إسفار الفصيح

قسم التحقيق
باب فَعَلْتُ- بفتح العين
...
باب فعلت بفتح العين.
[7/أ] يقال: "نمى المال وغيره ينمي"1 نماء ونميا، إذا كثر وزاد لتناسله، فهو نام، على مثال مضى يمضي مضاء ومضيا، فهو ماض. والمال عند العرب هو: الإبل والغنم، وغير ذلك مما يتناسل، ويسمون النخل والذهب والفضة، وغير ذلك مما يقتنى ويكتسب مالا أيضا2. ونماء الشيء بالمد: زيادته وكثرته على ما عرف من حاله ومقدراه. ومنه قول الراجز3:
"يا حب ليلى لا تغير وازدد ... وانم كما ينمي الخضاب في اليد"
__________
1 والعامة تقول: "نما ينمو نموا" بالواو – وهي لغة لبعض العرب ليست بخطأ – ينظر: ما تلحن فيه العامة 138، وإصلاح المنطق 138، والأفعال للسرقسطي 3/172ن وابن درستويه 116، والبصائر والذخائر 2/54، 7/253ن والجمهرة 2/992ن والصحاح 6/2515، واللسان 15/341 (نمى) .
2 ينظر: السان (مول) 6/636.
3 البيتان بلا نسبة في: ما تلحن فيه العامة 139ن وفعل وأفعل للأصمعي 519، وابن درستويه 116، وتحفة المجد الصريح (9/أ) ، وأساس البلاغة 474، ولسان العرب 15/342، والتاج 10/377، (نمى) ورواية اللسان والتاج "كما ينمو" قال ابن سيدة: "والرواية الشهورة وانم كما ينمي".

(1/324)


(وذوى العود) الرطب (يذوي) 1 بالكسر، ذيا وذويا أيضا، مثل مضيا، فهو ذاو، وفي كثير من نسخ الكتاب: "أي خف"، وهو غلط2 وإنما هو مثل ذبل، سواء في الوزن والمعنى، وذلك إذا ابتدأ في الجفاف فلان استرخى لقلة رطوبته، ولم يتناه في اليبس. والمستقبل من ذبل يذبل بالضم، ومصدره ذبل وذبول، واسم الفاعل ذابل. وقال الشاعر في ذوى3:
رأيت الفتى كالغصن يهتز ناعما ... تراه عميما ثم يصبح قد ذوى
__________
1 والعامة تقول: "ذوي يذوى" بكسر الواو من الماضي وفتحها من المضارع، وهي لغة حكاها عن يونس صاحب إصلاح المنطق 190ن وأدب الكاتب 475، وقال ابن دريد في الجمهرة (ذوى) 2/703: "فأما ذوي يذوى فليس من كلامهم"،وقال أيضا 2/1097: "وفي بعض اللغات ذأى العود يذأى ذأيا، وليس باللغة العالية". وينظر: الأفعال لابن القوطية 273، وللسرقسطي 3/604ن ولابن القطاع 1/398، والمحيط في اللغة 10/118ن واللسان 14/292، 290، (ذأى) ، (ذوى) .
2 قال بهذا التفسير الذي غلطه كثير من أئمة اللغة، جاء في المقاييس (ذوى) : "الذال والواووالياء كلمة واحدة تدل على يبس وجفوف، تقول: ذوى العود يذوي، إذا جف، وهو ذاو". ينظر: المجمل 1/362، والجمهرة 2/1097، وأساس البلاغة 147، وشمس العلوم 2/182 (ذوى) .
3 البيت بلا نسبة في اللسان (ذوى) 14/291، وروايته:
رأيت الفتى يهتز كالغصن ناعما تراه عميا ثم يصبح قد ذوى.
والعميم والعمي: الطويل من الرجال أو النبات. اللسان (عمم) 12/425، (عمي) 15/100.

(1/325)


[7/ب] (وغوى الرجل يغوي) 1 غيا وغية وغواية، فهو غاو: إذا عدل عن طريق الصواب، وترك الرشاد، وفعل فعل الجهال. وقال الله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} 2، وقال عز وجل: {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} 3. وينشد هذا البيت، وهو للمرقش الأصغر4:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره
ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
الخير هاهنا: الرشد، ومعناه: من يتبع الرشد ويقصده يحمد الناس حاله، أي يثنون عليه ثناء ثناء جميلا، ويصفون محاسن أفعاله. ومن يفعل الشر يجد من يعتبه5 عليه ويذمه.
"وفسد الشيء يفسد" 6 ويفسد بالضم والكسر، فسادا وفسودا:
__________
1 والعامة تقول: "غوي يغوى" بكسر العين من الماضي وفتحها من المضارع، وهو خطأ، لأن معنى "غوي": أن يكثر الفصيل من لبن أمه حتى يبشم، أي يضعف ويعتل. وقيل: هي لغة. ينظر: إصلاح المنطق 189، وأدب الكاتب 421، والأفعال للسرقسطي 2/43، وابن درستويه 119، والجمهرة 1/244، 2/964، والصحاح 6/2450 (غوى) .
2 سورة طه 121.
3 سورة الأعراف 175. وينظر: تفسير الطبري 9/124، 16/224.
4 ديوانه 537، والمرقش هو ربيعة بن سفيان بن مالك بن ضبيعة، شاعر جاهلي، من أهل نجد، وهو عم طرفة بن العبد، وأحد عشاق العرب المشهورين، وصاحبته فاطمة بنت المنذر، توفي سنة 50 قبل الهجرة. الشعر والشعراء 1/142، والأغاني 6/136، والمؤتلف والمختلف 184.
5 ش: "يعيبه".
6 والعامة تقول: "فسد يفسد" بضم السين من الماضي والمضارع. ما تلحن فيه العامة 137، وقال ابن درستويه 119: "وهو لحن وخطأ"، قلت: الضم لغة حكاها جمع من أئمة اللغة. ينظر: إصلاح المنطق 189، وأدب الكاتب 422، وتثقيف اللسان 285، والجمهرة 3/1249، وديوان الأدب 2/106، والصحاح 2/519 (فسد) .

(1/326)


إذا تغير وانتقل عن الحال المحمودة التي يجب أن يكون عليها، حتى لا ينتفع به1، وهو خلاف صلح يصلح صلاحا وصلوحا، وأصل الصلاح: استقامة الحال، فهو فاسد وصالح.
(وعسيت أن أفعل ذاك) 2، أي قاربت أن أفعله ورجوت ذلك وطمعت فيه، فيجوز [8/أ] أن أفعله، ويجوز ألا أفعله، فجعل عبارة عن الترجي والإشفاق، كما عبروا بالحروف عن التمني والطمع، نحو: ليت، ولعل. ومنعوا عسى التصرف (فلا يقال منه: يفعل، ولا فاعل) ، لا يقال: يعسى، ولا عاس، ولا مصدر له3 أيضا4، لأنه وقع بلفظ
__________
1 ش: "حتى لا يكون عليها ولا ينتفع به".
2 والعامة تقول: "عسيت" بكسر السين. ما تلحن فيه العامة 103، وإصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 422، قال ابن درستويه 120: "وهو لغة شادة رديئة". قلت: قرأ بها نافع من القراء السبعة في قوله: {فهل عسيتم أن توليتم} سورة محمد 22، قال الفراء في معاني القرآن 3/62: "ولعلها لغة نادرة". وينظر علل القراءات 2/633، والنشر في القراءات العشر 2/230.
3 ش: "لها".
4 ينظر: الكتاب 3/158، وإصلاح المنطق 188، والأفعال للسرقسطي 1/315، والصحاح (عسا) 6/2425.

(1/327)


الماضي، ونقل معناه عن المضي، ووضع موضع1 الإخبار عن حال صاحبه التي هو مقيم عليها، كما فعل مثل ذلك بليس، لأن لفظها لفظ الماضي، وهي للحال الثابتة، وأجريت في منع التصرف مجرى حروف المعاني الجامدة، إذ كانت الحروف لا تصرف لها2.
"ودمعت عيني تدمع "3 بالفتح، دمعا، ودمعانا ودموعا: إذا خرج دمعها، وهو ماؤها عند البكاء، وسواء سال أو لم يسل، والعين دامعة.
(ورعفت أرعف) 4 بالضم، رعفا، فأنا راعف: أي جرى الدم من أنفي وسال، وذلك الدم هو الرعاف.
(وعثرت أعثر) 5 بالضم، عثرا وعثارا وعثورا، فأنا عاثر: إذا علقت أصابع رجلي وثوبي، أو أصابت رجلي حجرا أو غيره،
__________
1 ش: "ووقع موقع".
2 ينظر: الكتاب 1/46، والأصول 3/345ن والتهذيب (ليس) 13/73.
3 والعامة تقول: "دمعت" بكسر الميم من الماضي. ما تلحن فيه العامة 105، وإصلاح المنطق 188، وفي الصحاح (دمع) 3/1209: "ودمعت بالكسر، دمعا: لغة حكاها أبو عبيدة"، وصفها ابن درستويه 122 بأنها لغة رديئة.
4 والعامة تقول: "رعف" بالبناء للمجهول، قال ابن درستويه 122: "وهو خطأ، لأن هذا فعل لا يتعدى فلا يجيء منه ما لم يسم فاعله"، وتقول أيضا: "رعفت ورعفت" بضم العين وكسرها، وهما لغتان ضعيفتان. ينظر: إصلاح المنطق 188ن وأدب الكاتب 422، 476، وتثقيف اللسان 320، والمنتخب 2/554، واللسان (رعف) 9/132.
5 العامة تقول: "عثر" بضم الثاء من الماضي. أدب الكاتب 399، وتقويم اللسان 136، و"عثر" مثلثة الثاء في المحكم 2/63، والسان 4/539، والقاموس 560 (عثر) .

(1/328)


فسقطت، أو كدت أسقط، وكذلك يقال: عثر الفرس وغيره، [8/ب] إذا أصاب حافره حجرا أو غيره، أو زلت قائمة من قوائمه، أو وقعت في وهدة1 فسقط لذلك، أو كاد يسقط، وإذا كثر ذلك منه، فهو عثور. وعثرت أيضا على فلان، أي صادفته ووجدته واطلعت عليه، أعثر وأعثر بالكسر والضم، عثرا وعثورا، فأنا عاثر، وهو معثور عليه.
(ونفر) 2 الرجل والدابة من الشيء (ينفر) وينفر بالضم والكسر، نفورا ونفارا: إذا هرب وذهب خوفا منه، فهو نافر. ونفر الحاج من منى إلى مكة نفرا ونفورا ونفيرا3، إذا رجع منه إليها.
(وشتم يشتم) ويشتم4 شتما، فهو شاتم، والمفعول مشتوم: إذا سب إنسانا، أي5 إذا قال فيه مكروها، وذكره بقبيح. ومنه قول الشاعر6:
__________
1 الوهدة: المكان المنخفض من الأرض كأنه حفرة. اللسان (وهد) 3/470.
2 والعامة تقول: "نفر" بضم الفاء من الماضي. ابن درستويه 124. وينظر: أدب الكتاب 347.
3 كلمة: "ونفيرا" ساقطة من ش.
4 كسر التاء وضمها من المضارع صحيح قياسا، وجعل ابن درستويه 125، وابن ناقيا 1/10 الكسر أفصح، وفي تثقيف اللسان 172 جعل الضم من لحن العامة. ينظر: بغية الآمال 105، والتهذيب 11/328، واللسان 12/318، والقاموس 1453 (شتم) .
5 ش: "أو".
6 لم أهتد إليه.

(1/329)


إن من بلغ حرا شتمه
فهو الشاتم لا من شتمه
(ونعست أنعس) 1 بالضم، نعسا ونعاسا: إذا ابتدأ النوم بي وغشيني، وأنا جالس أو قائم، ولم أستثقل فيه (فأنا ناعس، ولا يقال نعسان) 2.
(ولغب الرجل يلغب) 3، بالضم، لغبا ولغوبا، فهولاغب: [9/أ] (إذا أعيى) وتعب من مشي أوعمل. وفي التنزيل: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} 4.
(وذهلت عن الشيء أذهل) 5 بالفتح، ذهلا وذهولا، فأنا ذاهل:
__________
1 والعامة تقول: "نعست" بضم العين، ذكره ابن درستويه 126، وابن ناقيا 1/11، وفي تقويم اللسان 178: "نعست" بضم النون وكسر العين، وفي تصحيح التصحيف 520: "نعست" بضم النون والعين معا.
2 لأن ذلك من كلام العامة، كما صرح به ابن درستويه 126، وفي التهذيب (نعس) 2/105: "قال الفراء: ولا أشتهيها، يعني نعسان". وجاء في العين (نعس) 1/338: "وقد سمعناهم يقولون: نعسان ونعسى، حملوه على وسنان ووسنى، وربما حملوا الشيء على نظائره، وأحسن ما يكون ذلك في الشعر". وينظر: المحيط 1/368، والمحكم 1/308، واللسان 6/233 (نعس) .
3 في أدب الكاتب 422: "ويقولون: لغبت، ولغبت أجود"، قال المرزوقي (7/ب) : "ولغب لغة رديئة"، وذكر ابن درستويه 127: أن "العامة تقول: لغبت بضم الغين من الماضي، وهو خطأ". ينظر: الأفعال للسرقسطي 2/421، والجمهرة 1/370، والصحاح 1/220، والمحكم 5/313 (لغب) .
4 سورة ق 38.
5 والعامة تقول: "ذهلت" بكسر العين، كذا ذكر ابن درستويه 127، والصحيح أنها لغة أخرى، كما في إصلاح المنطق 188، والأفعال للسرقسطي 3/601، والعين 4/39، والجمهرة 2/702، والصحاح 4/1702 (ذهل) .

(1/330)


أي أغفلت عنه، وسلوت، ونسيته، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَت} 1 معناه – والله أعلم -: تسلو عن ولدها، وتتركه، وتشغل عنه. والشيء مذهول عنه.
(وغبطت الرجل فأنا أغبطه) بالكسر2، غبطة: أي سررته، فأنا غابط، وهو مغبوط، أي مسرور. وغبطته أغبطه غبطا بفتح الغين، وغبطة بكسرها، ومغبطة ومغبطة بفتح الباء وكسرها، وأنا3 غابط، وهو مغبوط أيضا: أي تمنيت أن يكون لي مثل الذي له من الخير والحال والمال من غير أن أتمنى زوال شيء من ذلك عنه، فإن تمنيت أن يكون لي مثل خيره وحاله وماله، مع زوال ذلك عنه، فأنا حاسد، وهو محسود4. وقد حسدته أحسده بضم السين، حسدا بفتحها. والحسد مذموم، والغبط غير مذموم5.
(وخمدت النار وغيرها تخمد) 6 بالضم، خمودا، فهي خامدة:
__________
1 سورة الحج 2. وينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 290.
2 والعامة تقول: "أغبطه" بفتح الباء. ابن درستويه 128ن وابن ناقيا 1/13.
3 ش: "فأنا".
4 ينظر: الصحاح (غبط) 3/1146، واللسان (حسد) 3/149.
5 قوله: "والغبط غير مذموم" ساقط من ش، ومما ورد في النهي عن الحسد قوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب" رواه أبو داود (كتاب الأدب، باب الحسد 4904) ، وأما الغبط فليس بمذموم لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يضر الغبط" غرب الحديث للخطابي 3/211ن والنهاية 3/339.
6 والعامة تقول: "خمدت النار تخمد" بكسر الميم من الماضي وفتحها من المستقبل. إصلاح المنطق 190ن وأدب الكاتب 399ن وابن درستويه 128.

(1/331)


إذا سكن لهبها وذهب ضوؤها، ولم [9/ب] يطفأ جمرها، فإذا طفئ جمرها، وذهب حرها، فهي هامدة بالهاء1. وقد همدت تهمد همودا بالضم أيضا2.
(وعجزت عن الشيء أعجز) 3 بالكسر، عجزا ومعحزة ومعجزا بكسر الجيم، ومعجزة ومعجزا بفتحها، فأنا عاجز، والشيء معجوز عنه: إذا لم أقدر على ما أريده، وقصرت عنه، وضعفت في الجسم والعقل والرأي. وفي التنزيل: {قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ} 4.
(وحرصت على الشيء أحرص) 5 بالكسر، حرصا: أي أجتهدت، وطلبت بنصب وشدة وحيلة، فأنا حريص،
__________
1 الفروق اللغوية 248.
2 إصلاح المنطق 190، وأدب الكاتب 399.
3 والعامة تقول: "عجزت أعجز" بكسر الجيم من الماضي وفتحها من المستقبل. ما تلحن فيه العامة 100، وإصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 342، وابن درستويه 128، وتثقيف اللسان 173، وفي الأفعال للسرقسطي 1/220: "قال أبو زيد: ولغة فيه لبعض قيس عيلان: عجزت أعجز، بكسر الجيم في الماضي".
4 سورة المائدة 31.
5 والعامة تقول: "حرصت أحرص" بكسر الماضي وفتح المستقبل. وهي كما يقول ابن درستويه 129: "لغة معروفة صحيحة، إلا أنها في كلام الفصحاء قليلة"، وقال صاحب التهذيب (حرص) 4/239: "قلت: اللغة العالية حرص يحرص، وأما حرص يحرص فلغة رديئة". وينظر: ما تلحن فيه العامة 99، وإصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 398، وجمهرة (حرص) 1/513، 3/1297.

(1/332)


فإن لم تكن1 كذلك لم تكن2 حريصا. ومنه قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} 3. وجاء اسم الفاعل من هذا حريص، لأنه بمعنى المبالغة، كما جاء عليم ورحيم4، والقياس حارص، والشيء محروص عليه.
(ونقمت على الرجل أنقم) 5 بكسر القاف، نقما بسكونها وفتح النون، ونقمة أيضا بكسر النون، فأنا ناقم عليه: إذا عتبت عليه، ووجدت، وأنكرت فعله. وفي التنزيل: [10/أ] {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} 6، وفيه أيضا: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا} 7.
(وغدرت به أغدر) 8بالكسر، غدرا، فأنا غادر: أي تركت
__________
1 ش: "يكن".
2 ش: "يكن".
3 سورة النساء 129.
4 ينظر: الكتاب 1/110.
5 ما تلحن فيه العامة 100، وإصلاح المنطق 188، 207، وأدب الكاتب 421. والعامة تقول: "نقمت أنقم" بكسر الماضي وفتح المستقبل، وهي لغة قرئ بها قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ} قرأ الجمهور بفتح القاف، وقرأ بكسرها زيد بن علي وأبو حيوة وابن أبي عبلة. ينظر الجمهرة (نقم) 2/977، وشواذ القرآن 50، 171، والبحر المحيط 10/445.
6 سورة البروج 8.
7 سورة الأعراف 126.
8 والعامة تقول: "غدرت أغدر" بكسر الدال من الماضي وفتحها من المستقبل. قال ابن درستويه 131: "وهو خطأ". قلت: لأن "غدر يغدر" يقال قياسا لمن يشرب من الماء الغدير، كما نص الأزهري في التهذيب (غدر) 8/68. وينظر: إصلاح المنطق 195، والأفعال للسرقسطي 2/15، وبغية الآمال 67.

(1/333)


الوفاء لمن أخذ مني ذماما، ونقضت ذلك، وأنشدني أبي – رحمه الله -:
لقد آليت أغدر في جداع ... ولو منيت أمات الرباع
لإن الغدر للأقوام عار ... وأن المرء يجزأ بالكراع1
وقال: أراد لا أغدر، فحذف "لا" لعلم السامع2. وجداع بفتح أوله وكسر آخره بلا تنوين: سنة جدبة تجدع كل شيء، أي تقطعه، وهي مبنية على الكسر.
(وعمدت للشيء) وإلى الشيء والشيء، فأنا (أعمد) 3 بالكسر، عمدا: أي (قصدت إليه) بجد، وهو ضد أخطأت، فأنا عامد، والشيء معمود وعميد أيضا، ولذلك سموا الرئيس الذي
__________
1 نسبا إلى أبي حنبل جارية بن مر بن عدي الطائي في الشعر والشعراء 1/60، والمعاني الكبير 2/1123ن والمحبر 353ن وشرح المفضليات للأنباري 244، 569، وغريب الحديث لأبي عبيد 1/58، واللسان (جدع) 8/42، ونسبا إلى أبي حنبل وبشر ابن أبي خازم في إيضاح شواهد الإيضاح 2/604، وليسا في ديوان بشر المطبوع، والبيتان من غير نسبة في الزاهر 1/492، والتكملة لأبي علي 351، وتثقيف اللسان 129، والصحاح 3/1193، والمقاييس 1/432، 455، والمجمل 1/188، اللسان 1/46، 12/29، 13/472 (جزأ، أمم، أمه) .
والرباع: أولاد الإبل التي نتجت في الربيع، وأجزأ: كفى، والكراع: هي من الدواب ما دون الكعب، ومن الإنسان ما دون الركبة. عن شرح القيسي لشواهد الإيضاح 2/605، 607.
2ينظر: الكتاب 3/105.
3 والعامة تقول: "عمدت أعمد" بكسر الماضي وفتح المستقبل. ينظر: إصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 398، وابن درستويه 131، وتثقيف اللسان 173.

(1/334)


يقصد في الحوائج عميدا1.
(وهلك الرجل وغيره يهلك) 2 بالكسر، هلاكا وهلكا وهلكا بفتح الهاء وضمها وسكون اللام منهما، وهلكة بفتحهما، ومهلكا ومهلكا ومهلكا بفتح اللام وكسرها [10/ب] وضمها، وفتح الميم منها: إذا مات، أو وقع في شيء شبيه بالموت، أو تلف، أو ضاع. وقال الله تعالى: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَة} 3. وقال أبو منصور محمد بن علي الجبان الرازي4: هلك الرجل، إذا انتقل من حالة سارة إلى حالة خلافها من أحوال السوء5.
(وعطس يعطس) ويعطس بالكسر والضم، عطسا6، فهو
__________
1 ينظر: المقاييس (عمد) 4/138.
2 والعامة تقول: "هلك يهلك ويهلك" بكسر اللام من الماضي وفتحها أو ضمها من المستقبل. أدب الكاتب 400، وابن درستويه 132، وتثقيف اللسان 175، وتقويم اللسان 187، وتصحيح التصحيف 567.
3 سورة الأنفال 42ن وقرأ الأعمش وعصمة عن أبي بكر عن عاصم: "ليهلك" بالفتح، وهي قراءة شاذة. ينظر: شواذ القرآن 55، والبحر المحيط 5/329.
4 هو أديب لغوي شاعر، من أهل الري، من مؤلفاته: كتاب أبنية الأفعال، والشامل في اللغة، وشرح فصيح ثعلب، كان حيا سنة 416، ولا تعلم سنة وفاته.
إنباه الرواة 3/194، ومعجم الأدباء 6/2578، وبغية الوعاة 1/185.
5 الجبان 102.
6 والعامة تقول: "عطس وعطس يعطس عطسا" بضم الطاء أو كسرها في الماضي، وفتحها في المستقبل والمصدر. إصلاح المنطق 188ن وأدب الكاتب 477، وابن درستويه 133، وتصحيح التصحيف 383، والجمهرة 2/835، والصحاح 3/950 (عطس) .

(1/335)


عاطس: إذا تحدر1 من رأسه بخار مستكن، فخرج2 من منخريه بصوت، واسمه العطاس بالضم، على فعال، أجروه مجروى أبنية الأدواء، كالزكام والصداع والخنان3، وأشباهها.
(ونطح الكبش) 4 وغيره (ينطح) وينطح بالكسر والفتح، نطحا: إذا صدم شيئا وضربه بقرنه أو برأسه، فهو ناطح، والمفعول منطوح. قال الأعشى5:
كناطح صخرة يوما ليفلقها
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
(ونبح الكلب ينبح) وينبح بالكسر والفتح، نبحا ونبيحا ونبوحا
__________
1 ش: "انحدر".
2 ش: "يخرج".
3 الخنان: داء يأخذ الناس في أنوفهم. اللسان (خنن) 13/143.
4 الفتح والكسر في مضارع الأفعال "نطح، نبح، نحت) لغتان ورد بهما القياس، لأن الحاء فيهما من حروف الحلق، يقول المبرد: "وما كان على فعل بابه "يفعل ويفعُل"، نحو قتل يقتل، وضرب يضرب، وقعد يقعد، وجلس يجلس.... ولا يكون "فعل يفعَل" إلا أن يعرض له له حرف من حروف الحلق الستة في موضع العين أو موضع اللام، فإذا كان ذلك الحرف عينا فتح نفسه، وإن كان لاما فتح العين. وحروف الحلق: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء" الكامل 2/754.
وإنما ذكرها ثعلب، لأن العامة تقولها بفتح العين في المضارع، وليس ذلك بخطأ، لأن العامة وافقت إحدى اللغتين قياسا. وينظر: أدب الكاتب 481، وابن درستويه 134، وشرح الشافية 1/117، والمحكم 3/180، 203، 295، واللسان 2/97، 609، 621 (نحت، نبح، نطح) .
5 ديوانه 111، والأعشى هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل، وهو المعروف بأعشى قيس، شاعر جاهلي، وأحد شعراء المعلقات، عمر طويلا، وأدرك الإسلام ولم يسلم، توفي في قرية منفوحة سنة 7هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/52، والأغاني 9/108، ومعجم الشعراء 401.

(1/336)


ونباحا ونباحا: إذا صاح، فهو نابح.
(ونحت) العود وغيره (ينحته) وينحته بالكسر والفتح، [11/أ] نحتا: إذا براه وقشر وجهه قشرا، على وجه مخصوص، بآلة مخصوصة. ومنه قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ} 1. والفاعل ناحت، والعود منحوت. وقال الكميت2
حتام حتى عيدان أثلتنا ... لعاضد عندكم أو ناحت باري
(وجف الثوب) المبلول (وكل شيء رطب يجف) 3 بالكسر، جفوفا وجفافا: إذا يبس، فهو جاف.
__________
1 سورة الشعراء 149.وقرأ الجمهور {وَتَنْحِتُونَ} بكسر الحاء، وقرأها بالفتح الحسن، وعيسى أبو حيوة. ينظر: شواذ القرآن 50، 109، والكشاف 3/328، والبحر المحيط 8/182، والدر المصون 8/542.
2 البيت ليس في ديوانه، ولم أهتد إليه في مصادر أخرى.
والكميت هو: ابن زيد بن خنيس بن مجالد الأسدي، كان شاعرا مجيدا، عالما بلغات العرب، خبيرا بأيامها، مشهورا بالتشيع لبني هاشم، توفي سنة 126هـ.
الشعر والشعراء 2/485، ومعجم الشعراء 347، والموشح 249، وسير أعلام النبلاء 5/388.
3 والعامة تقول: "يجف" بالفتح. ما تلحن فيه العامة للكسائي 136، وابن درستويه 134.قلت: ما تقوله العامة لغة حكاها الخليل والفراء وأبو زيد وغيرهم. ينظر: الغريب المصنف (144/أ) وإصلاح المنطق 207، والأفعال لابن القطاع 1/181، والعين 6/22، والصحاح (جفف) 4/1338، والمحيط 6/412، واللسان 9/28 (جفف) .

(1/337)


(ونكل) 1 الرجل (عن الشيء ينكل) بالضم، نكولا: إذا تأخر عنه، وامتنع منه هيبة له، وجبنا منه، مثل نكوله عن اليمين، إذا لم يقدم عليها، وامتنع منها. وقال الشاعر2:
لقد علمت أولى المغيرة أنني ... لحقت فلم أنكل عن الضرب مسمعا3
ويروى: "كررت"4.
(وكللت من الإعياء أكل) 5 بالكسر، (كلالا) وكلالة (وكلولا) : أي ضعفت وانقطعت عن الحركة. قال الأعشى6:
__________
1 والعامة تقول: "نكل" بكسر الكاف من الماضي. ما تلحن فيه العامة 127، وإصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 398، 400، وتثقيف اللسان 324، وفي العين (نكل) 5/371: "ونكل ينكل: تميمية، ونكل حجازية". وينظر: الأفعال للسرقسطي 3/221، والصحاح 5/1835، والمحيط 6/265 (نكل) .
2 ينسب هذا البيت للمرار الأسدي، وهو في ديوانه 2/464، وهو له أو لمالك بن زغبة في شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/60، وإيضاح شواهد الإيضاح 1/180، وشرح المفصل لابن يعيش 6/59، 64، ونسب لزغبة في الخزانة 8/132.
3 المغيرة: الخيل المغيرة، وأولاها: أولها. قال القيسي: "يقول: لقد علمت أولى الخيل أنني تقدمت حتى لحقت، فلم أجبن عن الضرب مسمعا، وهذا هو مسمع بن مالك الشيباني، سيد ربيعة بالعراق" إيضاح شواهد الإيضاح 1/181.
4 مكان "لحقت"، وهو بهذه الرواية في ديوانه، وشرح المفصل لابن يعيش، وشرح ابن عقيل 2/287.
5 والعامة تقول: "كللت أكل" بكسر اللام من الماضي، وفتح الكاف من المستقبل. إصلاح المنطق 188، وأدب الكاتب 398، وابن درستويه 135.
6 ديوانه 185 برواية: "فأليت..... حتى تزور....". والمعنى: حلفت ألا أرحم ناقتي مما تعاني من تعب وضعف حتى تزور محمدا صلى الله عليه وسلم.

(1/338)


وآليت لا أرثي لها من كلالة
ولا من حفى حتى تلاقي محمدا1
(وكل بصري) يكل، بالكسر أيضا (كلولا، وكلة) [11/ب] بالكسر: إ ذا ضعف وأعيا، وانقطع2 من طول النظر إلى الشيء.
(وكذلك) كل (السيف) يكل بالكسر أيضا، كلا بالفتح، وكلولا وكلة بالكسر أيضا: إذا لم يقطع، فكأنه ضعف عن القطع لكثرة ما ضرب به، وأزيلت حدته. واسم الفاعل من جميعها (كال) وكليل أيضا.
(وسبحت أسبح) 3 بالفتح، سبحا وسباحة: أي عمت في الماء، والفاعل سابح، وذلك إذا حرك يديه ورجليه فثبت لذلك فوق الماء4، أو جرى فوقه طافيا، كفعل الضفدع والسمكة، ولم يرسب فيه إلى أسفل.
(وشحب لونه يشحب) 5 بالضم، شحبا وشحوبا وشحوبة،
__________
1 كتب المؤلف فوق لفظة محمد بخط دقيق عبارة "صلى الله عليه وسلم".
2 ش: "فانقطع".
3 والعامة تقول: "سبحت" بكسر الباء في الماضي. ما تحلن فيه العامة 138، وأدب الكاتب 398، وابن درستويه 136، وتقويم اللسان 119، وتصحيح التصحيف 306.
4 ش: "فثبت لذلك على وجه الماء".
5 والعامة تقول في الماضي "شحب" بالكسر، و"شحب" بالضم، والكسر خطأ، والضم لغة حكاها الفراء. إصلاح المنطق 207،وأدب الكاتب 399، وابن درستويه 136، والأفعال للسرقسطي 2/384، والصحاح (شحب) 1/152.

(1/339)


فهو شاحب: إذا تغير من مرض أو غم أو سفر أو سوء حال أو شمس. ومنه قول لبيد1:
وأتني قد شحبت وسل جسمي ... طلاب النازحات من الهموم
(وسهم وجهه يسهم) 2 بالضم، سهوما وسهومة، فهو ساهم: إذا ضمر وتغير من جوع أو مرض. قال الشاعر3:
إن أكن موثقا لكسرى أسيرا ... في هموم وكربة وسهوم
رهن قيد فما وجدت بلاء ... كإسار الكريم عند اللئيم
(وولغ الكلب في الإناء) 4: إذا كان فيه شيء مائع [12/أ] ،
__________
1 ديوانه 100 ولبيد هو: أبو عقيل لبيد بن ربيعة بن مالك بن ملاعب الأسنة العامري، شاعر مخضرم، وهو أحد شعراء المعلقات، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ويعد من الصحابة، كان رجلا جوادا كريما شريفا في الجاهلية والإسلام. عمر طويلا، وتوفي بالكوفة سنة 41هـ. طبقات فحوول الشعراء1/135، والشعر والشعراء 1/194، والاستيعاب 3/306ن والإصابة 3/307.
2 والعامة تقول: "سهم" بضم الهاء من الماضي، وخطأها ابن درستويه 137، والصحيح أنها لغة حكاها الفراء وغيره من أئمة اللغة. إصلاح المنطق 207، والصحاح 5/1956ن واللسان 12/309، والقاموس 1452.
3 البيتان بلا نسبة في الأفعال للسرقسطي 13/513، والمحكم 4/162، واللسان 12/309، والتاج 8/353 (سهم) .
4 والعامة تقول: "ولغ" بكسر اللام من الماضي. إصلاح المنطق 190، وأدب الكاتب 399.قلت: الفتح والكسر لغتان اختار الأصمعي منهما الفتح، واختار أبو زيد الكسر. وإنما اقتصر ثعلب على "ولغ" بالفتح، لأنها أفصح من "ولغ" بالكسر، فلذلك تركها على ما شرط في صدر كتابه. ينظر: ابن درستويه 114، 137، والأفعال للسرقسطي 4/274، ولابن القطاع 3/309، والمخصص 8/84، والبارع 401، والتهذيب 8/199، والمحكم 6/41، والمصباح 258 (ولغ) .

(1/340)


فأدخل لسانه فيه فشرب منه به1، أو لحسه به، والمستقبل (يلغ) بفتح اللام، ويلغ بكسرها أقيس، لأن الأصل فيه يولغ فحذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، والمصدر ولغ، على مثال ضرب، وولوغ أيضا، على مثال دخول، والكلب والغ. والكلب أيضا (يولغ) بضم الياء وفتح اللام: (إذا أولغه صاحبه) ، أي حمله على أن يلغ. (وينشد هذا البيت) ، وهو لابن هرمة2:
(ما مر يوم إلا وعندهما ... لحم رجال أو يولغان دما)
وصف شبلي أسد، وقبله:
ترضع شبلين في مغارهما ... قد ناهزا للفطام أو فطما
يقول: لا يخلوان كل يوم من لحم غاب3 أو طري يأكلانه
__________
1 كلمة: "به" ساقطة من ش.
2 البيتان منسوبان لابن هرمة أيضا في ابن الجبان 105، واللسان (ولغ) 8/460، وهما في ملحق ديوانه 241، ونسبا لأبي زبيد الطائي أيضا وهما في ملحق ديوانه 672، والصحيح أنهما لعبيد الله بن قيس الرقيات، وهما في ديوانه 154، من قصيدة طويلة يمدح بها عبد العزيز بن مروان، برواية: "لم يأت يوم....."، "يقوت شبلين عند مطرقة ... ". ونسب البيت الأول إلى عبيد الله الهروي نفسه في التلويح 5. وابن هومة هو: أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، شاعر غزل، من سكان المدينة، كان آخر الشعراء الذين يحتج بشعرهم. توفي في خلافة هارون الرشيد سنة 150هـ.
الشعر والشعراء 2/639، وطبقات ابن المعتز 20، والأغاني 4/367، والخزانة للبغدادي 1/424.
3 اللحم الغاب: البائت أو المنتن. اللسان (غبب) 635.

(1/341)


ويسقيان دمه، لأن أبويهما يكثران افتراس الرجال وغيرهم.
(وأجن الماء يأجن ويأجن) 1 أجنا وأجونا، فهو آجن: إذا تغير لونه وريحه وطعمه، لتقادم عهده في الموضع الذي يكون فيه، إلا أنه يمكن شربه2. ومنه قول الراجز3:
ومنهل فيه الغراب ميت ... كأنه من الأجون زيت
سقيت منه القوم واستقيت
__________
1 بعدها في الفصيح 262، والتلويح 6: "وأسن يأسن ويأسن"، وهذه المادة ليست في ابن درستويه، ولا ابن ناقيا، قال ابن الطيب الفاسي: "وأسن كأجن في لغاته وتصريفه ومعناه وفصيحه ومقابله" موطئة الفصيح 229. والعامة تقول: "أجن" بكسر الجيم في الماضي، وهو خطأ عند الأصمعي وابن درستويه، ولغة عند أبي زيد واليزيدي وغيرهما من أئمة اللغة. وينظر: أدب الكاتب 399، وابن درستويه 138، والأفعال للسرقسطي 1/104، ولابن القطاع 1/44، وتحفة المجد (63/أ) ، والمجرد 1/71، والجمهرة 2/1088، والتهذيب 1/202، والصحاح 5/2067 (أجن) .
2 فرق ابن القطاع بين الماء الآجن والآسن، فعرف الآجن بما عرفه الشارح، وقال في تعريف الأسن: "وأسن الماء أسنا وأسونا: تغير فلم يشرب إلا لضرورة" الأفعال 1/26، وقال الزمخشري 22: " الأجن والأجون: هو تغير لون الماء، والأسون تغير طعم الماء". وينظر: الصحاح (أسن) 6.
3 الأبيات من أرجوزة لأبي محمد الفقعسي، وهي في الأمالي 2/244، والحجة لأبي علي 6/212، وأمالي ابن الشجري 1/232، 233، والزمخشري 22، والصحاح، واللسان، والتاج، (غفف) ، (أجن) .

(1/342)


شبه لون الماء لتغيره [12/ب] بلون الزيت. وقال علقمة بن عبدة1:
إذا وردت ماء كأن جمامه
من الأجن حناء معا وصبيب
جمام الماء: معظمه وكثرته، فشبهه في صفرته بالحناء، وهو معروف، وبالصبيب، وهو شجر يكون بالحجاز2 يختضب به مثل الحناء، يصفر ويصبغ به، وتخضب أيضا به الرؤوس. وفيه أقوال أخر غير هذا3، وتركت ذكرها هاهنا خوف الإطالة، وقد ذكرتها في الكتاب "المنمق"، وبالله التوفيق.
(وغلت القدر تغلي) 4 غليا وغليانا: إذا جاشت، أي تقلب
__________
1 ديوانه 42 برواية: "فأوردتها ماء..... ". وعلقمة هو: علقمة بن عبدة بن ناشر بن قيس بن عبيد التميمي، الملقب بالفحل، عده ابن سلام في الطبقة الرابعة من فحول شعراء الجاهلية، توفي نحو سنة 20 قبل الهجرة.
طبقات فحول الشعراء 1/137، والشعر والشعراء 1/145، والمذاكرة في ألقاب الشعراء 40.
2 قيل: هو شجر السنا، أو العشرق، أو القان، أو العصفر. ينظر: كتاب النبات لأبي حنيفة 180-183، واللسان (صبب) 1/518.
3 قيل: هو ماء شجر كالذاب، والجليد، وماء السمسم، والدم، والعرق، وصبغ أحمر، والماء المصبوب، والعسل الجيد، وشيء كالوسمة، وطرف السيف، واسم موضع. ينظر: النبات لأبي حنيفة 180-183، والجمهرة 1/71، واللسان 1/518، والقاموس 133 (صبب) .
4 والعامة تقول: "غلبت" بكسر اللام، وياء في الماضي، وهو خطأ قال أبو الأسود الدؤلي:
ولا أقول لقدر القوم قد غلبت ولا أقول لباب الدار مغلوق
ديوانه 119، وينظر: ما تلحن فيه العامة 121، وإصلاح المنطق 190، وأدب الكاتب 398ن والمحيط في اللغة 5/130، والصحاح 6/2448، واللسان 15/134 (غلا) .

(1/343)


مرقها، وصار الذي في أسفلها منه أعلاها من شدة الحرارة. ومنه قوله تعالى: {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} 1. وهي قدر غالية.
(وغثت نفسه تغثي) 2 غثيا وغثيانا: إذا خبثت وجاشت قبل القيء من شيء أكله أو شربه، ونفسه غاثية.
(وكسب المال يكسبه) 3 كسبا بفتح الكاف، وكسبة بكسرها، مثل جلسة، ومكسبا بفتح السين، ومكسبة بكسرها، على مثال [13/أ] مغفرة، فهو كاسب: إذا أصابه ووجده وجمعه بطلب وقصد له، فإن ورثه أو أعطيه من غير طلب له واجتهاد فيه، لم يقل كسبه4.
__________
1 سورة الدخان 45، 46، وكتب الشارح {تغلي} بالياء والتاء، ووضع فوقها لفظ "معا" إشارة إلى أن فيها قراءتين، وقرأ بالياء ابن كثير وحفص عن عاصم، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم بالتاء. ينظر: السبعة 592، والحجة لآبي علي 6/166.
2 والعامة تقول: "غثيت نفسي" بكسر الثاء وإثبات الياء. ما تلحن فيه العامة 121، وإصلاح المنطق 189،وأدب الكاتب 398، وابن درستويه 139، وتقويم اللسان 143، وفي العين (غثى) 4/440: "غثيت" لا غير، والأفعال للسرقسطي 2/42، وحكى اللغتين على إطلاقهما ابن سيده في الحكم 6/10، وعنه في اللسان 15/116 (غثى) .
3 قال ابن درستويه 139: "وإنما ذطره، لأن العامة تقول: كسب بكسر السين، وهو خطأ"، وفي التهذيب (كسب) 10/79، عن ثعلب: "كل الناس يقولون: كسبك فلان خيرا، إلا ابن الأعرابي فإنه يقول: أكسبك فلان خيرا" قال ابن دريد: "يقال: كسبت الرجل مالا فكسبه، وهذا أحد ما جاء على فعلته ففعل، وأكسبته خطأ" الجمهرة (كسب) 1/339. وينظر: فعلت وأفعلت للزجاج 139.
4 عبر سيبويه بالفعل "كسب" عن إصابة المال من غير طلب واجتهاد، أما ما كان عن طلب وتصرف واجتهاد فعبر عنه بالفعل "اكتسب". الكتاب 1/74.

(1/344)


وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} 1. وإذا2 كثر منه الكسب، قيل: هو كسوب على فعول، وفعول من أبنية المبالغة. والمال مكسوب.
(وربض الكلب وغيره يربض) 3 بالكسر، ربضا وربوضا. وهو في السباع كالجلوس من الإنسان، والبروك من الجمل، والجثوم من الطائر.
(وربط) الرجل (يربط) 4 بالكسر، ربطا ورباطا، فهو رابط، إذا شد الحبل أو الدابة وغيرهما، أي أوثقه، وهو مربوط.
(وقحل الشيء يقحل) 5 بالفتح، قحولا، فهو قاحل: إذا يبس واستحال عن طراوته.
__________
1 البقرة 267.
2 ش: "فإذا".
3 والعامة تقول: "يربض" بفتح الباء. قال ابن درستويه 141: "وهو خطأ، لأنه ليس فيه من الحروف الحلق شيء، وإنما يكسر أو يضم لانفتاحه في الماضي".
4 والعامة تقول: "يربط" بضم الباء، وهي لغة فصيحة، وعلل ابن درستويه 141 اختيار ثعلب الكسر بقوله: "والعامة تختار الضم، والفصحاء لا يكادون يقوله إلا بالكسر لخفته، فلذلك اختار الكسر، وليس الضم بالخطأ". وينظر: تثقيف اللسان 288، والجمهرة 1/315، والصحاح 3/1127، (ربط) .
5 والعامة تقول: "قحل" بكسر الحاء من الماضي، وهي لغة ضعيفة. إصلاح المنطق 207، وأدب الكاتب 421، والأفعال للسرقسطي 2/117، والتهذيب 4/51، والصحاح 5/1799، والقاموس 1353 (قحل) .

(1/345)


(ونحل جسمه ينحل) 1 بالفتح، نحلا بفتح النون، ونحولا: إذا دق لذهاب لحمه وشحمه من مرض أو عشق أو هم أو تعب أو غير ذلك، فهو ناحل.
__________
1 والعامة تقول: "نحل" بكسر الحاء من الماضي، وهي لغة. إصلاح المنطق 189، وأدب الكاتب 399، وتثقيف اللسان 174، والأفعال للسرقسطي 3/208، والجمهرة 1/569، والصحاح 5/1826، واللسان 11/649 (نحل) .

(1/346)