إسفار الفصيح باب فَعِلْتُ وفَعَلْتُ باختلاف المعنى
...
سخنا بفتح السين والخاء، وسخنة، بضم السين وسكون الخاء، وسخونة: إذا
حميت، وحمي ماؤها من حزن أو مرض، وهو ضد قرت. وقيل: معنى سخنن عينه، أي
لم تنم لمرض بها، هو من الحرارة أيضا. وهي عين سخينة، على فعيلة.
(وأمر القوم) 1 بكسر الميم: (إذا كثروا) ، يأمرون أمرا وأمرة بفتحها،
فهم أمرون بكسرها مع القصر، وآمرون أيضا بالمد، مثل حذرون وحاذرون.
(وأمر علينا فلان: أي ولي) 2 بفتح الميم، فهو يأمر3 بضمها، أمرا
بسكونها وفتحا الهمزة، وإمرة وإمارة بكسرها، فهو أمير، ونحن مأمور
علينا.
(ومللت الشيء في النار) 4 بفتح اللام، (أمله) بضم الميم، (ملا) : إذا
دفنته في الملة، وهي الرماد الحار أو الجمر، نحو الخبز لينخبز، واللحم
لينشوي، فأنا مال، والخبز وغيره مليل ومملول.
(ومللت من الشيء) بكسر اللام5، وكذلك مللت الشيء: إذا
__________
1 الجمهرة (أمر) 2/1069، والأفعال للسرقسطي 1/65، 100.
2 ويقال أيضا: أمر علينا فلان وأمر بكسر الميم ضمها. اللسان (أمر)
4/31.
3 "فهو" ساقطة من ش.
4 إصلاح المنطق 199، والجمهرة (ملل) 1/168.
5 بفتحها أيضا في الأفعال للسرقسطي 4/144.
(1/201)
باب فعَلت وأفعَلتُ باختلاف المعنى
يقال: (شرقت الشمس) تشرق شرقا وشروقا: (إذا طلعت) 1، فهي شارقة.
(وأشرقت) تشرق إشراقا، فهي مشرقة: (إذا أضاءت وصفت) . وكل ما كان ماضيه
على أفعل الألف، فإن مستقبله يجيء على يفعل بضم الياء وسكون الفاء وكسر
العين، ومصدره إفعال، واسم الفاعل منه منفعل بكسر العين، واسم المفعول
مفعل بفتحها، نحو أكرم يكرم إكرما [34/أ] فهو مكرم، والمفعول به مكرم،
وهذا قياس مستمر في كل ما جاء على أفعل2.
__________
1 جاء في الكتاب 4/56 في "باب افتراق فعلت وأفعلت في الفعل للمعنى":
"وشرقت: بدت، وأشرقت: أضاءت". وفي المحكم (شرق) 6/101: "وحكى سيبويه
شرقت وأشرقت: طلعت" وليس في الكتاب إلا ما نقلته. وقال الجواليقي في ما
جاء على فعلت وأفعلت بمعنى واحد 49: "شرقت الشمس وأشرقت: أضاءت" وجمهور
اللغويين على التفريق بين البناءين في المعنى. ينظر: أدب الكاتب 353،
وفعلت وأفعلت للزجاج 55، والمنتخب 1/283، والأفعال للسرقسطي 2/341،
342، وتثقيف اللسان 420، والتلخيص 1/396، والعين 5/83، والجمهرة 2/731،
والتهذيب 8/317، والصحاح 4/1501، والمقاييس 3/204 (شرق) .
2 ينظر: الكتاب 4/78، 280، 282، وشرح الكافية الشافية 4/2230.، 2242.
(1/427)
(وعييت بالأمر) بكسر الياء الأولى، أعيا به
عيا بكسرالعين: (إذا لم تعرف وجهه) ، أي عجزت عنه وقصرت، فلم اهتد لجهة
الخلاص منه، (وأنا به عي) بفتح العين، على مثال لي، (وعي) 3 أيضا، على
مثال سري. وذكر ثعلب – رحمه الله – عييت بكسر الياء، مع أفعلت، وأكثر
الفصول التي ذكرها في هذا الباب عيناتها مفتوحة من فعلت، وإنما خالف
فتح عينات بعضها، لأن غرضه الجمع بين ما كان على فعل وأفعل مما اتفقت
حروفه واختلفت معانيه، والعامة لا تفرق بينهما، فتحذف الألف من بعض ما
جاء على أفعل، وتزيدها على فعل، فتقوله على أفعل، وهي مخطئة في ذلك،
لمخالفتها العرب فيما تتكلم به، ولو كان غرضه فتح عينات ما جاء به4 في
هذا الباب على فعل لا غير، لبين ذلك كما بينه في الأبواب التي تقدمت
قبله5.
__________
1 ما تلحن فيه العامة 128، وإصلاح المنطق 241، وأدب الكاتب 358، 371،
وتقويم اللسان 62، وتصحيح التصحيف 388. وحكى الزجاج في فعلت وأفعلت 67:
"عييت وأعييت" بمعنى، خلافا للجمهور.
وقد كانت هذه المسألة سبب تعلم الكسائي النحو واللغة. ينظر تفصيل ذلك
في: تاريخ بغداد 11/404، ونزهة الألباء 59، ومعجم الأدباء 4/1738،
وإنباه الرواة 2/257.
2 إصلاح المنطق 241، وتثقيف اللسان 201، وتصحيح التصحيف 388.
3 وعيان أيضا. المحكم 2/148، والقاموس 1697 (عيى) .
4 من "به" ساقطة من ش.
5 أي لنص على الحركة مع عنوان الباب، كقوله مثلا: "باب فعلت – بكسر
العين".
(1/428)
وقد ميزت أنا هذه الفصول التي جاءت حركات
عيناتها مخالفة لجمهور فصوله التي عيناتها مفتوحة، وأفردتها في أبواب
[34/ب] زائدة على ما في الأصل، وأضفت إليها ما شاكلها من سائر الأبواب
في كتاب "تهذيب الفصيح"، وبالله التوفيق.
(وحبست الرجل عن حاجته، وفي الحبس) أحبسه بالكسر، حبسا، فأنا حابس،
(وهو محبوس) : إذا منعته من التصرف في أموره.
(وأحبست فرسا في سبيل الله) 1 أحبسه إحباسا، فأنا محبس بكسر الباء،
(وهو محبس) 2 بفتحها، (وحبيس) 3 أيضا: إذا جعلته وقفا على الغزاة
يجاهدون عليه في سبيل الله، ومنعت من بيعه وهبته وابتذاله إلا في الغزو
والجهاد عليه.
(وأذنت للرجل في الشيء يفعله) 4 بكسر الذال، آذن بفتحها
__________
1 إصلاح المنطق 240، وأدب الكاتب 375، والجمهرة (حبس) 1/277. وفي
الأفعال للسرقسطي 1/346، ولابن القطاع 1/210: "حبسته لغة في أحبسته".
وهما بمعنى واحد في فعلت وأفعلت للزجاج 27، وما جاء على فعلت وأفعلت
35.
2 قوله: "بكسر الياء، وهو محبس" ساقط من ش.
3 في ابن درستويه 264: "والحبيس قد يكون فعيلا في موضع مفعول، مثل:
قتيل وجريح، وقد يقع في موضع المفعول، لأنهما في المعنى مفعولان" يعني:
أنهم نقلوا حبيس من محبوس، كما نقلوا قتيل من مقتول وجريح من مجروح،
وإنما كان كذلك، لأن الهمزة زائدة وأصله الثلاثي.
4 الأفعال للسرقسطي 1/69، 70، والتهذيب 15/17، والصحاح 5/2068، 2069
(أذن) .
(1/429)
والمد إذنا بكسر الهمزة وسكون الذال، فأنا
آذن له فيه، (وهو مأذون له فيه) : أي أطلقت له ذلك وأمرته وخيرته فيه.
(وآذنته بالصلاة وغيرها) بالمد، أوذنه بها إيذانا: أي أعلمته بوقتها،
فأنا مؤذن بكسر الذال، (وهو مؤذن بها) بفتحها.
(وأهديت الهدية) 1 أهديها (إهداء) : إذا أرسلتها، فأنا مهد بكسر الدال،
وهو مهدى إليه بفتحها، والهدية مهداة، والهدية اسم لما أرسل إلى المهدى
له، وهي تدل على الملاطفة، والهاء فيها علامة للواحدة، كالهاء في
تمرة2، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وجمعها هدايا.
__________
1 ماتلحن فيه العامة 135، وإصلاح المنطق 156، 257، وفعل وأفعل للأصمعي
479، وتقويم اللسان 185، وتصحيح التصحيف 137ن وفي معاني القرآن للاخفش
1/298: "وبنو تميم يقولون: هديت العروس إلى زوجها، جعلوه في معنى
دللتها، وقيس تقول: أهديتها، جعلوه على بمنزلة الهدية". وهما بمعنى في
فعلت وأفعلت للزجاج 98، وما جاء على فعلت وأفعلت 75. وفي القاموس (هدى)
1734: "وهداها إلى بعلها وأهداها وهداها واهتداها". وينظر: أدب الكاتب
436، والحجة لأبي علي 1/186، والبارع 135، والأساس 482، والتكملة
للصغاني 6/536 (هدى) .
2 وليست على قياسها في الجمع، لأن الهدي بالتخفيف جمع لما يهدى إلى بيت
الله، وكذلك الهدي بالتشديد، وأما الهدية للملاطفة فجمعها هدايا وهداوى
على لغة أهل المدينة وعليا معد، وهداو أيضا لغة. ينظر: الكتاب 4/390،
ومجالس ثعلب 2/579، والدر المصون 2/315، والعين 4/77، والبارع 136،
137، والتهذيب 6/382، والجمهرة 2/689، والمحكم 4/269، واللسان 15/357
(هدى) .
(1/430)
(وأهديت) بالألف أيضا، (إلى البيت الحرام
هديا [35/أ] وهديا) : أي أرسلت، فأنا أهدي إهداء، فالهدي على فعل مثل
ظبي، والهدي على فعيل مثل صبي بمعنى واحد1، وهما اسمان لما أرسل إلى
بيت الله الحرام، من الإبل والغنم ونحو ذلك مما ينحر ويذبح بمنى،
ويتصدق بلحومها.
(وهديت العروس إلى زوجها) بغير ألف، أهديها بفتح الألف، (هداء) بكسر
الهاء والمد: أي زففتها إليه، فأنا هاد، والعروس مهدية وهدي2، (وقال
زهير3:
فإن تكن النساء مخبآت ... فحق لكل محصنة هداء)
(وهديت القوم الطريق) بغير ألف أيضا، أهديهم (هداية) ، فأنا هاد، وهم
مهديون: أي عرفتهم إياه ودللتهم عليه، وهذه لغة أهل
__________
1 في تفسير القرطبي 2/252: "قال الفراء أهل الحجاز وبنو أسد يخففون
الهدي، قال: وتميم وسفلى قيس يثقلون فيقولون: هدي.... قال: وواحد الهدي
هدية، ويقال في جمع الهدي أهداء". وذكر ثعلب نحو هذا في مجالسه 2/578
وأنه قرئ بالوجهين قوله تعالى: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}
سورة البقرة 196. وينظر: الحجة لأبي علي 1/187، وشواذ القرآن 19ن
والنهاية 5/254، والبحر المحيط 2/233 والمزهر 2/277، والعين 4/77،
والتهذيب 6/382، والصحاح 6/2533 (هدى) .
2 وكذلك يقال للأسير: هدي، فعيل بمعنى مفعول. المحكم (هدى) 4/270.
3 ديوانه 65. قال شارحه ثعلب: "هم النساء اللاتي يختبئن في الخدور،
فينبغي أن يزوجن إذا". ويعني آل حصن في قوله في بيت سابق:
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
(1/431)
الحجاز. ومنه قوله تعالى: {اهْدِنَا
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 1 وغيرهم يقول: هديتهم إلى الطريق، فيعديه
بحرف الجر2. ومنه قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّه} 3.
وهديتهم (في الدين هدى) : أي دللتهم وأرشدتهم وبينته لهم4، والهدى ضد
الضلال، وهو الرشاد والدلالة. والهدى يؤنث ويذكر5.
(وقد سفرت المرأة: إذا ألقت خمارها) 6 عن رأسها، ونقابها (عن وجهها) ،
تسفر بالكسر، سفرا وسفورا: أي كشفته، (وهي
__________
1 سورة الفاتحة 6. وينظر: معاني القرآن للأخفش 1/16، والصحاح 6/2533،
والمصباح 243، (هدى) .
2 ينظر: المصادر السابقة في التعليق رقم 1، ص 430.
3 سورة الشورى 52، 53. قال الرازي في المختار (هدى) 692: "هدى في
القرآن على ثلاثة أوجه: معدى بنفسه، كقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ} ، وقوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} ، ومعدى
باللام كقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} ،
وقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقّ} ، ومعدى بإلى كقوله
تعالى: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} ".
4 في العين (هدى) 4/78: "ولغة أهل الغور: هديت لك، أي بينت لك، وبها
نزلت: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُم} ". وينظر: التهذيب (هدى) 6/383.
5 المذكر والمؤنث لابن فارس 58، ولابن التستري 109. وقال الفراء:
"والهدى مذكر، إلا بني أسد يؤنثونه، ويقولون: هذه هدى حسنة" المذكر
والمؤنث 78.
وأنكر أبو حاتم تأنيثها. ينظر: البارع 133، والمخصص 17/17.
6 معاني القرآن للفراء 3/239، وإصلاح المنطق 250، وأدب الكاتب 339ن
360، والجمهرة 2/717، والتهذيب 12/400، 401، والصحاح 2/686، 687 (سفر)
.
(1/432)
سافر) بغير هاء، أي هي ذات سفور. وقال توبة
بن الحمير1 [35/ب] :
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
وقد رابني منها الغداة سفورها
وقال طفيل2:
عروب كأن الشمس تحت قناعها
إذا ابتسمت أو سافرا لم تبسم
وكذلك سفر (الرجل عمامته) عن رأسه بغير ألف أيضا، يسفر سفورا: أي كشفه،
فهو سافر، أي ذو سفور، مثل لابن وتامر، أي ذو لبن وذو تمر.
(وأسفر) وجه المرأة بالألف، يسفر إسفارا: (إذا أضاء)
__________
1 ديوانه 30. وينسب لمجنون ليلى، وهو في ديوانه 113ن وللشماخ، وهو في
ملحق ديوانه 438.
وتوبة هو: ابن الحمير بن حزم بن كعب بن خفاجة العقيلي، شاعر أموي، وأحد
عشاق العرب المشهورين، وصاحبته ليلى الأخيلية، وأكثر شعره في التشبب
بها، قتله بنو عوف ابن عقيل سنة 85هـ.
أسماء المغتالين 2/250، والشعر والشعراء 1/356، والكامل للمبرد 3/1404،
والأغاني 11/204، وأمالي الزجاجي 77.
2 ديوانه 43.
وطفيل هو: ابن عوف بن خلف الغنوي، شاعر جاهلي فحل، كان يقال له في
الجاهلية: المحبر، لحسن شعره، وكان من أوصف العرب للخيل، وربما سمي
طفيل الخيل، لكثرة وصفه إياه. توفي سنة 13 قبل الهجرة.
جمهرة النسب 466، والشعر والشعراء 1/364، والأغاني 15/349، والخزانة
9/46.
(1/433)
وأشرق فهو مسفر، (وكذلك أسفر الصبح) 1
إسفارا: إذا تبين ضوؤه. قال أبو زبيد2:
بعينيه لما عرسوا ورحالهم ... ومسقطهم والصبح قد كاد يسفر
(وخنست عن الرجل) 3 أخنس وأخنس خنوسا: (إذا تأخرت عنه) ، فأنا خانس،
وهو مخنوس عنه.
(وأخنست عنه حقه) 4 [بالألف، أخنسه إخناسا: (إذا سترته)
__________
1 لم يعرف الأصمعي إلا سفر الصبح بغير ألف، وأما أسفر فمعناه عنده
الدخول في سفر الصبح. الجمهرة (سفر) 2/717. وينظر: اللسان 4/369،
والقاموس 523، والتاج 3/270 (سفر) .
2 ديوانه 610. والبيت من قصيدة للشاعر يصف فيها الأسد. والتعريس: نزول
المسافرين آخر الليل للاستراحة، ثم يرتحلون. الصحاح (عرس) 3/948.
وأبو زبيد هو: حرملة بن المنذر بن معدي كرب بن حنظلة الطائي، شاعر
نصراني أدرك الإسلام ولم يسلم، وعد من المخضرمين. أكثر من شعره من وصف
الأسد، عده ابن سلام في الطبقة الخامسة من فحول الشعراء الإسلاميين،
عمر طويلا، وتوفي سنة 62هـ.
طبقات فحول الشعراء 2/593، والشعر والشعراء 1/219، والمعمرون 86،
والأغاني 12/219، ومعجم الشعراء 3/1168.
3 في فعلت وأفعلت للزجاج 32: "ويقال: خنست وأخنست: إذا تأخرت عن
القوم".
وبعضهم يجعله متعديا من غير ألف، واستشهدوا على صحة هذه اللغة بقول
العلاء الحضرمي:
وإن دحسوا بالشر فاعف تكرما وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل
ينظر: الأفعال للسرقسطي 1/436، والتهذيب 7/174، والتكملة للصغاني
3/347، والمختار 191، والتاج 4/142 (خنس) .
4 وبعضهم يجعله متعديا من غير ألف، واستشهدوا على صحة هذه اللغة بقول
العلاء الحضرمي:
وإن دحسوا بالشر فاعف تكرما وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل
ينظر: الأفعال للسرقسطي 1/436، والتهذيب 7/174، والتكملة للصغاني
3/347، والمختار 191، والتاج 4/142 (خنس) .
(1/434)
وأخرته (عنه) ] 1 فأنا مخنس بكسر النون،
وهو مخنس عنه بفتحها.
(وأقبست الرجل علما) 2 بالألف، أقبسه إقباسا: أي أفدته إياه وعلمته،
فأنا مقبس بالكسر، والرجل مقبس بالفتح.
(وقبسته نارا) بغير ألف أقبسه بكسر الباء قبسا، بسكونها: إذا جئته بقبس
منها بفتحها، أو أعطيته قبسا منها بفتح الباء، وهي شعلة تأخذها3 من
معظمها، والفاعل قابس، والرجل مقبوس، والنار مقبوسة.
__________
1 استدركه المصنف في الحاشية.
2 قال الكسائي: "أقبسته العلم بالألف، وقبسته النار بلا ألف" ما تلحن
فيه العامة 136، وقوله هذا يخالف ما روي عنه في الغريب المصنف (134/أ)
وأدب الكاتب 360، وديوان الأدب 1/303، والتهذيب 8/419، والصحاح 3/960
(قبس) من أن قبس وأقبس في العلم والنار سواء، وأنه قد يجوز بلا ألف.
وقد ورد بجواز الأمرين في فعلت وأفعلت للزجاج 77، والأفعال للسرقسطي
21/52، وديوان الأدب 2/162، والمخصص 14/247، والعين 5/86، والمحيط
5/296 (قبس) . ويرى ابن درستويه 270 أن أقبست الرجل علما بألف، وقبسته
نارا بغير ألف "كلام على غير القياس، وإن كان مستعملا، لأن الأصل في
هذين أ، يقال: قد قبس الرجل علما وقبس نارا بغير ألف، فهو قابس، بمعنى
أخذ فهو آخذ.. فإذا نقلت الفعل إلى فاعل آخر، وجعلت فاعله الأول
مفعولا، وجب إدخال الألف في أول الفعل، كقولك: أقبسته علما، وأقبسته
نارا" وذكر أن إدخال العامة الألف في الوجهين ليس بخطأ، لأن القياس
يوجب ذلك.
3 ش: "يأخذها".
(1/435)
(وأوعيت المتاع في الوعاء) 1 بالألف، أوعي
إيعاء: أي [36/أ] جعلته فيه وحفظته، وأنا موع، والمتاع موعى2. والوعاء
بالمد: اسم ما يجعل فيه الشيء فيحفظه.
(ووعيت العلم) : أي (حفظته) ، أعيه وعيا، فأنا واع، والعلم موعي. ومنه
قوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} 3.
(وقد أضاق الرجل) 4 يضيق إضاقة، (مثل أعسر) ، أي قل عليه ماله ورزقه،
(فهو مضيق) .
(وضاق الشيء) يضيق ضيقا وضيقا5: إذا قلت سعته، (فهو ضيق) ، وإن أردت أن
تجري اسم الفاعل على الفعل قلت ضائق6.
__________
1 فعل وأفعل للأصمعي 494، 495،وإصلاح المنطق 228، وأدب الكاتب 358،
ومعاني القرآن للزجاج 5/306، وفعلت وأفعلت له 97، والأفعال للسرقسطي
4/249، 250، والعين 2/272، والجمهرة 1/243، والصحاح 6/2525 (وعي) . وفي
المحكم (وعى) 2/276، 277: "وعى الشيء وأوعاه: حفظه وقبله.... ووعى
الشيء في الوعاء وأوعاه: جمعه فيه".وينظر: اللسان (وعى) 15/396، 397.
2 ومنه قوله تعالى: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} سورة المعارج 18.
3 سورة الحاقة 12.
4 فعلت وأفعلت للزجاج 60، والتهذيب 9/217، 218، والصحاح 4/1510، 1511
(ضيق) .
5 إصلاح المنطق 32، وأدب الكاتب 528، والمنتخب 2/513، وفرق الفراء
بينهما فقال: "الضيق: ما ضاق عنه صدرك، والضيق: ما يكون في الذي يتسع،
مثل الدار والثوب وأشباه ذلك".
6 ومنه قوله تعالى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} سورة هود 12.
(1/436)
(وقد أقسط الرجل) 1 بالألف، يقسط إقساطا:
(إذا عدل، فهو مقسط) . ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ} 2 والاسم القسط بالكسر.
(وقسط: إذا جار) 3 وظلم، وعدل عن الحق، يقسط بالكسر، قسوطا وقسطا بفتح
القاف وسكون السين، فهو (قاسط) . ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا
الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} 4.
(وخفرت الرجل) 5 بفتح الفاء6، أخفره بكسرها، خفرا بسكونها وفتح الخاء،
و (خفرة) أيضا بسكونها وضم الخاء، (وخفارة) بضم الخاء7: أي حفظته
وحميته، ومنعت منه كل عدو، وصرفت
__________
1 مجاز القرآن 167/1، ومعاني القرآن للأخفش 1/225، والأضداد للاصمعي
19، وأدب الكاتب 350ن والزاهر 1/194، وشرح أسماء الله الحسنى للزجاج
62ن وفعلت وأفعلت له 79، والأفعال للسرقسطي 2/78، والتهذيب 8/388،
والصحاح 3/1152 (قسط) .
2 سورة المائدة 42، والحجرات 9، والممتحنة 8.
3 في أضداد ابن السكيت 174: "قسط: جار، وقسط: عدل، وأقسط الألف: عدل لا
غير". وينظر: أضداد ابن الأنباري 58، والصغاني 242، والمصادر المذكورة
في الهامش السابق.
4 سورة الجن 15. وأنشد المصنف في التلويح 21 عن ابن الأعرابي:
قسطنا يوم طخفة غبر فخر على قابوس إذ كره الصباح
5 أدب الكاتب 363، وفعلت وأفعلت للزجاج 33، والأفعال للسرقسطي 1/452،
والجمهرة 1/589، والصحاح 2/148، 649 (خفر) .
6 ش: "الخاء".
7 مثلثة الخاء في إكمال الأعلام 11، والدرر المبثثة 105، ومثلثات
البعلي 132، والمحكم 5/106، وشمس العلوم 2/59 (خفر) .
(1/437)
عنه الشر، وأنا له خفير. وقال ثعلب – رحمه
الله -: (إذا أجرته) ، ومعنى أجرته: صرت له جارا ومعينا ومانعا ومنقذا
من السوء، ويقال منه: أجرته أجيره إجارة، وأنا1 مجير، وهو مجار.
والإجارة: المنع والإنقاذ [36/ب] .
(وأخفرته) 2 بالألف، أخفره إخفارا: أي ضيعته و (نقضت عهده) ، فأنا مخفر
بكسر الفاء، وهو مخفر بفتحها.
(وخفرت المرأة) 3 بكسر الفاء: (إذا استحييت، تخفر خفرا وخفارة) بالفتح،
وهي امرأة خفرة بكسر الفاء: أي حيية، وجمعها خفرات.
(ونشدت الضالة) 4 أنشدها بالضم، نشدا بفتح النون، ونشدانا
__________
1 ش: "فأنا".
2 في المحكم (خفر) 5/106: "وخفر به خفرا وخفورا، وأخفره: نقض عهده
وغدره". وهو من الأضداد في أفعال ابن القطاع 1/290.
3 الخفر لا يختص بالمرأة، يقال أيضا: خفر الرجل: إذا استحيا. ينظر:
الجيم 1/231، وابن هشام 82.
4 إصلاح المنطق 233، وأدب الكاتب 352، وفعلت وأفعلت للزجاج 92،
والأفعال للسرقسطي 3/133، 134، والعين 6/234، والتهذيب 11/323، والصحاح
2/543، والمصباح 231 (نشد) . وفي الغريب المصنف (136/ب) عن الكسائي:
"نشدت الضالة: طلبتها، وأنشدتها: عرفتها، قال: ويقال أيضا: نشدتها، إذا
عرفتها". وفي الجمهرة (نشد) 2/652: "ويقال نشدت الضالة أنشدها نشدا
ونشدانا، فأنا ناشد: إذا عرفتها، وأنشدت الضالة إنشادا، فأنا منشد: إذا
استرشدت عنها". وهو من الأضداد في أفعال ابن القطاع 2/225. وينظر:
اللسان 3/421، والقاموس 411 (نشد) .
(1/438)
بكسرها على فعلان، فأنا ناشد، وهي منشودة:
أي طلبتها، وسألت عنها، نحو أن تقول1: من وجد لي بعيرا؟ والضالة: اسم
يقع على الضائع من البهائم خاصة. وقال الراجز2:
أنشد والباغي يحب الوجدان ... قلائصا مختلفات الألوان
وقال أبو دؤاد الإيادي3:
وتصيخ أحيانا كما اسـ ... تمع المضل لصوت ناشد
تصيخ بضم التاء: أي تستمع، يعني أذن ولد البقرة. والمضل: الذي قد ذهب
بعيره. والناشد: الطالب. والمضل يشتهي أن يرى مضلا مثله، ليتعزى به4.
__________
1 ش: "يقول".
2 الرجز بلا نسبة في: ما اتفق لفظه واختلف معناه لأبي العميثل 88،
ودقائق التصريف 239، وشرح القصائد السبع لابن الأنباري 216ن 385،
والمخصص 14/224، 17/165، والبحر المحيط 1/478، 1/511، وسينشده المصنف
أيضا ص 498.
3 ديوانه 307.
وأبو دؤاد هو: جارية بن الحجاج حمران بن بحر بن عصام الإيادي، شاعر
جاهلي متقدم، كان وصافا للخيل، وأكثر أشعاره في وصفها، ولم تذكر سنة
وفاته.
الشعر والشعراء 1/161،والأغاني 16/373، والخزانة 9/590.
4 قال أبو حاتم: قلت للأصمعي: فما معنى قول أبي دؤاد (وأنشد البيت)
أليس الناشد هو المضل؟ قال: هذا كقولهم: الثكلى تحب الثكلى، كأنه يسمع
صوته فيتأسى به. الجمهرة (نشد) 2/652ن ومجمع الأمثال 1/270.
(1/439)
(وأنشدت الضالة) 1 بالألف، أنشدها إنشادا،
فأنا منشد، بالكسر، وهي منشدة بالفتح: إذا عرفتها، نحو أن تقول: من ضل
له بعير؟.
(وقد حضرني قوم وشيء) 2 يحضر حضورا، فهو حاضر: أي شهدني، ولم يغب عني.
(وأحضر [37/أ] الرجل والغلام) بالألف، يحضر إحضارا: (إذا عدوا) ، أي
جريا، وكذلك الفرس وغيره، فهو محضر. والحضر بضم الحاء: الاسم، وهو
العدو3.
(وكفأت الإناء) 4 بالهمز، أكفؤه كفأ: أي كببته لوجهه، وأنا كافئ، وهو
مكفوء.
__________
1 عبارة الفصيح: "وأنشدتها".
2 الجمهرة (حضر) 1/151، والأفعال للسرقسطي 1/352، 353.
3 الصحاح (حضر) 2/632.
4 إصلاح المنطق 226، 242، وأدب الكاتب 366، 368، وفعلت وأفعلت للزجاج
82. وفي المحكم (كفأ) 7/70: "وأكفأ الشيء لغية، وأباها الاصمعي". وقال
أبو عبيد البكري: "كفأت الإناء أكفؤه كفأ: إذا قلبته، ويقال أيضا:
أكفأته، كفأته أفصح، وأكفأت في الشعر لا غير" فصل المقال 11. وفي
المحيط (كفأ) 6/337: "وأكفأت الإناء، وكفأته لغتان جيدتان". وفرق
بينهما الكسائي، قال: "كفأت الإناء: كببته، وأكفأته: أملته" الصحاح
(كفأ) 1/68. وفسر ابن درستويه 277 كفأت الشيء بإمالته عن الاستواء،
كببته أم لم تكبه. وينظر: الأفعال للسرقسطي 1/145، ولابن القطاع 3/102،
والتهذيب 10/386، والتاج 1/108 (كفأ) .
(1/440)
(وأكفأت في الشعر) بالألف، أكفئ إكفاء،
(وهو مثل الإقواء) ، وأنا مكفئ، والشعر مكفأ بالهمز. وأما الإقواء1
فيقال فيه: أقوى الشاعر بالألف أيضا غير مهموز، فهو يقوي إقواء، وهو
مقو بالكسر، والشعر مقوى بالفتح، وذلك إذا خالفت حرف الروي بالرفع
والخفض في قوافي الشعر2، كقول الحارث بن حلزة3:
فملكنا بذلك الناس حتى ... ملك المنذر بن ماء السماء
وهو الرب والشهيد على يو ... م الحيارين والبلاء بلاء4
__________
1 قوله: "وأنا....وأما" ساقط من ش.
2 العين (كفأ) 5/415، والكافي في علم القوافي 125، وفي الغريب المصنف
(224/أ) عن أبي عبيدة: "الإقواء: نقصان حرف من الفاصلة، كقوله:
أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الأطهار
فنقص من عروضه قوة، والعروض وسط البيت، وكان الخليل يسمي هذا العقد.
قال أبو عمرو بن العلاء: "الإقواء: إعراب القوافي، وكان يروي قول
الأعشى:
ما بالها باليل زال زوالها
بالرفع، ويقول: هذا إقواء، وهو عند الناس الإكفاء". وينظر: القوافي
للأخفش 41، والصحاح (قوا) 6/2469.
3 ديوانه 29. وينظر: اللسان (قوا) 15/208.
4 قال ابن الأنباري: "والرب: عني به المنذر بن ماء السماء، يخبر أنه قد
شهدهم في هذين اليومين فعلم فيه صنيعهم، وبلاءهم الذي أبلوا، وكان
المنذر بن ماء السماء غزا أهل الحيارين، ومعه بنو يشكر، فأبلوا بلاء
حسنا" شرح القصائد السبع 476، وينظر: معجم البلدان 2/315.
(1/441)
فأقوى في البيت الأول فخفضه، والقصيدة
مرفوعة. والروي: هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة. وقال قوم: الإكفاء
في الشعر: هو أن يخالف بين قوافيه بالحروف، فيجعل حرف مكان حرف، وذلك
أن تجعل قافية طاء والأخرى دالا، أو نونا وأخرى ميما1، وما أشبه هذا من
الحروف التي تشبه بعضها بعضا، وذلك نحو قول الراجز2:
إذا نزلت فاجعلاني وسطا ... إني شيخ لا أطيق العندا
[37/ب] يريد العنت، وهو الوقوع في أمر شاق، ورواه أبو عبيدة3: "العندا"
بضم العين وتشديد النون، وهو جمع عاند، وهو
__________
1 العين (كفأ) 5/415، والكافي في علم القوافي 126، والقوافي للتنوخي
169، والموشح 18.
2 الرجز بلا نسبة في: القوافي للأخفش 52، وللتنوخي 173،ومجاز القرآن
1/291، 337، 2/275، والقلب والإبدال 47، وأدب الكاتب 491، والمقتضب
1/218، وأمال ابن الشجري 1/422، وتفسير الطبري 12/62، 29/154، والقرطبي
9/229، والموشح 25، والاقتضاب 3/304ن والجمهرة 2/665ن 879، والمقاييس
4/153ن والصحاح 2/513ن واللسان 3/307ن 7/426 (عند، سط) .
3 مجاز القرآن 1/291، 337، وكذلك في مصادر تخريجه السابقة، وورد برواية
الشارح في شرح أدب الكاتب للجواليقي 245، وقال: "العند: الجانب
والناحية، وكان هذا الشاعر قد كبر، والرجل إذا كبر عاد كالصبي،
والصبيان يخافون بالليل، يقول: اجعلاني وسطكما، فإني لا أطيق أن أكون
في الحانب" وينظر: الخزانة 11/323.
وأبو عبيدة هو: معمر بن المثنى التيمي بالولاء، من أئمة اللغة والأدب
وأيام العرب وأنسابها، كان شعوبيا، يتغض العرب، من مؤلفاته: مجاز
القرآن، وغريب الحديث، ونقائض جرير والفرزدق. تووفي سنة 210هـ.
المعارف 543، وأخبار النحويين والبصريين 80ن وطبقات الزبيدي 175، وبغية
الوعاة 2/294.
(1/442)
البعير الجائر عن الطريق والقصد، ويروى:
"إذا ركبت"1 وقال آخر2:
يا ريها اليوم على مبين ... على مبين جرد القصيم
(وحصرت الرجل في منزله) 3 أحصره بالضم حصرا: أي حبسته فيه، وأنا حاصر،
وهو محصور.
(وأحصره المرض) بالألف، يحصره إحصارا: (إذا منعه من
__________
1 وهي رواية أكثر هذه المصادر التي أنشدته.
2 هو حنظلة بن مصبح، في التنبيه والإيضاح 2/14، واللسان 3/119، 13/70
(جرد، بين) . والرجز من غير نسبة في: ديوان الحطيئة بشرح ابن السكيت 6ن
وإصلاح المنطق 47، والموشح 25، وأمالي ابن الشجري 1/421، ومعجم ما
استعجم 402، ومعجم البلدان 4/367، 5/52 في رسم (قصم، مبين) ، والجمهرة
2/879، والتهذيب 8/386، 10/638، والصحاح 2/455، 5/2083 (جرد، قصم، بين)
واللسان (قصم) 12/254. وجرد، والقصيم، ومبين: أسماء مواضع. وقيل: جرد
القصيم: الأرض التي لا تنبت، ومبين: اسم ماء، وكتب الشارح فوق مبين
الأولى – تفسيرا لها- ": اسم بئر".
3 معاني القرآن للفراء 117ن 118، وللأخفش 1/162 ومجاز القرآن 1/96،
وإصلاح المنطق 230، وأدب الكاتب 358، وفعلت وأفعلت للزجاج 28، والزاهر
1/525، والفروق اللغوية 93، والأفعال للسرقسطي 1/357، والجمهرة (حصر)
1/514، وفي الصحاح (حصر) 2/632 عن أبي عمرو الشيباني: "حصرني الشيء
وأحصرني، أي حبسني". وفي مجالس ثعلب 1/27 قال في قوله تعالى: {فَإِنْ
أُحْصِرْتُمْ} : "يكون من علة، ويكون من عدو، ويكون من حبس". وفي معاني
القرآن وإعرابه للزجاج 1/267 تفصيل عن أهل اللغة دقيق.
(1/443)
السير) وحبسه، والمرض محصر بكسر الصاد،
والرجل محصر بفتحها.
(وأدلجت) 1 بقطع الألف، وتخفيف الدال: (إذا سرت من أول الليل) .
(وادلجت) بتشديد الدال: (إذا سرت من آخره) . هكذا فسرهما ثعلب وغيره من
أهل اللغة أيضا. فأما ذكره ادلجت بتشديد الدال، في هذا الباب فهو غلط،
لأن وزنه افتعلت، وهو مأخوذ من الدلج بفتح الدال واللام، وأصله:
ادتلجت، بتاء بعد الدال، فأبدلوا من التاء دالا، ثم أدغموا الدال في
الدال، وتقول منه: ادلجت أدلج ادلاجا، فأنا مدلج بتشديد الدال فيها
كلها.
وأما أدلجت بقطع الألف، وتخفيف الدال، فإن مستقبله أدلج، ومصدره إدلاج،
والفاعل مدلج، على وزن [38/أ] أكرمت أكرم إكراما، وأنا مكرم، وهو أفعلت
من الدلج، المفتوح الدال واللام
__________
1 إصلاح المنطق 254، والزاهر 2/70، ودرة الغواص 15، والأفعال لابن
القطاع 1/339، وتقويم اللسان 60، وتصحيح التصحيف 89، والتهذيب 10/654،
والصحاح 1/351 (دلج) . وفي العين (دلج) 6/80: "أدلج من آخر الليل،
وأدلج الليل كله" ومثله في الجمهرة 1/450، والبارع 634 (دلج) . وفي أدب
الكاتب 29، 30: "الإدلاج: سير الليل كله، والإدلاج: من آخره" ومثله في
المحيط 7/45، والمقاييس 2/294ن والمجمل 1/333 (دلج) . وحكى ثعلب عن ابن
الأعرابي قوله: "الليل دلجة من أوله إلى آخره. قال: أي ساعة سرت من أول
الليل إلى آخره فقد أدلجت" مجالس ثعلب 1/214، وينظر: المحكم (دلج)
7/234.
(1/444)
أيضا، وهو سير الليل. قال الراجز1 يصف
إبلا:
كأنها وقد براها الأخماس ... ودلج الليل وهاد قياس
شرائج النبع براها القواس2
وقال أبو زبيد الطائي3 يذكر قوما:
فباتوا يدلجون وبات يسري ... بصير بالدجى هاد هموس
أراد بالهادي الهموس: الأسد4. ويروى: "غموس"5.
والدلجة والدلجة، على وزن غرفة وغرفة، مثل الدلج أيضا6، وقد روى أبو
محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي7 بين أدْلجت وادَّلجت،
وجعلهما جميعا سير الليل كله، في أي وقت كان منه في
__________
1 هو الشماخ بن ضرار، الرجز في ديوانه 399، 400.
2 الشرائج: جمع شريجة، وهو العود الذي يشق نصفين، فيعمل منه قوسا.
الصحاح (شرج) 1/324.
3 ديوانه 63.
4 الأسد الهموس: الذي يمشي مشيا خفيا. الصحاح (همس) 3/991.
5 أدب الكاتب 29، ويروى أيضا: "عموس". ينظر: الاقتضاب 3/34، وشرح أدب
الكاتب للجواليقي 101. ومعنى الغموس عند ابن السيد: الواسع الشدقين،
والعموس: الذي يتهافت في الأمور كالجاهل، ومعناهما عند الجواليقي:
الشديد.
6 أدب الكاتب 30. وفرق بينهما في إصلاح المنطق 254.
7 سبقت ترجمته في قسم الدراسة ص 246.
(1/445)
أوله ووسطه وآخره، ولم يخص بهما هذين
الوقتين من الليل كما ذكر ثعلب وغيره من أئمة اللغة1، وأنكر عليه ذلك
وغلطهم فيه. وقد ذكرت ذلك في "شرح الكتاب"، وستقف عليه منه إن شاء
الله.
(وأعقدت العسل) 2 ونحوه بالألف، أعقده إعقادا، فأنا معقد بكسر القاف،
أي طبخته حتى يغلظ ويشتد، وهو (معقد) بفتح القاف، و (عقيد) 3 أيضا.
(وعقدت الحبل) أعقده بالكسر، عقدا: أي شددته وأوثقته، فأنا عاقد، وهو
(معقود) . ومن أمثالهم: "يا عاقد اذكر حلا"4.
__________
1 وخلافهم الذي سقناه فيما تقدم صحة ما ذهب إليه ابن درستويه من
التسوية بينهما.
2 ما تلحن فيه العامة 134، والغريب المصنف (135/أ) ، وإصلاح المنطق
227، وأدب الكاتب 359، 370، والأفعال للسرقسطي 1/219، والجمهرة 2/661،
والصحاح 2/510. قال الزمخشري 120: "والعامة تقول: عقدت العسل. وقال
الفراء: سمعت بني أسد يقولون: عقيد العسل ومعقود، ولا يكون إلا من
عقدت". وفي التهذيب (عقد) 1/196 رواية عن بعضهم: "عقدت العسل والكلام".
3 المحيط (عقد) 1/151.
4 المثل بهذه الرواية، ورواية: "يا حامل اذكر حلا" في أمثال العرب
للمفضل 169، وأمثال أبي عبيد 218، وجمهرة الأمثال 2/332، ومجمع الأمثال
3/513، والمستقصى 2/405. وعلق ابن بري على قولهم "يا عاقد اذكر حلا"
بقوله: "هذا قول الأصمعي، وأما قول ابن الأعرابي فخالفه، وقال: "يا
حابل اذكر حلا"، وقال: كذا سمعته من أكثر من ألف أعرابي، فما رواه أحد
منه يا عاقد". وفي المحكم (حبل) 3/271: "ورواه اللحياني: "يا حامل
بالميم، وهو تصحيف".
(1/446)
وكذلك عقدت [38/ب] العهد، فهو معقود: إ ذا
أحكمته وأكدته بالأيمان.
(وأصفدت الرجل) 1 بالألف، أصفده إصفادا: (إذا أعطيته) شيئا، وأنا مصفد
بكسر الفاء، وهو (مصفد) بفتحها، واسم العطية (الصفد) 2 بفتح الصاد
والفاء، وقال الأعشى3:
ومتعني على العشا بوليدة ... وأصفدني على الزمانة قائدا
(وصفدته) أصفده بكسر الفاء، صفدا، بسكونها، فأنا صافد، وهو (مصفود) :
(إذا شددته) وقيدته، واسم ما يشد به أو يقيد
__________
1 إصلاح المنطق 255، والكامل 2/907، وفعلت وأفعلت للزجاج 58، وتثقيف
اللسان 420، والتهذيب 12/148، والجمهرة 2/655، والصحاح 2/498 (صفد) .
وفي معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/170: "يقال: صفدته بالحديد،
وأصفدته: إذا أعطيته، وصفدته أيضا. إلا أن الاختيار في العطية أصفدته،
وفي الحديد صفدته". وينظر: تفسير الطبري 13/255، والقرطبي 9/252،
والأفعال للسرقسطي 3/379، والمحيط 8/117، والتكملة 2/267 (صفد) .
2 في الألفاظ الكتابية عن الأصمعي: "لا يكون الصفد....إلا في المكافأة،
وقد يستعمل الصفد في موضع العطية".
3 ديوانه 115، وهوملفق من بيتين هما:
تضيفته يوما فقرب مقعدي وأصفدني على الزمانة مقعدا
وأمتعني على العشا بوليدة فأبت بخير منك يا هوذ حامدا
وهوذ: ترخيم هوذة، وهو هوذة بن علي ذي التاج، وكان الأعشى قصد الحارث
بن وعلة فلم يكرمه، فعرج عنه إلى هوذة، فأكرم وفادته ووهبه قائدا يعينه
على الشيخوخة وضعف القوة والبصر، وأعطاه جارية. ينظر الكامل 2/901.
(1/447)
الصفد1 بفتح الفاء وجمعه أصفاد. ومنه قوله
تعالى: {مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} 2 أي القيود.
(وقد أفصح الأعجمي) 3 بالألف، يفصح إفصاحا، فهو مفصح: إذا تكلم
بالعربية وحسنت لغته4.
(وفصح اللحان) 5 بضم الصاد، يفصح فصاحة، فهو فصيح6: إذا زال فساد كلامه
وتنقى من اللحن، وصحت ألفاظه7، مع سرعة النطق بها. واللحان: هو الذي
يتكلم بالعربية فيخطئ فيها8.
__________
1 ينظر الصحاح (صفد) 2/498، والأضداد للمنشي 38.
2 سورة إبراهيم 49. وينظر: تفسير غريب القرآن 234.
3 إصلاح المنطق 254، وأدب الكاتب 354، والأفعال للسرقسطي 4/30، ولابن
القطاع 2/467، 468، والتهذيب 4/253، والصحاح 2/391، والمجمل 2/722،
والمقاييس 4/507، والأساس 342 (فصح) . وفي المحكم (فصح) 3/118: "وفصح
الأعجم: تكلم بالعربية وفهم عنه، وأفصح: تكلم بالفصاحة، وكذلك الصبي"
ونحو هذا في المفردات 637، وعروس الأفراح 1/73، والمزهر 1/184،
والقاموس (فصح) 299. وسوى بينهما ابن دريد، قال: "وأفصح العربي إفصاحا،
وفصح الأعجمي فصاحة: إذا تكلم بالعربية" الجمهرة (فصح) 1/541. وغلطه
ابن فارس في كتابيه المجمل 2/722، والمقاييس 4/507، والصواب عنده نحو
ما ذكر ثعلب.
4 في اللسان (عجم) 12/386: "وقال ثعلب: أفصح الأعجمي، قال أبو سهل: أي
تكلم بالعربية بعد أن كان أعجميا".
5 قال ابن درستويه 286: "وليس فصح مما عقد عليه الباب لأنه مضموم
الثاني، ولكنه في المعنى يشبه بغير ألف".
6 في العين (فصح) 3/121: "والفصيح في كلام العامة المعرب".
7 ش: "وصحت معانيه وألفاظه".
8 الصحاح (لحن) 6/2193.
(1/448)
(وقد لممت شعثه ألمه) 1 بالضم، (لما) : أي
جمعت ما تفرق من أموره المنتشرة، وأصلحت فاسدها2، وأنا لام والشعث
ملموم. والشعث: هو انتشار الأمر.
(وألممت به) 3 بالألف، [39/أ] ألم (إلماما: إذا أتيته وزرته) ، وأنا
ملم بكسر اللام، وهو ملم به بفتحها.
(وحمدت الرجل) 4 بكسر الميم، أحمده بفتحها، حمدا بسكونها، ومحمدة، على
مثال مغفرة، فأنا حامد، وهو محمود: (إذا شكرت له صنيعه) ،وذلك إذا
أثنيت عليه خيرا، لما فيه من الخصال الحميدة، أو لما أسداه من المعروف.
(وأحمدته) بالألف، أحمده إحمادا: (إذا أصبته محمودا) ،
__________
1 فعلت وأفعلت للزجاج 85، وديوان الأدب 3/133، 165، والأفعال للسرقسطي
2/417، والصحاح 5/2031، 2032، والمجمل 2/790، والمصباح 213 (لمم) .
2 الصحاح (لمم) 5/2031.
3 في الجمهرة (لمم) 1/168: "وقالوا: لم به وألم به بمعنى. ودفع ذلك
الأصمعي، ولم يجز إلا ألم به إلماما فهو ملم". وفي العين (لمم) 8/322:
"ويجوز في الشعر ألممت عليه". وينظر: الأفعال لابن القطاع 3/141،
واللسان 12/2031، والقاموس 1496 (لمم) .
4 فعلت وأفعلت للزجاج 30، والأفعال للسرقسطي 1/366، والصحاح (حمد)
2/467. وفي العين 3/188، والجمهرة 1/505، والمحيط 3/47، والمحكم 3/198
(حمد) ، والأفعال للسرقسطي 1/333، ولابن القطاع 1/219 "حمدت الرجل
وأحمدته بمعنى". والعامة تقول: "حمدته" بغير ألف في الوجهين. ابن
درستويه 289.
(1/449)
أي وجدته مرضي الطريقة، فأنا محمد بكسر
الميم الثانية، وهو محمد بفتحها.
(وقد أصحت السماء) 1 بالألف، تصحي إصحاء، (فهي مصحية) : إذا انجلى عنها
الغيم وذهب2.
(وصحا السكران) 3 يصحو صحوا وصحوا، (فهو صاح) : إذا انجلى وذهب عن عقله
البخار الذي غطى عليه. قال أوس بن حجر4:
صحا قلبه من سكره وتأملا
__________
1 ما تلحن فيه العامة 130، وإصلاح المنطق 228، وأدب الكاتب 362، وفعلت
وأفعلت للزجاج 59، والأفعال لابن القوطية 87، وللسرقسطي 3/400، وتقويم
اللسان 70، وتصحيح التصحيف 348، والعين 3/268، والجمهرة 1/544،
والتهذيب 5/160، والصحاح 6/2399 (صحو) .
2 في المجمل (صحو) 1/551: "قال السجستاني: العامة تظن أن الصحو لا يكون
إلا ذهاب الغيم، وليس كذلك، إنما الصحو ذهاب البرد، وتفرق الغيم".
وينظر: الجمهرة 1/544.
3 وأصحى بألف، لغة. الأفعال لابن القطاع 2/258، والمحكم 3/366،
والمصباح 127 (صحو) .
4 ديوانه 82، وعجزه:
وكان بذكرى أم عمرو موكلا
وأوس بن حجر هو: أبو شريح بن مالك التميمي، من كبار شعراء تميم في
الجاهلية، وهو زوج أم زهير بن أبي سلمى، كان كثير الوصف للخمر والسلاح،
عده ابن سلام في الطبقة الثانية من فحول شعراء الجاهلية. توفي سنة 2
قبل الهجرة.
طبقات فحول الشعراء 1/97، والشعر والشعراء 1/131، والأغاني 11/70،
والموشح 81.
(1/450)
(وأقلت الرجل البيع) 1 بالألف، أقيله
(إقالة) ، وأنا مقيل، وهو مقال، أي فسخت عقد البيع ونقضته وأبطلته لما
سألني المشتري ذلك.
(وقلت من القائلة) بكسر القاف، أقيل قيلا وقائلة و (قيلولة) ومقيلا2:أي
نمت نصف النهار، وقت الظهيرة، أو شربت3، فأنا قائل. والقائلة: النوم
ذلك الوقت، والقائلة: الظهيرة.
(وأكننت الشيء) 4 بالألف، [39/ب] أكنه إكنانا: (إذا)
__________
1 الغريب المصنف (133/أ) ، وأدب الكاتب 435، فعلت وأفعلت للزجاج 79،
والأفعال للسرقسطي 2/54، والمحيط 6/26، والمصباح 199 (قيل) . وقلته
البيع قيلا لغة أخرى، حكاها الخليل وأبو زيد، ووصفها اللحياني بالضعف،
والجوهري وابن القطاع بالقلة. الأفعال لابن القطاع 3/311، والعين
5/215، والتهذيب 9/306، والصحاح 5/1808، والمحكم 6/311 (قيل) . وقال
ابن درستويه 290: "والعامة تقول في البيع: قلته قيلولة، وهو خطأ".
2 عد ابن درستويه 290 "القائل والقيلولة" من المصادر النادرة في
الكلام، ووسم الجوهري "مقيلا" بالشذوذ. الصحاح (قيل) 5/1808.
3 "أو شربت" ساقطة من ش.
4 كننت الشيء أكننته بمعنى واحد عند الأخفش قال: "تقول: كننت الجارية:
إذا صنتها، وكننتها من الشيء وأكننتها من الشمس أيضا. ويقولون: هي
مكنونة ومكنة.... لأن قيسا تقول: كننت العلم فهومكنون، ويقول بنوتميم:
أكننت العلم فهو مكن، وكننت الجارية فهي مكنونة، وفي كتاب الله عز وجل:
{أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} ، وقال: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ
مَكْنُونٌ} وقال الشاعر:
قد كن يكنن الوجوه تسترا فاليوم حين بدون للنظار
وقيس تنشد: قد كن يكنن" معاني القرآن 2/280. وهما كذلك عند الفراء، في
معاني القرآن 1/152، وأبي زيد فيما حكاه عنه الأصمعي في فعل وأفعل 407،
وابن الأعرابي فيما حكاه عنه ثعلب في التهذيب (كنن) 9/452. وينظر:
الغريب المصنف (131/أ) ، وأدب الكاتب 352، ومعاني القرآن وإعرابه
للزجاج 1/317، فعلت وأفعلت له 81، وما جاء على فعلت وأفعلت 64،
والأفعال للسرقسطي 2/141، والعين 5/282، والجمهرة 1/166، 3/1263،
والصحاح 6/1289، والمحكم 6/413 (كنن) .
(1/451)
أضمرته و (أخفيته في نفسك) ، والفاعل مكن
بكسر الكاف، والمفعول مكن بفتحها.
(وكننت الشيء: إذا سترته بشيء) أكنه بضم الكاف1، كنا بفتحها، فأنا كان،
والشيء مكنون.
(وقد أدنت الرجل) 2 بقطع الألف، وتخفيف الدال، أدينه إدانة، أي (بعته
بدين) ، فأنا مدين بضم الميم، وهو مدان. ومنه قول أبي ذؤيب3:
__________
1 ش: "بضم الألف، وفي الأصل بضم الكاف" وهو خطأ بين.
2 إصلاح المنطق 260، وأدب الكاتب 350، فعلت وأفعلت للزجاج 37،
والمقاييس (دين) 2/320، ويقال أيضا: دنت الرجل: إذا أقرضته. ودنته: إذا
استقرضت منه بلا ألف متعديا. ينظر: الأفعال للسرقسطي 3/292، ولابن
القطاع 1/372، والصحاح 5/2117، واللسان 13/167 (دين) .
3 ديوان الهذليين 1/65، والرواية فيه: "الملي الوفي".
وأبو ذؤيب هو: خويلد بن خالد بن محرث بن زبيد، من بني هلال، أدرك
الجاهلية والإسلام، فأسلم وشارك في الفتوحات، وشهد فتح إفريقية مع عبد
الله بن أبي السرح، عده ابن سلام في الطبقة الثالثة من فحول شعراء
الجاهلية، وأشهر شعره العينية التي رثى بها أبناءه الخمسة. وفد على
النبي ليلةوفاته وشهد دفنه. توفي سنة 27هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/123، 131، والشعر والشعراء 2/547، والأغاني
6/264، والإصابة 4/66.
(1/452)
أدان وأنبأه الأولون ... بأن المدان ملي
وفي
(ودنت أنا) بكسر الدال، أدين دينا بفتحها، فأنا دائن1. (وأدنت) أيضا
بتشديدها، أدان إديانا، فأنا مدان2 بتشديد الدال في كل ذلك: (أي أخذت)
شيئا قرضة3، واشتريته (بدين) . ومنه قول الشاعر4:
ندين ويقضي الله عنا وقد نرى
مصارع قوم لا يدينون ضيعا
(وضفت الرجل) 5 بكسر الضاد: (إذا نزلت به) طالبا لقراه
__________
1 في المصباح (دين) 78: "يكون الدائن من يأخذ الدين على اللزوم، ومن
يعطيه على التعدي".
2 على وزن افتعل افتعالا ومفتعل، قلبت تاء الافتعال دالا وأدغمت في
الدال الأصلية.
3 ش: "بقرضة".
4 هو العجير السلولي، والبيت في ديوانه 226، قال ابن بري: "صوابه ضيع
بالخفض على الصفة لقوم، وقبله:
فعد صاحب اللحام سيفا تبيعه وزد درهما فوق المغالين واخنع
اللسان (دين) 13/168.
5 إصلاح المنطق 241، وأدب الكاتب 350، وفعلت وأفعلت للزجاج 350،
والأفعال للسرقسطي 2/219، والعين 7/67، والجمهرة 2/908، والمحيط 8/52،
والصحاح 4/1392 (ضيف) .
(1/453)
أضيفه ضيفا وضيافة، فأنا ضائف، والرجل
مضيف1 بفتح الميم، على وزن مبيع.
(وأضفته) أنا بالألف، أضيفه إضافة، فأنا مضيف، وهو مضاف: أي أنزلته علي
ضيفا وقريته.
(وأدليت الدلو) 2 بالألف، أدليها إدلاء [40/أ] فأنا مدل، وهي مدلاة، أي
(أرسلتها في البئر) لأملأها ماء. ومنه قوله تعالى: {فَأَدْلَى
دَلْوَهُ} 3 أي أرسلها في البئر. وقيل: بل معناه: رفعها4. والله أعلم.
__________
1 أصله مضيوف، نقلت حركة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها، فالتقى ساكنان
واو مفعول، والياء التي هي عين الكلمة، فحذفت الواو الزائدة، ثم قلبت
الضمة التي على الضاد كسرة لمناسبة الياء، فصارت "مضيف" هذا على مذهب
الخليل وسيبويه. وأما الأخفش فإنه ينقل الضمة من الياء إلى ما قبلها،
ثم يقلب ضمة كسرة لمناسبة الياء، قيلتقي ساكنان الياء وواو مفعول،
فيحذف الياء، وتقع الواو ساكنة بعد كسر، فيقلب الواو ياء، فيصبح "مضيف"
ووزنها على مذهب الخليل وسيبويه "مفعل"، وعلى مذهب الأخفش "مفيل".
ينظر: الكتاب 4/348، والمنصف 1/287، والمقتضب لابن جني 18، والممتع في
التصريف 2/454، وتصريف الأسماء 88.
2 أدب الكاتب 348، وفعلت وأفعلت للزجاج 36، ومعاني القرآن وإعرابه له
3/97، والزاهر 1/441، ومعاني القرآن للنحاس 3/405، وتثقيف اللسان 420،
والصحاح 6/2339 (دلو) .
3 سورة يوسف 19.
4 تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 214، والجمهرة (دلو) 2/682. وينظر:
الأفعال للسرقسطي 3/294، والتهذيب 14/171، والمحيط 9/353، واللسان
14/265، والمصباح 76 (دلو) .
??
(1/454)
(ودلوتها: إذا أخرجتها) من البئر، وفيها
ماء. وقيل: معناه: إذا ألقيتها في البئر1. فأنا أدلوها دلوا، وأنا دال،
والدلو مدلوة.
(ولحمت العظم: إذا عرقت ما عليه من اللحم) 2، ألحمه بفتح الحاء، وألحمه
بضمها أيضا. وأما أعرقه فبضم الراء لا غير3، والمصدر منهما لحم وعرق،
ومعناهما واحد، أي أخذت ما على العظم من اللحم بسن أو بسكين، أو غير
ذلك، وأنا لاحم. والعظم ملحوم ولحيم أيضا: إذا أخذ ما عليه من اللحم،
وقال الراجز4:
وعامنا أعجبنا مقدمه
__________
1 تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 214، والجمهرة (دلو) 2/682. وينظر:
الأفعال للسرقسطي 3/294، والتهذيب 14/171، والمحيط 9/353ن واللسان
14/265، والمصباح 76 (دلو) .
2 الأفعال للسرقسطي 2/428، 429، ولابن القطاع 3/117، والتهذيب 5/104،
والصحاح 5/2028ن والمجمل 2/804، والمحكم 3/283 (لحم) .
3 نوادر أبي مسحل 1/94.
4 الرجز لشاعر كلبي، وهو في نوادر أبي مسحل 1/94، وإصلاح المنطق 134،
والزاهر 1/148، والمنصف 1/60، والأفعال للسرقسطي 2/428، والمخصص 4/140،
9/123، وأمالي ابن الشجري 2/281، والإنصاف 1/16، وشرح المفصل لابن يعيش
1/24، وتفسير القرطبي 1/71، واللسان (قرضب) 1/607، (برك) 10/397، (لحم)
12/536، (سما) 14/401. وفي شرح شواهد إصلاح المنطق 301: "قوله: يدعى
أبا السمح: يريد أن الناس اعتقدوا أنهم يخصبون فيه، فدعوه بأبي السمح،
فهلكت أموالهم. والقرضاب: القطاع، يقال: سيف قرضاب، إذا كان ماضيا في
الضريبة. والمبترك: البارك".
(1/455)
يدعى أبا السمح وقرضاب سمه ... مبتركا لكل
عظم يلحمه
(وألحمتك عرض فلان) بالألف، ألحمك1 إلحاما، فأنا ملحم بكسر الحاء، وأنت
ملحم بفتحها: أي أمكنتك من شتمه، كأنك جعلت نفسه كاللحم الذي تأكله، أي
أقدرته على تناول عرضه، وأبحته اغتيابه وعيبه، كما تبيحه أكل اللحم،
وهذا على الاستعارة والتشبيه، لأن عرضه بمنزلة لحمه، ومنه قوله [40/ب]
تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ
يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} 2، أراد الغيبة وذكر العرض بالقبيح.
وتقول: (هل أحسست صاحبك) 3 بالألف: أي هل أبصرته أو علمت به، أو عرفته
وأدركته بحاسة البصر، فأنت4 تحسه إحساسا،
__________
1 ش: "ألحمك بضم الألف".
2 سورة الحجرات 12. وينظر: الكشاف 4/373، وتفسير القرطبي 16/219،
وتلخيص البيان 289.
3 ويقال أيضا: حسست الشيء، وحسست به، وحسيته، وحسته، وأحست به، وحسيت
به، وأحسيت به، وحست به. وكلها لغات. ينظر: معاني القرآن للفراء 1/217،
وللأخفش 1/205، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 1/416، والمنصف 3/84،
والأفعال للسرقسطي 1/340، 341، والجمهرة 1/97، والتهذيب 3/408، 409،
والصحاح 3/917، والمحكم 2/346، 347 (حسس) . والعامة تقول: "حسست الشيء"
بمعنى علمت به، وهو خطأ عند ابن درستويه 298.
4 ش: "وأنت".
(1/456)
وأنت محس بالكسر، وذلك محس بالفتح، ومنه
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} 1، وقوله
تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} 2.
(وحس الرجل القوم) 3، يحسهم حسا: إذا (قتلهم) بالسيف. ومنه قوله تعالى:
{إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِه} 4، وقال ابن درستويه: "أي تقتلونهم
قتلا ذريعا، وحقيقته تأتون على إحساسهم، فلا تتركون لهم حسا، والفاعل
حاس، والقوم محسوسون"5. وقال الجبان: "كأنه أزال حواسهم بالقتل، لأن من
قتل فقد بطلت حاسته"6.
(وملحت القدر أملحها) 7 بالكسر، ملحا بفتح الميم: (إذا ألقيت فيها
قليلا من الملح، بقدر) ما يملحها، فأنا مالح، والقدر مملوحة.
__________
1 سورة آل عمران 52.
2 سورة الأنبياء 12.
3 عبارة الفصيح 276: "وحسهم: قتلهم".
4 سورة آل عمران 152.
5 ابن درستويه 297، 298.
6 ابن الجبان 143.
7 إصلاح المنطق 229، وأدب الكاتب 348، والأفعال للسرقسطي 4/164، ولابن
القطاع 3/174، والصحاح 1/406، والمجمل 2/839، والأساس 435 (ملح) . وفي
العين (ملح) 3/244: "وملحت القدر أملحها: إذا كان ملحا بقدر، فإن
أكثرته حتى يفسد قلت: ملحتها تمليحا"، وكذا عن أبي زيد في الغريب
المصنف (40/ب) وفي المحكم (ملح) 3/286: "وقد ملح القدر يملحها ويملحها
ملحا، وأملحها: جعل فيها ملحا بقدر. وملحها أكثر ملحها فأفسدها".
وينظر: المحيط 3/117، والمصباح 221، والقاموس 310 (ملح) .
(1/457)
(وأملحتها) بالألف، أملحها إملاحا: (إذا
أفسدتها بالملح) ، لأنك زدت فيها من الملح أكثر من الحاجة، وأنا مملح
بكسر اللام، والقدر مملحة بفتحها.
(وقد أجبرت الرجل [41/أ] على الشيء يفعله) 1 بالألف، أجبره إجبارا،
وأنا مجبر بكسر الباء، وهو (مجبر) بفتحها: إذا أكرهته عليه.
(وجبرت العظم) أجبره بالضم، جبرا، فأنا جابر، وهو مجبور: إذا داويته
وأصلحته من كسر به حتى يبرأ، وكذلك جبرت الفقير أجبره جبرا أيضا: إذا
أغنيته بعد فقر2.
__________
1 فعل وأفعل للأصمعي 477، وإصلاح المنطق 228، وأدب الكاتب 361، واشتقاق
أسماء الله 241، والمفردات 183، والأفعال للسرقسطي 2/260، وتصحيح
التصحيف 207، والجمهرة 1/265، والصحاح 2/607، 608 (جبر) . وفي التهذيب
(جبر) 11/60: "وقال اللحياني: يقال: أجبرت فلانا على كذا أجبره إجبارا،
فهو مجبر، وهو كلام عامة العرب، أي أكرهته عليه. وتميم تقول: جبرته على
الأمر أجبره جبرا وجبورا بغير ألف. قلت: وهي لغة معروفة، وكثير ممن
الحجازيين يقولونها، وكان الشافعي يقول: جبره السلطان بغير ألف، وهو
حجازي فصيح". وجعل الفراء "الجبار" في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ
عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} من هذه اللغة، لأن "العرب لا تقول فعال من
أفعلت " معاني القرآن 3/81. وينظر: غريب الحديث لابن قتيبة 2/145،
والزاهر 1/177، والنهاية 1/236، والجمهرة 3/1261، والمحيط 7/97،
والمحكم 7/283، والمصباح 35 (جبر) .
2 الصحاح (جبر) 2/607.
(1/458)
(وكنفت حول الغنم كنيفا) 1 أكنف بالضم،
كنفا، على وزن قتلت أقتل قتلا، فأنا كانف، والغنم مكنوفة: إذا عملت
حولها حظيرة من خشب أو حجارة أو غيرها تسترها بها من الحر والبرد،
وتحفظها من السبع والذئب، وغيرهما. والكنيف والحظيرة واحد.
(وأكنفت الرجل) بالألف، أكنفه إكنافا2: (إذا أعنته) ، فأنا مكنف بكسر
النون، وهو مكنف بفتحها.
(وأعجمت الكتاب) 3 بالألف، أعجمه إعجاما، فأنا معجم بكسر الجيم، (وهو
معجم) بفتحها: إذا نقطته فأوضحته4 وأبنته من العجمة.
(وعجمت العود ونحوه) : إذا عضضته، لتعرف صلابته من
__________
1 الغريب المصنف (134/ب) ، وإصلاح المنطق 260، وأدب الكاتب 357،
والزاهر 1/429، والأفعال للسرقسطي 2/148، 149، والعين 5/381، 382،
والصحاح (كنف) 4/1424.
2 قال ابن درستويه 304: "والعامة لا تعرف الإكناف في الإعانة". قلت:
وكنفته بمعنى أعنته، لغة. ينظر: التهذيب 10/275، والمحكم 7/47،
والتكملة 4/560 (كنف) .
3 إصلاح المنطق 228، وأدب الكاتب 371، فعلت وأفعلت للزجاج 67، 68،
والأفعال للسرقسطي 1/237، 238، ولابن القطاع 352، والجمهرة 1/484،
والتهذيب 1/391، والصحاح 5/1980، 1981 (عجم) . وعجمت الكتاب بلا ألف،
لغة. ينظر: البصائر والذخائر 8/68، والقاموس 1466، والتاج 8/390 (عجم)
.
4 ش: "وأوضحته".
(1/459)
رخاوته أعجمه، بالضم، عجما، فأنا عاجم،
والعود (معجوم) . قال النابغة الذبياني1:
فظل يعجم أعلى الروق منقبضا ... في حالك اللون صدق غير ذي أود
(ونجم القرن والنبت: إذا طلعا، وكذلك السن) 2 ينجم [42/ب] نجوما، فهو
ناجم.
(وأنجم السحاب) بالألف، ينجم إنجاما، فهو منجم: (إذا أقلع، وكذلك
البرد) ، ومعناهما3: ذهب.
(وصدقت الرجل الحديث) 4 أصدقه صدقا ومصدقا، وأنا
__________
1 ديوانه 20. والروق: القرن، والصدق: الصلب، والأود: الاعوجاج. عن شرح
الديوان.
والنابغة الذبياني هو: أبو أمامة زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني
الغطفاني، عده ابن سلام في الطبقة الأولى من فحول شعراء الجاهلية، وهو
أحد شعراء المعلقات، كانت العرب تنصب له قبة في سوق عكاظ وتحكمه في شعر
شعرائها. عمر طويلا وتوفي سنة 18 قبل الهجرة.
طبقات فحول الشعراء 1/51، والشعر والشعراء 1/92، والأغاني 11/3،
والمذاكرة في ألقاب الشعراء 25.
2 نوادر أبي مسحل 1/102، 166، والأفعال للسرقسطي 3/132، ولابن القطاع
3/224، والعين 6/155، والمحيط 7/133، والصحاح 5/2039، والمحكم 7/327،
328، والأساس 448 (نجم) . وفي القاموس (نجم) 1499: "نجم: ظهر وطلع
كأنجم".
3 أي معنى أنجم وأقلع، وفي ش: "ومعناه".
4 ما تلحن فيه العامة 135، والزاهر 1/315، والأفعال للسرقسطي 3/389،
390، ولابن القطاع 2/236، والصحاح (صدق) 4/1505، 1506.
(1/460)
صادق، والرجل مصدوق: إذا أخبرته بالحديث
على حقيقته.
(وأصدقت المرأة) بالألف، أصدقها إصداقا، فأنا مصدق بكسر الدال، والمرأة
مصدقة بفتحها: إذا أعطيتها صداقا، وهو المهر.
(وقد ترب الرجل) 1 بكسر الراء: (إذا افتقر) حتى كأنه لصق بالتراب من
الفقر، وهو يترب تربا بفتح الراء منهما، ومتربة أيضا، (فهو ترب) بكسر
الراء.
(وأترب) بالألف، يترب إترابا، فهو مترب: (إذا استغنى) وأيسر، وأصاب من
المال والغنى بكثرة التراب.
(وقد نظرت الرجل: إذا انتظرته) 2 فأنا أنظره بضم الظاء، نظرا، ونظرا
بسكونها وفتحها، فانا ناظر، وهو منظور: أي وقفت متوقعا مجيئه أو خبره
أو أمره. وقيل: إن المعنى نظرته: رقبته3. قال امرؤ
__________
1 إصلاح المنطق 329، وأدب الكاتب 349، فعلت وأفعلت للزجاج 13، والأفعال
للسرقسطي 3/359، ولابن القطاع 1/117، والعين 8/116، والجمهرة 1/253،
والمحيط 9/429، والصحاح 1/91 (ترب) . وفي أضداد أبي الطيب 1/115: "ومن
الأضداد الترب. قال بعض العلماء: يقال: ترب الرجل إذا افتقر، وترب إذا
استغنى" وفي القاموس (ترب) 78، والأضداد للمنشي 33: "أترب: قل ماله
وكثر". وينظر: الأضداد لقطرب 124ن ولابن الأنباري 380، وللصغاني 225.
2 الأفعال للسرقسطي 3/156، 157، ولابن القطاع 3/236، والجمهرة 2/763،
واللسان 5/219، والقاموس 623 (نظر) . وفي الأساس (نظر) 462: "ونظرته
وتنظرته وأنظرته: أنسأته".
3 الجمهرة (رقب) 1/323.
(1/461)
القيس1:
فإنكما إن تنظراني ساعة
من الدهر ينفعني لدى أم جندب
(وأنظرته) بالألف، أنظره إنظارا: (إذا أخرته) في بيع أو غيره، فأنا
منظر بكسر الظاء، وهو منظر بفتحها، ومنه قوله تعالى: {وَلا هُمْ
يُنْظَرُونَ} 2، أي لا يؤخرون، وقال حكاية عن إبليس – لعنه الله -:
{قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ
مِنَ الْمُنْظَرِينَ} 3.
(وأعجلته) 4 بالألف، أعجله إعجالا: (استعجله) ، معناه: طلبت عجلته، أي
إسراعه، أو أمرته بالاستعجال، أو سألته ذلك، أو صيرته مستعجلا، فأنا
معجل بالكسر5، وهو معجل بالفتح.
(وعجلته) بكسر الجيم، أعجل عجلا وعجلة بفتحها: أي (سبقته) ، فأنا عجل
بالكسر، والضم، وعاجل، والرجل معجول.
__________
1 ديوانه 41. وأم جندب: امرأته.
2 سورة البقرة 162، وسور أخرى.
3 سورة الحجر 36، 37. وينظر: تفسير غريب القرآن لليزيدي 78، وتفسير
القرطبي 2/42، 10/19.
4 معاني القرآن للفراء 1/393، وأدب الكاتب 353، ومعاني القرآن وإعرابه
للزجاج 2/378، والأفعال للسرقسطي 1/240، 241، ولابن القطاع 2/354،
والتهذيب 1/369، والصحاح 5/1760، والمحكم 1/195 (عجل) . وفي القاموس.
(عجل) 1331: "وأعجله: سبقه، كاستعجله".
5 ش: "بكسر الجيم".
(1/462)
(ومد النهر) 1 يمد بفتح الياء، وكسر الميم،
ومصدره مد: إذا زاد ماؤه، وهذا فعل لازم، والنهر ماد. (ومده نهر آخر) ،
إذا جرى فيه ماؤه وزاده وكثره وقواه. قال العجاج2:
سيل قري مده قري
فهو يمده بضم الميم، مدا، وهو ممدود. ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ
أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ
مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} 3.
(وامددت الجيش بمدد) بالألف، أمده إمدادا، وأنا ممد بكسر الميم
الثانية، والجيش ممد بفتحها: أي زدت فيه قوما آخرين لم
__________
1 معاني القرآن للأخفش 1/47، وفعل وأفعل للأصمعي 473، 502، ومجالس ثعلب
1/98، والأفعال للسرقسطي 4/146، 147، والعين 8/16، 18، والمحيط 9/272،
273، والتهذيب 14/84، والصحاح 2/537، والمقاييس 5/269، 538 (مدد) . وفي
الجمهرة (مدد) 1/114: "مد النهر، وأد أجازهما قوم".
2 ديوانه 1/497 برواية: "ماء قري" والقري: المسيل. عن شرح الديوان.
والعجاج هو: أبو الشعثاء عبد الله بن رؤبة بن صخر السعدي التميمي، راجز
مجيد، فصيح، أدؤك الجاهلية والإسلام، أسلم وعاش إلى أيام الوليد بن عبد
الملك، كان لا يهجو أحدا، وهو أبو رؤبة الراجز المشهور. توفي نحو سنة
90 هـ.
جمهرة النسب 245، والشعر والشعراء 2/493، والموشح 275، وخزانة الأدب
1/89.
3 سورة لقمان 27. "والبحر" بالنصب، قراءة أبي عمر وحده، وقراءة الباقين
بالرفع. ينظر: السبعة 513، والحجة لأبي علي 5/457.
(1/463)
[42/ب] يكونوا فيه. والمدد والمادة:
الزيادة المتصلة. والجيش: معروف، وهم جماعة الناس في الحرب، والجمع
جيوش بضم الجيم.
(وأمد الجرح) بالألف أيضا، فهو يمد إمدادا: (إذا صارت فيه المدة) ، وهي
ما يجتمع فيه من القيح، وهو جرح ممد بكسر الميم الثانية: أي فيه مدة.
وقال الراجز1:
وصاحب كالدمل الممد
(وآثرت فلانا 2 عليك) 3 بالمد، ووزنه أفعلت، (فأنا أوثره إيثارا) : أي
فضلته وقدمته واخترته، فأنا مؤثر بكسر الثاء، وهو مؤثر عليك بفتحها.
(وأثرت الحديث) بالقصر، (فأنا أوثره) بضم الثاء، (أثرا) بسكونها،
والاسم الأثر بفتحها: أي ذكرته عن غيري وحدثت به عنه ورويته، فأنا آثر،
وهو حديث مأثور: إذا4 نقله وحدث به خلف عن سلف.
__________
1 هو بشار بن برد، والرجز في ديوانه 2/224، ويليه:
أرقب منه مثل يوم الورد.
2 ش: "الرجل".
3الأفعال للسرقسطي 1/70، 71، ولابن القطاع 30، 31، وديوان الأدب 4/198،
221، والجمهرة 1/1035، والصحاح 1/574، 575، والمجمل 1/86، واللسان 4/7،
والمصباح 2 (أثر) .
4 ش: "أي".
(1/464)
(وأثرت التراب) بالقصر أيضا، لكن وزنه
أفعلت بالألف1، (فأنا أثيره إثارة) : إذا بحثته وحثوته ونشرته، فأنا
مثير، والتراب مثار.
(ووعدت الرجل خيرا وشرا) 2: إذا أخبرته بفعل ينفعه أو يضره3، فإذا لم
تذكر الخير والشر، قلت في الخير: وعدته أعده وعدا وعدة وميعادا وموعدا،
فأنا واعد، وهو موعود4، وقلت في الشر: أوعدته الألف، أوعده إيعادا
ووعيدا [43/أ] ، فأنا موعد بالكسر،
__________
1 بالنظر إلى أصله الذي هو "أثورت" أما وزنه في الحال فهو "أفلت" نقلت
حركة الواو إلى التاء، فحذفت الواو لسكونها وسكون الراء بعدها، فأصبح
"أثرت". قال ابن درستويه 260: "كان يجب ألا يذكره في هذا الباب، أو يضم
إليه ثار الترب يثور، حتى يصير من هذا الباب، لأنه قد ترجم الباب بفعلت
وأفعلت، باختلاف المعنى، وأتى بفعلت من الأثر مع أفعلت من الثوران،
وإنما حقه أن يؤتى بفعلت وأفعلت من أصل واحد".
2 ما تلحن فيه العامة 110، فعل وأفعل للأصمعي 506، وإصلاح المنطق 226ن
294، وأدب الكاتب 351، فعلت وأفعلت للزجاج 97، وليس في كلام العرب 188،
والأفعال للسرقسطي 4/227، ولابن القطاع 3/296، ودرة الغواص 191، والعين
2/222، والجمهرة 2/668، والتهذيب 2/135، والصحاح 2/551، والمحكم 2/236
(وعد) . وفي المصباح (وعد) 255: "وقد أسقطوا لفظ الخير والشر، وقالوا
في الخير: وعده وعدا وعدة، وفي الشر: ووعده وعيدا، فالمصدر فارق ...
وقالوا: أوعده خيرا وشرا بالألف أيضا". وينظر الحوار الذي درا بين
الزجاج وثعلب حول هذه المسألة، وانتصار ابن خالويه لثعلب في: الرد على
الزجاج للجواليقي (4/ب) ، الأشباه والنظائر 4/126، 127، والخزانة
5/190.
3 قال الله تعالى في الخير: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ
وَفَضْلاً} البقرة 268، وقال في الشر: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا} الحج 72.
4 قوله: "وعدا.....موعود" ساقط من ش.
(1/465)
وهو موعد بالفتح. وقال الشاعر1:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فإذا أدخلوا الباء في الموعود قالوه بالألف2، وكان بمعنى الوعيد، وهو
التخويف، فقالوا: أوعدته بالقتل، أو بالضرب، أو القيد، أو الحبس، أو
غير ذلك. ومنه قول الراجز3:
أوعدني بالسجن والأداهم ... رجلي ورجلي شثنة المناسم
تقديره: أوعدني بالسجن، وأوعد رجلي بالأداهم، وهي القيود، وشثنة: أي
قوية عليها.
__________
1 هو عامر بن الطفيل، والبيت في ديوانه 58، برواية: "وإني إن، لأخلف،
وأنجز".
2 الجمهرة 3/1265.
3 هو العديل بن الفرخ، والرجز في ديوانه 319. ورجلي: في موضع نصب بدل
من ضمير المتكلم المنصوب بأوعد، تقديره: أوعدني بالحبس في السجن، وأوعد
رجلي بالأداهم، ورجلي الثانية مبتدأ، وشثنة المناسم خبره. عن شرح أبيات
إصلاح المنطق 466، وينظر: الاقتضاب 3/216، والخزانة 5/188.
(1/466)
|