سر صناعة الإعراب

باب الميم:
اعلم أن الميم حرف مجهور يكون أصلًا، وبدلًا، وزائدًا.
فإذا كانت أصلًا؛ وقعت فاءً وعينًا ولامًا؛ فالفاء نحو: مسد1، ومرس2، والعين نحو: سمر3، وعمر4، واللام نحو: قلم، وعلم.
وأما البدل فقد أبدلت الميم من أربعة أحرف، وهي: الواو، والنون، واللام، والباء.
أما إبدالها من الواو فقولهم "فم"، وأصلة "فوه" بوزن "سوط"، فحذفت الهاء تخفيفًا كما حذفت من "سنة" في من قال5:
ليست بسنهاء........ ....... ... ......... ......... .......6
وعملت معه مسانهة7؛ ومن شاة، ومن عضة في من قال: بعير عاضة8، ومن است؛ فصار التقدير "فو"؛ فلما بقي الاسم على حرفين الثاني منهما حرف لين
__________
1 المسد: الليف. القاموس المحيط "1/ 338".
2 مرس: كان شديدًا في معالجة الأشياء. القاموس المحيط "2/ 251".
3 سمر: ضرب من شجر الطلح. القاموس المحيط "2/ 51".
4 عمر: وعمر: هما لغتان، يقال: عمرالرجل وعمر: عاش وبقي زمانًا طويلًا.
5 نسب صاحب اللسان البيت إلى سويد بن الصامت. مادة "سنه" "13/ 502".
6 فليت بسنهاء: يصف نخلة بالجودة.
السنهاء: التي أصابتها السنة يعني أضر بها الجدب، وسنه الطعام أو الشراب سنهًا أي: تغير وتعفن فهو "سنه" وهي سنهة وهي سنهاء أيضًا "ج" سنة. القاموس "4/ 286".
الرجبية: من الرجبة، وهي أن تعمد النخلة بخشبة ذات شعبتين.
العرايا: جمع عرية، وهي التي يوهب ثمرها.
الجوائح: السنون الشداد التي تجيح المال.
7 ما سنهة: عملت معه مسانهة: عامله بالسنة، ويقال استأجره مسانهة.
8 عاضة: العضة: "م" العضاهة، وهو كل شجر له شوك صغر أو كبر. وقوله بعير عاضه أي بعير يعيش على رعي العضاه. القاموس المحيط "2/ 337".

(2/89)


كرهوا حذفه للتنوين؛ فيجحفوا به؛ فأبدلوا من الواو ميمًا لقرب الميم من الواو؛ لأنهما شفهيتان، وفى الميم هوي في الفم يضارع امتداد الواو.
ويدل على أن "فمًا" مفتوح الفاء وجودك إياها مفتوحة في اللفظ؛ هذا هو المشهور في هذه اللفظة؛ فأما ما حكاه فيها أبو زيد وغيره من كسر الفاء وضمها فبضرب من التغيير لحق الكلمة لإعلالها بحذف لامها وإبدال عينها.
وأما قول الراجز1:
يا ليتها قد خرجت من فمه ... حتى يعود الملك فى أصطمه2
يروى بضم الفاء من فمه وفتحها؛ فالقول في تشديد الميم عندي أنه ليس ذلك في هذه الكلمة؛ ألا ترى أنك لا تجد لهذه المشددة الميم تصرفًا؛ وإنما التصرف كله على "ف وه"؛ ومن ذلك قوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167] 3.
وقال الشاعر4:
فلا لغو ولا تأثيم فيها ... وما فاهوا به أبدًا مقيم5
__________
1 البيتان من أرجوزة للعجاج وهما في الخزانة "2/ 282" الشاهد 331، ونسب ابن خالوية هذا الرجز إلى جرير بقوله قي سليمان بن عبد الملك وعبد العزيز.
والبيت ذكره صاحب اللسان في "طسم" ونسبه إلى جرير وهو أرجوزة وبعدها بيت هو:
أبرز لنا يمينه من كمه
ويسبقها بيتان.
2 أصطم الشيء: وسطه ومعظمه، وفلان في أصطمة قومه: أي في وسطهم وأشرافهم.
والشاهد فيه تشديد الميم. في قوله "فمه".
3 يقولون: مضارع يفيد استمرار المنافقين على نفاقهم فهم دائمًا وأبدًا يقولون ما ليس في قولهم.
حيث يخفون ما تضمره قلوبهم؛ ولكن الله عز وجل يكشف ذلك حتى يتضح نفاقهم لكل من يتعاملون معه.
4 البيت لأمية بن أبى الصلت. انظر/ ديوانه "ص475".
5 لغو: لغا في القول لغوًا: أخطأ وقال باطلًا، واللغو: ما لا يعتد به من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع، واللغو أيضًا: الكلام يبدر من اللسان ولا يراد معناه، ومنه اللغو في اليمين. مادة "ل غ و" القاموس المحيط "4/ 386".
لا لغو ولا تأثيم: تكرار النفي وإضافة اللغو إلى التأثيم فيه دلالة وتوكيد على الفكرة.
والشاهد فيه قوله "ما فاهوا".
إعراب الشاهد:
ما: اسم موصول مبني.
فاهوا: فعل وفاعل، صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
والبيت ينسب لأمية بن الصلت. شرح ابن عقيل "1/ 430" شاهد 112، وذكره صاحب اللسان في مادة "فوه" "13/ 526"، دون أن ينسبه.

(2/90)


وقالوا: رجل مفوه إذا أجاد القول؛ لأنه يخرج من فيه.
ومنه الأفوه الأودي1. وقالوا: ما تفوهت به، وهو تفعلت منه، كما قالوا: تلغمت بكذا وكذا، أي: حركت به ملاغمي، وهي ما حول الشفتين.
وقالوا في جمع أفوه -وهو الكبير الفم- فوه.
قرأت على أبي علي للشنفرى2:
مهرته فوه كأن شدوقها ... شقوق العصي كالحات وبسل3
ولم نسمعهم قالوا "أفمام"، ولا "تفممت"، ولا "رجل أفم"، كما قالوا: أصم، ولا شيئًا من هذا النحو مما لم نذكره؛ فدل اجتماعهم على تصريف الكلمة بالفاء والواو والهاء على أن التشديد في "فم" لا أصل له في نفس المثال؛ وإنما هو عارض لحق الكلمة.
__________
1 الأفوه الأودي: هو صلاءة بن عمرو الأفوه.
2 يقال هو الشنفرى الأزدي. انظر/ شرح لامية العرب للعكبري "ص22".
3 مهرته: الهرات هو: رجل لا يكتم سرًا ويتكلم بالقبيح. القاموس المحيط "1/ 160".
شدوقها: الشدق: جانب الفم ما تحت الخد، وكانت العرب تمتدح رحابة الشدقين؛ لدلالتها على جهارة الصوت "ج" أشداق، شدوق. القاموس المحيط "3/ 248".
كالحات: أي اشتد عبوسها، والكلوح تكشر في عبوس. مادة "ك ل ح" القاموس "1/ 246".
بسل: البسالة: الشجاعة، وقد بسل من باب ظرف فهو باسل أي: بطل "ج" بسل كبازل وبزل. القاموس المحيط "3/ 335".
إعراب الشاهد: فوه: خبر مرفوع.
ونسب ابن جني البيت إلى الشنفرى الأزدي؛ بينما لم نقف على قائله.

(2/91)


فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذكرته أن التشديد في "فم" عارض ليس من أصل الكلمة؛ فمن أين أتاها هذا التشديد؟ وكيف وجه دخوله إياها؟
فالجواب: أن أصل ذلك أنهم ثقلوا الميم في الوقف؛ فقالوا: هذا فم، كما يقولون: هذا خالد، وهو يجعل، ثم إنهم أجروا الوصل مجرى الوقف، فقالوا: هذا فم، ورأيت فمًا، كما أجروا الوصل مجرى الوقف في ما حكاه سيبويه عنهم من قولهم ثلاثة أربعة، وكما أنشده من قول الراجز1:
ضخمًا يحب الخلق الأضخما2
وكما أنشدناه أبو علي:
ببازل وجناء أو عيهل ... كأن مهواها على الكلكل3
يريد: العيهل والكلكل، وقد مضى نظير هذا؛ فهذا حكم تشديد الميم عندي، وهو أقوى من أن تجعل الكلمة من ذوات التضعيف بمنزلة هم، وجم.
فإن قلت: فإذا كان أصل "فم" عندك "فوه" فما تقول في قول الفرزدق أنشدناه أبو علي4:
هما نفثا في فيّ من فمويهما ... على النابح العوي أشد رجام5
__________
1 نسبه صاحب الكتاب "1/ 11"، واللسان مادة "ضخم" إلى رؤبة.
2 البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "فوه" "13/ 526"، دون أن ينسبه، ثم ذكره في مادة "ضخم" ونسبه إلى رؤبة. "12/ 353".
3 وجناء: عظيمة الوجنتين، والوجنة ما ارتفع من الخدين. القاموس المحيط "4/ 274".
الكلكل: الصدر: أو هو ما بين الترقوتين، والكلكل والكلكال: الصدر. القاموس "4/ 46" والبيت ذمره صاحب اللسان في مادة "فوه" دون أن ينسبه. "13/ 526".
4 ذكر أبو علي أن البيت يروى للفرزدق وهو في ديوانه "ص771".
وانظر/ الكتاب "3/ 365، 622".
5 نفث: نفثًا ونفاثًا: أي نفخ، ونفث الشيء من فيه أي رمى به، نفث فلانًا سحره والنفاثات والنفث أقل من التفل. القاموس المحيط "1/ 175".
النايح: نيح: نيحًا، نياحًا: صات، ونيح عليه أي: صات عليه، والنايح والنياح ضخم الصوت الشديد. القاموس المحيط "1/ 254".
العاوي: عوى الكلب والذئب: صاح صياحًا شديدًا ممدودًا ليس بنباح؛ فهو عاو وعواء.
رجام: "م" الرجم، والرجم الحجارة التي توضع على القبر "ج" رجام، أرجم.

(2/92)


وإذا كانت الميم بدلًا من الواو التي هي عين؛ فكيف جاز له الجمع بينهما؟
فالجواب: أن أبا علي حكى1 لنا عن أبي بكر وأبي إسحاق أنهما ذهبا إلى أن الشاعر جمع بين العوض والمعوض عنه؛ لأن الكلمة مجهورة منقوصة.
وأجاز أبو علي أيضًا فيه وجهًا آخر، وهو أن تكون الواو في "فمويهما" لامًا في موضع الهاء من أفواه، وتكون الكلمة تعتقب عليها لامان هاء مرة وواو أخرى؛ فيجرى هذا مجرى سنة، وعضة؛ ألا تراهما في قول من قال2 سنوات، وأسنتول3، ومساناة، و4:
وعضوات تقطع اللهازما5
واوين، وتجدهما في قول من قال6:
ليست بسنهاء......... ... ....................
وبعير عاضه هاءين. وكذلك من قال7:
............ ... تأوه آهة الرجل الحزين
فاللام عنده هاء.
__________
1 حكى أبو علي أن هذا مذهب ابن السراج؛ بينما قال ابن جني هذا مذهب الزجاج.
2 الصواب ما أثبت؛ فإن سيبويه حكى الوجهين الواو والهاء في سنة وعضة.
انظر/ الكتاب "2/ 80-81".
3 استنوا: استنوا أي أصابهم السنه والجدب.
4 الواو يقتضيها سياق الكلام.
5 عجز البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "أزم" ونسبه إلى أبي مهدية. "12/ 17".
اللهازما: "م" اللهزمة، واللهزمة: عظم ناتئ في اللحى تحت الحنك وهما لهزمتان. "ج" لهازم. القاموس المحيط "4/ 179".
6 هو سويد بن الصامت الأنصاري، وسبق شرحه والتعليق عليه.
7 البيت ينسب للمثقب العبدي في وصف ناقته.
انظر/ الخصائص "3/ 38"، معاني القرآن للفراء "2/ 23".

(2/93)


ومن قال1:
فأو لذكراها إذا ما ذكرتها ... ................. ...........2
فاللام عنده واو، لأن "أو" بمنزلة قو زيدًا؛ فهذا وجه كما تراه.
ونظير ما حكاه عن أبي بكر وأبي إسحاق من الجمع بين العوض والمعوض منه ما أنشده البغداديون وأبو زيد3:
إني إذا ما حدث ألما ... أقول يا اللهم يا اللهما4
ألا تراه جمع بين "يا" والميم المشددة، وهي عند الخليل5 بدل من "يا"، وكذلك ما أنشدوه أيضًا من قول الجارية لأمها6:
يا أمتًا أبصرني راكب ... في بلد مسحنفر لاحب7
__________
1 البيت بتمامه كما ذكره صاحب اللسان "14/ 54" مادة/ أوا.
فأو لذكراها إذا ما ذكرتها ... ومن بعد أرض دوننا وسماء
2 هي لغة في قوم بني عامر. كذا في معاني القرآن للفراء.
3 نسب ابن عقيل البيت في شرحه إلى أمية بن الصلت "2/ 265" شاهد 310.
وذكره صاحب اللسان في مادة "أله" دون أن ينسبه. "13/ 469".
4 البيت في جملة أسلوبه إنشائي في صورة توكيد وغرضه التأكيد على فكرة اللجوء إلى الله عز وجل إذا ما ألمت به مصيبة.
وقوله: يا اللهم: أسلوب إنشائي في صورة نداء غرضه الدعاء.
والشاهد فيه قوله "يا اللهم يا اللهما" حيث جمع بين حرف النداء والميم المشددة التي يؤتى بها للتعويض عن حرف النداء، وهذا شاذ؛ لأنه جمع بين المعوض عنه والعوض.
إعراب الشاهد:
يا اللهما: يا: حرف نداء مبني لا محل له من الإعراب.
الله: لفظ الجلالة منادى مبني على الضم في محل نصب. ما: زائدة.
5 انظر/ الكتاب "1/ 310".
6 البيت ذكره صاحب اللسان. مادة "أيا" دون أن ينسبه. "14/ 61".
7 مسحنفر: الواسع. لسان العرب "4/ 352" مادة/ سحفر.
لاحب: واضح: ويقال لحب الطريق لحوبًا أي وضح فهو لاحب مادة "ل ح ب".
يا أمتًا: أسلوب إنشائي في صورة نداء.

(2/94)


ألا ترى أن التاء في "يا أمت"؛ إنما هي بدل من ياء "أمي"؛ وإنما أبدلها ألفًا للتخفيف؛ أفلا تراه كيف جمع بين العوض والمعوض عنه.
فهذا يؤكد مذهب أبي بكر وأبي إسحاق في فمويهما. وما ذكرنا فيه من هذين الجوابين أحسن من أن تحمل الكلمة على الغلط منهم، كهمز مصائب، وحلات السويق1، وغير ذلك.
وقرأت على محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى: قال بلال بن جرير2:
إذا ضفتهم أو سآيلتهم ... وجدت بهم علة حاضرة3
فإن أحمد كأنه لم يعرفه؛ فلما فهم قال: هذا جمع بين اللغتين؛ فالهمزة في هذا هي الأصل، وهي التي في قولك: ساءلت زيدًا، والياء هي العوض والفرع، وهي التي في قولك: سايلت زيدًا؛ فقد تراه كيف جمع بينهما في قوله: "سآيلتهم"؛ فوزنه على هذا: فاعلتهم، وهذا مثال لا يعرف له في اللغة نظير.
فإذا ثبت بما قدمناه أن عين "فم" في الأصل واو، فينبغي أن يقضي بسكونها؛ لأن السكون هو الأصل حتى تقوم الدلالة على الحركة الزائدة.
فإن قلت: فهلا قضيت بحركة العين لجمعك إياه على أفواه؛ ألا ترى أن أفعالًا إنما هو في الأمر العام جمع فعل نحو بطل وأبطال، وقدم وأقدام، ورسن4، فاعرف ذلك.
__________
1 حلأت السويق: يقال حلأ السويق حلأه إذا حلاه. القاموس المحيط "1/ 12".
قال الفراء: قد همزوا ما ليس بمهموز؛ لأنه من الحلواء.
2 البيت نسبه إليه صاحب الخصائص "3/ 146".
3 علة: حدث يشغل صاحب عن وجهه؛ كأن تلك العلة صارت شغلًا ثانيًا منعه عن شغله الأول.
يقول الشاعر: إنك إذا حللت عليهم ضيفًا أو سألتهم حق الضيافة؛ وجدت ما يشغلهم عنك.
والبيت أسلوبه خبري تقريري.
والبيت نسبه صاحب اللسان في مادة "سأل" إلى بلال بن جرير. "11/ 319".
4 ورسن: الرسن: الحبل وجمعه أرسان، ورسن الفرس أي شده بالرسن وبابه نصر. وأرسنه أيضًا. مادة "ر س ن". القاموس المحيط "4/ 227".

(2/95)


وأما إبدال الميم من النون؛ فإن كل نون ساكنة وقعت قبل باء قبلت في اللفظ ميمًا وذلك نحو عنبر، وامرأة شنباء1، وقنبر2، ومنبر، وقنب3، وقنبلة4، ونساء شنب؛ فإن تحركت أظهرت، وذلك نحو قولك: شنب، وعنابر، وقنابر، ومنابر، وقنابل؛ وإنما قبلت لما وقعت ساكنة قبل الباء من قبل أن الباء أخت الميم، وقد أدغمت النون مع الميم في نحو: من معك، ومن محمد؛ فلما كانت تدغم النون مع الميم التي هي أخت الباء أرادوا إعلالها أيضًا مع الباء إذ قد أدغموها في أختها الميم، ولما كانت الميم التي هي أقرب إلى الباء من النون؛ لم تدغم في الباء في نحو أقم بكرًا، لا تقول: أقبكرًا، ولا في نم بالله: نبالله، كانت النون التي هي من الباء أبعد منها من الميم أجدر بأن إعلال الإدغام، فقربوها من الباء بأن قلبوها إلى لفظ أقرب الحروف من الباء، وهو الميم، فقالوا/ عمبر، وقمبلة، فاعرف ذلك.
وأما قول رؤبة5:
يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المخضب البنام6
فإنه أراد: البنان؛ فأبدل النون ميمًا؛ وإنما جاز ذلك لما فيها من الغنة، والهوي، وعلى هذا جمعوا بينهما في القوافي، فقالوا:
يارب جعد فيهم لو تدرين ... يضرب ضرب السبط المقاديم7
__________
1 شنباه: الشنباه: شنب الشغر: شنبا: رقت أسنانه وابيضت فهو شنب وشانب وأشنب وهي شنباء. مادة "ش ن ب" القاموس المحيط "1/ 89".
2 قنبر: اسم يطلق على شخص.
3 قنب: مخلب الأسد. القاموس المحيط "1/ 120".
4 قنبلة: طائفة من الناس ومن الخيل. القاموس المحيط "4/ 41".
5 هذا مطلع أرجوزة له في مدح مسلمة بن عبد الملك. ديوانه "ص144".
6 هالة: مرخم هالة، وهو اسم امرأة، والهالة في الأصل دارة القمر. القاموس "4/ 72".
التمتام: الذي فيه تمتمة، وهو الذي يتردد في التاء، وفي الديوان: النمام.
7 البيتان في أدب الكتاب "ص378"، واللسان مادة "جعد" "4/ 94".
الجعد: القصير من الرجال. القاموس "1/ 283".
رجل سبط: طويل. القاموس "2/ 362".
المقاديم: جمع مقدام.

(2/96)


وقال الآخر:
يطعنها بخنجر من لحم ... دون الذنابي في مكان سخن1
وهو كثير
وأما إبدالها من اللام فيروى أن النمر بن تولب حكى، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس من امبر امصيام في امسفر"2 يريد: ليس من البر الصيام في السفر، فأبدل لام المعرفة ميمًا.
ويقال: أن النمر لم يرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث؛ إلا أنه شاذ لا يسوغ القياس عليه، ونحوه في الشذوذ ما قرأته على أبي علي بإسناده إلى الأصمعي، قال3: "يقال: بنات مخر، وهن سحائب يأتين قبل الصيف بيض منتصبات في السماء".
قال طرفة4:
كبنات المخر يمأدن كما ... أنبت الصيف عساليج الخضر5
قال أبو علي: كان أبو بكر محمد بن السري يشتق هذه الأسماء من البخار؛ فهذا يدلك من ذهب أبي بكر وأبي علي- لأنه تقبله عن أبي بكر ولم يدفعه- على أن الميم في "مخر" بدل من الباء في "بخر".
__________
1 البيتان في المقتضب "1/ 353"، واللسان مدة "خنجر" "4/ 260".
2 أخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه: " ... ليس البر الصوم في السفر" ولفظه: "ليس من البر الصوم في السفر"، وأخرجه مسلم في كتاب الصوم -باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.
وأداة التعريف في اللفظين هي "أل".
3 كتاب الإبدال لابن السكيت "ص70".
4 البيت في ديوانه "ص59". اللسان "2/ 324" مادة/ عسلج.
5 يمأدن: يتحركن ويتثنين. لسان العرب "3/ 394" مادة/ مأد.
العساليج: جمع عسلوج، وهو الغصن لسنته. القاموس المحيط "1/ 199".
الخضر: اسم البقلة الخضراء.
أراد: يمأذن كعساليج أنبتها الصيف.

(2/97)


ولو ذهب ذاهب إلى أن الميم في "مخر" أصل غير مبدلة على أن يجعله من قوله عَزَّ اسْمُهُ: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر: 12] 1 وذلك أن السحاب كأنها تمخر البحر؛ لأنها في ما يذهب إليه عنه تنشأ، ومنه تبدأ؛ لكان عندي مصيبًا غير مبعد؛ ألا ترى إلى قول أبي ذؤيب في وصف السحاب2:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج3
وأخبرنا أبو علي أيضًا يرفعه بإسناده إلى أبي عمرو الشيباني قال: "يقال: ما زلت راتمًا على هذا وراتبًا، أي مقيمًا"4؛ فالظاهر من أمر هذه الميم أن تكون بدلًا من باء راتب؛ لأنا لم نسمع في هذا الموضع رتم5 مثل رتب.
وتحتمل الميم في هذا عندي أن تكون أصلًا غير بدل، من الرتيمة، وهى شيء كان أهل الجاهلية يرونه بينهم، وذلك أن الرجل منهم كان إذا أراد سفرًا عمد إلى غصنين من شجرتين تقرب إحداهما من الأخرى، فعقد أحدهما بصاحبه؛ فإذا عاد ورأى الغصنين معقودين بحالهما قال: إن امرأته لم تخنه بعد، وإن رأى الغصنين قد انحلا قال: امرأته قد خانته، قال الراجز6:
هل ينفعك اليوم إن همت بهم ... كثرة ما توصي وتعقاد الرتم7
__________
1 الفلك: السفينة، السفن. القاموس المحيط "3/ 316".
مواخر: "م" ماخرة، والماخرة السفينة، مخرت البحر مخرًا ومخورًا: أي جرت تشق الماء.
والمقصود بمواخر أي جواري تشق الماء شقًا.
2 السحاب: الغيم سواء كان فيه ماء أن لم يكن.
3 متى: في لغة هذيل تعني "من"، وتعني أيضًا: وسط الشيء. لسان العرب "15/ 474".
لجج: اللجة: معظم البحر وتردد أمواجه "ج" لجج ولجاج. القاموس "1/ 205".
نئيج: الصوت الذي ينتج نتيجة للمرور السريع. لسان العرب "2/ 371" مادة/ نأج.
4 ذكر ذلك ابن السكيت في كتابه الإبدال.
5 رتم: الرتيمة: خيط يشد فى الإصبع تستذكر به الحاجة. القاموس ط4/ 116".
6 ذكره صاحب اللسان في مادة "رتم" دون أن ينسبه. "12/ 225".
انظر/ شرح معاني القرآن للفراء "1/ 217".
7 تعقاد الرتم: يقال أن الرجل إذا أراد سفرًا عمد إلى شجرة فشد غصنين منها؛ فإن رجع ووجدهما على حالهما قال إن أهله لم تخنه وإلا فقد خانته.
الشاعر هنا يسخر من ذلك الذي يعقد الرتم لأنها لا تغني عن الخيانة.
وقولة "هل ينفعك" أسلوب إنشائي في صورة استفهام غرضه النصح والإرشاد.

(2/98)


والرتمة أيضًا خيط يشد في الإصبع ليذكر الرجل به حاجته، وكلا هذين المعنيين تأويله الإقامة والثبوت؛ فيجوز أن يكون راتم من هذا المعنى. وإذا أمكن أن تتأول اللفظة على ظاهرها لم يشع العدول عنه إلى الباطن إلا بدليل، والدليل هنا إنما يؤكد الظاهر لا الباطن؛ فينبغي أن يكون العمل عليه دون غيره.
وقرأت على أبي علي بإسناده إلى يعقوب، قال: "يقال: رأيته من كثب ومن كثم"1 ثم إنا رأيناهم يقولون: قد أكثب لك الأمر إذا قرب، ولم نرهم يقولون قد أكثم؛ فالباء على هذا أعم تصرفًا من الميم؛ فالوجه لذلك أن تكون الباء هي الأصل للميم.
وقد يجوز أن تكون الميم أصلًا أيضًا لقولهم: أخذنا على الطريق الأكثم، أي الواسع، والسعة قريبة المعنى من القرب؛ ألا ترى أنهما يجتمعان في تسهل سلوكهما، وأنه لا يتسع الطريق، ولا تكثر سابلته2 إلا لأنه أقصد من غيره، والقصد كما تراه هو القرب، فقد آلا إذن إلى معنى واحد.
وقرأت على أبي علي بإسناده إلى يعقوب، قال: قال الأحمر3: يقال: طانه الله على الخير، وطامه، أي: جبله، وهو يطينه، وأنشد:
........ .......... ........ ... ألا تلك نفس طين منها حياؤها4
والقول فيه: أن الميم في طامه بدل من النون طانه؛ لأنا لم نسمع لـ "طام" تصرفًا في غير هذا الموضع.
فأما قول الآخر5:
__________
1 كثم: تأتي بمعنى قرب. القاموس "4/ 169".
2 سابلته: السابلة: الطريق المسلوك، والسابلة: الطريق والمارون عليه. "ج" سوابل.
3 ذكر ذلك ابن السكيت صاحب الإبدال، والأحمر هو: خلف بن حيان.
انظر/ اللسان "13/ 270" مادة/ طين.
4 ذكر صاحب اللسان البيت في مادة "ط ي ن" دون أن ينسبه. "13/ 270".
5 ذكر صاحب البيت صاحب اللسان في مادة "نغب" دون أن ينسبه"1/ 765" مادة/ نغب.

(2/99)


فبادرت شربها عجلى مثابرة ... حتى استقت دون محنى جيدها نغما1
فذكر ابن الأعرابي أنه أراد نغبًا، وهو عندي كما قال.
وأما زيادة الميم فموضعها أول الكلمة، وحال الميم في ذلك حال الهمزة؛ فمتى اجتمع معك ثلاثة أحرف أصول وفى أولها ميم، فاقض بزيادة الميم حتى تقوم الدلالة على كونها أصلًا، وذلك نحو مشهد، ومضرب، ومقياس؛ لأن الألف زائدة.
فإن كانت معك أربعة أحرف أصول وقبلهن ميم؛ فاقض بكونها من الأصل، كفعلك بالهمزة، وقد ذكرناها2 فى بابها، وذلك نحو: مرزجوش3، ميمه فاء، ووزنه فعللول بوزن عضرفوط4، وقرطبوس5.
فأما ميم مهدد6 فأصل، ومثاله فعلل كجعفر، وحبتر. ويدل على ذلك أنه لو كان مفعلًا؛ لوجب أن تدغمه، فتقول "مهدّ"، كما قالوا "مسد" و"مرد".
وأما محبب7 فمفعل؛ وإنما لم يدغم لأنه علم، والأعلام قد تأتي كثيرًا مخالفة للأصول الأجناس، وذلك نحو: تهلل، ومورق، وموظب، ومزيد، وحيوة، ومعدي كرب.
فإن قلت: فهلا قلت في مهدد إنه مفعل كما قلت في محبب؟
فالجواب: أن محببًا لو وجدنا له أصلًا نصرفه به إلى أنه فعلل؛ لفعلنا، ولكان ذلك آثر عندنا من أن نحمله على ضرورة العلم، ولكنا لم نجد في كلام العرب "م ح ب" متصرفان ووجدنا فيه "ح ب ب" فعدلنا إلى "ح ب ب" ضرورة.
__________
1 بادرت: أي أسرعت، وبادر إليه مبادرة وبدارًا أي أسرع. مادة "ب د ر" القاموس "1/ 369".
شربها: الشرب: الماء يشرب، والشرب النصيب منه. القاموس "1/ 86".
عجلى: أي مسرعة، وهي عجول وهي عجلى "ج" عجالى وعجال. القاموس "4/ 12".
مثابرة: ثابرعلى الأمر أي واظب عليه وداوم. مادة "ث ب ر" القاموس "1/ 381".
نغمًا: الأصوب نغبًا، والنغب جمع "م" النغبة: الجرعة. القاموس "1/ 133".
2 أي زيادة الهمزة وذلك في باب الهمزة.
3 مرزجوش: معرب مرزنكوش.
4 عضوفوط: ذكر الغطاء. القاموس "2/ 373".
5 قرطبوس: الشديدة الضرب من العقارب والناقة العظيمة الشديدة.
6 مهدد: اسم امرأة.
7 محبب: اسم رجل.

(2/100)


وأما مهدد- وإن كان علمًا بدلالة قول الأعشى1:
وما ذاك من عشق النساء وإنما ... تناسيت قبل اليوم خلة مهددًا2
فإنا إنما حملناه على أنه فعلل، ولم نحمله على أنه مفعل مظهر التضعيف لضرورة العلم؛ لأنا قد وجدنا في كلامهم "م هـ د" متصرفًا؛ فحملنا على هذا دون أن نحمله على أنه من "هـ د د" لما فيه من الضرورة، فاعرف ذلك.
واعلم أن الأعلام إنما جازت فيها هذه المخالفة للجمهور من قبل أنها كثر استعمالها؛ فجاز فيها من الاتساع ما لم يجز في ما قل استعماله من الأجناس، وكما غيرت في أنفسنا وذواتها؛ فكذلك غير إعرابها أيضًا عما عليه حكم إعراب النكرات. ألا تراهم يقولون لمن قال مررت بزيد: من زيد؟ ولمن قال ضربت بكرًا: من بكرًا؟ ولا يقولون لمن قال رأيت رجلًا: من رجلًا. ولا: من غلام؟ لمن قال نظرت إلى غلام.
واعلم أنك إذا حصلت حرفين أصليين في أولهما ميم أو همزة، وفي آخرهما ألف فاقض بزيادة الميم والهمزة، وذلك أنا اعتبرنا اللغة فوجدنا أكثرها على ذلك، إلا أن تجد ثبتًا تترك هذه القضية إليه؛ وذلك نحو موسى، وأروى3، وأفعى، ومثالهما مفعل، وأفعل، وذلك أن مفعلًا في الكلام أكثر من فعلى، وأفعل أكثر من فعلى، ألا ترى أن زيادة الميم أولًا أكثر من زيادة الألف رابعة.
وأما مِعْزى، لقولهم مَعْز، ومَعَز، ومَعِيز.
وأما أرطى4 ففعلى، لقولهم: أديم مأروط5.
__________
1 البيت في ديوانه ص "185".
2 عشق النساء: أي حبهن أشد الحب، والنساء: جع امرأة من غير لفظه.
تناسيت: أي ادعيت فقدانًا مؤقتًا لما حفظه ذهني من صور وأفكار وكلام.
خلة: الخلة الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله أي في باطنه "ج" خلال.
ويؤكد الشاعر على تناسيه لحب عشيقته مهدد.
3 أروى: اسم امرأة.
4 أرطى: شجر ينبت بالرمل يدبغ به.
أديم مأروط: أي أديم مدبوغ بشجر الأرطى.

(2/101)


وحكى لنا أبو علي أن أبا الحسن حكى: أديم مرطى؛ فأرطى على هذا: أفعل.
وقد زيدت الميم حشوًا فى "دلامص" في قول الخليل1، ووزنه فعامل؛ لأنه من الدلاص2، وهو البراق، قال الأعشى:
إذا جردت يومًا حسبت خميصة ... عليها وجريال النضير الدلامصا3
وقد قلبوه، فقالوا: دمالص، ووزنه على هذا فماعل، وحذفوا أيضًا ألفهما تخفيفًا؛ فقالوا: ودملص ووزنهما فعمل، وفمعل. وأما أبو عثمان فأجاز4 في "دلامص" أن يكون رباعيًا قريبًا من لفظ "دلاص"، كما قالوا لؤل ولأال، وسبط5 وسبطر6، ودمث7 ودمثر8. وقد أحكمت هذا، وتقصيته في كتابي9 في شرح تصريف أبي عثمان رحمه الله.
ونظير دمالص ما حدثنا به أبو علي قال: يقال: لبن قمارص، يعنى القارص؛ فالميم إذن هنا زائدة، ومثاله فماعل.
__________
1 انظر/ الكتاب "2/ 328".
2 في الكتاب "4/ 325": لأنه من التدليص.
الدلعص: كعلبط وعلابط البراق، وذهب دلامص لماع. القاموس المحيط "2/ 304".
3 جردت: أزيل ما عليها. مادة "ج ر د" القاموس المحيط "2/ 282".
خميصة: كساء أسود مربع له علمان. القاموس المحيط "2/ 302".
قوله خميصه عليها: كناية عن الشعر.
النضير: الخالص من كل شيء والذي يشتمل على رونق وبهجة. وهو يكنى به عن الذهب حيث يقال ذهب نضار. القاموس المحيط "2/ 143".
يقول الأعشى: أنها لو جردت من ملابسها لظننت وشعرها ينسدل عليها كأنما ترتدي خميصة ويبدو ما عليها صاف يبرق كأنما الذهب والفضة.
4 المنصف "1/ 152".
5 وسبط: السبط من الرجال الطويل. القاموس المحيط "2/ 362".
6 سبطر: في الرجال، الطويل. لسان العرب "4/ 342" مادة/ سبطر.
7 دمث: المكان الدمث: السهل اللين. القاموس المحيط "1/ 166-167".
8 دمثر: السهل اللين. لسان العرب "4/ 291" مادة/ دمثر.
9 أي في المنصف "1/ 152-153".

(2/102)


وحدثنا أبو علي أيضًا، قال1: قال الأصمعي2: قالوا للأسد هرماس، وهو من الهرس3؛ فمثاله على هذا "فِعْمَال".
ويجوز على قياس قول الخليل أن يكون حلقوم: فعلوم؛ لأنه من الحلق. وبلعوم: فعلوم أيضًا؛ لأنه من البلع، وسرطم: فعلم؛ لأنه من الاستراط4. ورأس صلادم: فعالم؛ لأنه من الصلد5. وأسد ضبارم: فعالم؛ لأنه من الضبر6 والتضبير. وأن يكون أيضًا ضماريط من قول القضيم بن مسلم البكائي7:
وبيت أمه فأساع نهسًا ... ضماريط استها في غير نار8
وزنه: فماعيل؛ لأنه من الضرط.
وقد زيدت الميم آخرًا أيضًا، وذلك قولهم: اللهم، فالميم مشدة عرض في آخره من يا في أوله، ولا يجمع بينهما إلا في ضرورة الشعر، قال:
إني إذا ما حدث ألما ... أقول: يا اللهم يا اللهما9
وخففها الأعشى، فقال10:
كحلفة من أبي رياح ... يسمعها لا هم الكبار11
__________
1 التكملة "ص555".
2 اظر/ اشتقاق الأسماء للأصمعي.
3 الهرس: الدق العنيف. القاموس المحيط "2/ 259".
4 الاستراط: سرط- سرطًا- استراطًا: أي ابتلعه. مادة "س ر ط" القاموس "2/ 363".
5 الصلد: حجر صلد: صلب أملس. القاموس "1/ 308".
6 الضبر: شدة الخلق.
7 البيت نسبه صاحب اللسان في مادة "ض ر ط" إلى الفضيم بن مسلم البكائي.
8 ضماريط الأست: ماحواليها. لسان العرب "7/ 342" مادة/ ضرط.
والشاهد فيه: أن ضراريط على وزن فماعيل حيث أن أصلها ضريط بوزن فعل، وضراريط على وزن "فماعيل" على هذا النحو.
9 سبق الحديث عنه.
10 نسب صاحب اللسان البيت في مادة "أله" إلى الأعشى، وهو في ديوانه "ص333"، وانظر/ معاني القرآن للفراء "1/ 204".
11 والشاهد فيه أن الأعشى لم يشدد الميم في قوله "لاهم" حيث إن الميم تشدد عوضًا عن أداة النداء في أول المنادى في قوله "يا اللهما" فتصبح اللهم بتشدد الميم وحذف الياء.

(2/103)


ولحقت أيضًا في آخر المتمكن، وذلك نحو شذقم؛ لأنه العظيم الشدق. وشجعم، لقولهم1:
الأفعوان والشجاع الشجعما2
إنما هو توكيده ومن لفظه. ودردم من الأدرد3، ودلقم من الدلق4 وسيف دلوق. ودقعم5 من الدقعاء. ورزقم6، وفسحم7، وستهم8، لأنها من الرزقة، والفسحة9، والأسته.
ويجوز أن يكون قرطم10 من ذلك لأنه يقرط. وقالوا: امرأة خدلم للخدلة11، وشيخ كهكم12، وهو الذي يكهكه في يده.
قال الأغلب13:
يا رب شيخ من لكيز كهكم ... قلص عن ذات شباب خدلم14
__________
1 البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "ش ج ع": "8/ 175"، ولم ينسبه.
2 الأفعوان: ذكرالأفاعي. لسان العرب "15/ 159" مادة/ فعا.
3 الأدر: الذي سقطت أسنانه كلها وفي الحديث: "لزمت السواك حتى خشيت أن يدرني".
4 الدلق: دلق الشيء أخرجه. القاموس المحيط "3/ 232".
5 دقعم: الأرض التي لا نبات بها فهي دقعاء ودقعم.
6 الزرقم: الذي اشتدت زرقته للمذكر والمؤنث. القاموس المحيط "3/ 240".
7 الفسحم: الذي اتسع صدره فصدره فسيح وفسحم، وكذا من فسح صدره فانشرح.
8 وستهم: الذي عظم استه.
9 الفسحة: السعة "ج" فسح. مادة "ف س ح". القاموس المحيط "1/ 240".
10 قراطم: نبات زراعي صبغي من الفصيلة المركبة، يستعمل زهرة تابلًا وملونًا للطعام، ويستخرج منه صباغ أحمر، وهو حب العصفر أو ثمره. القاموس "4/ 164".
11 للخدلة: المرأة الغليظة الساق المستديرتها. القاموس المحيط "3/ 366".
12 كهكم: أي كل وطعن في السن. القاموس المحيط "4/ 173".
13 البيت نسبه إليه صاحب اللسان في مادة "خدل": "11/ 201".
14 البيت نسبه صاحب اللسان كما ذكرنا إلى الأغلب العجلي، ولكن كالآتي:
يارب شيخ من عدي كهكم ... قلص عن ذات سباب خدلم
والشاهد فيه قوله "كهكم" حيث أبدل الهاء ميمًا حيث إنها كهكه.

(2/104)


وقال آخر:
ليست برسحاء ولكن ستهم ... ولا بكرواء ولكن خدلم1
وقال ابن دريد: دخشم اسم رجل من دخش2 يدخش دخشًا إذا امتلأ لحمًا.
والصلقم: الشديد الصراخ، من الصلق3.
واعلم أن الميم في أنتما، وأنتم، وقمتما، وقمتمو، وضربتكما، وضربتكمو، ومررت لهما وبهمو، إنما زيدت لعلامة تجاوز الواحد، وأن الألف بعدها لإخلاص التثنية، والواو بعدها لإخلاص الجمع.
واعلم أن الميم من خواص زيادة الأسماء، ولا تزداد في الأفعال إلا شاذًا؛ وذلك نحو: تمسكن4 الرجل، من المسكنة، وتمدرع5 من المدرعة، وتمندل6 من المنديل، وتمنطق7 من المنطقة، وتمسلم الرجل إذا كان يدعى زيدًا أو غيره ثم صار يدعى مسلمًا8. وحكى ابن الأعرابى عن أبى زياد: فلان يتمولى9 علينا؛ فهذا كله تمفعل. وقالوا مرحبك الله ومسهلك10. وقالوا مخرق11 الرجل، وضعفها ابن كسيان، وهذا كله مفعل. ولا يقاس على هذا إلا أن يشذ الحرف فتضمه إليه.
__________
1 البيت ذكره صاحب اللسان في مادة "كرا" ولم ينسبه. "15/ 220".
رسحاء: رسح رسحًا: قل لحم عجزه وفخذيه؛ فهو أرسح وهي ريحاء ويقال به رسح.
ستهم: العظيمة الأست.
كراوه: التي دق عظم أطرافها -الساقين والذراعين-.
خدلم: الممتلئة.
يقول الشاعر في وصف للمرأة: أنها ليست قليلة اللحم؛ ولكنها عظيمة الاست ممتلئة.
والبيت إنشائى في صورة نفي غرضه المدح.
2 دخش: بفتح العين في النسخ كلها، وكذا في اللسان "6/ 301" مادة/ دخش.
3 الصلق: الصياح. القاموس المحيط "3/ 254".
4 تمسكن الرجل: أظهر المسكنة. القاموس المحيط "4/ 235".
5 تمدرع: لبس المدرعة. القاموس "3/ 20".
6 تمندل: تمسح بالمنديل. القاموس "4/ 56".
7 تمنطق: شد على وسطه المنطقة. لسان العرب" 10/ 366" مادة/ نطق.
8 مسلمًا: في الممتع "ص242": مسلمة.
9 تمولى علينا: تعاظم.
10 مسهلك: من السهل. لسان العرب "11/ 349".
11 مخرق الرجل: أي تخرق بالمعروف، وهو من الخرق، أي الكريم.

(2/105)