إصلاح المنطق باب مما يصح قوله
وما لا يصح
وتقول: إن أَخْطَأْت فَخَطِّئْني، وإن أَصَبت فَصَوِّبْني، وإن أَسَأت
فَسَوِّىء علي، أي قل: قد أَسَأت, ويقال: سَوَّأتُ عليه ما صنعَ، أي
قبحته, ويقال: لأن تخطىء في العلم أيسر من أن تخطأ في الدين, يقال: قد
خَطِئتُ، إذا أَثِمت، فأنا أَخْطَأُ خِطْئًا، وأنا خَاطِئ, قال الله عز
وجل {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء:31] , وقال
أيضًا: {كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف: الآية:97] ، أي آثمين, وقال أبو
عبيدة: يقال: أَخْطَأَ وخَطِئ، لُعتان, وأنشد:
يا لهف هند إذ خَطِئن كاهلا1
أي أَخْطَأْن كاهلا, قال: ويقال: في مثل: "مع الخَوَاطِئِ سهم صائب"
يضرب للذي يكثر الخَطَأ أو يأتي الأحيان بالصواب, ويقال: فلان أَعْسَر
يَسَر، إذا كان يعمل بكلتا يديه, وكان عمر بن الخطاب، رحمة الله عليه،
أَعْسَرَ يَسَرًا, ولا يقال: أَعْسَرُ أَيْسَرُ, ويقال: يا فلان يامن
بأصحابك، أي خذهم يمنة, ويا فلان شائم بأصحابك, وتقول: قَعَد فلان
يَمْنَة، وقعد فلان شَأْمة, وتقول: يُمِن فلان على قومه فهو مَيْمُون,
__________
1 لامرئ القيس.
(1/210)
وقد شُئِم فلان فهو مَشْؤُوم عليهم، بهمزة
بعدها واو, وقوم ميامين, وإذا قيل لك: تَغَدَّ: قلت: ما بي تَغَدِّيا,
هذا وإذا قيل لك تَعَشَّ، قلت: ما بي تَعَشٍّ, ولا تقل: ما بي غَدَاءٌ
وما بي عَشَاءٌ, وهو رجلٌ غَدْيان، وهو رجلٌ عَشْيَان، وهو من ذوات
الواو: لأنه يقال: عَشَّيتُهُ وعَشَوتُهُ فأنا أَعْشُوه, يقال: قد
عَشِي يَعْشَى إذا تَعَشَّى، فهو عاشٍ, ويقال في مثل: "العَاشَيِة
تهيجُ الآبية"، أي إذا رأت التي تأبى أن ترعى، التي تَتَعَشَّى، هاجتها
للرعي فرعت, وتقول: قد وَعَدتُهُ خيراً، وقد وَعَدتُهُ شراً، وهو الوعد
والعَدِة في الخير, قال الشاعر1:
ألا عللاني كل حي معللُّ ... ولا تَعِدَاني الشر والخير مقبلُ
وتقول: قد أَوْعَدْتُهُ بالشر، إذا أدخلوا الباء جاؤوا بالألف, أنشد
الفراء:
أَوْعَدَني بالسجن والأداهم ... رجلي ورجلي شثنةُ المناسم
ويقال: تَكَلَّمَ بكلام فما سَقَط بحرف, وما أَسْقَطَ حرفاً، وهو كما
تقول: دَخَلت به وأَدْخَلْتُهُ، وَخَرَجتُ به وأَخْرَجْتُهُ، وَعَلَوْت
به وأَعْلَيْتُُُهُ, وتقول: سُؤْت به ظناً وَأَسَأْت به الظن، يثبتون
الألف إذا جاءوا بالألف, وتقول: قد غَفَلت عنه وقد أَغْفَلْتُهُ,
وتقول: جَنَّ عليه الليل، بإسقاط الألف مع الصفة, وقد أَجَنَّهُ الليل
إجنانًا، وجَنَّه يَجُنُّه جُنُونًا، لغة, ويروى بيت دريد بن الصمة:
ولولا جَنَان الليل أدرك ركضنا ... بذي الرمث والأرطى عياض بن ناشب
ويروى: "ولولا جُنُون الليل"، أي ما ستر من ظلمته, وتقول: ما أَرَبُكَ
إلى هذا؟ أي ما حاجتك إليه؟ ولي في هذا الشيء أَرَب وإِرْبة
ومَأْرَبَةٌ، أي حاجة, قال الله جل ثناؤه: {وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ
أُخْرَى} [طه: الآية:18] , وقال: {غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ
الرِّجَالِ} [النور: الآية:31] أي غير ذوي الحاجة من الرجال إلى
النساء, وتقول: جاء بالضِّحِ والريح، أي ما طلعت عليه الشمس، من
الكثرة, ولا يقال الضِيْح, قال ذو الرمة:
غدا أشهب الأعلى وأمسى كأنه ... من الضِّحِ واستقباله الشمس أخضرُ
وتقول في مثل: "النَّقْد عند الحافِرَة"، أي عند أول كلمة, ويقال:
والتَقَى القوم
__________
1 هو القطامي, كما في: اللسان: وعد.
(1/211)
فاقتتلوا عند الحَافِرَة، أي عند ما
التقوا, قال الله تبارك وتعالى: {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي
الْحَافِرَةِ} [النازعات: الآية:10] ، أي في أول أمرنا, قال: وأنشدني
ابن الأعرابي:
أَحَافِرَة على صلع وشيب ... معاذ الله من سَفَهٍ وعارِ
كأنه قال: أأرجع في صباي وأمري الأول بعد أن صَلِعت وشبت, وتقول: فلان
يَسْأَل، ولا تقل يَتْصَدَّق، إنما يَتَصَدَّق المعطي, قال الله جل
ثناؤه: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: الآية:88] , وتقول: لقد تَعَلَّمْت العلم
قبل أن يقطع سُّرُك وسِّرُك، وهو ما يقطع من المولود مما يكون متعلقاً
بالسُّرَّة، ولا تقل قبل أن تقطع سُرَّتك، إنما السرة الباقية على
البطن, ويقال: قد سُرَّ الصبي إذا قطع سره, وتقول: يا مَصَّان،
وللأنثى: يا مَصَّانة، ولا تقل يا مَاصَّان, قال الشاعر1:
فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها ... فما ختنت إلا وَمَصَّان قَاعِدُ
وتقول للرجل: يا لُكَع، وللمؤنث: يا لَكَاع, وتقول: خذه من رَأْس، ولا
تقل: من الرَّأْس, وتقول: قد قدم من رَأْس عين، ولا تقل من رأس العين,
وتقول: لَقِيتُ فلاناً وفلانة، إذا كنيت عن الآدميين قلت بغير ألف
ولام، فإذا كنيت عن البهائم قلت بالألف واللام، تقول: حَلَبت الفلانة،
وَرَكِبْت الفلانة, وتقول: قد عَايَرْت الموازين عِيَارًا ويا فلان
عَايَرَ ميزانك, ولا تقل عَيَّر, وقد عَيَّرته بذنبه تعييراً, وتقول:
قد طَارَقْت نعلي, وقد وَاكَبَ البعير إذا لزم الموكب, وقد عَارَّ
الظليم يُعَار عِرَارًا، ولا تقل عَرَّ, وتقول: كانا مُتَهَاجِرَين
ومتصارمين فأصبحا يَتَكَالمان، ولا تقل يتكلمان, وتقول: هذه دابة لا
تُرَادف، ولا تقل: تُرْدِف, وتقول: هو أخوه بِلِبَان أمه, ولا تقل
بِلَبَنِ أمه، إنما اللبن الذي يشرب من ناقة أو شاة أو غيرهما من
البهائم, قال الأعشى:
رضيعي لِبَان ثدي أم تقاسما ... بأسحم داجٍ عوض لا نتفرقُ
وقال أبو الأسود الدؤلي:
فإلا يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بِلِبَانِهَا
وقال آخر:
__________
1 زياد الأعجم يهجو خالد بن عتاب بن رقاء.
(1/212)
وأرضع حاجة بِلِبَان أخرى ... ِكَذاك الحاج
تره بِاللِّبَان
ويقال: هو يَتَراءى في المرآة والسيف، أي ينظر إلى وجهه فيها, وتقول:
طائِرُ الله ولا طائرك, ولا تقل طَيْر الله, وتقول: هي عَائِشَة ولا
تقل عيشة, وهي رَيْطَة ولا تقل رَائِطَة, وهو من بني عَيْذِ الله, ولا
تقل عَائِذِ الله, وتقول: هذه عاصي, قال الله جل وعز {هِيَ عَصَايَ
أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا} [طه: الآية:18] , وزعم الفراء أن أول لحن سمع
بالعراق: هذه عصاتي, ويقال: وتقول: وهذه أَتَان، ولا تقل أَتَانة,
وتقول: هذا طَائر وأنثاه، ولا تقل أَنْثَاته, وتقول: هذه عَجُوز، ولا
تقل عَجُوزة, وتقول: هذه أثواب سبع في ثمانية، فقلت سبع لأن الذراع
مؤنثة، وقلت ثمانية لأنك تعني الأشبار والشبر مذكر, وتقول: هذه عُرْس
والجميع أعراس, وهذه فِهْر وتصغيرها فُهَيرة، وبها سمي عامر بن
فُهَيرة, وتقول: هذه قِتْب، لواحد الأقتاب، وهي الأمعاء، وتصغيرها
قُتَيبَةُ، وبها سمي قُتَيبَةُ, ويقال: طعنه فاندلقت أَقْتَاب بطنه، أي
خرجت أمعاؤه، عن الأصمعي, وقال الكسائي: واحدها قِتْبَة, وتقول: هي
القدوم، والجميع قُدُم وتقول: قد دَنَت الأضحى وهي مؤنثة، وسميت الأضحى
بجمع أَضْحَاة، وهي الشاة التي يُضَحَّى بها، يقال: أَضْحاةٌ وأضحي
وأضحية والجمع أضاحي، وضَحِيَّة والجمع ضحايا, ولو قلت: قد دَنَا
الأضحى، تذهب إلى اليوم لجاز, قال الشاعر1:
رأيتكم بني الخذواء لما ... دَنَا الأضحى وَصَللت اللحامُ
توليتم بودكمُ وقلتم:
لَعَكٌ منك أقربُ أو جذام
__________
1 هو أبو الغول الطهوي, كما في: اللسان: خذ.
(1/213)
باب كيف يقال العدد
وتقول: صُمْنا خمساً من الشهر، فيغلبون الليالي على الأيام إذا لم
يذكروا الأيام، وإنما يَقَع الصِّيَام على الأيام ليلة كل يوم قبله,
فإذا أظهروا الأيام قالوا: صُمنا خمسة أيام, وكذلك: أَقَمنا عنده
عشراً، فإذا قالوا: أقمنا عنده عشراً بين يوم وليلة، غلبوا التأنيث,
قال الجعدي:
أقامت ثلاثاً بين يوم وليلة ... وكان النكيرُ أن تضيف وَتَجْأَرَا
وتقول: له خمس من الإبل، وإن عنيت أجمالاً؛ لأن الإبل مؤنثة، وكذلك له
(1/213)
خمس من الغنم، وإن عنيت أكبشاً؛ لأن الغنم
مؤنثة, وتقول للمذكر: واحد، واثنان، وثلاثة، إلى العشرة، تثبت الهاء,
فمن ذلك ثلاثة أفلس، وثلاثة دراهم، وأربعة أكلب، وخمسة قراريط، وستة
أبيات، فكله بالهاء, ومن كلام العامة، أن يحذفوا الهاء, وإذا أردت
المؤنث قلت: واحدة، واثنتان، وثنتان، وثلاث، وأربع، إلى العشر، بإسقاط
الهاء, تقول: ثلاث أَدْؤُر، وأربع نِسْوة، وخمس أَيْنُق, فإذا جاوزت
العشرة قلت في المذكر: أحد عشر، ومن العرب من يسكن العين أحد عُشَر،
وكذلك يسكنها إلى تسعة عشر، إلا الاثنى عشر، فإن العين لا تسكن لسكون
الألف والياء قبلها, والعدد منصوب ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر في
الرفع والنصب والخفض، إلا اثنى عشر فإنه يعرب؛ لأنه على هجاءين، وإنما
نصب لأن الأصل أحدٌ وعشرة، فأسقطت الواو وصيرا جميعاً اسماً واحداً،
كما تقول: هو جاري بيتَ بيتَ، منصوب غير منون، والأصل بيتٌ لبيتٍ، أو
بيت إلى بيت، فأَلْقَيْت الصفة وصيرا جميعاً اسماً واحداً, وكذلك:
لَقِيتُهُ كفةَ كفةَ، فإذا جاءوا باللام أعربوا ونونوا، قالوا: لقيته
كفة لكفةٍ, وتقول في المؤنث: إحدى عشرة، ومن العرب من يكسر الشين
فيقول: عَشِرةَ، وكذلك اثنتا عَشِرة وثنتا عَشِرة, وتسقط الهاء من
النيف فيما بين ثلاث عشرة، إلى تسع عشرة، وتثبتها في العَشَرة, والواحد
المفسر منصوب فإذا صرت إلى العشرين وسائر العقود استوى المذكر والمؤنث،
فقلت: عِشْرون رجلاً وعِشْرون امرأة، والمفسر منصوب في ذلك كله، فإذا
بلغت المائة كان المفسر مخفوضاً، فقلت: مائة رجلٍ ومائة امرأةٍ، فيستوي
في ذلك المذكر والمؤنث, وكذلك في الألف, والألف مذكر، يقال: ألف واحدٌ،
ولا يقال ألف واحدة, وتقول: هذا ألف، وألف أَقْرَع، ولا يقال قرعاء,
ولو قلت هذه ألف, تعني هذه الدراهم ألف لجاز, وتقول: قد آَلَف القوم،
إذا صاروا أَلْفًا, وقد أَمْأَت الدراهم، إذا صارت مائة, وتقول:
ثَلَاثمائة، ولو قلت: ثَلَاث مئين لكان جائزًا، وثلاث مِئٍ مثل مِعْيٍ,
وقال مزرد:
وما زودودني غير سحق عمامة ... وخمس مِىءٍ منها قسي وزائف
ولو قلت: مِئَات، لجاز, وحكى الفراء عن بعض الأعراب: معي عشرة فآحدهن
لي أن صيرهن أحد عشر, وتقول: هذا الواحد والثاني والثالث، إلى العشرة,
وتقول: هو ثاني اثنين، أي أحد اثنين، وهو ثالثُ ثلاثة، مضاف، إلى
العشرة، ولا
(1/214)
ينون, فإذا اختلفا، فقلت: رابعُ ثلاثة، كان
لك الوجهان: الإضافة إن شئت والتنوين، كما قلت: هو ضارب عمراً وهو ضارب
عمرٍو؛ لأن معناه الوقوع، أي كملهم أربعة بنفسه, وإذا اتفقا فالإضافة
لا غير؛ لأنه في مذهب الإسماء, وتقول: هو ثاني واحد وثانٍ واحداً،
بمعنى ثنَّى واحداً, وكذلك: ثالث اثنين أي ثلث اثنين، صيرهم ثلاثة
بنفسه, "وتقول في المؤنث: هي ثانية اثنتين وثنتين، وهي ثالثة ثلاث إلى
العشر، وتقول: هي عاشرة عشر، فإذا كان فيهن مذكر، قلت: هي ثالثة ثلاثة،
وهي عاشرة عشرة، فيغلب المذكر المؤنث, وتقول: هو ثالث ثلاثة عشر، أي هو
أحدهم, وفي المؤنث هي ثالثة ثلاث عشرة لا غير، الرفع في الأول لا غير",
وتقول: هذا ثالثُ عشر وثالثَ عشر يا هذا، بالرفع والنصب، وكذلك إلى
تسعة عشر, فمن رفع قال: أردت ثالثُ ثلاثة عشر فألقيت الثلاثة وتركت
ثالثاً على إعرابه, ومن نصب، قال: أردت ثالثَ ثلاثة عشر فلما أسقطت
الثلاثة ألزمت إعرابها الأول، ليعلم أن ها هنا شيئاً محذوفاً, وتقول في
المؤنث: هي ثالثةُ عشرة, وثالثةَ عشرة، وتفسير المؤنث مثل المذكر,
وتقول: هذا الحادي عشر, وهذا الثاني عشر، وكذلك الثالث عشر إلى
العشرين، مفتوح كله، وفي المؤنث: هذه الحادية عشرة والثانية عشرة إلى
العشرين، تدخل الهاءَ فيها جميعاً, وتقول: قد ثلثت القوم أثلثُهم
ثلثاً، إذا كنت ثالثهم أو كمَّلتهم ثلاثة بنفسك, وكذلك هو مكسور في
الاستقبال إلى العشرة، إلا الأربعة والسبعة والتسعة، فإن المستقبل
مفتوح لمكان العين، وإذا كانت عين الفعل أو لام الفعل أحد الستة
الأحرف، وهي حروف الحلق، أتى كثيراً على فعل يفعل, وقد يأتي على القياس
فيأتي مستقبله مكسورًا ومضموماً, وحروف الحلق: الحاء والخاء والعين
والغين والهمزة والهاءُ, وتقول: قد ثَلَثْتُ القوم أَثْلُثُهُمْ
ثَلْثًا، إذا أخذت ثلث أموالهم، وكذلك تضم المستقبل إلى العشرة إلا في
ثلاثة أحرف: الأربعة والسبعة والتسعة, قال الشاعر:
إنْ تَثْلِثُوا نَرْبَع وإن يك خامسٌ ... يكن سادسٌ حتى يبيركم القتل
وتقول: جاء فلانٌ ثالثاً، وجاءَ فلانٌ رابعاً، وجاء فلان خامساً
وخامياً، وجاء فلانٌ سادسا وسادياً وساتاً, قال الشاعر:
مضى ثلاث سنين منذ حل بها ... وعام حلت وهذ التابع الخامي
وقال الآخر:
(1/215)
إذا ما عد أربعة فسال ... فزوجك خامس وحموك
سَادِي
فمن قال: سادس بناه على السدس، ومن قال ساتا بناه على لفظ، ستة وست
والأصل سدسة، فأدغمت الدال في السين فصارت تاء مشددة، ومن قال سادياً
وخامياً أبدل من السين ياء، وقد يبدلون بعض الحروف ياء، قالوا: أما
وأيما، قال: وسمعت أبا عمرو، يقول: قول الله جل ثناؤه: {فَانْظُرْ
إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259] أي لم
يتغير، من قوله: {حَمَأٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: الآية 26] ، قال: فقلت له:
إن مسنوناً من ذوات التضعيف ويتسن من ذوات الياء؟ قال: أبدلوا النون من
يتسنن ياء، كما قالوا: تظنيت، وإنما الأصل تظننت، وقال العجاج:
تقضِّي البازي إذا البازي كسر
أراد تقضض، وحكى الفراء عن القناني: قصيت أظفاري، وحكى ابن الأعرابي:
خرجنا نتلعى، أي نأخذ اللعاعة، وهو بقل ناعم في أول ما يبدو، قال
الأصمعي: وقولهم تسريت، أصلها تسررت من السر، وهو النكاح، وتقول: عندي
ستة رجال ونسوةٍ، أي عندي ثلاثة من هؤلاء وثلاث من هؤلاء، وإن شئت قلت:
عندي ستة رجال ونسوةٌ، فنسقت بالنسوة على الستة، أي عندي ستة من هؤلاء
وعندي نسوة، وكذلك كل عدد احتمال أن يفرد منه جمعان، فلك فيه الوجهان،
فإذا كان عدد لا يحتمل أن يفرد منه جمعان فالرفع لا غير، تقول: خمسة
رجال ونسوةٌ، ولا يكون الخفض وكذلك الأربعة والثلاثة، وقال الكسائي:
إذا أدخلت في العدد الألف واللام فأدخلها في العدد كله، فتقول: ما فعلت
الأحد العشر الألف الدرهم، والبصريون يدخلون الألف واللام في أوله،
فيقولون: ما فعلت الأحد عشر ألف درهم، ويقولون: هذه خمسة أثواب، فإذا
أدخلت الألف واللام قلت: هذه الخمسة الأثواب، وإن شئت قلت: خمسة
الأثواب، وإن شئت قلت: الخمسة الأثواب، وأجريتها مجرى النعت، وكذلك إلى
العشرة، قال ذو الرمة:
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى ... ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع
وقال الآخر:
ما زال مذ عقدت يداه إزاره ... فسما وأدرك خمسة الأشبار
وتقول: عندي خمسةُ دراهم ترفع الهاء، وعندي خمسة دَّراهم مدغم جميعًا
(1/216)
لفظها منصوب في اللفظ؛ لأن الهاء من خمسة
تصير تاء في الوصل فتدغم في الدال، فإذا أدخلت في دراهم الألف واللام
قلت: عندي خمسةُ الدراهم تضم الهاء، ولا يجوز الإدغام؛ لأنك قد أدغمت
"اللام في الدال، فلا يجوز أن تدغم الهاء من خمسة وقد أدغمت" ما بعدها.
(1/217)
باب مما يصح قوله
وما لا يصح
يقال: قد أكثرت من البسملة، إذا أكثر من قوله "بسم الله الرحمن
الرحيم"، وقد أكثرت من الهيللة، إذا أكثرت من قول "لا إله إلا الله"،
وقد أكثرت من الحوقلة، إذا أكثرت من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله"،
قال: وحكى لنا أبو عمرو: له الويل والإليل، والأليل: الأنين، قال ابن
ميادة:
وقولا لها من تأمرين بوامق ... له بعد نومات العيون أليل
أي أنين وتوجع، وتقول: أطعمنا من أطايب الجزور، ولا تقل من مطايب،
وتقول: ما رُئي عليهم حفف ولا ضفف، أي أثر عوز، ويقال: قوم محفوفون،
وقد حفتهم الحاجة حفاً شديداً، تحفهم، إذا كانوا محاويج، ويقال: جدعه
الله جدعاً موعباً، أي مستأصلاً، وقد أوعب القوم كلهم إذا حشدوا، وجاء
القوم موعبين، وقد أوعب بنو فلان جلاء فلم يبق منهم ببلدهم أحد، ويقال:
استوخِ لنا بني فلان ما خبرهم، أي استخبرهم، ويقال: قد تأيَّيْت، إذا
تلبثت وتحبست، وليس منزلكم هذا بمنزل تئِيَّة، أي منزل تلبث وتحبس، قال
الكميت:
قف بالديار وقوف زائر ... وتأيَّ إنَّك غيرُ صاغر
وقال الحويدرة:
ومناخ غير تئِيَّة عرسته ... قمن من الحدثان نابي المضجع
وقد تأيَّيْتُهُ، أي تعمدت آيَتَه، أي شخصه، قال: وحكى لنا أبو عمرو:
خرج القوم بأيتهم، أي بجماعة يدعوا وراءهم شيئاً، قال: ومعنى آيةٍ من
كتاب الله، أي جماعة حروف، وأنشدنا لبرج الطائي:
خرجنا من النقبين لا حَيَّ مثلنا ... بآيَتِنَا نزجي اللقاحَ المطافلا
(1/217)
"وقد آدَيْتُ للسفر فأنا مُؤْدٍ له، إذا
كنت مُتَهَيِّئًا له"، وقد آديتك على فلان، أي أعنتك عليه، وذهب فلان
يستأدي الأمير على فلان، في معنى يستعدي، قال الأصمعي، وقال الأسود بن
يعفر:
ما بعد زيد في فتاة فرقوا ... قتلاً وسبياً بعد حسن تَادِي
أي بعد أخذ الدهر أداته، وقد أَوْدَيْت يا فلان، أي هلكت، وقال
الأصمعي: يقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَنِي بعد فقر، أي أغناني،
والواجد: الغني، وأنشدَ:
الحمد لله الغني الواجد
ويقال: الحمد لله الذي آجَدَنِي بعد ضعف، أي قواني، ويقال: ناقَةٌ
أُجُدٌ، إذا كانت قوية موثقة الخلق، وبناءٌ مؤجَّد، ويقال: هذه امرأة
قنواء، وامرأة عشواء بالواو، وتقول: هو الكراء ممدود، لأنَّه مصدر
كاريت، والدليل على ذلك أنك تقول: رجل مكارٍ، ومفاعل إنما يكون من
فاعلت، وهو من ذوات الواو؛ لأنه يقال: أعط الكَرِيَّ كِرْوَتَه، ويقال:
قد كَرِيَ الرجل يكري كَرًى، إذا نعس، وأصبح فلان كريان الغداة، إذا
أصبح ناعساً، قال الشاعر:
لا يستمل ولا يكري مجالسها ... ولا يمل من النجوى مناجيها
يستمل من الملال، ويقال: انتخى فلان علينا، إذا افتخر علينا وتكبر،
ويقال: هو العَبَيْثُرَان والعَبَوْثُرَان، لنبت طيب الريح قال
الرَّاجز:
يا ريها إذا بدا صناني ... كأنني جاني عبيثران
وتقول: وعزت إليه وأوعزت، وتقول: الحمد لله إذا كان كذا وكذا، ولا تقل
الحمد لله الذي كان كذا وكذا، حتى تقول: به، أو منه، أو بأمره، أو
بصنعه، وتقول: أبعد الله الأخِرْ، ولا تقل للأنثى شيئاً، وتقول: ما أنت
منا ببعيد، وما أنت منا ببعد، وما أنتم منا ببعيد: وتقول: قد بنى فلان
على أهله، وقد زَفَّها وازْدَفَّهَا، وتقول العامة: بنى فلان بأهله،
وتقول: هذه غرفة محرَّدَة، فيها حَرَادِيُّ القَصَب، الواحد حرْدِيّ،
ولا تقل هردى، وتقول: هو اليَرَنْدَج والأرندج، للجلد الأسود، ولا تقل
الرَّنْدَج، وتقول: هو عود أُسْر، للذي يوضع على بطن المأسور الذي
يحتبس بوله، ولا تقل يُسْر، وتقول: قد شَبِعْت شِبعًا، والشِّبْع: ما
أشبعك، وتقول: هذا رجل شبعان، وجوعان وجائع، وتقول: هذا بلد قد
شُبِّعَت غَنَمُه، إذا قاربت الشِّبَعَ
(1/218)
ولم تَشْبَع، وتقول: قد احتسب فلان ابناً
له أو بنتاً له، إذا ماتا وهما كبيران، ويقال: قد أَفْرَطَ فلان
فَرَطًا، إذا مات ولده وهم صغار ولم يبلغوا الحُلُم، وتقول: قد
رُبِعنا، إذا أصابنا مطر الربيع، وقد خُرِفنا، إذا أصابنا مطر الخريف،
وقد صفنا إذا أصابنا مطر الصيف تشير بالضم، وهذه أرض مربوعة، إذا
أصابها مطر الربيع، وأرض مَصِيْفَة ومَصْيُوفَة، إذا أصابها مطر الصيف،
وأرض مخروفة إذا أصابها مطر الخريف، وتقول: قد أصابتنا صيفة غزيرة،
يعني مطر الصيف، وتقول: قد سلخ فلان شاته، وقد جلد جزوره، إذا نزع عنها
جلدها، ولا يقال: سلخ جزوره،، وتقول: أتى فلان يتملل، أي به
مَلِيْلَةٌ، ويقال: به مُلَالٌ، وتقول: نعم وحُبًا وكُرمًا، ونعم وحباً
وكَرامة، وتقول: قد جفر الفحل وحسر وعدل، إذا ترك الضراب، يقال: ذلك في
الجمل، ويقال في الكبش: ربض عن الغنم، ولا يقال: جَفَرَ، وتقول: وقع في
المَرْقِ ذبابٌ ولا تقل ذُبَابة، والجمع القليل أَذِبَّة، والكثير
الذِّبَّان، وتقول: أَنَخْتُ البعير فبرك، ولا يقال: فناخ، وتقول:
تَنَوَّخَ الجمل الناقة، إذا أبركها لِيَضْرِبَهَا، وتقول: هو هو
عيناً، وهو هو بعينه، وتقول: بلغت به الحَدَّاس، أي الغاية التي يجرى
إليها أو يعدى، ولا تقل الأداس، وتقول: جئت في عُقْب شهر رمضان وفي
عُقْبَانه، إذا جئت بعد ما يمضي، وجئت في عَقِبِه، إذا جئت وقد بقيت
منه بقية، وجاء فلان معَقِّبًا، جاء في آخر النهار، "وفلان يسقي على
عقب آل فلان، أي بعدهم، وتقول: ذهب فلان وعَقِبَه فلان: بعده، واعتقبه
فلانٌ أيضاً"، وتقول: هو حسن في مَرْآة العين، أي في المنظر، والتي
يُنظر إلى الوجه فيها: هي المِرْآة، والجمع مَرَاءٍ، وهي المِرْوَحَة:
التي يتروح بها، والمَرْوَحة: الموضع الذي تخترق فيه الريح، قال
الشَّاعر:
كأن راكبها غُصْن بمَرْوحة ... إذا تدلت به أو شارب ثمل
ويقال: لقيته عاماً أول، ولا تقل عام الأول، وتقول: هو حديث مُسْتَفِيض
متنفس، أي منتشر في الناس، وقد استفاض في الناس، ولا تقل مستفاض في
الناس، وتقول: يُوشِك أن يكون كذا وكذا، ولا تقل يُوشَك، وتقول: فلانٌ
خير الناس، وفلان شر الناس، ولا تقل أخير الناس ولا أشر الناس، وتقول:
هو الرزداق والرسداق، ولا تقل الرُّسْتَاق، وتقول: هِيَ الزَّنْفليجة
ولا تقل الزِّنْفَلَيْجَة، وتقول: هو العُرْبان والعُرْبون، والأُرْبان
والأُرْبون، ولا تقل الرَّبُون، ويقال: ما يَعْرِضُك لِفُلان،
(1/219)
ولا تقل: ما يُعَرِّضُك لفلان، وتقول: هذا
رجل مُقَارِب، وهذا متاع مُقَارِب، "إذا لم يكن جيداً، ولا تقل:
مُقَارَب"، وتقول: هو التوت والفرصاد، ولا تقل: التُّوْث، وتقول: هو
القِرْقِس: الذي يقول له العامة: الجِرْجِس، قال الشاعر:
ليت الأفاعي يعضضننا ... مكان البراغيث والقِرْقِس
وتقول: هو الفَالوذ والفَالوذق، ولا تقل الفالوذج، وتقول: هو السَّعَف،
لسَعَف النخل، والواحدة سَعَفَة، والسَّعَف: داءٌ يأخذ الإبل في
أَفْوَاْهِهَا كالجَرَب، تقول: بَعِير أَسْعَفُ، والسَّعْفَةُ: التي
تخرج في الرأس ساكنة العين، وتقول: قد أَعْرَقَ القوم، إذا أتوا
العراق، وأَنْجَدُوا، إذا أتوا نجداً، وجَلَسُوْا، إذا أتوا جلساً، وهي
نجد.
قال الشاعر:
شمال من غار به مفرعاً ... وعن يمين الجَالِسِ المُنْجِدِ
وقال الآخر1:
قل للفرزدق والسفاهة كاسمها ... إن كنت تارك ما أمرتك فَاجْلِسِ
أي ائت نجداً، وقد أَتْهَمَ القوم، إذا أتوا تِهَامَةَ، قال العبدي:
وإن تُتْهِمُوا أنجد خلافاً عليكم ... وإن تُعْمِنُوا مستحقبي الحرب
أُعْرِقِ
وقد أَعْمَنُوا، إذا أتوا عمان، وقد أَشْأَمُوا، إذا أتوا الشام، وقد
يَامَنُوا، إذا أتوا اليمن، وأَيْمَنُوا، وقد عالوا، إذا أتوا العالية،
وقد انحَجَز القوم واحتَجُزوا، إذا أتوا الحجاز، وقد أَخَافوا، إذا
أتوا خيف منى فنزلوا، وقد امتَنَى القوى "إذا أتوا منى، عن يونس، وقال
ابن الأعرابي: أَمْنَى القوم"، ويقال: قد نزلوا، إذا أتوا منى، قال
عامر بن طفيل:
أَنَازِلَة أسماء أم غير نازله ... أبيني لنا يا أسم ما أنت فاعله
وقال ابن أحمر:
وافيت لما أتاني أنها نَزَلَتْ ... إن المنازل مما تجمع العجبا
أي أتت منى، وقد غارُوا، إذا أتوا الغَوْر، وقد ساحَلُوا، إذا أخذوا
على
__________
1 هو عبد الله بن الزبير, كما في: "اللسان": جلس.
(1/220)
الساحل، وقد أجبلوا، إذا صاروا إلى الجبل،
وقد أسهلوا، إذا صاروا إلى السهل، وقد أَلْوَوْا، إذا صاروا إلى لِوَى،
وقد أَجَدُّوا، إذا صاروا إلى الجدد، وقد بَصَّروا، إذا صاروا إلى
البصرة، وقد كَوَّفوا، إذا أتوا الكوفة، وقد أَفْلَوْا، إذا صاروا إلى
الفلاة، وقد أَرْيَفْنا، أي صرنا إلى الريف، ويقال: أَبْحَرَ فلانٌ،
إذا ركب البحر والماء، وقد أَبَرَّ، إذا ركب البر، ويقال: جادبت الإبل
العام، إذا ما كان العام محلاً فصارت لا تأكل إلا الدَّرَين الأسود
درين الثمام والعضاه، وتقول: قد شَاجَرَ المالُ، إذا رعى العشب والبقل
فلم يبق منهما شيء فصار إلى الشجر يرعاه، قال الراجز:
تعرفُ في أوجهها البشائر ... آَسَان كل أفق مُشَاجِر
وتقول: هو على آَسَان من أبيه وآَسَال، أي شبه وعلامات، واحدتها أُسُن،
قال: ولم أسمع بواحدة الآسال، وتقول: قد حَمَضَتْ الإبل فهي حامِضَة،
إذا كانت ترعى الخلة، وهو من النبت ما كان مالحاً أو ملحًا،
أَحْمَضْتُهَا أنا، فإذا كانت مقيمة في الحَمْض قيل: إبل حَمْضِيَّة
وإبل راضعة، وهؤلاء قوم أصحاب وَضِيعة، إذا كانت إبلهم ترعى الحمض،
وهذه إبل آَرِكة، إذا كانت مقيمة في الحَمْض، وإبل زاهية لا ترعى
الحمض، وإبل عادية، إذا كانت لا ترعى الحَمْض، قال كثير:
وإن الذي ينوي من المال أهلها ... أَوَارك لما تأتلف وَعَوَادي
ذكر امرأة وأن أهلها يطلبون من المهر ما لا يمكن، كما لا تَأْتَلِف هذه
الأوراك والعوادي، وتقول:: هو أَنْقَاس المداد، واحدة نِقْس، ومثلها
أَنْبَار الطعام، واحدها نِبْر، وقال الأصمعي: يقال: أَجْهَزْت على
الجريح، إذا أَسْرَعْت قتله، وقد تَمَّمت عليه مثله، ويقال: فرس
جَهِيز، إذا كان سريع الشد، وقد ذَفَّفت عليه، ومنه قيل: خَفِيف
ذَفِيف، ومنه اشتق ذُفَافة، وقد أَجَزت على اسمه، "إذا أسقطته وضربت
عليه، ولا تقل أَجَزت على الجريح"، وتقول: قُتل فلانٌ قِتْلَةَ سوء،
فإذا قتله عشق النساء، وَقَتَلَته الجن قيل: اقتتل فلان اقتتالاً،
وتقول: قد رَمَيت عن القوس، وَرَمَيْت عليها، ولا تقل رَمَيت بها، قال
الراجز:
أَرْمِي عليها وهي فرع أجمع ... وهي ثلاث أذرع والإصبع
وهي إذا أَنْبَضْت فيها تسجع ... ترنم النحل أبى لا يهجع
وتقول: قد عقل بعيره بِثِنايين، غير مهموز، لأنهما ليس لهما واحدٌ، ولو
كان
(1/221)
لهما واحد لهُمزا، وتقول: "آَخِر الدواء
الكي"، وبعضهم يقول: "آَخِر الطب الكي"، ولا تقل: آخر الداء الكي،
وتقول: جاء فلان يَسْتَطِّب لوجعه، أي يَسْتَوْصِفُ، وتقول: قد دِئْت
يا رجل فأنت تَدَاءُ داء، وتقول: هذا رجل ذَلِيل بيِّن الذُّلِّ، من
قوم أَذِلاء وأَذِلَّةٍ، وداة ذَلُول بين الذل، من دواب ذُلُل:
والذُّلُّ ضد العز، والذِّلُّ: ضد الصعوبة، وتقول: أمور الله جارية على
أَذْلَاْلِهَا، أي على مجاريها، قال: وأنشدني أبو عمرو:
لتجر المنية بعد الفتى المغادر ... بالمحو أَذْلَاْلَهَا
وتقول: هذا سَمْك مَمْقُور، ولا تقل مَنْقُور، وتقول: عنه مَنْدُوحة
ومُنْتَدَح؛ والمُنْتَدَح: المكان الواسع، وهو النُّدْح، والجمع
الأَنْدَاح، وقد تَنَدَّحَت الغنم في مرابضها، إذا تَبَددت واتسعت من
البطنة، ولا يقال: مَمْدُوحة، وتقول: "أَحْشَفَا وسوء كِيْلة"، أي
أتجمع أن تعطيني حَشَفًا وأن تسيء لي الكيل، والكيلة: مثل قولك:
القَعْدَةُ والرَّكْبَةُ، أي الحال التي يُقعد فيها، والحال التي يُركب
فيها، وتقول: لَقِيتُهُ لِقَاء ولُقْيانا ولِقْيًا ولُقًى، ولِقْيَانة
واحدة ولَقْيَة واحدة ولِقَاءَةً واحدة، ولا تقل: لَقَاة فإنها مولدة
ليست من كلام العرب، وتقول: ضربه فما عَتَّم، وحمل عليه فما عَتَّم، أي
ما احتبس في ضربه، وهو من قولك: قرب عَاتِم، أي بطيء، وقد عَتَم قراه،
أي أَبْطَأَ، وقد أَعْتَمَ الرجل قراه، وقد عَتَم الليل يَعْتِمُ,
وعَتَمَتُهُ: ظلامه، وقد أَعْتَمَ الناس، وقيل: ما قمراء أربع؟ فقيل:
عَتَمَةُ ربع، أي بقدر ما يحتبس في عَشَائه، والعامة تقول: ضربه فما
عَتَّب، وتقول: هذا سكران مُلْتَخّ وملطخ أي مختلط، ومنه يقال التَخَّ
عليهم أمرهم، أي اختلط، ولا تقل مُتَلَطِّخ، وتقول: هذا سكران لا
يَبُتُّ، قال الأصمعي: معناه: لا يقطع أمراً، ومنه: بَتَتُّ الحبل، إذا
قَطَعتُهُ، ومنه: طَلَّقها ثلاثاً بَتَّة، ومنه: صدقة بَتَّة بَتْلَة،
أي انقطعت من صاحبها وبانت، قال الأصمعي: ولا يقال: يُبِتُّ، قال
الفراء: وهما لغتان، يقال: بَتَتُّ عليه القضاء، وأَبْتَتُّهُ، أي
قطعته عليه، ويقال: هو ابن عمى لَحًّا، أي لاصق النسب، ومنه يقال:
لَحَحت عينه، إذا التصقت، وهو ابن عم لَحٍّ، في النكرة، وهو ابن عمي
دِنْيَا ودِنْيًا، وهو ابن عمي قُصْرَةً ومَقْصُوْرة، وتقول: هما ابنا
عم، ولا تقل: هما ابنا خال، وتقول: هما ابنا خالة، ولا تقل هما ابنا
عمةٍ، وتقول: هما توأمان وهذا توأم هذا، وهذه تَوْأَمَتُهُ، والجميع
تَوَائم وتُؤَام، قال الشاعر:
(1/222)
قالت لنا ودمعها تُؤَامُ ... كالدر إذ
أسلمه النظام
على الذين ارتحلوا السلام
وقال أبو دؤاد:
نَخِلات من نخل بيسان أينعن ... جميعاً ونبتهن تَوْأَمُ
قال: ولم يأت شيءٌ من الجمع على فَعَال إلا أحرُف: تُؤَام جمع تَوْأم،
وَشَاة رُبَّي وغنم رُبَاب، وظئرٌ وظُؤارٌ، وعَرْقُ وعُرَاقٌ، وَرَخْلٌ
ورُخالٌ، وفَرِير وفُرَار، ولا نظير لها، والفرير: الحَمَل، وهو أرضًا
ولدُ البقرة، وقد أَتْأَمَت المرأة، إذا ولدت اثنين في بطن، فهي
مُتْئِم، فإذا كان ذلك من عادتها قيل: مِتْآَم، وأَذْكَرَت، إذا أتت
بولد ذكر، فإن كان ذلك عادة لها قيل: مِذْكار، وكذلك آَنَثت وهي
مُؤْنث، إذا ولدت أنثى، فإذا كان ذلك من عادتها قيل: مِئْناث، وتقول:
هذه شاةٌ مُفِذ، إذا كانت تلدُ واحداً، ولا تقل ناقة مُفِذ؛ لأن الناقة
لا تنتج إلا واحداً، وتقول: قد استجمل البعير، إذا صار جَمَلاً، ويسمى
جَمَلاً إذا أَرْبَعَ، وقد استقرم بكر فلان قبل إِنَاه، أي صار
قَرْمًا، وتقول: قد أَجْزَرْتُهُ شاة، إذا أعطيته شاة يذبحها نعجة أو
كبشاً، وهي الجزَرَةُ إذا كانت شاةً، وهي الجزَرَةُ إذا كانت سمينة،
والجمع جَزَر، ولا تكون الجَزَرَةُ إلا من الغنم، ولا يقال:
أَجْزَرْتُهُ ناقة، والجَدُود: النعجة التي قل لبنها من غير بأس، ويقال
للعنز: مَصُور ولا يقال: جَدُود، والجَدَّاءُ: التي ذهب لبنها من عيب،
واللُّجْبَة: النعجة التي قل لبنها، ولا يقال للعنز: لَجْبَة.
ومما يضعه الناس في غير موضعه
قولهم للمعلف: آَرِي، وإنما الآَرِي محبس الدابة, وهي الأَوَاري،
والأَوَاخي، والواحدة آَخِية، وآَرَي من الفعل فاعول، ويقال: قد
تَأَرَّىْ بالمكان، إذا تحبس به، ومنه أَرَت القدر، إذا لصق بأسفلها
شيء من الاحتراق، تَأْرِي، قال أعشى باهلة:
لا يَتَأَرَّى لما في القدر يرقبه ... ولا يزال أمام القوم يفتقرُ
وقال الآخر:
لا يَتَأَرَّون في المضيق، وإن نا ... دى مُنَادٍ كي ينزلوا نزلوا
وقال العجاج:
(1/223)
واعتاد أَرْبَاضًا لها آَرِيُّ
اعتاد، أي أتاها ورجع إليها، والأرباض: جمع رَبَض، وهو المأوى، وقوله
"لها آرى"، أي لها آَخَية من مكانس البقر لا يزول لها أصل، وقال الآخر
وذكر فرساً:
دَاْوَيْتُهُ بالمحض حتى شتا ... يجتذب الآَرَيَّ بالمرودِ
أي من المرود، وقولهم: خرج يَتَنَزَّه، إذا خرج إلى البستان، وإنما
المتنزه البعيد من الماء والريف؛ يقال: ظللنا مُتَنَزِّهِين، إذا
تباعدوا عن الماء، ويقال: سقيت إبلي ثم نَزَّهتها، إذا باعدتها عن
الماء، ومنه: تَنَزَّهَ عن الشيء، إذا تباعد عنه، ويقال: إن فلاناً
لنَزِيه كريم، إذا كان بعيداً من اللؤم، ومنه يقال: فلان يُنَزِّهُ
نفسه عن كذا وكذا, وهو نزيه الخلق.
قال الأصمعي: قولهم "كبر حتى صار كأنه قُفَّة" هي الشجرة البالية
اليابسة، قال يونس: قولهم "لا يقبل منه صَرْف ولا عَدْل"، الصَّرْف:
الحِيْلَةُ، ومنه قيل: إنه لَيَتَصَرَّف في الأمور، والعَدْل:
الفِدَاء، ومنه قول الله جل وعز: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا
يُؤْخَذْ مِنْهَا} [الأنعام: الآية:70] أي وإن تَفْدِ كل فِدَاء، ومنه:
{عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ
مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة: الآية:95] أي
فِدَاءُ ذلك، وقول الناس للشيء إذا يُئِس منه: "هو على يدي عَدْل، قال
ابن الكلبي: هو العدل بن جَزْء وجُزْء جميعاً، بن سعد العشيرة، وكان
ولي شرط فتح، إذا أراد قتل رجل دفعه إليه، فقال الناس: وضع على يدي
عَدْل، وقولهم: "هو أَكْذَبُ من دَبَّ وَدَرَجَ" أي هو أَكْذَب الأحياء
والأموات، يقال للقوم إذا انقرضوا: دَرَجوا، قال الشاعر1:
قَبِيلة كَشِراك النَّعْل دَارِجة ... إن يهبطوا العَفْو لا يوجد لهم
أَثَرُ
أي إن هبطوا العَفْو من الأرض، والعَفْو: الذي ليست به آثار، وقولهم:
"هو نَسِيج وحده" للرجل الذي لا شِبْه له في علم أو غيره، وأصله أن
الثوب إذا كان كريماً لم ينسج على منواله غيره، وإذا لم يكن كريماً
نفيساً عمل على منواله سَدًى لعدة أثواب، وقولهم: "أحمق ما
يَتَوَجَّه"، أي ما يحسن أن يأتي الغائط، وقولهم: قد أتى الغائط، أصله
أن الغائط البطن من الأرض الواسع، وكان الرجل إذا أراد أن يقضي
__________
1 هو الأخطل, كما في: "اللسان": درج.
(1/224)
حاجته قيل: قد أتى الغائط، وأصل
التَّيَمُّمِ: القَصْد، ويقال: تَيَمَّمْتُهُ إذا قصدت له، قال الله جل
وعز: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء: الآية:43] ، أي
اقصدوا لصعيد طيب، ثم كثر استعمالهم هذه الكلمة حتى صار التَّيَمُّمُ
مسح الوجه واليدين بالتراب، وقولهم: "مسافة ما بيننا وبين مدينة كذا
وكذا" أصله من السَّوْف، وهو الشَّم، وكان الدليل إذا كان في فلاة أخذ
التراب فَشَمَّهُ، فعلم أنه على الطريق والهداية، قال رؤبة:
إذا الدليل اسْتَاف أخلاق الطرق
أي شمها، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد المسافة،
وقولهم: "لَبَّيك وسَعْدَيْك"، تأويله إِلْبَابًا بك بعد إِلْبَاب، أي
لزومًا بعد لزوم، وإِسْعَادًا لك بعد إسعاد، يقال: لقد أَلَب بالموضع،
إذا لزمه وأقام به، وقولهم: "مَرْحَبًا وأَهْلاً" أي أتيت سعة وأتيت
أهلاً فاستأنس ولا تستوحش، وقولهم: "حَيَّاك الله وَبَيَّاك"، معنى
حَيَّاك الله: مَلَّكك، والتحية: الملك، وقولهم: "التَّحِيَّات لله" أي
الملك لله، قال عمرو بن معد يكرب:
أسيرُ به إلى النعمان حتى ... أنيخ على تَحَيَّتِه بجند
أي على ملكه، وقال زهير بن جناب الكلبي:
ولكل ما نال الفتى ... قد نلته إلا التَّحِيَّة
أي إلا الملك بياك"، أي اعتمدك بالتحية، قال الراجز:
باتت تَبَيا حوضها عُكُوفًا
أي تعتمد حوضها، وقال الآخر:
لما تَبَيَّينَا أخا تميم ... أعطى عطاء اللَّحِز اللئيمِ
وقولهم: "شاركه شركة عنان" أي اشتركا في شيء خاص، كأنه عَنَّ لهما شيء،
أي عَرَض، فاشترياه واشتركا فيه، وقال ابن الكلبي: قال الشرقي في قول
الناس: "حَدَأَ حَدَأَ وَرَاك بندقة"، الطوسي بالكسر حَدَأ، ويعقوب
بفتح حَدَأ، قال: هو حَدَأ بن نمرة بن سعد العشيرة، وهو بالكوة،
وبُندُقُةُ بن مَظَّة، وهو سفيان بن سِلْهم بن الحكم بن سعد العشيرة،
وبندقة باليمن، فأغارت حدأ على بُنْدُقة فنالت منهم، ثم أغارت بُنْدقة
على حَدَأ فأبادتهم، وقال الأصمعي قولهم: "هم في أمر لا ينادى وليده"
نرى أن أصله كان أن شدة أصابتهم، حتى كانت الأم تنسى وليدها -يعني
ابنها
(1/225)
الصغير، فلا تُنَادِيه ولا تذكره، مما هم
فيه، ثم صارت مثلاً لكل شدة، وقال أبو عبيدة: أي هو أمر عظيم لا ينادى
فيه الصغار، بل الجِلَّة، وقال الكلابي: قولهم: "لا ينادى وليده"،
يقال: في موضع الكثرة والسعة، أي متى أَهْوَى الوليد بيده إلى شيء لم
يزجر عنه؛ لئلا يفسده؛ من كثرة الشيء عندهم، وقولهم: "ما يعرف
قَبِيلُهُ من دَبِيرِهِ" القبيل من القتل: ما أقبلت به إلى صدرك،
والدبير: ما أدبرت به عن صدرك، وقولهم: "أعرابي جلف" أصله من أَجْلَاف
الشاة، وهي الشاة المسلوخة بلا قوائم ولا رأس ولا بطن، وقولهم: "قد
خَاسَ البيعُ والطعام"، وأصله من خَاسَتِ الجيفة في أول ما تُرْوِحُ،
فكأنه كسد حتى فسد، وقولهم: لا تُبَلِّمْ عليه، أي لا تقبح عليه، وأصله
من أَبْلَمَت الناقة، إذا ورم حَيَاؤُهَا من شدة الضبعة، وقولهم: قد
أَبْلَمَ الرجل إذا ورمت شفتاه، وقولهم: "تَوَحَّشْ للدواء" أي أخلِ
جوفك من الطعام، ويقال: بات الرجل وَحْشًا، إذا لم يطعم شيئاً، وبتنا
أَوْحَاشًا، وقد أَوْحَشْنا مذ ليلنا، أي ذهب زادنا، قال حميد:
وإن بادت وَحْشًا ليلة لم يَضِقْ بها ... ذراعاً ولم يصبح لها وهو
خاشعُ
وقولهم: " قد خَجِل فلان"، قال أبو تمام الأعرابي: الخَجَل سوء احتمال
الغني، والدَّقَع: سوء احتمال الفقر، ومنه جاء الحديث في النساء: "إنكن
إذا شبعتن خَجِلتُنَّ، وإذا جُعْتُنَّ دَقِعتن": قال الكميت:
ولم يَدْقَعُوا عند ما نابهم ... لصرفي زمان ولم يَخْجَلُوا
وقولهم: "شَوَّر به" أي فعل به فعلاً يستحي منه كأنه أبدى عورته،
والشَّوَار: الفرج، يقال للرجل: أبدى الله شَوَاره، قال الفراء: قولهم:
"ما به قَلَبَة" هو مأخذو من القُلَاب، وهو داءٌ يأخذ البعير، يقال:
بعير مَقْلُوب، قال الأصمعي: وهو داء يصيبه فيشتكي فؤاده منه، فيموت من
يومه، يقال: قد أَقْلَبَ فلان، فأراد: ليس به علة، وقال ابن الأعرابي:
معناه: ليست به علة يقلب لها فينظر إليه، قال الراجز وذكر فرساً:
ولم يُقَلِّبْ أرضها بيطارُ ... ولا لحبليه بها حَبَارُ
أي لم يُقَلذِبْ قوائمها من علة بها، قال الأصمعي: وأصل "الأسير" أنه
ربط بالقد فَأَسَرَهُ، أي شده، فاستعمل حتى صار الأَخِيذ الأسير، قال
الله جل ثناؤه: {وَشَدَدْنَا
(1/226)
أَسْرَهُمْ} [الإنسان: الآية: 28] أي
خلفهم, ويقال: إنه لشديد الأسر, قال أبو النجم:
مَلْبُونة شد المليك أَسْرَهَا ... أَسْفَلَها وبطنها وظهرها
ويقال: "ما أجود ما أَسَرَ قَتَبَهُ"، أي ما أجود ما شد القد عَلَيه,
وقولهم: "غَلٌّ قَمِل": كانوا يَغُلون بالقد وعليه الشَّعْر، فيقمل على
الرجل, وقولهم: "أَخذَهُ أَخْذ سبعة" إنما أصلها "سبعة، ثم خففت,
واللبوؤة أنزق من الأسد, وقال ابن الكلبي: هو": سَبْعة ابن عوف بن
ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ، وكان رجلاً شديداً,
"ويقال: "هَنَّأك ومَرَّأك", وقد هنأني الطعام ومرأني، بغير ألف، إذا
أتبعوها قالوا "هَنَأَنِي" وإذا أفردوها قالوا: "أَمْرَأَني", وتقول:
هذا رجل مَمُوم، وقد ميم الرجل، إذا كان به المُوْم, وهذا رجل مَمُون
من قولهم: مُنْتُهُ أَمُونُهُ, ويقال: "هذا بلد مَخُوف"، وهذا وجع
مُخِيف، أي يُخِيف من رَآَه, وهذا شيء مَصُون ولا يقال: مُصَان, وهذا
شيء مَعِيب، ولا يقال: مُعَاب, قال أبو يوسف: يقال: هو مني أَصِرِّي
وإِصِري وصَرِّي وصِرِّي, وهي مشتقة من أَصْرَرْت على الشيء، إذا
أَقَمت ودمت عليه, قال أبو سمال الأسدي وضلت ناقته: "أَيْمُنُك لئن لم
تردها علي لا عَبَدتُكَ! "، فأصاب ناقته وقد تعلق زمامُها بشجرة،
فأخذها وقال: عَلِم ربي أنها مني أَصِرِّي, ويقال: رجل صَرُورة
وصارُوْرة وصَرُوري، وهو الذي لم يحج, وحكى الفراء عن بعض العرب قال:
رأيت قوماً صَرَارى، واحدهم صَرَارَة, والصَّرُورة الذي في شعر
النابغة: الذي لم يأت النساء، كأنه أصر على تركهن, ويقال: درهم صرِّي
وصِرِّي، للذي له طنين إذا نقر, ويقال للبرد: صر, وقولهم: "ريح صرصر"
فيها قولان: يقال أصلها صَرَر، من الصر، فأبدلوا مكان الراء الوسطى فاء
الفعل, وكذلك قوله عز وجل: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا} [الشعراء: 94] ،
أصلها: فَكُبِّبُوا, ويقال: تَجَفجف الثوب، وأصلها: تَجَفَّفَ, قال
الكلابي:
فقام على قوائم لينات ... قُبيل تَجَفْجُفِ الوبر الرطيب
ويقال: لقيته فَتَبَشْبَشَ بي، أصلها: فَتَبَشَّشَ بي, ويقال: قد صَرَّ
نابيه، وَصَرَّ ناقته, والصِّرَار: الخيط الذي يشد فوق الخلف والتودية,
والصَّرَّة: الصيحة والشدة, قال امرؤ القيس:
جواحِرُها فِي صَرَّة لم تَزَيَّل
(1/227)
وقال الله عزَّ وجلَّ: {فَأَقْبَلَتِ
امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذرايات: 29] , ويقال: المِحْمل يصرُّ
صريراً, ويقال: قد صَرَّ الفَرَسُ أذنيه, فإذا لم يوقعوا قالوا:
أَصَرَّ الفرس, وتقول: هي الإِبهام، للإصبع، ولا تقل البِهام,
والبِهام: جمع البَهْم، والبَهْم: جمع بَهْمَةٍ، وهي أولاد الضأن,
والبهمة: اسم للمذكر والمؤنث, والسِّخَال: أولاد المعزي، الواحدة سخلة
للمؤنث والمذكر، فإذا اجتمعت البِهام والسِّخال قيل لهما جميعاً بِهام,
ويقال: هم يبَهِّمون البَهْمَ، إذا خَرَمُوه عن أمهاته فرعوه وحده,
ويقال: قعدنا في الظلِّ، وذلك بالغداة إلى الزوال، وما بعد الزوال فهو
الفيء، والجمع أَفياءٌ وفُيُوءٌ, قال أبو ذؤيب:
لعمري لأَنت البيتُ أُكْرِمُ أَهلَه ... وأقعد في أَفيائه بالأصائل
وقال حميد:
فلا الظل من برد الضُّحَى تستطيعه ... ولا الفيء من برد العَشِيّ تذوقُ
والظل: ما نسخته الشمس, والفيْء: ما نسخ الشمس", وقولهم: "رَجَعَ
بِخُفَّيْ حُنَيْن", للرجل إذا رد عن حاجته, قال أبو اليقظان: كان
حُنينٌ رجلاً شديداً، ادَّعَى إلى أسد بن هاشم بن عبد مناف، فأتى عبد
المطلب وعليه خفان أحمران، فقال: يا عم، أنا ابن أسد بن هاشم, فقال عبد
المطلب: لا وثياب هاشم، ما أعرف شمائل هاشم فيك، فارجع, فقالوا: رجع
بِخُفَّيْ حنين, وقولهم: "آهَةً وأَمِيْهَةً" فالآهة من التأوه، وهو
التوجع: يقال: تَأَوَّهْت آهة, قال المثقب:
إذا ما قمت أرحلها بليل ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُل الحزين
والأَمِيْهَةُ: جُدَرِي الغنم، يقال: أَمْهَتِ الغنم فهي مَأْمُوهة,
قال: وأنشدنا ابن الأعرابي:
طبيخ نُحَاز أو طبيخ أَمِيهَةٍ ... صغير العظام سيء القسم أملطُ
يقول: كان في بطن أمه وبها نُحاز أو أميهةٌ فجاءت به ضاوياً صغيرًا
ضعفيًا, وقولهم: لا دَرَيت ولا أَتْلَيْت"، يدعو عليه بان لا تُتْلِيَ
إبله، أي لا يكون لها أولاد، عن يونس, ويقال: "لا دَرَيت ولا
ائْتَلَيْت" هي "افْتَعَلْت" من قولك: ما أَلَوت هذا ولا استَطَعتُهُ،
أي ولا استطعت, وقال: بعضهم يقول: "لا دَرَيت ولا تَلَيت" تَزْوِيجًا
للكلام, والشرف والمجدُ لا يكون إلا بالآباء, يقال: رجلٌ شريفٌ، ورجلٌ
ماجد.
(1/228)
أي له آباءٌ متقدمون في الشرف, والحسب
والكرم يكون في الرجل وإن لم يكن له آباءٌ لهم شرفٌ، يقال رجل حَسِيب
ورجل كريم بنفسه, وتقول: "افعل كذا وكذا على حسب ذلك"، أي على قدر ذلك,
وقولهم: وافَقَ شَنٌّ طبقه": شَن بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى
بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار, وَطَبَق: حي من إياد، وكانت شن لا
يُقام لها، فواقعتها طبق فانتصفت منها، فقيل:
وافق شن طبقه ... وافقه فاعتنقه
وقال الشاعر:
لقيت شَنّ إياداً بالقنا ... طبقاً وافق شن طبقه
وقولهم في المثل في الإنسان ينصح القوم: "أنت شَوْلَةُ الناصحة" كانت
شَوْلَةُ أَمَة لعدوان رعناء، وكانت تنصح لمواليها فتعود نصيحتها وبالا
عليهم؛ لحمقها, وقولهم: "طُفَيْلِي" للرجل الذي يدخل وليمة ولم يدع
إليها, وهو منسوب إلى طُفَيْل: رجل من أهل الكوفة من بني عبد الله بن
غطفان، كان يأتي الولائم من غير أن يدعى إليها، فكان يقال له: طفيل
الأعراس، أو العرائس، وكان يقول: وَدِدت أن الكوفة بركة مصهرجة فلا
يخفى علي منها شيء, والعرب تسمي الطفيلي: الوَارِشَ، والذي يدخل على
القوم في شرابهم ولم يدع إليه: الواغل, قال امرؤ القيس":
فاليوم فاشرب غير مستحقب ... إِثْمًا من الله ولا وَاغِلِ
قال أبو عمرو: يقال للشراب نفسه الذي يشربه ولم يدع إليه: الوَغْل, قال
عمرو بن قمية:
إن أَكُ مسكيراً فلا أشرب ال ... وَغْل ولا يسلمُ مني البعير
وقولهم: "النَّذِيرُ العريان" هو رجل من خثعم، حمل عليه يوم ذي الخلصة
عوف بن عامر بن أبي عوف بن عويف بن مالك بن دينار بن ثعلبة بن عمرو بن
يشكر بن علي بن مالك بن نذير بن قسم، فقطع يده ويد امرأته، وكانت من
بني عتوارة بن عامر بن ليث من بكر بن عبد مناة بن كنانة, وقولهم:
"بِقُرْطَيْ مَارِيَة" هي مَارِيَة بنت أرقم بن ثعلبة بن عمرو بن جفنة
بن عوف بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مُزَيقياء بن عامر, وقولهم:
في تحية الملوك في الجاهلية: "أَبَيت اللَّعْن" أي أبيت أن تأتي من
الأمور ما تلعن عليه, وقولهم: "ما أُنْكِرُك من سوء" أي ليس إنكاري
إياك
(1/229)
من سُوء رأيته بك، إنما هو لِقِلَّةِ
المعرفة, ويقال: إن السوء البَرَص, قال الله جل ثناؤه: {وَأَدْخِلْ
يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل:
12] أي من غير برص وقولهم: "أَشْغَلُ من ذات النَّحْيَيْن" هي من تيم
الله بن ثعلبة، وكانت تبيع السمن في الجاهلية، فَأَتَى خوات بن جبير
الأنصاري يبتاع منها سمناً، ولم يَرَ عندها أحداً، فساومها نِحْيًا
مَمْلُوَّا، فنظر إليه ثم قال لها: أمسكيه حتى أنظر إلى غيره, فقالت:
حُلَّ نِحْيًا آخر, ففعل، ونظر إليه، فقال: أريد غير هذا، فأمسكي هذا،
فأمسكته فلما شغل يديها سَاوَرَها، فلم تقدر على دفعه عنها حتى فعل ما
أراد وهرب, وقال:
وذات عيال واثقين بعقلها ... خَلَجت لها جار استها خَلَجات
شَدَدت يَدَيها إذا أردت خِلَاجَهَا ... بِنِحيين من سمن ذوي عجرات
فكان لها الويلات من ترك سمنها ... وَرَجعتها صفراً بغير بَتَاتِ
فشدت على النَّحْيِيْن كفاً شحيحة ... على سمنها والفتك من فعلاتي
فأخرجته ريان ينطف رأسه ... من الرامك المدموم بالثفراتِ
ثم أَسْلَمَ خوات وشهد بدراً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"يا خوَّات كيف شِرَؤُك؟ " وتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
فقال: يا رسول الله، قد رزق الله خيراً، وأعوذ بالله من الحور بعد
الكور, فهجا رجل بني تيم الله، فقال:
أناس ربة النِّحْيين منهم ... فعدوها إذا عد الصميم
وقولهم: "أحمق من جهيزة"، وهي أم شبيب الخارجي بن زيد بن نعيم بن قيس
بن عمرو الصلت بن قيس بن شراحيل بن مرة بن همام بن ذهل بن شيبان بن
ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل, وكان أبو شبيب من مهاجرة
الكوفة، فغزا سلمانُ بن ربيعة الباهلي في سنة خمس وعشرين، فأتوا الشام،
فأغاروا على بلاد فأصابوا سبياً وغنموا، وأبو شبيب في ذلك الجيش،
فاشترى جارية من ذلك السبي حمراء طويلة جميلة، فقال لها: أسلمي, فأبت،
فضربها فلم تُسلم، فواقعها فحملت، فتحرك الولد في بطنها، فقالت: في
بطني شيء ينقز، فقيل: "أحمق من جهيزة"، ثم أسلمت فولدت شبيباً سنة ست
وعشرين يوم النحر، فقالت لمولاها: إني رأيت قبل ألد كأني ولدت غلاماً،
فخرج مني شهابُ من نار، فسطع بين السماء والأرض، ثم سقط في ماء فخبا،
وولدته في يوم هريقت فيه الدماء، وقد زجرت أن
(1/230)
ابني يعلو أمره ويكون صاحب دماء يهريقها.
ويقال للضأن الكثيرة: ثَلَّة، ولا يقال للمعزي الكثيرة: ثلة، ولكن
حَيْلَة، فإذا اجتمعت الضأن والمعزى فكثرتا قيل لهما: ثلة, والثَّلة:
الصوف، ويقال: كِساء جيد الثلة، ولا يقال للشعر: ثَلَّة ولا للوبر ثلة,
فإذا اجتمع الصوف والشعر والوبر قلت: عند فلان ثلة كثيرة, ورجل مثل:
كثير الثلة, ورجل معكر إذا كانت عنده عكرة, قال أبو عبيدة: العكرة من
الإبل: ما بين الخمسين إلى المائة, وقال الأصمعيُّ: العكرة: الخمسون
إلى الستين إلى السبعين, وتقول: هو لغية، وهو لزنية، وهو لرشدة, وتقول:
هذا رجل شحيم لحيم، إذا كان كثير اللحم والشحم في بدنه, ورجل لحم شحم،
إذا كان قرماً إلى اللحم والشحم يشتهيهما, ورجلٌ مُلْحَمٌ، أي مطعم
للصيد, ورجل لاحم شاحم: عنده لحم وشحم, ورجل ملحِم مشحِم، إذا كثر عنده
اللحم والشحم, ورجل لحَّام شحَّام، إذا كان يبيعهما, وتقول: هذا بعير
هَبِر وَبِر كثير الهبر، أي كثير اللحم كثير الوبر, وتقول: هؤلاء قوم
ملبنون، إذا كثر لبنهم, ويقال: نحن نلبن جيراننا، أي نسقيهم اللبن,
وقوم ملبونون إذا ظهر منهم سفة وجهل أو خيلاء، يصيبهم من ألبان الإبل
ما يصيب أصحاب النبيذ, وتقول: جاء فلان يستلبن، أي يطلب لبناً لعياله
ولضيفانه وقد سمنا لهم، إذا أدم لهم بالسمن, وقد سمَّنَّاهم، إذا
زودوهم السمن, وجاءوا يستسمنون، أي يطلبون أن يوهب لهم السمن.
وتقول: هذا رجل ترعية، إذا كان جيد الرعية للمال من إبل أو غنم, ورجل
آبل, حاذق برعية الإبل, وقد أبَّل الرجلُ فهو مؤبل، إذا كثرت إبله,
ويقال: فلان من آبَل الناس، أي أشدهم تأنقاً في رعية الإبل, وتقول: قد
قرم فلان إلى اللحم، إذا اشتدت شهوته له, وقد عام إلى اللبن يعام عيمة،
وهو رجل عيمان وامرأة عيمى, ويدعى على الرجل فيقال: ما له آم وعام،
فمعنى آم: هلكت امرأته، وعام: هلكت ماشيته فيعام اللبن, وتقول: قد وحمت
المرأةُ، إذا اشتهت شيئاً على حملها, والماشية تكون من الإبل والغنم,
وتقول: قد أمشى الرجل، إذا كثرت ماشيته, وقد مشت الماشية إذا كثرت
أولادها, وناقة ماشية: كثيرة الأولاد.
وقال الأصمعي: البعير بمنزلة الإنسان، يكون للمذكر والمؤنث, يقال
للرجل: هذا إنسان، وللمرأة: هذه إنسانة, وكذلك تقول للجمل: هذا بعير,
وللناقة: هذه
(1/231)
بعير, وحكي عن بعض العرب: صرعتني بعبر
"لي"، أي ناقة, وتقول: شربت من لبن بعيري أي من لبن ناقتي, ويقال: له
بعير إذا أجذع, والجمل بمنزلةِ الرجل لا يكون إلا للمذكر، والناقة
بمنزلة المرأة، والبعير يجمعهما جميعاً, والبكرة بمنزلة الفتاة، والبكر
بمنزلة الفتى، والقلوص بمنزلة الجارية, وتقول: هذا رجل فقير للذي له
البلغة من العيش, وهذا رجل مسكين للذي لا شيء له, قال الله جل وعز:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة:
الآية:60] ، ثم قال الراعي:
أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد
وقال يونس: قلت لآعرابي: أفقير أنت؟ قال: لا والله، مسكين, والخَصِر
الذي يجد البرد, والخَرِص: الجائع المقرور, والأَرَامِل: المساكين من
جماعة رجال ونساء, ويقال لهم: الأرامل وإن لم يكن فيهم نساء, ويقال:
جاءت أرملة من نساء ورجال محتاجين, ويقال للرجال المحتاجين الضعفاء:
أرملة وأرامل، وإن لم يكن فيهم نساء, وقد أرمل القوم، إذا نفد زادهم,
وعامٌ أرمل: قليل المطر, وسنة رملاء, وتقول: قد رمح الفرسُ والحمارُ
والبغلُ والحافرُ, ويقال للبعير: قد ركل برجله، ولا تقل: رمح, وقد خبط
البعير بيده، وقد زبنت الناقة، إذا ضربت بثفنات رجليها عند الحلب
فالزبن بالثفنات, وتقول: توفر وتحمد، ولا تقل توثر, وقد وفرته عرضه
وماله أَفِرُهُ وَفْرًا، إذا كان تاماً وَافِرًا, وتقول: هذه أرض في
نبتها فِرَة، وفي نبتها وَفْر، إذا كان تاماً وافرًا لم يُرْعَ, وتقول:
هذه مَبَارِكُ الإبل، وهذه مِرَابِضُ الغنم, وتقول: هذا عَطَن الإبل
ومَعْطِنُها، وهو مَبْرَكُها حول الماء, ولا تكون الأَعْطان والمَعَاطن
إلا مَبَارِكُها حول الماء، وقد عَطَنت تَعْطُنُ عُطُونًا, وهي إبل
عَاطِنَة وعواطن، وقد أَعْطَنْتُهَا, وكذلك هذا عَطَن الغنم ومعطنها،
لمرابضها حول الماء, وهذه ثَايَةُ الغنم وَثَايَةُ الإبل: مأواها وهي
عازبة، أو مأواها حول البيوت, وهذا مُرَاح الإبل ومُرَاح الغنم.
وتقول: قد هَمَلَتِ الإبل فهي هاملة وهواملُ، وقد أَهْمَلْتُها أنا،
إذا أَرْسَلْتُهَا ترعى ليلاً ونهاراً بلا راعٍ، فالهَمْل يكون ليلاً
ونهاراً, فأما النَّفْش فلا يكون إلا ليلاً, تقول: نَفَشَتْ تَنْفِشُ
نُفُوشًا، وهي إبل نَفَش وَنَوَافش وَنَفاش وقد أَنْفَشْتُهَا أنا,
وكذلك نَفَشَتِ الغنم، ولا يقال: هَمَلَت الغنم, وقد رَفَضت الإبل، إذا
تركتها تبدد في مرعاها وترعى حيث "أحبت" لا تثنيها عما تريد, وهي إبل
رافضة، وإبل رَفَض, وقد رَفَضَتْ هي
(1/232)
تَرْفِضُ: ترعى وحدها والرَّاعي يبصرها
قريباً منها، أو بعيداً، لا تُتْعبه ولا يجمعها, قال: وقال الراجز:
سقياً بحيث يهمل المعرض ... وحيث يرعى وَرَعِيْ وأَرْفُضُ
والوَرَع: الضعيف الذي لا غناء عنده, والمُعَرَّضُ: الذي وسمه
العِرَاض، وهو خَطٌّ في الفخذ عَرْضًا, قال الأصمعي: يقال: سَنَّ عليه
دِرْعَهُ، أي صَبَّها؛ ولا يقال: شَنَّ, ويقال: قد شَنَّ عليهم
الغَارة، أي فرقها, وقد شَنَّ الماء على شرابه، أي فرقه عليه, وقد
شَنَّ الماء على نوجهه، أي صَبَّ عليه صباً سهلاً, ويقال: قد نَثَلَ
درعه أي أَلْقَاها، ولا يقال: نَثَرَهَا, وتقول: قد استخبينا خِبَاء،
إذا نَصَبناه ودخلنا فيه, وأَخْبَيْنَاه: نصبناه, وتقول: هو زُبْد
الغنم، وهو جُبَاب الإبل، وهو شيء يعلو ألبانها كالزُّبْد, ولا زُبْد
لألبان الإبل, وتقول: هي الرُّغْوَةُ والنُّشَافَةُ، لما يعلو ألبان
الإبل والغنم إذا حلبت, وقد انتَشَفت، إذا شربت النُّشَافَة, ويقول
الصبي: أَنْشِفْنِي، أَعْطِنِي النشافة أشربها, وقد ارْتَغَيت، إذا
أخذت الرِّغْوَةَ بيدك فهويت بها إلى فيك, ويقال: أَمْسَتْ إبلكم
تُنَشِّفُ وتُرَغِّيْ، أي لها نشافة ورغوة, وقد أَدْوَيْت، إذا أخذت
الدِّوَاية، وهي كالقشرة تعلو اللبن الحليب, وتقول: قد قَبَضت مالي
قَبْضًا, ويقال: دَخَل مالُ فلان في القَبَض، يعني ما قُبِض من أموال
الناس, وقد نَفَضت الشجرة نَفْضًا, والنَّفَض: ما يسقط منها من الورق,
ويقال: عَضَدت الشجرة عَضْدًا, والعَضَد: ما قطع من الشَّجَر, وقد
عَرَضت الجند عَرْضًا, ويقال: فات فلاناً العَرَض, وقد خَبَطت الشجر
خَبْطًا إذا ضربت ورقه بِعَصا ليسقط فتعلفه الغنم, ويقال لما سقط:
الخَبَط, وقد رَفَضت إبلي, رَفْضًا، إذا خليتها ترعى حيث أحبت ولم
تثنها عن وجه تريده, وهي إبل رَفَض وأَرْفَاض, وتقول: هذا شيء جيد بين
الجَوْدَةِ، من أشياء جِيَاد, وهذا رجل جَوَاد بين الجُوْد من قوم
أَجْوَاد, وهذا فرس جَوَاد بين الجُوْدة والجَوْدَةِ، من خيل جِيَاد,
ويقال: الجَوَدَةُ في كل صورة, وهذا مطر جَوْد بيِّن الجَوْد, وقد
جِيْدَت الأرض, ويقال: هاجت بنا سماءٌ جَوْدٌ, وقد جَادَ بنفسه عند
الموت يَجُود جُؤُودًا, وقد جِيْد من العطش يُجَاد جِوَادًا,
والجِوَادُ: العطش, قال ذو الرمة:
تظل تعاطية إذا جِيْد جَوْدَة ... رُضابًا كطعم الزنجبيل المعسل
أي إذا عطش عطشة, وقال الباهلي:
(1/233)
ونصرك خاذل عني بطيء ... كأن بكم إلى خذلي
جُوَادًا
وتقول: هذا رجلُ حَدِث وحَدُث، إذا كان حسن الحَدِيث, وَرَجُلٌ
حِدِّيث: كَثِير الحَدِيث, ويقال: هو حِدْث ملوك، إذا كان صاحب حديثهم
وسمرهم, وتقول: هذا رجل حَدَث، وهو رجل حَدِيث السِّنِّ، وهم غلمان
حُدْثَان السن, ويقال: هل حَدَث أمر, ويقال: أخذه ما قدم وما حَدُث,
ويقال: كَبِر الرجل إذا أَسَن, وقد كَبُر الأمر، إذا عظم, ويقال: قد
بَدُن الرجل يَبْدُنُ بُدْنًا وبَدَانة، إذا ضخم، فهو بادنٌ، وقد
بَدَّن تَبْدِيْنًا إذا أسن وكبر, وهو رجل بَدَن، إذا كان كبيراً, قال
الأسود:
هل لشَبَاب فات من مَطْلبِ ... أم ما بكاءُ البَدَن الأَشْيَبِ
وقال آخر1:
وكنت خلت الهم والتَبْدِيْنا ... والشَّيْب مما يُذهل القرينا
وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إني قد بَدَّنْت فلا
تبادروني بالركوع والسجود" , ويقال: نظر إلي بِمُؤَخِّرِ عينه, ويقال:
ضرب مُقَدَّمَ رأسه وضرب مُؤَخَّرَه, "وهي مُؤْخِرُة السرج"، وهي
آخِرَة الرَّحْل, وتقول: جاءنا بَأَخَرَةَ، وجاءنا أخيراً وأخراً, وقد
بعته بيعاً بأَخِرة وَبِنَظِرَةِ، أي بِنَسِيئة, ويقال: شَقَّ ثوبه
أخراً ومن أخر, وتقول: قُوْزَعَ الديك، ولا تقل: قَنْزَعَ, وتقول: هو
أُسُّ الحائط، والجمع آساس, ويقال أيضاً: هو أَسَاس الحائط، والجمع
إساس, وتقول: افعل ذلك من رَأْس، ولا تقل: من الرَّأْس, ومتقول: هو
مَحْجِرُ العين، بكسر الجيم، والمَحْجَرُ، بفتح الجيم، من الحِجْر، وهو
الحَرَام, قال حميد بن ثور:
فَهَمَمْت أن أغشى إليها مَحْجَرًا ... ولمثلها يغشى إليها المَحْجَرُ
أي الحرام, وتقول: ما رايته مُذْ أمس، فإن لم تره يوماً قبل ذلك قلت:
ما رأيته مُذْ أول أمس, وتقول: هي المَزَادَةُ، للتي يستقى فيها الماءُ
ولا تقل: راوِيَة، إنما الراوِيَة البعير أو البغل أو الحمار الذي
يُحمل عليه الماء, وقد رَوَيت القوم أَرْوِيهم، إذا استقيت لهم الماء,
قال أبو النجم:
تمشي من الردة مشي الحفل ... مشي الرَّوَايا بالمَزَاد الأثقلِ
__________
1 هو حميد الأرقط, كما في: "اللسان": بدن.
(1/234)
وتقول: من أين رِيَّتُكُم؟ أي من أين
تَرْتَوُون الماء, وتقول: فلان يَتَنَدَّى على أصحابه، أي يتسخى, ولا
تقل: يُندى, وفلان نَدِي الكف إذا كان سخياً, وتقول: ضَفَرَتِ المرأة
شعرها، ولها ضَفِيرتان ولها ضَفْران، ولا تقل: ظفيرتان, وتقول: هي زوجه
وهو زوجها, قال الله جل وعز: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب:
الآية: 37] , وقال أيضًا: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ}
[النساء: الآية: 20] ، أي امرأة مكان امرأة, والجميع أَزْوَاج, وقال:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] , وقد
يقال: زَوْجَتُهُ, قال الفرزدق:
وإن الذي يسعى ليفسد زَوْجَتِي ... كساع إلى أُسد الشرى يستبيلها
وقال الآخر:
يا صاح بلغ ذوى الزوجات كلهم ... أن ليس وصل إذا انحلت عرى الذَنَبِ
وقال يونس: تقول العرب: زَوَّجتُهُ امرأة، وَتَزَوَّجت امرأة, وليس من
كلام العرب: تَزَوَّجْت بامرأة، قال: وقول الله جل ثناؤه:
{وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: الآية: 54] أي قَرَنَّاهم,
وقال: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات:
الآية: 22] أي وقرناءهم, وقال الفراء: هي لغة في أزدشنوءة, وتقول: عندي
زَوْجًا نعال، وَزَوجًا حمام، وَزَوجًا خفاف، وإنما تعني ذكراً وأنثى,
قال الله جل ثناؤه: {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ
اثْنَيْنِ} [المؤمنون: الآية: 27] , ويقال للنَّمَط: زَوْج, قال لبيد:
من كل محفوف يظل عصيه ... زَوْجٌ عليه كلة وقرامها
وتقول: سوء الاستمساك خير من حسن الصِّرْعة, وتقول: غَلِطَ في كلامه،
وقد غَلِت في حسابه, الغَلَط في الكلام، والغَلَتُ في الحساب.
(1/235)
باب: فَعُول
وتقول: تَوَضَّأْت وَضُوءًا حَسَنًا, وتقول: ما أَجْوَدَ هذا الوَقُود،
للحطب, قال الله عز وجل: {وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة:
الآية:217] , وقال أيضًا: {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} [البروج: الآية:
5] وقريء: الوُقُود, فالوُقُود، بالضم: الاتِّقَاد, وتقول: وَقَدَتِ
(1/235)
النار تَقِدُ وُقُودًا وَوَقَدَانًا
وَوَقْدًا وَقِدَة, وقال: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا
النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: الآية: 24] , والوَقُود: الحَطَب,
ويقال: ما اشد وَلُوعُكَ بهذا الأمر, وقد أُوْلِعْت به إِيْلاعًا,
والغَرُور: الشَّيْطان, قال الله جل وعز: {وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ
عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا
تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ
الْغَرُورُ} [لقمان: الآية: 33] , والغرُور: ما اغتر به من متاع
الدنيا, وقال الله جل ثناؤه: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا
مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: الآية: 20] , ومثل الوَلُوع الوَزُوع،
تقول: أُوْزِعْت به مثل أُوْلِعْت به, ويقال: هو الطَّهُور، والبَخُور،
والذَّرُور، والسَّفُوف: ما يُسْتَفُّ، والسَّعُوط، والسَّنُون،
والسَّحُور، والفَطُور، والسَّجُور، والغَسُول: الماء الذي يُغتَسَل
به, واللَّبُوس: ما يُلْبَسُ, قال الله جل وعز: {وَعَلَّمْنَاهُ
صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} [الأنبياء: الآية: 80] , وقال آخر1:
الْبَسْ لكل عيشة لَبُوسَهَا ... إما نَعِيمَهَا وإما بُوْسَهَا
والقَرُور: الماء البارد يُغْتَسَل به, يقال: قد اقْتَرَرت, وهو
البَرُود, والسَّدُوس: الطَيْلسان, قال الأصمعي: واسم الرجل سُدُوس
بالضم, واللَّدُود: ما كان في أحد شِقَّي الفَمِ, وأصل ذلك أن
اللَّدِيْدَيْن هما صَفْحَتَا العُنُق, ويقال: هو يَتَلَدَّدُ، أي
يتلفت يَمْنَة وَشَأْمَة, ويقال في مثل: "جرى منه مجرى اللَّدُود"،
والوَجُور في أي الفم كان، وهو النَّضُوح، والشَّرُوب: الماء بين الملح
والعذب, والنَّشُوق: سَعُوط يُجعل في المنخرين، تقول: أَنْشَقْتُهُ
إِنْشَاقًا, وهو النَّشُوح، من قولك: نَشَح، إذا شرب شرباً دون الري,
قال أبو النجم:
حتى إذا ما غيبت نَشُوحًا
والوَضُوح: الماء الذي يكون في الدلو بالنِّصْف, والعَلُوق: ما يعلق
بالإنسان, والمنية عَلُوق, قال المفضل النكري:
وسائلة بثعلبة بن سير ... وقد عَلِقَتْ بثعلبة العَلُوقُ
أراد ابن سيار, وهي السَّمُوم والحَرُور, قال أبو عبيدة: السَّمُوم
بالنهار وقد تكون بالليل, والحَرُور بالليل وقد تكون بالنهار, قال
العجاج:
__________
1 هو بيهس الفزاري, كما في: "اللسان": لبس.
(1/236)
ونسجت لوامع الحَرُور
والذَّنُوب: لحم أسفل المتن, والذَّنُوب أيضاً: الدَّلْو فيها ماء,
والقَيُوء: الدواء الذي يشرب للقيء, والعَقُول: الدواء الذي يمسك
البطن, ويقال: أعطني مَشُوشًا أَمُش به يدي، أي منديلاً أو شيئاً
أَمْسحُ به يدي, قال الأصمعي: المَشُّ: مسح اليد بالشيء الخشن الذي
يقلع الدسم, وهو النَّجُوع للمديد، وقد نَجَعت البعير, والنَّشُوع
والوَشُوع: الوَجُور يُوْجره المريض والصبي, قال المرار:
إليكم يا لئام الناس إني ... نُشعتُ العز في أنفي نَشُوعًا
والنَّشُوع: السَّعُوط، تقول: نَشَعتُهُ, والحَلُوء: حَجَر يدلك عليه
دواء ثم تكحل به العين, ويقال: حَلَأت له حَلُوءًا, والرَّقُوء: الدواء
الذي يرقيء الدم, يقال: "لا تسبوا الإبل فإن فيها رَقُوء الدم" أي تعطى
في الديات فتحقن بها الدماء, ويقال: هذا شَبُوب لكذا وكذا، أي يزيد فيه
ويقويه, وهي الصَّعُود للمكان فيه ارتفاع، يقال: وقعنا في صَعُود
مُنْكَرَة, ووقعت في كَوُؤد، وهي العقبة الشاقة المصعد, ووقعنا في هبوط
وحدور وحطوط, والجَبُوب: الأرض الغليظة, "والرَّكوب: ما يركب, قال الله
جل ذكره: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} [يس: الآية 72] أي فمنها يركبون,
وكذلك ركوبتهم، مثل حلوبتهم أي ما يحتلبون, وحمولتهم: ما يحملون عليه",
وقال الله جل وعز {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً} [الأنعام:
الآية 142] س فالحَمُولَةُ: ما حمل الأثقال من كبار الإبل, والفَرْش:
صغارها, والجزُوزة: ما يُجَزُّ من الغنم والقَتُوبَةُ: ما يُقْتَب
بالأَقْتاب, والعَلُوفَة: ما يَعْلِفُون, والحلُوبَة: ما يحلُبون,
والنَّسُولة: التي يُتخذ نَسلُها, والأَكولة من الغنم: التي تُعزل
للإكل.
ومما جاء على فَعُول مما آخره واوان فيصيران واواً مشددة للإدغام:
يقال: شربت حَسُوًا وحَسَاء, وشربت مَشُوًّا ومَشِيًا، وهو الدواء الذي
يسهل, وهذا عَدُوٌّ, وهو عَفُوٌّ عن الذنب, وإنه لأَمُور بالمعروف
نَهُوٌّ عن المنكر, وناقةٌ زَغُوٌّ، وهذا فَلُوٌّ, وجاءنا فلان يلتمس
لجراحه أَسُوًّا، يعني دواء يأسو به جرحه, والأَسْو المصدر, وقال أبو
عبيدة: قال أبو ذبيان بن الرعبل: "أبغض الشيوخ إليَّ الأَقْلَحُ
الأَمْلَحُ الحَسُوَّ الفَسُوَّ"، الأَفْلَحُ: من صفرة أَسْنَانه،
والأَمْلَحُ: من بياض شعره, والحَسُوُّ: الشَّرُوب, وحكى أبو عبيدة عن
يونس، مضيت على الأمر مَضُوًّا، وهذا الأمر مَمْضُوٌّ عليه.
(1/237)
باب مما جاء على
فعول
قال الأصمعي: شَعُوبُ: اسم للمنية، وهي معرفة لا تدخلها الألف واللام,
قال أبو الأسود:
فقام إليها بها ذابح ... ومن تدع يوماً شَعُوب يَجِيها
قال: وسميت شَعُوب؛ لأنها تفرق, ويقال: ظبي أَشْعَبُ, إذا كان بعيد ما
بين القرنين, قال: وهُنَيدَةُ: مائة من الإبل، لا تُنَوَّن؛ لأنها
معرفة، ولا تدخل فيها الألف واللام, قال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيدَةَ يحدوها ثمانية ... ما في عَطَائِهِمُ مَنٌّ ولا
سَرَفُ
وكذلك هَبَّت مَحْوَة: اسم للشمال، وهي معرفة, قال الراجز:
قد بكرت مَحْوَةُ بالعجاج ... فدمرت بقية الرَّجَاج
والرَّجَاج: مَهَازيل الغنم, وتقول: هذه حَضَارة طاميا، اسم للبَحْر
وهو مَعْرِفَة, وهذا جابر بن حَبَّة, اسم للخُبْز, وهو معرفة, وقول
النَّابِغَة:
إنا احتملنا خُطَّتَيْنا بيننا ... فَحَمَلْت برة واحتَمَلَتْ فَجَار
فَبَّره: اسم للبِرِّ، وهو معرفة, وفَجَار: اسم للفجور, وتقول: أنا من
هذا الأمر فَالِجُ بن خَلَاوَةَ، أي أنا مِنْه بريءٌ, وهو معرفة,
وتقول: هذه ذُكَاءُ طالعة: اسم للشمس، وهي معرفة, وهذا أُسَامَةُ
عادياً، وهو اسم للأسد، وهو معرفة, قال زُهير:
ولأنت أجرأ من أُسَامَةَ إذ ... دعيت نَزَال ولج في الذُّعْر
وتقول: قد دَفَرتُهُ دَفْرًا، إذا دَفَعت في صدره, والدَّفْر أيضًا:
النَّتْن, ويقال للدنيا: أم دَفْر, ويقال للأمة إذا شتمت: يا دَفَار!
أي يا مُنْتِنَة, وجاء في الحديث عن عمر رحمة الله عليه، انه سأل بعض
أهل الكتاب عن ما يلي الأمر من بعده، فسمي غير واحد، فلما انتهى إلى
صفة أحدهم فقال عمر: وادَفْراه وادَفْراهُ! أي وانَتْنَاه, ويقال:
دَفْرًا دَافرًا لما يجيء به فلان! وذلك إذا قَبَّحت الأمر أو
نَتَّنتهُ, والذَّفَر, كل ريح ذَكِية من طيب أو نتن, يقال: مسك
أَذْفَرُ، أي ذكي الرِّيْح, ويقال للصُّنَان: ذَفَر, وهذا رجل ذَفِر،
أي له صُنَان وخبث ريح, قال لبيد وذكر كتيبة وأنها سهكة من الحديد
وصدئه:
(1/238)
فخمة ذَفْرَاء تُرْتى بالعرى ... قردمانياً
وتركاً كالبصل
وقال الآخر1:
ومُؤَوْلق أنضجت كية رأسه ... فتركته ذَفِرًا كريح الجورب
وقال الراعي وذكر إبلاً قد رعت العشب وزهره، وأنها إذا شربت وصدرت من
الماء نَدِيت جلودها ففاحت منها رائحةٌ طيبة فيقال لتلك: فَارَةُ
الإبل، فقال:
لها فارَةٌ ذَفْرَاء كل عشية ... كما فَتَق الكافور بالمسك فاتقه
وقال ابن أحمر:
بِهَجل من قَسَا ذَفَر الخَزَامى ... تَدَاعى الجربياء به الحنينا
أي ذكى ريح الخزامى طيبها, قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو بن العلاء:
الذِّفْرِي من الذَّفَر؟ فقال: نعم, وقلت له: المعزى من المعز؟ فقال:
نعم, والذَّفْراء: عُشْية خبيثة الريح لا يكاد المال يَأْكُلُها,
وتقول: هو القَرْقَلُ، لقَرْقَرِ المرأة الذي تقوله العامة بالراء, وهي
القَاقُوْزَةُ والقَازُوْزَةُ، فأما القَاقُزَّة فمولدة, قال الشاعر2:
أفنى تلادي وما جمعت من نسب ... قَرْع القَوَاقِيْزِ أفواه الأباريق
وتقول: هو مُضْطَلِع بحمله، أي قَوِي على حمله, وهو مُفْتَعِل من
الضَّلَاعَةِ, والفرس الضَّلِيع: التام الخلق المجفر الغليظ الألواح
الكثير العصب, ولا تقل هو مطلع, وهو قُطْرُبُّل, وهو القُرْطُمُ
والقِرْطِمُ "ومنهم من يشدد", وتقول: مَرَّ بنا راكب، إذا كان على
بعير, والرَّكْب: أصحاب الإبل، وهو العَشْرة فما فوقها, والأُرْكُوب
أكثر من الركب, والرَّكَبَةُ أقل من الركب, والرِّكَاب: الإبل، واحدتها
رَاحِلَة؛ ولا واحدة لها من لفظها, ومنه زيت ركابي، أي يحمل على ظهور
الإبل, فإذا كان على حافر، برذوناً كان أو فرساً أو بغلاً أو حماراً،
قلت: مر بنا فارس على حِمَار، ومر بنا فارس على بَغْل, وقال عمارة بن
عقيل: لا أَقُول لصاحب الحمار فَارِس، ولكن أقول: حَمَّارٌ, ولا أقول
لصاحب البغل فارسٌ، ولكني أقول: بَغَّالٌ, وتقول: هؤلاء قوم رَجَّالةٌ،
وهؤلاء هوم خَيَّالةٌ، أي أصحاب خيل, وتقول: هذا رجل نابل ونَبَّال،
إذا
__________
1 هو نافع بن لقيط الأسدي, كما في: "اللسان": ألق.
2 هو الأقيشر الأسدي, كما في: "اللسان": قفز.
(1/239)
كانت معه نبل، فإذا كان يعملها قلت: نابل,
وتقول: استنبلني فَأَنبَلْتُهُ، أي أَعْطَيْتُهُ نَبْلًا، واستحذاني
فَأَحذَيْتُهُ، أي أعطيته حِذَاءً, وتقول: هذا رجل سَائِف وسَيَّاف؛
إذا كان معه سيف, وهذا رجل تَرَّاس، إذا كان معه ترس, فإذا لم يكن معه
ترس قيل: أَكْشَفُ, فإذا كان مه سيف ونبل قلت: قَارِن, وهذا رجل سالح،
معه سلاحٌ, وهذا رجل دارع: عليه درع, وحاسر: لا درع عليه, ورجل رامح:
معه رمُحٌ, فإذا لم يكن معه رُمح قيل: أَجَم, قال أوس:
ويل أمهم معشراً جماً بيوتهم ... من الرماح وفي المعروف تنكير
وقال عنترة:
ألم تعلم لحاك الله أني ... أَجَم إذا لقيت ذوي الرماح
وتقول: هذا رجل مُتَقوس قوسه، وهذا رجل مُتَنَبِّل نبلهُ، إذا كان معه
قوس ونبل، فإذا كان كامل الأداة من السلاح قيل: مُؤْد ومُدَجَّج،
وَشَاكٍّ في السلاح, فإذا لم يكن معه سلاح فهو أَعْزَلُ، وقوم عُزْل
وعُزْلَان وعُزَّل, فإذا كان عليه مِغْفَر فهو مُقَنَّع, فإذا لبس فوق
درعه ثوباً فهو كَافرًٌ, وقد كَفَر فوق درعه ثَوْبًا, ومنه قيل: الليل
كَافِر؛ لأنه يستر بظلمته ويغطي, قال ثعلبة بن صعير المازني، وذكر
الظليم والنعامة وأنهما راحا إلى بيضهما:
فَتَذَكَّرا ثقلاً رثيداً بعد ما ... ألقت ذُكاء يمينها في كَافِرِ
وَذُكاء: اسم للشمس، وهي مشتقة من ذَكَت النار تَذْكُو, والكافِرُ هنا
هنا: الليل, وقوله: ألقت ذكاءُ يمينها في كافر، أي بدأت في المغيب,
وقال لبيد -وسرق هذا المعنى- وذكر الشمس ومغيبها:
حتى إذا ألقت يداً في كَافِر ... وأجن عورات الثغور ظلامها
ومنه سمي الكافر كافراً؛ لأنه ستر نعم الله, ويقال: رماد مَكْفُور، أي
قد سَفَت عليه الرياح التراب حتى واراه, قال الراجز:
قد درست غير رماد مَكْفُور ... مكتئب اللون مروح ممطور
وقال آخر:
فوردت قبل انبلاج الفجر ... وابن ذُكاء كامن في كُفْرِ
(1/240)
وَكِفْر لغتان, ابن ذُكَاء، يعني الصُّبْح,
وقوله في كَفْر، أي فيما يواريه من سواد الليل, وقد كَفَر الرجل متاعه،
أي أوعاه في وِعَاء, ويقال: هذا رجل حَاذٍ، أي عليه حِذَاء, قال
الأصمعي: حَمَاةُ المرأة: أم زوجها، لا لغة فيها غير هذه, وكل شيء من
قبل الزوج -أخوه أو أبوه أو عمه- فهم الأَحْمَاء, ويقال: هذا حَمُوها،
ومررت بِحَمِيْها، وريأت حَمَاها, وهذا حَمٌ في الانفراد, ويقال:
حَمَاها، بمنزلة قَفَاها، ورأيت حَمَاها ومررت بِحَماها، وهذا حَمًا,
وزاد الفراء حَمْء، ساكنة الميم مهموزة، وَحَمُهَا بترك الهمزة, قال
حُميد:
وبجارة شوهاء ترقبني ... وَحَمًا يخر كمنبذ الحلس
وقال الآخر:
قلبت لبواب لديه دارها ... تيذن، فإني حَمْؤُهَا وَجَارُهَا
وإن شئت حَمُها, وكل شيء من قبل المرأة فهم الأَخْتَان، والصهر يجمع
هذا كله, ويقال: صَاهَرَ فلان إلى بني فلان، وأَصْهَرَ إليهم, ويقال:
فلانة ثَيِّب، وفلانُ ثَيِّب، للذكر والأنثى سواء، وذلك إذا كانت
المرأة قد دُخل بها، أو كان الرجل قد دخل بامرأة, ويقال: فلانة أَيِّم،
إذا لم يكن لها زوج، بكراً كانت أو ثَيِّبًا، والجميع أَيَامَى, والأصل
أَيَائِمُ، فقلبت, ورجل أيم: لا امرأة له، وقد آَمَت المرأة من زوجها
تَئِيم أَيْمة وأَيْمًا, وقد تَأْيَّمَت المرأة زماناً، وَأَيَّمَ
الرجل زماناً، إذا مكث زماناً لا يتزوج, قال: وسمعت العلاء بن أسلم
يقول: حدثني رجلٌ قال: سمعت رجلاً من العرب يقول: "أيٌّ يكونن على
الأَيِّم نصيبي" يقول: ما يقع بيدي بعد ترك التزويج، أي امرأة صالحة أو
غير ذلك, ولقد إِمْتُهَا أَئِيمُهَا, ويقال: الحرب مَأْيَمَة، أي تقتل
الرجال فتدع النساء بلا أزواج, ويقال: رجل عَانِس وامرأة عَانِس, وقد
عَنَسَتْ تَعْنُسُ عِنَاسًا, وذلك إذا طال مكثها في منزل أهلها بعد
إدراكها لم تزوج, قال الأسود:
والبيض قد عَنَسَتْ وطال جِرَاؤُهَا ... ونشأن في فنن وفي أذواد
و"في قِنٍّ", وقال أبو قيس بن رفاعة:
منا الذي هو ما إن طر شاربه ... والعَانِسُون ومن المرد والشيب
قال: وسمعت أعرابياً يقول: جعل الفحل يضرب في أبكارها وعُنَّسِهَا,
ويقال:
(1/241)
امرأة مُرْضِع، إذا كان لها لبن رِضَاع،
وامرأة مُرْضِعَةٌ إذا كانت تُرضِعُ وَلَدَهَا, وامرأة طَاهِر، إذا
طَهُرَتْ من الحَيْض، وامرأة طاهرةِ، َ إذا كانت نَقِية من العيوب,
وامرأة قاعد، إذا قعدت من المحيض، وامرأة قاعدة من القعود, وواحد
قَوَاعد البيت قاعِدَة، وواحدة القواعد من السناء قَاعِد, وشاةٌ والد
وشاةٌ حامل, ويقال لأم الرجل: هذه والدةٌ، وما وَلَدَتْ والدةٌ وَلَدًا
أكرم من بني فلانٍ, وامرأة حَامِلٌ وَحَامِلَةٌ، إذا كانت حُبْلى, قال
الشاعر:
تمخضت المنون لهم بيوم ... أنى ولكل حَامِلَة تمام
فإذا حملت شيئاً على ظهرها أو رأسها فهي حَامِلَة بالهاء لا غير،
والبَغَايا من النساء: الفَوَاجِرُ, والبَغَايا أيضًا: الإماء،
والواحدة منها بغي, والبَغَايا: الطلائع، واحدتها بَغِيَّة، وهي
الطليعة, قال الطفيل:
فألوت بَغَايَاهُمْ بنا وتباشرت ... إلى عرض جيش غير أن لم يكتبِ
وتقول: في سبيل الله أنت, ولا تقل: في سبيل الله عليك, وتقول: طُوْبَى
لك! ولا تقلُ: طُوْباك, وتقول: ما به من الطِّيْب، ولا تقل الطيبة,
وتقول: قد سَخِرت منه، ولا تقل: سَخِرت به, قال الله جل وعز: {إِنْ
تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ}
[هود: 38] , وقال أيضاً: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ
فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] ,
وتقول: تلك فعلت ذاك، وَتِيك فعلت ذاك، ولا تقل: ذَيِك فَعَلَتْ,
وتقول: هذه كُلْية ولا تقل كُلْوة, وقد كُلَيب الرجل والصيد أَكْلَيْه،
إذا رميت فأصبت كُلْيَتَه, وتقول: حَسْبِي من كذا وكذا, وقد أحسبني
الشيء، إذا كفاك, ولا تقل بَسِّي وتقول: قَدْنِي من كذا وكذا،
وَقَدْنِي وقَطَنِي وَبَجَلِي, قال:
قَدْنِي من نصر الخبيبين قَدِي ... ليس الإمام بالشحيح الملحدِ
وقال الآخر:
امتلأ الحوض وقال قَطْنِي ... سلاً رويداً قد ملأت بَطْنِي
وتقول: افعل ذاك أيضاً، وهو مصدر آَضَ يَئِيض أَيْضًا، إذا رَجَع، وإذا
قال: فعلت ذاك أَيْضًا، قلت: أكثرت من أَيْضٍ، ودعني من أَيْضٍ, وتقول:
افعل ذاك زِيَادة ولا تقل زَائِدَة.
(1/242)
باب من فعيلة
تقول: هذه مِلْحَفَة جديد وهذه مِلْحَفَة خَلَق، ولا تقل: جَدِيدة ولا
خَلَقة, وإنما قيل: جديد بغير هاء؛ لأنها في تأويل مَجْدُودة، أي
مَقْطُوعة حين قطعها الحائك, قد جَدَدت الشيء أي قطعته، وإذا كان
فَعَيل نعتاً لمؤنث، وهو في تأويل مَفْعُول، كان بغير هاء، نحو لحية
دَهِين، لأنها في تأويل مدهونة، وكف خَضَيب، لأنها في تأويل مخضوبة،
وملحفة غَسِيل، وامرأة لَدِيغ، ودابة كَسِير، وركية دَفِين إذا اندفن
بعضها، وركيا دُفُن, وتقول: هذا فرس جَوَاد بَهِيم، وهذه فرس جواد
بَهِيم، وهو الذي لا يخلط لونه شيء سوى لونه, وعين كَحِيل, وناقةٌ
بَقِير، إذا شق بطنها عن وَلَدها, ومامرأة لَعِينٌ وجَرِيح وقَتِيل,
فإذا لم تذكر المرأة قلت: هذه قَتِيلَةُ بني فلان، وكذلك مررت
بقَتِيلة, وقد تأت فَعِيلَةُ بالهاء وهي في تأويل مفعول بها، تخرج مخرج
الأٍسماء ولا يذهب بها مذهب النعوت، نحو النَّطِيحة، والذَّبِيحة،
والفَرِيسة، وأَكِيلة السبع، والجَنِيبة والعَلِيقة، وهما البعير يوجهه
الرجل مع القوم يمتارون فيعطيهم دراهم؛ ليمتاروا له معهم عليه، وقد
عَلَّقت مع فلان بعيراً لي, قال الراجز:
أرسلها عَلِيقة وقد علمْ ... أن العليقات يلاقين الرقمْ
والسَّرِيبة من الغنم: التي تصدرها إذا رويت فتتبعها الغنم,
والفَلِيقة: الداهية, قال الراجز:
يا عَجَبًا لهذه الفليقهْ ... هل تغلبن القوباء الريقهْ
والفَرِيقَة: التمر والحُلْبَة جميعاً تجعل للنفساء, قال أبو كبير:
ولقد وردت الماء لونُ جِمامِه ... لون الفريقة صُفِّيت للمُدْنَفِ
والفَرِيقَة: فريقة الغنم تتفرق منها قطعة، شاة أو شاتان أو ثلاث شياه،
فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم, والشَّعِيلةُ: الفتيلة فيها نار,
ويقال: مررنا على بني فلان فرأينا غنم آل فلان عَبِيثَةً واحدة، أي قد
اختلط بعضها ببعض, والنَّخِيخَةُ: زبد رقيق يخرج من السقاء إذا حمل على
بعير بعد ما نزع زُبْده الأول، فيمتخض فيخرج منه زبد رقيق, قال أبو
محمد: النخيخة أحب إلي, وشك فيها وهو الصواب؛ لأنه قرأ في غير نسخة،
زعم, والوَجِيَّةُ: التمر يدق حتى يخرج نواه، ثم يبل بلبن أو سمن حتى
يتدن أي يبتل ويلزم بعضه بعضًا فيؤكل, والرَّبِيقَةُ: البهيمة المربوقة
في الربق.
(1/243)
والبَكِيلة: السويق والتمر يؤكلان في إناء
واحد وقد بلَّا باللَّبن, وقد بكل الدقيق بالسويق، إذا خلطه, وقد بكل
علينا حديثه، أي خلَطَه, وقال الكلابيُّ: والبَكِيلَةُ: الأَقِطُ
المطحون تبكله بالماء فتشريه، كأنك تريد أن تعجنه, ويقال: وردنا ماء له
جبيهة، إذا كان ملحًا فلم ينصح ما لَهُم الشرب، وإما كان آجناً، وإما
كان بعيد القعر غليظاً سَقْيُه، شديداً أمره, والجَلِيهَةُ: الموضع
تجله حصاهُ أي تنحِّيه, ويقال: جَلَهْت عن هذا المكان الحصى,
والنَّقِيعَة: المَحْضُ من اللبن يبرد, وقال يونس: يقال للشاتين إذا
كانت سِنًّا واحداً: هما نَتِيجَة، وكذلك غنم فلان نتائج، أي في سِنٍّ
واحدةٍ, ويقال: أصابتهم جَلِيفَةٌ عظيمةٌ، إذا اجتلفت أموالهم، وهم قوم
مُجْتَلِفُونَ.
والبَسِيسَة: دقيق أو سويق يُثَرَّى بسمن أو بزيت، وهو أشد من اللَّتِّ
بللاً, والرَّثِيئَة: لبن حامض يحلب عليه فيشرب، يقال: رَثَأْتُ الضيف,
والرَّجِيعَة: بعير ارتجعته من أجلاب الناس، ليس من البلد الذي هو به،
وهي الرجائع, ارتجعته، أي اشتريته, قال: وأنشدني الطائي:
على حين ما بي من رياض لصعبةٍ ... وبرح بن إنقاضهن الرَّجَائِعُ
والعَتِيرَةُ: ذبيحة كانت تُذبح في رجب, ويقال للمرأة تُسْبَى:
أَخِيذَةٌ, والخَلِيَّة: أن تعطف ناقتان أو ثلاث على ولد واحد فيدررن
عليه، فيرضع من واحدة ويتخلى أهل البيت لأنفسهم واحدة أو اثنتين, ويقال
لكل رَكِيَّةٍ كانت حفرت ثم تركت حتى اندفنت ثم نثلوها فاحتفروها
وشأوها: خَفِيَّة، والجمع خفايا, المِشْآة: الزبيل، شَأوهَا: أخرجوا
ترابها, والرَّبِيكَة: تمر يعجن بسمن وأَقِطٍ فيؤكل، وربما صب عليه ماء
فشرب شرباً, والضَّرِيبَة: الصوف والشعر ينقش ثم يدرج فيعزل، فهي
ضرائب, وقال أبو عمرو: يقال: سَبِيخة من قطن، وعَمِيتَة من وَبَرٍ،
وفَلِيلَةٌ من شعر, وقال أبو زيد: النَّخِيسَة لبن العنز والنعجة يخلط
بينهما.
وقال ابن الأعرابيّ: والقَطِبيَة ألبان الإبل والغنم يخلطان, ويقال:
جاءت بغية القوم وسَيِّقَتُهُم, لم يقرأه، قال: لا أَدْرِي ما هو،
وسَيِّقَتُهُم، أي طليعتهم، مثل فيعلة, والتَّرِيكَة من النِّسَاء:
التي تترك فلا تتزوج, قال أبو عمرو: وقال أبو الغَمْر: النَّجِيرَةُ
اللبن الحليب يجعل عليه سمن.
(1/244)
باب آخر من فعيلة
والعَقِيقَة: صوف الجَذَع, والخَبِيبَة: صوف الثنى, والخَبيبَة: من
الصوف أفضل من العقيقة وأكثر, والجَنِيبَة: الناقة يُعطيها الرجلُ
القوم يمتارون ويُعطيهم دراهم ليمتاروا له عليها, وهي العَلِيقَةُ.
وقال الشاعر:
وقائلة: لا تركبن عَلِيقَةً ... ومن لذة الدنيا رُكوب العلائق
وقال آخر:
أرسلها عَلِيقة وقد علم ... أن العَلِيقات يُلاقين الرقم
يعني أنهم يودعون ركابهم ويركبونها ويخففون من حمل بعضهن, وقال آخر:
رخو الحبال مائل الحقائب ... ركابه في القوم كالجَنَائِبِ
وقال الباهلي: الحَضِيرَة: موضع التمر, قال: وأهل الفلج يُسمونها
الصُّوبة, وتسمى أيضاً الجُرن والجَرين, وقال أبو صاعد الكلابي:
العَبِيثَة الأقِطُ يفرغ رطبه على جافه حين يطبخ فيخلط, ويقال: عبثت
المرأة أَقِطَها، إذا فرغته على المَشَرِّ: "إذا جعلت الرطب" على
اليابس، ليحمل يابسُه رطبَه, والبَّكِيلَة: الجاف الذي يبكل به الرطب,
يقال: ابكلي, ويقال للغنم إذا لقيت غنماً أخرى فدخلت فيها: ظلت عبيثة
واحدة، وبكيلة واحدة، أي قد اختلط بعضها ببعض، وهو مثل, وأصله من
الأقط, والدقيق يبكل بالسمن فيؤكل, قال أبو عمرو: قال الطائي البكيلة
طحين وتمر يخلط يصب عليه السمن أو الزيت ولا يطبخ, وقال الكلابي: أقول:
لَبِيكَة من غنم، وقد لَبَّكُوا بين الشاء، أي خلطوا بينه,
والصَّحِيرَة: لبن يغلى ثم يشرب, والدَّرِيَّة: البعير يستتر به من
الوحش يختل، حتى إذا أمكن رميه رمي, وقال أبو زيد: هي مهموزة لأنها
تدرأ نحو الصيد أي تدفع, والدَّرِيَّة: حلقة يتعلم فيها الطعن, قال
عمرو بن معد يكرب:
ظللت كأني للرماح دَرِيَّة ... أُقاتل عن أبناء جرم وفرت
وقالت: غنية الكلابية "أم الحمارس": الرَّبِيكَة الأقط والتمر والسمن
يعمل رخواً ليس كالحيس, والبسيسة من الدقيق والسويق والأقط، يُلَتُّ
الدقيق والسويق بالسمن
(1/245)
أو بالزبد ثم يؤكل ولا يُطبخ؛ وهو أشد من
اللت بللاً, والأقط يدق أو يطحنُ ثم يلبك بالسمن أو بالزبد المختلط
بالرب, ويقال في مثل: "غرثان فاربكوا له"، وذلك أن رجلاً أتى أهل، فبشر
بغلام ولد له، فقال: ما أصنع به؟ آكله أو أشربه؟ فقالت امرأته: غرثان
فاربكوا له, فلما شبع قال: كيف الطلا وأمه؟ ,
والَحِريرة: أن تنصب القدر بلحم يقطع صغاراً على ماء كَثِير، فإذا
نَضِج ذُرَّ عليه الدقيق, فإن لم يكن فيها لحم فهي عَصِيدة,
واللَّهِيدة: الرخوة من العَصَائِدِ، ليست بِحساء ولا غَلِيظة فتلقم،
وهي الحَرِيرة, والخَطِيفَةُ: الدقيق يُذَر على اللبن ثم يطبخ فيلعقه
الناس, واللَّفِيتَةُ: العَصِيدة المغلظة, أبو عمرو: يقال: قدر
وَئِيَّة، وكذلك القدح والقصعة، إذا كانت قَعِيرة, وقال الكلابي: قدر
وَئِيَّةً، أي ضخمة, وناقة وَئِيَّة: ضخمة البطن, وقال الفزاري: هذه
قرة لها هَرِيئة، أي يصيب المال والناس منها ضر وسقط، أي موت, يقال:
هُرِيء المال وقد هُرِيء القوم, وقال الكلابي: إن عشيتنا لعَرِية، أي
باردة, ويقال: أهلك فقد أَعْرَيْت، أي غابت الشمس وبردت, والمَنِية:
الجلد الذي في الدباغ, قال حميد:
إذا أنت باكرت المَنِيَّة باكرت ... مداكاً لها من زعفران وإثمدا
ويقال: إنما قلت ذلك لك رَبِيثة مني، أي خَدِيعة وخيساً، وقد رَبَثتُهُ
أَرْبُثُهُ رَبْثًا, وقال أبو عمرو: الوَثَيغة: الدرجة التي تتخذ
للناقة، يُقال: وَثَغتُهَا، وهو يَثَغُهَا, والوَغِيرة: اللبن وحده
محضًا، يسخن حتى ينضج، وربما جعل فيه السمن, يقال: أَوْغَرْت, وقال: في
لغة الكلابيين الإِيْغار أن يسخن الحجارة ثم يلقيها في الماء لتسخنه,
قال: وقال الفزاري: الوَكِيرَةُ طعامٌ يصنع عند بناء البيت, وهي
الحُتْرَةُ, يقال: وَكِّر لنا وحَتِّر لنا, قال: وقال المزني: وجدت كلأ
كثيفاً وَضِيمة, قال: والوَثِيمة جماعة من الحشيش أو الطعام, يقال:
ثِمْ لها، أي اجمع لها, قال: وقال العذري: والوَقِيرة النقرة في الصخرة
عظيمة تمسك الماء, قال: وقال التميمي: الوَتِيرَةُ وَتِيرَةُ الأنف،
حجاب ما بين المنخرين, وَوَتِيْرَةُ اليد: ما بين الأصابع, والوَتِيرة:
حلقة يتعلم فيها الطعن, ويقال: ما زال على وَتِيرة واحدة، أي على طريقة
واحدة, ويقال: ما في عمله وَتِيرة، أي فَتْرة, وقال أبو عبيدة: فلانٌ
عَبِيثةٌ، أي مؤتشب، كما يقال: جاء بعَبِيثة، أي بر وشعير وقد خُلطا.
وقال أبو عمرو: الوَجِيبة أن يوجب البيع على أن يأخذ منه بعضاً في كل
يوم أو
(1/246)
في كل أيام، فإذا فرغ قال: قد استوفى
وَجِيبَتَه, وقال: النَّفِيجَةُ: القوس، وهي شَطِيبة من نبع, قال مليح:
أناخُوا مُعيدات الوَجِيف كأنها ... نَفَائِجُ نبع لم تريغ ذَوَابِلُ
وقال: النَّصِيَّة: البَقِيَّة, وأنشد:
نجرد من نَصِيَّتِهَا نواجٍ ... كما ينجو من البقر الرعيل
قال: والنَّضِيضة: المطر القليل، والجمع نَضَائض, قال الأسدي:
في كل عام قطرة نَضَائِضُ
قال: وقال الطائي: النَّجِيرَةُ ماء وطحين يطبخ, وقال: وقال أبو الغمر:
النَّجُيرة: اللبن الحليبُ يجعل عليه سمن, قال: وقال العقيلي:
النَّقِيعَةُ: المحض من اللبن يبرد, قال: وقال السلمي: النَّقِيعَةُ
طعام الرجل ليلة يملك, وقال: النَّحِيزَةُ مثل الطَّرِيقَةُ الممتدة من
الأرض السوداء, وحكى أيضاً: النَّحِيزَةُ مثل المسناة في الأرض، وهي
سَهْلة, قال: وقال الأسدي: لقد تركت الإبل الماء وهي ذات نَضِيضة، وهي
ذات نَضَائِض، أي عطش لم تروَ, قال: وقال الطائي: الوَجِيئَةُ جردا يدق
ثم يلت بسمن أو بزيت فيؤكل, وقال أبو يوسف: وسمعت الكلابي يقول:
الوَجِيئَةُ التمر يدق حتى يخرج نواه ثم يبل بلبن أو سمن حتى يَتَّدن
ويلزم بعضه بعضاً فيؤكل, قال أبو عمرو: وقال الهذلي: الوَذِيلَةُ
المرآة في لغتنا, قال: وقال الطائي: الوَقِيعَةُ تتخذ من العراجين
والخوص مثل السلة, وحكى لنا: نزلنا أرضاً أَرِيضة، أي مُعجبة للعين,
يقال: تركتهم يَتَأَرَّضون للمنزل، أي يتخيرون, قال: وقال الهذلي:
البَتِيلَةُ من النخل الوَدِيَّةُ, وقال الأصمعي: هي الفَسِيلَةُ التي
قد بانت عن أمها, ويقال للأم: مُبْتل, قال أبو عمرو الشيباني:
البَصِيرَةُ من الدم: ما استدل به على الرَّمِية, وقال أبو عبيدة:
البَصِيرَةُ الترس، وهي الدرع أيضاً, والبَصِيرَةُ أيضًا: مثل فرسن
البعير من الدم, قال أبو عمرو الشيباني: الهَجِيمَةُ من اللبن أن تحقنه
في السقاء الجديد ثم تشربه ولا تمخضه, قال أبو يوسف: وسمعت الكلابي
يقول: هو ما لم يُرَب وقد الهَاج لأن يروب, قال أبو عمرو: والهَمِيمَةُ
من المطر: الشيء الهين, قال أبو يوسف: وسمعت أبا صاعد الكلابي يقول:
القرية أن تؤخذ عصيتان طولهما ذِرَاعٌ ثم يُعرض على أطرافهما عويد يؤسر
إليهما من كل جان بقد.
(1/247)
فيكون ما بين العصيتين قدر أربع أصابع،
يؤتى بعويد فيه فرض, فيعرض في وسط القَرِية، ويشد طرفاه إلى القَرِية
بقد، فيكون فيه رأس العمود.
قال أبو عبيدة: يقال: ما دخلت لفلان قَرِيعَةَ بيت قط، أي سقف بيت,
وقال أبو الغمر الكلابي: قَرِيعَةُ البيت: خير موضع فيه، إن كان في حر
فَخيَار ظله، وإن كان في قر فخيار كنه, والنَّشِيئَةُ: أول ما يعمل
الحوض, والنَّصِيبَةُ، وجمعها نَصَائب: حجارة تنصب في الحوض ويسد ما
بينها من الخَصَاص بالمدرة المعجونة, والنَّقُيلَةُ: الرقعة التي يرقع
بها خف البعير أو ترقع بها النعل, ويقال للرجل: إنه ابن نَقِيلة ليست
من القوم، أي غَرِيبة, وقال أبو صاعد: تَوِيلة من الناس، أي جماعة جاءت
من بُيُوت وصبيان ومال, وقال: الوَقِيعة تكون في جبل أو صَفَا، تكون
على متن حجر في سهل أو جبل، وهي تصغر وتعظم حتى تجاوز حد الوَقِيعَةِ
فتكون وقيطاً, وتقول: هؤلاء قومٌ أصحاب وَضِيعة، أي أصحاب حمض مقيمون
لا يخرجون منه, وهي إبلٌ واضعة مقيمة في الحمض, والطَّرِيفَةُ: النصي
إذا ابيض, يقال: قد أَطْرَفَت الأرض، وهي مطرفة, والحلي ضخامها, ويقال:
صَرِيمة من غضى ومن سلم، للجماعة منه, والقَصِيمَةُ: منبت الغضي,
ويقال: قَصِيمة من أرطى, وعَبِيثَةُ اللَّثَى: غُسالته, واللثى: شيء
ينضحه الثمامُ حلوٌ، فما سقط منه على الأرض أخذ وجعل في ثوب وصب عليه
الماء، فإذا سال من الثوب شرب حلواً، وربما عقد, والسَّلِيخَةُ:
سَلِيخَةُ الرمث وسَلِيخة العرفج الذي ليس فيه مرعى، إنما هو خشب يابس,
وقال أبو صاعد الكلابي: الحَلِيجَةُ عصارةُ نحي أو لبن أنقع فيه تمر,
وقال أبو مهدي وغنية: هي السمن على المحض.
وقال أبو صاعد الكلابي: البَرِيقَةُ: وجمعها البَرَائق، يقال: بَرَقوا
اللبن، إذا صبوا عليه إِهَالة أو سَمْنًا, ويقال: ابرُقُوا الماء بسمن
أو زيت، وهي التَبَاريق، وهو شيء "منه" قليل لم يُسَغسغوه، أي لم
يكثروا من الإهالة والأدم, وقال أبو مهدي: يقال: دَلْو سَجِيلة، أي
ضخمة, وأنشد:
خذها وأعط عمك السَّجِيلَهْ ... إن لم يكن عمك ذا حَلِيلَةْ
ويقال: ما فلان إلا هَشِيمَةُ كرم، أي لا يمنع شيئاً, وأصله من
الهَشِيمَةِ: الشجرة اليابسة يأخذها الحاطبُ كيف شاء, والثَّمِيرَةُ:
أن يظهر الزبد قبل أن يجتمع ويبلغ إناه من الصُّلُوح, يقال: قد ثمر
السقاءُ وأثمر, ويقال: أتاني القومُ بِقَطِيْنَتِهِمْ، أي
(1/248)
بجماعتهم, ويقال: شجرة وَرِيقة، أي كثيرة
الورق, وقال أبو صاعد: الخَمِيلَةُ رملة تنبت الشجر, والقَصِيصَةُ:
شجرة تنبت في أصلها الكمأة، والجمع قَصِيص, والحَرِيسَةُ: الشاة تحرس،
أي تسرق ليلاً, يقال: قد احتَرَسَهَا، إذا سَرَقَهَا ليلاً، وهي
الحرائس, وقال أبو صاعد: يقال: وَدِيقة من بقل ومن عشب، وضَغِيغة من
بقل ومن عشب، إذا كانت الرَّوْضة ناضرة مُتَخيلة, وَحُلُّوا في وَدِيقة
منكرة وفي غَذِيمة منكرة, وقال الطائي: الحَسِيلَةُ: حَشَف النَّخْل
الذي لم يكُ حَلَا بسره فييبسونه حتى ييبس، فإذا ضرب انفت عن نواه،
ويدنونه باللبن ويمردون له تمراً حتى يحليه، فيأكلونه لَقِيمًا, يقال:
بُلوا لنا من تلك الحَسِيلَةِ, وربما ُوِدن بالماء, ويقال: سقانا
ظَلِيمة طيبة, وقد ظَلَم وطبه، إذا سقى منه قبل أن يروب ويخرج زبده,
والوَدِيقَةُ: شدة الحر ودنو حر الشمس, والرَذِيَّةُ: الناقة تُرْذَى،
أي تخلف, والبَلِيَّةُ: الناقة تعقل عند قبر صاحبها فلا تعلف ولا تسقى
حتى تموت, هو شيء كان يفعله أهل الجاهلية، يقولون: يُحْشَرُ صاحبها
عليها, والقَرِيعَةُ والقُرْعَةُ: خيار المال, وياقل: قد أَقْرَعوه،
إذا أعطوه خير النهب, ويقال: ناقة قَرِيعة، إذا كان الفحل يكثر ضرابها،
ويبطيء لَقَاحُها, والنَّحِيتَةُ، والسَّلِيقَةُ، والغَرِيزَةُ،
والضَّرِيبَةُ: هي الطَّبِيعَةُ, والأَخِيذَةُ: المرأة تسبى, ويقال:
جاءوا بأَصِيلَتِهم، أي بأجمعهم, ويقال: احتملوا بفَصِيلَتِهم وأتونا
بفصيلتهم, والنَّثِيلَةُ "والنَّبِيئَةُ" والنَّجِيثَةُ: ما أخرج من
تراب البئر, ونَجِيثَةُ الخبر: ما ظهر من قَبِيحه, وقال: بُلغت
نَكِيثَتَه، أي أقصى مجهوده,
وقال الكلابي: النِّسِيسَةُ الإيكال بني الناس, يقال: آَكَل بين الناس،
إذا سعى بينهم بالنَّمِيمَةِ, وهي النَّسَائس، جمع نسيسة,
والأَخِيذَةُ: المرأة تسبى, والطَّرِيقَةُ وجمعها طرائق: نَسِيجة تنسج
من صوف أو شعر عرضها عظم الذراع أو أقل، يكون طولها أربع أذرع أو ثماني
أذرع على قدر عظم البيت وصغره, فتحيط في عرض الشقاق من الكسر إلى
الكسر، وفيها تكون رُؤُوس العمد، بينها وبين الطَّرَائِقِ ألباد تكون
فيها أنوف العمد؛ لئلا تخرق الطرائق, والفراءُ: طَرِيقَةُ القوم:
أَمَاثِلُهم, والسَّبِيبَةُ: الشُّقَّة, وقال أبو عمرو: الصَّحِيرَةُ
لبن حليب يغلى ثم يصب عليه السمن فيشرب, وقال الكلابي: الصَّحِيرَةُ:
اللبن الحليب يسخن ثم يذر عليه الدقيق فيتحسى, وقال: وقالت غنية:
الصَّحِيرَةُ: الحليب يُصْحر، وهو أن يلقى فيه الرضف أو يجعل في القدر
فيغلى به فور واحد، حتى يحترق, والاحتراق قبل الغلي, وقال:
اللَّفِيئَةُ:
(1/249)
لَحْم المتن تحته العَقَب، من لُحُوم
الإبل, قال الأصمعي: الحَرِيصَةُ سَحَابة تقشر وجه الأرض, والخَرِيدَةُ
من النساء: الحَيِيَّةُ, والفَلِيقَةُ: الدَّاهية, قال الراجز:
يا عَجَبًا من هذه الفَلِيقَهْ ... هل تغلبن القوباء الرِّيْقَهْ
والجَبِيرَةُ، وجَمْعُهَا جَبَائِرُ، وهي العيدان تُجْبَرُ بها العظام,
الكلابي: يقال: أرض أَنِيثة: تنبت البقل سهلة, والحَرِيقة: الماء يغلى
ثم يذر عليه الدقيق فيلعق، وهو أغلظ من الحَسَاء, والنَّهِيدَةُ: أن
يُغلى لباب الهبيد، وهو حب الحنظل، فإذا بلغ إناه من النضج والكثافة
ذرت عليه قَمِيحة من دَقِيق ثم أكل, والهَضِيمَةُ: أن يَتَهَضَّمَكَ
القوم شيئاً، أي يظلمونك, والعَضِيهَةُ: أن تَعْضَهَ الإنسان وتقول فيه
ما ليس فيه, والأَفِيكَةُ: الكذب، وهي الأَفَائِكُ, قال: وزَرِيبَةُ
السبع: موضعه الذي يكتن فيه, والمَرِيرَةُ من الحبال: ما لطف وطال
واشتد فتله، وهي المَرَائِرُ, والعَلِيفَةُ: الناقة أو الشاة تعلفها
ولا ترسلها فَتَرعى, ويقال: نعم الرَّبِيطَةُ، هو لما ارْتُبِط من
الدواب, ويقال: إنه لشديد الشَّكِيمَةِ، إذا كان شديد النفس أنفاً,
ويقال: ما لك في هذا رَوِيحة ولا راحة، عن أبي زيد, ويقال: أموالهم
سَوِيطة بينهم، أي مُخْتَلِطة, قال الكلابي: والضَّوِيطَةُ: الحمأة
والطين, والصَّرِيمَةُ: العَزِيمَةُ, ويقال: ليست فيهم غَفِيرة، أي لا
يغفرون ذنباً وقال الراجز1:
يا قوم ليست فيهم غَفِيرَهْ ... فامشوا كما تمشي جمال الحيرَهْ
ويقال: ما رأيت كاليوم غَفِيرة وسط قوم، للرجل الشريف يُقتل,
والحَمِيمَةُ، وجمعها حَمَائِمُ: كَرَائِمُ الإبل, يقال: أخذ المصدق
حَمَائم الإبل، أي كَرَائمها, ويقال: قد أسمحت قَرُونَتُه
وقَرِينَتُهُ، إذا تابعته نفسه على الأمر, والفَرِيقَةُ: فَرِيقَةُ
الغَنَم، أي ينفرق منها قطعة أو شاة أو شاتان أو ثلاث شياه، فتذهب تحت
الليل عن جماعة الغنم, والشَّعِيلَةُ: الفَتِيلَةُ فيها نار,
والنَّخِيخَةُ: زبد رقيق يخرج من السقاء إذا حمل على بعير بعدما نزع
زبده الأول، فيمخض فيخرج منه زبد رقيق, والقَصِيَّةُ من الإبل: المودعة
الكريمة التي لا تجهد في الحلب ولا تركب، هي مُتَّدعة, وإذا حمدت إبل
الرجل قيل: فيها قَضَايا يثق بها، أي فيها بقية إذا اشتد الدهر, قال
أبو زيد: النَّخِيسَةُ لبن العنز والنعجة يخلط بينهما.
__________
1 هو صخر الغي, كما في: "اللسان" غفر.
(1/250)
ابن الأعرابي: القَطِيبَةُ أَلْبان الإبل
والغنم يُخلطان, أبو عمرو: ويقال: سَبِيخة من قطن, والقَصِيبَةُ وجمعها
قَصَائِبُ: شعر يلوى حتى يترجل، ولا يضفر ضفراً, والهَمِيمَةُ: مطر لين
دقاق القطر, والغَرِيفَةُ: التي تكون في أسفل قراب السيف، جلدة ٌ من
أدم فارغة نحو من شبر تذبذب، وتكون مفرضة مزينة, قال الطرماح وذكر مشفر
البعير:
خَرِيع النَّعْو مُضْطَرِب النَّوَاحِي ... كَأَخْلَاق الغَرِيفَةِ ذا
غُضُون
والسَّنِينَةُ، وجمعها سَنَائن: رمال مرتفعة تستطيل على وجه الأرض,
والغَبِيبَةُ من ألبان الغنم: صَبُوح الغنم غدوة حتى يحلبوا عليه من
الليل ثم يمخضوه من الغد, قال الطائي: الفَهِيرَةُ: مخض يلقى فيه
الرضف، فإذا هو غَلَا ذر عليه الدقيق وسيط به ثم أكل, أبو عمرو:
الضَّبِيبَةُ: سمن وَرَب يجعل في العكة للصبي يطعمه, والرَّغِيدَةُ:
اللبن الحليب يُغلى ثم يُذَر عليه الدقيق ثم يساط حتى يختلط ثم يلعق
لعقاً, ويقال: فلانٌ ميمون النَّقِيبَةِ، إذا كان ميمون الأمر ينجح
فيما حاول ويظفر به, وهي الحَضِيرَةُ: الخَمْسة والأربعة يغزون, قال
الهذلي:
رجالُ حروب يسعرون وحلقة ... من الدار لا تأتي عليها الحَضَائِرُ
وقال الجهنية:
يرد المياه حَضِيرة ونَفِيضة ... ورد القطاة إذا اسمأل التُّبَّع
والنَّفِيضَةُ: الذين ينفضون الطريق, قال أبو يوسف: وسمعت الكلابي
يقول: الوَزِيمَةُ من الضباب: أن يطبخ لحمها ثم ييبس ثم يدق إذا يبس ثم
يؤكل، وهي من الجَرَاد أيضاً, قال: والسَّخِينَةُ: التي ارتفعت عن
الحساء وثقلت أن تحسى، وهي دون العَصِيدة, والنَّفِيتَةُ،
والحَرِيقَةُ: أن يذر الدقيق على ماءٍ أو لبنٍ حليب حتى تنفت ويتحسى من
نفتها, وهي أغلظ من السَّخِينَةِ، يتوسع بها صاحب العيال لعياله إذا
غلبه الدهر, والعَصِيدَةُ: التي يعصدها على المسواط فيمرها به, فتنقلب
لا يبقى في الإناء منها شيء إلا انقلب, وإنما يأكلون النَّفِيتَةَ
والسَّخِينَةَ في شدة الدهر وغلاء السعر وعجف المال, يقال: وجدت بني
فلان ما لهم عيش إلا الحَرَائق, واللَّهِيدَةُ: التي تجاوز حد
الحَرِيقة والسَّخِينَةِ، وتقصر عن العَصِيدة,
قال أبو مهدي: الخَضِيمَةُ أن تؤخذ الحنطة فتنقى وتطيب، ثم تجعل في
القدر
(1/251)
ويصب عليها ماءٌ فتطبخ حتى تنضج, وقال أبو
صاعد: الوَهِيسَةُ أن يطبخ الجراد ثم يدق فيقمح أو يبكل بدسم,
والحَمِيمَةُ: الماء يسخن, يقال: أَحِمُّوْا لنا الماء, وهو من المحض
إذا أسخن, والصَّحِيرَةُ: يقال: أَصْحِرُوا لنا لبناً، وربما جعل فيه
دقيق، وربما جعل فيه سمن, والأَصِيدَةُ: الحَظِيرَةُ من الغصنة، جمع
غصن, وقال: الكَرِيَّةُ شجرة تنبت في الرمل في الخصب، تنبت بنجد ظاهرة،
تنبت على نِبْتَةِ الجعدة, ويقال في السقاء, وَهِيَّة, أبو زيد: يقال:
ذهبت ماشية فلان وبقيت له شَلِيَّة، جمعها شَلَايًا، ولا يقال إلا في
المال, أبو صاعد: تقول: جزور نَهِيَّة: ضخمة سَمِينة, وقال أبو الغمر:
إذا سال الوادي بسيل صغير فهو مَسِيطة وأصغر من ذلك مُسَيطة, ويقال: قد
ذهبت غَثِيثَةُ الجرح، وهي قيحه ولحمه الميت, ويقال: قد ظهرت
أَرِيكَتُه، إذا ذهبت غَثِيثُتَه وظهر اللحم صحيحاً أحمر ولم يعله
الجلد، وليس بعد ذلك إلا علو الجلد والجُفُوف, وهي عَرِيكَةُ السنام،
لِبَقيته, ويقال: سَلِيلة من شعر، وهي ضَرِيبَتُه، وهو شيء ينفش ثم
يطوى ويشد، ثم تسل منه المرأة الشيء بعد الشيء تغزله, والثَّمِيلَةُ:
بقية الطعام والشراب في الجوف, وقال يونس: يقال: ما ثملت شَرَابي بشيء
من طعام، ومعناه: ما أكلت قبل أن أشرب طعاماً, وذلك يسمى الثَّمِيلَةُ,
والأَمِيهَةُ: بثر يخرج بالغنم، كالحصبة أو الجدري.
الطائي: يقال: أرض أَنِيفَةُ النبت، إذا أسرعت النبات، وتلك الأرض آنف
بلاد الله، وآنف الأرض ما استقبل الشمس من الجلد ومن ضواحي الجبال, أبو
عمرو: الكَتِيلَةُ، بلغة طي: النخلة التي قد فاتت اليد, والجميع
كَتَائل, وأنشد:
قد أبصرت سعدي بها كَتَائِلِي ... مثل العذارى الحسن العَطَابِلِ
طويلة الأقناء والأثاكل
قال: والطَّرِيقَةُ أطول ما يكون من النخل، بلغة اليمامة، والجمع
طَرَائق, قال الأعشى:
طَرِيق وجبارٌ رواءٌ أصوله ... عليه أبابيل من الير تنعب
وقَرِيحة البئر: أول مائها, والبَرِيَّةُ: الخلق، وأصلها من برأ الله
الخلق، أي خلقهم، فترك همزها كما ترك الهمز من النبي -صلى الله عليه
وسلم-, والبَنِيَّةُ: الكعبة, يقال: لا ورب هذه البَنِيَّة ما كان كذا
وكذا,
(1/252)
وإذا كان فَعِيل في تأويل فاعل فإن مؤنثه
بالهاء، نحو كَرِيم وكَرِيمة، وشَرِيف وشَرِيفة، ورحيم ورحيمة، وعتيق
في الرقة والجمال وعتيقة، وسعيد وسعيدة, وإذا كان فعول في تأويل فال
فإن مؤنثه بغير هاء، نحو قولك: رجل صَبُور وامرأة صَبُور، ورجل غَدُور
وامرأة غَدُور، ورجل كَفُور وامرأة كَفُور، ورجل غَفُور وامرأة غَفُور،
ورجل شكور وامرأة شكور, إلا حرفاً نادراً، قالوا: هي عَدُوَّةُ الله,
فإذا كانت في تأويل مفعول بها جاءت بالهاء نحو الحَمُولَةُ للإبل التي
يحتمل عليها, والحَلُوبَةُ: ما يحتلبونه.
وما كان على مثال مِفْعِيل أو مِفْعَال كان مذكره ومؤنثه بغير الهاء،
نحو رجل مِعْطِيْر وامرأة مِعْطِيْر وهما الكثيرا العِطْر, "وهذا فرسٌ
مِئْشِيْر من الأشر، وهذه فرس مِئْشِيْر"، وهذا فرس مِحْضِيْر, وتقول:
هذا رجل مِعْطاء وامرأة مِعْطاء، وامرأة مِئْناث ومِذْكارٌ، وما أشبهه.
وما كان من النعوت على فَعْلان فأنثاه فَعْلَىْ هذا هو الأكثر، نحو
غَضْبَان وغَضْبى، وعَجْلان وعَجْلى، وسَكْران وسَكْرى، وغَرْثان
وغَرْثى، وشَبْعان وشَبْعى، وغَدْيان وغَدْيا، وهو المُتَغدي، وصَبْحان
وصَبْحى، ومَلْآن ومَلْأى, ولغة بني أسد: سَكْرَانة ومَلْآَنْة
وأشباههما, وقالوا: رجل سَيْفَان وامرأةٌ سَيْفانة, وهو الطويل الأضمر
الممشوق, ورجل مَوْتان الفؤاد وامرأة موتانة.
وما كان على فُعْلان أتى مؤنثه بالهاء، نحو خُمْصان وخُمْصانة،
وعُرْيان وعُرْيانة, وتقول: هذا ثوب سَبْع في ثَمَانِيَة؛ لأن الأذرع
مؤنثة, تقول: هذه ذِرَاع, وقلت: ثَمَانِيَة لأن الأشبار مذكرة, وتقول:
هذا شِبْر، وتقول: هذا بَطَّة ذكر، وهذا حمامة ذكر، وهذا شاة إذا عنيت
كبشاً، وهذا بقرةٌ إذا عنيت ثورًا, وهذا حية ذكر، وإن عنيت مؤنثاً قلت:
هذه حية, وتقول: هي السَّرَاويل، وهي العُرُس, قال الراجز:
إنا وَجَدنا عُرُس الحَنَّاط ... لَئِيمة مذمومة الحُوَّاط
ندعى مع النساج والخياط
وهي دُرُع الحديد، والجمع القليل أدرع وأدراع، فإذا كثرت فهي الدُرُوع
وهي درع المرأة لقميصها، والجمع أَدْرَاع, وتقول: هذه عُقَابٌ، والجمع
القليل أَعْقُبُ، والجمع الكثير عُقْبان, وتقول: هذه عَرُوض الشعر،
وأخذ فلانٌ في عَرُوض ما
(1/253)
تعجبني، أي في ناحية, ويقال: عرفت ذاك في
عَرُوض كلامه، أي في فحوى كلامه ومعناه, قال التغلبي:
لكل أُناس من معد عِمَارةٌ ... عَرُوض إليها تَلْجَئُون وجانِبُ
وهو السِّكِّين, قال الشاعر:
يراني نصاحًا فيما بدا وإذا خلا ... فذلك سِكِّين على الحلق حاذق
قال الكسائي والفراء, وقد يؤنث, وتقول: هذه مُوْسى حديدة، وهي فُعْلى،
عن الكسائي, وقال الأموي عبد الله بن سعيد: هو مذكر لا غير، هذا مُوْسى
كما ترى, هو مفعل من أَوْسَيْت رأسه إذا حلقته بالمُوْسى, قال أبو
يوسف: وأنشدنا الفراء:
فإن تكن المُوْسَى جرت فوق ... فما ختنت إلا ومَصَّان قاعدُ
والفِهْر مؤنثة، تصغيرها فُهَيرة، "ومن هذا سمي عامر بن فُهَيرَةَ,
والقِتْب": واحد الأقتاب، وهي الأَمْعَاء، مؤنثة، تصغيرها قُتَيبَةُ،
وبها سمي قُتَيبَةُ بن مسلم, والدَّلْو الغالب عليها التأنيث وتصغيرها
دُلَيَّة, وقد تُذَكَّرُ, قال عدي:
فهي كالدَّلْو بكف المستقي ... خذلت منه العَرَاقَى فانجذم
وقال الراجز:
يمشي بدلو مكرب العراقى
والأَضْحى مؤنثة، وهي جمع أَضْحاة، وقد تذكر يذهب بها إلى اليوم, قال
الشاعر:
رأيتكم بني الخذواء لما ... دنا الأَضْحَى وصللت اللحام
توليتم بودكم وقلتم ... لعكٌّ منك أقرب أو جُذَام
والسِّلَاح مؤنث وقد يذكر, قال الطرماح وذكر ثوراً يهز قرنه للكلاب
ليطعنها به:
يهز سِلَاحًا لم يرثها كلالة ... يشك بها منها أصول المغابِنِ
والفَأْس مؤنثة، وكذلك القَدُوم، والقَوْس، والحَرْب، والذَّوْد من
الإبل, والعَسَل يذكر ويؤنث, قال الشماخ:
كأن عيون الناظرين تشوفها ... بها عَسَل طابت يدا من يَشُورُهَا
(1/254)
قوله بها، يعني بالمرأة، أي تشوفها العيون,
والضَّرَب العسل الأبيض، وهي الضَّرَب البيضاء, وقد استضرب العسل، إذا
غلط, قال الهذلي1:
وما ضَرَب بيضاء يأوي مليكها ... إلى طنف أعيا براق ونازل
والقَلِيب يؤنث ويذكر, فمن ذكرها جمعها في الجمع القليل أَقْلِبَة
والكثير القُلُب, قال عنترة:
كأن مؤشر العضدين جَحْلاً ... هدوجاً بين أَقْلِبَة مِلَاحِ
يعني جعلاً, والذَّنُوب: الدلو فيها ماء قريب من الملء، تؤنث وتذكر,
قال لبيد:
على حين من تلبث عليه ذَنُوبُهُ ... يجد فقدها إذا في المقام تداثر
والسَّجْل ذكر، وهو الدلو ملأى ماء، ولا يقال لها وهي فارغة: سَجْل ولا
ذَنُوب, قال الراجز:
السَّجْل والنُّطْفة والذَّنُوب ... حتى ترى مركوها يَثُوبُ
والسَّلْم مفتوح والسِّلْم مكسور: الصُّلْح، يذكران ويؤنثان,
والسَّلْم: الدلو, قال الله جل وعز: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ
مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ
وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [البقرة: الآية: 23] ، ثم
قال الشاعر:
السِّلْم تأخذ منها ما رضيت به ... والحَرْب يكفيك من أنفاسها جُرَعُ
والسَّبِيل والطَّرِيق يذكران ويؤنثان، يقال: الطَّرِيق الأعظم والطريق
العظمى, وقال الله جل وعز: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا
يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} [الأعراف: الآية: 146] ، وقال: {قُلْ هَذِهِ
سَبِيلِي} [يوسف: الآية: 108] , والعُنُق مؤنثة وقد تذكر, والمَتْن
مذكر وقد يؤنث, والعاتق مذكر وقد يؤنث, قال الشاعر2:
لا صلح بيني فاعلموه ولا ... بينكم ما حملت عَاتِقِي
سيفي، وما كنا بنجد وما ... قرقر قمر الواد بالشاهقِ
__________
1 هو أبو ذؤيب الهذلي, كما في: "اللسان".
2 هو أبو عامر جد العباس بن مرداس, كما في: "اللسان".
(1/255)
والإِبِط، مذكر وقد يؤنث, حَكَى الفراءُ عن
بعض الأعراب: رفع السوط حتى برقت إِبِطُهُ, والسُّوْق مؤنثة وقد تذكر,
قال الشاعر:
بِسُوق كثير ريحه وأعاصره
والصاع مذكر وقد يؤنث, والقَفَا مذكر وقد يؤنث, قال: وأنشد الفراءُ:
فما المولى وإن عرضت قَفَاه ... بأحمل للمحامد من حِمَار
والكُرَاع مؤنثة, والسُّلْطان مؤنثة, يقال: قَضَت به علينا
السُّلْطَان، وقد آمنته السلطان, وتقول: أَبْرَأَ إليك من العِضَاض
والعَضِيض، ومن الشِّبَاب والشَّبِيب, قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو بن
العلاء: قولهم: رَبَّنا ولك الحمد؟ قال: يقول الرجل للرجل: بعني الثوب،
فيقول: وهو لك, وأظنه أراد هو لك, وقال: قولهم: أراه لمحاً باصراً، أي
نظراً بتحديق شديد, وَمَخرَجُ باصر مَخْرَجُ رَجُل تَامِر ذو تمر،
ولَابِنٌ ذو لبن، وَخَابز ذو خبز، وَرَامح ذو رمح, فمعنى باصر ذو بصر,
وهو من أَبْصَرْت، مثل مَوْت مَائِت، وهو من أَمَتَّ, ويقال: هَمٌّ
نَاصِب: ذو نَصَب, وَبَلَد مَاحِل: ذو مَحْل، ويقولون: قد أَمْحَلَ,
وَبَلَد عَاشِب، وَيَقُولون: قد أَعْشَبَ, ويقولون: قد أَبْقَلَ
الرِّمْث إذا مُطِر فظهر أول نبته، فهو باقل، ولا يقولون: مُبْقل,
وكذلك قد أَوْرَسَ الرِّمْث إذا اصفر فصار عليه مثل المُلَاء الصفر،
فهو وَارس, وقد أَيْفَعَ الغلام إذا ارتفع، فهو يافع, وتقول: فلان
يَزْدَهِد عطاء من أعطاه، أي يعده زَهِيدًا, وتقول: قد فَرَشَ لي
فِرَاشًا لا يَبْسُطَنِي، وذلك إذا كان ضَيِّقًا, وهذا فراشٌ
يَبْسُطُك، إذا كان واسعاً, واشتريت شَمْلة تَشْمُلُني, وتقول: أصابنا
مطر لا يَتَعاظَمُه شيء, وتقول: بيني وبين مكة عشر ليال آَنِيات
وآينات، أي وادعات, ومن ذلك قوله:
غير يا بنت الحليس لوني ... مر الليالي واختلاف الجون
وسفر كان قليل الأَوْن
ويقال: أُنْ على نفسك، أي ارفق بها في السير, وتقول إذا طاش: أُنْ
نفسك، أي اتَّدِع, وتقول: سرنا إليها ثلاث ليال مُنَحَّبَات، أي
دائبات, وقد نَحَّبنا سيرنا، أي دأبنا, وتقول: جاءنا راكب مُذَبب وهو
العجل المنفرد, وَظِمْء مُذَبِّب، أي طويل يشار إلى الماء من بُعد
فيعجل بالسير, ويقال: بيننا وبين الماء ليلة قاصدة ولا تَعَب ولا
بُطْء, ويقال: سرنا عُقْبة جواداً، وعُقْبَتِين جوادين، وعُقَبًا
جياداً، وعُقْبَة حَجُونًا، وهي
(1/256)
الطويلة البَعِيدة، وكذلك الباسطة, وتقول:
بَحْر غَمْر شديد الغمورة والجماع غِمَار وغُمُور, ورجل غَمْر، إذا كان
واسع الخلق سخياً, ويقال: هو غَمْر الرداء، إذا كان كثير العطاء واسع
المعروف, والغِمْر: الحقد, ويقال: رجل غُمْر، إذا لم يجرب الأمور, وقد
غَمُر يَغْمُرُ، من قوم أغمار بيني الغَمَارة, والغَمَر: السهك,
والغُمَر: القدح الصغير, ويجمع ربيع الكلأ أَرْبِعَة، ويجمع رَبِيع
الجدول أَرْبِعَاء, ويجمع خال الرجل أَخْوَالاً، والخال الذي في الجسد
خِيْلانًا, ورجلٌ أخيل: به خِيْلانٌ, وأشيم: به شامة, وواحد أفواه
الطيب فُوْهٌ، كما ترى, وتقول: الحمد لله على القل والكثر ويقال: ما له
قُلٌّ ولا كثر, قال رجل من ربيعة:
فإن الكُثْر أعياني قديمًا ... لوم أقتر لدن أني غلام
قال: وأنشدناه أبو عمرو, قال الشاعر:
قد يقصر القُّلُ الفتى دون همه ... وقد كان لولا القل طلاع أنجد
ويقال: لحم طري بين الطَرَاوة, ويقال: أَصَابتنا سماءٌ، أي مطر,
وأصابتنا أَسْمِيَة وسُمِي, وتقول: ما زلنا نَطَأ السماء حتى أتيناكم,
تعني المطر، قال العجاج:
تَلُفُّهُ الرياحُ والسُمِى
يعني الأمطار, وتقول: أَلْحَحْت على فلان في الاتباع حتى اختلفته، أي
جعلته خلفي, ويقال: هذا بعير غاضٍ، إذا كان يأكل الغضى وإبل غَوَاضٍ,
فإذا اشتكى عن أكل الغَضَى، قيل: بعير غضٍ, وإذا نسبته إلى الغَضِي،
قلت: بعير غَضَويٌّ, فإذا كان يأكل العَضَاة، قلت: بعير عَضِهٌ, وبعير
عاضٍّ يرعى العض، وهو في معنى عَضِهٍ, والعض هو العضاهُ, يقال: بنو
فلان مُعِضُّون، أي ترعى إبلهم العض, وبنو فلان مُشْرِسُون، أي ترعى
إبلهم الشرس, وهي عضاهُ الجبل, وإذا نسبت إلى العضاه قلب عِضَاهيٌّ,
قال الراجز:
وقربوا كل جمالي عَضِه
فإذا أكل الحمض قُلت: حَامض, فإذا نسبت إلى الحمض قلت: حمضي، وإلى
الخلة قلت: بعير خلي، وإبل خلية, وقد أَخْلَلْتُها, ويقال: إبل عادية:
مقيمة في العضاه لا تفارقها, قال الكثير:
وإن الذي ينوي من المال أهلها ... أَوَارَك لما تَأْتَلِف وَعَوَادِي
(1/257)
والأَوَارِك: المُقِيمات في الحَمْض، يقال:
بعير آَرِك, فإذا كان يرعى العَلْقَى يقال: بعير عَالِقٌ، وهو نبتٌ,
قال العجاج:
في عَلْقَيْ وفي مكورِ
والعالق أيضاً: الذي يَعْلُقُ العِضَاه، أي ينتف منها، وإنما سمي
عالقاً لآنه يَتَعَلَّق بالعضاه لطولها, وإذا كان يَرْعَى الهَرْم، وهو
ضرب من الحمض، قيل: بعير هارم, وإذا كان يرعى العِمْقَى، وهو شجر ينبت
بالحجاز وتهامة، قيل: بعير عامق, وإذا كان يأكل الأراك قيل آَرِك,
ويقال: أطيب الألبان ألبان الأوارك, وإذا كان يرعى العَلَجَان قيل:
بعير عالج.
أبو عمرو: النَّوَاجِلُ من الإبل: التي ترعى النَّجِيل، والنجيل هو
الهرم من الحمض, وإذا رعى العشب قيل: عاشب, وإذا رعى البَقْل قيل:
مُتَبَقِّل ومبتقل, قال الهذلي:
تالله يبقى على الأيام مُبْتَقِلُ ... جون السراة رباع سنه غرد
وقال أبو النجم:
تَبَقَّلَت في أول التبقلِ
ويقال: ضب ساحٍ وحابل: يرعى السحاء والحبلة, ويقال: إبل مُعَاقِبَة،
إذا كانت ترعى مرة في حمض ومرة في خلة, ويقال: بعير حَزْني يرعى في
الحَزْن من الأرض, وبعير حَرِّي يرعى في الحرة, وبعير سهلي يرعى في
السهولة, ويقال: سِقَاء مُغَاوث، إذا كان مدبوغاً بالتمر أو بالبسر,
وسِقَاء مَنْجُوب، إذا دبغ بالنَّجَب, وسقاء نَجَبي, وسقاءٌ مأروط، إذا
دبغ بالأرطى، ومقروظ إذا دبغ بالقَرَظ, وسقاءٌ حُلَّبي: دبغ بالحلب,
وسقاء مسلوم: دبغ بالسَّلَم, وسقاء قرنوي مدبوغ بالقَرْنَوَة، وهو عشبة
تنبت في ألوية الرمل ودكادكه، تنبت صُعُدًا، ورقها أغيبر الحندقوق،
وسقاء معرون: مدبوغ بالعرنة وهو خشب الطمخ وهو شجر خشن يشبه العوسج إلا
أنه أضخم، وهو أثيث الفرع، وليس له سوق طوال، يدق ثم يطبخ فيجيء أديمه
أَحْمَرَ, وقال أبو عمرو: العِرْنَةُ عروق العرتن, ويقال: إهاب
مَغْلُوق، إذا جعلت فيه الغلقة حين يعطن، وهي شجرة يعطنُ بها أهل
الطائف, ويقولون: هذا رجل شَاوِيٌّ، إذا كان صاحب شاء, ورجل معاز، إذا
كان صاحب مِعْزَى, قال الراجز:
(1/258)
إذ رَضِي المعاز باللعوقِ
ورجل إِبِلي: صاحب إبل, ويقال: أفقي منسوب إلى الآفاق, ويقال: أرض
مُسْبِطَة: كثيرة السبط, وأرض مُنْصية: كثيرة النصي, وأرض مبهمة: كثيرة
البهمى، وقد أَبْهَمَت, وأرض مُعْشِبَة: كثيرة العشب, وأرض مبقلة:
كثيرة البقل, وأرض محمضة: كثيرة الحمض, وأرض مُخِلَّة: ذات خلة ليس بها
حمض, وأرض مُرْوِضَة: بها روض، وقد أَرْوَضَت وأَرَاضت, والرَّوْضة من
البقل والعشب, وأرض مُطْرِفَة: كثيرة الطريفة، والطريفة من النصي
والصليان إذا اعتم وتما، وقد أطرفت, "وأرض مُعْضِهَة: كثيرة العضاه,
ومُعِضَّة: كثيرة العض", وأرض مشرسة: كثيرة الشرس, وأرض مصغرة: نبتها
صغير لم يطل, وأرض مُثْرية: كثيرة الثرى, وأرض شَجِيرة: كثيرة الشجر,
وأرض مَرِيعة: مُخْصِبَة, وأرض مَعْيُوهة: من العاهة.
ويقال: هذا مكان مُبْرض إذا تعاون بارضه وكثر, والبارض: أول ما يخرج من
الأرض من البهمى والحمرة والنزعة وبنت الأرض والقبأة والهلثى, وهو ما
دام صغيراً بارض؛ لأن نبتة هذه الأشياء واحدة ومنبتها واحد، فإذا طالبت
تبينت, ويقال: هذه أرض فَرقة وفي نبتها فرق، إذا كان متفرقاً ولم يكن
متصلاً, ويقال: أرض فيها تَعَاشِيب، لا واحد لها، إذا كان فيها عشب نبذ
متفرق, ويقال: هذه أرض غَمِقَة، إذا كانت كثيرة الماء والندى، وهو
الغَمَق, ويقال: هذه أرض نَزِلة تسيل من أدنى مطر, وكذلك أرض حَشَاد،
وأرض زَهَاد، وأرض شَحَاح, ويقال: أرض رَغَاب: لا تسيل إلا من مطر
كثير, والخَلَا: الرطب، الواحدة خَلَاة, والحَشِيش هو اليابس، ولا يقال
له وهو رطب: حَشِيش, ويقال: لمعة قد أَحَشَّتْ، أي قد أمكنت لأن
تَحْتَشَّ، وذلك إذا يبست, واللُّمْعَةُ من الحلى، ولا يقال لها:
لُمْعَةٌَ حتى تبيض, ويقال: هذه بلاد قد أَلْمَعَت فهي ملمعة,
والحُشَّاش: الذين يَحْتَشُّون, والمختلُّون والخالُون: الذين
يَخْتَلُّون الخَلا ويَخْلُونه, ويقال: ما تقعد بي عنك إلا شغل، أي ما
حبسني.
وتقول: نزلنا منزلاً لا يقصيه البصر، أي لا يبلغ أقصاه, وتقول:
أَتَيْتُه عَشِيَّ أمس وعشية أمس، وأتيته مُسيَ أَمسِ، أي أمس عند
المساء, وتقول: من أين رِيَّةُ أهلك، أي من أين يرتوون, ويقال: من أين
خِلْفتكم، أي من أين تستقون, ويقال: بيد فلان ورجله شُقُوقٌ، ولا يقال:
شُقَاقٌ، وإنما الشُّقَاقُ داءٌ يكون في الدواب، يكون في الحافر صدوع
وفي الرسغ صدوع, ويقال: قد استفرد فلانٌ فلاناً، أي انفرد
(1/259)
به, وتقول: إني لأجد لهذا الطعام حَرْوَةً
أي حرارة وحراوة، من الفُلْفُلِ وما أشبهه, وتقول: لا تلتفت لِفْتَ
فلان, وتقول: هذا رجل عيون، أي شديد العين, وتقول: هذا تَمْر قَشُور أي
كثير القشر, وهذا تمر حَشِف: كثير الحشف, وتقول: قد تَسَنَّت فلان بنت
فلان، وذلك إذا تزوج اللئيم المرأة الكريمة لكثرة ماله وقلة مالها,
وتقول: اسْتَرَيت الإبل، والغنم، والناس، أي اخترتهم, وكذلك استرى
الموت بني فلان، أي اختار سراتهم, قال الأعشى:
فقد أخرج الكاعب المُسْتَرا ... ة من خِدْرِها وأشيع القمارا
ويقال للأجير: عَسِيف، وللعبد أسيف، وللتابع غضروط, وجديلة طيئ تقول
للأجير: العَتِيْل، والجمع عُتَلَاء, ويقولون: هذا رجل أظفر، أي طويل
الأظفار، كما تقول: أَشْعَر، أي طويل الشعر, وتقول: رجل أَرْقَب، أي
غليظ الرقبة, وأَجْيَد: طويل الجَيْدِ, وأَعْيَن: عظيم العينين, ورجل
أَفْوَه: عظيم الفم طويل الأسنان وكذلك محالة فوهاء، إذا طالت أسنانها
التي يجري الرشاء بينها, ورجل أَسْوَق: طويل الساقين, ورجل أَرْأَس
ورؤاسي، إذا كان عظيم الرَّأْس, وشِفَاهِي، إذا كان عظيم الشفتين,
وأُيَارِيّ: عظيم الذكر, وأَنَافِيّ: عظيم الأنف, وعُضَادِي: عظيم
العضد, وأُذَانِي: عظيم الأذنين, وتقول: نعجة أَذْناء، وكبش آذَنُ,
ورجل لِحْيَاني: عظيم اللحية, ورجل مُظَهَّر: شديد الظهر, ورجل ظَهِر:
يشتكى ظهرة, ورجل مُصَدَّر: شديد الصدر, ومَصْدُور: يشتكي صدره، ورجل
مُوَجَّن: عظيم الوجنات, ورجل أَسْتَه: عظيم الاست, وامرأة سَتْهَاء
وسُتْهُم, وإذا كان عظيم القدمين قيل: شِرْدَاخ القدم, وإذا كان عظيم
الذراعين قيل: مَشْبُوح الذراعين, وتقول: رجل مُبَطَّن إذا كان خميص
البطن, قال ذو الرمة:
رخيمات الكلام مُبَطَّنَات ... جواعل في البري قصباً خدالا
ورجل بِطين: عظيم البطن, ورجل مَبْطُون: يشتكي بَطْنَه, ورَجُلُ بطن لا
يهمه إلا بطنه, ورجل مِبْطَان، إذا كان لا يزال ضخم البطن من كثرة
الأكل, ويقال: امرأة مُعَجَّزة، أي ضخمة العجيزة, وامْرَأَة كَرْشَاء:
عظيمة البطن, وكَبْدَاء: عظيمة الوسط, وامرأة ثَدْيَاءُ: عظيمة
الثديين, وتقول إذا رميت الصيد أو غيره فأصبت ظِلْفَه: قد ظلفته، فهو
مَظْلُوف, وإذا أصبت القلب قلت: قَلَبْتُه، فهو مقلوب, وإذا أصبت
وتَيِنَه قلت وَتَنْتُه، فهو موتُون, وقد كَلَيْتُه فهو مَكْلِيّ، إذا
أصبت كُلْيته, قال حميد الأرقط:
(1/260)
من علق المَكْلِيّ والموتون
وإذا أصبت فؤاده قلت: فَأَدْته، فهو مفؤود، وإذا أصبت كبده قلت:
كَبَدتُه، فهو مكبود, وإذا أصبت رئته قلت: رأَيتُه فهو مَرْئِيّ, وإذا
أصبت رأسه قلت: رَأَسْتُه، فهو مَرْؤُوس, وإذا أَصَبْت نساه قلت:
نَسَيتُه، فَهُوَ منسي, وإذا اشتكى الرجل نساه قلت: نَسِيَ ينسى نَسىً،
"فهو نَسٍ", وإذا وقع الظبي في الحبالة قلت: أَمَيدِيّ أم مرجُول؟ أي
أوقعت يده في الحبالة أم رجله؟ وتقول: قد أَفَخْتُه، إذا ضربت
يَافُوخَه, وقد تَرقَيتُه، إذا ضربت تُرْقُوَتَه, وقد جَبَهته، إذا
صككت جبهته, وقد أَنَفْته إذا ضربت أنفه, وقد عَضَدتُه، إذا ضربت
عَضُدَه أَعْضِده عَضْدًا، وقد بَطَنْتُه أَبْطُنُه، إذا ضربت بَطنَه,
قال الراجز:
إذا ضربت موقراً فَابطن له ... فَوْقَ قصيراه ودون الجله
وقد سَتَهْتُه، إذا ضربت أسته, وتقول: قد استعان فلان، إذا حلق عانته,
وكذلك استَحَدّ, وزعموا أن بشر بن عمرو بن مرثد، حين قتله الأسدي قال
له: "أجر لي سراويلي فإني لم أستعن"، أي لم أحلق عانتي, وتقول: قد
عصوته بالعصا، إذا ضربته بها, وقد سُطْتُ الرجل والدابه بالسَّوط، إذا
ضربته, قال الشاعر:
فصوبته كأنه صوت غبية ... على الأمعز الضاحي إذا سِيْطَ أحضرا
وقد هَرَوته بالهِرَاوَةِ، وقد سِفْتُهُ بالسيف, وتقول: قد اكْتَنَفوا،
أي اتخذوا الكَنِيف، وهو الحَظِيرة من الشجر, وقد كَنَفت الإبل, وقد
احْتَسَيت حِسْيًا، وقد اثْتَمَدت ثَمَدًا, ويقال: تَعَجَّزْت البعيرن
إذا ركبت عَجُزَهُ, وقد تَقَفَّيْت فلاناً، إذا اتبعته من ورائه,
وتقول: قد اسْتَغْدَرْت ثم غدر، أي صارت ثم غدران, وتقول: قد التَوَت
المرأة لَوِية، أي ادخرت ذَخِيرة, وتقول: قد احتظروا واستوصدوا: اتخذوا
وَصِيدة، وهي تكون في الجبال من حجارة، مثل الحُجْرة تتخذ للمال,
وتقول: هذا بَعِير تَظَّعِنُه المرأة، أي تركبه, وتقول: تَسَحَّنْت
المال فرأيت سِحْناءة حسنة, وتقول: إِيت فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى
يعرفك, وتقول: قد خَيَّلَتْ السماءُ للمطر، والسماءُ مُخِيلة للمطر,
وما أحسن مَخِيلَتَهَا وَخَالَهَا، أي خَلَاقَتَهَا للمطر, وقوله: افعل
ذاك على ما خَيَّلت، أي على ما شبهت للخير، أي خَلِيق له, وقد أَخَلت
فيه خالاً من الخير وَتَخَوَّلت فيه خالاً, ووجدت أرضاً مُتَخيلة، إذا
بلغ نبتها المدى وخرج زهرها, وتقول: هو مَسِيل الماء، والجمع
أَمْسِلَةٌ ومُسُلٌ ومُسْلَان وَمَسَائِل, ويقال للمسيل: مَسَل,
وتقول: وَرَدت
(1/261)
الماء وأنا مُلْتاح، أي عَطْشَان, وبعير
مِلْواح: سَرِيع العَطَش، وكذلك الرجل, وبعير غَلَّان، جاء في معنى
ظَمْآن, وتقول: لقينا قوماً سَفْرًا، أي قوماً مُسَافِرِين, ولقينا
سافِرَةً وسُفَّارًا, وتقول: قد رأى فلانٌ الشَّعْرة، إذا رأى
الشَّيْب, وتقول: أُجِر فلانٌ خمسة من ولده، أي ماتوا فصاروا أَجْره,
وتقول: فلانٌ خَفِيف الشفة، أي قليل السؤال, ويقال: له في الناس شَفَة
حَسَنة، أي ثَنَاءُ حسنٌ, ويقال: ما كلمته بِبنت شَفَة يا هذا، أي
كلمة، ويقال: رجلٌ مَشْفُوه، إذا كثر سُؤَال الناس إياه, ورجلٌ
مَثْمُودٌ: يكثر غِشْيان النساء, ويقال: نحن نَشْفَهُ عليك المرتع
والماء، أي نَشْغَلُه عليك، هو قدرنا لا فضل فيه, ويقال: رجل مَحْجُوج,
وقد حَجَّ بنو فلان فلاناً، إذا أطالوا الاختلاف إليه, قال المخبل:
وأشهد من عوف حلولاً كثيرة ... يَحُجُّون سِبَّ الزبرقان المزعفرا
يقول: يكثرون الاختلاف إليه, والسِّبُّ: العِمَامَةُ, وسِبُّ المرأة:
خِمَارُهَا وإنما سمي الزبرقان لصفرة عمامته، وكان اسمه حُصَينًا,
وتقول للثوب إذا صَفَّرته: زَبْرَقْتُهُ: ويقال: بَيَّضت السقاء
وَبَيَّضْت الإناء، أي مَلَأتُهُ, ويقال للحداد: قَيْن، وما كان
قَيْنًا ولقد قان يقينُ قِيَانة, ويقال: قِنْ إِنَاءَكَ هذا عند
القَيْن, قال أبو يوسف: أنشدني أبو الغمر الكلابي لرجل من أهل الحجاز:
ألا ليت شعري هل تغير بعدنا ... ظباءٌ بذي الحَصَّاص نَجْل عيونها
ولي كبدٌ مجروحةٌ قد بدا بها ... صدوع الهوى لو كان قَيْنٌ يقينُها
وكيف يَقِين القَيْنُ صدعاً فتشتفي ... به كبد بَثَّ الجروح أنينها
إذا قست الأكباد لانت وقد أتى ... عليها، ولا كفران لله، لينها
وتقول: ما كانت الناقة والشاة صَفِيًّا، أي غزيرة، ولقد صَفَت تَصْفُو,
وتقول: خُطِئ عنك السوءُ، أي يدفع عنك السوء, ويقال: قد تَجَشَّمْت
الأمر، إذا تكلفته على مَشَقة, وقد تَجَسَّمْته إذا ركبت جَسِيمه
ومُعْظَمَه، وكذلك تَجَسَّمْت الرمل والحبل، أي ركبت أَعْظَمَه, وتقول:
هذا رجل لا واحد له، كما تقول: نَسِيج وحده, وتقول: كانت ضُمْنَةُ
فلانٍ أربعة أشهر، أي مَرَضُهُ, "وتقول: قد آَسَيتُهُ بمالي، أي
جَعَلته إِسْوَتِي فيه", وتقول: لا تَأْتَسِ بمن ليس لك بِإِسْوةٍ, ولا
تَقْتَدِ بمن ليس لك بِقِدوةٍ, وقد آخَذْتُهُ بذنبه, وقد آمَرْتُهُ في
أمري وقد آخَيْتُهُ, وقد آجَرْتُهُ غلامي, وقد
(1/262)
آزَرْتُهُ على الأمر، أي أَعَنتُهُ
وقَوَّيتُهُ, ومنه قوله: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: الآية: 31] , وقد
آتَيْتُهُ على ذلك الأمر، ولا تقل: وَاتيتهُ, وقد آكَلْتُهُ، إذا أكلت
معه, ولا تقل واكَلْتهُ, وقد آزَيْتُهُ، إذا حاذيته، ولا تقول: وازيته,
وتقول: قد ائتَمَر بِخَير, وقد ائْتَجَر عليه, وقد ائْتَزَر بإزاره,
وقد ائْتَسَى به, وتقول: لَقِيتهُ على أوفازٍ، أي عجلة، واحدها وَفَزٌ,
ولقيته على أوفاض مثلها.
وتقول: أَذْهِبْ مَذِمَّتَهم بشيء، أي أطعمهم شيئاً فإن لهم عليك حقاً,
وَمَذَمَّتَهُم لغة, وتقول: رضي فلانٌ بمَقْصر مما كان يحاول، أي بدون
ما كان يطلب, وتقول: هؤلاء قومٌ ضَعَفَةٌ, وتقول: هؤلاء أجمالٌ
مَقَايِيدُ، أي مقيدات, وتقول: قد يتم الصبي ييتم يُتْمًا, وهذه امرأةٌ
موتمٌ لها أيتامٌ, واليتم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل
الأم, والبدد في الناس: تباعُ ما بين الفخذين من كثرة لحمهما، وفي ذوات
الأربع في اليدين, وتقول: قد خَزِي الرجل يخزى خِزْيًا، إذا وقع في
بلية, وقد خَزِي يخزى خَزَاية، إذا استحيا, وقد خَزَاه يَخْزُوه
خَزْوًا، إذا ساسه وَقَهَرَه, وقال ذو الإصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب ... عني ولا أنت دياني فَتَخُْزوني
أي ولا أنت مالك أمري فَتَسُوسُنِي, وقال لبيد:
غير أن لا تكذبنها في التقى ... واخْزُهَا بالبر لله الأجل
من الجلالة, وتقول:" فلانٌ مَجْدُودٌ في كذا وكذا, وفلانٌ مَحْظُوظ,
وفلانٌ جَدُّ خظ، وفلانٌ جُدِّي حَظِّي, وفلان جَدِيد حَظِيظ، إذا كان
له جَدٌّ, وتقول: هذا رجل نَصَف وقوم أَنْصَاف ونَصَفون وامرأةٌ نَصَف
ونساء أنصاف, وتقول: قد اسْتَسْعَلَت المرأة، أي صارت سِعْلاة, وقد
اسْتَنْوَقَ الجمل، أي صار ناقة, وقد اسْتَنْسَرَ البغاث، أي صار
نَسْرًا, ومثل من الأمثال: "إن البغاث بأرضنا يَسْتَنْسِرُ"، أي إن
الضعيف يصير قوياً, والبغاث: طائر أبغث إلى الغبرة، دوين الرخمة، بطيء
الطيران, قال يونس: فمن جعل البغاث واحدًا فجمعه بغثان, ومن قال للذكر
والأنثى بغاثة فالجمع بُغَاث، مثل نَعَام ونَعَامةٍ -يكون النعام الذكر
والأنثى- وطِغَام وطغامة, وقد اسْتَتْيَسَت الشاةُ: صارت تيساً, وتقول:
هذه امرأة حَصَانٌ وحاصنٌ, وقد حَصُنت تَحْصُنُ حُصْنًا, وهي
العَفِيفَةُ, قال الشاعر:
(1/263)
الحُصْن أدنى لو تَأَيَّيته ... من
حَثْيِكِ الترب على الراكب
وكذلك امرأة مُحْصِنَة إذا أَحْصَنَت فرجها, وامرأةٌ مُحْصَنَة كذلك،
إذا أَحْصَنَها زوجها, وواحد القَصْبَاء قَصَبَة، وواحد الطَّرْفَاء
طَرَفَة، وواحد الحَلْفاء حَلَفَة، عن أبي زيد, والأصمعي يقول: حَلِفة,
وواحد الشَّجْراء شَجَرة, وتقول: مِفْتح ومِفْتاح، ومَفَاتيح جمع
مِفْتاح، ومَفَاتح جمع مِفْتح, ويقال: هي عَجِيزَةُ المرأة, ويقال: هي
ضخمة العَجِيزَةُ، "ولا يقال للرجل: هو ضخم العجيزة", والعَجُز يقال
لهما جميعاً, ويقال: بنو فلان يشهدون أَحْيَانًا وَيَتَغَايبون
أَحْيَانًا,
ويقال: لفلانة بنت قد تَفَتَّتْ، أي قد تشبهت بالفتيات، وهي أصغرهن,
وقد قُنِيَتْ، أي منعت من اللعب مع الصبيان والعدو وسترت في البيت,
وتقول: قد اقْتَدَرنا، إذا طبخوا في قدر, وتقول: أَتَقْتَدِرون أم
تَشْتَوُون, ويقال: قد انْطَبَخ اللحم، وقد اطَّبَخ القوم، وقد يكون
الاطباخ اشتواء واقتداراً, وتقول: اقْتَدِرُوا لنا, وتقول: هذه خبزة
جيدة الطَّبْخ، وآجُرَّة جيدة الطَّبَخ, قال العجاج:
تالله لولا أن يَحُشَّ الطَّبَخ ... بي الجحيم حين لا مستصرخ
ويقال: اطْبُخُوا لنا قرصاً, ويقال: هذا مُطَّبَخُ القوم، وهذا
مُشْتَوَاهم, والسِّقَاء يكون للبن وللماء، والجمع القليل أَسْقِيَة
والكثير أَسَاقٍ, والوَطْب للبن خاصة، والنِّحْيُ للسمن، فإذا جعل في
نِحْي السمن الرُّبُّ فهو الحَمِيت, وإنما سمي حَمِيتًا لأنه مُتِّنَ
بالرُّبِّ, قال رؤبة:
حتى يبوخ الغضب الحَمِيتُ
أي الشديد، أي ينكسر ويسكن, ويقال لجلد الرضيع الذي يجعله فيه اللبن:
شَكْوَة، ولجلد الفطيم بَدْرَة, والوَطْب: جلد الجذع فما فوقه, ويقال
لمثل الشَّكْوة مما يكون فيه السمن عُكَّة, ولمثل البدرة المِسَاد,
وتقول: قد وَغِر صدره علي يُوْغَرُ، وفي صدره علي وَغْر, وهو وَاغِر،
وهو وَاغِرُ الصدر عليَّ, وقولهم: أَوْغَرَ فلان صدر فلان على فلان، أي
أَحْماهُ من الغيظ وأَوْقَدَه, والوَغْرَةُ: شِدَّة توقد الحر, وتقول:
خرجت أَتَرَّمَى، إذا جعلت تَرْمِيْ في الأغراض وفي أصول الشجر, وخرجت
أَرْتَمِي، إذا رَمَيت القنص, وتقول: هذه مَمْدَرَة للموضع الذي يؤخذ
منه المَدَرُ فتُمْدَرُ به الحياض، أي يسد به خَصَاص ما بين
حَجِارَتِه, ويقال: وَجَدت بني فلان مُثَافِلِين، أي
(1/264)
يأكلون الثُّفْل، وهو الحَبُّ، وذلك إذا لم
يكن لهم لبنٌ، وذلك اشد ما يكون حال البدوي, وتقول: حلب الدهرَ
أَشْطُرَه، أي ضروبه، أي مر به خير وشر, وللناقة شَطْرَان قادمان
وآخران، فكل خِلْفَيْن شطر, ويقال: قد شَطَّر بناقته، إذا صر خِلْفَيْن
وترك خِلْفَيْن، فإذا صر خِلْفًا واحداً قيل خَلَّف بها، "فإذا صر
ثلاثة أخلاف قبل ثَلَّث بها، فإذا صرها كلها قيل: أَجْمَعَ بها،
وأَكْمَشَ بها, وتقول: شَطَرت ناقتي وشاتي، أي حلبت شطرًا وتركت شطرًا,
وقد شاطَرْت طليي، أي احتلبت شطراً", أو صَرَرتُهُ وتركت الشطر الآخر,
والطَلِيُّ: الصغير من أولاد الغنم، يشد رجله بخيط إلى وَتَد أياماً,
ويقال للخيط الذي يشد به طِلَاءٌ وجمع طَلِي طُلْيَان, وقد طَلَيتُهُ
أَطْلِيه, وحكى الفراء: طَلَيتُهُ وطَلَوتُهُ.
ويقال: جاءوا أَشْتَاتًا، أي مُتَفرقين، واحدهم شَتٌّ, وحكى لنا أبو
عمرو عن بعض الأعراب: الحمد لله الذي جمعنا من شَتٍّ, ويقال: هو
أُدْحِيُّ النَّعَامَةِ، لموضع بيضها، وهو أُفْعُول من دَحَوت؛ لأن
النعامة تَدْحُوه برجلها ثم تبيض فيه, وهو أُفْحُوْص القطاة، وهو عُشُّ
الطائر والعصفور، للذي يجمعه من العيدان وغيرها فيبيض فيه, وقد عَشَّش
الطائر، إذا اتخذ عشاً والوَكْر في الجبل, قال: وسمعت أبا عمرو يقول:
الوَكْر العش حيثما كان، في جبل أو شجرة, والوُكُّنَة والأُكْنَة،
وجمعها أُكُنات ووُكُنَات, والمَوَاكِنُ واحدها مَوْكِن: مواقع الطير
حيثما وقعت, وأنشدنا لامرئ القيس:
وقد أغتدي والطير في وُكُنَاتِهَا ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل
وقال عمرو بن شَأْس، وذكر نِسَاء:
وَاكِنَات على الخَمل1
أي جالسات, وحكى: نَفَر القوم في الأمر يَنْفِرُون ويَنْفُرُون
نُفُورًا, وجاء نَفْرَةُ بني فلان ونَفِيرُهُم، أي جَمَاعَتُهم والذين
يَنْفِرُون في الأمر, وَنَفَرَتِ الدابة تَنْفِرُ نِفَارًا ونُفُورًا,
ونَفَر الحاج نَفْرًا, قال: وأنشدنا:
إن لها فَوَارِسا وفَرَطا ... ونفرة الحي ومرعى وَسَطَا
__________
1 البيت بتمامه, كما في: "اللسان": وكن:
ومن ظعن كالدوم أشرف فوقها
ظباء السلى وَاكِنَات على الخمل
(1/265)
يحمونها من أن تسام الشَّطَطَا
ويقال: هو يوم النَّحْر ويوم القَرِّ للذي يليه؛ لأن الناس يَقِرُّون
في منازلهم, واليوم الذي يليه يوم النَّفْر، يقال: يوم النَّفْر، ويوم
النَّفَر، ويوم النُّفُور, قال: وأنشدنا الفراء:
وهل يأثمني الله في أن ذكرتها ... وعللت اصحابي بها ليلة النَّفْرِ
وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد النَّحْر؛ لأن اللحم يُشَرَّقُ فيها، أي
يشرر في الشَّمْس, وَسُمِّيَت أَيَّام التَّشْرِيق؛ لأنهم كانوا يقولون
في الجاهلية: "أَشْرِقْ ثَبِير، كيما نُغِير", والإِغَارَةُ: الدفع، أي
ندفع للنَّفْر. ويقال: هو نِصَاب السكين والمُدْيَةُ, وهي جُزْأةُ
الإِشْفَى, "والإِشْفَى: ما كان للأساقي والقرب والمزاد وأشباهها"،
والمِخْصَفُ للنِّعَال, ويقال: ابْتَرَدت بالماء، أي صببت علي ماء
بارداً, واقْتَرَرت به، وقد اسْتَحْمَمْت به، إذا صببت عليك ماء حاراً,
وتقول: وَلَدَتْ فلانة ثلاثة بنين على ساق واحدة، أي بعضهم لى إثر بعض،
ليس بينهم جارية, وولدت ثلاثة بنين على غِرَار واحد، وَرَمَيْت بثلاثة
أسهم على غِرَار واحد، أي على مَجْرى واحد, وتقول: في عقل فلان صَابَة،
أي كأنه مجنون, وتقول: قد سَنَّ عليه دِرْعَهُ، ولا يقال شَنَّ, وكل
صَبٍ سهل فهو سن, وكذلك سَنَّ الماء على وجهه, ويقال: شَنَّ الماء على
شَرَابه، إذا صبه عليه صباً متفرقاً في نواحيه, وقد شَنَّ عليهم الغارة
إذا فرقها, ويقال: نَثَل درعه، إذا ألقاها عنه، ولا يقال: نَثَرَهَا,
ويقال للدرع: نَثْلَة وَنَثْرَةٌ، "أي لطيفة".
وتقول: هذا رجل مُدْنِف ومُدْنَف، ودَنِف ودَنَف, وتقول: قد عَلِمت أن
فلاناً خَارِج، وقد تَعَلَّمْت أن فلاناً خارج، بمنزلة عَلِمت, قال
الشاعر، قال أبو يوسف: أنشده الأصمعي، وأنشدناه الأحمر:
تَعَلَّمْ أنه لا طير إلا ... على مُتَطير وهو الثبورُ
بلى شيء يوافق بعض شيء ... أحاييناً وباطله كثيرُ
ومن ينزح به لابد يوماً ... يجيء به نَعِي أو بشيرُ
فإذا قال: اعلم أن زيداً خارج، قلت: قد عَلِمت, وإذا قال لك: تَعَلَّمْ
أن زيداً خارج لم تقل: قد تَعَلَّمْت, وتقول: هو لِزْقُهُ ولصْقُهُ
ولَسِقُهُ، وهو لَزِيقه ولَصِيقه ولَسِيقه, والرَّيْطَةُ: كل مُلَاءة
لم تكن لِفْقَيْن، ولا تكون الحالة إلا ثَوْبَيْن, وتقول: ما
(1/266)
هَدَّه كذا وكذا، أي ما كسره, وما هَادَهُ
كذا وكذا، أي ما حركه, وما يَهِيدُهُ، ولا ينطق بـ "هيد" إلا بحرف جحد,
ويقال: هذه حية لا تُطْنَى، يقول: لا يعيش صاحبها، تقتل من ساعتها,
وتقول: ظل يُدِيْرُهُ عن كذا وكذا، وظل يُلِيصُهُ ويُلَاوِصُهُ بمعنى
واحد, والزُّهْمَةُ: الريح المنتنة, والزُّهْم: الشحم, قال أبو النجم:
يذكر زُهْم الكفل المشروحا
والزَّهِم: السمين, قال زُهير:
القائد الخيل منكوباً دَوَابِرُها ... منها الشنون ومنها الزاهق
الزَّهِمُ
وتقول: هذه إبل مُدْفأةٌ، إذا كانت كثيرة الأوبار, قال الشماخ:
وكيف يضيع صاحب مُدْفَآت ... على أثباجهن من الصقيع
وهذه إبل مُدْفَئَة، أي كثيرة، من نام وسطها دَفِئَ من أنفاسها, وتقول:
هذا يوم قَرٌّ وليلة قَرَّةٌ، إذا كانا باردين, والقُرُّ والقِرَّة:
البردُ, تقول: يوم ذو قُرٍّ وذو قِرَّةٍ, وتقول: لا أَخَالك بفلان، أي
ليس هو لك بِأَخٍ, وتقول: ما له فَصَاحة ولا فَقَاهة, وتقول: بَيْنَهُم
نَزَاعة، أي خُصُومة في حق, وتقول: تَعَامَسَ على فلانُ، أي تَعَامى
فتركني في شبهة من أمره, والأمرُ العَمَاسُ: الأمرُ المظلم الذي لا
يُدرى كيف يؤتى له, ومنه: جاء بأمور مُعَمَّسَات، أي مظلمة ملوية عن
جهتها, ويقال: ما أَثْبَتَ غَدَرَهُ، أي ما أثبته عند الغَدَر،
والغَدَر: الجِحْرَةُ واللخاقيق من الأرض المتعادية, يقال ذلك للفرس
وللرجل، إذا كان لسانهُ يثبتُ في موضع الزلل والخُصُومة, وتقول: قد
زَنَى الرجل وَعَهَرَ، فهذا يكون بالأَمَة والحرة, ويقال في الأَمَة
خاصة: قد سَاعَاهَا، ولا تكون المُسَاعَاة إلا في الإماء, وفي الحديثة:
"إِمَاءٌ ساعين في الجاهلية", و"أتي عمر برجل سَاعَى أَمَة", وتقول:
هذه شجرةٌ شَاكَةٌ، إذا كانت كثيرة الشوك, وأرض شَاكَة: كثيرة الشوك؛
ومُشْوِكَة: فيها السحاءُ والقتاد والهراس, ويقال: رجل نَالٌ، إذا كان
كثير النوال ورجلان نالان وقمٌ أَنْوَال, ورجل مَالٌ: كثير المال, ورجل
صَاتٌ: شديد الصوت في معنى صَيِّت, قال الأسدي:
كأنني فوق أقب سهوق ... جأب إذا عشر صَاتِ الإرنان
ويوم طَانٌ: كثير الطين, ورجل خَالٌ: ذو خُيَلَاء, وكبش صَافٌ: كثير
الصوف, ورجل فَالُ الفراسة، أي مخطيء الفراسة, ورجل دَاءٌ: به الداءُ,
وقد دِئْت يا رجُل
(1/267)
تَدَاءُ دَاءً, وبئر مَاهَةٌ: كثيرة الماء,
ورجل خَالُ مالٍ وخائلُ مالٍ، إذا كان حَسَن القيام على مَالِهِ
يُصلحه, ورجل هَاعٌ لَاعٌ، أي جزوع ضَجِر, وقد لِعْت أَلَاع، وهِعْت
أَهَاع, وقال الطرماح:
أنا ابن حماةِ المجدِ من آل مالك ... إذا جعلت خور الرجال تَهِيعُ
وجُرُف هَارٍ، أي مُنْهَار, الأصمعي: دعاهم الجَفَلَى، أي دعاهم
جَمَاعَتَهُمْ, ولم يعرف الأَجْفَلَى, وأنشد لطرفة:
نحن في المشتاة ندعو الجَفَلَى ... لا ترى الآَدِب فينا يَنْتَقِرْ
والانْتِقَار: أن يخص بدعوته, يقال: دعاهم النَّقَرَى, ومنه انْجَفَل
القوم أي انقلعوا كلهم فمضوا, والجَفْل من السحاب سمي جَفْلاً؛ لأنه
فرغ ماءه ثم انجفل, قال: ومنه قول العرب فيما يحكى ألسن البهائم،
قالوا: قالت الضائنةُ: "أولد رخالاً، وأجز جُفَالاً، وأحلب كثبًا
ثقالاً، ولم ترَ مثلي مالا", قال: قوله: جُفَالاً، يقول: أُجَز بِمَرة,
وذلك أن الضائنة إذا جُزَّت فليس يسقطت من صوفها إلى الأرض شيء حتى
تُجَز كلها, والكُثَب: جمع كُثْبةٍ، وهي قدر حُلْبة, وكل ما انصب في
شيء فقد انكثب فيه, ومنه سمي الكَثِيب من الرمل؛ لأنه انْصَب في مكان
فاجتمع فيه, قال الراجز:
برح بالعينين خطاب الكُثَب ... يقول: إني خاطب وقد كَذَب
وإنما يخطُبُ عسًا من حَلَب
يعني الرجل يأتي بعلة الخِطْبَة وإنما يريد القرى, ويقال: هذا ثوب
سُخَام المَسِّ، إذا كان ليناً مثل الخز, وريش سُخَام، أي لين المَسِّ
رقيق، وقطن سُخَام, وليس هو من السواد, قال جندل:
كأنه بالصحصحان الأنجلِ ... قُطْن سُخَام بأيادي غُزَّلِ
والخَلَا: الرَّطْب، الواحدة خَلَاة, وقد خَلَيت فرسي وبعيري أَخْلِيْه
خَلْيًا, والمخلى: ما يخلى به الخلا، وهو المِنْجَلُ، وما يخلى فيه سمي
المخلاة, والحَشِيش: اليابس, ولا يقال له وهو رطب, حَشِيش, ويقال: قد
ألقت الناقة ولداً لها حَشِيشًا، إذا يبس في بطنها, ويقال: لُمْعة قد
أَحَشَّتْ، أي قد أمكنت لأن تحش, وذلك إذا يبست, واللُّمْعَةُ من
الحَلِي، وهو الموضع الذي يكثر فيه الحَلِي، ولا يقال لها: لُمْعة حتى
تَبْيَضَّ, يقال: هذه بلادٌ قد أَلْمَعَت، وهي مُلْمِعَةٌ, والحُشَّاش:
الذين
(1/268)
يَحْتَشُّون, والمُخْتَلُون والخالون الذين
يَخْتَلُون الخَلَا ويخلونه, يقال: أرض مُسْبِطَة: كثيرة السَّبَط وهو
نبت, وأرض مُنْصِيَة: كثيرة النَّصِي, وأرض مُبْهِمَة: كثيرة البهمى,
وأرض مُعْشِبَة وعَشَبة: كثيرة العشب, وأرض مُبْقِلَة: كثيرة البقل.
(1/269)
باب ما يقال فعلت
ذاك،
وتقول: تلك فعلت ذاك، وَتِيك فعلت ذاك، وَتَالك فعلت ذاك، وَتِلك لغة
ردية, ولا تقل: ذِيْك, وتقول: ذَلِك فعل ذاك، وذاك فعل ذاك، واللام في
ذلك زائدة, وفي الاثنين ذانِكَ وذانِّكَ، والجميع أولئك وأُلَاك
وأُلَالِكَ, قال الشاعر:
أُلَالِكَ قوم لم يكونوا أُشَابَة ... وهو يعظ الضِّلِّيل إلا
أُلَالِكَا
وللمرأتين تَانِكَ وتانِّكَ، ... والجمع مثل جمع المذكر
ويقال: قد خَبَت النار، إذا سكن لَهَبُهَا, وقد كَبَت إذا غطاها المراد
والجمر تحته, وقد همدت، إذا طَفِئت "ولم يبقى منها شيء البتة", وتقول:
فلانٌ بَدَوي وفلان حَضَري ويقال: على الماء حَاضِرٌ، وهؤلاء قوم
حُضَّارٌ، إذا حَضَرُوا المياه, وتقول: نحن ننتظر سُفَّارنا
وسافِرَتَنَا وسَفْرَنَا، ونحن ننتظر مَيَّارَتَنا ومُيَّارَنَا,
وتقول: هؤلاء قوم ناجعة ومُنْتَجِعون، وقد نجعوا في معنى انتجعوا,
وتقول: نَضَجت القربة والدلو والوطب, وقد نَتَح النِّحْي وَرَشَحَ
وَمَث, والنِّحْي: ما يكون فيه السمن, وتقول: قد أَفْصَى عنك الحر، أي
خَرَج، ولا يقال أَفْصَى البرد, ويقال: لَقِيتُهُ مُغَيرِبَان الشمس،
ومُغَيرِبَات الشمس, ولقيته عُشَيشِيَة وعُشَيشِيَات وعُشَيشِيَانات
وعُشَيَّانَات, وتقول: أَتَيتُهُ على ريق نفسي، وأتيته رَيِّقًا، أي لم
أطعم شيئاً, وتقول: ما أحسن مَلْأ بني فلانٍ، أي أَخْلَاْقُهُم
وعِشْرَتُهُم, وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه, حين ضربوا
الأعرابي: "أحسنوا أَمْلَاءكم", وقال الجهني:
تنادوا يال بهثة إذ رأونا ... فقلنا أحسني مَلْء جهينا
وتقول: هذا رجل صَيِّرٌ شَيِّرٌ: حَسَنُ الصُّوْرةِ والشارةِ, وتقول:
قد أَشَار إليه وَشَوَّرَ إليه بيده.
(1/269)
باب: "ما يتكلم فيه
بالجحد"
يقال: ما له صَامِت ولا ناطق, فالصَّامِتُ: الذَّهَب والفضة, والناطق:
الكبد, يعني الإبل والغنم والخيل, وتقول: ما له دارٌ ولا عقارٌ,
فالعقارُ من النخل, ويقال أيضاً: في البيت عقارٌ حسن, أي متاع وأداةٌ,
ويقال: ما له حَانَّة ولا آَنَّة: أي ناقة ولا شاةٌ, وما له ثَاغِيَة
ولا رَاغِيَة, ويقال: أَتَيتُهُ فما أَثْغَى ولا أَرْغَى, أي ما أعطاني
إبلاً ولا غنماً, ويقال: ما له دَقِيقة ولا جَلِيلة؛ معناه ما له ناقةٌ
ولا شاةٌ, قال أبو يوسف: وحكى لي ابن الأعرابي: أتيت فلاناً فما
أَجَلَّنِي ولا أَحْشاني؛ أي ما أعطاني جَلِيلة ولا حاشية, والحَوَاشي:
صغار الإبل, وما له زرع ولا ضرع, وما له هارب ولا قارب؛ أي صادر عن
الماء ولا وارد, وما له أَقَذُّ ولا مَرِيش, والأقذ: السهم الذي لا قذذ
عليه, والمريش: الذي عليه الريش, وما له هَلَع ولا هلعة, أي جدي ولا
عناق, وما له سَبَد ولا لَبَد؛ أي كثير ولا قليل, عن الأصمعي وقال غير
الأصمعي السبد من الشعر؛ واللبد من الصوف, ويقال: قد سَبَّد الفرخ؛ إذا
ظهر ريشه, وقد سَبَّد رأسه بعد الحلق, وما له سَعْنَة ولا مَعْنَة؛ أي
قليل ولا كثير, وما له هُبَع ولا رُبَع, والهُبَع: ما نتج في الصيف,
والرُّبَع: ما نتج في الربيع, قال الأصمعي: وسألت جبر بن حبيب: لم سمي
الهُبَع هُبَعًا؟ فقال: لأن الرباع تُنْتَجُ في رِبْعِيَّة النتاج، أي
أوله، وينتج الهُبَع في الصيفية، فإذا ماشى الرباع أبطرته ذرعه، لأنها
أقوى منه فَهَبَعَ، أي استعان بعنقه في مشيه, وقوله: أَبْطَرَته ذرعه،
أي كلفته أكثر من طوقه, وما له سارِحَةٌ، ولا رائِحَة, فالسارحة:
المتوجهة إلى الرعي, والرائحة: التي تروح بالعشي إلى مراحها, وما له
إِمَّر ولا إِمَّرةٌ, والإِمَّرُ: الصغير من ولد الضأن, وما له عافِطَة
ولا نافِطَة, قال الأصمعي: العافطة: الضائنة, والنافطة: الماعزة, وقال
غيره من الأعراب: العافطة: الماعزة إذا عَطَسَتْ, وما له عاوٍ ولا
نَابِح, وما له قَدٌّ ولا قِحْف, فالقَدُّ: جلد السخلة، والجمع القليل
أَقُدُّ والكثير القداد, والقِحْف: كسرة القدح, وما له ناطح ولا خابط,
فالناطح: الكبش والتيس والعنز, والخابط: البعير.
(1/270)
باب: ما لا يتكلم
فيه إلا بجحد
قال الأصمعي: يقال: جاءت وما عليها خَرْبَصِيصَة، أي شيء من الحَلْي
وكذلك
(1/270)
هَلْبَسِيسَة, ويقال: ما في النِّحْي عبقة،
أي شيء من سمن, وما بالبعير هِنَانة وما به صُهَارةٌ، أي ما به طِرْق,
ويقال: ما به وَذْيَة ولا ظَبْظَاب، أي ما به وجع ولا عيب.
قال الراجز:
بنيتي ليس بها ظَبْظَاب
ويقال: ما به شَقَذ ولا نَقَذ، وما به حَبَض ولا نَبَض، أي ما به
حَرَاك, وما به نَوِيص، أي ما به قوة، وما به نَطِيش، أي حَرَاك,
ويقال: ما به شَوْكة ولا ذُبَّاح, والذُّبَّاح: شقوق تكون في باطن
الأصابع في الرجل, ويقال: ما بالبعير كَدَمَة، إذا لم يكن به أُثْرةٌ
ولا وَسْم, والأُثْرَة: أن يسحي باطن الخف بحديدة, ويقال: ما عليه
طَحْرَة، إذا كان عارياً, وما بقيت على الإبل طَحْرَة، إذا سقطت
أَوْبارُها, وما عليه قِرْطَعْبَة وما عليه طِحْرِبَة، أي قطعة خرقة,
وما عليه نِصَاح, والنِّصَاح: الخيط, والنَّاصِحُ: الخائط،
والمِنْصَحُ: المخيط, وقد نَصَحت الثوب، إذا خطته, وقال الباهلي: يقال:
ما عليه طُحْرُور، وما عليه نِفَاض، وما عليه جُدَّه، وما عليه قِزَاع،
وما على السماء طَحْرة ٌ وما عليها طِحْرِيَة، أي شيء من غيم, وما
عليها طَهَاءةٌ وقزعةٌ، وما عليها طَحْمَرِيةٌ، وما عليها طَحْرُور
وطَخْرُور، وما عليها طِهْلِيَة, أبو زيد: يقال: ما عنده قُذَ عملة
"ولا قُرْطَعْبة, وقال أبو صاعد الكلابي: ما في الوعاء خَرْبَصِيصة ولا
فيه قُذَ عَمِلة".
ويقال: ما في الإناء زُبَالة، وكذلك في السقاء وفي البئر, ويقال: ما
عَصَيته زَأْمة ولا وَشْمة, ويقال: ما بالأرض عَلَاقٌ وما بها لَمَاقٌ،
أي مَرْتع, ويقال للرجل إذا بَرَأ من مَرَضِهِ: ما به قَلَبةٌ وما به
وَذْية, ويقال: ما في رحله حُذَافة، أي شيء من طعام, وأكل الطعام فما
ترك منه حُذَافة، واحتل رحله فما ترك منه حُذَافة, ويقال: ما لفلان
مَضْرِبُ عَسَلة -يعني من النسب- وما أعرف له مضرب عَسَلة، يعني
أعراقه, ويقال: ما تَرْتَقِع مني بِرَقاع، أي لا تطيعني فلا تقبل مما
أنصحك به شيئاً, ويقال: هذا ماء لا يُنْكِشُ، وماءٌ لا يُفْثَجُ، ولا
يُوبِىُء، ولا يُغَضْغَضُ، ولا يَتَغَضْغَضُ، ولا يغرض, وقال ابن
الأعرابي: يغرض, ويقال: ما أعطاه ثُفْرُوقًا، وما بقي من ذلك الشيء
ثُفْرُوق, وأصل الثُّفْرُوق قِمَع البسرة والتمرة, ويقال: ما له ثُمٌّ
ولا رُمٌّ، نوما يملك ثُمًّا ولا رُمًّا، فالثم قماشُ الناس: أساقيهم
وآنيتهم, والرم: مرمة البيت, ويقال: ما في كنانته أَهْزَعُ، أي ما فيها
سهم, فيتكلم به مع الجحد، إلا أن النمر أتى به مغ غير جحد
(1/271)
فأرسل سهماً له أَهْزَعا ... فشك
نَوَاهِقَه والفَمَا
ويقال: ما ارْمَأَزَّ من اك، أي ما تحرك, وما بَانَ من مَكَانِهِ، أي
ما بَرِح, ويقال للبخيل: ما تَنْدَى صِفَاته، وما يُنَدِّي الوتر,
ويقال للضعيف: ما يُنضِجُ الكراع وما يَرُدُّ الراوية, ويقال: ما
يُرِمُّ من الناقة والشاة مَضْرب، إذا كانت عجفاء ليس بها طرق,
والمَضْرِبُ: العظم يُضرب فينتقى، أي يخرج نقيه, ويقال: ما نَبَست فيه
بَخَرماء، يعني أنه كذب, ويقال: ما أَفَاض بكلمة، أي ما تَخَلَّصَهَا
ولا أبانها, ويقال: ما رام من مكانه ولا بان, ويقال: ما وجدنا لها
العام مَصْدَة، أي برداً, قال أبو يوسف: وسمعت غير واحد من الكلابيين
يقولون: أصبحت وليس بها وَخْصةٌ، وليس بها وَذْيَة، أي برد, ويقال:
غَضِب من غير صَيْحٍ ولا نَفْرٍ، وفر من غير صيح ولا نفرٍٍ, قال:
وأنشدني أبو صاعد:
كذوب محول يجعل الله جنة ... لأيمانه من غير صَيْح ولا نَفْرِ
أي من غير قليل ولا كثير, قال: وقالوا: جاءوا بطعام لا ينادى وليده،
وفي الأرض عشب لا ينادى وليده، أي إن كان الوليد في ماشية لم يضره أين
صرفها؛ لأنها في عشب، فلا يُقال له: اصرفها إلى موضع كذا؛ لأن الأرض
كلها مخصبة, وإن كان طعامٌ أو لبنٌ فمعناه أنه لا يبالي به كيف أفسد
فيه، ولا متى أَكَل، ولا متى شرب، وفي أي نواحيه أهوى, قال: ومعنى قول
مزرد:
تبرأت من شتم الرجال بتوبة ... إلى الله مني لا يُنَادى وَلِيدُهَا
هذا مثل ضربه، ومعناه أني لا أراجع فيها ولا أكلم فيها، كما لا يكلم
الوليد في الشيء الذي يضرب له فيه المثل, وقال الأصمعي وأبو عبيدة:
قولهم: أمر لا يُنَادَى وليده، قال أحدهما: أي هو أمر جليل لا ينادى
فيه الوليد، ولكن ينادى فيه جلة القوم, وقال الآخر: أصله في الغارة، أي
تذهل الأم عن ابنها أن تناديه وتضمه، ولكنها تهرب عنه, ويقال: ما أغنى
عنه عبكة "ولا لبكة"، وما أغنى عنه نَفْرَة، أي ما أغنى شيئاً, وما
أغنى عنه زِبَالاً، وما أغنى قِبَالاً، وما أغنى عنه فَتِيلاً, ويقال:
ما جعلت في عيني حِثَاثًا ولا غمضاً, ويقال: ما أغنى عنه فوفاً, قال
الراجز:
باتت تبيا حوضها عُكُوفًا ... مثل الصفوف لاقت الصفوفا
وأنت لا تغنين عني فُوْفَا
(1/272)
ويقال: لا يضرك عليه رَجُل, أي لا يزيدك
عليه, ولا يضرك عليه جمل, ويقال: ما زلت أفعله، وما فتئت أفعله، وما
برحت أفعله، لا يتكلم بهن إلا مع الجحد, ويقال: ما أصابتنا العام
قابَّة، أي قَطْرة من مطر, وما وقعت العام ثم قَابَّة, ويقال: والله ما
فِصْت، كما يقال: والله ما بَرِحت, ويقال: كلمته فما رد على سوداء ولا
بيضاء، أي لا كلمة قبيحة ولا حسنة, وما رد على حَوْجَاء ولا لوجاء,
ويقال: ما عنده بازلة، أي ليس عنده شيءٌ من مال، ولا ترك الله عنده
بازِلَة, ويقال: لم يُعْطِهِم بازِلَة، أي لم يعطهم شيئاً, ويقال: أكل
الذئب الشاة فما ترك منها تَامُورًا، أي شيئاً, قال الأصمعي: وقول
أوسٍ:
أُنْبِيت أن بني سحيم أدخلوا ... أبياتهم تَامُور نفس المنذرِ
أي مُهْجَةَ نفسه, وكانوا قتلوه, ويقال: فلانٌ ما تقوم رَابِضَتُهُ،
إذا كان يرمي أو يعين فيقتل، أي يصيب بالعين, وأكثر ما يقال في
العَيْن, وقالت أم الحمارس الكلابية، وأبو مهدي: يقال: ما فيه
هَزْبَلِيلة، إذا لم يكن فيه شيءٌ, ويقال: ما أعطاه قُذَعْمِلَة، وما
بقي عليه قُذَعِمْلةٌ, يعني المال والثياب, ويقال: ما يعيش بِأَخْوَرَ،
أي ما يعيش بِعَقْل, ويقال: ما أجد من ذاك بُدًّا، وما أجد منه وعلاً،
وما أجد منه محتداً ولا ملتداً ولا حُنْتَأَلاً, وما له حُمٌّ ولا
رُمٌّ غير كذا وكذا , وما له هَمٌّ ولا وَسَن, ويقال: لا وَعْي عن كذا
وكذا، أي لا تَمَاسك دونه, قال ابن أحمر:
تواعدن أن لا وَعْي عن فرج راكس ... فَرُحن ولم يغضرن عن ذاك مغضرا
ويقال: لا حُمَّ من ذلك، أي لا بُدَّ منه, ويقال: ما رأيتُ له أَثَرًا
ولا عَيْثَرًا, ويقال: جاء في جيش ما يُكَتُّ، أي ما يُحْصَى, ويقال:
أَصَابَهُ جُرْح فما تَمَقَّقَهُ، أي لم يضره ولم يباله, وقال أبو
عمرو: يقال: عليه من المال ما لا يُسْهى ولا يُنْهى، أي لا تُبْلَغُ
غايته, الأموي: ما نَتَشْت منه شيئاً، أي ما أَصَبتُ, أبو زيد: يقال:
ما لي من ذاك بد، وما لي عنه وَعْي، وما لي عنه عُنْدَد ومُعْلَنْدَدُ,
وكذلك ما لي عنه حُنْتَأَل ومُحْتد ومُلْتد، معنى هذا كله، ما لي منه
بُدٌّ, ويقال: ما مَضْمَضَتْ عيني بنوم, ويقال: لا تَبُلُّهُ عندي
بالَّةٌ أبداً ولا تبله عندي بلَال, قالت ليلى:
فلا وأبيك يا ابن أبي عقيل ... تَبُلُّكَ بعدها فينا بَلَال
ويقال: ما قرأت الناقة سَلًى قط، أي ما حملت ولداً قط، كما يقال: ما
حَمَلَتْ
(1/273)
نعرة, وأتى بها العجاج بغير جحد, وقال:
والشَّدَنِيَّات يساقطن النُّعَر
ويقال: جاءنا فلانٌ فلم يأتنا بِهَلَّةٍ ولا بَلَّة, فالهَلَّةُ من
الفرح والاستهلال، والبَلَّة من البَلَل والخير, ويقال: ما له هَمٌّ
ولا وَسَن إلا ذاك، كما يقال: ما له هَمٌّ ولا سَدَم إلا ذاك.
(1/274)
باب ما يقال: ما ذاق
يقال: ما ذاق مَضَاغًا، أي ما يُمضَغُ, وما ذاق عَضَاضًا، أي ما يعض,
قال: وأنشدنا الفراء:
كأن تحتي بازياً رَكَّاضًا ... أخدر خمساً لم يذق عَضَاضًا
وما ذاق لَمَاظًا, وقد التمظ الشيء، إذا أكله, وما ذاق أَكَالاً، وما
ذاق لَمَاقًا, فاللَّمَاق يكون في الطعام والشراب, قال نَهْشَلُ بن
حري:
كبرق لاح يعجب من رآه ... ولا يشفى الحوائم من لَمَاقِ
وما ذاق شَمَاجًا ولا لَمَاجًا، وما لَمَجوه بِشَيء, قال الراجز:
أعطي خليلي نعجة هُمْلَاجًا ... رَجَاجة إن لها رَجَاجا
لا يجد الراعي لها لَمَاجَا ... لا تسبق الشيخ إذا أَفَاجَا
وما ذاق عَدُوفًا ولا عَذُوفًا، بالدال والذال, وما عَدَفنا عندهم
عَدُوفًا, قال الشاعر1:
ومجنبات ما يذقن عَدُوفًا ... يقذفن بالمهرات والأمهار
ويقال: ما تَلَمَّجَ عندنا بلَمَاج، وما تلمك عندنا بِلَمَاك, ويقال:
ما ذاق قَضَامًا ولا لَمَاكًا, وقال أبو صاعد: ما لسنا عندهم لَوَاسًا،
ولا عَلَسنا عندهم عَلُوسًا، وما عَلَّسوا ضيفهم بشيء, الأموي, عبد
الله بن سعيد: ما ذقت عندهم أَوْجَسَ، يعني الطعام.
__________
1 هو قيس بن زهير, كما في: "اللسان": عدف.
(1/274)
باب ما يقال: ما بالدار أحدٌ،
وما بها صافر، وما بها وابر، ولا بها عَرِيب، وما بها كَتِيع، وما بها
دِبِّيج، وما بها نَافِخ ضَرَمة، وما بها شَفْر، وما بها دَيَّار، وما
بها طُوئِيّ وطُوْرِيّ, وقال أبو صاعد الكلابي: يقال: ما بها صَوَّات,
ابن الأعرابي: يقال: ما بها لاعِي قَرْو، وما بها أَرِم، وما بها دَاعٍ
ولا مُجِيب, قال أبو صاعد: ويقال: ما بها طُورِي، وما بها دُوريّ، وما
بها تُومُرِيّ, وبِلَاد خلاء ليس بها تومري, ويقال: ما رأيت تُومُرِيًا
أحسن منه, وما بها مُعْرِب، وما بها أنيس, الباهلي: يقال: ما بها
نَاخِر وما بها نَابِح، وما بها ثَاغٍ ولا رَاغٍ، وما بها دُبِّيّ، أي
إنسان، وهو من دَبَبْت, "وما بها نَحوى، من دعوت".
(1/275)
|