إسفار الفصيح

الجزء الثاني
باب المفتوح أوله من الأسماء
...
باب المفتوح أوله من الأسماء
قال أبو سهل: ذرك أبو العباس ثعلب – رحمه الله – في هذا الباب أربعة وعشرين فصلا خارجة عن ترجمته. وقد ميزتها في "تهذيب الكتاب" وجعلت كل فصل منها في الموضع الذي هو أحق به من هذا الباب، لكني ذكرتها في هذا الكتاب على ما هي مثبتة في الأصل. والله ولي التوفيق.
(يقال1: هو فكاك الرهن) 2 بفتح الفاء: للمال الذي يفتك به الرهن، أي يخلص من يدي المرتهن، ولذلك قال زهير3
وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأضحى الرهن قد غلقا
ولا يعرف للفكاك جمع.
(وهو حب المحلب) 4 بفتح الميم واللام: وهو شجر، وحبه من
__________
1 في الفصيح 289ن والتلويح 43: "تقول".
2 تقويم اللسان 144، وتصحيح التصحيف 407، وفي المصباح (فكك) 172: "والكسر لغة حكاها الكسائي، ومنعها الأصمعي والفراء". وينظر: إصلاح المنطق 162، وأدب الكاتب 544، وديوان الأدب 3/65، 93، والمحيط 6/147، والصحاح 4/1604، والمجمل 2/700 (فكك) .
3 ديوانه 38. وغلق الرهن: أي استحقه المرتهن، وذلك إذا لم يفتك في الوقت المشروط. الصحاح (غلق) 4/1538.
4 والعامة تقول: "المحلب" بالكسر. ما تلحن فيه العامة 119، وإصلاح المنطق 165، وأدب الكاتب 388، وتقويم اللسان 162، والعين 3/238، والجمهرة 1/284، والصحاح 1/115 (حلب) .

(2/579)


الأفاويه1.
(وهو عرق النسا) 2 بفتح النون، والقصر3، هكذا رواه ثعلب وابن السكيت وغيرهما من أهل اللغة4، أعني بإضافة عرق إلى النسا. وقال ابن السكيت أيضا: وقال الأصمعي: هو النسا، ولا تقل: عرق النسا، كما لا يقال: عرق الأكحل، ولا عرق الأبجل، إنما هو
__________
1 قال أبو حنيفة في كتاب النبات 215: "والمحلب مما قد جرى في كلامهم، ووصف بالطيب، ولم يبلغني أنه ينبت بشيء من أرض العرب". والأفاويه: جمع أفواه. قال أبو حنيفة أيضا 200: "فما الرياحين الريفية والبرية وسائر النبات الطيب الريح، فإن ما ادخر منها وأعد للطيب يسمى الأفواه، والواحد فوه، والأفواه في كلام العرب: الأصناف والأنواع، وإن كان الطيب قد شهر به".
2 والعامة تقول: "عرق النسا" بكسر النون. ابن درستويه (129/ب) ، وخير الكلام 50.
3 وكتب بالياء في المقصور والممدود للفراء 20، وحروف الممدود والمقصور لابن السكيت 99. وفي المصباح (نسو) 6/2508 عن أبي جواز تثنيته على: نسوان ونسيان، وعليه يجوز كتابته بالياء والألف جميعا.
4 إصلاح المنطق 141، 164، ومعاني القرآن للفراء 1/226، والجمهرة 2/1074، والمقاييس 5/422 (نسى) .
وابن السكيت هو: أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، عالم باللغة والأدب، سمع من فصحاء العرب، وأخذ عن الفراء وأبي عمرو الشيباني وغيرهما. من مؤلفاته: إصلاح المنطق، والألفاظ، والأضداد، وشرح عددا من دواوين الشعراء. توفي سنة 244هـ.
طبقات الزبيدي 202، ومراتب النحويين 151، ونزهة الألباء 138، وإنباه الرواة 4/56.

(2/580)


الأكحل والأبجل1. واحتج بقول امرئ القيس2:
فأنشب أظفاره في النسا ... فقلت هبلت ألا تنتصر
ونحو هذا قال أبو إسحاق الزجاج3 وابن درستويه4 وجماعة غيرهما من النحويين5، وقالوا: هذا من خطأ العامة، لأنهم أضافوا العرق إلى النسا، ولا يجوز ذلك، لأن [72/أ] النسا اسم العرق بعينه، فلا تجوز إضافة العرق إلى اسمه، لأنه إضافة الشيء إلى نفسه6.
__________
1 إصلاح المنطق 164، والصحاح (نسا) 2508. ينظر: خلق الإنسان للأصمعي 224، 228، وللحسن بن أحمد 307، والعين 7/304، والمحيط 8/358 (نسو، نسى) .
2 ديوانه 161.
3 في المخاطبة التي جرت بينه وبين ثعلب. ينظر: معجم الأدباء 1/56، والمخصص 2/42، والمزهر 1/204، والأشباه والنظائر 4/125. وقد وقع الزجاج فيما عاب ثعلبا، وذلك حين قال في معاني القرآن وإعرابه 1/443: وقيل في التفسير: إن ذلك الوجع كان عرق النسا".
والزجاج هو: أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، لقب بالزجاج لأنه كان يخرط الزجاج في صباه، من علماء النحو واللغة، أخذ عن المبرد وغيره، وقع بينه وبين ثعلب مناقشات كثيرة. من مؤلفاته: معاني القرآن وإعرابه، والاشتقاق، وفعلت وأفعلت، وشرح أسماء الله الحسنى. توفي ببغداد سنة 311هـ.
مراتب النحويين 113، وطبقات الزبيدي 111، وإنباه الوراة 1/194ن وإشارة التعيين 12، وتاريخ بغداد 6/89.
4 ابن درستويه (129/ب) .
5 التنبيهات 181، والمرزوقي _85/ب) ن والنهاية 5/15.
6 الحق أن قول ثعلب: "عرق النسا" بالإضافة، ليس بخطأ بل هو صحيح، واحتج له بعض العلماء بأن هذا الاستعمال قد ورد في كلام الصحابة والمفسرين، فما كان لثعلب أن يدع لفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ بقول امرئ القيس: "فأنشب أظفاره في النسا"، واحتجوا له أيضا بأنه من باب إضافة الشيء إلى نفسه، لاختلاف اللفظين، كحبل الوريد ونحوه، أو هو ممن باب إضافة العام إلى الخاص، كما أنه قد ورد بالإضافة في الشعر الفصيح، في قول فروة بن مسيك:
لما رأيت ملوك كندة أصبحت كالرجل خاف المسك عرق النسا
ينظر: الرد على الزجاج للجواليقي (1/أ) ، وابن هشام 121، والتدميري (37/أ) ، والأشباه والنظائر 4/127، واللسان (نسا) 15/322، والتاج 10/366. وينظر: تفسير الطبري 4/2-5، والسيرة النبوية 2/582، والمجموع المغيث 3/295، والمخصص 2/42، وسهم الألحاظ 29.

(2/581)


والنسا: عرق في الفخذ، وينحدر إلى الساق، وهما نسيان في الفخذين جميعا، فإذا جمعوا قالوا: أنساء.
(وهي الرحى) 1 بالقصر، وهي معروفة: للتي يطحن بها، وهي مؤنثة2، وتثنيتها رحيان في الرفع، ورحيين في النصب والجر, وجمعها أرحاء3، ولا يقال: أرحية4.
__________
1 والعامة تكسر الراء. إصلاح المنطق 164، وتقويم اللسان 110، وتصحيح التصحيف 282.
2 المذكر والمؤنث للفراء 80ن ولابن الأنباري 1/518، ولابن التستري 77.
3 الكتاب 3/572.
4 لأنه ليس في المقصور ما يجمع على أفعلة، وإنما هذا وزن جمع المدود، مثل بناء وأبنية وفناء وأفنية. وهو من كلام العامة في: تثقيف اللسان 225، ودرة الغواص 74، وتصحيح التصحيف 95، 426. وفي العين 3/289: "والأرحية كأنها جماعة الجماعة". وقال ابن الأنباري في المذكر والمؤنث 1/518: "وربما قالوا: أرحية". وقال ابن دريد في الجمهرة 3/1336: "أجازه النحويون ولم تتكلم به العرب". وفي المحكم 3/337: "والجمع أرح وأرحاء ورحي ورحي وأرحية، الأخيرة نادرة، قال:
ودارت الحرب كدور الأرحية
وكرهها بعضهم". وينظر: الصحاح 6/2353، والقاموس 1660 (رحى) .

(2/582)


(وهو في رخاء العيش) 1 بالمد: أي لين وخصب وسعة.
(وهو الرصاص) 2: معروف، وهو فارسي معرب3، والعرب تسميه الصرفان بفتح الصاد والراء، على مثال الغليان.
(وهو صداق المرأة) 4: لمهرها، ولم يسمع له جمع، وقياسه في القليل أصدقة، وفي الكثير صدق5، مثل قذال وأقذلة وقذل. (وإن
__________
1 في الفصيح 289: "وهم في رخاء". والعامة تقول: "رخاء" بكسر الراء. ابن درستويه (130/أ) ، والزمخشري 240. وينظر: المقصور والممدود للفراء 88، والمخصص 16/24، والعين 4/300، والصحاح 6/2354 (رخو) .
2 والعامة تقوله بكسر الراء. إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، والبصائر والذخائر 3/23، وتقويم اللسان 110، وتصحيح التصحيف 284، والصحاح (رصص) 3/1041. والكسر لغة في: العين 7/84، والمحيط 8/86، والتهذيب 12/111، (رصص) . وقد تقوله العامة بالضم، كما في تثقيف اللسان 147، وهو مثلث الراء في التاج (رصص) 4/397 عن ابن الطيب الفاسي.
3 ابن درستويه (130/ب) . وفي معجم الألفاظ الفارسية المعربة 73: "الرصاص والرزاز: معرب عن أرزيز الذي بمعناهما". وهو عربي صحيح مشتق من رص البناء في الجمهرة 1/121، 2/1007، والمقاييس 2/374، واللسان 7/41 (رصص) .
4 الفتح والكسر لغتان في: والزاهر 1/315، والجمهرة 2/656، والتهذيب 8/356، والمصباح 138 (صدق) . وبالكسر لا غير عن المازني في إعراب القرآن للنحاس 1/435. قلت: من اختار الفتح ذهب به مذهب المصادر، ومن كسر أراد الاسم.
5 ينظر: التكملة لأبي علي 435، والجمهرة 2/656، والمحكم 6/119، والمصباح 128 (صدق) .

(2/583)


شئت صدقة) بفتح الصاد وضم الدال، وجمعها صدقات. ومنه قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة} 1 (وصدقة) 2 بضم الصاد وسكون الدال، وجمعها صدقات.
(وهو الشنف) 3: لما يجعل في أعلى أذن الغلام والجارية من الحلي، وجمعه شنوف4. ويقال لما يعلق في أسفلها، وهو شحمتها القرط.
(وهو الأنف) 5: وهو معروف للإنسان وغيره من الحيوان، وهو آلة الشم، وجمعه في القليل آنف وآناف، وفي الكثير أنوف [72/ب] .
(ويأتيك بالأمر من فصه: أي من مفصله) 6، أي يفصله لك،
__________
1 سورة النساء 4.
2 الأولى لغة حجازية، وبها قرئت الآية، وهذه لغة بني تميم، وبها قرأ قتادة، وفيها لغات وقراءات أخر. ينظر: معاني القرآن للفراء 2/59، وللأخفش 1/226، ومعاني القرآن وإعرابه 2/11، ونوادر أبي مسحل 1/294، والزاهر 1/315، وشواذ القرآن 31، والدر المصون 3/570.
3 والعامة تقوله بكسر الشين. إصلاح المنطق 165، وتقويم اللسان 124، وتصحيح التصحيف 342، وتضمه كما في أدب الكاتب 393، وابن درستويه (131/أ) ، والجمهرة 2/874، والقاموس 1067 (شنف) .
4 وأشناف أيضا. اللسان (شنف) 9/183.
5 والعامة تقول: "الأنف" بضم الهمزة. إصلاح المنطق 164، وتثقيف اللسان 149، وتقويم اللسان 64، وتصحيح التصحيف 133.
6 والعامة تقول: "فص" بكسر الفاء، وهي لغة رديئة. ما تلحن فيه العامة 138، وإصلاح المنطق 162، وأدب الكاتب 389، وتثقيف اللسان 155، وتقويم اللسان 144، وتصحيح التصحيف 406، والصحاح (فصص) 3/1048. والفص مثلثة في: إكمال الإعلام 1/14، ومثلثات البعلي 141، والدرر المبثثة 159، والقاموس (فصص) 807. وعبارة "يأتيك بالأمر من فصه" مثل في أمثال أبي عكرمة 61، والفاخر 285، والزاهر 1/322، ومجمع الأمثال 3/527.

(2/584)


ولا يجمله، ومعناه: من موضعه الذي ينبغي.
(وهو فص الخاتم) 1: معروف، والجمع فصوص2.
(وهو خصم الرجل) 3: الذي يخاصمه.
(وهو ثدي المرأة) 4: وجمعه في القليل أثد، وفي الكثير الثدي5، وهو معروف لما يكون فيه لبنها من صدرها، وهو كالضرع من الشاة6، وهما ثديان.
__________
1 الصادر السابقة.
2 فيهما.
3 والعامة تقول: "خصم" بكسر الخاء. ما تلحن فيه العامة 108، وإصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388. وللكسر وجه عند ابن درستويه (131/ب) ، وهو ألا يجعل مصدرا، ولكن يكون بمعنى مخاصم وخصيم، كما يقال خدن في معنى مخادن وخدين، وخل في معنى مخالل وخليل. وهو أقيس من تصيير المصدر صفة.
4 والعامة تقوله بكسر الثاء. إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (131/ب) .
5 أثد على أفعل، قلبت الضمة كسرة، فانقلبت الواو ياء. والثدي على فعول قلبت الواو ياء لسكونها قبل الياء، ثم أدغمت إحدى الياءين في الأخرى. ينظر: خلق الإنسان لثابت 249ن والمصباح (ثدى) 31.
6 الفرق لقطرب 52، وللأصمعي 67، 68.

(2/585)


(وخاصمت فلانا، فكان ضلعك علي: أي ميلك) 1 وجورك.
(وجئ به من حسك وبسك) 2: أي من حيث شئت. وفي نسخة أبي سعيد السيرافي: (أي من حركتك وسكونك) . وقيل في تفسيرهما: أي من حيث كان ولم يكن3. أي اجتهد فيه وفي تحصيله، ولا يثنيان ولا يجمعان، لأنهما مصدران.
(وثوب معافري) 4 بتشديد الياء: وهو منسوب إلى معافر5، وهو موضع6. وقيل: قبيلة من اليمن7. وقال الجبان: هو اسم رجل
__________
1 والعامة تقول: "ضلعك" بكسر الضاد، وهو خطأ، لأن الضلع بالكسر اسم العظم من الإنسان. ما تلحن فيه العامة 131، وإصلاح المنطق 165، وأدب الكاتب 389.
2 والعامة تكسر أولهما. ابن درستويه (132/أ) . والفتح والكسر لغتان في الصحاح 3/909، والمحكم 2/347، ومثلثان في القاموس 686 (بسس) .
وهذه الجملة مثل. ينظر: الأمثال لأبي عبيد 232، والزاهر 1/331، والمستقصى 2/36، ومجمع الأمثال 1/304.
3 القول للأصمعي في الزاهر 1/331، والتهذيب 3/407، ومن غير نسبة في المحكم 2/347 (حسس) .
4 والعامة تقوله بضم الميم. إصلاح المنطق 162، وأدب الكاتب 393، وابن درستويه (132/أ) ، والمحكم 2/85، والمصباح 159 (عفر) .
5 في الجمهرة 2/766: "قال الأصمعي: يقال: ثوب معافر، غير منسوب، فمن نسب فهو خطأ. قال أبو بكر: وقد جاء في الرجز الفصيح منسوبا".
6 في اليمن. ينظر: الجمهرة 2/766، ومعجم ما استعجم 2/1241.
7 تنسب إلى معافر بن جعفر بن مالك بن الحارث، وينتهي إلى كهلان بن سبأ. ينظر: جمهرة النسب 191، ومعجم ما استعجم 2/1241، ومعجم البلدان 5/153. وينظر في جواز النسب إلى لفظ الجمع إذا سمي به: الكتاب 3/379ن والمقتضب 3/150ن والارتشاف 1/289.بقل

(2/586)


سمي بلفظ الجمع1.
(وهي الأسنان) 2 لجمع سن للإنسان وغيره، وهي معروفة في الفم، وعدتها في الإنسان اثنتان وثلاثون سنا، فمنها أربع ثنايا، وهن المقدمات الوسط من علو وسفل، ثنتان3 من علو تحت وترة الأنف، وثنتان من سفل. ووترة الأنف بفتح الواو والتاء: هي الحاجزة بين المنخرين. والمنخران: هما ثقبا الأنف ومخرج النفس. وتلي الثنايا أربع رباعيات، وتليها أربعة أنياب، وتليها أربعة [73/أ] ضواحك، وتليها ست عشرة رحى، فمن الأسنان أربع عشرة سنا من أحد جانبي الفم سبع من علو وسبع من سفل، وكذلك من الجانب الآخر والثنايا الأربع وسطهن، فصارت جملة الأسنان اثنتين وثلاثين سنا4.
(وهي اليسار: لليد) 5 الشمال، وكذلك اليسار6: من الغنى.
__________
1 الجبان 199.
2 والعامة تقول: "الإسنان" بكسر الهمزة. ابن درستويه (132/ب) ، وابن الجبان 199، والزمخشري 248.
3 ش: "اثنتان".
4 قارن: خلق الإنسان للأصمعي 191، ولثابت 165، وفقه اللغة للثعالبي 109، والمخصص 1/146.
5 والعامة تقول فيهما: "اليسار" بكسر الياء. إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (132/ب) ، وتقويم اللسان 188، وتصحيح التصحيف 557، والصحاح (يسر) 2/858. وفي الجمهرة 2/725: "وقال بعض أهل اللغة: اليسار بكسر الياء، شيهوه بالشمال، إذ ليس في كلامهم كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار" وينظر: ديوان الأدب 3/233، 243، وليس في كلام العرب 84، والاقتضاب 2/200، وبغية الآمال 99، والمصباح 621، والقاموس 643 (يسر) .
6 والعامة تقول فيهما: "اليسار" بكسر الياء. إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (132/ب) ، وتقويم اللسان 188، وتصحيح التصحيف 557، والصحاح (يسر) 2/858. وفي الجمهرة 2/725: "وقال بعض أهل اللغة: اليسار بكسر الياء، شيهوه بالشمال، إذ ليس في كلامهم كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار" وينظر: ديوان الأدب 3/233، 243، وليس في كلام العرب 84، والاقتضاب 2/200، وبغية الآمال 99، والمصباح 621، والقاموس 643 (يسر) .

(2/587)


(وهو السميدع) : للسيد السخي، (ولا تضمن السين) 1، وجمعه سمادع. وقال النضر بن شميل2: وهو السمح الشجاع السيد3 الضرب من الرجال4.
(وهو الجدي) 5: للذكر من أولاد المعز خاصة، من أول ما تضعه أمه إلى أن يستكمل الحول. ويقال للأنثى: عناق، فإذا أتى عليهما حول فالذكر تيس والأنثى عنز6.
(وثلاثة أجد) 7، وكذلك إلى العشرة، وهذا هو الجمع القليل،
__________
1 والعامة تضمه. ابن درستويه (132/ب) ، وتثقيف اللسان 146، وتقويم اللسان 118، وتصحيح التصحيف 318، والجمهرة 2/1188، والصحاح 3/1233، والقاموس 942 (سمدع) .
2 لم أقف على هذا القول، وفي التهذيب 3/340، والتكملة 4/283: "وقال النضر: الذئب يقال له: سميدع لسرعته، والرجل السريع في حوائجه سميدع". وفي اشتقاق الأسماء للأصمعي 83: "السميدع: السيد السهل الموطأ الأكناف". وعنه في الكامل 1/6، قال: "وتأويل الأكناف: الجوانب".
3 ش: "الشديد".
4 الضرب من الرجال: الحائز على مناقب جمة، الماضي في أموره، والقليل اللحم. ديوان الأدب 1/95. والأساس 268، والقاموس 138 (ضرب) .
5 والعامة تقول بكسر الجيم. ما تلحن فيه العامة 131، وإصلاح المنطق 163، 174، وأدب الكاتب 388، وتقويم اللسان 226، وتصحيح التصحيف 210.
6 قارن الفرق للأصمعي 91، والشاء له 7، والغريب المصنف (173/أ) ، والفرق الثابت 77، والمخصص 7/186.
7 وتجمعه العامة على: الجديان، والجدايا، والجدا، والجداء، بفتح الجيم والمد والقصر، وكل ذلك خطأ. المصادر السابقة، التعليق رقم 5.

(2/588)


فإذا زاد على العشرة، فهو جمع كثير، تقول فيه: (الجداء) بكسر الجيم والمد.
(وكذلك ثلاثة أظب، وثلاثة أجر) ، وكذلك إلى العشرة، (والكثير الظباء والجراء) . وواحد الظباء ظبي، وهو الغزال، وواحد الجراء جرو، وهو ولد الكلب والسباع. وليس الظبي والجرو من هذا الباب، ولا تغلط فيهما العامة1، وإنما ذكرهما ثعلب – رحمه الله – هاهنا، لأن جمعهما في القلة والكثرة كجمع الجدي2.
(وهو الكتان) 3: لنبت معروف4، تعمل من لحائه الثياب الدبيقية5 والقصب6 وغيرهما. [73/ب] وقال ابن مقبل7:
__________
1 وقد تنطق العامة الجر وبالفتح أو الضم، كما سيأتي في باب المكسور أوله ص 622.
2 ينظر: المنصف 2/435.
3 والعامة تقوله بكسر الكاف. ما تلحن فيه العامة 135، وإصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وتقويم اللسان 154، وتصحيح التصحيف 436. والكسر لغة في ابن هشام 123، والزمخشري 251، والتاج (كتن) 9/318.
4 نبات معمر، منتصب الساق، طوله نحو ذراع، أوراقه خضراء رقيقة مسننة دقيقة، وأزهاره زرقاء فاتحة، وثماره بنية اللون. ينظر: النبات لأبي حنيفة 255، ومعجم الأعشاب والنباتات 283.
5 نسبة إلى دبيق، بلدة بمصر. معجم البلدان 2/437، واللسان (دبق) 10/95.
6 وهي ثياب رقاق ناعمة. اللسان (قصب) 1/677.
7 ديوانه 229. قال الأزهري: "أسفن: يعني الإبل، أي آشممن مشافرهن كتان الماء، وهو طحلبه ... فأمررنه: أي شربنه من المرور، مستدرا: أي أنه استدار إلى حلوقها فجرى فيها، وقوله: فجالا، أي جال إليها" التهذيب (كتن) 10/140.
وابن مقبل هو: كعب تميم بن أبي بن مقبل بن عوف، من بني كعب بن عامر بن صعصعة. شاعر جاهلي مخضرم، أدرك الإسلام فأسلم، لكنه كان كثير الحنين إلى الجاهلية، عده ابن سلام في الطبقة الخامسة من فحول شعراء الجاهلية، عمر طويلا، وتوفي سنة 37 هـ. طبقات فحول الشعراء 1/143، 150، والشعر والشعراء 1/366، والإصابة 1/189.

(2/589)


أسفن المشافر كتانه ... فأمررنه مستدرا فجالا
(ورمح خطي، ورماح خطية) 1 بتشديد الطاء والياء: وهو منسوب إلى الخط، وهي إحدى مدينتي البحرين، يقال لإحداهما: الخط2، والأخرى: هجر3. والرماح4 تنبت في بلاد الهند، فيجاء بها في السفن إلى الخط، فتقوم وتصلح بها، ثم تفرق منها في البلاد، فنسبت إليها.
__________
1 والعامة تقولهما بكسر الخاء. ابن درستويه (133/أ) ، وتثقيف اللسان 221. وفي العين (خطط) 4/136: "يقال: رماح خطية، فإذا جعلت النسبة اسما لازما، قلت: خطية". وزاد في التهذيب 6/557: "ولم تذكر الرماح".
2 قال الأزهري في التهذيب (خطط) 6/557: "ومن قرى القطيف: القطيف، والعقير، وقطر". وفي معجم ما استعجم 1/503: "الخط: ساحل ما بين عمان إلى البصرة، ومن كاظمة إلى الشحر".
3 ذكر ياقوت أن "هجر" تطلق على ناحية البحرين كلها، وذكر غيره أنها مدينة البحرين وقاعدتها. معجم البلدان 5/393، ومعجم ما استعجم 2/1346، والروض المعطار 592.
4 أي قصب الرماح، وهو القنا.

(2/590)


(وما أكلت أكالا) : أي شيئا يؤكل، ولا يستعمل إلا مع النفي1.
(ولا ذقت غماضا) 2: أي نوما قليلا، ولا يقال ذلك إلا في النفي3 أيضا.
(وما جعلت في عيني حثاثا) : أي نوم قليلا (بكسر الحاء عن الفراء 4، وقال غيره: هو مفتوح) 5 ولا يستعمل إلا بحرف النفي أيضا6.
والذوق: أصله تطعم الشيء باللسان، ليعرف الحلو من غيره، وقد يكون بغير اللسان أيضا. ومنه قوله تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} 7، وقال: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} 8. وقد يكون الذوق بمعنى الأكل أيضا، تقول: ما ذقت شيئا، أي ما
__________
1 إصلاح المنطق 390.
2 وغماضا بالكسر، وغمضا. الصحاح (غمض) 3/1096.
3 عبارة: "ولاذقت غماضا ... النفي" ساقطة من ش.
4 وعن الأصمعي في ديوان الأدب 3/89، والصحاح (حثث) 1/278.
والفراء هو: أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي، من أعلم الكوفيين بالنحو واللغة بعد الكسائي. من مؤلفاته: معاني القرآن، والمذكر والمؤنث، والأيام والليالي والشهور. توفي سنة 207هـ.
المعارف 545، وطبقات الزبيدي 131، وبغية الوعاة 2/333، ومراتب النحويين 139.
5 قال أبو عبيد: والفتح أصح. الصحاح (حثث) 1/278. وينظر: مجالس ثعلب 2/455، وديوان الأدب 3/62، والمحكم (حثث) 2/361.
6 إصلاح المنطق 388.
7 سورة الأنفال 50، والحج 22. وفي الأصل، ش: "وذوقوا عذاب السعير".
8 سورة الدخان 49.

(2/591)


أكلت شيئا1.
(وهو الجورب والكوسج) 2، وجمعهما جوارب وكواسج، وجواربة وكواسجة. فالجورب: معروف لما يعمل من قطن أو صوف بالإبرة، أو يخاط من خرق كهيئة الخف، فيلبس في الرجل، وأصله فارسي3، والعرب تضرب به المثل في النتن4. وأنشد الأصمعي [74/أ] :
أثني علي بما علمت فإنني
أثني عليك بمثل ريح الجورب5
وأما الكوسج: فهو أيضا فارسي معرب6، وهو بالفارسية "كوسه"7 بضم الكاف، وهو الرجل السناط بكسر السين: وهو الصغير
__________
1 ينظر: التهذيب 9/263، والنهاية 2/172، وعمدة الحفاظ 188 (ذوق) .
2 والعامة تضم أولهما. ما تلحن فيه العامة 122، وإصلاح المنطق 162، وأدب الكاتب 393، وتثقيف اللسان 129، 152، وتقويم اللسان 90، 154، والتكملة للجواليقي 51، وتصحيح التصحيف 212، 217، 446.
3 الجمهرة 2/1175، والمعرب 7، 8، 101، 283، وشفاء الغليل 207.
قال عبد الرحيم في المعرب 243: "هو بالكاف الفارسية (
gorab) بضمة غير مشبعة، وكوارب لغة فيه".
4 يقولون: "أنتن من ريح الجورب". جمهرة الأمثال 2/250، ومجمع الأمثال 3/409، والمستقصى 1/381.
5 البيت بلا نسبة في: ثمار القلوب 607، وتثقيف اللسان 129ن وجمهرة الأمثال 2/250، ومجمع الأمثال 3/409، ومداخل اللغة 64، وتصحيح التصحيف 212، وما يعول عليه (249/ب) .
6 الجمهرة 2/1178، والمعرب 283، وشفاء الغليل 440.
7 وفي الكتاب 4/305 الكوسج: معرب كوسه أو كوسق. وينظر: المعرب 541 (ت/عبد الرحيم) ، والألفاظ الفارسية المعربة 140.

(2/592)


اللحية، القليل شعر العارضين1.
(وبالصبي لوى) 2 بالقصر: وهو جمع يصيب الإنسان في جوفه أو سرته أو معدته من أكل طعام ضار. وهو مصدر، والفعل منه لوي يلوى بكسر الواو في الماضي وفتحها في المستقبل.
(وهو الفقر) 3: لضد الغنى، وهو الاحتياج. والغنى: زوال الحاجة عن الإنسان.
(ومنه تقول: هذا طعام له نزل) 4 بفتح النون والزاي: أي بركة وزيادة في الزرع والطحن5. والطعام نفسه نزل بكسر الزاي. والطعام هاهنا: الحنطة وأشباهها مما يزرع ويطحن.
__________
1 في الجمهرة 2/1178: "وقال الأصمعي: الكوسج: الناقص الأسنان" وينظر: الصحاح (كسج) 1/337، (ثطط) 3/1117.
2 والعامة تقوله بكسر اللام. الزمخشري 253، وابن ناقيا 1/181. وينظر: الجمهرة 1/246.
3 والعامة تقوله بضم الفاء. ابن درستويه (134/ب) ، وابن ناقيا 1/181. وهي لغة رديئة في العين 5/150، والتهذيب 9/113، والمحيط 5/400. والفتح والضم لغتان – من غير تحديد مستواهما – في معاني القرآن للأخفش 1/185، والصحاح (فقر) 2/782.
4 والعامة تقول: "نزل" بضم النون وإسكان الزاي. ابن درستويه (134/أ) ، وابن ناقيا 1/182. وهي لغة في العين 7/367، والتهذيب 13/210ن وديوان الأدب 1/158، والصحاح 5/1828، والمصباح 229ن والقاموس 1372 (نزل) . ومنعها ابن دريد في الجمهرة 2/827.
5 "والطحن" ساقطة من ش.

(2/593)


(وهو أبين من فلق الصبح، وفرق الصبح) 1 أيضا، بمعنى واحد: وهو انشقاقه وأوله وبياضه. والصبح: أول النهار. قال أبو سهل: وليس هذان الفصلان مما تغلط العامة في أولهما.
(وهو الشمع، والشعر، والنهر، وإن شئت أسكنت ثانيه) 2. قال أبو سهل: وهذه أيضا مما لا تلحن العامة في أولها.
فأما الشمع: فمعروف للذي يصطبح به، وهو الذي تجمعه النحل وتجعل فيه عسلها. والعسل تجمعه النحل [74/ب] من زهر النبات والشجر. وأما الشمع فلا يعلم من أي شيء تأخذه، هكذا قال العلماء بالنحل3. والله أعلم.
__________
1 إصلاح المنطق 45، 162. وفلق لغة أهل الحجاز، وفرق لغة بني تميم. نوادر أبي مسحل 1/11، والإبدال والمعاقبة 76، والإبدال لأبي الطيب 2/66. وهذه الجملة مثل سائر. ينظر: الدرة الفاخرة 1/75ن 93، وجمهرة الأمثال 1/205، ومجمع الأمثال 1/208، والمستقصى 1/32.
2 والإسكان لغة فصيحة. إصلاح المنطق 97، 172، وأدب الكاتب 422، 527، وفيهما عن الفراء أن لغة فصحاء العرب "الشمع" بالتحريك، والمولدون يقولونه بسكين الميم. قال ابن سيده: "وقد غلط، لأن الشمع، والشمع لغتان فصيحتان" المحكم (شمع) 1/239. وذكر ابن درستويه (134/ب) أن العامة تسكن ثاني هذا كله، فوافقت بذلك إحدى اللغتين.
3 النبات لأبي حنيفة 282، قال: "وقد يظن قوم أنه شيء يكون لاصقا ببطون الأنوار، كالغبار فيه لزوجة، وقد وجدنا هذه الصفة في الأنوار، فيرون أن النحل تحت ذلك بأعضادها". والآن يقال: إن النحلة "تنتج ... الشمع على الوجه السفلي من بطنها (أي تفرزه) ثم تقوم بكشطه بأرجلها، فتمضغه ليصبح لينا مطواعا قابلا لتشكيل الخلايا المسدسة الشكل". الاستشفاء بالعسل 36.

(2/594)


وأما الشعر: فمعروف، وهو للناس ولذوات الحافر، والبقر والمعز والخنزير، والكلب، وغير ذلك من السباع.
وأما النهر: فمعروف، وهو الفرجة في الأرض يجري فيها الماء.
وتقول في جمع المفتوح الثاني من هذه: أشماع، وأشعار وأنهار. وفي جمع المسكن: شموع وشعور ونهر بضم النون والهاء، وقياس الساكن في جمع القلة أشمع وأشعر وأنهر.
(وقد دخل هذا في القبض) 1 بفتح الباء: أي فيما أخذ من المال، والجمع أقباض.
(والنفض) 2 بفتح الفاء: اسم للورق والثمر المنفوض من الشجر والجمع أنفاض. فإن سكنت الباء والفاء منهما كانا مصدرين3، تقول: قبضت المال وغيره أقبضه قبضا: إذا أخذته, ونفضت الشجرة أنفضها نفضا: إذا ضربتها بعصا ليسقط ورقها، أو حركتها ليسقط ثمرها. وهذان الفصلان مما لا تغلط العامة في أولهما أيضا.
(وهو قليل الدخل) 4 بفتح الدال والخاء: أي الفساد والريبة والخيانة والعيب والداء وأشباهها. وقال الجبان: يعنون ما يدخل له من
__________
1 إصلاح المنطق 329، وأدب الكاتب 315، 321، والصحاح (قبض) 3/1100، (نفض) 3/1109.
2 إصلاح المنطق 329، وأدب الكاتب 315، 321، والصحاح (قبض) 3/1100، (نفض) 3/1109.
3 عبارة الفصيح 291، والتلويح 45: "والمصدر ساكن: القبض والنفض".
4 العين 4/230، والصحاح 4/1696، والمحكم 5/86، 87 (دخل) .

(2/595)


غلة، قال: وكان القياس الدخل بسكون الخاء1، كالخرج الذي هو نقيضه [75/أ] ومقابله، لكن السماع أولى من القياس. قال: وجمع الدخل أدخال2. قال أبو سهل: وهذا أيضا مما لا تغلط العامة في أوله.
(ولا أكلمك إلى عشر من ذي قبل) 3 بفتح القاف والباء، ومعناه الاستئناف والاستقبال: أي لا أكلمك إلى عشر ليال من زمان ذي استقبال.
(وهي طرسوس، وهو قربوس السرج) . قال أبو سهل: وهذان الفصلان مما لا تغلط العامة في أولهما أيضا، لكنهم يسكنون الراء منهما4.
فأما طرسوس: فهي اسم مدينة معروفة من مدن الروم5.
__________
1في المصادر السابقة التحريك والتسكين لغتان.
2 الجبان 203.
3 والعامة تقول: "ذي قبل" بكسر القاف. إصلاح المنطق 164، وأدب الكاتب 316، وابن درستويه (135/أ) ، والمرزوقي (91/أ) ، وينظر: الصحاح 5/1796، والمصباح 186 (قبل) .
4 ما تلحن فيه العامة 111، 112، وإصلاح المنطق 173، وأدب الكاتب 429، وليس في كلام العرب 253، وتقويم اللسان 133، 148، والجمهرة 3/1240. وفي ما تلحن فيه العامة: "قال أبو زيد الأنصاري: عقيل وعامر يقولون: طرسوس بضم الطاء وإسكان الراء". وهكذا حكى أبو حاتم عن الأصمعي، قال: ولا يجوز فتح الطاء وإسكان الراء. معجم ما استعجم 2/890.
5 قال ياقوت: "وهي مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم". معجم البلدان 4/28.

(2/596)


وأما قربوس السرج1: فهو مقدمه الشاخص بين يدي الراكب. قال ابن مقبل2:
قربوس السرج من حاركه
بتليل كالهجين المحتزم
الحارك من الفرس: أعلى كتفيه ومغرز عنقه فيهما. والتليل: العنق. والهجين من الناس: الذي أبوه عربي وأمه أمة. فشبه انتصاب القربوس على حاركه بعبد محتزم، وهو الذي قد احتزم بثوبه، وانتصب متهيئا لأمره.
(وتقول: العربون) 3 بفتح العين والراء، (والعربان) بضم العين وسكون الراء، (في قول الفراء4، وقد يخالف فيه) . وهما اسمان لما يسلف ويقدم للصانع من أجرة ما يصنعه، أو يقدم للبائع من جملة ثمن المبيع حتى لا يبيعه من غير هذا [75/ب] المسلف المقدم. وجمعهما العرابين والعربونات والعربانات.
وأما قوله: "وقد يخالف فيه"، فإن غير الفراء يقول: عربون5
__________
1 ذكر عبد الرحيم في المعرب 74 أنه معرب عن اليوناني "كربس"، ثم نقل إلى قرابيس، ثم اشتق منه قربوس.
2 ليس في ديوانه، ولم أقف عليه في مصدر آخر.
3 والعامة تقول: "العربون" بفتح العين وإسكان الراء، وتقول: "الربون". إصلاح المنطق 307، وأدب الكاتب 407، 574، وتثقيف اللسان 271، وتقويم اللسان 73، وتصحيح التصحيف 380، والجمهرة 2/1195، 3/1238، والصحاح (عربن) 6/2164.
4 قوله في المعرب 232ن والتهذيب 2/365، والمغرب 2/51 (عرب) .
5 هذه لغة ثالثة، وفيها أيضا لغات أخر هي: أرَبون، وأرْبون، وأربان. المصادر السابقة في التعليق رقم 3.

(2/597)


بضم العين وسكون الراء، وجمعه عرابين أيضا، كعصفور وعصافير، وعربونات. وهذه الكلمة فارسية، وأصلها "أربون"1 بفتح الهمزة والراء، وبعضهم يحذف الهمزة من أولها. وليس هذان الفصلان مما تغلط العامة في أولهما2.
وكذلك (وهي الجبروت) 3 بفتح الجيم والباء، على وزن فعلوت: وهي التجبر والكبر. لا تغلط العامة في أوله أيضا.
وكذلك قوله: (وقوم فيهم جبرية) بفتح الباء: (أي كبر. وقوم جبرية) بسكون الباء. (خلاف القدرية) بفتح الدال. ليس تغلط العامة في أولهما أيضا.
والجبرية بسكون الباء: اسم محدث4، وهو يقع على من قال: إن الله تعالى أجبر العباد على المعاصي والطاعات، أي ألزمهم إياها وأكرههم على فعلها5.
وأما القدرية: فهم الذين ينكرون أن الله تعالى قدر على العباد الطاعات المعاصي والأعمال، وإنهم هم الذين قدروها وفعلوها، كما
__________
1 المعرب 19، 232، وشفاء الغليل 356. قال عبد الرحيم: "هو يوناني، وأصله أربون، ثم خففت الراء فأصبح أربون" المعرب (بتحقيقه) 456.
2 لاحظ التعليق رقم 3.
3 في الفصيح 291: "وهو". والعامة تقول: "جبرؤت" بالهمز، وذلك خطأ. تثقيف اللسان 186، وتصحيح التصحيف 206.
4 أي مولد. شفاء الغليل 191. وينظر: الصحاح (جبر) 2/608.
5 ينظر قول الفرقتين في: الملل والنحل 1/85، 87، ومقالات الإسلاميين 1/148، وعقائد الثلاث والسبعين فرقة 1/325، 353.

(2/598)


أحبوا، فأضافوا القدر إلى أنفسهم، فنسبوا إليه1.
وتقول: (هي فلكة المغزل) 2 بفتح الفاء وسكون اللام: للمستديرة التي تجعل على رأسه من خشب أو عظم لتثقله، وجمعها فلك3 [76/أ] وفلكات بالفتح أيضا.
(وهي ترقوة الإنسان) 4 بفتح التاء وسكون الراء وضم القاف: للعظم المشرف في أعلى الصدر، وهما ترقوتان بينهما هزمة، وهي ثغرة النحر. والجمع التراقي5.
(و) مثلها في الوزن (عرقوة الدلو) 6: وهي الخشبة المعروضة
__________
1 ينظر قول الفرقتين في: الملل والنحل 1/85، 87، ومقالات الإسلاميين 1/148، وعقائد الثلاث والسبعين فرقة 1/325، 353.
2 والعامة تقول: "فلكة" بكسر الكاف. إصلاح المنطق 165، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (136/أ) ، وتقويم اللسان 144. وحكى يونس أنها لغة حجازية. الاقتضاب 2/200 وينظر: التكملة 5/230، والقاموس 1228 (فلك) .
3 وفلك بكسر الفاء. الجمهرة (فلك) 2/969. وفلك اسم للجمع عند سيبويه وليس بجمع فلكة، لأن فعلا ليس مما يكسر على فعلة. الكتاب 3/625، وينظر: التكملة لأبي علي 456، والمحكم (فلك) 7/33.
4 والعامة تقول: "ترقوة" بضم التاء. إصلاح المنطق 165، وأدب الكاتب 393، وابن درستويه (136/أ) ، وتقويم اللسان 86، وتصحيح التصحيف 181. وتقول أيضا: "تركوة" بالكاف. لحن العامة 122، وتثقيف اللسان 109، وتصحيح التصحيف 181.
5 خلق الإنسان للأصمعي 215، ولثابت 245، وللحسن بن أحمد 78.
6 والعامة تقول: "عرقوة" بضم العين. إصلاح المنطق 165، وأدب الكاتب 393، وابن درستويه (136/أ) ، والصحاح (عرق) 4/1526.

(2/599)


على الدلو، وهي الصليب نفسه. والجمع العراقي1.
(وقرأت سورة السجدة) 2 بفتح السين: وهي السورة التي بين سورة الأحزاب وسورة لقمان، فإذا قرأ القارئ منها، أو سمع السامع من يقرأ قوله تعالى: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} 3 فإنه يسجد هاهنا4. والسجدة: المرة الواحدة من السجود، وجمعها سجدات بفتح الجيم، كالضربة والضربات. وكذلك كل ما كان على "فعلة" بفتح الفاء وسكون العين، إذا جمعتها بالألف والتاء، فإنك تفتح العين منها كالبكرة والبكرات، إلا أن تكون وصفا، أو تكون معتلة العين، فإنك تتركها على حال السكون، فتقول في جمع جوزة: جوزات5، وفي جمع خدلة: خدلات6 بسكون الواو والدال.
(وهي الجفنة) 7 بفتح الجيم: للقصعة العظيمة من الحشب،
__________
1 وعرق أيضا. المحكم (عرق) 1/112.
2 والعامة تقول: "السجدة" بكسر السين. أدب الكاتب 388. قال ابن درستويه (136/ب) : "وليس ذلك بخطأ، فمن فتح ذهب إلى المرة الواحدة من السجود، ومن كسرها ذهب إلى نوع من السجود".
3 من قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} السجدة 15.
4 زاد في التلويح 46: "سجدة واحدة".
5 ولغة هذيل "جوزات" بالفتح. الكتاب 3/600.
6 وخدال أيضا. الكتاب 3/578، 627ن والمقتضب 2/188. والخدلة: المرأة الغليظة الساق المستديرتها. اللسان (خدل) 11/201.
7 والعامة تقولها بكسر الجيم. إصلاح المنطق 160، وابن درستويه (137/أ) ، وتثقيف اللسان 145.

(2/600)


وجمعها جفنات بفتح الفاء، وجفان أيضا1.
(وهي ألية الكبش) بفتح الهمزة وسكون اللام: لذنبه، (وتجمع أليات) 2 بفتح اللام. (وكبش أليان) بفتح اللام: أي عظيم الألية، ونعجة أليانة بالفتح أيضا، والجميع كباش ألي، على مثال [76/ب] عمي، ونعاج أليانات بفتح اللام.
(ورجل آلى) 3، على مثال عالى: أي عظيم الألية، وهي عجزه. وقوم ألي بضم الهمزة وسكون اللام أيضا، على مثال عمي.
(وامرأة عجزاء) 4 بالمد، (كذلك كلام العرب، والقياس ألياء) 5 مثل أعمى وعمياء.
وأكثر العامة يحذفون الهمزة من الألية، ويكسرون اللام، ويشددون الياء، فيقولون: لية6، والمتفاصحون منهم يثبتون الهمزة في أولها، كما تقول العرب، لكنهم يكسرونها7.
__________
1 الكتاب 3/578، والمقتضب 2/188، والصحاح (جفن) 5/2092.
2 الغريب المصنف (2/ب) .
3 خلق الإنسان لثابت 305، وللزجاج 59
4 خلق الإنسان لثابت 305، وللزجاج 59
5 وحكى أبو عبيد في الغريب المصنف (7/أ) ، عن اليزيدي "امرأة ألياء". وينظر: خلق الإنسان للحسن بن أحمد 64، والصحاح 6/2271، واللسان 14/43 (ألا) .
6 إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (137/أ) . وينظر: التهذيب 15/433، والصحاح 6/2271 (ألا) .
7 إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (137/أ) . وينظر: التهذيب 15/433، والصحاح 6/2271 (ألا) .

(2/601)


(والحرب خدعة) 1 بفتح الخاء وسكون الدال: (هذه أفصح اللغات، وذكر2 أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم) 3 ومعناه: أن من خدع في الحرب مرة واحدة عطب وهلك، ولا عودة له. وهي فعلة4 من الخدع، والخدع: الختل، وأن تظهر خلاف ما تخفي. وقال الجبان: خدعة فعلة من الخداع، كالقومة من القيام، والمراد أن الحرب يكفى الإنسان أمرها بخدعة واحدة يأتيها5. والجمع خدعات بفتح الدال.
(وهي الأنملة) 6 بفتح الهمزة وضم الميم: (لواحدة الأنامل) .
__________
1 حديث شريف أخرجه البخاري في (كتاب الجهاد، باب الحرب خدعة – 3030) ، ومسلم في (كتاب الجهاد والسير، باب جواز الخدع في الحرب – 1739، 1740) .
2 في الفصيح 292، والتلويح 46: "وذكر لي".
3 في المحكم (خدع) 1/71: "قال ثعلب: ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم خدعة، فمن قال: خدعة، فمعناه: من خدع فيها خدعة، فزلت قدمه وعطب، فليس له إقالة. ومن قال: خدعة، أراد وهي تخدع، كما يقال: رجل لعنة، يلعن كثيرا، وإذا خدع أحد الفريقين صاحبه في الحرب، فكأنما خدعت هي. ومن قال: خدعة، أراد أنها تخدع أهلها". ونحو هذا عن ثعلب أيضا في المغرب (خدع) 1/247، لكنه قال: "وأما الخدعة فلأنها تخدع أصحابها، لكثرة وقوع الخداع فيها، وهي أجود معنى، والأولى أفصح، لأنها لغة النبي عليه السلام". ينظر: غريب الحديث للخطابي 2/166، وفتح الباري 6/158، وشرح صحيح مسلم للنووي 12/45، والتهذيب 1/158، وتهذيب الأسماء واللغات 3/88 (خدع) .
4 ومثلثة في أدب الكاتب 572، والدرر المبثثة 102.
5 الجبان 207.
6 والعامة تضم الهمزة. أدب الكاتب 393. وأنكر ابن السيد في الاقتضاب 2/209 على ابن قتيبة إدخاله "الانملة" بالضم في لحن العامة، لأن فيها تسع لغات بتثليث الهمزة مع الميم، أفصحها جميعا فتح الهمزة والميم. وينظر: المثلث لابن السيد 1/304،وإكمال الإعلام 1/29، ومثلثات البعلي 163، والدرر المبثثة 74. وفي التاج (نمل) 8/147: "وزاد بعضهم أنمولة بالواو، كما في نوادر النبراس، فهي عشرة" أي عشر لغات.

(2/602)


هكذا في نسختي التي قرأتها ورويتها عن شيوخي – ر حمة الله عليهم ورضوانه – وهكذا رأيته أيضا مشكولا في نسخ عدة. ورأيت في نسخ أخر لم أسمعها: (وهي الأنملة، وقد تجوز بالضم) 1، أعني بفتح الهمزة وضم الميم. ورأيت في نسخ أخر لم أسمعها أيضا: (وهي الأنملة، وقد تجوز بالضم) ، أعني [77/أ] بفتح الهمزة والميم جميعا. وأكثر أهل اللغة على فتح الهمزة وضم الميم2. والأنملة: هي المفصل الأعلى الذي فيه الظفر من إصبع اليد3. وقال الجبان: الأنملة: لحم طرف الإصبع4. ورويت عنه بفتح الهمزة والميم5.
قال أبو سهل: ويقال للمفصل الذي دون الأنملة من كل إصبع من أصابع اليدين: الراجبة، وجمعها رواجب. ويقال للمفصل الذي دون
__________
1 هذه الرواية في الفصيح 292، وابن درستويه (138/أ) .
2 العين 8/330، والتهذيب 15/366، والمحيط 10/329، والمجمل 2/886 (نمل) .
3 خلق الإنسان للأصمعي 208، ولثابت 227.
4 ابن الجبان 207.وينظر: ديوان الأدب 1/272، والصحاح (نمل) 5/1836.
5 الفقرة في ش من قوله: "وهي الأنملة ... (إلى) والميم" فيها سقط وتحريف، وتقديم وتأخير.

(2/603)


الراجبة البرجمة بالضم، وجمعها براجم. وفي هذه الأشياء اختلاف بين أهل اللغة1 تركت ذكرها خوف الإطالة.
وقال أبو العباس – رحمه الله -: (وموضع يقال له: أسنمة) . كذا روي لنا عنه بفتح الهمزة وضم النون2، وهو قريب من فلج3 على تسع ليال من البصرة. قال ربيعة بن مقروم الضبي4:
__________
1 ينظر: خلق الإنسان للأصمعي 208، ولثابت 230، وللحسن بن أحمد 72، 139، ولابن حبيب 273، وللزجاج 50، والغريب المصنف (3/ب) ، والاشتقاق 218، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/357، والفرق لابن فارس 60، والعين 6/113، والتهذيب 54، 256، والصحاح 1/134، 5/1870 (رجب، برجم) .
2 هذه رواية ابن الأعرابي وسائر الكوفيين. رواه أبو عمرو بن العلاء والأصمعي وسائر البصريين: "أسنمة" بضم الهمزة والنون. وقد عاب الزجاج على ثعلب هذه الرواية، ورد عليه ابن خالويه، ورده في الأشباه والنظائر 4/126، 130، والجواليقي في الرد على الزجاج (4/ب) . وينظر: أدب الكاتب 430، ومعجم البلدان 1/189، ومعجم الأدباء 1/58، والاقتضاب 2/241، ومعجم ما استعجم 1/150 والصحاح (سنم) 5/1954.
3 في تحديد موقع هذا المكان خلاف. ينظر: معجم ما استعجم 2/1027، والأمكنة والمياه والجبال (135/أ) ، ومعجم البلدان 4/272، والروض المعطار 441.
4 ديوانه 266. والقف: ما ارتفع من الأرض وغلظ، ولم يبلغ أن يكون جبلا. والعنصل: الكراث البري، وقيل: هو اسم موضع، وطريق العنصل: من البصرة إلى اليمامة. معجم البلدان 4/161، 383.
وربيعة بن مقروم بن قيس بن جابر الضبي، أحد شعراء مضر المعدودين في الجاهلية والإسلام، أسلم فحسن إسلامه، وشهد القادسية وغيرها من الفتوح. توفي بعد سنة 16هـ. الشعر والشعراء 1/236، والأغاني 22/97، وشرح المفضليات للأنباري 355، والخزانة 8/438.

(2/604)


لمن الديار كأنها لم تحلل ... بجنوب أسنمة فقف العنصل1
(وهي الدجاجة) 2 بفتح الدال: معروفة من الطير، وهي أنثى الديك. وهي دجاجة بيوض بفتح الباء: أي تكثر البيض. وللجماعة دجاج بيض3 بضم الباء والياء، كصبور وصبر، ورجل غيور، وقوم غير.
(وهي الشتوة والصيفة) : للشتاء والصيف، وقالوهما بالهاء، لأنهم أرادوا بناء المرة الواحدة، كأنهما شتوة سنة واحدة، وصيفة [77/ب] سنة واحدة. والعامة تكسر الشين من الشتوة4، وهو خطأ. وأما الصيفة فليست مما تخطئ فيه5، وإنما قرنها
__________
1 لم يذكر المصنف هذا الشاهد في التلويح، واستشهد بدلا منه بقول بشر بن أبي خازم (ديوانه 63) :
كأن ظباء أسنمة عليها كوانس قالصا عنها المغار
2 والعامة تقول: "الدجاجة" بكسر الدال. ما تلحن فيه العامة 134. والكسر لغة والأفصح الفتح في: إصلاح المنطق 105، 162، وأدب الكاتب 423، 544، وتثقيف اللسان 104، وتصحيح التصحيف 256، وديوان الأدب 3/89، والمزهر 1/224، والعين 6/11، والمحيط 6/394، والصحاح 1/313 (دجج) .
3 المنصف 1/339، 340.
4 إصلاح المنطق 162، وأدب الكاتب 389. قال الزمخشري 269: "وربما ضمتها".
5 ش: "فيه العامة".

(2/605)


[بالشتوة] 1، ليدل بها على الزمانين. وقال أبو النجم2:
لم يقطع الشتوة بالتزمل
(وهي الكثرة) 3 بفتح الكاف: لضد القلة. والكثرة: النماء والعدد، وهي مصدر لكثر، وليست للمرة الواحدة.
(ومنه تقول: سفود، وكلوب، وسمور، وشبوط، وتنور. وكل اسم على فعول، فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس، فإن الضم فيهما أكثر، وقد يفتحان. وكذلك الذروح بالضم، لواحد الذراريح، وقد يفتح) 4.
فالسفود: حديدة طويلة ذات شعب معقفة، ينشب عليها اللحم،
__________
1 في الأصل: "بالصيفة"، وهو سهو محض، صوابه في ش.
2 ديوانه 190. برواية: "بالتزمل". وكذا في الطرائف الأدبية 63، ويؤيد هذه الرواية قوله في الشطر الذي يليه:
حسب عريانا من التبذل
3 والعامة تقولها بكسر الكاف. إصلاح المنطق 164، وأدب الكاتب 388، وابن درستويه (138/أ) ، وتقويم اللسان 154، وتصحيح التصحيف 437. والكسر لغة في المحكم 6/493، ولغة رديئة في الصحاح 2/802، وقليلة أو خطأ في المصباح 200 (كثر) .
4 الكتاب 4/275، وما تلحن فيه العامة 112، 113، وإصلاح المنطق 132، 218، وأدب الكاتب 589، وشرح أسماء الله الحسنى 194، وابن درستويه (138/ب) ، واشتقاق أسماء الله 214ن وليس في كلام العرب 250، 251، وتقويم اللسان 118، وديوان الأدب 1/332، 333، والمزهر 2/51، والمخصص 4/130، والجمهرة 3/1286، والصحاح (قدس) 3/961.

(2/606)


فيشوى بها1. قال النابغة2:
كأنه خارجا من جنب صفحته ... سفود شرب نسوه عند مفتأد
وأنشد النضر بن شميل3:
كأني كسوت الرجل سيد عانة ... أقب كسفود الحديد قد ابتقل
والجميع السفافيد.
وأما الكلوب4: فهو المنشال، وهو حديدة معقفة كالخطاف، وجمعه كلاليب.
وأما السمور: فدابة برية، مثل السنور، تتخذ من جلودها الفراء5. وهو فارسي معرب6.
__________
1 عبارة: "فالسفود ... فيشوى بها" ساقطة من ش.
2 ديوانه 19. قال شارحه: والشرب: القوم يشربون، واحدهم شارب. والمفتأد: موضع اشتوائهم اللحم.
3 لم أهتد إليه. والرجل: جمع راجل، كصاحب وصحب، والأقب: الضامر، وابتقل: ظهر. وفي ش: " ... الرجل ... قد انتقل".
4 والعامة تقول: "الكلاب". تقويم اللسان 154، وهي لغة في العين 5/376، والصحاح 1/214 (كلب) .
5 تعريفها أوفى من هذا في حياة الحيوان 1/574، والمصباح (سمر) 109.
6 قاله ابن درستويه (139/أ) ، وابن الجبان 209، والمرزوقي (95/أ) ، ولم أجده في كتب المعربات.

(2/607)


وأما الشبوط: فضرب من السمك يكون بالعراق، دقيق الذنب، عريض الوسط، لين المس، صغير الرأس، كأنه البربط1. وهو جنس، فإن [78/أ] جمعته قلت: شبابيط، وشبوطات.
وأما التنور: فمعروف، وهو الذي يخبز فيه2، وجمعه تنانير.
وأما سبوح قدوس: فصفتان لله تعالى. فالسبوح: المنزه عن السوء، أي المباعد عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به3، تبارك وتعالى عما يصف المشركون.
والقدوس: الطاهر. وقيل: هو المطهر المنزه عن الأدناس، وعن أن يكون له ولد، أو يكون في حكمه وفعله ما ليس بعدل4. وهو فعول من القدس، وهو الطهارة5.
وأما الذروح: فدويبة طيارة حمراء منقطة بسواد وصفرة،
__________
1 حياة الحيوان 1/596. والبربط: من آلات اللهو شبيه بالعود. فارسي معرب. المعرب 71، واللسان (بربط) 7/258.
2 قوله: "وهو الذي يخبز فيه" ساقط من ش.
3 ش: "يوصف به سبحانه".
4 تفسير أسماء الله الحسنى 30، وشرح أسماء الله الحسنى 195، وتفسير غريب القرآن للرازي (79/أ) ، وتفسير القرطبي 18/31، والعين (قدس) 5/73.
5 تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 8.

(2/608)


مجزعة شبه الزنبور، وهي من السموم القاتلة، إذا أكلت قتلت1.
(ومنه تقول: وقعوا في صعود، وهبوط، وحدور) 2 بفتح أولها.
فالصعود: خلاف الهبوط، وهو اسم المكان الصاعد المرتفع الذي يصعد فيه من الجبل أو الوادي أو غيرهما.
والهبوط: اسم للمكان المستفل الذي تهبط منه، أي تنزل إلى أسفل. ولم يسمع لهما بجمع3، وإذا ضممت أولهما كانا مصدرين4،
__________
1 وفي الجمهرة 3/1286: "وذروح: واحد الذرايح، وهو الدود الصغار، وهو سم. ويقال: ذرحرح، وذرحرح، ذرنوح، وذروح، وذراح". وفي العين (ذرح) 3/200: "وهو شيء أعظم من الذباب قليلا ... فإذا أرادوا كسر حد سمه خلطوه بالعدس فيصير دواء لمن عضه الكلب الكلب". ينظر: العين (كلب) 5/375، وحياة الحيوان 1/511. قلت: ورأيت في السراة حشرة بالوصف الذي ذكره المؤلف يسمونها الذرنوح، وهي تألف نبات البروق، ولا أعرف إن كانت سامة أو لا، ورأيت أيضا حشرة أخرى تطير تسمى الذرحرح"، منها الأسود والأصفر والأحمر، والمجزع بحمرة وسواد، أو صفرة وسواد، تظهر في الصيف خاصة بعد هطول المطر، وتقع على الشجر المثمر، يلعب بها الصبية، وليس لها أذى.
2 في الفصيح 293، والتلويح 48: "وكؤود" وفسرها المصنف بالعقبة الشاقة، الصعبة المرتقى. والعامة تضم أوائل هذه الألفاظ جيمعا. ما تلحن فيه العامة 104، وإصلاح المنطق 334، والغريب المصنف (125/أ) ، والصحاح 2/497، 625، 3/1169 (صعد، حدر، هبط) .
3 وجمعها الخليل على "أصعدة وأهبطة"، وزاد ابن سيده "صعد". العين 1/289، والمحكم 1/261 (صعد) .
4 ينظر: العين (هبط) 4/22.

(2/609)


تقول: صعد يصعد صعودا بضم الصاد، إذا رقي الدرج أو الجبل أو الشيء المرتفع، وهبط يهبط هبوطا بضم الهاء، إذا نزل.
وأما الحدور بفتح الحاء: فهو مثل الهبوط، وهو المكان الذي تنحدر منه، أي تنزل إلى أسفل. ولم يسمع له بجمع أيضا1.
(وهي الجزور) : للناقة التي تجزر، أي تقطع وتجزأ بعد نحرها خاصة، أو تكون معدة لذلك، وإن كانت لم تجزر [78/ب] ولم تنحر بعد. وقال ابن درستويه: ولا يسمى الجمل جزورا2. وقال غيره: الجزور من الإبل يقع على الذكر والأنثى. والجمع جزر3 بضم الجيم والزاي.
(وهو الوقود، والطهور، والوضوء، تعني الاسم، والمصدر بالضم) 4.
__________
1 وجمعه ابن سيده على "حدور" المحكم (حدر) 3/223.
2 ابن درستويه (139/ب) .
3 الصحاح (جزر) 2/612. والجزور مؤنثة لا غير في: المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/526، ولابن فارس 58، ولابن جني 62، ولابن التستري 68. وزاد ابن الأنباري "جزائر وجزرات" جمعا لها.
4 في الفصيح 293، والتلويح 48: "والوجور" وفسره المصنف بقوله: "والوجور: الدواء، تقول: وجرت الصبي الدواء وأجرته". والعامة لا تفرق بين الضم والفتح في هذه الألفاظ وتنطفها جميعا بالضم. ابن درستويه (139/أ) . وذكر سيبويه أن الوقود، والطهور، والوضوء جاءت في كلام العرب مصادر على وزن فعول بفتح الفاء، فهي تقع عنده على الاسم والمصدر معا. وفي التهذيب (وضوء) 12/99 عن أبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأبي عبيد "الوضوء" بالفتح في الاسم والمصدر معا، ولا يجوز غير ذلك. وينظر: الغريب المصنف (125/أ) ، ومعاني القرآن للأخفش 1/51، والزاهر 1/134، وغريب الحديث للخطابي 3/130، والمدخل إلى تقويم اللسان 114، وابن هشام 130، والصحاح 1/81، والمفردات 526، والمغرب 2/29، والنهاية 3/147 (وضوء، طهر) .

(2/610)


فالوقود بفتح الواو: اسم لما توقد به النار من حطب وغيره. ومنه قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} 1. فإذا ضممت الواو كان مصدرا، تقول: وقدت النار تقد وقودا: أي اشتعلت.
والطهور بفتح الطاء: الماء الذي يتطهر به، أي يتوضأ به ويغتسل، وتزال به الأقذار والنجاسات، وهو وصف2. ومنه قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} 3. فإذا ضممت الطاء كان مصدرا، تقول: طهر الماء وطهر بضم الهاء وفتحها، يطهر بالضم، طهورا وطهارة: أي صار طاهرا.
والوضوء على فعول بفتح الواو: اسم للماء الذي يتوضأ به، أي يتنظف ويزال به الوسخ وغيره. فإذا ضممت الواو كان مصدرا، تقول: وضؤ الشيء وضوءا: إذا حسن وتنظف.
__________
1 سورة البقرة 24، والتحريم 6.
2 أي يقع وصفا أيضا.
3 سورة الفرقان 48. وفي المجمل (طهر) 1/588 عن ثعلب في تفسير هذه الآية: "الطهور: الطاهر في نفسه المطهر لغيره".

(2/611)


(وهو السحور، والفطور، والبرود، ونحو ذلك) 1.
فالسحور: اسم لما يوكل أو يشرب في السحر.
والفطور: اسم لما يأكله الصائم عند إفطاره أو يشربه.
والبرود: اسم لكل ما بردت به شيئا. ومنه قيل للكحل الذي تكحل به العين لتبرد من وجعها: برود2.
(وهو حسن القبول) بفتح القاف: أي الرضا. وهو اسم أجري مجرى المصدر. وقيل: بل هو مصدر، من قولهم: قبل الشيء بكسر الباء، يقبل بفتحها: إذا رضيه3، ومعناه: أن نفسه تقبل على الشيء.
(وهو الولوع) 4: وهو اسم من أولع به، إذا لازمه. عن
__________
1 والعامة تضم أوائلها أيضا، ولا تفرق بين الاسم والمصدر. ما تلحن فيه العامة 104، وصلاح المنطق 333، والغريب المصنف (125/أ) ، وابن درستويه (139/أ) ، وتثقيف اللسان 153.
2 العين (برد) 8/28.
3 في الغريب المصنف (125/أ) ، والصحاح (قبل) 5/1795 عن اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء: "القبول بالفتح مصدر، ولم أسمع غيره". وقال الزجاج في تفسير قوله تعالى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} (آل عمران 37) قال: "الأصل في العربية: بتقبل حسن، ولكن قبول محمول على قوله: قبلها قبولا حسنا، يقال: قبلت الشيء قبولا حسنا، ويجوز قبولا، إذا رضيته" معاني القرآن وإعرابه 1/401. وينظر: تفسير غريب القرآن للرازي (147/أ) .
4 الغريب المصنف (125/أ) ، وإصلاح المنطق 332، والجمهرة 2/951، والصحاح 3/1304 (ولع) .

(2/612)


الجبان1. وقال غيره: هو اسم لما يولع بالشيء2، أي يغري به، ويحرض ويحث على معاودة فعله. فإذا ضممت الواو كان مصدرا3، تقول: ولع الرجل بالشيء بفتح الواو وكسر اللام، ولوعا بضم الواو.
(وهي الكبد، والفخذ، والكرش، والفحث وهي القبة) .
فالكبد بفتح الكاف وكسر الباء: مؤنثة4 معروفة، وهي اللحمة الحمراء5 تكون في بطن الإنسان وغيره. وقيل: إن الكبد ليست من جملة اللحم، ولكنها دم صاف جامد منعقد6. وما غلظ من الدم وخثر انعقد منه الطحال بإذن الله تعالى. وجمعها أكباد7. وقال ابن الدمينة8:
__________
1 الجبان 211.
2 ابن درستويه (139/أ) .
3 وفي الكتاب 4/42 الفتح في الاسم والمصدر. وينظر: الصحاح (ولع) 3/1304.
4 المذكر والمؤنث للفراء 65، وللمفضل 55، ولابن الأنباري 1/334، ولابن فارس 55، ولابن جني 89، ولابن التستري 99، وللحامض 71، والمخصص 16/186. وفي العين (كبد) 5/332: "الكبد: يذكر ويؤنث".
5 في العين 5/332: "اللحمة السوداء".
6 ابن الجبان 212.
7 وأكبد أيضا، وفي الكثرة كبود. المذكر والمؤنث 65، ولابن التستري 99، ولابن الأنباري 1/338.
8 ديوانه 27. وينسب إلى مجنون ليلى، وهو في ديوانه أيضا 77، وإلى الحسين بن مطير الأسدي، وهو في ملحق ديوانه 81.
وابن الدمينة هو: أبو السري عبد الله بن عبيد الله بن أحمد الخثعمي. والدمينة أمه، شاعر أموي، رقيق الشعر، قتل غيلة بعد سنة 130هـ، وهو عائد من الحج في تبالة قرب بيشة.
أسماء المغتالين، والشعر والشعراء 2/617، والأغاني 17/93، ومعاهد التنصيص 1/160.

(2/613)


ولي كبد مقروحة من يبيعني ... بها كبدا ليست بذات قروح
وأما الفخذ بفتح الفاء وكسر الخاء: فهي أيضا مؤنثة1، وجمعها أفخاذ، وهي معروفة للإنسان وغيره، وهي العظم الأعلى من الرجل بما عليه من لحم وغيره.
وأما الكرش بفتح الكاف وكسر الراء: [79/ب] فهي أيضا مؤنثة2، وجمعها كروش وأكراش، وهي معروفة تكون في بطن كل ما يجتر من ذوات الخف والظلف3، وهي وعاء الفرث.
وأما الفحث بفتح الفاء وكسر الحاء: فهي أيضا مؤنثة4، وجمعها أفحاث، وهي المعى الذي يتناهى إليه الفرث، فيلقيه الجزار، وهو يكون مع الكرش. وقيل: إنه ما تداخل والتوى من الكرش5.
__________
1 المذكر والمؤنث للفراء 6، ولابن الأنباري 1/339، وللحامض 71، ولابن جني 85، ولابن التستري 95، والقصيدة الموشحة 90، والمخصص 16/188.
2 المذكر والمؤنث للفراء 66، وللمفضل 55، ولابن الأنباري 1/358، ولابن جني 89، والمخصص 16/191.
3 الفرق لابن فارس 60.
4 المذكر والمؤنث للفراء 66، ولابن الأنباري 1/358، ولابن التستري 95، ولابن جني 45، والبلغة 77.
5 الجبان 212.

(2/614)


وأما القبة1: فإنها تفسير للفحث.
والعامة تكسر أوائل هذه الفصول الأربعة، وتسكن الحرف الثاني منها، وهي لغة للعرب2، لكن الأفصح والأكثر فيها ما اختاره ثعلب3 رحمه الله.
(وهو اللعب، والضحك، والحلف، والكذب، والحبق، والضرط، والخنق) 4 بفتح أولها وكسر ثانيها أيضا.
__________
1 والقبة بتثقيل الباء أيضا. الصحاح (قبب) 1/197.
2 قال الزمخشري 277: "هذه الأسماء مفتوحة الأول بتحريك الثاني منها، وهي لغة أهل الحجاز، فأما تميم وسفلى مضر فإنهم يكسرون الأوائل منها ويسكنون الثاني، فيقولون: كبد، وفخذ، وكرش، ومنهم من يترك الأول مفتوحا ويسكن الثاني، فيقول: كبد، وهذه أقل اللغات". وينظر: ما تلحن فيه العامة 117، 118، وإصلاح المنطق 169، وأدب الكاتب 537، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/334، 339، 358، والمخصص 16/186، والتهذيب (حفث) 4/482، والصحاح 2/529، 586، 3/1017 (كبد، فخذ، كرش) .
3 قال ابن درستويه (139/ب) : "والعامة كلها على التخفيف، وأكثر العرب على ذلك، وأما أهل التفاصح والبلاغة فيلزمونه الأصل، ويحتملون الثقل طلبا للفخامة".
4 هذه الألفاظ جميعا لا تغلط فيها العامة أيضا، لأن كل ما كان على (فعِل) ، فإن التخفيف فيه جائز، وإذا خففوا فربما نقلوا حركة الحرف المخفف إلى ما قبله لتدل على الأصل، وربما تركوه على حالته، كما فعلوا في كبد وكرش، وهذه لغة تميم وسفلى مضر، كما سلف. وينظر: الكتاب 4/107، وإصلاح المنطق 168، 169، وأدب الكاتب 537، والاقتضاب 2/192، وشرح الجمل 1/599، والمدخل إلى تقويم اللسان 79، وشرح شذور الذهب 15.

(2/615)


فأما اللعب: فهو ضد الجد، وهو مصدر لعب يلعب1، وهو لاعب.
وأما الضحك: فهو أيضا مصدر ضحكت بكسر الحاء، أضحك بفتحها، فأنا ضاحك، وهو معروف المعنى، وهو كشر الإنسان شفتيه حتى تبدو ضواحكه، وهي أربع أسنان في جانبي الفم، بين الأنياب والأرحاء، اثنتان من فوق، واثنتان من أسفل. وقد تقدم ذكرها في هذا الباب2.
وأما الحلف: فهو اليمين، وهو مصدر حلف يحلف، أي أقسم. وقال الشاعر3:
ولا حلفي على البراءة نافع
وأما الكذب: فهو ضد الصدق [80/أ] ، وهو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو به، وهو مصدر كذب يكذب.
وأما الحبق والظرط: فهما بمعنى واحد4 لمصدر حبق يحبق،
__________
1 قياس المصدر من لعب: اللعب، وأما اللعب فهو اسم وضع موضع المصدر، وكذلك الضحك، والحلف، والحبق، والضرط. وينظر: ليس في كلام العرب 304.
2 ص 587.
3 هو النابغة الذبياني، والشاهد في ديوانه 37، وصدره:
فإن كنت لا ذو الضغن عني مكذب
4 الغالب إطلاق الحبق على ما يخرج من المعز. ينظر: الفرق لقطرب 67، 69، وللأصمعي 78، 79، ولثابت 43، والعين (حبق) 3/52.

(2/616)


وضرط يضرط، إذا خرجت منه ريح بصوت. وقال خداش بن زهير العامري1:
لهم حبق والسود بيني وبينهم
يدي لكم والزائرات المحصبا
السود بفتح السين: موضع2. وقيل: هو جبال قيس3. ويقال: يدي لك أن يكون كذا وكذا، كما تقول: علي لك أن يكون ذلك4.
__________
1 البيت له في: الصحاح 2/492، 4/1455، والتكملة 2/259، واللسان 3/227، 10/37، والتاج 2/386، 6/308 (سود، حبق) . وبلا نسبة في: معجم ما استعجم 2/766، والجمهرة 2/649، والتنبيه والإيضاح 2/29 (سود) . وحكى ابن بري عن أبي سهل أنه روى هذا البيت بوجهين: "يدي لكم" قال: وهي الأكثر في الرواية، و"يدي بكم" بالباء. قلت: وهما وجهان في رواية البيت.
وخداش بن زهير بن ربيعة بن عمرو العامري، أحد شعراء قيس المجيدين في الجاهلية، كان أبو عمرو بن العلاء يقدمه على لبيد، وعد ابن سلام في الطبقة الخامسة من فحول شعراء الجاهلية. قيل إنه أدرك حنينا وشهدها مع المشركين ولا تعرف سنة وفاته.
جمهرة النسب 366، وطبقات فحول الشعراء 1/143، 144، والشعر والشعراء 2/450، والإصابة 1/455.
2 الجمهرة (سود) 2/649، ومعجم ما استعجم 2/766.
3 الصحاح (سود) 2/492. وفي معجم البلدان 3/277: "والسود بفتح أوله: جبل بنجد لبني نصر ابن معاوية، وقيل: السود جبل بقرب حصن في ديار جشم بن بكر".
4 الجمهرة 2/649، وفيها: " ... كما تقول: علي لك أن تفعل كذا، أو تكون كذا". وإلى هنا من إسفار الفصيح في اللسان 10/37، والتاج 6/308 (حبق) .

(2/617)


وأما الخنق: فهو مصدر خنقه يخنقه، على مثال ضربه يضربه، إذا عصر حلقه. ومن أمثالهم: "الخنق يخرج الورق"1 أي إذا خنق الإنسان افتدى بماله.
(وهو الصبر) 2 بكسر الباء: لهذا المر، وهو عصارة شجرة3، وهو من الأدوية. ومنه قال الشاعر4:
أقول الحذاقي مستسمع ... وقولي يذر عليه الصبر!
والعامة لا تغلط في أوائل هذه الفصول الأربعة5.
(وهي المعدة) بفتح الميم وكسر العين: وهو اسم عضو في جوف الإنسان، وهي التي يقع فيها طعامه وشرابه، وهي بمنزلة [80/ب]
__________
1 المستقصى 1/316، ومجمع الأمثال 1/428، وفيه: "يضرب للغريم الملح يستخرج دينه بملازمته".
2 والعامة تقول: "الصبر" بإسكان الباء، وهو خطأ في إصلاح المنطق 169، وأدب الكاتب 384، وتثقيف اللسان 334، ولا يسكن إلا في ضرورة الشعر في الصحاح (صبر) 2/707. قلت: وهو صواب على قاعدة كل ما كان على وزن (فعِل) من الأسماء، كما ذكرنا في التعليق رقم 4 ص 615، وعليه قول العامة إلى يومنا هذا: الصبر بالكسر والتسكين.
3 النبات لأبي حنيفة 95، 96 قال: "وهو المقر". قلت: لا يزال يعرف باسمه هذا في بعض مناطق السراة.
4 البيت لرجل من النمر في الجاهلية في النبات لأبي حنيفة 96، وبلا نسبة في اللسان (حذق) 10/41، وفيه عن ابن بري في تفسير الحذاقي: "يجوز أن يريد به واحدا بعينه، وقد يجوز أن يريد به الرجل الفصيح".
5 يراجع التعليق رقم 2 أعلاه.

(2/618)


الكرش لكل مجتر1. وجمعها معدات، على مثال جربة وجربات2. فأما معد بكسر الميم وفتح العين، فإنها جمع معدة، مثل قربة وقرب، وهي لغة للعرب، والعامة على هذه اللغة3.
(وهم السفلة) 4 بفتح السين وكسر الفاء: للسقاط من الناس الرذال، وهي اسم جماعة، ولا واحد لها من لفظها.
(وهي اللبنة، والكلمة، والفطنة، والقطنة، وهي كالرمانة تكون في جوف البقرة) بفتح أولها وكسر ثانيها أيضا.
فأما اللبنة: فهي معروفة تعمل من طين في قالب، ويبنى بها إذا جفت. وكذلك لبنة القميض معروفة أيضا، وهي التي تسمى الجيب، وجمعهما لبنات ولبن بفتح اللام وكسر الباء أيضا، والعامة تكسر اللام وتسكن الباء5.
__________
1 خلق الإنسان للأصمعي 219، لثابت 264، والفرق لابن فارس 60.
2 كذا، وفي ش: "خربة وخربات" بالخاء المعجمة.
3 وعلى "معدة" أيضا، بفتح الميم وإسكان العين، على قياس ما كان على وزن (فعِل) كما تقدم. وذكر هذه اللغة ابن درستويه (140/أ) . وينظر: إصلاح المنطق 168، والعين 2/61، والصحاح 2/539 (معد) .
4 والعامة تقول: "السفلة" بكسر السين وتسكين الفاء، وهي لغة. إصلاح المنطق 168، وأدب الكاتب 423، والصحاح (سفل) 5/1730.
5 وصنيعها هذا لغة. إصلاح المنطق 169، وأدب الكاتب 423، والصحاح (لبن) 6/2192.

(2/619)


وأما الكلمة1: فما تكلم به، وجمعها كلم وكلمات.
وأما الفطنة بالفاء: فإني رأيت هذا الحرف في بعض نسخ الكتاب، ولم أره في بعضها2. ورأيت أيضا في بعضها: (وهو حسن الفطنة) مفتوح الفاء مكسور الطاء. والذي قاله غير ثعلب: "الفطنة" بكسر الفاء وسكون الطاء، على ما تقوله العامة3، وهي كالنباهة على الشيء [81/أ] .
وأما القطنة بقاف مفتوحة وطاء مكسورة4: فهي كالرمانة
__________
1 والعامة تقول: "كلمة" بكسر الكاف وتسكين اللام. ابن درستويه (140/أ) ، وابن الجبان 214. وهي لغة فصيحة، جاء في العين (كلم) 5/378: "والكلمة: لغة حجازية، والكلمة: تميمية" وفي معاني القرآن للفراء ثلاث لغات: "كَلِمة، وكِلْمة، وكَلْمة" والأخيرتان لبني تميم في شرح شذور الذهب 15. وينظر: إصلاح المنطق 168، وأدب الكاتب 423، والدر المصون 3/231، واللهجات في التراث 168، ولغة تميم 214، والصحاح 5/2023، والمصباح 206 (كلم) .
2 ولم تذكره شروح الفصيح الأخرى التي بين يدي.
3 وبه نطق الفصحاء، ومن ذلك الأثر المروي عن معاوية رضي الله عنه: "البطنة تذهب الفطنة"، وروي عن عمرو بن العاص. البيان والتبيين 2/81، وفصل المقال 409، والجمهرة (بطن) 1/361. ولم أجد في الأصول اللغوية "الفطنة" بفتح الأول وكسر الثاني، خلا شراح الفصيح: المرزوقي (97/ب) ، وابن ناقيا 2/206، والزمخشري 282 ذكروا جميعا أنها لغة.
4 والعامة تقول: "الفطنة" بكسر القاف وتسكين الطاء، وهي لغة تميمية. الزمخشري 282. وينظر: إصلاح المنطق 168، وأدب الكاتب 423، والصحاح (قطن) 6/2183.

(2/620)


تكون في جوف البقرة1، جمعها قطنات، وهي قطعة من الكرش تكون معها، وهي ذات الأطباق، يتراكب بعضها على بعض. والعامة تسميها الرمانة2، وتسميها أيضا لقاطة الحصى3.
(وبعتك بيعا بأخرة ونظرة) 4 بفتح أولهما وكسر ثانيهما: وهما بمعنى واحد، أي ونسيئة وتأخير الثمن. ومنه قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} 5 أي تأخير إلى وقت اليسار.
(وما عرفته إلا بأخرة) 6 بفتح الألف والخاء: أي ما عرفته إلا أخيرا، كأنك لم تعرفه في أول الأمر, وليس هذان الفصلان مما تغلط العامة في أولهما.
__________
1 في المحكم (قطن) 6/173: "والقطنة: مثل الرمانة تكون على كرش البعير، وهي ذوات الأطباق".
2 الصحاح (قطن) 6/2183.
3 الأساس (قطن) 372.
4 والعامة تقول: "بأخرة ونظرة" بإسكان ثانيهما. أدب الكاتب 383، وابن درستويه (140/أ) ، وينظر: إصلاح المنطق 164، والغريبين 1/29، والصحاح (أخر) 2/577.
5 سورة البقرة 280.
6 والعامة تقول: "بأخرة" بتسكين الخاء، على قياس الشعر والنهر. وأدب الكاتب 383، وابن درستويه (140/أ) . وينظر: إصلاح المنطق 164، والعين 4/303، والصحاح 2/577 (أخر) .

(2/621)