إصلاح المنطق باب: ما يقال بالياء
والواو من ذوات الثلاثة
قال أبو عبيدة: يقال: غِرْت فلاناً فأنا أَغِيرهُ، تقديرها بِعْتُ
أَبِيع, وقوم يقولون:
(1/104)
غُرْته أَغُوره، أي نفعته, قال الهذلي1:
ماذا يَغِير ابنتي رِبْع عَوِيلهما ... لا تَرْقُدَان ولا بؤسي لمن
رقدا
ويقال: ذهب فلان يَغِير أهله، أي يَمِيرهم وينفعهم, قال الباهلي2:
ونَهْدِيَّه شمطاء أو حارثية ... تؤمل نَهْبًا من بينها يَغِيرُهَا
وغارَنِي الرجل يَغِيرني ويَغُورني، إذا أعطاء الدية, والاسم
الغِيْرَة، وجمعها غِيَر, ويقال: مالك تَحَوز كما تَتَحَوَّز الحية،
ومالك تَحَيَّز كما تتحيز الحية, وقد تَحَيَّزْت إلى حصن وإلى فئة، أي
انحَزْت إليه, وقد تَحَوَّزْت: تَلَبَّثت وتمكثت, يقال: تَوَّهت الرجل
وتَيَّهته، وكذلك طَوَّحته وطَيَّحته, ويقال: ساغ الرجل طعامه
يَسِيْغُهُ، وبعضهم يقول: يَسُوغُهُ، الجيد أساغ الطعام، بَأَلِفٍ,
ويقال: ماهت الركية فهي تَمُوْه, هذا الأصل؛ لأنك تقول: أَمْواه في
الجمع القليل, وبعضهم يقول: تَمِيْهُ, وبعضهم يقول: تَمَاهُ، وهي أدنى
إلى القياس, وكلهم يقول: أَمْهَتْ, وكذلك قد أَمَاهَ بنو فَلَان
ركيتهم، أي أَنْبَطُوا الماء, ويقال: طال طِوَلك، مَكَسُوْرَةُ الأول
مفتوحة الثاني، وَطَال طِيَلك, قال القطامي:
إنا محيوك فاسلم أيها الطَلَلُ ... وإن بليت, وإن طالت بك الطَّوَل
ويروي: الطِّيَل, وقال بعضهم: طال طُوَلُك، فيضم الأول ويفتح الثاني,
ويقال: طال طَيْلُكَ، تقديرها قَيْل, ويقال: طال طَوَالُكَ، مفتوح
الأول، فأما الحَبْل فلم نسمعه إلا بكسر الأول وفتح الثاني، كقولك أرح
للفرس من طِوَله, الفراء: يقال: ضاره يَضِيرُهُ, قال: وزعم الكسائي أنه
سمع بعض أهل العالية يقول: لا ينفعني ذلك ولا يَضُورُنِي, ويقال: إن
بينهما لَبَونًا في الفضل وبَيْنًا, لُغتان, فأما في البُعْد فيقال: إن
بينهما لَبَيْنًا, أبو عبيدة: يقال: إن فلاناً سَرِيعُ الأَوْبَةِ,
وقوم يُحولون الواو ياء كقولك: سريع الأَيْبَةِ, وقال: قوم يقولون:
لَاْتهُ يَلِيْتُهُ، ولغة أخرى: يَلُوتُهُ عن وجهه، ومعناه حَبَسَه عن
وجهه, قال رؤبة:
وليلة ذات ندى سَرَيت ... ولم يَلِتْنِيْ عن سراها لَيْتُ
__________
1 عبد مناف بن ربع الهذلي: التبريزي.
2 مالك بن زغبة الباهلي: التبريزي.
(1/105)
تقديرها: لم يَبِعْنِيْ بَيْع, وفي القرآن:
{لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً} [الحجرات: 14] ، أي لا
يَنْقُصُكم, قُرئ: {يألِِتْكُمْ} من أَلَتَ يَأْلِتُ, تقديرها أَبَق
يَأْبِقُ, وقوم يقولون في هذا المعنى: يَلِيتُه, ويقال: مَاث الشيءَ
يَمُوثُهُ، ومعناه أذابهُ، ويَمِيثُهُ لغة أخرى, أبو عمرو مثله، وقال:
المصدر مَوَثْانًا, ويقال: أصابتهم مَصِيبة، فالجمع مَصَاوِب
ومَصَائِب, الفراء: يقال: تَبَوَّغَ الرجلُ بصاحبه فغلبه, وتَبَوغ الدم
بصاحبه فقتلهُ, وقد جاء في الحديث: "إذا تَبَيَّغ الدم بصاحبه,
فليحتجم"، يعني إذا هاج فكاد يقهرهُ, وحُكي: ما أَعِيْجُ من كلامه
بشيء، أي ما أَعْبَأُ, وبنو أسدٍ يقولون: ما أَعُوج بكلامه، أي ما
ألتفتُ إليه، أخذوه من عُجْت الناقة, وحكي: هو في صُيَابَةِ قومه
وصُوَّابَةِ قومه، أي في صَمِيم قومه, ثِوَرةٌَ، وثِيَرةٌَ وثِيْرةٌ,
وحكى أبو عمرو: قد تَصَيَّح البقل إذا هاج، وتَصَوَّح، وصَوَّح، وقال
العنبري: قد تَصَيَّح البقلُ، مثله, ويكون أيضاً تَصَوَّع, قال: وقال
أبو صخر:
فإن يعذر القلبُ العشية في الصِّبَا ... فؤادك لا يَعْذِرْك فيه
الأقاومُ
والأَقَايِمُ جميعاً، يعني القوم, يقال: أَقَاوِمُ وأَقَايِمُ, ويقال:
قد تَهَيَّر الجَرْف، وَأْكثَرُهم: تَهَوَّر الجَرْف, وقد فاحت ريحهُ
تَفِيْح فَيْحًا, وفي الحديث الذي جاء: "شدة الحر من فَيْحِ جهنم" ,
وقد فاحت ريحُه تَفُوح فَوْحًا، أبو عبيدة: فاح المسك يَفِيْح ويَفُوح،
وقد فاخ يَفِيخ ويَفُوخُ، مثل فاح, وَثَاخَتْ رجله في الوحل تَثُوخ
وتَثِيخ, وقد قِسْته وقُسْته قَوْسًا وقَيْسًا, الكسائي: لاط حبه بقلبي
يَلُوط ويَلِيط، أي لَصِقَ, وإني لأجدُ لَوْطًا ولَيْطًا, الفراء:
يقال: هو أَلْوَطُ بقلبي وأَلْيَطُ, يُقال: صرت عنقه أَصُورُهَا، وصرته
أَصِيرُهُ، إذا أملته، وقد صَوِر هو, الفراء: يقال: هو أَحْيَلُ منك،
وأَحْوَلُ منك، من الحيلة, وهي الضِّيْقَى والضُّوْقَى, والكِيْسَى
والكُوْسَى, ومن حَيْثُ لا تعلم ومن حَوْثُ لا تعلم, وَتَتَضَوَّع ريحه
وَتَتَضَيَّع ريحه, وقوم صُوَّم وصُيَّم, ونُوَّم ونُيَّم, وأهل الحجاز
يقولون: الصَّوَّاغ والصَّيَّاغُ, قال: ويقولون المَيَاثر للمَوَاثر,
قال: وأنشدني أعرابي:
حِمَى لا يحل الدهر إلا بإذننا ... ولا نسأل الأقوام عقد المَيَاثِقِ1
ويقال: هو المُتَأوِّب والمُتَأيِّب, أبو عمرو يقال: قد شَوَّطته
وشَيَّطته, أبو زيد:
__________
1 نسبه التبريزي لعياض بن درة الطائي.
(1/106)
يقال: قد دَيَّخوا الرجل تَدْيَيْخًا، وقد
يقال: دَوَّخوا الرجل تَدْوَيْخا, الفراء: يقال: فاد يَفِيد ويَفُود في
المَوْت, ويقال في مثل: ما أدري أي الجراد عَارَه, أي أيُّ الناس أخذه,
قال: ولا ينطقون منه بَيِفْعِلْ, وقال بعضهم: يُعِيره, وقال أبو شنبل:
يَعُورُه, ويقال: حائِرٌ وحُوْرَان وحِيْرَان.
ومما يقال بالياء والواو من ذوات الأربعة:
أبو عبيدة: يقال: حَكَوت عنه الكلام، أي حَكَيت, ويقال: طَمَا الماءُ
يطمي طُمِيًّا ويَطْمُو طُمُوًّا, وكذلك نما ينمي ويَنْمُوْ, وقد مقا
الطست يَمْقُوْها، ومَقَوت أسناني ومَقَيتُهَا, وقد نَثَيت ونَثَوت,
ويقال: قد سَخَت نفسه تَسْخُوْ, وبعضهم يقول: قد سَخِيَتْ تَسْخَىْ،
مثل خَشِيَتْ تَخْشَىْ, وأنشد:
إذا ما الماءُ خالطها سَخِيْنَا1
ويقال: فَلَوت رأسه بالسيف وفَلَيت, وقَلَوت البُسْر وقَلَيت، وكذلك
البر، ولا يكون في البُغْض إلا قَلَيت، وفَأَوت رأسه بالسيف وفَأَيت،
أي صَدَعت, ويقال: قد انفأي القَدَح إذا انشق, ويقال: حَلَيتُ المرأة
فأنا أُحْلِيْهَاْ، إذا جعلت لها حَلْيًا, وبعضهم يقول: حَلَوتُهَا في
هذا المعنى, قال: ويقول بعضهم: هذه قَوْس مَغْرِيَّة، يريد مَغْرُوَّة.
ويقال: دَاْهِيَة دَهْياء، وداهِيَة دَهْوَاءُ, الكسائي: يقال: له
غَنَمُ قِنْوَةٍ وقُنْوةٍ، وله غَنَمُ قِنْيَةٍ وقُنْيَةٍ, ويقال:
حَزَوت الطير وحَزَيتها، إذا زَجَرتُهَا, والنُّقَاوَةُ والنُّقَايَةُ
من كل شيء: خيارُه, ويقال: عَزَيتهُ إلى أبيه وعَزَوتهُ, ويقال:
اعتَزَى فلانٌ إلى فلانٍ، إذا انتسب إليه, أبو عبيدة: يقال: حَثَوتُ
عليه التراب وَحَثَيْت، حَثْوًا وحَثْيًا, قال الشاعر:
الحصن أدنى لو تريدينه ... من حَثْيِكِ الترب على الراكب
ويقال: كان مَرْضِيًّا ومَرْضُوًّا, قال: ويقول أهل العالية:
القُصْوَىْ، وأهل نجد يقولون: القُصْيَاْ, ويقال: نما ينمي وينمو،
ونَمَيت إليه الحديث, فأنا أنميه وأنمُوه, وكذلك ينمي إلى الحسب
وينمُو, ويقال: مَضَيت على الأمر مُضُوًّا، وهذا الأمر
__________
1 لعمرو بن كلثوم في معلقته, وصدره: مشعشعة كأن الحص فيها.
(1/107)
مَمْضُوٌّ عَلَيه, وَحَكَى الفَرَّاءُ من
الكسائي: قَدْ سَنَاها يَسْنُوهَا، وهي مَسْنُوُّة ومَسَنِيَّة، يعني
سَقَاهَا, ويقال: سَحَوت الطين عن الأرض وسَحَيتُهُ، إذا قَشَرته،
وسَحَوت السِّحَاءة وسَحَيتُهَا, وقد أَثَوت به, وأَثَيت به إِثَاوة
وإِثَايَةً، إذا وَشَيْت به إلى السُّلْطان, ويقال: كَنَيتُهُ
وكَنَوتُهُ, قال: وأنشدني الطوسي:
وإني لَأَكْنو عن قذور بغيرها ... وأُعْرِبُ أحياناً بها وأصارحُ
ويقال: نَقَوتُ العَظْم ونَقَيتُه، إذا استخرجت مخهُ, وقَنَوت الغنم
وقَنَيتُهَا، إذا اتخذتها للقِنْية, ويقال: رَثَوت زوجي ورَثَيت
ورَثَأتُ, ويقال: رُغَاوةٌ اللبن ورُغَايَتُه, وهي العُجَايَةُ
والعُجَاوَةُ، للعَصَب الذي في أَوْظِفَة البعير, ويقال في السكران: قد
استبانت نَشْوَتُه، وزعم يونس أنه سمع نِشْوَتُه, وقال الكسائي: رجل
نَشْيَان للخير، ونَشْوَان هو الكلام المستعمل، يقال: من أين نِشيت هذا
الخبر وهذا الكلام, قال: وأنشدنا عن أبي عبيدة:
ونَشِيتُ ريح الموت من تلقائهم ... وخَشِيتُ وقع مُهند قرضاب
ويقال: سَخَوتُ النار أَسْخَاها سَخْوًا، ويقال أيضاً: سَخِيت أَسْخَىْ
سَخْيًا، وذاك إذا أوقدت, فاجتمع الرَّمَادُ والجمر، ففرجته, يقال:
اِسْخِ نارك، أي اجعل لها مكاناً توقد عليه, وأنشد:
ويرزم أن يرى المعجون يُلقى ... بِسَخْي النار إرزام الفصيل
ويُقَال: مَحَوت أَمْحَوْ ومَحَيت أَمْحَى, الفراء: جَبَوتُ الماءَ
وجَبَيت، إذا قرى الماء في الحوض, أبو عمرو: يقال لَخَوتُهُ
ولَخَيتُهُ، إذا أسعطته, واللَّخَا: المُسْعُطُ, الكسائي: يقال: اشتد
حَمْوُ الشمس، وحَمْي الشمس, وهو بِلْو سفر وبِلْيُ سفر، للذي قد
بَلَاه السفر, وحكى: لم تَعْنُ بلادنا بشيء، ولم تَعْنِ بلادنا بشيء،
يريد لم تُنْبِتْ شيئًا, الأصمعي: ما أحسن أَتْو يَدَي الناقة، وما
أحسن أَتْيَ يديها، يعني رجع يديها في سَيْرها.
وقد طَمَى الماءُ يَطْمِيْ طُمِيًا، ويطمو طُمُوا، إذا ارتفع, ومنه
قيل: طمت المرأة بزوجهاِ، َ إِذَا ارتفعت به, الفراءُ: يقال: طَبَاني
يطبِيْني، ويطبُوْني، إذا دعاك, وقد طَلَيت الطلا وطَلَوته، يعني
رَبَطتُهُ برجله, الكسائي: طَغَوتَ يا رجل وطَغَيت ورَقَوت يا طائر
ورَقَيت, وهَذَوت يا رجل وهَذَيت, ومَنَيت الرجل ومَنَوتُهُ، إذا
ابتليتُهُ.
(1/108)
وَلَحَوْت العصا ولَحَيتُهَا، إذا قشرتها،
ولَحَيت الرجل من اللوم، بالياء لا غير, وقد شَأَوْت القوم شَأْوًا
وشَأَوتُهُم شَأْيًا، إذا سَبَقتَهُم, وقد طَهَوت اللحم، وطَهَيتُهُ،
إذا طبخته, وقد صَغَوت وصَغَيت، ولَغَوت أَلْغُوْ، ولَغِيت أَلْغَىْ,
الفراء: يقال: عَلَوت وعَلِيتُ وسَلَوت وسَلِيت, وقد حَلِيت بعيني
وصدري، وفي عيني وصدري، وقد حَلَا يَحْلُوْ, أبو زيد: يقال: نَسَيان
ونَسَوان، لتثنية عرق النَّسَا, الفراء: يقال: فُتُو وفُتِي، وأجمعوا
على الفُتُوة بالواو, وقالوا: صِبْوة وصِبْية، وقُنْيان وقِنْيان, وهو
ذو دَغَوات، وأنشد لرؤبة:
ذا دَغَوات قُلَّب الأخلاق
أي ذو أخلاق ردية، قال: ولم نسمع دَغَيَات ولا دَغْية، إلا في بيت
لرؤبة؛ فإنه زعموا قال: نحن نقول دَغْيَةَ وغيرنا دَغْوَةَ, وعُنْوان
الكتاب وعُنْيان, وقد أَتَيتُهُ وأَتَوتُهُ, قال الراجز1:
يا قَوْم ما لي وأَبَا ذُوَيب ... كنتُ إذا أَتَوتُهُ من غيب
يشم عطفي ويبرز ثوبي ... كأنما أربتُه بِرَيب
قال الكسائي: ربما قالوا: فَطَيات ولَهَيات؛ لأن فعلتُ منها ليس بكثير،
فَيَجعَلُون الألف التي أصلها واوٌ ياء، لقلتها في الفعل, ولا يقولون:
في غَزَاة غَزَيَات؛ لأن غَزَوتُ أَغْزُوْ مَعْرُوْفٌ كثيرٌ في الكلام,
وسُمع في تثنية الرِّضَا والحِمَى رِضَوان وحِمَوان, أبو عبيدة: يقال:
ماء شَرِيب وشَرُوب, وليس هذا في ذوات الأربعة, وكذلك قالوا في
القابِلَة: قَبُول وقَبِيل, قال:
كَصَرخة حُبْلَىْ أسلمتها قَبِيلُهَا2
وقالوا: قَبُولُهُا, وكذلك أَكِيلة الأسد وأَكُولة الأسد, ويقال:
سَمَحت قَرُونه وقَرِينهُ وقَرِينَتُهُ، أي تابعته نفسُه, وقال أبو
عمرو الشيباني: يقال: قَرُونَتُه, ويقال: هو القَتِيتُ والقَتُوتُ, وهو
الكذاب الأَثُوم، يريد الأَثِيم, وقال الفراءُ: يقال: أَتَان وَدِيق
ووَدُوق: التي قد اشتهت الفحل, أبو عمرو: الحَصِير: الذي لا يَشْرَبُ
الشراب مع القوم من بخله، وهو الحَصُور أيضاً، وأنشد عن بعضهم للأخطل:
__________
1 خالد بن زهير الهذلي, كما عند التبريزي.
2 للأعشى, كما عند التبريزي, وصدره: أصالحكم حتى تبؤوا بمثلها.
(1/109)
وشاربٌ مربح بالكأس نادمني ... لا
بالحَصِير ولا فيها بسوَّار
الفراءُ: يقال: إنه لَنَجِيء العين على وزن فعيل، ونَجُوء العين على
وزن فعول، ونَجِئُ العين على وزن فَعِل، ونَجُؤ العين على وزن فَعُل،
إذا كان شديد العين؛ وقد نَجَأتُهُ بعيني, وقال أبو عمرو: جاء في
الحديث: "ردوا نَجْأَةَ السائل باللقمة" , [الفراءُ: يقال: جَزُور
طَعُوم وطَعِيم، إذا كانت بين الغثة والسمينة, ويقال: ما شَربت مَشُوا،
وقال الكسائي: مِشَيًّا, قال أبو عبيدة: لَبَن مَشِيب ومَشُوب] , قال
أبو عمرو: وَيُنشدون بيت المخبل السعدي:
سيكفيك صَرْب القوم لَحْم مُعَرض ... وماءُ قدور في القصاع مَشِيب
يريد مَشُوبًا, والصَّرْب: اللبن الحامض, يقال: جاء بصَرْبة تَزْوي
الوجه, والمَصْرُوْب: الوَطْب الذي يجمع فيه فَضَلات اللَّبَن إذا شرب
القوم, فتحمض فيه, قال الفراءُ: إنما قال: مَشِيب؛ لأنه بناهُ على ما
لم يُسمَّ فاعله، على قولك: شِيْب، كما قال الآخر:
فلستُ بالجافي ولا المُجَفِّي
بناه على جُفِي, قال أبو عبيدة: قال الراجز:
كأنه غُصْن مَرِيح مَمْطُوْر
يريد مَرُوح، أي أصابته الريح, الفراء: يقال: جعلته على حِنْدِيْرَةِ
عيني، وحُنْدُوْرَةِ عيني، إذا جعلته نصب عينك, ومما جاء نادراً مما
قُلبت فاء الفعل منه واواً: يقال: استَيْدَهَت الإبل واستَوْدَهَت، إذا
اجتمعت وانساقت, وقد استَيْدَهَ الخصم، إذا غلب وملك عليه أمرهُ,
ويقال: لَبَنٌ صَمْكِيْك، وصَمْكُوْكٌ لغة، وهو اللَّزِج, ويقال: هو
يمشي الخَوْزَلَى والخَيْزَلَى، والخَيْزَرَى والخَوْزَرَى، وهي مشية
فيها تفكك, وأنشد:
والناشيات الماشيات الخَوْزَرَى1
وهو العَبَيْثُرَان والعَبَوثُرَان، لضرب من النبت طيب الريح، ويقال:
منتن الريح, قال:
__________
1 نسبه التبريزي لطرفة. َ
(1/110)
يا رِيَّها إذا بدا صُناني ... كأنني جاني
عَبَيثُرَان
قال: وأنشدني بعضهم:
فَمَا أُمِّي وأم الوحش لما ... تَفَرَّع في مفارقي المَشِيب
فما أرمي فأقتلها بسهم ... ولا أعدو فأدرك بالوَثِيب
يريد الوثُوب, ومن ذوات الثلاثة: يقال: ناقةٌ وأَنْوُقٌ وأَنْيُقٌ
وأَوْنُقٌ، قال بعضُ الطائيين.
(1/111)
باب: ما أتى على فَعَّلْت وفَاعَلتُ بمعنى
واحد
يقال: ضَاعَفْت وضَعَّفْت, وبَاعَدْته وبَعَّدْته, وقد تكَاءَدَني
الشيء وتكأَدَّني، إذا شق عليك, وهو من قولهم: عقبةٌ كَؤُودٌ، إذا كانت
شاقة المصعد, وقد تذَائَبت الريح وتذَأَّبت، إذا جاءت مرة من ها هُنا
ومرة من ها هنا, وأصله من الذِئْب إذا حُذر من وجه جاء من وجهٍ آخر,
ويقال: أمرأةٌ منَاعَمةٌ ومَنُعَّمَةٌ, ويقال: اللهم تجَاوَزْ عني
وتجَوَّزْ عني, ويقال: هو يعَاطِيْني ويُعطِّيني، إذا كان يخدمك, وقد
يأتي فَاعَلْت بمعنى فَعَلتُ وأَفْعَلْتُ، فيكون من واحد، وأكثرُ ما
يكونُ فَاعَلْتُ أن يكون من اثنين، نحو قَاتَلْتُه وخَاصَمْتُه
وصَارَعْتُه وسَابَقْتُه، فهذا لا يكون إلا من اثنين, وأما فَاعَلْت
بمعنى أَفْعَلْت مما يكون من واحدٍ فكقولهم: قَاتَلهم الله، أي قَتَلهم
الله؛ وقولهم: عَافَاك الله، أي أعفاك الله, وقولهم: عَاقَبْت الرجُل؛
ودَايَنْت ُ الرجل، إذا أَعْطَيْتُهُ بالدين, وقوله:
عَالَيْتُ أنساعي وجلب الكور
وقال الأخر1:
فإلا تجللها يعَالُوك فوقها ... وكيف توقىَ ظهر ما أنت راكبُه
أي يُعلوك فوقها, وتأتي فعلت بمعنى التكثير من الفعل، نحو قولك:
قَتَّلْت القوم، وغَلَّقْت الأبواب، وفَرَّقْت جمعهم، وكَسَّرْت
الآنية, ولا يقال فيها: فَاعَلْتُ.
__________
1 هو المتلمس, يقوله لطرفة.
(1/111)
وقد تأتي فَعَلت ولا يراد التكثير، نحو
قوله: كَلَّمْتُه، وسَوَّيْته، وعَلَّمْتهُ، وحَيَّيْته، وغَدَّيْته،
وعَشَّيْته، وصَبَّحْتُ المنزل.
(1/112)
باب: ما يُهمز مما تركت العامة همزه
يقال: هو المِئْزاب وجمعه مَآَزيب، ولا تقل: المِرْزاب, ويقال:
المِئْشار بالهمز، وجمعه مَآَشيرُ, وقد أَشَرتُ الخشبة فهي مَأْشُوْرةٌ
وأنا آشر, ويقال أيضاً: المِيْشارُ بلا همز، وقد وَشَرتُ الخشبة فهي
مَوْشُوْرة وأنا واشر, ويقال أيضاً: مِنْشار, وقد نشرت الخشبة وهي
مَنْشُوْرة وأنا ناشر, وتقول: هذا جَزْء وأبو جَزْء, وهذا رِئَاب، وهو
السَّمَوأل بن عاديًا، ورؤبة بن العجاج مهموز, والرُّؤْبة: القُطْعة
التي يسد بها الثلم في الإناء, وقد رَأَبت الإناء, ورُوْبة اللبن بلا
همز: خَمِيرتُه التي يُروب بها، غير مهموز, وقد راب اللبن يرُوبُ,
ورُوبةُ الفحل غير مهموز، وهو جِمَامُ مائه, ويقال: مَضَتُ رُوْبة من
الليل, ويقال: ما يقومُ برُوْبة أهله، بشأنهم وصلاحهم, وهي الذُّؤَابة,
وتقول: هذا غلام مُذَأَّب ومُذْأَب، أي له ذُؤَابة, وتقول: هذا
مُهَنَّأ قد جاء, وهم أزدُ شَنُوءة، على مثال فَعُولة، ولا يُقَال:
شَنْوة، وينسب إليها, فيقال: شَنَيّ, والشَّنُوءة: التقزز, ويقال: فيه
شَنُوءةٌ يا هذا, قال أبو محمد: أنشدني أبو الفَتْح قال: أَنْشَدَني
أبو زيد النحوي سَعِيدُ بن أَوْس:
وَنَحن قَتَلنا الأَزْد أَزْد شَنُوءَة ... فما شَرِبوا بعد على لذة
خَمْرا
وقد يقال: أزد شَنُوَّة، بتشديد الواو غير مهموز، وينسب إليها
الشَّنَوي, ويقال: عند فلان فِئَام من الناس, والعامة تقول: فَيَام من
الناس, وتقول: هي اللَّبُؤَةُ، فهذه اللغة الفصيحة، ولَبْوَةُ لغة, وهو
عامرُ بن لُؤَي، والعامة تقول: لُوَي بلا همز, وتقول: طَيِّء تفعل كذا،
والعامة تقول: طَيٌّ تفعل كذا, وهي كلاب الحَوْأَب، ولا تقل: الحُوَّب,
قال الفراء: أنشدني بعضهم:
ما هي إلا شربة بالحوأَب ... فصعِّدي من بعدها أو صوِّبي
وتقول: هذا رجل مُرْجِئْ، وهم المُرْجِئَة، وإن شئت قلت: مُرْجٍ، وهم
المُرْجِيَة؛ لأنه يقال: أَرْجَأْت الأمر وأَرْجَيْتُهُ، إذا أخرته,
قال الله جل ثناؤه:
(1/112)
{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ}
[التوبة: الآية 106] أي مؤخرون, وقال الله جل وعز: {أَرْجِهْ
وَأَخَاهُ} [الأعراف: الآية 111] وقد قُرِئ: {أَرْجِئْهُ وأَخَاهُ} ,
وينسب إلى من قال: مُرْجٍ بلا همز، هذا رَجُل مُرْجِيٌّ, ومن قال: هذا
رجل مَرْجِئُ ثم نسب إليه قال: هذا رجل مُرْجِئِيٌّ, وهي
الثُّنْدُؤَةُ، للحم الذي حول الثدي، فمن همزها ضم أولها، ومن لم
يهمزها فتح أولها, وتقول: أصابه أُسْر، إذا احتبس بوله، وهو عودُ أُسْر
ولا تقل يُسْر, وهو رجل مَأْسورٌ, وهو سَؤْر الطعام مهموز، وقد
أَسْأَرْتُ في الإناء، والجمع أَسْآرٌ, وسُوْر المدينة غير مهموز,
ويقال: اجعل هذا الشيء بَأْجًا واحداً، مهموزٌ, وتقول: ربطت لهذا الأمر
جَأْشًا, وتقول: هي الفَأْس, والرَّأْس, والكَأْس مهموزات كلهن, وهو
زِئْبَرُ الثوب، وقد قيل: زِيَبرٌ ولا تقل زِيْبُرٌ, وقد زَأْبَرَ
الثوب فهو مُزَأبِر, ويقال: هي الحِدَأةٌ والجمع حِدَأٌ مكسور الأول
مهموز، ولا تقل: حَدَأةٌ, وتقول في هذه الكلمة: حِدَأ حِدَأ، وَرَاك
بُندُقَة"، وهو ترخيم حِدَأة, وزعم ابن الكلبي عن الشرقي أن حِدَأة
وبُندُقَة قبيلتان من قبائل اليَمَن, وقال النابغة:
فأوردهن بطن الأُتْم شُعثًا ... يصن المشي كالحِدَإ التؤامِ
وتقول: هذه مِرْآة جيدةٌ، والجمع مَرَاءٍ، وتقول العامة: مِرْاةٌ بلا
همز, وتقول: هي المَلَاءةُ، ويقول العامة: مَلَاة بلا همز, وتقول: هو
الفَأْلُ وقد تفاءلتُ, والفَأْلُ أن يكون الرجلُ مريضاً, فيسمع آخر
يقول: يا سالم، أو يكون طالباً, فيسمع آخر يقول: يا واجد, وهي
الفَأْرة، وهذا ممكان فائِر, وهو الذِّئْب، والجمع القليل أَذْوُب,
والكثير الذِّئَاب, وهو ذُؤْبان العرب، للخُبَثاء الذين يَتَلصصون, وهو
البِئْر، والجمع القليل أَبْؤُرُ وأَبْآر، الهمزة بعد الباء، ومن العرب
من يقلب الهمزة فيقول: آَبَار، فإذا كثرت فهي البِئَار, ويقال: بَأَرت
بِئْرًا, وهو الجُوْجُوْ، والجميع جَآَجِيْءُ, وهو اللُّؤْلُؤْ, وهو
رجل لَآَلِ، لَعَّال, وتقول: له عندي ما ساءَهُ وناءَهُ، وما يَسُوءُه
ويَنُوءُهُ, ومعنى ناءَهُ أي أَثْقَلَهُ, قال الله عز وجل: {مَا إِنَّ
مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: الآية 76] أي تُثْقل
العصبة, ويقال: نُوت بالحِمْل، إذا نَهَضت به مُثْقلاً، وقد ناءَنِي
الحملُ، إذا أَثْقَلَك, وانشد ابن الأعرابي:
إني وَجَدك ما اقضي الغريم وإن ... حان القضاءُ وما رقت له كَبِدي
إلا عصا أرزنٍ طارت برايتُها ... تَنُوْءُ ضربتها بالكف والعَضُد
أي تَثْقُلُ ضربتها الكف والعضد, وقال الفراءُ: معنى قوله: {لَتَنُوءُ
بِالْعُصْبَةِ}
(1/113)
[القصص: الآية 76] أي لتَنِيْءُ العصبة، أي
تُثْقِلُها, وتقول: قد طَأْطَأْت [ظَهْري و] رأسي، ولا تقل: قد
طَاطَيْتُ, وقد وَطَّأتُ له فراشه ولا تقل: وَطَّيْت, وقد استبطأتك،
وقد أَبْطَأْت علينا، ولا تقُل: أَبْطَيْت, وقد بَطُؤَ مَجِيئُكَ,
ويقال: بُطْآَن ذا خُرُوجًا، وبَطْآن ذا خُرُوجًا, وتقول: إنه
لَيَهُوْءُ بنفسه إلى المعالي، وإنه لَبَعِيْد الهوء، إأي الهمة, ولا
تقل: قد طاطيتُ, وقد وطأت له فراشه ولا تقُل: وطيتُ, وقد استبطأتك، وقد
أبطأت علينا، ولا تقُل: أبطيت, وقد بطوءَ مجيئك, ويقال: بُطآن ذا
خروجاً، وبطان ذا خروجاً, وتقول: إنه ليهوءُ بنفسه إلى المعالي، وإنه
لبعيدُ الهوء، أي ألهمة, ولا تقل: يَهْوِيْ بنفسه, وتقول: في رأسه
صُؤَابٌ، والجميع صِئْبانٌ، وقد صَئِب رأسُه, وتقول: هذا طعامٌ
يُلَائِمُني، أي يُوَافِقُني، ولا تقل: يلاومُني، إنما يُلَاوِمُني من
اللوم: أن تلوم الرجل ويلومك, وتقول: قد تَثَاءَبْت تَثَاؤُبًا، وهو
الثِّؤْبَاء، ولا تقل: تَثَاوَبْت, وتقول: أَوْمَأْتُ إليه، ولا تقل:
أَوْمَيْتُ, وتقولُ: قد تَرَأَّسْت على القوم، وقد رَأَّسْتك على
القوم، وهو رَئِيس القوم، وهم الرُّؤَساء، ولا تقل: تَرَيَّسْت،
والعامة تقول: رُيَسا, وتقول: شاةٌ رَئِيسٌ، إذا أصيب رَأْسُهَا، في
غنم رَآَسى, وتقول: هو رَئِيس الكلاب، فهو في الكلاب بمنزلة الرئيس في
القوم, وتقول: هذا رَجُلٌ رُؤَاسي، وأَرْأَسُ، للعظيم الرأس, وتقول:
شاةٌ أَرْأَسُ، ولا تقل: رُواسي, ويقال: هذا رجُلٌ رَأْسٌ، للذي يبيع
الرُّؤُوس, وتقول: هذا كَمْء وهذان كَمْآن وهؤلاء أَكْمُؤ ثلاثة، فإذا
كثرت فهي الكَمَأَةُ, وقد أكمأت الأرض إذا كثرت كَمْأَتُها, ويقال:
خَرَج المُتَكَمئون، للذين يجتنون الكمأة.
والحَدَأ: الفُوْوس، واحدتها حَدَأَةُ, ويقال: قد حنَّأت لحيتي
بالحِنَّاء، وقد قنَّأت لحيتي بالخضاب, وقد قنَّأتُ، إذا اشتدت
حُمرتها, وتقول: قد تقَيَّأْت وقد قيأته, وجاء في الحديث: "الراجع في
هَبْته كالراجع في قَيْئه" , وقد توضأت للصلاة، وقد وَضُؤ الغلام
يَوْضُؤُ يا هذا, وقد تَهَيَّأْتُ لكذا وكذا، وقد هَيَّأْتُ لك كذا
وكذا, وقد هَنَّأْته بالولاية, وقد هَنَأَنِي الطعام ومَرَأَنِي، فإذا
أفردوها قالوا: أَمْرَأَني الطعامُ, وقد تَقَرَّأْتُ, وقد تَوَكَّأْت
عليه، وضَرَبتهُ حتى أَتْكَأْتُهُ، أي حتى اتكأ, وقد طَرَأتُ على القوم
من بلد آخر، مثل نَبَأت، إذا طَلَعت عليهم, وهو شيء رَدِيء بيِّن
الرداءة، ولا تقل: الرداوة, وتقول: ناوَأْت الرجل مُنَاوَأَة ونِوَاء،
إذا عادَيْتَهُ، وأصلهُ نَاءَ إليك ونُؤْت إليه، أي نهض إليك ونهضت
إليه, وقد فَقَأْت عينه، ولا تقل: فَقَيت, وقد تَوَطَّأته برجلي, وقد
وَطَّأْت له فراشه، وقد وَطُؤ فراشه وَطَاءَة, وقد اختَبَأْت من فلان،
إذا استحييت, وقد افْتَأَتَ بأمره، إذا استبد به
وقد دَأَبت أَدْأَبُ دَأَبًا ودُؤُوبًا, وقد تلَكَّأْت تلَكُّؤٌا, وقد
أَطْفَأْت المصباح، وقد
(1/114)
طَفِئ المصباحُ يَطْفأُ طُفُوءًا, وقد
تَجَشَّأْت تَجَشَّؤًا، والاسم الجُشَاءَةُ, وقد جَشَأتُ نفسي، إذا
ارتفعت, وقد استَخْذَأْتُ له، وخَذَأتُ، وخَذِيتُ لغة,
وقد عَبَأت الطِّيْب أَعْبَؤُه وعَبَّأْته أيضاً تَعْبِئَة
وتَعْبِيْئًا، إذا هَيَّأْتهُ وَصَنَعْتُهُ, وقد أَقْمَأْتُ الرجُلَ
إِقْمَاءً، وقد قَمُؤ الرجل قماء وقماءَةً، إذا صَغُر, وقد لَجَأتُ
إليه أَلْجَأُ لجئا ومَلْجأ وقد أَلْجَأْتُ أمري إلى الله عز وجل,
وتقول: نَشَأت في بني فلان أَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءًا، إذا شَبَبت
فيهم, وقد نَتَأت الفرحةُ تَنْتَأُ نُتُوءًا، إذا وَرِمت, وقد
أَكْفَأْت في الشِّعْر إِكْفَاء, والإكفاء والإقواءُ واحدٌ، وقد
كَافَأْته على ما كان منه, وتقول: اندَرَأْتُ عليه اندِرَاءً، والعامة
تقول: اندَرَيتُ, وقد فاءَ الفَيْءُ يفيء فَيْئًا, والفَيْءُ بعد
الزوال، والجميع أَفْيَاءٌ وفُيوءٌ, وتقول: ما رَزَأتُهُ شيئًا
أَرْزُؤُ رُزْأً ومَرْزِئَةً، وما رَزِئْتُه لغة, وتقول: قد وَجَأت
عُنُقه أَجَؤُهَا وَجْأ، والعامة تقول: وَجَيتُ, وقد تَوَجَّأْتُه
بيدي، وهذا كبش مَوْجُوْءٌ، وهو أن تُوْجَأَ عروق البيضتين، حتى تنفضخ،
فيكون شَبِيهًا بالخصاء, ومنه جاء في الحديث: "ضحَّى رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- بكبشين مَوْجُوْءين", وجاء في الحديث: "عليكم بالباءة،
فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ,
وتقول: قد استهزأت به وهزَأت به، وهَزِئْتُ به, وتقول: قد التَأَم
الشيء الْتِآَمًا، وقد لَاْءَمَ بينهم زيدٌ مُلَاءَمَة, وقد صاء الفرخ
يصِيْءُ صَئْيًا وصِيْئًا, وقد زَأَر الأسد يَزْئَرُ زَأْرًا
وزَئِيرًا, وقد نَأَم الأسدُ يَنْئمُ نَئِيمًا, وقد فاجَأْتُ الرجُل
مُفَاجَأَة، وقد فَجِئْتُه, وتقول: مالَأْتُهُ على الأمر، وقد
تَمَالَؤُوا على هذا الأمر، إذا اجتمعوا عليه, والمَلَأ: الجماعة, قال
الشاعر:
وتحدثوا مَلَأً لتصبح أمنا ... عذراءَ لا كهلٌ ولا مولود
أي تَحَدثوا مُتَمالئين على ذلك, ليقتلونا, فتصبح أمنا كأنها عذراءُ لم
تلد, ويروى عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه: والله ما قَتَلتُ
عثمانَ ولا مالَأْت على قتله, وتقول: على وَجْهه رَأْوة الحمق، إذا
عرفت الحمقَ فيه قبل أن تخبره, وتقول: مَرِيءُ الجزور والشاة، للمتصل
بالحلقوم الذي يجري فيه الطعام والشراب, وهذا رجل مَرِيءٌ، إذا كان ذا
مُروءةٍ, وتقول: فلانٌ يَتَمَرَّأ بنا، أي يطلب المُرُوءة بنقصنا
وعيبنا, وتقول: ما أَشْأَم فلانًا على نفسه، والعامة تقول: ما
أَيْشَمَهُ, وقد شَأَم فلانٌ قومهُ يَشْأمُهُم، إذا كان عليهم
مَشْؤُوْمًا, وقد شُئمَ عليهم، وهم قومٌ مَشَائِيْمُ, وأنشد أبو مهدي:
(1/115)
مَشَائِيْم لَيْسوا مُصْلحين عشيرة ... ولا
ناعب إلا بشؤمٍ غُرابها1
وقد يَئِسْتُ من الأمر أيأَسُ منه يأسًا، وأَيِستُ لغة، آَيَسُ
أَفْعَلُ.
__________
1 للأحوص اليربوعي, كما عند التبريزي, واللسان.
(1/116)
يُرَقِّيءُ الدم, ويقال: لا تسبوا الإبل,
فإنها رَقُوء الدم، أي تُغَطِّي في الديات, فَتُحقن بها الدماء, وقد
رَقَا يَرْقِيْ من الرُّقيَةِ رُقْيًا, أبو محمد قال: أخبرني الطوسي عن
أبي عبد الله قال: يقال: كيف رَقْيُك, وقد رَقِيَ في الدرجة يَرْقَى
رُقيًا, وقد نَكَأتُ القرحة أنكؤها نَكْأ، إذا قرفتها, وقد نَكَيتُ في
العدو أَنْكَى نِكَايَة، إذا قتلت فيهم وجرحت, وقد سَبَأتُ الخمر
أَسْبَؤُها سَبْأ ومَسْبَأَ, والسِّبَاء الاسم، إذا اشتريتها, لتشربها,
وأنشد:
يغلو بأيدي التجار مَسْبَؤُها1
وقد سَبَيت العدو أَسْبِيْهِمْ سَبْيًا, وقد جَبَأت عنه أَجْبَأُ
جَبْأً وجُبُوءًا، إذا نَكَصت عنه, وقد جَبَيتُ الخراج أَجْبِيْه
جِبَايَة, وقد رَفَأت الثوب أَرْفُؤُه رَفْأ, وقولهم: بالرِّفَاء
والبنين، أي بالالتِئَام والاجتماع، وأصلُه الهمزُ، وإن شئت كان معناه
بالسكون والطمأنينة, ويكون أصله غير الهمز, يقال: رَفَوت الرجل إذا
سَكنته، قال الذلي2:
رَفَونِيْ وقالوا: يا خُويلد لا تُرَع فقلتُ وأنكرتُ الوجُوه: همُ همُ
ويقال: قد زَنَّأ عليه، إذا ضَيَّق عليه, والزَّنَاء: الضيق, قال أبو
يوسف: وأنشدني ابن الأعرابي3:
لاهُمَّ إن الحارث بن جبله ... زَنَّا على أبيه ثم قتله
ورَكِب الشادخة المحجله ... وكان في جاراته لا عَهْد لَهْ
فأي أمرٍ سيءٍ لا فَعَله
قوله: وركب الشادخة المحجله أي ركب فَعْلَة قبيحة مشهورة, ويقال: قد
شَدَخَتْ الغُرةُ، إذا اتسعت في الوجه, كان أصلُه زَنَّأ على أبيه
بالهمز، فتركه للضرورة, وقد زَنَّاه من التزنية, يقال: قد زَنَأ
يَزْنَأُ زَنَأً إذا صعد في الجبل, وقد زَنَا يَزْنِيْ من الزِّنَاء،
قالت امرأة من العرب وهي ترقص بنياً لها:
أشبهْ أبا أمك أو أشبه عمل ... ولا تكونن كَهَلوف وكل
يصبح في مضجعه قد انجدل ... وارق إلى الخيرات زَنْأً في الجبل
__________
1 لإبراهيم بن هرمة, كما في: اللسان: سَبَأ, وصدره:
كأسًا بفيها صهباء معرقة
2 للعفيف العبدي, كما في: اللسان: زنأ.
3 هو أبو خراش الهذلي, كما في: اللسان.
(1/117)
وقد حَلَأت الإبل عن الماء، إذا طردتها
عنه, ومنعتها من أن تَرِده, وقد حَلَّيتُ الشيء في عين صاحبه, وقد
رَبَأت القوم، إذا كنت لهم رَبِيئة أَرْبَأُ رَبْأ، وقد رَبَوتُ من
الرَّبْو, وقد ذَرَأ الله الخلق يَذْرَؤُُهم ذَرْءًا، أي خَلَقَهُمُ,
وقد ذَرَا الشيء يَذْرُوهُ ذَرْوًا، إذا نَسَفَهُ, وذَرَا يَذْرُوْ
ذَرْوًا، إذا أسرع في عدوه, قال العجاج:
ذارٍ وإن لاقى العزاز أحصفا
وذَرَا نابُ البعير، إذا كل وضعف, قال أوس:
وإن مُقْرم منَّا ذَرَا حد نابه ... تخمط فينا نابُ آخر مُقْرَمِ
وتقول: دَرَأتُهُ عني، إذا دَفَعته، أَدْرَؤُه دَرْءًا, ومنه:
"ادْرَءُوا الحدود بالشبهات" , وقد دَرَيتُهُ دَرْيًا, إذا خاتَلْتُهُ,
وقد دارَأْتُهُ، إذا دفعته عنك بخصومةٍ, وقد دارَيْتُهُ، إذا خاتلته,
قال الشاعر:
فإن كنت لا أَدْرِيْ الظباء فإنني ... أدس لها تحت التراب الدواهيا
وقال آخر:
كيف تراني أذَّري وأدَّري ... غرات جمل وتَدَرَّى غرري
أذَّرِي أفتعل من ذَرَيت، وكان يَذْرِيْ تُرَاب المعدن، ويَخْتل هذه
المرأة بالنظر إذا اغترت, وقد تَبَرأتُ منه تَبَرُّؤًا، وقد تَبَرَّيتُ
لمعروفه تَبَرِّيًا، إذا تعرضت له, وأنشد:
وأهلة ود قد تَبَرَّيتُ ودهم ... وأبليتهم في الحمد جَهْدِيْ ونائلي 1
يقال: أَهْل وأَهْلةٌ, وقد أَبْرَأْتُهُ مما عليه من الدين, وقد
أَبْرَيْت الناقة، إذا عملت لها برة, وقد بَدَأتُ بالشيء, وقد بَدَوتُ
له إذا ظهرت له, وقد ارْدَأْت الرجل إذا أَعَنتهُ، قال الله جل وعز:
{فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً} [القصص: 34] ، وقد أَرْدَيْته إذا
أهلكته, وقد أَمْلَأْت النزع في القوس إذا شددت النزع فيها, وقد
أَمْلَيْتُ له في غيه، إذا أطلت له، وقد أَمْلَيْت للبعير في قيده إذا
وسعت له في قيده, وقد نَدَأت القرص في النار، إذا مَلَلته فيها, وقد
نَدَوت القوم إذا أتيت ناديهمُ أي مجلسهم, وقد نَشَأت في نعمة, وقد
نَشِيتُ منه ريحاً طيبة أي شَمِمتُ, وقد نَسَأت في ظِمْء الإبل، إذا
زدت في ظِمْئها يوماً أو يومين, وقد نَسِيتُ الشيءَ إذا لم تذكره, وقد
نَسِيَ الرجل، إذا اشتكرى نَسَاهُ.
__________
1 لأبي الطمحان, كما في: اللسان: أهل.
(1/118)
وقد أَنْسَأْتُهُ البيع، إذا أخرت ثمنهُ
عليه، وقد أَنْسَيْتُهُ ما كان يحفظه, وقد جَزَأت الشيء أَجْزَؤه، إذا
جَزَأته, وقد جَزَأت الإبل بالرطب عن الماء، وقد جَزَيتُهُ ما صنع
جَزَاءً, وقد حَلَأت له حَلُوءًا، إذا حَكَكت له حَجَرًا ثم جَعَلت
الحُكَاكَةَ على كفِّك, وصَدَّأت به المِرْآة, ثم كَحَلتُه به, وقد
حَلَوتُهُ إذا وهبت له شيئاً على شيءٍ فعله بك، أَحْلُوْهُ حُلْوَانًا,
قال الشاعر:
ألا رجل أَحْلُوْه رحلي وناقتي ... يُبَلغ عني الشعر إذ مات قائله
وقد نَبَأتُ من أَرْض إلى أَرْض، إذا خَرَجت منها إلى أُخرى, وقد
نَبَوت عن الشيء، وقد نَبَا جنبي عن الفراش، إذا لم يطمئن عليه.
أبو عبيدة: قد ادَّرَأْت للصيد، أي اتخذت له دَرِيْئَة، وهو أن
تَسْتَتِر ببعير أو غيره، فإذا أمكنك الرمي رميته، وقد ادَّرَيْتُ غير
مهموز، وهو من الختل, قال سحيم بن وثيل الرياحي:
وماذا يدَّرِي الشعراءُ مني ... وقد جاوزت رَأْس الأربعين
ويقال: قد هَدَأتُ أَهْدَأُ هُدوءًا، إذا سكنت, وقد هَدَيت الرجل من
ضَلَالَتِه أَهْدِيْه هُدىً, وقد أَهْدَأْت الصبي، إذا جعلت تضرب عليه
بيدك رويداً؛ لينام, قال عدي بن زيد:
شَئِزٌ جنبي كأني مُهْدأ ... جعل القَيْن على الدف إِبَر
وقد أَهْدَيْت الهَدِية أُهديها إهداء, وأَهْدَيْت الهَدْي إلى بيت
الله.
ويقال: قد جَفَأت القِدْر بِزَبَدِها، إذا ألقتهُ عند الغليان, وقد
جَفَت المرأةُ ولدها, وقد نَزَا بينهم الشيطانُ، إذا أَلْقَى بينهم
الشر, وقد نَزَا الدابة يَنَزُو نَزْوًا ونُزَاءً, وقد هَذَأتُهُ
بالسيف أَهْذَأُ هَذْءًا، إذا قَطَعتُهُ, وقد هَذَيت في الكلام أَهْذِي
هَذْيًا وهَذَيانًا, وقد هَرَأَ الكلام يَهْرؤُهُ، إذا أكثر منه في
خطإ، وهو منطق هُرَاءٌ, وقال ذو الرمة:
لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي للا هُرَاءٌ ولا نَزْرُ
وقد هَرَاهُ بالهِرَاوَةِ يَهْرُوهُ هَرْوًا وتَهَرَّاهُ، إذا ضربه
بها, قال الشاعر1:
__________
1 هو عمرو بن ملقط, كما في: اللسان: هرا.
(1/119)
يَكْسَى ولا يَغْرَثُ مملوكها ... إذا
تَهَرَّت عبدها الهَارِيَة
وقد حَشَأ الرجلُ امرأتهُ يَحْشُؤُها حَشْأً، إذا نَكَحَهَا, وقد
حَشَأتُهُ بالسهم، إذا أَصَبت به جَوَفَهُ, وقد حَشَا الوسادة يحشوها
حَشْوًا, وقد صَبَأ يَصْبَأُ، إذا خرج من دين إلى دين، وقد صَبَأ ناب
البعير إذا طَلَع, وقد صَبَا يَصْبُو من الصِّبَا, وقد أَصْبَأَ النجم
إذا طلع، وقد أَصْبَى الرجلُ المرأة يُصْبِيْهَا, قال الشاعر:
وأَصْبَأَ النجمُ في غبراء كاسفةٍ ... كأنه بائس مجتابُ أخلاق
وقد بَكَأت الشاة وبَكُؤَتْ، إذا قل لبنُها بَكْأً وبُكُوءًا, وقد
بَكَت المرأة تَبْكِيْ بُكَاءً, وقد زَكَأ الرجلُ صاحِبَهُ، أي عجَّل
نَقْدهُ, ويقال: مَلِيءٌ زُكَاءٌ أي عاجل النَّقْد, وقد زَكَا العمل
يَزْكُو زَكَاءً, وقد جَأَب يَجْأَبُ جَأْبًا إذا كَسَب, قال الشاعر1:
والله راعٍ عَمَلي وجَأْبِي
وقد جاب يَجُوب، إذا خَرَق, قال الله جل ثناؤه: {وَثَمُودَ الَّذِينَ
جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: الآية9] , ويُقَال: قد ابتَأَرَ
فُلَانٌ خيراً، إذا ادخره, وقد ابْتَار الفحلُ الناقة وبارها، إذا
نَظَر ألاقحٌ هي أم غيرُ لاقحٍ, وقد بَأَرَ فلان بِئْرًا، إذا حفرها,
وقد بَارَ فلان ما عند فلان, وتَقُول: بُرْ لي ما في نفس فلان، أي اعلم
ما في نفسه, أبو محمد: سَلَأت السَّمْن أَسْلَؤُه سَلْأً, والسِّلَاء
الاسم, وسَلَوتُ عنه وسَلِيتُ, هذا الحرف عن غير يعقوب.
ومما هَمَزته العربُ وليس أصله الهمز
قالوا: استَلْأَمْت الحجر، وإنما هو من السِّلام، وهي الحِجَارة، وكان
الأصل استَلَمت, وقالوا: حَلَأت السويق، وإنما هو من الحَلَاوة,
وقالوا: لَبَّأتُ بالحج، وأصله لَبَّيتُ, وقولهم: لَبَّيك وسعديك، أي
إِلْبابًا بك بعد إِلْباب، أي لزوماً لطاعتك بعد لزوم, ويقال: قد
أَلَبَّ بالمكان ولَبَّ به، إذا أقام به ولزمهُ, وسعديك، أي إِسْعادًا
لك بعد إِسْعاد, وكذلك:
ضَرْبًا هَذَاذَيْك وطَعْنًا وَخْضا
أي هذَّا بعد هذٍّ، وقطعاً بعد قطع, وقولهم: حَنَانَيْك، أي تَحَننًا
بعد تَحَنن.
__________
1 رؤبة بن العجاج, كما في: اللسان: جَأَب.
(1/120)
وقالوا: الذِّئْب يَسْتَنْشِئ الرِّيح،
وإنما هو من نَشِيتُ الريح إذا شَمَمتها, قال الهذلي1:
ونَشِيتُ ريح الموت من تلقائهم ... وخَشِيتُ وقع مهند قرضاب
وقالت امرأة: رَثَأت زوجي، بإَثْبات الهمز, وقال أبو عبيدة: كان رؤبة
يهمز سِئَة القَوْس، وهي طَرفها المنحني، وسائر العرب لا يهمزونها.
ومما تركت العرب همزه, وأصله الهمزُ:
يقولون: ليست له رَوِيَّة، وهو من روَّأتُ في الأمر, والبَرِيَّة:
الخلقُ، وهو من بَرَأ الله الخلق، أي خلقهم, وقال الفراء: فإن أخذت
البَرِيَّة من البَرَى، وهو الترابُ، فَأَصلها غير الهمز, وكذلك النبي
-صلى الله عليه وسلم-، وهو من أَنْبَأَ عن الله جل وعز، فترك همزهُ,
وإن أخذته من النَّبْوةٍ، وهو الارتفاع من الأرض، أي شرف على سائر
الناس، فأصله غير الهمز, وأنشد هو وأبو عمرو:
بفيك من سارٍ إلى القوم البَرَى
أي التراب, قال أبو عبيدة: قال يُونس: وأهل مكة يخالفون غيرهم من
العرب، فيهمزون النبيَّ عليه السلام، والبَرِيَّة، والذُّرِّيَّة من
ذَرَأ الله الخلق أي خلقهم, والخَابِيَةُ غير مهموز من خَبَأت الشيء,
ويقولون: رأيتُ, فإذا صارُوا إلى الفعل المستقبل قالوا: أنت ترى، ونحن
نرى، وهو يرى، وأنا أرى، فلم يهمزُوها, والملك أصلُه ملاك، وهي
الرسالة.
__________
هو أبو خراش الهذلي, كما في: اللسان: نَشَا.
(1/121)
باب: ما يهمزُ, فيكون له معنى, فإذا لم
يهمز كان له معنى آخر:
يقولون: قد رَوَّأتُ في هذا الأمر، مهموز، وقد رَوَّيت رأسي بالدهن,
وتقول: قد تَمَلَّأت من الطعام والشراب تَمَلُّؤا، وقد تَملَّيْتُ
العيش تَمَليًا، إذا عشت ملياً أي طويلاً, وتقول: قد تَخَطَّأْت له في
هذه المسألة، وقد تَخَطَّيْت القوم؛ لأنه من الخطوة, وتقول: قد قرأتُ
القرآن، وما قرأت الناقةُ سَلاً قطُ، أي لم تُلقِ ولداً، أراد أنها لم
تحمل, وقد قَرَيتُ الضيف، وكذلك قَرَيتُ الماءَ في الحوض, وقد سوَّأتُ
عليه ما صنع، إذا قلت لهُ أَسَأت, وقد سَوَّيتُ الشيء, وتقول: إن
أَصَبتُ فَصَوِّبْني، وإن أَخْطَأْت فَخَطِّئني، وإن أَسَأت فَسَوِّء
علي, والخَبْء: ما خُبئ، خَبَأت الشيءَ أَخْبَؤُه, وقد خَبَتِ النارُ
تَخْبُو خُبُوًا، إذا ذهب لهبها, وقد بَرَأت من المرض أَبْرَأُ
وأَبْرُؤُ بُرْءا وبُرُوءًا وبَرِئتُ أَبْرأُ, وأصبح فلان بارِئًا من
مرض, وقد بَرَيت القَلَم وقد بارَأْتُ شريكي، إذا فارقته, وقد بارَأَ
الرجلُ امرأته, وقد بارَيْت فلاناً، إذا كنت تفعل مثل ما يفعله, وتقول,
فلان يُبارِيْ الريح سخاء.
وتقول: قد جَنَأتُ إذا انحنيت على الشيء, وقد جَنَيتُ الثمرة
أَجْنِيْها, وقد جَرَّأتك على فلان حتى اجترأت عليه جُرْأة, وقد
جَرَّيت جَرِيًا، أي وكلتُ وكيلاً, وقد كَفَأت الإناءَ أَكْفَؤُه فهو
مَكْفُوْءٌ، إذا قَلَبتَهُ، بغير ألف, قال أبو يوسف: وزعم ابن الأعرابي
أن أَكْفَأْته لُغة, وقد كَفَيتهُ ما أَهَمّهُ, وقد كَلَأتُ الرجل
أَكْلَؤُه كِلَاءةً إذا حرستُهُ, ويقال: اذهب في كِلَاءَة الله, وقد
كَلَيتهُ إذا أصبت كُلْيَتَهُ، فهو مَكْلِيَّ, قال العجاجُ:
إذا كَلَا واقتحم المَكْليُّ
وقد رقأ الدمعُ والدمُ يَرْقَأُ رُقوءًا، وأَرْقَأْتُهُ أَنَا
إِرْقاءً, قال: والرَّقُوء: الدواء الذي
(1/16)
|