غريب الحديث لابن قتيبة حَدِيث شميط ابْن عجلَان
وَقَالَ فِي حَدِيث شميط انه قَالَ: أوحى الله الى دَاوُد صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قل للملأ من بنى اسرائيل لَا يدعوني والخطايا بَين
أضباثهم ليلقوها ثمَّ ليدعوني بَين اضباثهم فِي قبضاتهم.
وَيُقَال: ضبثت بِهِ اي: قبضت عَلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر: من الطَّوِيل
... كَأَن فُؤَادِي فِي يَد ضبثت بِهِ ... محاذرة أَن يقضب الْحَبل
قاضبه ...
(3/678)
حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ
وَقَالَ فِي حَدِيث ثَابت أَنه قَالَ: كَانَ دَاوُد صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إِذا ذكر عِقَاب الله تخلعت أوصاله فَلَا يشدها إِلَّا الْأسر.
الْأسر: أَن يعصب. يُقَال: مَا أحسن مَا أسر قتبه. أَي: مَا أحسن مَا
شدّ قتبه. وَإِنَّمَا قيل للأخيذ أَسِير من هَذَا لِأَنَّهُ كَانَ إِذا
أخذا أسر أَي: شدّ بالقد. وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {وشددنا أسرهم}
.
(3/679)
حَدِيث مَالك بن دِينَار
وَقَالَ فِي حَدِيث مَالك بن دِينَار أَنه قَالَ: إِن الله تبَارك
وَتَعَالَى يُقيم دَاوُد يَوْم الْقِيَامَة عِنْد سَاق الْعَرْش
فَيَقُول: ياداود مجدني الْيَوْم بِذَاكَ الصَّوْت الرخيم الْحسن.
الرخيم من الصَّوْت: الرَّقِيق الشجى وَمِنْه يُقَال: ألقيت عَلَيْهِ
رخمة أمة اى: رقتها ومحبتها. قَالَ ذُو الرمة يذكر الْمَرْأَة ويشبهها
بالظبية: من الْبَسِيط ... كَأَنَّهَا أم ساجى الطّرف أخدرها ...
مستودع خمر الوعساء مرخوم ...
والمرخوم: خشفها لِأَن رخمتها ألقيت عَلَيْهِ. وَيُقَال: رخمت الدجابة
إِذا ألزمتها الْبيض لِأَنَّهَا لاتلزمه إِلَّا بالرخمة. اي: الشّفة.
وَقَالَ ابو زيد الْأنْصَارِيّ. اما أهل الْيمن فَيَقُولُونَ: رخمته
رخمة فِي معنى: رَحمته.
(3/680)
حَدِيث نوف الْبكالِي
وَقَالَ فِي حَدِيث نوف أَنه ذكر عوجا وَقتل مُوسَى لَهُ قَالَ: فَوَقع
على نيل مصر فجسرهم سنة.
قَوْله: جسرهم أَي: صَار لَهُم جِسْرًا يعبرون عَلَيْهِ من جَانب إِلَى
جَانب وَنَحْوه قَوْلهم: قطع الثَّوْب فلَانا إِذا كَفاهُ. تَقول: لَا
يقطعني قَمِيصًا هَذَا الثَّوْب.
(3/681)
حَدِيث عبد الْملك بن مَرْوَان
وَقَالَ فِي حَدِيث عبد الْملك ان ابراهيم بن متمم بن نُوَيْرَة دخل
عَلَيْهِ فَسلم بجهورية فَقَالَ عبد الملك: انك لشنخف. فَقَالَ: يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي من قوم شنخفين قَالَ: وأراك أَحْمَر قرفا
قَالَ: الْحسن أَحْمَر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
بلغنى عَن ابى الْيَقظَان سحيم بن حَفْص. الشنخف: الطَّوِيل الْعَظِيم
والشنخاف كَذَلِك والقرف: الشَّديد الْحمرَة. وَإِنَّمَا قيل لَهُ قرف
لِأَنَّهُ من شدَّة حمرته كَأَنَّهُ قرف أَي: قشر والقرف: القشر.
يُقَال: صبغ فلَان ثَوْبه بقرف السدر أَي: بقشره وَلذَلِك قيل: قرف
فلَان فلَانا إِذا وَقع فِيهِ لِأَنَّهُ: كَأَنَّهُ سلخه أَو قشره
بالوقيعة فِيهِ.
وَأما قَوْله: الْحسن أَحْمَر. فَإِن سهلا حَدثنِي عَن الْأَصْمَعِي
أَنه قَالَ: الْعَرَب تَقول الْحسن أَحْمَر يُرَاد بِهِ من أَرَادَ
الْحسن صَبر على اشياء يكرهها. فَذهب الْأَصْمَعِي فِي أَحْمَر إِلَى
معنى الصعوبة وَالْمَشَقَّة كَمَا قيل: موت أَحْمَر.
(3/682)
وَقد تدبرت هَذَا فَرَأَيْت معنى الحَدِيث
يدل على أَنه يُرِيد: أَن الْحسن فِي الْحمرَة لَا مَا ذهب إِلَيْهِ
الْأَصْمَعِي وَمِمَّا يدل على ذَلِك قَول الشَّاعِر: من مجزوء
الْكَامِل. ... فَإِذا ظَهرت تقنعي ... بالحمر إِن الْحسن احمر ...
يُرِيد: أَن الْحسن فِي الْحمرَة. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَو من
قَالَ مِنْهُم فِي قَول: الله جلّ وَعز: {فَخرج على قومه فِي زينته} :
أَنه خرج فِي ثِيَاب حمر. وَلَا أَحْسبهُ كره المعصفر للرِّجَال إِلَّا
لحسنه.
قَالَ إِبْرَاهِيم: إنى لألبس المعصفر وَأَنا أعلم أَنه زِينَة
الشَّيْطَان وأتختم الْحَدِيد وَأعلم أَنه حلية أهل النَّار. أَرَادَ:
أَن المعصفر: الزِّينَة الَّتِي يخْتل بهَا الشَّيْطَان.
وحدثنى زِيَاد بن يحيى قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل عَن يُونُس عَن
الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحمرَة من
زِينَة الشَّيْطَان والشيطان يحب الْحمرَة.
وَلَا أرى إِبْرَاهِيم لبس المعصفر وتختم بالحديد إِلَّا لما كَانَ
(3/683)
يُرِيد من إخفاء نَفسه وَستر عمله
وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَنْفِي عَن نَفسه الشَّهْوَة بالزهد
وَالْعِبَادَة. لَا أعلم وَجها غير هَذَا. وَقد يفع مَا ذهب إِلَيْهِ
الاصمعي من إِقَامَة الْأَحْمَر مقَام الصعب الشَّديد. من ذَلِك
قَوْلهم: موت أَحْمَر. وَأَصله: الْقَتْل سمي موتا أَحْمَر لحمرة
الدَّم. وَذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ مَا يكون بَين يَدي
السَّاعَة فَقَالَ: لَو تعلمُونَ مَا يكون فِي هَذَا الْأمة من
الْمَوْت الْأَحْمَر والجوع الأغبر. يَعْنِي بِالْمَوْتِ الْأَحْمَر
الْقَتْل.
وَذكر أَبُو الْيَقظَان: أَن زِيَاد بن أَبى سُفْيَان كَانَ عَاملا
لعَلي ابْن أَبى طَالب عَلَيْهِ السَّلَام على فَارس فَكتب إِلَيْهِ
مُعَاوِيَة يتهدده فَكتب إِلَيْهِ زِيَاد: اتوعدني وبيني وَبَيْنك
عَليّ بن أَبى طَالب أما وَالله لَئِن وصلت إِلَيّ لتجدننى أَحْمَر
ضرابا بِالسَّيْفِ. وَقد يجوز أَن يكون أَرَادَ بالأحمر النِّسْبَة
إِلَى الْعَجم وَكَانَت أمه عجمية فالعجم يُقَال لَهُم: الْحَمْرَاء.
وَقَالَ فِي حَدِيث عبد الْملك انه كتب إِلَى الْحجَّاج: أَنِّي قد
اسْتَعْمَلْتُك على العراقين صدمة فَاخْرُج إِلَيْهِمَا كميش الْإِزَار
شَدِيد العذار منطوي الخصيلة قَلِيل الثميلة غرار النّوم طَوِيل
الْيَوْم.
(3/684)
بلغنى عَن أَبى الْحسن الْمَدَائِنِي
قَوْله: على العراقين صدمة هُوَ كَمَا قَالَ فِي الْكَلَام اعطاه رزق
شَهْرَيْن ضربه وَاحِدَة وَأَعْطَاهُ كل شىء اجْتمع عِنْده دفْعَة
وَاحِدَة.
وَقَوله: كميش الْإِزَار اي: مشمر الْإِزَار. وَمِنْه يُقَال: تكمشت
الْجلْدَة إِذا انقبضت. وأحسب قَوْلهم: انكمش فِي الْحَاجة من هَذَا.
وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة يرثي أَخَاهُ: من الطَّوِيل ... كميش
الْإِزَار خَارج نصف سَاقه ... صبور على الْجلاء طلاع أنجد ...
وَقَوله: شَدِيد العذار. يُقَال للرجل إِذا عزم على الشَّيْء هُوَ مشمر
العذار. وشديد الغدار وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب: من الطَّوِيل ... فإنى
إِذا مَا خلة رث وَصلهَا ... وجدت بِصرْم وَاسْتمرّ عذارها ...
وَيُقَال: لوى عَنهُ عذارة أَي: عَصَاهُ.
وَقَوله: منطوي الخصيلة وَجَمعهَا: خصائل وَهِي لحم الفخذين وَلحم
العضدين وَلحم السَّاقَيْن. وكل لحم فِي عصبَة: خصيلة. يُقَال:
جَاءَنَا فلَان ترْعد خصائله. وَقَالَ
(3/685)
زُهَيْر وَذكر فرسا: من الطَّوِيل ...
فتضربه حَتَّى اطْمَأَن قذاله ... وَلم يطمئن قلبه وخصائله ...
وَقَوله: قَلِيل الثميلة والثميلة الْبَقِيَّة تبقى من الطَّعَام.
وَالشرَاب فِي بطن الْإِنْسَان. وثميلة الْبَعِير: مَا يبْقى فِي
بَطْنه من الْعلف.
وَقيل لأعرابي: اشر ب فَقَالَ: إنى لَا أشْرب إِلَّا على ثميلة.
وَقَالَ الشَّاعِر: من الطَّوِيل. ... إِذا لم تكن قبل النَّبِيذ ثريدة
... ملبقة صفراء شَحم جَمِيعهَا
فَإِن النَّبِيذ الصر د إِن شرب وَحده ... على غير شَيْء اوجع الكبد
جوعها ...
والصرد: الصّرْف وَهُوَ من كل شَيْء: الْخَالِص. يُقَال: أحبك حبا صردا
أَي: خَالِصا. والثميلة أَيْضا: الْبَقِيَّة من المَاء فِي الصَّخْرَة
أَو فِي الْوَادي. وَإِنَّمَا تقل ثميلة الرجل لقلَّة الطّعْم
فَأَرَادَ:
(3/686)
لَا تكْثر من الطّعْم وتشتغل بصنوفه
وَلَكِن اقْتصر على مَا لَا بُد لَك مِنْهُ فعل الجاد المشمر المتأهب.
وَنَحْو من هَذَا كتاب عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى مُعَاوِيَة: انه
لَيْسَ أَخُو الْحَرْب من يضع خور الحشايا عَن يَمِينه وشماله ويعاظم
الأكلاء اللقم وَلكنه من حسر عَن ذِرَاعَيْهِ وشمر عَن سَاقيه وَأعد
للأمور آلاتها وللفرسان أقرانها.
وخور الحشايا: هِيَ الوطاء مِنْهَا وَذَلِكَ بِأَن تحشى حَشْوًا لَا
تصلب مَعَه فَإِذا ارتفق بهَا دخل فِيهَا الْمرْفق وَهِي كَذَلِك أوطأ
مَا تكون. وَمِنْه قيل للرجل الضَّعِيف: خوار. وَمِنْه قيل للنوق
الغزاز إِذا كَانَ فِي لَبنهَا رقة: خور. أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ
للَّتِي لَا تغرز غرزها الجلاد. قَالَ الراجز: ... قد علمت جلادها
وخورها ... إنى بِشرب السوء لَا أهورها ...
وَقَوله: غرارالنوم أَي: قَلِيل النّوم. يُقَال: مَا أهجع إِلَّا غرارا
أَي: قَلِيلا.
وَقَوله: طَوِيل الْيَوْم يُقَال ذَلِك لكل من جد وَعمل فِي يَوْمه
وَلم يشْتَغل بلهو وَلَا لعب. وَلذَلِك يُقَال للمتهجد: هُوَ طَوِيل
اللَّيْل. وَقَالَت الشُّعَرَاء: طَال ليلِي يُرِيدُونَ: أَنهم سهروا
فِيهِ وَلم يَنَامُوا. وَيُقَال لمن لَهَا فِي يَوْمه وَلعب اَوْ شرب
فلَان قصير الْيَوْم. قَالَ الشَّاعِر: من الطَّوِيل
(3/687)
.. وَيَوْم كظل الرمْح قصر طوله ... دم
الزق عَنَّا واصطفاق المزاهر ...
يُرِيد: أَنه طَوِيل كظل الرمْح. وَقَالَ آخر: من السَّرِيع ...
كَأَنَّمَا يومي حو ل إِذا ... لم أشهد اللَّهْو وَلم أطرب ...
وَقَالَ فِي حَدِيث عبد الْملك أَن رجلا قَالَ لَهُ: خرجت بِي فرحة
فَقَالَ عبد الملك: فِي اي مَوضِع من جسدك فَقَالَ بَين الرانفة
والصفن. فأعجبه حسن مَا كنى.
حَدَّثَنِيهِ عبد الرَّحْمَن عَن الْأَصْمَعِي عَن رجل. قَالَ
الْأَصْمَعِي الزانفة أَسْفَل الألية وطرفها الَّذِي يَلِي الارض من
الْإِنْسَان إِذا كَانَ قَائِما.
والصفن: جلد الخصية.
فَأَرَادَ أَن القرحة كَانَت فِي الدبر أَو فِي العجان والعجان: مَا
بَين الذّكر إِلَى الدبر.
(3/688)
حَدِيث عبد الْملك بن مَرْوَان
وَقَالَ فِي حَدِيث عبد الْملك أَنه أُتِي بأسير مصدر أزبر فَقَالَ
لَهُ: أدبر فَأَدْبَرَ وَقَالَ لَهُ: أقبل فَأقبل. فَقَالَ: قَاتله
الله أدبر بعجز ذِئْب وَأَقْبل بز بسرة أَسد.
الْمصدر: الْعَظِيم الصد ر والأزبر: الْعَظِيم الزبرة وَلذَلِك قَالَ:
أقبل بزبرة أَسد. والزبرة: مَا بَين كَتِفي الْأسد. أَرَادَ أَنه مصدر
عَظِيم الْكَاهِل. والكاهل والكتد: وَاحِد. وهما موصل الظّهْر فِي
الْعُنُق.
يُقَال: رجل أزبر إِذا كَانَ عَظِيم الزبرة مثل: أرأس إِذا كَانَ
عَظِيم الراس وارجل إِذْ كَانَ عَظِيم الرجل وأركب إِذا كَانَ عَظِيم
الرّكْبَة.
وَقَول: أدبر بعجز ذِئْب. يُرِيد: أَنه أرسخ. وَالذِّئْب يُوصف بالرسح.
وَلذَلِك قيل لَهُ: أزل. أَي: ارسح. وَالْمَرْأَة الزلاء: هِيَ
الرسحاء.
وَقد غلب هَذَا الْوَصْف على الذِّئْب حَتَّى صَار كالإسم لَهُ. قَالَ
الشَّاعِر يصف فرسا: من الرجز
(3/689)
.. أزل إِن قيد وَإِن قَامَ نصب ...
أَي: هُوَ ذِئْب إِن قيد وَلم يرد أَن الرجل أرسح لِأَن الرسح عيب
فِيهِ وَمثل قَوْلهم للنعامة صكاء لاصطكاك عرق بيها فَصَارَ ذَلِك
لَهَا كالاسم. قَالَ الْمسيب بن علس يصف نَاقَة: من الْكَامِل ... صكاء
ذعلبة إِذا استد برتها ... حرج إِذا استقبلتها هلواع ...
أَي: هِيَ نعَامَة إِذا استدبرتها وَلم يرد أَنه يصطك عرقوباها لِأَن
ذَلِك عيب.
(3/690)
حَدِيث هِشَام بن عبد الْملك
وَقَالَ فِي حَدِيث هِشَام بن عبد الْملك أَنه كتب إِلَى عَامل أضاخ
أَو الْعَامِل فَوْقه أَن أصب لى نَاقَة مواترة وَكَانَ بِهِشَام فتق
فَمَا وجدوا أحدا يعرف النَّاقة المواترة إِلَّا رجلا من بني أود من
بني عليم.
حَدَّثَنِيهِ سهل حدّثنَاهُ عَن الْأَصْمَعِي عَن شيخ من أهل أضاخ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: والناقة المواترة هِيَ الَّتِي اذا بَركت وضعت
إِحْدَى يَديهَا فَإِذا أطمأنت وضعت الْأُخْرَى فَإِذا اطمأنت
وَضَعتهَا جيمعا ثمَّ تضع وركيها قَلِيلا قَلِيلا وَالَّتِي لَا
تَوَاتر تزج بِنَفسِهَا فتشق على راكبها عِنْد البروك النُّزُول.
وأصل المواترة من الْوتر وهوالواحد يُرِيد أَنَّهَا تضع قَوَائِمهَا
بِالْأَرْضِ وترا وترا أَي وَاحِدًا وَاحِدًا. وَهَذَا أَيْضا شَاهد
على المواترة فِي قَضَاء رَمَضَان انه قَضَاؤُهُ يَوْمًا بعد يَوْم
يفْطر ويما بعد أَيَّام يفطرها وَقد ذكرت ذَلِك فِي حَدِيث أَبى
هُرَيْرَة.
وَقَالَ فِي حَدِيث هِشَام أَن رجلا قَالَ لَهُ فِي وصف نَاقَة
(3/691)
أَنَّهَا المسياع مرباع هلواع.
حَدَّثَنِيهِ عبد الرَّحْمَن بن أخى الْأَصْمَعِي عَمه قَالَ وَيُقَال:
رجل مسياع إِذا كَانَ مضيعا لمَاله يُقَال: أساع مَاله إِذا أضاعه وَلم
أسمعهُ فِي وصف النَّاقة إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
وَهِي الَّتِي تحْتَمل الضَّيْعَة وَسُوء الْقيام. قَالَ: والمرياع
الَّتِي يُسَافر عَلَيْهَا ويعاد. وَأَصله من رَاع إِذا عَاد تريع
السّمن إِذا جَاءَ وَذهب. والهلواع الَّتِي فِيهَا نزق وخفة. وَمِنْه
يُقَال: هلع الرجل إِذا جزع وخف.
والمرباع: الَّتِي تبكر بِالْحملِ. هَذَا كُله قَول الأصمعى. والمرباع
فِي غير هَذَا ربع الْغَنِيمَة وَلم يَأْتِ على هَذَا اللَّفْظ فِي
تجزئة الشَّيْء إِلَّا المعشار.
(3/692)
حَدِيث الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج بن يُوسُف انه خطب حِين دخل الْعرَاق
فَقَالَ فِي خطبَته: إِنِّي أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها
كَأَنِّي أنظر إِلَى الدِّمَاء بَين اللحى والعمائم لَيْسَ أَو ان
عشك فادرجي لَيْسَ اوان يكثر الخلاط. من الرجز ... قد لعها لِليْل
بعصلبى ... أروع خراج من الدوي
مهَاجر لَيْسَ بأعرابي ... قد لفها اللَّيْل بسواق حطم ... لَيْسَ
براعي إبل وَلَا غنم ... وَلَا بجزار على ظهر وَضم ... أَنا ابْن
جلا وطلاع الثنايا ... مَتى أَضَع الْعِمَامَة تعرفونى ...
إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ نكب كِنَانَته بَين يَدَيْهِ فعجم عيدانها
فوجدني أمرهَا عودا واصلبها مكسرا فوجهني إِلَيْكُم أَلا
(3/693)
فوَاللَّه لأعصبنكم عصب السلمة ولألحونكم
لحو الْعود لأضربنكم ضرب غرائب الأبل ولأخذن الْوَلِيّ بالولي
حَتَّى تستقيم لي قناتكم وَحَتَّى يلقى أحدكُم أَخَاهُ فَيَقُول:
أَنْج سعد فقد قتل سعيد أَلا وإياي وَهَذَا السقفاء والزرافات
فَإِنِّي لآخذ أحدأ من الجالسين فِي زرافة إِلَّا ضربت عُنُقه.
يروي من وُجُوه بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة تزيد وتنقص. أَحدهَا يرويهِ
ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن عون.
قَوْله: أرى رؤوسا قد أينعت. أصل هَذَا فِي الثَّمَرَة وإيناعها:
أَن تدْرك وتبلغ واذا هِيَ أدْركْت حَان أَن تقطف. فَشبه رؤوسهم
لاستحقاقهم الْقِتَال بثمار قد حَان أَن يجتنى.
وَقَوله: لَيْسَ أَوَان عشك فادرجي. هَذَا مثل يضْرب للرجل المطمئن
الْمُقِيم وَقد أظلهُ أَمر عَظِيم يحْتَاج إِلَى مُبَاشَرَته
والخفوف فِيهِ. وَإِنَّمَا خصهم يَوْمئِذٍ على اللحوق بالمهلب
وَكَانَ يُقَاتل الْأزَارِقَة فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا وَقت الْمقَام
والخفض وَلكنه وَقت الْغَزْو فليلحق من كَانَ فِي بعث الْمُهلب
بِهِ. .
وأصل الْمثل فِي الطير. وَقَوله: لَيْسَ اوان يكثر
(3/694)
الخلاط. والخلاط هَاهُنَا السفاد وَهُوَ
شَبيه بِالْمثلِ الأول أَي: لَيْسَ هَذَا أَوَان السفاد والتعشيش.
وَقَوله: قد لفها اللَّيْل بعصلبي. هَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ ورعيته
فجعلهم بِمَنْزِلَة نَاقَة أَو إبل لرجل قوي شَدِيد يسري ويتعبها
وَلَا يركن إِلَى دعة وَلَا سُكُون. وَجعل نَفسه بِمَنْزِلَة ذَلِك
الرجل. ولفها أَي: جمعهَا. هَذَا أصل هَذَا الْحَرْف.
قَالَ الفرزدق وَذكر ركبا: من الطَّوِيل ... سمروا يركبون الرّيح
وَهِي تلفهم ... إِلَى شعب الأكوار ذَات الحقائب ...
ويروي: قد حشها اللَّيْل من قَوْلك: حششت النَّار بالحطب إِذا
القيته عَلَيْك فالتهبت. وَاللَّيْل لَا يفعل شَيْئا من هَذَا
إِنَّمَا الْفَاعِل هَذَا الرجل فِي اللَّيْل.
والعصلبي: الشَّديد من الرِّجَال وَهُوَ مثل: الصمل.
وَقَوله: اروع خراج من الدوي. الاروع: الْجَمِيل وحراج من الدوي
يُرِيد: انه صَاحب اسفار ورحل فَهُوَ لَا يزَال يخرج من الفلوات
وَقد يكون أَرَادَ بِهِ: دَلِيل فِي الفلوات لَا يتحير فِيهَا
وَلَا تشتبه عَلَيْهِ. ودوي: جمع داوية وَهِي الفلاة. قَالَ بَعضهم
إِنَّمَا قيل للفلاة دوية لِأَنَّهُ يسمع فِيهَا دوِي. أنْشد بَيت
ذِي الرمة: من الطَّوِيل.
(3/695)
.. إِذا قَالَ حاد ينا لتشبيه نبأة ... صه
لم يكن إِلَّا دوِي المسامع ...
فَكَأَن قَوْلهم دويا بِالتَّشْدِيدِ حِكَايَة ذَلِك الصَّوْت
الَّذِي يسمع ثمَّ نسبت الفلاة اليه.
وَقَوله: قد لفها اللَّيْل بسواق حطم هُوَ شَبيه بِالْأولِ. ويروي
ايضا: حشها.
والحطم: العنيف بهَا فِي سوقه. وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {وَمَا
أَدْرَاك مَا الحطمة} . كَأَنَّهُ الَّتِي تحطم مَا ألقِي فِيهَا.
وَيُقَال: حششت الْحر ب إِذا هاجها كَمَا تحش النَّار. وَمِنْه
قَول النبى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي ابي بَصِير ويل أمه
محش حَرْب لَو كَانَ مَعَه رجال.
وَقَوله: لَيْسَ براعي إبل وَلَا غنم يُرِيد: انه عَظِيم الْقدر
لَيْسَ مِمَّن يرْعَى. وَلَا بجزار على ظهر وَضم. يُرِيد: أَنه
لَيْسَ مِمَّن يُبَاشر للحم بِيَدِهِ ويبتذل نَفسه. وَلكنه يكفى
ذَاك مَا أَكثر
(3/696)
مَا يتمدحون بِهَذَا وَمَا اشبهه. قَالَ
الشَّاعِر: من الطَّوِيل ... وكف فَتى لم تعرف السلخ قبلهَا ...
تجوز يَدَاهُ فِي الْأَدِيم وَتخرج ...
وَقَالَ ألآخر: من المتقارب
وصلع الرؤوس عِظَام الْبُطُون جُفَاة المحز غِلَاظ الْقصر جفاه
المحز يُرِيد: انهم لَا يصيبون فِي الْقطع الْمفصل كَمَا يُصِيبهُ
الجازر. وَقَالَ ألآخر: من المتقارب. ... من آل الْمُغيرَة لَا
يشْهدُونَ ... عِنْد المجازر لحم الْوَضم ...
والوضم كل شىء وقيت بِهِ اللَّحْم من الأَرْض من خوان أَو غَيره.
يقا ل: وضمت اللَّحْم أَي: عملت لَهُ وضما وأوضمته جعلته على
الْوَضم.
وَقَوله: أَنا ابْن جلا. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: جلا فعل مَاض
كَأَنَّهُ بِمَعْنى: أَنا ابْن الَّذِي جلا أَي: أوضح وكشف
وَهَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَرْف. قَالَ القلاخ: من الرجز ... أَنا
القلاخ بن جناب بن جلا ... أَبُو خناثير أَقُود الجملا ...
(3/697)
خنائير: دواه وخناشير أَيْضا.
وَقَوله: أَقُود الجملا أَي: أَنا مَكْشُوف الْأَمر ظَاهره لَا
أخْفى. وَيُقَال: مَا أستسر من قاد الْجمل.
وَقَوله: وطلاع الثنايا الثنايا: جمع ثنية. والثنية: الأَرْض نرتفع
وتغلظ. وَمِنْه حَدِيث النبى عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّه كَانَ
إِذا قفل فاوفى على فدفد أَو ثنية كبر ثَلَاثًا والفدفد نَحْو
الثَّنية. وَمثله قَوْلهم: فلَان طلاع انجد وَهُوَ جمع نجد.
والنجد: مَا ارْتَفع من الأَرْض.
خبرني ابو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي انه قَالَ: يُقَال ذَلِك للرجل
لَا يزَال قد فعل فعلة شريفة وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة: من
الطَّوِيل ... كمش الْإِزَار خَارج نصف سَاقه ... صبور على الْجلاء
طلاع أنجد ...
والجلاء: الْأَمر الْعَظِيم وَهُوَ الجلى أَيْضا إِذا قصر ضم أَوله
وَإِذا مد فتح أَوله. وَجمعه: جلل مثل: كبرى وَكبر وطولى وَطول.
وَقَوله: كميش الْإِزَار يُرِيد: انه مشمر لَيْسَ بِصَاحِب خفض
ودعة. وأصل الْمثل أَن يكون الرجل صَاحب أسفار وَهُوَ لَا يزَال
يطلع الثنايا والنجاد أَي:
(3/698)
يشرف عَلَيْهَا. وَيكون أَيْضا: أَن يربأ
عَلَيْهَا والربئية: عين الْقَوْم وكالئهم وَمَكَان الربيئة:
الثنايا والهضاب. قَالَ عُرْوَة بن مرّة من الْبَسِيط. ... لست
لمرة إِن أوف مرقبة ... يَبْدُو لي الْحَرْث مِنْهَا والمقاضيب ...
والمقاضيب: مَوَاضِع القضب وَهُوَ القتواحدها مقضبة. وَقَوله: مَتى
أَضَع الْعِمَامَة تعرفوني يُرِيد أَنِّي مَشْهُور لَا أنكر.
وَيحْتَمل ايضا أَن يُرِيد: مَتى أكاشفكم وأدع الأناءة فِيكُم
تعرفوني حِينَئِذٍ حق معرفتي من قَوْلك: ألقيت القناع إِذا كاشفته.
وَقَوله: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ نكب كِنَانَته بَين يَدَيْهِ
أَي: كبها.
يُقَال: نكب فلَان الكنانة ينكبها نكبا ونكوبا إِذا كبها. وَقَوله:
يعجم عيدانها يُرِيد: اختبر سهامها. وَهَذَا مثل ضربه لنَفسِهِ
ولأمثاله من رجال السُّلْطَان. يُرِيد: أَنه اختبر أَصْحَابه
فوجدني أَمرهم وأصلبهم فرماكم بِي. يُقَال: عجمت الْعود أعجمه عجما
إِذا عضضته بأسنانك لتنظر أهوَ صلب أم خوار. وعجمت إِذا رزته وعجمت
الشىء إِذا ذقته. قَالَ الشَّاعِر: من الطَّوِيل
(3/699)
.. أَبى عودك المعجوم إِلَّا حلاوة ...
وَكَفاك إِلَّا نائلا حِين تسْأَل ...
وَقَوله: لأعصبنكم عصب السلمة. والسلمة: شَجَرَة وَجَمعهَا: سلم
وَبهَا سمي الرجل سَلمَة.
أَخْبرنِي أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: السلمة
يَأْتِيهَا الرجل فيشدها بنسعة إِذا أَرَادَ أَن يخبطها كي لَا يشد
شَوْكهَا فَيُصِيبهُ فَيضْرب مثلا لمن عصبته بشر أَو أَمر شَدِيد.
وَحدثنَا ابْن عرم عَن ابْن كناسَة انه قَالَ: عصب السّلم فِي
الجدب أَن يشدوا فِي أَعلَى الشَّجَرَة مِنْهُ حبلا ثمَّ يمد
الْغُصْن حَتَّى يدنو من الْإِبِل فتصيب من ورقة. قَالَ
الْكُمَيْت. من الطَّوِيل ... وَلَا سمراتي يبتغيهن عاضد ... وَلَا
سلماتي فِي بجيلة تعصب ... وَأَرَادَ أَن بجيلة لَا تقدر على قهره
وإذلاله.
وَقَوله: لألحونكم لحو الْعَصَا. واللحاء: مَمْدُود القشر. وَمثله
مِمَّا يُقَال بِالْوَاو وَالْيَاء كنوت الرجل وكنيته ومحوت
الْكتاب ومحيته وحثوت الثراب وحثيته وَأَشْبَاه ذَلِك كثير. قَالَ
أَوْس بن حجر: من الطَّوِيل
(3/700)
.. لحيتهم لحو الْعَصَا فطردتهم ... إِلَى
سنة جر ذانها لم تحلم ...
لم تحلم أَي: لم تسمن. تَقول: هِيَ سنة جَدب فجرذانها هزلى.
وَقَالَ النبى عَلَيْهِ السَّلَام. لَا يزَال الْأَمر فِيكُم مَا
لم تحدثُوا فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك سلط الله عَلَيْكُم شرار خلقه
فيلتحونكم كَمَا يلتحى الْقَضِيب. أَي: يسلبونكم إِيَّاه كَمَا
يُؤْخَذ لحاء الْقَضِيب. وَقَوله: لأضربنكم ضرب غرائب الْإِبِل.
وَهَذَا مثل. يُقَال: ضربه ضرب غَرِيبَة الْإِبِل. وَذَلِكَ: أَن
الأبل إِذا وَردت المَاء فَدخلت فِيهَا غَرِيبَة من غَيرهَا ذيدت
عَن المَاء وَضربت حَتَّى تخرج عَنْهَا.
وَذكر عبد الْملك بن عُمَيْر عَن مُوسَى بن طَلْحَة انه كَانَ يشفع
بِرَكْعَة وَيَقُول: مَا أشبههَا إِلَّا بالغريبة من الْإِبِل.
وَقَوله: أَنْج سعد فقد قتل سعيد هَذَا مثل وَقَالَهُ زِيَاد فِي
خطبَته البتراء الَّتِي خطب بهَا عِنْد دُخُوله الْبَصْرَة.
وَإِنَّمَا قيل لَهَا بتراء لِأَنَّهُ لم يحمد الله فِيهَا وَلم
يصل على النبى صلى الله عَلَيْهِ.
(3/701)
وَذكر الْمفضل الضَّبِّيّ أَنه كَانَ لضبة
ابْنَانِ سعد وَسَعِيد فَخَرَجَا يطلبان إبِلا فَرجع سعد وَلم يرجع
سعيد فَكَانَ ضبة إِذا رأى سوادا تَحت اللَّيْل قَالَ: أسعد أم
سعيد هَذَا أصل الْمثل. فَأخذ ذَلِك اللَّفْظ مِنْهُ وَهُوَ يضْرب
فِي الْعِنَايَة بِذِي الرَّحِم وَقد يضْرب فِي الاستخبار عَن
الْأَمريْنِ الْخَيْر وَالشَّر أَيهمَا وَقع.
وَأما الزرافات فَهِيَ الْجَمَاعَات نَهَاهُم أَن يجتمعوا. وَقد
ذكر أَبُو عبيد هَذَا الْحَرْف من الحَدِيث وَفَسرهُ وَذكر السقفاء
أَيْضا وَقَالَ: لَا أعرفهُ. وَقد أكثرت أَيْضا السُّؤَال عَنهُ
فَلم يعرف وَقَالَ لي بعض اصحاب اللُّغَة إِنَّمَا هُوَ الشفعاء
وَأَرَادَ أَنهم كانو يَجْتَمعُونَ إِلَى السطان يشفعون إِلَيْهِ
فِي الْمُرِيب فنهاهم عَن ذَلِك. وَقد ذهب مذهبا حسنا وَقد نها
زِيَاد عَن مثل ذَلِك حِين نهى عَن البرازق وَقَالَ: فَلم يزل بهم
مَا يرَوْنَ من قيامكم بأمرهم حَتَّى انتهكوا الْحَرِيم وأطرقوا
وراءكم فِي مكانس الريب: أَنهم كَانُوا يشفعون لَهُم فيخلصونهم من
يَد السُّلْطَان ثمَّ يركبون العظائم ويستترون بهم.
(3/702)
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج ان رفْقَة
مَاتَت من الْعَطش بالشجى فَقَالَ: إِنِّي أظنهم قد دعوا الله حِين
بَلغهُمْ الْجهد فأحفروا فِي مكانهم الَّذِي مَاتُوا فِيهِ لَعَلَّ
الله يسقى النَّاس. فَقَالَ رجل من جُلَسَائِهِ قد قَالَ
الشَّاعِر: من الطَّوِيل ... تراءت لَهُ بَين اللوي وعنيزة ...
وَبَين الشجى مِمَّا أحَال على الْوَادي ...
مَا تراءت لَهُ إِلَّا وَهِي على مَاء فَأمر الْحجَّاج رجلا يُقَال
لَهُ: عضيدة ان يحْفر بالشجى بِئْرا فحفرها فَلَمَّا أنبط حمل
مَعَه قربتين من مَائِهَا إِلَى الْحجَّاج بواسط فَلَمَّا طلع
قَالَ لَهُ: يَا عضيدة لقد تخطيت بهَا مياها عذَابا أأخسفت أم
أوشلت فَقَالَ: لَا وَاحِد مِنْهَا. وَلَكِن نيطا بَين الماءين.
قَالَ: وَمَا يبلغ مَاؤُهَا. قَالَ وَردت عَليّ رفْقَة فِيهَا
خَمْسَة وَعِشْرُونَ بَعِيرًا فرويت الْإِبِل وَمن عَلَيْهَا
فَقَالَ الْحجَّاج أللابل حفرتها إِن الْإِبِل ضمز خنس مَا جشمت
جشمت. حدثنية عبد الرَّحْمَن عَن عَمه الْأَصْمَعِي عَن شيخ من بني
سليم وَكَانَ عضيدة سلميا.
قَوْله: مِمَّا أحَال على الْوَادي أَي: أقبل عَلَيْهِ وَهُوَ من
قَوْلك أحَال عَلَيْهِ بِالسَّوْطِ يضْربهُ وَيكون أحَال أَيْضا
بِمَعْنى صب وَيكون
(3/703)
على بِمَعْنى: فِي: يُرِيد مِمَّا صب فِي
الْوَادي من الْجَانِب الَّذِي صب فِي الْوَادي مَاء الْمَطَر
قَالَ الشَّاعِر: من الوافر ... يحيلون السجال على السجال ...
أَي: يصبون. وَقَوله: أخسفت هُوَ من الْخَسْف والخسيف: الْبِئْر
الَّتِي تحفر فِي الْحِجَارَة فَلَا يَنْقَطِع مَاؤُهَا وَجَمعهَا:
خسف.
وَقَوله: أوشلت من: الوشل وَهُوَ المَاء الْقَلِيل الَّذِي يقطر
وَأَرَادَ أنبطت مَاء غزيرا أَو قَلِيلا واشلا. ويقا ل: وشل المَاء
يشك يُقَال لَهُ: لَا ذَاك الغزير وَلَا هَذَا الْقَلِيل وَلَكِن
نيطا. هَكَذَا رَوَاهُ بِالْيَاءِ مُشَدّدَة. فَإِن كَانَ الْحَرْف
على مَا رَوَاهُ فَإِنَّهُ من: ناطه ينوطه نوطا إِذا علقه وَمِنْه
قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ: لَو كَانَ الْإِيمَان مَنُوطًا
بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من فَارس.
(3/704)
وَرُوِيَ أَن عمر أُتِي بِمَال كثير
فَقَالَ: إنى لأحسبكم قد أهلكتم النَّاس فَقَالُوا: وَالله مَا
أخذناه إِلَّا عفوا بِلَا سَوط وَلَا نوط اي: بِلَا ضرب وَلَا
تَعْلِيق فَأَرَادَ: أَنه وسط بَين الغزير والقليل كَأَنَّهُ
مُعَلّق وَإِن كَانَ وَقع فِي الْحَرْف تَغْيِير فَإِنَّهُ: نبط
بَين المائين.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال للركية إِذا أستخرجت هِيَ: نبط مثل
جمل. وَمِنْه قيل استنبطت كَذَا. وَمِنْه سمي النبط نبطا
لاستخراجهم الْمِيَاه.
وَقَوله: أَن الْإِبِل ضمز وَهُوَ جمع ضامز. والضامز الممسك عَن
الجرة وَعَن الْعلف وَعَن الرُّغَاء. قَالَ بشر بن أَبى خازم: من
الوافر ... وَقد ضمزت بجرتها سليم ... مخافتنا كَمَا ضمز الْحمار
...
يُرِيد: أَنهم قد أذغنوا وأمسكوا من مخافتنا. والخنس: جمع خَامِس.
وَهُوَ الممسك. وَفِي كتاب الله تَعَالَى. {الوسواس الخناس} وَهُوَ
الَّذِي يوسوس فَإِذا ذكر الله خنس أَي: انقبض
(3/705)
وكف. يُرِيد: أَن الْإِبِل صَبر على
الْعَطش. ووقف رجل على قبر عَامر بن الطُّفَيْل فَقَالَ: كَانَ
وَالله لَا يضل حَتَّى يضل النَّجْم وَلَا يعطش حَتَّى يعطش
الْبَعِير وَلَا يهاب حَتَّى يهاب السَّيْل وَكَانَ وَالله خير مَا
يكون حِين لَا تظن نفس بِنَفس خيرا.
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج أَن أَبَا الْمليح كَانَ على الأبلة
فَأتي بجراب لؤلوء بهرج فَكتب فِيهِ إِلَى الْحجَّاج فَكتب فِيهِ
أَن يُخَمّس.
يرويهِ أَزْهَر عَن ابْن عون إِلَّا أَن أَزْهَر قَالَ: نبهرج
البهرج الْبَاطِل يُقَال: بهرج السُّلْطَان دم فلَان أَي: أبْطلهُ
وأهدره. وَأنْشد أبن الْأَعرَابِي فِي وصف إبل تسري:
(3/706)
من الرجز ... محارم اللَّيْل لَهُنَّ بهرج
...
قَالَ: ومحارمه مخاوفه الَّتِي يحرم الجبان على نَفسه أَن يسلكها
بهرج. يُرِيد: انها تبطله وتقطعه وَأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ:
نبهره. يُقَال ذَلِك للدرهم الرَّدِيء وَلَيْسَ لوصف اللُّؤْلُؤ
ببهرج وَجه. وَأَحْسبهُ أُتِي بجراب بهرج أَي: عدل بِهِ عَن
الطَّرِيق المسلوك خوفًا من الْعَاشِر وَأخذ فِي الطَّرِيق
النبهرج.
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج إِن النُّعْمَان بن زرْعَة ذخل
عَلَيْهِ حِين عرض النَّاس على الْكفْر فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج:
أَمن أهل الرس والرهمسة أَو من أهل النَّجْوَى والشكوى أَو من أهل
المحاشد والمخاطب والمراتب فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير بل شَرّ
من ذَلِك كُله أجمع فَقَالَ: وَالله لَو وجدت إِلَى دمك فاكرش
(3/707)
لشربت الْبَطْحَاء مِنْك. بَلغنِي عَن أَبى
الْيَقظَان.
الرس هَاهُنَا: التَّعْرِيض بالشتم وَإِنَّمَا قيل لذَلِك: رس
لِأَن الشاتم يرس القَوْل أَي: يأتى مِنْهُ بالأطراف وَالْبَعْض
وَلَا يفصح بِهِ كُله يُقَال: بَلغنِي رس من خبر وذرو من خبر أذا
بلغك طرف مِنْهُ.
وحدثنى أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: حَدَّثَنى أَبُو
حَاتِم الْأَصْمَعِي قَالَ: حَدَّثَنى أَبُو عمر الْيَرْبُوعي عَن
سياربن سَلامَة أَنه لما قتل الْوَلِيد قَالَ: إِنَّكُم لترسون
خَبرا إِن كَانَ حَقًا لَا يبْقى أهل من وبر وَلَا مدر إِلَّا دخل
عَلَيْهِم مِنْهُ مَكْرُوه.
والرهمسة نَحْو ذَلِك. يُقَال حَدِيث مرهمس ومرهسم وَمَا رهمسوا
حَدِيثهمْ لخَبر ورهسموا.
وَأَرَادَ الْحجَّاج: أَنْت مِمَّن يَشْتمنِي وَرَاء رسا ورهمسة
أَو من أهل النَّجْوَى والشكوى أَي: مِمَّن يشكو وَمَا هُوَ فِيهِ
ويقدح فِي السُّلْطَان ويناجي أَي: يسَار بِالتَّدْبِيرِ عَلَيْهِ
وَطلب الْفِتْنَة. وَهَذَا نَحْو قَول حُذَيْفَة: إِن الْفِتْنَة
تنْتج بالنجوى وتلقح بالشكوى.
قَالَ: وحَدثني ابوسفيان عَن عُمَيْر بن عمرَان عَن الْحَارِث بن
عتبَة عَن الْعَلَاء بن كثير عَن ابْن الْأَسْقَع انه كَانَ يحفظ
من دُعَاء النبى صلى الله عَلَيْهِ: يَا مَوضِع كل شكوى وَيَا
شَاهد كل نجوى بِكُل سَبِيل أَنْت مُقيم ترى وَلَا ترى وَأَنت
بالمنظر الْأَعْلَى.
وَقَوله: أَو من أهل المحاشد أَي: مِمَّن يحشد فِي ذَلِك أَي: يجمع
ويعد. والمخاطب والمراتب أَي: يخْطب فِي ذَلِك
(3/708)
الْخطب وَيظْهر مَا عِنْده يطْلب بِهِ
الْمرتبَة وَالْقدر. وَأما قَوْله: لَو وجدت إِلَى دمك فاكرش فَإِن
أَبَا حَاتِم حَدثنِي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: أَرَادَ لَو
وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا. قَالَ: وَهُوَ مثل نرى أَصله إِن قوما
طبخوا شَاة فِي كرشها فَضَاقَ فَم الكرش عَن بعض الْعِظَام
فَقَالُوا للطباخ: ادخله فَقَالَ: إِن وجدت إِلَى ذَلِك فاكرش.
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج أَنه قَالَ لأنس بن مَالك: وَالله
لأقلعنك قلع الصمغة ولأجزرنك جزر الضَّرْب ولأعصبنك عصب السلمة فقا
ل أنس: من يَعْنِي الْأَمِير قَالَ: إياك أَعنِي أَصمّ الله صداك
فَكتب أنس بذلك إِلَى عبد المك فَكتب عبد المك إِلَى الْحجَّاج:
يَابْنَ المستفرمة بحب الزَّبِيب لقد هَمَمْت أَن أركلك ركلة تهوي
مِنْهَا إِلَى نَار جَهَنَّم قَاتلك الله أخيفش الْعَينَيْنِ أصك
الرجلَيْن أسود الْجَاعِرَتَيْنِ.
قَوْله: لأقلعنك قلع الصمغة يُرِيد: لأستأصلنك.
والصمغ: إِذا قلع انقلع كُله فال يبْقى لَهُ أثر وَلذَلِك يُقَال:
تَركتهم على مثل مقلغ الصمغة ومقرف الصمغة إِذا لم يبْق لَهُم شىء
إِلَّا ذهب وَمثله: تركته على مثل لَيْلَة الصَّدْر.
(3/709)
يُرَاد: نفر النَّاس من حجهم وَتركته انقى
من الرَّاحَة هَذَا كُله وَاحِد.
وَقَوله: لأجزرنك جزر الضَّرْب. وَالضَّرْب الْعَسَل الغليظ.
يُقَال: قد استضرب الْعَسَل إِذا غلظ.
وروى الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: حَدثنِي رجل من
قُرَيْش بِالطَّائِف إِن الْعَسَل يستضرب إِذا جرست نحله الْبر.
وَإِذا غلظ الْعَسَل سهل على العاسل أَخذه واستقصاء شوره وَإِذا رق
سَالَ.
قَوْله: أَصمّ الله صداك والصدى هُوَ مَا تسمعه من الْجَبَل إِذا
أَنْت صَوت فأجابك. يُرِيد: بذلك أهْلكك الله لِأَن الصدى يُجيب
الْحَيّ فَإِذا هلك الرجل صم صداه كَأَنَّهُ لَا يسمع شَيْئا فيجيب
عَنهُ.
حَدثنِي أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: يُقَال: صمي
أبنة الْجَبَل عِنْد الْأَمر يستفظع.
ويزعمون أَنهم يُرِيدُونَ بنت الْجَبَل: الصدى. وَقَالَ امْرُؤ
الْقَيْس: من المنسرح
(3/710)
.. بدلت من وَائِل وَكِنْدَة عد ... وان
وفهما صمي آبنة الْجَبَل ...
وَيُقَال: ان ابْنة الْجَبَل الْحَيَّة. وَيُقَال لَهَا. صمي صمام
أَي: لَا تجيبي الرقى. وَلذَلِك يُقَال للداهية: صمام تَشْبِيها
بالحية الصماء. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بنت الْجَبَل هِيَ
الْحَصَاة. يُقَال: صمت حصاه بِدَم. وَذَلِكَ إِذا اشتدت الْحَرْب
وتفاقم الْأَمر كَأَنَّهُ كثر الدَّم فَإِذا وَقعت فِي حَصَاة لَا
تسمع لَهَا صَوتا. قَالَ الْكُمَيْت: من الطَّوِيل ... وَإِيَّاكُم
إيَّاكُمْ وملمة ... يَقُول لَهَا الكانون صمي ابْنة الْجَبَل ...
والكانون: الَّذين يكنون عَنْهَا. وَقَالَ ابْن أَحْمَر: من الوافر
... وردوا مَا لديكم من ركابي ... وَلم تأتكم صمي صمام ...
يَعْنِي: الداهية.
وَقَول عبد الْملك: يَابْنَ المستفرمة بحب الزَّبِيب يُرِيد
أَنَّهَا تعالج بِهِ فرجهَا ليضيق ويستحصف. وَلست أعلم من
(3/711)
أَي شَيْء أَخذ هَذَا الْحَرْف إِلَّا أَنه
يُقَال: استفرمت الْبَغي إِذا فعلت ذَلِك. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
من الطَّوِيل ... وآثر بالملحاة آل مجاشع ... رِقَاب إِمَاء يعتبين
المفار مَا ...
يعتبين أَي: يتخذن ويهيئن والفارم: مَا يتضيقن بِهِ. والخفش فِي
الْعين صغرها وَضعف الْبَصَر. والصكك: أَن يصطك الركبتان. وَمِنْه
قيل للنعامة: صكاء.
قَالَ أَبُو عَمْرو: الصكك فِي الرجلَيْن هُوَ أَن يصطكا.
والجاعرتان: مَوضِع الرقمتين من است الْحمار.
وَقَالَ فِي حَدِيث الْحجَّاج انه قَالَ لامْرَأَة: انك كتون لفوت
لقوف صيود.
قَالَ ابو حَاتِم: ذاكرت بِهِ الأصمعى فَقَالَ: هُوَ حَدِيث
مَوْضُوع. وَقَالَ: لَا أعرف الكتون. وَقَالَ اللفوت: الَّتِي
تتلفت
(3/712)
يمنة ويسرة.
وَبَلغنِي عَن الْكسَائي قَالَ: اللفوت الَّتِي لَهَا زوج وَلها
ولد من غَيره فَهِيَ تتلفت إِلَى وَلَدهَا وَهِي: البروك أَيْضا.
وَحدثت عَن الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي حَدثنَا الْحَارِث بن مضرب
فِي زمن أبي جَعْفَر قَالَ: لما كَانَ يَوْم سلى وساجر طرد شَقِيق
بن جُزْء بن ريَاح الْبَاهِلِيّ حَكِيم بن قبيصَة بن ضرار
الضَّبِّيّ فَقَالَ لَهُ شَقِيق: إربع عَليّ ابْن البروك. فَقَالَ
يَا شَقِيق: مَا بَيْننَا أجل من السباب فَقَالَ: معذرة إِلَى الله
لَو علمت لَهَا اسْما غَيره مَا دعوتها إِلَّا بِهِ.
ذكر الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: وحَدثني غَيره من
أَصْحَابنَا أَن شقيقا أدْرك يَوْم اليرموك فاستشهد وَزَاد
آخَرُونَ: وَأدْركَ حكم الاسلام حَتَّى وَفد إِلَى مُعَاوِيَة
فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: اي يَوْم من الزَّمن مر بك أَشد قَالَ:
يَوْم طردني شَقِيق قَالَ: فَأَي يَوْم مر بك أحب إِلَيْك قَالَ:
يَوْم هَدَانِي الله لِلْإِسْلَامِ.
(3/713)
قَالَ الْأَصْمَعِي: واللقوف الَّتِي إِذا
مَسهَا الرجل لقفت يَده سَرِيعا والصيود قريب مِنْهُ كَأَنَّهَا
تصيد شَيْئا إِذا هِيَ لقفت يَده.
وَقَالَ غَيره: الكتون اللزوق. وَمِنْه يُقَال: قد كتن الْوَسخ
عَلَيْهِ وكلع وَعَبس إِذا لزق بِهِ.
(3/714)
- حَدِيث جبر بن حبيب
وَقَالَ فِي حَدِيث جبر إِن عِيسَى بن عمر قَالَ: أنشدته قَول أَبى
كَبِير: من الْكَامِل
حملت بِهِ فِي لَيْلَة مزؤودة ... كرها وَعقد نطاقها لم يحلل ...
فَقَالَ: قَاتله الله تغشمرها. رَوَاهُ الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي
عَن عِيسَى بن عمر.
التغشمر: أَخذ بجفاء وعنف. وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِن الرجل إِذا
غشى الْمَرْأَة وَهِي مَذْعُورَة فأكرهها ثمَّ حملت فأذكرت جَاءَت
بِهِ لَا يُطَاق. وَكَانُوا يَقُولُونَ أَيْضا: إِنَّهَا إِذا غشيت
فِي قبل الطُّهْر وَأول الشَّهْر عِنْد طُلُوع الْفجْر فَحملت
أنجبت. وَقد جمع الشَّاعِر هَذِه الْمعَانِي فِي قَوْله: من
الْخَفِيف لقحت فِي الْهلَال عَن قبل الطُّهْر وَقد لَاحَ للضياء
بشير.
(3/715)
- حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سابط
وَقَالَ فِي حَدِيث ابْن سابط أَنه قَالَ: إِذا تَوَضَّأت فَلَا
تنس الفنيكين. الفنيك: طرف اللحيين عِنْد العنفقة. هَذَا قَول
الْكسَائي.
وروى الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الفنيكان قويق الذقن
قَلِيلا من عَن يَمِين وشمال. وَقَالَ أَيْضا: والفنيكان من
الْحَمَامَة العظمان اللَّذَان فِي الْعَجز ينفتحان عَن
الْبَيْضَة.
وَإِنَّمَا اراد: إِذا تَوَضَّأت فخلل ذَلِك الْموضع. يُرِيد أصُول
الشّعْر.
(3/716)
|