غريب الحديث للخطابي حديث زياد
حديث زياد أنه بلغه قول المغيرة بن شعبة: "لَحَديث من عاقل أحب إلي من
الشُّهْد بماء رَصَفة....."
...
حديث زياد 1
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زياد أنه بلغه قول المغيرة بن
شعبة: "لَحَديث من عاقل أحب إلي من الشُّهْد بماء رَصَفة، فقال زياد:
أكذاك هو؟ فلهو أحب إلي من رَثيئة فُثِئت بسُلالةٍ من ماء ثَغْب في يوم
ذي وَدِيقة ترمَض فيه الآجال"2.
أخبرناه ابن الأعرابي، أخبرنا عباس الدوري، أخبرنا يحيى بن معين،
أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق، أنا ابن المبارك، عن سفيان، عن أبي حمزة
الثمالي.
الرَّصَفَة: الحجارة التي قد رصف بعضها إلى بعض، وتجمع على الرِّصَاف،
قَالَ بِشْرُ بْن أَبِي خازِم:
كأن مدامة من أذرعاتٍ ... كميتاً لونها كدم الرُّعَافِ
على أنيابها بغريض مزنٍ ... أحالته السحابة في الرِّصَافِ3
والرَّثِيْئَة: لبن حليب يصب على لبن حامض، ومثله المُرِضَّة، قال
الشاعر:
__________
1 هو زياد بن أبي سفيان.
2 أخرجه ابن معين في: تاريخه: 580/4، رقم النص: 4847، وابن الأعرابى
في: معجمه: لـ 175-أ، والحديث في: الفائق: "رصف": 61/2.
3 الديوان: 143، 144, برواية: "كميتاً لونها لون الرُّعاف".
(3/63)
إذا شرب المُرِضَّة قال: أَوْكِي ... على
ما في سقائك قد روينا1
والفَثْءُ: كَسْرُك الحار بالبارد.
والثَّغْب مستنقع الماء في صخر، وسُلالته: ماؤه, وكل ما سل من شيء
واستخرج منه فهو سلالة، ولذلك سميت النطفة سلالة. قال الله تعالى:
"233" / {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ}
2, والوَدِيقة: حر الظهائر قال ذو الرمة:
إذا كافحتنا نفحة من وَدِيقةٍ ... ثنينا برود العصب فوق المراعفِ3
والآجال: جمع إِجْل، وهو جماعة البقر الوحشية، ومثله الرَّبْرَب، اسم
جماعة لا واحد له من لفظه, وترمض: تحترق من شدة حر الرمضاء.
__________
1 اللسان والتاج: "رضض", من ثلاثة أبيات منسوبة إلى ابن أحمر يذم رجلاً
ويصفه بالبخل, وقال ابن بري: هو يخاطب امرأته, وقبله:
ولا تصلي بمطروق إذا ما ... سرى في القوم أصبح مستكينا
يلوم ولا يُلام ولا يبالي ... أغثاً كان لحمك أم سمينا
إذا شرب المرضة ...
3 سورة المؤمنون: 12.
3 ح: "لفحة" بدل "نفحة", والبيت في الديوان: 384، والأساس: "رعف".
وكافحتنا: قابلتنا، والوديقة: شدة الحر عند الهاجرة. والمراعف: الأنوف,
يقول: تلثمنا بالعمائم.
(3/64)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
زياد: "أنه لما ولي البصرة أمر بهدم المَوَاخير"1.
المواخير: بيوت الخمارين، وأصله فارسي, كأنه قيل: مَيْ خُور، فعرب
وجمع, قال جرير أو الفرزدق:
فما في كتاب الله هدم ديارنا ... بتهديم مَاخُور خبيث مداخلُهْ2
__________
1 الفائق: "مخر": 351/3، والنهاية: "مخر": 360/4.
2 ديوان جرير: 389, برواية: "فما في كتاب الله تهديم دارنا".
(3/64)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
زياد: "أنه لما أراد أهل الكوفة على البراءة من علي, جمعهم, فملأ منهم
المسجد والرَّحْبَة".
قال عبد الرحمن بن السائب: "فإني لمع نفر من الأنصار والناس في أمر
عظيم، إذ هَوَّمَت تَهْوِيمَة فزَنَج شيء أَقْبَلُ طويل العنق, أهدبُ
أهدلُ, فقلت: ما أنت؟ فقال: النَّقَّاد ذو الرقبة، بُعِثْتُ إلى صاحب
القصر، فاستيقظت وإذا الفَالِجُ قد ضربه"1.
حدثنيه أحمد بن عبدوس، عن ابن أبي الدنيا، حدثني أبي، عن هشام بن محمد،
حدثني2 أبو المقوم الأنصاري، عن عبد الرحمن بن السائب.
التَّهْوِيم: أن يأخذ الرجل النعاس حتى يخفق برأسه، يقال: هَوَّمَ
الرجل وَتَهَوَّمَ.
وقوله: زَنَج شيء، هكذا قال ابن عبدوس بالجيم، ولست أدري ما هو، وأحسبه
غلطاً, وهو بالحاء3 أشبه بالكلام، والزَّنْجُ: الدفع، كأنه يريد هجوم
هذا الشخص وإقباله، وقد يحتمل أن يكون ذلك سَنَح، أي عرض من السُّنُوح،
فغلط به4 بعض الرواة, فقلب السين زاياً, والأهدب: الطويل أشفار
العينين.
__________
1 تهذيب تاريخ ابن عساكر: 424/5, ونقل شرح الخطابي للحديث إلا أنه قال:
"فرأيت شيئاً" بدل: "فزنج شيء".
2 ط: "حدثنى الأنصاري".
3 في الفائق: "هوم": 120/4: زنح وسنح بمعنى, وتزنح عليَّ فلان: أي تسنح
وتطاول، قال الغريب النصري:
تزنح بالكلام عليَّ جهلا ... كأنك ماجد من آل بدرِ
4 د: "فغلط فيه".
(3/65)
والأهدل: الساقط الشفة السفلى، وبعير
هَدِلٌ إذا كان طويل المشفر مسترخيه، فأما الأحدل: فالمائل العنق، قال
الراجز:
حدلاء كالزِّقِّ نَحَاه الماخضُ1
__________
1 جمهرة ابن دريد: 124/1, برواية: "حدلاء كالوطب نحاه الماخض", وعزي
لأبي محمد الفقعسى.
(3/66)
|