إسفار الفصيح الفصل الثاني: دراسة
كتاب إسفار الفصيح
المبحث الأول: تحقيق عنوان الكتاب وتوثيق
نسبته إلى مؤلفه
...
المبحث الأول: تحقيق عنوان الكتاب، وتوثيق نسبته إلى مؤلفه.
أجمع أرباب التحقيق1 على أن الكتاب المنسوخ بخط مؤلفه، يعد أوثق دليل
على صحة عنوان الكتاب ونسبته إلى مؤلفه.
وقد وصل إلينا – بحمد الله – كتاب "إسفار الفصيح" بخط مؤلفه2 أبي سهل
الهروي، متجاوزا بذلك نحو ألف سنة من رحلة التاريخ، لم يصب خلالها بأي
أذى يذكر، فكان في حرز من رعاية الله وصونه وحفظه، بالرغم مما حل
بالأمة من كوارث من كوارث ونكبات ضاع بسببها كثير من تراثها الفكري،
وهي نعمة من الله بها على هذا الكتاب وعلى مؤلفه قل أن يظفر بها كتاب
ألف في العصور المتأخرة فضلا عن العصور الغابرة.
والعنوان الذي أثبته أبو سهل على الورقة الأولى هو: "كتاب إسفار3
الفصيح".
__________
1 ينظر: تحقيق النصوص ونشرها 42، ومحاضرات في تحقيق النصوص 65، 67،
وتحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل 235.
2 ينظر: ص 280 من هذا القسم.
3 الإسفار: مصدر أسفر يسفر إسفارا، وهو الوضوح والانكشاف، يقال: أسفر
الصبح، أي أضاء. المقاييس 3/82، واللسان 4/370 (سفر) .
(1/125)
ثم أعاد ذكر العنوان بمخالفة لفظية يسيرة
في مقدمة الكتاب فقال: ".... فعملت لك هذا الكتاب ووسمته بإسفار
الفصيح".
ثم ذكره في نهاية الكتاب بالصيغة التي ذكرها على الورقة الأولى قائلا:
"تم كتاب إسفار الفصيح، والحمد لله رب العالمين....".
وقد ذكره بالصيغة الواردة في المقدمة في مقدمة "التلويح في شرح الفصيح"
حيث قال: "ثم سألني أيضا أن أفسر له الفصول التي أهمل تفسيرها، وأن
أزيد في بيان ما فسره منها، فعملت له ذلك في كتاب آخر ووسمته بإسفار
الفصيح"1.
وورد العنوان بهذه الصيغة أيضا على الورقة الأولى من نسخة مكتبة شهيد
علي، أما نسخة دار الكتب المصرية فكتب العنوان على صدرها بخط حديث:
"شرح فصيح ثعلب في اللغة للهروي"2.
وقد ورد الكتاب مذكورا في كتب التراجم، والكتب التي نقلت عنه تحت
عنوانين مختلفين هما:
1- إسفار الفصيح (أو إسفار كتاب الفصيح) .
ذكر بهذا العنوان في: الوافي بالوفيات3، وارتشاف الضرب4،
__________
1 ص 1.
2 ينظر وصف هاتين المسختين في ص 285-289.
3 4/121.
4 2/118.
(1/126)
واللسان1، والتاج2، والأعلام3، وتاريخ
التراث العربي4.
2-شرح الفصيح (أو شرح فصيح ثعلب) .
وذكر بهذا العنوان في معجم الأدباء5، وتلخيص ابن مكتوم6، وبغية
الوعاة7، وخزانة الأدب للبغدادي8، وشرح أبيات مغني اللبيب له9، وحاشيته
على شرح بانت سعاد10.
وفي الكتب الثلاثة الأولى ذكر أن له "شرح الفصيح ومختصره"، ويعنون
ب"مختصره" التلويح في شرح الفصيح، وقد سبق الحديث عنه11.
ومن بين هذه العناوين اخترت العنوان الذي ارتضاه المؤلف، وأثبته بخطه
على الورقة الأولى والأخيرة من الكتاب، وهو "كتاب إسفار الفصيح".
__________
(فعم) 12/455.
(فعم) 9/13/ وفي هذين الأخيرين "إشعار الفصيح" بالشين المعجمة والعين،
ولا شك أنه تصحيف.
3 6/275.
4 8/253، 477.
5 6/2579.
6 226.
7 1/195.
8 1/25، 6/283، 285.
9 4/88.
10 1/347، 544.
11 ص 105.
(1/127)
وفي هذا الذي أوردناه دليل كاف على توثيق
نسبة الكتاب إلى أبي سهل، ولاسيما أن الكتاب وصل إلينا منسوبا بخطه.
وهناك أدلة أخرى تقطع أيضا بنسبة الكتاب إلى أبي سهل أسوق لك بعضها،
تأكيدا لما سبق منها:
1- إمساكه عن التفصيل في كثير من المسائل العلمية، وإحالته على كتبه
الأخرى، وقد ذكر منها: كتاب الكنى والمبنى، والكتاب المثلث، والمنمق،
وكتاب الأسد، وكتاب السيف. وهذه الكتب ثابتة النسبة إليه، لم يشك فيها
أحد، وقد ذكرت أمثلة من إحالاته عليها في الحديث عن مؤلفاته.
2- وجود نصوص كثيرة نقلت من هذا الكتاب، وهي موجودة فيه وسيأتي توضيح
ذلك في مبحث تقويم الكتاب.
3- روى في هذا الكتاب عن أبي أسامة جنادة بن محمد الهروي (ت399هـ) ونص
على أنه من شيوخه، وقد نص أكثر مترجميه على ذلك أيضا.
(1/128)
|