إصلاح المنطق

باب: آخر من فَعِلت
قال الكسائي: يُقال: رَشِدت أمرك، ووَفِقت أمرك، وبَطِرت عيشك وغَبِنت رأيك، وأَلِمْت بطنك، وسَفِهت نفسك, وكان الأصل رَشِد أمركَ، ووَفِق أمرك، وغَبِن رأيك، ثم حول الفعل منهُ إلى الرجل فانتصب ما بعده, وهو نحو قولك: ضِقْت به

(1/160)


ذَرْعًا، المعنى: ضاق ذَرْعي به، وَطِبت به نفساً، المعنى: طابت نفسي به, ويقال: سَفِهَ الرجل وسَفُهَ لغتان، فإذا قالوا سَفِهَ رأيه كسروا الفاءَ لا غير؛ لأن فَعُل لا يكون واقعاً, وما كان ماضيه على فَعَل مفتوح العين فإن مستقبله يأتي بالضم أو بالكسر, نحو ضَرَب يَضْرِبُ وقَتَل يَقْتُلُ، ولا يأتي مستقبله بالفتح، إلا أن تكون لام الفعل أو عين الفعل أحد الحروف الستة، وهي حروف الحلق: الخاء، والغين، والعين، والحاء، والهاء، والهمزة, فإن الحرف إذا كان فيه أحد هذه الستة الأحرف جاء على فَعَل يَفْعَلُ، نحو شَدَخ يَشْدَخُ، ودَمَغ يَدْمَغُ، وصَنَع يَصْنَعُ، ودَمَعت عينه تَدْمَعُ، وذَهَب يَذْهَبُ، وذَبَح يَذْبَحُ، وسَمَح يَسْمَحُ، وسَنَح يَسْنَحُ وقَرَأ يَقْرَأُ، وبَرَأ من الوجع يَبْرَأُ, وقد يجيء على القياس وإن كان فيه أحدُ هذه الحروف، فيأتي مستقبلهُ بالضم أو الكسر، نحو: دَخَنَتِ النَّار تَدْخُنُ، وَدَخَلَ يَدْخُلُ, ولم يأتِ الماضي والمستقبل بالفتح إذا لم يكن فيه أحدُ هذه الحروف الستة، إلا حرفاً واحداً جاء نادراً، وهو أَبَى يَأْبَى, وزاد أبو عمرو: رَكَن يَرْكَنُ, "وخالفه أهل العربية، الفراء وغيره، فقالوا: يقال: رَكَن يَرْكُنُ ورَكِن يَرْكَنُ", وما كان على مفعل ومفعلة فيما يعتمل فهو مكسور الميم نحو مِخْرز، ومِقْطع، ومِبْضع، ومِسَلة، ومِخَدة، ومِصْدغة، ومِخْلاة، إلا أحرفاً جاءت نوادر بضم الميم والعين، وهي مُسْعط، وكان القياس مِسْعط، ومُنْخل، ومُدُق، ومُدْهُن، ومُكْحُلَة، ومُنْصُل, وليس في الكلام مِفْعِل بكسر الميم والعين إلا حرفان، قالوا: مِنْخِر ومِنْتِن ومُنْتِن بضم الميم, قال أبو عمرو: من قال: نَتُن الشيء قال هو مِنْتِن، بكسر الميم والتاء، ومن قال أَنْتَنَ الشيء قال مُنْتِن، بضم الميم وكسر التاء, وقالوا: مِطْهَرَة ومَطْهَرَة، ومِرْقاةٌ ومَرْقاة، ومِسْقاةٌ ومَسْقاةٌ, فمن كسرها شبهها بالآلة التي يُعمل بها, ومن فتح قال: هذا مَوْضع يفعل فيه، فجعلهُ مُخالفًا بفتح الميم, وكل ما كان على مثال فَعُّول مشدد العين فهو مفتوح الأول، نحو خَرُّوب، وسَفُّود، وكَلُّوب، وسَنُّوت, وهو الكَمُّون, قال الشاعر1:
هم السمن بالسَّنُّوت لا أَلْسَ فيهمُ ... وهم يمنعون جارهم أن يقردَا
إلا ثلاثة أحرف جاءت نوادر مضمومة الأول، وهي سُبُّوح، وقُدُّوس، وذُرُّوح لواحد الذراريح, وقد قال بعضهم: سَبُّوح وقَدُّوس ففتح أولها, وكل ما جاء على فُعْلُول فهو مضموم الأول، نحو زُنْبُور وقُرْقُور، وبُهْلُول، وعُمْرُوس، وعُصْفُور، وما
__________
1 هو الحصين بن القعقاع, كما في: "اللسان": سَنَت، ألس.

(1/161)


أشبه ذلك، إلا حرفاً جاء نادراً، وهم بنو صَعْفُوق، لَخَول باليمامة, قال العجاج:
من آل صَعْفُوق وأتباع أخر
وما كان على مثال فَعِّيل أو فِعْلِيل فهو مكسور الأول، نحو قولك بصل حِرِّيف، ورجل سِكِّير، إذا كان كثير السكر، وفِسِّيق، إذا كان كثير الفسق، "وخِمِّير: كثير الشرب للخمر، وعِشِّيق: كثير العشق، وفِخِّير: كثير الفخر"، وجِبِّير: كثير التجبر، وصِرِّيع: شديد الصراع، "وغِلِّيم: شديد الغلمة"، وظِلِّيم: إذا كان شديد الظلم، وضِلِّيل: كثير التتبع للضلال، وجِرْجِيْر "للبقل"، وسِفْسِير: للفيج والتابع, وما كان على مثال مِفْعِيل فهو مكسور الأول، ومؤنثه بغير هاءٍ، نحو قولك: هذا فرس مِحْضِيْر، وهذا رجل مِعْطِيْرٌ، وهذا جوادٌ مِئْشِيْرٌ، من الأشر, قال الراجز 1:
إن زل فُوْه عن جواد مِئْشِيْر ... أصلق ناباه صياح العُصْفُوْر
يتبعن جأباً كمدق المِعْطِيْر
ويقال: امرأةٌ مِعْطِيْر ومِعْطار وعَطِرةٌ, وما كان على فَعَل يَفْعَلُ فإن مصدره إذا كان على مفعَل مفتوح العين، نحو ضربه يضربه مَضْرِبًا، والموضع مكسور، نحو قولك: هذا مَضْرِبُه, وما كان من ذوات التضعيف فإنه يأتي في مصدره الفتح والكسر، نحو قولك تنحَّ عن مَدَبِّ السيل ومَدِبِّهِ, وهو المَفِرُّ والمَفَرُّ, وما كان على فعل يفعُلُ فإن مصدره إذا جاء على مَفْعَل مفتوح العين، وكذلك الموضع مفتوح، نحو قولك دَخَل يَدْخُلُ مَدْخَلاً وهذا مَدْخَلُهُ، وَخَرَجَ يَخْرُجُ مَخْرَجًا وهذا مَخْرَجُهُ، إلا أحرفاً جاءت نوادر بكسر العين، وهي مَفْرِق الرأس، وكان القياس مَفْرَقُ، ومَطْلِع، ومَشْرِقٌ، ومَغْرِبٌ، ومَسْقِط، ومَسْكِنٌ, وقد يقال مَسْكَنٌ، ومَنْبِتٌ، ومَحْشِرٌ، وقد يقال مَحْشَرٌ، ومَسْجِدٌ، ومَنْسِكٌ، ومَجْزِرٌ، فإن هذه جاءت على غير القياس، ومنها ما يقال بالفتح ومنها ما لا يُفتح, وما كان فاء الفعل منه واواً وكان واقعاً فإن المَفْعِلَ منه مكسور، مصدراً كان أو موضعًا، نحو قولك وَعْدَهُ يَعِد وَعْدًا ومَوْعِدًا وهذا مَوْعِدُهُ، وَوَصَلَهُ يَصِلُهُ وَصْلاً ومَوْصِلاً وهذه مَوْصِلُهُ, وقال الهذلي2:
ليس لميت بِوَصِيل وقد ... عُلِّق فيه طَرَفُ المَوْصِلِ
__________
1 الرجز للعجاج, كما في: "اللسان": صلق.
2 هو المتنخل, كما في: "اللسان": وصل.

(1/162)


أي لا وصل هذا الحي بالميت، أي لا مات معه, ثم قال: وقد علق فيه طرف من الموت، أي إنه سيتصل به, وما كان على فَعِل مما كان فاء الفعل منه واواً وهو غير واقع, فإن مصدره إذا كان على مَفْعِل مكسور وكذلك الموضع مكسور، نحو قولك وَجِل يَوْجَلُ وَجَلا ومَوْجِلا, والمَوْجِل الاسم, وزعم الكسائي أنه سمع مَوْجَلَ ومَوْجِل, وسمع الفراء مَوْضَعَ، من قولك وَضَعت الشيء مَوْضَعًا, وإذا كان الفعل من ذوات الثلاثة من نحو كال يَكِيل وأشباهه فإن الاسم منه مكسور والمصدر مفتوح, من ذلك ما مَمِيلاً ومَمِالاً، يُذهب بالكسر إلى الأسماء، وبالفتح إلى المصدر، ولو فتحتهما جميعاً أو كسرتهما في المصدر والاسم لجاز, تقول العرب: المَعَاش والمَعِيش، والمَعَاب والمَعِيب, والمَسَار والمَسِير, "وأنشد:
أنا الرجلُ الذي قد عبتموه ... وما فيكم لعَيَّاب مَعَابُ"
فإذا كان يَفْعَلُ مفتوحاً مثل يَخَافُ ويَهَابُ، أو كان مضموماً مثل يَقُول ويَعُول، فالاسم والمصدر فيه مفتوحان, قال الفراء: وليس في الكلام فَعْلَال مفتوح الفاء إذا لم يكن من ذوات التضعيف إلا حرف واحد، يقال: نَاقَة بها خَزْعَال، أي ظلع, فأما ذوات التضعيف فَفَعْلَال فيها كثير، نحو الزَّلْزَال والقَلْقَال وأشباهه، إذا فتحته فهو اسم وإذا كسرته فهو مصدر، نحو قولك: زَلْزَلْتُهُ زِلْزَالاً شديداً، وقَلْقَلْتُهُ قَلْقَالاً شَدِيدًا, قال: وليس في الكلام فُعْلَاء مضمومة الفاء ساكنة العين ممدودة، إلا حرفان: الخُشَّاء خُشَّاءُ الأذن، وهو العظم الناتيء وراء الأذن, وقُوْبَاءُ، والأصل فيها تحريك العين، وهو خُشَشَاء وقُوَبَاءُ, وسائر الكلام إنما يأتي على فعلاء بتحريك العين، وهو خششاءُ وقوباءُ, وسائر الكلام إنما يأتي على فُعَلَاء بتحريك العين والمد، نحو النُّفَسَاء، ونَاقَةٌ عُشَرَاء، والرُّغَثَاء: العَصَبَةُ التي تكون تحت الثَّدْي, والرُّحَضَاء: الحُمَّى تأخذ بِعَرَق, وفعل ذلك في غُلَوَاء شَبَابِهِ، وهو يتنفس الصُّعَدَاءُ، وكل هذا مضموم الأول متحرك الثاني ممدود، إلا أحرفًا نوادر، وهي شُعَبَى: اسم موضع, قال جرير:
أعبدًا حل شُعَبَى غريباً ... ألؤماً لا أبالك واغترابا
وأُدَمَىْ: اسم موضعٍ, "وجُنَفَىْ: اسم موضع", والأُرَبَىْ: الداهية, قال ابن أحمر:
فلما غَسَا ليلي وأيقنت أنها ... هي الأُرَبَىْ جاءت بأم حبوكري

(1/163)


قال: وليس في الكلام فَعَلَاء ممدودة مفتوح الفاء والعين إلا حرف واحد، وهو ابن ثَأَدَاء، وهي الأَمَة, وقد يقال: ثَأْدَاء بتسكين الهمزة, قال الكميت:
وما كنا بني الثَّأْدَاء حتى ... شفينا بالأسنة كل وِتْرِ
قال: وليس في ذوات الأربعة مَفْعِل بكسر العين إلا حرفان: مَأْقِيْ العين، ومَأْوِيْ الإبل، قال الفراء: سمعتها بالكسر، والكلام كله مَفْعَلُ، نحو رميته مَرْمَىْ، ودعوته مَدعَّى، وغزوته مَغْزَىْ, قال: وليس يأتي مَفْعُول من ذوات الثلاثة من ذوات الواو بالتمام إلا حرفان، وهو مِسْك مَدْوُوف، وثوب مَصْوُون، فإن هذين جاءا نادرين، والكلام مَصُون ومَدُوف, فأما ما كان من ذوات الياء فإنه يجيء بالنقصان والتمام، نحو طعام مَكِيل ومَكْيُول، ومَبِيَعْ ومَبْيُوع، وثوب مَخِيط ومَخْيُوط, فإذا قالوا مَخِيط بنوه على النقص لنقصان الياء في خِطْتُ، والياء في مَخِيط واو مفعول انقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وإنما انكسر ما قبلها لسقوط الياء، فكسر ما قبلها ليعلم أن الساقط ياء, ومن قال مَخْيُوط أخرجه على التمام, قال: وليس في الكلام مُفْعُول مضموم الميم إلا مُغْرُود، لضرب من الكمأة، ومُغْفُور، واحد المغافرة، وهو شيء ينضحه العُرْفُطُ حلو كالناطف, وقد يقال: مُغْثُور بالثاء، وقد يقال فيه أيضاً مِغْثَرُ ومِغْفَرُ, ومِنْخُوْر للمَنْخَرِ، ومُعْلُوْق لواحد المَعَاليق، شبه بفُعْلُوْل, قال الأصمعي: وليس في الكلام فِعْلَلُ مكسور الفاء مفتوح اللام، إلا دِرْهَمُ، ورجل هِجْرَعُ للطويل المفرط الطول, وليس في الكلام فَعُول مما لام الفعل منه واو فتأتي في آخره واو مشددة وأصلها واوان إلا عَدُوٌّ، وفَلُوٌّ، ورجل لَهُوٌّ عن الخير، ورجل نَهُوٌّ عن المنكر, وحكى عن بعض أصحابه: ناقة رَغُوٌّ، أي كثيرة الرغاء، وشرب حَسُوًّا وحساء, وإذا كان المصدر مؤنثاً فإن العرب قد ترفع عينه، مثل المَقْبُرَة والمَقْدُرَة, ولا يأتي في المذكر مَفْعُل بضم العين، قال الكسائي: إلا حرفين جاءا نادرين لا يقاس عليهما، وهما قول الشاعر1:
ليوم رَوْع أو فعال مَكْرُمِ
وقول الآخر2:
__________
1 هو أبو الأخرر الحماني, كما في: "اللسان": كرم.
2 هو جميل كما في: "اللسان": كرم، عون.

(1/164)


بثينَ الزمي لا، إن لا إن لزمته ... على كثرة الواشين أي مَعُونِ
وقال الفراء: قوله مَكْرُم جمع مَكْرُمَةٍ, وقوله مَعُون، أراد جمع مَعُونَة.

(1/165)


باب: يتكلم فيه بفَعَلْت مما تغلط فيه العامة فيتكلمون بِأَفْعَلْت
تقول: نَعَشَهُ الله يَنْعُشُهُ، أي رفعه الله، ومنه سمي النَّعْش نَعْشًا لارتفاعه ولا يقال أنعشه الله, وتقول: قد نَجَعَ فيه الدواء وقد نَجَعَ في الدابة العلف يَنْجَع، ولا يقال قد أَنْجَعَ فيه, ويقال: قد نَبَذت نَبِيذًا, وقد نَبَذت الشيء من يدي إذا أَلْقَيْتُهُ، فقال أبو محمد: أنشدني غير واحد:
نظرت إلى عنوانه فَنَبَذتُهُ ... كَنَبذك نعلاً أخلقت من نعالكا
ومنه قول الله عز وجل: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: الآية 187] , ويقال: وجد فلان صبياً مَنْبُوذًا, ولا يقال: أَنْبَذْتُ نَبِيذًا, وقد شَغَلتُهُ ولا يقال أَشْغَلْتُهُ, ويقال: قد سَعَرَهُم شراً، ولا يقال: أَسْعَرَهُم, وقد رَعَبتُهُ إذا أفزعته، وكذلك رَعَبت الحوض إذا ملأته، وهو مَرْعُوْب, قال الهذلي 1:
نقاتل جوعهم بمكللات ... من الفرني يَرْعَبُهَا الجميل
ويروى: "نقابل جوعهم", أي تملؤها الإهالة, ويقال: جَمَلت الشحم إذا أَذَبته، وكذلك اجتَلَمت, وقال الآخر2:
بذي هيدب أيما الربا تحت وَدْقه ... فَتَروى وأيما كل وادٍ فَيَرْعَبُ
أيما: في معنى أما, وقد هَزَلت دابتي، وكذلك هَزَل في منطقه يَهْزِلُ هزلاً ويقال: قد أَهْزَلَ الناس: إذا وقع في أموالهم الهُزَال, وقد كَفَأت الإناء فهو مَكْفُوْء إذا قلبته, ويقال: قد قَلَبت الشيء أَقْلِبُه قلباً, وقد قَلَبت الصبيان وَصَرَفتهم، بغير ألف, وقالوا: أَقْلَبَت الخُبْزة، إذا نضجت وأنى لها أن تُقْلَب، وقد وَقَفت دابتي، وقد وَقَفت وَقْفًا للمساكين، وَوَقَفته على ذنبه كله بغير ألف وحكى الكسائي: ما أَوْقَفَك ها هُنا؟
__________
1 هو أبو خراش الهذلي, كما في: "اللسان": فرن.
2 هو مليح بن الحكم الهذلي, كما في: "اللسان": رعب.

(1/165)


أي شيء أَوْقَفَك ها هنا؟ صيرك إلى الوُقُوف, قال الأصمعي: يقال: جَنَبَت الريح وشَمَلت وقَبَلت وصَبَت ودَبَرت، كله بغير ألف, ويقال: قد أَجْنَبنا وأَشْمَلْنا، أي دَخَلنا في الجنوب والشمال, ويقال: قد بَرَقت السماء وأَرْعَدَت، وقد بَرَق ورَعَد إذا تَهَدد وأوعد, قال: ولم يكن يرى بيت الكميت حجة لأنه عنده مولد، وهو قوله:
أَبْرِقْ وأَرْعِدْ يا يزيد ... فما وعيدك لي بضائر
وحكى أبو عبيدة وأبو عمرو: بَرَق ورَعَد، وأَبْرَقَ وأَرْعَدَ، إذا تهدد "وأوعد", الفراء: يقال: وَعَدتُهُ خيراً ووَعَدتُهُ شراً، بإسقاط الألف، فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير: وَعَدتُهُ، وفي الشر: أَوْعَدْتُهُ، وفي الخير: الوَعْد والعِدَة، وفي الشر: الإِيْعادُ والوَعِيدُ, وإذا قالوا: أَوْعَدْتُهُ بالشر أو بكذا، أثبتوا الألف مع الباء, وأنشد:
أَوْعَدَني بالسجن والأداهمِ ... رجلي ورجلي شَثْنَةُ المناسم
ويقال: قد كَبَبتُهُ لوجهه وَكَبَّ الله الأبعد لوجهه, ولا يقال أَكَبَّ الله, ويقال: قد عَلَفت الدابة وقد رَسَنتُهَا بغير ألف، وقد حَشَشت بعيري، وقد حَمَيت المريض أَحْمِيه حِمْيَة، وقد حَمِيتُ أَنْفًا أن أفعل كذا وكذا حِمْية ومَحْمِيَة، إذا أنفت أن تفعله, ويقال: عِبْتُهُ ولا يقال: أَعَبتُهُ, وحَدَرت السفينة، ولا يقال أَحْدَرْتُهَا, وعن غير يعقوب: حَمَيت المكان وأَحْمَيْتُهُ، أي جعلته حِمًى لا يقرب ومنعت الناس منه، وكذلك المسمار، وأَحْمَيْتُهُ, وأنشدنا أبو الحسن ويعقوب وغيره:
حَمَى أجماته فتركن قفراً ... وأَحْمَي ما يليه من الإجام
ويقال: قد عِبْتُهُ فهو مَعِيب، ولا يقال: أَعَبتُهُ, وقد رَفَدتُهُ، ولا يقال: أَرْفَدْتُهُ.

(1/166)


باب: ما يتكلم فيه بِأَفْعَلْت مما يتكلم فيه العامة بفَعَلت
قال أبو عمرو: يقال: أَزْلَلْت له زَلَّة، ولا يقال: زَلَلت, وقد أَغْلَقْت الباب فهو مُغْلق، ولا يقال: مَغْلُوق, وقد أَقْفَلْتُهُ فهو مقفل، ولا يقال: مَقْفُوْل, وقد أَثْفَرْت البرذون فهو مُثْفر, وأَلْبَدْتُهُ فهو مُلْبد, وأَلْبَبْتُهُ فهو مُلْبب, وأَعْقَدْت العسل فهو مُعْقد، وقد عَقَدت الخيط والعهد أَعْقده عَقْدًا, وقد عَقَد عُقْدَةَ النِّكَاح، وقد عَقَد له عَقْدًا, ويقال:

(1/166)


أَجْبَرْتُهُ على الأمر فهو مُجْبَر, وقد أَجْبَرَ القاضي فُلَانًا على النَّفَقَةِ على ذي محرمه، وقد جَبَرتُهُ من فقر أَجْبُرُه جَبْرًا، وقد جَبَر الله فُلَانًا فَجَبَرَ, قال العجاج:
قد جَبَر الدين الإله فَجَبَر
وتقول: قد أَكَبَّ على الأمر يُكِبُّ إِكْبابًا, وتقول: قد أَعْجَمْت الكتاب فأنا أُعْجِمُهُ إِعْجَامًا، وهي حروف المعجم, وقد عَجَمت النَّوَى فأنا أَعْجُمُه عَجْمًا، إذا لُكْتُهُ، وقد عَجَمت العود، إذا عَضَضته بأسنانك لتنظر أصلب هو أم خوار، وقد عَجَمت فلانًا فوجدته صُلْبًا من الرجال, وقد أَحْمَيْت المسمار فهو مُحْمَىً، ولا يقال حَمَيته, ويقال: قد أَصْحَتِ السماء فهي تُصْحِي إِصْحاء، وهي مُصْحِيَة، وقد صَحَا السكران من سكره يَصْحُو صُحُوًّا فهو صاحٍ, وقد أَشْرَعْت باباً إلى الطريق، وقد أَشْرَعْت الرمح قبله، وقد شَرَعت لكم في الدين شريعه, وقد شَرَعت في هذا الأمر, وقد شَرَعت الدواب في الماء تَشْرَعُ شُرُوعًا, وقد أَزْجَجْت الرمح فهو مُزَجٌّ إذا عَمِلت، وقد زَجَجتُهُ أَزُجُّهُ، إذا طَعَنته بالزُّج, وقد أَنْصَلْت الرمح فهو مُنْصَل، إذا نزعت نصله، وقد نَصَّلتُهُ إذا ركبت عليه النَّصْل وهو السِّنَان, وكان يقال لرجب في الجاهلية مُنْصِل الأسنة، ومُنْصِل الأَلِّ؛ لأنهم كانوا ينزعون الأسنة فيه ولا يغزون، ولا يغير بعضهم على بعض, قال الأعشى:
تداركه في مُنْصِلِ الألِّ بعدما ... مضى غير دَأْدَاء وقد كاد يعطب
الدَّأْدَاء: أخر ليالي الشهر, ويقال: قد أَوْعَيْت المتاع، إذا جعلته في الوِعَاء, وقد وَعَيت ما قلت لي، وَوَعَيْت العلم إذا حَفِظته, وقد أَحْمَأْت البئر، إذا أَلْقَيْت فيها الحَمَأَةَ، وحَمَأتُهَا، إذا نزعت حَمْأَتَهَا, وقد أَمْلَحْت القدر، إذا أكثرت مِلْحَهَا، وقد مَلَّحْتُهَا، إذا أَلْقَيْت فيها مِلْحًا بقدر, ويقال: قد أَغْفَيْت ولا يقال: أَغْفَوت, ويقال: قد أَشْرَطَ من إبله وغنمه، إذا أعد منها شيئاً للبيع, وقد أَشْرَطَ نفسه لكذا وكذا، أي أَعْلَمَها له وأعدها, قال الأصمعي: ومنه سمي الشُّرَط شُرَطًا؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم عَلَمًا يعرفون به, ومنه أَشْرَاط الساعة، أي علاماتها, قال أبو عبيدة: سموا شُرَطًا لأنهم أعدوا, وقد شَرَط له شَرْطًا, وقد شَرَط الحاجم يَشْرِطُ ويَشْرُطُ, وتقول: قد أَقْفَلَت الجند من مبعثهم، وقد قَفَلُوا هم يَقْفُلُون ويَقْفِلون، خفض ورفع، قُفُولاً وقَفَلاً, وقد أَقْفَلَه الصوم إذا أَيْبَسَه, ومنه قيل خيل قَوَافِلُ، أي ضَوَامِر, ويقال لما يبس من الشجر: القَفْل, قال أبو ذؤيب:

(1/167)


فَخَرَّتْ كَمَا تَتَّايَعُ الرِّيْحُ بالقَفْلِ
وتقول: أَشَبَّ الله قَرْنَهُ، بألف, وقد شَبَّ الغلام يَشِبُّ شَبَابًا, وقد شَبَّ النَّار والحرب يَشُبُّهَا شَبًّا, وقد شَبَّ الفرس يَشِبُّ شِبَابًا وشَبِيبًا, ويقال: قد أَقْرَنَ له إذا أَطَاقَهُ، قال الله عز وجل: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: الآية 13] أي مُطيقين, والمُقْرِن أيضاً: الذي قد غلبته ضيعته، وهو أن تكون له إبل وغنم ولا معين له عليهما، أو يكون يسقي إبله ولا ذائد له يذودها, وقد أَقْرَنَ رمحه، إذا رفعه, وقد قَرَن له يَقْرُنُ له، إذا جعل له بعيرين في حبل, وقد قَرَن بين الحج والعمرة, وفُلَان قارن، إذا كان معه سيف ونبل, وقد أَسْبَعَ الراعي، إذا وقعت السِّبَاع في غنمه, وقد أَسْبَعَ فلان عبده، إذا أهمله, وقد سَبَع فلان فلاناً، إذا وقع فيه, وقد سَبَعت الذئاب الغنم، إذا فَرَسَتْها, وتقول: قد أَتْرَبَ الرجل فهو مُتْرِب، وأَثْرَى فهو مُثْرٍ، إذا كثر ماله, وقد تَرِب إذا افتقر, وقد أَضَاع فهو مُضيع إذا كثرت ضيعته, وقد ضَاع الشيء يَضِيع ضَيْعَة وضَيَاعًا, ويقال: قد أَرْعَى الله الماشية يُرْعِيْهَا إِرْعَاء، أي أنبت لها ما تَرْعَى, وقد رَعَاه الله، أي حفظه, وقد رَعَيتُ ماشيتي أَرْعَاْهَا, وقد رَعَيت له حرمة, وقد أَحْفَظْت الرجل إِحْفاظًا، إذا أغضبته, وقد حَفِظت العلم وغيره أَحْفَظُه حِفْظًا, ويقال: قد أَحْصَرَه المرضُ، إذا منعه من السفر أو من حاجة يريدها, قال الله عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] , وقد حَصَرَهُ العدو يَحْصُرُونَهُ حَصْرًا، إذا ضيقوا عليه, ومنه قوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: الآية 90] أي ضاقت, ومنه:
جَرْدَاء يَحْصَرُ دونها جرامها1
أي تضيق صدورهم من طول هذه النَّخْلة, ومنه قيل للمحبس حَصِير، أي يُضَيَّق به على المحبوس, قال الله جل وعز: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء: الآية8] أي محبسًا, ومن رجل حَصُور وحَصِير، وهو الضَّيِّق الذي لا يخرج مع القوم ثمناً إذا اشتروا الشراب, وقال الأخطل:
وشارب ربح بالكأس نادمني ... لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّار
"أي بمعربد", ويقال: أَقْمَعْت الرجل عني إِقْماعًا، إذا اطَّلَع عَلَيك فَرَدَدْتَهُ عنك.
__________
1 للبيد في معلقته, وصدره:
أعرضت وانتصبت كجذع منيفة

(1/168)


وقد قَمَعتُهُ أَقْمَعُهُ قَمْعًا، إذا قَهَرتُهُ وأَذْلَلْتُهُ, ويقال: قد أَقْرَعُوهُ خير مالهم وخير نهبهم، إذا أعطوه خير قُرْعَتِهِمْ، وهي الخِيَار, وقد أَقْرَعَ الدابة بلجامها إذا كَبَحَهَا به, وقَرَع الفحل الناقة قَرْعًا وقَرَاعًا، وقد قَرَع رأسه بالعصا يَقْرعُه قَرْعًا, وقد أَرْهَنَ في كذا وكذا يَرْهَنُ إِرْهانًا، إذا سلف فيه, قال الشاعر:
عيدية أُرْهِنَت فيها الدنانير
وقد رَهَنتُهُ كذا وكذا أَرْهَنُه رَهْنًا, قال الأصمعي: ولا يقال أَرْهَنْتُهُ, قال: وقول عبد الله بن همام السلولي:
فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأَرْهَنُهُمْ مالكا
قال: هو كقولك: قُمْت وأَصُك عينه, قال: ورواية من روى: "نجوت وأَرْهَنْتُهُم مالكا" خطأ, وأَرْهَنَ لهم الشراب والطعام، إذا أقام عندهم.
وقد أَشْحَنَ الصبي للبكاء، إذا تَهَيَّأَ للبكاء, قال الهذلي:
وقد هَمَّت بإشحان1
ويقال: قد شَحَنَهم يَشْحَنُهُمْ شَحْنًا، إذا طردهم، وقد شَحَنت السفينة أَشْحَنُها شَحْنًا، إذا مَلَأتُهَا, ويقال: قد أَنْبَلْتُهُ سهماً، إذا أعطيته, ويقال: قد نَبَلَهُ بالنبل يَنْبُلُه، إذا رماه بالنبل, وقد نَبَل الإبل يَنْبُلُها نَبْلاً، إذا ساقها سوقاً شديداً, قال الراجز:
لا تأويا للعيس وانْبُلَاها ... فإنها ما سَلِمت قُوَاها
بعيدة المصبح من مُمْساها
ويقال: قد أَشْجَاه يُشْجِيْه إِشْجاء، إذا أغصه, وقد شَجَاه يَشْجُوْه شَجْوًا، إذا حزنه, ويقال: طَعَنَهُ فَأَذْراه عن ظهر فرسه، أي ألقاه, وقد ذَرَته الريح تَذْرُوه، إذا نَسَفته, ويقال: اعْلُ على الوسادة, وقد عَلَوتُهَا, وقد عَلَوت الجبل, ويقال: ما أَفْرَشَ عنه، أي ما أَقْلَعَ عنه, قال الراجز 2:
نعلوهم بقضب منتخله ... لم تعد أن أَفْرَشَ عنها الصقله
__________
1 لأبي قلابة الهذلي, والبيت كما في: "اللسان": شحن.
إذ عارت النبل والتف اللفوف إذا
سُلُّوا السيوف, وقد هَمَّت بِإِشْحَان
2 هو العامري يزيد بن عمرو بن الصعق.

(1/169)


أي أَقْلَعَ, وقد فَرَش الفُرْش يَفْرُشُه فَرْشًا, ويقال: ما أَنْقَرَ عنه أي ما أقلع عنه, ويروى عن ابن عباس أنه قال: "ما كان الله لِيُنْقِرَ عن قاتل المؤمن"، أي يُقلع, قال الشاعر:
وما أنا عن أعداء قومي بِمُنْقِرِ
وقد نَقَره يَنْقُرُه، إذا عابه ووقع فيه, ويقال: ما أَقْلَعَت عنه الحمى, وتركت فلاناً في إَقْلَاع من الحمى، وفي قَلَع من حُمَّاه, ويقال: قد أَقْلَعَ فلان عما كان عليه, وقد قَلَع الشيء يَقْلَعُه قَلْعًا, ويقال: قد أَجْرَمَ يُجْرِم إِجْرامًا وجَرِيمَة, ويقال: قد جَرَم النَّخْل يَجْرِمه جَرْمًا، إذا صَرَمَهُ, وقد جَرَم صوف الشاة، إذا جَزَّه, وقد جَرَم منه إذا أَخَذ منه, ويقال: آَدَاه يُؤْدِيْه إِيْداء، إذا أَعَانَهُ, وقد أَدَا له يَأْدُوْ له أَدْوًا، إذا خَتَلَهُ, قال الشاعر:
أَدَوتُ له لآخذه ... فهيهات الفتى حذرا
نصبه على الحال, ويقال: قد أَضَبَّ القوم، إذا تَكَلموا جميعاً, ويقال: قد ضَبَّها يَضُبُّها، وضَفَّها يَضُفُّها، وهو الحلب بالكف جميعاً, ويقال: قد أَحْلَبَه, إذا أعانه على الحَلْب, وقد حَلَب وحده يَحْلُبُ حَلَبًا, ويقال: قد أَذَدتُهُ، إذا أَعَنتُهُ على ذِيَاد إبله, وقد ذُدْت أنا الإبل أَذُودُهَا ذَوْدًا, قال: وأنشدنا الطوسي:
ناديت في الحي ألا مُذِيدًا ... فأقبلت فتيانهم تَخْويدا
وقد أَبْغَيْتُهُ، إذا أَعَنتُهُ على بُغَاء حاجَتِهِ, وقد بَغَيت أنا الحاجة أَبْغِيْهَا, ويقال: أَنْشَدْت الضالة، إذا عَرَفتها, وقد نَشَدتُهَا أَنْشُدُها نِشْدانًا، إذا طَلَبتها, ويقال: قد أَوْبَصَت الأرض في أول ما يظهر نبتها, وقد أَوْبَصَت ناري، وذلك أول ما يظهر لَهِيبها, وقد وَبَص الشيء يَبِص وَبِيصًا، إذا بَرَقَ، وَبَصَّ يَبِصُّ بَصِيصًا, ويقال: ضَرَبَهُ بالسَّيْف فما أَحَاك فيه, ويقال: قد حَاك في مشيته يَحِيك حَيْكًا, ويقال: قد أَضْرَبَ عن الأمر يُضْرِبُ إِضْرابًا, ويقال: قد أَضْرَبَ في بيته، إذا أَقَام في بيته, حكاها أبو زيد, قال أبو يوسف: وَسَمِعْتُهَا من جماعة من الأعراب: قد أَضْرَبَ الرجل الفحل الناقة، وقد ضَرب الفحل الناقة يَضْرِبها ضِرَابًا, وقد ضَرَب العرق يَضْرِب ضَرْبًا, وضَرَب الرجل يَضْرِب، إذا خرج في ابتغاء الرزق, ويقال: قد أَطَلَّ الرجل على الشيء يُطِلُّ إِطْلَالاً، إذا أَشْرَفَ عليه, وقد طَلَّ دَمَه يَطُلُّه طَلًّا، إذا أهدره، وهو دَمٌ

(1/170)


مَطْلُول, وقد أَبْرَيْت الناقة أُبْرِيها إِبْرَاء، إذا عملت لها بُرَةً, وقد بَرَيتُهَا أَبْرِيْها، إذا حَسَرتُهَا, وأهبت لحمها, وقد بَرَيت القلم وغيره أَبْرِيْه بَرْيًا, ويقال: قد أَكْنَنْت الشيء، إذا سَتَرته, قال الله عز وجل: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: الآية 235] وقد كَنَنْتُهُ، إذا صُنْتهُ, قال الله عز وجل: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} [الصافات: الآية 49] , وقال الشماخ:
ولو أني أشاء كَنَنتُ جسمي ... إلى بيضاء بهكنة شموع
ويقال: قد أَعْتَقْت العبد فَعَتَقَ، وهو يَعْتِق عِتْقًا وعَتَاقة وعَتَاقًا, وهو عبد مُعْتَق وعَتِيق, ويقال: عَتَقَت فرس فلان، أي سَبَقت ونَجَت, ويقال: قد عَتَقَتْ عليه يمين، أي تقدمت ووجبت, قال أوس:
عليَّ ألية عَتَقَتْ قديماً ... فليس لها وإن طلبت مرام
ويقال: أَتَيتُهُ في حاجة فَأَصْفَحَني عنها، أي رَدَّني, وقد صَفَحت عن ذنبه أَصْفَحُ صَفْحًا, وقد أَعْرَضْت عن الشيء أُعْرِض إِعْراضًا, وقد عَرَضتُ العود على الإناء أَعْرِضه عَرْضًا, وعَرَضت السيف على فخذي وقد عَرَضت عليه الحاجة أَعْرِضها عَرْضًا، وكذلك عَرَضت الجند أَعْرِضهم عَرْضًا, قال: قال يونس: قد فاته العَرَض, مفتوحة الراء، كما يقال: قَبَضَهُ يَقْبِضه قَبْضًا، وقد ألقاه في القَبَض, وقد عَضَدت الشجر أَعْضِده عَضْدًا, ويقال لما عُضِدَ منه: العَضَد, وقد خَبَطت الشجر أَخْبِطه خَبْطًا, ويقال: لما سَقَط من ورقه: الخَبَط, وقد لَقَطت الرطب أَلْقُطُه لَقْطًا، واللَّقَط: ما لُقِط, وقد رَفَضت الإبل تَرْفِض رَفْضًا، إذا انتشرت في مرعاها، وهي إبل رَفَض, وقد نَقَضت الشيء أَنْقُضُه نَقْضًا، وكذلك نَقَضت الشجرة، ويقال لما سَقَط منها: النَّقَض, ويقال: قد أَزْرَيْت به، إذا قصرت به, وقد زَرَيت عليه، إذا عِبْت عليه فِعْلَهُ, قال الشاعر:
يأيها الزَّارِي على عُمَر ... قد قلت فيه غير ما تَعْلَمُ
ويقال: قد أَخْفَيْت الشيء، إذا كَتَمتُهُ, وقد خَفَيتُهُ، إذا أَظْهَرْتهُ, فهذا المعروف من كلام العرب, قال أبو عبيدة: ويقال: أَخْفَيْتُهُ، في معنى خَفَيتُهُ، إذا أَظْهَرْتُهُ, وتقول: قد أَعَنتُهُ من العَوْن، وهو مُعَانٌ, وقد ِعْنتُهُ، إذا أصبته بعين، فهو مَعِين ومَعْيُون, وقد أَعَرتُهُ كذا وكذا وهم يَتَعَوَّرون العوارى بينهم, وقد عِرْتُهُ، إذا صَيَّرتَهُ

(1/171)


أَعْوَرَ, ويقال: قد أَخْلَيْتُ المكان إذا صادفته خالياً, وقد خَلَيت الخلا، إذا جَزَزتَهُ, قال عتي بن مالك العقيلي:
أتيت مع الحُدَّاث ليلي فلم أبن ... وأَخْلَيْت فاستعجمت عند خَلَائي
ويقال: قد أَرْعَى الله الماشية، أي أنبت لها ما تَرْعَى, وقد أَرْعَيْت عليه، إذا أَبْقَيْت عليه, وقد َرَعيت الماشية أَرْعَاها رَعْيًا, وقد َرَعيت ُحْرمته ِرَعاية, وقد َأْقَتْلتُهُ، إذا عرضته للقتل, وقد قَتَلتُهُ، إذا وليت ذلك منه أو أَمَرت به, وقد أَطْرَدْتُهُ، إذا صيرته طَرِيدًا, وقد َطَردتُهُ، إذا نَفَيته عنك, وقد أَقْبَرْتُهُ، إذا صيرت له قَبْرًا يدفن فيه, قال الله جل ثناؤه: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُِ} [عبس: الآية:21] , قال أبو عبيدة: وقالت بنو تميم للحجاج، وكان قَتَل صالحاً وصلبه: "أقبرنا صالحاً1", وقد أَقْبَرْتُهُ، إذا دفنته, وقد أَبَعت الشيء إذا عَرَضته للبيع, وقد بِعْتُهُ أنا من غيري, قال الهمداني2:
فرضيت آلاء الكميت فمن يُبِع ... فرساً فليس جوادنا بمُبَاع
أي بمعرض للبيع, ويقال: قد أَنْجَت السماء، إذا وَلَّت, وقد نَجَا من كذا وكذا يَنْجُو نَجَاء ونَجَاة مقصور, وقد أَنْسَلَت الناقة وَبَرَهَا، إذا أَلْقَتْه, وقد نَسَلت بولد كثير تَنْسُلُ, وقد نَسَل الوبر يَنْسُلُ ويَنْسِلُ، إذا سقط نَسَلانًا, قال الله عز وجل: {إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: الآية:51] , ويقال: قد أَعَقَّت الفرس فهي عَقُوق، ولا يقال مُعِقٌّ, وهي فرس عَقُوق، إذا انفَتَق بطنها واتسع للواد, وكل انشقاق فهو انعِقَاق، وكل شق وخرق فهو عَقٌّ, ومنه يقال للبرقة إذا انشقت: عَقِيقَة, وقد عَقَّ عن ولده يَعُقُّ عَقًّا، إذا ذبح عنه يوم أُسْبُوعِهِ, وقد عَقَّ أباه يَعُقُّهُ عُقُوقًا, ويقال: أَحْسَبَه، إذا أَكْثَرَ له, قال الشاعر:
ونُقْفِي وليد الحي إن كان جائعاً ... ونُحْسِبُهُ إن كان ليس بجائع
أي نُكْثر له ونعطيه حتى يقول حَسْب, وقد قوله: عَطَاءً حِسَابًا أي كَثِيرًا, وقد حَسَبت الشيء أَحْسُبُه حِسَابًا وحُسْبانًا وحِسْبة, قال الله عز وجل: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن: الآية:5] , أي بحِسَاب, وقال الأسدي، أنشدنيه ابن الأعرابي:
يا جمل أسقاك بلا حِسَابَهْ ... سقيا مليك حَسَن الرِّبَابَهْ
__________
1 صالح بن عبد الرحمن كاتب الوليد بن عبد الملك, كما في: "اللسان": قبر.
2 هو الأجدع بن مالك الهمداني، كما في: "المقاييس.

(1/172)


وقال النابغة:
وأسرعت حِسْبَة في ذلك العدد
ويقال: قد أَنْهَدْت الحوض، إذا مَلَأتُهُ، وهو حضو نَهْدَان, وقد نَهَدتُ للعدو، إذا نَهَضت لهم, ويقال: قد أَفْلَقَ في كذا وكذا، إذا جاء فيه بالعَجَب, وقد جاء بالفِلْق, وقال سويد بن كراع:
إذا عَرَضت داوية مُدْلَهِمة ... وعرد حاديها فرين بها فِلْقَا
وقد فَلَق الصخرة يَفْلِقها فَلْقًا, وقال ابن الأعرابي: قد أَفْرَى أَوْدَاجه، أي قطعها, ويقال قد أَفْرَى الذئب بطن الشاة، إذا شقها, ويقال: قد فَرَى يَفْرِي، إذا خَرْزَعَ, قال الراجز:
شَلَّت يدا فَارِيَة فَرَتهَا ... مسك شبوب ثم وَفَّرَتْهَا
ويقال: هو يَفْرِيْ الفَرِيَّ، إذا جاء بالعجب في عمل عمله أو في سرعة عَدْوٍ, ويقال: قد أَفْرَقَ من علته يُفْرِق إِفْراقًا, ويقال: قد فَرَق شَعْره يَفْرُقُهُ ويَفْرِقُهُ فَرْقًا, وقد فَرَق بين الحق والباطل يَفْرُقُ فَرَقًا وفُرْقَانًا, ويقال: قد أَعْلَقَ الحابل يُعْلِق إِعْلَاقًا، إذا علق الصيد في حبالته, ويقال: قد عَلَقت الإبل تَعْلُقُ، إذا تناولت من ورق الشجر، وهي إبل عَوَالِق, وجاء في الحديث: "أرواح الشهداء في أَجْوَاف طير خُضْر تَعْلُقُ من ورق الجنة" , ويقال: قد أَشْهَدَ الرجل، إذا أَمْذَى, حكاه عن أبي عمرو, وقد شَهِد، إذا حَضَر, ويقال: قد شَهِد بالشَّهَادة, ويقال: قد أَشْهَرْنا في هذا المكان، أي أَقَمنا فيه شَهْرًا, وقد شَهَر سيفه يُشْهِرُه شَهْرًا، وشُهَر بالأمر يُشْهر شَهْرًا وشُهْرَةً, ويقال: قد أَخْطَبَك الصيد، أي أَمْكَنَك ودَنَا منك، عن أبي زيد, وقد أَخْطَبَ الحنظل إذا صار خُطْبَانًا، وهو أن يصير فيه خُطَط خُضْر, وقد خَطَب الخاطب على المنبر يَخْطُبُ خُطْبَة, وقد خَطَب في النكاح يَخْطِبُ خِطْبَة, ويقال: قد أَقْنَعَ رأسه، إذا رَفَعَهُ قال الله جل ثناؤه: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} [إبراهيم: الآية:43] , وقد أَقْنَعَني كذا وكذا, وقد قَنَعت الإبل والنعم للمرتع، إذا مالت, وقد أَقْنَعْتُهَا أنا، وقد قَنَعَتْ لمأواها، إذا مالت إليه, ويقال: قد أَخْرَطَت الشاة تُخْرِط إِخْرَاطًا، إذا جعل لبنها يخرج مثل قطع الأوتار، من فساد يصيبها في ضرعها, وقد خَرَطت الورق أَخْرُطُه خَرْطًا, ويقال: قد أَسَمت الماشية، إذا أخرجتها إلى الرعي, وقد سُمْتُهُ خَسْفًا، إذا أَرَدتُهُ عليه, ويقال:

(1/173)


قد أَدَنتُهُ، إذا بِعْتُهُ بالدَّيْن, وقد دِنْتُهُ، إذا جزيته, وقد أَغْرَيْتُهُ بكذا وكذا, وقد غَرَوت السهم أَغْرُوه غَرْوًا فهو مَغْرُوٌّ، إذا جعلت عليه الغِرَاء, ومثل للعرب: "أَدْرَكْنِيْ ولو بأحد المَغْرُوَّين" أي بأحد السهمين, وقد أَشْكَيْت الرجل، إذا ألجأته أن يَشْكُوْك, وقد َأْشَكْيتَهُ، إذا نزعت عن شِكَايَتِه, قال الراجز:
تمد بالأعناق أو تلويها ... وَتَشتَكِي لو أننا نُشْكِيْها
مَسَّ حَوَاي قلما نجفيها
وقد شَكَوت فلاناً أَشْكُوْه شِكَاية وشَكَاة، إذا أخبرت عنه بسوء فعله, ويقال: قد أَغْبَطَت عليه الحُمَّى إذا دامت عليه, وقد أَغْبَطَت عليه السماء، إذا دام مَطَرها, ويقال: قد أَغْبَطْت الرحل على ظهر البعير، إذا أدمته عليه ولم تحطه عنه, قال الراجز1:
وانتسف الجالب من أندابِهِ ... إِغْبَاطُنَا الميس على أَصْلَابِهِ
وقد غَبَطت الرجل أَغْبَطُهُ غِبْطَةً، إِذَا اشْتَهَيت أن يكون لك مثل ما له, وأن يدوم له ما هو فيه, وقد غَبِطت الكبش أَغْبِطُه غَبْطًا، إذا جَسَست أَلْيَتَه لتنتظر أبه طرق أم لا, قال الشاعر:
إني وأَتْى ابن غلاق ليقريني ... كالغابط الكلب يرجو الطرق في الذنب
ويقال: قد أَطْرَقَ الرجل يُطْرِق إِطْرَاقًا، إذا سكت فلم يتكلم, ويقال: قد َأْطَرْقتُهُ فَحْلًا، إذا أعطيته فحلاً يضرب في إبله, ويقال: قد اطَّرَقَت الإبل، إذا تَبِع بعضها بعضاً, وهي الطَّرَقَةُ، لآثار الإبل إذا كان بعضها خَلْف بعض, قال الراجز:
جاءت مَعًا واطَّرَقَتْ شَتِيتًا ... وهي تثير الساطع السِّخْتِيْتا
وقد طَرَقت الصوف أَطْرُقُهُ طَرْقًا، إذا ضَرَبتُهُ بالمطرق، وهو القضيب, وقد طَرَقت الإبل الماء تَطْرُقُهُ طَرْقًا، إذا خاضته وبالت فيه وبعرت، وهو ماء طَرْق, ويقال: طَرَقْت الرجل أَطْرَقُهُ طُرُوقًا، إذا أَتَيتُهُ ليلاً, ويقال: أَرَمَّ القوم، إذا سكتوا, قال الراجز2:
__________
1 حميد الأرقط, أو أبو النجم العجلي، "اللسان": غَبَط.
2 حميد الأرقط, كما في: "اللسان": رَمَم.

(1/174)


يَرِدن والليل مَرِمٌّ طائره ... مرخي رواقاه هجود سامره
ورد المحال قَلِقَتْ محاوره
ويقال: قد أَرَمَّت عظام الشاة، إذا كان فيها رِمٌّ، وهو المُخُّ, ويقال: للشاة المهزولة: ما يُرِم منها مضرب، أي إذا كسر عظم من عظامها لم يُصَب فيها مُخٌّ, ويقال: قد رَمَّت الغنم النبت ترمه رَمًّا، إذا أكلته, ويقال: َأْفَحْلتُهُ فحلاً إذا أعطيته فحلاً يضرب في إبله, وقد فَحَلت إبلي فَحْلاً، إذا أَرْسَلْت فيها فَحْلاً, قال الراجز:
إنا إذا قَلَّت طخارير القزع ... وصدر الشارب فيها عن جَرَع
نَفْحَلُها البيض القليلات الطَّبَع ... من كل عَرَّاص إذا هز اهتزع
مثل قدامى النَّسْر ما مَسَّ بَضَع
ويقال: قد أَغْبَرْت في طلب الحاجة، إذا جَدَدت في طلبها, ويقال: قد غَبَرتُ فيهم، إذا بَقِيت, ويقال: قد أَطْلب الماءُ فهو مطلب، إذا كان بعيداً من الكلإ, وقد طَلَبت الشيء فأنا أَطْلُبُهُ طلباً, ويقال: قد أَغَرتُُ على العدو إِغَارَة وَغَارَة, وقد أَغَرت الحبل إِغَارَة، إذا شَدَدت فَتْلَهُ, وقد أَغَار يُغِير إِغَارَة، إذا شَدَّ العَدْو, وقد غَار على أهله يَغَارُ غَارًا وَغَيْرَةً, وقد غارت عينه تَغُور غُؤُورًا, وقد غار الماء يَغُور غَوْرًا وغُؤُورًا, قال الله عز وجل {إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً} [الملك: الآية 30] , سماه بالمصدر، كما تقول: ماءٌ سَكْب، وأَذْن حَشْر، وإنما هو حُشِرت حَشْرًا, وكذلك درهم ضَرْب, وقد غار أهله يَغِيرُهُم غِيَارًا، إذا مارَهُم, وقد غارَهُم الله بالغيث وبالخير يَغُورُهُم وَيَغِيْرُهُم, وحكى الفراء: اللهم غُرْنا منك بخير، وغِرْنا, وَقَد غَار يَغُور، إذا أتى الغَوْر، فهو غائر, قال الأصمعي: ولا يقال أَغَار, وزعم الفراء أنها لُغَة، واحتج صاحبُ هذه اللغة بيت الأعشى:
نَبِيٌّ يرى ما لا ترون
وقوله:
أَغَار لعمري في البلاد وأنجدا
ويقال: قد أَحْبَسْت فرسي في سبيل الله فهو حَبِيس ومُحْبس, وقد حَبِست الرجل في الحَبْس أَحْبِسُه حَبْسًا, ويقال: قد أَخْلَدَ بالمكان يُخْلِد إِخْلَادًا، إذا أَقَام, وقد خَلَد يَخْلُدُ خُلُودًا، إذا بقي, ويقال: رَجُل مُخْلدٌ، إذا أَسَنَّ ولم يَشِب, ويقال: قد أَقْصَيْتُهُ عني، إذا باعَدْتُهُ, ويقال: قَصَوت البعير فهو مَقْصُوٌّ، إذا قَطَعت طرف أذنه، ويقال: ناقة قَصْوَاءُ وجمل مَقْصُوٌّ "ومقصيٌّ", ولا يقال أقصى, ويقال: أَعْيَيْت في المشي أُعْيَ

(1/175)


إِعْيَاء، وَأَنَا مُعْي، ولا يُقَال: عَيَّان, وقد عَيِيت بالمنطق فَأَنا أَعْيَا عَيًا، وَأَنا عَيِيٌّ وعَيٌّ، إذا لم تَتِّجِهْ لَهُ, وتَقُول: قد أَضَفْت الرُّجَل، إذا أَنْزَلْتَهُ عليك, وقد أَضَفتُهُ إلى كذا وكذا، إذا أَلْجَأْتُهُ, وقد أَضَفت من ذلك الأمر، إذا أَشْفَقْتَ منه, والمَضُوفَةُ: الأمر يُشْفَقُ مِنْه, وقد ضِفْت فُلَانًا، إذا نَزَلت عليه, وقد ضَافَ السَّهْم عن الهدف وَصَاف, إذا عَدَل، بالضاد والصاد, وقد أَنْصَفَ الرجلُ صاحِبَهُ إَنْصَافًا، وقد أعطاه النَّصَفَةَ, ويقال: قد نَصَف النهارُ يَنْصُفُ، إذا انتَصَفَ, قال المسيب بن علس:
نَصَف النهارُ الماءُ غامرهُ ... وَشَرِيْكُهُ بالغيب ما يدري
أراد: انتَصَفَ النهار والماء غامره لم يخرج, قال: ذكر غائصاً أنه غاص فانتصف النهار فلم يخرج من الماء, ويقال: قد نَصَف الإزارُ ساقَهُ يَنْصُفُهَا، إذا بلغ نِصْفَهَا, قال الشاعر1:
وكنت إذا جاري دعا لمَضُوفة ... أشمر حتى يَنْصُفَ الساق مِئْزَرِي
ومَضُوفة: أمر يُشْفَقُ منه, وقال ابن ميادة:
تَرَى سَيْفَهُ لا تَنْصُفُ الساق نعله ... أجل لا وإن كانت طوالاً حَمَائله
وقد نَصَف القوم يَنْصُفُهم نَصَافة، إذا خَدَمَهُم، والنَّاصِفُ والمِنْصَفُ: الخادم, ويقال: قد آَتَيتُهُ، إذا أَعْطَيْتُهُ, وقد أَتَيتُهُ، إذا جِئْته, ويقال: أَلْمَعَ ضرع الفرس وضرع الأتان وأطباء اللبوة، إذا أَشْرَقَ للحمل, وقد لَمَع البرق يَلْمَعُ لَمْعًا وَلَمَعَانًا, وكذلك لَمْع السيف, ويقال: قد أَشْجَاه يُشْجِيْه إِشْجاء، إذا أَغَصه, وقد شَجَاه يَشْجُوْه شَجْوًا، إذا حزنه, وقد شَجَى يَشْجَى شَجَىً، منهما جميعاً, ويقال: قد أَلْوَى به، إذا ذَهَب به يُلْوَى إِلْوَاء, وقد أَلْوَى القوم، إذا بلغوا لِوَى الرمل, وقد أَلْوَى البقل فهو يُلْوِي، إذا صار لَوِيًّا، وهو الذي بعضه فيه ندوة وبعضه يابس, وقد لَوَى يده يَلْوِيْها لَيًّا، وقد لَوَاه بدينه لَيَّانًا, وتقول: قد أَبْدَرْنا فنحن مُبْدِرون، إذا طلع البدر, وقد بَدَرنا إلى كذا وكذا نَبْدُرُ إليه, ويقال: قد أَشْهَرْنا في هذا الموضع: أقمنا فيه شهراً, وقد شَهَرنا فلاناً في الناس نَشْهَرُه شُهْرة, وقد شَهَرنا سُيُوفَنَا نَشْهَرُها شَهْرًا, وقد أَكْفَأْت البيت فهو مُكْفَأُ، إذا عملت له كِفَاء، وكِفَاءُ البيت: مُؤَخَّرُهُ, وقد أَكْفَأْت في الشِّعْر إِكْفَاء، إذا خالفت بين قوافيه, وقد أَكْفَأْتهُ ناقة، إذا أعطيته ناقة ينتفع بولدها ولبنها ووبرها, وقد كَفَأت
__________
1 هو أبو جندب الهذلي, كما في: "اللسان": نصف.

(1/176)


الإناء إذا قَلَبتُهُ, ويقال: قد أَرْمَى على السبعين، إذا زاد عليها, ويقال: سابَّهُ فَأَرمَى عليه، وأَرْبَى عليه، أي زاد عليه, وطَعَنَهُ فَأَرمَاه عن ظهر دابته, كما يقال أَذْرَاْه, وقد رَمَى الرَّمِيَةَ يَرْمِيْها رَمْيًا, وقد آَدَاه يُؤْدِيْه إِيْدَاء، إذا أَعَانَهُ, يقال: من يُؤْدِيْنِي على فُلَان؟ أي من يُعِينني عليه, وقد اسْتَأْدَيْت الأمير على فلان, ويقال: قد أَدُوت له وَدَأَوْت له، إذا خَتَلته, ويقال: قد أَعْدَاه يُعْدِيْه إِعْدَاء، إذا أَعَانَهُ, وقد أَعْدَى فلانًا فلاناً من خلقه أو من عِلَّة, ويقال: قد أَحْذَيْتُهُ نَعْلاً, وقد حَذَوتُهُ، إذا قَعَدت بِحِذائه, وقد حَذَوت النعل بالمثال، إذا قابلتها به, وقد حَذَت الشَّفْرة يده تَحْذِيْها، إذا قطعتها, ونَبِيذ يَحْذِي اللسان, ويقال: قد أَكْرَى الكَرِي ظهره يُكْرِيْه إِكْرَاء, ويقال: أَعْطِ الكَرِيَّ كِرْوَتَهُ, حكاها أبو زيد, وقد أَكْرَى يُكْرَى إِكْرَاء، إذا نقص, وأَكْرَى يُكرِي إِكْرَاء، إذا زاد، وهو من الأضداد, ويقال: قد أَكْرَيْنا الحديث، إذا أَطْلَنْاه, وقد أَكْرَى زاده، إذا نقص, قال: وأنشدني بن الأعرابي:
كذى زاد متى ما يُكْرِ منه ... فليس وراءه ثقة بزادِ
وقال الآخر، وذكر قدراً:
نُقسم ما فيها فإن هي قسمت ... فذاك، إن أَكْرَتْ فعن أهلها تُكْرِي
أي وإن نقصت فعن أهلها تنقص, وقال عمرو بن الأحمر الباهلي:
وتواهقت أخفاقها طبقاً ... والظل لم يفضل ولم يُكْرِ
أي ولم ينقص, وذاك عند انتصاف النهار, وقد أَكْرَيْت, إذا أَخَّرت, وأنشد أبو عبيدة:
وأَكْرَيْت العشاء إلى سهيل ... أو الشعري فطال بي الأناء
ويروى "الكَرَاء", قال: وقال فقيه العرب: "من سره النَّسَاء ولا نساءُ، فَلْيُكْرِ العشاء، وليباكر الغداء، وليخفف الرداء، وليقلَّ غشيان النِّسَاء", وقد كَرَوت الكَرَة أَكْرُوْ كَرْوًا، إذا ضربت بها, قال المسيب بن علس:
مَرِحت يداها للنِّجَاء كأنما ... تَكْرُو بكفي لاعب في صاعِ
الصاع ها هنا: المتطامن من الأرض، كالحفرة, وحكى أبو عمرو: قد أَقْرَيْت الجُلَّ عن الفرس، إذا أَلْزَمْته ظهره, ويقال: قد قَرَيت الماء في الحوض، إذا جمعت.

(1/177)


فأنا أَقْرِيْه قَرْيًا, والقِرَى الإسم, وقد قَرَى البعير العلف في شدقه يَقْرِيه, إذا جمعه, وقد قَرَيت فلاناً أَقْرِيه قِرًى وقَرَاءً, وقد قَرَيت الأرضين فأنا أَقْرُوها قَرْوًا، إذا تتبعتها, وهو أن تخرج من أرض إلى أرض, ويقال: أَوْهَمْت من الحساب مائة، أي أَسْقَطْت منه مائة, وأَوْهَمْت من صلاتي ركعة, وقد وَهِمت في كذا وكذا فأنا أَوْهم وَهْمًا، إذا سَهَوت, وقد وَهَمت إلى كذا وكذا، أَهِم وَهْمًا إذا ذهب وَهْمُكَ إليه, ويقال: قد أَفْخَرْت فلاناً على فلان، إذا فَضَّلته عليه في الفخر, وقد فَخَرت فلاناً، إذا كنت أَكْرَمَ منه أباً وأماً, ويقال: قد أَفْرَيْتُ، إذا شَقَقت, وقد أَفْرَى الذئب بطن الشاة، إذا شَقَّه, وقد أَفْرَى أَوْدَاْجَهُ, وقد فَرَيت، إذا كانت تقطع للإصلاح, وقال أبو زيد: يقال: أَقْبَسْت الرجل عِلْمًا، بالألف، وَقَبَسْتُهُ نَارًا أَقْبِسُهُ، إذا جئت بها، فإن طلبتها له قلت: أَقْبَسْتُهُ بالألف, ويقال: أَقْبَحْتَ يا هذا، أي أَتِيت بقَبِيح, وقَبَحت له وجهه قَبْحًا, ويقال: أَخْسَسْت إِخْسَاسًا، إذا فَعَلت فعلاً خَسِيْسًا, ويقال: قد خَسِسْت بعدي تَخَسُّ خِسَّةً وخَسَاسَة، إِذَا كان في نفسه خَسِيسًا, ويقال: قد أَذْمَمْت، إذا فعلت ما تذم عليه, ويقال: قد أَذَمَّت ركاب القوم، إذا تَأَخَّرَت عن جماعة الإبل ولم تلحق بها, وأتيت موضع كذا وكذا فَأَذْمَمْتُهُ, وقد ذَمَمت فلاناً، إذا شَكَوتَهُ, وأتيت موضع كذا وكذا فَأَحْمَدْتُهُ، إذا صادفته موافقاً, وقد حَمَدتُ فلاناً، إذا أثنيت عليه, ويقال: قد أَوْغَلَ في البلاد، إذا أَبْعَدَ فيها, ويقال: قد وَغَل يَغِلُ، إذا توارى بشجر أو نحوه, وقد وَغَل أيضاً يَغِلُ، إذا دخل على القوم في شَرَابِهِم فشرب من غير أن يدعى إليه, الوَاغِلُ في الشراب: مثل الوارش في الطعام, قال امرؤ القيس:
فاليوم فاشرب غير متسحقب ... إثماً من الله ولا وَاغِلِ
قال أبو يوسف: وسمعت أبا عمرو يقول للشراب الذي يشربه الرجل لم يدع إليه: الوَغْل, وأنشد لعمرو بن قمية:
إن أَكُ مِسْكِيرًا فلا أشرب الوَغْل ... ولا يسلم مني البعير
ويقال: أَلَأح من ذلك الأمر يُلِيْحُ إِلَاحَة, قال: وأنشدنا أبو عمرو:
إن دُلَيمًا قد أَلَاح ... وقال: أنزلني فلا إِيْضاع بي
وأنشدنا أيضاً:
يُلِحْنَ من ذي زجل شِرْواط ... محتجِز بخلق شِمْطاط

(1/178)


وأنشدنا أيضًا:
يُلِحْن من أصوات حادٍ سيظم ... صلب عصاه للمطي مِنْهَمُ
ليس يُمَانِي عقب التجشم
قال: والشَّيْظم: الطويل الشديد, والمِنْهَمُ: الزاجر, ويقال: مانَيْتُكَ منذُ اليوم، أي انتظرتك, والمُمَاناة: المُطَاوَلَة, وأنشد لغيلان بن حريث:
إلا يكن فيها هُرَارٌ فإنني ... بِسِل يُمَانِيْهَا إلى الحول خائفُ
والهُرَارُ: داءُ يأخذ الإبل تسلح عنه, قال الكميت:
ولا يُصَادِفْن سرباً آجناً أبدًا ... ولا يُهَرُّ به منهن مُبْتَقِلُ
أي لا يأخذه الهُرَار, وأنشد أيضاً:
علقتها قبل انضباح لوني ... وجبت لماعاً بعيد البَوْن
من أجلها بفتية مَانَوْنِي
قال: والانضباح: "تغير اللون"، يقال: ضَبَحَتْه النار وَضَبَتْه فهي تَضْبُوْه ضَبْوًا, والتَّجَشُّمُ: تَجَشُّمُ الأرض، إذا أخذت نحوها تريدها, ويقال: تَجَشَّمَ الأمر، إذا ركبت أجشمه, وتَجَشَّمْته، إذا تكلفت, ويقال: أَلَاح بحقي، إذا ذهب به, ويقال: لَاح السيف والبرق يَلُوح لَوْحًا, ويقال: قد أَقْطَعَ الرجل، إذا انقطع عن الجماع, وقد قَطَعت الشيء فأنا أَقْطَعُه قَطْعًا, وقد قَطَعت الطيرُ، إذا جاءت من أرض إلى أرض, ويقال: قد أَثْلَلْت الشيء، إذا أَمَرت بإصلاحه, وقد ثَلَلته، إذا هَدَمته وكَسَرته, ويقال: للقوم إذا ذهب عزهم: قد ثُلَّ عرشهم, ويقال: قد أَفْلَيْت، إذا صرت في الفَلَاة, وقد فَلَيت رأسه أَفْلِيْه فَلْيًا, وقد فَلَيت بالسيف, وقد فَلَيت الشعر، إذا تدبرته واستخرجت معانيه وغريبه, وقد أَفْلَلْتُ، إذا صادفت أرضاً فِلَّا: التي لم تمطر, وقد فَلَلت الجيش أَفُلُّه فَلًَا، إذا هزمته, ويقال: قد أَسْبَعْت عبدي، إذا أَهْمَلْته، فهو مُسْبَع, وقد أَسْبَعْتُهُ، إذا أَطْمَعْتَهُ السَّبُع, وقد سَبَعتُهُ، إذا وقعت فيه, ويقال: قد أَسْبَعَ الرُّعْيان، إذا وقع السَّبُع في ماشيتهم, قال أبو ذؤيب الهذلي:
صَخِب الشوارب لا يزال كأنه ... عَبْد لآل أبي ربيعة مُسْبَعُ
أي مَهْمَلُ, وقال رؤبة:

(1/179)


إن تميماً لم يراضع مَسْبَعَا
أي لم يدفعه إلى الظُّؤُورة, ويقال: قد أَقْعَرْت البئر، إذا جعلت لها قَعْرًا, وقد قَعَرتَهَا: نزلت حتى انتهيت إلى قَعْرِهَا, وكذلك الإناء، إذا شربت ما فيه حتى تنتهي إلى قَعْرِهِ, وقد قَعَرت النخلة، إذا قطعتها من أصلها حتى تسقط, وقد انْقَعَرَتْ هي, ويقال: قد أَسْجَدَ الرجل والبعير، إذا طأطأ رأسه وانحنى, قال حميد بن ثور:
فُضُول أزمتها أَسْجَدَت ... سجود النصارى لأربابها
والإِسْجَاد أيضاً: فُتُور الطرف, قال كثير:
أَغَرك من أن دَلَّك عندنا ... وإِسْجَاد عينيك الصيودين رابح
ويقال: قد سَجَد يَسْجُدُ، إذا وضع جبهته بالأرض, ويقال: قد أَهْجَدَ البعير فهو مُهْجِد، إذا ألقى جرانه على الأرض, ويقال: قد هَجَد يَهْجِد، إذا نام ليلاً, ويقال: قد أَعْصَمَ الرجل يُعْصِم إِعْصَامًا، إذا تشدد واستمسك بشيء من أن يصرعه فرسه وراحلته, قال الشاعر:
كفل الفروسة دائم الإِعْصَامِ1
وقال طفيل:
ولم يشهد الهيجا بألوث مُعْصِمُ
وقد عَصَمَهُ يَعْصِمُهُ عَصْمًا وعِصْمَةً، إذا مَنَعَهُ, وقد عَصَمَهُ الطعام، أي منعه من الجوع, وقد أَعْصَمْت القربة، إذا جعلت لها عِصَامًا, وقد أَفْسَخْت القرآن، إذا نَسِيته حكاها الفراء, وقد فَسَخت يده أَفْسَخُها فَسْخًا, وقد فَسْخت ثوبي عني، أي طَرْحتُهُ, وقد أَضَجَّ القوم، إذا صاحوا وجَلَّبوا, وإذا جَزِعوا من شيء وغلبوا قيل: ضَجُّوا يَضِجُّون ضَجِيجًا ويقال: قد أَرْهَنْت لهم الطعام والشراب، إذا أَدَمتُهُ, ويقال: رَهَنتُهُ أيضاً، إذا أَدَمتَهُ لهم, وهو طعام راهن, رواه عن أبي عمرو, وأنشد للأعشى:
لا يستفيقون منها وهي أَرْهَنَة ... إلا بهات وإن علوا
وقد أَرْهَنْت في ثمن السلعة، إذا سلفت فيه, قال الشاعر:
__________
1 للجحاف بن حكيم, وصدره في: "اللسان":
والتغلبي على الجواد غنيمة

(1/180)


عِيْدِيَّة أَرْهِنَت فيها الدنانير
وقد رَهَنت عنده رَهْنًا, بغير ألف, قال الأصمعي: ومن روى بيت ابن همام:
فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأَرْهَنْتُهُم مالكا
فقد أخطأ، إنما الرواية: "نجوت وأَرْهَنُهُمْ" كما تقول: وَثَبْت إليه وَأَصُك عينه، وَنَهَضْت إليه وآخذه بشعره, ويقال: قد أَصْفَقُوا على ذلك أمر، إذا اجتمعوا عليه, ويقال: قد صَفَقَهُم يَصْفِقُهُم، إذا صَرَفَهُم، وقد صَفَق عينه يَصْفُقُها, وقد أَغَثَّ حديث القوم، إذا فَسَد, وقد غَثَّت الشاة تَغِثُّ، إذا كانت مهزولة, ويقال: قد أَهْرَبَ الرجل، إذا جد في الذهاب مذعوراً, وقد هَرَب العبد وغيره يَهْرُبُ هَرَبًا، إذا ذَهَب, ويُقَال: قد أَصْحَبَ البعير والدابة، إذا انقاد بعد صعوبة, وحكى أبو عمرو: قد أَصْحَبَ الماءُ إذا عَلَاه الطَّحْلُبُ, ويقال: إِهَاب مُصْحَب، وقد أَصْحَبْتُهُ إذا تركت عليه صوفه ولم تَعْطِنْه, وقد صَحِبت الرجل فأنا أَصْحَبُه صُحْبَة, ويقال: قد أَذْمَمْت الرجل، إذا صادَفْتُهُ مذموماً, وقد ذَمَمتُهُ إذا شَكَوتُهُ, ويقال: قد أَذَمَّتِ الركاب، إذا تأخرت عن جماعة الإبل ولم تلحق بها, ويقال: قد آَنَفت، إذا وَطِئت كَلَأً أنفاً، وهو الذي لم يُرْعَ, ويقال: رَوْضة أُنُف وكأس أنف: لم يشرب بها قبل ذلك، كأنه استؤنف شُرْبُهَا, وقد أَنَفتُهُ، إذا ضربت أنفه, وقال أبو عمرو في تفسير الحديث الذي جاء: "إن المؤمن مثل البعير الأَنِف" وهو الذي يشتكي أنفه من البُرَة، فهو ذَلُول منقاد، فأراد أن المؤمن سَهْل لَيِّن, ويقال: آَمَرتُهُ، إذا كثرته, وقد أَمَرتُهُ بالشيء يفعله, وقال أبو عبيدة: يقال: آَمَرتُهُ وأَمَرتُهُ، إذا كَثَّرته, ومنه قولهم: "خير المال مهرة مَأْمُورة، أو سكة مَأْبُورة", مَأْمُورة، أي كثيرة النتاج والنسل, والسِّكَة: الطَّرِيقة من النخل, والمَأْبُوْرة: اللقحة المصلعة، يقال: أَبَرت النخل آَبُرُهُ أبراً، إذا أَصْلَحْتُهُ, ويقال: قد أَحْرَبْتُهُ، إذا دَلَلتُهُ على ما يغنمه من عدو, وقد حَرَبت الرجل، إذا أخذت ماله, ويقال: قد أَقَمَّ الفحل الإبل، إذا أَلْحَقَها جمعاء, ويقال: قد قَمَّ البيت يَقُمُّهُ قَمًّا، إذا كنسه, ويقال: قد أَقْصَرَت النعجة والعنز فهي مُقصر، إذا أَسَنَّت حتى تَقْصُرَ أطراف أسنانها, وقد قَصَر طرفه يَقْصُرُهُ قَصْرًا, وقد قَصَر العشي يَقْصُرُ قُصُورًا, ويقال: أَتَيتُهُ قَصْرًا ومَقْصَرًا, ويقال: أَسْفَرَ لَوْنُهُ، إذا أَشْرَقَ, وقد أَسْفَرَ الصَّبْح، إذا أَضَاء, وقد سَفَرت البيت، إذا كَنَستُهُ: وقد سَفَرَتِ الريح السحاب، إذا قَشَعَتْه, وقد سَفَرت بين القوم أَسْفِر سِفَارة، إذا سعيت بينهم بالصلح, وقد سَفَرَتِ المرأة نقابها تَسْفِره سَفْرًا.

(1/181)


قال الأصمعي: ويقال: لِمَا سَقَطَ من ورق الشجر وتَحَاتَّ منه: السَّفِير، وإنما سمي سَفِيرًا؛ لأن الريح تَسْفِره، أي تَكْنِسه, ويقال: خاصَمْتُهُ حتى أَفْحَمْتُهُ، أي قطعته عن الخصومة, ويقال: هاجَيْت فلاناً فَأَفحَمْتُهُ، أي صادفته مُفْحَمًا لا يقول الشعر, وقال عمرو بن معدي كرب لبني سليم: "لقد قَاتَلْنَاْكُمْ فما أَجْبَنَّاكم، وَسَألناكم فما أَبْخَلْنَاْكُمْ، وهاجَيْنَاْكُمْ فما أَفْحَمْنَاْكُمْ" أي فما صادَفْنَاْكُمْ مُفْحَمِين, والمُفْحَمُ: الذي لا يقول الشِّعْر, ويقال: بَكَى الصبي حتى فَحَم، أي حتى انقطع صَوْتُهُ من البكاء, ويقال: قد أَدْرَيْتُهُ بكذا وكذا، أي أَعْلَمْتُهُ، وما أَدْرَاك بكذا وكذا، أي ما أَعْلَمَك, وقد دَرَيت أَدْرِي، إذا خَتَلت, قال الشاعر:
فإن كنت لا أَدْرِي الظباء فإنني ... أدس لها تحت التراب الدواهيا
وقال الآخر1:
فإن كنت قد أَقْصَدْتِنِي إذ رَمَيتِنِي ... بسهمك فالرامي يصيد لا يَدْرِي
أي ولا يختل, ويقال: قد أَعْبَرْت الكبش فهو مَعْبَر، إذا تركت عليه صوفه ولم تجزه, وقد عَبَرت الرؤيا فأنا أَعْبُرُها عِبَارة, وَعَبَرْت النهر فأنا أَعَبُرُه عَبْرًا وعُبُورًا, ويقال: أَجْمَلْت الحساب أُجْمِلُه إِجْمالاً, وَأَجمَلَ فلان في صنيعه يُجْمل إِجْمَالاً, وَجَمَلْتُ الشحم والألية واجْتَمَلت، إذا أَذَبتُهَا, ويقال: قد أَحَرَّ الرجل فهو مُحِرٌّ، إذا كانت إبله حِرَارًا، أي عِطَاشًا, وقد حَرَّ يومنا يَحَرُّ حَرَارة وحَرًّا، وبعضهم يقول: يَحِرُّ, ويقال: قد أَقَرت الناقة تُقِرُّ إِقْرَارًا، إذا ثبت حملها, وقد قَرَّ يَقِرُّ قَرَارًا إذا سَكَن, وقد قَرَّ يومنا يَقَرُّ قُرًّا، إذا كان باردًا, وقد قَرَّت عيني به تَقَرُّ وتَقِرُّ، مكسورة القاف، قُرَّةً وقُرُورًا, ويقال: قد أَعْمَرْتُهُ داراً وأرضاً وإبلاً، إذا أَعْطَيْتُهُ إياها فكانت للباقي منكما, وقد عَمَرت الأرض فأنا أَعْمُرُها عِمَارَة, ويقال: قد أَعْرَيْتُهُ نَخْلةً أُعْرِيه إِعْرَاءً، إذا أعطيته نخلة يأكل ثمرها، وهي العَرَايا من النخل، الواحدة عَرِيَّة, وقد عَرَوتُهُ أَعْرُوه عَرْوًا، إذا أَلْمَمْت به أي أَتِيته, ويقال: قد أَفْقَرْتُهُ بعيراً إذا أَعَرتُهُ بعيراً يركب ظهره لسفر، ثم يرده عليك, وهي الفُقَرَى، ويقال: قد أَفْقَرَك الصيد، إذا قرب منك وأَمْكَنَك من رميه, وقد فَقَرت أنف البعير أَفْقِره، إذا حَزَزته بحديدةٍ أو مروة ثم وضعت على موضع الحَزِّ الجرير وعليه وتر ملويٌّ لتذله به وتروضه, ومنه قيل:
__________
1 هو الأخطل, كما في: "اللسان": درى.

(1/182)


"عمل به الفَاقِرَة", ويقال: قد أَقْفَرَ فلان يُقْفِر إِقْفَارًا، إذا لم يكن له أُدْم, ويقال: أكل خبزه قَفَارًا بغير أُدْم, ويقال: قد أَقْفَرْنا، إذا صرنا في القَفْر, ويقال: قَفَر أثره يَقْفِرُه قَفرًا، واقتَفَرَهُ يَقْتَفِرُهُ اقتِفَارًا، إذا تَتَبعه, قال الباهلي1:
ولا يزال أمام القوم يَقْتَفِرُ
قال أبو عمرو: يقال: أَشْرَيْت الجفنة والحوض، إذا مَلَأتهُمَا, وقد شَرَيت، إذا بعت، وشَرَيت، إذا اشتريت, ويقال: قد أَطْلَى الرجل، إذا مالت عنقه لموت أو لغيره, قال الشاعر:
تركت أباك قد أَطْلَى وَمَالت ... عليه القَشْعَمَان من النُّسُورِ
وقد طَلَيت الإبل من الجرب أَطْلِيها طَلْيًا, ويقال: هو يُطَلِّيه، أي يمرضه, ويقال: قد أَحْبَرَ بجلده، إذا ترك به حِبْرًا وحَبَارًا، وهو الأثر.
قال الراجز:
لا تَمْلَأِ الدلو وعَرِّقْ فيها ... ألا ترى حَبَار من يسقيها
قال آخر:
ولم يقلب أرضها البيطار ... ولا لِحَبلَيْهِ بها حَبَار
وقال الآخر2:
لقد أشمتت بي أهل فيد وغادرت ... بجسمي حِبْرًا بنت مَصَّان باديا
وما فعلت بي ذاك حتى تركتها ... تقلب رأساً مثل جُمْعِيَ عاريا
وأفلتني منها حماري وجبتي ... جَزَى الله خيراً جبتي وحماريا
وقد حَبَرَهُ يَحْبُرُه حَبْرًا، إذا سره, والحَبْرة والحَبَر: السُّرُور, قال الله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: الآية 15] أي يُسَرُّون, قال العجاج:
فالحمد لله الذي أعطي الحَبَر
__________
1 هو أعشى باهلة من مرثيته للمنتشر, وصدر البيت:
ولا يعمز الساق من أين ومن وَصَب.
2 هو مصبح بن منظور الأسدي, والشعر وقصته في: "اللسان": حَبَر.

(1/183)


ويقال: قد أَغْبَرَ في طلب الحاجة، إذا جَدَّ في طلبها, وقد أَغْبَرَ، إذا أثار الغبار, وقد غَبَر يَغْبُرُ، إذا بَقِي, والغابر: الباقي. والغُبْر: البقية من اللبن تبقى في الضرع, وغُبَّر الليل: بقاياه، وكذلك غُبَّر المرض، وغُبَّر الحيض, قال أبو كبير:
ومبرأ من كل غُبَّر حيضة ... وفَسَاد مرضعة وداء مُغِيل
ويقال: قد أَفْتَقَ قرنُ الشمس، إذا أصاب فَتْقًا من السحاب فبدا منه, وقد أَفْتَقَنا، إذا صادفنا فَتْقًا، وهو الموضع الذي لم يمطر وقد مطر ما حوله, قال الراجز1:
إن لها في العام ذي الفُتُوقِ ... وَزَلل النية والتَّصْفِيق
وقال الراعي:
كَقَرن الشمس أَفْتَقَ ثُمَّ زَالَا2
وقد فَتَق الطيب يَفْتُقُهُ, وَفَتَقَ الخياطة يَفْتُقُها فَتْقًا, ويقال: ما أَحَاك في السَّيْف، وهذا سَيْف لا يَحِيك شَيْئًا, ويقال: قد حَاكَ في مشيته يَحِيك حَيْكًا وَحَيَكَانًا, ويقال: ما حَكَّ في صدري منه شيء, ويقال: قد أَزْكَنْتُكَ كذا وكذا، أي أَعْلَمْتُكَ, وقد زَكِنت منك كذا وكذا، أي عَلِمتُهُ, قال الشاعر:
زَكُنت منهم على مثل الذي زَكَنوا
ويقال: قد أَهْزَلَ الناس، إذا أَصَابَتْ أموالهم سُنَّة فهزلت, وقد هَزَلت دابتي أَهْزِلُها هَزْلًا، إذا عَمِلت بها عَمَلاً تُهْزَلُ منه, وقد أَمْلَكْت فلانًا فلانة إذا زَوَّجتُهُ منه, وقد مَلَكت المرأة، إذا تَزَوَّجتُهَا, وقد مَلَكت العجين، إذا شَدَدت عجنه, ويقال: قد أَجَبتُهُ بكذا وكذا إِجَابة وَجَابَة, ويقال في مثل: "أَسَاء سَمْعًا فَأَسَاء جَابَة", ويقال: قد جُبْت الصَّخْرة، إذا خَرَقتُهَا, قال أبو عبيدة: وسمي رجل من بني كلاب جَوَّابًا، لأنه كان لا يحفر صخرة ولا بئراً إلا أَمَاهَهَا, وقد جُبْت القميص، إذا قَوَّرت جَيْبَهُ, ويقال: أَدْلَجْت، إذا سرت في الليل، وهي الدَّلْجَةُ، مفتوح, وقد ادَّلَجْت بتشديد الدال، إذا سرت من آخر الليل، وهي الدُّلْجَةُ ويقال: قد دَلَج يَدْلُجُ، إذا أخذ الدلو حين تَخْرُجُ من البئر فمشى بها إلى الحوض حتى يُفرِغَهَا فيه, وهو الدَّالِجُ, ويقال:
__________
1 هو أبو محمد الحذلمي, كما في: "اللسان": فَتَق.
2 صدره في: "اللسان":
تريك بياض لبتها ووجها

(1/184)


قد أَجَزَّ النخل، إذا حان له أن يُجَزَّ، أي يُصْرَمَ, وحكى أبو عمرو: وقد جَزَّ التمر يُجَزُّ جُزُوزًا، إذا يَبَس، وتمر فيه جُزُوز, ويقال: قد جَزَزت الكبش والنَّعْجَةَ, ويقال: في العَنْز والتَّيْس: قد حَلَقتُهُما، ولا يقال جَزَزتُهُما, ويقال للأعجمي إذا تكلم بالعربية: قد أَفْصَحَ, ويقال: قد أَفْصَحَت الشاة، إذا انقطع لَبُؤُهَا وخَلَص لبنها, وقد أَفْصَحَ النصاري، إذا دنا فُصْحُهُم, ويقال للرجل: إذا كان يتكلم بالعربية ويَلْحن ثُمَّ حسُنت لغتُه ولم يَلْحن: قد فَصُح, ويقال: قد أَهَمَّنِي الأمر، إذا أَقْلَقَك وَحَزَنَك, يقال: قد هَمَّني المرض: أذابني, ويقال: قد انهَمَّت الشحمة والبردة، إذا ذابتا, ويقال: لما أُذِيب من السَّنَام الهَامُوم, وقال العجاج:
وانهم هَامُوم السديف الواري ... عن جرز منه وجوز عاري
يضحكن عن كالبرد المُنْهَمِّ
ويقال: هَمُّك ما أَهَمَّك, ويقال: قد أَوْهَمَ صلاته إذا تركها, ويقال: قد وَهِمت في هذه المسألة، أي غلطت فيها, ويقال: وَهَمت إلى كذا وكذا: ذَهَب وَهْمِي إليه, ويقال: قد أَشْكَلَ الأمر علي, وقد شَكَلت الكتاب والطائر، فهما مَشْكُوْلَان, ويقال: قد استغاثني فلان فَأَغَثْتُهُ, وقد غاث الله البلاد يُغِيثُهَا غَيْثًا، إذا أنزل بها الغَيْث, وقد غِيْثَتِ الأرض تُغَاث، وهي أرض مَغِيثة وَمَغيُوثة, قال الأصمعي: أخبرني عيسى بن عمر الثقفي وأبو عمرو بن العلاء قال: سمعت ذا الرمة يقول: "قاتل الله أمة بني فلان ما أَفْصَحَهَا! قلت: كيف كان المطرُ عندكم؟ فقالت: غَثْنا ما شِئْنا", ويقال: قد أَنْتَجَت الفرسُ، إذا استبان حملها، وهي نَتُوج، ولا يقال مُنْتِج, وقد نَتَجت ناقتي وقد نُتِجت هي, ويقال للرجل إذا ذَهَب منه شيء: أَخْلَفَ الله عليك, وإذا هلك أبوه وأخوه أو من لا يَسْتَعِيضُهُ قلت: خَلَفَ الله عليك، أي كان خليفة عليك من مصابك الذي أصبت به, ويقال: أَصْفَدْتُهُ إصفاداً، إذا أَعْطَيْتُهُ مالاً أو وهبت له عبداً, ويقال من الوَثَاق: قد صَفَدتُهُ وَصَفَّدْتُهُ, ويقال: أَتْبَعْت القوم، إذا كانوا سبقوك فلحقتهم, واتَّبَعت القوم، إذا مروا بك فمضيت معهم, وَتَبِعْتُهُم تَبَعًا مثله, وقد أَوْزَعَه يُوْزِعه إِيْزَاعًا، إذا أغراه, وقد أَوْزَعَه، إذا ألهمه, قال الله جل ثناؤه: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} [النمل: الآية 19] أي أَلْهِمْنِي, ويقال: وَزَعتُهُ أَزَعُهُ وَزْعًا، إذا كففته, وقال الأصمعي: وجاء في الحديث: "من يَزَع السلطان أكثر ممن يَزَع القرآن" , ويقال: لا بد للناس من وَزَعَةٍ، أي من كَفَفة, ويقال: زُعْتُهُ أَزُوعُهُ، إذا عطفته, قال ذو الرمة:

(1/185)


وَخَافِقُ الرأس مثل السيف
قلت له:
زُعْ بالزمام, وجوز الليل مركومُ
ويقال: أَحْذَيْتُهُ من الغنيمة أُحْذِيه إحذاء، إذا أعطيته منها، والاسم الحِذْوَةُ والحَذِيَّةُ والحُذْيَا, ويقال: حَذَيت يده بالسكين، إذا قَطَعَتْها، أَحْذِيها ويقال: هذا شراب يَحْذِي اللسان, وقد حَذَوت النعل بالنعل، إذا قدرتها عليها مثلها, ومنه: حَذْوَ القذة بالقذة, ويقال: قد أَصْعَدَ في الأرض إِصْعَادًا, وقد صَعِد في الجبل وعلى الجبل, قال أبو زيد: ولم يعرفوا صَعِد, ويقال: أَكْتَبْت السقاء أُكْتِبُه إِكْتَابًا فهو مُكْتَب وكَتِيب، إذا شددته, وقد كَتَبت البعلة أَكْتُبُها كُتْبًا، إذا قاربت بين شفريها بحلقة, وكذلك كَتَبت الكِتَاب أَكْتُبُهُ كُتْبًا, قال: ويقال: أَسْرَرْت الشيء إذا كَتَمتُهُ، ويقال أيضاً: أَسْرَرْتُهُ، إذا أَعْلَنْتُهُ، حكى ذلك أبو عبيدة، وهو من الأضداد، وقد سَرَرت الصبي أَسُرُّه سَرًّا، إذا قطعت سُرَّه؛ والسُّرُّ: ما قطع, ويقال: قطع سُرُّه وسِرَرُهُ, والسُّرَّة: التي تبقى, وقد سَرَرت الزند أَسُره سَرًا، إذا جعلت في طرفه عويداً تدخله في قلبه؛ ليُقدح به, يقال: سُرَّ زندك فإنه أَسَر، أي أَجْوَفَ, قال: وحكى لنا أبو عمرو: قَنَاة سَرَّاءُ، أي جَوْفَاء, وقد سَرَرتُهُ من السرور, ويقال: أَشْرَرْت الشيء، إذا أَظْهَرْتُهُ, قال الشاعر 1 في يوم صفين:
فما يرحوا حتى رأى الله صبرهم ... وحتى أُشِرَّت بالأكف المصاحفُ
أي أُظْهرت, وقد شررت الأقط فأنا أَشُرُّه، إذا جعلته على خصفة لِيَجف, وكذلك شَرَرت الملح, ويقال: أَجْرَرْت الفصيل، إذا شققت لسانه لئلا يرضع, قال عمر بن معدي كرب:
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أَجَرَّتِ
أي لو قاتلوا وأَبْلَوا لذكرتُ ذلك وفخرت به، ولكن رماحهم أَجَرَّتنِي، أي قطعت لساني عن الكلام؛ لأنهم لم يقاتلوا, ويقال: قد أَجَرَّهُ الرمح، إذا طعنه وترك الرمح فيه, قال الشاعر:
وَنُجِرُّ في الهيجا الرماح وندعي 2
__________
1 هو الحصين بن الحمام المري، كما في: "اللسان": شَرَر.
2 للحادرة الذبياني, كما في: "اللسان": جرر, وصدره:
ونقي بصالح مالنا أحسابنا

(1/186)


ويقال: قد أَجْرَرَتُهُ رَسَنَه، إذا تركته يصنع ما شاء, ويقال: جَرَرت الشيء فأنا أَجُرُّهُ جَرًّا, وقد جَرَّت الناقة تَجُرُّ، إذا أتت على مضربها ثم جاوزته بأيام ولم تنتج, وقد جَرَّ عليهم جَرِيْرَة يَجُرُّ جَرًّا، إذا جَنَى عليهم جِنَاية, ويقال: قد أَطَاع النخل والشجر، إذا أدرك ثمره وأمكن أن يجنى.
ويقال: قد أَطَاع له المرتع، إذا اتسع عليه المرتع وأَمْكَنَه من الرعي، وقد يقال في هذا المعنى: طَاع, َ ويقال: أَمَر بِأَمرٍ فَأَطَاعَهُ، بألف لا غير, وقد طاع له، إذا انقاد له، بغير ألف, ويقال: أَحْرَفْت ناقتي، إذا هَزَلتها, ومنه قيل للناقة المهزولة: حَرْف, وقد حَرَفت الشيء عن جهته، حكاها أبو عبيدة, ويقال: أَضَاع الرجل فهو مضيع، إذا فشت ضَيْعتُهُ وكثرت, ويقال: قد ضاعه ذلك يَضُوعُهُ ضَوْعًا، إذا حَرَّكَهُ, قال الشاعر:
يَضُوعُ فُؤَادها منه بُغَام1
أي يُحَرِّكُهُ, وقال الهذلي:
فُرَيخان يَنْضَاعَان في الفجر كلما ... أحسا دوي الريح أو صوت ناعبِ
ومنه تَضَوَّعَ الطيب، أي تحرك وانتشرت رائحته, قال الشاعر:
تَضَوَّعَ مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة عطراتِ
ويقال: أَفْرَسَ الراعي، إذا فَرَس الذئب شاة من غنمه, ويقال: قد فَرَس الذئب الشاة يَفْرِسها فَرْسًا, وأصل الفرس: دَقُّ العنق، ثم كثر واستعمل حتى صير كل قتل فَرْسًا, ويقال: قد أَطْرَفَ البلد، إذا كَثُرَتْ طَرِيفَتُهُ, والطَّرِيفَةُ: النصي إذا ابيض، فإذا يبس فهو حلي, ويقال: قد طرفه "إلى" كذا وكذا يطرفه، إذا صرفه إليه, قال الشاعر2:
إنك والله لذو مَلَّة ... يَطْرِفُكَ الأدنى عن الأبعد
ويقال: ما أَقْرَفْت لذلك، أي ما دانَيْتُهُ ولا خالطت أهله, ويقال: قد قَرَفت القَرْحَةَ أَقْرِفها قَرْفًا، وكذلك قَرَفت الرمانة, ويقال: قَرَفت فلاناً بكذا وكذا، إذا اتَّهَمتَهُ ونسبته إليه, ويقال: أَسَاف الرجل فهو مُسِيف، إذا هلك ماله, وقد سَافَ المال
__________
1 لبشر بن أبي خازم, كما في: "اللسان": ضَوَع.
2 هو عمر بن أبي ربيعة, كما في: "اللسان": طرف.

(1/187)


يَسُوف، إذا هلك, ويقال: رَمَاه الله بالسَّوَاف, كذا قال أبو عمرو الشيباني وعمارة, قال: وسمعت هشاماً النحوي يقول لأبي عمرو: إن الأصمعي يقول: السُّوَاف بالضم, وقال: الأَدْوَاء كُلُّها تَجِيْء بالضم، نحو النُّخَاز، والدُّكَاع، والقُلَاب، والخُمَال, فقال أبو عمرو: "لا، إنما" هو السُّوَاف, ويقال: قد سَاف الشيء يَسُوفُهُ سَوْفًا، إذا شَمَّه, ويقال: أَشَاف على كذا وكذا, يُشِيف إِشَافَة، وأَشْفَى يُشْفِي إِشْفَاَء، إذا أَشْرَفَ عليه, ويقال: أَشَاف الشيء يَشُوفُهُ شَوْفًا، إذا جَلَاه, قال أبو عبيدة: يقال: أَتْلَدَ فُلَانٌ، إذا اتخذ تِلَادًا من المال, ويقال: تَلَد في أرض كذا، وتَلَدَ في بني فلان، إذا أَقَام فيهم, ويقال: قد أَوْرَقَ الحابل، إذا لم يقع في حبالته صَيْد, وقد أَوْرَقَ الغازي، إذا لم يغنم شيئاً, وقد وَرَقت الشجرة أَرِقُهَا، إذا أخذت وَرَقها, ويقال: أَرَقت الماء فأنا أُرِيقُهُ, وكذلك أَرَقت الدم, ويقال: قد راقَهُ كذا وكذا يَرُوقُهُ، إذا أعجبه, وقد رَاقَ الشرابُ يَرُوق، إذا صَفَا, وقد أَخْفَقَ القوم، إذا غزوا فلم يغنموا شيئاً, وقد أَخْفَقَ النجم، إذا تَوَلَّى للمغيب, وقد خَفَقَ الطائر بجناحه يَخْفِقُ خَفْقًا وَخَفَقَانًا وَخَفَقَ قلبه يَخْفِق, ويقال: أَنْفَشْت الإبل والغنم إنفاشًا، إذا أَرْسَلْتها ترعى بالليل بلا راعٍ, وهي إبل نُفَّاش وَنَفَش "ونفش", وقد نفشت الصوف أنفشه نَفْشًا, ويقال: قد أَقْرَشَ به يُقرِش إِقْرَاشًا، إذا سعى به ووقع فيه, وقد قَرَش يَقْرِشُ، إذا كسب وجمع, ويقال: قد أَطْلَعَ النخلُ يُطْلِع إطلاعاً، إذا خرج طَلْعُهُ, ويقال: نخلة مُطلِعَة، إذا طالت النخل، أي كانت أطول من سائره, وقد أَطْلَعْتُ من فوق الجبل واطَّلَعت, وقد طَلَعت على القوم أَطْلُعُ, إذا أَتَيتُهُم, وقد طَلَعت عنهم أَطْلُعُ، إذا غبت عنهم, ويقال: أَثْرَى يُثْرِي إِثْراء، إذا كثر ماله, وقد أَثْرَتْ الأرض تُثْرِي، إذا كثر ثراها, وقد ثَرِي بذلك يَثْرَى به، إذا فَرِح به, وقد ثَرَونا القوم نَثْرُوْهُمْ، إذا كثرناهم, ويقال: قد أَدَان يُدين، إذا باع بِدَين، إِدَانَة, وَدَان يَدِين ديناً، إذا كثر دينه , وقد دَانَهُ بما فعل يَدِينُهُ، إذا جازاه, وقد دَانَ له يَدِين، إذا كان في طاعته, وقد كَنَف الإبل يَكْنُفُها، إذا عمل لها كَنِيفًا، وهو الحَظِيرَةُ من الشجر، وَكَنَفْت الرجل: حُطْتُهُ , وقد أَكْنَفَه يُكْنِفه إِكْنَافًا، إذا أَعَانَهُ, ويقال: قد أَطَاف به، إذا أَلَمَّ به, ويقال: قد طَافَ حول الشيء يَطُوف طَوْفًا، إذا دار حوله, وَقَد طَافَ يَطُوف طَوْفًا واطَّافَ يَطَّاف اطِّيَافًا، إذا ذَهَب إلى البراز ليتغوط, وقد طَافَ الخيال يَطِيف طَيْفًا, وأنشد:
أَنَّي أَلَمَّ بك الخيال يَطِيفُ ... وَمَطَاْفُهُ لك ذِكْرة وشُعُوفُ

(1/188)


وَيُقال: أَجْلَبَ قَتَبَهُ فهو مُجْلَب، إذا جَعَل عليه جِلْدة رطبة فطيراً ثم تركها عليه حتى تَيْبَسَ, قال الجعدي:
كَتَنْحية القَتَب المَجْلَبِ
وقد أَجْلَبَ الجرح، إذا عَلَته جِلْدة للبرء, وقد جَلَب على فَرَسِهِ يَجْلُبُ جَلَبًا، إذا صاح به من خلفه واستحثه لتسبق, ومنه الحديث: "لا جَلَب ولا جَنَب" , وقد جَلَب الجَلْب, وقد أَجْلَبَ، إذا صاح, وأنشد:
على نفس راقٍ خشية العين مَجَلِبِ1
وقد جَلَب الجَلَب يَجْلِبُهُ جَلَبًا, وقد أَعَافَ القوم يُعِيفُوْن إِعَافَة، إذا عافت إبلهم الماء فلم تشربه، وقد عَافَتِ الإبل الماء تَعَافُهُ عِيَافًا, وقد عَافَ الرَّجُلُ الطَّيْر يَعِيفُهَا عِيَافَة، إذا زجرها, وقد أَصَاف الرجل يُصِيفُ إِصَافَة، إذا ولد له بعد ما يسن، ويروى: بعد ما كبر سنه, وولده صَيْفِيُّون, ويقال: قد صَافَ بِمَوضِعِ كذا يَصِيفُ صَيْفًا، إذا أَقَام به صَيْفَتَه، وقد صَافَ السَّهْم، عن الغرض وَضَاف، إذ عَدَل عنه, ويقال: أَرْبَعَ الرجل يُرْبِعُ، إذا ولد له في فَتَاء سِنِّه، وولده رِبْعِيُّون, قال الراجز2:
إن بني صبية صَيْفِيُّون ... أفلح من كان له رِبْعِيُّون
ويروى: "غِلْمَة", ويقال: قد أَرْبَعَ ورُبَع، إذا حُمَّ حُمَّى الرِّبْع, قال الهذلي3:
من المُرْبِعِين ومن آزلِ ... إذا جَنَّه الليلُ كالناحطِ
ويقال: قد رَبَعَ الحَجَرَ، إذا رَفَعَهُ, ويقال: قد رَبَعْتُ الحمْل، وذلك إذا أَدْخَلْت عُصَيةً تحته فأخذت بطرفها وصاحبك الآخرُ بطرفها، ثم رَفَعْتَهُ على بعير, قال: أنشدني ابن الأعرابي:
يات ليت أم الغمر كانت صاحبي
مكان من أنشا على الركائب:
وَرَابَعَتنِي تحت ليل ضارب ... بِسَاعِد فَعْم وَكَفٍّ خَاضِبِ
__________
1 لعلقمة الفحل, كما في: "اللسان": جلب, وصدره:
بغوج لبانه يتم بريمه
2 أكثم بن صيفي, أو سعد بن مالك بن ضبيعة, كما في "اللسان": صيف.
3 هو أسامة الهذلي, كما في: "اللسان": ربع، نحط.

(1/189)


وَيُقال: رَبَع حبله يَرْبَعُهُ، إذا فتله على أَرْبَعِ قوى, ويقال: رَبَع يَرْبَعُ، إذا وقف وتحبس, ويقال: رَبَع في الجاهلية، وَخَمَسَ في الإسلام, ويقال: أَحْجَمَ من الأمر وأَحْجَمَ عنه، إذا جَبُن عنه ولم يُقدم عليه, وقد حَجَم الحاجمُ يَحْجُمُ, وقد حَجَم ثَدْي الجارِيَة، إذا نَتَأ, ويقال: حَجَم الصبي ثَدْي أُمِّهِ، أي مَصَّهُ, ويقال: قد حَجَمت الجمل أَحْجُمُهُ، إذا جعلت على فيه حِجَامًا لئلا يعض, وهو جمل مَحْجُوم, ويقال: قد أَشْخَصَ الرامي، إذا جاز سَهْمُهُ الغرض من أعلاه, وهو سَهْم شاخص, قال أبو عبيدة: ويقال: أَشْخَصَ فلان بفلانٍ وأَشْخَسَ، إذا اغتابَهُ, وقد شَخَص الرجل لسفره يَشْخَص شُخُوصًا, قال الأعشى:
أأزمعت من آل ليلى شُخُوصًا
وقد شَخَص بَصَرُهُ، إذا فَتَح عينيه وجعل لا يَطْرِفُ, ويقال: قد أَجْرَمَ، من الجُرْم, ويقال: قد جَرَم النخلة يَجْرِمُهَا جَرْمًا، إذا صرمها, وهذا زمن الجِرَام والجَرَام، أي الصَّرَام، حكاها أبو عمرو, والجُرَّام، الصُرَّام, قال:
يحصر دونها جُرَّامها 1
وتمر جَرِيم، أي مَصْرُوم, ويقال: قد أَقْرَمْت الفحل فهو مُقْرَم، وهو أن يودع للفحلة من الحمل والركوب، وهو القَرْم أيضاً, ويقال: قد قَرَم يَقْرِم قَرْمًا، إذا أكل أكلاً ضَعِيفًا, ويقال: هو يَتَقَرَّم تَقَرُّم البهمة, ويقال: قد أَعْلَمَ ثوبه فهو مَعْلِم, وقد عَلَمَ شفته يَعْلِمُهَا عَلْمًا، إذا شقها, ويقال: قد أَرْجَعَ يُرْجع إِرْجَاعًا، إذا أهوى بيده إلى خلفه ليتناول شيئاً, ويقال: ما رَجَع إلى جَوَابًا يَرْجِع ورُجْعَانًا, وقد رَجَعتُهُ إلى كذا, قال الله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: الآية:83] , ويقال: قد أجمع أمره فهو مجمع، إذا عزم عليه, قال الراجز:
يا ليت شعري والمنى لا تَنْفَعُ ... هل أغدون يوماً وأمري مُجْمَعُ
ويقال: لَهَب مُجْمَع، إذا حزق وضم من طوائفه, ويقال: قد أَجْمَعَ ناقته إذا صر أَخْلَافَهَا جُمَع, وكذلك أَكْمَشَ بها، فإن صر ثلاثة أَخْلَاف قيل: ثَلَّث بها، فإن صر خلفين قيل: شَطَّر بها, فإن صر خِلْفًا قيل: خَلَّف بها, ويقال: جَمَعت الشيء
__________
1 للبيد في معلقته, وهو بتمامه:
أَسْلَهْت وانتصبت كجذع منيفة ... جرداء يحصر دونها جُرَّامُهَا

(1/190)


المتفرق أَجْمَعُهُ جمعاً, وَيُقال للجارية: إذا شَبَّت: قد جَمَعَتُ الثِّيَاب، أي لَبِسَتِ الدِّرْع والخِمَار والمِلْحَفَة, ويقال: أَفَاض بِالقِدَاح، إذا دَفَع بِهَا, ويقال: قد أَفَاض النَّاس من عَرَفات، أي دَفَعُوا, وقد أَفَاضَ البَعِير بِجِرَّتِهِ، إذا أَخْرَجَهَا من كَرِشِهِ, وقد أَفَاضَ القوم في الحديث، إذا اندفعوا فيه, ويقال: قَدْ فَاضَ الماء يَفِيضُ فَيْضًا, ويقال: قد أَرَاضَ الحَوْضُ، إذا غَطَّى الماءُ أَسْفَلَهُ, وَحَكى أبو عمرو: في الحوض رَوْضة من ماء, وأنشد:
وَرَوضة سَقَوت منها نِضْوَتِي
وقد أَرَاضَ هذا المكان وأَرْوَضَ، إذا كَثُرَتْ رِيَاضُهُ, وقد رَاضَ الدَّابَّةَ يَرُوضُهَا رَوْضًا, ويقال: قد أَقْلَصَ البعير، إذا ظهر سِنَامُه شيئاً, ويقال: قد قَلَصَ الظل يَقْلُصُ قُلُوصًا, وقد قَلَص ثوبه يَقْلِصُ, وقد قَلَصَ الماء، إذا ارتفع في البئر؛ وهو ماءٌ قَلِيص وقَلَّاصٌ, قال الراجز:
يا رِيَّهَا من باردٍ قَلَّاصِ ... قد جم حتى هم بانقياص
وقال امرؤ القيس:
بلائق خضراً ماؤهن قَلِيصُ
وهي قَلْصَةُ البئر، وجمعها قَلَصَات، للماء الذي يَجِم فيها وَيَرتَفِع, ويقال: قد أَجَمَّ الأمر، إذا دَنَا وَحَضَرَ, وأنشد الأصمعي:
حَيِّيَا ذلك الغزال الأَحَمَّا ... إن يكن ذاكم الفراق أَجَمَّا
ويقال: قد جَمَّ الماء يَجُمُّ جُمُومًا، إذا كَثُر في البئر واجتمع بعد ما استقى ما فيها, وقد جَمَّ الفرس يَجُمُّ جَمَامًا، إذا تُرِكَ من الركوب أياماً, وقال أبو عمرو: يُقال: أَشَمَّ يُشِمُُّ إِشْمَامًا، وَهُو أن يمر رافعاً رأسه, وحكي عن بعضهم قال: تقول: عَرَضت عليه كذا وكذا, فَإِذَا هو مُشِمٌّ لا يريده, وقال: بينا هم في وجه إذ أَشَمُّوا، أي عَدَلُوا, قال: وسمعت الكلاني يقول: قد أَشَمُّوا، إذا جاروا عن وجههم يميناً وشِمَالاً, ويقال: شَمَمت الشيء أَشُمُّهُ شَمًّا وَشَمِيْمًا, ويقال: قد أشاد بذكره، إذا رَفَع ذكره, قال أبو عمرو: قال العبسي: أَشَدْت بالشيء: عَرَّفتُهُ, وقد شَادَهُ يَشِيدُهُ شَيْدًا، إذا جَصَّصَهُ, والشِّيد: الجِصُّ, ويقال: قد أَفَاد مالاً وَأَفَاد عِلْمًا, ويقال: فَادَ يَفِيد فَيْدًا، إذا تَبَخْتَرَ, وَفَاد يَفُودُ فَوْدًا، إذا مات, ويقال: قد أَشْعَبَ الرجل، إِذَا مات أو

(1/191)


فارق فراقًا لا يرجع, وقد شَعَب الشيء، إذا فرقه وبينه وأصلحه, وقد شَعَبَهُ إذا فرقه, ومنه سميت المنية شعوب؛ لأنها تفرق, ويقال: قد أَسَلَّ يُسِلُّ، إذا سَرَق, ويقال: في بني فلان سَلَّة، أي سَرِقة, ويقال: أتيناهم عند السَّلَّة، أي عند استلال السيوف, قال الراجز:
هذا سلاحٌ كاملٌ وأله ... وذُو غرارين سريعُ السَّلَّهْ
وجاء في الحديث: "لا إغلال ولا إِسْلَال" , وقد سَلَّ الشيء يَسُلُّهُ سَلًّا, ويقال: قد أَغَلَّ الجازر والسالخ يَغِلُّ إِغْلَالاً، إذا ترك في الإهاب من اللحم شيئاً, وقد أَغَلَّ يُغِلُّ إِغْلَالاً، إذا خان, قال النمر بن تولب:
جزى الله عنا جَمْرَةَ ابنة نوفل ... جزاء مُغِلٍّ بالأمانة كاذبِ
وقال آخر:
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن ... للغدر خائنة مُغِلَّ الإصبعِ
وأما في المَغْنَمِ فلم نسمع فيه إلا غَلَّ يَغُلُّ غُلُولاً, وقرئ في كتاب الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: الآية 161] و"يغُلَّ" فمعنى يَغلُّ: يخون, ومعنى يُغَلُّ: يُخَوَّن, ويقال: قد غَلَّ صدره يَغِلُّ غِلًّا، إذ كان ذا غش, ويقال: قد أَغَلَّ يغل، إذا كانت له غَلَّة, قال الراجز:
أقبل سيل كان من أمر الله ... يحرد حرد الجنة المُغِلَّهْ
أي يقصد قصدها, ويقال: أَثَلَّ الرجل فهو مُثِلٌّ، إذا كَثُرت ثَلَّتُهُ, والثَّلَّة: الصوف, ويقال: للصوف والشعر والوبر إذا اجتمع: ثَلَّة، فإذا انفرد الشعر وحده أو الوبر وحده لم يُقل له ثَلَّةٌ, ويقال: كساءٌ جيد الثَّلَّة، أي جيد الصوف, ويقال للضأن الكثيرة: ثَلَّة، ولا يقال للمعزي ثَلَّة، فإذا اجتمعت قيل لهما جميعاً: ثَلَّة, ويقال: قد ثَلَّ "الله" عرشه يَثُلُّهُ، وَثُلَّ عرشه أجود، إذا ذهب عزه وشرفه, ويقال: أَفْرَضَت الإبل إذا وجبت فيها الفَرِيْضَةَ, وقد فَرَضْت المسواك والزَّنْد، إذا حَزَزت فيهما, وقد فَرَضت له في الديوان, ويقال: أَرْكَضَت الفرس، إذا عَظُم ولدها في بطنها وتحرك, وقد رَكَضْتُ الفرس برجلي، إذا استحثثته, ويقال: أَمَات فلان، إذا مات له ابن أو بنون, وقد مات الرجل وغيره يَمُوت موتاً, وقد أَشَبَّ الرجل بنين، أي شَبَّ له بنون، فهو مُشِب, ويقال: شَبَّ الغلام يشب شَبَابًا، وَشَبَّت النار شَبًّا وشُبُوبًا, والشُّبُوب: ما

(1/192)


تُشَبُّ به النار ويقال: شَبَّ لون المرأة خمار أسود، أي لبسته، أي زاد في بيضاها وحسنه, ويقال: شَبَّ الفرس يَشِبُّ شِبَابًا وشَبِيبًا, ويقال: أَصَحَّ القوم فهم مُصِحُّون، إذا كان قد أصاب أموالهم عامة, ثم ارتفعت, وقد صَحَّ الرجل وغيره يصح صِحَّة, ويقال: قد أَمْرَضَ الرجل، إذا وقع في ماله العاهة, ويقال: قد مَرِض الرجل وغيره يَمْرَضُ مَرَضًا, وتقول: قد أَجْرَبَ الرجُل، إذا جَرِبَتْ إبلُهُ, وقد جَرِبَتِ الإبل وغيرها تَجْرُبُ جرباً, وقد أَكْلَبَ الرجلُ، إذا وقع في إبله الكَلَبُ، وهو شبيه بالجُنُونِ, وقد كَلِبَتِ الإِبِل تَكْلَبُ كَلَبًا, قال الجَعْدِيُّ:
وقوم يهينون أعراضهم ... كويتهم كية المُكْلِبِ
ويروى: "يهينون أموالهم", ويقال أَغْمَزَنِي الحر، أي فَتَر فاجترأت عليه وركبت الطريق, قال: وحكى لنا أبو عمرو: قد غَمَزت الشيء أَغْمِزُه غَمْزًا, ويقال: أَلْمَسَ البعير، وهو إذا شك في سنامه أَبِهِ طرق أم لا, ويقال: قد لَمَست الشيء فأنا أَلْمُسُهُ لَمْسًا, وَلَمَسْت المرأة فأنا أَلْمُسُهَا لَمْسًا، إذا غَشِيتُهَا, ويقال: أَجْحَدَ الرجل فهو مُجْحد، إذا كان ضَيِّقًا قليل الخير, قال: وحكى لنا أبو عمرو عن بعضهم: هو الأنكد القليل الخير الضيق مسكا, ويقال أيضاً في هذا المعنى: قد جَحِد يَجْحَدُ جَحَدًا, وأنشد للفرزدق:
وبيضاء من أهل المدينة لم تذق ... بئيساً ولم تتبع حمولة مُجْحِدِ
وقد جَحَدت الشيء أَجْحَدُهُ جَحْدًا, ويقال: قد أَظْهَرْنَا، أي سِرْنا في وقت الظهيرة, وقد ظَهَرت على كذا وكذا أَظْهَرُ عليه، إذا اطَّلَعت عليه, وقد أَنْضَيْت البعير، إذا حَسَرتُهُ، أُنْضِيه إِنْضَاء، وهو نِضْو، والجمع أَنْضَاء, وقد نَضَوت السيف وانتَضَيتُهُ، إذا سَلَلتُهُ من غمده, وقد نَضَوت ثوبي عني، إذا أَلْقَيْتَهُ عنك, وقد نَضَا خضابه يَنْضُو, وقد نَضَا الفرس الخيل، إذا تَقَدَّمَها وانسلخ منها, ويقال: أَضْلَلْت فرسي وبعيري، إذا ذهب منك, وقد ضَلِلت المسجد والدار، إذا لم تعرف موضعهما, إذا كان الشيء مقيماً قلت: قد ضَلِلت، فإذا ذهب عنك قلت: أَضْلَلْت, وقد أَعْلَفَ الطَّلْح، إذا خرج عُلَّفُهُ, وقد عَلِفت الدابة أَعْلِفُهَا, وقد أُوْلعَ بكذا وكذا إِيْلَاعًا وَوَلَعَانًا، والاسم الوَلُوع, وأَوْلَعْتُهُ إِيْلَاعًا, وقد وَلَع الرجل يَلَع وَلَعًا وَوَلَعَانًا، إذا كَذَب, قال ذو الإصبع العَدْواني:

(1/193)


............................ ولا ... آمن أن تكذبا وأن تَلَعَا1
وقال الآخر:
وَهِنَّ من الإخلاف والوَلَعَان2
أراد من أهل الخلاف والكذب, ويقال: قد أَكَاس الرجل فهو مُكِيس، إذا ولد له أولاد أَكْياس, وقد كَاسَ الرجل يَكِيس كَيْسًا, قال الشاعر:
ألا هل غير عمكم ظلمتم ... إذا ما كنتمُ متظلمينا
عَفَارِيْتًا علي وأكل مالي ... وَجُبْنًا عن رجال آخرينا
ولو كنتم لِمُكْيِسَةٍ أَكَاسَتْ ... وَكَيْسُ الأم يعرف في البنينا
ولكن أمكم حمقت فجئتم ... غثاثا ما نرى فيكم سمينا
وقال: أَجْزَرْت القوم، إذا أعطيتهم جَزَرَة يذبحونها، وهي الشاة السمينة، والجمع جَزَر, وقد جَزَرت الجَزُوْر، إذا نحرتها وجَلَّدتها, والتجليد للإبل بمنزلة السلح للشاة, وقد جَزَر الماءُ، إذا حسر وغار, وقد جَزَر النخل، إذا صَرَمَهُ, ويقال: أَمْقَرَ الشيء فهو مُمْقِر، إذا كان مراً, ويقال للصبر المَقِر, قال لبيد:
مُمْقِرٌ مر على أعدائه ... ومعلى الأدنين حلو كالعسلْ
ويقال: مَقَر عنقه يَمْقُرُهَا، إذا دَقَّها, ويقال: أَعْقَى الشيء فهو يُعْقِي إِعْقَاء، إذا اشتدت مرارته, ويقال في مثل: "لا تكن مراً فَتُعْقَى، ولا حلواً فتزدرد", ويقال: عَقَى الصبي يَعْقِي عَقْيًا، إذا أحدث حيث يخرج من بطن أمه وبعد ذلك، ما دام صغيراً، واسم حاجته: العِقْي, ويقال: "أَحْرَصُ من كلب على عِقْي صبي", ويقال: أَجْنَى الشجر، إذا أدرك ثمره للاجتناء, وقد جَنَى الثمرة يَجْنِيها جَنْيًا, ويقال: قد أَقَدتُهُ خيلاً، إذا أَعْطَيْتُهُ خيلاً يقودُها, وقد أَسَقتُهُ إبلاً، أي أعطيته إبلاً يَسُوقُهَا, وقد قُدْت الخيل أَقُودُهَا قَوْدًا، وسُقْت الإبل أَسُوقُهَا سَوْقًا وسِيَاقًا, وحكى أبو عبيدة: أَشْفِنِي عَسَلاً، أي اجعله لي شِفَاء, وقد شَفَيتُهُ مما به أَشْفِيْه شِفَاء, وحكى أيضاً: أَسْقِنِي إهابك، أي اجعله لي سِقَاء, ويقال: أَسْقَيْتُهُ، إذا جعلت له شِرْبًا لآرضه, ويقال:
__________
1 صدره في: المفضليات: إلا بأن تكذبا على ولم, أملك بأن.
2 صدره في: اللسان: لخلابة العينين, كذابة المنى.

(1/194)


سَقَيتُهُ ماء، إذا أَعْطَيْتُهُ ماء يشربه, ويقال: سَقَاه الله الغيث وَأَسقاه, ويقال: سَقَى بطنه يَسْقِيْ، إذا استَسْقَى, ويقال: أَجْدَعَ غذاءه, إذا أُسِيء غذاؤه, وقد جَدَع أنفه وأذنه يَجْدَعُها جَدْعًا, ويقال: قد أَجْمَلَ الحساب يُجْمِلُهُ إجمالاً, وأَجْمَلَ في صنيعته يُجمِلُ إِجْمالاً, وقد جَمَل الشحم يَجْمُلُهُ جَمْلاً، إذا أذابه, وقد أَجْمَلَ الرجل، إذا أذاب الشحم والألية, ويقال: لما أذيب منه: الجَمِيل, قال الهذلي1:
نُقاتلُ جوعهم بمكللات ... من الفرني يرعبها الجَمِيل
ويقال: أَخْلَفَ الرجل فهو مُخْلِفٌ، إذا استعذب الماء, واستَخْلَفَ الرجل يَسْتَخْلف, ويقال: قد أَخْلَفَت النجوم إخلافاً، إذا أمحلت فلم يكن فيها مطر، وقد أَخْلَفَ الرجل في ميعاده, ويقال: لمن ذهب منه مال أو ما يستعاض: أَخْلَفَ الله عليك, ويقال لمن هلك له والد أو عم: خَلَف الله عليك، أي كان الله عليك خليفة والدك, وقد خَلَفَ فلان فلاناً، إذا كان خليفته, ويقال: خَلَفْتُهُ، إذا جئت بعده, وقد خَلَف فوه من الصيام يَخْلُفُ خلُوفًا، إذا تغير, وقد خَلَف فلانٌ، إذا فَسَد, وفلان خالف أهل بيته، وَخَالِفَة أهل بيته, والخَلَف من القول: الرديء, ويقال: أَفْرَثْت أصحابي إِفْرَاثًا، إذا عرضتهم للاثمة الناس، أو كَذَّبْتَهُم عند قوم؛ لتصغر بهم, وقد فَرَثت للقوم جُلَّة, فأنا أَفْرِثُهَا أَفْرُثُهَا، إذا شَقَقتُهَا ثم نَثَرت ما فيها, وقد فَرَثت كبده أَفْرُثُها فَرْثًا، وقد فَرَّثتُهَا تَفْرِيثًا، وهو أن تضربه وهو حي حتى تَنْفَرِث كبده انفراثًا, وأَفْرَثْت الكرش إِفْرَاثًا، إذا شققتها وألقيت ما فيها, ويقال: أَبْسَسْت بالغنم إِبْسَاسًا، وهو إِشْلَاؤُكَها إلى الماء، وأَبْسَبْب بالإبل عند الحلب, ويقال: ناقة بَسُوس، إذا كانت تدر عند الإِبْساس, وقد بَسَست السويق والدقيق أَبُسُّهُ بَسًّا، إذا بللته بشيء من الماء، وهو أشد من اللت بللاً, ويقال: قد بَسَّ عقاربه، إذا أَرْسَلَ نمائمه وأذاه, ويقال: قد أَسْمَلَ الثوب إِسْمالاً، إذا أَخْلَقَ, ويقال: قد سَمَل الله بصره, وَسَمَلْت عينه أَسْمُلُها سَمْلاً، إذا فَقَأتها, قال الأصمعي: قال رجل من العرب: لَطَم أحدنا عين رجلٍ في الجاهلية ففقأها، فسمينا بني سَمَّال", ويقال: أَرْهَقْنا الصلاة إِرْهاقًا، إذا أَخَّرَناها عن وقتها, ويقال: أَرْهَقْتُهُ عسراً، إذا كلفته عسراً, ويقال: لا تُرْهِقْني أَرْهَقَك الله، أي لا تعسرني أعسرك الله9, ويقال: أَرْهَقَنِيْ إثماً حتى رَهِقتُهُ له رَهَقًا، أي حملني
__________
1 هو أبو خراش الهذلي, كما في: "اللسان": جمل.

(1/195)


إِثْمًا حتى حَمَلْتُهُ له, ويقال: طَلَبت الشيء حتى رَهِقتُهُ أَرْهَقُهُ، أي حتى دنوت منه؛ فربَّمَا أخذه وربما لم يأخذه, ويقال: أَخْفَقَت النجوم إِخْفَاقًا، إذا تَوَلت للمغيب, ويقال: طلب حاجة فَأَخفَقَ، وغزا فَأَخفَقَ، أي لم يُصِب شيئاً, وخَفَقَتِ الدابة تَخْفِقُ وتَخْفُقُ خَفْقًا وَخَفَقَانًا, وَخَفَقَ الفؤاد يَخْفِقُ وَيَخفُقُ خَفْقًا وَخَفَقَانا، وَخَفَقَ البَرْق خَفْقًا، وَخَفَقَتِ الرِّيْح خَفَقَانًا، وهو خَفِيفُهَا, قال الشاعر:
كأن هَوَيها خَفَقَان ريح ... خَرِيق بين أعلام طِوَال
وَخَفَقَتُهُ بالسيف أَخْفِقُهُ، إذا ضربته ضربة خَفِيفة, ويقال: قد أَرْمَلَ القوم إذا نَفِد زادُهُم, وقد أَرْمَلَ سَرِيره وحصيره ورمله، إذا نَسَج شَرِيطًا أو غيره فجعله ظهراً له, ويقال: قد رَمَل بين الصفا والمروة يَرْمُلُ رَمْلاً وَرَمَلَانً, ويقال: أَغَالَتِ المرأة تُغِيل، وَأَغْيَلَت، فهي مُغِيْل، مكسورة الغين ساكنة الياء، ومُغْيِل بسكون الغين وكسرة الياء، إذا سَقَت ولدها الغَيْل، وهي أن تُرْضِعَ المرأة ولدها وهي حامل, ويقال: قد غَالَهُ يَغُولُهُ، إذا اغتاله, وكل ما أهلك الإنسان فهو غُوْل, ويقال: الغَضَب غُوْل الحِلْم، أي يَغْتَالُهُ ويذهب به, ويقال: قد أَحَال، إذا أَتَى عليه حَوْل, وقد أَحَال، إذا حَالَتْ إبله فلم تحمل، وهي إبل حِيَال, وقد أَحَال الماء من الدلو في الحوض، إذا صَبَّه, وقد أَحَال فلان فلاناً على فلان ماله عليه من الدين, ويقال: قد حَالَ يَحُول، إذا انقلب عن العهد, وقد حَالَتِ القوس، إذا انقلبت عن عطفها الذي عُطِفت عليه, وقد حَالَ الشيء يَحُول، إذا تحرك, ويقال في الحول: قد حال الحول وأَحَال, وقد أَحَال عليه بالسوط يضربه, وقد حَالَ في متن دابته يَحُول حَوْلاً، إذا وثب في متنها, قال الشاعر:
وَكُنتَ كذئب السوء لما رأى دَمًا ... بصاحبه يوماً أَحَالَ عَلَى الدَّمِ
أي أَقْبَلَ عليه, ويقال: أَزَالَهُ عن مكانه يُزِيلُهُ إِزَالَة, ويقال: أَزَال الله زَوَالَهُ، إذا دُعِى عليه بالبلاء والهلاك, ويقال: قد زَالَ الشيء من الشيء، إذا مَازَهُ منه, ويقال: زِلْتُهُ فلم يَنْزَل، ومِزْتُهُ فلم يَنْمَزْ, ويقال: أَذَال فرسه وغلامه، إذا استهان به ولم يُحْسن القيام عليه, وجاء في الحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إِذَالَةِ الخيل", وقد ذَالَ يَذِيل، إذا تبختر, ويقال: قد أَخَلت فيه الخير، إذا رَأَيت فيه مَخِيلتَهُ, وقد أَخَلت السحابة وأَخْيَلْتُهَا، إذا رأيتها مُخِيلة للمطر, ويقال: ما أحسن مَخِيلَتَها وَخَالَهَا، أي خَلَاقَتَها للمطر, وقد خِلْت الشيء أَخَالُهُ خَيْلاً ومَخِيلة، إذا ظننته, وقد خُلْت المال

(1/196)


أَخُولُهُ، إذا أَحْسَنْت القيام عليه, ويقال: هو خَالَُ مال وَخَائِلُ مال، إذا كان حَسَن القيام عليه, وجاء في الحديث: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَتَخَوَّلُنَا بالموعظة"، أي يُصلحنا بها ويقوم علينا بها, وكان الأصمعي يقول: يَتَخَوَّلُنَا أي يَتَعَهَّدُنَا, ويقال: الحُمَّى تَخَوَّنُهُ، أي تعهده, قال ذو الرمة:
لا ينعش الطرف إلا ما تَخَوَّنُهُ ... داع يناديه باسم الماء مَبْغُوم
والتَّخَوُّنُ في غير هذا: النقص، والتَّخَوُّفُ أيضاً: التنقص, قال الله جل ثناءؤه:
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ} [النحل: الآية 47] ، أي تنقص, وقال لبيد:
تَخَوَّنَها نُزولي وارتحالي
أي تنقص لحمها وشحمها, وقال عبدة بن الطبيب:
عن قانئ لم تَخَوَّنْهُ الأحاليل
ويقال: قد أَقْصَرَ عن الشيء، إذا نَزَع عنه وهو يقدر عليه, وقد قَصَّر عنه، إذا عَجَز عنه, ويقال: قد أَقْصَرْنا، أي دخلنا في العشي, وقد قَصَر العشي يَقْصُرُ قُصُورًا, قال العجاج:
حتى إذا ما قَصَر العشي
ويقال: قد أَقْصَرَت المرأة، إذا وَلَدت وَلَدًا قِصَارًا, وقد أَطَالت، إذا ولدت ولداً طِوَالاً, وفي بعض الحديث: "إن الطويلة قد تُقْصِر، والقصيرة قد تُطِيل" , ويقال: قد قَصَرَهُ يَقْصُرُهُ, إذا حبسه، ومنه قول الله جل وعز: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَام} [الرحمن: الآية 72] , قال الباهلي وذكر فرساً:
تراها عند قُبَّتنا قَصِيْرًا ... ونَبْذُلُهَا إذا باقت بؤوق
أي مَقْصُورة مقربة لا تترك ترود؛ لنفاستها عند أهلها, ويقال للجارية المصونة التي لا تترك أن تخرج: قَصِيرةٌ وقَصُورة, قال كثير عزة:
وأنت التي حببته كل قَصِيرَة ... إلي وما تدري بذاك القَصَائر
عنيت قَصِيرات الحجال ولم أرد ... قِصَار الحظى، شر النساء البَحَاتر
قال: وأنشد الفراء: "كل قَصُورة", ويقال: قد أَحْجَلَ بعيره، إذا أطلق قيده من يده اليسرى وشده في يده اليمنى, ويقال: قد حَجَل الغراب وغيره يَحْجُلُ, ويقال:

(1/197)


قد أَبْقَلَ الرمث فهو بَاقِلٌ, ولم يقولوا مُبْقِل، كما قالوا: أَوْرَسَ فهو وارِسٌ, وَأْعَشَب البلد فهو عاشِب ومُعْشِب, وَأَمْحَلَ فهو ماحل ومُمْحِل, وأَغْضَى الليل فهو غاضٍ ومُغْضٍ، إذا أَظْلَمَ, قال رؤبة:
يخرجن من أجواز ليل غَاضِ
ويقال: قد أَيْفَعَ الغلام فهو يَافِع, ويقال: قد بَقَل وجهُه يَبْقُلُ بُقُولاً، إذا خرج شعر وجهه, وقد بَقَل ناب البعير بُقُولاً، إذا طَلع, ويقال: قد أَفْلَقَ في العلم وغيره، إذا برع فيه, ويقال: مر يَفْتَلِق، أي يجيء بالعجب في عدوه, والفِلْق، والفَلِيقَةُ: الداهية, ويقال: قد فَلَق هامته يَفْلِقُها فَلْقًا, ويقال: قد أَمْلَقَ الرجل يَمْلِقُ إِمْلَاقًا، إذ افتقر, وقد مَلَقَهُ بالسوط مَلَقات، ومَلْقًا ومَلَقًا جميعاً، إذا ضربه, ويقال: مَلَق الجدي أُمَّه، إذا رضعها, ويقال: قد أَلْبَنَ الرجل، إذا كثر لبنه, وقد لَبَنت الرجل أَلْبُنُهُ، إذا سقيته اللبن, قال الفراء: يقال: رجل مُشْحِم مُلْحِم، إذا كثر عنده الشحم واللحم, ورجل شَاحِم لَاحِم، إذا كان عدنه شحم ولحم, ورجل شَحِيم لَحِيم، إذا كثر الشحم واللحم في بدنه, ورجل شَحِم لَحِم، إذا كان يُحِبهما ويقرم إليهما, ورجل شَحَّام لَحَّام، إذا كان يبيعهما, ويقال: أَكَب على العمل إِكْبابًا, ويقال: قد كَبَبت الإناء وغيره أَكُبُّهُ كَبًّا, وقد كَبَّه الله لوجهه, ويقال: أَهْدَيْت الهدية أُهْديها إِهْداء، فهي مُهْدَاة, وأَهْدَيْت الهَدِّي إلى بيت الله هَدْيًا، والهَدْي، لغتان، بالتشديد والتخفيف، وقرأ بهما جميعاً القراء: حتى يَبْلُغَ الهَدْي محله، الهَدِيُّ محله، والواحدة: هَدْيَة وهَدِيَّة, وهَدَيتُهُ الطريق هِدَاية، وهَدَيتُهُ إلى الدين وللدين هُدَىً, وهَدَيتُ العروس إلى زوجها أَهْدِيها هِدَاءً، فهي مَهْدِيَّة وهَدِيٌّ, ويقال: أَهْدَأْت الصبي أُهْدِئُه إِهْداء، إذا جعلت تضرب عليه بكفك وتسكنه؛ لينام, ويقال: قد أَقْرَأَت المرأة، إذا طهرت، إذا حاضت، وهو من الأضداد، والقَرْء: الطهر، والقَرْء: الحيض ويقال: قَرَأت حاجتك، أي دَنَت, ويقال: ما قَرَأَتِ الناقة سلاً قط، أي ما حملت ولداً, وكذلك ما قَرَأَتْ جنيناً, وقد قَرَأت الكتاب والقرآن قِرَاءة وقُرْآنًا, ويقال: قد أَسَدَّ، إذا قال السَّدَاد, وقد سَدَّ الجحر وغيره يَسُدُّهُ سَدًّا, ويقال: قد أَحَد السكين والشفرة يحدها إِحْدادًا, ويقال: قد حَدَّ الرجل يَحِدُّ حِدَّة، إذا احتد, وقد حَدَدتُ حُدودَ الدار أَحُدُّهَا حَدًّا, وقد حَدَدتُهُ عن كذا وكذا أُحَدُّهُ حَدًّا، إذا منعته منه, ومنه سُمي الحاجب حَدَّادًا، لأنه يمنع, ويقال: دونه حَدَد، أي منع, ويقال: حَدَّت

(1/198)


المرأة على زوجها وَأَحَدَّت، وهي حادٌّ ومُحِدٌّ, ويقال: أَطَرَّ، إذا أَدَلَّ، ويقال: غضب مُطِرٌّ، أي كأن فيه إِدْلَالاً, وقال خالد: غضب مُطِرٌّ: جاء من أطراف البلاد, ويقال: طَرَّ الإبل يُطِرُّهَا طَرًّا، إذا مَشى من أحد جانبيها ثم من الآخر؛ ليقومها, ويقال: قد أَقَات على الشيء يُقِيتُ إِقَاتَة، إذا اقتدر عليه, قال الشاعر1:
وذي ضغن كففت النفس عنه ... وكنت على مساءته مُقِيتًا
أي مقتدراً, وقال الله جل وعز:: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} [النساء: الآية 58] , والمُقِيت الحافظ الشاهد للشيء, قال الشاعر2:
ليت شعري وأشعرن إذا ما ... قربوها منشورة ودعيت
ألي الفضل أم علي إذا حو ... سبت إني على الحساب مُقِيتُ
ويقال: قد قَاتَ أهله يَقُوتُهُم قَوْتًا، والاسم القُوْت: ويقال: ما عنده قِيتُ ليلة وقِيْتَةُ ليلة, ويقال: قد أَزْهَرَ النبت، إذا ظهر زهره, ويقال: قد زَهَرَت النار، إذا أضاءت, ويقال في مثل: "زَهَرَتْ بك ناري" أي قويت بك وكثرت, كما يقال: "وريت بك زِنَادي", ويقال: قد أَسْحَقَ الثوب، إذا أَخْلَقَ وبلي, وهو ثوب سَحْقُ, وقد أَسْحَقَ خُفُّ البعير، إذا مَرَن, وقد سَحَقت الطيب والدواء وغيرهما أَسْحَقُهُ سَحْقًا, ويقال: قد أَبْشَرَت الأرض، عند أول نبتها، وما أحسن بَشَرَتَها, وقد بَشَرت الأديم أَبْشُرُه بَشْرًا، إذا أَخَذت باطنه بشفرة أو بسكين, ويقال: قد أَحْنَقَ البعير، إذا ضمر, ويقال: قد حَنَقت عليه أَحْنق حنقاً من الغضب, ويقال: قد أَلْبَدَ البعير يُلْبِد إلباداً، إذا ضرب بذنبه على عجزه في هياجه وقد ثَلَط على عجزه وبوله، فتصير على عجزه لِبْدةٌ من ثَلْطه وبوله, ويقال: قد أَلْبَدَت الإبل، إذا أخرج الربيع ألوانها وأوبارها وتهيأت للسمن, ويقال: قد أَلْبَدْت القرية، وهو أن تصيرها في لَبِيد، واللَّبِيد، الجوالق الصغير, ويقال: قد أَلْبَدْت الفرس فهو مُلْبَد, ويقال: لَبَد بالأرض يَلْبُدُ لُبُودًا، إذا لصق بالأرض, ويقال: قد لَبِدَتِ الإبل تَلْبَدُ لَبَدًا، إذا دغصت من الصليان، وهو التواء في حيازيمها وفي غلاصمها إذا أكثرت منه، فتغص به فلا تمضي, يقال: هذه إبل لَبَادي، وناقة لَبِدة, ويقال: قد أَصْرَدَ سهمه، إذا أَنْفَذَه من الرمية, وقد صَرِد
__________
1 هو أبو قيس بن رفاعة, أو الزبير بن عبد المطلب.
2 هو السموأل بن عادياء, كما في: "اللسان": قوت.

(1/199)


السهم يَصْرَدُ صَرَدًا، وقد صَرَد من البرد يَصْرَدُ صَرَدًا, ويقال: قد أَزْبَدَ الماءُ وغيره يُزْبِد إِزْبَادًا, ويقال: قد زَبَدَهُ يَزْبدُهُ زَبْدًا، إذا أعطاه ووهب له, وجاء في الحديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن زَبْد المشركين", وقد زَبَدَتْ فلانة سقاءها تَزْبِدُهُ، إذا مخصته حتى يخرج زُبْدُهُ, وقد زَبَدت القوم أَزْبُدُهم، إذا أَطْعَمْتُهُم الزُّبْد, قال أبو عمرو: الإِمْحَاق: أن يهلك كمُحَاق الهلال, وأنشد:
أبوك الذي يطوي أنوف عنوقه ... بأظفاره حتى أَنَسَّ وَأَمْحَقَا1
أنس ينس "أي بلغ نسيس الموت", قال الأصمعي: يقال: جاءنا في مَاحِقِ الصيف، أي في شدة حره, قال ساعدة بن جؤية:
ظلت صوافن بالأرزان صادية ... في مَاحِقٍ من نهار الصيف محتدمِ
ويقال: يوم مَاحِقٌ، إذا كان شديد الحر، أي إنه كل شيء ويحرقه, وقد مَحَقت الشيء أَمْحَقُهُ مَحْقًا, ويقال: قد أَمْغَلَت عنز فلان, والمَغْلَةُ: النَّعْجمة أو العنز تنتج في السنة مرتين؛ وغنم مِغَال, قال:
بيضاءُ محطوطة المتنين بهكنة ... ريا الروادف لم تُمْغِلْ بأولاد2
قال أبو عمر: المُمْغِلُ التي تحمل قبل فطام الصبي وتلدُ كل سن, قال: وقال الوالبي قال: أَمْغَلَ بي فلان عند السلطان، أي وشى بي, قال: ويقال: قد مَغَل فلان بفلانٍ عند فلان، إذا وقع فيه، يَمْغَلُ به مَغْلًا, وإنه لصاحب مَغَالة, ويقال: قد مَغِل الدابة يَمْغَلُ مَغْلاً، إذا أكل التراب فاشتكى بطنه, يقال: به مَغْلَةٌ شديدة, ويكوى صاحب المَغْلَةِ ثلاث لذعات بالميسم خلف السرة, قال أبو عمرو: قال النميري: أَمْتَعْت عن فلان، أي استغنيت عنه, قال الأصمعي: وقول الراعي:
خليطين من شعبين شتى تجاورا ... قديماً وكانا بالتفرق أَمْتَعَا
قال الأصمعي: ليس من أحد يُفارقُ صاحبه إلا أَمْتَعَه بشيء يذكره به، فكان ما أَمْتَعَ كل واحد من هذين صاحبه أن فارقه, وقال أبو زيد: أَمْتَعَا، أراد تَمَتَّعَا, ويقال: مَتَع النهارُ، إذا ارتفع, ويقال: نبيذ مَاتِع، إذا اشتدت حُمْرَتُهُ, ويقال: حبل ماتعٌ،
__________
1 البيت لسبرة بن عمرو الأسدي, كما في: "اللسان".
2 البيت للقطامي, كما في: "اللسان": مغل.

(1/200)


وشيءٌ ماتِعٌ، إذا كان جَيِّدًا, ويقال: قد أَمْصَلْت بضاعة أهلك، أي أَفْسَدْتَهَا وَصَرَفْتَهَا فيما لا خير فيه, وقد مَصَلَتْ هي, ويقال: تلك امرأةٌ مَاصِلَة، وهي أَمْصَلُ الناس, قال: وأنشدني الكلابي:
لقد أَمْصَلَت عفراءُ مالي كله ... وما سُسْتَ من شيءٍ, فربك ماحِقُهْ
ويقال: أعطى عطاء مَاصِلًا، أي قليلاً, وإنه لَيَحلب من الناقة لبناً ماصلاً، أي قليلاً, وحَكَى الأَصْمعي: مَصَلَتِ استُهُ، إذا قَطَرَتْ, والمَصُالَةُ: قُطَارةُ الحُّبِ, قال أبو زيد: والمَصْل: ماء الأقط حين يُطبخ ثم يُعصَرُ، فَعُصَارةُ الأقط: المَصْل, الفراء: يقال أَمْلَأَ النزع في قوسه، إذا شَدَّ النزع, وقد مَلَأْت الإناء أَمْلَؤُهُ مَلْئًا, وقال أبو صاعد الكلابي: يقال: أَمْحَشَه الحر، إذا أَحْرَقَهُ, ويقال: امتَحَشَ غضباً، إذا احترق, وقال أبو عمرو: سنة قد أَمْحَشَت كل شيء، إذا كانت جدبة, وقال: قد أَمْحَشْتُهُ بالنار، إذا أحرقته؛ وقد صار مُحاشًا, ويقال: خبز مُحاش، وشواءٌ محاشٌ, قال: ويقولون مرت غرارة فَمَحَشَتني، أي سَحَجَتني, وقال الكلابي: مرت غرارة فَمَشَنَتني، وأصابتني مَشْنَة, وهو الشيء له سعةٌ ولا غور له، منه ما قد بض منه دم ومنه ما لم يجرح الجلد, الأصمعي: يقال: أَمْغَرَت الشاةُ وَأَنغَرَتْ، فهي شاة مُمْغرٌ ومُنْغِر، إذا حلبت فخرج مع لبنها دم, فإذا كان ذلك من عادتها قيل: مِمْغارٌ ومِنْغارٌ, أبو جميل الكلابي: يقال: قد مَغَر في البلاد، إذا ذَهَب فَأَسرَعَ, ورأيته يَمْغَر به بعيره, وقال أبو صاعد: يقال: مَغَرَت في الأرض مَغْرةٌ من مطر، وهي مطرةٌ صالحة.

(1/201)


باب فَعْل
يقال: في رأسه سَعْفة، ساكنة العين، وهو داءٌ يأخذ في الرأس, وقد أسنانه حَفْر، وهو سُلَاق في أصول الأسنان، ويقال: أصبح فم فلان مَحْفُورًا, ويقال: أصابه في بطنه مَغْص، وهو رجل مَمْغُوْص, ويقال: أصابت فلاناً عَرْفةٌ، ساكنة الراء، وهي قَرْحةٌ تخرج في بياض الكف, وهو رجل مَعْرُوف، وقد عُرف, وهو يوم عَرَفَةَ، غير مُنَون، ولا يقال العَرَفَة, وقد عَرَّف الناس، إذا شهدوا عَرَفَةَ, وهو المُعَرَّف، للموقف بعرفات, وقد عَيَّدوا، إذا شهدوا عيدهم, وقد وَسَّمنا موسمنا أي شهدناه, وتقول: في صدره على وَغْر، ساكنة الغين، وقد أَوْغَرْت صدره، أي أَوْقَدْتُهُ من الغيظ وأَحْمَيْتُهُ، وأصله من

(1/201)


وَغْرَةِ القيظ، وهو شِدَّة حَرِّه, ويقال: سَمِعت وَغْر الجَيْش، أي أَصْوَاتَهُم, قال الشاعر:
كأن وَغْرَ قَطَاهُ وَغْرُ حادينا

(1/202)


باب: نوادر
تقول: سَخِرت من فلان، فهذه اللغة الفصيحة, قال الله جل ثناؤه: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: الآية:79] ، وقال: {إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ} [هود: 38] , وتقول: نصحتُ لك, وشكرتُ لك، فهذه اللغة الفصيحة, قال الله جل وعز: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: الآية:14] ، وقال في موضع آخر: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} [الآعراف: الآية:62] , ونصحتك وشكرتك لغة, قال الشاعر:
نصحتُ بني عوفٍ, فلم يتقبلوا ... رسولي, ولم تنجح لديهم رسائلي
ويقال: شتان ما هُما، وشتان "ما" عمرو وأخوه, قال الأصمعي: ولا يقال شتان ما بينهما, قال: وقول الشاعر1:
لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم, والأغر بن حاتمِ
ليس بحجة, إنما هو مولد، والحجة قول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر
معناه: تباعد الذي بينهما, وشتان مصروفة عن شَتُت، والفتحة التي في النون هي الفتحة التي كانت في التاء، والفتحة تدل على أنه مصروف عن الفعل الماضي, وكذلك وَشْكَان وسرعان ذا خروجاً، أصله وَشُك ذا خروجاً، وسَرِع, وتقول: هو الثَّجِير، لا تقلها بالتاء, ويقال: هي تَخُوم الأرض، والجمع تُخُم, قال: وسمعتها من أبي عمرو، قال الشاعر:
يا بني التَّخُوم لا تظلموها ... إن ظلم التَّخُوم ذو عُقَّال
__________
1 هو ربيعة الرقي, كما في: "اللسان": شتت.

(1/202)


وتقول: إن فعلت كذا وكذا فبها وَنِعْمَتْ, تريد ونِعْمَت الخصلة، التاء ثابتة في الوقت, وتقول: "أساء سمعاً فأساء جابة" بمنزلة الطاعة والطاقة، كذا يُتكلم به بهذا الحرف, ويقال: قد أخذ لذلك الأمر أُهْبَتَه، ولا تقل هُبَّتهُ, وقد تَأْهَّبْت له, وتقول: في صدره علي إِحْنَة، وقد أَحَنت عليه، وهي الإِحَن، ولا تقل حِنَة, قال الشاعر:
إذا كان في صدر ابن عمك إِحْنَة ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
وتقول: غُمَّ الهلال على الناس، إذا ستره عنهم غيم أو غيره, وهي ليلة الغُمَّى:
قال الراجز:
ليلة غُمَّى طامس هلالها ... أوغلتها ومكره إيغالها
ويقال: أُغْمِيَ على المريض فهو مُغْمًى عليه، وقد غُمِي عليه فهو مَغْمِيذٌ عليه, ويقال: تركت فلانا غمًى مقصورة بمنزلة قفاً, إذا كان مُغْمًى عليه وتركتهم أغماء, ويقال: أَبَاد الله غَضْرَاءَهُم، أي خيرهم وغضارتهم, ويقال: بنو فلان مَغْضُورون، إذا كانوا في غضارة من العيش, قال الأصمعي: ولا يقال خَضْرَاءَهُم, قال: والغَضْرَاء طينة خَضْرَاء علكة، يقال: أَنْبَطَ بئره في غَضْرَاء, قال الأصمعي: يقال: أتاني كل أسود منهم وأحمر, ولا يقال: أبيض، يحكيها عن أبي عمرو بن العلاء, ويقال: كَلَّمت فلانًا فما رد على سَوْدَاء ولا بَيْضَاء، أي كلمة ردية ولا حسنة, قال الشاعر:
جمعتم فأوعيتم وجئتم بمعشر ... توافت به حُمْرَان عبد وَسُوْدُهَا
يريد بعبدٍ عبد بن أبي بكر, وتقول: كلب عَقُورٌ، وسَرْج عُقَرَةُ ومِعْقَرُ وعُقَرُ, قال البعيث:
ألح على أكتافهم قتب عُقَر
وكذلك: رجل عُقَرٌ ومِعْقرٌ وعقرةٌ, ولا يقال: عَقُورٌ إلا في ذي الروح, وتقول: قد أَشْلَيْتُ الكلبَ، إذا دعوته إليك, وكذلك أَشْلَيْتُ الناقة والعنز: إذا دعوتهما؛ لتحلبهما, قال الراعي:
وإن بركت منها عجاساء جلة ... بمحنية أَشْلَى العفاس وبروعا
العفاس وبروع: ناقتان, قال الآخر1:
__________
1 هو أبو نخيلة الراجز, كما في: "اللسان": قأب.

(1/203)


أَشْلَيْتُ عنزي ومسحتُ قعبي ... ثم تَهَيَّأت لشرب قَأْبِ
ولا يقال: أَشْلَيْتُهُ، إذا أَغْرَيْتُهُ بالصيد، ولكن يقال: آسدته وأَوْسَدْتُهُ, وتقول: ضرب مقدم رأسه وضربه مؤخره, ونظر إليه بمُقْدِمِ عينه وبمؤخر عينه, وهي آخرة الرحل، ولا يقال مُؤْخِرِه, وتقول: هي أرض يَبَس وهو جمع يابس, وقد يَبِست الأرض، إذا ذهب ماؤها ونداها, وأَيْبَسَت إذا كثر يَبِيسُها, وتقول: جاءوا كالجراد المُشْعِلِ، وهو الذي يجري في كل وجه, ويقال: كَتِيبة مُشْعِلَة، إذا انتشرت, وجراد مُشْعِل, وقد أشعلت الطعنة، إذا خرج منها دم متفرقاً, وجاءوا كالحريق المشعل، مفتوحة العين, وتقول هذا رجل مَشْنُوء، إذا كان مبغضاً وإن كان جميلاً, وهذا رجل مُشْنَأ، إذا كان قبيح المنظر, ورجلان مُشْنَأ وقوم مُشْنَأ, ويقال: شَنِئتُهُ، إذا أبغضته, وتقول: لا أبا لِشَائِنِك، ولا أبا لِشَانِئِيك، أي لِمبغضيك، وهي كناية عن قولهم لا أبالك, وتقول: قد عَقَلت عن فلان، إذا أعطيت عن القاتل الدِّيَة, وقد عَقَلت المقتول أَعْقِله عَقْلًا, قال الأصمعي: وأصله من يأتوا بالإبل فيعقلوها بأفنية البيوت، ثم كثر استعمالهم هذا الحرف حتى يقال: عَقَلت المَقْتُول: إذا أعطيته دِيَتَهُ دراهم أو دنانير.

(1/204)


باب ومما تضعه العامة في غير موضعه
قولهم: أَكَلنا مَلَّة، وإنما المَلَّة الرَّمَاد الحار, قال الشاعر:
لا أَشْتُمُ الضيف إلا أن أقول له ... أباتك الله في أبيات عمَّار
أباتك الله في أبيات معتنِزٍ ... عن المكارم لا عَفٍّ ولا قارٍ
جلد النَّدى زاهد في كل مكرمة ... كأنما ضيفه في مَلَّةِ النَّار
معتنز ومعتزل واحد, وتقول: أطعمنا خبزَ ملَّةٍ، وأطعمنا خُبزة مليلاً, وتقول: ماءٌ غَمْرٌ، وما أشد غُمُورة هذا النهر, والغِمْرُ: الغل في الصدر, ورجل غَمْر الخلق، إذا كان واسع الخلق, ويقال: في صدره غَمْر، أي غِلٌّ وعداوة, ويقال: رجل غمْر، إذا لم يجرب الأمور، من قَومٍ أغَْمار، وما أبين الغَمَارة في فلان, والغُمَرُ: القَدَحُ الصغير, قال أعشى باهلة:

(1/204)


تكفيه حزة فلذ إن ألم بها ... من الشواء ويروي شربه الغُمَر
والغَمَرُ: السهك, ويقال: في فلان مَيْل علينا، وفي الحائط مَيَل, وتقول: خرصت النخل خَرْصًا، وكم خِرْص أرضك، مكسورة الخاء, ويقال: ما في أذنها خَرْصٌ أي حَلقةٌ, ويقال: قد قُحِط الناس, وقد قَحَط المطر، إذا قل, وتقول: هما شَرْجٌ واحد، أي ضرب واحد، ساكنة الراء, وشَرْجٌ أيضاً: ماء لبني عامر, والشَّرْج أيضاً: مسيل في الحرة، والجمع شِرَاج, ويقال: أشبه شرجٌ شرْجًا لو أن أسيمراً, يُضرب مثلاً للشيئين إذا اشتبها ويفارق أحدهما صاحبه في بعض الأمور, وأُسَيْمِر: تصغير أَسْمُر، وأَسْمُر: جمع سَمُرَ, وهو شرَجُ العيبة، مفتوح الراء, والشَّرَجُ في الدابة: أن يكون إحدى خُصْيَتِيه أعظم من الأخرى, ويقال: دابة أَشْرَج, ويقال: قد فَاظَ الميت يفيظ فيظاً، ويفوظ فَوْظًا، هكذا رواها الأصمعي, وأنشد لرؤبة:
لا يدفنون منهم من فَاظَا
قال: ولا يقال: فَاظَتْ نفسُه، ولا فَاضَتْ، وحكاها غيره, وزعم أبو عبيدة أنها لغة لبعض تميم, وأنشد:
اجتمع الناس وقالوا: عرسُ ... ففقئت عين وفَاضَتْ نفسُ
فأنشده الأصمعي فقال: إنما قال: "وطَنَّ الضرس", ويقال: فَاضَ الإناء يفيض فيضاً, ويقال: عرِجَ الرجل، إذا صار أعرج, وقد عرج إذا أصابه شيء في رجله فخمع ومشى مشية العرجان وليس بخلقة, وقد عرج في الدرجة والسُّلَّم يعرج, ويقال: قد عرَّج عليه، إذا أقام عليه, ويقال: مالِي عليه عُرْجَةٌ ولا عَرْجَةٌ ولا عريجة، أي تلبُّث, ويقال: قد شق بصر الميت، ولا يقال شق الميت بصره, ويقال: دَلَع لسان الرجل, وحكى الفراء: قد دلع فلان لسانه، فتصير مرة فاعلاً ومرة مفعولاً به, ويقال: قد لاح سهيل، إذا بدا، وألاح إذا تلألأ, وتقول: قد أخدجت الشاة والناقة، إذا جاءت بولدها ناقص الخلق وقد تم وقت حملها, ومنه حديث علي في ذي الثُّدَية: "مُخْدَج اليد"، أي ناقص اليد, وقد خدجت، إذا ألقت ولدها قبل تمام الوقت, ومنه حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خِدَاجٌ"، أي نقصان, وتقول في المثل: "تسمع بالمُعَيْدي لا أن تراه"، وهو تصغير مَعَدِّي، إلا أنه إذا اجتمعت الياء الشديدة في الحرف وتشديدة ياء النسبة، خفف الحرف المشدد مع ياء التصغير, يُضربُ للرجل له صيت وذكر، فإذا رأيته ازدريت مرأته، وكأن تأويله تأويل

(1/205)


آمر، كأنه قال: اسمع به ولا تره, وأنشد:
ضلت حلومهم عنهم وغرهم ... سن المُعَيْدِيِّ في رعي وتعزيب
وتقول: به غل من العطش، وفي رقبته غل حديد، وفي صدره غِلٌّ, وتقول: لعب الصبيان خراج يا هذا، مكسورة الجيم، بمنزلة دَرَاكه وقطَامِ.
باب
ومما تضعه العامة في غير موضعه قولهم: خرجنا نتنزَّه، إذا خرجوا إلى البساتين، وإنما التنزه التباعد عن المياه والأرياف, ومنه قليل فلان يتنزه عن الأقذار، أي يتباعد منها, ومنه قول الهُذَلِيّ1:
أقب طريد بِنُزْهِ الفلا ... ة لا يرد الماء إلا ائتِيابا
بِنُزْه الفلاة، يعني ما تباعد من الفلاة عن المياه والأرياف, وظَلِلْنا مُتَنَزِّهِيْنَ إذا تباعدوا عنه، وإن فلانًا لنزيه كريم، إذا كان بعيدًا عن اللؤم, وهو نَزِيْهُ الخلق, ويقال: تَنَزَّهُوا "بحرمكم عن القوم, وهذا مكان نزيه، أي خلاء ليس فيه أحد، فانزلوا فيه بحرمكم", وتقول: وعزت إليك في كذا وكذا، وأوعزت، لغتان, وتقول: هي صَدُقَة المرأة، مفتوحة الصاد مضمومة الدال، وصداقها, قال الله جل وعز: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] ، قال الأصمعي: سمعت ابن جريج يقول: قضى ابن عباس لها بالصَّدُقة, وتقول: هذا ماءٌ ملحٌ, وقال الله عز وجل {وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر: الآية 12] ، وهذا سمك مليح ومملوح، ولا تقل مَالح, ولم يجئ شيء في الشعر إلا في بيت لعذافر:
بصرية تزوجت بصريا ... يُطعمها المَالِحَ والطريَّا
ولا يقال ماءٌ مالح, ومَلَحْتُ القدر، إذا ألقيتَ فيها الملح, وتقول: "الصيف ضيَّعَتِ اللبن" مكسورة التاء، إذا خوطب بها المذكر أو المؤنث أو الاثنان والجميع وهي مكسورة التاء؛ لأن أصل المثل خوطبت به امرأةٌ كانت تحت رجل موسر، فكرهته لكبر سنه، فطلقها، فتزوجها رجل مملق، فبعثت إلى زوجها الأول تستميحه،
__________
1 أسامة بن حبيب الهُذَلي كما في: اللسان: نزه.

(1/206)


فقال لها هذا، فجرى المثل على الأصل, وكذلك قولهم: "أَطِرِّي إنك ناعلة" يضرب للمذكر والمؤنث والاثنين والجميع, قوله: أَطِرِّي إنك ناعلة، أي خذي في أطرار الوادي، إن عليك نعلين, وقال غيرهما: أي أَدِلِّي, وقال الشاعر1:
غضبتم علينا أن قتلنا بمالك ... بني عامر ها إنَّ ذا غَضب مطر
وتقول: "عند جفينة الخبر اليقين" وهو اسم خمار، ولا تقل: جهينة, وتقول: افعل كذا وكذا وخلاك ذم" ولا تقل ذنب, والمعنى خلا منك ذم، أي لا تذم, وتقول: "صار كذا وكذا ضربة لازب"، فهذه اللغة الفصيحة، واللازب واللاتب، ولازم واللَّاتِب: الثابت، ولازِمٌ لغة, وقال النابغة:
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ... ولا يحسبون الشر ضربة لَازب
وقال كثيِّر:
فما ورق الدنيا بباقٍ لأهله ... ولا شدة البلوى بضربة لَازِبِ
وتقول: جاء فلانٌ بإضبارة من كتب، وبإضمامة من كتب، وهي الأضابير والأضاميم, ويقال: فلان ذو ضبارة، إذا كان مشدد الخلق مجتمعه, ومنه سمي ابن ضبارة, ومنه قيل: ضبر الفرس، إذا جمع قوائمه ووثب, ومنه قيل للجماعة يغزون: ضَبْر, قال الهذليّ2:
ضَبْرٌ لبساهم القتير مُؤَلَّب
وتقول: هذا شيء ثقيل، وهذه امرأةٌ ثَقَال، وهذا شيءٌ رزين، وهذه امرأة رَزَان، إذا كانت رزينة في مجلسها, قال الشاعر 3:
حصان رَزَان لا ... 4 بريبة ... وتُصبح غرثى من لحوم الغوافل
وتقول: هو فُحَّال النخل، وهو فَحْل الإبل، ولا يقال فُحَّال إلا في النخل، وهي الفَحَاحِيل, قال الشاعر:
__________
1 الحطيئة كما في: اللسان: طرر,
2 هو ساعدة بن جؤبة كما في: اللسان: ضبر,
3 هو حسان بن ثابت يمدح عائشة: اللسان: حصن، رزن,
4 غير واضح في الأصل.

(1/207)


يطفن بفحال كأن ضبابه ... بطون الموالي يوم عيد تغَدَّت
وقد عَنْوَنْت الكتاب أُعَنونُه عنونة، وعنوتُه أَعْنود، وقد عَنَنت الكتاب وعَلْونتُهُ, وتقول: هو عُنْوان الكتاب، فهذه اللغة الفصيحة, وتقول: هو عُنْيان الكتاب, وأنشد الأصمعي لشاعر 1 يرثي عثمان بن عفان رحمه الله:
ضحوا بأشمط عُنْوَان السجود به ... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
وتقول: مَهْلًا يا رجل، وكذلك للاثنين والجميع والمؤنث، وهي وَحْدَة, وإذا قيل لك: مَهْلًا، قلت: لا مَهْل والله, وتقول: ما مَهْل بمغنية عنك شيئاً, قال جامع بن مرخية:
أقول له مَهْلًا ولا مَهْل عنده ... ولا عند جاري دمعه المتقتل
وقال آخر:
وما مَهْل بواعظة الجهول
وتقول هَلُمَّ يا رجل، وكذلك للاثنين والجميع والمؤنث، مُوَحَّد, قال الله جل وعز: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} [الأنعام: الآية:150] , وقال: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: الآية:18] , ولغة أخرى، يقال للاثنين: هَلُمَّا، وللجميع: هَلُمُّوا، وللمرأة: هَلُمِّي، وللاثنتين هَلُمَّا، وللجميع هَلْمُمْن, والأولى أفصح, وإذا قال لك: هَلُمَّ إلى كذا وكذا، قلت: إلام أُهَلِمُّ, وإذا قال: هَلُمَّ كذا وكذا، قلت لا أَهَلُمُّهُ لك، مفتوحة الألف والهاء، أي لا أعطيكه, وتقول: هَاءِ يا رجل، وهِؤُمَا يا رجلان، وَهَاؤُمُ يا رجال, قال الله عز وجل: {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: الآية 19] , وَهَاءِ يا امرأة، مكسورة بلا ياء, وَهَاؤُمَا يا امرأتان، وَهَاؤُن يا نسوة, ولغة أخرى: هَأْ يا رجل، مثل خف، وللاثنتين هَاءَا، مثل خافا, وللجميع هاؤوا مثل خافوا, وللمرأة هائي, مثل هاعي "وللاثنتين هاءا, وللجميع هأن يا نسوة، بمنزلة هعن, ولغة أخرى: هاء يا رجل، بهمزة مكسور وللاثنين هائيا، وللجميع هاؤوا, وللمرأة هائي، وللثنتين هائيًا وللجميع هائين, ولغة أخرى: هَأْ يا رجل وللاثنين هَآَ، مثال هعا، وللجميع هَؤُوا، مثال هعوا، وللمرأة هَئِي، مثال هَعِي، وهَا، مثال هعا للثنتين, وهَأْن مثال هَعْن", وإذا قال: هاء, قلت: ما أَهَاءُ، أي ما آَخُذُ، وما أهاءُ، أي وما أُعطى, وتقول: هاتِ
__________
1 هو حسان أيضًا, كما في: اللسان: غنى.

(1/208)


يا رجل، وللاثنين هاتِيَا، وللجماعة هاتوا، وللمرأة هاتي، وللاثنتين هاتِيَا، وللجماعة هاتين, وتقول هات لا هاتيت، وهات إن كان بك مُهَاتاة, وتقول: أنت أخذته فهاته، وللاثنين: أنتما أخذتماه فهاتياه، وللجماعة: أنتم أخذتموه فهاتوه، وللمرأة: أنت أخذته فهاتيه، وللاثنتين: أنتما أخذتماه فهاتياه، وللجماعة: أنتن أخذتنه فهاتينه, وتقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل: اِيهِ، فإن وصلت قلت: إِيهِ حدثنا, وقول ذي الرمة:
وقفنا فقلنا: إِيهِ عن أم سالم ... وما بال تكليم الديار البلاقع
فلم ينون وقد وصل؛ لأنه نوى الوقف، فإذا أَسْكَتَّه وكففته قلت: إيهاً عنا, فإذا أغويته بالشيء قلت: وَيْهًا يا فلان، فإذا تعجبت من طيب الشيء قلت: وَاهًا له ما أطيبه, قال أبو النجم:
وَاهًا لريا ثم وَاهًا وَاهَا ... يا ليت عينيها لنا وَفَاها
بثمن نرضي به أباها
وقال الآخر:
وهو إذا قيل له: وَيْهًا كل ... فإنه مواشك مستعجل
وهو إذا قيل له: وَيْهًا قل ... فإنني أحجو به أن ينكل
أي أخلق به أن ينكل, وتقول: للرجل إذا أسكته: صَهْ، فإن وصلته قلت: صَهٍ صَهْ, وكذلك: مَهْ، فإن وصلته قلت: مَهٍ مَهْ, "وكذلك تقول للشيء إذا رضيته: بَخْ بَخْ، وبَخٍ بَخْ", وإذا قيل لك هل لك في كذا وكذا، قلت: لي في، أو: إن لي فيه، ولا تقل: إن لي فيه هلاً، والتأويل: هل لك في حاجة، فحذفت الحاجة لما عرف المعنى، وحذف الرادُّ ذكر الحاجة، كما حذفها السائل, ويقال: لا بِذِي تَسْلَمُ ما كان كذا وكذا، وتثني: لا بذي تَسْلَمَان، وللجماعة: لا بذي تَسْلَمُون، وللمؤنث: لا بذي تَسْلَمِين، وللجميع: لا بذي تَسْلَمْن, والتأويل: لا والله يسلمك ما كان كذا وكذا، لا وَسَلامتك ما كان كذا وكذا, وتقول: للرجل إذا أمرته بالشيء وأغريته به: كَذَب عليك كذا وكذا، أي عليك به, وهي كلمةٌ نادرة جاءت على غير القياس, قال عمر بن الخطاب رحمه الله: "يأيها الناس كَذَب عليكم الحج"، أي عليكم بالحج, وأنشد الأصمعي:

(1/209)


كَذَبت عليك لا تزال تقوفني ... كما قَافَ آثار الوقيفة قَائِفُ
أي عليك بي فاتبعني, وقال معقر بن حمار البارقي، حليف بني نمير:
ودبيانية وصت بنيها ... بأن كَذَب القراطف والقروفُ
أي عليكم بالقَرَاطِفِ فاغنموها، وهي القُطُف, وبالقروف، وهي جمع قَرْف، وهي أوعية من جلود الإبل يتخذ فيها الخلع, وقال: وأنشد ابن الأعرابي لخداش بن زهير:
كَذَبت عليكم أوعدوني وعللوا ... بي الأرض والأقوام قردان موظبا
أي عليكم بي وبهجائي، إذا كنتم في سفر فاقطعوا بذكري الأرض، وأنشدوا القوم هجاني يا قردان موظب, وتقول: نعجة لَجْبَة وعَزُوز، ومَصُور، أي قليلات الألبان.

(1/210)