غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ عثمان رضي الله عنه
حَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّ صَعْصَعَةَ بْنَ صَوْحَانَ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ
فَأَكْثَرَ فَقَالَ: "أيها الناس ... ".
...
حَدِيثُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّ صَعْصَعَةَ بْنَ
صَوْحَانَ تَكَلَّمَ عِنْدَهُ فَأَكْثَرَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّ هَذَا الْبَجْبَاجَ النَفَّاجَ لا يَدْرِي مَا اللَّهُ وَلا
أَيْنَ اللَّهُ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أخبرنا الزعفراني2 أخبرنا حماد بن
سلمة أخبرنا علي بن زيد عن عبد الله بْنِ الْحَارِثِ.
ورواه بعضهم الفجفاج بالفاء.
البجباج الكثير البجبجة في كلامه وهي الهذر من غير بيان يقال مازال
يبجبج في كلامه ويبقبق والفجفاج مثله أو قريب منه.
يُقَالُ رجل فجفج وفجافج وهو المهذار المتشبع بما ليس عنده والبجباج
أيضا الرهل البدن المسترخي اللحم قَالَ ابن ميادة.
فأتين مطرد القميص سميدعا ... كالبدر أهيف ليس بالبجباج
وأخبرني أبو عمر أنبأنا ثعلب عن ابن الأعرابي قَالَ والبجباج الأحمق
أيضا وأنشدنا:
__________
1 الفائق "بجيج" "1/78". والنهاية "بجبج" "1/96".
2 ك, ح: "نا الزَّعْفَرَانِيُّ نا عَفَّانُ نا حماد بن سلمة".
(2/130)
حتى ترى البجباجة الضياطا ... يمسح لما
خالف الإغباطا [51]
بالجرف من ساعده المخاطا1
قَالَ أَبُو عُمَر الضياط الأحمق والنفاج ذو النفج والتمدح بما ليس فيه
وكل شيء ربا وارتفع فقد انتفج. ومنه قيل للبعير منتفج الجنبين ويقال إن
النفج من السمن والنفج من المرض.
قَالَ ابن الأعرابي كان صعصعة أحد الخطباء وتكلم يوما في مجلس فأطال
فَقَالَ له بعض القرشيين: جهدت نفسك أبا عُمَر حتى عرقت وزبب صماغاك
فَقَالَ: إن العتاق نضاحة بالعرق.
والصماغان مجتمعا الريق في جانبي الشفة وهما الصامغان أيضا.
قَالَ: ويروى عَنْ علي أَنَّهُ قَالَ: نظفوا الصماغين فإنهما مقعدا
الملكين.
__________
1 اللسان والتاج "بجج" وعزي لنقاد الأسدي وجاء شاهدا على السمن المضطرب
اللحم وفي اللسان: الإغباط: ملامة الغبيط, وهو الرجل.
(2/131)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّ أُمَّ عَيَّاشٍ قَالَتْ كُنْتُ أَمْغُثُ لَهُ
الزَّبِيبَ غُدْوَةَ فيشربه عشية وأمغثته عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ
غُدْوَةَ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن المكي أخبرنا موسى بن هارون أخبرنا أحمد بن
حنبل أخبرنا عَفَّانُ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ
مَوْلَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ
أُمِّهِ أُمِّ عَيَّاشٍ.
المغث مرس الشيء ودلكه بالأصابع ونحوها يريد أنها كانت تنقع له
__________
1 ذكره الحافظ في الإصابة "4/481" بلفظ "أنبذه" بدل "أمغثه" وفي مسنده
عن أمه عن جدته أم عياش وعزاه لأبي نعيم.
(2/131)
الزبيب فلا تتركه أكثر من هذه المدة حتى
تمرسه وتصفيه قبل أن يتغير ويشتد.
وَمِنْ هذا حديث ابن عياش. حدثنيه محمد بن نافع أخبرنا إسحاق بن أحمد
الخزاعي أخبرنا أبو الوليد الأزرقي أخبرنا جدي أخبرنا مُسْلِمُ بْنُ
خَالِدٍ عَنِ ابْنِ جريج. أخبرني حسين بن عبد الله قَالَ قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ جَاءَ النبي عَبَّاسًا فَقَالَ اسْقُونَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا
شَرَابٌ قَدْ مُغِثَ وَمُرِثَ أَفَلا نَسْقِيكَ لَبَنًا وَعَسَلا قَالَ
اسْقُونَا مِمَّا تَسْقُونَ مِنْهُ النَّاسَ1. يُرِيدُ أَنَّهُ شَرَابٌ
قَدْ نَالَتْهُ الأَيْدِي وَخَالَطَتْهُ وَالْمُغُثُ فِي أَشْيَاءٍ
غَيْرِ هَذَا.
أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَر أنبأنا أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قَالَ
المغث الضرب والمغث الغثيان والمغث الشتم قَالَ حسان:
نوليها الملامة إن ألامت ... إذا ما كان مغث أو لحاء2
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "1/320, 336".
2 اللسان "مغث" والديوان "72".
(2/132)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عثمان حين شعث الناس في الطعن عليه1. يرويه علي بن عبد العزيز أنبأنا
حجاج بن منهال أنبأنا عبد الوهاب سمعت يحيى بن سعيد يحدث عن عبد الله
بن عامر فِي حَدِيثِ فيه طول.
قوله حين شعث الناس معناه حين أخذوا في التثريب والفساد وأصله من الشعث
وهو انتشار الأمر وفساده قَالَ النابغة:
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/178" بلفظ "نسب" بدل "شعث" وذكره ابن
الجوزي "1/449" بمثله والحديث في الفائق "شعث" "2/250" والنهاية "شعث"
"2/478". وفي ح: "شعث" والمثبت من باقي النسخ.
(2/132)
ولست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي
الرجال المهذب1
__________
1 الديوان "78" وشعراء النصرانية "2/640".
(2/133)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ النَّفَرُ الَّذِينَ قَتَلُوهُ
الدُّخُولَ عَلَيْهِ جَعَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخْنَسِ يَحْمِلُ
عَلَيْهِمْ وَيَكْرُدُهُمْ بِسَيْفِهِ1.
مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ عَنْ
أَبِي نَضْرَةَ2.
قوله يكردهم أي يكفهم ويطردهم عنه والكرد سوق العدو وطرده.
ويقال للرجل إذا هزم القوم فانطردوا وهو يتبعهم مر يطردهم ويكردهم /
ويكسعهم ويشلهم. [52]
ومنه حديث الزهري قَالَ سمعت حرام بن سعد بن محيصة يقول لما أراد القوم
ليلة العقبة أن يبايعوا رسول الله تكلم رجل من القوم فَقَالَ: يا معشر
الخزرج3 لا تعجلوا هل تدرون على ما تقدمون عليه تقدمون على قتل الأشراف
وذهاب الأموال فَقَالَ القوم نعم نقدم على قتل الأشراف وذهاب الأموال
قال الزهري فقلت لحرام بن سعد كأن هذا المتكلم كرد القوم قَالَ لا
والله إلا أَنَّهُ أحب أن يأخذ بالثقة لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4 يريد بقوله كرد القوم صرفهم عَنْ رأيهم وردهم عنه
فأما قول الشاعر:
__________
1 أخرجه الطبري في تاريخه "4/382" قصة قتل عثمان ودفاع المغيرة عنه
بلفظ "فحمل المغيرة بن الأخنش الثقفي على القوم" بدون ويكردهم.
2 في التقريب "كرد" "2/481" أبو نضرة العبدي هو المنذر بن مالك بن
قطعة.
3 ح: "الخوارج".
4 لم أجده من حديث حرام وقد أخرجه البيهقي في الدلائل "2/182, 188" من
حديث =
(2/133)
وكنا إذا القيسي نَبَّ عتوده ... ضربنا دون
الأنثيين على الكرد1
فالكرد العنق هاهنا ويقال أَنَّهُ فارسي معرب وأراد بالأنثيين الأذنين.
__________
= جابر وقتادة وكذلك ابن كثير في السيرة النبوية "2/195, 201" وكلاهما
بألفاظ متقاربة وهو في النهاية "كرد" "4/162".
1 اللسان "كرد" برواية "وكنا إذا الجبار صعر خده" وروى أيضا:
وكنا إذا العبسي نب عتوده ... ضربناه بين الأنثيين على الكرد
قال ابن نري: البيت للفرزدق وصواب إنشاده: وكنا إذا القيسي بالقاف.
والعتود: ما اشتد وقوي من ذكور أولاد المعز. ونبيبه: صوته عند الهياج.
وهو في ديوان القرزدق "1/178" برواية:
وكنا إذا القيسي نب عتوده ... ضربناه فوق الأنثيين على الكرد.
(2/134)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّ رَبَاحًا قَالَ زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ
رُومِيَّةً فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا أَسْوَدَ مِثْلِي ثُمَّ طَبِنَ
لَهَا غُلامٌ رُومِيٌّ مِنْ أَهْلِي فَرَاطَنَهَا بِلِسَانِهِ
فَوَلَدَتْ غُلامًا كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ فَقُلْتُ لَهَا مَا هَذَا
قَالَتْ هَذَا لِيُوحَنَّةَ فَرُفِعَا إِلَى عُثْمَانَ قَالَ
فَجَلَدَهَا وَجَلَدَهُ وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ دَاسَةَ أخبرنا أبو داود أخبرنا موسى بن إسماعيل
أخبرنا مهدي بن ميمون أخبرنا محمد بن عبد الله بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ عَنْ رَبَاحٍ.
طبن لها أي خببها وأفسدها عليه وأصل الطبن الفطنة للشيء والهجوم على
باطنه يُقَالُ طَبِنَ طَبَانَةً وَطَبَنًا فَهُوَ طَبِنٌ قال كثير:
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ أَنَّ رَبَاحًا قَالَ
زَوَّجَنِي أَهْلِي أَمَةً لَهُمْ رُومِيَّةً فَوَلَدَتْ لِي غُلامًا
أَسْوَدَ مِثْلِي ثُمَّ طَبِنَ لَهَا غُلامٌ رُومِيٌّ مِنْ أَهْلِي
فَرَاطَنَهَا بِلِسَانِهِ فَوَلَدَتْ غُلامًا كَأَنَّهُ وَزَغَةٌ
فَقُلْتُ لَهَا مَا هَذَا قَالَتْ هَذَا لِيُوحَنَّةَ فَرُفِعَا إِلَى
عُثْمَانَ قَالَ فَجَلَدَهَا وَجَلَدَهُ وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا موسى بن إسماعيل
أخبرنا مهدي بن ميمون أخبرنا محمد بن عبد الله بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ عَنْ رَبَاحٍ.
طبن لها أي خببها وأفسدها عليه وأصل الطبن الفطنة للشيء والهجوم على
باطنه يُقَالُ طَبِنَ طَبَانَةً وَطَبَنًا فَهُوَ طَبِنٌ قَالَ كثير:
بأبي وأمي أنت من موموقة ... طبن العدو لها فغير حالها2
ومثله تبن تبانة وتبنا إلا أن هذا في الشر خاصة والطبن قد يكون فيه وفي
غيره.
__________
1 أخرجه أبو داود في الطلاق "2/283" والإمام أحمد في مسنده "1/59, 65,
69".
2 الديوان "394" برواية "مظلومة" بل "موموقة" وأمالي القالي "3/67"
وفيه طبن لها: تأتي لخدعها بفطنه.
(2/134)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا حُوصِرَ أَشَارَ عَلَيْهِ طَلْحَةُ أَنْ
يَلْحِقَ بِجُنْدِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَيَمْنَعُوهُ فَقَالَ مَا
كُنْتُ لأَدَعَ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَ جُفَّيْنِ يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ
رِقَابَ بَعْضٍ1.
رَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَتَّابِ بْنِ الْخَلِيلِ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله بن الرومي عن عبد الله بْنِ مُرَّةَ
الْجَمَلِي عَنْ أَبِيهِ.
الجف والجفة الجمع الكثير من الناس وإنما قيل لبكر وتميم الجفان لكثرة
عددهما ويقال بل لجفائهما.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو رجاء الغنوي أخبرنا أبي عَنِ التوزي سمعت أبا
عبيدة يقول الجف الجافي وإنما سمي بكر وتميم الجفين لأن فيهما جفاء
وأنشد لرجل من بني سعد:
علام هجتني ولم أهجها ... عمير بن جف فراخ الرخم
__________
1 ذكره الهروي في الغريبين "1/371".
(2/135)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِي الْعِيرَ حُكْرَةً ثُمَّ يَقُولُ
مَنْ يُرْبِحُنِي عُقْلَهَا1
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَكِّيِّ أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد
بن منصور أخبرنا هشيم أخبرنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ ابْنِ سيرين
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في المصنف "8/133" عن أبي فلابة بلفظ "كان عثمان
يشتريالإبل بأجملها, ثم يقول: من يضع في يدي دينارا؟ من يربحني عقلها؟
والبيهقي في السنن الكبرى "5/329" بلفظ "يشتري العير فيقول".
(2/135)
قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيل قوله حكره أي
جزافا وَقَالَ غيره أصل الحكر الجمع والإمساك ومنه أخذ الاحتكار [53]
في الطعام وهو الاحتباس به طلب الغلاء والعير / الإبل بما عليها من
الأحمال يريد أَنَّهُ كان يشتريها جملة إذا وردت المدينة طلب الربح
فيها فأما قوله تعالى: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} 1
فالعير هاهنا القوم على الإبل.
__________
1 سُورَةَ يُوسُفَ: "70".
(2/136)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْهُ فَقَالَتْ مَقَوْتُمُوهُ مَقْوَ
الطَّسْتِ ثُمَّ قَتَلْتُمُوهُ1.
حدثنيه عبد العزيز بن محمد أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا قتيبة أخبرنا
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الزُّبَيْرِ بن خريت عن عبد الله بْنِ
شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ.
يقول مقوت الطست إذا جلوته ومقوت السيف إذا صقلته ومثله مهوت السيف
وذلك أنهم قد نقمواعليه في أشياء وعاتبوه عليها فأعتبهم وخرج إليهم
نقيا من العيب كالطست المجلو من الدرن وهذا كقولها في خطبة لها مصتموه
كما يماص الثوب ثم عدوتم عليه الفقر الثلاث حرمة الإسلام وحرمة الشهر
وحرمة الخلافة2 أي غسلتموه كما يغسل الثوب والفقر واحدتها فقرة.
قَالَ ابن الأعرابي فيما ذكره أَبو عُمَر عن أبي العباس عنه الفقرة
القرمة قَالَ وذلك أن القرم من الإبل إذا كان صعبا لا ينقاد قرم أنفه
__________
1 أخرجه ابن سعد في الطبقات "3/82" بلفظ "مصتموه موص الإناء ثم
قتلتموه" يعني عثمان عن عارم عن حماد بن زيد.
2 أخرجه الطيري في تاريخه "4/448 – 449" بلفظ "ماصوه كما يماص الثوب
بالماء" في حديث طويل من حوادث سنة 36.
(2/136)
أي قطعت قرامته1 وهي جليدة فإن لم يلن قرم
أخرى حتى يلين.
ورواه بعض أصحابنا عَنْ يحيى بن أبي طالب قَالَ عرضت هذا الكلام على
ابن الأعرابي فَقَالَ هذا مثل وذلك أن البعير إذا ند وضع عليه الفقار
ليلين فإن هو لان وإلا وضع عليه فقار آخر فإن لان وإلا وضع عليه الفقار
الثالث أي الحبل.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وبيان ذلك ما أوضحه الأصمعي يُقَالُ الفقر أن
يحز أنف البعير حتى يخلص إلى العظم أو قريب منه ثم يلوى عليه جرير.
قَالَ ومنه قولهم عملت به الفاقرة.
وروى عَنْ عثمان أنهم لما عاتبوه في أمر عمار اعتذر إليهم وَقَالَ:
"تناوله رسولي من غير أمري فهذه يدي لعمار فليصطبر"2 أي فليقص مقدار ما
ضرب.
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا عبد الجبار بن
العلاء أخبرنا سفيان عن مسعر عن عبد الملك عن النزال قال سَمِعْتُ
عُثْمَانَ يَقُولُ: "أَتُوبُ إِلَى الله"3.
__________
1 ح, ط: "قطعت منه قرامة".
2 النهاية "صبر" 3/8" والفائق "صير" "2/242".
3 أخرجه ابن سعد في الطبقات "2/69" بنحوه عن عمرو بن العاص وذكره
الحافظ في المطالب العالية "4/283" عن أبي سعيد في حديث طويل.
(2/137)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ إِنِّي لَسْتُ
بِمِيزَانَ لا أَعُولُ1.
يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ عَنْ هَشِيمٍ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ
حوشب
__________
1 ذكره صاحب كنز العمال "5/744" وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر.
(2/137)
قوله لا أعول معناه لا أميل ولا أحور عَنِ
القصد يُقَالُ عال الميزان إذا شال قَالَ الشاعر:
موازين عدل كلها غير عائل1
ويقال عال الرجل إذا جار في الحكم. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى:
{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} 2 قَالَ أكثر المفسرين ألا تجوروا
وقال بعضهم: معناه ألا يكثر من تعولون وإليه ذهب الشافعي رحمه اللَّه.
وروى لنا أَبُو عُمَر عَنْ أَبِي العباس عَنْ سلمة عن الفَرَّاء عن
الكسائي قَالَ عال يعول بمعنى كثر عياله فصيحة سمعتها من العرب فأما
عامة أهل اللغة فإنهم يجعلون الإعالة بمعنى كثرة العيال.
[54] قالوا: أعال الرجل إذا كثر عياله فهو معيل وعال يعول افتقر وعال /
يعول إذا جار ومنه العول في المواريث وهو أن يضيق المال عَنْ أهل
الفرائض فيزاد في السهمان ويرفع في الحساب كقول علي في ابنتين وأبوين
وامرأة صار ثمنها تسعا.
وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ أول من أعال الفرائض عُمَر بن الخطاب وذلك لما
التقت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا وكان امرأ ورعا فَقَالَ: "ما أدري
أيكم قدم الله ولا أيكم أخر وما أجد شيئا أوسع من أن أقسم عليكم هذا
المال بالحصص فأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة"3.
__________
1 الفائق "عول" "3/39" برواية "موازين صدق".
2 سورة النساء: "3".
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "6/253" في حديث طويل وانظر كنز
العمال "11/28".
(2/138)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى صَبِيًّا تَأْخُذُهُ الْعَيْنُ جَمَالا
فَقَالَ: "دَسِّمُوا نُونَتَهُ"1.
رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الشَّيْبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
زِيَادٍ الأَعْرَابِيِّ ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ عَنْهُ قَالَ
وَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أراد بالنونة النقرة التي في ذقنه والتدسيم
التسويد أراد سودوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين قَالَ ومن هذا خبر
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه خطب الناس ذات يوم على رأسه عمامة
دسماء2 أي سوداء قَالَ الشاعر:
إلى كل دسماء الذراعين والعقب3
__________
1 الفائق "دسم" "1/424" والنهاية "دسم" "2/117".
2 لم أجده من حديث عائشة وقد ذكره ابن كثير في السيرة النبوية "4/708"
من حديث عمرو بن حريب بلفظ "خطب رسول الله صلى الله غليه وسلم الناس
وعليه عمامة دسماء".
3 الجمهرة "2/265" وجاء فيها الدسمة: غبرة فيها سواد. الذكر أدسم
والأنثى دسماء.
(2/139)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلا يَقْطَعُ سمرة الْيَمَامِ فَقَالَ
وَيْحَكَ إِنَّ هَذَا الشَّجَرَ لِبَعِيرِكَ وَشَاتِكَ وَأَنْتَ
تَعْقِرُهُ. وَيْحَكَ أَلَسْتَ تَرْعَى مَعْوَتَهَا وَبَلَّتْهَا
وَفَتْلَتْهَا وَبَرْمَتَهَا وَحُبْلَتَهَا قَالَ بَلَى. وَاللَّهِ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَسْتُ بِعَائِدٍ مَا حَيِّيتُ1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ عن سحبل وهو عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
أَبِي يَحْيَى عن سمراء بْنِ أَبِي مَرَوَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عُثْمَانَ ورُوِيَ نَحْوُ مِنْ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
السمرة: واحدة السمر وهي شجر من العضاه والعضاه كل شجر له شوك وبعض
العرب يقول للواحدة منها عضاهة وفي الجمع عضاه على وزن دجاجة ودجاج
والمعوة أصلها في ثمر النخل إذا أرطب البسر قيل أمعت النخلة ويقال رطب
معو فقد يكون شبه السمر إذا تناهى إدراكه بالمعو من الرطب والبلة نور
العضاه قبل أن تعقد ويسمى بلة مادام باقيا له فإذا تعقد وتفتل فهو
الفتلة والفتل من ورق الشجر ما كان مفتولا كورق الأرطى والأثل والطرفاء
ونحوها وهو العبل أيضا والبرمة واحدة البرم. قال أَبُو عمرو هو ثمر
الطلح وَقَالَ غيره ثمر السلم وهما من العضاه قَالَ الشاعر:
جارية لم تَرْعَ فِينَا غَنَما ... يَوْمًا ولم تهشش لبهم برما
فأما البرير فثمر الأراك والحبلة أيضا ثمر العضاه. ومنه قول بعض
__________
1 لم أجده من حديث عثمان وقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "5/143 و145"
من حديث عمر بمعناه, وأخرجه البيهقي في سننه "5/196" كذلك.
وهو في الفائق "صحر" "2/287" والنهاية "معا" "4/344".
(2/140)
الصحابة لقد رأيتنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عليه وما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر1.
__________
1 أخرجه البخاري في مواضع منها في الأطعمة "7/96" عَنْ سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ ومسلم في الزهد "4/2278" والترمذي كذلك في الزهد
"4/582" وأحمد في مسنده "1/181, 168".
(2/141)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ أَمَرَ بِذَبْحِ الْكِلابِ والحمام1. [55]
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا عفان أخبرنا همام أخبرنا
قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ
يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ اكْفُونِي الْكِلابَ وَالْحَمَامَ.
أَمَّا قَتْلُ الْكِلابِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رسول الله الأَمْرُ
بِقَتْلِ السُّودِ مِنْهَا وَقَالَ لَوْلا أَنَّهَا أُمَّةٌ مِنَ
الأُمَمِ لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا وَلَكِنِ اقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ
أَسْوَدٍ بَهِيمٍ2.
يريد أَنَّهُ لا يأمر بإفناء أمه بأسرها حتى لا يغادر لها أصلا ولا
يبقي منها نسلا فإن في كل أمة من خلق اللَّه حكمة وفي كل جيل من
الحيوان منفعة ولكنه أمر بقتل السود منها إذا كانت تقل منفعتها وتكثر
مضرتها. وَيُقَالُ إِنَّ سُودَ الْكِلابِ شِرَارُهَا وَعُقَّرُهَا.
وَقَالَ فِي الْكَلْبِ الأَسْوَدِ: "إِنَّهُ شَيْطَانٌ" 3.
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "1/ 72" وانظر البداية والنهاية "7/214".
2 أخرجه أبو داود في الصيد "2/108" والترمذي في الأحكام "4/78 و80"
والنسائي في الصيد "7/185" والدارمي في الصيد "2/90" وكذلك ابن ماجة
"2/1069".
3أخرجه مسلم في المسافاة "3/1200" عن جابر وأخرجه أحمد في مسنده
"6/157" عن عائشة والترمذي في الأحكام "4/79" عقب الحديث السابق بلفظ
ويروى في بعض الحديث "الكلب الأسود البهيم شَيْطَانٌ".
(2/141)
وأما الحمام فإنه أمر بذبحها على النظر
ووجه التأديب فيها والردع لأصحابها وللإمام يفعل مثل هذا الصنيع على
النظر للرعية واختيار الأصلح لهم وقد بين يُونُس بن عبيد السبب في ذلك.
أخبرنا ابن الأعرابي أخبرنا عباس بن محمد الدوري أخبرنا أبو بكر بن أبي
الأسود أنبأنا عبد الله بن عيسى قَالَ قلت ليونس ما ذنب الحمام أن
يذبحن حين أمر عثمان بقتلهن فَقَالَ إن أصحابها كانوا يؤذون الناس
بالرمي فلذلك أمر بذبحهن وكانوا يتحارشون بالكلاب فأمر بقتلها حتى
يخرجوا بها فتكون الكلاب خارجة من المدينة.
ونظير هذا روي عَنْ عُمَر في ذبح الديكة وذلك أَنَّهُ قد بلغه أن نفرا
منهم قد تقامروا على ديكين ثم أمر بإلامساك عنه.
فأما نهي النبي عَنْ ذبح الحيوان إلا لمأكلة فهذا غير داخل في معناه
وإنما يقع ذلك على وجهين:
أحدهما أن يتلعب الرجل بالشيء منها ويولع بتعذيبه وذبحه ثم يرمي به لا
يأكله.
والوجه الآخر أن يكون ذَلِكَ في الحيوان الَّذِي لا يؤكل لحمه ولا ضرر
على الناس في بقائه كالهدهد والصرد ونحو ذلك مما نهى عَنْ قتله.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ فراس أخبرنا موسى بن هارون أخبرنا الحارث
بن عبد الله الهمداني أنبأنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ
الزُّهْرِيِّ عن عبيد الله بن عبد الله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
"نَهَى رسول الله عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ
(2/142)
"النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ
وَالصُّرَدُ" 1 وَلَيْسَ فِي خَبَرِ عُثْمَانَ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ
أَصْحَابِ الْحَمَامِ وَبَيْنَ أَكْلِهَا إِنَّمَا أَمَرَ بِذَبْحِهَا
ثُمَّ خَلَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا.
وَقَالَ بعض السلف رحم اللَّه عثمان لقد نقموا عليه أشياء لو فعلها
أَبُو بكر وعمر لاتخذوها سنة.
__________
1 أخرجه أبو داود في الأدب "4/367" والدارمي في الأضاحي "2/89" وأحمد
في مسنده "1/332, 347".
(2/143)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا حُصِرَ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ فَقِيرٍ فِي
دَارِهِ فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ
بِمَاءٍ فِي إِدَاوَةٍ وَقَدْ سَتَرَتْهَا وَقَالَتْ: "سُبْحَانَ
اللَّهِ كَأَنَّ وَجْهَهُ مِصْحَاةٌ"1.
حُدِّثْتُ بِهِ عن أبي روق الهزاني أخبرنا الرِّيَاشِيُّ عَنِ
الأَصْمَعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ يَذْكُرُهُ قَالَ
الرياشي المصحاة إناء من فضة وأنشد:2
إذا صب في المصحاة خالط عندما
والفقير بئر يفضي إلى بئر
__________
1 الفائق "فقر" "3/132".
2 الفائق "فقر" وصدره "بكأس وإبريف كأن شرايه".
وفي اللسان "صخا" برواية "بقما" بدل "عندما" وكذلك في الجمهرة "2/166"
وعزي فيها للأعشى وهو في ديوانه "293" ط – النموزجية.
(2/139)
|