غريب الحديث للخطابي

حديث عِكرمةَ مولى ابن عبّاس
حديث عكرمة أنه قال: "من لم يغتسل يوم الجمعة, فلْيَسْتَوْغِلْ"
...
حديث عِكرمةَ مولى ابن عبّاس
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عكرمة أنه قال: "من لم يغتسل يوم الجمعة, فلْيَسْتَوْغِلْ"1.
أخبرناه محمد بن هاشم، أخبرنا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ معمر، عمن سمع عكرمة.
قوله: يَسْتَوْغِلْ، يريد غسل الباطن، وتخليل المغابن والمراقِّ بالماء، وأصله من وَغَلْتُ في الشيء وُغُوْلًا إذا دخلت فيه حتى تبلع أقصاه، وكان القوم مِهْنَة أنفسهم وعامتهم يعالجون العمل الشاق، ويستنجون بالحجارة وبلادهم حارة، وهذه الأسباب إذا اجتمعت تعاونت على تغيير الرائحة، فأمروا بالاغتسال للجمعة وتنظيف البدن بالماء.
يقول عكرمة: من فاته كمال الطهارة بالغسل العام، فلا يعجزن عن غسل المراقِّ وتنظيفها بالماء، ولا يقتصرن على الاستنجاء بالحجارة جريًا على العادة في سائر الأيام.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في: مصنفه: 200/3.

(3/76)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عكرمة: "أن خالدًا الحذاء كان يسأله, فسكت خالد، فقال له عكرمة: مَا لَكَ أَجْبَلْتَ؟ "1.
يرويه أحمد بن حنبل، عن حجاج، عن شعبة، عن أيوب.
__________
1 أخرجه ابن سعد في: طبقاته: 291/5.

(3/76)


قوله: أَجْبَلْت معناه انقطعت، وأصله أن يحفر الرجل في الأرض حتى إذا بلغ صخرة لا يحيك فيها المعول، قيل: قد أَجْبَلَ: أي أفضى إلى جبل، كما يقال: أكدى، إذا كان يحفر فأفضى إلى كُدْيَةٍ، وهي القِطْعَةُ الصُلْبَةُ من الأرض.
ويقال: أَجْبَلَ القوم، إذا صاروا إلى الجبل، وأسهلوا، إذا صاروا إلى السهل، وأَبَرَّ فلان إذا صار إلى البر، وأبحر إذا ركب البحر، وأفلى إذا صار إلى الفلاة، وألوى إذا صار إلى لِوَى الرمل، وأجدَّ إذا صار إلى الجدد، وعلى هذا القياس.
وأخبرني أبو عمر، عن أبي العبّاس، عن ابن الأعرابي قَالَ: والاعتقام "237" / أن يحفر الرجل البئر، فإذا بلغ موضعاً لا يعمل فيه المعول عدل إلى جانب آخر، فيقال له: ما شأنك؟ فيقول: اعتقمت, قال: ومنه العقم، وهو امتناع الرحم من الولد, يقال: عُقِمت المرأة وعَقُمَت وعَقَمَت.

(3/77)


* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عكرمة: "أن رجلًا باع من التمارين سبعة أَصْوُعٍ1 بدرهم, فتبددوه بينهم، فصار على كل منهم حصة من الورق، فاشترى من رجل منهم تمرًا، أربعة أَصْوُعٍ بدرهم, فسأل عكرمة, فقال: لا بأس أخذت أنقص مما بعت"2.
أخبرناه محمد بن المكي، أخبرنا الصائغ، أخبرنا سعيد، أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي مريم.
__________
1 س: "آصع".
2 الفائق: "بدد": 89/1, والنهاية: "بدد": 105/1.

(3/77)


قوله: تَبَدَّدُوه، أي اقتسموه حصصًا على السواء، قال الأخطل:
أبا خالد دافعت عني عظيمة ... وأدركت لحمي قبل أن يَتَبَدَّدَا1
والاسم منه البِدَّة وهو كالحصة، يقال: أبددت القوم العطاء إبداداً، قال الشاعر:
حتى تُبِدَّهم إعداد أنفسهم ... كؤوس موت لِشِيْبٍ أو لشبانِ
ويقال: التقى القوم فابتدوا فلاناً بالضرب، إذا أخذوه من نواحيه، والسبعان يَبْتَدَّان الإنسان، والرضيعان التوأمان يَبْتَدَّان أمهما، هذا يرضع من ثدي، والآخر من ثديٍ.
ويقول الرجل لأصحابه: يا قوم، بَدَادِ بَدَادِ: أي ليأخذ كل رجل منكم رجلاً, قال لبيد:
أعاذل لو كان البِدَادُ لقوتلوا ... ولكن أتانا كل جِنٍّ وخابِلُ2
يقول: كثرونا، ولو كان رجل مع رجل ما أطاقونا، وأرادوا بالبداد البراز رجل ورجل على السواء.
__________
1 شعر الأخطل: 306/1.
2 ملحقات الديوان: 365 وفي: الحيوان: 195/6 برواية: "النداد" بدل "البداد", والندد: النفور والتفرق.
وقال ابن الأثير في: الكامل: 266/1: إنه للبيد أو لعامر بن الطفيل.

(3/78)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عكرمة أنه: "كان طالوت أَيَّابًا"1.
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 603/2 بلفظ: "كان طالوت سقاء يبيع الماء" عن شريك، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، وكذلك السيوطى في: الدر المنثور: 316/1, وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.

(3/78)


يرويه: يحيى بن آدم، عن شريك، عن عمران، عن عكرمة.
الأَيَّابُ: السِّقَاءُ.

(3/79)


*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عكرمة: "أنه قال في قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً} 1. قال: يُدْفَرُون دَفْرًا"2.
يرويه: عبد بن حميد، حدثني إبراهيم، عن أبيه، عن عكرمة.
الدَّفْر: الدَّفْع، يقال: ادفُرْ في قفاه دَفْراً.
__________
سورة الطور: 13.
2 أخرجه الطبري في: تفسيره: 22/27, بلفظ: "يدفعون إلي نار جهنم دفعاً" عن حسين، عن يزيد، عن عكرمة.

(3/79)