غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ الله
عنه
حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ وَجَدَ أَهْلَ مَكَّةَ يُجَمِّعُونَ فِي
الْحِجْرِ فَنَهَاهُمْ عن ذلك
...
حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ: وَجَدَ أَهْلَ
مَكَّةَ يُجَمِّعُونَ فِي الْحِجْرِ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ1.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأعرابي أخبرنا الزعفراني أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكٍ عَنْ مُعَاذٍ.
ليس المعنى في نهيه عَنْ صلاة الجمعة في الحجر ما ذهب إليه بعض من كره
صلاة الفريضة في البيت ولا ما ذهب إليه من كره الصلاة في الحجر وإنما
المعنى أن معاذا وجدهم يجمعون قبل أن تزول الشمس وتفيء الكعبة من وجهها
فكانوا يصلونها في الحجر يستظلون به فنهاهم عَنْ تقديم الصلاة قبل
وقتها ولا أعلم جوازها قبل الزوال في قول أحد من أهل العلم إلا شيء
يروى عَنِ ابن مسعود وتأولوا فيه خبرا رواه عَنْ رسول اللَّه صَلَّى
الله عليه وسلم.
حدثناه ابن السماك أخبرنا محمد بن عبدك القزاز أخبرنا أبو بلال الأشعري
أخبرنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمَرْزُبَانِ عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ2 بن عبد الله قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَقَدْ
رَأَيْتُنَا وَإِنَّا لَنَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ الله في ظل الحطيم.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "3/176" وابن أبي شيبة في مصنفه "2/108".
2 د: "عبدة بن عبد الله" تحريف".
(2/309)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ: لا تَأْوُوا لَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ
ضَرَبَهُمْ بِذُلٍّ مُفْدَمٍ يَعْنِي النَّصَارَى وَأَنَّهُمْ سَبُّوا
اللَّهَ سَبًّا لَمْ يَسُبَّهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ دَعَوْا اللَّهَ
ثَالِثَ ثَلاثَةٍ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ المكي أنبأنا الصائغ أخبرنا سعيد بن
منصور أخبرنا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عمرو عن عبد الرحمن
بْنِ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُعَاذٍ.
قوله: لا تأووا معناه لا ترقوا لهم ولا ترحموهم يقال أويت لفلان آوى له
أية أي رحمته قَالَ الشاعر:
فإني ولا كفران بالله أية ... لنفسي لقد طالبت غير منمل2
أي مذعور وأنشد يعقوب:
لا تأويا للعيس وانبلاها ... فإنها ما سلمت قواها
بعيدة المصبح من ممساها3
يُقَالُ: نبل إبله ينبلها إذا ساقها سوقا شديدا.
وَقَوْلُهُ: بذل مفدم أي شديد مشبع4 وأصل الكلمة الثفل ومنه قولهم: رجل
فدم: أي ثقيل وصبغ مفدم أي مشبع ومعناه الخاثر المثقل ومن هذا قيل
للعيي الفدم وقد فدم فدامة إذا ثقل لسانه وأبطأ بيانه.
__________
1 أخرجه سعيد بن منصور في سننه "2/342".
2 اللسان والتاج "نمل" بروية "فإني ولا كفران بالله أبة" وجاء في
الشرح: قال أبو نصر: غير مذعور وقال غيره: غير مرهن ولا معجل عما أريد,
وجاء في مادة "أوى" دون عزو في المادتين.
3 اللسان والتاج "نبل" وعزي لزفر بن الخيار المحاربي.
4 قال ابن الأثير "فدم" "3/421" "أي شديد مشبع فاستعار من الذوات
للمعاني".
(2/311)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
معاذ أن عائذ اللَّه بن عمرو قَالَ: دخلت المسجد يوما مع أصحاب رسول
اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخمر ما كانوا أو أجمر ما
كانوا ثم ذكر حدثيا حدثهم به معاذ1
__________
1خرجه أبو نعيم في الحلية "1/230" بلفظ "أحضر" بدل "أجمر أو أخمر".
(2/312)
من حديث يزيد بن هارون عن عبد الحميد عَنْ
شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ سمعت ابن غنم يحدث به عائذالله بن عمرو.
قوله: أخمر وأجمر كلاهما متقاربان والمعنى أوفر ما كانوا وأكثرهم عددا
إلا أن أخمر بالخاء أحسنهما وهو مأخوذ من قول الرجل دخلت فِي خمار
الناس أي فِي دهمائهم وجماعتهم.
قَالَ الكسائي يقال دخلت في خمار الناس وخمار الناس وخمر الناس أي
جماعتهم وكثرتهم والخمر كل ما واراك وسترك من شجرة وغيره ولهذا1 المعنى
سميت الخمر وذلك لأنها تخمر في إنائها أي تغطي ويقال إنما سميت خمرا
لأنها تخمر عقل شاربها أي تستره وتغطية.
وإما أجمر بالجيم فهو من قول العرب: جمر القوم وتجمروا إذا تجمعوا.
قَالَ الأصمعي: تَجَمَّرَ بنو فلان أي اجتمع بعضهم إلى بعض وأنشد:
إذا الجمار أقبلت تجمر
ويقال: صار بنو فلان جمرة2
وجمرات العرب: أحياء لهم عدد وبأس. قَالَ المبرد: لقبوا بالجمرات لأنهم
تجمعوا في أنفسهم ولم يدخلوا معهم غيرهم.
قَالَ: وإنما سمي موضع الحصى بمنى الجمار لاجتماع الحصى فيه وواحدة
الجمار / جمرة. قَالَ: ومن [119] ثُمَّ قيل في المغازي لا تجمروهم
فتفتنوهم أي لا تجمعوهم في المغازي
__________
1 د: "وبهذا المعنى".
2 اللسان والتاج "جمر" برواية "إذا الجمار جعلت تجمر" ولم يعز.
(2/313)
وَقَالَ بعض أهل اللغة: إنما قيل تجمر
القوم بمعنى صاروا جمرة لأنهم صاروا في بأسهم كالجمر على أعدائهم وأنشد
للنميري:
نمير جمرة العرب التي لم ... تزل في الحرب تلتهب التهابا1
وَقَالَ غيره: معنى تجمروا اجتمعوا وتضافروا فصاروا كالجمير من الشعر
المضفور.
يُقَالُ: جمرت المرأة شعرها إذا ضفرته والجمار الجماعة قَالَ الأعشى:
فمن مبلغ قومنا مألكا ... وأعني بذلك بكرا جمارا2
ويقال عد فلان إبله جمارا أي جملة واحدة.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو عُمَر أنبأنا أبو العباس ثَعْلب عن ابن الأعرابي
قَالَ يُقَالُ رأيت قوما جمارا وجماعة جمارا أي كثيرين وأنشدنا:
ألم تر أنني لاقيت يوما ... معاشر فيهم رجل جمارا
فقير الليل تلقاه غنيا ... إذا ما آنس الليل النهارا3
معناه: لقيت معاشر جمارا فيهم رجل فقير الليل.
قَالَ: ويقال: فلان فقير الليل إذا كانت إبله بيضا وغني الليل إذا كانت
إبله سودا وقد سمعت هذا من غيره على العكس.
__________
1 الكامل للمبرد: 2/233" والعقد الفريد "3/367" ضمن أربعة أبيات يرد
بها شعرهم على جرير.
2 الديوان "82" يرواية "مالكا".
3 اللسان والتاج "جمر" برواية "معاشر فيهم رجلا جمارا".
(2/314)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يُصِيبُهُ ذَعْرَةٌ وَلا
نَخْبَةُ نَمْلَةٍ إِلا بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّهَ أَكْثَرَ"1.
مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بن منهال أخبرنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ
يَزِيدَ بن عبد الله بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ
عَنْ أَبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
قوله: نخبة نملة أي لدغة نملة والنخب بمعنى الخرق للجلد ونحوه.
__________
1 الفائق "نخب" "3/414" والنهاية "نخب" "5/31".
(2/321)
قَالَ ابن الأعرابي: الماتح: الَّذِي يكون
فوق رأس البئر يستقي والمائح الَّذِي يكون أسفل البئر والقابل الَّذِي
يأخذ الدلو من الماتح والدالح الَّذِي يأخذها من القابل فيمشي بها إلى
الحوض.
(2/321)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ أَنَّهُ: كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَلَمَّا دُفِنَ الْمَيِّتِ
قَالَ مَا أَنْتُمْ مُبَارِحِينَ حَتَّى يَسْمَعَ وَخْطَ نِعَالِكُمْ
وَذَكَرَ سُؤَالَ مَلَكِ الْقَبْرِ وَأَنَّ الْمَيِّتَ إِنْ كَانَ مِنْ
أَهْلِ الشَّكِّ ضَرَبَهُ بِمِرْصَافَةٍ وَسَطَ رَأْسِهِ حَتَّى
يُفْضِي كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ1.
يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السراج أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ
سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ أخبرنا يحيى بن حسان أخبرنا مُعَاوِيَةُ
أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ سَلامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ قَالَ
حدثنيه عبد الله بْنُ رَبِيعَةَ الرَّهَاوِيُّ عَنْ مُعَاذٍ.
قوله: وخط نعالكم يريد خفق النعال ووقعها على الأرض ومن هذا قولهم وخطت
الرجل بالسيف إذا أصبته به ووخطته بالرمح إذا طعنته به ومنه وخط الشيب.
والمرصافة أراها كالمطرقة وسميت مرصافة لارتصافها واجتماعها وكل شيء
ضممته إلى شيء فقد رصفته ولذلك قيل للحجارة المرصوف بعضها إلى بعض في
مسيل رصف قَالَ العجاج:
من رصف نازع سيلا رصفا2
ومن قَالَ مرضافة ذهب إلى الرضف وهى الحجارة المحماة كأنه أراد مقمعة
من نار وللمرضاحة أيضا في هذا موضع جيد وهو حجر ضخم يكسر عليه النوى
وهو المرضاخ أيضا قَالَ الشاعر:
ترفض صم الحصى في كل منزلة ... كما تطاير عن مرضاحه العجم3
دويقال المرضاخ أيضا بالخاء معجمة والأشهر بالحاء غير معجمة.
وقوله: حتى يفضي كل شيء منه أي حتى يصير كله فضاء لا يبقي منه شيء /
ويحتمل أن يُقَالُ حتى يفض كل شيء منه أي يكسر من فضضته فهو مفضوض.
[118]
__________
1 الفائق "وخط" "4/49" وفيه "ما أنتم ببارحين" والنهاية "وخط" "5/164".
2 الديوان "492" وقبله "فشن في الإبريق منها مزفا".
3 د: "ترفض صم الصفا".
(2/310)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ أَنَّهُ: قَدِمَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَعِنْدَهُ رَجُلٌ كَانَ
يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ فَقَالَ وَاللَّهِ لا أَقْعُدُ
حَتَّى تَضْرِبُوا كَرْدَهُ1.
أخبرناه محمد بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ
قَتَادَةَ.
الكرد أعلى العنق قَالَ الشاعر:
وكنا إذا القيسي نَبَّ عتوده ... ضربناه تحت الأنثيين على الكرد2
ويقال أَنَّهُ فارسي معرب.
وفيه من الفقه أَنَّهُ لم ير أن يستتيبه ويستأني به ثلاثا لكن رأي أن
يعجله على ظاهر قوله: "من بدل دينه فاقتلوه" 3.
__________
1 أخرجه عيد الرزاق في مصنفه "10/168" عن معمر عن أيوب بلفظ "عنقه" وعن
معمر عن قتادة بلفظ "كرده" وذكره السيوطي في الجامع الكبير "2/672"
بلفظ "عنقه" وعزاه لابن أبي شيبة وأخرجه البيهقي في سننه "8/205, 206"
بمعناه.
2 اللسان والتاج "كرد" وهو للفرزدق في ديوانه "1/178" وقد سبق في هذا
الجزء لوحة "52".
3 أخرجه البخاري في مواضع منها في استتابة المرتدين "9/18, 19"
والترمذي في الحدود "4/59" وابن ماجة في الحدود "2/848" وأحمد في مسنده
"1/2, 282, 283".
(2/312)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ أَنَّهُ: لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ فَأَصَابَهُمُ الطَّاعُونَ
قَالَ اللَّهُمَّ آتِ مُعَاذًا النَّصِيبَ الأَوْفَرَ مِنْ هَذِهِ
الرَّحْمَةِ فَمَا أَمْسَى حَتَّى طُعِنَ ابنه عبد الرحمن وَبِكْرُهُ
وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ.
حَدَّثَنِيهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَالِكٍ أخبرنا أبو مسلم
الكشي أخبرنا عبد الله بن رجاء أنبأنا عبد الحميد عَنْ شَهْرِ بْنِ
حَوْشَبَ حَدَّثَنِي عبد الرحمن بْنُ غَنْمٍ أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا
قَدِمَ الشَّامَ1 فَأَصَابَهُمُ الطَّاعُونَ قَالَ عَمْرُو بْنُ
الْعَاصِ لا أَرَاهُ إِلا رَجِزًا وَطُوفَانًا فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ:
لَيْسَ بِرِجْزٍ وَلا طُوفَانٍ وَلَكِنَّهَا رَحْمَةُ رَبِّكُمْ
وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ اللَّهُمَّ آتِ مُعَاذًا النَّصِيبَ
الأَوْفَرَ2.
بكر الرجل أول ولد يولد له أنشدني الغنوي أنشدنا ثعلب:
يا بكر بكرين ويا خلبإ الكبد ... أصبحت منى كذراع من عضد3
والخلب حجاب القلب ومن هذا قولهم قد خلبني حب فلان أي وصل إلى خلبي.
وأما قول العرب إذا لم تغلب فاخلب4 ففيه قولان أحدهما من هذا يقول تودد
حتى تغلب على القلب وتخلص إلى خلبه والآخر أن يكون معناه إذا لم تظفر
فاخدش من الإصابة بالأظافير ومنه مخلب الطير.
قَالَ ابن الأنباري ويحكى هذا القول عن ابن الأعرابي.
__________
1 د, ح: "اليمن" وكذا في س "وفي هامشها: صوابه: الشام".
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/240" عن غبد الحميد وابن الحميد في صفة
الصفوة "1/500" وأخرحه أحمد في مسنده "5/240, 248" بنحوه بطريق آخر
وعبد الرزاق في مصنفه "11/149" بنحوه عن قتادة.
3 اللسان والتاج "بكر" دون عزو.
4 اللسان "خلب" جمهرة الأمثال "1/66" محمع الأمثال "1/34" المستصفى
"1/375".
(2/315)
وَقَالَ يعقوب: البكر الجارية التي لم تفتض
والبكر أيضا التي حملت بطنا واحدا وبكرها ولدها ويقال ناقة ثني إذا
ولدت بطنين وثنيها ولدها وثلثها ولدها الثالث ولا يُقَالُ ناقة ثلث
ولكن يُقَالُ ولدت ثلثها.
قَالَ أَبُو زيد يُقَالُ هذا بكر أبويه أي أول ولدهما وعجزة ولد أبوية
أي آخرهم قَالَ ومنه1 نضاضة ولد أبويه ونضاضته أي آخره وبقيته.
[120] وَقَوْلُهُ: رجزا وطوفانا فإن الرجز العذاب والطوفان / البلاء.
قَالَ مجاهد الطوفان الموت وَقَالَ غيره الطوفان السيل ورواه بعضهم
إنما هو وخز من الشيطان والوخز الطعن وكانت العرب تسمي الطاعون رماح
الجن.
وَقَوْلُهُ: إِنَّهَا دَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّهُ يُرِيدُ قَوْلَهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ
أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ".
حدثناه ابن مالك أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا هدبة حدثنا عبد الواحد بن
زياد أخبرنا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ كُرَيْبِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ
أَبِي بَرَدَةَ بْنِ قَيْسٍ أَخِي أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فَنَاءَ
أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ" 2.
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ الأعرابي فيما أحسب أخبرنا أَبُو يَحْيَى بْنُ
أَبِي مَسَرَّةَ أخبرنا
__________
1 د: "ومثله" بدل "ومنه".
2 ساقط من ط, والحديث أخرجه أحمد في مسنده "4/238" عن أبي بردة وفي
"4/395, 417" عن أبي موسى.
(2/316)
الحميدي أخبرنا سُفْيَانُ نا عَمْرُو بْنُ
دِينَارٍ سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ يَسْأَلُ سَعْدًا عَنِ الطَّاعُونِ وَعِنْدَهُ أُسَامَةُ
بْنُ زَيْدٍ فَقَالَ أُسَامَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "هَذَا عَذَابٌ وَرِجْزٌ أُرِسْلَ
عَلَى أُنَاسٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَوْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَهُوَ يَجِيءُ أَحْيَانًا وَيَذْهَبُ أَحْيَانًا
فَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا
وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلا تَدْخُلُوهَا" 1.
قَالَ سُفْيَانُ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لَعَلَّهُ لِقَوْمٍ
عَذَابٌ وَلِقَوْمٍ شَهَادَةٌ قَالَ سُفْيَانُ فَأَعْجَبَنِي قَوْلُ
عَمْرٍو هَذَا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ
فِي حَدِيثِ آخَرَ.
حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ أخبرنا ابن بري أخبرنا محمد بن
المثنى أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدٍ
الْوَاسِطِيُّ أَبُو نصَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَسِيبٍ مَوْلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ
شَهَادَةٌ لأُمَّتِي وَرَحْمَةٌ لَهُمْ ورجس على الكفار" 2.
__________
1 أخرجه الحميدي في مسنده "1/249" والبخاري في مواضع منها كتاب ترك
الحيل "9/34" وفي كتاب الطب "7/168" ومسلم في السلام "4/1738" ومالك في
الموطأ "2/896" وعبد الرزاق في مصنفه "11/146".
2 أخرجه أحمد في مسنده "5/81" وذكره ابن الأثير في اسد الغابة "6/214"
مختصرا.
(2/317)
|