إسفار الفصيح باب فعِلت وفعَلت باختلاف المعنى 1
(تقول: نقهت الحديث) 2 بكسر القاف أنقهه بفتحها، نقها ونقها، بسكونها
وفتحها، فأنا نقه بكسرها3، (مثل فهمت) أفهم فهما وفهما، فأنا فهم، في
الوزن والمعنى.
(ونقهت من المرض أنقه) بفتح القاف منهما: أي بدأ في البرء في عقب
العلة، والمصدر النقوه بوزن الدخول، والفاعل ناقه.
__________
1 قال ابن درستويه 240: "قد مضى باب فعلت بفتح العين في أول الكتاب،
ومضى باب فعلت بكسر العين، وإنما ذكرهما هنا ليذكر الكلمتين اللتين
تكون حروفهما واحدة، وهما مختلفان في المعنى، فكان يجب على هذا أن
يترجم الباب بباب: ما اختلف بناؤه ومعناه واتفق لفظه، ليكون أوضح لما
أراد".
2 ما تلحن فيه العامة 126، وأدب الكاتب 399، والزاهر 1/206ن والعين
3/369، والجمهرة 2/979 (نقه) ويقال: "نقهت الحديث" بالفتح، و"نقهت من
المرض" بالكسر. ينظر: العريب المصنف (136/ب) ، وإصلاح المنطق 214،
ومجالس ثعلب 1/215، والأفعال للسرقسطي 3/207، ولابن القطاع 3/254،
وديوان الأدب 2/221، 255، والمنتخب 2/551، والتهذيب 5/402، والمحيط
3/346، والصحاح 6/2253، والمحكم 4/91، والمصباح 238، والقاموس 1619
(نقه) . وقال ابن درستويه 243: "الكلمتان مشتركتان في معنى واحد إلا أن
أحدهما في النفس، والأخرى في البدن، وذلك أن الذي نقه الحديث بعد جهله
بمنزلة الذي صح جسمه بعد سقمه".
3 قوله: "بكسر القاف.... بكسرها" ساقط من ش.
(1/412)
(وقررت به عينا) 1 بكسر الراء (أقر) بفتح
القاف، قرة2 وقرورا بضمها فيهما، ومعناه: بردت به عيني، أي سررت به،
وهو من القر3، ومعناه البرد، وهو نقيض سخنت، وعيني به قريرة، أي باردة.
وإذا أمرت من هذا قلت: قر به عينا بفتح القاف، وأما الراء فتفتح وتكسر،
وإذا أمرت المؤنث قلت: قري، ومنه قوله تعالى لمريم – عليها السلام -:
{فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً} 4.
(وقررت في المكان) بفتح الراء، (أقر) بكسر القاف، قرارا وقرورا: أي
سكنت فيه وثبت، فأنا قار فيه، والمكان مقرورو فيه، وإذا5 أمرت من هذا
قلت: قر في مكانك [30/أ] بكسر القاف، وأما الراء
__________
1 بالفتح والكسر كليهما في إصلاح المنطق 213، والمنتخب 2/550، والأفعال
للسرقسطي 2/56، ولابن القطاع 3/47، والمحيط 5/206، والصحاح 2/790،
والمصباح 189 (قرر) وفي الغريب المصنف (136/ب) : "وقررت بالمكان أقر:
لغة أهل الحجاز، وقررت أجود" وينظر: التهذيب (قرر) 8/277.
2 وقرة بالفتح، والضم حكاه ابن سيده عن ثعلب. المحكم (قرر) 6/78.
3 اختلف اللغويون في اشتقاق هذه الكلمة، فالاصمعي يرى أنها مشتقة من
القر، وهو البرد، وأنكره ثعلب، وقال: بل هي مشتقة من القرار، أي صادفت
العين ما يرضيها فهدأت عن التطلع إلى غيره. قال المبرد: "وهذا قول حسن
جميل، والأول أغرب وأطرف". الكامل 1/428، وينظر: الأمثال لأبي عكرمة
الضبي 106، والفاخر 6، والزاهر 1/300، وشرح القصائد السبع 376،
والتهذيب 8/276، والمحكم 6/78 (قرر) .
4 سورة مريم 26.
5 ش: "فإذا".
(1/413)
فتفتح وتكسر أيضا، كما تقدم. وتقول للمرأة:
قري في مكانك، بكسر القاف.
(وقد قنع الرجل) 1 الفقير بكسر النون: إذا رضي باليسير الذي قسمه الله
له، فهو يقنع، (قناعة) ، وهو قانع.
(وقنع) الرجل يقنع بفتح النون في الماضي والمستقبل، (قنوعا) : إذا سأل
من فقر وتذلل للمسألة، وهو قانع2. ومنه قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا
وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ} 3، وقال الشماخ4:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع
المفاقر: الفقر، يقول: قيامه على ماله، وحسن تعاهده له،
__________
1 أدب الكاتب 340، والأفعال للسرقسطي 2/71، والعين 1/170، والجمهرة
2/942، والمحيط 1/185، والصحاح 3/1272، والمحكم 1/132 (قنع) . وذكرهما
في إصلاح المنطق 189 تحت باب فعلت بفتح العين، والعامة تكسره، وقد يجيء
في بعضه لغة إلا أن الفصيح الفتح.
2 الأضداد للأصمعي 49، ولأبي حاتم 117، ولابن السكيت 202، وللأنباري
66.
3 سورة الحج 36. والمعتر: الذي يتعرض للمسألة ولا يسأل. ينظر: تفسير
الطبري 17/168.
4 ديوانه 221، والشماخ هو: ابن ضرار بن حرملة بن سنان المازني
الذبياني، شاعر مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وشهد القادسية، وتوفي
في غزوة موقان سنة 228هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/132، والشعر والشعراء 1/232، والأغاني 9/158،
والإصابة 2/151.
(1/414)
وافتقاده إياه أكف له من السؤال.
(ولبست الثوب) 1 بكسر الراء، (ألبسه) بفتحها، (لبسا) بضم اللام،
ولباسا، فأنا لابس، والثوب ملبوس: إذا جعلته لباسا لبدنك، أي عطيته به
وسترته، كما قال تعالى: {وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ
وَإِسْتَبْرَق} 2.
(ولبست عليهم الأمر) بفتح الباء، (ألبسه) بكسرها، (لبسا) بفتح اللام،
فأنا لابس: إذا عميته وخلطته عليهم، والقوم ملبوس عليهم، ومنه قوله
تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً
وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} 3، وقال: {وَلا تَلْبِسُوا
الْحَقَّ بِالْبَاطِل} 4، أي لا تخلطوه به.
(ولسبت العسل) 5 والسمن ونحوهما بكسر السين، وألسب بفتحها، لسبا
بسكونها6: (إذا لعقته) ، والفاعل لاسب، والعسل
__________
1 إصلاح المنطق 206، وأدب الكاتب 336، وتثقيف اللسان 174، وتصحيح
التصحيف 566، قال ابن درستويه 245: "وأصل الفعلين واحد، لأنهما جميعا
من التغطية والاختلاط، لأن ستر الأمر تغطية له، ولبس الثياب تغطية
للبدن" وينظر: المقاييس (لبس) 5/230.
2 سورة الكهف 31.
3 سورة الأنعام 9.
4 سورة البقرة 42.
5 إصلاح المنطق 320، والأفعال للسرقسطي 2/461، والجمهرة 1/341، والصحاح
1/219 (لسب) .
6 ش: "بسكون السين".
(1/415)
وغيره ملسوب، والإصبع والجفنة ملسوبة.
(ولسبته العقرب) بفتح السين، (تلسبه) وتلسبه بكسرها وضمها، (لسبا)
بسكونها: إذا لسعته، أي ضربته بإبرتها، وهي الشوكة التي في ذنبها، وهي
لاسبة، والمفعول ملسوب.
(وأسيت على الشيء) 1 بالكسر: أي حزنت عليه آسى أسى بالفتح والقصر. وفي
التنزيل: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} 2، وقال تعالى:
{لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا
آتَاكُمْ} 3. وأنا أس بالقصر على فعل، وآس أيضا بالمد على فاعل، وأسوان
وأسيان بالواو والياء، على وزن سكران، أي حزين4.
(وأسوت 5 الجرح وغيره: إذا أصلحته) ، آسوه أسوا وأسا
__________
1 إصلاح المنطق 206.
2 سورة الأعراف 93.
3 سورة الحديد 23.
4 الأفعال للسرقسطي 1/121.
5 أنكر ابن درستويه 246 على ثعلب ذكر هذا الفعل في هذا الباب، لأنه من
ذوات الواو، والأول من ذوات الياء قال: "وإنما يجب أن يأتي بأسيت بكسر
السين مع أسيت بفتحها، ليكونا جميعا من ذوات الياء، أو يأتي بهما جميعا
من ذوات الواو". وقد رد عليه بأن الأول أيضا من ذوات الواو أيضا بدلالة
قولهم: أسوان وأسيان، وقول الشاعر:
وذي إبل فجعته بخيارها فأصبح منها وهوأسوان يائس
وقول الآخر:
ماذا هنالك من أسوان مكتئب
ولكنهم قلبوا الواو في الفعل ياء لانكسار ما قبلها، كما قالوا: اشتهيت
من الشهوة، وشقيت من الشقوة. ينظر: شرح أشعار الهذليين 2/645، 3/1135،
والأفعال للسرقسطي 1/121ن والمرزوقي (33/ب) ، والزمخشري 92.
(1/416)
أيضا بالقصر1: إذا داويته فأصلحته بالدواء،
وأنا آس بالمد، والجرح المداوى مأسو، وأسي أيضا، على فعيل.
(وحلا الشيء في فمي يحلو) 2 حلاوة: إذا وجدته حلوا، وصار فيه حلوا، وهو
ضد المر، والحلاوة ضد المرارة [31/أ] .
(وحلي بعيني) 3 وصدري بكسر اللام، (يحلى) بفتحها، (حلاوة) أيضا: إذا
حسن، وهو حلو في الفم والعين جميعا.
(وعرج الرجل) 4 بكسر الراء، (يعرج) عرجا بفتحها: (إذا
__________
1 وأسيا. أدب الكاتب 527، والأفعال للسرقسطي 1/122.
2 أدب الكاتب 344، ودرة الغواص 225، وتقويم اللسان 79، وتصحيح التصحيف
230.
3 في إصلاح المنطق 213: "حلي بعيني وبصدري.... وحلا بعيني وفي عيني
حلاوة فيهما جميعا" قال ابن دريد: "وقد تكون الحلاوة بالذوق والنظر
والقلب، إلا أنهم فصلوا، فقالوا: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني
يحلى، إلا أنهم يقولون: هو حلو في كلا المعنيين، وقال قوم من أهل
اللغة: ليس حلي من حلا في شيء، هذه لغة على حدتها، كأنها مشتقة من
الحلي الملبوس،، لأنه حسن في عينك كحسن الحلي" الجمهرة (حلو) 1/570.
وينظر: الصحاح 6/2318، والمحكم 3/339 (حلا) ، والمصادر المذكورة في
الهامش السابق.
4 إصلاح المنطق 286، وأدب الكاتب 347.
(1/417)
صار أعرج) ، أي ظلع في مشيه، ولزمه ذلك،
فلم يفارقه، فصار كأنه خلقة فيه، وهو أعرج بين العرج بفتح الراء، فإن
(غمز من شيء أصابه) في رجله فخمع ومشى مشية العرجان، وليس بخلقة، وإنما
هو عارض عرض له، ثم زال عنه، قيل: (عرج) 1 بفتح الراء، (يعرج) بضمها،
عرجا بسكونها، وعروجا، على فعول، فهو عارج، ولا يقال أعرج.
(وعرج) الرجل وغيره في السلم ونحوه بفتح الراء أيضا، (يعرج) بالضم،
عروجا: إذا صعد وارتفع فيه. ومنه قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ
وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 2، والفاعل عارج، والسلم معروج فيه.
(ونذرت النذر أنذره وأنذره) 3 بالضم والكسر، (نذرا) ، فأنا ناذر، وهو
منذور: أي أوجبت وجعلت علي لله – تعالى – شيئا من الخير إن بلغت ما
أؤمله، فيلزمني4 الوفاء به، واسم ذلك الشيء الذي أجعله وأوجبه على نفسي
نذر أيضا، وجمعه نذور. ومنه قوله تعالى: {أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْر}
5، وقال: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} 6.
__________
1 ابن درستويه 247. وينظر: المقاييس 4/302.
2 سورة المعارج 4.
3 الأفعال للسرقسطي 3/145، والصحاح (نذر) 2/826.
4 ش: "فلزمني".
5 سورة البقرة 270.
6 سورة الحج29.
(1/418)
(ونذرت بالقوم) بسكر الذال، فأنا (أنذر)
بفتحها، نذرا ونذراة بفتح النون والذال فيهما (إذا علمت [31/ب] بهم،
فاستعددت لهم) وحذرتهم، أي إذا علمت بأنهم آتون1 بشر. ومعنى قوله:
"فاستعددت لهم": تهيأت وأخذت العدة لهم، ولا يستعمل ذلك في الخير.
ومعنى حذرتهم: تحرزت2 منهم. والفاعل ناذر، والقوم منذور بهم.
(وعمر الرجل منزله) 3 بفتح الميم، يعمره بضمهما، عمرا بسكونها، وعمارة:
إذا بناه وأصلحه، أو نزل فيه، وهو ضد خربه، وهو عامر، والمنزل معمور.
ومنه قوله تعالى: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} 4 ويقال: عامر أيضا، مثل
ماء دافق، أي مدفوق، وعيشة راضية، مرضية5. (و) قد (عمر المنزل) نفسه
بفتح الميم أيضا، ضد خرب، فهو يعمر عمورا وعمارة: إذا صار عامرا، وهو
منزل عامر، ويستوي في هذا الفعل اللازم والمتعدي.
(وعمر الرجل) بكسر الميم، يعمر6 عمرا بفتحها: (إذا طال
__________
1 ش: "أتو".
2 ش: "أي تحرزت".
3 الصحاح (عمر) 2/756، 757، والأفعال لابن القطاع 2/332.
4 سورة الطور4.
5 الصحاح (عمر) 2/757.
6 وعمر يعمُر ويعمِر أيضا. المحكم (عمر) 2/106.
(1/419)
عمره) ، أي بقي وعاش زمانا طويلا، ويقال في
المصدر: عمر وعمر بفتح العين وضمها وسكون الميم منهما، وعرم أيضا
بضمهما. وقال جرير1:
عمرت مكرمة المساك وفارقت ... ما شفها صلف ولا إقتار
(وسخن الماء) بفتح الخاء، يسخن ويسخن بفتحها وضمها، سخنا بسكونها وفتح
السين، وسخونا وسخونة وسخانة. (و) يقال أيضا: [32/أ] (سخن) بالضم2 يسخن
سخونة: إذا حمي، وهو ماء سخن وساخن وسخينا، أي حار.
(وسخنت عين الرجل) 3 بكسر الخاء، (تسخن) بفتحها،
__________
1 ديوانه 2/862. برواية: "ما مسها" والبيت من قصيدة في رثاء زوجه.
والمساك: اسم الإمساك. والإقتار: العسر. الصلف: بغض الزوج لقلة خيره.
عن شرحه بالديوان. وأنشد المصنف في التلويح 18 بدلا من هذا البيت قول
الشاعر:
أتروض عرسك بعدما عمرت ومن العناء رياضة الهرم
ونسب لرجل من الخوارج في مجمع الأمثال 3/313، وهو من غير نسبة في
البيان والتبيين 2/79، وعيون الأخبار 2/369.
2 وسخن أيضا بالكسر، وهي لغة بني عامر وهوازن. ينظر: أدب الكاتب 422،
والأفعال للسرقسطي 3/553، والمحكم (سخن) 5/50.
3 وسخنت أيضا بالضم في: العين 4/199، والمحيط 4/264، والتكملة 6/248
(سخن) وسخنت بالفتح في التاج (سخن) 9/232. قال الفيروزآبادي في الدرر
المبثثة 128: "القياس يقتضي تثليثها". وفي الزمخشري 98: "أهل الحجاز
يقولون: سخن الماء وسخنت عينه بالضم فيهما، وتميم يقولون: سخن الماء
بالضم، وسخنت عينه بالكسر". وينظر: الجمهرة (سخن) 1/600.
(1/420)
سئمته، وهما بمعنى واحد، إذا كرهته بعد
ملازمته، فأنا (أمل) ، بفتح الميم، ملا ومللا وملة و (ملالة وملالا) ،
وهو رجل مل [33/ب] وملول وملولة، والشيء مملول وممل1.
(وأسن الرجل) 2 بكسر السين، (يأسن أسنا) بفتحها، فهو آسن بكسرها،
والقصر، على فعل، وآسن بالمد، على فاعل: (إذا غشي عليه من ريح البئر)
المنتنة الماء، أو الفاسدة الهواء، إذا نزلها. وفي نسخة أبي سعيد الحسن
بن عبد الله السيرافي النحوي3، وأصله الذي رواه عن أبي بكر بن علي
النحوي المعروف بمبرمان4 عن ثعلب – رحمه الله -: (إذا مات من ريح
الحمأة) 5.
__________
1 كذا، والثلاثي لا يأتي منه المفعول على ممل.
2 الجمهرة 2/1074، والصحاح 5/2070، واللسان 13/17 (أسن) .
3 كان مشاركا في أنواع من العلوم كالنحو واللغة والفقه والحديث والحساب
والهندسة، تولى القضاء ببغداد، وكان معتزليا. من مرلفاته: كتاب الإقناع
في النحو، وأخبار البصريين، وشرح كتاب سيبويه. توفي سنة 368هـ.
تاريخ بغداد 7/341، ونزهة الألباء 227، وإنباه الرواة 1/348، ومعجم
الأدباء 2/876.
4 من أئمة العربية، أخذ عن المبرد والزجاج وثعلب، وأخذ عنه الفارسي
وأبو سعيد السيرافي. من مؤلفاته: شرح كتاب سيبويه، وكتاب النحو المجموع
على العلل، وصفة شكر النعم. توفي سنة 326، وقيل: 345هـ.
طبقات الزبيدي 114، وإنباه الرواة 3/189، ومعجم الأدباء 6/2573.
5 الحمأة: الطين الأسود المنتن. اللسان (حمأ) 1/61.
(1/422)
(وأسن الماء) بفتح السين1، (يأسن ويأسن)
بكسرها وضمها، (أسنا) بسكونها، (وأسونا) : إذا تغير طعمه وريحه وفسد،
فلا يشربه شيء من نتنه، فهو آسن بالمد. ومنه قوله تعالى: {فِيهَا
أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِن} 2.
(وعمت في الماء) 3 بضم العين، فأنا (أعوم عوما) : أي سبحت فيه، فأنا
عائم.
(وعمت إلى اللبن) بكسر العين، (أعيم عيمة، وأعام أيضا) : أي اشتهيته،
فأنا عيمان، والمرأة عيمى. قال أبو سهل: ذكر أبي العباس - رحمه الله –
عمت بكسر العين، في هذا الباب غلط4، لأن وزنه على الأصل قبل النقل فعلت
بفتح الفاء والعين، وكان أصله عيمت، على مثال ضربت، ثم نقل إلى فعلت
بكسر العين، فقالوا:
__________
1 وأسن أيضا بكسر السين، وآسن بالمد. ينظر: الأفعال للسرقسطي 1/66،
والجمهرة 2/1074، والصحاح 5/2070 (أسن) .
2 سورة محمد 15.
3 أصله "عومت" بوزن فعلت، نقل إلى فعلت، ثم حذفت الواو، ونقلت ضمتها
إلى الفاء لتدل عليها.
4 غلط ثعلب في هذا الباب من وجهين، لأن شرطه فيه إيراد ما كان على وزن
"فعِلت وفعَلت" باختلاف المعنى، و"عمت" بالضم، و"عمت" بالكسر أصل
بنائهما جميعا "عومت وعيمت" بفتح العين فيهما، وأصل أحدهما من الواو
والآخر من الياء، فهما مختلفان في الحروف، فلا وجه لذكرهما في هذا
الباب، لأنهما لم يتفقا في جميع الحروف كـ"نقهت ونقهت" مثلا.
(1/423)
عيمت بكسر الياء، على مثال علمت [33/أ]
فاستثقلوا كسرة الياء، فنقلوها إلى العين التي قبلها، فلما فعلوا ذلك
سكنت الياء، فاجتمع ساكنان، وهما الياء والميم، فأسقطوا الياء لالتقاء
الساكنين، فبقي عمت بكسر العين1، والدليل على ما قلته أن مستقبله أعيم
بكسر العين وسكون الياء، وكان أصله أعيم بسكون العين وكسر الياء، على
مثال ضربت أضرب، فاستثقلت كسرة الياء، فنقلت إلى العين التي قبلها،
فصار أعيم، وقد بينت هذا في "شرح الكتاب" بيانا شافيا، وأنت تراه فيه –
إن شاء الله. وقد خلط في مستقبله بقوله: أعيم وأعام أيضا، فأما أعيم
فقد ذكرته، وأما أعام فإنه مستقبل عمت الذي أصله عيمت بفتح العين وكسر
الياء، فعلى هذا المستقبل يكون عمت في بابه، ووزنه فعلت بكسر العين،
وهذا تخليط بجمعه بين أعيم وأعام2.
__________
1 أجراها في الإعلال مجرى "بعت" وإلى هذا ذهب سيبويه في الكتاب 4/340ن
والمبرد في المقتضب 1/97، وابن جني في المنصف 1/234، والزمخشري في
المفصل 446، وشارحاه ابن يعيش 1/72، وصدر الأفاضل 4/386. وانتقد الرضي
هذه الطريقة، وذكر أن الفعل إذا كان من باب ضرب وعينه ياء، فالوجه عنده
أن يقال في نحو عمت: الأصل "عيمت " قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما
قبلها، فالتقى ساكنان الألف ولام الكلمة، فحذفت الألف لالتقاء
الساكنين، وكسرت الفاء للدلالة على الياء المحذوفة، تماما كما قيل في
"بعت". وكما جعلوا الضم في "قلت" دلالة على الواو المحذوفة. شرح
الشافية 1/87، 79، وينظر: المغني في تصريف الأفعال 185.
2 وجه الخلط هو في جعله "أعيم وأعام" مستقبلين للماضي "عيمت" بكسر
العين، في حين أن "أعيم" أصل ماضيه عيم بفتح الميم، كما ذكر المصنف،
وأصل ماضي "أعام" عيم بكسرها، وهما لغتان مختلفتان، أجودهما "عمت أعام"
على وزن "فعل يفعل" هذا قول الكسائي، ونقله الزمخشري 101. ولو قال:
"وعمت أعام" ثم ذكر بعد ذلك "أعيم" لكان بدأ باللغة الأجود، ووافق شرطه
في الباب، وسلم بذلك من التخطئة والتخليط. وينظر: الكتاب 4/24، وما
اختلفت ألفاظه واتفقت معانيه للأصمعي 71، وغريب الحديث لابن قتيبة
1/338، والمحكم (عيم) 2/192.
(1/424)
(وعجت إليكم) 1 بضم العين: (أي ملت) ورجعت،
(أعوج عوجا) وعياجا بكسر العين، فأنا عائج.
(وما عجت بكلامه) 2 بكسر العين، (أعيج) عيجا وعيوجا، أي ما باليت به
ولا اكترثت. وقيل: معناه: ما رضيت به3. ولا يستعمل هذا إلا في النفي4،
وكذلك (شربت دواء [33/ب] فما عجت به) بكسر العين أيضا، (أي ما انتفعت
به) 5، وهذا قريب مما قبله، لأنك إذا لم تنتفع بالدواء، فكأنك لم تبال
به، وتقول في الفاعل منهما: عائج، تقول6: لست عائجا بالكلام، أي لست
مكترثا به، ولا عائجا بالدواء، أي لست منتفعا به. وذكر أبي العباس –
__________
1 أصله "عوجت" بوزن فعلت بفتح العين، ثم نقل إلى فعلت، ثم حذفت الواو
وطرحت ضمتها على الفاء لتدل عليها.
2 وبنو أسد يقولون: "ما أعوج بكلامه" إصلاح المنطق 136، والأفعال
للسرقسطبي 1/311، والصحاح (عيج) 1/332.
3 عن ابن الأعرابي في الصحاح 1/332، والمجمل 2/638 (عيج) .
4 وقد ورد استعماله في غير النفي، قال كثير غزة (119) :
لكان لحبك المكتوم شأن على زمن ونحن به نعيج
5 الجمهرة (عيج) 1/486.
6 ش: "وتقول".
(1/425)
رحمه الله- عجت بكسر العين، في هذا الباب
غلط أيضا، والقول فيه، كالقول في عمت بكسر العين، الذي ذكرته آنفا1،
والقصد في هذا الكتاب الإيجاز والاقتصار، لكني نبهتك هاهنا على موضع2
السهو لتعلمه، وقد بينت ذلك في "الشرح"، وأنت تراه فيه إن شاء الله.
__________
1 يعني أن أصله أيضا "عيجت" بفتح العين، ثم نقل من فعل إلى فعل فقيل:
"عيجت" فاستثقلت كسرة الياء فنقلت إلى العين قبلها، فسكنت الياء،
فاجتمع ساكنان، وهما الياء والجيم، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فبقي
"عجت" بكسر العين، والدليل على أنه مفتوح العين في الماضي أن مستقبله
"أعيج"، وكان أصله "أعيج" فاستثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى العين
قبلها، فصار "أعيج". ويؤخذ على ثعلب أيضا إدخاله "عجت وعجت" في هذا
الباب، لأن الأول من ذوات الواو، والثاني من ذوات الياء، فهما أصلان
مختلفان.
2 ش: "مواضع".
(1/426)
|