إسفار الفصيح باب فعلت بغير ألف
1
يقال: (شملت الريح من الشمال) ، فهي تشمل بضم الميم، شمولا بضم الشين:
إذا هبت شمالا. (وجنبت من الجنوب) تجنب جنوبا بالضم أيضا: إذا هبت
جنوبا. (ودبرت من الدبور) تدبر دبورا بالضم أيضا: إذا هبت دبورا. (وصبت
من الصبا) 2 تصبو صبوا3 بالضم أيضا وتشديد الواو.
فالشمال بفتح الشين: هي الريح التي تهب من قبل الشأم على
__________
1 والعامة تقول: "أفعلت" بألف.
2 قال الأصمعي: "يقال: جنبت الريح، وشملت، وقبلت، وصبت، ودبرت، كله
بغير ألف، ويقال: قد أجنبنا وأشملنا، أي دخلنا في الجنوب والشمال"
إصلاح المنطق 226. وينظر: أدب الكاتب 374، ومجالس ثعلب 2/343، وتقويم
اللسان 124، وفعلت وأفعلت للزجاج 128، 134، 135. وفي الجمهرة 3/1259:
"وعصفت الريح وأعصفت، ولم يتكلم فيه الأصمعي، لأن في القرآن {رِيحٌ
عَاصِف} وجنبت وأحنبت، وشملت أشملت، ودبرت وأدبرت، وصبت أصبت، أجازه
أبو زيد وأبو عبيدة، ولم يحزه الأصمعي، ثم زعموا أن أبا زيد رجع عنه".
ولم يرد شيء من هذا في كتاب فعلت وأفعلت للأصمعي إلا "دبر" ص 523 ولكن
بمعنى مختلف.
3 في الريح لابن خالويه 56: "وأمات الرياح..... أربع: الشمال، وهي
للروح والنسيم عند العرب، والجنوب للأمطار والأنداء.... والصبا لإلقاح
الأشجار.... والدبور للعذاب والبلاء ... ". وينظر: الأنواء 158،
والكامل للمبرد 2/957.
(1/365)
من كان بمكة وأرض الحجاز، وتهب على من كان
بغيرها من وسط الأفق الأيسر، إذا استقبل مشرق الشمس، وهو موضع طلوعها
عند تناهي طول النهار وقصر الليل من وسط ما بين القطب الشمالي، وهو
الذي يدور حواليه الفرقدان1 وبنات نعش2 وبين مسقط النسر الطائر3. قال
الفرزدق4:
مستقبلين شمال الشأم تضربا ... بحاصب كنديف القطن منثور
__________
1 الفرقدان: نجمان مضيئان في بنات نعش الصغرى. وقيل: هما نجمان قريبان
من القطب. الأنواء 146، واللسان (فرقد) 3/334، (نعش) 6/355.
2 بنات نعش: هي سبعة كواكب، أربعة منها نعش، وثلاثة بنات، ومن الأربعة
الفرقدان. الأنواء 146.
3 النسر الطائر: يقع إزاء النسر الواقع بينهما المجرة، وهو كوكب منير
بين كوكبين منيرين عن جانبيه، يقال: هما جناحاه وقد يبسطهما، فلذلك سمي
طائرا. الأنواء 151، والأزمنة والأنواء 69. الفقرة في ش كما يلي:
"والشمال بفتح الشين: هي الريح التي تأتي من قبل الشأم، وهي تهب من
الأفق الأيسر إذا استقبلت المشرق، وهي من بنات نعش إلى مسقط النسر
الطائر".
4 ديوانه 190، والكامل 2/954، والصحاح 4/1368، واللسان 9/130، والتاج
6/124 (زحف) . والفرزدق هو: أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة الدارمي
التميمي، لقب بالفرزدق لجهامة وجهه، كان من أشراف قومه. أمد العربية
بشواهد غزيرة من شعره، وقعت بينه وبين جرير والأخطل مهاجاة مرة، عرفت
بالنقائض، عده ابن سلام في الطبقة الأولى من الشعراء الإسلاميين. توفي
بالبصرة سنة 110هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/298، والشعر والشعراء 1/381، والأغاني 9/324،
21/276، والمذاكرة في ألقاب الشعراء 36.
(1/366)
والجنوب1 بفتح الجيم: وهي الريح التي تهب
من قبل اليمن على من كان بمكة وأرض الحجاز، وتهب على من كان بغيرها من
الأفق الأيمن، إذا استقبل المشرق من وسط ما بين مطلع سهيل ومطلع الشمس
عند استواء الليل والنهار، وهو قريب من مطلع الثريا، وهي مقابلة
للشمال2، فلذلك قال امرؤ القيس3:
[19/أ]
فتوضع فالمقراة لم يعف رسمها ... لما نسجتها م جنوب وشمأل
__________
1 من أسمائها أيضا: الأزيب والنعامى والخزرج. المنتخب 1/422، والريح 65
والكامل 2/957، والتهذيب (جرب) 11/51 (أدب) 13/267.
2 ينظر: الأنواء 158، والكامل 2/953، والأزمنة والأنواء 127، والتهذيب
(جنب) 11/119، 120. والفقرة في ش كما يلي: "والجنوب بفتح الجيم: هي
التي تأتي من قبل اليمن، وهي تهب من الأفق الأيمن، إذا استقبلت المشرق،
وهي من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا، وهي مقابلة للشمال".
3 ديوانه 8. وتوضح، والمقراة: موضعان، ومعنى يعف: يدرس. عن شرح
الديوان.
وامرؤ القيس هو: امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي، كان أبوه ملكا على
بني أسد وغطفان، قتل بنو أسد أباه، فثار لمقتله، وقال شعرا كثيرا، عده
ابن سلام في الطبقة الأولى من فحول شعراء الجاهلية، وأول هذه الطبقة،
مات سنة 80 قبل الهحرة.
طبقات فحول الشعراء 1/52، 81، والشعر والشعراء 1/50، والأغاني 9/77.
(1/367)
وقال جرير1:
وحبذا نفحات من يمانية ... تأتيك من قبل الريان أحيانا
والدبور بفتح الدال: هي الريح التي تهب من جهة مغرب الشمس، من وسط ما
بين مسقط النسر الطائر ومطلع سهيل، وهي مقابلة للصبا2.
والصبا بالقصر: هي التي تهب من جهة مشرق الشمس، وهو موضع طلوعها عند
تناهي طول النهار وقصر الليل، وهو وسط ما بين مطلع الثريا وبين القطب
الشمالي، وتسمى القبول بفتح القاف، لأنها تقابل باب الكعبة، وتقابل
قبلة العراق3.
__________
1 ديوانه 1/165. والريان: اسم جبل أسود في بلاد طيء، وهو أطول جبال
أجأ. معجم البلدان 3/111.
وجرير هو: أبو حرزة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي، عده ابن سلام في
الطبقة الأولى من فحول شعراء الإسلام، وقع بينه وبين الفرزدق والأخطل
هجاء مر، وكان مع ذلك عفيفا، رقيق الشعر، توفي سنة 111هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/297، والشعر والشعراء 2/290، والأغاني 1/374،
ووفيات الأعيان 1/321.
2 الأنواء 159، والمنتخب 1/422، والأزمنة والأنواء 127، واللسان (دبر)
ووردت الفقرة في ش كما يلي: "والدبور بفتح الدال: هي التي تهب من موضع
غروب الشمس عند استواء الليل والنهار، وهي من مسقط النسر الطائر إلى
مطلع سهيل، وهي مقابلة للصبا".
3 الأنواء 159، والكامل 2/952، والريح 66، والأزمنة والأنواء 128.
والفقرة وردت في ش: "والصبا بالقصر: هي التي تهب من مشرق الشمس، وهي
موضعها عند طلوعها عند استواء الليل والنهار، وهي مطلع الثريا إلى بنات
نعش، وتسمى القبول....".
(1/368)
والدبور: التي تأتي من دبر الكعبة، وهو
جانبها المقابل للجانب الذي فيه بابها1، ومن دبر قبلة العراق أيضا، وهي
تهب شديدة، وتذهب2 بالسحاب، ولذلك سموها محوة، عن أبي زيد3، وهي معرفة
لا تصرف4. ومنه قول الأعشى5:
لها رجل كحفيف الحصاد ... صادف بالليل ريحا دبورا
__________
1 قال ابن الأثير في النهاية 2/98: "قيل سميت به لأنها تأتي دب الكعبة،
وليس بشيء، وقد كثر اختلاف العلماء في جهات الريح ومهابها اختلافا
كثيرا ... ".
2 في صلب الأصل: "وتذهب" وصوبه المصنف في الحاشية بقوله: "الصواب تذهب
بفتح التاء
والهاء".
3 النوادر 405، وعنه في الكامل 2/954 وأضاف: "فأما الأصمعي فزعم أن
محوة من أسماء الشمال" وأنكره أيضا صاحب التنبيهات 157، 166 – 170،
والأزمنة والأنواء 130، 132. وفي الجمهرة (محو) 1/574 مثل قول الأصمعي
عن أبي زيد.
وأبو زيد هو: سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري، من أئمة اللغة والأدب،
كثير الرواية عن الأعراب، كان ورعا ثقة صدوقا، صحيح العقيدة، أخذ عن
أبي عمرو بن العلا وغيره. من مؤلفاته: النوادر في اللغة، وخلق الإنسان،
والنبات والشجر، وغير ذلك. توفي سنة 215 هـ.
أخبار النحويين البصريين 104، وطبقات الزبيدي 101، وتاريخ بغداد 9/77.
4 ينظر: المصادر السابقة للمسألة، وإصلاح المنطق 336، والمنتخب 1/422،
وديوان الأدب 4/7، والصحاح (محا) 6/2490.
5 ديوانه 149 برواية: "لها جرس".
(1/369)
والصبا تهب بلين. ومنه قوله طرفة بن العبد
لرجل من باهلة1:
فأنت على الأقصى صبا غير قرة ... تذاءب منها مرزغ ومسيل
وأنت على الأدنى شمال عرية ... شآمية تزوي الوجوه بليل
فإذا انحرفت واحدة من هذه الرياح الأربع عن [19/ب] مهبها سميت نكباء2،
لأنها نكبت عن مهبها، أي انحرفت ومالت، وجمعها نكب، مثل حمراء وحمر.
وقد نكبت تنكب نكوبا، على وزن دخلت تدخل دخولا.
__________
1 ديوانه 119، والبيت الثاني فيه قبل الأول برواية: "وأنت على الأقصى
... "، "فأنت على الأدنى ... " وضبطت كلمة "مزرع، ومسيل" في الديوان
وغيره من المصادر: "مرزغ، ومسيل" بضم الميم وكسر الزاي، وذكر رواية
الفتح التبريزي في شرح ديوان الحماسة 4/8 قال: "ويروى: مرزغ ومسيل
بالفتح: أي كثير الرزغة والسيل". وتذاءب: أي جاء من كل وجه، كالذئب إذا
طرد من جهة جاء من جهة أخرى. والمرزغ: المطر القليل. والعرية: الباردة.
وتزوي: تقبض. وبليل: معها ندى. عن شرح ديوان الحماسة للتبريزي 4/8.
والبيتان من قصيدة في مدح رجل، كما في التهذيب (رزغ9 8/48، وذكرها أبو
تمام في ديوان الحماسة 2/163 في باب الهجاء، ونقل صاحب التاج (رزغ)
6/11 عن العباب أنها في هجاء عبد عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد.
وطرفة هو: أبو إسحاق عمرو بن عبد بن سفيان بن سعد بن قيس بن ثعلبة،
وطرفة لقب غلب عليه. شاعر جاهلي مجيد، وأحد شعراء المعلقات، عده ابن
سلام في الطبقة الرابعة من فحول شعراء الجاهلية. كان شعره يفيض
بالحكمة، قتل شابا في الهجر بالبحرين نحو سنة 60 قبل الهجرة.
طبقات فحول الشعراء 1/137، وأسماء المغتالين 2/212، وكنى الشعراء
2/288، والشعر والشعراء 1/117، والموشح 72.
2 الأنواء 160، والكامل 2/953، والريح 67، والعين (نكب) 5/385.
(1/370)
(وخسأت الكلب أخسؤه) 1 خسأ مقصور مهموز: أي
طردته وأبعدته، فأنا خاسىء، والكلب مخسوء.
(وفلج الرجل على خصمه يفلج) 2 بضم اللام في المستقبل، ومصدره فلج3 بفتح
الفاء وسكون اللام: إذا غلبه بالحجة وظهر عليه بها. والاسم الفلج بضم
الفاء وسكون اللام، وهو الظفر والظهور على الخصم. والرجل فالج والخصم
مفلوج عليه. والخصم: هو الذي يخاصمك.
(ومذى الرجل يمذي) 4 مذيا، فهو ماذ، على مثال رمى يرمي رميا، فهو رام:
إذا خرج من ذكره المذي عند ملاعبة المرأة، أو التقبيل، أو ذكر الجماع،
وهو ملء رقيق أرق من المني، فإذا كثر خروج ذلك،
__________
1 الهمز 19، وفعلت وأفعلت للزجاج 130، والمنتخب 299/1، والصحاح (خسأ)
47/1، ونقل صاحب تحفة المجد الصريح (112/أ) عن صاحب الموعب عن قطرب
وابن الدهان أنه يقال: "أخسأته" بالهمز.
2 وأفلج بمعنى فلج لغة حكاها غير واحد من أئمة اللغة. ينظر: فعلت
وأفعلت للزجاج 72، وما جاء على فعلت وأفعلت للجواليقي 59، والأفعال
للسرقسطي 4/6، والجمهرة 1/487، والمحيط 7/111 (فلج) .
3 وفلجا أيضا بالتحريك، وفلجة. ينظر: الجمهرة (فلج) 1/487، وابن
درستويه 174، والأفعال للسرقسطي 4/6، ولابن القطاع 2/466.
4 وأذى بالألف لغة حكاها قطرب في الفرق 79، وقال الأصمعي في كتاب خلق
الإنسان 86: "وأمذى في كلام العرب أكثر" وينظر: فعلت وأفعلت للزجاج 88،
والفرق لثابت 52، وما جاء على فعلت وأفعلت للجواليقي 69، والأفعال
للسرقسطي 4/144، والعين 10/204، والجمهرة 3/1258، والصحاح 6/2491 (مذى)
.
(1/371)
فهو رجل مذاء بالتشديد على وزن فعال.
(ورعبت الرجل أرعبه) 1 بفتح العين، رعبا بسكونها وفتح الراء: إذا
أفزعته وخوفته تخويفا شديدا. والاسم الرعب بضم الراء، فأنا راعب،
والرجل مرعوب.
(ورعدت السماء من الرعد، وبرقت من البرق) : إذا هاج رعدها وبرقها، فهي
ترعد وتبرق بالضم فيهما، رعدا وبرقا، وهي راعدة [20/أ] وبارقة. والرعد
والبرق معروفان، فالرعد: هو الصوت الهائل الذي يسمع من السحاب. والبرق:
هو الضوء الذي يلمع في آفاق السماء2، أي جوانبها، وقيل: هو نار تنقدح
من السحاب إذا ماس بعضه بعضا3
(وكذلك رعد الرجل وبرق) بغير ألف أيضا: إذا أوعد وتهدد، وهما مستعاران
من رعد السحاب وبرقه4، لأنهما هائلان مخوفان. (وقد
__________
1 إصلاح المنطق 225، وأدب الكاتب 373، وتمام فصيح الكلام لابن فارس 16،
وتثقيف اللسان 179، والصحاح (رعب) 1/136.
2 ش: "في الآفاق من السماء".
3 القول في تفسير القرطبي 1/152، والكليات 246.
4 ينظر: الأساس (برق) 20.
(1/372)
يقال) في هذا: (أرعد الرجل، وأبرق) 1، على
أفعل. ومنه قول الكميت2:
أرعد وأبرق يا يزيد فما وعيدك لي بضائر
أراد يزيد بن عبد الملك بن مروان3. فـ"أرعد وأبرق" أمر من أرعد وأبرق،
كما يقال أكرم في الأمر من أكرم، ويقال في مستقبلهما: يرعد ويبرق بضم
أولهما وكسر ثالثهما، ومصدرهما إرعاد وإبراق. والوعيد: هو التخويف.
وكذلك التهديد والتهدد: هما التخويف أيضا4. ويقال منهما: أوعد فلان
فلانا وهدده وتهدده، إذا
__________
1 هذا الذي عليه أكثر أئمة اللغة من جواز "رعد وأرعد، وبرق وأبرق" في
السحاب والوعيد، إلا الأصمعي فكان ينكر "أرعد وأبرق" في الأمرين، واحتج
عليه ببيت الكميت الوارد في المتن، فقال: الكميت ليس بحجة. وهذه
المسألة مبسوطة في كتب اللغة والأدب، ينظر: فعل وأفعل للأصمعي 507،
وإصلاح المنطق 226، وأدب الكاتب 374، والكامل للمبرد 3/1237، وفعلت
وأفعلت للزجاج 6،42، ومجالس العلماء 109، والاشتقاق 447، والتنبيهات
245، ورسالة الغفران 354، الخصائص 3/293، والموشح 254، والعين 2/33،
والتهذيب 2/207، والصحاح 2/475 (رعد) .
2 ديوانه 1/225.
3 كذا وفي شرح أبيات إصلاح المنطق 367، وابن ناقيا 1/44، وابن هشام 64،
وموطئة الفصيح 382، هو يزيد بن خالد القسري.
ويزيد بن عبد الملك بن مروان، أحد خلفاء الدولة الأموية، ولي الخلافة
بعد وفاة عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ، ومات في أربد بالأردن سنة
105هـ.
جمهرة النسب 127، وجمهرة أنساب العرب 85، والكامل لابن الأثير 4/165،
وتاريخ الخلفاء 197.
4 قوله: "وكذلك التهديد.... أيضا" ساقط من ش.
(1/373)
خوفه، ولا يستعمل الوعيد إلا في الشر خاصة.
وقوله: "بضائر" أراد أن تخويفك إياي ليس بضار لي.
(وهرقت الماء) 1: أي صببته ودققته، (فأنا أهريقه) بضم الألف وفتح
الهاء، والمصدر هراقة بكسر الهاء، فأنا مهريق، والماء مهراق بضم الميم
وفتح الهاء منهما. (وإذا أمرت [20/ب] قلت: هرق ماءك) ، وكذلك (أرقت
الماء، فأنا أريقه إراقة) فأنا مريق، والماء مراق. (وإذا أمرت قلت: أرق
ماءك، وهو الأصل) . قال أبو سهل: يعني أن الهاء من هرقت أصلها همزة2،
وهي مبدلة منها للتخفيف وكثرة الاستعمال،
__________
1 غلط ابن درستويه 163 ثعلبا لجعله "هرق" في هذا الباب، وقال: "وإنما
هرقت من باب أفعلت بالألف عند الجميع النحويين". قلت: إنما ذكر ثعلب
"هرق" في هذا الباب وإن كان أصله رباعيا من "أراق" بعد الإعلال
والإبدال، لأن لفظه في الحال ثلاثيا، وإن كان في الأصل ليس من الباب،
أو لأن في "هرقت" بهذه الصورة لغة أخرى هي: "أهرقت" فأراد أن يبين
الأفصح منهما. وهذه الأخيرة أشار إليها سيبويه بقوله: "وأما هرقت....
فأبدلوا مكان الهمزة الهاء، كما تحذف استثقالا لها، فلما جاء حرف أخف
من الهمزة لم يحذف في شيء ولزم لزوم الألف في ضارب.... وأما الذين
قالوا: أهرقت، فإنما جعلوها عوضا من حذفهم العين، وإسكانهم إياها ... "
الكتاب 4/285. وينظر: ليس في كلام العرب 367ن والأفعال للسرقسطي 1/129،
والبصائر والذخائر 1/121، والممتع في التصريف 1/171، والمفصل للزمخشري
427، والتهذيب 5/396، والصحاح 4/1569، والتاج 7/93 (هرق) وفي هذا
الأخير تفصيل واسع لللمسألة، ونقول عن بعض شراح الفصيح، ومنهم أبو سهل
الهروي.
2 القلب والإبدال 25، ودقائق التصريف 365، والإبدال والمعاقبة 29،
والإبدال 2/569.
(1/374)
والأصل: أرقت، كما قالوا في القسم: هيم
الله وأيم الله1، وهياك وإياك2. وإنما ذكر ثعلب – رحمه الله – هرقت
وأرقت في هذا الباب على اللفظ بهما بعد إبدال رهرقت وإعلال أرقت، ولو
ذكرهما على أصلهما لوجب أن يذكرهما في باب أفعل. وقد بينت هذا في "شرح
الكتاب"، وأنت تقف عليه منه3 – إن شاء الله -.
(وصرفت القوم) 4 أصرفهم صرفا: إذا رددتهم إلى مواضعهم التي جاءوا منها،
فأنا صارف وهم مقصورون. (وصرفت الصبيان) من الكتاب: إذا سرحتهم5 (وصرف
الله عنك الأذى) : إذا أذهبه ورده عنك.
(وقلبت القوم) 6 أقلبهم قلبا: إذا رددتهم إلى أوطانهم، مثل صرفتهم،
فأنا قالب، وهم مقلوبون. (و) قلبت (الثوب) : إذا
__________
1 القلب والإبدال 25، والإبدال 2/571.
2 القلب والإبدال 25، ودقائق التصريف 365، والإبدال 2/569.
3 "منه" ساقطة من ش.
4 ما تلحن فيه العامة 101، وإصلاح المنطق 226، وأدب الكاتب 374، وفعلت
وأفعلت للزجاج 135، وليس في كلام العرب 33، وتقويم اللسان 130، وتصحيح
التصحيف 112، وذكر المرزوقي (21/ب) أن العامة مولعة بـ"أصرف".
5 لا يزال هذا التعبير مستخدما بهذا المعنى في مدارسنا اليوم.
6 إصلاح المنطق 226، وأدب الكاتب 374، وفعلت وأفعلت للزجاج 139، وتثقيف
اللسان 180، وتقويم اللسان 152، وتصحيح التصحيف 121. و"أقلبه" لغة
ضعيفة حكاه ابن سيده عن اللحياني. المحكم (قلب) 6/285.
(1/375)
جعلت أعلاه أسفله وباطنه ظاهره. والقلب:
صرف الشيء من جهة إلى جهة أخرى.
(ووقفت الدابة أقفها) 1 وقفا: إذا منعتها وحبستها عن السير. وإذا أمرت
قلت: (قف دابتك) ، مثل زن. (ووقفت أنا) أقف وقوفا، أي ثبت [21/أ] مكاني
قائما وامتنعت عن المشي.
(ووقفت وقفا للمساكين) ، أي تصدقت عليهم بشيء، وحبسته عليهم، ومنعت من
بيعه. والفاعل من هذا كله واقف، والمفعول له موقوف.
(ومهرت المرأة من المهر) 2، وهو الصداق: إذا أعطيتها إياه، أو
__________
1 إصلاح المنطق 226، وأدب الكاتب 374، وفعلت وأفعلت للزجاج 142، وتقويم
اللسان 182، وتصحيح التصحيف 140، ويقال أيضا: "أوقف" وهي لغة تميمية
حكاها الكسائي، ووصفها بالرداءة، وأنكرها الأصمعي. نيظر: الغريب المصنف
(135/أ، والأفعال لابن القوطية 155، 157، ولابن القطاع 3/293، والتهذيب
9/333، والمصباح 256، (وقف) . قال ابن الأنباري: "لا تثبت الألف في شيء
من هذا الباب إلا في حرفين: أوقفت المرأة: جعلت لها وقفا، وهو السوار
من الذبل، وتكلم فلان بكلام ثم أوقف، أي قطع الكلام" شرح القصائد السبع
18.
2 قال ابن درستويه 182: "والعامة تقول: أمهرت المرأة بألف، وللعرب
لغتان مرويتان، مهرت على فعلت، وأمهرت على أفعلت". قال في المصباح
(مهر) 223: "والثلاثي لغة تميم، وهي أكثر استعمالا". وينظر: الغريب
المصنف (131/ب) ، وفعلت وأفعلت للزجاج 87، والأفعال للسرقسطي 4/139،
ولابن القطاع 3/162، والجمهرة 3/1258، والصحاح 2/821، والمحيط 3/485،
والقاموس 615 (مهر) .
(1/376)
جعلته لها، أو سميته عند عقدك نكاحها، فأنا
أمهرها بالفتح، مهرا، وأنا ماهر، وهي ممهورة. قال الأعشى1:
ومنكوحة غير ممهورة ... وأخرى يقال له فادها
(ومهرت العلم) أمهره (مهورا) مهارة: إذا حذقته وعلمته، فأنا ماهر فيه
وبه.
(وعلفت الدابة أعلفها) 2 علفا، على مثال ضربتها أضربها ضربا: إذا
أطعمتها العلف مفتوحة اللام، وهو ما جرت عادتها بأكله، من قت3 أو تبن
أو شعير، أو نحو ذلك، وأنا عالف، هي معلوفة. وقال الشاعر4:
إذا كنت في قوم عدى لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيب
__________
1 ديوانه 125.
2 إصلاح المنطق 227، 268، وأدب الكاتب 373، والجمهرة (علف) 2/937،
وتصحيح التصحيف 115ن ودرة الغواص 90، و"أعلفتها" بالألف لغة أخرى.
ينظر: فعلت وأفعلت للزجاج 65، والأفعال للسرقسطي 1/198، وتحفة المجد
(123/ب) ، والمصباح (علف) 161.
3 القت: العلف الرطب. اللسان (قتت) 2/71.
4 هو خالد بن نضلة، أو زرارة بن سبيع، أو دودان بن سعد الأسدي، كما في:
البيان والتبيين 3/250، والحيوان 3/103، والحماسة البصرية 2/56، وشرح
أبيات إصلاح المنطق 268، والاقتضاب 3/222، واللسان (عدى) 15/35، والبيت
بلا نسبة في إصلاح المنطق 99، وأدب الكاتب 373، والحماسة لأبي تمام
1/209، والتنبيهات185، والكامل للمبرد 1/409، والمجمل (عدو) 2/654.
(1/377)
عدى مكسور الأول مقصور: أي أعداء.
(وزررت علي قميصي) 1 أزره زرا، فأنا زار، والقميص مزرور: إذا أدخلت زره
في عروته2، وهما معروفان. وتقول إذا أمرت من ذلك: (ازرر عليك قميصك)
بضم الألف والراء الأولى وإظهار [21/ب] التضعيف، (وزره وزره وزره) 3
بالتضعيف وفتح الراء وضمها وكسرها، (مثل مد ومد ومد) ، فالفتح لأنه أخف
الحركات، والضم لإتباع آخره حركة ما قبله، والكسر على أصل التقاء
الساكنين.
(ونشدتك الله، وأنا أنشدك الله) 4 بضم الشين، نشدا بسكونها وفتح النون،
ونشدة ونشدانا بكسر النون: إذا سألتك بالله وحلفتك به،
__________
1 قال ابن درستويه 185: "والعامة تقول: أزرت القميص بالألف، وهو خطأ".
وينقض هذا قول ابن دريد في الجمهرة (زرر) 1/120: "وزررت القميص وأزررته
زرا وإزرارا لغتان فصيحاتان، ذكرهما أبو عبيدة وأجازهما أبو زيد".
وحكاهما الزجاج في فعلت وأفعلت 47 تحت باب فعلت وأفعلت والمعنى مختلف
فقال: "وزر عليه القميص شد زره، وأزرت القميص إزرارا جعلت له زرا".
وينظر: المنتخب 2/476، والأفعال للسرقسطي 3/444، والمحيط 9/8،واللسان
4/321 (زرر) .
2 عروة القميص: مدخل زره. اللسان (عرو) 15/45.
3 قال ابن بري: "هذا عند البصريين غلط، وإنما يجوز إذا كان بغير الهاء
نحو قولهم: زر وزر وزر.... فأما إذا اتصل بالهاء ضمير المذكر، كقولك:
زره فإنه لا يجوز فيه إلا الضم، لأن الهاء حاجز غير حصين، فكأنه قال
زروه، والواو الساكنة لا يكون ما قبلها إلا مضموما".
4 فعلت وأفعلت للزجاج 92، وابن درستويه 186، وتثقيف اللسان 426، وفي
الجمهرة 3/1265: "وأنشدتك الله وأنشدت الشعر لا غير". وينظر: اللسان
(نشد) 3/422.
(1/378)
وأنا أسألك بالله، كأنك ذكرته إياه، وأنا
ناشد، والرجل منشود بالله.
(وحش علي الصيد) 1: إذا أمرته أن يصرفه ويطرده إليك، أي احصره من
النواحي، وضمه إلي. والصيد: اسم لما يؤخذ من الوحوش2 والطير مم لا أنس
له، ولا تألف بالناس. (وقد حاشه علي يحوشه حوشا) وحياشة3، فهو حائش،
والصيد محوش: إذا جاءه من حواليه ونواحيه، ليصرفه ويطرده إليك، أو إلى4
الحبالة، لتصيده.
(ونبذت النبيذ أنبذه) 5 بالكسر،،نبذا: إذا اتخذته وعملته، فأنا نابذ،
والمعمول نبيذ، وهو فعيل في تأويل مفعول. والنبيذ: هو كل ما عمل من
الزبيب والتمر والعسل وغير ذلك، أو من ماء العنب المطبوخ،
__________
1 قال ابن دريد في الجمهرة (حوش) 1/539: "وحشت الصيد أحوشه حوشا: أي
جمعته، لا يقال: أحشته، وإن كان العامة قد أولعت به" ثم ذكر في مكان
آخر من الجمهرة 3/1295 أنها لغة عن أبي زيد، وزاد عنه "أحوشت" لغة
أخرى. وفي المحيط لابن عباد (حوش) 3/147: "حوشته وأحشته" لغتان تقولهما
تميم. وحكى اللغات الثلاث عن ثعلب ابن سيده في المحكم (حوش) 3/357.
وينظر: أدب الكاتب 40، والأفعال للسرقسطي 1/335، والصحاح (حوش) 3/1002.
2 ش: "الوحش".
3 وحياشا أيضا. المحكم (حوش) 3/357.
4 ش: "وإلى".
5 إصلاح المنطق 225، وأدب الكاتب 372، وفعلت وأفعلت للزجاج 141، وتقويم
اللسان 178، وتصحيح التصحيف 129، والصحاح (نبذ) 2/571. قال الفارابي:
"وأنبذ نبيذا: لغة ضعيفة في نبذ" ديوان الأدب 2/294، وينظر: الأفعال
لابن القطاع 3/256، واللسان 3/511، والتاج 2/580 (نبذ) .
(1/379)
إذا غلا واشتد. وأصله من النبذ، وهو الطرح.
وأما الخمر [22/أ] فإنها ماء العنب وحده الني المشتد، وأخذت من
المخامرة، وهي المخالطة، لأنها تخامر العقل، أي تخالطه، فتغلب عليه1.
(ورهنت الرهن) 2 بالفتح، رهنا: إذا تركته وأثبته عند المرتهن بكسر
الهاء، وهو الذي يأخذ الرهن، فأنا راهن والشيء مرهون، والرجل موهون
عنده. والرهن: معروف، وهو ما يثبت ويوضع عند الإنسان على ما تستسلفه3
منه، أو على أمر يفعله لك ليحتبسه عنده بحقه إلى أن يوفاه، أو يفعل له
ما جرت الموافقة عليه. وجمعه رهان ورهن4 أيضا بضم الراء والهاء. وقيل:
رهن جمع رهان، مثل فراش وفرش، فيكون جمع جمع5.
(وخصيت الفحل) 6، وهو الذكر من الإبل والبقر والشاء،
__________
1 المقاييس 2/215.
2 وأرهنت لغة أخرى، ذكر ابن درستويه 188 أن العامة مولعة بها، وأنكرها
الأصمعي. ينظر: إصلاح المنطق 231، وأدب الكاتب 357، والاقتضاب 2/163،
والمحيط 3/474، والصحاح 5/2128، والمحكم 4/215 (رهن) .
3 ش: "يستسلفه".
4 قال الاخفش: "وهي قبيحة، لأن فعلا لا يجمع على فعل إلا قليلا شاذا"
معاني القرآن 1/190، وينظر: العين 4/44، والصحاح 5/2128 (رهن) ، وتفسير
القرطبي 3/263.
5 معاني القرآن للفراء 1/188، وللأخفش 1/191، ومعاني القرآن وإعرابه
للزجاج 1/367. قال ابن سيده: "وليس رهن جمع رهان، لأن رهانا جمع، وليس
كل جمع يجمع، إلا أن ينص عليه بعد أن لا يحتمل غير ذلك".
6 ما تلحن فيه العامة 133، وابن درستويه 189، والزمخشري 62.
(1/380)
وغيرها، فأنا أخصيه خصيا وخصاء أيضا بالمد
وكسر الخاء، وأنا خاص، وهو مخصي، على مثال مرمي: إذا شققت عن خصيتيه،
وهما بيضتاه، وسللتهما من موضعهما1. (وبرئت إليك من الخصاء والوجاء) 2
بكسر أولهما مع المد، أي برئت إليك من هذين العيبين اللذين أحدثتهما
الخصاء والوجاء. والوجاء في الدواب: أن ترض البيضتان وعروقهما حتى
تنفضخ3.
(ونعشت الرجل أنعشه) 4 بالفتح نعشا، فأنا ناعش، وهو منعوش: إذا آسيته،
أو أغنيته بعد فقر، أو نصرته بعد ظلم، أو أخذت بيده من عثرة، أو رفعته5
من صرعة.
__________
1 قوله: "وسللتهما من موضعها" ساقط من ش.
2 خلق الإنسان للحسن بن أحمد 122، والأساس 113، واللسان 14/231 (خصى)
وفي الحيوان 1/130: "ويقال برئت إليك من الخصاء والوجاء، ولا يقال ذلك
إلا لما كان قريب العهد لم يبرأ، فإذا برئ لم يقل له".
3 أي تنشدخ. اللسان (فضخ) 3/45. وينظر: الحيوان 1/130.
4 إصلاح المنطق 225، وأدب الكاتب 374، وتثقيف اللسان 180، وتقويم
اللسان 178، وتصحيح التصحيف 133، والصحاح (نعش) 3/1021.
وحكى أبو عبيد في الغريب المصنف (133/ب) عن الكسائي: "نعشه الله
وأنعشه" لغتان. وفي أفعال السرقسطي 3/118، ابن القطاع 3/213 "أنعشه"
لغية. قال ابن دريد في الجمهرة (نعش) 2/871: "ولا تلتفت إلى قول
العامة: أنعشه، فإنه لم يقله أحد". وفي شرح موطئة الفصيح 475 احتجاج
واسع لفصاحة "أنعشه". وينظر: العين 1/259، والمجمل 2/875، والمحيط
1/290، والمحكم 1/230 (نعش) .
5 ش: "من عثرة أو وقعة".
(1/381)
(وحرمت الرجل عطاءه أحرمه) 1 بالكسر: أي
منعته إياه، حرما بفتح الحاء وسكون الراء، وحرما2 وحرمة بكسر الراء،
وحرمانا بكسر الحاء وسكون الراء، وحريمة. وأنا حارم وهو محروم.
(وحللت من إحرامي أحل) 3 بكسر الحاء، والمصدر حل بكسرها أيضا، وحلال
بفتحها. وأنا حال: أي صرت حلالا، لأني قضيت فروض الإحرام بالحج، فحل لي
كل شيء كنت امتنعت منه لأجل الإحرام.
(وحزنني الأمر يحزنني) 4 بضم الزاي، حزنا بسكونها،
__________
1 "وأحرمت" لغة وصفت بأنها غير جيدة في التهذيب (حرم) 5/46، ووليست
بالعالية في المحكم (حرم) 3/247، وذكرت من غير وصف مستواها في الغريب
المصنف (132/أ) ، وأدب الكاتب 438ن وفعلت وأفعلت للزجاج 27، وديوان
الأدب 2/328، والأفعال للسرقسطي 1/331، وما جاء على فعلت وأفعلت 36،
والصحاح (حرم) 5/1897.
2 وحرما وحرما أيضا. الجمهرة 1/225، والمحكم 3/247 (حرم) .
3 "وأحللت " لغة أخرى. ينظر: الغريب المصنف (132/ب) ، وأدب الكاتب 437،
وفعلت وأفعلت للزجاج 23، وديوان الأدب 3/162، والأفعال لابن القطاع
1/244، والجمهرة 1/101، 3/1246، والصحاح 4/1674، واللسان 11/166 (حلل)
.
4 "حزنني وأحزنني" لغتان فصيحتان، الأولى لغة قريش، والأخرى لغة تميم،
وقد بهما جميعا. ينظر: الكتاب 4/56ن 57، ومعاني القرآن للأخفش 1/258،
وفعلت وأفعلت للزجاج 24، والأفعال لابن القطاع 1/202ن وتفسير القرطبي
6/118، والعين 3/160، والجمهرة 1/529، والصحاح 5/2098. قال الأصمعي في
فعل وأفعل 473: "لا أعرف إلا حزنني يحزنني، والرجل محزون، ولم يقولوا
محزن".
(1/382)
عافاه1، وأذهب علته. والله الشافي، والرجل
[23/أ] مشفي، على مثال مرمي.
(وغاظني الشيء يغيظني) 2غيظا: أي حملني على أن أغتاظ، وهو افتعل من
الغيظ. والغيظ عند قوم: أول الغضب، وقال آخرون: هو أشد من الغضب، وقال
آخرون: هو غضب كامن للعاجز3. وممنه قوله تعالى: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ
الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظ} 4، وقال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}
5. وقال الجبان: غاظني الشيء: إذا غمك وأغضبك، وما لم يجتمع الأمران،
لم يقل غاظني6. والشيء غائظ لي7، وأنا مغيظ. وقد غظتني يا هذا، أي فعلت
بي8 ما غضبت منه.
(ونفيت الرجل أنفيه نفيا) 9: إذا طردته وأبعدته من وطنه،
__________
1 ش: "عافاه الله".
2 ش: "يغيظني بفتح الياء" وينظر: أدب الكاتب 375، وتثقيف اللسان 179،
وتصحيح التصحيف 116، والصحاح (غيظ) 3/1176. وفي التهذيب (غيظ) 8/174:
"وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي: غاظه وأغاظه، وليست بالفاشية".
3 تنظر هذه الأقوال في: الجمهرة 2/932، والصحاح 3/1176، والمحكم 6/9،
والمفردات 619 (غيظ) .
4 سورة آل عمران 119.
5 سورة الفتح 29.
6 الجبان 120.
7 "لي" ساقطة من ش.
8 "بي" ساقطة من ش.
9 فعلت وأفعلت للزجاج 141، وابن درستويه 196، والصحاح (نفى) 6/2513.
(1/384)
فانا ناف، وهو منفي. (و) نفيت (رديء
المتاع) : إذا نحيته عن جيده.
(وزوى وجهه عني يزويه زيا: إذا قبظه) 1، أي جمع جلدته، فهو زاو، والوجه
مزوي. ومنه قول الأعشى2:
(يزيد يغض الطرف دوني كأنما ... زوى بين عينيه علي المحاجم)
وقيل: معنى زوى وجهه: أي لواه، وصرفه عني3.
(وبردت عيني أبردها) 4 بالضم، بردا: إذا كحلتها بالبرود، على فعول بفتح
الفاء، وهو كحل يبرد حرارة ألم العين، فأنا بارد، والكحل بارد5 أيضا،
والعين مبرودة.
__________
1 فعلت وأفعلت للزجاج 133، وابن درستويه 197. وفي تجفة المجد الصريح
(136/أ) : "حكى المطرز في شرحه عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه يقال: زوى،
وأزوى، وزوى بالتشديد لغة أخرى. قال: والأولى أفصح".
2 ديوانه 129، ويليه:
فلا ينبسط من بين عينيك ما انزوى ولا تلقني إلا وأنفك راغم
ويزيد المذكور هو: يزيد بن مسهر الشيباني، والأعشى يهجوه. ينظر: الكامل
للمبرد 2/824.
3 الأفعال لابن القوطية 289، وللسرقسطي 3/481، والتهذيب (زوى) 13/277.
4 فعلت وأفعلت للزجاج 127، والجمهرة (برد) 1/295ن و"أبردته" لغة أخرى،
وصفت بأنها دريئة. ينظر: الصحاح (برد) 2/445، والأفعال لابن القطاع
1/69.
5 قوله: "والكحل بارد" ساقط من ش.
(1/385)
(وبرد الماء حرارة جوفي يبردها) 1 بالضم
أيضا، بردا: إذا أزالها وأذهبها، (وينشد هذا البيت) وهو لمالك بن
الريب2 [23/ب] :
(وعطلوا قلوصي في الركاب فإنها ... ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا)
القلوص بفتح القاف: الفتية من الإبل، وهي الشابة، بمنزلة الجارية من
النساء3. وقوله: "عطل" معناه: اترك، أي اتركها من الركوب، والركاب: اسم
للإبل التي تركب. والبواكي: جمع باكية، وهن النساء اللاتي يبكين، وتبكي
بضم التاء، مستقبل أبكت: إذا عملت بهن عملا يبكين منه.
ومعنى البيت: عطل قلوصي عن الركوب، إذا قدمت على قومي، فإنهم إذا رأوها
كذلك أيقنوا بموتي، فيبرد ذاك4 أكباد أعدائي، ويبكي من يجد5 لفقدي.
__________
1 المقاييس (برد) 1/241.
2 ديوانه 95ن والبيت من قصيدته المشهورة التي مطلعها:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بجنب الغضى أزجي القلاص النواحيا
ومالك بن الريب هو ابن حوط بن قرط بن حسل المازني التميمي، شاعر
إسلامي، كان من قطاع الطريق، فرآه سعيد بن عثمان بن عفان بالبادية، في
طريقه بين المدينة والبصرة، وهو ذاهب إلى خراسان حين ولاه معاوية
عليها، فتاب على يديه واصطحبه معه إلى خراسان، وشارك في فتح سمرقند،
مات بخراسان سنة 60هـ. الشعر والشعراء 1/270، والأمالي 3/135، ومعجم
الشعراء 364.
3 الصحاح (قلص) 3/1054.
4 ش: "ذلك".
5 أي يحزن.
(1/386)
(وهلت عليه التراب) 1 أهيله هيلا: إذا
ذروته أو حثوته عليه، أوأرسلته إليه، كما يهال على الميت عند دفنه،
وأنا هائل، والتراب مهيل بفتح الميم، والميت مهال عليه بضمها2.
(وفض الله فاه) 3 يفضه فضا، وهو دعاء على الإنسان، ومعناه: فرق أسنانه
وكسرها، والله جل وعز الفاض، والفم مفضوض، والفم هاهنا: الأسنان. (ولا
يفضض الله فاك) 4 بفتح الياء وسكون الفاء وضم الضاد الأولى، وهذا دعاء
له ببقاء أسنانه.
__________
1 و"أهلت" بالألف لغة أخرى. ينظر: الغريب المصنف (133/أ) وفعلت وأفعلت
للزجاج100، وديوان الأدب 3/426، والأفعال لابن القطاع 3/362، والمحيط
4/63، والصحاح 5/1855، والمحكم 4/276، والنهاية 5/288 (هيل) وذكر
الزمخشري 69 أنها لغة أخرى.
2 وفعله أهال بالألف، على اللغة الأخرى.
3 في غريب الحديث لابن قتيبة 1/360: "والعوام تقول: يفضض الله، وهو
خطأ، وإنما يقال: يفضض بفتح الياء وضم الضاد الأولى، لأنه من فض يفض".
وينظر: أدب الكاتب 375، والزاهر 1/274، والصحاح (فضض) 3/1098.
4 قاله النبي صلى الله عليه وسلم للنابغة الجعدي، وقد أنشده قصيدته
الرائية. ينظر: الحديث والحكم عليه وتفصيل الخبر في: غريب الحديث لابن
قتيبة 1/359، وغريب الحديث للخطابي 1/190، والاستيعاب 3/554، والفائق
3/123، والنهاية 3/453، والإصابة 3/509، ومجمع الزوائد 8/217، ورسالة
أبي اليمن الكندي 80، وهي تختص باللقاء الذي تم بين الرسول صلى الله
عليه وسلم والنابغة الجعدي، ونشرت في مجلة التوباد (العدد: الثالث عشر،
ربيع الأول 1412هـ) .
(1/387)
(وقد ودج دابته يدجها) 1 دجة بكسر الدال، و
(ودجا) بسكونها: إذا قطع ودجها بفتح الدال، وهو عرق في عنقها، وهما
ودجان من جانبي العنق. والودج للدابة بمنزلة الفصد للإنسان، والفاعل
وادج، والدابة مودوجة، وإذا [24/أ] أمرت، قلت: (دج دابتك) ، على مثال
زن.
(ووتد وتده) 2 فهو (يتده) تدة بكسر التاء، ووتدا بسكونها: إذا أثبته
ودقه في أرض أو حائط، وهو واتد، والوتد موتود، وإذا أمرت، قلت: (تد
وتدك) ، مثل زن3. والوتد مكسور التاء لا غير4.
__________
1 قال ابن درستويه 201: "ذكره، لأن العامة تقول: ودج دابته بالتشديد،
وهو خطأ، إلا أن يراد به مرة بعد أخرى، فيشدد للتكثير، فتقول العامة
أيضا في الأمر: ودج دابتك وأردجها، وهو خطأ". و"ودج" لغة في الجمهرة
1/452، والمحكم 7/371 (ودج) .
2 فعل وأفعل للأصمعي 507، وأدب الكاتب 373، وفي فعلت وأفعلت للزجاج 93:
"وتدت الوتد وأوتدته" لغتان بمعنى واحد. وينظر: ما جاء على فعلت وأفعلت
73ن والأفعال للسرقسطي 4/221، والقاموس (وتد) 413.
3 قوله: "مثل زن" ساقطة من ش.
4 حكى ابن السكيت في إصلاح المنطق 100، والجوهري في الصحاح (وتد)
2/547، و"والوتد" بالفتح. قال الفارابي: "وهي أردأ اللغتين" ديوان
الأدب 3/214.
(1/388)
(وقد جهد دابته) 1 ونفسه2 (يجهدها) بالفتح،
جهدا، فهو جاهد، وهي مجهودة: (إذا حمل عليها فوق طاقتها في السير) ، أو
في الحمل، أو غير ذلك.
(وفرضت له أفرض) 3 بالكسر (فرضا) : أي جعلت له في الديوان عطاء، وأثبت
له فيه رسما يأخذه في أوقات معلومة، وأنا4 فارض، والشيء مفروض، والرجل
مفروض له.
(وصدت الصيد أصيده) 5 صيدا: أي أخذته وظفرت به، فأنا صائد، وهو الصيد.
والصيد يقع على الواحد والجمع.
(وقرح البرذون) 6 بفتح الراء (يقرح) ويقرح بفتحها وضمها (قروحا) على
فعول، مثل دخول، فهو قارح: إذا بلغ منتهى سنه، وألقى سنه التي تلي
الرباعية، وهي التي ينبت مكانها نابه، وذلك حين
__________
1 وأجهدها لغة أخرى. ينظر: أدب الكاتب 435، فعلت وأفعلت للزجاج 18، وما
جاء على فعلت وأفعلت 32، وديوان الأدب 2/291، والأفعال لابن القوطية
47، ولابن القطاع 1/147، والصحاح (جهد) 2/460.
2 "ونفسه" ساقطة من ش.
3 في التهذيب (فرض) 12/14: "وقال الأصمعي: يقال: فرض له في العطاء يفرض
فرضا. قال: وأفرض له، إذا جعل له فريضة". وفي الصحاح (فرض) 3/1097:
"وفرضت الرجل وأفرضته، إذا أعطيته". وينظر: ديوان الأدب 2/306،
والأفعال لابن القطاع 2/455.
4 ش: "فأنا".
5 ابن درستويه 204، والزمخشري 71.
6 أدب الكاتب 373.
(1/389)
يمضي1 له من عمره خمس سنين ويدخل في
السادسة2. والبرذون من الخيل: الثقيل في جسمه، البطيء في جريه، القصير
العنق، الذي ليس له [24/ب] جري كجري العراب3.
__________
1 ش: "تمضي".
2 الخيل لأبي عبيدة 152، والصحاح (قرح) 1/395، والمخصص 6/138.
3 أي الخيول العربية، وقال علي بن داود: "ولا حظ فيها للجري والقتال،
وإنما هي بمنزلة البغال، وهي أصبر على الركض وطول السير" الأقوال
الكافية 361، وينظر: حيا ة الحيوان 1/168، واللسان (برذن) 13/51.
(1/390)
|