إصلاح المنطق

باب: ما جاء مفتوحاً فيكون له معنى فإذا كسر كان له معنى آخر
يقال: لسبته العقرب تلسبه لسباً، إذا لسعته. وقد لسبت العسل والسمن ألسبه، إذا لعقته. ويقال: قد بللت الشيء أبلهُ بلاً. وقد بللت من المرض، وأبللت

(1/142)


واستبللتُ, قال الشاعر:
إذا بَلَّ من داء به خال أنه ... نجا, وبه الداء الذي هو قاتله
وقال الآخر:
صَمَحْمَحَة لا تشتكي الدهر رأسها ... ولو نكزتها حية لَأَبَلَّت
ويقال: قد بَلِلت به أَبَلُّ به، إذا ظفرت به وصار في يديك, قال ابن أحمر:
وَبَلى إن بَلِلت بأريحي ... من الفتيان لا يضحي بَطِينًا
وقد ثَلَلت التراب في القبر فأنا أَثُلُّهُ ثَلَّاً, وقد ثَلَّ الدراهم يثلها ثلاً, وقد سحلها يسحلها، إذا صبَّها, ويقال: قد كَمَن له يَكْمُنُ كُمُونًا, ويقال: قد عَثَر في ثوبه يَعْثُرُ عِثَارًا، وقد عَثَر عليه يَعْثُرُ عُثْرًا وعُثُورًا، إذا اطلع عليه، وقد أَعْثَرْت فلاناً على فلان, قال الله جل ثناؤه: {وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الكهف: الآية21] , ويقال: استنكهت الشارب فَنَكَهَ في وجهي يَنْكَهُ نَكْهًا, ويقال: نَكَفت أثره وانتَكَفْتُهُ، إذا اعترضته أَنْكُفُه نَكْفًا، وذلك إذا علا ظلفاً من الأرض ولا يؤدي الأثر, فاعترضته في مكان سهل, ويقال: نَكَفت من ذاك الأمر نَكَفًا، إذا استنكفت منه، حكاها أبو عمرو عن أبي حَزَام العكلي, ويقال: قد غَبَر الشيء يَغْبُرُ، إذا بَقِي، ويقال: قد غَبِر الجرح يَغْبَرُ غَبَرًا، إذا اندمل على لحم ميت، أو على عَظْم أو على نَصْل، ثم يَنْتَقِض بعد, ويقال: قد غَدَر الرجل يَغْدِر غَدْرًا, وقد غَدِرت الشاة، إذا تَخَلَّفَت عن الغَنَم, ويقال: قد غَلَثْتُ الطَّعَام أَغْلِثُه غَلْثًا، إذا خَلَطت الحِنْطَةَ بالشَّعِير, وقد عَلَثتُهُ عَلْثًا، وقد عَلِث فُلَان بفُلَان، إذا لَزِمَهُ يُقاتلُهُ, ويقال: قد عَلِث الذئب بغنم فُلَان، إذا لَزِمَهَا يفرسها, ويقال: قد خَوَت الدَّار تَخْوِي خُوَاء وَخُوِيًّا, وقد خَوَيَتِ المرأة تَخْوِي خَوًى، وقد خَوِيَ الرجل والبعير إذا خَلَا جوفه من الطعام, وقد بَعَل الرجل يَبْعَلُ إذا صار بَعْلاً، حكاها يونس، وأنشد:
يا رُبَّ بَعْلٍ ساء ما كان بَعَل
ويقال: قد بَعِلَ فُلَانٌ عند القِتَال يَبْعُلُ بَعَلاً، إذا شُدِهَ فلم يُقاتِل, ويُقَال: قد سَرَفَتْ السُّرَفَةُ الشَّجَرة تَسْرفها سَرفًا، إذا أكلت ورقهَا، فهي شجرة مَسْرُوفة، وهي دُوَيْبة سوداء الرأس وسائرها أحمر، تعمل لنفسها بيتاً من دُقاق العيدان، وتضم بعضها إلى بعض بلعابها، ثم تدخل فيه, يُقال في مَثَل: هو أصنعُ من السُّرْفَةِ, ويقال:

(1/143)


سَرِفت الشيء أَسْرَفُهُ سَرَفًا، إذا أغفلت وَجَهِلت, وَحُكِى عن بعض الأعراب، وَوَاعَدَه أصحاب له من المسجد مكاناً، فأخلفهم، فقيل له في ذلك, فقال: مررت بكم فَسَرِفْتُكُم أي أغفلتكم, ومنه قول جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَف
أي إغفال, ومنه قول طرفة:
إن امرأ سَرِفَ الفؤاد يرى ... عَسَلاً بماء سحابة شَتْمى
ويقال: عَرَنت البعير أَعْرُنُهُ عَرْنًا، إذا جعلت في أنفه العِرَان، وهو العود الذي يُجْعلُ في أنف البخاتي ويُشَد فيه الخطامُ, ويقال: قد عَرِن البعير وهو يَعْرن عَرَنًا, وهو قرح يأخذه في عنقه فيحتك منه، وربما بَرَك إلى أصل شجرة فاحتك بها, ودواؤه أن يُحْرق عليه الشحم, ويقال: قد غَرَضت المرأةُ سِقَاءَهَا، إذا مَخَضته، فإذا صار ثميرة قبل أن يَجْتَمِع زُبْدُهُ صبته فسقته القوم, وقد غَرَضنا السخل نَغْرضه غَرْضًا، إذا فطمناهُ قبل إناهُ, وقد غَرَضنا الحوض، إذا مَلَأناه, قال الراجز:
لا تأويا للحوض أن يفيضا ... أن تَغْرِضَا خير من أن تَغِيضا
وقد غَرِضت بالمقام أَغْرِض غرضاً، إذا ضجرت, وقد غَرِضت إلى لقائكم أي اشتقت, وقد بَرَق البَرْق يبرق، وقد بَرَق في الوعيد ورَعَد يَبْرُقُ ويَرْعُدُ, قال الأصمعي: ولا يقال: أَرْعَدَ وأَبْرَقَ, وحكى اللغتين أبو عبيدة وأبو عمرو، فاحتج على الأصمعي ببيت الكميت:
أَرْعِدْ وأَبْرِقْ يا يزيد ... فما وَعِيدك لي بِضَائر
فقال: ليس [قول الكميت] بحجة، هو مُوَلد، واحتج ببيت المتلمس:
فإذا حَلَلت ودون بيتي غاوةٌ ... فابرُقْ بأرضك ما بدا لك وارعُدِ
وببيت ابن أحمر:
يا جل ما بعدت عليك بلادنا ... فَابرُقْ بأرضك ما بدا لك وارعُدِ
ويقال: قد بَرَق طعامه بزيت أو بسمن يبرقه بَرْقًا، وهو شيء منه قليل لم يسغسغه، والسَّغْسَغَة كثرة الأدم, ويقال: قد بَرَق السيف يبرق وقد بَرَق البصر يَبْرُقُ بَرَقًا، إذا تَحَيَّر، فلم يَطْرِف, وكذلك بَرَق الرجل يَبْرَقُ بَرَقًا, قال العقيلي:

(1/144)


لما أَتَانِي ابن عمير راغباً ... أعطيته عيساء منها فَبَرَقْ
ويقال: قد بَرِقَتِ الغنم تبرَقُ، إذا اشتكت بطونها عن أكل البَرُوق، وهو نَبْت, ويقال: قد سَكَرَتِ الرِّيْح، تَسْكُرُ سُكُورًا، إذا سَكَنت بعد الهُبُوب, وقد سَكَرت النَّهْر أَسْكُرُه سَكُرًا إذا سَدَدتُهُ, وقد سَكِر الرجل يَسْكَرُ سُكْرًا, وقد شَكَرتُ له صَنِيعهُ فأنا أَشْكُرُ له شُكْرًا، وقد شَكَرتُهُ لغة, وقد شَكِرَتِ الإبل والغنم تَشْكَرُ شَكَرًا، وهذا زمن الشَّكَرة، إذا حَفَلت من الربيع، وهي إبل شَكَارَى وغنم شَكَارَى, ويقال: ضَرَّة شَكْرَى، إذا كانت مَلْأَى من اللبن, والضَّرَّة: أصل الضَّرْع, ويقل: قد نَهَمَ الإبل يَنْهِمُهَا نَهْمًا، إذا زَجَرَهَا؛ لتجد في سَيْرِهَا, قال الراجز:
ألا انهِمَاها إنها مَنَاهِيم ... وَإِنََّهَا مناجد مَتَاهِيم
-أي تأتي نَجْدًا وتأتي تِهَامَةَ- ... وإنما يَنْهَمُهَا القوم الهِيم
قوله: "مناهيم" أي تطيع على النَّهْم, وقد نَهِمَ في الطعام يَنْهَمُ نَهَمًا, ويقال: قد جَلَحَ المال الشجر، فهو يجلحه جَلْحًا، إذا أكل أعلاه.
قال الرَّاجِزُ:
ألا ازحميه زحمة فروحي ... وجاوزي ذا السَّحَم المجلوح
وكثرة الأصوات والنبوح
ويقال: ما كان الرجل أَجْلَحَ، وقد جَلِح يَجْلَحُ جَلَحًا, ويقال: قد عَجَر عنقه يَعْجِرها عَجْرًا، إذا ثناها, ويقال: قد عَجِر ابن فلان يَعْجَرُ عَجَرًا، إذا غلظ وسمن, ويقال: قَرَحَ فلان فلانًا بالحق، إذا استقبله به, وقد قَرَحَهُ يقرحهُ قَرْحًا إذا جَرَحَهُ, والقَرِيح: الجريح, قال الهذلي1:
لا يُسلمون قَرِيْحًا حل وسطهم ... يوم اللقاء ولا يَشْوُوْن من قَرَحوا
ويقال: قد قَرَح يَقْرَحُ قَرَحًا، إذا خَرَجت به قُرُوحٌ, وقد عَكَر عليه يَعْكِرُ عَكْرًا، إذا رجع عليه وعطف, ويقال: إن فلاناً لَعَكَّارة في الحروب, ويقال: قد عَكَر النبيذ وغيره يَعْكَرُ عَكَرًا، وعَكَرُهُ: آَخِرُهُ وخائره, ويقال: قد حَمَر شاته يَحْمُرُها حَمْرًا، إذا
__________
1 هو المتنخل الهذلي, كما في: "اللسان": قرح.

(1/145)


نَتَفَهَا, ويقال: قد حَمَر الخارز سيره يَحْمُرُه، وهو أن يَسْحَى باطنه ويدهنه, ثم يخرز به, فيسهل, ويقال: قد حَمِر البرذون من الشعير يحمر حمراً.
ويقال: قد عَبَرت النَّهْر فأنا أَعْبُرُه عَبْرًا وعُبُورًا, وقد عَبَرت الرؤيا فأنا أَعْبُرُها عِبَارَة, وقد عَبِر الرجل يَعْبَرُ عَبَرًا وعَبْرَة، إذا استعبر, والعَبْر: سخنة العين، يقال: لأمه العُبْر والعَبَر, ويقال: قد نَفَق البيع ينفُقُ نَفَاقًا، وقد نَفَقَت الدابة تنفُقُ نُفُوقًا، إذا ماتت, وقد نَفِق الشيء ينفَقُ نَفَقًا، مفتوح، إذا نَفِد, ويقال: قد عَلِقت الإبل العضاه تَعْلُقُها عَلْقًا، إذا تَسَنَّمَتها, وهي إبل عوالق ومعزى عوالق, وقد عَلِق الظبي في الحبالة يَعْلَقُ عَلَقًا, وقد عَلِق حبها بقلبه يَعْلَقُ عَلَقًا, ويقال في مثل: نظرةٌ من ذي عَلَق, ويقال: قد عَلِق الدابة، من العَلَق, ويقال: قد غَدَر الرجل بذمته، يَغْدِر غَدْرًا, وقد غَدِرَتِ الناقة من الإبل، والشاة عن الغنم، تَغْدَرُ غَدَرًا، إذا تخلفت عنها, ويقال: قد قَصَر من الصلاة يقصُرُ قَصْرًا، وقد قَصَر البعير يقصرُ قَصَرًا، وهو داءٌ يصيبهُ في عنقه من الذباب, فيلتوي، فيكوي في مفاصل عنقه فربما برأ.
ويقال: قد نَزَق الفرس يَنْزُقُ نَزْقًا ونُزُوقًا, وكذلك زَهَق الفرس وزَهَقت الراحلة فهي زاهقة تَزْهَقُ زُهُوقًا، إذا سَبَقت وَتَقَدمت, ويقال: قد زَهَق مخه، إذا اكتنز، وهو زاهق المخ, وقد زَهِقَتْ نفسه تَزْهَقُ، إذا خرجت, وقد زَهَق الباطل، إذا غلبه الحق، وقد أَزْهَقَ الحق الباطل, وقد نَزِق الرجل يَنْزَقُ نَزَقًا من الخفة والطَّيْش, ويقال: قد رَمَدنا القوم نَرْمُدُهم، إذا أتينا عليهم، والرَّمْد الهلاك، ومنه قيل: عامُ الرَّمَادَةِ، أي هَلَك فيه الناس وهلكت الأموال من الجَدْب, قال أبو وجزة:
صَبَبت عليكم حاصبي فتركتكم ... كَأَصرام عاد حين جللها الرَّمْدُ
أي الهلاك, وقد رَمِدت عينه تَرْمَدُ رَمَدًا، فهو أَرْمَدُ ورَمِدٌ, ويقال: قد ضَبَعوا لنا من الطريق، أي جعلوا لنا قِسْمًا، يَضْبَعُون ضَبْعًا, وقد ضَبَعت الإبل تَضْبَعُ ضَبْعًا، إذا مدت أَضْباعَهَا في عدوها، وهي أعضادها, ومنه قوله:
ولا صلح حتى تَضْبَعُونا ونَضْبَعًا1
أي تمدونَ إلينا أضباعكم بالسيوف ونمدُّها إليكم بها, ومنه قول رؤبة:
__________
1 لعمرو بن شأس, كما في: "اللسان": ضبع.

(1/146)


وما تنى أيدٍ علينا تَضْبَعُ ... بما أصبناها وأخرى تَطْمَعُ
أي تطمع أن نغنم فننيلها من غَنِيمتنا, وما تنى: ما تزالُ، أي تمد أضباعها بالدعاء علينا, ويقال: ضَبِعت النَّاقةُ تَضْبَعُ ضَبْعة، إذا اشتهت الفحل, ويقال: مَرَس الصبي ثَدْي أُمِّهِ يَمْرُسُ مَرْسًا، وقد مَرَست التمر في الماء، فأنا أَمْرُسُه مَرْسًا, ويقال: قد مَرِس يَمْرَسُ مَرَسًا، إذا كان شَدِيد المِرَاس, والمِرَاس: المعالجة, وقد مَرِسَتِ البكرة تَمْرَسُ مَرَسًا، وهي بكرةٌ مَرُوس، إذا نشب حبلها بينها وبين القَعْو, وكذلك مَرِس الحبل يَمْرَسُ مَرَسًا, وقد أَمْرَسْتُهُ، إذا أَعَدتُهُ إلى مجراهُ, وقد أَمْرَسْتُهُ إذا أَنْشَبْتُهُ بين البكرة والقعو, وهو من الأضداد, قال الراجز:
بئس مقام الشيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ ... إما على قعو وإما اقْعَنْسِسِ
أي شد يديك بالنزع, قال الكميت:
حِبَالُكُم التي لا تُمْرِسُونَا
وقال الآخر:
درنا ودارت بكرة نَخِيسُ ... لا ضيقة المجرى ولا مَرُوسُ
والنَّخِيس: التي يتسع ثقبها الذي يجري فيه المحور مما يأكله المحورُ، فيعمدون إلى خشبة يشقون وسطها ثم يلقمونها ذلك الثقب المتسع, يُقال: نَخَستُ البكرة فأنا أَنْخُسُها نَخْسًا, ويقال لتلك الخشبة: النُّخَاسُ, ويقال: ضَوَيت إليه فأنا أَضْوِي ضُوِيًّا، إذا أويت إليه، وقد ضَوِي يَضْوَى ضوى، وهو رجل ضَاوٍ وفيه ضَاوِيَّة، إذا كان نحيفاً قليل الجسم, وجاء في الحديث: "اغتربوا لا تضووا" , أي لا يتزوج الرجلُ القرابة القريبة, فيجيء ولده ضاوياً, قال: وأنشدنا يعقوب:
أنذر من كان بعيد الهم ... تزويج أولاد بنات العم
ليس بناج من ضَوًَى أو سقم ... يأبى وإن أطعمته لا يَنْمي
ويقال: قد خَبَرت الرجل فأنا أخبره خُبْرًا وخِبْرَة, ويقال: من أين خَبِرت هذا، أي من أين عَلِمتَهُ, ويقال: قد ضَلَعت عليه أَضْلَعُ ضَلْعًا، إذا مِلْت عليه, ويقال: ضَلْعُكَ مع فلان، أي ميلك معه وهواك, ويقال: ضَلِع الرمحُ يَضْلعُ ضَلَعًا، إذا اعوج, أنشد الأصمعي:

(1/147)


فَلِيْقَهُ أجردُ كالرمح الضَّلِع
ويقال: قد حَسَرت العمامة على رأسي، وحَسَرت كمي عن ذراعي أحسِره حَسْرًا, وقد حَسِر الرجلُ يَحْسَرُ حَسَرًا وحَسْرة، إذا تلهف على ما فاته, ويقال: قد عَشَوت إلى النار أَعْشُو إليه عشواً، إذا استدللت إليها ببصر ضعيف, قال الحطيئة:
متى تَأْتِهِ تَعْشُو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
وقد عَشَوتُهُ أَعْشُوه، إذا عَشَّيته, وأنشد أبو عبيدة:
كان ابن أسماء يَعْشُوهُ ويصبحه ... هجمة كفسيل النخل دُرَّار1
دُرَّار، أي دارَّة, وقد عَشِي يَعْشَى عَشًى، إذا صار أَعْشًى, وقد عَشِيت الإبل تَعْشَى، إذا تَعَشَّت، فهي عاشية وهذا عِشْيُهَا، ويقال في مثل: العاشِيَة تَهِيج الآبية, أي إذا رأت التي تأبى العشاء التي تَتَعَشَّى تبعتها فَتَعَشَّت معها, قال أبو النجم:
يَعْشَى إذا أظلم عن عَشَائِهِ
وقال الآخر:
ترى المصك يطرد العَوَاشِيَا ... جلتها والأخر الحَوَاشِيَا
الحاشِيَة والحواشي والحشو: صغارُ الإبل, وقد عَشِي يَعْشَى، إذا كان العَشَى له خِلْقة, وقد حَشَوت الوسادة والوعاءَ أَحْشُوها حَشْوًا, وقد حَشِي الرجلُ يَحْشَى حَشًى، إذا أخذه الربو, وأنشد الأصمعي للشماخ:
تلاعبني إذا ما شئت خود ... على الأنماط ذات حَشًى قطيع
وقد مَلَلت الخبزة في الملة أَمُلَّهَا مَلًّا، وهي خبزة مَلِيل, يقال: أطعمنا خبزة مَلِيلاً، وأطعمنا خبز مَلَّة, والمَلَّة: الرماد الحار, ولا تقل: أطعمنا ملة, وقد مَلِلت من الشيء فأنا أَمَلُّ مَلَالا ومِلَالة، إذا ضَجِرت منه, وهو رجل مَلُول ومَلٌّ، وهو ذو مَلَّة, قال الشاعر2:
إنك والله لذو مَلَّةٍ ... يطرفك الأدنى عن الأبعد
وقد ذَهَب الرجل يَذْهَبُ ذَهَابًا, وقد ذَهِبَ الرجل يَذْهَبُ ذَهَبًا، إذا رأى ذَهَبًا في
__________
1 لقرط بن التوأم اليشكري, كما في: "اللسان": عشا.
2 هو عمرو بن أبي ربيعة, كما في: "اللسان": طرف.

(1/148)


المعدن فَبَرِقَ من عظمه في عينه, قال: أنشدنا ابن الأعرابي:
ذَهِب لما أن رَآَها ثُرْمُلَهْ ... وقال: يا قوم رأيت منكره
شذرة واد أو رأيتُ الزهرة
ثَرْمُلَة فاعل ذَهِب, وقد حَلَم الرجل في منامه يَحْلمُ حُلْمًا, وقد حَلِم الأديم يَحْلمُ حَلَمًا، إذا كان فيه الحَلَمَةُ، وهي دُوْدة في الجلد, وقال: وأنشدني أبو عمرو:
فإنك والكتاب إلى علي ... كدابغة وقد حَلِم الأديم1
وقد شَرَيت الشيء فأنا أشريه شِرًى وشِرَاءً، إذا بِعْته وإذا اشتريته, قال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] ، أي يبيعها، وقال {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ} [يوسف: الآية 20] أي باعُوه, وقد شَرِيَ جلده يُشْرَى شَرًى, وقد شَرِيَ زمامُ الناقة يَشْرَى شَرًى، إذا كثر اضطرابه, وشَرِيَ البرقُ، إذا كثر لمعانه, وأنشد الأصمعي:
أصاح ترى البرق لم يغتمض ... يموت فواقاً ويَشْرَى فواقا
وقد شَرِيَ غضباً، إذا استطار غضباً, وحكى أبو عمرو: شَرِيَ البعير في سيره يَشْرَى، إذا كان سريع المشي, وقد شَلَلت الإبل فأنا أَشُلُّهَا شَلًّا، والاسم الشَّلَل، إذا طردتها, وقد شَلَلت الثوب أشله شَلًّا، إذا خطته خياطة خفيفة, وقد شَلِلت بعدي فأنت تَشِلُّ شَلَلاً، إذا صرت أَشَلَّ, ويقال: ما له شَلَّت يمينهُ، بالفتح, وتقول: لا تَشْلل ولا شَلَّ عَشْرُكَ، أي أصابعك, ويقولون لمن أجاد الطَّعْن والرَّمْي: لا شَلَلاً ولا عمى, وقد هَشَشت الورق أَهُشُّه هَشًّا، إذا ضربته بعصاً لينحتَّ فتعلفه لغنمك, قال الله جل وعز: {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: الآية 18] , وقد هَشَّ الخبز يهش هشاً إذا كان هشاً, وقد هَشِشت إليه أَهَشُّ هَشَاشَة، إذا خَفَفت إليه وارتحت له, ويقال: قد دَرَمت الأرنب تَدْرِمُ دَرْمًا وَدَرَمَانًا، إذا قاربت بين الخُطى, وقد دَرِم كَعْبُ المرأة ومرفقها يَدْرَمُ، إذا واراهُ اللحم فلم يستبن له حجم, قال الراجز:
قامت تريك خشية أن تصرما ... ساقًا بِخَنداة وكعباً أَدْرَمَا
ويقال: مرافقها دُرْم, ولقد لَهَوت بالشيء، فأنا أَلْهُو به لَهْوًا، وقد لَهِيت منه
__________
1 للوليد بن عقبة, كما في: "اللسان": حلم.

(1/149)


ألهى، إذا سلوت عنه وتركت ذكره وأضربت عنه, وقد هَدَل القمري يَهْدِل هَدِيلاً, والهديل أيضاً: ذكر الحمام, وقد هَدِل البعير يَهْدَلُ هَدَلاً، إذا كان طويل المشفر، وذلك مما يمدح به، وهو مشفر هَدِلٌ, قال الراجز1:
بكل شَعْشَاع صهابي هَدِل
وقد غَزَلَتِ المرأة غزلها تغزِله غَزْلاً, وقد غَزِل الكلب يَغْزَلُ غَزَلاً، وهو أن يطلب الغَزَال حتى إذا أدركهُ وثقل من فرقه انصرف عنه ولهى منه, ويقال: قد ضَمَدتُ الجرح وغيره أَضْمِده ضَمْدًا, والضَّمْد أيضاً: رَطْبُ النبت ويابسه إذا اختلطا، يقال للإبل: هي تأكلُ من ضَمْد الوادي، أي من رطبه ويابسه, وقد أَضْمَدَ العرفج، إذا تجوفته الخوصة ولم تندر منه، أي كانت في جوفه, ويقال: قد ضَمِد عليه يَضْمَدُ ضَمَدًا، إذا أحن عليه, قال: وسمعت منتجعاً الكلابي وأبا مهدي يقولان: الضَّمَد الغابر من الحق، يقال لنا: عن بني فلان ضَمَد، أي غابر من حق، من معقلة أو دين, ويقال: سَرَب الفَحْل يَسْرُبُ سُرُوبًا، إذا توجه للرعي, قال: أنشد الأصمعي للتغلبي2:
وكل أناس قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده قهو سَارِبُ
وقد سَرِبَتْ المزادةُ تَسْرَبُ سَرَبًا، إذا خرج الماء من خرزها وهي جديد قبل أن تَسْتد الخرز, وقد قَمَرت الرجل أَقْمُرُه قَمْرًا، وأَقْمِرُ لغة وقد قَمِر الرجل يَقْمَرُ قَمَرًا، إذا لم يبصر في الثَّلْج, وقد قَمِرَتْ القربة تَقْمَرُ قَمَرًا، إذا دخل الماء بين الأدمة والبشرة، وهو شيء يصيبها من القَمَر كالاحتراقِ, ويقال: قد رَمَضت النَّصْل فأنا أَرْمُضُهُ رَمْضًا، وهو أن تجعله بين حجرين أملسين ثم تدقه لِيَرِقَّ, ويقال: نصل رَمِيض وشفرة رَمِيض، في معنى وَقِيع, ويقال: قد رَمَضت الشاة أَرْمِضُهَا رَمْضًا، وهو أن يوقد على الرَّضْف ثم تشق الشاة شقاً وعليها جلدها ثم تكسر ضلوعها من باطن؛ لتطمئن على الأرض وتحتها الرَّضْف وفوقها الملة قد أوقدوا عليها، فإذا نضجت فشروا جلدها ثم أكلوها, يقال: ارمِضْ لنا شاتَنَا هذه، وهو لحم مَرْمُوض، ووجدت مَرْمَضَ شاة اليوم، للموضع الذي تُرْمَضُ فيه, ويقال: رَمِض الرجل يَرْمَضُ رَمَضًا.
__________
1 هو أبو محمد الحذلمي, كما في: "اللسان".
2 هو الأخنس بن شهاب التغلبي, وقصيدته في المفضليات.

(1/150)


إذا أحرقته الرَّمْضَاء, وهو يَتَرمَّضُ الظباء، وهو أن يأتيها في كنسها في الظهيرة في أشد ما يكون الحر، وقد تَجَورَبَ جَوْرَبَين، فيخرجها من الكنس، ومعه شُكَية من لبن أو ماء فيتبعها ويسوقها حتى تفسخ قوائمها من الرَّمْضَاء، فيأخذها حينئذ, ويقال: قد شَجَبَهُ يَشْجُبُهُ شَجْبًا، إذا شَغَله, وقد شَجَبه, إذا حَزَنَهُ, وقد شَجِب يَشْجَبُ، إذا حَزِن, يقال: ماله شَجَبَهُ الله، أي أهلكه الله, ويقال: قد عَبَدت الله فأنا أَعْبُدُهُ عِبَادة, وقد عَبِدت من الشيء فأنا أَعْبَدُ منه عَبَدًا وعَبَدةً، إذا أَنِفت منه, وقد رَدَى الفرس يَرْدِي رَدْيًا وَرَدَيَانًا، قال الاصمعي: سألت منتجع بن نبهان عن الرَّدَيَان، فقال: هو عَدْوُ الحمار بين آريه ومتمعكه, وقد رَدَيت الحجر بصخرة وبمعول، إذا ضربته بها؛ لتكسره, والمِرْداة: الصخرة التي تكسر بها الحجارة, وقد رَدِي الرجل يَرْدَى رَدًى، إذا هلك, ويقال: قد عَلَا في الجبل يعلو عُلُوًّا, وقد عَلَى في المكارم يَعْلَى عَلَاء, ويقال: تَلَوت القرآن فأنا أَتْلُوه تِلَاوة, وتَلَوت الرجل فأنا أَتْلُوه تُلُوًّا، إذا أتبعته، ويروى إذا تبعته, ويقال: ما زلت أَتْلُوه حتى أَتْلَيْتُهُ، أي حتى تقدمته وصار خلفي, ويقال: تَلِيت لي من حقي تُلَاوة وتُلِيَّة أَتَتَلَّاها، أي بقيت, وتقول: غَوَيت أَغْوِي غَيًّا وغِوَاية, قال الأصمعي: لا يقال غيره, وأنشد للمرقش:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ... ومن يَغْوِ لا يعدم على الغي لائما
وقد غَوِي الفصيل والسخلة يَغْوَى غَوًى، وهو أن لا يروى من لبإ أمه ولا لبنها، حتى يموت هُزَالاً, وأنشد الفراء في صفة قوس:
معطفة الأثناء ليس فصيلها ... برازئها دراً ولا ميت غَوَى
والغَوَى ها هنا: مصدر غوى الفصيل يَغْوَى غَوًى, ويقال: مَكَا يَمْكُو مَكْوًا ومُكَاء، إذا جمع يديه ثم صفر فيهما, قال الله جل وعز: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: الآية 35] , وقد مَكِيت يده تَمْكَى مَكًى، إذا مَجَلت من العمل -ويقال: مَجِلت تَمْجَلُ ومَجَلتْ تَمْجُلُ- قال: وسمعتها من الكلابي, وقد حَبَج يَحْبِج حَبْجا وخَبَج يَخْبِج خَبْجًا، إذا ضَرَط, وقد حَبِجت الإبل تَحْبَج حَبَجًا, والحَبَجُ يصيبها عن أكل العرفج والضَّعَة، وهو أن يلتبد في بطونها وتلتوي عليه مصارينها, ويقال: قد نَقَر الطائر الحبَّة يَنْقُرُها نَقْرًا, وقد نَقَرت الرجل أَنْقُرُه نَقْرًا، إذا عِبْتَهُ, وقالت امرأة لزوجها: مر بي على بني نَظَرى، ولا تمر بي على بنات نَقَرَى، أي مر بي على الرجال الذين ينظرون ولا تمر بي على النساء اللواتي

(1/151)


يعين من مر بهن, وتقول: نَقَرت بالفرس أَنْقُرُ به نَقْرًا، وهو صويت تسكنه به, وقد نَقِرت الشاة تَنْقَرُ نَقَرًا، إذا أصابتها النُّقَرَةُ، وهو داءٌ يأخذ الغنم في بطون أفخاذها وفي جنوبها، فإذا أخذتها في أفخاذها ظلعت، وإذا أخذتها في جنوبها انتفخت بطونها وحظلت المشي، أي كفت بعض مشيها, وقال المرار العدوي:
وحَشَوت الغيظ في أضلاعه ... فهو يمشي حظلانًا كالنَّقِر
وأنشد أبو عمرو:
مولاك مولى عدو لا صديق له ... كأنه نَقِر أو عضه صَفَر
ويقال: قد صَفَر الرجل يَصْفِر صَفِيرًا, وقد صَفِر الإناء من الطعام والشراب، والوَطْب من اللبن، يَصْفَرُ صَفَرًا, ويقال: نعوذ بالله من قَرَع الفناء، وصَفَر الإناء, ويقال: مراح قَرِع، إذا لم يكن فيه إبل, ويقال: فَرَك الحب وغيره يَفْكُرُه فَرْكًا يقول: وقد فَرِكت المرأة زوجها تَفْكَرُه فَرْكًا، إذا أبغضته, ويقال: لَبَد بالأرض يَلْبُدُ لُبُودًا، وقد لَبِدت الإبل تَلْبَدُ لَبَدًا، إذا أكثرت من الكلإ حتى كظَّتها وأفظعتها جررها وأتعبتها, وكذلك دَغِصت تَدْغَصُ دَغَصًا, وهي تَدْغَصُ بالصليان من بين الكلإ, ويقال: قد طَلِيت البعير فأنا أَطْلِيه طَلْيًا، والطِّلَاء الاسم, وقد طَلِي فمه يَطْلَىْ طَلًى، إذا يَبِس ريقه من العطش, والطَّلْوان: ما يبس على الاسنان من الريق, وحكى الطوسي عن أبي عبيد: بأسنانه طَلِي وطِلْيَان، فقلت له إن الشاعر قال:
بالطَّلَيان عاجرًا أنيابه
وأخبرنا أبو الحسن قال: هو الطَّلَيان بالياء، وأنشدنا:
بالطَّلَيان عاجرًا أنيابه 1
ويقال: لَغَا في كلامه يَلْغُو لَغْوًا، وقد لَغِي بالشيء يَلْغَى به لَغًى، إذا أُوْلِعَ به, ويقال: قد رَكَبتُهُ فأنا أَرْكَبُه، إذا ضربته بركبتك، وقد رَكِبت الدابة أَرْكَبُها, ويقال: قد جَدَع أنفه وأذنه يَجْدَعُها جَدْعًا, ويقال: قد جَدِع يَجْدعُ، إذا كان سيء الغذاء, وهو صبي جَدِع, ويقال: قد نَعَر يَنْعَرُ نَعِيرًا من الصوت, وحكى الأصمعي قال: يقالُ: ما كانت فتنة إلا نَعَر فيها فلان أي نَهَض فيها, وإن فلانا لنَعَّار في الفتن, وقد نَعَر العرق
__________
1 لمزرد بن ضرار أخي الشماخ, كما في: "اللسان": عجز، وقبله:
إذ لا يزال يابسًا لعابه.

(1/152)


بالدم ينعَرُ: وهو عِرْق نَعَّار، إذا ارتفع دَمُهُ, قال الراجز1:
ضرب دِرَاك وطِعَان يَنْعَرُ
ويقال: قد نَعِر الحِمَار والفَرَس يَنْعَرُ نَعَرًا، إذا دخلت في أنفه النُّعَرةُ، وهو ذُبَاب ضَخْم أَزْرَقُ العين أَخْضَرُ، له إبرة في طرف ذنبه يلسع بها ذَوَات الحافر خاصة, قال امرؤ القيس:
فظل يُرَنَّحُ في غيطل ... كما يستدير الحمار النَّعِرْ
وقال ابن مقبل:
ترى النُّعَرات الخضر تحت لبانه ... أحاد ومثنى أصعقتها صواهله
ويقال: قد خَمَرْت العجين أَخْمِره خَمْرًا، إذا جعلت فيه الخمير، وقد خَمَر عني شهادته، إذا كَتَمَهَا, وقد خَمِر عني يَخْمَرُ خَمَرًا، إذا توارى عنك, وقد عَنَوت في بني فلان فأنا أَعْنُو عُنُوًا، إذا كنت فيهم أَسِيرًا, ويقال: ما عَنَت الأرض بشيء، أي ما أنبتت شيئاً، تَعْنُو قال ذو الرمة:
ولم يبق بالخلصاء شيء عَنَت به ... من الرطب إلا يبسها وهجيرها
ويقال: قد عَنِي يَعْنَى عَنَاءً، إذا تَعِب ونَصِب, ويقال: قد أَسَوت الجرح فأنا آَسُوه أَسْوًا، إذا داويتُهُ, وقد أَسَيت على الشيء فأنا آَسَى عليه أَسًى إذا حَزَنت عليه, ويقال: قد لَبِست عليه الأمر فأنا أَلْبِسه لَبْسًا, قال الله عز وجل: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: الآية9] , وذلك إذا خَلَطتَهُ عليه حتى لا يعرف جهته, وقد لَبِست الثوب فما أَلْبَسُهُ لُبْسًا, وقد لَسَبَتْه العقرب تَلَسِبُه لَسْبًا, إذا أبرته, وقد لَسِبت العسل والسمن أَلِسَبُه لَسْبًا، إذا لَعِقتُهُ, ويقال: أَفَرَ يَأْفِرُ أَفْراً، إذا شد الإِحْضار, وقد أَفِر البعير يَأْفَرُ أَفَرًا، وهو أن يَنْشَطَ ويسمن بعد الجهد, وقد جَنَبَتِ الريح تَجْنُبُ جُنُوبًا, وقد جَنِب البعير يَجْنَبُ جَنَبًا, قال الأصمعي: هو إذا التصقت رِئَته بجنبه من العطش, وقال بعض الأعراب: هو أن يلتوي من شدة العطش, وتقول: قد صَبَا إلى اللهو صِبًا, وصَبَت الريح تَصْبُو صُبُوًا, وشَمِلهم الأمر إذا عمهم، وشَمَلت الريح تَشْمُلُ شُمُولاً, والشمال الاسم.
__________
1 هو جندل بن المثنى, كما في: "اللسان": نعر.

(1/153)


باب: ما جاء على فَعَلْت وفَعِلت بمعنى
يقال: ضَلَلت يا فلانُ فأنت تضل ضَلَالاً وضَلَالة, قال الله جل وعز: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: الآية 50] فهذه لغة أهل نجد، وهي الفصيحة, وأهل العالية: ضَلِلت أَضَلُّ, ويقال: قد جِفَّ الثوب وغيره يَجِفُّ جُفُوفًا وجَفَافًا، وقد جَفَفت يا فلان, وقال أبو زيد: ويقال: قد جَفِفت تَجَفُّ, وقد عَلَن الأمر يَعْلُنُ، وعَلَن يَعْلَنُ, وحَقَدت عليه أَحْقِدُ حِقْدًا، وحَقِدت أَحْقَدُ، لغة, وقد حَذَق الغلام القرآن والعمل، يَحْذِق حِذْقًا وحَذْقًا وحَذَاقة وحِذَاقًا, وقد حَذِق يَحْذَقُ، لغة, وقد حَذَقت الحبل أَحْذِقُه حَذْقًا، إذا قطعته، بالفتح لا غير, وقد حَذَق الخل يَحْذِق حُذُوقًا, إذا كان حامضاً, وقد زَلَلت يا فلان تَزِل، إذا زَلَّ في طين أو منطق, وقال الفراء: يقال: زَلِلت تَزَل, ويقال: ما نَقَمت منه إلا الاحسان فأنت تَنْقِم, قال الكسائي: ونَقِمت تَنْقَمُ لغة, وقد قَحَل الشيء يَقْحَلُ قُحُولاً, وقد قَحِل لغة, وقد كَعَعت عن الأمر فأنا أَكِعُّ عنه، وقد كَعَعت عنه، لغة، وقد كِعْت عنه أَكِيع، لغة أخرى, وقد طَمَثت المرأة تَطْمُثُ, وكذلك طَمِثت تَطْمَثُ طَمْثًا, وأما في النكاح فيقال: طَمَثتُهَا أَطْمَثُها وأَطْمُثُها طَمْثًا، لا غير.
ومما جاء على فَعَل فكان هو الأفصح، وجاء بالضم
يقال: طَهَرت المرأة تَطْهَرُ, وطهُرَت لغة, وقد صَلَح الشيء يَصْلُحُ صَلَاحًا, قال الفراء: وحكى أصحابنا: صُلَح, وقد شَحَب لونه يَشْحَبُ شُحُوبًا, قال الفراء: وشَحُب لغة, وقد سَهَم وجهه يَسْهُمُ سُهُومًا, قال الفراء: وسَهُم لغة, وقد خَثَر اللبن يَخْثُرُ, قال الفراء: وخَثُر قليلة في كلامهم, قال: وسمع الكسائي خَثِر.

(1/154)


باب: ما جاء على فَعِلْت فكان هو الفصيح لا يتكلم العرب بغيره, ومنه ما جاء على فَعِلْت وكان الفصيح الأكثر, ومن العرب من يفتح
فمما أتى على فَعِلت بالكسر لا غير, يقال: لَثِمت فم المرأة وفم الصبي أَلْثَمُه.

(1/154)


إذا قَبَّلتُهُ, قال الشاعر1:
فَلَثِمْت فاهاً آَخِذًا بقرونها ... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
وقد قَمَحت السَّويق، وسَفِفتُهُ, وجَرَت المَاء, قال الأصمعي: ولا يقال غيره, وقد لَقِمت اللُّقْمة فأنا أَلْقِمُهَا لَقْمًا, وزَرِدت اللقمة، وبَلِعتُهَا وسَرِطتُهَا، وسَلِجتُهَا، بمعنى واحد, ويقال في مثل: الأخذ سَلَجان والقضاء لَيَّان، أي إذا أخذ الرجل الدَّيْن أكله، فإذا أراد صاحب الدين حقه لَوَاهُ به, ويقال أيضاً: الأخذ سُرَّيطى والقضاء ضُرَّيطى: أي يَسْتَرِط ما يأخذ من الدين فإذا تقاضاهُ صاحبه أَضْرَطَ به, ويقال أيضاً: الأخذ سُرَّيط, والقضاءُ ضُرَّيط, ويقال: قَضِمَتِ الدابة شعيرها تقضمه قَضْمًا، وقد خَضَمت الشيء فأنا أَخْضَمُه خَضْمًا, والخَضْم: أكل بِسَعة, قال الأصمعي: أخبرنا ابن أبي طرفة, قال: قدم أعرابي على ابن عم له بمكة فقال: إن هذه بلاد مَقْضَم وليست ببلاد مَخْضَم, والخَضْم: أكل بجميع الفم، والقَضْم دون ذلك, ويقال: قد يبلغ الخَضْم بالقَضْم, ويقال: قد وَدِدت لو يفعل ذاك وُدَّ وَوَدًّا وَوَدَادَة, وقد وَدِدتُهُ أَوُدُّه وُدًّا, وقد بَرِرت والدي، وقد بَرِرت في يميني, وقد صَدَقت، يا فلان، وبَرِرت وقد لَعِقت العسل والسمن, وقد لَحِستُ الإناء فأنا أَلْحَسُه لَحْسًا, وقد مَصِصت الرُّمَّان, وقد مَعِضت من ذاك الأمر أَمْعَضُ منه مَعْضًا، إذا امتعضت منه, وقد شَرِكت الرجل في أمره أَشْرَكُه شِرْكًا, وقد نَفِست عليَّ بخير تَنْفَسُ نَفَاسَة, وقد نَهِكَتْه الحمى, وقد نَهِكتُهُ عُقُوبَة أَنْهَكُهُ نَهْكَة ونَهْكًا, وقد نَهِكَهُ المرض يَنْهَكُهُ نَهْكًا ونهكة, ويقال: انهَكْ من هذا الطعام، أي بالغ في أكله, ومنه قيل للشجاع: نُهَيك أي يَنْهَكَ عدوه أي يبالغ فيه, وقد لَجِجت أَلَجُّ لَجَاجَة, وقد صَمِمْت يا رجل تَصَمُّ صَمَمًا, وقد بَشِشت به فأنا أَبَش به بَشَاشَة, وقد نَشِف الحوض ما فيه من الماء, وقد نَفِد الشيء ينفد نَفَادًا, وقد ضَرِمت النار تَضْرَمُ ضَرَمًا, إذا تَضَرمت, وقد ضَرِيت بذاك الأمر أَضْرَى به ضَرَاوَة, قَالَ الأصمعي: قال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه: إياكم وهذه المَجَازر، فإن لها ضَرَاوَة كَضَرَاوَةِ الخَمْر, وقد دَرِبت به أَدْرَبُ دَرَبًا ودُرْبَة, وقد لَهِجت به أَلْهَجُ, وقد غَبِيت عن الشيء فأنا أَغْبَى عنه غَبَاوَة, إذا لم تعرفه, وقد هَلِعت من الشيء أَهْلَعُ هَلَعًا، إذا جَزْعت, وقد لِعْت منه فأنا أَلَاعُ, وهو
__________
1 هو عمر بن أبي ربيعة, كما في: "اللسان": حشرج.

(1/155)


رجل هاعٌ لاعٌ، وهائع لائع, قال الشاعر1:
أنا ابن حماة المجد من آل دارم ... إذا جَعَلت خُوْر الرجال تَهُوعُ
وقد جَنِفت عليه أَجْنَفُ جَنَفًا، إذا ملت عليه, قال الله جل وعز: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً} [البقرة: الآية 182] , وقد زَعِلت أَزْعَلُ زَعلاً، إذا نَشَطت, وقد أَرِنت آَرَن أَرَنا، وهَبِصت أَهْبَصُ هَبَصًا، وعَرِصت أَعْرَصُ عَرَصًا، بمعنى واحد, وقد دَرِن الثوب يَدْرَنُ دَرَنًا، ونَكِد الشيء يَنْكَدُ نَكَدًا, وقد بَلْهتُ أَبْلَهُ بَلَهًا, إذا تَبَلَّهْت, وقد زَكِنت من أمره شيئاً أَزْكَنُ زَكَنًا، وقد أَزْكَنْتُهُ فلاناً أي أَعْلَمْتُهُ, وقد مَضِضت من ذلك, وقد لَبِبت أَلَب لُبًّا, قال الأصمعي: وقيل لصفية ابنة عبد المطلب وضَرَبت الزبير: لم تضربينه؟ فقالت: كي يَلَبَّ، ويقود الجيش ذا الجَلَب, وقد حَرِجت من ظلمه أَحْرَجُ حَرَجًا, ويقال: قد نَغِبت من الإناء نُغْبًا، إذا جَرِعْت منه جَرَعًا, وقد رَتِج فلان في منطقه وبَكِم، إذا أرتِجَ عليه في كلامه, وقد جَعِمت الإبل تَجْعَمُ جَعَمًا، وهو طرف من القَرَم، إذا لم تجد حمضاً ولا عضاهاً فتقرمُ إلى ذلك فتقضم العظام وخروء الكلاب, وقد مَجِلت يده تَمْجَلُ مَجَلاً، إذا تنفطت, قال أبو عمرو: يقال: شرب القوم فحَصِر عليهم فلانٌ, أي بخل.
__________
1 هو الطرماح, كما في: "اللسان": هيع.

(1/156)


باب: ما نطق به بفَعِلْتُ وفَعَلْتُ
يقال: قد سَفِد الطائر الأنثى يَسْفَدُها سِفَادًا, قال أبو عبيدة: وسَفَد يَسْفِد لغة, وقد نَكِفت من الأمر أَنْكَفُ إذا استنكفت منه, قال الفراء: ونَكَفت عنه لغة, قال: الأصمعي: يقال: نَكِب الرجل يَنْكَبُ، إذا مال, قال العجاج:
غير ما إن يَنْكَبَا
وقال أبو زيد: نَكَب يَنْكُبُ, وقد رَكِنت إلى الأمر أَرْكَنُ إليه رُكُونًا, ورَكَنت أَرْكُنُ لغةٌ, إذا مِلْت إليه, قال الله جل ثناؤه, {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: الآية 113] , وقد ضَنِنت بالشيء، فأنا أَضَنُّ به ضَنًّا وضَنَانَة, قال الفراء: وضَنَنت أَضنُّ

(1/156)


لغة, وقد مَسِست الشيء أَمَسُّهُ مَسًا ومَسِيسًا، فهذه اللغة الفصيحة, قال أبو عبيدة: مَسَست أَمَس لغة, وشَمِمت الشيء أَشَم شَمًا وشَمِيمًا, وقال أبو عبيدة: وشَمَمت أَشُم لغة, وقد غَصِصت باللُقْمة فأنا أَغَص بها غَصَصًا, قال أبو عبيدة: وغَصَصتُ لغة في الرباب, وقد بَحِحت أَبَح بَحَحًا, قال أبو عبيدة: وبَحَحت أَبَحُّ لغة, وبَجِحت وبَجَحت, وقد شَمِلَهُم الأمر يَشْمَلُهم، إذا عَمَّهم, وشَمَلَهُم يَشْمُلُهُم لغة، وليس يعرفها الأصمعي, وأنشد:
كيف نومي على الفراش ولما ... تَشْمَلِ الشام غارة شَعْواء1
وقد دَهِمَهَمُ الأمر يَدْهَمُهُمْ, وقد دَهِمَهُم الخيل, قال أبو عبيدة: ودَهَمَهُم يَدْهَمُهُمْ لغة, وقال أبو عمرو: يُقال: طَبِنت فأنا أَطْبَنُ طَبَنًا، وطَبَنت أَطْبِن طَبَانَة وطَبَانِيَة وطُبُونًا, قال: وقال الغنوي: قد طَبَنت بهذا الأمر, وقال منقذ: قد طَبِنت بهذا الأمر, قال: وقال الغنوي: إن كنت ذا طِبٍّ فَطُبَّ لعينيك, وقال منقذ, فَطَبَّ لعينيك, وحكى الفراءُ: خَسِسْت بعدي خَسَاسَة وخَسَست بعدي خِسَّة, ويقال: ما أَبِهْت له وما أَبَهْت له, وما بُهْتُ له وما بِهْتُ له، وما وَبَهت له وما وَبِهت له, وما بَهَأت له وما بَأَهت له، يريد ما فطنت له, وقَدَرْتُ على الشيء أَقْدِر، وقَدِرت عليه أَقْدَرُ, وقد غَمِط عيشه يَغْمَطَهُ وغَمَطهُ يَغْمِطهُ, ويقال: فَضَل الشيء يَفْضُلُ وفَضِل يَفْضَلُ, وقال أبو عبيدة: فَضِل منه شيء قليلٌ, فإذا قالوا يَفْضُلُ ضموا الضاد فأعادوها إلى الأصل, وليس في الكلام حرف من السالم يشبه هذا، وقد أشبهه حرفان من المعتل، قال بعضهم: مِتُّ فكسر، ثم يقول: يموت، مثل فَضِل يَفْضُلُ, وكذلك دُمْت عليه ثم تقول يَدُوم, قال أبو يوسف: وزعم بعض النحويين أن ناساً من العرب يقولون: حَضِر القاضي فلان ثم يقولون يَحْضُرُ, قال: وقال بعضهم: إن من العرب من يقول فَضِل يَفْضَلُ، مثل حَذِر يَحْذَرُ, قال الفراء: يقال: رَجِنت الإبل ورَجَنت فهي راجنة، وقد رَجَنتُهَا وأَرْجَنْتُهَا، إذا حبستها لتعلفها ولم تُسرحها, وقد رَبِيت ورَبَوت, وقد بَهَأت به وبَهِئتُ، وبَسَأتُ به وبَسِئتُ، إذا أَنِست به, وأنشد:
وقد بَسَأت بالحاجلات إفالها ... وسيف كريمٍ لا يزالُ يصوعها
ويروى: "فقد بَهَأت بالحاجلات", وقد بَرَأت من المرض، وبَرِئت, ابن
__________
1 لابن قيس الرقيات, كما في: "اللسان": شمل.

(1/157)


الأعرابي: يقال جَزَأت الإبل بالرطب عن الماء وجَزِئت, وقد لَجَأت غليه ولَجِئت, الكسائي: خَذَأت له أَخْذَأُ خُذُوءًا وخَذِئتُ له, وقد هَزِئتُ به وهَزَأتُ به, وما رَزَأتُهُ شيئاً وما رَزِئت, الأحمر: يقال: لَطَأت بالأرض ولَطِئت, الكسائي: يقال للرجل إذا شمط في مقدم رأسه قد ذَرِئ شعرهُ وذَرَأ, الفراء: يقال: حَضَرتُهُ وحَضِرتُهُ, قال: وأنشدني أبو ثروان العكلي لجرير:
يا من جَفَانا إذا حاجاتنا حَضَرت ... كمن لنا عنده التكريم واللَّطَفُ
ويقال من "اللحم" الغث: قد غَثِثت يا لحم تَغَثُّ، وغَثَثت تَغِث, وقد أَغْثَثْت في المنطق تُغِثُّ, وقد زَهِد في الشيء, يَزْهَدُ زُهْدًا وزَهَادةً، وقد زَهَد يَزْهَدُ, وقد شَجِب يَشْجَبُ شَجَبًا وشَجَب يَشْجبُ, إذا هلك أو كَسِب كَسْبًا أثم فيه, ويقال: قد قَنَط يَقْنِط ويَقْنُطُ، وقَنِط يَقْنَطُ, ويقال: نَجِز يَنْجَزُ ونَجَز يَنْجُزُ، وسمعها من أبي السفاح, وكأن نجز" فني، وكأن نجز: قضى حاجته, ويقال: حَلِي بعيني وبصدري وفي عيني وفي صدري، وحَلَا بعيني وفي عيني حلاوة فيهما جميعاً, أبو زيد: يقال: نَضِر الشيء يَنْضَرُ ونَضَر يَنْضُرُ, الفراء: يقال: قَرِرت به عيناً أَقَر وقَرَرت أَقِر، وقد قَرِرت في الموضع مثلها, الأصمعي: رَضِع الصبي يَرْضَعُ ورَضَع يَرْضِع قال: وأخبرني عيسى بن عمر أنه سمع العرب تنشد هذا البيت لابن همام السلولي:
وذَمُّوا لنا الدنيا وهم يَرْضِعُونَهَا ... أَفَاوِيق حتى ما يدرُّ لها ثُعْلُ
الفراء: خَطِيء السهم وخَطَأ, أبو عبيدة: رَشِد يَرْشَدُ، ورَشَد يَرْشُدُ, ويقال: شَحِحت أَشح، وشَشَحت أَشِح, وقد بَلِلت بجاهل فأنا أَبَل وبَلَلت به أَبِل, قال الفراء: يقال مَرَّ بي فلان فما عَرَضت له وما عَرِضت، ويقال: لا تَعْرِضْ له ولا تَعْرَضْ له، لغتان جيدتان, أبو عبيدة مثله, أبو عمرو: يقال: قَتَر يَقْتُرُ وقَتِر يَقْتَرُ، إذا ارتفع قُتَاره، وهو ريحه: وهم لحم قاتَر, الكسائي: يقال: قد حَرِرت يا يوم فأنت تَحَرُّ وحَرَرت فأنت تَحِرُّ, إذا اشتد حر النهار, وقد حَرِرت يا رجل فأنت تَحَر، من الحُرِّيَّة، لا غير, ويقال: قد ضَحِيتُ للشمس وضَحَيت, والمستقبل أضحى في اللغتين جميعاً, وقد أَنِست به آَنَس وأَنَستُ به آَنُس أُنْسًا, أخبرني أبو الحسن الطوسي قال: قال ابن الأعرابي: يُقال: أَنُسْتُ به, قال: ويقال: كيف أُنْسُكَ, وقد نَقِهت الحديث ونَقَهتُهُ, وقد زَهِقت نفسه وزَهَقت, وشَغِبت وشَغَبت, وقد قَزَح الكلب ببوله وقَزِح يَقْزَحُ، في اللغتين جميعاً, أبو زيد: يقال: وَهَنت في أمرك ووَهِنت, الأصمعي

(1/158)


يقال: سَلَوت عن الشيء أَسْلُو سُلُوًّا، وسَلِيتُ أَسْلَى سُلِيًّا, قال رؤبة:
لو أشربُ السُّلْوانَ ما سَلِيْتُ
وقد عَلَوت أَعْلُو عُلُوًّا، وعَلِيت أَعْلَا عَلَاء, وَيُقال: غَسَا الليل يَغْسُو غُسُوًّا، وغَسِى يَغْسَا، وأَغْسَى يَغْسِي, قال ابن أحمر:
فَلَما غَسَا ليلي وأيقنت أنها ... هي الأربى جاءت بأم حبوكري
ويقال: سَرِي الرجلُ يَسْرَى، وسَرَا يَسْرُو، وسَرَوَ يَسْرُو, "كله غير مهموز", قال:
وابن السر إذا سرى أسراهما
وقد سَخَا يَسْخُو، وسَخِي يَسْخَى وسَخُوَ يَسْخُو: إذا كان سَخِيًّا, الفراء: يقال: طَغَا يَطْغَى ويَطْغُو، وطَغِي يَطْغَى , أبو عبيدة: شَمِس يومنا يَشْمَسُ، تقديره عَلِم يَعْلَمُ, وقال الكسائي: العرب تختلف في فِعْل غَضَّة بَضَّة، فيقول بعضهم: غَضِضت وبَضِضْت، وهي تَغَضُّ وتَبَضُّ غَضَاضَة وبَضَاضَة, وبعضهم يقول: غَضَضت وبَضَضت، وهي تَغِضُّ وتَبِضُّ, ويقال: صَغِيتُ إلى الشيء أَصْغَى، إذا ملت إليه، وصَغَوت أَصْغُو صُغُوًّا, ويقال: حَسِستُ له أَحَس حِسًّا، وحَسَستُ له أَحِس حِسًّا إذا رَقَقت له, قال القطامي:
أخوك الذي لا تملك الحِسَّ نفسه ... وترفض يوم المحفظات الكتائفُ
وقال الكميت:
هل من بَكَى الدار راجٍ أن تَحَسَّ له ... أو يبكي الدار ماء العبرة الخَضِلُ
قال الفراء: "قال أبو الجراح: ما رأيت عقيلياً إلا حَسِست له, قال الفراء: ما كان على فَعَلت من ذوات التضعيف غير واقع فإن يَفْعِل منه مكسور العين، مثل عَفَفت أَعِف، وخَفَفت أَخِف، وشَحَحت أَشِح, وما كان على فَعَلت من ذوات التضعيف واقعًا، مثل رَدَدت وعَدَدت ومَدَدْت فإن يَفْعُلُ منه مضموم، إلا ثلاثة أحرف نادرة، وهي: شَدَّه يَشِدُّهُ وَيَشُدُّه، وَعَلَّهُ يَعُلُّهُ وَيَعِلُّهُ من العَلَل وهو الشرب الثاني، ونَمَّ الحديث يَنُمُّهُ, فإن جاء مثل هذا مما لم نسمعه فهو قليل، وأصله الضم, قال: وما كان على أَفْعَل وفَعلَاء من ذوات التضعيف فإن فَعِلت منه مكسور العين ويفعل على أفعل وفعلاء من ذوات التضعيف فإن فَعِلت منه مكسور العين ويفعل مفتوح العين.

(1/159)


مثل أَصَمَّ وَصَمَّاءَ، وَأَشَمَّ وَشَمَّاءَ، وأَحَمَّ وَحَمَّاء، وَأَجَمَّ وَجَمَّاء, تقول: قد صَمِمت يا رجل تَصَم، وقد جَمِمت يا كبش تَجَم.
وما جاء على أَفْعل وفعلاء من غير ذوات التضعيف، فإن الكسائي قال: يقال فيه فَعِل يَفْعَلُ، إلا ستة أحرف، فإنها جاءت على فَعْل: الأَسْمَرُ، والآَدْم، والأَحْمَقُ، والأَخْرَقُ، والأَرْعَنُ، والأَعْجَفُ, يقال: قد سَمُر، وأَدُم وحَمُق، وخَرُق، ورَعُن، وعَجُف, قال الأصمعي: والأَعْجَمُ أيضاً، يقال عَجُم, قال الفراء: يقال: عَجُف، وحَمُق وحَمِق، وسَمُر وسَمِر, قال: وقالت قريبة الأسدية: قد اسْمَارَّ, وقد خَرُق وخَرِق, قال أبو عمرو: يقال: أَدِم وأَدُم، وسَمِر وسَمُر, قال أبو محمد: وأخبرنا الطوسي عن ابن الأعرابي: يقال: أَدِم وأَدَم.
وكل ما كان على فَعَلت ساكنه التاء من ذوات التضعيف فهو مُدَّغم، نحو صَمَّت المرأة وأشباهه، إلا أحرفاً جاءت نوادر في إظهار التضعيف، وهي: لَحِحَت عينه إذا التصقت, ومنه قيل: هو ابنُ عمى لَحًا، وهو ابن عم لَحِّ ولَحُّ, وقد مَشِثَت الدابة وصَكِكَتْ، وقد ضَبِبَ البلد إذا كثرت ضِبَابه, وقد أَلِلَ السقاءُ إذا تغير ريحه, وقد قَطِطَ شعره.
واعلم أن كل فعل كان ماضيه على فَعِلَ مكسور العين، فإن مستقبله يأتي بفتح العين، نحو عَلِم يَعْلمُ، وكَبِر يَكْبَرُ, وعَجِل يعجَلُ، إلا أربعة أحرف "جاءت نوادر, قالوا: حَسِب يَحْسِبُ ويَحْسَبُ، ويَئِس يَيْئِسُ ويَيْأَسُ، ويَبِس يَيْبِسُ وَيَيْبَسُ، ونَعِم يَنْعِمُ وَيَنْعَمُ, فإن هذه الأحرف" من الفعل السالم جاءت بالفتح والكسر, ومن الفعل المعتل ما جاء ماضيه ومستقبله بالكسر: وَمِق يَمِق، ووَفِق يَفِق، ووَثِق يَثِق، ووَرِع يَرِع، ووَرِم يَرِم، ووَرِث يَرِث، ووَرِهي الزند يَرِهي، ووَلِي يَلِي.

(1/160)