إصلاح المنطق باب: ما يكسر أوله
ويفتح ثانيه
يقال: محمد -صلَّى الله عليه وسلم- خِيْرَةُ الله من خلقه, ويقال: إياك
والطِّيْرَةُ, ويقال: هي النِّطَع، وهي اللغة العالية، ويُقال: نِطْع
ونَطْع, وهي القِمَع، والقِمْعُ لغة, وهو الشِّبَعُ، وتقول: شبعتُ
شِبَعًا, وهو الضِّلَعُ, وتقول: قد اندقت ضِلْعٌ من أضلاعه, وتقول: هم
على ضِلَع جائرةٍ, والسِّرَعُ: السرعةُ, وتقول: عجبتُ من سُرْعَةِ ذلك
الأمر ومن سِرَعِهِ, ويُقال: سَبْيٌ طِيْبة, وهي الجِرَزةُ لجمع جُرز،
ولا تقُل: أَجْرِزَة, وهي القِرَطَةُ لجمع قُرْط، ولا تقل: أَقْرِطَة,
والفِيَلَةُ: جمع فِيْل، ولا تقل: أَفْيِلَة, ومثلها ديك، وديكة, وهي
التِّرَسَةُ لجمع تُرْس، ولا تقل: أَتْرِسَةٌ, والزِّجَجةُ: جمعُ زُج،
ولا تقل أَزِجَّة, وهي الشِّرَعُ للأوتار، والواحد شِرَعةٌ, وقد قُطع
سِرَرُ الصبي, ويقال: قد طال طِوْلك وطِيْلك وطُوْلك وطَوَالك,
والطِّوَل: الذي يطول للدابة, فترعى فيه, قال طرفة:
لعمرُك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطِّوَل المرخى وثنياهُ باليد
المعنى: لعمرُك إن الموت إخطاؤه الفتى لكالطِّوَل المرخى في إخطائه
الفتى, وقد شدده الراجز 1 للضرورة فقال:
تعرضت لم تألُ عن قتل لي ... تعرض المهرة في الطِّوَلِّ
وقد يثقلون مثل ذلك في الشعر كثيراً ويزيدون في الحرف من بعض حروفه،
قال الراجز:
قُطُنَّة من أعظم القُطُنُّن
قال القطامي:
إنا محيوك فاسلم أيها الطَّلَل ... وإن بليت وإن طالبت بك الطِّيَل
ويروى: الطِّوَل.
__________
1 هو منظور بن مرثد الأسدي, كما في: اللسان: طول.
(1/129)
باب: أُفْعولة
يقال: هي الأُرْجُوحةُ, ويُقال: وَقَع في أُهْوِيَّة, وهي
الأُضْحِيَّة, قال الأصمعي: فيها أَرْبَعُ لغات، يُقال: أُضْحِيَّة
وإِضْحِيَّة وجمعها أَضَاحِيٌّ، وضَحِيَّة وجمعها ضَحَايَا، وأَضْحَاة
وجمعها أَضحىُّ، كما يقال: أَرْطاةٌ وأَرْطيّ, قال: وبه سمي يوم
الأَضْحَى, وقال الفراءُ: الأَضْحى مؤنثة, وقد تذكرُ يذهبُ بها إلى
اليوم, وأنشد:
رأيتكمُ بني الخذواء لما ... دنا الأضحى وصللت اللحامُ
توليتم بودكم وقلتم ... لعك منك أقربُ أم جذام 1
وهي الأُغْلُوطَةُ للشيء يغلط به, وهي الأُحْدُوثَةُ, ويقال: انتشر في
الناس أُحْدُوثَةٌ حَسَنة, وبينهم أُسْبُوبَة، أي يتسابون بها،
وأُدْعِيَّة يتداعون بها، وأُحْجِيَّة يتحاجون بها, وقد تغنى
أُغْنِيَة, ويقال: هي أُعْجُوبَةُ, وهي الأُوقِيَّة وجمعها أَوَاقِي،
ومن العرب من يخفف فيقول: أَوَاقٍ, قال الشاعر:
فما زلت أبقى الظعن حتى كأنها ... أَوَاقِي سدي تغتالهن الحوائك2
أي أرقبها وأنظر إليها.
__________
1 الشعر لأبي الغول الطهوي, كما في: اللسان: ضحا.
2 البيت للكميت, أو لكثير, كما في: اللسان: بقى.
(1/130)
باب: ما يفتح أوله
وثانيه، ومن العرب من يخفف ثانيه
يُقال: هم في هذا الأمر شَرَعٌ: سَوَاء، إذا كانوا فيه مُسْتَوِين، ولا
تقل: شَرْع، وإنما يقال: شَرْع في معنى حسيب, ويقال في مثل: شَرْعُكَ
ما بلغك المحلا,
وتقول: هو الشَّمَع للذي يصطبح به، بتحريك الشين والميم، وربما خففت
كما يخفف الشَّعْر والنَّهْر, وهو الصَّخَر والصَّخْر, وهو القَرَع،
والفَهَم، وقد يقال: الفَهْم, ويقال: سَطَر وأُسْطار، وسَطْر وسطور,
وهذا مِلْح ذَرَآَنِي وذِرْآَنِي، بتحريك الراء
(1/130)
وتسكينها والألف مهموزة فيهما جميعاً،
للملح الشديد البياض، ولا تقل: أَنْدَرَانِي, وهو مأخوذ من
الذُّرْأَةِ، والذُّرْأَةُ: البياتض, ويقال: قد ذَرِيء الرجُل، إذا شاب
في مقدم رَأْسِهِ، وبه ذُرْأة من شيب, قال الراجز1:
رأين شيخاً ذَرِئت مجاليه ... يقلي الغواني والغواني تقليه
وقال الآخر 2:
وقد علتني ذُرْأة بادي بدي ... ورَثْية تنهض بالتشدد
وصار للفحل لساني ويدي
أي نزعت إلى أبي في الشَّبَه, ويقال: شاةٌ ذَرْآَءُ، إذا كان في أذنيها
بياض, وهي المَغرةُ، والمَغْرةُ لغةٌ, وتقول: قَرَبُوس السرج, والعامة
تقول: قُرْباس, وهي طَرْسُوس, ويقال: قاع قَرَقُوس وقَرْقَرٌ وقَرِق،
وهو الأملس, وهي سَلْعُوس اسم بلد, وقال الكسائي: ومن العرب من يقول
للوَدَعة: وَدْعةٌ, وهو سَفَوَان: اسم بلدٍ سَفْوان, ويقال: أصابه سهم
غَرَبٌ إذا أصابه سهم لا يعلمُ من رماهُ به.
ويقال: هو الجُدَري والجَدَري، لغتان جيدتان, وتقول: هي الطَّرْفةُ
لواحدةِ الطَّرْفاء, وهي الحَلْفَةُ لواحدة الحَلْفاء، وقال بعضهم:
حَلِفة, وتقول: فلان في عز ومَنَعةٍ، وإن شئت: مَنْعة, وتقول: هو
مَرْجُ القَلَعَةِ، ولا تقل: القَلْعَةِ, وتقول: هذا رجل بيِّن
اللَهَجَةِ، واللَّهْجةُ لغة, وتقول: هم أَكَلةُ رأس، أي هم قليلٌ كقوم
اجتمعوا على رأس يأكلونه, وتقول: هي الصَّلَعة، والفَرَعةُ،
والنَّزَعةُ، والكَشَفةُ، والفَطَسةُ، والقَطَعَةُ, وتقول: ضَرَبَهُ
بقَطَعَتِه للأقطع, ويقال: ليس لهذا الرمان عَجَم، والعامة تقول:
عَجْم, والعَجَم: النوى.
__________
1 هو أبو محمد الفقعسي, كما في: اللسان: ذرأ.
2 هو أبو نخيلة السعدي, كما في: اللسان: ذرأ.
(1/131)
باب: ما هو مكسورُ الأول مما فتحته العامة
أو ضمته
تقول: هي الصِّنَّارة مكسورة، ولا تقل: صَنَّارةٌ, وهي الجِنَازةُ, وهو
الرِّطْلُ للمكيال, والرِّطْلُ أيضاً: الرجُل المسترخي, وهو الِبْزر،
الكسر أفصح من الفتح,
(1/131)
وهو النِّفْط والجِصُّ, وهذا شيء رِخْو,
وهو جِرْو الكلب، وقد يُضم ويفتح، إلا أن الأفصح بالكسر، وثلاثة أُجْر،
والجميع جِرَاء, وهو الإِذْخر ولا تقل: الأَذْخرُ, وهو الإِثْمد,
ويقال: جمل مِصَك، للقوي الشديد، ولا تقل: مَصَك, وتقول: هذا يوم
الأَرْبِعَاء، بفتح الهمزة وكسرة الباء، ولا تقل: الأَرْبَعَاء، وقد
حكى هذا الأصمعي, وتقول: هي الإِصْبَعُ، فهذه اللغة الفصيحة، وقد
قالوا: إِصْبَعُ وأُصْبَعُ وأُصْبُعُ.
وتقولُ: ضربت عِلَاوَتَه، أي رأسه, وقعد فلان في عُلَاوَةِ الريح
وسُفَالَتِها, وما علق على البعير بعد حمله مثل الإِدَاوَةِ والسُّفْرة
فهو العَلَاوَى، واحدتها عِلَاوَةُ, وتقول: إنه لحسنُ الجِوَارِ، وهو
في جِوَار الله, فهذه اللغة الفصيحة, والضم لغة, وهو الخِوَان الذي
يؤكل عليه, وتقول: استعمل فلان على الشأم وما أخذ إِخْذهُ، ولا تقل:
أَخْذَهُ, وتقول: لو كنت فينا لأخذت بإِخْذِنَا، أي بخلائقنا
وشَكْلِنَا, وتقول: قد أوطأته عِشْوة وعَشْوَة وعُشْوة، ولم يعرف
الكسائي الفتح, وتقول: هو الجِرَاب ولا تقل الجَرَاب, وتقول: هي
ِإْرمِيْنِيَة بكسر الألف, وهي الإِهْلِيْلَجَةُ وهو الإِهْلِيْلَجُ,
وتقول: بالرجل إِبْرِدَة ُ الثرى، أي برد الثرى, وتقول: غِسْلةٌ
مطراةٌ، ولا تقل غَسْلة, وهي اللِّثَة, وتقول: جعلتُ الثوب في
صِوَانِهِ، وهو وِعَاؤُهُ الذي يصان فيه، ومن العرب من يقول: صُوَان,
وهي الإِطْرِيَةُ, وهو المِشْمش, وهي الطِّنْفَسَةُ, وهو الدَّهْليزُ
والسردابُ, وتقول: هو فلانُ بنُ نِصَاح، مكسور النون، ويُسمى بالخَيْط،
والخَيْطُ، يقال له: نِصَاحُ, ويقال: قد نَصَحتُ الثوب، إذا خِطْتُهُ،
والناصح: الخائط: والمِنْصَحُ: المخيط.
وهو دِحْيَةُ الكلبي, وفلان بن شِجْنَة, وتقول: هذه دابة فيها قِمَاصٌ
ولا تقُل قُمَاصٌ, وتقول: هي البِطِّيخُ والطِّبِّيخ, والعامة تقول:
بَطِّيخ, وهذا أبو مِجْلِز، والعامة تقول: مَجْلَز، وهو مشتق من جَلْز
السنان، وهو أغلظه، ومن جَلْز السوط وهو مقبضه, وهو الشِّعَار من
الثياب, ويقال: هذه أرض كثيرة الشِّعَار، أي كثيرة الشَّجَر, قال أبو
عمرو: وبالموصل جبل يقال له: شَعْرَاْن، سمي بذلك؛ لكثرة شجره, وحكى
أبو عمرو: قد شاعرت المرأة، إذا نِمْت معها في شَعَار واحد، تقول لها:
شَاعِرِيني، أي نامي معي في شَعَارٍ واحدٍ, وهو شِعَارُ القوم في
حَرْبِهِم، مكسورة أيضاً, وهو التِّرْياق والدِّرْياق, وهو الرِّوَاقُ،
والوِشَاحُ، والسِّوَاك، مكسوراتٌ كلهن, وتقول: محسنٌ جِدًّا، ولا تقل:
جَدًّا, وتقول: هو الدِّيْوان، والدِّيْباج, وقال الفراء: تقول:
(1/132)
عنده جِمَامُ القَدَح ماء، ولا تقل جُمَامٌ
إلا في الدقيق وأشباهه, تقول: أعطاني جُمَام المكوك دقيقاً، إذا أردت
أنه حطَّ ما يحملهُ رأسه، فذلك الجُمَام, وتقول: كان كذا وكذا في زمن
كِسْرى، وهو أكثر من كَسْرى, وهو هلال بن إِسَاف، مكسورة الألف, وهو
فِصْح النصارى، إذا أَكَلوا اللحم وأفطروا, وهذا مقدمة العَسْكَرِ, وهم
المُقَاتِلَة ولا تقل: المُقَاتَلَة, وتقول: هذا تمرُ شِهْرِيز
وسِهْرِيز، ولا تضمن أولها, وهو المِرْفَقُ مكسور الميم، من الأبر
يرتفق به، ومن مِرْفَقُ اليد, وهي إِنْفَحَةُ الجَدْي وإِنْفَحَّةٌ،
ولا تقُل: أَنْفحَةٌ, قال أبو يُوسف: وحضرني أعرابيان من بني كلاب فقال
أحدهما: إِنْفَحَةٌ، وقال الآخر: مِنْفَحَةٌ، ثم أفترقا على أن يسألا
جماعة الأشياخ من بني كلابٍ، فاتفق جماعة على قول ذا، وجماعةٌ على قول
ذا، وهما لغتان, وتقول: أنت على رِيَاس أمرك، والعامة تقول: على رُأْس
أمرك, ورِيَاسُ السيف: مَقْبِضه, وهو المِسْوَاك.
(1/133)
باب: ما يشدد
يقال: ما زال ذاك هِجِّيراهُ، أي دأبه وشأنه, ويقال: غيثٌ جِوَّر، إذا
كان غزيراً كثير المطر، ورواه الأصمعي غيث جُؤَر بالتخفيف والهمز، مثال
نُغَر, وأنشد الأصمعي:
لا تَسْقِهِ صيب عزاف جُؤَر1
ويقال: قد جَأَر بالدعاء، إذا رفع به صَوْتَهُ, ويقال: في خلق فلان
زَعَارَّةٌ، ولا تقل: زَعَارَةٌ بالتخليف, ويقال: هو الإِجَاص، ولا
تقل: إِنْجاص, وهي الإِجَّانة ولا تقل إِنْجانة, وتقول: هذا شر شِمِّر،
أي شديد, ولا تقل: شَمِر, وقال: هو الخَرُّوب والخُرْنُوب، ولا تقل:
خَرْنُوب, ويقال: هذا سامٌّ أبرص، وهذان ساما أبرص، وهؤلاء سَوَامُّ
أبرص، وإن شئت قُلت: هؤلاء السَّوَامُّ، وإن شئت قلت: هؤلاء
البِرَصَةُ, وتقول: نعم الهَامَّةُ هذا، يُعني به الفرس، ولا تقل:
الهَامَةُ بالتخفيف, وتقول: هي آَرِيُّ الدابة، مُثَقَّل، لمحبسها،
والجمع أَوَارِيٌّ، ويقال: أَرَّيت له آَرِيًّا, وقد تَأَرَّى الرجلُ،
إذا تحبس, قال الأصمعي: ومنه يُقال: أَرَت القدرُ تاري أَرْيًا، إذا
__________
1 لجندل بن المثنى, كما في: اللسان: جأر.
(1/133)
لَزِق بأسفلها شيء من الاحتراق, وأنشد
الأصمعي:
لا يَتَأرَّى لما في القدر يرقبه ... ولا يزال أمام القوم يقتفر 1
أي لا يتحبس؛ ليدرك القدر فيأكل منها, قال أبو يوسف: وأنشد ابن
الأعرابي:
لا يَتَأرَّون في المضيق وإن نادى ... منادٍ كي ينزلوا نزلوا
ويقال: هي الآَخِيَّة وجمعها أَوَاخيٌّ، وهو أن يدفن طرفا قطعة من حبل
في الأرض، وتظهر منه مثل العروة, تشد إليه الدابة, وقد أَخَّيت للدابة
آَخِيَّة, وهي العارية وجمعها عَوَاري, وَيُقال: تَعَوَّرْنا
العَوَارِيَّ بيننا، وقد أَعَرْتُهُ الشيء إِعَارة وَعَارَة, وتقول:
هذا بصل حِرِّيف, ولا تقل: حَرِّيف, وتقول: قعد على فُوَّهة الطريق،
وعلى فُوَّهة النَّهْر، ولا تقل: فم ولا فُوَهَة بالتَّخْفِيف, وتقول:
إن ردَّ الفَوهَةِ لشديد، أي القالةِ، بالتخفيف, وتقول: هي
الإِرْزَبَّة للتى يُضْرَبُ بها، مشددةُ الباء، فإذا قالوها بالميم
خففوا الباء ولم يُشددوها, قال أبو يوسف: قال الفراء: أنشدني بعضهم:
ضربك بالمِرْزَبَةِ العود النخر
ويقال: هو الباريُّ، وهو البارِيَاء, قال العجاج:
كالخص إذ جلله الباريُّ
وهو الطِّرِيَّان للذي يؤكل عليه, وهي الدَّوْخَلَّة، وهي
القَوْصَرَّة، وربما خُفِّفَتَا, وتقول: هذه بخاتيُّ سِمَان، وهذه
عَلَاليُّ واسعة، وهذه سَرَاريُّ كثيرة، وعنده أَوَاقيُّ من دهن, وكل
ما كان واحده مشدداً شددت جمعه، وإن شئت خففت الجمع, وتقول: هو
الأُرْدُنُّ، بالتثقيل وضم الهمزة، ولا تقُل: الأُرْدُنُ, والأُرْدُنُ
أيضًا: النُّعَاسُ, قال الراجز2:
قد أخذتني نعسة أُرْدُنُ ... وموهب مبرٍ بها مُصن
موهب: اسم رجل, ويقال: هو مُبْرٍ بهذا الأمر، أي قوى عليه ضابط له,
والمُصِنُّ: الشامخ بأنفه, ويقال: قد تَعَهَّدَ فلانٌ ضَيْعَتَه، وإن
شئت تَعَاهَدَ, وهي الأُتْرُجَّةُ، والأُتْرُنْجُ لغةٌ, وهي القُبَّرة
والقُبَّر, قال الراجز:
__________
1 البيت من مرثية أعشي باهلة المشهورة.
2 هو أباق الدبيري, كما في: اللسان: ردن.
(1/134)
يا لك من قُبَّرة بمعمر ... خلا لك الجو
فَبِيْضِي واصفِري
ونقِّري ما شئت أن تنقرى
وهي الحُمَّرةُ, قال الشاعر1:
قد كنتُ أحسبكم أسود خفيَّة ... فإذا لَصَاف تبيض فيها الحُمَّر
قال: وأنشدني:
عَلِق حوضي نُغَر مُكِب ... إذا غفلت غفلة يَعُب
وحُمَّراتٌ شربهن غب
ويقال: قد جاء نَعِيُّ فلان, ويقال: فلان يَنْعَى على فُلَان ذنوبه، أي
يظهرها, ويشهره بها, قال الأصمعي: وكانت العرب إذا مات منها ميت له
قدر, ركب رجل فرساً, وجعل يسير في النَّاس، ويقول: نعاء فلاناً! وسمعت
الطوسى يقول: يحكى عن أبي عبد الله: نَعَاء العرب، أي انعَ العرب,
وأنشد للكميت:
نَعَاءِ جُذَامًا غير هلك ولا قتل
__________
1 هو أبو مهوش الأسدي, يهجو تميمًا.
(1/135)
باب: ما يخفف
تقول: إذا قرأ الإمامُ فاتحة الكتاب: أَمِين، فتقصر الألف وتخفف الميم،
وآَمِين مطولة الألف مخففة الميم، لغة بني عامر, ولا تقل: آَمِّين
بتشديد الميم, وقال الشاعر:
تَبَاعَدَ عني فُطْحُل وابن مالك ... أَمِين فزاد الله ما بيننا بعد
ورواه عن يعقوب:
تباعد مني فطحل وابن أمه
وقال الآخر2:
يا رب لا تسلبني حبها أبداً ... ويرحم الله عبداً قال: آَمِينا
__________
2 هو عمرو بن أبي ربيعة, كما في: اللسان: أمن.
(1/135)
ويقال: هم المُكَارُون والواحد مُكَارٍ،
وذهبت إلى المُكَارين, ولا يقال: المُكَارِيَّين, ونقول: هذا مكان
مُسْتَوٍ، ورأيت مكاناً مُسْتَوَيًا، ولا تقل: مُسْتَوِيّ, وتقول: هي
الرَّبَاعِيَة ولا تقل: الرَّبَاعِيَّة, وتقول: هذا رجل تَهَام وامرأة
تَهَامِيَّة، ورجل يَمَان وامرأة يَمَانِيَّة، ورجل شَآَم وامرأة
شَآَمِيَّة, وهو فرس رَبَاع، وهي فرس رَبَاعِيَة, وتقول: هذا بكر
شَنَاح للطويل، وهذه بكرة شَنَاحِيَة, وهي الكَرَاهِيَة
والطَّوَاعِيَة، وهي الفَرَاهِيَة, وهو في رَفَاهِيَة من العيش، وسؤته
سَوَائِيَة, وفعلت ذاك طَمَاعِيَّة في إحسانك, قال: وأنشدني الهلالي:
أما والذي مسَّحت أركان بيته ... طَمَاعِيَة أن يغفر الذنب غافره
وتقول: هي السَّكِيْنَةُ، في الوَقَار، مفتوحة السين غير مشددةٍ,
وتقول: أَجِد في بطني مَغْسًا ومَغْصًا، ولا يقال: مَغَسًا ولا
مَغَصًا، بتحريك العين، وقد مُغس الرجل يُمْغَسُ مَغْسًا، وهو ممغوس,
وتقول: هذا عود مُلْتَو، ورأيت عوداً مُلْتَوِيًا, وتقول: بأسنانه
حُفْر بالتخفيف، وهو أفصح من حَفَر، وبنو أسد يقولون: حَفَر، وتقول:
هذا رجل حَفٍ، إذا رقت قدماهُ من المشي، وقد حَفِي يَحْفَى حَفَىً،
مقصور, وهذا رجل طَوِي البطن، أي ضامر البطن, وهذا رجل شَرٍ، إذا شَرِي
جلده أي أصابه الشَّرَى, وهذا مال تَوٍ، إذا ذهب وهلك, وهو التَّوَى
مقصور, وهذا رجل نَسٍ، إذا اشتكى نَسَاه, وهذا ثوب لَثٍ، إذا ابتل من
العرق واستخ, وتقول: هذا رجل قَذِي العين إذا سقط في عينه قَذَاةٌ,
وهذا رجُل حَشٍ إذا أصابهُ الحَشَى، وهو الربو, قال الشماخ:
تلاعبني إذا ما شئت خَوْد ... على الأنماط ذات حَشًى قطيع
أي يأخذها الربو إذا مشت من ثِقَل أردافها, وهذا كلام خَنٍ وكلمة
خَنِيَّة، من الخَنَى، وقد أَخْنى عليه في منطقه, وهذا رجل رّدٍ،
للهالك وامرأة رِدْيّةٌ، وقد رَدِي يَرْدَى رَدًى, وهذا رجل صَدٍ
للعطشان، وصَدْيان وصَادٍ, وتقول: هذه أرض نَدِيَة ومكان نَدٍ، وكذلك
أرض سَدِيَة ومكان سَدٍ، ولا تقل: سَدِيَّة ولا نَدِيَّة, وتقول: هذه
أرض عَذِيَة وعَذَاةٌ, ورجل عَمِي القلب، وامرأة عَمِيّة القلب, وعمٍ
عن الصواب، وعَمِيَة عن الصواب, وهذا رجل دَوٍ وامرأة دَوِيَة, ورجل
جَوِي الجوف وامرأة جَوِيَة, ورجل شَجٍ إذا غُص باللقمة، وامرأة
شَجِيَة، ورجل كَرٍ من النعاس، وامرأة كَرِيَة, وتقول: عندي مَنَوا
دهن، وعندي مَنَوا دُهن، وعندي أَمْناءُ دهن، وعندي مَنُّ دهن، وعندي
مَنَّا دهن، وعندي أَمْنانُ دُهن, والأول أفصح, وتقول: هي القَارِيَة،
للطائر
(1/136)
الأخضر، والجميع قَوَارٍ، والعامة تقول:
قارِيَّة وَقَارُون, قال الشاعر:
أمن ترجيع قارِيَة تَرَكتُمْ ... سَبَاياكُمْ وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ
أي فَزِعتُمْ لما سَمِعتُمْ ترجيع هذه الطائر، فَتَرَكتم سباياكم وأبتم
بالخيبة, والعَنَاق الخيبة، ويقال: لقي منه أُذُنَى عَنَاق، أي داهية
وأمراً شديداً, قال الراجز:
إذا تمطين على القَيَاقِي ... لاقين منه أُذُني عَنَاقِ
القَيَاقي: الأرض الصلبة, ويقال: رماهُ بقُلَاعة, خفيفة اللام، وهو ما
اقتلعه من الأرض، ولا يقال: قُلَّاعة بالتشديد, وتقول: هو الدُّخَان
والعُثَان بالتخفيف، ولا تقلهما بالتشديد, وتقول: هي حُمَة العقرب
بتخفيف الميم للسم، والجمع حُمَات، ولا تقل: حُمَّة بالتشديد, ويقال
للتي تلسع بها: الإِبْرَةُ، وقد أَبَرته العقربُ تأبره أَبْرًا, ويقال:
إنه لذو مِئْبر في الناس، إذا كان يسعى بينهم بالفساد والنمائم, ويقال:
استأصل الله شَأْفَتَه، بتخفيف الفاء، ولا تقل: شافَّتَه بتشديد الفاء،
وهي قَرْحة تخرج في أصل القدم, فَتُقطع، فيقول: أذهبهُ الله كما تُذهب
هذه, ويُقال: قد شَئِفَتْ رجله, ويقال: أسكت الله نَأْمَتَه، مهموز
مخففة الميم، وهي من النَّئِيم وهو الصوت الضعيف, وتقول: نامَّتُهُ
بالتشديد، أي ما ينم عليه من حركته, ويقال: هي القِمَطْرَةُ
والقِمَطْر، ولا تقل بالتشديد, وتقول: هذا عِنَب مُلَاحيّ، وهو من
الملحة وهو البياض, ويقال للزُّرْقة إذا اشتدت حتى تضرب إلى البياض: هو
أَمْلحُ العين، ومنه قول الراعي:
أقامت به حد الربيع وجارها ... أخو سلوة مشى به الليل أَمْلَحُ
يعني النَّدَى, يقول: ما دام النَّدَى فهو في سلوة من العيش, وتقول:
هذا دَمٌ، ولا تقل: دمٌّ, وتقول: هو غلام حين بَقَل وجهه، خفيفة، ولا
تقل: بَقَّل, وتقول: قد أَبْقَلَت الأرض، إذا خرج بقلها, ويقال: قد
تَبَقَّلَت الماشية، إذا رعت البقل, وهي القَدُوم والجميع قُدُم، [ولا
تقل: قدُّوم] , وتقول: هي السُّمَانى خفيفة، ولا تقل: سُمَّانى مشددة,
وهي زُبَانى العقرب، وهو ذُنابى الطير، وهي أكثر من ذنب، وهو ذَنَب
الفرس وذُنَاباه، وذَنَب أكثر من ذنابى, وهي ذِنَابَةُ الوادي للموضع
الذي ينتهي إليه سَيْله، وذَنَب وذِنَابةٌ أكثر من ذنب, وتقول: هذا رجل
آَدَرُ، مُطَوَّلة الألف خفيفة، ولا تقل: أَدَرَّ، وهي الأدرةُ, وتقول:
هي حَلْقَةُ الباب: وحَلْقَةُ القوم، والجميع حَلَق وحِلَاق.
(1/137)
قال أبو يوسف: وسمعتُ أبا عمرو الشيباني
يقول: ليس في الكلام حَلَقةٌ، إلا جمع حالق، تقول: هؤلاء قوم حَلَقَةٌ
للذين يحلقون الشعر, ويقال: قد حَلَق معزهُ وجَزَّ ضأنه، وهي حُلَاقة
المعزى, قال أبو زيد: يقال: هي الهِنْدبَاء بالمد، والهِنْدَبَا
بالقصر, وتقول: هي الباقِلَّاء، إذا خففت اللام مددت، والواحدة
باقِلَّاءة, وهي الباقلي، إذا شددت قصرت، والواحدة باقِلَّاة, وهي
المَرْعِزَاءُ ممدودٌ إذا خُفف، فإذا شدد قصر، فتقول: المِرْعَزَّى,
وتقول: هو جَدْيَةُ الرحل والسرج، والجميع جَدَيَات, وتقول: هو
النِّسْيانُ ولا تقل: النَّسَيانُ.
(1/138)
|