غريب الحديث للخطابي حَدِيثِ قتادة بن دعامة
حديث قتادة: "أنه كان إذا سمع الحديث يَخْتَطِفُهُ اختطافًا، وكان إذا
سمع الحديث لم يحفظه، أخذه العويل والزَّوِيْل حتى يحفظه"
...
حديث قتادة بن دعامة
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ قتادة: "أنه كان إذا سمع
الحديث يَخْتَطِفُهُ اختطافًا، وكان إذا سمع الحديث لم يحفظه، أخذه
العويل والزَّوِيْل حتى يحفظه"1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مالك، أخبرنا عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حنبل، أخبرنا أبي، أخبرنا عفان, أخبرنا
إسماعيل بن إبراهيم، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مطر الوراق.
الزَّوِيل: الزَّمَاع والقلق، وهو أن لا يستقر على المكان، وأصله من
زال الشيء عن مكانه يزول عنه زَوَالًا وزَوِيْلًا. قال ذو الرمة:
وبيضاء لا تنحاش مِنَّا وأمُّهَا ... إذا ما رأتنا زِيلَ منها
زَوِيلُهَا2
يريد بيضة النعامة، وزِيلَ بمعنى أُزِيلَ, يقال: أَزَلْتُهُ عن المكان
وزُلْتُهُ لغتان, حكاهما الأصمعي.
قال بعضهم: ومن هذا قيل للشاب الخفيف [الحركات] 3 زَوْل،
__________
1 ذكره المزي في: تهذيب الكمال: 12, لوحة: "561- أ" في ترجمة قتادة
بطوله, بلفظ: "يحتفظه احتفاظاً", وكذلك في نسختي: "س، ط", وذكره الحافظ
ابن حجر في: التهذيب: 353/8 مختصراً, والمثبت من: ح، والفائق: "زول":
136/2.
2 سبق في الجزء الثاني لوحة 178.
3 ساقطة من: ح.
(3/154)
وفتيان أزوال, وأنشد أبو عُمَر: أنشدنا أبو
العباس ثعلب:
وقد أَقُوْدُ بالخروق الأَزْوَالْ ... ما منهم إلا ابن عَمٍّ أو خَالْ1
والزَّوْل أيضًا: العجب، قال الكميت:
وقد صِرْتُ عَمًّا لها بالمشيـ ... ب, زَوْلًا لديها هو الأَزْوَلُ2
__________
1 في اللسان، التاج: "زول":
لقد أروح بالكرام الأزوال ... معدِّيًا لذا لوث شملال
وعزي لكثير بن مزرد.
2 اللسان، التاج: "زول"، وشعر الكميت: 409/2.
(3/155)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة في قوم {خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ}
قال: "هم مشركو قريش يوم بدر خرجوا ولهم ارْتِعَاج وبغي وفخر"1.
يرويه عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة.
الارْتِعَاج: أن يهال الشيء ويبرق, يقال: ارْتَعَجَ البرق, إذا تألق،
ويقال ذلك في الكثرة أيضًا, يقال: ارتعج مال الرجل وولده، بمعنى كثر.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ قتادة أنه قال: "كان أهل
الجاهلية
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 17/10, عن يزيد, عن سعيد, عن قتادة, بدون
كلمة "ارتعاج", وكذلك ذكره السيوطي في: الدر المنثور: 190/3, والآية في
سورة الأنفال برقم 47.
والفائق: "رعج": 67/2, وجاء في الشرح: "ارتعج وارتعد وارتعش وارتعص
أخوات، يقال: ارتعج البرق إذا تتابع لمعانه واضطرابه، والمعنى: ما
كانوا عليه من الاهتزاز بطرًا وأشرًا، أو أريد وميض أسلحتهم, أو تهلل
وجوههم وإشراق ألوانهم, أو تموُّجهم كثرة عدد، من قولهم: ارتعج الوادي،
وارتعج مال فلان، قال ابن هرمة:
غذوت لها تِلَاد الحب حتى ... نما في الصدر وارتعج ارتعاجا"
(3/155)
لا يورثون الصبي، يجعلون الميراث لذوي
الأسنان, يقولون: ما شأن هذا الصَّدِيغ الذي لا يَحْتَرِفُ ولا ينفع
نجعل له نصيبًا من الميراث"1.
يَرْوِيهِ يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قتادة.
الصَّدِيغ: الصبي الذي أتى له من وقت الولادة سبعة أيام؛ وسمي صديغا
لأنه إنما يشتد صُدغُهُ إلى تمام سبعة أيام2.
قال الأحمر: الصَّدِيغ: الضعيف, يقال: ما يَصْدَغُ نملة من ضعفه: أي ما
يقتل, قال رؤبة:
إذا البلايا انْتَبْنَهُ لم يَصْدُغِ3 ... أي لم يدفع عن نفسه.
__________
1 الفائق: "صدغ": 291/2, والنهاية: "صدغ": 17/3.
2 جاء في الفائق بعد ذلك: "وهو من لحاظ العين إلى شحمة الأذن".
3 اللسان: "صدغ", الديوان: 98.
(3/156)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة في شهادة الأخ قال: "إذا كان معه شَطِيرٌ جازت شَهَادَتُهُ"1.
حدثنيه عبد العزيز، أخبرنا ابن الجنيد، أخبرنا سُوَيْدٌ، أنا ابْنُ
الْمُبَارَكِ، عَنِ معمر، عن قتادة.
الشَّطِير: الغريب؛ وسمي شطيرًا لبعده عن أهله, يقال: مكان شطير: أي
بعيد، يريد إذا كان معه أجنبي جازت شهادته.
__________
1 الفائق: "شطر": 246/2, والنهاية: "شطر": 474/2.
(3/156)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة في اليتيم، تكون له الماشية قال: "يقوم وَلِيُّهُ على صلاحها
وعلاجها ويصيب من "260" / جززها ورِسْلِهَا وعوارضها"1.
يَرْوِيهِ يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قتادة.
الجَزَزُ من الصوف: ما لم يستعمل بعدما جز, يقال: صوف جَزَزٌ.
والرِّسْلُ: اللبن، والعَوَارِض من الإبل والغنم: ما عرض له داء فذكي
خوفًا من التلف، والعرب تُعَيَّرُ بأكله، فتقول: بنو فلان يأكلون
العوارض، يريد أن للولي أن ينتفع من مال اليتيم بما كان هذا سبيله،
ويرتفق به من غير أن ينهك أصول المال.
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 259/4, بلفظ: "جذاذها" بدل "جززها", وذكره
السيوطي في: الدر المنثور: 122/2 بلفظ: "جزازها" بدل "جززها".
(3/157)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة في قوله: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} 1, قال: "أبو سفيان
انْجَذَم بالعير فانطلق في ركب نحو البحر"2.
يرويه: عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة.
قوله: انْجَذَمَ: أي انقطع بها, فمال عن الجادة نحو البحر. يُقَالُ:
جذمت الشيء فانجذم, قَالَ عدي بن زيد:
فهو كالدلو بكف المستقي ... خذلَتْ منه العراقي وانْجَذَمْ3
__________
1 سورة الأنفال: 42.
2 أخرجه الطبرى في: تفسيره: 10/10, بلفظ: " ... يعني أبا سفيان انحدر
بالعير على حوزته حتى قدم بها مكة", وهو في الفائق: "جذم": 201/1.
3 الديوان: 75, وشعراء النصرانية: 444/2.
(3/157)
*وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة أنه قال: "كان بنو إسرائيل يتيهون في الأرض أربعين سنة إنما
يشربون ما لَاطُوا"1.
يَرْوِيهِ يُونُسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ قتادة.
يقال: لَاطَ الرجل حوضه إذا مدره بالطين، وقصصه من الجص، وجيره من
الجيار، وهو الصاروج؛ وإنما يفعل ذلك لئلا يسيب الماء من خصاص الحجارة,
يريد أنهم لم يصيبوا ماء سيحًا، إنما كانوا ينزحونه من الآبار, فيقرونه
في الحياض.
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 183/6, عن سعيد, عن قتادة بلفظ: " ...
وكانوا لا يقدرون على ذلك, إنما يتبعون الأطواء أربعين سنة"، وذكره
السيوطي في: الدر المنثور: 271/2, بلفظ: " ... إنما يشربون ماء لاطواء"
تحريف, وعزاه لعبد بن حميد, وفي الفائق: "لوط": 335/3.
(3/158)
* وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
قتادة "أنه ذكر أصحاب الأيكة, فقال: كانوا أصحاب شجر مُتَكَاوِسٍ"1.
يروى بالإسناد الأول.
قال أبو عمرو الشيباني: المُتَكَاوِسَة: الرَّوْضَة، ذكره أَبو عُمَر،
عن أبي العباس ثعلب، عَنْ عمرو بن أبي عمرو، عن أبيه.
ووجدته في بعض النسخ المسموعة: مُتَكَادِس بالدال، يريد أنهم أصحاب زرع
وتكديس للطعام، أو يكون أراد الشجر الكثير الملتف يكدس بعضه فوق بعض.
__________
1 أخرجه الطبري في: تفسيره: 48/14, وذكره السيوطي في: الدر المنثور:
104/4, بلفظ: "متكاوش" تصحيف. والفائق: "كوس": 287/3, وجاء في الشرح:
متكاوس: أي ملتف, من تكاوس لحم الغلام إذا تراكب.
(3/158)
|