إسفار الفصيح

باب المضموم أوله
قال أبو سهل: ذكر أبو العباس ثعلب – رحمه الله – في هذا [97/ب] الباب أحد عشر فصلا خارجة عن ترجمته، والعامة لا تغلط في الحرف الأول منها، لأنها تضم أوائلها كلها، كما تتكلم بها العرب، وإنما تغلط في الحرف الثاني منها.
فمنها ثلاثة فصول تضم العرب الحرف الثاني منها، والعامة تخالفها في ذلك، وهي الجدد، والجبن، والعنق.
ومنها ثلاثة فصول أيضا تفتح العرب الحرف الثاني منها، والعامة مخالفها، وهي التخمة، والتؤدة، واللقطة.
ومنها ثلاثة فصول – وفي بعض النسخ خمسة فصول – تفتح العرب الحرف الثاني منها أيضا، فيكون ذلك علامة للفاعل، فإذا سكنته جعلت تسكينه علامة للمفعول، والعامة لا تفرق بينها1، وهي رجل لعنة، وضحكة، وهزأة، وسخرة، وخدعة. وأنا أذكر تفسير جميعها في مواضعها من الباب إن شاء الله.
(تقول: لمن اللعبة) 2 بضم اللام وسكون العين: إذا سألت عن
__________
1 ش: "بينهما".
2 والعامة تقول: "لمن اللعبة" بالكسر. إصلاح المنطق 166، وأدب الكاتب 395، وابن درستويه (165/أ) وينظر: التهذيب 2/410، والصحاح 1/219 (لعب) .

(2/694)


الشيء الذي يلعب به كالشطرنج والنرد1 وأشباههما، وعن كل شيء ملعوب به مما تلعب به الجواري من العاج والعظام والخشب وغير ذلك مما يجسد، فكل شيء من ذلك لعبة بالضم. وهي فعلة بمعنى مفعول، كالغرفة بمعنى المغروف. وجمعها لعب بفتح العين. [98/أ] وإذا سألت عن الذي يبتدئ باللعب بالشطرنج أو غيره، أو عمن وجب له اللعب، أو عن الذي لعب مرة واحدة، فتحت اللام لا غير، فقلت: لمن اللعبة، وهي اسم المرة الواحدة، وهي لعبة لك ولعبة لملاعبك بالفتح2.
(وهي القلفة والجلدة) 3: وهما بمعنى واحد، وهما ما يقطعه الخاتن من زب الغلام. وجمعها قلف وجلد، مثل غرفة وغرف، وإن جمعتهما جمع السلامة قلت: قلفات وجلدات بضم اللام، مثل ظلمات وغرفات، وإن شئت فتحتها، وإن شئت أسكنتها.
(وتقول: اللهم ارفع عنا هذه الضغطة) 4: للشدة والقحط والمشقة
__________
1 النرد: لعبة ذات صندوق وحجارة وفصين، تعتمد على الحظ، وتنقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفص، وتعرف عند العامة في مصر بالطاولة، فارسي معرب. ينظر: اللسان 3/421، والمعجم الوسيط 2/912 (نرد) .
2 في ابن درستويه (165/أ) : "وهي لعبة لك، وملعبة لملاعبك".
3 والعامة تقول: "القلفة" بالفتح، والجلدة بالكسر. ابن درستويه (165/أ) . وفي خلق الإنسان للأصمعي 222: "القلفة" بفتح القاف واللام، وفي الجمهرة (قلف) 2/965: "القلفة" بفتح القاف وسكون اللام. وينظر: خلق الإنسان لثابت 279، والمحكم (قلف) 6/254.
4 العين 4/363، والصحاح 3/1140، والمقاييس 3/365 (ضغط) .

(2/695)


والضيقة والجور وأشباهها. وجمعها ضغط بضم الضاد وفتح العين، مثل غرف.
(وأنا على طمأنينة) 1 بهمزة ونونين بينهما ياء: أي سكون وهدوء للأمن أو العافية. وهو مصدر بمعنى الاطمئنان، تقول: اطمأن يطمئن اطمئنانا وطمأنينة، فهو مطمئن. وقال الله عز وجل: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} 2 أي أمنتم وهدأتم لزوال الخوف.
(وأجد قشعريرة) 3 بضم القاف وفتح الشين وسكون العين: وهي تجمع يجده الإنسان في جلده [98/ب] ، وتغير من قيام شعره، ونفضة تلحقه من فزع أو برد. وهي مصدر أيضا4 بمعنى الاقشعرار، يقال: اقشعر يقشعر اقشعرارا وقشعريرة، فهو مقشعر.
(وعود أسر) بضم الهمزة وسكون السين: وهو الذي يوضع على بطن المأسور، والمأسور هاهنا: هو الذي قد احتبس بوله من الناس والدواب، فلم يخرج. (والأسر) بضم الهمزة وسكون السين: (احتباس البول) 5.
__________
1 الجمهرة 2/1089، والصحاح 6/2158 (طمن) .
2 سورة النساء 103، وينظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 135، والمفردات 524.
3 العين 2/287، والصحاح 2/792، والمحكم /284 (قشعر) .
4 الطمأنينة والقشعريرة اسمان وليس بمصدرين، وضعا موضع الاطمئنان والإقشعرار، وهما المصدران كما ذكر المصنف في تصريفهما.
5 أدب الكاتب 172، والفرق لثابت 38.

(2/696)


(والحصر) مثله في الوزن: (احتباس البطن) 1، أي الغائط. ويقال منهما: قد أسر الرجل فهو مأسور، وحصر فهو محصور. والعامة تقول: "عود يسر" بالياء2، وإن كان له وجه من الاشتقاق، فهو مخالف لما ورد به السماع عن العرب. ورأيت في نسخ منها نسخة أبي سعيد السيرافي "عود أسر" مشكولة السين بعلامة الضمة، وهو غلط، والصواب تسكينها.
(واجعله منك على ذكر) 3 بسكون الكاف: أي حفظ وتذكر، أي لا تنسه.
(وثياب جدد) بضم الدال: وهو جمع جديد، كسرير وسرر، ومعناها: التي قطعها النساج من منواله أو فرغ منها الخياط، ولم تبتذل باللباس. والعامة تفتح الدال، فتقول: جدد4، وقد تلكم بهذه اللغة
__________
1 أدب الكاتب 172، والفرق لثابت 38.
2 إصلاح المنطق 147، وأدب الكاتب 370، وابن درستويه (166/أ) ، والتهذيب 13/62، والجمهرة 2/725، والصحاح 2/578، والأساس 6 (يسر) . وحكى الأزهري في التهذيب 13/61 عن ابن الأعرابي: "هذا عود أسر ويسر" وينظر: الفرق لثابت 38، والقاموس (أسر) 437.
3 والعامة تقول: "على ذكر" بكسر الذال، وهما لغتان عند أبي عبيدة، والضم أعلى عند ابن دريد. وخص الخليل والفراء الذكر بالكسر لما ذكرته بلسانك، والذكر بالضم للشيء المحفوظ بالقلب. إصلاح المنطق 168، وأدب الكاتب 396، والعين 5/346، والتهذيب 10/162، والجمهرة 2/694 (ذكر) وفي طبعة العين كلاهما بالكسر، وهو وهم من المحقق، ونقل ابن درستويه (166/ب) عن الخليل الصواب ونص على الضبط.
4 ما تلحن فيه العامة 126، وإصلاح المنطق 167، وأدب الكاتب 394، وتثقيف اللسان 300، وتقويم اللسان 90، وتصحيح التصحيف 210.

(2/697)


بعض العرب1، فقالوا: جدد [99/أ] وسرر بفتح الدال والراء، استثقالا للضمة2، وليس هذا بالجيد، لاشتباهه بغيره وإلباسه به، لأن الجدد بفتح الدال، جمع جدة، وهي الطريقة التي تخالف لون معظم الشيء. ومنه قوله تعالى: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْر} 3، أي طرائق تخالف لون الجبال. والسرر بفتح الراء: جمع سرة، فجعلت العرب ختلاف الحركات في أوائل الكلم وأوساطها دليلا على اختلاف معانيها، ولولا ذلك لالتبس بعضها ببعض.
(وهو الفلفل) 4: لهذا الحب المعروف من الأبازير5، والواحدة
__________
1 تكلم بها الضبيون، وبعض كلب. ينظر: البارع 572، والبحر المحيط 9/100، 10/79، والدر المصون 9/303، 10/198.
2 قال أبو العباس المبرد في الكامل 1/255: "فما كان من المضاعف جاز فيه خاصة أن تبدل من ضمته فتحه، لأن التضعيف مستثقل، والفتحة أخف من الضمة، فيجوز أن يمال إليها استخفافا، فيقال: جدد وسرر، ولا يجوز هذا في مثل قضيب، لأنه ليس بمضاعف، وقد قرأ بعض القراء {عَلَى سُرَرٍ مَوْضُونَةٍ} سورة الواقعة 15، وينظر: الاقتضاب 2/210، والدر المصون 10/198، والصحاح (سرر) 2/682.
3 سورة فاطر 27، وينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 361.
4 والعامة تقول: "الفلفل" بكسر الفاءين. إصلاح المنطق 166، وأدب الكاتب 395، وتقويم اللسان 144، وليس بلحن، ولكن الضم أكثر وأعرف وأفصح في: ابن درستويه (167/أ) ، وتثقيف اللسان 276، وتصحيح التصحيف 408، والمدخل إلى تقويم اللسان 109. والعامة لا تزال إلى اليوم تقوله بالكسر.
5 ش: "الأبزار" وهو نبات هندي، ولا ينبت بأرض العرب، شجره مثل شجر الرمان سواء، وثمره شبيه باللوبيا في جوفها حب صغار، إذا نضج اسود. ينظر: الجامع لابن البيطار 2/227، واللسان 11/532، والقاموس 1349 (فلفل) .

(2/698)


فلفلة. وهو أعجمي معرب1.
(وأتى أهله طروقا) 2: إذا جاءهم من سفره ليلا. وهو مصدر طرقهم يطرقهم طرقا وطروقا، فهو طارق.
(وهي العنق) بضم النون، وبعض العامة يسكنها، وبعضهم يفتحها، وهما عند العرب لغتان أيضا، إلا أن الأفصح ضم النون3. والعنق مؤنثة، وقد تذكر، فيقال: هي العنق وهو العنق4. والجمع أعناق. وهو اسم لما بين الرأس والبدن من سائر الحيوان5.
(وهو عنوان الكتاب) 6: معروف، وهو اسم صاحبه، أوغيره
__________
1 معرب "بلبل" بالفارسية. ينظر: شفاء الغليل 388، وقصد السبيل 2/342، ومعجم الألفاظ الفارسية المعربة 121، واللسان (فلفل) 11/532.
2 والعامة تقوله بفتح الطاء. ابن درستويه (167/أ) . وينظر: إصلاح المنطق 239، والجمهرة 2/756، والصحاح 4/1515 (طرق) .
3 لم أجد في الأصول اللغوية من ذكر "العنق" بضم العين وفتح النون إلا في القاموس (عنق) 1178، وذكرها الجبان أيضا 242 وهي من لحن العامة عند ابن درستويه (167/ب) ، وفي تثقيف اللسان 300، وأما تسكين النون فهي لغة بني تميم وربيعة، وأفصحهما "العنق" بالضم، كما ذكر المصنف، وهي لغة الحجاز وبني أسد. المصباح (عنق) 164، والمعجم الكامل في لهجات الفصحى 311. وينظر: العين 1/168، والجمهرة 2/942، والصحاح 4/1533 (عنق) .
4 في الجمهرة 2/942 عن الأصمعي: "من قال عنق ذكر، ومن قال عنق أنث". وينظر: المذكر والمؤنث للفراء 64ظن ولابن الأنباري 1/360، وأدب الكاتب 288، والتكملة لأبي علي 392، والمخصص 17/11، 12، والعين 1/168، والصحاح 4/1533 (عنق) .
5 خلق الإنسان للأصمعي 198، ولثابت 200، وللحسن بن أحمد 198.
6 قال ابن درستويه (167/ب) : "إنما ذكره لأن العامة تقول: علوان باللام، وقد علونته، وهي لغة قليل".

(2/699)


الذي يكتب على ظاهره. وأصله العلامة، فكأن ذلك علامة لمعرفة صاحبه. وفيه لغات أخر1، أذكرها لك [99/ب] في "شرح الكتاب" إن شاء الله. وقال الشاعر2:
لمن طلل كعنوان الكتاب
وقال أبو الأسود3:
نظرت إلى عنوانه فنبذته ... كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا
وجمعه عنوانات وعناوين. وقد عنونت الكتاب، إذا كتبت على
__________
1 ذكروا فيه ست لغات هي: عنوان، وعنوان، وعنيان، وعنيان، وعلوان، وعلوان، وينظر: الغريب المصنف (215/أ) ، وأدب الكاتب 574، والقلب والإبدال 8، والإبدال لأبي الطيب 2/397، والمدخل إلى تقويم اللسان 152، وفي أصول الكلمات 261-362، واللسان (عنن) 13/294، (عنا) 15/106.
2 الشاهد لأبي داود الرؤاسي في: معجم ما استعجم 1/175، والأمكنة والمياه (16/أ) ، والمحكم 4/212، واللسان 1/396، 10/334، 13/294، والتاج 1/259، 7/63، 9/283. ونسبه الجوهري في الصحاح (عنن) 6/2168إلى أنس بن ضب، وقال إنه جاهلي. وعجزه:
ببطن أواق أو قرن الذهاب
وأواق، والذهاب: موضعان. ينظر مصادر الشاهد.
3 ديوانه 82.
وأبو الأسود هو: ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني، من كبار التابعين، ولي إمارة البصرة في عهد علي رضي الله عنه، كان فقيها شاعرا، وهو أول من وضع أصول علم النحو بإشارة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأول من نقط المصحف الشريف، توفي بالبصرة سنة 69هـ.
أخبار النحويين البصريين 33-37، وإنباه الرواة 1/39-58، والإصابة 2/232.

(2/700)


ظهره ما يعرف به.
(وطفت بالبيت أسبوعا 1، وثلاثة أسابيع) : يعني2 بيت الله الحرام، وهو الكعبة. والأسبوع في هذا أفعول من السبعة، أي طفت سبعة أشواط. ويبتدئ الطائف بالبيت في كل شوط من ركنه من عند الحجر الأسود، فيطوف حوالي الكعبة، أي يدور، وهي على شماله حتى ينتهي إلى الحجر أيضا، فلا يزال كذلك حتى يطوف سبعة أشواط، فهذا هو الأسبوع. والشوط كل مرة، وكل طوفة يبتدأ بالطواف من الحجر الأسود حتى ينتهي إليه، ولذلك قال: ثلاثة أسابيع، فجاء بالهاء في العدد، لأنه لمذكر، وأراد الأشواط، لأن واحدها شوط، ولم يرد المرات ولا الطوفات، ولو أراد ذلك لقال: ثلاث أسابيع بحذف الهاء.
(وعقدت العقدة3 بأنشوطة) 4 على أفعولة، وجمعها أنشوطات [100/أ] وأناشيط ونشط بضم النون والشين: وهي عقدة يسهل انحلالها
__________
1 والعامة تقول: "سبوع" بغير الهمز. ابن درستويه (168/أ) ، وتقويم اللسان 63، وتصحيح التصحيف 306، وهما لغتان في: الجمهرة 1/337، والتهذيب 2/115ن والمحكم 1/315 (سبع) .
2 ش: "تعنى".
3 في الفصيح 229، والتلويح 61: "العقد"، وهي بالتاء أيضا في ابن ناقيا 2/269. وفي المرزوقي (130/ب) ، وابن هشام 157: "وعقدت الحبل بأنشوطة".
4 والعامة تقول: "نشوطة" بغير همز، ابن درستويه (168/أ) . وينظر: أدب الكاتب 348، والصحاح (نشط) 3/1164.

(2/701)


تنحل بجذبة واحدة، مثل عقدة التكة. يقال منه1: نشطت الحبل أنشطه نشطا، على مثال ضربت أضرب ضربا، أي عقدته أنشوطة، وأنشطته إنشاطا، أي حللته2. يقال: "كأنما أنشط من عقال"3. ويقال للعقد الذي لا يسهل انحلاله: أربة بضم أولها، وجمعها أرب على مثال عقدة وعقد، وقد أربت العقدة بالتشديد تأريبا، إذا شددتها شدا يعسر انحلالها4.
(وقدح نضار) 5 برفعهما وتنوينهما، تجعل نضارا صفة لقدح، وإن شئت أضفت قدحا إلى نضار، فتحذف التنوين من قدح وتخفض نضارا، فتقول: قدح نضار. والنضار6: ضرب من الخشب أصفر اللون، يكون بالغور، يقال: إنه الأثل تتخذ منه الأقداح وغيرها7.
(وهو الجبن: للذي يؤكل) بضم الباء، (وكذلك من الجبان)
__________
1 "يقال منه" ساقط من ش.
2 أدب الكاتب 463.
3 مجمع الأمثال 3/5، وشرح المقامات للرازي 2/645 والعين 6/238، والصحاح 3/1164، والأساس 457، واللسان 7/414 (نشط) .
4 الجمهرة 2/1020، والصحاح 1/87 (أرب) .
5 والعامة تقول: "قدح نضار" بكسر النون. إصلاح المنطق 16، وأدب الكاتب 396، وابن درستويه (168/ب) . وحكى أبو حنيفة وكراع "نضار" بكسر النون. المنتخب 1/281، والمخصص 11/187، وابن هشام 157، واللسان (نضر) 5/214
6 العين 7/26، والصحاح 2/830 (نضر) ، وفي التلويح 61: "وهو شجر النبع، وإياه عنى إبراهيم النخعي، وهو أحد التابعين بقوله: لا بأس بأن يشرب في قدح النضار" وينظر: النهاية 5/71.
7 العين 7/26، والصحاح 2/830 (نضر) ، وفي التلويح 61: "وهو شجر النبع، وإياه عنى إبراهيم النخعي، وهو أحد التابعين بقوله: لا بأس بأن يشرب في قدح النضار" وينظر: النهاية 5/71.

(2/702)


أيضا. والعامة تسكن الباء منهما، وليس ذلك بخطأ، وهما لغتان جيدتان1، يقال: جبان بين الجبن والجبن، إلا أن الاختيار فيما يؤكل ضم الباء، وفي الجبان تسكينها. والجبن: معناه معروف عند العامة، وهو اللبن المجمد، وفيه [100/ب] لغتان أخريان2 أذكرهما لك في "الشرح"3 إن شاء الله، والجبان: الفزع، والجبن: الفزع والنكول عن الأشياء.
وتقول: (كنا في رفقة عظيمة) 4، وجمعهما رفق بفتح الفاء، مثل غرف، ورفاق بكسر الراء5. وقال الخليل: الرفقة: اسم للجماعة
__________
1 والجبن بضم الباء وتشديد النون، لغة ثالثة، وهي أفصح الثلاث على ما حكاه الكسائي في ما تلحن فيه العامة 127، وعلي بن حمزة في التنبيهات 183. ولا تشدد النون إلا في ضرورة الشعر في أدب الكاتب 382، وأجودها سكون الباء، والتشديد أقلها أو للضرورة عن يونس في المصباح (جبن) 35. وينظر: إصلاح المنطق 118، والاقتضاب 2/188، والمدخل إلى تقويم اللسان 116، والجمهرة 1/271، والصحاح 5/2090 (جبن) .
2 إحداهما الجبن بالضم والتشديد على ما تقدم ذكره، والأخرى "الجبنن" بضم الجيم وتسكين الباء ونونين أخرهما بالتشديد. وهي لغة رابعة ذكرها الجبان 243 ولم أجدها عند غيره.
3 ش: "شرح الكتاب".
4 والعامة تقول: "رفقة" بكسر الراء. ما تلحن فيه العامة 114، وابن درستويه (168/ب) وتثقيف اللسان 277، وتصحيح التصحيف 285، والكسر لغة قيس، والضم لغة تميم في إصلاح المنطق 115، 166، والمصباح (رفق) 89. وينظر: أدب الكاتب 423، 540، والصحاح (رفق) 4/1482.
5 في المحكم (رفق) 6/233: "الرفقة جمع رفيق، والرفقة اسم للجمع، والجمع رفق، ورفق، ورفاق". وفي شرح المقامات للرازي 2/546 الرفاق جمع رفيق مثل فصيل وفصال إن كان اسما، وإن كان صفة فمثل كريم وكرام. وفي المصباح (رفق) 89 الجمع رفاق على لغة تميم، ورفق على لغة قيس.

(2/703)


المنضمين في مجلس واحد ومسير واحد ما داموا كذلك، فإذا تفرقوا زال عنهم اسم الرفقة، ولم يزل عن كل واحد منهم اسم الرفيق، وهو الذي يرافقك في السفر1.
(وكبش عوسي) 2: إذا كان قويا يحمل عليه. كذا وجدته بخط أبي رحمه الله من غير سماع. وقال أبو علي الحسين بن إبراهيم الآمدي3: هو منسوب إلى السمن. وقال الجبان: عوسي: أي سمين عظيم، وكباش عوسية4. وقال غيره: هو منسوب إلى موضع يقال له: عوس بناحية الجزيرة5. وقال الشاعر6:
قد كاد يذهب بالدنيا ولذتها ... موالئ ككباش العوس سحاح
__________
1 العين (رفق) 5/149، بتصرف. وينظر: الصحاح 4/1482، والمجمل 1/389 (رفق) .
2 والعامة تقول: "عوسي" بفتح أوله. ابن درستويه (168/ب) .
3 عالم لغوي نحوي، أخذ عن الأخفش الأصغر (ت 315هـ) وأبي بكر بن عتبة (ت 346هـ) وأخذ عنه محمد بن الحسين اليمني (ت 400هـ) وجاء اسمه في بعض المصادر والحسن، ولم أقف له على ترجمة مستقلة. ينظر: معجم الأدباء 1/380، وإنباه الرواة 1/123، 3/1132 (حاشية) ، والمقفي 7/69.
4 الجبان 244.
5 ابن ناقيا 2/270، والزمخشري 339 عن الفراء، ومعجم البلدان 4/168 عن الأديبي.
6 عجزه بلا نسبة في شرح الشافية 2/182، ومعجم البلدان عن الأديبي أيضا، وقال: "قال الأزهري: العوسي: الكباش البيض، يظهر من هذا أن الذي ذكره الأديبي هو خطأ، وأنه صفة للكباش لا اسم موضع بعينه" وينظر: التهذيب (عوس) 3/87. وقلت: لا يزال بعض عامة السراة إلى اليوم يقولون: الغنم العيسية" للبيض.

(2/704)


سحاح1 بالضم: كثيرة السمن.
(وتقول: نعم ونعمة عين، ونعمى عين) 2، فنعمة العين ونعماها: قرتها وسرورها، وهو نقيض سخنتها، وإنما تقول هذا للرجل إذا سألك حاجة، فتعده قضاءها [101/أ] فتقول: نعم أقضيها لك وأقر عينك وأسرها بما تراه من فعلي وإحساني. وقال الجبان: أي نعم أفعل ذلك وعيني قريرة به، ونصب "نعمة" على المصدر، أي وتنعم العين نعمة3.
(وأعط العامل أجرته) 4: أي كراء عمله وما يستحقه من ذلك. وجمعها أجر، مثل غرف.
(وهي الذؤابة) 5 مهموزة، على وزن فعالة: وهي أعلى الرأس.
__________
1 ش: "وسحاح".
2 والعامة تقول: "ونعمة عين" بكسر النون. ابن درستويه (169/أ) ، والزمخشري 339، والكسر لغة في التهذيب 3/10، والمحكم 2/140 (نعم) وذكرا فيها لغات أخر. وينظر: إصلاح المنطق 105، وأدب الكاتب 544، والعين 2/162، ومثلث ابن السيد 2/206، والجمهرة 2/953، والصحاح 5/2044 (نعم) .
3 الجبان 244.
4 قال الزمخشري 340: "والعامة تقول: أجره، وكلاهما صواب، إلا أن الأجرة اسم، والأجر مصدر، وذكر الاسم هاهنا أحسن، لأنه هو المعطي". وينظر: الصحاح (أجر) 2/576.
5 والعامة تقول: "ذوابة" بالفتح والواو المخففة، ابن درستويه (169/أ) و"ذوابة" بالفتح وتشديد الواو. تثقيف اللسان 185، وتقويم اللسان 108، والمدخل إلى تقويم اللسان 318. وينظر: إصلاح المنطق 146.

(2/705)


هكذا قال أبو حاتم السجستاني1، قال: وذؤابه كل شيء: أعلاه2. وقال النضر بن شميل: الذؤابة من الناس: ما بين القرنين3. وقال غيره: يقال للشعر المنسدل من وسط الرأس على الظهر: ذوائب بفتح الذال، وواحدتها ذؤابه بضمها مع الهمز4.
(وليس عليه طلاوة) 5: أي حسن. وقيل: هي نضرة النعمة.
__________
1 لعل قوله هذا في كتاب خلق الإنسان المنسوب إليه، ولم يصل إلينا، والقول بنصه في خلق الإنسان للأصمعي 168، وكثير من كتب الأصمعي كان يرويها أبو حاتم السجستاني فتنسب إليه من هذه الجهة قارن مثلا: الفرق للأصمعي ولأبي حاتم، وفعل وأفعل للأصمعي ولأبي حاتم، وينظر: خلق الإنسان لثابت 52، وللحسن بن أحمد 129، والمخصص 1/55.
وأبو حاتم هو: سهل بن محمد بن عثمان السجستاني. أحد المفسرين والمقرئين، والمحدثين واللغويين، والنحويين، والرواة، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي والأخفش، وتتلمذ عليه ابن دريد والمبرد وابن قتيبة وغيرهم من مؤلفاته: الأضداد، والنخلة، والفرق، واختلاف المصاحف. توفي سنة 255هـ.
أخبار النحويين البصريين 102، وإنباه الرواة 2/58، وتهذيب التهذيب 4/257.
2 لعل قوله هذا في كتاب خلق الإنسان المنسوب إليه، ولم يصل إلينا، والقول بنصه في خلق الإنسان للأصمعي 168، وكثير من كتب الأصمعي كان يرويها أبو حاتم السجستاني فتنسب إليه من هذه الجهة قارن مثلا: الفرق للأصمعي ولأبي حاتم، وفعل وأفعل للأصمعي ولأبي حاتم، وينظر: خلق الإنسان لثابت 52، وللحسن بن أحمد 129، والمخصص 1/55.
وأبو حاتم هو: سهل بن محمد بن عثمان السجستاني. أحد المفسرين والمقرئين، والمحدثين واللغويين، والنحويين، والرواة، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي والأخفش، وتتلمذ عليه ابن دريد والمبرد وابن قتيبة وغيرهم من مؤلفاته: الأضداد، والنخلة، والفرق، واختلاف المصاحف. توفي سنة 255هـ.
أخبار النحويين البصريين 102، وإنباه الرواة 2/58، وتهذيب التهذيب 4/257.
3 لم أقف عليه، والقرنان: حرفا الهامة من عن يمين وشمال. خلق الإنسان للأصمعي 168.
4 خلق الإنسان للزجاج 26، وينظر: الأساس (ذأب) 140، وذوائب أصلها ذآئب، ولكنهم استثقلوا أن تقع ألف بين الهمزتين، فأبدلوا من الأولى واوا. ينظر: الكتاب 3/461، والممتع 1/363، والصحاح (ذأب) 1/126.
5 والعامة تقول: "طلاوة" بفتح الطاء. إصلاح المنطق 167، وأدب الكاتب 394، وابن درستويه (169/أ) . والفتح لغة حكاها أبو عبيدة عن يونس كما في إصلاح المنطق 112، وحكاها الكسائي والفراء كما في الزمخشري 340، وتقول: "طلاوة" بالكسر، والصواب الضم أو الفتح في تثقيف اللسان 266، وتصحيح التصحيف 366، والطاء مثلثة في نوادر أبي مسحل 1/342، والمثلث لابن السيد 2/76، والاقتضاب 2/210، وإكمال الإعلام 1/13، والدرر المبثثة 143، والمثلث للبعلي 138، واللسان 15/14، والقاموس 1685 (طلو) .

(2/706)


وسئل خلف الأحمر عنها، ففسرها بالفارسية، وقال: هي الخرمية1.
(وهي حجزة السراويل) : معروفة، لمسلك تكتها. والجميع حجزات بضم الجيم، وحجز بفتحها: مثل غرف. وقد يقال: حجزه لغير السراويل أيضا. وقال أبو زيد الأنصاري: يقال حجزة وحجز، وهو كل ما أدرجت على بطنك من المئزر قدامك وخلفك ويمينك
__________
1 في الجبان 244: "وفسرها خلف الأحمر بالفارسية: خورهي" وفي الجمهرة 2/126: "وقال أبو عبيدة: قلت لخلف الأحمر: ما الطلاوة؟ فقال: الخرهية، بالفارسية". وهي "خره وخوره" في برهان قاطع 2/742، 789 وفسرها بالنور الإلهي الذي يفيض على العبد، فيسود بسببه على الناس فيحتمل أن إيراد المصنف لها بالميم تحريف، ولكن جاء في المحكم (خرم) 5/113: "وعيش خرم: ناعم، وقيل فارسي معرب" وكذلك هي في المعرب 131. مما يجعلنا لا نقطع بأن الميم محرفة عن الهاء. لجواز تعاقب الحرفين في هذه الكلمة في اللغة الفارسية، ولأن معناهما – كما يظهر – واحد. وينظر: اللسان (طلى) 15/12.
وخلف الأحمر هو: أبو محرز خلف بن حيان بن محرز، والأحمر لقب له مولى أبي بردة الأشعري، وهو أحد رواة الغريب واللغة والشعر ونقاده والعلماء به، وأحد الشعراء المجيدين، وكان من اقتداره على صنعة الشعر أنه يضع الشعر وينسبه إلى العرب، فلا يفطن له، له كتاب جبال العرب وما قيل فيها من الشعر، توفي سنة 180هـ.
مراتب النحويين 80، وطبقات الزبيدي 161، وإنباه الرواة 1/383، ومعجم الأدباء 3/1254.

(2/707)


وشمالك1. وأنشد غيره للنابغة2 [101/ب] :
رقاق النعال طيب حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسب
والعامة لا تخطئ في أول هذا الفصل، وإنما تخالف العرب في الجيم فتقلبها زايا، فتقول: حزة3. وليس هذا مما ترجم به ثعلب الباب.
والسراويل: معروف. يذكر ويؤنث4، وهو عجمي معرب5، والجمع سراويلات.
__________
1 ينظر العين 3/70، والأساس 74، والمصباح 47 (حجز) .
2 ديوانه 47. ورقاق النعال: كناية عن أنهم ملوك ليسوا بأصحاب مشي ولا تعب، فيطارقوا نعالهم، وطيب حجزاتهم: كناية عن عفافهم. والسباسب: عيد من أعياد النصارى. عن شرحه بالديوان.
3 الزاهر 2/116، 396، وابن درستويه (169/أ) ، والزمخشري 341، وتثقيف اللسان 129، وتصحيح التصحيف 225، وحكى ابن الأعرابي: "حزة" كما تنطق به العامة. ابن هشام 159، والمدخل إلى تقويم اللسان 83. وفي العين (حزز) 3/17: "وهو من السراويل حزة وحجزة". وينظر: التهذيب 3/412، والصحاح 3/873، والمحكم 2/351، والقاموس 65 (حزز) .
4 هو كذلك في المذكر والمؤنث للحامض 72، ولابن الأنباري 1/383، والصحاح (سرل) 5/1729، وهو مؤنث في: المذكر والمؤنث للمفضل 6، لابن التستري 81، ولابن فارس 62، ولابن جني 71، والمخصص 17/15. وفي الجمهرة 3/1309: "وقال أبو زيد: العرب تؤنث السراويل، وهي اللغة العالية، فمن ذكر فعلى معنى الثوب".
5 الكتاب 3/229، والجمهرة 3/1324، والمعرب 196، وشفاء الغليل 290 وفيه: "معرب شلوار" وينظر: المعرب 391 (ت/ عبد الرحيم) .

(2/708)


(وهي نفاية المتاع بالفاء) 1: (لريئه) ، وما ينفى منه، أي يبعد عن جيده. وجمعها نفايات.
(ووقعوا في أفرة) 2 بضم الألف والفاء وتشديد الراء: اختلاط وضجيج. وفيها لغات أخر أذكرها لك إن شاء الله في "شرح الكتاب"3.
(وهي الأبلة) 4 في وزن أفرة: اسم مدينة معروفة عند البصرة، وبينهما أربعة فراسخ أو نحوها5، وفي نبطية معربة، وأصلها بالنبطية "هوب ليكا"6.
__________
1 والعامة تقول: "نفاية" بفتح النون. ابن درستويه (169/ب) ، والزمخشري 341.
2 والعامة تقول: "أفرة" بفتح أولهما. ابن درستويه (169/ب) .
3 يقال: أفرة، وفرة، وعفرة، وعفرة. إصلاح المنطق 132، والتهذيب 15/175، والصحاح 2/753، 780 (عفر، فرر) ، والأخيرتان عنعنة تميمية في الزمخشري 341.
4 والعامة تقول: "أبلة" بفتح الهمزة. إصلاح المنطق 167، وأدب الكاتب 430، والزمخشري 342. وفتح الأول والثاني لغة في معجم البلدان 1/77.
5 معجم ما استعجم 1/98، ومعجم البلدان 1/76، 77.
6 حكى ابن دريد في الجمهرة 3/1325: "والأبلة: كانت تسمى بالنبطية بامرأة كانت تسكنها يقال لها: هوب، خمارة، فماتت فجاء قوم من النبط فطلبوها، فقيل لهم: هوب ليكا، أي ليس فغلطت الفرس، فقالوا: هوب لت، فعربتها العرب، فقالوا: الأبلة". ورويت ببعض مخالفة في المعرب 16، 17، ومعجم البلدان 1/77. قال عبد الرحيم في المعرب 110: "هذا الاشتقاق لا يعبأ به، وهو بالأكدية:
Abullu (أبل) أي باب المدينة.

(2/709)


(ومنه تقول: هي التخمة) بضم التاء وفتح الخاء: وهي اسم لإفراط الشبع وثقل الطعام الذي لا يستمرئه آكله. والعامة لا تخطئ في أول هذا أيضا، وإنما تسكن الخاء1، والتاء فيه بدل من الواو، لأنها م الشيء الوخيم، مثل التقى، وهذه التاء مبدلة من الواو أيضا، لأنه من الوقاية2.
(وعليك بالتؤدة) بضم التاء وفتح الهمزة [102/أ] : أي بالتثبت والتأني، وهو اسم للرفق والتمهل. ويقال منه: اتأد في مشيه بتشديد التاء3، على وزن افتعل. وهذا أيضا ليس مما تخطئ العامة في أوله، وإنما تقلب الهمزة واوا وتسكنها4.
__________
1 أدب الكاتب 382، وابن درستويه (170/أ) ، وفي الصحاح (وخم) 5/2049: "والعامة تقول: التخمة، وقد جاء في شعر أنشده أعرابي" أنشد ثلاثة أبيات، الشاهد فيها:
تهضم التخمة هضما حين تجري في العروق
والتسكين هو الصحيح عن ابن بري في اللسان (لقط) 7/392. قلت: وعليه عامة زماننا.
2 العين (وخم) 4/317، والمنصف 1/225، 227، والممتع 1/384، وينظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال 491-492.
3 التاء الأولى منقلبة عن واو أيضا، وأصلها وأدة. التهذيب 14/244، والصحاح 2/546 (وأد) .
4 ابن درستويه (170/أ) ولم يذكر أنهم يبدلون الهمزة واوا، وفي اللسان (وأد) 3/443: "والتؤدة ساكنة وتفتح" وأنشد قول الخنساء (ديوانها 418) :
فتى كان إذا حلم رزين وتؤدة إذا ما الحبى من طائف الجهل حلت
وينظر: إصلاح المنطق 429، والقاموس (وأد) 413.

(2/710)


(وهي التكأة) 1 على فعلة، بضم التاء، وفتح الكاف والهمزة: وهي اسم لما يتكأ عليه من وسادة وغيرها. والجمع التكآت. اتكأ الرجل يتكئ بالهمز: إذا توسد بالوسادة، وهي المرفقة، أي جعها تحت مرفقه وجنبه. والعامة لا تخطئ في أول هذا أيضا، وإنما تسكن الهمزة وتقلبها ألفا2.
(وهي اللقطة) بضم اللام وفتح القاف، على فعلة أيضا: اسم لما التقطه الإنسان من الطريق، أي وجده وأخذه فجاءة من غير طلب، مما يسقط أو يضل من الناس، ويحتاج الملتقط إلى تعريفها. والعامة تسكن القاف فتخالف العرب، ولا تخالفها في ضم اللام3. وجمعها لقطات.
__________
1 وأصلها وكأة، أبدلت الواو تاء، كما حدث في التخمة والتؤدة. المنصف 1/225، والممتع 1/208، 384، واللسان (وكأ) 1/201.
2 ابن درستويه (170/أ) .
3 أدب الكاتب 382، وابن درستويه (170/أ) ، والزمخشري 343، والجمهرة (لقط) 2/923. وفي ابن هشام 161، والمدخل إلى تقويم اللسان 77: اللقطة بسكون القاف لغة تميم، وبالتحريك لغة أهل الحجاز. وجاء في العين (لقط) 5/100 "واللقطة [بالتسكين] : ما يوجد ملقوطا ملقى ... واللقطة [بالتحريك] : الرجل اللقاطة، وبياع اللقاطات يلتقطها". وهذا أيضا مذهب ابن درستويه (171/أ) قال: "والعامة على الصواب في تسكين القاف من اللقطة، لأنه الذي يلقط، وما اختاره ثعلب وغيره خطأ". وينظر: الغريب المصنف (120/أ) ، وغريب الحديث للحربي 2/508، والاقتضاب 2/189، والنهاية 4/264، والتهذيب 16/249، 250، واللسان 7/392 (لقط) . قلت: لا يزال يقال في بعض مناطق السراة: "لقطة" بالضم والتحريك لضرب من الحجارة صغير مدورة، يلعب بها البنات الصغار.

(2/711)


(ورجل لعنة) بضم اللام وفتح العين، على فعلة: إذا كان كثير لعن الناس، أي يقول: لعنهم الله، وهو شتم لهم. (و) رجل (لعنة) بتسكين العين: إذا كان الناس يلعنونه1.
وأصل اللعن: الإبعاد والطرد. ومعنى قولهم: لعنه الله [102/ب] : أي أبعده منه، أو من رحمته. وفعلة بضم الفاء وفتح العين، تكون بناء لمن يكثر منه الفعل، وإنما فتحت العين للمبالغة والدلالة على الكثرة, وإذا سكنت دل ذلك على قلته، وجعلوا السكون فرقا بينهما، ويجعلون أيضا فتح العين في هذا دليلا على الفاعل، وسكونها دليلا على المفعول2، كما قالوا في لعنة ولعنة. والعامة لا تفرق بين ذلك، ولا تغلط في أوله.
(وكذلك) قوله: (ضحكة) بفتح الحاء: يضحك منهم كثيرا. (وضحكة) بسكونها: يضحكون منه3.
(وهزأة) بفتح الزاي: إذا كان يهزأ بالناس، (وهزأة) بسكونها: إذا كانوا يهزؤون به4.
وكذلك (رجل سخرة) بفتح الخاء: يسخر من الناس. وسخرة بسكونها: يسخرون منه5.
__________
1 إصلاح المنطق 428، والعين 2/142، والصحاح 6/2196 (لعن) .
2 إصلاح المنطق 427.
3 إصلاح المنطق 428، والصحاح (ضحك) 4/1597.
4 إصلاح المنطق 428، والصحاح (هزأ) 1/84.
5 إصلاح المنطق 428، والصحاح (سخر) 2/680.

(2/712)


وكذلك (رجل خدعة) بضم الخاء وفتح الدال: إذا كان يخدع الناس، أي يختلهم، ويعمل بهم المكروه من حيث لا يعلمون. ورجل خدعة بسكون الدال: إذا كانوا يفعلون به ذلك وهو لا يعلم، ونحو ذلك1. وهذا قياسه في الفاعل والمفعول. والعامة لا تخالف العرب في أوائل هذه الفصول، فليس لإثباتها في هذا الباب معنى.
(وتقول: هو عصفور) 2: لطائر صغير معروف، ويقع على ضروب من صغار [103/أ] الطير3. (وجمعه عصافير) .
(وثؤلول) 4 بضم الثاء والهمز، (وجمعه ثآليل) : وهو بثر يابس يخرج على يدي الإنسان ورجليه وجسده، كأنه رؤوس المسامير.
(وبهلول) 5: للرجل الضحاك البسام6. وجمعه بهاليل. وقال
__________
1 إصلاح المنطق 428، والصحاح (خدع) 3/1202. والمادتان: "سخرة، وخدعة" ليستا في التلويح ولا في الفصيح، ولكن المصنف أوردهما حسب رواية بعض النسخ كما ذكر في صدر الباب.
2 والعامة تقوله بفتح العين. ما تلحن فيه العامة 111، وإصلاح المنطق 218، وأدب الكاتب 590، وابن درستويه (171/ب) ، قلت: لا تزال عامة زماننا على ذلك.
3 ينظر: حياة الحيوان 2/23.
4 والعامة تقوله بفتح التاء. أدب الكاتب 394، وابن درستويه (171/ب) ، وتنطقه العامة أيضا: "ثألول" و"أثلول" لحن العامة 207، وتثقيف اللسان 186، وتقويم اللسان 89، وتصحيح التصحيف 198، قلت: والذي عليه عامة زماننا هذا: "أثلول" بفتح الهمزة.
5 والعامة تفتح أوله أيضا. ما تلحن فيه العامة 110، وإصلاح المنطق 218.
6 وفي العين (بهل) 4/55: "ورجل بهلول: حيي كريم، وامرأة بهلول".

(2/713)


طفيل الغنوي1:
وغارة كحريق النار زعزعها ... مخراق حرب كصدر السيف بهلول
(وزنبور) 2: وهو معروف، وهو الدبر. وجمعه زنابير. ويسمون أيضا الذي يعسل زنبورا3.
(وقرقور) 4: ضرب من السفن5. وجمعه قراقير. وقال رؤبة6:
يا ليتني كنت على قرقور ... في الماء يطلون أسته بالقير
وكل اسم على فعلول، فهو مضموم الأول، لأنه ليس في كلام العرب فعلول بفتح الفاء وسكون العين، إلا كلمة واحدة، وهي
__________
1 ديوانه 59.
2 والعامة تقول: "زنبور" بفتح الزاي، ما تلحن فيه العامة 110، وإصلاح المنطق 218، وأدب الكاتب 590، وابن درستويه (171/ب) ، وتقويم اللسان 144.
3 النبات لأبي حنيفة 270.
4 والعامة تقوله بفتح القاف. ما تلحن فيه العامة 111، وإصلاح المنطق 218.
5 وقال في التلويح 62: "هو السفينة الطويلة"، والتفسير الذي ذكره هاهنا منقول في التلويح عن ابن دريد، وهو في الجمهرة (قرر) 1/199.قال عبد الرحيم في المعرب 519: "أخذته العرب من السريانية".
6 ليس في ديوانه، ولم أقف عليه في مصدر غيره.
??

(2/714)


صعفوق1، لخول باليمامة2. وقيل: قرية باليمامة3. ومنه قول العجاج4:
من آل صعفوق وأشياع أخر
وقيل: إنها أعجمية معربة5.
__________
1 إصلاح المنطق 218، وأدب الكاتب 590ن والمنتخب 2/561، والجمهرة 2/1158، واللسان (صعفق) 10/200، ووفيه عن ابن بري: " رأيت بخط أبي سهل الهروي على حاشية كتاب: جاء على فعلول صعفوق، وصعقول لضرب من الكمأة، وبعكوكة الوادي لجانبه، قال ابن بري: أما بعكوكة الوادي وبعكوكة الشر فذكرها السيرافي وغيره بالضم لا غير، أعني بضم الباء، وأما الصعقول لضرب من الكمأة فليس بمعروف، ولو كان معروفا لذكره أبو حنيفة في كتاب النبات، أظنه نبطيا أعجميا". وذكر ابن السيد في الاقتضاب 2/328 أبنية أخرى جاءت على وزن فعلول هي: زرنوق، وبرسوم، وصندوق. وفي المزهر 2/114، 115: بعصوص، وبرسوم، وغرنوق، وفيهما تفسير هذه الألفاظ. وينظر: الممتع 1/149.
2 في التهذيب "صعفق" 3/282 عن ثعلب عن ابن الأعرابي: "الصعافقة – يقال-: قوم من بقايا الأمم الخالية باليمامة ضلت أنسابهم. قال أبو العباس: وغيره يقول: هم الذين يدخلون السوق بلا رأس مال". وقيل في تفسيره غير هذا، ينظر: نوادر أبي مسحل 1/159، والعين (صعفق) 2/288.
3 معجم ما استعجم 2/833، وفيه: "كان ينزلها خول السلطان ... كان بنو مروان سيروهم ثمة"، ومعجم البلدان 3/407 وفيه: "وهي قرية باليمامة، وقد شق منها قناة تجري منها بنهر كبير، وبعضهم يقول: صعفوقة بالهاء في آخره للتأنيث". وينظر: القاموس (صعفق) 1162.
4 ديوانه 1/16، وبعده:
من طامعين لا يبالون الغمر
5 الصحاح (صعفق) 4/1507،وينظر: المعرب 219،وشفاء الغليل 328.

(2/715)


(ومنه صار فلان أحدوثة) 1: أي حديثا للناس يتحدثون بحاله. وأكثر ما يستعمل هذا فيما يذم به2، وربما قالوه في المدح أيضا3. والجميع [103/ب] الأحاديث.
(وهي الأرجوحة: للتي يلعب عليها الصبيان) 4. وهي عند العرب خشبة يجعل وسطها على شيء عال رمل أو غيره، ويجلس على طرفيها صبيان، فيعلو أحدها تارة، وسفل أخرى، فهذه أرجوحة العرب. وأما أرجوحة صبيان الحضر، فهي أن يؤخذ حبل فيشد طرفاه في سقف أو شجرة أو غير ذلك، ويرخى وسطه، ثم يجلس عليه الصبي ويترجح تارة إلى أمامه وتارة إلى خلفه، أي يميل، أو يدفعه غيره حتى يترجح، فهذه أرجوحة أهل الحضر، والعرب تسمي هذه المطوحة5. وجمع أرجوحة أراجيح.
__________
1 والعامة تقول: "حدوثة" بإسقاط الهمزة. ما تلحن فيه العامة133، وإصلاح المنطق 171، وأدب الكاتب 370، ولحن العامة 36، وذيل الفصيح 34، وتقويم اللسان 63، وتصحيح التصحيف 223.
2 ش: "في الذي يذم".
3 إصلاح المنطق 171، والجمهرة 2/1195.
4 والعامة تسميها: "المرجوحة" بإبدال الهمزة ميما مفتوحة. ما تلحن فيه العامة 133، وإصلاح المنطق 171، وابن درستويه (172/أ) ، والمرزوقي (133/ب) ، وتقويم اللسان 67، وتصحيح التصحيف 476، وهي لغة في التهذيب 4/142، والمحكم 3/54، والمصباح 83، والقاموس 279 (رجح) والعامة في زماننا هذا على هذه اللغة، وتجمعها على مراجيج.
5 في التهذيب (رجح) 4/143: "ويقال للحبل الذي يترجح فيه: الرجاحة والنواعة، النواطة، والطواحة".

(2/716)


(وهي الأضحية) 1 بتشديد الياء (وجمعها أضاحي) 2 بتشديد الياء أيضا بلا تنوين: وهي اسم لما يذبح من الغنم والبقر، أو ينحر من الإبل في الأضحى ضحوة النهار.
(ومثله أمنية) 3، (و) جمعها (أماني) يعني: أنه مثله في الوزن والتشديد. وقد قالوا أيضا: أمان4،على حذف الياء. وأمينة أفعولة من التمني، وهي شهوة الشيء وإرادته.
(وأوقية) 5 وجمعها (أواقي) بتشديد الياء، غير منون [104/أ] في الجمع أيضا، وكذلك ما أشبهه، (لا تنون هذه الثلاثة الأحرف) في الجمع، (لأنها لا تنصرف) يعني الأضاحي والأماني والأواقي6. وقد
__________
1 والعامة تقول: "الضحية". ما تلحن فيه العامة 132، وابن درستويه (172/أ) ، وحكى فيها الأصمعي أربع لغات: الأضحية، والإضحية، وضحية، وأضحاة. إصلاح المنطق 171، وأدب الكاتب 574، والتهذيب 5/153، والصحاح 6/2407 (ضحو) .
2 في الفصيح 301، والتلويح 62: "والجمع أضاحي".
3 والعامة تقول: "المنية" بإسقاط الهمزة، أدب الكاتب 370. وينظر: اللسان (منى) 15/294.
4 بالتخفيف. معاني القرآن للأخفش 1/117، 118، والصحاح (فتح) 1/389.
5 والعامة تقول: "وقية" بإسقاط الهمزة وفتح الواو أو ضمها. أدب الكاتب 370، وابن درستويه (172/ب) ، والنهاية 5/217، وتقويم اللسان 68، وهي لغة قليلة في التهذيب 9/375، والمحكم 6/372، والمغرب 2/367، والمصباح 257، والقاموس 1731 (أوق، وقي) .
6 فإذا خففت صرفت، فتقول: هذه أضاح، وأمان، وأواق. ينظر: ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج 111.

(2/717)


قالوا أيضا: أواق1 بالتخفيف على حذف الياء التي هي لام الفعل. والأوقية من الأوزان معروفة، وتختلف في البلدان كاختلاف الأرطال، وجاءت في الحديث أربعين درهما2، وكذلك كانت فيما مضى3. فأما اليوم فيما يتعارفها الناس بالعراق، ويقدر عليه الأطباء، فالأوقية عندهم وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم، وهو إستار وثلثا إستار، والإستار وزن أربعة مثاقيل ونصف4.
__________
1 إصلاح المنطق 171، وأدب الكاتب 370، والجمهرة 1/245، والصحاح (وقى) 6/2528. وهو غلط في درة الغواص 76ن وتصحيح التصحيف 138، لأن ذلك جمع أوق وهو الثقل.
2 روى ابن ماجه في (كتاب النكاح، باب صداق النساء 186) عن أبي سلمة قال: "سألت عائشة: كما كان صداق نساء النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه في أزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا. هل تدري ما النش؟ هو نصف أوقية. وذلك خمسمائة درهم". وينظر: المجموع المغيث 3/442، وغريب الحديث لابن الجوزي 2/480، والنهاية 5/217.
3 في العين (أوق) 5/240: "الأوقية ... سبعة مثاقيل" وينظر: القاموس (وقى) 1731، 1732.
4 الصحاح 2/677، 6/2528 (ستر، وقى) .

(2/718)