إسفار الفصيح باب ما جاء وصفا من
المصادر
(وتقول: هو خصم، وهي خصيم) ، وهما خصم، (وهم خصم) ، وهن خصم، (للواحد
والاثنين والجميع والمؤنث، على حال واحدة) 1. ومنه قوله تعالى: {وَهَلْ
أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} 2 فجاء
بالخصم، وهو على لفظ الواحد، ومعناه الجمع، فلذلك قال: {تَسَوَّرُوا} ،
فأتى بواو الجمع، والأصل في الخصم أنه مصدر خصمت، يقال: خاصمت فلانا
فخصمته أخصمه خصما: إذا غلبته في المخاصة، وهي المنازعة في الشيء، أو
المطالبة بحق وغيره، فلما جعل الخصم صفة لم يثن، ولم يجمع، ولم يؤنث،
كما أن المصدر لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث، لأنه يدل بلفظه على القليل
والكثير، كأسماء الأجناس، كالماء والزيت والعسل، وما أشبهها من أسماء
الأجناس، لأن كل لفظ من ذلك يقع على الجنس بأسره قليله وكثيره، فاستغني
عن تثنيته وجمعه. فإن اختلفت أنواعها جاز تثنيتها وجمعها، كقولك: شربت
ماءين، تريد: ماء حلوا، وماء ملحا، واشتريت زيتين، تريد: جيدا ورديئا،
وكذلك المصدر، نحو قولك:
__________
1 إصلاح المنطق 163، ومجالس ثعلب 1/226، والعين 4/191، والجمهرة 1/605،
3/1252، والتهذيب 7/154، والمحيط 4/255، والصحاح 5/1912، والمقاييس
2/187، والمحكم 5/42 (خصم) .
2 سورة ص 21. وينظر: ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/325، والمحتسب
2/364.
(1/559)
ضربت زيدا ضربين، أي نوعين من الضرب شديدا
وهينا. ومنه [68/ب] قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}
1 أردا ظنونا مختلفة. وقد ثنوا الخصم أيضا وجمعوه، فقالوا: خصمان
وخصوم، وإنما فعلوا ذلك، لأنه قد كثر استعماله في الوصف، حتى زال عن
شبه المصدر، ودخل في باب الأسماء والصفات، كذلك نظائره في المصادر التي
وصف بها. وقد جاء في التنزيل مثنى، وهو قوله تعالى – حكاية عن الملائكة
-: {قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} 2 وقال
ذو الرمة في الجمع3:
يوالي إذا اصطك الخصوم أمامه ... وجوه القضايا من وجوه المظالم
يوالي: يميز. وقال أيضا4:
أبر على الخصوم فليس خصم ... ولا خصمان يغلبه جدالا
فوحد وثنى وجمع في بيت واحد. وأبر: أي علا.
والخصم: هو المنازع المطالب الذي ينازع في الأمر، وهو خصم لك، وأنت خصم
له.
__________
1 سورة الأحزاب 10. وينظر: شرح الكافية للرضي 1/299ن وشرح الكافية
الشافية 2/656، وأوضح المسالك 2/215، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج
3/183، وتفسير القرطبي 14/95، والكليات 816، 817.
2 سورة ص 22. وكتبها المصنف: "فقالوا: ... " سهوا.
3 ديوانه 2/770، 3/1545.
4 ديوانه 2/770، 3/1545.
(1/560)
(وكذلك رجل دنف) 1 بفتح النون: وهو الذي
أصابه ضنى من مرض أو حزن أو عشق، ولازمه حتى أذهب لحمه، وغير لونه،
وأشرف على الموت. وقوم دنف، (ونسوة دنف، لا يثنى ولا يجمع) ، لأنه مصدر
وصف به أيضا، (فإن قلت: دنف) بكسر النون، (ثنيت وجمعت) 2، لأنه صفة
خالصة، وهو اسم الفاعل3 [69/أ] وليس بمصدر، لأنك تقول في تصريف الفعل
منه: دنف العليل بكسر النون، يدنف دنفا بفتحها، فهو دنف بكسرها، بوزن
حذر يحذر حذرا، فهو حذر: إذا أذابته العلة، وبلغت منه مبلغا عظيما،
فتقول فيه: رجلان دنفان، ورجال دنفون، وامرأة دنفة، وامرأتان دنفتان،
ونساء دنفات بكسر النون فيها كلها.
(وكذلك أنت حرى من ذلك، وقمن) 4 بفتح الراء والميم، لا يثنيان ولا
يجمعان5، لأنهما مصدران وصف بهما، وهما بمعنى واحد،
__________
1 والعين 8/48، والجمهرة 1/673، 3/1253، والتهذيب 14/137ن والصحاح
4/1360، 1361 (دنف) .
2 والعين 8/48، والجمهرة 1/673، 3/1253، والتهذيب 14/137ن والصحاح
4/1360، 1361 (دنف) .
3 في التلويح 41: "وهي اسم الفاعل". و"فعل" من أوزان صيغ المبالغة
القياسية في اسم الفاعل. ينظر: الكتاب 1/110.
4 إصلاح المنطق 100، 164، وأدب الكاتب 620، والعين 5/181، والجمهرة
3/1253، والتهذيب 5/213، 9/203، والصحاح 6/2184، 2311، والمحكم 3/333،
6/280 (قمن، حرى) .
5 إلى هنا عن أبي سهل في ارتشاف الضرب 2/118.
(1/561)
بمعنى حقيق وخليق وجدير وموضع للأمر. ومنه
قول الشاعر1:
وهن حرى أن لا يثبنك نقرة
وأنت حرى بالنار حين تثيب
وقال آخر2:
من كان يسأل عنا أين منزلنا
فالأقحوانة منا منزل قمن
وقيل: إن معنى حرى بمعنى: عسى. وقالوا في قول الأعشى3:
إن تقل من بني عبد شمس
فحرى أن يكون ذاك وكانا
إن معناه: فحقيق4. وقيل: معناه: فعسى5.
__________
1 البيت بلا نسبة في: إصلاح المنطق 100، والمشوف المعلم 1/187،
والتهذيب 5/231، والصحاح 2/835، 6/2311، والأساس 81، واللسان 5/231،
14/173 (نقر، حرى) . ولا يثبنك نقرة: أي لا يعطينك شيئا. شرح أبيات
إصلاح المنطق 269.
2 هو الحارث بن خالد المخزومي، والبيت في ديوانه 130. وفي معجم البلدان
1/234: "والأقحوانة: موضع قرب مكة. قال الأصمعي: هي ما بين بئر ميمون
إلى بئر ابن هشام".
3 ليس في ديوانه المطبوع، وهو منسوب للأعشى في ابن درستويه (124/ب) ،
وشرح شذور الذهب 288، والدرر 1/103، وبلا نسبة في: التهذيب 5/213،
والهمع 1/128.
4 ابن درستويه 0124/ب) ، والتهذيب 5/213.
5 فهي حينئذ غير منونة، من أفعال المقاربة. ينظر: الأفعال للسرقسطي
1/421، ولابن القطاع 1/265، وشرح التسهيل 1/389، وشرح شذور الذهب 287ن
والمحكم 3/333.
(1/562)
(فإن قلت: حر أو قمن) بكسر الراء والميم،
(أو حري أو قمين 1) ، على فعيل، (ثنيت وجمعت) ، لأنها صفات خالصة، وهي
أسماء الفاعلين، وتصريف الفعل منها كتصريف دنف سواء، ومعناها كمعنى حرى
وقمن المفتوحين أيضا. ويروى قول الشاعر:
منا منزل قمن
[69/ب] بكسر الميم أيضا2. وقال آخر3:
إذا جاوز الاثنين سر فإنه ... بنت وتكثير الوشاه قمين
وقال آخر في حري4:
من حياة قد سئمنا طولها ... وحري طول عيش أن يمل
وتقول في تثنيتها وجمعها: أنتما حريان وقمنان، وأنتم حرون وقمنون
وأحراء. وتقول في تثنية حري وقمين – على فعيل – وجمعهما:
__________
1 عبارة الفصيح 288: "فإن قلت: حر أو حري، أو قمن أوقمين".
2 ذكر هذه الرواية ابن درستويه (124/ب) ، والروايتان في الكامل 2/883.
3 هو قيس بن الخطيم، والبيت في ديوانه 162، برواية: "بنشر وتكثير
الحديث".
4 هو لبيد بن ربيعة، والبيت في ديوانه 197 برواية:
من حياة قد مللنا طولها ... وجدير طول عيش أن يمل
ولا شاهد فيه على هذه الرواية، وهو برواية المصنف في اللسان 14/173،
والتاج 10/86 (حرى) .
(1/563)
أنتما حريان وقمينان، وأنتم حريون وقمينون
وأحرياء وقمناء، كما تقول: أولياء وظرفاء. وتقول للمرأة: حرية وحرية،
وقمنة وقمينة، وامرأتان حريتان وحريتان، وقمنتان وقمينتان، ونساء حريات
وحريات وحرايا، وقمنات وقمينات.
(وكذلك رجل زور) : أي زائر، (وصوم) : أي صائم، (وفطر) : أي مفطر،
(وعدل) : أي عادل، (ورضى) 1: أي مرضي2، (ولا يثنى هذا ولا يجمع، لأنه
فعل) . أراد بالفعل هاهنا المصدر3.
(ورجل ضيف، وامرأة ضيف، وقوم ضيف كذلك) 4 لا يثنى
__________
1 الكتاب 2/120، ومعاني القرآن للفراء 2/205، والمفصل 141، وشرحه لابن
يعيش 3/10ن والعين 2/38، 7/172، 380، والجمهرة 3/1251، 1252.
2 وكان الخليل – رحمه الله – لا يتأول هذه المصادر باسم الفاعل أو
المفعول، بل يبقيها على أًصلها، على تقدير مضاف محذوف، فرجل صوم،
تقديره عنده: ذو صوم. العين 7/132. وهذا القول ضعيف عند ابن الحاجب (في
الإيضاح 1/443) من وجهين: أحدهما: أنه يلزمه أن يوصف بجميع المصادر على
هذا النحو. والآخر: أنه يلزمه حذف مضاف.
3 إطلاق الفعل على المصدر مصطلح كوفي. ينظر: معاني القرآن للفراء 1/12،
45، 2/44، 3/27، والمدارس النحوية للسامرائي 116، ودراسة في النحو
الكوفي 257.
4 العين 7/27، والجمهرة 3/1253، وديوان الأدب 3/304، والصحاح 4/1392،
والمجمل 1/571 (ضيف) .
(1/564)
ولا يجمع، لأنه مصدر وضع موضع ضائف، وهو
الذي يأتي القوم ليطعموه. وقد ضاف الرجل القوم يضيفهم ضيفا وضيافا: إذا
أتاهم ليطعموه. ومنه قوله تعالى – حكاية عن قول لوط عليه السلام -:
{قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُونِ} 1، وقال: {هَلْ
أَتَاكَ [70/أ] حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} 2 فجاء به
للجماعة بلفظ الواحد. (وإن شئت ثنيت وجمعت، فقد قالوا: أضياف وضيوف
وضيفان3. وما أتى من هذا الباب، فهو مثله) . وإنما ثنى هذا4 وجمع لما
كثر استعماله، لأنهم أجروه مجرى الأسماء والصفات، ولا يثنى ولا يجمع
ولا يؤنث من هذا الباب إلا ما كثر استعماله، فأما ما يقل استعماله،
فالأصل فيه أن يترك في جميع أحواله في التثنية والجمع والتأنيث بلفظ
واحد، لأنها مجراة مجرى المصادر، كما تقدم ذكره.
وأما قوله: (وتقول: ماء رواء وروى، وقوم رواء من الماء. ورجل له رؤاء:
أي منظر. وقوم رئاء: يقابل بعضهم بعضا. وكذلك بيوتهم رئاء) يقابل بعضها
بعضا. (وفعل ذلك رئاء الناس. والرؤى: جمع الرؤيا) .
فإن هذه فصول مختلفة المعاني، وإنما جمع ثعلب – رحمه الله
__________
1 سورة الحجر 68. وينظر: ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/182.
2 سورة الذاريات 24.
3 الجمهرة 2/908، والصحاح 4/1392 (ضيف) .
(1/565)
– بينها هنا لتشابهها في بعض حروفها، فمنها
ما هو من هذا الباب، ومنها ما هو خارج عنه. وأنا أبين ذلك بمشيئة الله
وعونه.
فأما قوله: (ماء رواء) بفتح الراء ممدود، (وروى) 1 بكسر الراء مقصور،
فإنهما بمعنى واحد، وهما صفتان للماء الكثير. وقيل: هما صفتان للماء
الطيب المروي شاربه2.
وقوله: (وقوم رواء 3 من الماء) بكسر أوله، والمد: فهم الممتلئون [70/ب]
من الماء، المستغنون عن شربه، وهم ضد العطاش.
وأما قوله: (ورجل له رؤاء: أي منظر) 4، فهو مضموم الأول، مهموز العين،
على مثال رعاع، وهو من الرؤية5، ومعناه: البهاء
__________
1 في نوادر أبي مسحل 2/499: "ويقولون: ماء روى، إذا كسروه قصروا، وإذا
فتحوه مدوا، والمعنى واحد". وينظر: المطر لأبي زيد 116، والمنقوص
والممدود للفراء 24، والمقصور والممدود لابن ولاد 46، وحروف المقصور
والممدود106.
2 العين (روى) 8/312، وابن درستويه (126/أ) .
3 جمع راو، مثل عاطش وعطاش، أو جمع ريان، مثل ظمآن وظماء. وينظر:
المنقوص والممدود للفراء 43.
4 والمنقوص والممدود للفراء 22، وحروف المقصور والممدود 104، والزاهر
2/203، والعين 8/311، والجمهرة 1/235، 236، والصحاح 2/2349، 2365 (رأى،
روى) .
5 ذكرها الخليل في مادة (رأى) ، والجوهري في (رأى) و (روى) . وفي
المجموع المغيث 1/822: "قد يكون الرواء من الري والارتواء، ويكون من
المرأى والمنظر". وينظر: اللسان (روى) 14/348.
(1/566)
والجمال الذي ينظر ويرى1. ومنظر مفعل من
النظر.
فهذه الفصول ليست من هذا الباب، لأنها ليست بمصادر وصف بها، وإنما هي
أسماء.
وأما قوله: (وقوم وئاء) 2: أي (يقابل بعضهم بعضا) ، فهو من هذا الباب،
لأنه مصدر وصف به، وهو مكسور الراء مهموز العين، على مثال رعاع، وهو من
الرؤية أيضا، ومعناه: أن بعضهم يرى بعضا إذا تقابلوا، فرئاء مصدر وصف
به القوم المتقابلون.
وكذلك قوله: (بيوتهم رئاء) ، هو من هذا الباب أيضا، يعني: أنها تتراءى
مراءاة ورياء3 بالهمز.
وكذلك قوله: (فعل ذلك رئاء الناس) بالهمز أيضا، وهو من الرؤية، ومعناه:
أنه فعل ليراه الناس، كالمنافق الذي يصلي ليراه الناس، ولا يفعله من
نية صادقة، هو من هذا الباب أيضا، لأنه مصدر.
وأما قوله: (والرؤى: جمع الرؤيا) 4 على وزن العلى لجمع
__________
1 قوله: "على مثال.... يرى" ساقط من ش.
2 المنقوص والممدود للفراء 43ن والزاهر 204/2ن والعين 309/8، والمحيط
10/300، والصحاح 6/2348 (رأى) .
3 قوله: "وكذلك قوله ... ورياء) ساقط من ش.
4 الزاهر 2/204ن وحروف الممدود والمقصور 104، والتهذيب 15/317، والمحيط
10/299، والصحاح 6/2349، والأساس 149 (رأى) . وفي العين 8/307: "رأيت
رؤيا حسنة ... ولا تجمع الرؤيا. ومن العرب من يلين الهمزة، فيقول:
رويا، ومن حول الهمزة فإنه يجعلها ياء، ثم يكسر فيقول: رأيت ريا حسنة".
(1/567)
العليا، فليس هذا من ذا الباب، إلا أنه
مهموز أيضا. والرؤيا: ما يراه الإنسان في منامه من الأحلام. وبنوها على
فعلى ليفرقوا بينها وبين الرؤية في اليقظة، فالرؤيا [71/أ] تكون
للمتوهم المظنون، والرؤية للمتحقق المبصر.
وذكر ثعلب – رحمه الله – في هذا الباب فصولا أخر، وليست منه أيضا،
لأنها ليست بمصادر وصف بها، وإنما هي أفعال محضة. وقد ميزتها منه في
"تهذيب الكتاب"، وبالله التوفيق.
فمنها قوله: (ويقال: دلع فلان لسانه) 1 بنصب اللسان، فهو يدلعه دلعا:
(إذا 2 أخرجه) من فيه. والفاعل دالع، واللسان مدلوع.
(ودلع لسانه) 3 بالرفع، فهو يدلع أيضا دلوعا، فهو دالع: أي خرج، بدال
غير معجمة.
(وكذلك شحا فاه) 4 يشحاه شحوا، (وفغر
__________
1 وأدلعه، عن ابن الأعرابي. أدب الكاتب 454. وينظر: الغريب المصنف
(139/أ) ، وإصلاح المنطق 286، والأفعال للسرقسطي 3/290، والعين 2/41،
والمحيط 1/424، والصحاح 3/1209، والمحكم 2/13 (دلع) .
2 في الفصيح 289: "أي".
3 المصادر السابقة.
4 الجمهرة 1/539، 2/780، والصحاح 6/2390، والمجمل 1/523 (شحو) . والفعل
"شحا" من ذوات الياء في العين 3/264، والواو أو الياء في أدب الكاتب
481، والأفعال للسرقسطي 2/398، والمحكم 3/319، 358، ومن ذوات الواو لا
غير عن أبي زيد والكسائي في التهذيب (شحا) 5/148. قال الأزهري: وهو
الصواب.
(1/568)
فاه) 1 يفغره فغرا، كلاهما بمعنى واحد: إذا
فتحه، فهو شاح وفاغر، والفم مشحو ومفغور.
(وشحا فوه) 2 بالرفع، يشحو شحوا وشحوا، (وفغر فوه) 3 يفغر فغرا وفغورا،
كلاهما بمعنى4: إذا اتفتح، فهو شاح وفاغر. وجاء اللازم والمتعدي من هذه
الأفعال بلفظ واحد.
(وتقول: ذر ذا ردعه) : أي اتركه. (وهو يذر ويدع) ، واستعمل هذان
الفعلان في الأمر والمستقبل لا غير، (ولا يقال5: وذرته ولا ودعته، ولكن
تركته، ولا واذر ولا وادع، ولكن تارك) 6 استغنوا
__________
1 الغريب المصنف (139/ب) ، وأدب الكاتب 454، والأفعال للسرقسطي 4/5،
والجمهرة 2/780، والتهذيب 8/105، والصحاح 2/782، والمحكم 5/296،
والمجمل 2/724 (فغر) .
2 المصادر السابقة.
3 المصادر السابقة.
4 ش: "بمعنى واحد".
5 في الفصيح 289: "ولا تقل"، التلويح 42: "ولا تقول".
6 هذا ما يسميه اللغويون المطرد في القياس، الشاذ في الاستعمال.
(المسائل العسكريات 103، والخصائص 1/97، 99، والمنصف 1/287، والمزهر
1/229) . وجاء في العين (ودع) 2/224: "والعرب لا تقول: ودعته فأنا وادع
في معنى تركته فأنا تارك ... إلا أن يضطر الشاعر، كما قال:
وكان ما قدموا لأنفسهم أكثر نفعا من الذي ودعوا
أي تركوا". وقال في مادة (وذر) 8/196: "والعرب قد أماتت المصدر من يذر،
والفعل الماضي، واستعملته في الحاضر والأمر، فإذا أرادوا المصدر قالوا:
ذره تركا، أي اتركه". وقد أنكر شمر والمطرزي والفيومي في: التهذيب
3/139، والمغرب 2/346ن والمصباح 250 (ودع) أن يكون ماضي "يدع) ومصدره
مماتين، وكلهم استظهروا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لينتهين
أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن على قلوبهم"، والفيومي والمطرزي
أيضا بقراءة مجاهد وعروة ومقاتل وابن أبي عبلة ويزيد النحوي: {مَا
وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} بالتخفيف، وهي قراءة النبي صلى الله
عليه وسلم وعروة في المحتسب 2/364ن وشواذ القرآن 175. وفي الحديث
الشريف: "إن شر الناس من ودعه الناس اتقاء شره ". قال الفيومي: "ما هذه
سبيله فيجوز القول بقلة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة". وينظر:
الكتاب 1/25، 4/67، 109، والأفعال للسرقسطي 4/243، 267، والنهاية
5/165، 166، والجمهرة 2/667، والتهذيب 15/11، وسيبويه والقراءات
92-102، وظاهرة الشذوذ في النحو العربي 368-371.
(1/569)
عن الماضي واسم الفاعل من هذا بترك وبتارك.
وقال الله تعالى: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} 1،
وقال تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا} 2، وقال: {وَالَّذِينَ
يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجا} 3. [71/ب] .
__________
1 سورة الأنعام 110. وكتبها المصنف: "فذرهم " سهوا.
2 سورة البقرة 278.
3 سورة البقرة 234، 240.
(1/570)
|