غريب الحديث للخطابي

حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه
حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ فأصابهم جوع فأكلوا الخبط
...
حَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو سليمان في حديث عُبَيْدَةَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ فَأَصَابَهُمْ جُوعٌ فَأَكَلُوا الْخَبَطَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو مَشْرَةٍ حَتَّى أَنَّ شِدْقَ أَحَدِهِمْ بِمَنْزِلَةِ مِشْفَرِ الْبَعِيرِ الْعَضِهِ وَحَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ لَوْ لَقِينَا الْعَدُّوَ مَا كَانَ مِنَّا حَرَكَةً إِلَيْهِ فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ لِرَجُلٍ مِنَ جُهَيْنَةَ بِعْنِي جُزُرًا وَأُوَفِّيكَ شِقَّةً مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ فَابْتَاعَ مِنْهُ خَمْسَ جَزَائِرَ فَشَرَطَ عَلَيْهِ الأَعْرَابِيُّ تَمْرَ ذَخِيرَةٍ مُصَلِّبَةٍ مِنْ تَمْرِ آلِ دُلَيْمٍ. قَالَ الْجُهَيْنِيُّ أَشْهِدْ لِي وَكَانَ فَيمَنِ اسْتُشْهِدَ عُمَرُ فَقَالَ لا أَشْهَدُ هَذَا يَدِينُ وَلا مَالَ لَهُ إِنِّمَا المال مال أبيه فقال الجهيني وَاللَّهِ مَا كَانَ سَعْدٌ لِيُخْنِي بِابْنِهِ فِي شِقَّةٍ مِنْ تَمْرٍ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ وَخَارِجَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَبَعْضُهُمْ قَدْ زَادَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى بَعْضٍ. الخبط ورق العضاه يضرب بالعصي ليتناثر فتعلفه الإبل والخبط الضرب بالمخبط وهو العصا.
وَقَوْلُهُ ذو مشرة فإن المشرة شبه الخوصة تخرج في العضاه لها ورق وأغصان رخصة. / يُقَالُ أمشر الشجر وأمشرت الأرض إذا طر نباتها. [90]
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ يَرْوِي عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أَكَلْتُ اللَّحْمَ وَجَدْتُ فِي نَفْسِي تَمْشِيرًا لَمْ يَكُنْ أَيْ قوة ونشاطا.
__________
1 أخرجه الواقدي في مغازيه "2/774" في قصة طويلة وفي الفائق "خبط" "1/352".

(2/235)


والبعير العضه الَّذِي قد أكل العضاه فقرحت مشافره وذلك أن لها شوكا يعقرها قَالَ الشاعر:
مشافر قرحي أكلن البريرا1
والمصلبة من الصلابة وتمر المدينة صلب وهو أجود ما يكون.
وقول عُمَر يدين ولا مال له معناه يأخذ الدين يُقَالُ دان الرجل وادان واستدان بمعنى واحد وهو أن يأخذ الدين وأدان يدين إذا أعطي غيره فالمعطي مدين والآخذ مدان.
وَقَوْلُهُ ما كان سعد ليخني بابنه أي لم يكن ليسلمه ويخفر ذمته وأصله من الخنى وهو الفحش يُقَالُ أخنى الرجل في كلامه إذا أفحش2 وأخنى عليه الدهر إذا أهلكه قَالَ النابغة:
أخنى عليه الَّذِي أخنى على لبد3
__________
1 اللسان والتاج "قرح" وعزي للكميت وشعر الكميت "1/191" وصدره: "تشبيه في الهام آثارها".
2 من ط.
3 في الديوان "5" يرواية "أخنى عليها" وكذلك في شعراء النصرانية "4/659" وصدره "أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا".

(2/236)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ كَانَ أَهْتَمُ الثَّنَايَا وَكَانَ قَدِ انْحَازَ عَلَى حَلْقَةٍ قَدْ نَشَبَتْ فِي جِرَاحَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أَحَدٍ فَأَزَمَ عَلَيْهَا فَعَضَّهَا فَنَزَعَهَا. وَمِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ زَرَدَتَيْنِ مِنْ زَرَدِ التَّسْبِغَةِ قَدْ نَشَبَتَا فِي خَدِّهِ فَعَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَنَزَعَهَا فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ ثُمَّ عَكَرَ عَلَى الأُخْرَى فنزعها فسقطت ثنيته الأخرى1.
__________
1 أخرجه الحاكم في المستدرك "3/266" بلفظ "أكار" بدل "عكر" وتهذيب ابن عساكر "7/162" مختصرا, وأخرجه ابن سعد في طبقاته "3/410" هذه القصة بألفاظ أخرى وقال في.=

(2/236)


حدثنيه الحسن بن عبد الرحيم أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا محمد بن المثنى أخبرنا موسى بن إسماعيل أنبأنا ابن المبارك أخبرنا إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ.
الأهتم الثنايا الَّذِي انكسرت ثناياه من الأصل والأقصم الَّذِي انكسرت أسنانه من عرضها يُقَالُ رجل أقصم الثنية بين القصم وأهتم بين الهتم قال الفرزذق:
إن الأراقم لن ينال قديمها ... كلب عوى متهتم الأسنان1
وَأَخْبَرَنِي* أبو محمد الكراني أخبرنا البيروذي أخبرنا المنقري أخبرنا الأصمعيّ قَالَ قَالَ أبو عمرو بن العلاء من تدلت ثنيتاه2 إلى أسفل فهو أروق وإذا كانتا خارجتين عَنِ الفم قيل أشغى والمكسور الثنية يُقَالُ له: أقصم والسن على السن يُقَالُ له: الراغول والمقلوع الثنيتين يُقَالُ له: أهتم.
وَقَوْلُهُ: انحاز عليها: أي أكب عليها والانحياز أن يجمع نفسه وينضم بعضه إلى بعض.
وَقَوْلُهُ أزمَّ عليها أي قبض عليها بأسنانه يُقَالُ: أزم يأزم وأزم يأزم إذا قبض على الشيء بفمه وبزم إذا كان ذلك بمقدم الفم يُقَالُ: أزم عليهم الدهر إذا عضهم كلبه والأزمة السنة قَالَ الراجز:
أرأيت إن كان الكتاب قد جلد ... وأزم الدهر علينا وجمد
ولم يكن لي سبد ولا لبد ... أآخذي أنت بما لست أجد
__________
= آخرها "فكان أبو عبيدة في الناس أثرم" وفي كنز العمال "10/425".
1 الديوان "2/883".
* من أول هنا سقط من نسخة ح نحو ثلاث ورقات من حجم الفلوسكاب.
2 ط: "ثناياه.

(2/237)


يعنى الكتاب الَّذِي يكتبه المصدق في عدد الأبل والغنم وَقَالَ آخر:
حلفت له بطه والمثاني ... لقد فنيت وقد بقي الكتاب
ألظ بها رماديإ أزوم ... له ظفر تخرمها وناب
[91] يصف السنة أنها عضوض والرمادي منسوب إلى سنة صعبة كانت قد أتت عليهم وهي عام الرمادة.
وَقَوْلُهُ عكر عليه أي عطف عليه واعتكر القوم إذا رجع بعضهم على بعض ومنه اعتكار الليل وهو اعتكار1 سواده والتباسه.
__________
1 ط: "اختلاط سواده".

(2/238)