامل ابْن أنيس بِسَيْفِهِ فِي
بَطْنه.
(2/217)
حَنى أنفذه. فَجعل يَقُول: قطنى قطني ثمَّ
نزلُوا فزلق ابْن عتِيك فاحتملوه فَأتوا منهرا فاختبؤوا فِيهِ. ثمَّ
خرج رجل مِنْهُم يمشي حَتَّى خش فيهم فسمعهم يَقُولُونَ: فاظ واله بني
اسرائيل.
أسندوا اليه: صعدوا اليه. يُقَال: أسْند فلَان فِي الْجَبَل اذا صعده.
والعجلة: دوحة من النّخل نَحْو النقير. والقبطية: ثوب أَبيض وَجمعه
قَبَاطِي. والمنهر: خرق فِي الْحصن نَافِذ يدْخل فِيهِ المَاء.
وَقَوله: خشن فِي النَّاس أَي: دخل فيهم. وَمِنْه قيل لما يدْخل فِي
أنف الْبَعِير: خشَاش لِأَنَّهُ يخْش أَي: يدْخل. وفاظ: مَاتَ. يُقَال:
فاظ يفوظ فوظا اذا مَاتَ. قَالَ الْأَصْمَعِي:
(2/218)
لَا يكادون يَقُولُونَ فاظت نَفسه انما
يُقَال: فاظ. وَأنْشد: من الرجز ... لَا يدفنون من مِنْهُم فاظا ...
آخر حَدِيث عبد الله بن أنيس رَضِي الله عَنهُ.
(2/219)
- حَدِيث أبي ايوب الْأنْصَارِيّ
- خَالِد بن زيد
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي
الله عَنهُ ان ابْن عَبَّاس والمسور بن مخرمَة اخْتلفَا بالأبواء.
فَقَالَ: ابْن عَبَّاس: يغسل الْمحرم رَأسه. وَقَالَ الْمسور: لَا
يغسل. فأرسلا الى أبي أَيُّوب فَوَجَدَهُ الرَّسُول يغْتَسل بَين
القرنين وَهُوَ يستر بِثَوْب.
حَدَّثَنِيهِ أَبى قَالَ حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد عَن القعْنبِي عَن
مَالك بن زيد بن أسلم عَن ابراهيم بن عبد الله بن حنين عَن أَبِيه.
القرنان: قرنا الْبِئْر وهما منارتان تبنيان من حِجَارَة أَو مدر على
رَأس الْبِئْر من جَانبهَا ويلقى عَلَيْهِ الْخشب قيل: فان كَانَتَا من
خشب فهما زرنوقان وَيُقَال للزرنوق ايضا الْقَامَة والنعامة. وَقَالَ
بعض الرجاز لبعيره:
(2/220)
.. تبين القرنين وَانْظُر ماهما ... أحجرا
أم مدرا تراهما
انك لن تدل أَو تغشاهما ... وَترك اللَّيْل الى ذراهما ...
وَالْبَعِير ينفر من قُرُون الْبِئْر حِين يَرَاهَا ثمَّ يذل حَتَّى
يبرك عِنْدهَا ويأنس بهَا. آخر حَدِيث خَالِد بن زيد رَضِي الله عَنهُ.
(2/221)
- حَدِيث ابي قَتَادَة الْحَارِث بن ربعي
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أَبى قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ انه
كَانَ فِي عرس وَجَارِيَة تضرب بالدف وَهُوَ يَقُول لَهَا: أرعفي.
يرويهِ وَكِيع عَن أُسَامَة بن زيد عَن شيخ من بني سَلمَة. قَوْله:
ارعفي أَي: تقدمي. وَمِنْه قيل للْفرس الراعف: راعف. اذا تقدم الْخَيل.
قَالَ الشَّاعِر: من الْخَفِيف
يرعف الْألف بالمدجج ذِي القونس حَتَّى يؤوب كالتمثال أَي: يسبقها.
وحَدثني أَبى قَالَ أَخْبرنِي ابو حَاتِم انه سمع أَبَا عُبَيْدَة
يَقُول لَهُ أَو لغيره الشَّك مني بَينا نَحن نذْكر رعف بك الْبَاب
أَي: دخلت علينا.
آخر الْجُزْء الْخَامِس من غَرِيب الحَدِيث من أصل النجيرمي
(2/222)
- حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
اشْترى من دهقان أَرضًا على أَن يَكْفِيهِ جزيتهَا.
يرويهِ يزِيد عَن حجاج عَن الْقَاسِم بن عبد الرحمن عَن أَبِيه.
الْجِزْيَة هَاهُنَا الْخراج. وَقَالَ غير وَاحِد اشْترى هَاهُنَا
بِمَعْنى اكترى مِنْهُ الأَرْض لِأَنَّهُ لَا يجوز ان يكون مُشْتَريا
لَهَا وخراجها على البَائِع وَلم أسمع فِي غير هَذَا بِأَنَّهُ يجوز
أَن تَقول: اشْتريت وَأَنت تُرِيدُ: اكتريت. فان كَانَ هَذَا مَعْرُوفا
فَهُوَ على مَا فسر. والا فَانِي أرى عبد الله اشْترى الأَرْض من
الدهْقَان قبل ان يُؤدى الدهْقَان خراجها للسّنة الَّتِي وَقع فِيهَا
البيع فتضمن عبد الله أَن يَكْفِيهِ مَا يجب عَلَيْهِ من خراج تِلْكَ
السّنة بِأَن يُؤَدِّيه. يُرَاد مِنْهُ أَنه يُؤَدِّي الْخراج غير من
صَارَت اليه الْغلَّة.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله ان رجلا قَالَ لَهُ: اني
أردْت السّفر فأوصني. فَقَالَ لَهُ: اذا كنت فِي الوصيلة فأعط.
(2/223)
راحلتك حظها واذا كنت فِي الجدب فأسرع
السّير وَلَا تهود واياك والمناخ على ظهر الطَّرِيق فانه منزل للوالجة.
يرويهِ سُفْيَان عَن مسعر عَن معن بن عبد الرحمن.
الوصيلة: الْعِمَارَة وَالْخصب وانما قيل لَهَا وصيلة لاتصالها واتصال
النَّاس فِيهَا. يَقُول اذا كنت فِي الأَرْض العامرة فارفق براحلتك
فاعطها حظها من الْكلأ.
وَقَوله: وَلَا تهود أَي: لَا تفتر فِي السّير وترفق. والتهويد:
السّكُون. وَمِنْه يُقَال: مَا بيني وَبَينه هوادة وَقَالَ عمرَان بن
حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ: اذا مت فخرجتم بِي فَأَسْرعُوا الْمَشْي
وَلَا تهودوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَي: لَا تَمْشُوا مشيا رويدا.
والوالجة: السبَاع والحيات وانما سميت والجة لولوجها بِالنَّهَارِ
واستتارها فِي الأولاج. يُقَال: ولجت فِي الشَّيْء فَأَنا ألج اذا دخلت
فِيهِ وَمِنْه قَوْله عز وَجل: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط}
(2/224)
أَي: تدخل فِي ثقب الابرة والولج: مَا ولجت
فِيهِ من كَهْف أَو شعب. قَالَ طريح: من المنسرح ... أَنْت ابْن مسلنطح
البطاح وَلم تعطف عَلَيْك الحني والولج ...
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: أصل كل دَاء الْبردَة.
يرويهِ الْأَعْمَش عَن خَيْثَمَة عَن عبد الله. وَقَالَ الْأَعْمَش:
سَأَلت اعرابيا من كلب عَن الْبردَة فَقَالَ: هِيَ التُّخمَة وَلست
أحفظ هَذَا من عُلَمَائِنَا فان كَانَ الْحَرْف صَحِيحا لم يَقع فَهِيَ
تَغْيِير فَالْمَعْنى جيد حسن. وَأرى أصل الْحَرْف من الْبرد. وَسميت
التُّخمَة بردة لِأَنَّهَا تبرد حرارة الْجُوع والشهوة وَتذهب بهَا.
وَمَا أَكثر مَا تَأتي
(2/225)
فعلة فِي الأدواء والعاهات. مثل: الشترة
والخرمة والقطعة والفطسة والفدعة والصلعة والنزعة.
وَقد روى من وَجه آخر: أصل كل دَاء الْبرد. وَمَا أبعد أَن يكون أَيْضا
الْبردَة من هَذَا الْوَجْه فغلط فِيهِ بعض الروَاة على انه قد يجوز
على هَذَا التَّأْوِيل ان يُسمى الاكثار بردا لِأَنَّهُ يبرد حرارة
الْجُوع كَمَا سمي النّوم بردا لِأَنَّهُ يبرد حرارة فالعطش. قَالَ
ذَلِك الْفراء. وَهَذَا الْمَعْنى ان صَحَّ فَهُوَ أعجب الي مِمَّا
يذهب اليه النَّاس من أَن أصل كل دَاء الْبرد الَّذِي هُوَ ضد الْحر
لأَنا قد نرى من الأدواء مَا يضْطَر الى أَن يعلم انه لَيْسَ عَن برد
الزَّمَان وَلَا برد الطباع. وَلَا نرى دَاء يضطرنا انه لَيْسَ عَن
الطّعْم. وكما قَالُوا: الدَّوَاء هُوَ الأزم. يعنون التَّخْفِيف
وَالْحمية كَذَلِك الدَّاء هُوَ الشِّبَع المفرط والتخمة. وَكَانَ
يُقَال: الشِّبَع دَاعِيَة البشم والبشم دَاعِيَة السقم والسقم
دَاعِيَة الْمَوْت.
وَقَالَ بَعضهم: لَو سُئِلَ أهل الْقُبُور مَا سَبَب آجالهم لقالوا:
التخم.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: هَذَا
(2/226)
الملطاط طَرِيق بَقِيَّة الْمُؤمنِينَ
هرابا من الدَّجَّال.
يرويهِ ابْن عُيَيْنَة عَن المَسْعُودِيّ عَن حَمْزَة الْعَبْدي عَن
أَشْيَاخ لَهُ عَن عبد الله.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الملطاط سَاحل الْبَحْر وَأنْشد لرؤبة: من الرجز
... نَحن جَمعنَا النَّاس بالملطاط ... فَأَصْبحُوا فِي ورطة الأوراط
...
وَقَالَ غَيره: هُوَ شاطىء الْفُرَات.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: بَين كل سماأين مسيرَة خمس مائَة عَام وبصر كل سَمَاء مسيرَة
خمس مائَة عَام.
يرويهِ أَبُو النَّضر عَن المَسْعُودِيّ عَن عَاصِم بن أَبى النجُود
عَن زر عَن عبد الله.
الْبَصَر: الْجَانِب والحرف. يُرِيد غلظ السَّمَاء. وَفِيه
(2/227)
لُغَة أُخْرَى صَبر. واكثر مَا يجىء فِي
الْكَلَام صَبر. قَالَ النمر بن تولب وَذكر رَوْضَة: من الْكَامِل ...
عزبت وباكرها الشتى بديمة ... وطفاء تملؤها الى أصبارها ...
يُرِيد: الى حروفها وجوانبها.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ:
اذا اختلفتم فِي الْيَاء وَالتَّاء فاجعلوها يَاء.
حَدَّثَنِيهِ الزيَادي قَالَ ثَنَا عبد الوارث بن سعيد عَن دَاوُد عَن
الشّعبِيّ عَن عبد الله.
هَذَا مثل قَوْله فِي حَدِيث آخر: الْقُرْآن ذكر فذكروه. وَوَجهه
عِنْدِي انه اذا جَاءَ فِي الْقُرْآن حرف يحْتَمل التأنيت والتذكير
فذكروه. وَكَذَلِكَ كَانَ مذْهبه فِي قرائته. كَانَ يذكر الْمَلَائِكَة
فِي كل الْقُرْآن فَيقْرَأ: فناداه الْمَلَائِكَة وانما قَرَأَهَا
كَذَلِك
(2/228)
لِأَنَّهَا يَاء مُتَّصِلَة بهَا فِي كتاب
الْمُصحف على صُورَة فناديه.
وَكَذَلِكَ كل حرف يحْتَمل الْمَعْنيين فَلَا يُفَارق فِيهِ الْكتاب
اذا ذكر.
وحَدثني أَبى قَالَ ثَنَا الرياشي عَن أبي يَعْقُوب الْخطابِيّ عَن
عَمه قَالَ قَالَ الزُّهْرِيّ: الحَدِيث ذكر يُحِبهُ ذُكُور الرِّجَال
ويكرهه مؤنثوهم. وَأَرَادَ الزُّهْرِيّ: ان الحَدِيث أرفع الْعلم وأجله
خطرا كَمَا أَن الذُّكُور أفضل من الاناث فألباء الرِّجَال وَأهل
التَّمْيِيز مِنْهُم يحبونه وَلَيْسَ كالرأي السخيف الَّذِي يُحِبهُ
سخفاء الرِّجَال فَضرب التَّذْكِير والتأنيث لذَلِك مثلا. وَكَذَلِكَ
شبه ابْن مَسْعُود الْقُرْآن فَقَالَ: هُوَ ذكر فذكروه أَي: جليل خطير
فأجلوه بالتذكير وَنَحْوه: الْقُرْآن فخم ففخموه.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله انه قَالَ: مَا من شَيْء
من كتاب الله جلّ وَعز الا وَقد جَاءَ على أذلاله.
قَوْله: على أذلاله يُرِيد: على وَجهه وَمِنْه قَول زِيَاد فِي خطبَته
البتراء: واذا رَأَيْتُمُونِي أنفذ فِيكُم الْأَمر فأنفذوه على أذلاه
أَي: على وَجهه. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: دَعه على أذلاله
(2/229)
أَي: على حَاله وَلم يعرف لَهَا وَاحِدًا.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: مَا اجْتمع حرَام وحلال الا غلب الْحَرَام الْحَلَال.
يرويهِ وَكِيع عَن سُفْيَان عَن جَابر عَن عَامر عَن عبد الله.
قَوْله: غلب الْحَرَام الْحَلَال يُرِيد: الرجل يفجر بِأم امْرَأَته
أَو بابنتها لتحرم عَلَيْهِ امْرَأَته فَهَذَا غَلَبَة الْحَرَام
الْحَلَال وَهُوَ رَأْي الْكُوفِيّين.
وَقَالَ سعيد بن الْمسيب: لَا يحرم حرَام حَلَالا. يُرِيد: ان الزِّنَى
بِأم الْمَرْأَة وابنتها لَا يحرم الْمَرْأَة وَهُوَ رَأْي
الْحِجَازِيِّينَ وَمن سلك سبيلهم.
وَمثل هَذَا من غَلَبَة الْحَرَام الْحَلَال: الْخمر تمزج بِالْمَاءِ
(2/230)
فَيحرم المَاء والبغل يحرم أكل لَحْمه
لِأَنَّهُ ممتزج من حرَام وحلال.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: اذا صلى أحدكُم فَلَا يصلين وَبَينه وَبَين الْقبْلَة فجوة.
الفجوة: المتسع. وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز {فِي فجوة مِنْهُ} أَي:
متسع. وَجَمعهَا: فجوات وفجاء. وَأَرَادَ عبد الله: أَن لَا يبعد من
قبلته وسترته. وَهُوَ مثل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذا صلى
أحدكُم الى الشىء فليرهقه. يُرِيد: فليغشه وَلَا يبعد مِنْهُ. يُقَال:
رهقت الشَّيْء غَشيته وأرهقته شرا أغشيته اياه. قَالَ الله جلّ وَعز:
{وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسرا} . وَيُقَال: عدا الرهقي وَهُوَ ضرب من
الْعَدو
(2/231)
يكَاد يرهق بِهِ الْمَطْلُوب. وأرهق فلَان
الصَّلَاة اذا أَخّرهَا حَتَّى تَدْنُو من الْأُخْرَى. وَيُقَال: أرهقت
فلَانا أعجلته. وَمثل هَذَا الحَدِيث قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي حَدِيث آخر: اذا صلى أحدكُم الى ستْرَة فليدن مِنْهَا فان
الشَّيْطَان يمر بَينه وَبَينهَا.
وَقَالَ ابو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ
لَا يخْرجن أحدكُم الى ضبحة بلَيْل.
يرويهِ: وَكِيع عَن ابْن أبي خَالِد عَن أَبى عَمْرو الشَّيْبَانِيّ.
وَبَعْضهمْ يَقُول: الى صَيْحَة بلَيْل. وهما جَمِيعًا متقاربان.
يُقَال: ضبح فلَان ضبحة الثَّعْلَب وَالْخَيْل تضبح من حلوقها أَي:
تنحم. وَأَرَادَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن لَا يخرج أحد عِنْد
صَيْحَة يسْمعهَا باليل فَلَعَلَّهُ يُصِيبهُ مَكْرُوه.
حَدثنِي أَبى قَالَ حَدثنِي اسحق بن ابراهيم بن جيب بن الشَّهِيد ثَنَا
قُرَيْش بن أنس عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد الطَّوِيل عَن بكر بن
عبد الله قَالَ: اسْتَغَاثَ قوم بلَيْل وَقد قتل صَاحبهمْ فَخرج
المغيثون فأدركوا رجلا فَقَالَ: لم أَقتلهُ وانما خرجت مغيثا فَأمر
بقتْله فجَاء رجل فَقَالَ: أَنا قتلت الرجل لَا أكون قتلت رجلا وَيقتل
آخر بِي فَأمر عبد الله باطلاقهما. وَقَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله
صلى
(2/232)
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أَحْيَا
نفسا بِنَفسِهِ فَلَا قَود عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي
حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ: من أحب الْقُرْآن فليبشر.
يرويهِ يعلى عَن الْأَعْمَش عَن ابراهيم.
قَوْله: فليبشر أَي: فليسر وليفرح. وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤون:
أَن الله يبشرك.
وَقَالَ الْفراء: اذا ثقل فَهُوَ من الْبُشْرَى واذا خفف فَهُوَ من
الافراح وَالسُّرُور. وَأنْشد: من الطَّوِيل ... بشرت عيالي اذ رَأَيْت
صحيفَة ... أتتك من الْحجَّاج يُتْلَى كتابها ...
وَكَأَنَّهُ يُقَال على هَذَا: بَشرته فبشر فَهُوَ يبشر. مثل جبرت
الْعظم فجبر وقرأت فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ على الْبَصرِيين: بَشرته
(2/233)
فأبشر مثل: فطرته فَأفْطر. وَأَرَادَ عبد
الله أَن محبَّة كتاب الله جلّ وَعز دَلِيل على مَحْض الايمان. فَكَانَ
يُقَال من أحب كتاب الله فقد أحب الله جلّ وَعز وَمن أحب السّنة فقد
أحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لي شيخ من أَصْحَاب
اللُّغَة فِي هَذَا الحَدِيث قولا قد ذكرته زعم أَنه من بشرت الْأَدِيم
فَأَنا أُبَشِّرهُ بشرا اذا أخذت بَاطِنه بشفرة. وَقَالَ: أَرَادَ
فليضمر نَفسه لِلْقُرْآنِ فان كَثْرَة الطّعْم وَكَثْرَة الشَّحْم
ينسيه اياه. وَاسْتشْهدَ على ذَلِك حَدِيثا آخر لعبد الله قَالَ: اني
لأكْره أَن أرى الرجل سمينا نسيا لِلْقُرْآنِ قَالَ: وَقَالَ بعض
الشُّعَرَاء فِي نَحْو هَذَا يصف بَعِيرًا: من الرجز ... وَهُوَ من
الأين حف نحيت ...
يَقُول: ضمر فَكَأَنَّهُ نحت بفأس. الأين: الاعياء. وَهُوَ مثل قَول
الآخر وَهُوَ العجاج: من الرجز ... ينحت من أقطاره بفاس ...
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى}
رَأْي رفرفا
(2/234)
أَخْضَر سد الْأُفق.
يرويهِ أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن ابراهيم عَن عَلْقَمَة عَن
عبد الله.
الرفرف: يُقَال هُوَ بِسَاط. وَيُقَال هُوَ فرَاش. وَبَعْضهمْ يَجعله
جمعا واحده رفرفة. ويحتج بقول الله جلّ وَعز: {متكئين على رَفْرَف خضر}
وَيُقَال الرفرف: ضرب من النَّبَات.
قَالَ عبد الله رَأْي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبرئيل
عَلَيْهِ السَّلَام فِي حلتي رَفْرَف قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء
وَالْأَرْض. وَأما قَول أَبى طَالب: من الطَّوِيل ... تتَابع فِيهَا كل
صقر كَأَنَّهُ ... اذا مَا مَشى فِي رَفْرَف الدرْع أجرد ...
فان الرفرف هَاهُنَا مَا فضل من طول الدرْع فانعطف. يَعْنِي: ان الدرْع
تطوله فينفضها كَمَا ينفض الْبَعِير الأجرد رجله. ورفرف الثَّوْب مَا
ثني مِنْهُ. وَقَالَ الْمُعَطل الْهُذلِيّ
(2/235)
يصف الْأسد: من الطَّوِيل ... لَهُ أيكة
لَا يَأْمَن النَّاس غيبها ... حمى رفرفا مِنْهَا سباطا وخروعا ...
قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أَدْرِي مَا الرفرف هَاهُنَا. وَقَالَ غَيره:
الرفرف مَا انعطف واسترخى كَأَنَّهُ أَرَادَ مَا تهدل من غصون الشّجر.
وشبيه بالرفرف الرفيف. قَالَ عقبَة بن صهْبَان: رَأَيْت عُثْمَان رَضِي
الله عَنهُ عَنهُ نازلا بِالْأَبْطح واذا فسطاط مَضْرُوب وَسيف مُعَلّق
فِي رفيف الْفسْطَاط وَلَيْسَ عِنْده سياف وَلَا جلواز.
فالرفيف: مَا تدلى مِنْهُ إِلَى الأَرْض. ورفيف السَّحَاب هيدبه وَمَا
تدلى مِنْهُ. قَالَ ابْن مطير يصف مَطَرا: من الْكَامِل ... وَله ربَاب
هيدب لرفيفه ... قبل التبعق دِيمَة وطفاء ...
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله ان أَبَا جهل قَالَ لَهُ
يَابْنَ مَسْعُود لأَقْتُلَنك فَقَالَ ابْن مَسْعُود: من يتأل على الله
(2/236)
يكذبهُ وَالله لقد رَأَيْت فِي النّوم
أَنِّي اخذت حدجة حنظل فَوَضَعتهَا بَين كتفيك ورأيتني أضْرب كتفيك
بنعل وَلَئِن صدقت الرُّؤْيَا لَأَطَأَن على رقبتك ولاذبحنك ذبح
الشَّاة.
هَذَا حَدِيث كَانَ الْقَاسِم بن معن يرويهِ عَن من سمع الْقَاسِم بن
عبد الرحمن يحدثه عَن ابْن مَسْعُود.
الحدجة: الحنظلة اذا صلبت واشتدت وَجَمعهَا: حدج. يُقَال: قد أحدجت
الشَّجَرَة.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ انه ذكر
بني اسرائيل وتحريفهم وتعييرهم وَذكر عَالما كَانَ فيهم عرضوا عَلَيْهِ
كتابا اختلقوه على الله جلّ وَعز فَأخذ ورقة فِيهَا كتاب الله جلّ وَعز
ثمَّ جعلهَا فِي قرن ثمَّ علقه فِي عُنُقه ثمَّ لبس عَلَيْهِ الثِّيَاب
فَقَالُوا: أتؤمن بِهَذَا فَأَوْمأ الى صَدره وَقَالَ: آمَنت بِهَذَا
الْكتاب. يَعْنِي الْكتاب الَّذِي فِي الْقرن. فَلَمَّا حَضَره
الْمَوْت بثبثوه فوجدوا الْقرن وَالْكتاب فَقَالُوا: انما عني هَذَا.
(2/237)
يرويهِ الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر
عَن الرّبيع بن عميلة عَن عبد الله.
قَوْله: بثبثوه أَي: كشفوه وَهُوَ من: بثبثت الْأَمر اذا أظهرته
وَالْأَصْل: بثثوه فأبدلوها من الثَّاء الْوُسْطَى بَاء استثقالا
لِاجْتِمَاع ثَلَاث ثاءات. كَمَا يُقَال: حثحثت وَالْأَصْل: حثثت.
آخر حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ.
(2/238)
- حَدِيث أَبى بن كَعْب
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أبي رَضِي الله عَنهُ انه سُئِلَ
عَن النَّبِيذ فَقَالَ: عَلَيْك بِالْمَاءِ عَلَيْك بالسويق عَلَيْك
بِاللَّبنِ الَّذِي نجعت بِهِ فعاودته: كَأَنَّك تُرِيدُ الْخمر.
حَدَّثَنِيهِ أَبى قَالَ حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد بن عبيد ثناه أَبُو
أُسَامَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل عَن ذَر بن عبد
الله عَن عبد الرحمن بن أَبْزي.
قَوْله: نجعت بِهِ أَي: سقيته يَعْنِي فِي الصغر. يُقَال: نجعت
الْبَعِير اذا سقيته المديد وَهُوَ أَن تسقيه المَاء بالبزر أَو السمسم
اَوْ الدَّقِيق وَمِنْه حَدِيث يرويهِ مَالك عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد
عَن أَبِيه: ان الْمِقْدَاد بن الْأسود دخل على عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ بالسقيا وَعلي ينجع بكرات لَهُ دَقِيقًا وخبطا. وَاسم
المديد: النجوع بِفَتْح النُّون. وَأرَاهُ سمي نجوعا لِأَنَّهُ
(2/239)
ينجع فِي الْجِسْم فَأَما النشوع فَهُوَ
الوجور. قَالَ ذُو الرمة: من الوافر ... اذا مرئية ولدت غُلَاما ...
فألأم مرضع نشع المحارا ...
المحار: الصدف واحدتها محارة. والنشوع أَيْضا السعوط. قَالَ الشَّاعِر
هُوَ المرار: من الوافر ... اليكم يَا لئام النَّاس اني ... نشعت
الْعِزّ فِي أنفي نشوعا ...
النشوع بِضَم النُّون مصدر نشعت. والنشوع بِفَتْحِهَا اسْم مَا يستعط
بِهِ.
وَلَو كَانَت الرِّوَايَة نشعت بِهِ أَي: اوجرته لَكَانَ وَجها غير أَن
الْمُحدثين جَمِيعًا يَرْوُونَهُ بِالْجِيم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي
ذَلِك يُقَال: نجعته لَبَنًا ونجعته بِلَبن وَكَذَلِكَ نشعته اللَّبن
ونشعته بِاللَّبنِ. كَمَا يُقَال أوجرته اللَّبن وأوجرته بِاللَّبنِ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أبي رَضِي الله عَنهُ ان الْعَبَّاس
وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا احْتَكَمَا اليه فَاسْتَأْذَنا عَلَيْهِ
فحبسهما قَلِيلا ثمَّ أذن
(2/240)
لَهما فَقَالَ: ان فُلَانَة كَانَت ترجلني
وَلم يكن عَلَيْهَا الا لفاع فحبستكما.
حَدَّثَنِيهِ أَبى حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد بن عبيد عَن أبي أُسَامَة عَن
عبد الحميد بن جَعْفَر عَن عبد الله بن خَالِد المَخْزُومِي عَن عبد
الله بن أَبى بكر.
اللفاع: ثوب يُجَلل بِهِ الْجَسَد كُله والتلفع مِنْهُ. وَهُوَ أَن
يشْتَمل بِهِ حَتَّى يُجَلل جسده وَهُوَ عِنْد الْعَرَب: الصماء
لِأَنَّهُ لَيست فِيهِ فُرْجَة. يُقَال اشْتَمَل الصماء. وَقَالَ
الْقطَامِي يصف نَاقَة: من الوافر ... فَلَمَّا ردهَا فِي الشول شالت
... بذيال يكون لَهَا لفاعا ...
أَي: شالت بذنبها فجللها من طوله. واذا شالت دلّت على حملهَا. وَقَوله:
ترجلني وَهُوَ من ترجيل الشّعْر وَهُوَ تسريحه ودهنه وَمِنْه الحَدِيث:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّرَجُّل الا غبا كرهه
كل يَوْم وَأذن فِيهِ فِي الْيَوْمَيْنِ وَأكْثر من ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أبي رَضِي الله عَنهُ انه أعض
انسانا اتَّصل.
(2/241)
اتَّصل: دَعَا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة
وَهُوَ أَن يَقُول: يَا آل فلَان. وَفِي حَدِيث النبى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ: من اتَّصل فأعضوه. وَقَالَ الْأَعْشَى وَذكر
امْرَأَة سبيت: من الطَّوِيل ... اذا اتَّصَلت قَالَت: أبكر بن وَائِل
... وَبكر سبتها والأنوف رواغم ...
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {إِلَّا الَّذين
يصلونَ إِلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث أبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ لرجل
كَانَ لَا تخطئه الصَّلَاة مَعَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيته
فِي أقْصَى الْمَدِينَة: لَو اشْتريت دَابَّة تقيك الوقع يَعْنِي:
حمارا. فَقَالَ لَهُ: مَا أحب أَن بَيْتِي مطنب بِبَيْت مُحَمَّد صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم.
(2/242)
يرويهِ مَالك أَبُو غَسَّان عَن اسرائيل
عَن عَاصِم عَن أَبى عُثْمَان عَن أبي.
الوقع: أَن تصيب الْحِجَارَة الْقدَم فتوهنها أَو حافر الدَّابَّة
فتغمز. يُقَال: وَقعت فَأَنا أوقع وَقعا. قَالَ الشَّاعِر: من الرجز
... يَا لَيْت لي نَعْلَيْنِ من جلد الضبع ... كل الْحذاء يحتذي الحافي
الوقع ...
والمطنب: المشدود بالأطناب. يَقُول: مَا أحب أَن يكون بَيْتِي الى
جَانب بَيت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد شدّ بأطنابه.
وتوخى فِي بعد بَيته من الْمَسْجِد أَن تكْتب لَهُ خطاه اليه.
آخر حَدِيث أبي رَضِي الله عَنهُ.
(2/243)
- حَدِيث معَاذ بن جبل
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ
للنخع: اذا رَأَيْتُمُونِي صنعت شَيْئا فِي الصَّلَاة فَاصْنَعُوا مثله
فَلَمَّا صلى بهم أضرّ بِعَيْنِه غُصْن شَجَرَة فَكَسرهُ فَتَنَاول كل
رجل مِنْهُم غصنا فَكَسرهُ فَلَمَّا صلى قَالَ: اني انما كَسرته
لِأَنَّهُ أضرّ بعيني وَقد أَحْسَنْتُم حِين أطعتم.
يرويهِ وَكِيع عَن مُحَمَّد بن قيس الْأَسدي عَن عَليّ بن مدرك
النَّخعِيّ.
قَوْله: أضرّ بعيني يَعْنِي دنا مِنْهَا. وكل شَيْء دنا من شَيْء فقد
أضرّ بِهِ. وَأنْشد الرياشي: من الطَّوِيل ... سحيرا وأعناق الْمطِي
كَأَنَّهَا ... مدافع ثغبان أضرّ بهَا الوبل ...
ثغبان: جمع ثغب وَهُوَ الغدير. وَفِيه لُغَة أُخْرَى ثغب سَاكِنة
الْغَيْن.
(2/244)
وَقَوله: أضرّ بهَا يَعْنِي: ركبهَا.
وَقَالَ النَّابِغَة الذبياني وَذكر مَاء: من الوافر ... مُضر بالقصور
يذود عَنْهَا ... قراقير النبيط الى التلال ...
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ ان عمر
رَضِي الله عَنهُ بعث ساعيا على بني كلاب أَو بني سعد بن ذبيان فقسم
فيهم وَلم يدع شَيْئا حَتَّى جَاءَ بحلسه الَّذِي خرج بِهِ على رقبته
فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: أَيْن مَا جِئْت بِهِ مِمَّا يَأْتِي بِهِ
الْعمَّال من عراضة أهلهم فَقَالَ: كَانَ معي ضاغط.
يرويهِ الْحجَّاج عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي الْأَبْيَض عَن أَبى
حَازِم وَزيد بن أسلم عَن سعيد بن الْمسيب.
قَوْله: عراضة أهلهم يُرِيد: الْهَدِيَّة. وَيُقَال لَهَا العراضة.
تَقول: عرضت الرجل اذا أهديت لَهُ وَمِنْه حَدِيث رَوَاهُ ابْن شهَاب
عَن عُرْوَة بن الزبير ان النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مهاجره
لَقِي الزبير بن الْعَوام فِي ركب من الْمُسلمين كَانُوا تجارًا
بِالشَّام قافلين
(2/245)
الى مَكَّة فعرضوا رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر ثيابًا بيضًا وَقَالَ الشَّاعِر: من
الْكَامِل ... كَانَت عراضتك الَّتِي عرضتنا ... يَوْم الْمَدِينَة
زكمة وسعالا ...
وَقَالَ آخر وَذكر نَاقَة عَلَيْهَا تمر: من السَّرِيع ... حَمْرَاء من
معرضات الْغرْبَان ...
يُرِيد: أَنَّهَا تتقدم الابل وَعَلَيْهَا التَّمْر فَتَقَع الْغرْبَان
عَلَيْهَا فتأكل التَّمْر. فَكَأَنَّهَا هِيَ أهدته الى الْغرْبَان.
وَقَوله: كَانَ معي ضاغط. يُرِيد: الْأمين. وَلَا أرَاهُ سمي ضاغطا الا
لتضييقه على الْعَامِل وَقَبضه يَده عَن الْأَخْذ والفائدة. وَلم يكن
معَاذ رَضِي الله عَنهُ أَمِين وَلَا شريك. وَلَو كَانَ مَعَه مَا مد
يَده. وانما أَرَادَ بِهَذَا القَوْل ارضاء أَهله. وَقد قَالَ النبى
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا كذب الا فِي ثَلَاثَة وَذكر الْحَرْب
والاصلاح بَين النَّاس وارضاء الرجل أَهله. وَيُقَال انه أَرَادَ
بالضاغط الله عز وَجل. وَكفى بِهِ أَمينا ورقيبا.
(2/246)
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث معَاذ
رَضِي الله عَنهُ انه أجَاز بَين أهل الْيمن الشّرك.
يرويهِ عبد الله بن الْمُبَارك عَن معمر عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه.
الشّرك: مصدر شركته فِي الْأَمر أشركه شركا. وَأَرَادَ الِاشْتِرَاك
فِي الأَرْض والمزارعة. وَذَلِكَ أَن يَدْفَعهَا صَاحبهَا بِالنِّصْفِ
وَالثلث وَمَا أشبه ذَلِك. وَمثله حَدِيث عمر بن عبد العزيز: ان شرك
الأَرْض جَائِز وَيكون الْبذر من السَّيِّد. يَعْنِي: رب الأَرْض.
نجز حَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ.
(2/247)
- حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث عبَادَة انه قَالَ: يُوشك أَن يكون
خير مَال الْمُسلم شَاءَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة ترعى فَوق رُؤُوس
الظراب وتأكل من ورق القتاد والبشام.
يرويهِ حَمَّاد عَن أَبى التياح عَن عبَادَة.
الظراب: دون الْجبَال وَاحِدهَا ظرب والبشام: شجر طيب الرّيح يستاك
بِهِ واحدته بشامة وَبهَا سمي الرجل. قَالَ الشَّاعِر وَهُوَ جرير: من
الوافر ... أَتَذكر اذ تودعنا سليمى ... بفرع بشامة سقِِي البشام ...
يُرِيد: تُشِير الينا بمسواكها تودعنا. ويروى:
(2/248)
.. أَتَذكر يَوْم تصقل عارضيها ... بفرع
بشامة ...
وانما خص القتاد والبشام لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَا أرى أَكثر النبت
فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة.
تمّ حَدِيث عبَادَة رَضِي الله عَنهُ.
(2/249)
- حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله
عَنهُ انه ذكر خُرُوج عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ: تقَاتل
مَعهَا مُضر مضرها الله فِي النَّار وأزد عمان سلت الله أَقْدَامهَا
وان قيسا لن تنفك تبغي دين الله شرا حَتَّى يركبهَا الله
بِالْمَلَائِكَةِ وَلَا يمنعوا ذَنْب تلعة.
يرويهِ معمر عَن وهب عَن أَبى الطُّفَيْل عَن حُذَيْفَة.
قَالَ ابو زيد: الماضر من اللَّبن الَّذِي يحذي اللِّسَان. يُقَال: قد
مُضر اللَّبن يمضر مضورا وَكَذَلِكَ النَّبِيذ. قَالَ وَقَالَ أَبُو
الْبَيْدَاء: اسْم مُضر مُشْتَقّ مِنْهُ. وَقَالَ بَعضهم: مُضر سمي
(2/250)
لبياضه. وَمِنْه مضيرة الطبيخ وَلَا أرى
المضيرة أَيْضا الا من اللَّبن الماضر لِأَنَّهَا تطبخ بِهِ فَهِيَ
فعيلة بِمَعْنى مفعولة. وَقَوله: مضرها الله فِي النَّار أَي: جمعهَا
فِي النَّار واشتق لذَلِك لفظا من اسْمهَا. وَتقول: مضرنا فلَانا فتمضر
وقيسناه فتقيس أَي: صيرناه كَذَلِك بِأَن نسبناه إِلَيْهَا فَصَارَ.
قَالَ الْكسَائي: يُقَال ذهب دَمه خضرًا مضرا وَذهب بطرا اذا بَطل فان
لم يكن مُضر فِي هَذَا الْموضع اتبَاعا فقد يجوز أَن تجْعَل مضرها الله
فِي النَّار مِنْهُ.
وَالتَّفْسِير الأول أعجب الي. وَقَوله: سلت الله أَقْدَامهَا أَي:
قطعهَا وَيُقَال: سلتت الْمَرْأَة الخضاب اذا مسحته وألقته وسلت الحلاق
رَأس الرجل. وَمِنْه قيل للْمَرْأَة الَّتِي لَا تختضب: سلتاء.
والتلعة: مسيل مَا ارْتَفع من الأَرْض الى بطن الْوَادي: فاذا
(2/251)
صغر عَن التلعة فَهِيَ الشعبة فاذا عظم
حَتَّى يكون مثل نصف الْوَادي فَهِيَ ميناء. والتلعة أَيْضا مَا انخفض
من الْوَادي وَهُوَ من الأضداد. وَأَرَادَ ان الله جلّ وَعز يذلها
فَلَا تقدر على أَن تمنع أَسْفَل تلعة. وَقَالَ النبى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: حجُّوا قبل أَن لَا يحجوا قَالُوا: وَمَا شَأْن الْحَج
قَالَ: تقعد أعرابها على أَذْنَاب أَوديتهَا فَلَا يصل الى الْحَج أحد.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ لجندب بن عبد الله البَجلِيّ: كَيفَ تصنع اذا أَتَاك مثل الوتد
أَو مثل الذؤنون قد أُتِي الْقُرْآن من قبل أَن يُؤْتِي الايمان
يَنْثُرهُ نثر الدفل فَيَقُول: اتبعني وَلَا أتبعك.
يرويهِ حَمَّاد عَن أَبى عمرَان الْجونِي عِنْد جُنْدُب.
الذؤنون: نبت ضَعِيف طَوِيل لَهُ رَأس مدور وَرُبمَا
(2/252)
أكله الْأَعْرَاب وَجمعه ذآنين. يُقَال.
خرج النَّاس يتذأننون اذا خَرجُوا يأخذونه. وَكَذَلِكَ خَرجُوا
يتطرثثون من الطراثيث ويتمغفرون من المغافير وَلَا أرَاهُ شبهه
بالذؤنون الا لصغره وحداثة سنه
يُرِيد: انه غُلَام حدث وَهُوَ يَدْعُو الْمَشَايِخ الى اتِّبَاعه أَو
نحول جِسْمه من الِاجْتِهَاد وَالْعِبَادَة وَهُوَ على هوى وضلال قَالَ
الفرزدق: من الطَّوِيل ... عَشِيَّة وليتم كَأَن سُيُوفكُمْ ... ذآنين
فِي أَعْنَاقكُم لم يسلل ...
شبه سيوفهم بالذآنين فِي ضعفها. وقله: قد أُوتِيَ الْقُرْآن قبل أَن
يُؤْتى الايمان يُرِيد: انه قد حفظ الْقُرْآن وَأحكم حُرُوفه وضيع
حُدُوده وَهُوَ مثل قَول ابْن مَسْعُود للهمذاني: انك ان اخرت الى قريب
بقيت فِي قوم كثير خطباؤهم قَلِيل علماؤهم كثير سائلوهم
(2/253)
قَلِيل معطوهم يُحَافِظُونَ على الْحُرُوف
ويضيعون الْحُدُود أَعْمَالهم تبع لأهوائهم.
وَذكر ابْن عَبَّاس الْخَوَارِج الَّذين أَتَاهُم بِأَمْر عَليّ
فَقَالَ: دخلت على قوم لم أر قطّ أَشد اجْتِهَادًا مِنْهُم جباههم
قرحَة من السُّجُود وأيديهم كَأَنَّهَا ثفن الابل وَعَلَيْهِم قمص
مرحضة مسهدين مسهمة وُجُوههم.
والمرحضة: المغسولة يُقَال: رحضت الثَّوْب اذا غسلته. ومسهمة: من
السهوم وَهُوَ الضمر.
وَقَوله: ينثر الدقل والدقل من التَّمْر أَو أَكْثَره لَا يلصق بعضه
بِبَعْض فاذا نثر خرج سَرِيعا وتفرق وانفردت كل تَمْرَة عَن صاحبتها.
شبه قِرَاءَته لِلْقُرْآنِ بذلك لهَذِهِ اياه. وَهُوَ كَقَوْل عبد
الله: لَا تهذو االقرآن هَذَا كهذ الشّعْر وَلَا تنثروه نثر الدقل.
يُرِيد: لَا تعجلوا فِي التِّلَاوَة. قَالَ الله
(2/254)
تَعَالَى: {ورتل الْقُرْآن ترتيلا} .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: انما تهلكون اذا لم يعرف لذِي الشيب شيبَة واذا صرتم تمشون
الركبات كأنكم يعاقيب حجل لَا تعرفُون مَعْرُوفا وَلَا تنكرون مُنْكرا.
حَدَّثَنِيهِ أبي قَالَ حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد عَن ابْن عَائِشَة عَن
عبد العزيز عَن لَيْث عَن بشر عَن أَبى شُرَيْح.
قَوْله: تمشون الركبات أَي: تمضون على وُجُوهكُم بِغَيْر تثبت وَلَا
روية وَلَا اسْتِئْذَان من هُوَ أسن مِنْكُم يركب بَعْضكُم بَعْضًا
كَمَا يركب اليعاقيب - وَهِي القبج - بَعْضهَا بَعْضًا. واليعاقيب
ذكورها والحجل اناثها. وَنَحْوه قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
تتايعون فِي الشَّرّ تتايع الْفراش فِي النَّار. والركبات: جمع ركبة.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ:
(2/255)
للدابة ثَلَاث خرجات خرجَة فِي بعض
الْبَوَادِي ثمَّ تنكمي.
يرويهِ عبد الرزاق عَن معمر عَن هِشَام بن حسان عَن قيس بن سعد عَن أبي
الطُّفَيْل.
قَوْله: تنكمي أَي: تستتر يُقَال: كمى فلَان شَهَادَته اذا سترهَا
وَمِنْه قيل للشجاعى كمي كَأَن الله عز وَجل كماه أَي: ستره. فعيل
بِمَعْنى مفعول. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: الشجاع موقى. وَلذَلِك قَالَ
أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لخَالِد بن الْوَلِيد حِين أغزاه: احرص على
الْمَوْت توهب لَك الْحَيَاة وَمِنْه قَول الخنساء: من المتقارب
نهين النُّفُوس وهون النُّفُوس يَوْم الكريهة أوقى لَهَا.
ويروى: أبقى لَهَا وَيجوز أَن يكون سمي كميا لِأَنَّهُ كمي بالدرع
وَغَيرهَا أَي: سترهَا.
وَمِنْه حَدِيث يرويهِ ابْن شهَاب عَن جَابر بن عبد الله عَن أَبى
الْيُسْر قَالَ كَانَ لي على الْحَارِث بن يزِيد الْجُهَنِيّ مَال
فَأطَال حَبسه فَجِئْته فانكمى مني ثمَّ ظهر فَقَالَ: انك طَالب حق
(2/256)
وَكنت مُعسرا فَأَرَدْت أَن أنكمي مِنْك
حَتَّى يَأْتِي الله بيساره.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ ان سبيع
بن خَالِد قَالَ: قدمت الْكُوفَة فَدخلت الْمَسْجِد فاذا صدع من
الرِّجَال فَقلت: من هَذَا فَقَالُوا: أما تعرفه هَذَا حُذَيْفَة صَاحب
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
يرويهِ قَتَادَة عَن نصر بن عَاصِم اللَّيْثِيّ عَن سبيع.
الصدع من الرِّجَال: الْمُتَوَسّط فِي خلقه وَهُوَ أَلا يكون صَغِيرا
وَلَا كَبِيرا وَكَذَلِكَ الصدع من الْوَحْش. قَالَ دُرَيْد يَوْم
حنين: من مجزوء الرجز ... أَقُود وطفاء الزمع ... كَأَنَّهَا شَاة صدع
...
صدع: يَعْنِي فرسا. والوطف فِي الزمع أَن تطول ثنتها وَهُوَ الشّعْر
النَّابِت فِي مُؤخر الرسخ وطولها يحمد والزمع: يكون فِي مَوضِع الثنة
للْفرس كَأَنَّهُ قرن صَغِير واحده: زَمعَة. وَيُقَال: كل عظم ينجبر
الا زماع الشَّاء وسَاق النعامة
(2/257)
لِأَنَّهُ لَا مخ فِي ذَلِك. وَلذَلِك
قَالَ الشَّاعِر فِي أَخِيه: من الطَّوِيل ... واني واياه كرجلي
نعَامَة ... على مَا بِنَا من ذِي غنى وفقير ...
يُرِيد: اني وَأخي كرجلي نعَامَة لَا غنى بِوَاحِدَة مِنْهُمَا عَن
الاخرى: فَمَتَى انْكَسَرت وَاحِدَة بطلت أُخْتهَا أبدا لِأَن المنكسرة
لَا تنجبر.
وَالشَّاة: الوعل وَيكون الثور من الْوَحْش.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ انه
قَالَ: قومة بعد الْجِمَاع أوعب للْمَاء.
يرويهِ وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مُغيرَة عَن ابراهيم.
قَوْله: أوعب للْمَاء يُرِيد: ان المجامع اذا اغْتسل بعد نَومه كَانَ
ذَلِك بعد انْقِطَاع الْمَنِيّ واذا اغْتسل بعد الْجِمَاع اغْتسل وَقد
بقيت مِنْهُ بَقِيَّة لم تنزل. وَمِنْه يُقَال: استوعبت كَذَا اذا
استقصيته كُله. وَمثل هَذَا قَول حَمَّاد: لَا يقطع الْجَنَابَة الا
نوم أَو بَوْل.
(2/258)
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث
حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ ان الْمُسلمين أخطأوا باليمان فَجعلُوا
يضربونه بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَة يَقُول: أبي أبي فَلم يفهموه
حَتَّى انْتهى اليهم وَقد تواشقة الْقَوْم.
يرويهِ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ.
قَوْله: تواشقه الْقَوْم أَي: قطعوه. والوشيقة مِنْهُ. وَهُوَ أَن تقطع
الشَّاة أَعْضَاء وتغلى شَيْئا ثمَّ ترفع فِي الأوعية ويتزودها
الْمُسَافِر. وَيُقَال: بل الوشيقة أَن يقطع اللَّحْم ويجفف ثمَّ
يتزوده الْمُسَافِر وَمِنْه قيل للكلب: واشق لِأَنَّهُ يخدش وَيقطع.
هَذَا قَول ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة انه اشْترى نَاقَة من
رجلَيْنِ من النخع وَشرط لَهما من النَّقْد رضاهما فجَاء بهما الى
منزله فَأخْرج لَهما كيسا فَأَقْبَلَا عَلَيْهِ ثمَّ أخرج آخر فأفسلا
عَلَيْهِ فَقَالَ حُذَيْفَة: اني أعوذ بِاللَّه مِنْكُمَا.
يرويهِ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن حجاج عَن عبد الرحمن بن عَابس عَن
أَبِيه.
(2/259)
0 - وَقَوله: افسلا عَلَيْهِ بِمَعْنى
أرذلا عَلَيْهِ من الدَّرَاهِم وَأَصله من الفسل وَهُوَ الرَّدِيء.
يُقَال: فسل يفسل فسالة وفسولة وَرجل فسل: رذل والفسل من كل شَيْء
نَحْو الرذل وَكَذَلِكَ: رذل يرذل رذالة ورذولة. وَقَالَ الفرزدق: من
الطَّوِيل ... فَلَا تقبلُوا مِنْهُم أباعر تشترى ... بوكس وَلَا
سُودًا يَصح فسولها ...
والسود: دَرَاهِم وفسولها: رديئها.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ انه ذكر
قوم لوط وَخسف الله بهم فَقَالَ: وتتبعت أسفارهم بِالْحِجَارَةِ.
حَدَّثَنِيهِ أبي قَالَ حَدَّثَنِيهِ عبد الرَّحْمَن بن الْحُسَيْن عَن
أَبى النَّصْر عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن
جُنْدُب عَن حُذَيْفَة.
الْأَسْفَار: هَاهُنَا المسافرون يَقُول: رموا بِالْحِجَارَةِ حَيْثُ
كَانُوا فألحقوا بِأَهْل الْمَدِينَة وَهُوَ جمع سفر وسفر جمع
(2/260)
مُسَافر وان جعلته جمعا لسافر جَازَ.
وَهُوَ قَلِيل نَحْو: صَاحب وَأَصْحَاب وَشَاهد وأشهاد وَيُقَال أشهاد
جمع شَهِيد مثل: شريك وأشراك.
وَرُوِيَ فِي حَدِيث آخر: انها لما قلبت عَلَيْهِم رمي بقاياهم بِكُل
مَكَان.
آخر حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ.
(2/261)
|